الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٢٦ – لبّيك يا فاطمة ج٤٣ – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق١٠ – ضعف البراءة ج٤ Show Press Release (25 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 126 – لبّيك يا فاطمة ج43 – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق10 – ضعف البراءة ج4 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (8٬545 More Words) يازهراء بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيك يَا وَجْه الله الَّذِيْ إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء… بقيَّةَ الله… مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَك؟!… الْحَلَقَةُ السَّادسةُ وَالعُشْرُون بَعد الْمِئَة لَبَّيكِ يَا فَاطِمَة الجُزْءُ الثَّالث والأربعون ملامحُ المنهج الأبتر في الواقع الشِّيعيّ ق 2 – ضَعْفُ البَرَاءَة ج4 سَلَامٌ عَليْكُم إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ … عُنوانُنَا هُوَ العُنوانُ المحبَّبُ إلى قُلوبنا: لبَّيكِ يَا فَاطِمَة …!! والحديثُ في ملامحِ المنهجِ الأبتر الَّذي يتحرَّكُ في الوسط الشِّيعيّ وخُصوصاً في المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة، ومرَّ الحديثُ في مَلْمَح الصَّنميَّة المقيتةِ البغيضة وتفاريعها، ووصل الحديثُ إلى ضعفِ عقيدة البَراءة، بل ربَّما هُناك انعدامٌ في كَثيرٍ مِن الجهاتِ وفي كثيرٍ من الأحيان للبراءةِ الفكرية، خُصوصاً في الأجواء المرجعيَّة والأجواء الحوزوية، وقلتُ بأنّ للتشيُّعِ جناحان: شِيعةُ العِراق وشِيعةُ إيران، وقد اخترق المدُّ الإخواني هذين الجَناحين، وتطوَّر هذا الاِختراق إلى التكوين القُطبي اللَّعين، وتسلسل الحديثُ حتَّى وصلنا إلى جناحي التشيُّع في العِراق النَّجفُ وكربلاء، وكَان الحديثُ في أجواءِ النَّجف والرمز الكبير المرجعُ الشَّهيد السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر رضوان الله تعالى عليه. لا أريد أنْ أُعيد ما تقدَّم من كلامٍ ولكنَّني أواصلُ من حيثُ انتهيت، كان الحديثُ في المشروع الفكري الاقتصادي والعملي كذلك، وكانَ الحديثُ في المشروع السِّياسي التنظيمي والمُخطَّط السِتراتيجي للسيِّد الشَّهيد وكان الحديثُ أيضاً في الجَانب الفكري والعَقائدي ومَا يرتبطُ بهذهِ العناوين. كتاب السيِّد الصَّدر رحمةُ الله عليه: (المدرسةُ القُرآنية)، في هذا الكتاب يُبيِّنُ منهجيَّتهُ في فَهمِ القُرآن وفي تفسيرِ القُرآن، هذهِ الطبعةُ الَّتي بين يديّ، مكتبة سلمان المحمَّدي، بغداد، العراق، الطبعة الأولى، 2013 ميلادي، في صفحة 30، ماذا يقول سيِّدنا مُحَمَّد باقر الصَّدر رحمةُ اللهِ عليه وهو يتحدَّث عن منهجيَّتهِ في التعاملِ معَ القُرآن الكريم؟ – قال أمير المؤمنين عليه الصَّلاة والسَّلام وهو يتحدَّثُ عن القرآنِ الشَّريف – هذا هو كلام السيِّد الصَّدر – قال أمير المؤمنين عليه الصَّلاةُ والسَّلام وهو يتحدَّثُ عن القُرآن الشَّريف: (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه، أَلَا أَنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُم وَنَظْمَ مَا بَيْنِكُم) – كلامُ الأمير واضح: (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه). الاستنطاق أنَّنا نُطالِبُ القُرآن أنْ ينطُق، الاستنطاق على وزن الاستفعال، فحين أستنطقُ شيئاً فإنَّني أُطالبهُ وأُحفِّزهُ وأحثُّهُ، وأبذلُ جُهدي لكي أدفعَهُ للنُّطق، فالأميرُ هكذا يقول: (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه)، حاولوا أنْ تجعلوا القُرآن ينطُق، ولكنَّهُ بعد ذلك يقول: (وَلَنْ يَنْطُق)، وهذه (لن) للنَّفي التأبيدي، يعني لا يمكن في أيِّ حالٍ من الأحوال أنْ ننجح في محاولتنا لاستنطاقهِ، أميرُ المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه يُريد منَّا أنْ نُدرك هذهِ الحَقيقة بأنفُسِنا، نَستنطقُ القُرآن، ولكنَّهُ لنْ ينطق لكم: (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق – إذاً كيف نتعامل مع القُرآن؟ – وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه)، أنا أخبركم عنه، عليٌّ هو الَّذي يُخبرنا، وهذا هو العهد المأخوذ علينا في بيعة الغدير! وهذا هو معنى حديث الثَّقلين (لن يفترقا)، وهذا هو معنى أنَّ القُرآن مع عليٍّ وأنَّ عليَّاً معَ القُرآن، وهذا هو معنى أنَّ عليَّاً هو الكتابُ النَّاطق والقُرآنُ بين الدَّفتين كتابٌ صامت، كُلُّ هذهِ الحقائق واضحة وتتعاضد فيما بينها، (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق). المضمون الَّذي جاء في أحاديثهم إنَّ هذا القرآن لم ولنْ يفهمَهُ إلَّا من خُوطِب به، مَن الَّذين خوطبوا بهذا القرآن بنحوٍ مباشر؟ هم مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّد، صحيحٌ أنَّ القُرآن نزل بإيَّاكِ أعني واسمعي يا جارة، لكنَّ الخطاب كان مُوجَّهاً بشكلٍ مُباشر إليهم، والَّذين يُفكِّكون لنا هذهِ المعادلة وفقاً لقاعدة إيَّاك أعني واسمعي يا جارة هُم، ولذا أخذَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله العهدَ على الأُمَّةِ في بيعة الغَدير أنْ لا تأخذ تفسير القُرآن إلَّا من عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق – مُستحيل – وَلَنْ يَنْطُق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه – أنا أخبركم، عليٌّ يُخبرنا – أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي – علم ما يأتي، إذا أردتُ أنْ استنطق القُرآن كيف أستخرجهُ؟ هذا هو القرآنُ الصَّامت بين أيدينا، خبِّرونا من يستطيع أنْ يُخرِج لنا من هذا الكتاب عِلْمَ ما يأتي؟ – أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي – وحتَّى ما يرتبط بالماضي فإنَّ القُرآن الَّذي هو بين الدفّتين تحدَّث عن الماضي بالمُجمل وبأسلوبٍ مُقتضب بل مُقتطع، بَل هُناك الكَثير والكَثير من التفاصيل المهمَّة لم يُشر إليها القُرآنُ الَّذي بين الدَّفتين، لم يُشر إليها لا من قريبٍ ولا من بعيد – أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُم) – هل نحنُ أطباء أنفسنا؟ من الَّذي يُشخِّص الداء؟ لابُدَّ من طبيبٍ يُشخِّصُ الداء وفي نفس الوقت يمتلكُ الخِبرةَ لتشخيصِ الدواء، والحديثُ هنا عن القُرآن فلابَّد من تشخيص الدَّاءِ بشكلٍ دقيق لا على أساس الاحتمالات ولابُدَّ من تَشخيص الدَّواء على أساسٍ دقيقٍ لا على أساس التجارب. أنَّ الطبيب يُجرِّب في المريض، ويُشخِّص المرض على أساس الاحتمالات، ثُمَّ بعد ذلك يُجرِّبُ الأدوية في ذلك المريض، هذا هو أكثر ما يُمكن للإنسانِ أنْ يصل إليه، وهذا هو واقعُ الطبّ مع كُلِّ هذا التطور الهائل والتقنيات والإلكترونيك، مع كُلِّ هذه التقنيات الهائلة لا زال الأطباء يتعاملون مع المرضى في تشخيصِ المرض على أساس الاحتمالات، ولا زالوا يُشخِّصون الأدوية على أساس التجريب، يعطون دواءً وبعد ذلك يُغيّرونه، مع كُلِّ هذا التطور الهائل، وهذا في الجانب المادي الَّذي يَسهُل تشخيصه فما بالك بالجانب المعنوي الَّذي يَرتبط بأعماق الماضي السَّحيق ويتَّصلُ بما يأتي من مُستقبل الأحداثِ والحوادث والأيَّام، فنحنُ حينَ نتحدَّث عن مُشكلات الإنسان لا نتحدَّثُ عن مشكلةٍ آنيةٍ في الزَّمن الَّذي نَعيشهُ، هذه المشكلات تَرتبط بما مضى وتتصلُ بما يأتي، فحينما يُشخَّصُ الداءُ لابُدَّ أن ينظر هذا المُشخِّصُ لِمَا مضى ولِمَا يأتي، ولذلك الأمير ماذا قال؟ قال: (أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي – بعد ذلك ماذا قال؟ – وَدَوَاءَ دَائِكُم – لأنَّ هذه الأمور يرتبط بعضها بالبعضِ الآخر، هكذا نُسِج الكون، وهذا هو نظام الوجود – أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُم وَنَظْمَ مَا بَيْنِكُم). هذا هو كلام أمير المؤمنين كيف فهمهُ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر؟ تعالوا معي نناقش:- التعبيرُ بالاستنطاق الَّذي جاء في كلام ابنِ القُرآن – هذه تعابير خاطئة، من الَّذي عَبَّر عن أمير المؤمنين بأنَّه ابنُ القُرآن؟ عليٌّ هو القُرآن النَّاطق، وهذهِ التعابير هي من وحي التعابير القُطبية، ومن وحي التعابير الإخوانية، التعبير بالاستنطاق مثل ما مرَّ علينا في كتابهِ (فدكٌ في التأريخ)، يتحدَّث عن أمير المؤمنين وأنَّ الإسلام كان أخاً له ولذلك ضحَّى ما ضحَّى في سبيل أخيه، فهنا صار عليٌّ ابناً القُرآن – التعبيرُ بالاستنطاق الَّذي جاء في كلام ابنِ القرآن عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام أروع تعبير – عن أيِّ شيءٍ؟ – عن عملية التفسير الموضوعي – كيف؟ لا أدري!! ما علاقة هذا بهذا؟! الأمير يقول: استنطقوه ولنْ ينطق، لن ينطقَ لكم، والسيِّد يقول:- أروع تعبير عن عملية التفسير الموضوعي – عملية التفسير الموضوعي الَّتي يتحدَّثُ عنها السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في هذا الكتاب وهي منهجيَّتهُ في التفسير هي بالضَّبط منهجيَّةُ سيِّد قطب مئة في المئة في تفسيرهِ في ظِلال القُرآن. وهذهِ المنهجيَّة الَّتي سَارَ عليها سيِّد قُطب يمكن أنْ نقرأها من خلالِ عنوان التفسير، ماذا سمَّى تفسيرَهُ؟ في ظِلال القُرآن، فسيِّد قُطب يُصوِّر نَفسهُ بهذهِ الصورة: أنَّهُ يجلس في ظِلال القُرآن يتبصَّر فيه، يتملَّى فيه، يغوصُ كغائصٍ صوفيٍّ في طوايا معانيه ويُحاول أنْ يفهم الحياة من خلالِ رؤيتهِ ومن خلال تجاربهِ في الواقع الَّذي يعيشهُ، يستلهمُ من القُرآن معانٍ يحاول على أساسها أنْ يُمازج بين فهم الواقع العملي وبين التعاليمِ الدِّينيَّة وبين المفاهيم الَّتي استطاع أنْ يستلَّها من خلال تدبُّرهِ ومن خلال تفكُّرهِ في آيات القُرآن الكريم، ويُحاول أنْ يستجمع كُلَّ المضامين المتشابهة، ولذلك إذا رجعنا إلى تفسير سيِّد قُطب في ظِلال القُرآن سنجد أنَّ أجزاء التفسير مشحونةٌ بموضوعاتٍ وبعناوين كُليَّة جَمَع فيها ما استطاع أنْ يجمعهُ من الآيات المتشابهة في نفسِ الموضوع كي يستلَّ منها نتيجةً أو خُلاصةً، وهو هذا الَّذي يُسمَّى بالتفسير الموضوعي، وهو نفسهُ الَّذي يتحدَّثُ عنه السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في هذا الكتاب، وهو بالضَّبط معارض مئة بالمئة للاستنطاق الَّذي تحدَّث عنهُ أمير المؤمنين، أمير المؤمنين قال استنطقوه ولنْ ينطق، فهو نفى النُطقَ بشكلٍ أبديٍ، وقال: أنا أُخبِركم عنه، هذا هو منطقُ أهل البيت!! السيِّد الصَّدر يأتي بكلامِ أمير المؤمنين فيبتُره، ونحن نتحدَّث عن ملامح المنهج الأبتر، يأتي فيبتر الحديث، يأخذ فقط هذه الكلمة: (اسْتَنْطِقُوه)، ويبني عليها ما فهمهُ وما أخذهُ من سيِّد قطب فيبتر كلام أمير المؤمنين، يأخذ كلمة واحدة ثُمَّ يُسقِط على هذه الكلمة منهجيَّةَ سيِّد قُطب، ويعتبر أنَّهُ قد وصَل إلى منهجيَّة أمير المؤمنين حين يقول:- التعبيرُ بالاستنطاق الَّذي جاء في كلام ابن القُرآن عليه الصَّلاة والسَّلام أروع تعبير عن عملية التفسير الموضوعي بوصفها – هذا هو التفسير الموضوعي الَّذي يتحدَّث عنهُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر – بوصفها حواراً مع القُرآن الكريم – كما هو الحال عند سيِّد قطب يجلس في ظلال القرآن يُحاور القرآن! يستنطقُ القُرآن! – بوصفها حواراً مع القُرآن الكريم وطرحاً للمشاكل الموضوعية عليه – نطرح المشاكل الموضوعية على القُرآن – بقصد الحصول على الإجابة القُرآنية عليها – وهذا بالضَّبط يُعارض منهجيَّة أهل البيت مئة في المئة، لأنَّنا لا نستطيع أنْ نتعامل مع القُرآن من دون العترة، هذه هي المنهجيَّة العُمريَّة القُطبية بامتياز، بل إنَّ سيِّد قطب ذهب بعيداً، ابتعد أكثر وأكثر حتَّى عن المنهجيَّة العُمرية وغالى فيها كثيراً، غالى كثيراً في المنهجيَّة العُمَريَّة – إذاً – لا زال الكلام كلام السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر – إذاً فأوَّلُ أوجهِ الاختلاف الرئيسيَّة بين الاتَّجاه التجزيئي – هذه هي الطريقة التقليديَّة في التفسير. أنا هنا لا أريد أنْ أتحدَّث عن كُلِّ شيء وإنَّما فقط أريد أنْ أقول إنَّ منهجيَّة السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر منهجيَّةٌ قُطبيةٌ بامتياز، والمنهجيَّةُ القطبيَّةُ هذهِ هي منهجيَّةٌ عمريّةٌ ولكن في درجاتٍ عاليةٍ من الغُلُوّ في الاعتمادِ على رأي الإنسان وعلى تجاربهِ لفهمِ كتابِ الله – إذاً فأوَّل أوجه الاختلاف الرئيسيَّة بين الاتِّجاه التجزيئي في التفسير والاتِّجاه الموضوعي في التفسير أنَّ الاتِّجاه التجزيئي يكونُ دور المُفسِّر فيهِ دوراً سلبياً يستمع ويُسجِّل بينما التفسيرُ الموضوعي ليس هذا معناه وليس هذا كُنهه، وإنَّما وظيفةُ التفسير الموضوعي دائماً – هو منهجيَّتهُ منهجيَّةُ التفسير الموضوعي، لذا لا نقف طويلاً عند التفسير التجزيئي – وإنَّما وظيفةُ التفسير الموضوعي دائماً وفي كُلِّ مَرحلة وفي كُلِّ عصر – ما هي؟ – أنْ يحمل – أي المُفسِّر – أنْ يحمل كُلَّ تُراث البشرية الَّذي عاشهُ، يحملُ أفكارَ عصرهِ، يحمل المقولات الَّتي تعلَّمها في تجربته البشرية ثُمَّ يضعها بين يدي القُرآن، بين يدي الكتاب الَّذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، ليحكم على هذه الحصيلة بما يمكن لهذا المفسِّر أنْ يفهمهُ وأنْ يستشفَّهُ – استشفاف، نفسُ المضمون الَّذي اعتمدهُ مُحَمَّد حسين فضلُ الله في تفسيرهِ من وحي القُرآن وسمَّاه: من وحي القُرآن فهو يستوحي ويستشفّ! – ليحكم على هذه الحصيلة بما يمكنُ لهذا المُفسِّر أنْ يفهمهُ أنْ يستشفَّهُ أنْ يتبيَّنهُ من خِلالِ مجموعةِ آياتهِ الشَّريفة، إذاً فهنا يلتحمُ القُرآنُ مع الواقع، يلتحم القُرآن مع الحياة، التفسيرُ يبدأُ من الواقع وينتهي إلى القُرآن – كيف؟! هنا صار الواقع هو الَّذي يُفسِّر القرآن!! والزِّيارة الجامعة الكبيرة قالت: (مَنْ أَرَادَ الله بَدَأ بِكُم – فكيف نُريد الله؟ لابُدَّ أنْ نفهم كلامهُ – مَنْ أَرَادَ الله بَدَأ بِكُم). التفسير الموضوعي يقول:- التفسيرُ يبدأُ من الواقع وينتهي إلى القُرآن – وأين العترة حينئذٍ؟! – لا أنَّه يبدأُ من القُرآن وينتهي بالقُرآن – إنَّهُ يبدأ من العترة، منهجُ أهل البيت أنَّ تفسير القُرآن يبدأ من العترة وينتهي بالقُرآن!! أمَّا أنْ يبدأ من الواقع وينتهي بالقُرآن فهذا هو منطقُ سيِّد قطب، سيِّد قطب هكذا كَتَب تفسيرهُ في ظِلالِ القرآن، ولأنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر أُشبِع بهذه المنهجيَّة وأُشبِع بهذا التفكير، فهذه المنهجيَّة في فهمِ القُرآن تركت آثارها عليهِ في سائرِ مشاريعه الأخرى، مشاريعه العلمية والفكرية وحتَّى السِّياسيَّة – التفسير يبدأ من الواقع وينتهي إلى القُرآن لا أنَّهُ يبدأ من القُرآن وينتهي بالقُرآن – من قال من أنَّ التفسير يبدأ بالقرآن وينتهي بالقرآن؟! هذه منهجيَّةٌ عُمَريّة، التفسير يبدأ من القرآن وينتهي بالقُرآن هذه هي المنهجيَّة العمريّة (حسبُنا كتاب الله)، فالبداية منه والنِّهايةُ عندهُ أيضاً، سيِّد قطب غالى في الموضوع، فابتدأ من الواقع وانتهى بالقُرآن وتبعهُ من تَبعهُ من الشِّيعة ومنهم السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر. أمَّا منهجيَّةُ بيعة الغدير وهي الشَّرط الَّذي أُخِذ على الشِّيعة: لا تُفسِّروا القُرآن إلَّا من طريق عليٍّ، هذا الشَّرط أُخِذ على الأمَّة جميعاً وليس فقط على الشِّيعة، ولكن هذا الشَّرط يتأكَّد على الَّذين قَبلوا بالبيعة، الَّذين قَبلوا بالبيعة قبولاً حقيقيَّاً هم الشِّيعة، فهذا الشَّرط هو أساسُ بيعةِ الغدير، وهو نفس مضمون حديث الثَّقلين: (لنْ يَفْتَرِقَا)، هنا هذه المنهجيَّة تُفرِّق بين الكتاب والعِترة، تجمع بين الواقع والكتاب، وكأنَّ حديث الثَّقلين يقول: إنِّي مُخلِّفٌ فيكم الثَّقلين الكتاب والواقع! فتكون عمليَّةً مُنعزلة – متى؟ إذا بدأنا من القُرآن وانتهينا بالقُرآن – فتكون عمليَّةً مُنعزلة عن الواقع مُنفصلةً عن تُراث التجربة البشرية، بل هذه العمليةُ عمليَّةٌ تبدأ من الواقع وتنتهي بالقُرآن القَيِّم بوصفهِ المصدر الَّذي يُحدَّدُ على ضوئهِ الاتجاهات الربَّانية بالنِّسبة إلى ذلك الواقع – هذا الكلام يخالف منطق أهل البيت مئة في المئة هذا أوَّلاً، وثانياً: يُوصلنا إلى نتائج خاطئة!! كما وصل السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر إلى نتائج خاطئة، صحيحٌ أنّ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر كان يمتلك نُبُوغاً مميَّزاً بين أقرانه، كان على درجةٍ عالية من الذكاء الوقَّاد، وصحيحٌ أنّه كان على ثقافةٍ واسعة وعلى اطلاعٍ فيما هو موجودٌ في مكتبات عصره وأيَّامهِ وزمانه، كان السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر عميقَ الفكر وحين يكتُب وحين يبحث بحسبِ قواعد البحث الأكاديمي فأبحاثهُ وكتاباتهُ هي في أعلى المستويات، لكنَّني لا أتحدَّثُ عن هذهِ الجهات، إنَّني أتحدَّث عن الاتِّجاه العقائدي الَّذي لابُدَّ أنْ نَزِن به الأفكار والمفاهيم، وإلَّا فالعالم مليءٌ بالفلاسفةِ والعمالقة في شتَّى صُنُوف الفكر، إذا أردنا أنْ نتجوَّل في مكتبات العالم فلربَّما نستصغرُ كُلُّ الانتاج الَّذي أنتجهُ المفكِّرون في الشَّرق إذا أردنا أن ننظر إلى الاِنتاج الَّذي انتجه المفكِّرون في الغرب، لكن القضيَّة في ميزان أهل البيت لا تُؤخَذ بهذهِ المقاييس، مقاييس أهل البيت واضحة وصريحة، وأنا هنا أقيسُ منطقَ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وفقاً لمنطق الكتاب والعترة ولا شأنَ لي بأيِّ مقياسٍ آخر. في صفحة 31 يقول:- في مَنهجِ التفسير الموضوعي لأنَّنا نستنطق القُرآن وإنَّ في القُرآن عِلمَ ما كان وعِلمَ ما يأتي – ويقفز على عبارة الأمير: (وَلَنْ يَنْطُق)! لا أدري لماذا؟! أليس هذا بَتراً للحقائق؟ هذا هو المنهجُ الأبترُ الَّذي أتحدَّثُ عنه، وهذه إنَّما هي قفزة، المشكلة لو كَان السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر لم يكُن مُطَّلعاً على كلامِ أمير المؤمنين ولم يكن قد أثبتهُ في بداية حديثهِ في صفحة 30، لقُلت بأنَّ السيِّد في غفلةٍ من أمرهِ، وكُلُّنا تُصيبنا الغفلة، لكنَّهُ يُثبِت النَّصَّ كما هو، وهذا النَّص موجود في نهج البلاغة وفي غير نهج البلاغة، يُثبت النَّصَّ كما هو، وفي بداية الأمر يأخُذ فقط كلمة: (فَاسْتَنْطِقُوه)، وعلى أساسها يُشرعن شرعنةً فكرية للتفسير الموضوعي الَّذي أخذهُ من سيِّد قطب، هو لا يُصرِّح بذلك هنا ولكن الَّذين يعرفون منهجيَّة سيِّد قطب فهي هذه. اقرأوا الصَّفحات الأولى من الجزء الأوَّل من كِتاب سيِّد قطب (في ظِلال القُرآن) وستجدون هذا المضمون واضحاً صريحاً، كما قُلتُ قبل قليل أصلاً عنوان الكتاب، أليس يُقال إنَّ المكتوب يُقرأُ من عنوانهِ، عنوان الكتاب هو دالٌّ على هذهِ المنهجيَّة، (في ظِلالِ القُرآن)، في ظِلال القُرآن من هو الَّذي يجلسُ في ظِلال القُرآن؟ سيِّد قطب، ماذا يصنع؟ إنّه يستلهمُ المعاني من القُرآن، وَلَكِنْ على أيِّ أساسٍ؟ هو يُبين في المقدِّمة: يُريد أنْ يُمازج بين الواقع الَّذي يعيشهُ الإنسان وبين ما جاء في الكتاب الكريم، وهذا هو، هذا هو المنهج بعينهِ، أنَّ التفسير يبدأ من الواقع وينتهي إلى القُرآن، إذاً أين العترة؟ هنا في صفحة 31، يقفزُ قفزةً غريبة على الحديث، الحديث هذا هو: (ذَلِكَ القُرْآن فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطِق – ثُمَّ يقول:- وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه، أَلَا إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي)، إلى آخر كلام الأمير. ماذا يقول هنا السيِّد الصَّدر؟ – في منهج التفسير الموضوعي لأنَّنا نستنطقُ القرآن – الأمير قال ولكنّه لن ينطق لكم، لا بأس نحنُ نستنطق القُرآن ولكنّه لن ينطق لنا – لأنَّنا نستنطقُ القُرآن – هنا يقفز على حقيقةِ أنَّ القُرآن (لنْ ينطق)، وعلى حقيقةِ (ولكن أخبركم عنه)، الأمير هو الذي يخبرنا عنه، لكنّه يقفز إلى قول الأمير: (أَلَا إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي – وإنَّ في القُرآن عِلمَ ما كان وعِلمَ ما يأتي لأنَّ في القرآن دواء دائنا، ولأنَّ في القُرآن نظم ما بيننا، ولأنَّ في القُرآنِ ما يُمكن أنْ نستشفَّ منهُ، هذا من أين جاء به؟ ما يمكن أنْ نستشفَّ منهُ مواقف السَّماء اتِّجاه تجربة الأرض – هذا أين كان في كلام أمير المؤمنين؟ أقرأ لكم كلام أمير المؤمنين، حذف قسماً من كلام أمير المؤمنين وهو الأساس، وأضاف إلى كلام أمير المؤمنين ما أخذهُ من سيِّد قُطب، ماذا يقول أمير المؤمنين؟ – ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق – أوَّل شيء قال: استنطقوه، ثانياً قال: لن ينطق، التفتوا إلى كلامِ أمير المؤمنين ماذا قال؟ قال – ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه – أوَّلاً – وَلَنْ يَنْطُق – ثانياً – وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه – ثالثاً – أَلَا أَنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُم وَنَظْمَ مَا بَيْنِكُم – رابعاً، وانتهى، هذه الأشياء الأربعة في كلام أمير المؤمنين، استنطقوه، لن ينطق، أُخبركم عنه، هو يخبرنا عنه لأنَّه لن ينطق، فلابُدَّ من ناطقٍ عن هذا القُرآن – أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُم وَنَظْمَ مَا بَيْنِكُم – وانتهينا. ماذا قال السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر؟ – لأنَّنا نستنطقُ القُرآن – هذا أوَّلاً، ثانياً: (وَلَنْ يَنْطُق) هذه عُلِست، (وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه)، عنه هذه عُلِست أيضاً، وقفز إلى – وإنَّ في القُرآن علم ما كان وعلم ما يأتي لأنَّ في القُرآن دواء دائنا ولأنَّ في القُرآن نظم ما بيننا – إلى هنا تَمَّ كلام أمير المؤمنين، هو يُكمِل – لأنَّ في القُرآنِ ما يمكن أن نستشفَّ منهُ مواقف السَّماء اتِّجاه تجربة الأرض – هو حتَّى هذه المصطلحات السَّماء ويأتي من السَّماء، والارتباط بالسَّماء، هذه التعابير هو أوجدها في الثَّقافة الشِّيعيَّة، السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر جاء بها من القطبيّين، هذه الثَّقافة ليست موجودة، الربط دائماً عند أهل البيت في ثقافتهم هو بالإمام المعصوم، الربط بالسَّماء! ما المراد من السَّماء؟ هذه معاني عائمة وغائمة، وإذا تُستعمل فهي تُستعمل بشكلٍ أدبيٍّ لا أنْ تكون أساساً فكريّاً على طول الخط، ألا تُلاحظون أنّ هذه الثَّقافة وهذه المصطلحات هي الثَّقافة المنتشرة في الواقع الشِّيعيّ؟ من الَّذي جاء بها؟ الَّذي جاء بها هو السيِّد محمَّد باقر الصَّدر وأقرانه وتلامذته وحشروها في الوسط الشِّيعيّ وإلَّا ابحثوا قبل هذه الفترة هل هذه المصطلحات كانت موجودة؟ ليست موجودة، هذا تحريف أم ليس بتحريف؟ هذا هو المنهجُ الأبترُ الَّذي أتحدَّثُ عنه، هذا الكتاب أمامَكم موجود، نهج البلاغة موجود، وهو بنفسه ينقل النَّص. هذه العبارة:- لأنَّ في القُرآنِ ما يمكن أنْ نستشفَّ منه مواقف السَّماء اتِّجاه تجربة الأرض – هذا تعبير قُطبيّ بامتياز، قَرَض كلامَ أمير المؤمنين في المواقع الحسَّاسة، قال: (وَلَنْ يَنْطُق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه) هذا رفعه، وأضاف هذا الكلام، أنا لا أقول بسوء نيَّة، والله لا أقول بسوء نيَّة، ولا أقول هذا الكلام مُجاملةً أو إرضاءً أو مُحاباةً، أنا أقول السيِّد الصَّدر غَطَس في الفكر القطبيّ وضاعت عندهُ الموازين بحيث أصبح لا يُميّز ما هو الَّذي يرتبط بأهل البيت حقيقةً وما هو الَّذي قد تورَّط فيه بسببِ هذه الثَّقافة الناصبة المعادية لأهل البيت الَّتي جاءت عبر هذا التكوين القطبيّ اللعين. في صفحة 33 يقول:- وأنَّ التفسير الموضوعي كما شرحنا بالأمس – باعتبار أنّ هذا الكتاب (المدرسة القرآنية) هو عبارة عن دروس كان يلقيها على طلبتهِ، دروس في منهجيَّة التفسير الموضوعي، المنهجيَّة الَّتي يتبناها السيِّد محمَّد باقر الصَّدر فهذا في الدرس الثَّاني، هذه الدروس جُمِعت في هذا الكتاب وطُبِعت – وأنَّ التفسير الموضوعي كما شرحنا بالأمس – في درس يوم أمس – يبدأُ بالواقع – ويُحدِّد – بالواقع الخارجي بحصيلة التجربة البشرية – بالضَّبط الواقع الَّذي نعيشهُ – يتزوَّد بِكُلِّ ما وصلت إلى يدهِ – هذا المفسِّر – من حصيلة هذه التجربة ومن أفكارها ومن مضامينها – من البديهيّ أنّ الإنسان هو ابنُ تجربتهِ!! فهل أنَّ القرآن مُفصَّلٌ لتجربةِ إنسانٍ بعينهِ؟ أم أنَّ القرآن جاء بصياغةٍ وبأسلوبٍ يرجع إليهِ من يعرف أسرارَهُ وينطق عنه كما قال أمير المؤمنين، إذا كان كُلُّ مُفسِّرٍ وكُلُّ إنسانٍ يحمل تجاربهُ ويأتي بها إلى القرآن ويستفتي القرآن ولا أدري كيف سيستفتي القرآن، والقرآن فيه المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ وفيه الحقائق التأريخية النَّاقصة غير الواضحة الَّتي بحاجة إلى بياناتٍ من العترة الطاهرة. أنَّ التفسير الموضوعي كما شرحنا بالأمس يبدأ بالواقع، بالواقع الخارجي بحصيلة التجربة البشرية، يتزوَّدُ بِكُلِّ ما وصلت إلى يدهِ من حصيلة هذه التجربة ومن أفكارها ومن مضامينها ثُمَّ يعود إلى القُرآن الكريم ليُحكِّم القرآن الكريم ويستنطق القُرآن الكريم على حدِّ تعبيرِ الإمام أمير المؤمنين عليه الصَّلاة والسَّلام – ولكن قال لنْ ينطق لكم؟! أمير المؤمنين قال لنْ ينطق، فلماذا هذا الإصرار على تحريفِ كلام أمير المؤمنين؟! إنّه إصرار واضح – ثُمَّ يعود إلى القُرآن الكريم ليُحكِّم القرآن الكريم – حين نُحكِّم القرآن الكريم ألا ننتظر أنْ يُصدِر الحكم؟ هو لا ينطق فكيف نُحكِّمه؟ – ليُحكِّم القرآن الكريم ويستنطق القُرآن الكريم على حدِّ تعبيرِ الإمام أمير المؤمنين عليه الصَّلاة والسَّلام ويكون دورهُ – دور المُفسِّر – يكون دورهُ دور الْمُستَنْطِق – هو يستنطق القرآن وأكثر من ذلك – ويكون دورهُ دور الْمُستَنْطِق دور الحوار – يحاور القرآن!! من هو حتَّى يحاور القرآن؟ من هو هذا المُفسِّر الأثول الَّذي يريد أنْ يُحاور القرآن؟! – ويكون دورهُ دور المستنطق دور الحوار يكون دور المُفسِّر دوراً إيجابياً أيضاً، دور المحاور، ويكون دوره دور المُستَنْطَق – هذا القرآن – ويكون دوره دور المُستَنْطَق دور الحِوار يكون دور المُفسِّر دوراً إيجابيَّاً أيضاً دورُ المحاور، دور من يطرح المشاكل، من يطرح الأسئلة، من يطرح الاستفهامات على ضوءِ تلك الحصيلة البشرية على ضوء تلك التجربة الثَّقافية الَّتي استطاع الحصول عليها ثُمَّ يتلقَّى من خلال عملية الاستنطاق من خلال عملية الحوار مع أشرف كتاب يتلقَّى الأجوبة من ثنايا الآيات المتفرقة. الإمام قال: (لَنْ يَنْطُق)!! فكيف يتلقَّى الأجوبة؟! غريبٌ هذا!! كلامُ الإمام واضح، ماذا قال الإمام؟ قال: (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه)، فأين دور الإمام المعصوم هنا إذا كان المُفسِّر يكون محاوراً للقُرآن ويستطيع أن يتلقَّى الأجوبة من خلال الآيات؟! أقرأُ عليكم كَلامهُ مرَّة ثانية حتَّى يكون الحديث واضحاً، بعد أنْ يجمع حصيلة التجارب يعود إلى القُرآن الكريم، لأيِّ شيء؟ – ليُحكِّم القُرآن الكَريم ويستنطق القُرآن الكريم على حدِّ تعبير الإمام أمير المؤمنين ويكون دوره – دور القُرآن – دور المُستَنْطَق دَور الحوار ويكون دور المُفسِّر دوراً إيجابيَّاً أيضاً دور المحاور دور من يطرح المشاكل من يطرحُ الأسئلة من يطرح الاستفهامات على ضوءِ تِلك الحصيلة البشرية على ضوء تِلك التجربة الثَّقافية الَّتي استطاع الحصول عليها، ثُمَّ يتلقَّى – هذا المُفسِّر – من خلال عملية الاستنطاق مِن خلال عملية الحوار مع أشرف كتاب يتلقَّى الأجوبة من ثنايا الآيات المتفرقة – الإمام يقول: (لَنْ يَنْطُق)، فمن أين تأتي الأجوبة؟! الجواب واضح: تأتي الأجوبة من الشَّيطان!! القُرآن هنا لا ينطق، الأجوبة من أين تأتي؟ تأتي من الشَّيطان!! فانظروا إلى علمكم هذا عمَّن تأخذونه، هو صحيح تأتي الأجوبة المفسِّرون الَّذين فسَّروا القُرآن مثل ما يقول السيِّد الصَّدر رحمةُ اللهِ عليه فحينما يأتي المُفسِّر بحصيلة التجارب البشرية وبما عندهُ من أسئلة واستفهامات ويطرحها على القُرآن يستطيع أن يستخرج جواباً! والحال أنّ كُلّ الفِرق ألَّفت تفاسير، الخوارج بكلِّ تشعُّباتهم ألّفوا واستدلوا بالقُرآن على أفكارهم! والأشاعرة! والمعتزلة! والصوفية! الجميع، ما من مجموعةٍ إلَّا واستطاعت أنْ تستخرج المعاني والمضامين الَّتي تريدها من القُرآن!! هل القُرآن هو الَّذي ينطق؟ كلّا، بحسب أمير المؤمنين لنْ ينطق، إذاً من الَّذي ينطق هنا؟ المفسِّر ينتظر الجواب، القُرآن بحسب أمير المؤمنين لن ينطق، إذاً من الَّذي ينطق؟ الَّذي ينطق هو الشَّيطان!! هما ناطقان، وهنا الاستماع إلى الشَّيطان مباشرةً – (فَمَن اسْتَمَعَ إِلَى نَاطِقٍ فَقَد عَبَدَه فَإِنْ كانَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَن الله – هو عليٌّ، عَلِيٌّ ينطق عن الله – فَقَد عَبَدَ الله، وَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَن الشَّيْطَان فَقَد عَبَدَ الشَّيْطَان) – النَّاطق هنا من هو؟ إذا كان المرجعُ متأثِّراً بسيِّد قُطب هنا يستلهم من الشَّيطان عِبر منهجيَّة سيِّد قُطب، هذا هو الواقع، قولوا لي من هو النَّاطق هنا؟! الآن السيِّد محمَّد باقر الصَّدر يقول بعد ما يسأل – ثُمَّ يتلقى من خلال عملية الاستنطاق من خلال عملية الحوار مع أشرف كتاب يتلقَّى الأجوبة من ثنايا الآيات المتفرَّقة – النَّاطق هنا من هو؟ من هو الَّذي يعطيه الأجوبة؟ لأنَّ الإمام قال: بأنَّ الكتاب لنْ ينطُق ولكن أُخبِرُكم عنه، ولا يوجد لا أثر ولا عين للعترة في هذا المنطق، إذاً من هو النَّاطق؟ النَّاطق هو الشَّيطان، وهذا ما قلته مُنذ بداية الحلقات هذه والَّتي قبلها، قُلتُ: إنَّ الشيطان يعبث بمراجعنا وعُلمائنا!! قولوا لي من الَّذي ينطق هنا؟ أجيبوني وأنا سأسحبُ كلامي، أمير المؤمنين يقول: لنْ ينطق، ولكن أُخبِرُكم عنه، ماذا يقول أمير المؤمنين؟ هذا هو نهجُ البلاغة، هذهِ الكلمة الَّتي نقلها السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر موجودة في نهج البلاغة، الكتاب الَّذي جمعهُ الشَّريفُ الرَّضي، الخطبة المرقمة 158، في هذهِ الخطبة في أوَّلها ماذا يقول أمير المؤمنين؟ (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه – نفس الكلام الَّذي ذكرهُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر – ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه – ماذا قال؟ – وَلَنْ يَنْطُق – لن ينطق، لن للنفي التأبيدي، ولن ينطق، إذاً من هو هذا الناطق الَّذي نطق للسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر لهُ ولغيرهِ؟ ولنْ ينطق – وَلَكِن – من الَّذي ينطق؟ الأمير – وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه، أَلَا إنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأتِي وَالحَدِيثَ عَنْ الْمَاضِي وَدَوَاءَ دَائِكُم وَنَظْمَ مَا بَيْنِكُم). أمَّا هذا الَّذي قالهُ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في صفحة 31:- لأنَّ في القرآنِ ما يُمكن أنْ نستشفَّ منه مواقف السَّماء اتِّجاه تجربة الأرض – هذا من الشَّيطان، من الشَّيطان مئة في المئة، وهو إضافة على هذه الحقائق الَّتي بيَّنها أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. أمير المؤمنين في موطن آخر في كلامهِ المرقَّم 125، ماذا يقول أمير المؤمنين؟ (هَذَا القُرْآنُ – متى قال الأمير هذا الكلام؟ بعد قضيَّة التحكيم بعد واقعة صفين، ماذا يقول أمير المؤمنين؟ – هَذَا القُرْآنُ – هذا القُرآن الَّذي رُفِع في صفين، هذا القُرآن الَّذي رُفع في صفين وحدث ما حدث، ماذا يقول أمير المؤمنين – هَذَا القُرْآنُ إِنَّما هُو خَطٌّ مَسْتُورٌ بَينَ الدَفَّتَين – هذه كتابة وكتابة مستورة، الحقائق فيها غير واضحة، هذا كتاب رمزي، مرموز – هَذَا القُرْآنُ إِنَّما هُو خَطٌّ مَسْتُورٌ بَينَ الدَفَّتَين لَا يَنْطِقُ بِلِسَان – لا يستطيع أنْ ينطق – لَا يَنْطِقُ بِلِسَان – ثُمَّ ماذا يقول؟ – وَلَابُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَان – لابُدَّ له من ترجمان، هذا يعني أنَّ اللغة فيه لا تنسجم مع الطبيعة البشرية، لابُدَّ لهُ من ترجمان، ولذلك ماذا نُعبِّرُ عن مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد؟ هم تراجمةُ وحي الله – هَذَا القُرْآنُ إِنَّما هُو خَطٌّ مَسْتُورٌ بَينَ الدَفَّتَين لَا يَنْطِقُ بِلِسَان وَلَابُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَان وَإِنَّما يَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَال)، الرجال ينطقون، مَن هم هؤلاء الرجال الَّذين ينطقون عن هذا القُرآن؟ إذا ما ذهبتم إلى زياراتِ إمام زماننا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه فماذا نخاطبهُ؟ في زيارة آل ياسين ماذا نخاطبه؟! (سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِين، السَّلَامُ عَلَيكَ يَا دَاعِيَ الله وَرَبَّانِيَّ آيَاتِه، السَّلَامُ عَلَيكَ يَا بَابَ الله وَدَيَّان دِينِه – هذه الصِّفات هل يمكن أنْ تكون لغيرهِ، لغيرِ الإمام المعصوم؟ – السَّلَامُ عَلَيكَ يَا تَالِيَ كِتَابَ الله وَتَرْجُمَانَه). القُرآن حين يتحدَّث عن نفسهِ: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِه﴾، من هم؟ هم آل مُحَمَّد فقط، يتلونه حقَّ تلاوته، لأنَّهم هم الَّذين يَعلَمُون تأويله، ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾، القضيَّة واضحة القُرآن هو يتحدَّث عن نفسهِ بنفسه، فما بال مراجعنا هؤلاء؟ لا أدري! غطسوا في الفكر القطبي إلى حدٍّ بعيد. السَّلَامُ عَلَيكَ يَا تَالِيَ كِتَابَ الله وَتَرْجُمَانَه – إذا كان بإمكان أيّ مُفسِّر آخر أنْ يكون مترجماً للقرآن هل يُخاطَب بهذه الأوصاف الخاصة بهِ، هذه أوصافٌ خاصةٌّ بآلِ مُحَمَّد – هَذَا القُرْآنُ إِنَّما هُو خَطٌّ مَسْتُورٌ بَينَ الدَفَّتَين لَا يَنْطِقُ بِلِسَان – يعني إذا استنطقتموه لا ينطق – وَلَابُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَان وَإِنَّما يَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَال – من هم هؤلاء الرجال؟ هم آلُ مُحَمَّدٍ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. عَنْ أَبِي مَعْمَر السَّعْدَاني – الرِّواية أقرأها عليكم من الجزء الأوَّل من تفسير البرهان للسيِّد هاشم البحراني، منشورات مؤسَّسة الأعلمي، صفحة 46، رقم الحديث 6:- عَنْ أَبِي مَعْمَر السَّعْدَاني، أنَّ رَجُلاً قَال لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِين عَلِيُّ ابْنَ أَبِي طَالِب: إِيَّاك أنْ تُفَسِّر القُرْآن بِرَأيِك – إيَّاك أنْ تأتي بحصيلة التجارب البشرية وأنْ تستنطقَ القُرآن وأنْ تحاورَه [وعلى هالخرط هذا] – إِيَّاك أنْ تُفَسِّر القُرْآن بِرَأيِك حَتَّى تَفْقَهَهُ عَن العُلَمَاء – العُلماء مَن هم؟ الأَئِمَّة يقولون: نحنُ العُلماء وشيعتنا المتعلِّمون، فهذا الوصف لا ينطبق حقيقةً إلَّا عليهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين – إِيَّاك أنْ تُفَسِّر القُرْآن بِرَأيِك حَتَّى تَفْقَهَهُ عَن العُلَمَاء فَإِنَّهُ رُبَّ تَنْزِيلٍ يَشْبَهُ كَلَامَ البَشَر وَهُو كَلَامُ الله – صحيح أنّه ألفاظ بشرية، حروف، وأصوات وكلمات – فَإِنَّهُ رُبَّ تَنْزِيلٍ يَشْبَهُ كَلَامَ البَشَر وَهُوَ كَلَامُ الله وَتَأوِيلُهُ لَا يَشْبَهُ كَلَامَ البَشَر – لذلك فإنّه لا يعلم تأويلهُ إلَّا الله والراسخون في العلم المرتبطون بالله والَّذين علمُهم من علمِ الله – فَإِنَّهُ رُبَّ تَنْزِيلٍ يَشْبَهُ كَلَامَ البَشَر وَهُو كَلَامُ الله وَتَأوِيلُهُ لَا يَشْبَهُ كَلَام البَشَر، كَمَا لَيسَ شَيءٌ مِنْ خَلَقِه يَشْبَهُهُ كَذَلِكَ لَا يَشْبَهُ فِعْلُهُ تَبَاَرَكَ وَتَعَالَى شَيئَاً مِنْ أَفْعَالِ البَشَر وَلَا يَشْبَهُ شَيءٌ مِنْ كَلَامِه كَلَامَ البَشَر وَكَلَامُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى صِفَتهُ وَكَلَامُ البَشَر أَفْعَالُهُم، فَلَا تُشَبِّه كَلَامَ الله بِكَلامِ البَشَر فَتَهْلَك وَتَضِلّ – تتصور أنَّك تستطيع أنْ تُحاور القُرآن؟ وأن تطرح الاستفهامات من خلال عملية الاستنطاق، ومن خلال عملية الحوار مع أشرف كتابٍ وبعد ذلك تتلقَّى الأجوبة من ثنايا الآيات المتفرقة؟ إذا كان كذلك فإنّ الأجوبة التي تتلقاها تكون من الشَّيطان حينئذٍ!! الرِّواية في تفسير العيَّاشي – عَنْ جَابِر – عن جابر الجُعفي – قَال: قَال أَبُو عَبدِ الله: يَا جَابِر إِنَّ لِلْقُرْآنِ بَطْنَاً وَلِلْبَطْنِ ظَهْرَاً، ثَمَّ قَال: يَا جَابِر وَلَيسَ شَيءٌ أَبْعَدَ منِ عُقُولِ الرِّجَال مِنْه – فأين يأتي هذا المنطق القطبي من منطق آل مُحَمَّد؟! – يَا جَابِر وَلَيسَ شَيءٌ أَبْعَدَ مِنْ عُقُولِ الرِّجَال مِنْه إنَّ الآيَةَ لَيَنزِلُ أَوَّلُهَا فِي شَيء وَأَوْسَطُهَا فِي شَيء وَآخِرُهُا فِي شَيء وَهُو كَلَامٌ مُتَّصِلٌ يَتَصَرَّفُ عَلَى وُجُوه – وحدة السِّياق أين صارت؟ الظُّهور العُرفي أين صار؟ تبدَّد هنا، أنت حين تجلسُ في ظلال القُرآن وتأتي بكلِّ حصيلة التجارب البشرية وحصيلة التجربة الثَّقافية وتضع كُلَّ ذلك في ساحة الحوارِ مع القُرآن، فالقُرآن دورهُ دور المُسْتَنْطَق وأنت دورك دور المُستَنْطِق ويدور الحوار فيما بينك وبين القُرآن، وبعد ذلك تتلقَّى الأجوبة من بين الآيات المتفرَّقة، لابُدَّ أنَّك تعتمدُ أوَّلاً: أوَّل شيء تعتمدهُ تعتمد وحدة السياق. ثانياً: تعتمد الظهور العرفي. ثالثاً: تعتمد وحدة الكلمة والمصطلح لجميع الآيات فيما بينها. ماذا يقول إمامنا الصَّادق في هذه الرِّواية؟ أيضاً في تفسير العياشي:- عَنْ القَاسِم اِبْنِ سُلَيْمَان، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله، قال: قَالَ أَبِي – عن الإِمَامِ البَاقِر – مَا ضَرَبَ رَجُلٌ القُرْآن بَعْضَهُ بِبَعْض إِلَّا كَفَر – ضربهُ هل يعني أنَّهُ أمسك القُرآن وضرب بعضهُ ببعض هكذا؟ كلّا وإنّما: أيَّ فسَّر القُرآن بعضهُ ببعض، جَمَع الآيات المتشابهة على أساس وحدة المصطلح أو وحدة الكلمة، قد يسأل سائل يعني هذه الطريقة في التفسير مُطلقاً خاطئة؟ أبداً هذه الطريقة تكون صحيحة في ضمن قواعد أهل البيت في التفسير، في ضمن رؤية أهل البيت في التفسير تكون صحيحة، أمَّا في ضمن هذه الرؤية العمريّة، وفي ضمن هذه الرؤية القطبيّة فإنّ هذه الرِّواية تنطبق عليها مئة في المئة – مَا ضَرَبَ رَجُلٌ القُرْآن بَعْضَهُ بِبَعْض إِلَّا كَفَر – لأنَّ القضيَّة واضحة – وَلَيسَ شَيءٌ أَبْعَدَ مْنِ عُقُولِ الرِّجَال مِنْه إنَّ الآيَةَ لَيَنزِلُ أَوَّلُهَا فِي شَيء وَأَوْسَطُهَا فِي شَيء وَآخِرُهُا فِي شَيء وَهُو كَلَامٌ مُتَّصِلٌ يَتَصَرَّفُ عَلَى وُجُوه. عن الفُضَيل اِبن يَسَار – في صفحة 50، الرِّواية رقم 10، وينقلها أيضاً عن تفسير العياشي – قَال: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَر عَنْ هَذِه الرِّوَاية: مَا فِي القُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا وَلَهَا ظَهْرٌ وَبَطْن وَمَا فِيهِ حَرْفٌ إِلَّا وَلَهُ حَدّ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَع – هذا كلام الأَئِمَّة، الأَئِمَّة هكذا يقولون – مَا فِي القُرْآنِ آيَة إِلَّا وَلَهَا ظَهْرٌ وَبَطْن وَمَا فِيهِ حَرْفٌ إِلَّا وَلَهُ حَدّ وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَع، مَا يَعِني بِقُولِه لَهَا ظَهْرٌ وَبَطْن؟ فَقال: ظَهْرُه تَنْزِيلُه وَبَطْنُه تَأوِيلُه مِنْهُ مَا مَضَى وَمِنْهُ مَا لَم يَكُنْ بَعْد – نفس كلام أمير المؤمنين – مِنْهُ مَا مَضَى وَمِنْهُ مَا لَم يَكُنْ بَعْد، يَجْرِي كَمَا تَجْرِي الشَّمْسُ وَالقَمَر كُلَّمَا جَاء مِنْهُ شَيءٌ وَقَع، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ – ثُمَّ قَال الإِمَام البَاقِر: نَحْنُ نَعْلَمُه – هذهِ الحقائق راجعة إلينا، هذا هو منطقُ آل مُحَمَّد صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين مع القُرآن الكريم. فأين هذا المنطقُ الضالّ؟! هذا منطق ضالٌّ مئة في المئة، يُمجِّده من يُريد أن يُمجّده هذه قضيَّة راجعة للنَّاس، لكن إذا أردنا أنْ نعرض هذا المنطق فهذا هو المنطق القُطبي، هذا هو المنطق العمري المنافر مئة بالمئة لشروط بيعة الغدير، والمُنافر مئة بالمئة لحديث الثَّقلين، والمُنافر مئة بالمئة لِكُلِّ هذه الأحاديث والرِّوايات وهي كثيرةٌ جدَّاَّ، وأنا ما عرضت عليكم إلَّا نماذج وأمثلة، والغريب أنَّ هذا المنطق يتنافر مئة بالمئة مع ما جاء بهِ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر من كلام أمير المؤمنين. (ذَلِكَ القُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه)، هذا المنطق يتنافر مع كلام أمير المؤمنين لكنَّهُ ماذا صنع؟ قَطَّع كلام أمير المؤمنين، حذفَ ما حذف، وحرَّف وأضاف!! فهل هذا العمل رحمانيّ أم شيطانيّ؟! أنتم ماذا تقولون؟! أعتقد أنَّ الصورة بدأت تتضح كيف أنَّ التكوين القُطبي اللَّعين نشأ في الواقع الثقافي الشِّيعيّ. وأظن، وليس فقط أظن بل إنَّني أقطع من أنَّ الكثيرين إنْ لم يكُن الكُلّ مِن المُعجبين بفكر السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر يعتبرون هذا الحديث تسقيطاً، وتنقيصاً للسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، أنا هُنا لا أُريد منهم شهادةً، لكنَّني أقولُ لهم: إنَّني أكثر معرفةً منكم بتأريخ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وإنَّني أكثرُ معرفةً منكم بالنتاج الفكري والعلمي للسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، وأنا من جيلٍ كان مُعجباً شديدَ الإعجاب بالسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر رحمةُ اللهِ عليه، وأنا في سنّ السَّابعة عشرة كنتُ أدرِّسُ وأُلقي مُحاضرات على الشَّباب من جيلي وأعتقد لا زال منهم العديد أحياء في مدينتي، وأنا هنا لا أتحدَّث في زاويةٍ مُظلمة، كُنتُ أُدرِّس فِكرهُ من خِلال كُتُبهِ، من خِلالِ فلسفتنا، ومن خِلال اقتصادنا، ومن خِلال بقيَّةِ كُتُب السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر رحمةُ اللهِ عليه، وأنا في ذلك السّن، ودخلنا السجون لأنَّنا محسوبون على السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، الجموع الَّتي اعتُقِلت بعد اِعتقالهِ سنة 1979، وأنا شخصياً من الَّذين حُكِم عليهم بالسَّجن المؤبَّد آنذاك بسبب النَّشاطات والأجواء الَّتي حدثت بعد اعتقال السيِّد الصَّدر رحمةُ الله عليه، دَرَّستُ كُتُبَه، دَرَّستُ كتبَهُ في بداياتِ تدريسي الحوزوي (فلسفتنا)، (الأسس المنطقية للاستقراء)، وأنا على اطلاعٍ دقيقٍ بما كَتَب السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، إذا أردت أنْ أقيسَهُ بالمقاييس الحوزوية قطعاً السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في المقدِّمة، ولربَّما من أفضل ما كُتب في علم الأصول للتدريس هو حلقاتهُ، حلقاتهُ من أفضلِ ما كُتِب، وأبحاثهُ أبحاثُ الخارج، العُمقُ والاستدلالُ والموسوعيةُ واضحةٌ فيها، أنا لا أُريد أنْ أُقيّمهُ بهذه الموازين لأنَّني لا أؤمن بهذه الموازين، أنا لا أؤمن بهذه الموازين، لا أريد أنْ أقيِّمهُ بهذه الموازين، الموازين الَّتي أؤمن بها هي موازينُ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد، لا أريد أنْ أتحدَّث عن مشروعهِ الفكري المهمّ جدَّاً، الَّذي تجلَّى في كتابهِ: (الأُسس المنطقية للاستقراء)، ولربَّما هو أوَّل من طَرح هذا في الشرق أو في الجوِّ الشِّيعيّ على الأقل، هُناك من المفكرين المصريين من طرح ما هو قريب مِمَّا طَرَحهُ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في كتابهِ: (الأُسس المنطقية للاستقراء)، وفي الغرب طُرِح هذا الموضوع سابقاً، طرحهُ عُلماء الرياضيات وعلماء المنطق الرياضي وناقشوه، لا أريد الحديث عن هذا المشروع الفكري العميق المهمّ، لأنَّني لست بصدد الحديث عن مؤلفات السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، أنا لا أريد الحديث عن تواضعهِ، عن زُهدهِ في الحياة، عن أخلاقهِ العالية، لا أُريد الحديث عن هذهِ الأمور، هذهِ الأمور يمكن أنْ تكون حتَّى عند غير المتديّنين، أنا أتحدَّث عن موازين أهل البيت! لا شأنَ لي بهذه لأمور، هذه الأمور لا أنكرها، ولا أستقلُّها، ولست بصدد الحديث عنها، أنا أتحدَّث عن هذا المدّ القُطبي الضال الَّذي أُدخِل إلى الواقع الشِّيعيّ بسبب السيِّد الصَّدر وتلامذتهِ وأقرانهِ، أتحدَّث عن هذه القضيَّة، وأزنُ ما كَتَب ضِمن منطق أهل البيت وأنا أعرضُ بين أيديكم الحقائق، أنا لا كذبتُ ولا اَفتريتُ على السيِّد الشَّهيد، عرضتُ عليكم الحقائق من كُتُبهِ ومن كُتُبهِ ومن كُتُبه فقط، ثُمَّ وزنتُها بموازين أهل البيت، والَّذي يعترضُ على كلامي عليه أنْ يُثبِت أحد أمرين: الأمر الأوَّل: أنَّ ما ذكرتهُ من كلامٍ ليس موجوداً في كُتُب السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، عليه أنْ يُثبت هذا من أنَّني افتريت على السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، كُلُّ ما ذكرتُه من كلامٍ عنه نقلتُه من كتبِه، من نفسِ كُتُبِه وليس بالواسطة. النُّقطة الثَّانية: عليه أن يُكذِّب الموازين الَّتي ذكرتُها، إنَّني ما وزنتهُ بكلامٍ من جيبي، وزنتُ كلامهُ بمنطق الزِّيارات والرِّواياتِ والأحاديثِ المعصومية الشَّريفة..!! فعلى الَّذي يُريد أنْ يرفض ما ذكرتُ من كلامٍ أوَّلاً: أنْ يُكذِّب ما نقلتُه من كلامٍ من كُتُبه، يقول بأنَّ هذا الكلام هو مفترىً على السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر، وأنْ يردّ على الموازين الَّتي ذكرتُها عن أهل البيت، يقول هذا الكلام أيضاً مُفترىً وليس صحيحاً، وبعد ذلك يحقُّ له أنْ يقول ما يقول. لا أريد أنْ أطيل الكلام كثيراً في هذه الناحية ولكن أعتقد أَنَّكُم لاحظتم كيف أنَّ النَّجف غطست في هذا الوحل القطبي ولا زالت غاطسة إلى هذه اللحظة، وأنتم أيضاً غاطسون، منابركم قُطبية، الفكر الشائع في الفضائيات فكرٌ قطبي، حتَّى أولئك الَّذين بألسنتهم يتبرأون من الإخوان ومن القطبيين هم قطبيون، القضيَّة هي هي، كحال الآن الَّذين يُظهِرون لعنَ أعداءِ أهل البيت ويذكرون مطاعنَهم وهم غاطسون في قواعد علم الرِّجال النَّاصبي! وقواعد علم الأصول! وقواعد علم الكلام! نفس الشَّيء القضيَّة هي هي، كُلّ الَّذين يخرجون يتحدَّثون على الفضائيات حتَّى أولئك الَّذين يُعلِنون رفضَهم للفكرِ الإخواني هم يتحدَّثون بلسان الإخوان، الجميع لأنَّ الجميع يتحدَّثون داخل الإطار السِّياسي أو داخل الإطار الحوزوي. الإطار الحوزوي: كُلَّاً مُشبعٌ بالفكر القطبي! والإطار السياسي: كُلَّاً مُشبعٌ بالفكر القطبي أيضاً. كُلَّ التشكيلات السياسية مشبعة بالفكر القطبي بشكلٍ مُباشر أو بشكلٍ غير مباشر، لأنَّ هذه التشكيلات السياسية كُلّ رموزها أساساً مادَّتهم الرئيسة هي الفكرُ القطبي، سواء يأخذونهُ بشكلٍ مُباشر من كُتب القطبيين أو يأخذونه من كُتُب الجيل الأوَّل الَّذين أسَّسوا هذه التشكيلات السِّياسيَّة وأولئك نقلوه من كتب القطبيين ولكن كتبوه بأسمائهم، هذا هو واقعكم!! مثل ما هناك مجموعات تُظهِر البراءة بألسنتها وتُظهِر اللعن وتُعدِّد المطاعن التأريخية ولكنَّها غاطسة إلى أذنيها في الفكر النَّاصبي، غاطسة إلى أذنيها في قواعد منهجيَّة السَّقيفة! في علم الأصول! في علم القواعد الفقهية! في علم الرجال! في علم الدراية! في علم قواعد التفسير! وأمثال ذلك. وأنتم أيضاً تتحدَّثون على الفضائيات، خصوصاً الخطباء على المنابر، الخطباء على المنابر خُطباء قطبيون إلى النُّخاع، لأنَّهُم يُقلِّدون الخطباء الكبار الَّذين كرعوا في الفكر القُطبي، كرعوا حتَّى تجشّأوا، ثُمَّ بعد ذلك تقيَّأوا عليكم بالفكر القُطبي، شبعوا وشبعوا وشبعوا حتَّى تجشّأوا وبعد أنْ تجشأوا تقيَّأوا عليكم، هنيئاً لكم بهذا القيء الَّذي سقط على وجوهكم ولحاكم هنيئاً لكم بهِ، هذا هو الواقعُ الشِّيعيُّ الَّذي أتحدَّثُ عنه، وهذا هو التكوينُ القطبيُّ اللعين. هذهِ دراسة كتبها أحدُ الجَزائريين المتخصِّصين بالدراسات القُرآنية في جَامعة الجَزائر، فتحي بو دَفلة، لا أُريد أنْ أقف طويلاً عندها فلقد تحدَّثتُ عن منهجيَّة التفسير الموضوعي عند سيِّد قطب، وإنْ كان بشكلٍ موجز فالبرنامج ليس مُعدَّاً للتفصيل في هذه القضيَّة، لكن هناك مسألة مهمَّة أشار إليها – فانظُر مثلاً – هذا الكلام في صفحة 21، من البحث والبحث موجود على الإنترنت في مواقع عديدة، والمعلومة هذه معلومة صحيحة، لكن لأنَّني الآن لا أمتلك الطبعة الأولى من كتاب في ظلال القُرآن لذا جِئتُ بهذا الكلام، وإلَّا هذا الكلام أنا قرأته في الطبعة الأول – فانظر مثلاً إلى تفسير قوله تعالى: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى﴾ – يقول في طبعة الظِلال الأولى، لَمَّا وَصَل إلى هذه الآية – أشهدُ أنَّي وقفتُ أمام هذه النقلة طويلاً – لماذا لأنَّه هو يُحاور القُرآن، سيِّد قطب يحاور القُرآن كما قال السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّد بأنَّ المُفسِّر يكون دورُه دورَ المُستَنْطِق – أشهدُ أنَّي وقفتُ أمام هذه النقلة طويلاً – هذا كلام سيّد قطب في الطبعة الأولى من تفسيرهِ في ظِلال القُرآن – لا يُفتَحُ عَلَيَّ في سرِّها – ألا تُلاحظون التشابه بين هذا وبين كلمة السيِّد محمَّد باقر الصَّدر الَّتي نقلها السيِّد طالب الرِّفاعي في كتابه (الأمالي) وهو يُحدِّثهُ من أنَّه ذهب إلى سامراء إلى زيارة الإمامين العسكريين ولكن الله لم يفتح عليه لحلِّ مُشكلتهِ في فهمِ آية الشُورى؟!! ألا تلاحظون أنّ الذَّوق هو الذَّوق!! أشهدُ أنَّي وقفتُ أمام هذهِ النقلة طويلاً لا يُفتَحُ عَلَيَّ في سرِّها ولا أريدُ أنالُها ولا أقنع كُلَّ القناعةِ بما جاء في بعضِ التفاسيرِ عنها، من أنَّ إدخال الحديث عن الصَّلاة في جوِّ الحديث عنها إشارة إلى الاهتمام بأمره – إلى أنْ يقول – لقد بقيتُ ستَّة أشهر لا أُجاوز هذهِ النقلة، ولا أمضي – ولا أمضي في التفسير – لأنَّ سِرّها لم يُكشف لي كَشفاً يستريحُ ضَميري إليه، وأشْهدُ أنَّهُ لم يَسترح بعد لَمَّا اَهتديت حتَّى اللحظة إليه – يعني يقول بقيت ستة أشهر أُفكّر في هذهِ الآية وما وصلتُ إلى معنى الصَّلاة الوسطى، وهو يريد هكذا يقول: حافظوا على الصَّلوات والصَّلاة الوسطى، هو داخ في الصَّلاة الوسطى، والصَّلاةُ الوسطى هي رمزٌ لفاطمة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، لكن أنّى لهذه العقول الَّتي عَشعَش فيها الشَّيطان، وبُنيت خَلاياها من وجودٍ شيطاني، يقول:- لقد بقيت ستَّة أشهر أو تَزيد لا أجاوز هذهِ النَّقلة وما حصلت على جواب – وبعد ذلك طُبِع الكتاب ولم يُبيِّن معنى هذه الآية بالشَّيء الَّذي يستريح إليه كما يقول، إلى أنْ يقول:- ولكنَّني كما قُلتُ مُخلصاً لا أستريحُ الرَّاحة الَّتي بحيث الَّتي اهتديتُ إليه فإذا هُدِيتُ إلى شيءٍ آخر فسأبيِّنهُ في الطبعة التالية، وإذا هدى الله أحداً من القُرّاء فليتفضّل فيبلغني بما هداه الله – أنا لا أفهم! القُرآن بهذه الطريقة يُفسَّر؟! يعني هو يجلس عند الآية وإذا كان كلّ آية نحتاج في تفسيرها إلى ستَّة أشهر، وإذا لم نستطع نطلب من القرّاء، القُرّاء أليس هم يريدون منَّا أنْ نُفسِّر لهم أو هم يُفسِّرون لنا؟! لا أدري هل هي انتخابات! أم ما يطلبهُ المستمعون! ما يطلبهُ المشاهدون! هو هذا التفسير، هي هذه المنهجيَّة!! إي والله [صخَّم] اللهُ وجوهَكم إذا كان القُرآن يُفسَّرُ بهذه الطريقة، إذا كانت هذه المنهجيَّة هي الَّتي تُريدون أن تتّبعوها [صخَّم] اللهُ وجوهَكم. وإذا هدى الله أحداً من القُرّاء فليتفضّل فيبلغني بما هداهُ الله – طبعاً هو هذا صاحب الدراسة يعتبر هذهِ كرامة لسيِّد قُطب! – وفي الطبعة التالية بعد طول تأمُّل وإمعان نظر دام السِّنين الطوال عاود الوقوف عند مُراسلات القُرّاء واستجابتهم لدعوتهِ، ثُمَّ بَيَّن أنَّهُ لم يطمئن لشيءٍ مِمَّا ذكروه ولا لشيءٍ مِمَّا قرأه حتَّى فتح الله عليه بما في الطبعة المنقحة من الظلال – إلى آخر الكلام، يعني هل القُرآن يُفسَّر بهذه الطريقة؟! يطلب من القُرّاء أن يُرسلوا لهُ التفاسير، والقُرّاء أرسلوا إليه..!! ما أدري! هذا يوجد ما يُشبِهُهُ في المجلات، ما يسمى بقاضي الغَرام، ما هو هذا قاضي الغرام؟ هذا صحفي لم يجد لهُ مكاناً لكي يكتب في صحيفة أوفي مجلَّة، فيفتح هذهِ البُسطيَّة، يعطي عنوان المجلَّة ويقول للَّذين عندهم مشاكل في الغرام والعشق، من عندهُ مشكلة مع حبيبته، أو حبيبة عندها مشكلة مع حبيبها، فيُراسلون قاضي الغرام وقاضي الغرام الأخ هذا الصحفي العطَّال البطَّال يبدأ يُجيب لهم كي يحلّ مشاكلهم،لا أدري! هل القُرآن يُفسَّر بهذه الطريقة، بطريقة قاضي الغرام الَّذي كان لهُ صولة وجولة في المجلات القديمة؟ قطعاً الآن تغيرت الأمور، الإعلام تغيّر والصحافة تبدَّلت، ولكن هذا كان في العهود البائدة للإعلام كانت المجلات يكثر فيها مثل هذا اللون من المراسلات ومن الأسئلة والأجوبة على المشكلات، فلا أدري هل أنَّ تفسير القُرآن يُفسَّر بهذه الطريقة؟! يصل إلى الآية ولا يعرف معناها بعد أنْ فَكَّر فيها لمدَّة ستَّة أشهر أو أكثر من ذلك، ثُمَّ يطلب من القُرّاء أن يُعينوه في تفسير الآية، والقُرّاء أيضاً تفضلوا وأجابوا على طلبهِ، وقرأ الأجوبة ولكنَّه ما اقتنع بأجوبتهم، هكذا يُفسَّرُ القُرآن؟! هي هذه المنهجيَّة الَّتي تركضون وراءها؟ [صخَّم] الله وجوهَكم!! ولكن حين نأتيكم بحديثِ أهلِ البيت ونأتيكم بتفسير القُمِّي وتفسير العيَّاشي تقولون هذهِ التفاسير موضوعة!! حين نأتيكم بتفسير الإمام العسكريّ ترفضون هذه التفاسير وتركضون وراء تفسير في ظلال القُرآن الَّذي يُفسَّر بهذه الطريقة [الطايح حظها]؟! ماذا تقولون أنتم؟ أنتم، أنتم الشِّيعة المضحكة ماذا تقولون هنا؟ الَّذين يُفسَّرون لكم القُرآن على المنابر بهذهِ الطريقة، ماذا تقولون أنتم؟! كما قُلتُ في بداية حديثي للتشيُّعِ في العراقِ جناحان النَّجفُ وكربلاء، فأعطِفُ الحديث إلى كربلاء وأبرزُ رموزها هو المرجع السيِّد مُحَمَّد الشِّيرازي رحمةُ الله عليه، هناك تشابُهٌ واضحٌ بين حركةِ المنهج الأبتر في النَّجف وفي كربلاء على مستوى التنظيم السِّياسي، في كَربلاء نشأت في أجواء السيِّد محمَّد الشِّيرازي وتحت رعاية مرجعيَّته وبإشرافهِ نشأت مُنظمَّة العمل الإسلامي، صحيحٌ أنّه بعد ذلك ابتعدت مُنظمة العمل الإسلامي عن السيِّد الشِّيرازي خُصوصاً في إيران، بعد الخِلاف الَّذي نشبَ بين المسئول الأوَّل في مُنظمَّة العمل الإسلامي السيِّد محمَّد تقي المدرِّسي وهو من المراجع المعاصرين، والسيِّد الشِّيرازي خالهُ، فهو ابن أخت السيِّد الشِّيرازي، السيِّد محمَّد تقي المدرسي هو ابن أخت السيِّد محَمَّد الشِّيرازي، فكان هو المتزعِّم لهذهِ المنظمة، لمنظمة العمل الإسلامي، حينما كان الوجود الشِّيرازي في كربلاء كانت المنظمة تحت ظِلال وتحت رعاية وإشراف السيِّد محَمَّد الشِّيرازي، بل هي نشأت في أجوائهِ من بدايتها إلى نهايتها، ولكن حدث الخلاف بعد ذلك، حدثت الخلافات بين السيِّد تقي المدرسي وبين أخوالهِ حتَّى ينقل المُطَّلِعون أنَّها وصلت إلى حدِّ الصَّفعِ على الوجوه [طراﮔات يعني]!! ربَّما حَدَث ذلك في الكويت، أنا هنا لا أريد أنْ أدخل في التفاصيل الصَّغيرة والصَّغيرة جدَّاً لأنَّني لست مُؤرِّخاً في هذا البرنامج، ولو كنتُ في مقامِ التأريخ فإنَّني سأُفصِّلُ الكلامَ في جميعِ الجهات. هذه مذكرات كتبها أحمد الكاتب وهي موجودة على الإنترنت على مواقع عديدة قرأتُها ووجدتُ مصداقيّتها، أنا أعرف هذه التفاصيل لذلك أقرأ عليكم من مُذاكرات أحمد الكاتب لماذا؟ لأنَّه من قادة مُنظمَّة العمل الإسلامي، ولأنَّهُ من أبناء الجو الشِّيرازي، وبالذَّات لأنَّ الحديث الآن هو عن مُنظمة العمل الإسلامي، لكنَّني بشكلٍ مختصر أقول لكم: حزب الدعوة هو النُّسخة القطبية الشِّيعيَّة النَّجفيَّة، حزبُ الدَّعوة هو النسخة القطبية الإخوانية الشِّيعيَّة النَّجفيَّة! مُنظمة العمل الإسلامي: النُّسخة عن حزب الدعوة، نسخة قطبية ولكنَّها مُشوَّهة لأنَّها أُخِذت عن التقليد، الأصل هو في مصر، والتقليد صار في النَّجف، وفي كربلاء، منظمة العمل الإسلامي وجودُها هو تقليد عن التقليد، فمنظمة العمل الإسلامي أُسِّست على غِرار حزب الدَّعوة ولذلك أُسِّست بعد حزب الدَّعوة بسنوات! أحمد الكاتب هو أحد قادتها وأعتقد أنَّ شخصية أحمد الكاتب شخصية معروفة وذلك للطرح الَّذي طرحهُ في قضيَّة إنكار ولادة الإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، وأحمدُ الكاتب هو كربلائيٌ، أحمد الكاتب هذا هو الاسم المستعار، أتعلمون ما اسمه الحقيقي؟ اسمه الحقيقي (عبد الرَّسول عبد الزَّهراء عبد الأمير)، يعني اسم شيعي مُكعَّب وبامتياز! عبد الرَّسول عبد الزَّهراء عبد الأمير كربلائيٌّ كربلائيّ، منذُ نُعومة أظفارهِ وهو في الجوِّ الدِّيني، في الجوِّ الحوزوي، في جوِّ العمل الإسلامي، في أجواء مرجعيَّة السيِّد محَمَّد الشِّيرازي، دعوني أقرأ لكم سُطوراً مما يتعلَّق بالموضوع، بموضوع التنظيم السياسي، إلى أنْ يقول:- وهكذا وجد السيِّد محمَّد الشِّيرازي نفسهُ يتعرَّض لجملةٍ من الضُغوط في قِلَّةٍ من الأعوان – ضغوط من البعثيين – فهاجر من العراق في نهاية عام 1971، وتَرك في محلَّهِ السيِّد كاظم القزويني الَّذي كان يحمل الجنسية العراقية، ثُمَّ ذهب إلى الكويت وخرج معه السيِّد محَمَّد تقي المدرسي وإخوانه، فقرَّر التنظيم ترفيعي إلى مُستوى قِيادة عام 1972، وشكَّلنا لجنة من خمسة أعضاء بقيادة المرحوم الحاج علي مُحَمَّد – هذه المعلومات صحيحة ودقيقة، أنا قرأتها كي تعرفوا مِن أنَّ هذا الرَّجُل أحمد الكَاتب كان في قيادة المنظمة، فقرأتُ هذا المقطع لأجلِ هذه الغاية، وأنَّهُ صار قائداً للمُنظَّمة أو من قيادات المنظَّمة بعد خُروج السيِّد محمَّد الشِّيرازي من العراق حيث ذهب إلى الكويت. ماذا يقول عن تأسيس منظَّمة العمل الإسلامي؟ – كَان التيَّارُ الشِّيرازي تياراً نَشطاً يعمل مُنذُ بداية الخمسينات، ولكنَّهُ كان يرفض فكرة التحزُّب والتنظيم الحزبي، ولكنَّهُ أدرك بعد الضربة الَّتي وُجِّهت لهُ باعتقال السيِّد حسن الشِّيرازي حاجتَهُ إلى التنظيم، وهنا قرَّر أركانُ التيَّار: مثل السيِّد محَمَّد الشِّيرازي، والسيِّد كاظم القزويني، والسيِّد محَمَّد تقي المدرِّسي، البدءَ في تنظيم الشَّباب، وأوكلوا مُهمَّة إدارة التنظيم إلى السيِّد المدرِّسي بشرط التأكيد على التبعيَّة للمرجعيَّة الدِّينيَّة، وقد كُنت منخرطاً في التنظيم من حيثُ لا أدري بوجودهِ، بل يمكن القول أنّي ولِدُت ونشأتُ في أحضان الحركة المرجعيَّة وقد علِمتُ بالتنظيم رسمياً في نهاية عام 1969، بعد إطلاق سراح السيِّد حَسن الشِّيرازي ووفاة السيِّد الحكيم – السيِّد الحكيم قطعاً توفي سنة 1970 – وذلك عندما حوَّلني أُستاذي السيِّد مجتبى الشِّيرازي – السيِّد مُجتبى الشِّيرازي شقيق السيِّد مُحَمَّد الشيرازي – وذلك عندما حوَّلني أُستاذي السيِّد مجتبى الشِّيرازي إلى ابن أختهِ – هو مكتوب إلى ابن أخيه – إلى ابن اُختهِ السيَّد هادي المدرسي – خطأ مطبعي – العائد لتوّه من لبنان، وأوكل إليه مُهمَّة الإشراف على قيامي معَ مجموعة من الزُّملاء هم الشَّيخ صاحب الصَّادق، والشَّيخ كاظم السباعي، والشَّيخ محَمَّد أمين الغفوري بتأليف كُتب إسلامية – إلى آخر كلامه. إلى أنْ يقول، ماذا يقول؟ – وبالرغم من أنَّنا كُنَّا نحمل فِكراً شيعيَّاً إمامياً قوياً إلَّا أنَّنا لم نجد مانعاً من الاِنفتاح على الفكر الإسلامي السُنِّي العام وبالخصوص كتابات قادة الإخوان المسلمين مثل سيِّد قُطب ومحَمَّد البهي ومحمَّد جلال كشك ومُحَمَّد قطب وغيرهم، الَّتي كانت – انتبهوا للعبارة وهذهِ العبارة دقيقة جدَّاً، الَّذي يقرأ أدبيات مُنظمة العمل الإسلامي من كتابات السيِّد تَقي المدرسي ومن كتابات السيِّد هادي المدرسي وغيرهما، لكن هذان الاسمان هم العلمان الواضحان في منظمَّة العمل الإسلامي، الَّذي يقرأ الأدبيات والكتابات الَّتي كتبها السيِّد تقي المدرسي والسيِّد هادي المدرسي والَّذي يستمع إلى محاضراتهم، محاضراتهم في الثمانينات وما قبل الثمانيات النَّفَس القُطبي يُسيطر فيها بشكلٍ قويٍّ وواضحٍ جدَّاً، ولذا هذا الرجل من قياداتهم يقول:- الَّتي كانت – يعني هذه الكتب، كتب سيِّد قطب ومُحَمَّد البهي ومحمَّد جلال كشك ومحمَّد قطب، كتب هؤلاء – الَّتي كانت تُشكِّلُ العمود الفقري لمكتبتنا – وهذه المعلومة معلومة دقيقة وحقيقية مئة في المئة. فمنهجيَّة سيِّد قطب كانت تُشكِّل عموداً فقرياً لثقافة منظمة العمل الإسلامي الَّتي تُمثِّل التنظيم السياسي في كربلاء الجناح الثَّاني من أجنحة التشيُّع في العراق والَّتي أُسِّست برعاية وإشراف من مرجع كربلاء السيِّد محمَّد الشِّيرازي، فإذا أردنا أن نتتبَّع في التفاصيل، مثل ما اختلف حزبُ الدعوة مع السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر، اختلفت قيادات منظمة العمل أيضاً مع السيِّد الشِّيرازي، ولذلك السيِّد الشِّيرازي حينما وصل إلى قُم، المنظّمون في منظمة العمل كانوا يتصوَّرون بأنَّ السيِّد الشِّيرازي هو الَّذي يُشرِف على المنظمة، وهذا الأمر نفسهُ كان يعيشهُ الدُّعاة في مقطعٍ زماني مُعيَّن، كانوا يتصورون أنَّ السيِّد الصَّدر هو الَّذي يُشرِف على حزب الدعوة، قطعاً هؤلاء الصِّغار، أمّا الكبار فيعرفون، لكن لأنَّ آل الشِّيرازي ما كانوا يُظهِرون خلافاتهم على السَّطح، وفي حينها أسَّس السيِّد الشِّيرازي مُنظمة أخرى عرفت بحركة الجماهير المسلمة، حركة الجماهير المسلمة هذه كانت ترتبط بشكلٍ مُباشر بالسيِّد محمَّد الشِّيرازي بدلاً عن منظمة العمل الَّتي انفرد بقيادتها السيِّد محمَّد تقي المدرسي وبقيت مُشبعةً بالفكرِ القطبي، ولكن هذه الحركة فشلت أيضاً لأنَّها هي الأخرى تقليدٌ عن تقليدٍ لتقليد، ففشلت الحركة! دعونا نشاهد هذا المقطع من مُقابلة أجرتها قناةُ النَّعيم مع السيِّد طالب الرِّفاعي وهو يُحدِّثنا عن الحاجةِ إلى الكُتُب الإخوانية وإلى الفكر القطبي نشاهد هذا المقطع معاً: [المُقدِّم: سماحة السيِّد في الخمسينات والستينات معظم الإسلاميين الحركيين كانوا يوجهون بقراءة كتب حسن البنّا وسيِّد قُطب، هل تعتبر ذلك ضعف في النِّتاج الشِّيعي الحركي أو هو ناتج عن قناعة بما يكتبهُ هؤلاء حسن البنا السيِّد قطب والآخرون؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: يا سيدي لَمَّا فار التنور وحدث الطوفان في الشَّارع العراقي السِّياسي وغير السِّياسي ما كان لدينا كتاباً إسلامياً نُعطيهِ للشابِّ المسلم الَّذي يريد أن يتثقَّف إسلامياً ماذا نصنع؟! ما عندنا، مو قضيَّة من باب الترويج لحسن البنا أو سيِّد قطب، ما عندنا..!! المُقدِّم: يعني ضعف كان؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: فأمَّا نترك، سَمِّه ما شئت، فكنَّا، أنا كنت في الناس أرشد إلى قراءة كتب سيِّد قطب وكتب حسن البنا وكتب محَمَّد قطب وكتب الغزالي وغير ذلك من الإسلاميين الموجودين في مصر وفي لبنان وفي سوريا، ومجلاتهم، ما عندنا شيء، عندنا كُتيِّب واحد للشَّيخ مُحَمَّد أمين زين الدين: (الإسلام ينابيعهُ مناهجهُ غاياته)، وهذا كتاب يمكن نفذ في ذلك الوقت من الأسواق ما عندنا شيء. المُقدِّم: كنا نقرأ لهم أو كنتمُ تقرؤون لهم، هل هم يقرؤون الآن لكم؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: سيِّدي أنا ذهبت إلى مصر فوجدت كتاب الاقتصاد الإسلامي، اقتصادُنا للسيِّد الصَّدر يُفتَّش عنه في المكاتب فلا لهُ وجود، حدّثي بعض الإسلاميين يقول: كلَّما تأتي وجبة من هذا الكتاب يفزع إليه الشيوعيون فيشترونها ويحجزونها أو يمزقونها، فلمَّا أنا ذهبت وأخذت كمية كبيرة من كتاب اقتصادنا قمت أهديها إلى بعض المفكرين الإسلاميين إلى آخرهِ، كان إله رواج كبير يعني، كانوا يتطلعون، أحدِّثك حديثاً جرى بيني وبين الشَّيخ الباقوري رحمهُ الله، يقول: لَمَّا صدر كتاب اقتصادنا سمعتُ به فعملت تليفون إلى السِّفارة العراقية، قلت: أريد هذا الكتاب، كان في ذلك الوقت صديقي المرحوم سيِّد عباس الصَّدر ابن سيِّد عليّ الصَّدر ابن أخ للسيِّد مُحَمَّد الصَّدر الَّذي كان رئيس الوزراء في فترة من فترات العهد الملكي، فالسفير أوعز أو تقدَّم برجاء إلى السيِّد عبَّاس رحمهُ الله أنْ يستحضر هذا الكتاب، فحدَّثني السيِّد عبَّاس هو بعد ذلك قال: جرى هذا، فأنا هاتفت العراق وطلبت منهم أنْ يُرسلوا هذا الكتاب، في ظرف أسبوعين وصل الكتاب إلى القاهرة وسُلِّم إلى الشَّيخ الباقوري، فكان لَمَّا يسمعون يستطلعون يعني كانوا منفتحين يعني، وفي محضر عُدَّة من مشايخ وعُمداء جامعة الأزهر وأنا في الحديث مع الشَّيخ الباقوري قال: أتعرفون من هو السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر الَّذي تحدَّثنا مع الشَّيخ عن كتابهِ؟ قالوا: لا، قال: إنَّهُ صاحب كتاب فلسفتنا وصاحب كتاب اقتصادنا، ولو أنَّكم يا مشايخ الأزهر اجتمعتم بقضِّكم، هاي عبارة الشَّيخ الباقوري بالنَّص، اجتمعتم بقضِّكم وقضيضكم على أن تأتوا بمثل كتاب اقتصادنا لسيِّدنا الصَّدر ما استطعتم إلى ذلك سبيلا ولو كان بعضكم لبعضٍ ظهيراً، هذي أنا بحضوري وبمسمعي. المُقدِّم: شهادة كبيرة جدَّاً يعني وأمام الملأ. السيِّد طالب الرِّفاعي: ومثلها وأكبر منها شهادة لعالم أكبر من الشَّيخ الباقوري وهو الشَّيخ مصطفى الزرقاء اللي اعتبره الفقيه الأوَّل من فقهاء المذاهب الأربعة، كُنتُ حاضر في مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية الثَّالث وانبرى أحد الوفود وهو على التعيين من اندونيسيا شيخ اندونيسي، انبرى وأخذ يشتم الشِّيعة كما يشاء وكما يُريد وكما يُحبّ، وكان بعض علماء الشِّيعة موجود مدعو أيضاً للمؤتمر وحوله بعض عمائم البيض وعمائم سود، فالتزم ذلك العالم الصَّمت، وأنا لا يحقُّ لي أن أتكلَّم في المؤتمر إِلَّا إذا كُنتُ عضواً، وأنا ما كنت عضو، رجل جيت مُستمع وبعد ذلك كرَّموني انطوني مُراقب يعني، وحتَّى المراقب ليس من حقّه أن يتكلم يستمع ويحضر، وإذا بالشَّيخ الزرقاء، الشَّيخ مصطفى الزرقاء يقوم ويُكِيل لهذا الاندلوسي الكيل بكيلين والصَّاع بصاعين والحَجَر بحجرين، قال شيخ: إنَّ في الشِّيعة عالمٌ اسمهُ مُحَمَّد باقر الصَّدر، الَّذي ألَّف كتابين، الأوَّل فلسفتنا والثَّاني اقتصادنا، وفي هذين الكتابين قد أزال عن أكتاف علماء المسلمين الواجب الكِفائي المطوِّق لأعناقهم والمُثقِل لأكتافهم، قال: هذا عالِم واحد من عُلماء الشِّيعة الَّذين تشتمهم يا جناب الشَّيخ، وأخذ يطري بالكتابين أنا لا استحضر الآن يعني الكلام الَّذي قاله المرحوم الشَّيخ مصطفى الزرقاء رضوان الله عليه، فكان يعني كان يطلعون، الشَّيخ الباقوري يطّلع، الشَّيخ الزرقاء كان مطلع، في رسالة قُدِّمت للأزهر من قِبَل بعض الوزراء وحضرتها كانت محشَّاة بكتاب اقتصادنا وكانت قاعة مُحَمَّد عبده تدوي باسم سيِّد باقر الصَّدر من قِبَل شوقي الفنجري والآخرين من المناقشين للرسالة. المُقدِّم: يعني هذا الكتاب يُقرأ عندهم وموجود في المكتبات أكيد الآن موجود في مكتباتهم في هذا الوقت، إذاً لماذا هذا التعصُّب ولماذا هذا الاتهامات إلى الشِّيعة والكيل لهم بكلمات لا تليق بهم وبعلمائهم؟! السيِّد طالب الرِّفاعي: أعطني مُثقَّفاً واحداً من هؤلاء الَّذي يكيلون الاتِّهام للشِّيعة، كلُّ هؤلاء جهلة، والجهل ما النا حساب وياه، أنا تكلمت عن العلماء والمُثقفين، أمَّا الجهلة هذا شأنهم وهذا دأبهم وهذا ديدنهم، جاهل، والجاهلون لأهل العلم أعداءُ.. ]. وقت البرنامج انتهى وبودِّي أنْ أُعلِّق على ما جاء في هذا المقطع من مُقابلة قناة النَّعيم مع السيِّد الرِّفاعي، ولكنْ بالمجمل أقول: هذهِ الكُتُب هي بضاعتُهم رُدَّت إليهم. أُكِملُ الحديث إنْ شاء الله تعالى في حلقةِ يوم غد، أنا أقول لكم لو كانت هذهِ الكُتُب تعتمدُ حديثَ آل مُحَمَّد حقيقةً كما يريدون فهل كانوا يقبلونها ويمدحونها؟ ماذا تقولون أنتم؟! أَتْركُكُم فِي رِعَايَةِ القَمَر … يَا كَاشِفَ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِ أَخِيكَ الحُسَين إكْشِف الكَرْبَ عَنْ وُجُوهِنَا وَوُجُوهِ مُشَاهِدِينَا وَمُتَابِعِينَا عَلَى الإنْتَرْنِت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين … أَسأَلُكم الدُّعَاء جَميعاً… غداً نلتقي إنْ شاء الله تعالى على نفسِ الشَّاشة في نفسِ الموعد… في أمَانِ الله … ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الثلاثاء 4 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 6 / 9 / 2016م لازال الحديث في ملامح المنهج الأبتر لذي يتحرّك في الوسط الشيعي وخصوصاً في المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية. مرّ الحديث في ملمح الصنمية البغيضة وتفاريعها، ووصل الحديث إلى ضعف عقيدة البراءة، بل ربّما هناك انعدام في كثير مِن الجهات للبراءة الفكرية (خصوصاً في الأجواء المرجعية والحوزويّة)! وقلت أنّ للتشيّع جناحان: شيعة العراق، وشيعة إيران. وقد اخترق المدّ الإخواني هذين الجناحين، وتطوّر هذا الاختراق إلى (التكوين القطبي الّلعين)! وتسلسل الحديث حتّى وصلنا إلى جناحي التشيّع في العراق (النجف – وكربلاء)، وكان الحديث في أجواء النجف والرمز الكبير المرجع: السيّد محمّد باقر الصدر. ● كان الحديث في المشروع الفكري والاقتصادي والعملي كذلك.. وكان الحديث في المشروع السياسي التنظيمي والمُخطط الاستراتيجي للسيّد محمّد باقر الصدر، وكذلك الحديث في الجانب الفكري والعقائدي وما يرتبط بهذه العناوين. وقفة عند كتاب [المدرسة القرآنية] للسيّد محمّد باقر الصدر، وهو عبارة عن دروس كان يُلقيها السيّد الصدر على تلاميذه، وهو يُبيّن في هذا الكتاب منهجيّته التفسيرية في فهم القرآن وفي تفسير القرآن. ● يقول السيّد محمّد باقر الصدر وهو يتحدّث عن منهجيته في التعامل مع القرآن الكريم، يقول: (قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وهو يتحدّث عن القرآن الشريف: “ذلك القرآن فاستنطِقوه ولن ينطق، لكنْ أُخبركم عنه، ألا إنّ فيه علْم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظْمَ ما بينكم”. التعبير بالاستنطاق الذي جاء في كلام ابن القرآن (عليه السلام) أروعُ تعبيرٍ عن عمليّة التفسير الموضوعي بوصفها حواراً مع القرآن الكريم، وطَرْحاً للمشاكل الموضوعيّة عليه، بقصد الحصول على الإجابة القرآنيّة عليها..) الاستنطاق هو أن نطلب من القرآن أن ينطق، فحين أستنطق شيئاً فإنّي أبذل جهدي كي أدفعه للنطق.. فسيّد الأوصياء يقول لنا: حاولوا أن تستنطقوا القرآن، ولكنّه يُكما كلامه فيقول: ولن ينطق! و(لن) تُفيد النفي التأبيدي! يعني لا يُمكن بأيّ حال مِن الأحوال أن ننجح في مُحاولتنا لاستنطاق القرآن! ● إذا كان القرآن لن ينطق حين نستنطقه، فكيف نتعامل مع القرآن إذاً؟! الجواب في نفس كلام سيّد الأوصياء، حين يقول: (أنا أُخبركم عنه). — فعليٌ هو الذي يُخبرنا عن القرآن، وهذا هو العهد المأخوذ علينا في بيعة الغدير (أن لا نأخذ تفسير القرآن إلّا مِن عليّ) — وهذا هو معنى حديث الثقلين (لن يفترقا)! — وهذا هو معنى (أنّ القرآن مع عليّ، وأنّ عليّاً مع القرآن) — وهذا هو معنى أنّ عليّاً هو الكتاب الناطق، والكتاب بين الدفّتين كتابٌ صامت. ● في أحاديث أهل البيت عليهم السلام أنّ هذا القرآن لن يفهمه إلّا مَن خُوطب به، والذين خُوطبوا بهذا القرآن بنحوٍ مُباشر هم مُحمّد وآل محمّد صلوات الله عليهم، ولذلك رسول الله أخذ العهد على الأمّة في بيعة الغدير أن يأخذوا تفسير القرآن إلّا مِن عليّ ● سيّد الأوصياء يقول (ألا إنّ فيه علْم ما يأتي)، إذا أردنا أن نستنطق القرآن فكيف نعرف علم ما يأتي؟! مَن الذي يستطيع أن يُخرج لنا مِن الكتاب علم ما يأتي؟! بل حتّى ما يرتبط بالماضي، فإنّ القرآن الذي هو بين الدفّتين تحدّث عن الماضي بالمُجمل بأسلوب مُقتضب بل مُقتطع! فهناك الكثير مِن التفاصيل المُهمّة لم يُشر إليها القرآن الذي بين الدفّتين لا مِن قريب ولا مِن بعيد! ● قول الأمير صلوات الله عليه عن القرآن (ألا إنّ فيه دواء دائكم).. مَن الذي يُشخّص الداء؟! لابُدّ مِن طبيب يُشخّص الداء، وفي نفس الوقت يمتلك الخبرة لتشخيص الدواء. (والحديث هنا عن القرآن، فلابُدّ مِن تشخيص الداء بشكل دقيقي لا على أساس الاحتمال، ولابُدّ مِن تشخيص الدواء أيضاً بشكل دقيق لا على أساس الاحتمالات). ● السيّد الصدر يعتبر سيّد الأوصياء (ابن القرآن) وهذا التعبير خاطئ، هذا تعبير قُطبي بامتياز! عليٌ هو القرآن الناطق، وليس ابناً للقرآن. تعبير (ابن القرآن) أو (أخاً للإسلام) هذه التعابير من وحي التعابير الإخوانية القُطبية! ● عملية التفسير الموضوعي التي يتحدّث عنها السيّد الصدر في هذا الكتاب (وهي منهجيته في التفسير) هي بالضبط منهجية سيّد قطب 100% في تفسيره (في ظلال القرآن)!! وهذه المنهجية التي سار عليها سيّد قطب يُمكن أن نقرأها مِن خلال عنوان تفسيره (في ظلال القرآن)! فسيّد قطب يُصوّر نفسه بهذه الصورة: أنّه يجلس في ظلال القرآن يتبصّر فيه ويغوص كغائص صوفي في طوايا معانيه، ويُحاول أن يفهم الحياة مِن خلال رُؤيته، ومِن تجاربه في الواقع الذي يعيشه يستلهم مِن القرآن معانٍ يُحاول على أساسها أن يُمازج بين فهم الواقع العملي وبين التعاليم الدينية وبين المفاهيم التي استلّها مِن خلال تدبّره ومِن خلال تفكّره في آيات القرآن الكريم، ويُحاول أن يستجمع كلّ المضامين المُتشابهة. ولذلك إذا رجعنا إلى تفسير سيّد قطب للقرآن سنجد أنّ أجزاء التفسير مشحونة بموضوعات وعناوين كليّة جمع فيها ما استطاع أن يجمعه مِن الآيات المُتشابهة في نفس الموضوع، كي يستلّ منها نتيجة، وهذا الذي يُسمّى التفسير الموضوعي، وهو نفسه الذي يتحدّث عنه السيّد محمّد باقر الصدر في هذا الكتاب! (وهو بالضبط معارض 100% للاستنطاق الذي تحدّث عنه أمير المؤمنين عليه السلام). ● قول السيّد الصدر عن عملية التفسير الموضوعي (بوصفها حواراً مع القرآن الكريم، وطَرْحاً للمشاكل الموضوعيّة عليه، بقصد الحصول على الإجابة القرآنيّة عليها). هذه هي المنهجية العُمرية بامتياز! بل إنّ سيّد قطب ذهب بعيداً وابتعد أكثر وأكثر حتّى عن المنهجية العُمرية، وغالى كثيراً في المنهجية العُمرية! ● الذي أريد أن أقوله : أنّ منهجية السيّد محمّد باقر الصدر منهجية قطبية بامتياز، والمنهجية القطبية هذه هي منهجية عُمرية ولكن في درجات عالية مِن الغلو في الاعتماد على رأي الإنسان وعلى تجاربه لفهم كتاب الله!! ● ثُمّ يقول السيّد الصدر: (إذن، فأوّل أوجه الاختلاف الرئيسيّة بين الاتجاه التجزيئي في التفسير، والاتجاه الموضوعي في التفسير: — أنّ الاتجاه التجزيئي يكون دورُ المفسّر فيه دوراً سلبيّاً، يستمِع ويسجّل. — بينما التفسير الموضوعي ليس هذا معناه، وليس هذا كُنْهَهُ، وإنّما وظيفة التفسير الموضوعي دائماً وفي كلّ مرحلة وفي كلّ عصر: أنْ يحمل – أي المُفسّر – كلَّ تُراث البشريّة الذي عاشهُ، يحمِل أفكار عصره، يحمِل المقولات التي تعلَّمها في تجربته البشرية ثمّ يضعُها بين يدي القرآن، بين يدي الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خلْفه؛ ليحكُمَ على هذه الحصيلة بما يُمكن لهذا المفسِّر أن يفهمه، أن يستشفّه أن يتبيّنه مِن خلال مجموعة آياته الشريفة. إذنْ فهنا يلتحم القرآن مع الواقع، يلتحم القرآن مع الحياة، التفسير يبدأ مِن الواقع وينتهي إلى القرآن، لا أنّه يبدأ مِن القرآن وينتهي في القرآن، فتكون عمليّة مُنعزلة عن الواقع، منفصلة عن تراث التجربة البشرية، بل هذه عمليّة تبدأ مِن الواقع وتنتهي بالقرآن القيّم، بوصفه المصدر الذي يُحدّد على ضوئه الاتجاهات الربانيّة بالنسبة إلى ذلك الواقع)! ● قول السيّد الصدر (التفسير يبدأ مِن الواقع وينتهي إلى القرآن) كيف يكون ذلك؟!! الزيارة الجامعة الكبيرة: (مَن أراد الله بدأ بكم) والذي يُريد الله لابُدّ أن يفهم كلام الله، وفهم القرآن لابدّ أن يكون مِن خلال العترة. ● منهج أهل البيت عليهم السلام هو أن نبدأ مِن العِترة وننتهي إلى القرآن.. وأمّا قول السيّد الصدر (لا أنّه يبدأ مِن القرآن وينتهي في القرآن) فهذه المنهجية التي أشار إليها بأنه لا يعمل بها هي المنهجية العُمَرية.. والسيّد الصدر ذهب إلى ما هو أبعد منها (وهي المنهجية القطبية)!! ● هذه المنهجية في فهم القرآن عند السيّد محمّد باقر الصدر تُخالف منطق أهل البيت عليهم السلام 100%، وثانياً تُوصلنا إلى نتائج خاطئة، كما وصل السيّد محمّد باقر الصدر إلى نتائج خاطئة! هذه المنهجيّة تركتْ آثارها عليه في سائر مشاريعه الأخرى العلمية والفكرية وحتّى السياسية! يقول السيّد الصدر في كتابه [المدرسة القرآنية]: (في منهج التّفسير الموضوعي لأنّنا نستنطق القرآن، وأنّ في القرآن علم ما كان وعلم ما يأتي، لأنّ في القرآن دواء دائنا، لأنّ في القرآن نظْم ما بيننا، لأنّ في القرآن ما يُمكن أن نستشفّ منه مواقف السّماء اتجاه تجربة الأرض)!! ● السيّد الصدر يأتي إلى كلام أمير المؤمنين عليه السلام فيبتره ويأخذ منه فقط عبارة (فاستنطقوه) فقط ثُمّ يقفز على الحقائق الموجودة في كلام الأمير حين قال (ولن ينطق، لكنْ أُخبركم عنه) ويذهب مُباشرة لهذه العبارات (ألا إنّ فيه علْم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظْمَ ما بينكم) ويُضيف إليها ما أخذه من سيّد قطب!!! هذا هو المنهج الأبتر الذي أتحدّث عنه، المنهج الذي يبتر الحقائق! فهو هنا يأخذ كلمة (فاستنطقوه) من كلام الأمير عليه السلام، ويحذف ما بعدها وهو الأساس، ثُمّ يبني على هذه الكلمة ما فهمه مِن سيّد قطب!! المُشكلة أنّ السيّد الصدر مُطّلع على كلام أمير المؤمنين، وقد أورده كما هو في بداية كتابه، فهو غير غافل عنه.. ولكن رُغم ذلك يبتر كلام سيّد الأوصياء، ويأخذ منه كلمة (فاستنطقوه) وعلى أساسها يُشرعن شرعنة فكرية للتفسير الموضوعي الذي أخذه عن سيّد قطب!! (اقرؤوا الصفحات الأولى من الجزء الأوّل من تفسير سيّد قطب ستجدون هذا المعنى وهذه المنهجيّة أنّه يستلهم المعاني من القرآن!!) ● قول السيّد الصدر (لأنّ في القرآن ما يُمكن أن نستشفّ منه مواقف السّماء اتجاه تجربة الأرض) هذه تعابير قُطبية بامتياز!! في منهج أهل البيت الربط يكون دائماً بالإمام المعصوم، وليس الربط بالسماء.. فإنّ مُصطلح السماء والربط بالسماء هذه مُصطلحات غائمة وعائمة. (إذا استُعملت فإنّها تستعمل في الجوّ الأدبي، لا أن تكون أساساً فكرياً على طول الخط!) هذه المُصطلحات القُطبية جاء بها السيّد الصدر وأقرانه وتلامذته وأقحموها في الثقافة الشيعية بسبب تشبّعهم بالفكر المُخالف، وإلّا فهي لم تكن موجودة قبل ذلك! أضف أنّ الأمور الغَيبيّة لا تُستشفّ ولا تستنطق.. وتعبير (نستشف) هو تعبير سيّد قطب، فهو الذي يقول أنّه يُمكننا أن نستشفّ المعاني من القرآن، أمّا سيّد الأوصياء فيقول: فاستنطقوه ولن ينطق! أيضاً يقول السّيد الصدر في كتابه [المدرسة القرآنية] في الدرس الثاني: (أنّ التّفسير الموضوعي كما شرحنا بالأمس يبدأ بالواقع الخارجي بحصيلة التجربة البشريّة، يتزوّد بكلّ ما وصلتْ إلى يده مِن حصيلة هذه التجربة ومِن أفكارها ومن مضامينها ثمّ يعود إلى القرآن الكريم ليُحكّم القرآن الكريم، ويستنطق القرآن الكريم على حدّ تعبير الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، ويكون دوره – أي دور المُفسّر – دوراً مُستنطَق، دور الحوار، يكون دور المُفسّر دوراً ايجابياً أيضاً، دورُ المُحاور، دورُ من يطرح المشاكل مَن يطرح الأسئلة، مَن يطرح الاستفهامات على ضوء تلك الحصيلة البشريّة على ضوء تلك التجربة الثقافية التي استطاع الحصول عليها، ثمّ يتلقّى من خلال عملية الاستنطاق، مِن خلال عملية الحوار مع أشرف كتاب يتلقى الأجوبة مِن ثنايا الآيات المتفرقة..)