الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٢٧ – لبّيك يا فاطمة ج٤٤ – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق١١ – ضعف البراءة ج٥ Show Press Release (25 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 127 – لبّيك يا فاطمة ج44 – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق11 – ضعف البراءة ج5 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (8٬800 More Words) يازهراء بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيك يَا وَجْه الله الَّذِيْ إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء… بقيَّةَ الله… مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَك؟!… الْحَلَقَةُ السَّابعةُ وَالعُشْرُون بَعد الْمِئَة لَبَّيكِ يَا فَاطِمَة الجُزْءُ الرَّابع والأربعون ملامحُ المنهج الأبتر في الواقع الشِّيعيّ ق 2 – ضَعْفُ البَرَاءَة ج5 سَلَامٌ عَليْكُم إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ … العُنوانُ هُوَ العُنوانُ نَفسهُ الَّذِيْ تَقَدَّم فِيْ الحَلَقَات الْمَاضِيَة: لبَّيكِ يَا فَاطِمَة …!! سَلَامٌ عَلَى بَاقرِ العُلُوم أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّد اِبْنِ عَليٍّ صَلَواتُ اللهِ وَسَلَامُه عَلَيه وَعَلى آبَائهِ وَأَجْدَادِهِ وَأَبْنَائِهِ الأَطْيَبِينَ الأَطْهَرِين. الحديثُ لا زال في مَلامح المنهجِ الأبتر الَّذي يَتحرَّكُ بقوَّةٍ وفاعليَّةٍ ونشاطٍ دَؤوبٍ واضحٍ في وسطِ المؤسَّسةِ الدِّينيَّةِ الشِّيعيَّةِ الرَّسميَّة، خُصوصاً في الوسط المرجعي والوسط الحوزوي التدريسي، وحتَّى في المنابر والفضائيات. لا أُريد أنْ أُعيدَ ما تَقدَّم من حديثٍ، وصل الكلامُ إلى كربلاء، وقد قُلتُ بأنَّ للتشيُّعِ في العراقِ جناحين: النَّجفُ وكربلاء، ومرَّ الحديثُ عن النَّجف وأخذتُ المرجعَ الشَّهيد السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر مِثالاً، ثُمَّ عَطفتُ الحديثَ على كربلاء وأخذتُ المرجع الرَّاحل السيِّد محَمَّد الشِّيرازي رحمةُ الله عليه مثالاً أيضاً، وبدأتُ بالحديثِ عن التنظيم، عن التنظيم السِّياسي الَّذي نشأ في أجواءِ مرجعيَّة السيِّد الشِّيرازي في كربلاء، مُنظمَّة العمل الإسلامي، وقد قلتُ من أنَّ حزب الدَّعوةِ الإسلامية الَّذي نَشأ في أحضان المؤسَّسةِ الدِّينيَّةِ الشِّيعيَّةِ الرَّسميَّة في النَّجف الأشرف وفي بيوت المرجعيَّةِ وتَحت إشرافهم كَان نُسخةً مأخوذةً طِبق الأصل عن الإخوان المسلمين وبثوبهِ القُطبي، فرِّقوا، هناك إخوان مُسلمون في فترةٍ سابقة لم يكونوا قد لَبسوا الثوب القطبي، هناك إخوان مسلمون فرحوا بإعدام سيِّد قطب، لكنَّنا أخذنا النُّسخة الأسوأ في النَّجف، فحزبُ الدَّعوة الإسلامية هو النُّسخةُ الأسوأ مِن حزب الإخوان المسلمين وذلك بسببِ الثَّوبِ القطبي، وبسببِ الفكر القُطبي، ومُنظمَّةُ العمل الإسلامي في كربلاء كانت تقليداً لنسخة التقليد في النَّجف، لذلك جاءت بصورةٍ مُشوَّهة، وكَانت ضعيفةً إلى حدٍّ بعيد. ونَشَب الصِّراع المرير بين حزب الدَّعوةِ الإسلامية وبين مُنظمَّة العمل الإسلامي مُنذُ البدايات حتَّى تلاشت مُنظمَّةُ العمل الإسلامي في أيَّامنا هذه، وما بقي منها إلَّا أطلال وربَّما حتَّى الأطلال لا تكادُ تُرى، قائدٌ من قادتها أحمدُ الكاتب قرأتُ لكم مِمَّا جاء في مُذكراتهِ، وهذهِ المذكرات منشورة على الإنترنت ولأنَّ المعلومات صحيحة، هذه المعلومات أنا أعرفها وهي مُتوفرة في مصادر أخرى، ولكن لأنَّ هذا الرجل هو من قيادة مُنظمَّة العمل الإسلامي وقد لخَّص الكلامَ بشكلٍ مُوجز مِمَّا يتناسب والبرنامج، قرأتُ عليكم من مذكراتهِ ما قال، لا أعيد كُلَّ الكلام فقط أذهب إلى موطن الحاجة:- وهنا قَرر أركانُ التيار مثل السيِّد محَمَّد الشِّيرازي والسيِّد كاظم القزويني والسيِّد مُحَمَّد تقي المدرِّسي البدءَ في تنظيم الشباب، وأوكلوا مُهمَّة إدارة التنظيم إلى السيِّد المدرِّسي – إلى السيِّد مُحَمَّد تقي المدرِّسي الَّذي هو ابن أخت السيِّد مُحَمَّد الشِّيرازي – وأوكلوا مُهمَّة إدارة التنظيم – أي تنظيم مُنظمَّة العمل الإسلامي – إلى السيِّد المدرِّسي بشرط التأكيد على التبعيَّةِ للمرجعيَّةِ الدِّينيَّة – إلى أنْ يقول – وبالرَّغمِ من أنَّنا كُنَّا نحملُ فِكراً شيعيَّاً إِماميَّاً قويَّاً – هذه الكلمة مُهمَّة جدَّاً بشكل سريع أُعلِّقُ عليها – وبالرَّغمِ من أنَّنا كُنَّا نحملُ فِكراً شيعيَّاً إِماميَّاً قويَّاً – هذهِ كلمة حقيقية. الجو العقائدي في مرجعيَّة السيِّد الشِّيرازي أقوى بكثير من الجو العقائدي في النَّجف، ومُرادي من الجو العقائدي هو العُلقة معَ أهل البَيت، والاِلتصاق بحديثِ أهل البيت صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، وسأتحدَّث عن موقفِ السيِّد الشِّيرازي من هذا الأمر إذا بقي وقت في هذه الحلقة، يعني هذه الكلمة كلمة صادقة وقويَّة وواضحة – وبالرَّغمِ من أنَّنا كُنَّا نحملُ فِكراً شيعيَّاً إِماميَّاً قويَّاً – قطعاً هذا الجو كان موجوداً في كربلاء ولا زالت أجواء المرجعيَّة الشِّيرازية في البُعد العقائدي وفي التمسُّكِ بحديث أهل البيت هي بشكل أوضح وبشكل أبيَن وأقوى مِمَّا عليه الأوضاع في النَّجف، وأدلُّ دليل على ذلك، خُطباء كربلاء بغضِّ النَّظر اتفق معهم في أطروحاتهم أو لا أتفق، لكنَّني هنا أُجري مقارنة فيما بين