الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ٣ – علم الرّجال ج١ Show Press Release (12 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 3 – علم الرّجال ج1 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (6٬473 More Words) يا زهراء بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيكْ يَا وَجْهَ اللهِ الَّذِيْ إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء .. بَقِيَّةَ الله .. مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ .. سَلامٌ عَلَيْكُم إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ .. ما تقدّمَ في الحلقتين الماضيتين كانَ بمثابةِ مُقدِّمَةٍ لهذا البرنامج، والبرنامجُ فِعلاً يَبتدئُ مِن هَذهِ الحَلَقة. فما مرَّ من حديثٍ في الحلقتين السّابقتَين كان بمثابة بيانات ومُلاحظات وتَنبيهات لِمَن يُتابِع هَذا البَرنامج، وذلك لأجلِ أنْ تتكوَّن لهُ صُورة مُجملة عَن هَدفِ هَذا البرنامج وعن طريقتهِ وعن الكيفية الَّتي سَيتمُّ فيها عرضُ المطالبِ والمباحث . آخرُ شيءٍ تحدَّثتُ عنه في الحلقةِ الماضية هو عن المشكلةِ الكبيرة، وعن الطامّة الدهماء الَّتي أصابت ساحةَ الثقافة الشِّيعية، تحدَّثتُ عَن مشكلةٍ كَبيرة عنوانها: “عِلمُ الرِّجَال”، ولم يكفِ الوقت للحديثِ عن كُلِّ التفاصيل، ولذا يتواصلُ حديثُنا في هذه الحلقة وفي الحلقةِ الَّتي تليها، وربّما يطولُ الكلامُ أكثرَ من ذلك . المِسمارُ الَّذي اِخترقَ صدرَ الزَّهراء(ع) والسِّيَاطُ الَّتي لفَّعوا الزَّهراءَ بها وما جرى عليها من الضربِ حتَّى ماتت من ذَلِك الضرب، كما يقولُ الصَّادقُ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، كلّ ذلك أثّرَ في جسدِ الزَّهراءِ وبدنها، لكنَّهُ لم يُؤثِّر في رسالتِها. أمَّا عِلمُ الرِّجال فقد أنكر مُصيبتَها، وأنكرَ آلامها! كثيرٌ من علمائنا وحتى من المراجع الذين تُقلّدونهُم الآن يقولون بأنَّ الَّذي جرى، هو أنَّ عُمر لمّا هدَّد بإحراقِ بيتِ فاطمة قالوا لهُ بأنَّ فاطمة في الدَّار، فقال: وإنْ.. هذا هو كلّ ما في الأمر! وهم يعتمدونَ في ذلك على قواعدِ علمِ الرِّجال الَّذي يُمزِّقُ الحقائق ويَذبَحُ الأحاديثَ من الوريدِ إلى الوريد . والسَّيفُ الَّذي على وقعَ على هامَةِ سيِّدِ الأوصياء(ع)، أثرَّ في رأسهِ الشريف لكنَّهُ لم يؤثِّر في رسالتهِ، أمَّا عِلمُ الرِّجال وبأيدٍ شيعيّة فهو يحكمُ على نهجِ البلاغةِ بالضَّعف! الشِّيعةُ يتصورون بأنَّ عُلماءهم يعتبرونَ نهجَ البلاغةِ رديفاً للقُرآن وما الأمرُ كذلك، إنَّكم لنْ تجدوا فقيهاً من فقهائنا يستنبطُ الأحكامَ من نهجِ البلاغة، وإنْ ذكرَ شيئاً من ذلك فإنه يأتى بهِ على سبيلِ الشواهد لا على سبيل الأدلة، لماذا ؟ لأنَّ عِلمَ الرِّجال الَّذي جاءَ به علماؤنا من المخالفين يذبحُ نهجَ البلاغةِ من الوريدِ إلى الوريد . وحوافرُ الخيول الَّتي ركضت على جسدِ الحُسين(ع) أثّرت في جسدهِ الشريف، لكنَّها لم تُؤثِّر في رسالته. أمّا عِلمُ الرِّجال فهو الَّذي يذبحُ الكثيرَ والكثير من الأحاديثِ الَّتي تُحدِّثُنا عن ظُلامة الحُسينِ(ع) وعن عظيمِ الأجر في زيارتهِ، والبُكاء والجزَعِ عليه. نعم، عِلمُ الرِّجالِ هو الذي يذبحُ كُلَّ تلك الحقائق وبأيدٍ شيعيةٍ، بأيدي مراجعنا وعلمائنا وفقهائنا! فرحَتُنا وفرحةُ الزَّهراءِ في النصفِ من شبعان بولادة قُرَّةِ عيوننا وإمام زماننا(عج) هي في صدر عقائدنا، أمَّا علمُ الرِّجال فهو يذبحُ لنا أحاديثَ الولادة! فما جاء في كتبنا في الكافي الشريف وفي غيرهِ من أحاديثِ ولادة إمام زماننا يذبحُها علمُ الرِّجال وبأيدٍ شيعية من الوريدِ إلى الوريد بعد أن يضعّفها. والقِصَّةُ طويلة، فما نَفعُ عِلمِ الرِّجالِ إذا كان يفعلُ فينا كُلَّ هذه المصائب؟ يا علماءنا ويا مراجعنا الكِرام، لماذا تذبحونَ أحاديثَ أهل البيت بعلمٍ جِيء بهِ من أعدائهم؟ إنّ شرَّ سيفٍ وُجِّه لأهل البيت(ع) هو علمُ الرِّجال! كُلُّ تلك السيوف والرِّماح ما أخذت من رسالتهم شيئاً، لكنَّ علم الرجال حطّم كُلَّ شيء يتعلّق بحديِثهم وتراثِهم العلميّ. فأيُّ شرٍّ هذا الذي يتحرّكُ فيما بيننا والنتائجُ واضحة، أليسَ الأمور بخواتيمها؟ علمُ الرِّجال ماذا يُعطينا من مُنجَزات؟! علمُ الرِّجال ينفي أحاديثَ أهل البيت الكثيرةَ والكثيرةَ جدّاً، الَّتي تتحدَّثُ عن قراءتهم الصحيحة للقُرآن، والَّتي يجبُ علينا على ضوئها أن نُفسِّرَ القُرآن. صحيحٌ أنَّهُم(ع) قالوا اقرأوه كما يقرأوه النَّاس، ولكنَّهم بيّنوا لنا قراءته الصحيحة كي ننتفع منها في تفسيرِ القُرآن وفهمِ معانيه الصحيحة. علمُ الرِّجال يذبحُ أحاديثَهم من الوريدِ إلى الوريد، فهو يذبحُ أحاديثَ القِراءة الصحيحةِ لأهل البيت(ع)، ويذبحَ تفسيرَ القُرآنِ وتأويلَه بحسب ما جاء عنهم! أهل البيت(ع) هم فقط الذينَ يفهمون القُرآن، فالقرآن لا يعلمهُ ولا يفهمه إلَّا من خُوطِبَ به، وهم الذين خوطبوا حقيقةً بهذا الكتاب. الخِطابُ اللفظي في القرآن موجّهٌ لهم صلواتُ اللهِ وسلامه عليهم أجمعين والمعاني موجّهةٌ للأُمَّة.. والأُمَّةُ لا تعي هذه المعاني بدونهم، فهم الذين يفكّكون لنا حقائق هذا الخطاب اللفظي ويبيِّنونَ لنا تأويلَه الَّذي لا يعلمهُ إلَّا الله وهم بصريح القُرآن الكريم. ويأتي عِلمُ الرِّجالِ فيُحطِّمُ أحاديثَ أهل البيت(ع) في قراءتهم الصحيحة، ويُحطِّم تفسيرهم. ولذلك فرَّ علماؤنا-اعتماداً على عِلمِ الرِّجال- من الأحاديثِ التفسيريةِ ورتَعوا في وديانِ المخالفين لينقلوا لنا تفسيرَ القُرآنِ منهم إمَّا نصَّاً ومعنىً، وإمَّا إتباعاً لمنهجهم المتنافرِ بالكلّيةِ معَ منهجِ أهل بيت العصمة(ع). عِلمُ الرِّجال ذَبحَ أحاديث القراءة الصحيحة، وَذَبَحَ أحاديث التفسيرِ والتأويل، وذَبَحَ كُلَّ الأحاديث الَّتي لها صلةٌ بالقُرآن وعلومهِ وأسرارهِ ومعارفهِ . وعِلمُ الرِّجالِ يُضَعِّفُ نهجَ البلاغة ، عِلمُ الرِّجال يحكمُ على خُطَبِ سيِّدِ الأوصياء وكلماتهِ وأحاديثهِ في نهجِ البلاغةِ بالضعف وعدمِ الصحّةِ بحسب اصطلاحاتِ هذا العلم، لذا لم يكن لنهجِ البلاغةِ، ولكلامِ عليٍّ(ع) في نهجِ البلاغةِ محلّاً في دائرةِ استنباطِ الأحكامِ الشرعية عندَ فقهائنا ومراجعنا إلَّا في حواشي الحواشي وعندَ القليلِ منهم. علمُ الرِّجالِ ذَبَحَ نهج البلاغة، ولا يتوقَّفُ الكلامُ فقط عندَ نهجِ البلاغة، فلأمير المؤمنين(ع) الخُطَبُ الكثيرة الَّتي لم يذكرها الشريف الرَّضي، وعِلمُ الرِّجال يذبَحُ كُلَّ تِلكَ الخُطَب. هناك خُطَبٌ كثيرة للأمير(ع)، هناك خطبةٌ يعرفها الشِّيعةُ وهي “خطبة البيان”. عِلمُ الرِّجالِ يذبحُ هذه الخطبة من الوريدِ إلى الوريد وبنصوصٍ صريحةٍ من مراجعنا وعلمائنا ذُكِرت في كتبهم وفي أجوبتهم على المسائل. عِلمُ الرِّجالِ يذبحُ حديثَ أمير المؤمنين “حديثَ المعرفة بالنّورانية”. وهناك خُطَبٌ وخُطَبٌ وخُطَبٌ، ومجلّداتٌ من خُطَبِ سيِّد الأوصياء يذبَحُها