الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٢٧ – لبّيك يا فاطمة ج٤٤ – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق١١ – ضعف البراءة ج٥

صور

فيديو

 

 

يوتيوب

 

 
 

اوديو

 

 

مطبوع

 

 

ملخـّص الحلقة

تاريخ البث : يوم الثلاثاء 6 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 8 / 9 / 2016م

  • الحديث لازال في ملامح المنهج الأبتر الذي يتحرّك بقوّة وفاعلية ونشاط دؤوب واضح في وسط المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية خصوصاً في الوسط المرجعي والوسط الحوزوي التدريسي وحتّى في المنابر والفضائيات!

  • وصل الكلام إلى كربلاء، فقد قلتُ أنّ للتشيّع في العراق جناحان (النجف وكربلاء).. مرّ الحديث في النجف وأخذتُ المرجع السيّد محمّد باقر الصدر مثالاً، ثُمّ عطفتُ الحديث على كربلاء فأخذتُ المرجع الراحل السيّد محمّد الشيرازي مثالاً. وبدأتُ بالحديث عن التنظيم السياسي الذي نشأ في أجواء مرجعية السيّد الشيرازي في كربلاء (منظّمة العمل الإسلامي). وقد قلتُ أنّ حزب الدعوة الإسلامية الذي نشأ في أحضان المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية في النجف الأشرف وفي بيوت المرجعية وتحت إشرافهم كان نُسخة طبق الأصل مأخوذة عن الإخوان المُسلمين (وبثوبه القُطبي)! فحزب الدعوة الإسلامية هو النسخة الأسوأ مِن حزب الإخوان المسلمين وذلك بسبب الفكر القطبي!

  • ● منظمة العمل الإسلامي في كربلاء كانت تقليداً لنسخة التقليد في النجف، لذلك جاءت بصورة مشوّهة وكانت ضعيفة إلى حدّ بعيد! ونشأ الصراع المرير بين حزب الدعوة الإسلامية ومُنظّمة العمل الإسلامي مُنذ البدايات حتّى تلاشتْ مُنظمة العمل الإسلامي في أيّامنا هذه!
  • ● قائد مِن قادة مُنظّمة العمل الإسلامي هو (أحمد الكاتب)، وقد قرأتُ لكم ممّا جاء في مذكراته، والمعلومات الواردة فيها صحيحة وهي متوفّرة في مصادر أخرى. مِن ضمن ما جاء في مُذكّراته ممّا قرأته عليكم في الحلقة الماضية، حين قال: (وهنا قرّر أركان التيار مثل السيّد محمّد الشيرازي والسيّد كاظم القزويني والسيّد محمّد تقي المُدرّسي البدء في تنظيم الشباب، وأوكلوا مُهمّة إدارة التنظيم – أي تنظيم منظّمة العمل الإسلامي – إلى السيّد المُدرّسي بشرط التأكيد على التبعيّة للمرجعية الدينية، وقد كنتُ مُنخرطاً في التنظيم مِن حيث لا أدري بوجوده، بل يُمكن القول أنّي وُلدتُ ونشأتُ في أحضان الحركة المرجعية..)
  • ● إلى أن يقول: (وبالرغم مِن أنّنا كنّا نحمل فكراً شيعياً إمامياً قويّاً، إلّا أننا لم نجد مانعاً مِن الانفتاح على الفكر الإسلامي (السني) العام، وبالخصوص كتابات قادة الأخوان المسلمين مثل: سيّد قطب ومحمّد البهي، ومحمّد جلال كشك ومحمّد قطب وغيرهم، التي كانتْ تُشكّل العمود الفقري لمكتبتنا).
  • ● قول أحمد الكاتب (أنّنا كنّا نحمل فكراً شيعياً إمامياً قويّاً) هذه العبارة حقيقية، فالجوّ العقائدي في مرجعية السيّد الشيرازي أقوى بكثير مِن الجوّ العقائدي في النجف، ومُرادي مِن (الجوّ العقائدي) أي العُلقة مع أهل البيت والالتصاق بحديث أهل البيت صلوات الله عليهم.. فهذا الجوّ كان موجوداً في كربلاء، ولازالتْ أجواء المرجعية الشيرازية في البُعد العقائدي وفي التمسّك بحديث أهل البيت هي أقوى ممّا عليه الأوضاع في النجف! وأدلّ دليل على ذلك الفارق الكبير بين خُطباء المدرسة الشيرازية وخُطباء الحوزة النجفية! فخطباء الحوزة النجفيّة يفتقر حديثهم إلى المعاني الوجدانية العميقة في الارتباط بأهل البيت عليهم السلام! المنبر النجفي يميل إلى المُصطلحات وإلى المعاني الجامدة الفارغة مِن الروحانيات، يميل إلى الجانب الأدبي، وإلى السرد التأريخي، وإلى الإنشائيات أكثر مِن الجانب الروحاني والوجداني الذي يظهر واضحاً في منابر المدرسة الشيرازية. (بغضّ النظر عن اتّفاقي معهم أو اختلافي معهم).
  • ● عبارة أحمد الكاتب (الانفتاح على الفكر الإسلامي (السني) العام) هو وضعَ كلمة (السني) بين قوسين، لأنّه يعتبر أنّ الفكر الإسلامي هو الفكر السني، لأنّه صار سُنيّاً.
  • ● المكتبة العقائدية والفكرية لمنظّمة العمل الإسلامي عمودها الفقري هو الفكر الإخواني، وعلى رأسه الفكر القطبي! فالفكر القطبي كان حاضراً وبوضوح جدّاً في حزب الدعوة الإسلامية، وكذلك هو حاضرٌ أيضاً في مُنظّمة العمل الإسلامي!
  • ● حينما كانت مُنظّمة العمل الإسلامي مُرتبطة بالسيّد الشيرازي كان وضعُها أفضل من الجهة العقائدية؛ لأنّ منهجية السيّد الشيرازي في تعامله مع حديث أهل البيت عليهم السلام قريبةٌ مِن المنهجية الإخبارية فهو لا يرد أحاديث أهل البيت، مع أنّ السيّد الشيرازي هو أيضاً اخترقه الفكر القطبي! وسيأتي الحديث عن ذلك.. ولكن لأنّ السيّد الشيرازي كان مُتمسّكاً بحديث أهل البيت عليهم السلام، لذلك كان تأثير الفكر القطبي عليه أخفّ بكثير ممّا هو عليه السيّد محمّد باقر الصدر الذي غطس في الفكر القُطبي!
  • ● السيّد محمّد باقر الصدر حين انغمس في الفكر القطبي لم يكن يتحسّس هذا الخطأ، وإلّا لو كان يتحسّس هذا الخطأ لَما بقي مُستمرّاً عليه! وكذلك السيّد الشيرازي، وكذلك كلّنا جميعاً (لأنّنا لسنا معصومين). فما أطرحه هنا هو قناعتي، وقناعتي ليستْ شيئاً معصوماً، إذ لا يُمكن لغير المعصوم أن يُعطي نتاجاً معصوماً.. ولكن هذا ما وصلت إليه.

