الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٢٥ – لبّيك يا فاطمة ج٤٢ – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق٩ – ضعف البراءة ج٣ Show Press Release (25 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 125 – لبّيك يا فاطمة ج42 – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق9 – ضعف البراءة ج3 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (8٬300 More Words) يازهراء بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيك يَا وَجْه الله الَّذِيْ إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء… بقيَّةَ الله… مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَك؟!… الْحَلَقَةُ الخَامِسَةُ وَالعُشْرُون بَعد الْمِئَة لَبَّيكِ يَا فَاطِمَة الجُزْءُ الثَّاني والأربعون ملامحُ المنهج الأبتر في الواقع الشِّيعيّ ق 2 – ضَعْفُ البَرَاءَة ج3 سَلَامٌ عَليْكُم إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ … العُنوانُ هُو نَفسهُ العُنوانُ الَّذِيْ تَقَدَّم فِيْ الحَلَقَاتِ المَاضِيَة: لبَّيكِ يَا فَاطِمَة …!! والحديثُ في هذه الحلقةِ كالَّتي قبلها والَّتي ستأتي بعدها أيضاً في مَلامحِ المنَهج الأَبتر الَّذي يتحرَّكُ بقوَّةٍ وفاعليَّةٍ شَديدةٍ ونَشاطٍ واضح في الأجواءِ الشِّيعيَّةِ خُصوصاً في أوساطِ المؤسَّسةِ الدِّينيَّةِ الشِّيعيَّةِ الرَّسميَّة. وكانَ الحديثُ فيما تَقدَّم عَن مَلْمَحِ الصَّنميَّة البغيضة، ثُمَّ عطفتُ القَولَ على مَلْمَحٍ آخر وهو مَلْمَحٌ أَخطر مِن الْمَلْمَحِ الأوَّل، وربَّما الْمَلْمَح الأوَّل أيضاً هُو أخطر مِن المَلْمَحِ الثَّاني، أحدهما أخطرُ من الآخر، الْمَلْمَحُ الثَّاني هو: (ضَعفُ عَقيدة البراءة)، بل اِنعدامُ البراءةِ الفِكريةِ فِي كَثيرٍ من الجهات خُصوصاً في المؤسَّسةِ الدِّينيَّةِ الرَّسميَّة في الوسط المرجعي بنحوٍ أخصّ، وفي الوسط الحوزوي والمنهج الدَّرسي إلى غير ذلك، إلى سائر التشعُّبات والتفريعات في الوسطِ السِّياسي والاجتماعي والثَّقافي الشِّيعيّ والإعلامي أيضاً. وتحدَّثتُ عن أنَّ التشيُّع يطيرُ بجناحين هما: شيعةُ العراق وشيعةُ إيران، ووصل الحديثُ إلى التشيُّع في العراق وجناحاه النَّجفُ وكربلاء، إلى أنْ وصلنا إلى موضوعِ التكوين القُطبيّ اللعين. ووصلَ الحديثُ إلى مَرجعٍ كبيرٍ من مراجعنا الأجلَّاء السيِّد الشَّهيد محَمَّد باقر الصَّدر رحمةُ الله عليه وكيف أنَّهُ قد تأثَّر تأثُّراً كبيراً بل غَطَسَ إلى حدٍّ بعيد في الفِكر القُطبي، ولا زال الحديثُ في هذهِ الجهة حيث وصل الكلام بنا إلى أثرٍ واضحٍ من آثارِ السيِّد الشَّهيد محَمَّد باقر الصَّدر وهو: التنظيم الَّذي كانت لهُ حصَّةٌ كبيرةٌ في إيجادهِ وفي بقائهِ أيضاً..!! آخر شيء عرضتهُ على الشَّاشة بين أيديكم في الحلقةِ الماضية ولم أُعلِّق عليه هو مقطع من مُقابلة أجرتها قناة البغدادية مع السيِّد طالب الرِّفاعي. أُعيد عليكم بثَّ هذا المقطع مرَّة أخرى كي أواصل حديثي من حيثُ انتهى: [المُقدِّم: مولانا يعني أيضا أيضاً هنالك ومن سبقوكم أحزاب دينية على السَّاحة سُنِّية، الإخوان يعني كما أشرت أنت في حديثك وكما هو معروف وربَّما يلتقون معكم كثيراً في بعض الأفكار يعني بشأن ثورة عبد الكريم قاسم، بشأن الشيوعية، هل كُنتم على تنسيق تنظيمي مثلاً معهم؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: نعم، على وفاق، وعلى تنظيم وهم يعلمون ونُطلعهم على كُلِّ حركاتنا بالكامل. المُقدِّم: طيّب، هل هذا من جانب مبدئي إسلامي وحدوي أم على طريقة عدو عدوي صديقي؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: لا، أبداً، أبداً من طريقة بوحيٍ من التكليف الشَّرعي، وهم إخواننا ويعملون، ولو أنَّهم انتصروا لانضممنا إليهم احنا، وبالعكس لو انتصرنا نَحنُ لكان انضموا إلينا، لأنَّهُ قضيَّتنا مو قضية يعني ما عدنا فد ما عندنا هاي الحزازات المذهبية والطائفية في العمل الإسلامي. المُقدِّم: دائما مولانا يعني هُنالك جدلية الحُكم والسَّعي للحكم، السَّعي للسلطة، الموقف من الحكم، الموقف من الدولة، الموقف من العمل السياسي وضوابطهِ وآلياتهِ، وأيضاً الجانب الشَّرعي، يعني كما تُشير، هل هذا ينطبق فقط عن العِراق، يعني باختصار: هل حزب الدعوة أُسِّس كحزب عراقي أم هو حزب شيعي؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: أُسِّس حزب الدعوة لا على أساس أنَّهُ عراقي ولا شيعي على أساس أنَّهُ إسلامي ولكُلِّ المسلمين شيعةً وسُنَّة.. المُقدِّم: بس كيف السني يدخل بحزب يعني رؤسائه شيعة وبالعكس يعني؟! السيِّد طالب الرِّفاعي: هذا اللي نتكلم عنه احنا، احنا ما عدنا هاي الحساسية، نحن كحزب دعوة.. المُقدِّم: اكو احد منكم راح للإخوان المسلمين قال لهم أنتمي الكم..؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: أعرض لكم بمجرد أنْ تأسَّس الحزب.. المُقدِّم: حزب الدعوة؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: ايه، أعلمنا محَمَّد هادي السُّبيتي وكان من الأعضاء النَّشطين في الحزب يعني وكانت لهُ، مخضرم هو كان في حزب، أوَّل مرة كان في الإخوان المسلمين قيادي، ثُمَّ انتقل إلى حزب التحرير وصار قيادي قُطري، ثُمَّ انفصل عن حزب التحرير لأسباب ربَّما نذكرها في لقاء آخر، فطلبنا منه أنْ يجمع لنا أقطاب الحركات الإسلامية والأحزاب الإسلاميه في بغداد، وكان الاِجتماع في غُرفتي في مدرسة القوام، في سرداب غرفتي في نفق، فحضر من بغداد من حزب التحرير ومن الإخوان مجموعة أذكر منهم فاضل السويدي أذكر منهم أبو عليّ الدبُّولي.. المُقدِّم: يعني يعني أنا أستميحك العذر بس حتَّى نستغلّ الوقت، يعني هل تأسَّس في العراق حزب إسلامي؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: كان الإخوان حزب إسلامي.. المُقدِّم: لا لا حزب إسلامي يعني شيعي سُنِّي بيه سُنَّة وشيعة.. السيِّد طالب الرِّفاعي: حزب التحرير كان جملة كبيرة منه من الشِّيعة، مُحَمَّد هادي كان شيعي.. المُقدِّم: بس هو حزب سُنِّي.. السيِّد طالب الرِّفاعي: مُحَمَّد هادي شيعي وأبوه شيخ .. المُقدِّم: بس هو حزب سُني. السيِّد طالب الرِّفاعي: حزب التحرير سُني. المُقدِّم: أيه شفت، لا أنا أقصد أقصد مولانا يعني في تاريخ الحركات السِّياسيَّة احنا بعدين راح نرجع للإسلام السِّياسي عموماً، بس في ما شهدهُ الإسلام السِّياسي، هل تأسَّس حزب إسلامي وحدوي ضمَّ الجميع؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: لا لا لا ما تأسَّس، بس حزب التحرير لَمَّا تأسَّس انضم إليه شيعة. المُقدِّم: طيب اذاً احنا نعود إلى جدليتنا.. السيِّد طالب الرِّفاعي: والحزب الإسلامي يا مولانا، يعني حزب الإخوان المسلمين أيضا انضم لهُ شيعة كثيرون، جابر العطا كان من الإخوان المسلمين، مُحَمَّد هادي السُّبيتي كان من الإخوان المسلمين، مجموعة، وبعدين لَمَّا اجى حزب التحرير انتقلوا إلى حزب التحرير وبقى مجموعة شيخ عارف البصري رحمةُ الله عليه شيعي وياه رفقاء كثيرون في البصرة انتموا إلى حزب التحرير، شسمه هذا بالنَّاصرية أيضاً غني شُكر من الشِّيعة ومن الشَّباب المتدين أيضاً انضم إلى حزب التحرير..]. أعتقد أنَّ السيِّد طَالب الرِّفاعي في هذه العُجالةِ من الحديث أعطاكم صورةً واضحة عن كيفيَّةِ انغماس الشَّباب الشِّيعيّ والرُّموز الشِّيعيَّة في هذهِ التنظيمات المُعادية للتشيُّع!! في هذهِ التنظيمات الَّتي تُناصب العداء لآل مُحَمَّد، ومرّ علينا في الحلقةِ الماضية أمثلة واضحة اقتطعتُها لكُم من الكِتاب المركزي لهؤلاء وهو: (في ظِلال القُرآن)، لهؤلاء أعني لهذهِ التنظيمات المُعادية لآلِ مُحَمَّد! وللتنظيمات الشِّيعيَّة الَّتي تبنَّت الفِكر القطبي بشكلٍ رسمي وبشكلٍ قطعي وبشكلٍ جدِّي وبقناعةٍ تامَّة! والسَّبب هو الرموز الكبيرة الَّتي كَانت وراءَ ذلك، إذا كانت مرجعيَّة مِثل مَرجعيَّة السيِّد الحكيم هو بنفسهِ يُبرِق للدِّفاعِ عن سيِّد قطب، وأولادهُ هم بأنفسِهم هم الَّذين يُشرفون على تنظيمٍ سياسيٍّ قطبيٍّ مئة في المئة، وهو تنظيم الدَّعوة، وإذا كانت شخصيات ومرجعيَّات مثل آلِشَيخ مرتضى آل ياسين يُبرق باسم جماعة العُلماء في النَّجف إلى عبد النَّاصر والَّذي يكتب البرقية ويُصدِر البيانات هو السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، وإذا كَانت الأجواء في النَّجف تَسمحُ هكذا بإقامةِ مجلس الفاتحةِ على روح الشَّهيد الجَليل الكَريم سيِّد قطب!! وإذا كانت الرُّموز الشِّيعيَّة أمثال السيِّد طالب الرِّفاعي، والسيِّد مرتضى العسكري وأمثال هؤلاء لا يستطيعون أنْ يناموا وأنْ تغمُضَ جفونهم في الليلة الَّتي سمعوا فيها صُدُور حُكمِ الإعدام على سيِّد قُطب، وإذا كَان مرجعٌ ومُفكِّرٌ ونابغة مثل السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر يُغمى عليه أو يكاد أنْ يُغمى عليهِ كما يُحبّ البعض أنْ يُعبِّر بذلك، إذا كانت الأوضاع بهذه الصورة وكَان السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر يُدافع بشكلٍ حقيقي، فحين يسألهُ الشيخ عليّ الكوراني عمَّا جاء في كِتاب سيِّد قطب (معالم الطريق، أو معالم في الطريق)، في كتابه معالم الطريق فيُجيب السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر بعُذرٍ عن سيِّد قطب بأنَّ حالتهِ في التكليفِ بولايةِ أهل البيت كحال فتاةٍ شابَّةٍ في منطقةٍ نائيةٍ في كندا لا تعرف شيئاً عن الحجاب، وهو كلامٌ تَافه إلى أبعدِ الحدود، ولكن حين يُبرِق إلى عبد النَّاصر فإنّه يتحدَّث عن عالمٍ كَتَب تَفسيراً عُنوانه في (ظِلال القرآن) سيكون خصيماً لعبد النَّاصر في يوم القيامة! هذا هو الواقع وهذا هو التنظيم الَّذي يتحدَّثُ عنهُ السيِّد طالب الرِّفاعي من أنَّهُ تنظيمٌ ليس شيعيَّاً!! والسيِّد طالب الرِّفاعي هو أحد مُؤسَّسي هذا التنظيم، ولا يستطيعُ أحد أنْ يُكذِّب هذه الحقائق، هذا الكلام السيِّد طالب الرِّفاعي ذَكَرهُ بالصَّوتِ والصورة في عديدٍ من المقابلات، على القنوات الفضائية، وهناك ندوات عديدة وموجودة أيضاً على شبكةِ الإنترنت، غير المقابلات الَّتي عُرِضت على شاشات التلفزيون، وهُناك مُذكَّرات موجودة أملاها السيِّد طالب الرِّفاعي على رشيد الخيّون، وطُبِعت عِدَّة مرَّات، وهو حيٌّ يُرزق على قيد الحياة والعديد من الأشخاص الَّذين عاصروا تلك الفترة موجودون، وعائلة السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر موجودة، ولا يوجد هناك أيّ اعتراض، وأيّ تكذيب، وأيّ رد، لأنَّ هذه حقائق فضلاً عن أنَّنا نعرفها وبكُلِّ تفاصيلها، فما يتحدَّثُ به السيِّد طالب الرِّفاعي على شاشات التلفزيون فهو يتحدَّثُ بشكلٍ إجمالي، أمّا التفاصيل والكواليس وما وراء الكواليس فنحنُ نعرفها، ولو كَان الحديثُ عن حِزب الدَّعوةِ بالذَّات أو عن تفاصيل التكوين القُطبيّ اللَّعين لو كان الحديث عن هذهِ القضيَّة لفصَّلتُ لكم القول كثيراً وبالوثائقِ والحقائقِ والدَّقائق، لكنَّني هُنا أمرُّ مُروراً على هذا الموضوع لأنَّهُ يأخذُ زاويةً من حديثي، يأخذُ جزءاً من ناحيةٍ من مطلبٍ أتناولهُ في مجموعةِ حلقاتٍ عنوانها: لبَّيكِ يا فَاطِمَة..!! أذهبُ بكم إلى فاصل وأعود كي أُكمِل حديثي معكم. الكتابُ الَّذي بين يديّ: (أمالي السيِّد طالب الرِّفاعي) المذكّرات الَّتي أملاها على الدكتور رشيد الخيُّون، وطُبعت تحت هذا العنوان: (أمالي السيِّد طالب الرِّفاعي)، آخذُ من كِتابهِ هاتين اللقطتين فيما يتعلَّقُ بالمشروع السِّياسي للسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، فقد مرَّ الكلامُ في مشروعهِ الاِقتصادي الفكري والعملي، وبيّنتُ لكم ما يرتبطُ بهذا الموضوع، وربَّما أعود إليهِ بشكلٍ مُجمل لكي يترابط الحديث، لكن الآن الحديث في جوِّ المشروع السِّياسي، وقبل قليلٍ سمعتم أحد المؤسَّسين لأهمّ تنظيمٍ سياسيٍ شيعيّ، السيِّد طالب الرِّفاعي، وهو يتحدَّث عن حزب الدعوةِ بأنَّهُ ليس حزباً شيعيَّاً حين أُسِّس، يعني هذه هي نِيَّةُ التأسيس، ليس حِزباً شيعيَّاً، وهذا ما هو بغريب من أشخاصٍ أُشبِعوا بالفكرِ القطبي، الخَلايا الأولى الَّتي تَشكَّل منها هذا الحزب، الكثيرُ من أعضائها والعديد من رُموزهم إمَّا كانوا في حزبِ الإخوان المسلمين: الحزب الإسلامي العراقي، أو في حزب التحرير، ولا ندري أيُّ الحزبين أكثر نصباً وعداءاً لآلِ مُحَمَّد!! أعود إلى (أمالي السيِّد طالب الرِّفاعي)، في صفحة 160، قبل هذهِ الصَّفحة كان يتحدَّث عن البيعة، عن أيَّة بيعة؟ عن أوَّل بيعةٍ اِنبثق منها حزبُ الدَّعوة، من المُبَايِع ومن المُبَايَع؟ المُبَايَع: هو السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر. أوَّل من بَايَعهُ: بايعهُ السيِّد مهديّ الحكيم، وأيضاً كان حاضراً في المجلس السيِّد مُحَمَّد باقر الحكيم، كان شابَّاً صغيراً آنذاك، هو أيضاً بايع السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر. تلاحظون أنَّ الحزب نشأ في أحضان المرجعيَّة، في أحضان مرجعيَّة الحكيم، والسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر هو نفسهُ أيضاً كان في حاشية السيِّد الحكيم، وحين أراد السيِّد مُحسن الحكيم أنْ يُخرِج ولديه السيِّد مهديّ والسيِّد باقر من حزب الدعوة أَمَرَ أيضاً السيِّد باقر الصَّدر أنْ يخرج من الحزب، لأنَّهُ كان في جملةِ حاشيتهِ. السيِّد طالب هنا يُحدِّثُنا عن بيعةٍ، والَّذي قام بالْمُبايعة هو السيِّد مهديّ الحكيم، يقول هكذا:- في تلك الليلة ذهب مهديّ الحكيم وبَايَع الصَّدر كقائد مسيرة، وحينها لم يكن الأمر يُوصَف بولاية الفقيه فهي لم تَظهر آنذاك – أساساً لأنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر لم يتبنّ الأمر إِلَّا على أساس الشورى، طبقاً للفكرة الإخوانية القُطبية، تبنّى التنظيم على أساسِ الشورى، الفكرةِ السنّيةِ المُخالفةِ لأهلِ البيت، الفكرةِ القُطبيةِ الإخوانيةِ الَّتي تأسَّس التنظيمُ الإخوانيُّ على أساسِها – في تِلك الليلة – هذا الكلام في صفحة 158:- في تِلك الليلة ذهبَ مهديّ الحكيم وبَايَع الصَّدر كقائد مسيرة وحينها لم يكن الأمر يُوصَف بولاية الفقيه فهي لم تَظهر آنذاك أو لم يجرِ التداولُ فيها، كان ذلك في منتصف تموز 1959 – إلى أنْ يقول:- وحين بايع مهديُّ الحكيم باقرَ الصَّدر كان باقرُ الحكيم موجوداً فبايعهُ أيضاً لوجوده هناك، فَهُما أوَّلُ اثنين انتميا إلى حزب الدَّعوة أي في مبايعة مُحَمَّد باقر الصَّدر كقائدٍ لهذا الحزب الَّذي لم يُسمَّ بعد بحزب الدَّعوة – الَّذي سمَّاه بحزب الدَّعوة هو السيِّد محمَّد باقر الصَّدر وهذه قضية معروفة، الأدبيات الأولى، البيانات الأولى كتبها السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر بقلمهِ وبخطِّ يده. أعود إلى صفحة 160:- بعد البيعة الَّتي ذكرناها وكان أوَّلُ المُبايعين محَمَّد مهديّ الحكيم وشقيقهُ مُحَمَّد باقر الحكيم بفترةٍ قَصيرة خرج ولدا المرجع – يعني بعد البيعة بفترةٍ قصيرة خرج – بعد البيعة الَّتي ذكرناها وكان أوَّل المُبايعين محَمَّد مهديّ الحكيم، وشقيقه مُحَمَّد باقر الحكيم – بعد هذا – بفترةٍ قصيرة خرج ولدا المرجع مُحسن الحكيم مِن الحزب وكذلك خرج منهُ الصَّدر نفسهُ، فَبحسب ما حدَّثني الأخير – يعني مُحَمَّد باقر الصَّدر – أنَّهُ بنى فكرتهُ في تأسيس الدولة الإسلامية أو أيديولوجية تلك الدولة على آية الشورى ونصُّها: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ ثُمَّ حصل له تبدُّلٌ في هذا الموضوع أي أنَّ هذه الآية ليست حُجَّةً في إقامة الدولة، قال لي: ذهبتُ إلى سامراء لزيارة الإمامين فَصار عندي شكّ، أي اهتزت فكرة مشروعية قيام دولة إسلامية في عصر الغيبة، ذهبتُ إلى سامراء ومكثتُ في حرم العسكريين أتوسل الله أنْ يجعل لي سبيلاً في أنْ أبقى على رأس التنظيم، فَلم يَفتح اللهُ عَلَيَّ، فَأعلن عن رأيه – السيِّد باقر الصَّدر – وأرسل إلى مهديّ الحكيم قائلاً: لا تعتبروني أنا المسؤول عن التنظيم ورجاه أن يدبِّروا حالَهم في قيادة الحزب – السيِّد الصَّدر تبنَّى التنظيم وعَرَض نفسهُ للبيعة وبايعوه وهو لم يكن قد أحكم أمرَهُ من الجهة الفقهية والعقائدية. أمرٌ بهذهِ الخُطورة دَخَل فيهِ على أساسِ فهمٍ مُعيَّن لآية الشورى، لنظرية الشورى الَّتي يتبنَّاها الإخوانيون والقطبيون، وبعد ذلك تردَّد في هذا الأمر، فحين تردَّد في هذا الأمر قصد سامراء بحسب الرِّواية هنا أي أنَّهُ ذهب لزيارة الإمامين، مُتوسِّلاً وطالباً من الله أنْ يُبقيه على رأس التنظيم، لكن أنْ يُرشدَهُ إلى دليلٍ، إلى فهمٍ، إلى قاعدةٍ، إلى أصلٍ يتبنَّاه حتَّى يبقى على رأس التنظيم من الوجهةِ الشرعيةِ والفكريةِ والعقائدية، هو يقول – فلم يفتحُ اللهُ عَلَيَّ – لا أدري هل القصَّةُ هي هكذا؟! الشيء المعروف في الوسط الشِّيعيّ أنَّ بعض العُلماء إذا ما وقعوا في مشكلةٍ من هذا النوع فإنّهم يذهبون إلى سامراء يقصدون الإمام الحُجَّة، فهل كَان السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر يقصد الإمامَ الحُجَّة، أو فعلاً كان يقصد الإمامين العسكريين بحسب هذه الحكاية الَّتي يذكرها لنا هنا السيِّد طالب الرِّفاعي وهو ينقلها عن نفس السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر؟! ربَّما ذهب إلى الإمامين العسكريين ولم يخطر في بالهِ أنْ يطلب الأمر من إمام زمانهِ، وغريبٌ هذا وهو فقيه، أليس الفقيهُ نائباً عن الإمام الحُجَّة؟ فلماذا لم يطلب من إمام زمانهِ ذلك؟ وربَّما فعلاً هو كان ذاهباً يطلبُ ذلك من إمام زمانهِ، ولكن بحسب الحكاية فإنَّ السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر كان يطلبُ الحلَّ عند الإمامين العسكريين. إذا كان هكذا فإنَّ الرَّجُل لا يعرفُ الطريق، المفروض أنْ يطلبَ هذا الأمر من إمام زمانهِ، الشِّيعةُ عُموماً فما بالك بالفقيه الَّذي يدَّعي بأنَّهُ ينوب عن إمام زمانهِ، وهو هنا فقيه، فقيهُ الحزب، ومع ذلك لم يَفلَح – فَلم يفتح اللهُ عَلَيَّ – ألا تُلاحظون أنَّ الفَشَل يرافق الرَّجُلَ في جهاتٍ مختلفة!! مرَّ الكلامُ عن مشروعهِ الفكري الاقتصادي والعملي في نفس الوقت وكان الحديث عن كتاب اقتصادنا وكان الحديث عن كتاب البنك اللّاربوي في الإسلام الَّذي كُتِب برنامجاً لبنك يستثمرهُ الإخوان المسلمون في الكويت وينتفعونَ من معاملاتهِ واستثماراتهِ وأموالهِ ونشاطاتهِ، هل هناك من فشلٍ أكبر من هذا؟! ما هو بغريبٍ هذا، ما هو بغريبٍ على رجلٍ تشبَّع بالفكرِ القطبيّ وابتدأ حياتَهُ بكتابٍ وهَذا الكِتاب وَصَل فيه إلى نتيجةٍ أنْ حكمَ على ما قَامت بهِ فاطمةُ الزَّهراء بالفَشَل!! الصَّراحةُ مُؤذية، هذه هي الحقيقة، قولوا لي غيرَ ذلك، السيِّدُ الصَّدر تشبَّع بالفكرِ القُطبيّ، وأوَّلُ نشاطهِ الفكري هو كتاب: (فدكٌ في التأريخ)، الخلاصة الَّتي وصل إليها في هذا الكتاب أنَّ فاطمة قد فشلت، وسببُ فشلها وخسارتها هو ذكاءُ الخليفة أبي بكر، وهذا قد صرَّح به بشكلٍ واضح، وتحدَّث عن فشلها في أكثر من موقع في الكتاب وليس في موضعٍ واحد، وحين كتب كتابهُ: (اقتصادنا)، اعتمد على الفكر النَّاصبي اعتماداً كبيراً وتعامل مع النصوص النَّاصبية كما تعامل مع نُصوصِ أهل البيت، ومازجَ بين الاثنين واستنتج فكرةً، مشروعاً، نظريَّةً، منهجيَّةً عَنوَنها ب (الاقتصاد الإسلامي)، وتَبِع ذلك أنْ جاء سؤالٌ من الكويت إلى النَّجف، يبحثُ عن حَلٍّ لبنكٍ لاربويٍّ كي ينتفع الإخوان المسلمون من هذا البنك، وقطعاً [أقول للسخرية] ستكون نشاطاتُهم في خدمة أهل البيت وفي خدمة التشيُّع وإحياء الشعائر الحسينية والتمهيد للإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه..!! قطعاً ستكون النشاطات هكذا!! فماذا تقولون وهو يُخطِّطُ ويكتبُ ويُتابعُ وينتجُ برنامجاً عملياً وتطبيقيَّاً لبنكٍ لاربويٍّ يُقدِّمه للإخوان المسلمين..؟! هل كانت مصادرُه في هذا البحث مِن آلِ مُحَمَّد، ولو كانت كذلك فهل أنَّ الإخوان يقبلون بذلك؟ أبداً، لأنَّ الإخوان في الكويت يعرفون ماذا يجري في النَّجف، ويعرفون مَن هو الَّذي سيجيب على هذا السؤال، والتفاصيل واضحة عندهم، فهم يعرفون بأنَّ النَّجف ستنتج لهم ما يُريدون، إنَّهُ نِتاجٌ شافعيٌّ قطبيٌّ من الطِّراز الأوَّل، فهل هناك من فَشلٍ أكبر من هذا الفشل؟! ويستمرُ الأمر إلى التنظيم السِّياسي الَّذي يُنشَأُ وفقاً للذوق الإخواني، وفقاً للذَّوق المخالفِ لأهل بيت العصمة، وحتَّى حين يلتفت السيِّد الصَّدر إلى خطأهِ واشتباههِ فيما تبنَّاه من نظريَّة الشُورى في تأسيس الدولة الإسلامية في زمان الغَيبة فإنّه بحسب هذه الحكاية قد سَلَك الطريقَ الخاطئ! ذهب إلى زيارة الإمامين العسكريين ولم يلتفت إلى إمامِ زمانِه!! وإنْ كُنتُ أظن أنّه ربَّما قصد إمام زمانهِ باعتبار أنَّ المعروف في الوسط الشِّيعيّ هو هذا، ولكن بحسب الحكاية فنحنُ والنَّصّ، لا أستطيع هنا أنْ أفتري شيئاً من عندي، لكنَّني أقولهُ على سبيل الظَّن والاحتمال، إذاً نحنُ والنَّصّ فهو قد ذهب إلى زيارة الإمامين العسكريين وقد أخطأ الطريق!! ألا تلاحظون أنَّ الفشل يقود إلى فشل؟! ربَّما البعض مِمَّن يعدُّون أنفسهم من أتباع السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر يعتبرون كلامي هَذا ظُلماً وتجريحاً، أنا لا أظلِمُ أحداً هُنا ولا أُجرِّحُ بِأحد، هذهِ حقائق موجودة، هذهِ وقائع تأريخية ينقلها أقربُ النَّاس إلى السيِّد الصَّدر، وهذهِ كُتُب ومصادر هي كُتُب السيِّد محُمَّد باقر الصَّدر، لا جئتُ بشيء من عندي ولا حرَّفتُ الحقائق، الأمور موجودة في كتب، وموجودة على فيديوات بالصوت والصورة، وموجودة في مؤلّفات السيِّد محمَّد باقر الصَّدر. يستمرّ السيِّد طالب الرِّفاعي، في صفحة 160:- جاءني صباحاً السيِّد عبد الكريم القزويني وكان السيِّد باقر الصَّدر عندما سافر إلى مدينة الكاظمية ببغداد قَد سلَّمني دارَهُ بالنَّجف وكُنتُ أُقيم فيها طِوال فترة غيابه ولاحظتُ وجه القزويني مُتغيراً – يقصد السيِّد عبد الكريم القزويني، وهو من تلامذة السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر – فقال لي: ألم تدرِ أنَّ السيِّد طلع، ويقصد أنَّهُ ترك الحزب، فقلت لهُ: وإذا طلع!! ماذا يصير في الدنيا؟ واستشهدتُ حينها بمقولة أبي بكرٍ الصدِّيق: (ألا من كان يعبدُ مُحَمَّداً – هذا الَّذي استشهد هو السيِّد طالب الرِّفاعي، تلاحظون الأجواء ما هي؟! هنا السيِّد طالب الرِّفاعي لم يكن على شاشة تلفزيون حتَّى نقول ربَّما هو يُجامل في كلامهِ، القصيّة قضيَّة مهمَّة جدَّاً ؛ فقيهُ الحزب مُحَمَّد باقر الصَّدر خرج من الحزب والحديث في النَّجف، وفي البيت، فيما بين السيِّد عبد الكريم القزويني والسيِّد طالب الرِّفاعي – واستشهدتُ حينها بمقولة أبي بكر الصدِّيق: (ألا من كان يعبدُ مُحَمَّداً فإنَّ مُحَمَّداً قد مات ومن كان يعبدُ الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت)، وأضفت – هو أضاف من عندهِ – إذا كنتُم تعبدون باقر الصَّدر فللفكرِ ربٌّ لا يموت، يومها كَان القزويني مُنتظماً في الحزب وهو الآن يُقيم بمدينة قُم الإيرانية – ويستمر في الحديث وفي الكلام. هناك لقطة أخرى أتناولها ولكن قبل أنْ أقرأ ما جاء في هذا الكتاب أعرضُ بين أيديكم مقطعاً أيضاً للسيِّد طالب الرِّفاعي، وكما قُلتُ في الحلقة الماضية بأنّه بطلُ المقابلاتِ في هذا البرنامج!! مُقابلة أجرتها قناة العراقية، أعرضُ بين أيديكم مقطعاً من هذه المقابلة والحديثُ من قِبل السيِّد طالب الرِّفاعي فيما يرتبطُ بالسيِّد الشَّهيد مُحَمَّد باقر الصَّدر رضوان الله تعالى عليه، نحنُ والفيديو: [المُقدِّم: حياكم الله نرحب بكم كثيراً في الجزء الثَّاني من حوارنا مع سماحة آية الله الدكتور السيِّد طالب الرِّفاعي، أُرحِّب بكم كثيراً مرَّةً أخرى سماحة السيِّد. السيِّد طالب الرِّفاعي: أهلاً ومرحباً بك يا ولدي العزيز. المُقدِّم: حياكم الله، سماحة السيِّد في كتاب الأمالي تذكر في أكثر من مكان جُملة أو وصف ونحنُ نتحدَّث كُنَّا عن السيِّد باقر الصَّدر، تقول مثلاً في صفحة 205، وصفحة 271: بأنَّهُ كان قليل الحيلة في السياسة، وتقول: أنَّ الصَّدر لم يكن كائناً سياسياً، وتقول: ما دفعهُ إلى الشَّهادة هو قلَّة تجربتهُ في السياسة وسؤالي هنا سماحة السيِّد: من جملة الصفات الكبيرة الَّتي تُذكر عن السيِّد باقر الصَّدر أنَّهُ ما دخل معتركاً أو علماً إلَّا وتميَّز بهِ وكان على رأسهِ، أليس من القسوة أنْ نقول أنَّهُ كان لم يكن قليل الدراية أو قليل التجربة في السياسة ولم يكن محنَّكاً سياسياً؟! السيِّد طالب الرِّفاعي: يعني أنا أكثرُ النَّاس اطلاعاً ومعرفةً بإمكانات السيِّد محمَّد باقر الصَّدر وكنتُ أضعهُ في الصفِّ الأوَّل من العُلماء المعاصرين من ناحية الفكر والعلم، ولكن السياسة في عصرنا تختلف عن السياسة في العشرينات، السياسة علم وخبرة، وأهمّ المهمّات في السياسة في تصوُّري المقولة الَّتي تكاد أن تكون من أوليات سياسة الوضع الحالي.. المُقدِّم: فنُّ المُمكن!! السيِّد طالب الرِّفاعي: فنُّ المُمكن، أنت تقرأ أفكاري؟!! تقرا أفكاري. المُقدِّم: لا سياق الكلام يُريد أن يصل إلى هذهِ النقطة. السيِّد طالب الرِّفاعي: فنُّ المُمكن، فإذا أقول إنَّ السيِّد الصَّدر رضوانُ اللهِ عليه قليل الدراية في السياسة عدمُ استيعابهِ لفن المُمكن. المُقدِّم: يخطر في ذهني قول الإمام علي عندما يقول: (لولا كراهةُ الحيلة لكنتُ أدهى النَّاس)؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: الإمام عليّ يقول ايه، شسمة: (وَالله مَا مُعاويةُ بِأدهَى مِّنِّي وَلَكِنَّه يَغْدُرُ وَيَفْجُر وَلَولَا مَخَافَةُ ذَلِك لَكُنْتُ منْ أَدْهَى النَّاس)، في مُقابل معاوية وسياسته سياسة الخُداع والمكر، فنّ المُمكن ليس خداعاً ومكراً! المُقدِّم: إلى درجة كبيرة هو خداعٌ ومكر!! السيِّد طالب الرِّفاعي: هاه؟! المُقدِّم: إلى درجة كبيرة هو خداعٌ ومكر!! السيِّد طالب الرِّفاعي: في الحفاظ على النَّفس خداع ومكر؟ فنّ الممكن أنا أحمي نفسي!! المُقدِّم: إذا في هذه النقطة نعم. السيِّد طالب الرِّفاعي: هو هذا، هي مسألة كل واحد مثل ما قريت فكري يقرأ فكري شريد أقول، أنا ما أقول سيِّد باقر صفر في السياسية وإنَّما أقول في هذه النقطة هو ضعيف. المُقدِّم: في أنَّهُ أصرَّ على الشَّهادة؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: كانت فلسفة الموت مُتغلغلة في فكرهِ ووجدانه، وأنا الَّذي أراه أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر كان الأُمَّة الإسلامية والعراق بالذَّات كَان في حاجة إلى استمرارية بقائه، لو كَانَ بإمكانهِ أنْ يتلافى ما وقع فيه!! المُقدِّم: سيقول قائل إنَّ الأُمَّة الإسلامية كانت بحاجة إلى بقاء الإمام الحُسين سنة 61 للهجرة؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: الإمام الحُسَين يا سيِّدي يختلف عن سيِّد باقر وغير سيِّد باقر، الإمام الحكيم، الإمام الحسين ينظر بنور الله، الواقع مُنكشف أمامه، نحن مجتهدون والمجتهد ما بين الخطأ والصواب تخطئ وتصيب الاجتهاد، الحسين ما كان مجتهداً كان يرى الواقع كما هو، وكان مُحاصراً بالشَّهادة لابُدَّ أن يقوم بهذا الشَّيء مُحاصر، السيِّد باقر ما كان محاصر!! إلّا أنْ يُستشهد، قد ركز بين اثنتين إمَّا السِلَّة والذلَّة وهيهات منَّا الذِلَّة، الحُسين كان في هذا الموقف. المُقدِّم: مما يذكره السيِّد كاظم الحائري في الأصول في مقدمة الأصول يقول: إنَّ السيِّد باقر الصَّدر قال لي هذا الكلام أنَّ زماننا هذا يشبهُ زمان الإمام الحُسَين فعلينا أنْ نقوم بذات العمل الَّذي قام به الإمام الحسين، بالتالي كان.. السيِّد طالب الرِّفاعي: الاجتهاد، أنا أقول أنَّ السيِّد محمَّد باقر في هذا الجانب اجتهد فأخطأ!! المُقدِّم: جميل، سماحة السيِّد في قصة مشهورة.. تفضل.. السيِّد طالب الرِّفاعي: الأُمَّة في حاجة اله، العراق كان في حاجة اله، عائلته في حاجة اله، هذا ما حدَّثني بهِ ولده سيِّد جعفر حينما التقيت بإحدى أرملات، الأرملات من بناتهِ وكانت تبكي وحتَّى أنا اضطررت للبكاء معها، وبعد أنْ خرجت قال لي: صاحبك ما فكَّر في هذه وأمثالها من بناتهِ؟! المُقدِّم: هذه عاطفة أبناء!! السيِّد طالب الرِّفاعي: لا تخلونا ما نكشف القضايا، أنا على رأيي هذا ومصرّ على رأيي وأنَّ السيِّد باقر كان خسارة كبيرة، ولو كان بالإمكان أنْ أفتديه بنفسي أنا سيِّد باقر وهو يعلم ذلك منِّي، أنَّ السيِّد باقر كان أعزُّ عَلَيَّ من نفسي، مش أنا رجل يعني أريد أنْ أنال من سيِّد باقر أو أنتقص سيِّد باقر، لا ]. السيِّد طالب الرِّفاعي يقول لا تخلّونا نكشف، فهناك تفاصيل للقضيّة، على أيِّ حال، صفحة 205، من نفس الكتاب: (أمالي السيِّد طالب الرِّفاعي)، تحت عنوان محنتهُ مع السياسية، الضمير هنا يعود على السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، يعني محنة السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر مع السياسة، محنتهُ مع السياسة، ماذا يقول السيِّد طالب الرِّفاعي في الكتاب؟ صفحة 205، 206:- أقولها من خبرةٍ والتصاقٍ بالسيِّد باقر الصَّدر إنَّهُ لم يكُن كَائناً سياسياً فما دفعهُ إلى الشَّهادة هو قِلَّةُ تجربتهِ وخبرته في السياسة – هذه الجملة تحتاج إلى أنْ تُكتب بخطٍ واضح – فما دفعهُ إلى الشَّهادة هو قِلَّةُ تجربتهِ وخبرتهِ في السِّياسة، فلو كان سياسياً مُحترفاً لخرج من العراق إلى بلادٍ أخرى، فالسِّياسيُّ العملاق – هذا الكلام بالنَّص للسيِّد طالب الرِّفاعي – فالسياسيُّ العملاق هو آيةُ الله روحُ الله الخُميني وقد خَدَمتهُ الظروف وكان هو على استعدادٍ لاستغلالها والاستفادة منها، أمَّا مُحَمَّد باقر الصَّدر فكان يُكرِّرُ القول أُريدُ أن أموت!! فما هي فائدةُ موته؟! أو يقول: قرَّرتُ الشَّهادة، وهذه سلبيَّةٌ بحدِّ ذاتها في العمل السياسي، فلابُدَّ من أنْ يكون لدى السياسي هدفٌ يُحقِّقه واستفادة من الظرف، فلو كان خرج إلى خارج العراق لربَّما سقط النِّظام، والسَّبب أنَّهُ بمقتلهِ لم تبقَ قيادةٌ في العمل الإسلامي، ولو خرج لالتفَّت الجموعُ حوله، وكان يتصوَّر أنَّهُ لو ترك النَّجف أنَّها ستخرب أو هو لم يقدر على العيش خارجها، كتبتُ لهُ وأنا بمصر مُوضِّحاً إنَّ النَّجف لها ربٌّ يحميها وأنت لست أفضل من عبد المطلب ابن هاشم جدّ الرّسول عندما اضطَّرتهُ الظروف لأنْ يترك البيت الحرام فقال: (الكعبةُ لها ربٌّ يحميها)، فالمرجعيَّةُ خرجت من النَّجف إلى مناطق عديدة بسبب الظروف آنذاك، إلى سامراء والحلة، ثُمَّ عادت إليها فليس هناك ما يُخافُ عليه، كان لدى باقر الصَّدر مُقلِّدون ووكلاء وتُجمَع لهُ الحقوق الشَّرعية الخُمس لكنَّهُ كان مُتقشِّفاً، أمَّا الآن حتَّى ولدهُ يفكر تفكيراً آخر وهو لماذا عَزَم والدهُ على الموت بهذه السهولة؟! ولماذا الإصرار وكأنَّ موته سيبني الدولة الإسلامية وها نحنُ ننظُر من استفاد من موتهِ ورفعهُ شِعاراً من أجلِ سُلطته – الَّذين انتفعوا من موتهِ ما سُمِّيت بالمعارضة الشِّيعيَّة العراقية!! والَّذي عاشوا عصر تلك المعارضة في الخارج يعرفون كيف كانت الأمور تجري، وبعد ذلك حين رجعت إلى العراق أيضاً الآن تعرفون الأمور كيف تجري. بعبارة مُختصرة: المعارضة الشِّيعيَّة العراقية كانت فاشلة بامتياز! وحين رجعت فحكمت في العراق كانت فاشلة بامتيازين!! هذا هو نِتاج التنظيم والعمل الَّذي قدَّم له السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر دماءَه..!! وها نحنُ ننظر – كما يقول السيِّد طالب الرِّفاعي – من استفاد من موتهِ ورفعهُ شعاراً من أجل سُلطته، كنتُ أتغدّى قبل نحو العام عند السيِّد جعفر – قبل نحو العام ؛ يعني قبل تاريخ إملاء هذه المذكرات – كنتُ أتغدّى قبل نحو العام عند السيِّد جعفر مُحَمَّد باقر الصَّدر ببيروت وحضَرت أُخت جعفر العلوية نُبوغ – نبوغ بنت السيِّد محمَّد باقر الصَّدر – قال لها جعفر: عَمُّك السيِّد طالب هُنا – السيِّد طالب تربطه علاقة أسرية قويَّة جدَّاً مع أسرة السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، مُنذُ أيَّام شبابهِ – قال لها جعفر: عمك السيِّد طالب هنا، فقال لي: الجماعة يريدون رؤيتك، فرأيتها تبكي وأنا بكيتُ معها، حتَّى طال بكاؤنا على ما حلَّ بالعائلة بعد مقتلهِ، حينها التفت جعفر نحوي قائلاً – جعفر ابن مُحَمَّد باقر الصَّدر – صاحبك – يُشير إلى والده السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر – صاحبك ما فكَّر بهذهِ وبأخواتها، كذلك قُتِلت عمَّتُهم العلوية آمنة ومضت شهيدةً ولم تتزوَّج – إلى آخر تفاصيل يُشير إليها في صفحة 206، 207، في الأجواء الأُسرية والعائلية لأسرة وعائلة وأقرباء السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر رحمة الله عليه. الكتاب الَّذي بين يديّ: (الشَّهيدُ الصَّدر سنوات المحنةِ وأيَّام الحِصَار)، عرضٌ لسيرتهِ الذَّاتية ومسيرتهِ السياسيةِ والجهادية، للشَّيخ مُحَمَّد رضا النُّعماني، وأعتقد أنَّ الَّذين يعرفون ما يرتبطُ بالسيِّد الشَّهيد الصَّدر محَمَّد باقر رحمةُ اللهِ عليه يعرفون موقعيَّة الشَّيخ محَمَّد رضا النُّعماني فقد كان مُرافقاً لهُ أيَّام الحِصار، في صفحة 305، من هذه الطبعة، وهذه الطبعة، المطبعة إسماعيليان، قم المقدَّسة، الطبعة الثَّانية، 1997 ميلادي، في صفحة 305، أقرأُ لكم هذا المقطع من البيان الثَّالث وهو البيانُ الأخير الَّذي وَجههُ إلى الشَّعبِ العراقي في حصارهِ وبعد ذلك أُعدم السيِّد هو وشقيقتهُ السيِّدة آمنة، ومِمَّا جَاء في البيان الثَّالث، وهذه اللحظات الأخيرة من حياتهِ، إلى هذه اللحظات والرؤية غائمة عند السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر – وأُريدُ أَنْ أقولها لكم: يَا أَبناء عليٍّ والحُسين وأَبناء أبي بكرٍ وعُمر – لنفترض أنَّ هذا الخطاب فيه بُعدٌ سياسيّ، لكن الكلام الَّذي يأتي بعده ماذا نستطيع أنْ نقول عنه وكيف نُخرِّجه؟! – إنَّ المعركة ليست بين الشِّيعةِ والحكم السُنِّي، إنَّ الحُكُم السني الَّذي مَثَّلهُ الخلفاءُ الرَّاشدون والَّذي كان يقوم على أساس الإسلام والعدل – أيُّ إسلامٍ وأيُّ عدلٍ يتحدَّث عنه السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر؟ هذا هو المنطق القُطبيُّ هُوَ هُوَ إلى آخر لحظة من لحظاتِ حياتهِ – إنَّ الحُكم السُنِّي الَّذي مَثَّلهُ الخُلفاءُ الرَّاشدون والَّذي كَان يقوم على أساس الإسلام والعدل حَمَل عليٌّ السَّيفَ للدِّفاع عنه – هذا الكلام ليس صحيحاً، هذه مصادرُنا، دونكم الكُتُبُ الشِّيعيَّةُ من أوَّلِها إلى آخرِها، لا يوجد فيها هذا الكلام، هذا هو منطقُ النَّواصب، هذا ما هو بمنطقِ آلِ مُحَمَّد، أنا أسألكم أنتم هل هذا المنطق منطقُ آلِ مُحَمَّد؟ لنفترض أنَّ هذا التعبير تعبير للمجاملة ولا بأسَ به: (يا أبناءَ عليٍّ والحُسين، وأبناءَ أبي بكرٍ وعمر)، مع العلم أنَّ السنة لا يعبأون في ذلك الوقت، لا يعبأون لا بالنَّجف ولا بمُحَمَّد باقر الصَّدر ولا يعبأون بالشِّيعةِ والتشيُّع!! هم إلى الآن لا يعبأون بالوضع الشِّيعي، والشِّيعةُ يركضون وراءهم! ولكن لنفترض أنَّ هذا الخطاب خِطاب فيه مُجاملة، وأنّه ناظرٌ إلى الجوِّ السياسي، (يا أبناء عليٍّ والحُسين وأبناء أبي بكرٍ وعمر)، ولنفترض أنّ هذه الجملة أيضاً صحيحة: (إنَّ المعركة ليست بين الشِّيعةِ والحكمِ السنّي)، وظلّ على هذا الرّأي إلى آخر أيَّامهِ. تتذكَّرون في أيَّام الانتفاضة ماذا كُتِب على الدبّابات؟ (لا شيعةَ بعد اليوم!!)، كُتِب هذا الشعارُ على الدبّابات، والدبّابات ظهرت على وسائل الإعلام: (لا شيعةَ بعد اليوم!!)، فهذا المنطق الذي عليه السيِّد هو منطقٌ خاطئٌ، الآن السنّة يرثون نفس هذا التفكير، الآن السنة في العراق رغم أنَّهم أقليَّة، ورغم أنَّ لهم تأريخاً أسود مع الشِّيعة، ورغم أنَّ الشِّيعة أكثرية، ورغم أنَّ الواقع السياسي يفرضُ معادلات جديدة، وأنّه لابُدَّ للشِّيعة أنْ يكونوا في الحكم ولابُدَّ أن تكون اليد العُليا لهم في الحكم، الواقع السياسي يفرض هذا الأمر، الزَّمان الصدامي ولَّى، والأمور تغيرت، الأمور تغيرت في العالم عموماً، وفي المنطقة خُصوصاً، الوضع العراقي تغيَّر، العالم تبدَّل، الواقع يفرض أنَّ الشِّيعة لابُدَّ أنْ يكونوا في الحكم ولابُدَّ أنْ تكون الحصّةُ الكُبرى في الحكم لهم، إلى هذهِ اللحظة ومَع كُلِّ هذهِ المعطيات الضاغطة عليهم، إلى هذه اللحظة والسُنَّةُ يعاندون الواقع في العراق ولا يُريدون أنْ يصدقوا أنَّ الواقع قد تغيّر، لا يريدون أنْ يُصدِّقوا أنَّ الشِّيعة هم الأكثرية في العراق، وهذه قضيَّة محسوسة وملموسة يتحسَّسُها ويتلمسُّها أيُّ إنسانٍ حتّى الغبيّ، وهم يعرفون هذه الحقيقة لكنَّهم لا يستطيعون، مع أنَّهم ينادون بالديمقراطية، مع أنَّ الحزب الإسلامي القُطبيّ الإخوانيّ موجود في السلطة، مع كُلِّ التفاصيل الموجودة، ومع ذلك لا يُريدون أن يُصدِّقوا بأنَّ الواقع قد تغيَّر، وبأنَّ التأريخ لا يمكن أن يعود إلى الوراء، وبأنَّ القانون القُرآني: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، هذا القانون يجري بغضِّ النَّظر هل الأكثرية شيعة أو الأكثرية هندوس، قانون المداولة في الأيَّام لابُدَّ أن يجري، يجري في العراق وفي غير العراق وفي كُلِّ العالم، قانون التدافع لابُدَّ أن يجري، هذه سننٌ كونيّة، بغضِّ النَّظرِ عن الأديان والمذاهب، الواقع فرض نفسَهُ، ومع ذلك يعاندون الواقع إلى هذه اللحظة، هؤلاءِ هم أبناء ذلك النِّظام وإنْ كانوا يُظهرون أنفسَهم بشكلٍ مُخفَّف، فما بالك وهم في عزِّ السُّلطةِ والدكتاتورية آنذاك؟! والشِّيعةُ في أضعفِ حالاتهم وفي جوٍّ من الانزواء، حيث لا كانت توجد فضائيات، ولا يوجد إنترنت، ولا يوجد فيسبوك، ولا يوجد ايفون، ولا يوجد ولا يوجد، كان الشِّيعةُ يعيشون في مقبرة الواقع، والآن الأمور تبدَّلت بشكل آخر، في ذلك الوقت والسيِّد نفسهُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر نفسهُ كان مُحاصَراً، كان مُحاصَراً عِدَّة حصارات، السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر كان مُحاصراً عِدَّة حصارات: الحصار الأوَّل: الحصار الأوَّل كان من نفس المعارضة، نفس المعارضة الشِّيعيَّة، المعارضة الشِّيعيَّة بِكُلِّ أشكالها، أنتم تعتقدون أنَّ حزب الدعوة كان مُناصراً للسيِّد الصَّدر على طول الخط؟ هذي قصَّة فيها تفاصيل وهي قصَّة طويلة، لو كُنت أُريد أنْ أُحدِّثكم عن العلاقةِ بين السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر وحزب الدَّعوة فهذا كلام طويل، لم يكن الوفاق موجوداً فيما بينهم على طول الخط خصوصاً في مرحلتين: في المرحلة الأولى: بعد أنْ خرج من الحزب في بداية الستينات. وفي مرحلة ثانية: في بداية السبعينات حين أصدر الفتوى المعروفة حيث حرَّم على طلبة الحوزة العلمية الاِنتماء إلى حزب الدَّعوة الإسلامية. وهذا السؤال، الَّذي وجَّههُ إليه موجودٌ وحيّ، هذه ليست افتراءات، الَّذي وجَّه هذا السؤال هو من أقرباء السيِّد محمَّد باقر الصَّدر ونفسه السيِّد حسين الصَّدر، ليس السيِّد حسين ابن السيِّد إسماعيل في الكاظميَّة، السيِّد حسين ابن السيِّد مُحَمَّد هادي الصَّدر، هو الَّذي وجَّه هذا السؤال إلى السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وهو الآن حيٌّ يرزق وموجود، موجود في بغداد، فسأله عن حكم انتماء طلبة الحوزة إلى حزب الدعوة، وأصدر السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في حينها في بداية السبعينات فتوى بالتحريم، وحتَّى الشيخ مرتضى آل ياسين أيضاً، وهذه الفتاوى في حينها طُبعت ووزِّعت في المساجد، في كلّ مساجد العراق، إذا ما دخلتم إلى مسجد من المساجد وفتحتم المصاحف أو كُتب الأدعية كُنتم ستجدون هذهِ الفتاوى موجودة ومنشورة، مطبوعة في أوراق وكَانت تُوزَّع في المساجد وهي حقيقية، ليس كما أشاع حزب الدعوة في وقتها من أنَّ البعثيين طبعوها زوراً، أبداً، هذه فتاوى حقيقيَّة، والَّذين سألوا هم أحياء الآن، والنصوص الأصلية موجودة، صحيح أنّهم بعد ذلك أوجدوا لها تخريجاً وترقيعاً قام به السيِّد كاظم الحائري وبعد ذلك تراجع أيضاً عن هذا الترقيع حين اختلف مع حزب الدعوة، الموضوع فيه تفصيل وأنا هنا لا أُريد أنْ أتحدث عن هذه القضيَّة، ولكن السيِّد الصَّدر كان مُحاصَراً. o كان محاصراً من قِبل المعارضة الشِّيعيَّة العراقية على المستوى النَّجفي وعلى المستوى الكربلائي، كانت هُناك محاصرة شديدة. o مُنظمة العمل الإسلامي الَّتي تُمثِّل الجو الشِّيرازي في كربلاء: هي الأخرى كانت تقوم أيضاً بدور المحاصرة، كلٌّ بحسبهِ، فكان السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر مُحاصراً. o وكان محاصَراً من نفس الحوزة العلمية. o وكان مُحاصَراً أيضاً من نفس المرجعيَّات، المراجع في زمانهِ، وفي ذلك قصصٌ وحكايات. o وكان مُحاصَراً من قِبَل النظام البعثي، إلى الحدِّ الَّذي حاصروه برجال الأمن في بيتهِ، وفي بعض الأيَّام ما كان يجد طعاماً لعائلته ولأطفالهِ، لقد عانى الرَّجُل ما عانى. o والحِصار الأخير الَّذي أدمى قلبَهُ هو حِصار طَلَبَتهِ، خواصّ طَلَبتهِ، حينما طرح عليهم مشروع القيادة النائبة ورفضوا هذا المشروع. فما بالكم بالجوِّ السُنِّي والسيِّد يعيش في حالةٍ غريبة كأنَّهُ لا يدركُ الواقع، ولا يتلمَّس الواقع!! إنَّ المعركة ليست بين الشِّيعةِ والحُكم السُّني، إنَّ الحُكم السُنِّي الَّذي مَثَّلهُ الخُلفاء الرَّاشدون – أنا أقول لكم: هل هذا المنطق ينسجم مع منطق أمير المؤمنين في الخطبة الشقشقيّة؟ وأصلاً في كُلِّ نهج البلاغة؟ هذا هو نهج البلاغة، أنا ما عندي وقت وإلَّا لأخرجت لكم النصوص الواضحة الَّتي يتحدَّثُ فيها أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه عن أوضاعِ خلافة الأوَّل والثَّاني والثَّالث، ولكن من كان منكم قد اطلّع على الخطبة الشقشقية أو سَمع بها، ومن لم يكن قد اطلّع عليها فليراجعها في أوائل نهج البلاغة، في أوائل نهج البلاغة الخطبة الشقشقية وخطبٌ أخرى عديدة – إنَّ الحكم السُنِّي الَّذي مثَّلهُ الخُلفاء الرَّاشدون – منطق الزِّيارة الجامعة ماذا يقول؟ منطق الزِّيارة الجامعة هكذا يقول: (وَبَرِئْتُ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَعْدَائِكُم وَمِن الجِبْتِ وَالطَّاغُوْت – هكذا يُسمِّي مَرحلة الخلافة الرَّاشدة، يُسمِّيها بمرحلة الجبت والطاغوت! هذا هو العنوان الموجود في الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة – وَبَرِئْتُ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَعْدَائِكُم وَمِن الجِبْتِ وَالطَّاغُوْت وَالشَّيَاطِين وَحِزْبِهِم الظَّالِمِينَ لَكُم الجَاحِدِينَ لِحَقِّكُم وِالْمَارِقِينَ مِنْ وَلَايَتِكُم وَالغَاصِبِينَ لِإرْثِكُم الشَّاكِّينَ فِيْكُم الْمُنْحَرِفِينَ عَنْكُم وَمِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُوْنَكُم وَكُلِّ مُطَاعٍ سِوْاكُم وَمِن الأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلى النَّار) – هذا هو منطقُ أهل البيت، وهذا هو القولُ البليغُ الكامل. السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر لم يكن ينتفع من هذا الكلام، الأجواء في ذلك الوقت لا تُشير إلى أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر حتَّى باحتمال واحد من التريليون تحت الصفر أنْ ينتفع من هذا الخطاب، لأنَّ المعركة كانت معركة سنّية شيعيَّة واضحة جدَّاً لا غُبارَ عليها، السُنَّة في العراق كانوا يعيشون في بلدٍ آخر، بأوضاعهم القانونية، والسياسية، والمالية، والشِّيعةُ في العراق كانوا يعيشون في بلدٍ آخر، الكثير من السُنَّة الَّذين يعيشون في المناطق السُنيَّة لا يعرفون أيَّ شيءٍ عن الظُلم والأذى والعذاب الَّذي ظلّ يعانيه الشِّيعة إلى أنْ سَقط النظام، لا يعرفون، أوضاعهم تمشي كما يقولون (على أربعة وعشرين حباية، أو أربعة وعشرين قيراط)، ما عندهم مشكلة. هذا تصوُّر خاطئ، حينما يكون القائد لا يحملُ صورةً حقيقيَّةً عن الواقع فكيف يستطيع أنْ يتحرَّك..؟! إنَّ المعركة ليست بين الشِّيعةِ والحُكم السُنِّي، إنَّ الحُكم السُنِّي الَّذي مَثَّلهُ الخلفاءُ الرَّاشدون والَّذي كان يقوم على أساسِ الإسلام والعدل – حتَّى إذا افترضت هذا الكلام بِكُلِّهِ هو بلسان التقيَّة، وبلسان المداراة، وإنْ كان الاقتناع واضحاً في الكلام، إذا أردنا أنْ نقرأ فكر السيِّد محمَّد باقر الصَّدر فهو مُقتنع بهذا الكلام، وهذا الكلام نفسهُ كان موجوداً في كتابهِ (فدك في التأريخ) الَّذي كتبهُ في أوَّلِ حياتِه، في بدايات شبابه، في أوَّل حياته أعني حياتَهُ العلمية، إذا افترضنا أنَّ هذا الكلام هو بلسان التقيَّةِ والمداراة، وَلَكِنْ الكلام الباقي كيف أحمِلهُ؟ – حَمَل عليٌّ السَّيفَ للدفاعِ عنه – للدفاع عن الحكم السُنِّي، هذا الكلام كيف أحمِلهُ؟ هذا افتراء على أمير المؤمنين، هذا كذب، كذب صريح، قطعاً السيِّد باقر الصَّدر لا يقصد هذا ولكنَّهُ يجهل، يجهل الحقائق – حَمَل عليٌّ السَّيف للدفاعِ عنه – هذا افتراء على أمير المؤمنين – إذْ حارب جُنديَّاً في حروب الرِدَّة تَحت لواء الخليفة الأوَّل أبي بكر – والله هذا كذاب! وحقِّ الزَّهراء هذا كذب! هذا لا وجودَ لهُ، هذه مصادرنا الشِّيعيَّة، في أيِّ مصدرٍ تحدَّث أهلُ البيت عن هذه المعلومة؟ هذه معلومة ناصبيّة لا علاقةَ لنا بها، هذا آخر بيان، الإنسان في آخر بيان، في النِّداء الأخير، في أيَّامهِ الأخيرة، على أيّ حال، هذه حقائق أنا أعرضها بين أيديكم وأنا لست قارئاً من كتابٍ الَّذي كَتَبه مُخالِفٌ أو عدوٌّ للسيِّد الصَّدر، أنا اقرأ من هذا الكتاب: (الشهيد الصَّدر سنوات المحنة وأيَّام الحِصار) للشَّيخ مُحَمَّد رضا النعماني!! الشَّيخ مُحَمَّد رضا النعماني دعوني أقرأ لكم ماذا يقول في آخر كتابهِ وهو يتحدَّث عن اللحظات الأخيرة، يقول بأنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر:- حينما أراد أنْ يُفارقهُ فَقلتُ: تعاهدني؟ – هو الشيخ مُحَمَّد رضا النُّعماني يقول للسيِّد الصَّدر – فقلتُ: تُعاهدني على أنْ لا تدخل الجنَّة إلَّا وأنا معك؟ فقال رضوان الله عليه: عهد الله عَلَيَّ أنْ لا أدخُل الجنَّة إلَّا وأنت معي إنْ شاء الله – هو يقول – ولا أعتزُّ بشيءٍ في حياتي بمثل هذا العهد، اللَّهُمَّ أسألك بدم أبي جعفر و آلامه و ما جرى عليه من أجلك إلَّا ما جعلتني معه كما عاهدني يا وفيُّ يا كريم – هذا كلام المؤلِّف، أنا لا أنقل لكُم من كتاب شخصٍ يخالفه أو يُعانده، فهو ينقل لنا البيانات بأمانةٍ ودقَّة. في صفحة 308، قبل أنْ أقرأ لكم ما جاء في صفحة 308، تحت عنوان: (القيادة النَّائبة)، وهذا هو المشروع الستراتيجي للسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، هذهِ هي الخلاصة الَّتي وصل إليها بعد كُلِّ ذلك الجهد والعناء، مشروع القيادةُ النائبة، نذهبُ إلى فاصل وبعد الفاصل أعودُ كي أقرأ لكم ماذا جاء في تفاصيلِ هذا المشروع. القيادةُ النَّائبة المشروع الستراتيجي أو النِّهائي الَّذي خطَّط لهُ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، وسُميت بالقيادة النائبة باعتبار أنَّهُ هو القائد الأصل ولكن السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر كانَ قد خطَّط لعملٍ استشهادي، أنْ يُقتَل، وبعد أنْ يُقتَل فإنَّ القِيادة النَّائبة ستستثمرُ استشهادَهُ في مواصلة الجهاد والعمل الدَّؤوب لأجلِ تغيير الواقع في العراق وتأسيس نظامٍ وحُكمٍ إسلامي، في صفحة 308، من نفس الكتاب من كتاب الشَّيخ مُحَمَّد رضا النُّعماني (الشَّهيدُ الصَّدر سنوات المحنةِ وأيَّام الحِصار)، يقول: وكانت الخطوط العامَّة لفكرة القيادةِ النَّائبةِ كما يلي: 1. اختار السيِّد الشَّهيد مبدئيَّاً أربعة أشخاص من أجلَّة العُلماء – طبعاً من طلابهِ ومن تلامذتهِ – ليَكُونوا أو (ليُكوِّنوا)، لِيَكُونوا القيادةَ النائبةَ الَّتي كَان مِن المفروض أنْ يُعلَن عن أسمائهم للأُمَّة – قطعاً لابُدَّ أنْ يكونوا خارج العراق، وأحد هؤلاء الأربعة هو السيِّد مُحَمَّد باقر الحكيم، كان موجوداً في النَّجف ورفض المشروع، ومن هنا بَطُلت الفكرة، وحتَّى السيِّد كاظم الحائري كان في قم ولم يكن مُقتنعاً بالفكرة، على أيِّ حال، أنا هنا لا أُريد أنْ أدخل في كلِّ التفاصيل. 1. اختار السيِّد الشَّهيد مبدئيَّاً أربعة أشخاص من أجلَّة العُلماء ليكونوا القيادة النَّائبة الَّتي كان من المفروض أنْ يُعلَن عن أسمائهم للأُمَّة. 2. وضع رحمهُ الله قائمةً بأسماء أشخاص آخرين لعلَّ عددهم أكثر من عشرة يكون من حقِّ القيادة الرُّباعية اِنتخاب من تشاء منهم للاِنضمام إليها فيما إذ اقتضت المصلحة ذلك، أو اقتضى توسُّعُ العمل إضافة أشخاص آخرين لها حسب نظامٍ كان قد كتبهُ. 3. أنْ يكتب السيِّد الشَّهيد رحمهُ الله رسالةً مفصَّلةً إلى الإمام الرَّاحل السيِّد الخُميني يشرحُ لهُ فيها فكرة القيادة النائبة ويُبيِّن لهُ تفاصيلَها ويطلبُ منه الاهتمامَ بالقيادة النائبة وإسنادَها بكلِّ ما يمكن. 4. تسجيل بيان بصوت السيِّد الشَّهيد رحمهُ الله موجَّه إلى الشَّعبِ العراقي يُوصيه فيه بوجوب الاِلتفاف حول القيادةِ وإسنادها وإطاعتها والعمل بتوجيهاتها. 5. كتابةُ بيان مفصَّل حول نفس الموضوع موقَّع من قِبَلهِ. 6. أنْ يخرج السيِّدُ الشَّهيد رحمهُ الله إلى الصَّحن الشَّريف في الوقت الَّذي يكون فيه مملوءاً بالنَّاس، سادساً، أن يخرج السيِّد الشَّهيد رحمه الله – يعني السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر – إلى الصَّحن الشَّريف في الوقت الَّذي يكونُ فيه مملوءاً بالنَّاس وهو الفترة الواقعة – يقصد بالصَّحن الشَّريف؛ صحن أمير المؤمنين في النَّجف – سادساً أنْ يخرج السيِّد الشَّهيد رحمهُ الله إلى الصَّحن الشَّريف في الوقت الَّذي يكونُ فيه مملوءاً بالنَّاس وهو الفترةُ الواقعةُ بين صلاة المغربِ والعشاء وهناك يُلقي خطاباً على المُصلِّين يُعلِن فيه عن أسماء أعضاء القيادة النائبة ويطلب من النَّاس إطاعتهم والسير تحت رايتهم – الإشكال الوجيه الَّذي طرحهُ السيِّد طالب الرِّفاعي هو: لماذا لم يخرج هو خارج العراق ويقوم بهذا الدور؟ لماذا يقتل نفسَهُ؟! لا أدري!! وقال لي رضوان الله عليه – يعني السيِّد الصَّدر قال للشَّيخ مُحَمَّد رضا النُّعماني – سوف أظلّ أتكلَّم وأتهجَّم على السُّلطة وأندِّدُ بجرائمها وأدعو النَّاس إلى الثورةِ عليها – يعني في ذلك الموقف – إلى أنْ تضطَّر قوَّات الأمن إلى قتلي في الصَّحن الشَّريف أمام النَّاس – من أين جاء بالضمان أنَّهم سيقتلونه؟! ربَّما سيجعلونه يتكلَّم ويتكلَّم وبعد ذلك يتركونه يرجع إلى البيت، ثمّ يذهبون إلى البيت ويعتقلونه، من قال بأنَّهم سيقتلونهُ؟! يعني كيف يفترض مُخطَّطاً لمشروعٍ كهذا هو ليست له فيه السُّلطةُ على الطرف الثَّاني، كيف يمكنُ هذ؟! – سوف أظلُّ أتكلَّم وأتهجَّم على السُّلطة وأُندِّدُ بجرائمها وأدعو النَّاس إلى الثورة عليها إلى أنْ تضطر قوَّات الأمن إلى قتلي في الصَّحن الشَّريف أمام النَّاس – ومن قال بأنَّهم سيفعلون ذلك؟ – وأرجوا رجاءاً أنْ يكون هذا الحادث مُحفِّزاً لِكُلِّ مؤمنٍ وزائرٍ يدخل الصَّحن الشَّريف، لأنَّهُ سيرى المكان الَّذي سوف أُقتل فيه فيقول هاهنا قُتِل الصَّدر وهو أثرٌ لا تستطيع السُّلطةُ المجرمة محوَهُ من ذاكرة العراقيين – يعني هذا الكلام أنتم ماذا تقولون؟ هل هذا الكلام منطقي وواقعي؟ ماذا تقولون؟ والحال أنّ العراقيين مرَّ عليهم الشَّيء الكثير والكثير ولم يترك فيهم أيّ تأثير. وكان رضوان لله عليه قد أمرني أنْ أخرج من البيت وأشتري قطعة سلاح وهي المرَّةُ الثَّانية الَّتي خرجتُ فيها وتمكَّنتُ بمساعدةِ أحد الإخوة الطلبة – من طلبة الحوزة – أنْ أوفِّر لهُ ذلك وآتي به إلى البيت، ثُمَّ قال لي: هل أنت مُستعدٌ لتُشاركني الشَّهادة؟ فقلتُ: نعم، إنْ شاء الله، فقال: إذاً نخرجُ معاً، فإذا حاولت قوات الأمن منعي من الذهاب إلى الصَّحن فحاول إطلاق النار عليهم – من أوَّل اطلاقةٍ يطلقون عليه النار ويقتلونهُ وينتهى الموضوع! هو اشترى مسدساً فماذا يريد أنْ يفعل المسدس؟! – فقال: إذاً نخرجُ معاً، فإذا حاولت قُوّات الأمن منعي من الذهاب إلى الصَّحن فحاول إطلاق النار عليهم لكي يُتاحَ لي الوصول إليه – كيف يعني؟! – وكان المفروض كشرطٍ ضروري لتنفيذِ الفِكرة وضمان نجاحها أنْ يكون كافَّة أعضاء القيادة الرُّباعية في خارج العراق، لأنَّ الإعلان عن أسمائهم وهم في داخلهِ يعني على أقل الاحتمالات قيام السُّلطة باعتقالهم إنْ لم يكن بإعدامهم، وعلى هذا الأساس عرض رضوانُ الله عليه فِكرةَ مشروعِ القيادة النَّائبة على أحدهم – ويقصد هنا السيِّد مُحَمَّد باقر الحكيم، لم يذكر اسمه ولكنَّنا نعرف التفاصيل – وبعد نقاشٍ للمشروع وشكل اِشتراكهِ فيه اعتذر عن الاشتراك – الشيخ مُحَمَّد رضا النُّعماني هو الذي يقول ولستُ أنا – وفشلَ مشروع القيادة النَّائبة –فشل هذا المشروع، ليست الزَّهراء هي الَّتي فشلت، وإنَّما فشل المشروع الستراتيجي الَّذي خُطِّط لهُ بشكلٍ غريب!! تلاحظون؟ هل هذا التخطيط منطقي؟! أنتم ماذا تقولون؟! ربَّما البعض منكم يعجبهُ هذا الكلام، ولكن هل الجميع يعجبهم هذا الكلام؟! أنَّهُ يخرج إلى الصَّحن يخطب في النَّاس، ويُبيِّن أسماءَ القيادة النائبة، ويبقى يتكلَّم ويتكلَّم حتَّى يقتلوه، من قال بأنَّهم سوف يقتلونه؟! يتركونه يعود إلى البيت ثمّ يعتقلونهُ بعد ذلك، ثُمَّ ما هذه الفكرة ؛ أنْ يشتري مسدساً ويكون بيد الشيخ محمَّد رضا النُّعماني والشيخ مُحَمَّد رضا النعماني يحاول أن يُطلق النَّار على رجال الأمن، أصلاً هذه القضيَّة سوف لن تسمح للسيِّد بالوصول، لأنّه حينئذٍ سيُلقى القبض على السيِّد الصَّدر بشكل مباشر لأنَّهم سيتوقعون أنَّهُ سيهرب، ولا يفكّرون بأنَّهُ ذاهبٌ إلى الموت برجلهِ، لا أدري كيف كان يفكّر؟! يبدو أنَّهُ كان يفكر بأيِّ طريقةٍ كي يموت، مثل ما قال السيِّد طالب الرِّفاعي، فالرَّجل كان مشبعاً بفلسفةِ الموت! في صفحة 310، هكذا يقول الشيخ مُحَمَّد رضا النُّعماني:- وفشل مشروع القيادة النَّائبة وأصابت السيِّد الشَّهيد خيبةُ أملٍ قاتلة وهمٌّ دائم – أنا حين أقرأ في الكُتُب الَّتي تحدَّثت عن السيِّد الصَّدر رحمةُ الله عليه، فإنّي لا أجدُ ذِكراً للإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه!! ولا أشمُّ رائحةً لفكرة التمهيد أو انتظار الفرج! لا أجد ذكراً لكُلِّ هذه المعاني – وفشل مشروع القيادة النَّائبة وأصابت السيِّد الشَّهيد خيبةُ أملٍ قاتلة وهمٌّ دائم فتدهورت صحته وأصيب بانهيارٍ صحي وضعفٍ بدني حتَّى كان لا يقوى على صعود السُلَّم إلَّا بالاستعانة بي، وظهرت على وجههِ علامات وحالات لا أعرفُ كيفَ أُعبِّرُ عنها، قلتُ لسماحتهِ: سيِّدي لماذا هذا الهمّ والحزن والاضطراب؟ فقال: لقد تبدَّدت كلُّ التضحيات والآمال – هذا هو الفشل، الفشلُ بعينهِ، مثلما قال الشَّيخ مُحَمَّد رضا النعماني – وفشل مشروع القيادة النائبة!! – قد يتصوَّر متصوِّر إنَّني أُريد هنا أنْ أنتقص من السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، واللهِ ما هذا في نِيَّتي، وقد أجدُ للسيِّد الصَّدر عُذراً في الَّذي صار وحدث وجرى، ولكن ما هو العذر لنا نحنُ للأُمَّة أنْ تتصوَّر أنَّ هذا المنهج هو منهجٌ صحيح؟! لماذا تتصوَّر الأُمَّة أنَّ هذا المنهج منهجٌ صحيح؟ فهل أنَّ الأُمَّة تتابع السير في هذا المنهج وتبقى هذه الرموز وهذه العناوين هي الرموز الموجودة في أوَّل الصَّفحة؟ أم أنَّ عنوان الصَّفحة هو عليٌّ وآلُ عليّ؟ وأين صاحبُ الأمر صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه من كُلِّ هذا..؟! في صفحة 323، تحت عنوان: (انقطاعٌ كاملٌ لله تعالى)، ماذا يقول الشيخ مُحَمَّد رضا النُّعماني في هذه الصَّفحة؟ انقطاعٌ كاملٌ لله تعالى؟ من نفس الكتاب – وفي هذهِ الفترة انقطع رضوانُ اللهِ عليه إلى ربِّه تعالى انقطاعاً كاملاً – متى؟ بعد أنْ فشل المشروع – فكان بين تالٍ للقُرآن أو مُسبِّحٍ حامد وكان أكثرُ ذكرهِ سُبحان الله والحمدُ لله ولا إلهَ إلَّا الله واللهُ أكبر، وكَان صائماً في الأيَّام الأخيرةِ من الحجز، ولم يكن لهُ من همّ إلَّا العبادة، وكُنتُ في بعض الأحيان أُثيرُ أمامَهُ بعض المواضيع الَّتي تتعلَّقُ بالعمل الإسلامي فلا يُجيبُ بشيء ويكتفي بابتسامةٍ بسيطة وكأنَّهُ لا يُريد أنْ يتحدَّث عَن شيءٍ من هذهِ الأمور إذ لا فائدةَ ولا أملَ في ذلك – فهو لا يتحدَّثُ مُطلقاً – كان الهمُّ والحزن ينخرُ في قلبهِ حتَّى أصبح كأنَّهُ هيكلٌ عظميٌّ مِن الضَّعف وأعتقد أنَّ البعض لو رآهُ لظنَّهُ شخصاً آخر – هذا الرَّجُل من الَّذين رافقوا السيِّد في أيَّام الحصار ولذلك فهو ينقلُ لنا هذه الصور الأكيدة والموثَّقة. قلتُ قبل قليلٍ في حديثي مُتسائلاً أين صاحبُ الأمر من كُلِّ هذا؟ أين هو في هذا المشروع؟ في المشروع الفكري الاقتصادي والعملي، في المشروع السِّياسي التنظيمي الحزبي أو المخطَّط الستراتيجي الَّذي كان يُخطِّطُ لهُ، هو مُخطَّط ستراتيجي بالنِّسبة لهُ، وإلَّا لا هو ستراتيجي ولا هم يحزنون!! ولكن بالنِّسبةِ للسيِّد الصَّدر فإنّه يُعَدّ مُخطَّطاً ستراتيجيَّاً، والمراد من المخطَّط الستراتيجي هو المخطط الحياتي الضَّروري الَّذي يبني عليه الإنسان كُلَّ آمالهِ ويحاول أنْ يُحقِّقَ أهمَّ أهدافهِ من خلالهِ، هذا هو المخطط الستراتيجي، قد يكون لأُمَّة، قد يكون لشعب، قد يكون لحزب، قد يكون لمجموعة صغيرة، قد يكون لطائفة معيَّنة، قد يكون لفرد، قد يكون على المستوى الشَّخصي أو قد يكون على المستوى العام، أنْ يكون قائداً من القادة، أو أنْ يُخطِّط مُخطَّطاً ستراتيجيَّاً بالنِّسبةِ لحياتهِ الشَّخصية، فأين صَاحبُ الأمر من مشروع السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر الفكري والاقتصادي والعملي؟ أين صاحبُ الأمر من مشروعه السياسي التنظيمي الحزبي أو من مُخطَّطهِ الستراتيجي الَّذي سمَّاه بالقيادة النَّائبة؟ وحين وقع في المشكلةِ الفكريةِ والعقائدية قَصد سامراء، قصد الإمامين العسكريين، بحسبِ ما رواه السيِّد طالب الرِّفاعي، هو حَدَّث السيِّد طالب الرِّفاعي بذلك، ولم يقصد الإمام الحُجَّة، وحتَّى لو قصدهُ فإنَّهُ رجع خائباً، رجع خالي الوفاض، السؤال هنا: هل أنَّ الفقيه الَّذي يكون نائباً للإمام الحُجَّة فعلاً ويقصدُه في مشكلةٍ تتعلَّق بواقع الأُمَّة هل يُرجِعه الإمامُ خائباً؟ ماذا تقولون أنتم؟! هذا الكتاب (الإمامةُ وقيادة المجتمع): لمرجعٍ معاصر وهو من التلامذة المقرَّبين للسيِّد محمَّد باقر الصَّدر، آية الله السيِّد كاظم الحائري، وهو أحد أعضاء القيادة النَّائبة بالمناسبة، هذهِ الطبعة، المطبعة باقري، قم المقدَّسة، الطبعة الأولى، 1995 ميلادي، صفحة 140، تحت عنوان: (فوائد وجود الإمام الحُجَّة تحت الستار)، هو يقول:- لقد تساءل أستاذنا السيِّدُ الشَّهيد مُحَمَّد باقر الصَّدر رضوانُ الله تعالى عليه في كتابهِ (بحثٌ حول المهديّ) – وما هو بكتاب (بحثٌ حول المهديّ)! هو مُقدِّمة لموسوعة الإمام المهديّ وهي أيضاً لتلميذ آخر من تلامذة السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر هو السيِّد مُحمَّد الصَّدر – لقد تساءل أستاذنا السيِّدُ الشَّهيد مُحَمَّد باقر الصَّدر رضوانُ الله تعالى عليه في كتابهِ (بحثٌ حول المهديّ) – ربَّما يُشير بذلك لأنَّهُ طُبِع في كتابٍ على حِدَة، هذا هو بحثٌ حول المهديّ طُبِع في كتابٍ على حِدة، لذلك قال في كتابهِ، وإلَّا فهو في الأصل مُقدِّمة لموسوعة الإمام المهديّ للسيِّد مُحَمَّد الصَّدر – لقد تساءل أستاذنا السيِّدُ الشَّهيد مُحَمَّد باقر الصَّدر في كتابهِ (بحثٌ حول المهديّ) عن فائدةِ وجود الإمام – إلى آخر كلامهِ، هو يقول بأنَّ الفائدة الأولى من وجود الإمام تحت الستار – عن فائدةِ وجود الإمام وما المُبرِّر بعد أنْ فُرِضَ تحتَ الستار؟ الفائدة الأولى – يعني بعبارة أخرى ما الحكمةُ من طول الغيبة؟ وما الحكمةُ من طول عمر الإمام الحُجَّة؟ لماذا عمر الإمام الحُجَّة عمرٌ طويل؟ ولماذا طالت الغيبة؟ – الفائدة الأولى: الإعدادُ النَّفسي لعملية التغيير الكُبرى – ويُفصِّل الكلام لا أُريد أنْ أقرأ، فالإمام بحاجةٍ إلى إعدادٍ نفسي!! – الفائدةُ الثَّانية: الإعدادُ الفكري وتعميق الخبرة القيادية – فالإمام بحاجة إلى إعدادٍ فكري وإلى تعميق الخبرة القيادية! أنا أعتقد بأنَّ الَّذي يُفكِّرُ بهذا المستوى فإنّه لا يعرفُ شيئاً عن إمامهِ، لا أعتقدُ أنَّهُ يعرف شيئاً عن إمامهِ، هذا الكلام يذكرهُ السيِّد الحائري هنا في كتابهِ: (الإمامةُ وقيادة المجتمع)، وبعد ذلك يدافع عن هذه الرؤية، ويقول بأنّ هذه الرؤية رؤية صحيحة ولا تنتقص من المعصوم!! خُلاصة الكلام: الإمام هو بحاجةٍ إلى إعدادٍ نفسي لعملية التغيير الكبرى وبحاجة إلى إعدادٍ فكري وكذلك بحاجة إلى تعميق الخبرة القيادية!! هذا الكلام أنتم هل تقبلون به؟ هذا هو تلميذ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وهو ينقل هذا الكلام عن أستاذهِ. لكن للأمانة العلمية لابُدَّ أنْ نعود إلى المصدر، هذا هو المصدر (بحثٌ حول المهديّ)، هذهِ الطبعة تحقيق وتعليق الدكتور عبد الجبار شَرارة، مركز الغدير للدراسات الإسلامية، قُم، المبحث الثالث، ماذا يقول السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر هنا؟ – وبكلمةٍ أُخرى ما هي فائدةُ هذهِ الغيبة الطويلة وما المُبرِّرُ لها؟ وكثيرٌ من النَّاس يسألون هذا السؤال وهُم لا يريدون أنْ يسمعوا جواباً غيبيَّاً، فنحنُ نؤمن بأنَّ الأَئِمَّة الاثني عشر مجموعةٌ فَريدة لا يمكن التعويضُ عن أيِّ واحدٍ منهم، غير أنَّ هؤلاء المتسائِلين يُطالبون بتفسيرٍ اجتماعيٍّ للموقف على ضوء الحقائق المحسوسة لعملية التغيير الكُبرى نفسها، والمتطلبات المفهومة لليومِ الموعود – ثُمَّ يقول – وعلى هذا الأساس نقطعُ النَّظرَ مُؤقَّتاً عن الخصائص الَّتي نؤمن بتوفرِّها في هؤلاء الأَئِمَّة المعصومين ونطرح السؤال التالي – ثم يجيب. ماذا قال السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر هنا؟ يقول: أوَّلاً – السؤال ما هي فائدةُ هذه الغيبة الطويلة؟ والجواب هو ؛ كثير من النَّاس يسألون – هذه مُقدِّمة للجواب – ولا يريدون جواباً غيبيَّاً – فهو يقول السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر – فنحنُ نُؤمنُ بأنَّ الأَئِمَّة الاثني عشر مجموعةٌ فريدة – يعني مختلفة عن النَّاس، ولا يقاسُ بهم أحدٌ من النَّاس – مجموعةٌ فريدة لا يمكن التعويض عن أيِّ واحدٍ منهم – لكن الَّذين يسألون يُريدون جواباً يتماشى مع الثَّقافة العامة، لذلك يقول:- وعلى هذا الأساس – لأنَّنا نُريد أن نجيب هؤلاء – نقطعُ النَّظر مُؤقَّتاً عن الخصائص – يتحدَّث عن الخصائص الغيبية – الَّتي نُؤمنُ بتوفِّرها في هؤلاء الأَئِمَّة المعصومين – ويجيب، فيقول بأنَّ من فوائد هذه الغيبة – الإعداد النَّفسي لعملية التغيير الكبرى، الإعداد الفكري وكذلك تعميق الخبرة القيادية. هذا الكلام في المقدِّمة، ولكن حين نقرأ التفاصيل فإنّ اللَّحن يتغيَّر وكأنَّهُ يريد أنْ يقول بأنَّ هذا الجواب جواب حقيقي، ومن هُنا أعتقد أنَّ السيِّد كاظم الحائري نقل الكلام بهذه الصِّيغة، ولم ينقل هذا الكلام مع الحالة الاستثنائية الَّتي أشار إليها السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في أوَّل كلامهِ، نقل الكلام بشكل واضح وصريح من أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر هو يُفكِّرُ هكذا، وليس أنّ هذهِ الحالة حالة استثنائية، من أنَّهُ كما قال:- نقطع النَّظر مؤقتاً عن الخصائص الَّتي نؤمن بتوفرها – وهذا يبدو أيضاً من كتابات تلامذتهِ الآخرين، نفس الشيء السيِّد مُحَمَّد باقر الحكيم، وقد قرأتُ الكلام الَّذي ذكره في كتابهِ: (دور أهل البيت في بناء الكتلة الصَّالحة)، في بناء المجموعة الصَّالحة، ونفس هذا الكلام نُشِر في مجلَّةٍ إيرانية. وقريبٌ من هذا الكلام أيضاً ذكره السيِّد محمَّد الصَّدر في: (موسوعة الإمام المهديّ)، حين تحدَّث عن قضيَّة الغفلة الضرورية للمعصوم، إذ لابُدَّ أنْ تُصيب المعصوم غفلة!! وآخرون أيضاً تحدَّثوا في مثل هذه المضامين. حتَّى المعلِّق نفسهُ الدكتور عبد الجبار شرارة يبدو أنَّهُ فَهِم ذلك أيضاً كما يظهر من كلامه، في الحاشية في صفحة 88:- وكُلُّ ذلك له مدخليَّةٌ في تربيتهِ وإعدادهِ الإعداد الخاص بما في ذلك امتلاكهُ النَّظرة الشمولية العميقة فضلاً عن شهودهِ بنفسهِ ضآلة أولئك المتعملقين الَّذين يملأون الدنيا ضجيجاً وصخباً ويسترهبون النَّاس وهذا الشهود يُؤهِّلهُ أكثر فأكثر لأداء مُهمَّتهِ الكونية في التغيير أي مَلأُهُ للأرض عدلاً بعدما مُلِئت ظلماً، هذا بغمض النَّظر عن مؤهلاتهِ الذَّاتية والعنايةِ الربَّانيةِ الخاصَّة – بالمجمل هذا اللون من التفكير موجودٌ في هذه الأوساط، وهو ما كان يبدو من كلام السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وهذا تلميذه وهو الأقربُ إليه في فهمِ كلامه، إلّا أنْ يكون قد أخطأ، والباقون ماذا؟ الباقون هم على نفس هذا الذَّوق، وعلى نفس هذا المنهج. وقت البرنامج يجري سريعاً وبقيت الكثير والكثير من المطالب تأتينا في حلقةِ يوم غد والحلقات الَّتي تليها، قد يتصوَّرُ مُتصوِّرٌ كما قُلت قبل قليل: من أنَّني أبحثُ عن نُقاط الضَّعفِ عند السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وكأنَّني لا أعرفُ نُقاطَ قوَّتهِ، سأتحدَّثُ عن نُقاط قُوَّتهِ ولكن وقت البرنامج انتهى وللحديثِ تتمَّة. نلتقي غداً على نفسِ هذه الشَّاشة … أَتْركُكُم فِي رِعَايَةِ القَمَر … يَا كَاشِفَ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِ أَخِيكَ الحُسَين إكْشِف الكَرْبَ عَنْ وُجُوهِنَا وَوُجُوهِ مُشَاهِدِينَا وَمُتَابِعِينَا عَلَى الإنْتَرْنِت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين … مُلتقانا غَداً على شاشة القَمَر … أَسأَلُكم الدُّعَاء جَميعاً … في أمَانِ الله … ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الإثنين 3 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 5 / 9 / 2016م الحديث في هذه الحلقة كالتي قبلها والتي ستأتي بعدها أيضاً في (ملامح المنهج الأبتر) الذي يتحرّك بقوّة وفاعلية شديدة ونشاط واضح في الأجواء الشيعية خصوصاً أوساط المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية. ● مقطع 1: إعادة عرض لمقطع المُقابلة التي أجرتها قناة البغدادية مع السيّد طالب الرفاعي والذي عُرض في نهاية حلقة يوم أمس، كي يكون البحث متواصلاً، وأعلّق عليه. السيّد طالب الرفاعي أعطاكم في هذا المقطع صورة عن كيفية انغماس الشباب الشيعي والرموز الشيعية في هذه التنظيمات المُعادية والتي تُناصب العَداء لآل محمّد صلوات الله عليهم! ومرّ علينا في الحلقة الماضية أمثلة واضحة اقتطعتُها لكم مِن الكتاب المركزي لهؤلاء وهو كتاب (في ظلال القرآن) لسيّد قطب! وأعني بهؤلاء: أي هذه التنظيمات المُعادية لآل محمّد، وكذلك التنظيمات الشيعية التي تبنّت الفكر القطبي بشكل رسمي وقطعي وجدّي وبقناعة تامّة، والسبب: الرموز الكبيرة التي كانت وراء ذلك! ● إذا كانت مرجعية مثل مرجعية السيّد الحكيم هو بنفسه يُرسل برقية عن سيّد قُطب! ● أولاد السيّد الحكيم هم بأنفسهم الذين يُشرفون على تنظيم سياسي قطبي 100% وهو (تنظيم الدعوة)! ● إذا كانت شخصيات ومرجعيات مثل الشيخ مرتضى آل ياسين يُرسل برقية بإسم جماعة العلماء في النجف إلى عبد الناصر لرفع حكم الإعدام عن سيّد قطب! والذي يكتب البرقيّة ويُرسل البيانات: السيّد محمّد باقر الصدر! ● إذا كانت الأجواء في النجف تسمح بإقامة مجلس الفاتحة على روح سيّد قطب! وإذا كانت الرموز الشيعية أمثال (السيّد طالب الرفاعي، السيّد مرتضى العسكري) وأمثال هؤلاء لا يستطيعون أن يناموا وأن تغمض جفونهم في الّليلة التي سمعوا فيها صدور حكم الإعدام على سيّد قطب!! ● وإذا كان مرجع ومُفكّر مثل (السيّد محمّد باقر الصدر) يُغمى عليه هو الآخر حين سمع بصدور حكم الإعدام على سيّد قطب! ● إذا كانت الأوضاع بهذه الصورة، وكان السيّد محمّد باقر الصدر يُدافع بشكل حقيقي عن سيّد قطب كما مرّ في مقطع فيديو الشيخ الكوراني الذي عُرض يوم أمس، والذي يُبرّر فيه السيّد محمّد باقر الصدر لسيّد قطب، ويقول بأنّ حالة سيّد قطب في التكليف بولاية أهل البيت عليهم السلام كحال فتاة شابّة في منطقة نائية في كندا لا تعرف شيئاً عن الحجاب!! في حين أنّ السيّد الصدر حين يُرسل برقية إلى عبد الناصر يتحدّث فيها عن عالم كتب تفسيراً (في ظلال القرآن) سيكون خصيماً لعبد الناصر يوم القيامة! هذا هو التنظيم الذي يتحدّث عنه سيّد طالب الرفاعي بأنّه تنظيمٌ شيعي وهو أحد مؤسسي هذا التنظيم!! ● الخلايا الأولى التي تشكّل منها الحزب الكثير من أعضائها ورموزها (إمّا كانوا في حزب الإخوان المُسلمين، أو في حزب التحرير)! ولا ندري أيّ الحزبين أكثر نصباً وعَداءً لآل محمّد صلوات الله عليهم. ● لا يستطيع أحد أن يُكذّب هذه الحقائق، فالسيّد طالب الرفاعي ذكر هذا الكلام بالصوت والصورة في عديد من المقابلات على القنوات الفضائية، وهناك ندوات عديدة أخرى موجودة على شبكة الانترنت! وهناك مذكّرات موجودة أملاها سيّد طالب الرفاعي على رشيد الخيّون، طُبعت عدّة مرّات! وقفة عند كتاب [آمالي السيّد طالب الرفاعي] وهي المذكّرات التي أملاها السيّد طالب الرفاعي على الدكتور رشيد الخيّون. (عرض لقطتين مِن هذا الكتاب فيما يتعلّق بالمشروع السياسي للسيّد محمّد باقر الصدر). ● الّلقطة 1: حديث عن أوّل بيعة انبثق منها حزب الدعوة ! في هذه الّلقطة يُحدّثنا السيّد طالب الرفاعي عن أوّل بيعة انبثق منها حزب الدعوة وأنّ المُبايَع فيها – بفتح الياء – هو السيّد محمّد باقر الصدر، والمُبايِع – بكسر الياء – هو السيّد مهدي الحكيم، وأيضاً كان حاضراً في المجلس السيّد محمّد باقر الحكيم.. (فالحزب نشأ في أحضان المرجعية)! ● يقول السيّد طالب الرفاعي: (في تلك الّليلة ذهب مهدي الحكيم وبايع الصدر كقائد مسيرة، وحينها لم يكن الأمر يُوصف بولاية الفقيه فهي لم تظهر آنذاك أو لم يجرِ التداول فيها، كان ذلك في مُنتصف تموز 1959…) ● إلى أن يقول: (وحين بايع مهدي الحكيم باقر الصدر، كان باقر الحكيم موجوداً فبايعه أيضاً لوجوده هناك، فهما أوّل اثنين انتميا إلى حزب الدعوة، أي في مبايعة محمّد باقر الصدر كقائد لهذا الحزب الذي لم يُسمّى بحزب الدعوة..) ● السيّد محمّد باقر الصدر تبنّى قيادة الحزب على أساس (نظرية الشورى) الفكرة السنيّة المُخالفة لأهل البيت! فنظرية الشورى هي الفكرة القطبية الإخوانية التي تأسّس التنظيم الإخواني على أساسها !! ● الذي سمّى حزب الدعوة بهذا الإسم هو السيّد محمّد باقر الصدر. (والأدبيات الأولى والبيانات الأولى كتبها السيّد محمّد باقر الصدر بقلمه)! ● ثُمّ يقول السيّد طالب الرفاعي صفحة 160: (بعد البيعة التي ذكرناها وكان أوّل المُبايعين محمّد مهدي الحكيم وشقيقه محمّد باقر الحكيم، بعد هذا بفترة قصيرة خرج ولدا المرجع محسن الحكيم من الحزب، وكذلك خرج منه الصدر نفسه، فبحسب ما حدّثني الأخير – أي السيّد محمّد باقر الصدر – أنّه بنى فكرته في تأسيس الدولة الإسلامية أو آيديولوجية الدولة على آية الشورى، ونصّها: {وأمرهم شورى بينهم}. ثُمّ حصل له تبدّل في هذا الموضوع – أي إنّ هذه الآية ليستْ حجّة في إقامة الدولة – قال لي: ذهبتُ إلى سامرّاء لزيارة الإمامين، فصار عندي شكّ، أي اهتزت فكرة مشروعية قيام دولة إسلامية في عصر الغَيبة، ذهبتُ إلى سامرّاء ومكثتُ في حرم العسكريين أتوسل الله أن يجعل لي سبيلاً في أن أبقى في رأس التنظيم، فلم يفتح الله عليّ، فأعلن عن رأيه – أي السيّد محمّد باقر الصدر- وأرسل إلى مهدي الحكيم قائلاً: لا تعتبروني أنا المسؤول عن التنظيم، ورجاء أن يُدبّروا حالهم في قيادة الحزب)!! ● السيّد الصدر تبنّى التنظيم، وعرض نفسه للبيعة وبايعوه وهو لم يكن قد أحكم أمره مِن الجهة الفقهية والعقائدية! ● الشيء المعروف في الوسط الشيعي أنّ العلماء إذا ما وقعوا في مشكلة من هذا النوع يذهبون إلى سامرّاء، يقصدون الإمام الحجّة.. فهل كان السيّد الصدر يقصد الإمام الحجّة؟! أم أنّه فعلاً كان يقصد الإمامين العسكريين بحسب ما جاء في هذه الحكاية التي يذكرها السيّد طالب الرفاعي وهو ينقلها عن نفس السيّد محمّد باقر الصدر! ربّما ذهب إلى الإمامين العسكريين ولم يخطر في باله أن يطلب الأمر مِن إمام زمانه! وغريبٌ هذا فهو فقيه!! أليس الفقيه نائب عن الإمام الحجّة؟! فلماذا لم يطلب مِن إمام زمانه ذلك؟! وربّما كان ذاهباً لطلب الحلّ مِن إمام زمانه ولكن عند الإمامين العسكريين.. (إذا كان هذا فالرجل لا يعرف الطريق، فالمفروض أن يطلب مِن إمام زمانه)! ومع ذلك لم يفتح الله عليه!! ألا تُلاحظون أنّ الفشل يُرافق الرجل في جهات مُختلفة؟! ● مرّ الكلام في مشروعه الاقتصادي والعملي في نفس الوقت، وكان الحديث عن كتاب [اقتصادنا] وكتاب [البنك الّلاربوي في الإسلام]الذي كُتب برنامجاً لبنك يستثمره الإخوان المُسلمون في الكويت، وينتفعون مِن أمواله واستثمارات ونشاطاته!! فهل هناك فشل أكبر من هذا؟! وهذا ليس غريباً على رجل تشبّع بالفكر القطبي وابتدأ حياته بكتاب وصل فيه إلى نتيجة وهي: أنه حَكَم على ما قامتْ به الزهراء بالفشل!! وحَكَم على فشلها في أكثر مِن موضع مِن هذا الكتاب، وليس في موضع واحد!! ● ويستمرّ الأمر إلى التنظيم السياسي الذي يُنشأ وفقاً للذوق الإخواني المُخالف لأهل بيت العصمة، حتّى حين يلتفت السيّد الصدر إلى خطئه واشتباهه فيما تبنّاه مِن نظرية الشورى في تأسيس الدولة الإسلامية في زمان الغَيبة، فبحسب هذه الحكاية سلَكَ الطريق الخاطئ! (ذهب إلى زيارة الإمامين ولم يلتفت إلى إمام زمانه)! ● يستمرّ السيّد طالب الرفاعي في كلامه فيقول: (جاءني صباحاً السيّد عبد الكريم القزويني وكان السيّد باقر الصدر عندما سافر إلى مدينة الكاظمية ببغداد قد سلّمني داره بالنجف، وكنتُ أُقيم فيها طوال فترة غيابه، ولاحظتُ وجه القزويني مُتغيّراً – أي السيّد عبد الكريم القزويني، وهو مِن تلامذة السيّد محمّد باقر الصدر- فقال لي: ألم تدرِ أنّ السيّد طلع؟! فقلتُ له: وإذا طلع ! ماذا يصير في الدنيا؟! واستشهدتُ حينها بمقولة أبي بكر الصدّيق: “ألا ومَن كان يعبدُ محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومَن كان يعبد الله فإنّ لله حيٌ لا يموت” وأضفت: إذا كنتم تعبدون باقر الصدر فللفِكر ربٌ لا يموت، يومها كان القزويني مُنتظماً في الحزب، وهو الآن يُقيم بمدينة قم الإيرانية…)! هذا حديث خاصّ بين السيّد طالب الرفاعي والسيّد القزويني (وهو شخص شيعي)، والحديث ليس في وسائل الإعلام، ومع ذلك السيّد طالب الرفاعي يستشهد بكلام أبي بكر – كجزء من ثقافته – فهو مُشبع بالفكر المُخالف!! ● الّلقطة 2: محنة السيّد محمّد باقر الصدر مع السياسة! (وكيف تنظر عائلة السيّد محمّد باقر الصدر لمشروع السيّد الصدر الاستشهادي؟!). قبل أن أقرأ لكم ما جاء في كتاب آمالي السيّد الرفاعي بخصوص الّلقطة الثانية، أعرض بين أيديكم قبلها مقطع آخر للسيّد طالب الرفاعي. ● مقطع 2: مقطع فيديو للسيّد طالب الرفاعي مِن مقابلة له أجرتها معه قناة العراقية، والحديث مِن قِبَل السيّد طالب الرفاعي فيما يرتبط بالسيّد محمّد باقر الصدر! ● يقول السيّد طالب الرفاعي في أماليه صفحة 205 تحت عنوان: محنته – أيّ السيّد محمّد باقر الصدر- مع السياسة.. يقول: (أقولها مِن خبرة والتصاق بالسيّد باقر الصدر، إنّه لم يكن كائناً سياسياً، فما دفعه إلى الشهادة هو قلّة تجربته وخبرته في السياسة، فلو كان سياسياً مُحترفاً لخرج مِن العراق إلى بلاد أخرى، فالسياسي العملاق هو آية الله روح الله الخميني، وقد خدمته الظروف وكان هو على استعداد لاستغلالها والاستفادة منها، أمّا محمّد باقر الصدر فكان يُكرّر القول: أريد أن أموت! فما هي فائدة موته؟! أو يقول: قرّرتُ الشهادة، وهذه سلبيّة بحدّ ذاتها في العمل السياسي، فلابدّ مِن أن يكون لدى السياسي هدف يُحقّقه واستفادة من الظرف، فلو كان خرج إلى خارج العراق لربّما سقط النظام، والسبب: أنّه بمقتله لم تبقَ قيادة في العمل الإسلامي، ولو خرج لالتفّتْ الجموع حوله، وكان يتصوّر أنّه لو ترك النجف أنّها ستخرب، أو هو لم يقدر على العيش خارجها، كتبتُ له وأنا بمصر مُوضّحاً: إنّ النجف لها ربٌ يحميها، وأنتَ لستَ أفضل مِن عبد المطّلب بن هاشم جدّ الرسول عندما اضطرته الظروف لأن يترك البيت الحرام، فقال: الكعبة لها ربٌ يحميها، فالمرجعية خرجتْ مِن النجف إلى مناطق عديدة بسبب الظروف آنذاك إلى سامرّاء والحلّة ثُمّ عادتْ إليها، فليس هناك ما