عِلمُ الرِّجال. هناك ألافٌ مؤلّفةٌ من الكلمات القِصارِ لسيِّدِ الأوصياء تكادُ أنْ تقتربَ من ثلاثين ألف كلمة من الكلمات القِصار، عِلمُ الرِّجالِ يذبَحُ أكثرها . وعلمُ الرِّجال يذبَحُ أكثرَ الزياراتِ والأدعيةِ المهمّة من الوريدِ إلى الوريد ، مع أنَّ الأئمَّةَ نسجوا الزِّيارات بأسلوبٍ يصعبُ تزويرُهُ، ونسجوا الأدعيةَ بأسلوبٍ يصعبُ اختراقهُ، إذ ربّما تختَرقُ الأحاديث والروايات، لكنَّ الزِّيارات والأدعية نُسِجت بأسلوبٍ يعرفهُ الشِّيعةُ حتَّى من غيرِ المختصّين، فعامَّةُ الشِّيعةِ يعرفونَ أسلوبَ أهل البيتِ في الأدعيةِ وفي الزِّيارات. هناك ثقافةٌ عامّةٌ أسّسها أئمَّتنا(ع) في الوسطِ الشِّيعي وِفقاً للذوق الَّذي أظهروه وسبكوه ونسجوه في زياراتِهم وفي أدعيتهم، فمن الصعوبة أنْ تزوَّرُ الزِّيارات وأن تُزوَّر الأدعية. نعم، يُمكنُ للإنسان أنْ يُؤلِّف زيارةً أو أنْ يُؤلف دعاءً، ولكنْ إذا قُورِن بما جاء عنهم صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين، عندها يتجلَّى الفارقُ الكبير واضحاً جدَّاً. عِلمُ الرِّجالِ ذبحَ الكثيرَ والكثير من الزِّياراتِ المهمَّةِ ومن الأدعيةِ المهمَّةِ لأهلِ بيت العصمة(ع)، مع العلم بأنّ الزِّياراتُ والأدعيةُ هي مخزنُ الثقافة الشيعية لعامّة الشِّيعة، للرجال والنساء، للكبارِ والصغار، للجميع ولكلِّ المستويات والطبقات، ولكنْ عِلمُ الرِّجالِ أحرقَ هذا المخزن وحكمَ عليهِ بالإعدام! عِلمُ الرِّجال ضعّفَ أحاديثَ الأوراد والأذكار. هناك أحاديثٌ كثيرة تحدَّثت عن أوراد وأذكار وعن صلواتٍ مسنونةٍ وعن مندوبات في العبادات، ولكنْ عِلمُ الرِّجالِ ألغاها وحَكَمَ عليها بالضعف وأعدمَها وذبحها من الوريدِ إلى الوريد! وعِلمُ الرِّجال ضعّفَ الكثيرَ والكثير من أحاديث السُنَن في رواياتِ أهل البيت(ع) الَّتي تحدَّثت في باب خصائص الأطعمة وفضائلها وأوصافها وطريقة تناولها، وأيضاً في باب الأشربةِ وأنواعها، وفي باب الطبابةِ والأدويةِ والعلاجات، وفي باب الملابس ومُختلفِ شؤون الحياةِ اليومية، وفي باب خصائص البُلدان وأوصاف الشعوب إلى آخره. ولكن عِلمُ الرِّجال حَكَمَ على كُلِّ ذلك بالإعدام وهي كميّاتٌ هائلةٌ من الأحاديث . وعِلمُ الرِّجالِ حكمَ بالضعف على الكثيرِ من أحاديثِ أهل البيت في قَصص الأنبياء وفي قصص الأمم السابقة وما جاء عنهم فيما يتعلَّقُ بموضوع بدايةِ الخلقةِ وما يختصّ بأحداثِ يوم القيامةِ وما يرتبطُ بالجنَّةِ والنَّارِ والشفاعةِ وسائر المطالب الأخرى، فضعّفَ ورفض الكثيرَ من هذه الأحاديث . وعِلمُ الرِّجالِ ضعّفَ الأحاديث في أهمِّ عقيدةٍ مفصليّةٍ عندنا وهي عقيدةُ الرجعة، وسأتحدَّثُ عنها وعن أهميَّةِ هذه العقيدة، وعن ارتباطها بعقيدةِ التوحيد، وعن ارتباطها بجوهرِ عقيدتنا في الولاية.. عِلمُ الرِّجال ضعّفَ الكثيرَ والكثير من أحاديثِ الرجعةِ والأوبة وذبحها من الوريدِ إلى الوريد . وعِلمُ الرِّجال ذبحَ أحاديثَ المعارفِ والأسرارِ والمقامات الغيبيةِ لِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد(ص).. عِلمُ الرِّجالِ ذَبَحَ الكثيرَ والكثيرَ والكثير منها وحَكَم عليها بالإعدام وبعدمِ صحّتها . وعلمُ الرِّجال ذَبَحَ الكثيرَ والكثير من أحاديثِ الكراماتِ والمعجزات ممّا جرى على أيدي أئمَّتنا مع كُلِّ الكائنات، مع الجمادات، مع النباتات، مع الحيوانات، ومع كُلِّ ما هو موجودٌ على وجهِ الأرض بل على صفحةِ الوجود.. عِلمُ الرِّجالِ ضَعّفَ كُلَّ ذَلِك ونسفَ كُلَّ تِلكَ الأحاديث . وعِلمُ الرِّجالِ ضعّفَ الكثيرَ من أحاديثِ المطاعن واللعن، ومثالٌ بسيطٌ..دعاءُ صنمي قريش وهو قنوتُ أمير المؤمنين(ع) ألم يُضعِّفهُ علماؤنا بسببِ قواعدِ علم الرِّجال، وهو تضعيفٌ لكلامٍ سيّدِ الأوصياء(ع). دعاء صنمي قريش هو دعاءٌ وكلامٌ لأمير المؤمنين وتأريخٌ وعدٌّ لمطاعنِ أعداء أهل البيت(ع)..ولكنْ عِلمُ الرِّجالِ يُضَعِّفُ ذلك.. هذا مثالٌ واحد ولستُ في مقامِ التفصيل، ولو كُنتُ في مقامِ التفصيل لأوردتُ الكثيرَ والكثير . وعِلمُ الرِّجالِ يُضعِّفُ الكثير مِمّا يرتبطُ بسيّد الأوصياء ابتداءً من الشهادة الثالثةِ في الأذانِ والإقامة وفي التشهد الوسطي والأخير، فما عادت الشَّهادةُ الثالثةُ جزءاً لا من الأذانِ ولا من الإقامةِ ولا من الصَّلاة! عِلمُ الرِّجالِ يُضعِّفُ ذلك ويُضعِّفُ الكثيرَ والكثير مِمّا جاء منقولاً عمّا صدرَ عن أمير المؤمنين(ع) في غزواتهِ وجهادهِ وفروسيتهِ وشَجاعتِه! وعِلمُ الرِّجال يُضعِّفُ خُطَبَهُ الإفتخارية الَّتي يُعدِّدُ فيها أمير المؤمنين مقاماتهِ ومنازَلهُ الشريفة! وعِلمُ الرِّجال يُشكِّكُ ويُضَعِّفُ الكثيرَ والكثير من المعجزاتِ الهائلة الَّتي صدرت من أميرِ المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه!! وعِلمُ الرِّجالِ يُضَعِّفُ الأحاديثَ الكثيرة الَّتي تحدَّثت عن المقامات الغيبيّة للصدِّيقة الطَّاهرة(ع)، حديثُ الكساء الَّذي تقرأونهُ ضعيفٌ بحسبِ قواعد عِلم الرِّجال، نعم، إنَّهُ ضعيفٌ ضَعيفٌ ضعيف بحسب قواعد علم الرِّجال! المقاماتُ الغيبيةُ للصدِّيقة الكبرى، الكثيرُ من أحاديثها ينسفها عِلمُ الرِّجال نسفاً! ظُلامة الصدِّيقة ينسفها عِلمُ الرِّجالِ نسفاً! الرواياتُ الَّتي تتحدَّثُ عن أعدائها وعن قَتَلتِها ينسفها عِلمُ الرِّجالِ نسفاً! لذا، هُناكَ من علماءِ الشِّيعةِ من يُبرِّئُ قَتَلَة الزَّهراءِ(ع) مِمَّا فعلوه، اِعتماداً على ما حَكَم بهِ عِلمُ الرِّجال! وعِلمُ الرِّجالِ يذبَحُ الكثيرَ من الأحاديث الَّتي تُخبرنا عَمّا جرى في كربلاء، ويذبحُ الأحاديثَ الَّتي تتحدَّثُ عن عُمقِ المصيبةِ وعن فاحشِ المظلوميةِ والجريمةِ الَّتي جرت على سيِّد الشُهداء(ع) وعلى أهل بيتهِ وأنصارهِ الأوفياء! عِلمُ الرِّجال يحكمُ بالإعدامِ على الكثيرِ من الأحاديثِ الَّتي تُخبرنا عن عظيمٍ فضلِ زيارةِ الحُسينِ(ع) وعن عظيمِ فضلِ هذا العنوان الشِّيعي.. “الخِدمةُ الحسينية” . وعِلمُ الرِّجال يحكمُ بالإعدامِ على كثيرٍ من الأحاديث الَّتي تُخبرنا عن شئونات الأئمَّة من وُلدِ الحُسين(ع) وعن مقاماتهم وكراماتهم ومعجزاتهم.. وعن وعن، وحتَّى عن ظلامتهم وكيف استُشهِدوا وقُتِلوا! وإذا جئنا بأحاديثِ استشهادهِم وسمِّهم وقتلِهم، فإنَّ عِلمَ الرِّجالِ يحكمُ بضعفِ تلك الأحاديث وينسفها نسفاً!! وعِلمُ الرِّجالِ ينسفُ أحاديثَ ولادة إمام زماننا(عج)! عِلمُ الرِّجالِ ينسفُ التوقيعات الَّتي صدرت من الناحية المقدّسة، تلك التوقيعات الَّتي هي أحكامٌ شرعيّة، وهي آخرُ ما وردَ عنهم صلوات الله عليهم! عِلمُ الرِّجالِ ينسفها! عِلمُ الرِّجالِ ينسفُ ما جاء عن إمامنا الحُجَّة من زياراتٍ وأدعية، ينسفُ دعاء النُدبة، وينسف زيارة النُدبة وهي غير دعاء النُدبة! ينسفُ الزِّيارة الَّتي يُزارُ بها سيِّد الشُهداء، وهي زيارة النّاحية المقدّسة، وينسف زيارة الشُهداء ، وينسف أدعيةُ شهر رجب! عِلمُ الرِّجالِ ينسف كلَّ ذلك مِمّا