!! أمير المؤمنين يقول القرآن (لن ينطق) فكيف نُحكّم القرآن إذاً ؟! وكيف نتلقّى مِنه الأجوبة وهو لن ينطق!! هذه الأجوبة التي يتلقّاها مَن يستنطق القرآن هي أجوبة مِن الشيطان وليس مِن الرحمن! ثُمّ إنّه إذا كان دور المُفسّر دور المُحاور للقرآن وأنّه يتلقّى الأجوبة مِن خلال الآيات.. فأين هو دور الإمام المعصوم إذاً ؟! (وقفة عند نماذج من أحاديث أهل البيت عليهم السلام تُبيّن منطقهم مع القرآن الكريم). ● أيضاً يقول سيّد الأوصياء صلوات الله عليه في إحدى خُطبه في [نهج البلاغة] وهو يصف القرآن، يقول: (هذا القرآن إنّما هو خطٌ مستورٌ بين الدفتين، لا ينطق بلسان، ولا بدّ له من تَرجُمان. وإنّما ينطق عنه الرجال. ولمّا دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله تعالى. وقد قال الله سبحانه ” فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول). فالقرآن كتاب رمزي مستور.. والّلغة فيه لا تنسجم مع الطبيعة البشريّة، فلابدّ له مِن ترجمان. ● وقول الأمير عليه السلام (وإنّما ينطق عنه الرجال) هذه العبارة نفهمُها إذا رجعنا إلى زيارات أهل البيت عليهم السلام.. على سبيل المثال زيارة آل ياسين، حين تقول الزيارة: (السلامُ عليكَ يا داعي الله وربّانيّ آياته، السلام عليك يا باب الله وديّان دينه.. السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه) الذين يتلون الكتاب حقّ تلاوته هم آل محمّد عليهم السلام. وهؤلاء الذين وصفتهم الزيارة الجامعة بهذه الأوصاف العليّة هم تراجمة وحيّ الله. ● وقفة عند رواية سيّد الأوصياء عليه السلام في [تفسير البرهان : ج1]: (عن أبي معمر السعداني أنّ رجلاً قال له أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب: إيّاك أن تُفسّر القرآن برأيك حتّى تفقهه عن العلماء، فإنّه رُبّ تنزيل يُشبه كلام البشر وهو كلام الله وتأويله لا يشبه كلام البشر، كما ليس شيءٌ من خلقه يشبهه، كذلك لا يشبه فعله تبارك وتعالى شيئاً مِن أفعال البشر، ولا يشبه شيء مِن كلامه كلام البشر، وكلام الله تبارك وتعالى صفتُهُ وكلام البشر أفعالهم، فلا تشبّه كلام الله بكلام البشر فتهلك وتضل..) ● قول الإمام عليه السلام (حتّى تفقهه عن العلماء) الأئمة يقولون: نحن العلماء وشيعتنا المُتعلّمون.. فوصف (العلماء) لا ينطبق حقيقة إلّا عليهم صلوات الله عليهم. ● وقفة عند حديث الإمام الصادق عليه السلام مع جابر الجعفي في [تفسير العيّاشي]: (يا جابر، إنّ للقرآن بطناً وللبطن ظهراً، وليس شيءٌ أبعد مِن عقول الرجال منه، إنّ الآية لينزلُ أوّلها في شيء وأوسطها في شيء، وآخرها في شيء، وهو كلامٌ متصرّف على وجوه)!! ● وقفة عند رواية أخرى لإمامنا الصادق عليه السلام أيضاً في [تفسير العيّاشي]: (عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما ضربَ رجلٌ القرآن بعضه ببعض إلّا كفر). ضرب القرآن بعضه ببعض : أي فسّر القرآن بعضه ببعض! (يعني جمع الآيات المُتشابهة على أساس وحدة المُصطلح ووحدة الكلمة وفسّرها ببعضها). ● قد يسأل سائل هنا: وهل طريقة جمع الآيات المُتشابهة على أساس وحدة الكلمة وتفسير بعضها بالبعض آخر طريقة خاطئة مُطلقاً؟! وأقول: ليس الأمر كذلك، هذه الطريقة تكون صحيحة ضمن قواعد أهل البيت في التفسير، وضمن رؤيتهم في التفسير.. أمّا وفقاً للرؤية العُمرية فهي خاطئة 100%. ● وقفة عند حديث الفضيل بن يسار مع الإمام الباقر عليه السلام في [تفسير العيّاشي]: (عن الفضيل بن يسار قال: سألتُ أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية: “ما في القرآن آية إلّا ولها ظهرٌ وبطن، وما فيه حرف إلّا وله حد، ولكلّ حد مطلع” ما يعني بقوله: لها ظهر وبطن؟ فقال: ظهره تنزيله وبطنه تأويله، منه ما مضى، ومنه ما لم يكن بعد، يجري كما تجري الشمس والقمر، كلّما جاء منه شيء وقع، قال الله تعالى: {وما يعلم تأويله إلّا الله والراسخون في العلم} ثُمّ قال الإمام الباقر عليه السلام: نحن نعلمه). إنّني أقطع أنّ الكثيرين من المُعجبين بفكر السيّد محمّد باقر الصدر – إن لم يكن الكل – يعتبرون هذا الحديث تسقيطاً وتنقيصاً للسيّد محمّد باقر الصدر. وأنا أقول لهم: إنّني أكثر معرفة منكم بتأريخ السيّد محمّد باقر الصدر وأكثر معرفة منكم بنتاجه العلمي والفكري.. وأنا مِن جيل كان مُعجباً شديد الإعجاب بالسيّد محمّد باقر الصدر. وحين كنت في سنّ السابعة عشرة كُنت أدرّس وألقي محاضرات على الشباب مِن جيلي أُدّرس فيها فِكره مِن خلال كُتبه مثل كتاب [فلسفتنا]، وكتاب [الأسس المنطقية للإستقراء] فأنا على اطّلاع بما كتبه السيّد محمّد باقر الصدر.. ودخلنا السجون لأنّنا محسوبون على السيّد محمّد باقر الصدر!! أنا لا أريد أن أقيّم السيّد محمّد باقر الصدر مِن خلال موازيين الحوزة لأنّي لا أُؤمن بها.. ولا أريد أن أتحدّث عن مشروعه الفِكري المهم جدّاً الذي تجلّى في كتابه [الأسس المنطقية للاستقراء]، فالموازيين التي أُؤمن بها هي موازيين محمّد وآل محمّد فقط. أنا هنا أريد أن أتحدّث عن هذا المدّ القطبي الضال الذي أُدخل إلى الواقع الشيعي بسبب السيّد الصدر وتلامذته وأقرانه.. أنا أتحدّث عن هذه القضية وأزنُ ما كُتب بموازيين أهل البيت عليهم فقط. ● الذي يعترض على كلامي بشأن السيّد الصدر ويرفضه، عليه أن يُثبت أحد أمرين: — الأوّل: عليه أن يُثبت أنّ ما نقلته من كلام مِن كتب السيّد محمّد باقر الصدر ليس موجوداً في كُتبه.. يعني يُثبت أنّني افتريتُ عليه فيما نقلت من كتبه. — الثاني: عليه أن يُكذّب الموازيين التي ذكرتُها ووزنتُ بها كلام السيّد الصدر.. فإنّي ما وزنتُ كلامه بموازيين مِن عندي، وإنّما وزنتُ كلامه بمنطق الزيارات والروايات والأحاديث المعصومية الشريفة. وبعد ذلك يحقّ له أن يقول ما يقول. وقفة عند دراسة كتبها أحد الجزائريين المُتخصصين في الدراسات القرآنية في الجزائر اسمه (فتحي بودفلة) في هذه الدراسة هناك مسألة مهمّة أشار لها الكاتب.. يقول وهو ينقل كلام سيّد قطب الموجود في الطبعة الأولى من تفسيره والذي يتحدّث فيه عن منهجيّته في فهم القرآن: (فانظر مثلاً إلى تفسير قوله تعالى} حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى{ يقول – أي سيّد قطب – في طبعة الظلال الأولى: “أشهد أنّي وقفتُ أمام هذه النقْلة طويلاً، لا يفتح عليَّ في سِرّها، ولا أريد أنالها، ولا أقنَع كلّ القناعة بما جاء في بعض التفاسير عنها: مِن أنّ إدخال الحديث عن الصلاة في جوّ الحديث عنها إشارة إلى الاهتمام بأمرها..) إلى أن يقول: (لقد بقيتُ ستّة أشهر لا أُجاوز هذه النقلة، ولا أمضي – في التفسير -، لأنّ سرها لم يُكشف لي كشفاً يستريح ضميري إليه، وأشهد أنّه لم يسترحْ بعد لِما اهتديت حتّى الّلحظة إليه)!! ● إلى أن يقول: (ولكنّني ـ كما قلتُ مُخلصاُ ـ لا أستريحُ الراحة للذي اهتديتُ إليه، فإذا هُديتُ إلى شيء آخر فسأبيّنه في الطبعة التالية، وإذا هدى الله أحداً مِن القرّاء فليتفضّل فيُبلّغني بما هداه الله)!! ● إلى أن يقول: (وفي الطبعة التالية بعد طول تأمّل وإمعان نظر دام السنين الطوال عاود الوقوف عند مُراسلات القرّاء واستجابتهم لدعوته، ثمّ بيّن أنّه لم يطمئن لشيء ممّا ذكروه ولا لشيء ممّا قرأه حتّى فتح الله عليه بما في الطبعة المُنقحة مِن الظلال…)!! هل هذه المنهجية البائسة هي التي يُفسّر بها القرآن؟!! كما قلت في بداية حديثي: التشيّع في العراق له جناحان (النجف وكربلاء) (وقفة أعطف فيها الحديث إلى الجناح الثاني للتشيّع في العراق وهو : كربلاء) وأبرز رموز كربلاء: هو المرجع السيّد محمّد الشيرازي. هناك تشابه واضح بين حركة المنهج الأبتر في النجف وفي كربلاء (على مستوى التنظيم السياسي) ففي كربلاء نشأتْ منظّمة العمل الإسلامي في أجواء السيّد محمّد الشيرازي وتحت رعاية مرجعيّته وبإشرافه (فهي نشأتْ في أجوائه مُنذ البداية)، وبعد ذلك ابتعدتْ منظمّة العمل الإسلامي عن السيّد الشيرازي خصوصاً في إيران، بعد الخلاف الذي نشب بين المسؤول الأوّل في منظمة العمل الإسلامي: السيّد محمّد تقي المُدّرسي ابن أخت السيّد محمّد الشيرازي وبين أخواله! إلى الحدّ الذي وصلتْ فيه هذه الخلافات إلى حدّ الصفْع على الوجوه – كما ينقل المطلّعون!! حزب الدعوة هو النسخة القطبية الإخوانية الشيعية النجفية.. ومنظّمة العمل الإسلامي هي النسخة عن (حزب الدعوة)، أُسّست على غِرار حزب الدعوة، (فهي تقليدٌ عن التقليد) ولذلك هي نسخة مُشوّهة!! وأحمد الكاتب الذي أنكر ولادة الإمام الحجّة هو أحد قادة منظّمة العمل الإسلامي.. علماً أنّ (أحمد الكاتب) هو اسمه المُستعار، أمّا اسمه الحقيقي هو: عبد الرسول عبد الزهرة عبد الأمير (اسم شيعي مكعب بامتياز) وهو من كربلاء! قراءة سطور من مذكّرات كتبها [أحمد الكاتب] والتي تُبيّن أنّ أحمد الكاتب كان قائداً في مُنظّمة العمل الإسلامي.. وأنّه صار قائداً للمنظّمة بعد خروج السيّد محمّد الشيرازي مِن العراق، حيث ذهب إلى الكويت! يقول في مذكراته: (وهكذا وجد السيّد محمّد الشيرازي نفسه يتعرّض لجملة مِن الضغوط – من البعثيين – في قلّة مِن الأعوان، فهاجر مِن العراق في نهاية عام 1971، وترك في محلّه السيّد كاظم القزويني الذي كان يحمل الجنسية العراقية، ثمّ ذهب الى الكويت. وخرج معه السيّد محمّد تقي المدرسي وإخوانه، فقرّر التنظيم ترفيعي الى مستوى قيادة عام 1972 وشكلنا لجنة مِن خمسة أعضاء بقيادة المرحوم الحاج علي محمّد…) ● إلى أن يقول وهو يتحدّث عن تأسيس منظّمة العمل الإسلامي: (كان التيار الشيرازي تيّاراً نشِطاً يعمل منذ بداية الخمسينات، ولكنّه كان يرفض فكرة التحزّب والتنظيم الحزبي، ولكنّه أدرك بعد الضربة الّتي وُجّهتْ له باعتقال السيّد حسن الشيرازي حاجته الى التنظيم، وهنا قرّر أركان التيار مثل السيّد محمّد الشيرازي والسيّد كاظم القزويني والسيّد محمّد تقي المُدرّسي البدء في تنظيم الشباب، وأوكلوا مُهمّة إدارة التنظيم الى السيّد المُدرّسي بشرط التأكيد على التبعيّة للمرجعية الدينية، وقد كنتُ مُنخرطاً في التنظيم مِن حيث لا أدري بوجوده، بل يُمكن القول أنّي وُلدتُ ونشأتُ في أحضان الحركة المرجعية. وقد علمتُ بالتنظيم رسميّاً في نهاية عام 1969 بعد إطلاق سراح السيّد حسن الشيرازي ووفاة السيّد الحكيم، وذلك عندما حوّلني أستاذي السيّد مجتبى الشيرازي إلى ابن أختهِ السيّد هادي المدرّسي العائد لتوه من لبنان، وأوكل اليه مُهمّة الإشراف على قيامي مع مجموعة مِن الزملاء هم: الشيخ صاحب الصادق، والشيخ كاظم السباعي، والشيخ محمّد أمين الغفوري بتأليف كتب إسلامية…) ● إلى أن يقول: (وبالرغم مِن أنّنا كنّا نحمل فكراً شيعياً إمامياً قويّاً، إلّا أننا لم نجد مانعاً مِن الانفتاح على الفكر الإسلامي (السني) العام، وبالخصوص كتابات قادة الأخوان المسلمين مثل: سيّد قطب ومحمّد البهي، ومحمّد جلال كشك ومحمّد قطب وغيرهم، التي كانتْ تُشكّل العمود الفقري لمكتبتنا). الذي يقرأ أدبيّات منظّمة العمل الإسلامي مِن كتابات السيّد محمّد تقي المدّرسي، ومِن كتابات السيّد هادي المُدرّسي وغيرهما، والذي يستمع إلى مُحاضراتهم (في الثمانيات وما قبل الثمانينات) سيجد النَفَس القطبي واضح جدّاً !! ● وقوله عن كُتب القطبيين أنّها (التي كانتْ تُشكّل العمود الفقري لمكتبتنا) هذه المعلومة صحيحة ودقيقة 100%. ● مثلما اختلف حزب الدعوة مع السيّد محمّد باقر الصدر.. اختلفتْ قيادات منظّمة العمل مع السيّد الشيرازي!! ● مقطع 1: مقطع فيديو من مقابلة أجرتها قناة النعيم مع السيّد طالب الرفاعي وهو يُحدّثنا عن الحاجة إلى الكتب الإخوانية وإلى الفكر القطبي!! ● بالمُجمل أقول: هذه بضاعتهم رُدّت إليهم.. وأكمل الحديث في حلقة يوم غد!!