خُطباء كربلاء، خطباء المدرسة الشِّيرازية، وخُطباء الحوزة النَّجفية، خطباء الحوزة النَّجفيَّة منابرهم تفتقر إلى المعاني الوجدانية الصَّادقة في الارتباط مع أهل البيت في الأعمّ الأغلب، أنا لا أتحدَّث عن الجميع ولكن في الأعمِّ الأغلب الظَّاهرة العامَّة ابتداءً من الشَّيخِ الوائلي وانتهاءً بأتباع مدرسة الشَّيخ الوائلي على اختلاف مستوياتهم، فالمنبر النَّجفي يفتقر إلى الوجدان العَميق معَ أهل البيت، ويميل إلى المُصطلحات، وإلى المعاني الجامدة الفارغة من الرَّوحانيات، وأيضاً يميل إلى الجانب الأدبي وإلى السَّرد التأريخي، وإلى الإنشائيَّات أكثر من الجانب الروحاني والوجداني الَّذي يظهر واضحاً في منابر المدرسة الشِّيرازية، بغضِّ النَّظر هل أتّفقُ معهم في جميع ما يقولون أم أختلف، بغضِّ النَّظر عن هذه القضيَّة، هذا تقييمٌ بالمجمل. وبالرَّغمِ من أنَّنا كُنَّا نحملُ فِكراً شيعيَّاً إِماميَّاً قويَّاً إلَّا أنَّنا لم نَجد مانعاً من الاِنفتاح على الفكر الإسلامي (السُنّي العام) – هو يضع السُنِّي بين هلالين باعتبار أنّه هو صار سنّياً فعلاً، أحمد الكاتب صار سنّياً، فلذلك يضع السُنِّي بين هلالين، لأنَّهُ يعتبر أنّ الفكر السُنِّي هو الفكر الإسلامي الموجود الآن – إلَّا أنَّنا لم نجد مانعاً من الاِنفتاح على الفكر الإسلامي (السني العام) وبالخصوص كتابات قادة الإخوان المسلمين مثل سيِّد قطب ومحمَّد البهي ومُحَمَّد جلال كشك ومحَمَّد قطب وغيرهم الَّتي كانت تُشكِّل العمود الفقري لمكتبتنا – كما قُلتُ قبل قليل مُنظمَّة العمل الإسلامي هي نُسخة عن حزب الدَّعوة، وحزب الدَّعوة هو النسخة السيّئة عن الإخوان المسلمين، لأنَّهم جاءوا باللباس القطبيّ وهو الصورة الأسوأ للإخوان المسلمين. هذه العبارة مُهمَّة: (الَّتي كانت تُشكِّل العمود الفقري لمكتبتنا)، فالعمود الفقري لمكتبةِ مُنظمَّة العمل الإسلامي، قطعاً هو يتحدَّث (العمود الفقري لمكتبتنا) يقصد للمكتبة الفكرية ولا يتحدَّث عن الخانات الخشبية الَّتي توضع فيها الكُتب، يتحدَّث هُنا عن المكتبة الفكرية، عن المكتبة العقائدية، فمكتبتهم العقائدية والفكرية عمودها الفقري هو هذا الفكر، الفكرُ الإخواني، وعلى رأسه الفكرُ القُطبي، الفِكرُ القُطبي كَان حاضراً بوضوح وبوضوحٍ جدَّاً في حِزب الدَّعوة الإسلامية وهو حاضرٌ أيضاً بوضوحٍ في مُنظمَّة العمل الإسلامي، حينما كانت مُنظمَّةُ العمل الإسلامي مُرتبطةٌ بشكلٍ مُباشر بالسيِّد الشِّيرازي كان وضعهُا أفضل من الجهة العقائدية لأنَّ السيِّد الشِّيرازي منهجيّتهُ في التعاملِ مع حديثِ أهل البيت قريبةٌ من المنهجيَّة الإخبارية، فهو لا يردُّ أحاديثَ أهل البيت، أنا هنا لا أُريد أنْ أُناقش منهجيَّة السيِّد الشِّيرازي رحمةُ اللهِ عليه، فلمَّا كانت مرتبطةً بالسيِّد الشِّيرازي كان وضعُها أفضل، معَ أنَّ السيِّد الشِّيرازي أيضاً قد اخترقهُ الفكر القُطبي وسيأتي الحديث، ولكن لأنَّ الرجل كان متمسِّكاً بحديث أهل البيت فكان التأثير القُطبي عليهِ أخفّ بكثير مَّما هو الحال عند السيِّد محمَّد باقر الصَّدر الَّذي غَطس في الفكرِ القُطبي، هذه الحقائق ربَّما الَّذين يناصرون السيِّد الصَّدر لا يقبلون بها، والَّذين يُناصرون السيِّد الشِّيرازي لا يقبلون بها، أنا لا شأنَ لي لا بهؤلاء ولا بهؤلاء، وحديثي ما هو بحديثٍ معصوم، لكن هذه هي قناعتي، وهذه القناعة لم تتشكّل بسببٍ عاطفي أو لعصيبةٍ لهذا الطرف أو لذاك الطرف، هذهِ القناعة تشكّلت عِبر فَترةٍ زَمنيةٍ طويلة وعِبر تَراكُمٍ عِلميٍّ وبحثيٍّ وتَحقيقيٍّ وتَأريخيّ، لذلك حتَّى لو كُنت مُخطئاً فإنَّني لا أتحسَّس خطأي حقيقةً، كما إنَّ الآخرين حينما أخطأوا لا يتحسَّسُون خطأَهم فحالي من حالهم. السيِّد مُحمَّد باقر الصَّدر هذا الخطأ الكبير الَّذي وقع فيه وهو الانغماس في الفكر القُطبي لم يكن يتحسَّس هذا الخطأ، وإلّا لو كان يتحسَّس هذا الخطأ لَمَا بقي مُستمرَّاً عليه، وكذاك السيِّد الشِّيرازي، وكذاك أنا وكذاك أنتم، هذهِ طبيعةُ البشر، فَما أطرحهُ هنا هو قناعتي وليست قناعتي بشيءٍ معصوم، كيف تتوقعون من غَيرِ المعصوم أن يُعطي نتاجاً معصوماً؟! ولكن هذا ما وصلتُ إليه، أنا هنا لا أُريد أنْ أُجري مقارنةً بين الواقع القُطبي في النَّجف وبين الواقع القُطبي في كَربلاء، قطعاً هناك فارق كبير، وهناك تشابه كبير، شدَّةُ تأثير المنهج القُطبي في النَّجف عالية جدَّاً، بينما في الجوِّ الشِّيرازي وفي الجوِّ الكربلائي ليست بتلك الدرجة الَّتي هي في النَّجف، مع أنَّ تشابهاً كبيراً يُوجد، خصوصاً في الجَانب التنظيمي وفي الجَانب الفكري، ما يصطلحون هم عليه بالرِّسالي أو الحركي، وما تُسمّى بالثَّقافة الحركية، وما تُسمّى بالثَّقافة الرِّسالية أو بالثَّقافة الدعوتية أو التغييرية، سَمِّ ما شئت من هذه الأسماء والمسمَّيات الَّتي ما أنزل بها الإمامُ الحُجَّةُ ابن الحَسن من سُلطان، فماذا يقول أحمدُ الكاتب؟ هذه العبارة الَّتي كانت، هذه الكتب القطبية: (الَّتي كَانت تُشكِّل العمود الفقري لمكتبتنا). قبل أن أذهب بكم إلى مُقارنةٍ سريعة بين كتاب سيِّد قطب وما ذكرهُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر، وما ذكرهُ السيِّد محمَّد تقي المدرِّسي الَّذي كان المسؤول الأوَّل عن مُنظمَّة العمل الإسلامي وكان يعمل تحت إشراف مرجعيَّة السيِّد الشِّيرازي وبعد ذلك حدث الانفصال، ثُمَّ أُعرِّج على الشَّيخ محمَّد هادي معرفة وهو من نفسِ الجوّ، من نفس الجوِّ الشِّيرازي النَّجفي القُمِّي، فهو يُمثِّل حالةً برزخيةً ما بين كربلاء والنَّجف وقُم، لذلك حين يتحدَّث في كتابهِ فهو يتحدَّث بنفس هذه الثَّقافة. عرضتُ عليكم في الحلقة الماضية مقطعاً من مقابلة أجريت مع السيِّد طالب الرِّفاعي وبُثَّت على قناة النَّعيم نُعيد بث هذا المقطع لأنَّني ما وجدتُ فرصةً للتعليق عليه أنا وإيَّاكم وهذا الفيديو: [المُقدِّم: سماحة السيِّد في الخمسينات والستينات معظم الإسلاميين الحركيين كانوا يوجهون بقراءة كتب حسن البنّا وسيِّد قُطب، هل تعتبر ذلك ضعف في النِّتاج الشِّيعي الحركي أو هو ناتج عن قناعة بما يكتبهُ هؤلاء حسن البنا السيِّد قطب والآخرون؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: يا سيدي لَمَّا فار التنور وحدث الطُوفان في الشَّارع العراقي السِّياسي وغير السِّياسي ما كان لدينا كتاباً إسلامياً نُعطيهِ للشابِّ المسلم الَّذي يريد أن يتثقَّف إسلامياً ماذا نصنع؟! ما عندنا، مو قضيَّة من باب الترويج لحسن البنا أو سيِّد قطب، ما عندنا..!! المُقدِّم: يعني ضعف كان؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: فأمَّا نترك، سَمِّه ما شئت، فكنَّا، أنا كنت في الناس أرشد إلى قراءة كتب سيِّد قطب وكتب حسن البنا وكتب محَمَّد قطب وكتب الغزالي وغير ذلك من الإسلاميين الموجودين في مصر وفي لبنان وفي سوريا، ومجلاتهم، ما عندنا شيء، عندنا كُتيِّب واحد للشَّيخ مُحَمَّد أمين زين الدين: (الإسلام ينابيعهُ مناهجهُ غاياته)، وهذا كتاب يمكن نفذ في ذلك الوقت من الأسواق، ما عندنا شيء. المُقدِّم: كنا نقرأ لهم أو كنتمُ تقرأون لهم، هل هم يقرأون الآن لكم؟ السيِّد طالب الرِّفاعي: سيِّدي أنا ذهبت إلى مصر فوجدت كتاب الاقتصاد الإسلامي، اقتصادُنا للسيِّد الصَّدر يُفتَّش عنهُ في المكاتب فلا لهُ وجود، حدّثي بعض الإسلاميين يقول: كلَّما تأتي وجبة من هذا الكتاب يفزع إليه الشيوعيون فيشترونها ويحجزونها أو يمزقونها، فلمَّا أنا ذهبت وأخذت كمية كبيرة من كتاب اقتصادنا قمت أهديها إلى بعض المفكرين الإسلاميين إلى آخرهِ، كان إله رواج كبير يعني، كانوا يتطلعون، أحدِّثك حديثاً جرى بيني وبين الشَّيخ الباقوري رحمهُ الله، يقول: لَمَّا صدر كتاب اقتصادنا سمعتُ به فعملت تليفون إلى السِّفارة العراقية، قلت: أريد هذا الكتاب، كان في ذلك الوقت صديقي المرحوم سيِّد عباس الصَّدر ابن سيِّد عليّ الصَّدر ابن أخ للسيِّد مُحَمَّد الصَّدر الَّذي كان رئيس الوزراء في فترة من فترات العهد الملكي، فالسفير أوعز أو تقدَّم برجاء إلى السيِّد عبَّاس رحمهُ الله أنْ يستحضر هذا الكتاب، فحدَّثني السيِّد عبَّاس هو بعد ذلك قال: جرى هذا، فأنا هاتفت العراق وطلبت منهم أنْ يُرسلوا هذا الكتاب، في ظرف أسبوعين وصل الكتاب إلى القاهرة وسُلِّم إلى الشَّيخ الباقوري، فكان لَمَّا يسمعون يستطلعون يعني كانوا منفتحين يعني، وفي محضر عُدَّة من مشايخ وعُمداء جامعة الأزهر وأنا في الحديث مع الشَّيخ الباقوري، قال: أتعرفون من هو السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر الَّذي تحدَّثنا مع الشَّيخ عن كتابهِ؟ قالوا: لا، قال: إنَّهُ صاحب كتاب فلسفتنا وصاحب كتاب اقتصادنا، ولو أنَّكم يا مشايخ الأزهر اجتمعتم بقضِّكم، هاي عبارة الشَّيخ الباقوري بالنَّص، اجتمعتم بقضِّكم وقضيضكم على أن تأتوا بمثل كتاب اقتصادنا لسيِّدنا الصَّدر ما استطعتم إلى ذلك سبيلا ولو كان بعضكم لبعضٍ ظهيراً، هذي أنا بحضوري وبمسمعي. المُقدِّم: شهادة كبيرة جدَّاً يعني وأمام الملأ. السيِّد طالب الرِّفاعي: ومثلها وأكبر منها شهادة لعالم أكبر من الشَّيخ الباقوري وهو الشَّيخ مصطفى الزرقاء اللي اعتبره الفقيه الأوَّل من فقهاء المذاهب الأربعة، كُنتُ حاضر في مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية الثَّالث وانبرى أحد الوفود وهو على التعيين من اندنوسيا شيخ اندنوسي، انبرى وأخذ يشتم الشِّيعة كما يشاء وكما يُريد وكما يُحبّ، وكان بعض علماء الشِّيعة موجود مدعو أيضاً للمؤتمر وحوله بعض عمائم البيض وعمائم سود، فالتزم ذلك العالم الصَّمت، وأنا لا يحقُّ لي أن أتكلَّم في المؤتمر إِلَّا إذا كُنتُ عضواً، وأنا ما كنت عضو، رجل جيت مُستمع وبعد ذلك كرَّموني انطوني مُراقب يعني، وحتَّى المراقب ليس من حقّه أن يتكلم يستمع ويحضر، وإذا بالشَّيخ الزرقاء، الشَّيخ مصطفى الزرقاء يقوم ويُكِيل لهذا الاندلوسي الكيل بكيلين والصَّاع بصاعين والحَجَر بحجرين. قال شيخ: إنَّ في الشِّيعة عالمٌ اسمهُ مُحَمَّد باقر الصَّدر، الَّذي ألَّف كتابين، الأوَّل فلسفتنا والثَّاني اقتصادنا، وفي هذين الكتابين قد أزال عن أكتاف علماء المسلمين الواجب الكِفائي المطوِّق لأعناقهم والمُثقِل لأكتافهم، قال: هذا عالِم واحد من عُلماء الشِّيعة الَّذين تشتمهم يا جناب الشَّيخ، وأخذ يطري بالكتابين أنا لا استحضر الآن يعني الكلام الَّذي قاله المرحوم الشَّيخ مصطفى الزرقاء رضوان الله عليه، فكان يعني كان يطلعون، الشَّيخ الباقوري يطّلع، الشَّيخ الزرقاء كان مطلع، في رسالة قُدِّمت للأزهر من قِبَل بعض الوزراء وحضرتها كانت محشَّاة بكتاب اقتصادنا وكانت قاعة مُحَمَّد عبده تدوي باسم سيِّد باقر الصَّدر من قِبَل شوقي الفنجري والآخرين من المناقشين للرسالة. المُقدِّم: يعني هذا الكتاب يُقرأ عندهم وموجود في المكتبات أكيد الآن موجود