وردَ عن إمام زماننا(عج)! عِلمُ الرِّجالِ ينسفُ الكثيرَ من الأحاديث الَّتي تتناولُ شؤون الغيبة وشؤون الظهور، وينسِفُ الكثير من أحاديثِ الملاحِمِ والفِتن، ومن أحاديثِ عَلاماتِ الظهور، ومن الأحاديث الَّتي أخبرتنا عن الوقائع الَّتي ستكون عند ظهور إمام زماننا(ع)! نعم، عِلمُ الرِّجالِ ينسفُ الكثيرَ والكثير من كُلِّ تلك الأحاديث . وعِلمُ الرِّجالِ ينسِفُ ما بقيَ من الأحاديثِ المختلفة الَّتي وردت عن الأئمَّة في غير هذه العناوين والموضوعات، فأنا إنَّما أشرتُ إلى أهمِّ العناوين وإلى أهمِّ الموضوعات. الأئمَّةُ(ع) تحدَّثوا عن موضوعاتٍ كثيرة، وهذه العناوين الَّتي أشرتُ إليها هي أهمُّ العناوين. عِلمُ الرِّجالِ واللهِ ينسِفُ أكثرَ هذه الأحاديث، فما فائدةُ هذا العلم؟! إنّ الجريمةُ الكبرى الَّتي ارتُكِبت في الساحة الشِّيعية هي أنْ جيء بهذا العلم فذُبِحَ به حديثُ أهل البيت(ع) من الوريدِ إلى الوريد، وذُبِحَ به قُرآنُ أهل البيت(ع) قبل أنْ يُذبَحَ حديثُهُم. نعم، ذُبِحَ قُرآنُ أهل البيت(ع) بالتفسيرِ المُخالِف الَّذي جاءوا بهِ، وهم مراجع، وفقهاء، وخُطباء.. هؤلاء إمّا نقلوا تفسيرَ المخالفين وإمَّا ساروا على منهجهم في التفسير!! هذا الكلامُ ربّما يسمعهُ البعض لأوّل مرّة ويستغرب ولكنْ تِلكَ هي الحقيقة، أنا لا أطالبُكم، أقصد هؤلاء الذينَ لم يستمعوا إلى برامجي السَّابقة، لا أطالبُكُم أنْ تُصدِّقوا كلامي.. اعتبروني كذَّاباً-كما يزعم مَن يزعم- ولكنَّ الكذَّابَ قد يَصدُقُ في بعضِ الأحيان، فمن المستبَعد أنَّ كذَّاباً يجلسُ أمامَ الكاميرات والبثُّ بثٌّ مباشرٌ على الفضائيات والأقمار الصناعية وعلى الانترنت، وتبقى هذه البرامج موجودة ولأكثر من ثلاثين سنة.. فما يقرب من أربعين سنة وأنا أتحدَّثُ بمثلِ هذا الكلام، أليسَ من الحكمةِ أنْ يُعطَى احتمالٌ من الصدق لكلامي ولو بنسبة واحد في المئة؟ فمَن كان غيوراً على دينهِ عليه أنْ يبحثَ عن احتمال صدق هذا الكذّاب الَّذي يُقال بأنّه يكذب، ولكن يُحتمَل على أيّ حال أنْ يَصدُق ولو بنسبة واحد في المئة..وذلك مع كُلَّ هذه القرائن والأدلّة التي يأتي بها. هذه هي الحقيقة المُرَّة وهذا هو الصدقُ المرّ بعينهِ، وهو أنَّ عِلمَ الرِّجال-والحقيقة أنّه جهلٌ وما هو بعلم- إنّما هو سيفٌ سُلِّط بأيدٍ شيعية على حديثِ أهل البيت(ع) فدمّر ثقافتَهم ودمّر عقيدتهَم. كما قُلتُ قبل قليل إنَّ حوافر الخيول تركت أثراً في جسدِ الحُسين(ع) حين ركضت على ذلك الجسد الشريف، لكنَّها ما تركت أثراً على رسالة الحُسين(ع) في قلوبِ أوليائهِ، أمَّا عِلمُ الرِّجال فقد شوَّه الثقافة الشِّيعية وبالتالي شوَّه العقيدة الشِّيعية، فما عادت عقيدةُ الشِّيعةِ هي العقيدة الَّتي يُريدها أهل البيت(ع). نعم، بقيت بشكل آثارٍ يَتّصِلُ بعضُها بالبعضِ الآخر بواسطة حُبٍّ وعاطفةٍ في نفوسِ أشياعِ أهلِ البيت، أمَّا حقيقةُ العقيدةِ والمعرفة فقد بقيت مخزونةً في زيارات أهل البيت(ع) وفي أدعيتهم وأحاديثهم الَّتي حَكَم عليها علماؤنا بالإعدامِ بسببِ علم الرِّجال، فتُركَت جانباً وبقيت السّاحةُ فارغةً، فركض علماؤنا ومُفكِّرونا وخطباؤنا وأحزابُنا وفضائياتُنا فكرَعوا من تلك العيون الكَدِرة، عيون المخالفين. وقد مرَّ علينا الكلامُ في الحلقةِ الأولى عن سيِّدِ الأوصياء(ع)، والرواية قرأتها لكم من الكافي الشريف وهو يتحدَّثُ عن عيونٍ كَدِرةٍ وعن عيونٍ صافيةٍ.. ركضوا هؤلاء جميعاً إلى العيون الكَدِرة فكرعوا فيها وعبُّوا منها وشرِبُوا وشَربُوا، ثُمَّ مَلأوا أوعيتَهم وراحوا يسَقَون الآخرين! وأمَّا العيونُ الصّافِية فقد حَكَمَ على مياهِهَا عِلمُ الرِّجالِ بأنَّها مياهٌ ملوّثة! نعم،عِلمُ الرِّجالِ قادَ الشِّيعةَ إلى المياهِ الملوثَة وحَكَم على مياهِ العيونِ الصّافيةِ بأنَّها مياهٌ ملوّثَة! والواقعُ الشِّيعي ألمسهُ دائماً، وذلك حين أُحدِّثُ النَّاسَ بحديثِ أهل البيت(ع) من العيون الصّافية ومن مصادرهم الأصيلة، فأجدهم يرفضونه ويقولون بأنَّ المرجع الفلاني أو الخطيب الفُلاني قال كذا وكذا وواللهِ ما هو من حديثِ أهل البيت(ع)، بل هو حديثُ المخالفين.. تِلكَ هي الحقيقةُ الموجودةُ في واقعنا الشِّيعي!! والسؤال هُنا: ما فائدةُ عِلمِ الرِّجالِ إذا كانت هذه هي النتائج ؟ سيُرقِّعونَ ويقولون صحيحٌ بأنَّ هذه الأحاديث حَكَمَ عليها علمُ الرِّجالِ بالإعدام..بالضّعفِ وعدمِ الصَّحة.. لكنَّ العُلماء يقبلونَها من طُرقٍ أخرى! قطعاً لا يقبلونَ كُلَّ الأحاديث، يقبلون بعضاً منها والَّذي يقبلونهُ إنّما هو نزرٌ يسيٌر. أقول ما فائدةُ عِلم الرِّجالِ إذاً إذا كانَ العُلماءُ يمكن أن لا يعملوا بنتائجهِ؟! وإذا كانت نتائجهُ مُدمِّرةٌ بهذا الشكل فما الضرورة إلى هذا العلم؟! لماذا يُذبَحُ حديثُ أهل البيت بهذا العلم؟! لماذا يُعتبر هذا العلم في المؤسّسةِ الدينيّة هو أساس الاجتهادِ والاستنباط؟!-مع أنّي أُبغِضُ مصطلح الاجتهادِ هذا بُغضاً لا مثيلَ لهُ، لأنَّ أهل البيت(ع) يُبغِضَونه ولا يريدونه.. علماءُ الشِّيعةِ جاءوا بهذا المصطلح من أعداءِ أهل البيت(ع) وأقحموه، فجعلوه عنواناً مُهمّاً ومُهمّاً جدَّاً في الثقافة الشِّيعية، ولكن كيفَ أستطيعُ أنْ أتحدّث وأنْ أُفهِمَ الآخرين ما لم استعمل الاصطلاحات الشائعة الَّتي يفهمها المُتلقي؟! إذن، إذا كان عِلمُ الرِّجالِ بهذا السوء فلماذا يُجعلُ أساساً للاجتهادِ وللفقاهةِ ولاستنباط الأحكام الشرعية؟ لو ذهبتُم إلى كتبِ علمائنا.. مثلاً السيّد الخوئي رحمةُ الله عليه حينَ يتحدَّثُ عن مبادئ الاجتهاد في كتابهِ “التنقيح” يقول بأنَّ الاجتهاد يتوقَّفُ على شيءٍ من العربية وعلى علمين فقط وهما عِلمُ الرِّجالِ وعِلمُ الأصول..-شيء من العربية والأساسُ هو علمُ الرِّجالِ وعلمُ الأصول!!- ومسألةُ الأعلمية الَّتي لا أصلَ لها عند أهل البيت(ع)، حينَ تُطرح في الوسط الديني، فإنّهم يُشيرونَ بذلك إلى الأعلم في عِلمِ الرِّجالِ والأصول. ونحن نقول ما قيمةُ هذا العلم الَّذي يقودنا إلى كلّ هذا الجهل بل إلى كلّ هذه الضلالة، وذلك حين يُحكمُ بواسطته على أكثرِ حديثِ أهل البيت(ع) بعدمِ الصّحة؟ إنَّهُ جهلٌ وما هو بعلم.. ولكنْ هذا هو الواقعُ المُرُّ الَّذي نعيشهُ، لذا أقولُها مرَّةً ومرَّةً ومرَّة لمن يُتابعني: إنتبه جيّداً واحترم عقلك.. إحترموا عقولكم وشغّلوها جيّداً، وأقولها أيضاً لنفسي قبلَ أن أقولها لغيري . وهنا سؤالٌ يطرحُ نفسَه : من أينَ جاءَتنا هذه المُصيبة؟ جاءتنا هذه المُصيبةُ من أعداءِ أهل البيت(ع)، ركضَ علماؤنا فجاءوا بها من هناك. لذا سأذهب وأنا هنا لستُ مهتمّاً بما سأطرحهُ فيما يتعلّق بالمخالفين..