  • عرضت عليكم في الحلقة الماضية مقطعاً مِن مقابلة أُجريت مع السيّد طالب الرفاعي على قناة النعيم، ولم يسع الوقت للتعليق عليها، لذلك سأعيد عرض المقطع لأجل التعليق عليه.

  • مقطع 1: فيديو للسيّد طالب الرفاعي وهو مقطع مأخوذ مِن مقابلة أجرتها معه قناعة النعيم الفضائية.
  • ● السيّد طالب الرفاعي يتحدّث في المقابلة عن الفترة التي فار فيها التنّور وحدث الطوفان في الشارع العراقي (السياسي وغير السياسي). وأقول للسيّد طالب الرفاعي: حين فار التنور وحدث الطوفان لماذا لم تلجؤوا إلى سفينة الأمان إلى سفينة آل محمّد؟! لماذا ذهبتم كابن نوح إلى جبل كي يعتصم به في طوفان لا عاصم فيه من أمر الله إلّا في سفينة النجاة؟! لماذا لجأتم إلى القُطبيين؟! لماذا لم تلجؤوا إلى حديث آل محمّد صلوات الله عليهم؟! هل أنّ حديث آل محمّد كان يُعاني مِن نقص؟ إنّني أعطيكم العُذر فيما ذهبتم إليه، فإنّ المؤسسة الدينية قد حطّمتْ حديث آل محمّد بمعونة الشيطان باستعمال ما يُسمّى بـ(علم الرجال، وعلم الدراية، وعلم الكلام، وعلم الأصول..) فلم يُبقوا منه شيئاً، ولهذا ما وجدتم شيئاً بأيديكم! وبالمثل صنع مُفسّروا الشيعة فقد تركوا حديث آل محمّد صلوات الله عليهم وركضوا نحو قواعد التفسير عند النواصب، مثلما تركوا قواعد الاستنباط في حديث أهل البيت، وذهبوا إلى الشافعي وأمثال الشافعي وجاؤونا بالأصول وغير الأصول وحطّموا مناهج أهل البيت! وأنتم جئتم في الزمن الأخير وركضتم وراء سيّد قطب وأمثال سيّد قطب وحطّمتم البقية الباقية!!
  • ● ألم تقل يا سيّد طالب الرفاعي في مُقابلتك مع قناة العراقية أنّ السيّد محمّد باقر الصدر اجتهد فأخطأ؟! فمثلما أخطأ السيّد الصدر في تشخيص مصيره أخطأ في منهجه الفكري أيضاً، وأنت أخطأت والبقية أخطؤوا.. أنتَ بنفسك قُلت أنّنا مجتهدون بين الخطأ والتصويب، فلقد أخطأتم كثيراً ووقعتم في هوّة سحيقة مُظلمة!
  • ● عندما يفور التنور ويحدث الطوفان لابدّ أن نعتصم بالذين إذا اعتصمنا بهم نكون قد اعتصمنا بالله.. هكذا نُخاطبهم صلوات الله عليهم (ومَن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله) لو أنّكم لجأتم إلى آل محمّد صلوات الله عليهم لوجدتم الحقائق شاخصة بيّنة، ولكن المرجعية بنتكم بناء أعوج، والمراجع الذين سبقوا مراجع عصركم هم الذين بنوا مراجع عصركم بناءً أعوج!! فكانت المؤسسة بهذا الشكل البعيد عن منهج آل محمّد، وكان المنهج الأبتر يتحرّك هنا وهناك! وأنتم مِن نتائج هذا المنهج الأبتر (الذي بدأ مُنذ بدايات عصر الغَيبة الكبرى) والذي شيّد أركانه شيخ الطائفة الطوسي، ثُمّ بدأت المُشكلة تتراكم شيئاً فشيئاً حتّى وصل الأمر إليكم وكانت الجناية الكُبرى!! (الآن المنابر قطبية، الحسينيات قطبية، الفضائيات قُطبية…) ماذا فعلتم بالشيعة؟!
  • ● السيّد طالب الرفاعي بنفسه كان يُقرّ أنّه وأمثاله كانوا يُرشدون إلى قراءة الكتب القُطبية! ويُبرّرون ويعتذرون بأنّ السبب في إرشاد الناس إلى قراءة الكتب القطبية هو أنّنا لا نمتلك كُتُباً! السؤال هنا: لماذا لا نمتلك كُتباً؟! والجواب واضح: لأنّنا تركنا منهج آل محمّد صلوات الله عليهم فافتقرنا، وإلّا فكلّ شيءٍ موجود في حديث آل محمّد (حقائق الدين وحقائق الدنيا، حقائق الآخرة وحقائق الغَيب) كلّ شيء موجود في حديث آل محمّد وفي أرقى الأساليب الأدبيّة والتعبيرية، ولكنّكم تُمزّقونه وتُحطّمونه بعلم الرجال!!