يُخاف عليه…) ● ثُمّ يُكمل السيّد طالب وهو يتحدّث في الأجواء الأُسريّة والعائليّة للسيّد محمّد باقر الصدر، يقول: (كان لدى باقر الصدر مُقلّدون ووكلاء، وتُجمع له الحقوق الشرعيّة (الخُمس)، لكنّه كان مُتقشّفاً، أمّا الآن حتّى ولده يُفكّر تفكيراً آخر وهو: لماذا عزم والده على الموت بهذه السهولة؟! ولماذا الإصرار وكأنّ موته سيبني الدولة الإسلامية! وها نحن ننظر مَن استفاد مِن موته ورفعه شِعاراً مِن أجل سُلطته، كنت أتغدّى قبل نحو العام عند السيّد جعفر محمّد باقر الصدر ببيروت، وحضرتْ أخت جعفر العلوية (نبوغ)، قال لها جعفر: عمّك السيّد طالب هنا. فقال لي: الجماعة يُريدون رؤيتك. فرأيتها تبكي، وأنا بكيتُ معها حتّى طال بُكاؤنا على ما حلّ بالعائلة بعد مقتله، حينها التفتَ جعفر نحوي قائلاً: صاحبك – يعني السيّد محمّد باقر الصدر – ما فكّر بهذهِ وأخواتها؟! كذلكَ مضتْ عمّتهم العَلَوية آمنة شهيدة ولم تتزوّج…)!! وقفة عند كتاب [الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيّام الحصار- عرضٌ لسيرته الذاتية ومسيرته السياسية والجهادية] لمحمّد رضا النعماني. ● قراءة مقطع مِن البيان الثالث وهو البيان الأخير الذي وجّهه السيّد محمّد باقر الصدر إلى الشعب العراقي في حصاره، وبعد ذلك أُعدم السيّد وأخته السيّدة آمنة. ممّا جاء فيه: (وأريد أن أقولها لكم يا أبناء عليّ والحسين وأبناء أبي بكر وعمر أنّ المعركة ليستْ بين الشيعة والحكم السنّي، إنّ الحُكم السني الذي مثّله الخلفاء الراشدون والذي كان يقوم على أساس الاسلام والعدل حمل عليّ السيف للدفاع عنه، إذ حارب جندياً في حروب الردّة تحتَ لواء الخليفة الأوّل أبي بكر). هذه هي الّلحظات الأخيرة من حياة السيّد محمّد باقر الصدر، ورغم ذلك الرؤية لاتزال غائمة عند السيّد محمّد باقر الصدر! ● لو فرضنا أنّ هذه العبارة (يا أبناء عليّ والحسين وأبناء أبي بكر وعمر) قالها السيّد للمُجاملة في الجوّ السياسي، فكيف نفهم إذن بقيّة ما جاء في البيان؟! عن أيّ إسلام وأي عدل يتحدّث عنه السيّد محمّد باقر الصدر؟! ومتى كان سيّد الأوصياء جنديّاً في حروب الردّة؟! هل هذا المنطق ينطبق مع موقف أمير المؤمنين في الخُطبة الشقشقية بل في كلّ نهج البلاغة؟! هذا هو المنطق القطبي الناصبي بقي مُرافقاً له حتّى آخر أيّام حياته!! ● الزيارة الجامعة تقول: (وبرئتُ إلى الله عزّ وجلّ مِن أعدائكم، ومِن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم والجاحدين لحقكم، والمارقين مِن ولايتكم، والغاصبين لإرثكم، الشاكين فيكم، المنحرفين عنكم، ومِن كلّ وليجة دونكم، وكلّ مُطاع سواكم، ومِن الأئمة الذين يدعون إلى النار) هكذا يُسمّي آل محمّد مرحلة الخلافة الراشدة (مرحلة الجبت والطاغوت)! هذا هو منطق آل محمّد (القول البليغ الكامل). (وقفة عند صنوف الحصار التي كان يُعاني منها السيّد محمّد باقر الصدر). ● وقفة عند ما يقوله الشيخ محمّد رضا النعماني في كتاب [الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيّام الحصار] تحت عنوان: القيادة النائبة، وهو المشروع الاستراتيجي (النهائي) والخلاصة التي وصل إليها بعد كلّ ذلك الجهد العناء! سُمّي المشروع بـ(القيادة النائبة) باعتبار أنّ السيّد محمّد باقر الصدر هو القائد الأصل.. ولكنّه أي السيّد الصدر كان قد خطّط لعمل استشهادي (أن يُقتل)، وبعد أن يُقتل فإنّ القيادة النائبة ستستثمر استشهاده في مواصلة الجهاد والعمل الدؤوب لأجل تغيير الواقع في العراق وتأسيس نظام وحكم اسلامي. ● يقول الشيخ محمّد رضا النعماني وهو يتحدّث عن هذا المشروع وفشله: (وكانت الخطوط العامّة لفكرة القيادة النائبة كما يلي: 1- اختار السيّد الشهيد مبدئيّاً أربعة أشخاص مِن أجلّة العلماء – من تلامذته -، ليكونوا القيادة النائبة التي كان مِن المفروض أن يُعلن عن أسمائهم للأمّة. 2- وضع رحمه الله قائمة بأسماء أشخاص آخرين، لعلّ عددهم أكثر مِن عشرة يكون مِن حقّ القيادة الرُباعية انتخاب مَن تشاء منهم، للانضمام إليها فيما إذا اقتضتْ المصلحة ذلك، أو اقتضى توسّع العمل إضافة أشخاص آخرين لها، حسب نظام كان قد كتبه. 3- أن يكتب السيّد الشهيد رحمه الله رسالة مُفصّلة إلى الإمام الراحل السيّد الخميني، يشرح لهُ فيها فكرة القيادة النائبة، ويُبيّن له تفاصيلها، ويطلب منه الاهتمام بالقيادة النائبة، وإسنادها بكلّ ما يُمكن. 4- تسجيل بيان بصوت السيّد الشهيد رحمه الله مُوجّه إلى الشعب العراقي يُوصيه فيه بوجوب الالتفاف حول القيادة وإسنادها، وإطاعتها، والعمل بتوجيهاتها. 5- كتابة بيان مُفصّل حول نفس الموضوع مُوقّع مِن قِبَله. 6- أن يخرج السيّد الشهيد رحمه الله إلى الصحن الشريف – أي صحن أمير المؤمنين في النجف – في الوقت الذي يكون فيه مملوءاً بالناس، وهو الفترة الواقعة بين صلاة المغرب والعشاء، وهناك يُلقي خطاباً على المُصلّين، يعلن فيه عن أسماء أعضاء القيادة النائبة، ويطلب مِن الناس إطاعتهم، والسير تحتَ رايتهم. وقال لي رضوان الله عليه : “سوف أظلُّ أتكلّم وأتهجّم على السُلطة، وأُندّد بجرائمها، وأدعو الناس إلى الثورة عليها إلى أن تضطرَّ قواتُ الأمن إلى قتلي في الصحن الشريف أمام الناس، وأرجو أن يكون هذا الحادث مُحفّزاً لكلّ مُؤمن وزائر يدخل الصحن الشريف، لأنّه سيرى المكان الذي سوف أُقتل فيه فيقول: “ها هنا قُتِل الصدر، وهو أثر لا تستطيع السُلطة المُجرمة محوه مِن ذاكرة العراقيين”. وكان (رضوان الله عليه) قد أمرني أن أخرج مِن البيت، وأشتري قطعة سلاح وهي المرّة الثانية التي خرجتُ فيها، وتمكّنتُ بمساعدة أحد الإخوة الطلبة أن أوفّر لهُ ذلك، وآتي به إلى البيت. ثم قال لي: هل أنت مستعد لتشاركني الشهادة؟ فقلتُ: نعم إنْ شاء الله. فقال: إذاً نخرج معاً، فإذا حاولتْ قواتُ الأمن منعي مِن الذهاب إلى الصحن فحاول إطلاق النار عليهم، لكي يُتاح لي الوصول إليه. وكان المفروض كشرط ضروري لتنفيذ الفكرة وضمان نجاحها أن يكون كافّة أعضاء القيادة الرُباعية في خارج العراق، لأنّ الإعلان عن أسمائهم وهم في داخله يعني على أقل الاحتمالات قيام السُلطة باعتقالهم إنْ لم يكن إعدامهم. وعلى هذا الأساس عرض رضوان الله عليه فكرة مشروع القيادة النائبة على أحدهم، وبعد نقاش للمشروع وشكل اشتراكه فيه اعتذر عن الاشتراك. وفشل مشروع القيادة النائبة، وأصابتْ السيّد الشهيد رحمه الله، خيبة أمل قاتلة، وهمٌ دائم، فتدهورتْ صحته، وأُصيب بانهيار صحّي، وضعْف بدني، حتّى كان لا يقوى على صعود السُلّم إلّا بالاستعانة بي، وظهرتْ على وجهه علامات وحالات لا أعرفُ كيف أعبّر عنها. قلتُ لسماحته: سيّدي لماذا هذا الهمُّ والحزن والاضطراب؟ فقال: لقد تبدّدتْ كلّ التضحيات والآمال). هذا هو الفشل بعينه!! ● أيضاً يقول الشيخ محمّد رضا النعماني تحت عنوان (انقطاعٌ كامل لله تعالى) يقول: (وفي هذه الفترة انقطع رضوان الله عليه إلى ربّه تعالى انقطعاً كاملاً، فكان بين تالٍ للقرآن أو مُسبّحٍ حامد، وكان أكثرُ ذكره: “سُبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر” وكان صائماً في الأيّام الأخيرة مِن الحجز، ولم يكن له مِن هم إلّا العبادة. وكنتُ في بعض الأحيان أُثير أمامه بعْض المواضيع التي تتعلّق بالعمل الإسلامي فلا يجيب بشيء ويكتفي بابتسامة بسيطة، وكأنّه لا يُريد أن يتحدّث عن شيء مِن هذهِ الأمور إذْ لا فائدة ولا أمل في ذلك. لقد كان الهم والحزن ينخر في قلبه حتّى أصبح كأنّه هيكل عظمي مِن الضعف وربّما لو رآه البعض لضنه شخص آخر)!! الشيخ محمّد رضا النعماني مِن الذين رافقوا السيّد في أيّام الحصار، ولذلك ينقل لنا هذه الصور الأكيدة والموثّقة. ● وهنا أطرح هذه التساؤلات: — أين صاحب الأمر في المشروع الفكري والاقتصادي والعملي للسيّد محمّد باقر الصدر؟! — أين صاحب الأمر مِن مشروعهِ السياسي التنظيمي الحزبي، أو مِن مُخطّطه الاستراتيجي الذي سمّاه بـ(القيادة النائبة)؟! حين وقع في المُشكلة الفكرية والعقائدية قصد سامرّاء (قصد الامامين العسكريين) بحسب ما رواه السيّد طالب الرفاعي.. والسيّد محمّد باقر الصدر هو بنفسه الذي حدّث السيّد طالب الرفاعي بذلك! فلم يقصد السيّد الصدر الإمام الحجّة.. وحتّى لو قصده فقد رجع خائباً خالي الوفاض! فالسؤال هنا: — هل أنّ الفقيه الذي يكون نائباً للإمام الحجّة فعلاً ويقصده في مُشكلة تتعلّق بواقع الأمّة، هل يُرجعه الإمام خائباً؟! وقفة عند كتاب [الإمامة وقيادة المجتمع] لأحد التلامذة المقرّبين للسيّد محمّد باقر الصدر وهو السيّد كاظم الحائري، وهو أحد أعضاء القيادة النائبة. (قراءة سطور من كتابه تحت عنوان: فوائد وجود الإمام الحجّة تحت الستار). ينقل في هذه السطور رأي أُستاذه السيّد محمّد باقر الصدر بشأن غَيبة الإمام الحجّة، ويتبنّى هذا الرأي ويُدافع عنه.. فيقول في هذه السطور أنّ أستاذه الشهيد الصدر يرى أنّ الإمام الحجّة عليه السّلام يحتاج إلى مقدّمات حتّى لا يفشل في مشروعه!! ومِن هذه المقدّمات التي يذكرها: ● الإعداد النّفسي للإمام لعملية التّغيير الكبرى!! ● الإعداد الفكري له عليه السلام وتعميق الخبرة القياديّة!! ● وكذلك الاقتراب من مصادر الإسلام الاُولى!! الذي يُفكّر بهذا المستوى أعتقد أنّه لا يعرف شيئاً عن إمامه! للأمانة العلمية نعود إلى نفس المصدر الأصلي كتاب [بحث حول المهدي] للسيّد محمّد باقر الصدر (قراءة سطور من هذا الكتاب تجيب عن هذا السؤال: ما هي فائدة هذه الغيبة الطويلة وما المُبرر لها؟) يقول فيها السيّد محمّد باقر الصدر: (وبكلمة أخرى ما هي فائدة هذه الغيبة الطويلة وما المُبرر لها؟ وكثير مِن الناس يَسألون هذا السؤال وهم لا يُريدون أن يسمعوا جواباً غيبيّاً، فنحنُ نُؤمن بأنّ الأئمة الإثني عشر مجموعة فريدة لا يمكن التعويض عن أيّ واحد منهم، غير أنَّ هؤلاء المُتسائلين يُطالبون بتفسير اجتماعي للموقف، على ضوء الحقائق المحسوسة لعملية التغيير الكبرى نفسها والمتطلبات المفهومة لليوم الموعود. وعلى هذا الأساس نقطعُ النظر مُؤقتاً عن الخصائص – الغَيبية – التي نؤمن بتوفرها في هؤلاء الأئمة المعصومين…) وبعد ذلك يُجيب، فيقول أنّ مِن فوائد هذه الغَيبة: ● الإعداد النفسي لعملية التغيير الكبرى. ● الإعداد الفكري. ● وكذلك تعميق الفكرة القيادية! هذا الكلام ذكره في المقدّمة.. ولكن حين نقرأ التفاصيل نجد الّلحن يتغيّر وكأنّه يُريد أن يقول أنّ هذا الجواب جواب حقيقي!! ومِن هنا السيّد كاظم الحائري نقل هذا الكلام بهذه الصيغة (أنّها هي الرأي الذي يتبّناه ويعتقد به أستاذه السيّد محمّد باقر الصدر).. ولم يذكر السيّد كاظم الحالة الاستثنائية التي أشار إليها السيّد محمّد باقر الصدر في أوّل كلامه. وهنا يبدو أيضاً مِن كتابة تلامذتهِ الآخرين كما في كتاب [دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة] للسيّد محمّد باقر الحكيم، وكذلك في كتاب [موسوعة الإمام المهدي] للسيّد محمّد الصدر حين تحدّث وقال – على نفس الذوق – أنّه لابدّ مِن غفلة تحصل للإمام عليه السلام!