لا شأن لي بمخالفي أهل البيت، لكنَّني أطرحُ هذا توضيحاً لمن يُتابعني، سأذهبُ إلى أهمِّ كتابٍ عندَ مُخالفي أهل البيت:”صحيحُ البُخاري” هذا الذي يقولون بأنَّه عِدلٌ لكتابِ الله، وأنّه أهمُّ كتابٍ وأفضلُ كتابٍ وأوثَقُ كتابٍ بعدَ كتابِ الله.. سأقرأُ أحاديثَ من هذا الكتاب لكي نرى ما هو علم الرجال وماهي آثاره السيّئة.. الذينَ لا عِلمَ لهم بأحاديثِ البخاري ولم يُطّلعوا عليه ممن يُشاهدني من غير الشِّيعة، من السُنة مثلاً.. سيقولون بأنَّ هذه الطبعة طبعةٌ شيعيّة، وبأنَّ هذه الأحاديث الَّتي سأذكرها هي أحاديث مكذوبة ومفتراة من قِبَلي، وهذا الكلام لا أقولهُ على سبيل التخرُّص وإنّما سمعتُه كثيراً.. نعم، يقولون لِكُلِّ شيعي سواءً أنا أو غيري مِمّن يقرأ من صِحاحِهم بأنَّ هذه النُسَخ التي تقرأون منها من صحيحِ البُخاري هي نسخ طُبِعت في إيران مثلاً ، فيُكذّبون الأحاديث ويقولون بأنّها طُبعت بأيدٍ شيعية وحُرِّفت، وهذا ليس غريباً، لذا فإني سأذكرُ عناوين الأبواب وليس فقط الصفحات، باعتبار أنَّ كتابَ صحيح البخاري مطبوع طبعات كثيرة، مثلاً هذه الطبعة الَّتي بين يدي عبارة عن مجلّدٍ واحد، وهناك عدَّة طبعات في أجزاء وفي مجلدات عديدة، ولذا سأذكر رقم الصفحة من هذه الطبعة وأذكر تفاصيل الطبعة، وأيضاً سأذكر عناوين الأبواب. فمن لم تَكُن عندهُ النُسخة الَّتي هي بين يديّ في مكتبتهِ أو في بيتهِ يُمكنه أنْ يُراجع الفهرست ويُراجع عناوين الأبواب حتَّى يتأكد من صحِّة ورود هذه الأحاديث في صحيح البخاري، أنا هنا لا أريدُ أنْ أُشْكِل على صحيح البخاري، فلا شأن لي بصحيح البخاري ولا شأنَ لي بمن يعتقدُ بهِ ويعتبرهُ الكتاب الَّذي يلي كتاب الله، لا شأنَ لي بهؤلاء القوم، فحديثي هو عن الواقع الشِّيعي ، لأنّي أريد أنْ أُبيّن من أينَ جاءَتنا هذه المشكلة. إذا ذهبتَ إلى آخر حديث مُرقّم في صحيحِ البخاري تجده تحت رقم 7563، يعني البخاري بحسب هذه الطبعة لابدّ أن يحتوي على 7563 حديث، ولكن الذين يعرفون صحيح البخاري يعلمون بأنَّ أحاديث البخاري أقل من ذلك بكثير، لماذا ؟ لأنَّ البُخاري في كتابهِ يُمكن أنْ يذكر الحديث الواحد أكثر من عشر مرات، فهو يُورد نفس الحديث في أبواب مختلفة، لأنّه بحسب ما يتصوّر أنَّ هذا الحديث يتناسب مع هذا الباب، ومع ذلك الباب.. أو مع تلك الفصول والعناوين المختلفة الَّتي عنون بها الموضوعات أو الأبواب أو الأجزاء أو الأقسام، سمِّ ما شئت، فهو قد قسَّم كتابهُ إلى كُتب وإلى أبواب وعناوين كثيرة فلربّما يُورد الحديث الواحد في أبواب عديدة وكثيرة جدَّاً، لذلك صار عدد الأحاديث 7563 حديثاً ، بينما العدد الأصلي لأحاديثِ البخاري هو 2761 بحسب ضبط ابن حجر العسقلاني، وهو من أكثر المتخصّصين في صحيحِ البخاري. وشرحُ ابن حجر هو أهم شروح البخاري، وهو شرح كبير ومفصّل، فبحسب ابن حجر العسقلاني عدد الأحاديث 2761 حديث، ولكن بحسب الطبعات الموجودة عدد الأحاديث 7563، لأنَّ الأحاديث تتكرّر، يعني عدد الأحاديث الأصلية في كتاب البخاري أقل من ثلاثة ألاف، والطبعة الَّتي بينَ يديّ هي طبعة دار صادر، بيروت لبنان ، الطبعة الأولى، 2004 ميلادي، 1425 هجري، بمقدمة نوّاف الجراح. وأنا اخترت هذه الطبعة لأنَّني وجدتُها الأفضل من بين الطبعات الأخرى فضلاً عن أنّها مطبوعة في مجلدٍ واحد . قبل أن أذهب إلى الأحاديث الَّتي اخترتُها من صحيح البخاري، هذا المجلّد الذي بيدي هو المقدّمة من كتاب”فتح الباري في شرح صحيح البخاري” وهو موسوعة كبيرة. ماذا يقول ابنُ حجر العسقلاني في المقدمة: ( اِعْلم علَّمني اللهُ وإِيّاك- الخطاب للقارئ- أنَّ آثارَ النَّبي صلّى اللهُ عليهِ وسلّم -المراد من آثار، جمع أثر وهي الأحاديث-لَم تَكُن فِي عصرِ أصحَابِه وكِبَارِ تَبَعِهم مُدوّنةً في الجَوامِع ولا مُرتّبة-يعني الأحاديث الَّتي جاءت عن النَّبي بحسب ما يعتقدون لم تكن مدوّنة لا في عصر الصحابة ولا في عصر التابعين وتلك حقيقة يعرفها كُلّ المختصّين، والجوامع يعني الجوامع الحديثية-ولا مُرتّبة لأمرين: أحدهُما أنّهم كانوا في اِبتداءِ الحال قَد نُهو عن ذَلك-هم يروون أحاديث عن النَّبي بأنَّهُ نهاهم عن كتابة الحديث، والحال أنّ الأمر لم يكن كذلك، لكن نحنُ وما يقولون- كما ثَبَت في صَحيح مُسلم خشيةَ أن يختَلِط بعضُ ذلك بالقُرآن العظيم، وثانِيهُما لسعةِ حفظِهِم وسَيلان أذهانِهِم ولأنَّ أكثرَهُم كانوا لا يعرفونَ الكِتابَة، ثُمَّ حدث في أواخرِ عصرِ التّابِعين تَدوينُ الآثار وتبويبُ الأخبار لَمَّا انتشرَ العُلماءُ في الأمصار وكَثُرَ الابْتِداع من الخَوارِج والرّوافِض ومُنكري الأقدار، فأوّل من جَمَع ذَلِك .. إلى آخرهِ ) . هذه هي حقيقة الأحاديث الَّتي نُقِلت،كما هُم يزعمون، عن النَّبي فهي لم تُكتب ولم تُجمع إلَّا في فترةٍ متأخّرة . بينما نحنُ عندنا إمامٌ معصوم بعدَ إمامٍ معصوم وكانَ الأئمّةُ صلوات الله عليهم يأمرون أصحابهم بكتابةِ الحديثِ بين أيديهم.. هذا الكافي الشريف، إمامُنا الصَّادق(ع) يقول لأصحابهِ -: ( القَلْبُ يَتَّكِلُ عَلَى الكِتَابَة-أي أنّه لا يكفي الحفظ في الذاكرة. وهذا أبو بصير يُحدِّثُنا عن الإمام الصادق(ع): (أُكْتُبُوا فَإنَّكم لا تَحْفَظُون حَتَّى تَكْتبُوا) . وهذا عُبيدُ ابنُ زُرارة يُحدِّثُنا عن الصَّادق(ع): (اِحْتَفِظُوا بِكُتُبِكُمْ فَإنَّكُم سَوفَ تَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا). وهذا المُفضَّلُ ابنُ عُمر يقولُ له الإمام الصّادق(ع): (أكْتُب وبُثَّ عِلْمَك فِي إِخْوَانِك فَإنْ مِتَّ فَأَوْرِث كُتُبَكَ بَنِيك فَإنَّهُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ هَرْجٍ لَا يَأْنَسُونَ فِيهِ إلَّا بِكُتُبِهِم). وهذا جميل ابنُ درّاج ينقلُ عن إمامنا الصّادق(ع): (أَعْرِبُوا حَدِيْثَنَا فَإنَّا قَومٌ فُصَحَاء-الإمام ليسَ فقط يأمُر بالكتابة بل يأمر بالإعراب أيضاً، زيادةً في الدقّة. وهذا مُحَمَّد ابنُ الحَسن ابن أبي خالد يقول للإمام الجواد(ع): (جُعِلْتُ فِدَاك إنَّ مَشَايخَنَا رَوَوْا عَنْ أَبِي جَعْفَر-يعني الباقر(ع)- وَأبِي عَبْدِ الله-يعني الصّادق(ع)-وَكَانَت التَقِيَّةُ شَدِيْدَة فَكَتَمُوا كُتُبَهُم-خوفاً من الظالمين- وَلَم تُرْوَ عَنْهُم فَلَمَّا مَاتُوا صَارَت الكُتُبُ إِلَيْنَا، فَقالَ: أي إمامنا الجواد(ع): حَدِّثُوا بِهَا فإنَّها حَقَّ)-ذلك لأنَّها كُتِبَت بينَ أيديهم وبإشرافهم صلوات الله عليهم. فنحنُ من إمامٍ معصوم إلى إمامٍ معصوم والأحاديثُ تُكتَب والأئمَّةُ(ع) موجودون، وهكذا وصلتنا الأحاديث، فأحاديثُنا محفوظةٌ، وحديثُ الثقلينِ أدلُّ دليلٍ على حفظِ أحاديثنا، ذلك أنّ النَّبيُّ(ص) قال بأنَّ الكتابَ والعترة لن يفترقا حتّى يردا عَلَيَّ الحوض.. أفليسَ الحديثُ هو أهمُّ أثرٍ من آثارهم؟ فكما أنّ عندنا القرآن وهو كلام الله، كذلك عندنا الحديث الشريف وهوكلامهم. ولا أُريد الآن أن آخُذَكم إلى هذه الجهة. أعود إلى الكلام الَّذي ذكرهُ ابن حجر في فتحِ الباري، فهو تحدَّث عن هذه الحقيقة، وهي أنّ الأحاديث لم تُكتَب، بل إنَّ الخليفةَ أبا بكر أحرق الأحاديث، وعُمرُ كذلك، وعثمان أحرق المصاحفَ والأحاديث، وعُمر ضربَ النَّاس ومنعهم عن رواية الحديث، وكان الصحابةُ كما ورد في كتبِ القوم يخافون أنْ يُحدِّثوا بحديث النَّبيّ. ولا أريدُ التفصيل الكثير في هذه القضية. ماذا يقول البخاري كما ينقل عنه ابنُ حجر: (خَرّجتُ الصحيحَ-هذا الكلام موجود في صفحة: 5 ، وهذه الطبعة طبعة دار إحياء التراث العربي مع مقدمة للأستاذ حسن عباس زكي- خَرّجتُ الصّحيح من ستمائة ألف حديث) -: دقِّقوا النّظر معي في هذا الكلام، البخاري يقول بأنَّه خرَّج هذا الكتاب والذي قُلتُ قبل قليل بأنَّ مجموعَ أحاديثهِ بحسب ابنِ حجر العسقلاني: 2761 حديث خرّجها من ستمائة ألف حديث، وهذا في نظرهِ هو الصحيح!! باللهِ عليكم إذا كانت هذه الأعداد الضخمة من الأحاديث ستمائة ألف حديث لم تكن صحيحةً في نظرهِ، ولم تستحق أنْ تُدوّن في هذا الكتاب واكتفى بهذا العدد القليل، فمن قال بأنَّ هذا العدد القليل من الأحاديث هو الصحيح؟ هل البخاري يعلمُ الغيب ؟ إذا كانت هذه الكمية الهائلة من الأحاديث، ستُمائة ألف حديث خرّج منها فقط : 2761 ، يعني أتعلمون كم هي النسبة ؟ يعني من كل مئة ألف حديث استخرج 460 حديث، تتصوّرون كم العدد المتبقّي؟ يعني أنّ هناك 99540 حديث من كل مائة ألف حديث، هذه لم يجد البخاري أنّها تستأهل أن تُكتب في كتابهِ الصحيح، فمعنى ذلك أنَّ هذا الكتاب لابدّ أن يكون جوهرةُ الجواهر!! نعم، من حقّهم أنْ يقولوا بأنّه أفضلُ كتابٍ بعدَ كتابِ الله. فعلى أيِّ أساسٍ اعتمد؟ اعتمدَ على أساسِ قواعدِ عِلمِ الرِّجال!! لماذا؟ لأنَّ المخالفينَ وجدوا عندهم هذا الرُّكام الهائل من الأحاديث الَّتي هي آلاف وعشرات الآلاف تتناول معاني خرافية ومعاني هزيلة ومعاني مُضحكة وسخيفة، فماذا يصنعون؟ أرادوا أنْ يبنوا لأنفسِهم بُنياناً ويؤسّسوا لدينهم أساساً، فاخترعوا علم الرِّجال، لأجلِ أنْ يقولوا بأنَّ تلك الأحاديث ما هي بأحاديثنا، والأحاديث الصحيحة هي هذه. فعلى أساسِ قواعدِ علم الرِّجال، على أساس قواعد التمييز في الأسانيد وفي الرواة، اختار البخاري هذه الأحاديث فوضعها في هذا الكتاب. تصوّروا معي، هناكَ ستُمائة ألف حديث اختار منها فقط : 2761 يعني هذه جواهر جواهر الجواهر من أحاديثهم، ولذلك يعتبرونَ ما يعتبرون لصحيح البخاري من المنزلةِ عندهم. أنا هُنا أريد أن أنتقيَ أحاديث من صحيح البخاري لنرى هذه الجواهر الموجودة في صحيحِ البخاري، والَّتي انتقاها البخاري وفقاً لقواعدِ علمِ الرِّجال وما يسمّى بشروط البخاري. أليس للبخاري شروط في اختيارِ الحديث؟ هذه الشروط مضمونها وجوهرها هو السند وذلك هو علمُ الرِّجال. بحسبِ هذه الطبعة الَّتي بينَ يدي صفحة : 1235 ، كتابُ التعبير ، بابُ أوّلُ ما بُدِئَ بهِ رسولُ الله من الوحي الرؤيا الصالحة، رقم الحديث: 6982 ، ومن لم تكن عندهُ هذه النسخة فليُراجع هذا الباب (كتاب التعبير، بابُ أوّلُ ما بُدِئَ بهِ رسول الله من الوحي، الرؤيا الصالحة)، أوّل حديث في هذا الباب منقول عن عائشة، الحديث طويل وفي آخرهِ ماذا تقول؟: (وفَتَرَ الوحيُّ فترةً حَتَّى حَزِن النَّبيّ فَيمَا بَلَغَنا حُزناً غَدا منهُ مِراراً كي يتردّى من رؤوسِ شواهِقِ الجِبال-اِنقطعَ الوحي عن النَّبي، النَّبي أُصيبَ بصدمةٍ فماذا فعل؟ ذهب كي ينتحر بأن يلقي بنفسه من فوق جبلٍ عالٍ!-فَكُلَّما أوفى بِذروَةِ جِبَل لِكَي يُلقِيَ مِنهُ نَفْسَه تبدّى لَهُ جِبريل فَقَال يا مُحَمَّد إنَّك رسولُ الله حَقَّاً فيسكُنُ لذلك جأشُه وتَقرُّ نفسُه فيرجِع فإذا طالَت عليهِ فترَةُ الوحي غدا لمثلِ ذلك فإذا أوفى بِذروَة جبل تبدّى لَهُ جبرِيل فَقَالَ لَهُ مثلَ ذَلِك)-أيُّ نبيٍّ هذا لا يكون متيقّناً من نبوتهِ؟! وأيُّ رسولٍ هذا ليس متأكّداً من رسالتهِ؟! وهل جرى مثل هذا في نبيِّ من الأنبياء سابقاً وهل حدّثنا القرآن عن شيءٍ من ذلك ؟ فهل هذا حديثٌ صحيح؟ هل هذا الكلامُ كلامٌ صحيح؟ أنا أخاطبكم، أُخاطِبُ الشِّيعةَ ولا شأنَ لي بالسُنّة، وحتى السُنيُّ لو كان مُنصفاً فإنَّهُ سيجدُ هذا الحديث حديثاً باطلاً. لكنَّ لا حديثَ لي مع السُنّي، حديثي هو مع الشِّيعي.. هذا الكتاب استُخرِج من ستمائة ألف حديث، هذه جواهرُ الجواهر، واحتاجوا في ذلك إلى علمِ الرِّجال الذي ما هو بعلمٍ، إنّهُ جهلٌ، إذ كيفَ لنا أنْ نعرفَ أحوالَ الرِّجال؟ أحوالُ الرِّجال في بواطنهم، كيف لنا أنْ نعلمَ ذلك، والرِّجالُ يختلفونَ فيما بينهم وأحدُهُم يُشوِّهُ سُمعةَ الآخر، كيف لنا أنْ نعرف حقائق الأمور؟ إذن هذا ما هو بعلمٍ بل هو جهلٌ وجهالةٌ.. النَّبيُّ يُحاولُ الانتحارَ عدَّة مرّات، أيُّ نبيٍّ هذا ؟ وأيَّةُ نبوّةٍ هذهِ ؟ وكيفَ يُطالبنا أنْ نُوقِنَ به وهو ليس موقناً بنفسه؟ أليس النَّبيُّ الأعظم يتشوّقُ إلى إخوانهِ في آخرِ الزمان ويقول بأنَّهم قومٌ آمنوا بسوادٍ على بياض، يؤمنونَ بي ويُحبُّونني؟ يعني آمنوا بكلامٍ مكتوبٍ على ورق، نحنُ كذلك آمنّا بسوادٍ على بياض، آمنا وأيقنّا بكَ يا رسول الله، فهل من المعقول أنَّ رسول الله لم يكن موقناً بنبوتهِ وبرسالتهِ؟! هذه هي الأحاديثُ الصحيحة ؟! هذا هو رسول الله ؟! يُريد أنْ يتردّى من شواهق رؤوس الجبال ويريد أنْ ينتحر، لأنّه غير موقن؟! زُعماءُ الإلحاد يطمئنّونَ إلى إلحادهم، زعماء الشيوعية والماركسيون يطمئنون إلى ماركسيّتهم ولا يفكّرونَ هكذا، كلُّ الديانات الباطلة زعماؤها يتمسّكونَ بها ولا يُفكِّرونَ في الانتحار، فما بالُ نبيُّنا يُحاولُ الانتحار ويريد أنْ يتردّى من رؤوس شواهقِ الجبال ؟! ونبيُّنا أيضاً والحديث في صحيحِ البخاري عن عائشة، تقول والحديثُ بحسبِ الطبعة الَّتي بينَ يدي صفحة : 927، رقم الحديث: 5037 ، بابُ نسيانِ القُرآن من كتاب فضائل القُرآن، وهو يقول نسيتُ آية كذا وكذا، ماذا تُحدِّثُنا عائشة؟: (سَمِع النَّبيُّ رَجلاً يقرأُ في الْمَسجِد فَقَالَ : يَرحمهُ الله لقَد أَذكَرني كذا وكذا آيةً من سُورة كذا)- فمُحَمَّدٌ صلّى اللهُ عليهِ وآله شخصٌ نَسِيٌّ، وقد نسي قُرآنه! فلماذا إذن يُطالبنا المصطفى صلَّى الله عليه وآله أنْ نحفظَ الثقلين، أنْ نحفظَ كتابهُ وعترته؟ والحال أنّه ينسى كما تقول عائشة! في موطنٍ آخر من صحيحِ البخاري أيضاً عن عائشة: صفحة : 466 بحسب الطبعة الَّتي بين يدي الحديث: 2655، كتابُ الشهادات، بابُ شهادة الأعمى وأمرهِ ونكاحهِ وإنكاحهِ ومبايعته وقَبولهِ في التأذينِ وغيره وما يُعرفُ بالأصوات، عائشة تقول :- سَمِع النَّبيُّ رَجلاً يقرأُ في الْمَسجِد-يبدو هذه حادثة ثانية- فَقَالَ: رَحِمهُ الله لقَد أَذكَرني كذا وكذا آيةً أَسقطتُهنَّ من سُورة كذا وكذا-هذه المرَّة أسوأ من المرَّة السابقة، الحديث السابق ماذا قال النَّبي بحسبِ رواية عائشة وهو افتراءٌ على رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وآله؟ قال بأنَّ هذا الرَّجُل الذي ترحّمَ عليهِ ودعا له قد أذكَرَهُ آية كذا وكذا من سورة كذا فإنَّ النَّبيّ قد نسيها، هنا الرواية تُفيد بأنَّ النَّبي قد أسقطَها من السورة، ليس فقط نسيها بل حذفها من السورة.. أيُّ نبيٍ هذا؟! وأيُّ قُرآنٍ هذا ؟! وعلماؤنا يريدون منّا أنْ نتّبِع نفسَ هذا المنهج الَّذي اتّبَعَهُ البُخاري!! فبحسبِ هذه الرواية يكون أوّلُ مُحرِّفٍ للقُرآن هو رسولُ الله صلَّى الله عليهِ وآله، لأنّه هو الَّذي أسقط الآيات، والروايةُ عن عائشة والمصدرُ صحيح البخاري!! نذهب إلى موطنٍ آخر، أيضاً الحديث عن عائشة-الأحاديثُ عن عائشة والمصدرُ البخاري، فهل هناك أفضل من سَندٍ كهذا السّند ومن مصدرٍ كهذا المصدر؟!-( قَالت : كَانَ رَسُول الله سُحِر حَتَّى كانَ يرى أنَّهُ يأتِي النِّسَاء ولا يأتيهِن)-الحديث بحسب الطبعة الموجودة بينَ يديّ صفحة: 1046 ، رقم الحديث: 5765 ، كتاب الطب، باب هل يُستخرَجُ السِّحر-تُرى هل هذا نبيٌ أم هو شخصٌ مخبول؟ حدِّثُونا باللهِ عليكم، أينَ الأطباءُ النفسانيّون، هل هذا هو انفصام الشخصيّة؟ أيُّ مرضٍ هذا وأيُّ حالةٍ هذه؟!! مع أنّ قضيّة إتيان النساء قضية قويّة ومؤثّرة، قضيّة فيها عواطف، فيها أفعال وحركات معيّنة، فيها جوّ معيِّن، فإذا كانت هذه القضية تُتخيَّلُ له فما بالُك بباقي القضايا؟! في موطنٍ آخر أيضاً من صحيحِ البخاري والحديث عن أبي هريرة-أحاديث في غاية الوثاقة عن عائشة، وعن أبي هريرة من صحيح البخاري!!: (عن أبي هريرة أنَّه سمعَ النَّبي يقول اللَّهُمَّ فَأيُّما مؤمنٍ سَبَبْتُهُ فاجْعل ذَلِكَ لَهُ قُربةً إليكَ يوم القيامة)-النَّبي يسبُّ المؤمنين من دونِ سبب، أيُّ نبيٍّ هذا ؟! يبدو أنَّ النبيّ كان سبّاباً فحّاشاً، لأن الحديث هُنا بشكل عام فهو يُشير إلى عدد كثير من المؤمنين!! أينَ الخُلُقُ العظيم وأينَ هذا السُباب؟ أينَ هذا النَّبيُّ الَّذي هو حريصٌ عليه ما عَنِتُّم، أين هذا النَّبيُّ الرؤوف الرحيم وأين هذا المنطق؟! نعم، هناك منطقان منطقٌ رحماني ومنطقٌ شيطاني، فأيُّ منطقٍ هو هذا ؟!: (مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَد عَبَدَه فَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ عَن الله فَقَد عَبَدَ الله وإنْ كَانَ النَّاطِقُ عَن إِبْلِيس فَقَد عَبَدَ إِبْلِيس).. مثلما تُميِّزونَ هنا المنطقَ الرحماني من المنطق الشيطاني، فلا تتوقّفوا حينما يكون الكلام عن علمائنا فتقولون: لا ندري ما هو الحُكم. سأعرض لكم الحقائقَ واضحةً مثلما أعرِضُها الآن.. وأنتم ميّزوا، قولوا لكلامي بأنَّهُ منطقٌ شيطاني وقولوا لغيري بأنَّهُ منطقٌ رحماني ليس مهمّاً هذا ، ولكن احترموا عقولكم، وميّزوا بين المنطقين. أيضاً نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وآله في صحيح البخاري، وهذا الحديث صفحة : 1005 ، رقم 499 ، من باب كتاب الذبائح والصيد والتسمية على الصيد، باب ما ذُبح على النُصُبِ والأصنام… نقرأ الرواية: (أَخبرني سالِم أنَّه سَمع عبدَ الله يُحدِّث عن رسولِ الله أنَّهُ لَقِي زَيد ابنَ عَمْر ابنِ نُفيل بأسفلِ بلدَح-بلدَح اِسمٌ لمنطقة-وذاكَ قبلَ أنْ يُنزَلَ على رسول الله الوحي فقدَّم إليهِ رسولُ الله سُفرةً فيها لحم فأبى أنْ يأكُل منها-زيد ابن عَمْر ابن نُفيل وهو من أقرباءِ عُمر ابنِ الخطّاب، كانَ يُظهِر التدين ويُظهِر التطهّر في الجاهليّة،كما يقولون أكانَ صحيحاً أم لا، وربّما كان حنفياً من الأحناف أو على دينٍ هو يعتقد به، فيتطهّر ويتجنب ما يعتقدهُ حراماً، فلقي رسول الله بأسفلِ بلدَح وذلك قبلَ البعثة وقبل قبل نزول الوحي :- فقدّم إليهِ رسولُ الله سُفرةً فيها لحم فأبى أنْ يأكُل منها؟! ثُمَّ قال: إنِّي لا آكُل مِمّا تَذبَحونَ على أنصابكم ولا آكُل إلَّا مَمَّا ذُكر اسمُ الله عليه-يعني رسول الله كانَ يأكل مِمّا يُذبح على الأنصاب!! ولكن قريب عُمر ابن الخطّاب كان لا يأكل!! أيُّ رسولٍ هذا ؟! الذينَ يذبحونَ على الأنصاب هم الذين يعبدون الأصنام ، فهل كانَ رسول الله قبلَ نزولِ الوحي يعبدُ الأصنام؟ و أيضاً في رواية أخرى بحسب طبعة دار صادر الَّتي بين يديّ الطبعة الأولى سنة 2004 ، مقدمة نواف الجراح، صفحة : 651 ، رقم الحديث: 3689، من كتاب فضائل أصحاب النَّبي ، باب مناقب عُمر ابن الخطاب ، الحديث عن أبي هريرة: (قالَ: قالَ رسول الله: لقد كانَ فيما قبلَكم من الأمم مُحدَّثون-مُحدَّثون يعني تُحدِّثُهم الملائكة وهذا المُصطلح معروف، المُحدَّثُون هُم رجالُ الغيب الذينَ تُحدِّثُهم الملائكة- فَإنْ يَكُ في أُمَّتي أحدٌ فإنَّهُ عُمر!! وعن أبي هُريرة: (قَالَ النَّبي: لقدَ كانَ فيمن كانَ قبلَكُم مِن بني إسرائيل رجالٌ يُكلَّمون-أي يُكلَّمونَ من قِبَل الله، أو من قِبَل الملائكة-من غيرِ أنْ يكونوا أنبياء فَإنْ يَكٌ من أُمَّتي منهم أحدٌ فعُمر!! هذهِ الأحاديث تُعتبر جواهر الجواهر بالقياسِ إلى ستمائة ألف حديث اختارَ البُخاريُ منها هذا القدر وفقاً للسندِ وللراوية الَّذي يروي الحديث، ووفقاً للقواعدِ الرجالية الَّتي عَمِلَ بها البخاري في تنقيحِ أحاديثهِ وفي اختيارها وتصحيحها. هؤلاء المخالفون عندهم مشكلة كبيرة، أولاً الأحاديث لم تُكتب عندهم في حينها كما مرّ، وثانياً أصبحت الأحاديث كثيرة لديهم فيما بعد، وثالثاً هم ينقلون عن النَّبي فقط. بينما نحن عندنا أربعة عشر معصوم ننقل عنهم. وزمنُ الحديث عندهم عشر سنوات، من السنة الأولى للهجرة إلى السنة العاشرة، بينما نحنُ عندنا زمنُ الحديث يستمر إلى سنة : 329 ، السنة الأخيرة من عصر الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى. فهؤلاء عندهم عشر سنوات فقط، وفي أوّل السنة الحاديةِ عشرة استُشهد النَّبيُّ مسموماً صلّى الله عليه وآله، عشر سنوات من الحديث فقط، هذا إذا افترضنا أنَّهم ينقلونَ الحديثَ عن النَّبي مباشرة، ولكن حديثُ النَّبي معلومٌ أنّه أُحرِق، أحرقهُ الخلفاء ومَنَعوا من روايتهِ وضربوا النَّاس على روايته والروايات كثيرةُ عندهم في كتبهم تشيرُ إلى ذلك، وبعد فترةٍ متأخرة بعد أنْ كَثُرت الافتراءات والأكاذيب والخُرافات جمعوا الحديث، فلمَّا جاءوا لجمعهِ وجدوا هذا الرُكام الهائل والمخزي، وواجهوا مشكلةً كبيرة، فماذا يقولون؟ أيقولون للنَّاس هذه السخافات والترهات هي أحاديثُ النَّبي ويريدون منهم أن يعتقدوا بها؟ إذن ماذا يصنعون؟! حينئذٍ لجأوا إلى تنقيح الأحاديث فوضعوا عِلمَ الرِّجال، ولَمَّا لم يجدوا عِلمَ الرِّجال كافياً لأنَّ عِلمَ الرِّجال كانَ الأساس أنَّهم يأخذون الأحاديث عن الثقات عندهم، فجمعوا أحاديثَ الثّقات لكنَّهم وجدوا الخزعبلات كثيرةً في أحاديثِ الثّقات، فأسّسوا عِلماً آخر أسموه بعلمِ الحديث، وهذا نسَخَهُ علماءُ الشيعة سوى أنّهم غيّروا الاسم فسمّوه بعلمِ الدراية فمزّقوا به حديث أهل البيت أيضاً. أولئك القوم حاولوا أن يميّزوا الأكاذيب بعلمِ الرِّجال، عندهم آلاف مؤلّفة من الأكاذيب فأرادوا أن ينقّوها فجاءوا بعلم الرجال كي يتخلّصوا من كثير من الأكاذيب، فلم يتمكّنوا من ذلك بواسطةِ علم الرّجال فجاءوا بعلمِ الحديث، فقالوا بأنَّ الأحاديث حتّى لو كانت صحيحة وعن رواة ثقات لكنَّها قد تكون شاذّة فلا نعمل بها، فتُطرح هذه الأحاديث جانباً، وبوّبوا الأحاديث وقسّموها إلى آخرهِ، لا أريد أنْ أُتعِبَكُم بهذه التفاصيل، الخلاصة أنّهم اخترعوا عِلمَ الرِّجال، فلمَّا وجدوه ليس كافياً ووجدوا أنَّ الثِقات الذينَ يعتبرونهم هم الرموز عندهم وهم الشخصيات المقدَّسة تُنقَلُ عنهم وعن ألسنتهم الخُزعبلات، فصنعوا علم الدراية وقالوا هذه أحاديث صحيحة ولكنَّها شاذّة لا يُعمَلُ بها!!.. وهكذا ترقيعٌ بعدَ ترقيعٍ. هؤلاء من حقِّهم أنْ يفعلوا ذلك وتلاحظون جواهرَ الجواهر هذه في أفضلِ كتبهم!! أمَّا نحنُ فعندنا معصومٌ بعدَ معصومٍ وفترةُ الحديث تستمر إلى : 329 هجرية وإلى آخر كتابٍ وصل إلى عليّ ابن مُحمَّد السّمري بأنَّ الغيبة التامّة قد وقعت، وتوفي عليّ ابنُ مُحمَّد السَّمري في شعبان سنة : 329 للهجرة ، فالحديثُ متواصلٌ ومتّصل إلى سنة : 329 للهجرة. استمرّ عصر الحديث أكثر من ثلاثة قرون وبرعاية المعصومين(ع)، ومرّت علينا الأحاديث كيفَ أنَّ الأئمَّة يأمرونَ أصحابهم بكتابتها، أحاديثُنا ضُبِطت وكُتِبت وهناك رعايةٌ غيبيّة من المعصومين(ع)، أمّا بالنسبةِ لهؤلاء القوم فما عندهم من رعاية غيبيّة، ولا يوجد فيما بينهم وبين الغيبِ من رابطة، لذلك هم أسّسوا علم الرِّجال وأسّسوا علمَ الحديث كي يجدوا لهم مساحةً يتحرَّكون فيها، يكون فيها شيء من المنطق ، وشيء من العقل ، وشيء من المقبوليّة، ومع ذلك تلاحظون ماذا جاء في صحيح البخاري!! وما أوردتهُ من هذه الأحاديث الَّتي تشتمل على هذه المعاني الكاذبة والمفتراة على رسول الله(ص) لا يُشكِّل حتّى بنسبة واحد بالمائة، وصحيحُ البخاريُ كُلُّه بنفسِ مستوى هذه الأحاديث، ولكنَّني أوردتُ هذه الأحاديث لأنّها أحاديث صارخة وقوية وواضحة جدَّاً، ولا أعتقد أنَّ سُنيّاً منصفاً يقبلها فضلاً عن الشِّيعي. هذه مشكلة المخالفين واجهتهم فاحتاجوا إلى علمِ الرجال، أمَّا نحنُ ما هي مشكلتنا ؟! لماذا افترض علماؤنا بأنَّ المشكلة الموجودة عندَ المخالفين هي أيضاً موجودةٌ عندنا؟ المشكلةُ من هنا بدأت أنَّ علماء الشِّيعةِ في عصرِ الغيبة الكبرى افترضوا أنَّ المشكلة الَّتي هي عندَ المخالفين هي عندنا أيضاً، فذهبوا إليهم فوجدوا أنَّهم حلُّوا المشكلة بهذه الطريقة، بواسطةِ علمِ الرِّجالِ وعلمِ الحديث، فجاءوا بعلمِ الرِّجال وجاءوا بعلمِ الحديث وأعطوه اسماً جديداً وهو علم الدراية، وأعتقد أنَّ القضية باتت واضحةً وجليةً . نذهب إلى فاصل ونعود بعد ذلك لإتمام الحديثِ والكلام . عُدتُ إليكم وأسألُ الله لي ولكم العَودَ ثُمَّ العَود ثُمَّ العودَ إلى منهجِ الكتابِ والعترة ، نذهبُ بعيداً ونعودُ إليهم ، ونُشرِّق نُغرِّب ثمّ نعود إليهم صلوات الله عليهم، أسألُ الله لي ولكم العَودَ ثُمَّ العَود ثُمَّ العَود ثُمَّ العَود حَتَّى ينقطع نَفَسِي، وأسألهُ العَودَ إلى كِتابِهم وحديثِهم . أعتقد أنَّ الصورة صارت واضحة، المشكلةُ أساساً هي عندَ مخالفي أهل البيت(ع) وليست عندنا. علماؤنا وقعوا في شُبهةٍ، وتأثّروا بالفكر المخالف فتصوّرُوا أنَّ المشكلة موجودةٌ أيضاً عندنا، وغيَّبَ الشيطان عن أذهانهِم كُلَّ تلك الحقائق. المخالفون يقتصرون في الحديث على عشرُ سنوات والحديثُ أُحرِق،والمَصاحِفُ أُحرِقت، والنّاسُ ضُرِبت على الحديث، ثُمَّ زوّروا الحديث، وكُذبِت الأكاذيب فلجأوا إلى علمِ الرِّجالِ فصنعوا علماً وما هو بعلم، بل هو وسيلةً شيطانيّة، فلماذا تلجأون إلى نفس هذه هذه الوسيلة؟ لكنَّ الشَّيطانَ هو الذي أوقع علماءنا في ذلك الوهم ..؟! ميِّزوا بينَ المنطقِ الرَّحماني والمنطقِ الشَّيطاني، ميِّزوا ..؟! ماذا يقول إمامنا الصّادق والكتاب الَّذي بين يدي هو الكافي الجزء الأول، يقول(ع): (قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله: إِنَّ عَلَى كُلِّ حَقِيْقَةٍ وَعَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوْرَاً…-هذا هو المضمون الَّذي كرّرتُهُ في الحلقاتِ الماضية وهو أنَّ الحقائق تحملُ قيمتها في نفسها وهذا هو منطقُ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد(ص)، نعم، الأشياء تحملُ قيمتها في نفسها، ولستُ أنا ولا غيري الَّذي نُكسِبُ الأشياء قيمةً، وهذا الموجود في أذهانكم حين تسمعون من عالِمٍ كلاماً فتتصوّرون أنَّه هو الذي أكسَبَ هذا الكلام أو هذه الحقيقة قيمةً، هذا من أعراض الصنميَّة، فالحقائقُ أساساً تحملُ القيمة في نفسها، ودورُ العالِمِ هو أن يكشفَ عن هذه القيمة لا أنّه هو الَّذي يُعطي القيمةَ لذاتِ الحقائق، الحقائق تحملُ القيمة في نفسها، ودورُ العالِم أو المُبلِّغِ أو المُدرِّسِ أو الإعلامي هو أنْ يَكشِفَ هذه القيمة. وهُنا يختلفُ الكاشفونَ عن القيمة، المراتب هنا، وهي في القدرة على الكشف عن القيمة، وإلَّا فالحقائق تحملُ قيمتها في نفسها، هذا هو منطقُ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد، وهذا هو الصَّادقُ يُحدِّثُ عن المصطفى صلّى اللهُ عليهما وآلهما-…فَمَا وَافَقَ كِتَابِ الله فَخُذُوه ومَا خَالَفَ كِتَابَ الله فَدَعُوه)-القاعدة هُنا، والميزان هنا، والكلام هنا ليس فقط عن الأحاديث بل عن كُلِّ شيء. هذا هو القانون، قانون منطقيّ وقانون واضح، الأئمَّة هُنا يضعون لنا قاعدة معلومات، النَّبيُّ الأعظم(ص) يُعطينا قاعدةً وميزاناً نستطيع أن نعود إليه، لا إلى عِلمِ رجالٍ لا ندري من أينَ جاء الرجاليون بمعلوماتهم عن هذا الرّجُل أو عن ذاك الرّجُل، وهل هي من الدعايات والافتراءات، وما أكثر الدعايات والافتراءات في زماننا والذي لا يختلفُ عن الأزمنةِ السابقة، كما هو الحال في الصراع على المرجعيّةِ، والزعامةِ، والرئاسةِ، وكما هو الحال في الصراع على المناصبِ، وهذا موجودٌ في كُلِّ زمان. وقد تختلف الأحوال في زمان التقيّةِ عن زمانٍ ليس فيه تقيّة، ولكنّ المناصب هي المناصب، والدُنيا هي الدُنيا، والمالُ هو المال، والشهرةُ هي الشُهرة، والزّعامةُ هي الزّعامة، والنَّاسُ هم النَّاس، ولا يوجد اختلاف في ذلك بين زماننا وبينَ الأزمةِ السابقة. لذا وضعَ النَّبيُّ الأعظم(ص) والأئمَّةُ(ع) هذا القانون: (إنَّ عَلَى كُلِّ حَقِيْقَةٍ وَعَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوْرَاً فَمَا وَافَقَ كِتَابِ الله فَخُذُوه ومَا خَالَفَ كِتَابَ الله فَدَعُوه) . حديثٌ آخر : (عَن عَبدِ الله ابنِ أبي يَعْفُور قَالَ : وَحَدَّثَنِي حُسَينُ ابنُ أبِي العَلَاء أنَّهُ حَضَرَ ابنُ أَبي يَعْفُور فِي هَذَا الْمَجْلِس قَالَ : سَأَلتُ أَبَا عَبْدِ الله عَلَيهِ السَّلَام عَن إخْتِلَافِ الحَدِيث يَرْويهِ مَن نَثِقُ بِه وَمِنْهُم مَنْ لا نَثِقُ بِه…-فهل قالَ الإمام عودوا إلى علمِ الرِّجال؟ كلّا بل-… قَالَ : إِذا وَرَدَ عَلَيكُم حَدِيث فَوَجَدْتُم لَهُ شَاهِدَاً مِنْ كِتَابِ الله أو مِن قَولِ رَسُولِ الله وَإلَّا فَالَّذِي جَاءَكُم بِهِ أَوْلَى بِه)-وربّما يكون الذي جاء به ممّن نثقُ به، ولكنّ الإمام لم يلتفت إلى قضيةِ من نثقُ بهِ ومن لا نثِقُ به، انتبهوا إلى كلامِ الإمام، الإمام أصلاً لم يَلتَفِت إلى هذه القضيّة، نعم، إذا كانَ ثِقةً فذلك شيءٌ حَسَن ولكن هذا ليس أساساً في قَبُول الرواية وردِّها-(إِذا وَرَدَ عَلَيكُم حَدِيثْ فَوَجَدْتُم لَهُ شَاهِدَاً مِنْ كِتَابِ الله أو مِن قَولِ رَسُولِ الله وإلَّا فَالَّذِي جَاءَكُم بِهِ أَوْلَى بِه)-إذا لم يكن له شاهدٌ فرُدُّوا الحديث عليه سواءَ تثقونَ بهِ أو لا تثقونَ بهِ. إذاً لا قيمةَ لعلمِ الرِّجال، هذا هو منطقُ الصَّادِق(ع)، لماذا؟ لأنَّ القانون واضح-(إنَّ عَلَى كُلِّ حَقِيْقَةٍ وَعَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوْرَاً فَمَا وَافَقَ كِتَابِ الله فَخُذُوه ومَا خَالَفَ كِتَابَ الله فَدَعُوه)-يعني هذه الأحاديث الَّتي قرأتها قبل قليل من صحيح البخاري هل يأخذُ بها السُنّي العاقل المُنْصِف الَّذي يُحِبُّ رسول الله؟ هل يأخُذُ بها لأنَّ البخاري أوردها عن الثِّقات؟! ما قيمةُ البخاري وما قيمةُ الثِّقَات وما قيمةُ من رواها أو حدَّثَ بها أيَّاً كان ، إذا كانت تُخالِف المنطق، وإذا كانت تُخالِفُ القُرآن؟ هذا هو منطقُ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد وما هو بمنطق البُخاري ولا منطقِ علمائنا الرّجاليين ومراجعنا الرِّجاليين الذين مزّقوا حديثَ أهل البيت بعلمِ الرِّجالِ وبما جاءوا بهِ من الفكرِ المخالفِ فهدَّموا عقيدةَ عليٍّ وآلِ عليّ . إمامنا الصَّادق(ع) يقول-والروايات كُلُّها أقرأها من الكافي الجزء الأوّل: (مَا لَمْ يُوافِق مِنْ الحَدِيثْ القُرآنْ فَهُو زُخْرُف-أي أنّه لا حقيقةَ له، الزُخرُف هو الشيء الَّذي لا حقيقة له، والزخرف كما نقول في لهجتنا العراقية الدّارجة “زَرَق وَرق”-(مَا لَمْ يُوافِق مِن الْحَدِيثْ القُرآنْ فَهُو زُخْرُف)-لا قيمة له، فالميزان هو القُرآن . وقتُ الحلقةِ انتهى، في حلقةِ يومِ غَدٍ سنُحَاكِمُ عِلم الرِّجالِ بالقُرآن، لقاؤنا يتجدَّدُ يومَ غَدٍ، نفسُ الموعِد، نفسُ الشاشة شاشة القمر. يَا كَاشِفَ الكَربِ عَن وَجْهِ أَخِيكَ الحُسَين .. يَا قَمَر .. إكْشِف الكَربَ عَنْ وُجُوهِنا وَ وُجوهِ مُشَاهِدِينَا ومُتَابِعِينا على الانترنت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين .. أتركُكُمْ فِي رِعايَة القَمَر .. سَلَامَاً يَا قَمَر .. أَسألُكُم الدُّعَاء .. فِي أَمَانِ الله .. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الأحد 13 ربيع الثاني 1437هـ الموافق 24 / 1 / 2016م ما تقدّم في الحلقتين الماضيتين كان بمثابة مُقدّمة لهذا البرنامج، والبرنامج فعلاً يبتدأ مِن هذه الحلقة. فما مرَّ من حديث في الحلقتين السّابقتين مِن بيانات وملاحظات وتنبيهات هو مِن أجل أن تتكوّن صورة مُجملة عن هذا البرنامج وطريقتهِ والكيفية الّتي سيتم فيها عرض المطالب والمباحث. المُشكلة الكبيرة والطّامة الدّهماء الّتي أصابتْ الثّقافة الشّيعيّة هي (علم الرّجال). وقفة عند الأضرار البليغة والفادحة جدّاً والأذى الكبير الَّذي سبَّبه(علم الرّجال): لـ (الصّديقة الكبرى – لسيّد الأوصياء – لنهج البلاغة الشّريف- لظلامة سيّد الشّهداء وأحاديث فضْل زيارتهِ وفضْل البكاء عليه – لأحاديث ولادة الإمام الحُجّة وتوقيعاتهِ الشَّريفة وأحاديثه – لأحاديث أهل البيت عليهم السَّلام في قراءتهم الصّحيحة للقرآن ولتفسير أهل البيت للقرآن، ولكلّ الأحاديث الّتي لها صلة بعلوم القرآن وأسراره ومعارفه- لخطب سيّد الأوصياء الافتخاريّة، ولخطبته خطبة البيان، ولحديثِ المعرفة بالنّورانية – ولـ آلاف مؤلّفة من الكلمات القصار لسيّد الأوصياء – ولأكثر الأدعية والزّيارات – ولأحاديث الأوراد والأذكار والصَّلوات المسنونة، والكثير الكثير من أحاديث السُنن – ولأحاديث أهل البيت في قصص الأنبياء وما يتعلّق ببداية الخلقة وأحداث يوم القيامة والجنّة والنّار والشّفاعة وسائر المطالب الأخرى- والأحاديث المرتبطة بأهم عقيدة مفصليّة وهي عقيدة الرّجعة – وأحاديث المعارف والأسرار الغَيبيّة – وأحاديث الكرامات والمعجزات لأئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم – وأحاديث المطاعن والَّلعن – وكُلّ ما يرتبط بسيّد الأوصياء (ابتداءً من الشهادة الثّالثة لسيّد الأوصياء في الأذان والإقامة، والتَّشهّد الوَسَطي والأخير) – والأحاديث الّتي تناولتْ المقامات الغَيبيّة للصّديقة الكبرى – والأحاديث الّتي تتحدّث عن أعداء الزّهراء – والأحاديث الّتي تناولت ظلامات الأئمة واستشهادهم – ودعاء الندبة، وزيارة الندبة، وأدعية إمام زماننا في شهر رجب، وزيارة الشُّهداء، والكثير من الأحاديث الّتي تناولت الملاحم والفتن وشؤونات الظّهور.. الجريمة الكُبرى الّتي ارتُكبتْ في السَّاحة الشّيعية هي حِين جيء بعلم الرّجال، وذُبح بهِ حديثُ أهل البيت عليهم السَّلام وقرآنهم مِن الوريد إلى الوريد، وشُوّهتْ الثّقافة الشيعيّة بهذا العلم، وشُوّهت العقيدة .. فما عادت هي العقيدة الّتي يُريدها أهل البيت عليهم السَّلام .. ما فائدة (علم الرّجال) إذا كانتْ هذه هي نتائجه المُدّمرة ..؟ وما فائدة علم الرّجال إذا كان العلماء لا يعملون بنتائجهِ ويُرقّعون ويقولون: أنّنا نقبل بعضاً مِن الأحاديث مِن طُرقٍ أخرى..؟!! إذا كانَ علم الرّجال بهذا السّوء، لماذا يُجعل أساساً للاجتهاد والاستنباط..؟ مسألة الأعلميّة تُطرح في الوسط الدّيني يُشيرون إلى أنّ الأعلم هو الأعلم بعلم الرّجال وعلم الأصول! سؤال يطرح نفسه: مِن أين جاءتنا هذه المُصيبة ..(علم الرجال)؟ وقفة عند أهمّ كتاب عند مُخالفي أهل البيت (صحيح البخاري)، وما قالهُ ابنُ حجر العسقلاني عن كتاب البخاري في مُقدمة كتابهِ (فتح الباري)، واستعراض سريع لمجموعة مِن أحاديث البخاري، لبيان السَّبب والمُشكلة الّتي على أساسها نشأ علم الرّجال لدى المُخالفين، وأنَّ علماءنا وقعوا في شُبهة وتصوّروا أنَّ نفس هذهِ المُشكلة الّتي عند المُخالفين هي عندنا أيضاً.. فأتوا بعلم الرّجال كما صنع المُخالفون، وأتوا بعِلم الحديث وأعطوه إسماً جديداً هو علم الدراية !!! مثلما تُميّزون المنطق الشّيطاني في أحاديث البخاري، تستطيعون أن تُميّزوا المنطق الشّيطاني مِن الرّحماني في أحاديث علمائنا… المخالفون نقلوا الأحاديث عن النّبي الأعظم فقط، ولِمُدّة عشر سنوات، إلى سنة إحدى عشرة للهجرة حين استشهد رسول الله، بينما نحنُ ننقل الأحاديث عن أربعة عشر معصوم على مدى 329 سنة عن الائمة عليهم السَّلام وهو تأريخ آخر كتاب وصل إلى السَمَري في شعبان 329 للهجرة، والأئمة عليهم السلام طوال هذهِ المُدّة يُشرفون على تصحيح الأحاديث، ويأمرون شيعتهم بتدوينها وكتابتها.. حديثُ رسول الله صلَّى الله عليه وآله: (إنَّ على كُلِّ حَقّ حقيقة، وعلى كُلّ صوابٍ نوراً) قانون معصومي يُبيّن أنّ الحقائق تحمل قيمتها في نفسها، وأنّ دور العالم هو الكشف فقط عن هذه القيمة، لا أنّه يُكسب الحقائق قيمتها.. سنُحاكم علم الرّجال بالقُرآن في حلقةِ يوم غد ..