  • ● غرّكم هذا الأسلوب الأدبي الذي كتب به سيّد قطب كُتُبه، وخصوصاً في تفسيره (في ظلال القرآن)، غرّكم هذا الأسلوب وأعجبكم لأنّ كُتب علمائنا تُعاني مِن العُجمة المُقرفة! وما قاله السيّد طالب الرفاعي مِن أنّ المكتبة الشيعية مكتبة فقيرة، نعم هي فقيرة وإلى يومك هذا! فكُلّ ما كُتب بعدما كرعوا في الفكر القُطبي، كُتِب على أساس الفكر القطبي! ما جاء به السيّد محمّد باقر الصدر وتلامذته هي صور مشوّهة مِن الفكر القطبي، ومازجوها مُمازجة غَريبة مع حديث أهل البيت!!
  • ● الذي يُجري المُقابلة يسأل السيّد طالب الرفاعي فيقول له: أنتم قرأتم لهم (يعني الإخوان المُسلمين) فهل قرؤوا لكم؟!
  • وأقول: أساساً هم لا يوجد عندهم شيء حتّى يقرؤون لهم، وما كتبوه بعد قراءتهم لكُتب القطبيين جاء مُتوافقاً مع القواعد الفكرية والأصول المنهجية التي كتب بها القطبيون، فكتب بها الشيعة في النجف وفي كربلاء تقليداً لهم! أضف أنّ السيّد طالب الرفاعي يتحدّث عن كتاب واحد وهو كتاب [اقتصادنا]، وهذا لا يُعدّ مِن كُتب الشيعة، وإنّما من كتب القوم، لأنّ هذا الكتاب [اقتصادنا] هو عبارة عن 3 أقسام: قسم في مُناقشة الاقتصاد الماركسي، وقسم في مُناقشة الاقتصاد الرأسمالي، وقسم في وضع منهجيّة للاقتصاد الإسلامي وهذه كرع فيها السيّد محمّد باقر الصدر إلى أُذنيه في الفكر الناصبي، وقد أشرتُ إلى مصاديق كثيرة ممّا جاء في كتابه هذا (أشرت إلى نماذج من أرقام الصفحات في حلقة سابقة)، ولقد نقل كثيراً عن الشافعي وأتباع الشافعي! وتعامل مع الفكر الناصبي كما تعامل مع حديث الباقر والصادق رأساً برأس!! (فهؤلاء ما قبلوا هذا الكتاب وما مدحوه إلّا لأنّهم وجوده مِن كُتبهم)!!
  • مقطع 2: فيديو قصير للسيّد طالب الرفاعي مُقتطع مِن نفس المقابلة التي أجرتها قناة النعيم الفضائية مع السيّد طالب الرفاعي.. وهذا المقطع هو شاهد على طبيعة التناغم في العلاقات على المستوى الإنساني، على المستوى العاطفي، وهذا سببه التوافق الفكري!
  • ● السيّد طاب الرفاعي في هذا المقطع يفتخر بكتاب [المختصر النافع في فقه الإمامية] للمحقّق الحلّي، وكأنّ المختصر النافع شيءٌ عظيم!! [المُختصر النافع] هو رسالة عملية مُختصرة موجزة لكتاب [شرائع الإسلام]! علماً أنّ كتاب [شرائع الإسلام] الذي قرأتُ عليكم منه في الحلقات السابقة هو نفسه الذي يُسيء فيه المحقّق الحلّي الأدب مع الإمام المعصوم (حين كان يتحدّث فيه عن الخُمس وعن قضية الأنفال، والغنائم، فحين كان يتحدّث عن الإمام المعصوم يقول أنّ ذلك يكون للإمام ما لم يُجحف)!! وحين يتحدّث في نفس الكتاب عن غَيبة الإمام يُسيء الأدب مع الإمام عليه السلام فيُعبّر عن غَيبته بأنّها (عدم)!!! وهذا الكتاب قد أُلّف ورُتّب وفقاً للطريقة الشافعية! وفوق كلّ هذا المحقق الحلّي هو الذي أقحم مُصطلح الاجتهاد الناصبي في كتابه [معارج الأصول]، وإلى اليوم علماء الشيعة يتمسّكون به وكأنّه الحجر الأسود!!