في مكتباتهم في هذا الوقت، إذاً لماذا هذا التعصُّب ولماذا هذا الاتهامات إلى الشِّيعة والكيل لهم بكلمات لا تليق بهم وبعلمائهم؟! السيِّد طالب الرِّفاعي: أعطني مُثقَّفاً واحداً من هؤلاء الَّذي يكيلون الاتِّهام للشِّيعة، كلُّ هؤلاء جهلة، والجهل ما النا حساب وياه، أنا تكلمت عن العلماء والمُثقفين، أمَّا الجهلة هذا شأنهم وهذا دأبهم وهذا ديدنهم، جاهل، والجاهلون لأهل العلم أعداءُ …]. السيِّد طالب الرِّفاعي كما سمعتُم في المقابلة يقول حين فار التنور وحدث الطوفان في الشَّارع العراقي، في الشارع السِّياسي وغير السِّياسي، أقول يا سيِّدنا: إذا فار التنور وحدث الطوفان لِمَ لم تلجأوا إلى سفينةِ الأمان إلى سفينة آلِ مُحَمَّد..؟! لماذا ذهبتم كابنِ نوح ذاك الَّذي سمَّتهُ الرِّوايات يام أو أعطته اِسماً آخر فذهب إلى جبلٍ كي يعتصم به في طوفانٍ لا عاصمَ فيهِ من أمرِ الله إلَّا في سفينة النَّجاة..؟! لماذا لجأتم إلى القُطبيين؟! لماذا لجأتم إلى هؤلاء؟! لماذا لم تلجأوا إلى حديث آل مُحَمَّد؟! فهل أنَّ حديث آل مُحَمَّد كان يُعاني من نقصٍ أو ماذا يُعاني؟! ولكنَّني أُعطيكم العُذر فإنَّ المؤسَّسة الدِّينيَّة عِبر الأجيال السَّابقة قد حطَّمت حديثَ آل مُحَمَّد بمعونة الشَّيطانِ، حطَّموا حديثَ آل مُحَمَّد بما سُمِّي بعلم الرِّجال وعلم الدراية وعلم الأصول وعلم الكلام فلم يُبقوا منهُ شيئاً، ولذلك ما وجدتم شيئاً بأيديكم. مثلما ركض مُفسِّرو الشِّيعة، تركوا حديثَ آل مُحَمَّد وركضوا إلى قواعد التفسيرِ عند النَّواصب، مثلما تركوا قواعد الاستنباط في حديث أهل البيت الَّتي قالوا عنها: (اِعْرِفُوا مَنَازِلَ شِيْعَتِنا عِنْدَنَا بِقَدْرِ مَا يُحْسِنُون مِنْ رِوَايتِهِم عِنَّا وَفَهْمِهِم مِنَّا)، ركضوا إلى الشَّافعي وأمثال الشَّافعي وجاءونا بالأصولِ وغير الأصولِ وحطَّموا مناهجَ أهل البيت، وجِئتُم أنتم في الزَّمن الأخير فركضتم وراء سيِّد قطب وأمثال سيِّد قطب فحطَّمتُم البقيَّةَ الباقية!! ألم تَقُل في مُقابلتك العراقية أعني مع القناة العراقية: بأنَّ السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر قد أخطأ، اجتهد الرَّجل وأخطأ، فمثلما أخطأ في تشخيص مصيرهِ فهو قد أخطأ في منهجهِ الفكري يا سيِّد طالب، وأنت أخطأت والبقيَّةُ أخطأوا، أنت قلت: بأنَّنا مُجتهدون بين التخطئة والتصويب، لقد أخطأتم، أخطأتم كثيراً، لقد وقعتم في هُوَّةٍ سحيقةٍ مُظلمة، فحينما يفور التَّنور ويحدث الطوفان لابُدَّ أنْ نعتصم بالَّذين إذا اعتصمنا بهم نكون قد اعتصمنا بالله. هكذا نخاطبهم في الزِّيارة الجامعة الكبيرة: (وَمَنْ اِعْتَصَمَ بِكُم فَقَد اِعْتَصَمَ بِالله)، لو أنَّكم لجأتم إلى آلِ مُحَمَّد لوجدتُم الحقائق شاخصةً بَيَّنةً، ولكن ماذا تصنعون والحوزةُ بَنَتكم بناءاً أعوجاً، المراجع في عصركم بنوكم بناءاً أعوجاً، والَّذين سبقوا هؤلاء المراجع بنوا أولئك المراجع بناءاً أعوجاً، فكانت المؤسَّسةُ بهذا الشَّكل البعيد عن منهجِ آل مُحَمَّد، وكان المنهجُ الأبترُ يتحرَّكُ هنا وهناك، وأنتم من نتائج هذا المنهج الأبتر الَّذي بدأ مُنذ بدايات عصر الغيبة الكُبرى والَّذي شيَّد أركانَهُ شَيخُ الطائفة الشَّيخُ الطوسي رحمة الله عليه، ثُمَّ بدأت المشكلةُ تتراكم شيئاً فشيئاً حتَّى وصل الأمرُ إليكم وكانت الجنايةُ الكُبرى..!! الآن الفضائيات قطبية، المنابر قطبية، الحُسينيَّات قطبية، ماذا جنيتم؟ ماذا فعلتم بالشِّيعة؟! وهو يُقرّ بأنَّهُ هو وأمثاله كانوا يُرشدون إلى قراءةِ الكُتُب القطبية، لماذا؟ ما هو العُذُر؟ إنَّنا لا نملكُ كُتُباً..!! لماذا لا نملكُ كتباً؟ لأنَّنا تركنا منهجَ آلِ مُحَمَّد فافتقرنا، وإلَّا فكُلُّ شيءٍ موجودٌ في حديثِ آلِ مُحَمَّد، ولكنَّكُم تُمزِّقونه بعلم الرِّجال وتُحطِّمونه بعلمِ الرِّجال، كلُّ شيءٍ موجودٌ في حديثِ آل مُحَمَّد! حقائقُ الدِّينِ وحقائقُ الدُّنيا! حقائقُ الآخرةِ وحقائقُ الغيب! كُلُّ شيءٍ موجودٌ في حديث آل مُحَمَّد وفي أرقى الأساليب الأدبيَّةِ والتعبيرية! غرّكم هذا الأسلوب الأدبي الَّذي كَتَب بهِ سيِّد قُطب كُتُبَهُ وخصوصاً في تفسيرهِ في ظِلال القُرآن، غرّكم هذا الأسلوب وأعجبكم لأنَّ كُتُب عُلمائنا تُعاني من العُجمةِ المُقرِفة، هذا هو الواقع، ما قالهُ السيِّد طالب الرِّفاعي من أنَّ المكتبة الشِّيعيَّة مكتبة فقيرة، نعم هي فقيرة وإلى يومك هذا، فكلُّ ما كُتِب بعد أنْ كَرعوا من الفكر القطبي كُتِب على أساس الفكر القُطبي، ما جاء بهِ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وتلامذة السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر هو صُورٌ مشوَّهة عن الفكر القُطبي، مازجوها ممازجةً غريبة مع حديث أهل البيت، فجاءوا بنتاجٍ لا معنى لهُ، ولا قيمة لهُ لو وُضِع على طاولة النقاش، وقد مرَّ في الحلقة الماضية كيف أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر في دروسه لتلامذتهِ الَّذين كانوا يُردِّدون آيات الإعجاب بما يطرحه عليهم وهو يذكرُ كلامَ أمير المؤمنين ويُقطِّعه ويفتري على أمير المؤمنين وقد بيَّنتُ لكم ذلك، قطعاً من دون نيَّةٍ سيِّئة بل لأنَّ الفكر القُطبي قد أعمى بصرَهُ وبصيرتَه مِمَّا جعلهُ يحاول أنْ يُقحم حديث أمير المؤمنين في هذا المستنقع القُطبي، كي يُشرِعن هذا الفكر القُطبي من خلالِ كلامٍ لأمير المؤمنين اضطرَّ إلى تحريفهِ وإلى تقطيعه، راجعوا الحلقة السَّابقة وستجدون ذلك واضحاً جليَّاً بيِّناً، وربَّما أقرأُ شيئاً من كلامهِ في هذه الحلقة أيضاً. وحين يسألهُ الَّذين يُجري المقابلة معهُ، يسأل سيِّد طالب أنتم قرأتم لهم أهم قرأوا لكم؟ أساساً هم ما عندهم شيء حتَّى يقرأون لهم، وما كتبوهُ بعد قراءتهم جاء مُتناغماً ومُنسجماً مع القواعد الفكرية والأصول المنهجيَّة الَّتي كتب بها القطبيون فكتب الشِّيعةُ في النَّجف أو في كربلاء، هو يتحدَّث عن كتابٍ واحد، كُتُب القُطبيين وكتب الإخوانيين كانت تملأُ النَّجف بحيث أنَّ أهل الأعظميَّة يأتون إلى النَّجف لشرائها، لأنَّ الكتب هذهِ ليست متوفرةً في المكتبات السنّية في بغداد، يتحدَّث عن كتابٍ واحد هو كتاب اقتصادُنا وهذا من كتبهم، فكتاب اقتصادنا يتألف من ثلاثة أقسام: o قسمٌ في مُناقشة الاقتصاد الماركسي. o وقسمٌ في مُناقشة الاقتصاد الرأسمالي. o وقسمٌ في وضعِ منهجيَّةٍ للاقتصاد الإسلامي، وهذه كَرَعَ فيها السيِّد محمَّد باقر الصَّدر إلى أذنيه في الفكر النَّاصبي، وقد أشرتُ إلى مصاديق كثيرة مِمَّا جاء في كتابهِ هذا، أشرت إلى أرقام الصَّفحات، ولقد نقل كثيراً عن الشَّافعي وأتباع الشَّافعي، كرع في الفكر النَّاصبي وتعامل معه كما تعامل مع حديث الباقر والصَّادق رأساً برأس، الكتاب موجود وراجعوه وستجدون هذه الحقائق. هؤلاء ما قبلوا بهذا الكتاب ولا مدحوه إلَّا لأنَّهُ من كُتبهم، لقد وجدوا الفكرَ الحنفيَّ والفكرَ الشَّافعيّ، وجدوا فقهَ الحنابلة بشكلٍ واضح، فيما سُمِّي بالاقتصاد الإسلامي، ومن هنا يأتي الباقوري فيمدح كتاب اقتصادنا، أو ذلك الَّذي يقول وهو مصطفى الزرقا من أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر قد أزاح عن أكتاف عُلماء المسلمين، يُشير إلى علماء السُنَّة، الواجبَ الكفائي! ولو كان هذا الكتاب مُؤلَّفاً وفقاً لذوقِ أهل البيت فهل كان سيُزيح الواجبَ الكفائيّ عن أكتافِ عُلماء السنة؟ هل تعتقدون ذلك؟ إنَّما أزاح الواجب الكفائي عن أكتافهم وعن أعناقهم لماذا؟ لأنَّه أُلِّف وفقاً للذَّوق المخالف لأهل البيت، هذه هي الحقيقة، ولا يوجد شيء وراء ذلك، هذه هي الحقيقة. ثُمَّ ما هذا التضخيم؟! وما الفائدة في أنَّ قاعة الشَّيخ مُحَمَّد عبدو في الأزهر يُردَّدُ فيها اسم السيِّد محمَّد باقر الصَّدر، وشوقي الفنجري، وفلان يُردِّد، هل مشكلتنا هي هذه أنَّ شوقي الفنجري يُردِّد اسم محمَّد باقر الصَّدر في قاعة محمَّد عبدو، أو أنَّ مشكلتنا هي أنَّ الفكر القُطبي قد دمَّر السَّاحة الثَّقافية الشِّيعيَّة؟ مُشكلتنا أين؟ هُراءٌ إعلاميٌّ هذا، هراءٌ إعلاميّ، هُراء فكريّ، سَمِّ ما شئت، والَّذي يُجري المقابلة هو الآخر يبدو أنَّه يطربهُ هذا اللون من الحديث، ويجدُ في ذلك افتخاراً، وما ذلك بغريب، هي هذهِ الجوقة الإعلامية وهذا هو الواقع الشِّيعيّ عُموماً! القضيَّة ليست خاصّةً بهذا الَّذي يجري البرنامج أو بغيرهِ، هذا هو الواقع الشِّيعي عموماً، الواقع الشِّيعي يُطرِبُنا أنَّ فُلاناً المخالف لأهل البيت مَدَح الشِّيعة!! الَّذين مدحوا الشِّيعة، اللهُ مَدَح الشِّيعة، هذا الَّذي يُطربنا، رسولُ اللهِ مدح الشِّيعة، هذا الَّذي يُطربنا، عليٌّ مدح الشِّيعة: (لَقَد فُزْنَا وَفَازَ شِيْعَتُنَا وَرَبُّ الكَعْبَة)، فاطمة مدحت الشِّيعة، هؤلاء هم الَّذين يُطربنا مديحهم..!! هؤلاء الَّذين نلجأُ إليهم ونعتصمُ بهم لا كما يقول من أنَّهُ حينما فار التنور وحَدَث الطوفان ركضت المؤسَّسةُ الدِّينيَّةُ والعمائم الشِّيعيَّة، ركضوا إلى المُستنقع القطبيّ..!! مقطعٌ آخر من قناة النَّعيم أيضاً من نفس هذا البرنامج ويبدو أنّه من حلقةٍ أُخرى من حلقاتِ هذهِ المُقابلة مع السيِّد طالب الرِّفاعي، المقطع ليس طويلاً أعرضهُ بين أيديكم شاهداً على طبيعة التناغم في العلاقات على المستوى الإنساني وعلى المستوى العاطفي، وهذا سببهُ هو التوافق الفكريّ، ليس توافق الباقوري مثلاً معَ منهج أهل البيت وإنَّما هو توافق السيِّد طالب الرِّفاعي وأمثال السيِّد طالب الرِّفاعي مع فكر الباقوري، القضيَّة بالعكس، لأنَّ القوم تربُّوا وترعرعوا في الفكر القطبيّ، نُشاهد معاً هذا المقطع: [المُقدِّم: طيب الشَّيخ مُحَمَّد حسن الباقوري؟!! السيِّد طالب الرِّفاعي: رحمةُ الله عليه نِعم الرجل هذا، هذا رجلٌ عظيم جدَّاً، ومُفكِّر أزهري كبير، ورجل يحمل روح مُنفتحة وحيادية كبيرة، ولهُ الفضلُ الكبير في تعريف الأزهر وغيره من المعاهد العلمية بتراث الشِّيعة الفقهي هو الَّذي طبع المختصر النَّافع في فقه الإمامية للمُحقِّق الأوَّل الحلِّي صاحب الشَّرائع]. وكأنَّ المختصر النَّافع شيءٌ عظيم، المختصر النافع هو رسالة عملية مُختصرة موجزة لكتاب الشَّرائع، شرائع الإسلام، وهو نفسهُ الَّذي قرأتُ عليكم منه في الحلقات السَّابقة كيف أنَّ المُحقِّق الحلّي يُسيء الأدب فيه مع الإمام المعصوم حينما كان يتحدَّث في مسألةِ الخُمس وفي قضيَّة الأنفال قضيَّة الغنائم، وكان يتحدَّث عن الإمام فيقول: لهُ ذلك بشرط أنْ لا يُجحف، أو إن لم يُجحف..!! وحين يتحدَّث عن غيبةِ الإمام يتحدَّث عن عدمِ الإمام: وفي حال عدمهِ!! مرَّ مثلُ هذا الكلام في الحلقات الماضية السَّابقة وكيف أنَّ المحقِّق الحلّي يُسيء إلى إمامِ زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، هو نفس هذا الكتاب، والَّذي أُلِّف ورُتِّب على الطريقةِ الشَّافعيَّة، هو الَّذي أقحمَ مصطلحَ الاجتهاد النَّاصبيّ، وإلى اليوم عُلماءُ الشِّيعة يتمسّكون بهِ وكأنَّهُ الحجرُ الأسود، مُصطلح ناصبيّ، هو الَّذي جاءنا بهِ، أوَّل من استعمل هذا المصطلح هو المحقِّقُ الحلّي في كتابهِ (معارجُ الأصول). المحقِّقُ الحلّي اختصر كتاب الشَّرائع فسمّاه المختصرُ النَّافع، فالمختصرُ النَّافع هو عبارة عن رسالةٍ عملية اختُصرِت من كتاب الشِّرائع، فما الَّذي قام به الباقوري وما قيمة هذا الكتاب أساساً؟! رسالة عملية كبقيَّة الرسائل العملية، ما بين الطهارةِ والنَّجاسةِ وأمثال هذه المطالب، المكتبة الشِّيعيَّة عُلماؤنا ملأوها بالمئات والمئات من كُتب نجاسة البولِ ونجاسة الغائط وكُلَّما يأتي فقيه جديد يكتشفُ لنا هذا الأمر العجيب نجاسة المنيّ أو نجاسة الدم، ويقال لهُ المجدِّد، لا أدري جدَّد ماذا؟ لا أدري!! والمحقِّق، حقَّق ماذا؟ لا أدري؟! من البديهيّ أنّ البول نجس والجميع يعرفون ذلك!! ولكن ماذا عن أهل البيت؟ لا يعرفون شيئاً، ولو كانوا يعرفون شيئاً لكتبوا، واللهِ لا يعرفون، لو كانوا يعرفون شيئاً عن أهل البيت لكتبوا، وحسناً فعلوا، لو كتبوا لكتبوا الفضائح والقبائح، لأنَّ الَّذين تحدّثوا منهم شيئاً قليلاً نسبوا النقائصَ لأهل البيت صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، هذا هو الواقع، وإذا تسألون عن الأدلَّة نحن الآن في هذه الحلقة 127، من بداية الحلقة الأولى إلى الآن 127، وإلى نهاية البرنامج لا أدري عند أيِّ حلقة سينتهي البرنامج لكن ليس بعيداً، كُلُّ هذا البرنامج وحتَّى البرامج الَّتي سبقته ولكن لنقف على هذا البرنامج فهو مشحونٌ بالأدلَّةِ والحقائقِ والوثائق الَّتي لا يستطيع أحدٌ أنْ يردّها أو أنْ يُكذِّبها، وعلى عينك يا تاجر. راجعوا الحلقات وسيُعاد بثُّ هذا البرنامج وتتبَّعوا خلفي، تتبَّعوا خلفي وارجعوا إلى المصادر، وتأكَّدوا من صدقي أو من كَذِبي!! فركضَ مُعمَّموا الشِّيعة إلى الفكر النَّاصبي وكّرعوا فيه ثُمَّ نقلوه إلينا عِبر كتاباتهم الَّتي زُوِّقت بحديث أهل البيت زوراً كما مرَّ علينا في المدرسة القُرآنية، كيف أنَّ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر يأتي بحديث أمير المؤمنين ويُقطِّعهُ بطريقةٍ مُنافرةٍ ومُخالفةٍ لمقصودِ الإمامِ المعصوم، وقد ذكرتُ لكم ذلك، ومن لم يكن قد سمع الحلقة فليرجع إلى صفحة: 30، 31، 32، 33، 34، المدرسة القُرآنية، مكتبة سلمان المحمَّدي، هذه الطبعة، الطبعة الأولى، 2013، بغداد، العراق، وتوجد طبعات كثيرة لهذا الكتاب ما شاء الله، توجد طبعات كثيرة وكثيرة جدَّاً باعتبار أنَّ الفكرَ الموجودَ فيه هو فكرٌ قُطبيّ، ولو كان في هذا الكتاب فكرُ أهل البيت لَمَا طُبِع هذه الطبعات ولَمَا شاع في الوسط الشِّيعيَ، مُشكلةُ الشِّيعة هي هذه، مُشكلةُ الشِّيعة هي أنّهم يُعرِضون عن فكر أهل البيت ويذهبون يبحثون في المزابل، هذا هو الواقع الشِّيعيّ، إذا جاءهم خطيب يطرح لهم حديثَ أهلِ البيت فإنّهم يشكّون فيه ويتساءلون، ويعودون إلى المراجع يسألونهم، هل هذا الكلام صحيح أو غير صحيح، ولكن حين يأتي الخطباء ويتقيّأون عليهم بالفكرِ القُطبيّ، حينها يكادون أنْ يرقصوا لذلك!! أيُّ سوءِ توفيقٍ عندكم أنتم الَّذين تقولون إنَّنا شيعةُ أهل البيت، حقّاً أيُّ سُوءِ توفيق عندكم؟! فهذا المديح وهذا الإطراء من قِبل السيِّد طالب الرِّفاعي وحتَّى لشخصيات أخرى والمقابلة طويلة، أنا هنا جئتُ بهذا المقطع شاهداً، هذا الإطراء بسبب التلاقي الفكري، بسبب التلاقي الفكري ليس أنَّ الباقوري انعطف إلى أهل البيت، لا، وإنّما القوم انعطفوا إلى النَّواصب وإلى المخالفين! ومن هنا كما مرّ قبل قليل من أنَّ فقيههُم مُصطفى الزرقا أو الزرقاء كما قال السيِّد طالب الرِّفاعي يُصرِّح من أنَّ مُحَمَّد باقر الصَّدر في تأليفه لهذين الكتابين، يُشير إلى (فلسفتنا) و(اقتصادنا) قد أزاح عن أكتافهم، عن أكتاف عُلماء المسلمين، قطعاً يُشير إلى علماء السنة، قد أزاح عن أكتافهم وعن أعناقهم الواجب الكفائي، ولو أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر كان قد جاء بأحاديثِ كتابِ الكافي في الحُجَّة وشرحها فهل سيقول مُصطفى الزرقاء ذلك؟ لو أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر شرح الزِّيارة الجامعة الكبيرة والمسلمون بحاجةٍ إلى أنْ يعرفوا الحقائق ويجبُ عليهم ذلك ويجب على عُلمائهم أنْ يبحثوا عن الحقائق، فلو أنَّ السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر شَرَحَ الزِّيارة الجامعة الكَبيرة فهل سيقول مصطفى الزرقا أو الباقوري أو غير هؤلاء هذا الكلام؟ إنَّما هي بضاعتُهم رُدَّت إليهم! السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر والبقيَّة قرأوا وتأثَّروا بفكرهم وبكُتبهم ثُمَّ كتبوا على طريقتهم وعلى منوالهم، وأدلُّ دليلٍ على ذلك كيف أنَّهم يُوجِّهون سُؤالاً إلى النَّجف بخصوصِ إنشاءِ بنكٍ لاربويّ والنَّجف تُجيب، والَّذي يُجيب هو السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر كي يُنشئوا بنكاً لاربوياً ينتفعُ منه الإخوان المسلمون القطبيون، هذهِ آثارنا تدلُّ علينا فاسألوا بعدَنا عن الآثارِ..؟! أعتقد أنَّ الفكرة صارت واضحةً وصار كلام أحمد الكاتب واضحاً أيضاً وهو يتحدَّث عن كِتابات سيِّد قطب، ومُحَمَّد البهي، ومحمَّد جلال كشك، ومحَمَّد قطب، وغيرهم الَّتي كانت كما يقول تُشكِّل العمود الفقري لمكتبتنا. دعوني أقرأ لكم مِمَّا جاء في مُقدِّمةِ كتاب سيِّد قطب المركزي (في ظِلال القرآن)، هذا هو الجزء الأوَّل من كتاب سيِّد قطب في ظِلالِ القُرآن، هذه الطبعة طبعة دار الشروق، الطبعة الشَّرعية الأربعون، 2013 ميلادي، دار الشروق، القاهرة، مصر، هذه هي الطبعة الأربعون، لاحظوا كم لهذا الكتابِ من الانتشار!! هذا هو المجلَّد الأول المشتمل على الأجزاء الأربعة الأولى، في المقدِّمة، أقرأُ لكم سطوراً لأنَّ المقدِّمة طويلة، ماذا يقول سيِّد قطب؟ ورجائي أنْ تلتفتوا بدقَّةٍ حتَّى تُقارنوا بين ما ذكرهُ سيِّد قطب في مقدِّمة التفسير وبين ما ذكره علماؤنا، والَّذين لهم اطلاع على التفاسير يعرفون أنّ المقدِّمة يعرِضُ فيها المُفسِّر المؤلِّف منهجيَّتَهُ وطريقتَهُ وأسلوبَه في التفسير. سأقرأُ لكم من سيِّد قطب من مُقدِّمة (في ظِلال القُرآن)، وأقرأُ لكم من (المدرسة القُرآنية) دروس السيِّد محمَّد باقر الصَّدر في تفسير القُرآن والَّتي يشرح فيها منهجيَّتهُ، وأقرأُ لكم من تفسير (من هدى القُرآن) أيضاً من المقدِّمة من الجزء الأوَّل للسيِّد محَمَّد تقي المدرِّسي الرَّمزِ الأوَّل لِمُنظمَّة العمل الإسلامي، فرجائي أنْ تستمعوا وأنْ تُقارنوا، ولنْ تجدوا فارقاً..!! في ظلال القرآن: ماذا يقول سيِّد قطب؟ – لقد عشتُ – هو في البداية يقول – الحياة في ظِلالِ القُرآن نعمة، نعمة لا يعرفها إلَّا من ذاقها – فهو جالسٌ في ظلال القُرآن – الحياة في ظِلالِ القُرآن نعمة، نعمة لا يعرفها إلَّا من ذاقها – إلى أنْ يقول – لقد عشتُ أسمعُ الله سُبحانهُ يتحدَّثُ إِليّ بهذا القُرآن – فهو يحاور القُرآن بل يحاور الله – لقد عشتُ أسمعُ الله سُبحانهُ يتحدَّثُ إِليّ بهذا القُرآن أنا العبدُ القليلُ الصَّغير، أيُّ تكريمٍ للإنسانِ هذا التكريمُ العُلْويُّ الجليل – إلى أنْ يقول، هذا الكلام قرأتهُ من صفحة 11، في صفحة 13:- فالمنهجُ الإلهيُّ كما يبدو في ظِلال القُرآن موضوعٌ ليَعمل في كُلِّ بيئة وفي كُلِّ مرحلةٍ من مراحل النشأة الإنسانية وفي كُلِّ حالةٍ من حالاتِ النَّفس البشرية الواحدة، وهو موضوعٌ لهذا الإنسان الَّذي يعيشُ في هذهِ الأرض، آخذاً في الاعتبار فِطرة هذا الإنسان وطاقاتهِ واستعداداتهِ وقُوَّته وضعفه وحالاتهِ المتغيَّرة الَّتي تعتريه – ويقول في صفحة 15:- والرُّجوع إلى الله كما يتجلَّى في ظِلال القُرآن لهُ صورةٌ واحدة وطريقٌ واحد، واحدٌ لا سِواه، إنَّهُ العودةُ بالحياة كُلِّها إلى منهجِ الله الَّذي رَسَمه للبشريَّةِ في كتابه الكريم إنَّهُ تحكيمُ هذا الكتاب وحدَهُ في حياتها والتحاكُم إليه – انتبهوا إلى عبارة (التحاكُم) نتحاكم إليه – والتحاكم إليه وحدَهُ في شؤونها وإلَّا فهو الفسادُ في الأرض والشَّقاوةُ للنَّاس – إلى آخر كلامهِ. إلى أنْ يقول في صفحة 18 في آخر المقدِّمة: – هذهِ بعضُ الخواطر – يعني الَّتي سيذكرها في هذا الكتاب وعلى طول الكتاب – هذه بعضُ الخواطر والاِنطباعات مِن فَترةِ الحياةِ في ظِلال القُرآن – خواطر وانطباعات ذكرها في المقدِّمة بشكلٍ مُجمل وسيفُصلها في الكتاب، هذا هو مرادهُ – هذهِ بعضُ الخواطر والاِنطباعات – خواطر وانطباعات وتحاكم إلى القُرآن والجلوس في ظِلاله ومحاورة الله!! – هذهِ بعضُ الخواطر والاِنطباعات من فترةِ الحياة في ظلال القُرآن، لعلَّ الله ينفع بها ويهدي، التوقيع، سيِّد قطب – هذا ما جاء في تفسيرِ في ظلال القُرآن. أمَّا السيِّد محمَّد باقر الصَّدر في المدرسة القرآنية: فماذا قال؟ قطعاً بعد أنْ ذكر كلامَ أمير المؤمنين: (ذَلِكَ القُرْآن فَاسْتَنْطِقُوه وَلَنْ يَنْطُق)، ولكنَّهُ تجاوزه وقال بأنَّنا نستنطقُ القرآن، ماذا قال في صفحة 30:- وإنَّما وظيفةُ التفسير الموضوعي دائماً وفي كُلِّ مرحلة وفي كُلِّ عصر – ماذا يفعل المُفسِّر؟ – أنْ يحمل كلَّ تُراث البشريةِ الَّذي عاشهُ يحملُ أفكار عصرهِ، يحملُ المقولات الَّتي تعلَّمها في تجربتهِ البشرية، ثُمَّ يضعها بين يدي القُرآن، ليحكُم على هذه الحصيلة بما يمكن لهذا المُفسِّر أنْ يفهمهُ، أنْ يستشفَّهُ، أنْ يتبيَّنهُ من خلالِ مجموعة آياتهِ الشَّريفة – إلى أنْ يقول – التفسير الموضوعي – هذا في صفحة 33:- يبدأُ بالواقع، بالواقع الخارجي، بحصيلة التجربة البشرية، يتزوَّدُ بِكُلِّ ما وصلت إلى يدهِ من حصيلة هذه التجربة ومن أفكارها ومن مضامينها ثُمَّ يعودُ إلى القُرآن الكريم ليُحَكِّم القُرآن الكريم ويستنطق القُرآن الكريم على حدِّ تعبير الإمام أمير المؤمنين عليه الصَّلاة والسَّلام – أمير المؤمنين قال: (وَلَنْ يَنْطِق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنْه)، ولكنَّهُ يأتي بكلامِ أمير المؤمنين فيُقحمُه في هذا المنهج القُطبي!! ألا تلاحظون الكلمات هي هي – فالمنهجُ الإلهيُ كما يبدو في ظلال القُرآن موضوعٌ ليعمل في كُلِّ بيئة وفي كُلِّ مرحلةٍ من مراحل النَّشأة الإنسانيَّة وفي كُلِّ حالةٍ من حالات النَّفس البشرية – إلى أنْ يقول – إنَّهُ تحكيمُ هذا الكتاب وحده في حياتها والتحاكُم إليه وحدهُ في شؤونها – حتَّى يقول – هذه بعضُ الخواطر والاِنطباعات من فترة الحياةِ في ظِلال القُرآن – سيِّد قطب سمَّاها خواطر وانطباعات. الغريب أنَّ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر يعتبر أنَّ النتائج هي تفسير وليست خواطر وانطباعات!! وهذا الرجل، سيِّد قطب، يعتبر أنّ ما وصل إليه هو خواطر وانطباعات من خلالِ مُعايشة القُرآن – ويكون دورهُ – دور القُرآن – دور الْمُسْتَنطَق دور