  • وقفة فيها مقارنة سريعة بين كتاب سيّد قطب [في ظلال القرآن] وبين ما ذكره السيّد محمّد باقر الصدر في كتابه [المدرسة القرآنية]، وكذلك ما ذكره السيّد محمّد تقي المدّرسي – الذي كان المسؤول الأوّل في منظمة العمل الإسلامي، والذي كان يعمل تحت إشراف مرجعية السيّد الشيرازي وبعد ذلك حدث الانفصال – ما ذكره هو الآخر في مقدّمة كتابه [من هدى القرآن:ج1].. وسأعرّج بعد هذه الوقفة على الشيخ محمّد هادي معرفة وهو مِن نفس الجوّ الشيرازي النجفي القمّي [فهو يُمثّل حالة برزخيّة ما بين كربلاء، النجف، وقم] لذلك حين يتحدّث في كتابه يتحدّث بنفس هذه الثقافة! (سأقرأ لكم سُطوراً من مقدّمات كُتبهم، بإعتبار أنّ المُقدّمة يعرض فيها المُفسّر منهجيّته)!

  • الوقفة (1) قراءة سطور ممّا جاء في مقدّمة كتاب سيّد قطب المركزي [في ظلال القرآن: ج1]:

  • (الحياة في ظلال القرآن نعمة، نعمةٌ لا يعرفها إلّا مَن ذاقها..)
  • ● إلى أن يقول: (لقد عشتُ أسمعُ الله – سبحانه – يتحدّث إليَّ بهذا القرآن، أنا العبد القليل الصغير، أيُّ تكريم للإنسان هذا التكريم العُلْوي الجليل؟..)
  • ● إلى أن يقول: (فالمنهج الإلهي – كما يبدو في ظلال القرآن – موضوعٌ ليعمل في كلّ بيئة، وفي كلّ مرحلة مِن مراحل النشأة الإنسانية، وفي كلّ حالة مِن حالات النفس البشرية الواحدة، وهو موضوع لهذا الإنسان الذي يعيش في هذه الأرض، آخذٌ في الاعتبار فطرة هذا الإنسان وطاقاته واستعداداته، وقوته وضعفه، وحالاته المتغيّرة التي تعتريه..)
  • ● أيضاً يقول: (والرجوع إلى الله – كما يتجلى في ظلال القرآن – له صورة واحدة وطريق واحد، واحد لا إنّه العودة بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في كتابه الكريم إنه تحكيم هذا الكتاب وحده في حياتها، والتحاكم إليه وحده في شؤونها، وإلّا فهو الفساد في الأرض، والشقاوة للناس..)
  • ● إلى أن يقول في نهاية المُقدّمة: (هذه بعض الخواطر والانطباعات مِن فترة الحياة في ظلال القرآن، لعلّ الله ينفع بها ويهدي. وما تشاءون إلّا أن يشاء الله).

  • الوقفة (2) قراءة سطور من مقدّمة كتاب [المدرسة القرآنية] للسيّد محمّد باقر الصدر، يقول بعد أن ذكر كلام أمير المؤمنين عليه السلام (ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق…) وقطّع في كلام الأمير، وقال بأنّه يُمكننا استنطاق القرآن، يقول بعدها في صفحة 13:

  • (وإنّما وظيفة التفسير الموضوعي دائماً وفي كلّ مرحلة وفي كلّ عصر: أنْ يحمل – أي المُفسّر – كلَّ تُراث البشريّة الذي عاشهُ، يحمِل أفكار عصره، يحمِل المقولات التي تعلَّمها في تجربته البشرية ثمّ يضعُها بين يدي القرآن، بين يدي الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خلْفه؛ ليحكُمَ على هذه الحصيلة بما يُمكن لهذا المفسِّر أن يفهمه، أن يستشفّه أن يتبيّنه مِن خلال مجموعة آياته الشريفة)
  • ● إلى أن يقول: (التّفسير الموضوعي يبدأ بالواقع الخارجي بحصيلة التجربة البشريّة، يتزوّد بكلّ ما وصلتْ إلى يده مِن حصيلة هذه التجربة ومِن أفكارها ومن مضامينها ثمّ يعود إلى القرآن الكريم ليُحكّم القرآن الكريم، ويستنطق القرآن الكريم على حدّ تعبير الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، ويكون دوره – أي دور المُفسّر – دوراً مُستنطَق، دور الحوار، يكون دور المُفسّر دوراً ايجابياً أيضاً، دورُ المُحاور، دورُ من يطرح المشاكل مَن يطرح الأسئلة، مَن يطرح الاستفهامات على ضوء تلك الحصيلة البشريّة على ضوء تلك التجربة الثقافية التي استطاع الحصول عليها، ثمّ يتلقّى من خلال عملية الاستنطاق، مِن خلال عملية الحوار مع أشرف كتاب يتلقى الأجوبة مِن ثنايا الآيات المتفرقة) وهذا نفس الكلام الذي قاله سيّد قطب في البداية، حين يقول سيّد قطب: (لقد عشتُ أسمعُ الله – سبحانه – يتحدّث إليَّ بهذا القرآن..)
  • ● سيّد قطب سمّى النتائج (خواطر وانطباعات) مِن خلال مُعايشة القرآن، أمّا السيّد محمّد باقر الصدر يعتبر أنّ النتائج تفسير وليس خواطر وانطباعات!!

  • الوقفة (3) قراءة سطور مِن مقدّمة كتاب [من هدى القرآن :ج1 الطبعة الثانية] للسيّد محمّد تقي المُدّرسي وهو الرجل الأوّل في منظمة العمل الإسلامي التي جزء لا يتجزأ مِن التكوين الشيرازي في تلك الفترة. يقول: (لقد مَنَّ الله سبحانه عليّ حين وفّقني للنظر في كتابه العزيز والتدبّر في آياته الكريمة، واستخراج الدرر المُشّعة مِن بحاره الواسعة، واليوم بعد مرور سنين مُتطاولة على نشر الطبعة الأولى لموسوعة [مِن هدى القرآن] التي تضمّنتْ تلك الدرر، وبعد أن تلقّيتُ بفضل الله تعالى تشجيعاً عليها مِن قِبَل أولي البصائر والفكر المنير في الأمّة..)

  • ● إلى أن يقول: (ثالثاً: إنّي آمل أن أُوفّق وبالتعاون مع اخوتي المؤمنين لتأليف موسوعة جديدة في هذا المضمار أُضمّنها تدبّراتي الجديدة وتتميّز بأمرين: – ألف: بالتوسّع فيما أوجزناه سابقاً. – باء: ببيان ما يتصل بالأوضاع المستجدة فإن مثل القرآن مثل الشمس وعلينا أن نستنطق آياته في كلّ واقعة حادثة)!!!
  • ● تعبيره (في كلّ واقعة حادثة) هذا مُستوحى مِن توقيع إمام زماننا عليه السلام (وأمّا الحوادث الواقعة) ولكنّ الإمام أرجعنا في الحوادث الواقعة إلى رواة الحديث، يعني أنّ الأصل هو حديث أهل البيت، لا أن نستنطق الآيات في كلّ واقعة حادثة.. مَن نحن حتّى نستنطق الآيات بمفردنا؟! نعم نستنطق الآيات مِن خلال إخبارات أمير المؤمنين عليه السلام، تطبيقاً لنفس ميثاق بيعة الغدير (أنّنا لا نأخذ تفسير القرآن إلّا مِن عليّ).
  • ● يقول في مقدّمة الطبعة الأولى: (قبل أكثر مِن ست سنوات حين عزمتُ على تسجيل تأملاتي التي استفدتها مِن القرآن، كتبت ما يلي: أبتدئ في تفسير القرآن الحكيم في بيت من بيوت الله، في يوم السبت الموافق ١/٤/١٣٩٨ هـ، ١١/٣/١٩٧٨ م في مدينة (الكويت). وعلى الله أتوكّل في إتمامه. واعتمدتُ فيه على منهج التدبّر المباشر انطلاقاً ممّا بيّنتهُ في (التمهيد) أي منهج الاستلهام مباشرة مِن الآيات والعودة إلى القرآن ذاته كلّما قصُرنا عن فَهْم بعض آياته وفقَ المنهج الذي علَّمنا إيّاه الرسول الكريم وأئمة أهل البيت حيث أمرونا بتفسير القرآن ببعضه. وإنّي احاول ربط الواقع الراهن بآيات الذكر. حيث انّ ذلك هو الهدف من تفسير القرآن. أوليسَ مَثَل القرآن مَثَل الشمس تطلع كلّ نهار بإشراقة جديدة على عالم جديد. ولا أدّعي أنّني أُبيّن هنا معاني كلام الله كاملاً، بل إنّما حاولتُ أن أُسجّل فقط تلك البصائر التي استفدتها شخصياً عبر تدبّري في القرآن. ولا أنسى دور إخوتي من تلاميذ درس التفسير الذي كنتُ أُلقيه في بلورة رٌؤاي وأفكاري. والله الموفق وعليه التوكل)!! يعني أنّ الأساس في هذا التفسير (تأمّلات)! وهي نفس تعابير سيّد قطب الذي سمّاها (خواطر وانطباعات، استلهامات، استيحاءات،…)!! فهل منهجيّة أهل البيت في القرآن بهذه الصورة؟! أين هو دور الأئمة إذن؟!
  • ● التدبّر في القرآن إن كان مِن دون أساس فهذه مفسدة، وإنْ كان هذا التدبّر يعتمد على أساس فلا بدّ أن نعرف هذا الأساس ما هو؟! هل هو مأخوذ عن أهل البيت أو لا؟!
  • ● أوّل قضيّة يرفضها السيّد محمّد باقر الصدر ويرفضها السيّد محمّد تقي المدرّسي هي الروايات التي تذكر لنا قراءة أهل البيت عليهم السلام للقرآن! صحيح أنّ الأئمة أمرونا أن نقرأ القرآن كما يقرؤه الناس، ولا نقرؤه بهذه القراءات التي وردتْ عنهم، ولكنّهم ذكروها لنا لأجل أن يُفسّروا القرآن بالشكل الصحيح، لأنّ قراءة المخالفين إذا أردنا تفسير القرآن على أساسها سيكون تفسير القرآن خاطئاً. (وهذا في الأفق الّلغوي، فما بالك بالآفاق الحقيقية الأخرى)؟!
  • ● قوله (والعودة إلى القرآن ذاته كلّما قصُرنا عن فَهْم بعض آياته وفقَ المنهج الذي علَّمنا إيّاه الرسول الكريم) هذا افتراءٌ على رسول الله وعلى أهل البيت عليهم السلام، كالإفتراء الذي افتراه السيّد محمّد باقر الصدر على سيّد الأوصياء عليه السلام حين قال أنّنا أخذنا منهجيّة استنطاق القرآن من أمير المؤمنين عليه السلام!! في حين أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ولن ينطق! فالسيّد محمّد تقي يقول (حيث أمرونا – أي رسول الله والأئمة – بتفسير القرآن ببعضه) وهذا افتراء، فالأئمة يقولون: مَن ضرب القرآن بعضه ببعض فقد كفر! صحيح أنّه في منهجية أهل البيت عليهم السلام أن نفهم القرآن بالقرآن، ولكن وفقاً لحديثهم وقواعدهم صلوات الله عليهم في الفهم، وأحياناً نفهم حديث أهل البيت بالقرآن، ولهذا حين تحدّث رسول الله عن القرآن والعترة قال أنّه تاركٌ ثقلين – وجمع بين مُسبّحتيه – (فقواعد التفسير موجودة في هذين العمودين: القرآن والعترة).
  • ● ويُكمل السيّد محمّد تقي المدرّسي فيقول: (هذا ما كتبته قبل أكثر من ستة أعوام أمَّا اليوم فقد أكملتُ التدبّر في القرآن كلّه وسجّلتُ خلاصة الأفكار التي استلهمتُها مِن التدبّر في هذا التفسير، وذلك عِبر مرحلتين: ألف: مِن بداية القرآن وحتّى سورة النحل كتبتُ التفسير بيدي، حيث كنتُ آوي إلى مسجد أو مقام هادىء حاملاً معي القرآن والقلم والقرطاس، وربّما هموماً كثيرة ممَّا تخصُّ الأُمّة، فأجلس كالتلميذ أمام كتاب ربّي وأقرأ مجموعة آيات، وأتدبّر فيها، واذا لم يُسعدني ذكائي لفهم أبعاد آية كريمة سألتُ الله سبحانه أن يُعينني على ذلك، ثمَّ أُسجّل في البدء خُلاصة الأفكار التي استوحيها منها، وبعدئذٍ أتدبّر في آية الله وأسجّل تأملاتي فيها بتفصيل أكثر. وفي بعض الأحيان كانتْ الأفكار تتزاحم وأجدني عاجزاً عن تسجيلها فأختار منها البعض فقط ليتناسب مع المنهج المُوجز الذي اخترتُه لهذا التفسير، بينما أنتفع بالبقيّة في أحاديثي العامّة أو في سائر كتاباتي..)
  • ● إلى أن يقول: (وفي الختام أُسجّل الملاحظات التالية:
  • — أولاً: إنَّ لآيات القرآن الحكيم أبعاداً مختلفة وحسب تعبير تراجمة الوحي وأئمة الهدى عليهم السلام أنَّ له تخوماً وبطوناً تصلُ إلى السبعين، ويكادُ لا يستطيع شخص مثلي أن يطّلع على بُعْدٍ واحد منها، فكيف بسائرها! لذلك فحين أكتب معنى الآية فلا أدّعي أنّه كلّ معانيها وأبعادها، بل لا أدّعي أنّه بالتأكيد المعنى الأقرب، إنّما أسجّل فقط وفقط ما فهمته مِن الآيات، مع اعترافي بقصور فهْمي والواقع أن كلّ التفاسير القرآنية ليس إلّا بياناً لبعض الموضوعات التي تصدقُ عليها الآيات كما تصدقُ على غيرها، وإنّ القرآن سيظلُّ فوق التفاسير لا يُحيطُ بكُنه معانيه إلّا الله، ومَن ارتضاه الله لغيبه.
  • — ثانياً: كان منهجي في التفسير تدبّر الآيات قبل الرجوع إلى التفاسير التي نادراً ما كنتُ أرجع إليها، وذلك لأنّي كنتُ أخشى أن أضع بيني وبين القرآن حِجاباً مِن كلام البشر.
  • — ثالثاً: بعد إتمام التفسير إقترحتُ على بعض الإخوة استخراج معاني مفردات القرآن مِن تفسير مجمع البيان للعلامة الطبرسي، الذي أعتبره الأكمل مِن بين التفاسير المُعتبرة، وقد فعلوا ذلك مشكورين، حيث وُضعتْ تحت رسْم القرآن تسهيلاً للمراجعة، إكمالاً للفائدة(.. هذا الكلام هو على نفس النغمة التي يتحدّث بها سيّد قطب والسيّد محمّد باقر الصدر!
  • ● وقفة عند رواية الإمام الباقر عليه السلام في [تفسير البرهان :ج1] والتي ينقلها صاحب تفسير البرهان عن كتاب [الكافي الشريف]. (عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، إنَّ الرجل لينتزع الآية مِن القرآن يخرّ – بجهله وضلاله – فيها أبعد ما بين السماء والأرض)!! معنى ينتزع الآية : أي يأخذ الآية لوحدها ويتدبّر فيها بمفرده كما يصنع السيّد محمّد تقي المُدرّسي!
  • ● وقفة عند حديث الإمام الصادق عليه السلام مع جابر الجعفي في [تفسير العيّاشي]. يقول عليه السلام لجابر: (يا جابر، إنّ للقرآن بطناً وللبطن ظهراً، وليس شيءٌ أبعد مِن عقول الرجال منه، إنّ الآية لينزلُ أوّلها في شيء وأوسطها في شيء، وآخرها في شيء)!
  • ● قول السيّد محمّد تقي (كان منهجي في التفسير تدبّر الآيات قبل الرجوع إلى التفاسير) هذا هو بالضبط منهج سيّد قطب في كتاب [مشاهد القيامة في القرآن]، والذي سيأتينا أنّ المرجع السيّد محمّد الشيرازي كان يُوصي الخطباء بقراءة هذا الكتاب مرّات ومرّات، ويحفظونه!! والذي يقول سيّد قطب في خاتمته تحت عنوان (مراجع هذا الكتاب) يقول: (كان مرجعي الأول في هذا الكتاب هو المصحف الشّريف، وقد اعتمدتُ على فهمي الخاص لأسلوب القرآن الكريم وطريقته في التّعبير، وإن كنتُ قرأت كثيراً مِن التّفاسير لأعرف ماذا يقال، ولكنّني لا أستطيع أن أثبتها هنا؛ لأنها لم تكن مراجع لي في الحقيقة)
  • ● قول السيّد محمّد تقي (كنتُ أخشى أن أضع بيني وبين القرآن حِجاباً مِن كلام البشر) غريبٌ هذا الكلام!! فأنت في الوقت الذي لم تضع كلام البشر حجاباً، وضعتَ عقلك (الناقص) وجهلك حجاباً!! وهذا الكلام موجّه إلينا جميعاً إذا كنّا نتعامل مع القرآن بهذه الصورة!
  • ● قول السيّد محمّد تقي المدرّسي عن تفسير مجمع البيان للطبرسي (الذي أعتبره الأكمل مِن بين التفاسير المُعتبرة) هذا هو قول المؤسسة الدينية بقضّها وقضيضها.. وهذا التفسير صارتْ له هذه المنزلة عندهم لأنّه تفسير سُنّي بامتياز!! تفسير مخالف لأهل البيت عليهم السلام!
  • ● وقفة عند حديث الإمام الباقر عليه السلام في [تفسير العيّاشي] يقول: (مَن فسّر القرآن برأيه فأصاب لم يُؤجر، وإنْ أخطا كان إثمه عليه)! ما معنى أن يذهب الإنسان بمفرده إلى المسجد ومعه القرآن ومعه ورقة وقلم ويبدأ يتدبّر في الآيات بمفرده؟!! أليس هذا تفسير للقرآن بالرأي؟!
  • ● وقفة عند رواية الإمام الصادق عليه السلام: (مَن فسّر القرآن برأيه إنْ أصاب لم يُؤجر وإنْ أخطا فهو أبعد من السماء)!
  • ● وقفة عند حديث الإمام الصادق وهو يحدّثنا عن إمامنا الباقر عليه السلام: (ما ضربَ رجلٌ القرآن بعضه ببعض إلّا كفر)! وهذا هو الذي يُسمّى بالتفسير الموضوعي (وفقاً لمنهج المخالفين).

  • وقفة عند مثال تطبيقي من تفسير من [من هدى القرآن :ج1] للسيّد محمّد تقي المُدرّسي، والحديث في سورة الفاتحة عن الإستقامة والتصميم على الهداية، يقول في معنى {اهدنا الصراط المستقيم}: (المرحلة الأولى: التصميم على الإستقامة. ولن يكون التصميم على الاستقامة جادّاً إلّا إذا عرف الإنسان أنَّ في الحياة طُرُقاً شتّى لا تُؤدي به إلى أهدافه المنشودة. وأنَّ هناك طريقاً واحداً فقط هو الذي يُوصله إليها، وعرف أنَّ التعرّف على هذا الطريق والسير فيه هو من واجباته التي عليه أن يسعى لتأديتها، وليستْ مِن نعم الله الطبيعية عليه، ليستْ مثلاً كنعمة البصر، حيثُ يُولد الطفل بصيراً. ولهذا فإنّنا ندعو الله أن يمنحنا الإستقامة ونقول: {اهدنا الصراطَ المستقيم} وهذا الدعاء دليل على أنَّ الله لا يمنح الإستقامة إلّا لِمَن يطلبها منه..).

  • ● إلى أن يقول: (إنّ أكثر الناس ينحرفون عن الإستقامة بشهواتهم لأنّهم يستسلمون لضغوط الشهوات. هؤلاء يغضب الله عليهم، ويسلب منهم نُور الفطرة ووهج العقل، فإذا بهم في ظُلماتٍ لا يبصرون، لذلك يدعو المؤمنون أن تدوم لهم نعمة الهداية فيكونون مستقيمين). وهذا الكلام ليس منطق القرآن.. فمنطق القرآن بُني على جوهرة واحدة وهي (الولاية).. فكلّ المضامين القرآنية تدور حول مضمون (الولاية).
  • ● سورة الفاتحة هي خلاصة القرآن، وحين تتحدّث هذه السورة عن (الصراط المستقيم) فالصراط المُستقيم عليٌ صلوات الله عليه، والهداية للصراط المستقيم هي الهداية إلى عليّ. ولاية علي ودينه وأحكامه هي من شؤوناته، أمّا الهداية في أصلها فهي إلى عليّ. ومُصطلح “المغضوب عليهم” و”الضالين” المعاني هنا ترتبط بعليّ، ولا علاقة لها بالشهوات والمحرّمات (الشهوات والمحرّمات هذه معاني تأتي في الحاشية).
  • ● ثُمّ يكمل ويقول في بيان معنى {غير المغضوب عليهم} بقول: ({غير المغضوب عليهم} ممّن تعمّدوا الإنحراف فسلبَ الله منهم نعمة الهداية فظلوا مُنحرفين إلى الأبد. المرحلة الثالثة: التخلّص مِن عوامل الإنحراف الجبريّة التي تدفع الإنسان إلى الإنحراف مِن دون وعي ولا تصميم، وذلك مثل الجهل والغفلة والنسيان، حيث أنّها مِن عوامل الضلالة التي يجب التخلّص منها هي الأخرى حتّى تتم الإستقامة. وكثير مِن الناس ينحرفون لجهلهم بالدين وبما فيه مِن سعادة وخير، مثل أكثر الشبيبة الذين ابتعدوا عن قيم الله، يميناً أو يساراً، وضحّوا مِن أجل مبادئ فاسدة تضحية صادقة، هؤلاء هم الجهلاء لأنّهم لو عرفوا الدين الصحيح لما توانوا عن التضحية مِن أجل المبادئ. كذلك المؤمنون الذين يقعون في الذنوب في ظروف مُعيّنة ثمّ يتوبون مِن قريب، هؤلاء تقودهم الغفلة والنسيان، لذلك يدعو المؤمنون الصادقون أن يهديهم الله إلى الصراط المستقيم ولا يجعلهم مِن (الضالين) {ولا الضالين} أنّ التخلّص مِن الضلالة الّلاواعية لا يكون إلّا بعد التخلّص مِن الانحراف الواعي، إذ أنّ نور الله لا يدخلُ قلباً مُتكبّراً مُعانداً مُصمّماً على الانحراف، لذلك نجد القرآن يأمر بالتخلّص مِن غضب الله أولاً، ثمّ يأمر بالتخلّص مِن الضلالة. وكلمة أخيرة.. أنّ سورة الحمد بآياتها السبعة، هي خلاصة لرؤى الإسلام وبصائره في الحياة، وأمّا التفصيل فنجده في القرآن كلّه)
  • ● صحيح أنّ سورة الفاتحة هي خلاصة القرآن وخلاصة للإسلام، ولكن لا بهذا الفهم السطحي البعيد عن أهل البيت عليهم السلام. سيّد الأوصياء يقول: الفاتحة كلّها في البسملة والبسملة كلّها في الباء، والباء في النقطة وأنا النقطة (فتمام الحقيقة في هذه النقطة)، يعني أنّ سورة الفاتحة كلّها عن عليّ، بل القرآن كلّه عن عليّ.

  • هذه المقارنة بين ما جاء في كتاب [في ظلال القرآن] لسيّد قطب وما جاء في كتاب [المدرسة القرآنية] للسيّد محمّد باقر الصدر، وما جاء في كتاب [مِن هدى القرآن] للسيّد محمّد تقي المُدرّسي تُعطي صورة عن ملامح المنهج الأبتر الذي يتحرّك بقوّة وفاعلية ونشاط قوية في ساحة الثقافة الشيعية.

  • سأقف عند كتاب [التمهيد في علوم القرآن] للشيخ محمّد هادي معرفة في حلقة يوم غد.

تحقَق أيضاً

أسئلةٌ وشيءٌ من أجوبة … – الحلقة ٤٩ والأخيرة

يازهراء …