الحوار، يكون دور المُفسِّر دوراً إيجابياً أيضاً، دور المحاور – يُحاور القُرآن حتَّى يُحصِّل على جواب – دور من يطرح المشاكل، من يطرح الأسئلة، من يطرح الاستفهامات على ضوء تلك الحصيلة البشرية، على ضوء تلك التجربة الثَّقافية الَّتي استطاع الحصول عليها ثُمَّ يتلقَّى من خلالِ عملية الاستنطاق من خلالِ علمية الحوار مع أشرفِ كتاب يتلقَّى الأجوبة من ثنايا الآيات المتفرَّقة – وهذا هو نفس الكلام الَّذي قاله سيِّد قطب في البداية: (لقد عشتُ أسمعُ الله سبحانهُ يتحدَّث إليّ بهذا القُرآن)، فهل يتحدَّثُ الله بهذا القُرآن إلى سيِّد قطب أم إلى السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر أم إلى المُفسِّر الَّذي يُفسِّر وفقاً لمنهجيَّة التفسير الموضوعي القطبي الصَّدري؟! أنتم ماذا تقولون؟! ماذا يقول السيِّد تقي المدرِّسي؟! الرَّجل الأوَّل في مُنظمَّة العمل الإسلامي الَّتي هي جُزء لا يتجزّأ من التكوين الشِّيرازي، قطعاً أتحدَّث عن تلكم الفترة وإلَّا الآن لا وجودَ حقيقيّاً لمنظمَّة العمل الإسلامي، (من هُدى القُرآن)، سماحة المرجع الدِّيني آية الله العظمى الحاج السيِّد مُحَمَّد تقي المدرِّسي، هذا هو الجزء الأوَّل، دار القارئ، الطبعة الثَّانية، طبعة مُحقَّقة ومنقّحة ومزيدة، 2008 ميلادي، نقرأ ما جاء في مقدِّمة الطبعة الثَّانية، ماذا يقول السيِّد تقي المدرِّسي؟ لقد منَّ الله سُبحانه عَلَيَّ حيث وفقَّني للنَّظرِ في كتابهِ العزيز والتدبُّر في آياتهِ الكريمة واستخراج الدُرر المشعَّة من بحارهِ الواسعة، واليوم بعد مرور سنين متطاولة على نَشر الطبعة الأولى لموسوعة من هُدى القُرآن الَّتي تضمَّنت تلك الدُّرر وبعد أنْ تلقَّيتُ بفضل الله تعالى تشجيعاً عليها من قِبَل أولي البصائر والفكر المنير في الأُمَّة – من هم هؤلاء أولوا البصائر وأصحاب الفكر المنير في الأُمَّة؟ وهم يقرأون في هذا التفسير وفقاً لهذه المنهجيَّة الَّتي سيذكرها السيِّد تقي المدرِّسي في مُقدِّمة الطبعة الأولى، ونأخذ مثالاً تطبيقياً أيضاً من خلال تفسيرهِ، هؤلاء الَّذين هم يتذوَّقون نفس هذه الذَّائقة – ثالثاً: إنِّي آملُ أنْ أُوفَّق وبالتعاون مع إخوتي المؤمنين لتأليف موسوعةٍ جديدةٍ في هذا المضمار أُضمِّنها تدبّراتي الجديدة – باعتبار أنّ الطبعة السَّابقة كانت تشتمل على أيِّ شيءٍ؟ على التدبّرات القديمة، وسنقرأ كيف أنَّ السيِّد تقي الدرسي يكتب هذه التدبّرات، أيضاً يجلسُ أمام القُرآن ويحاور القُرآن ويستنطق القُرآن، نفسُ الشيء – لتأليفِ موسوعةٍ جديدةٍ في هذا المضمار أُضمِّنها تدبُّراتي الجديدة وتتميَّزُ بأمرين: أ بالتوسع فيما أوجزناهُ سابقاً. ب ببيان ما يتَّصل بالأوضاع المستجدّة، فإنَّ مَثَل القُرآن أو مِثلَ القُرآن، فإنَّ مَثَلَ القُرآن مَثَلُ الشَّمس وعلينا – ماذا نفعل؟ – أنْ نستنطق آياتهِ في كُلِّ واقعةٍ حادثة – نحنُ نستنطق! نفس العملية، استنطقوه، الأمير يقول: (ولنْ يَنْطُق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنه)، السؤال أين دور الإمام المعصوم هنا؟ لا وجودَ لهُ، هذه المقدِّمة الثَّانية مكتوبة بتاريخ 1428 هجري قمري – وعلينا أنْ نستنطق آياتهِ في كُلِّ واقعةٍ حادثة – في كُلِّ واقعةٍ حادثة هذا المعنى مُستوحى من التوقيع: (وَأَمَّا فِي الحَوَادِث الوَاقِعَة)، الإمام ماذا تحدَّث في الحوادث الواقعة؟ ارجعوا إلى رواة الحديث، يعني الأصل هو الحديث، حديث أهل البيت، لا أنْ نستنطق الآيات في كُلِّ واقعة حادثة، من نحن حتَّى نستنطق الآيات؟ نعم نحن نستنطقُ الآيات مع إخبارات أمير المؤمنين: (ذَلِكَ القُرْآن فَاسْتَنْطِقُوه ولنْ يَنْطُق وَلَكِن أُخْبِرُكُم عَنه)، نستنطقُ الآيات من خلال إخبارات أمير المؤمنين، وهو تطبيق لنفسِ ميثاق بيعة الغدير، أنَّ التفسير لا نأخذهُ إلَّا من عليٍّ ومن عليٍّ فقط، نذهب إلى مقدِّمة الطبعة الأولى، ماذا يقول السيِّد تقي المدرِّسي؟ – قبل أكثر من ست سنوات حين عزمتُ على تسجيل تأمُّلاتي الَّتي استفدتُها من القُرآن كتبتُ ما يلي – تأمّلات!! نفس التعبير؛ خواطر! انطباعات! استلهامات! استيحائات! نستوحي من القُرآن!! إذاً حديثُ أهل البيت أين؟ لا أدري!! المطلوب منَّا أن نستلهمَ من حديث أهل البيت، حديثُ أهل البيت هو الَّذي يكشفُ لنا حقائقَ القُرآن، القضيَّة هكذا تكون: (اِعْرِفُوا مَنَازِلَ شِيْعَتِنَا عِنْدَنَا – ما قال الإمام بقدر ما يستنطقون آياتِ القُرآن!! قال:- بِقَدْرِ مَا يُحْسِنُون مِنْ رِوَايَتِهِم عَنَّا وَفَهْمِهِم مِّنَّا)، نذهبُ إلى حديثِهم ونستلهمُ من حديثِهم ونستنطقُ حديثَهم، ونستنطقُ حديثَهم لا بقواعد علم الأصول ولا بقواعد علم الكلام، بل نستنطقُ حديثَهم بقواعد الاستنطاق من نفسِ حديثهم، هم قالوا: (عَلَيْنَا الأُصُول وَعَلَيْكُم التَّفْرِيع)، فأصولُ الفهم وقواعدُ الفهم نستخرجها من خلالِ حديثِهم، حين نقول: (كَلَامُكُم نَوْر)، في الزِّيارة الجامعة الكبيرة أي أنَّ كلامهم يحمل النوريَّة ذاتاً ولا يحتاج إلى مُنوِّرٍ من الخارج، فقواعد الفهم موجودةٌ في طوايا كلامهِم. قبل أكثر من ست سنوات حين عزمتُ على تسجيل تأمُّلاتي – هذه التأمُّلات والانطباعات أين هي موجودة في حديثِ أهل البيت؟ في سيرة أهل البيت أين هي موجودة؟ متى قالوا لنا تأمَّلوا؟ سيقولون التدبُّر، التدبُّر في القُرآن هل يكون من دون أساس أو هو يعتمدُ على أساس؟ إنْ كان من دون أساس فهذهِ مفسَدَة، وإنْ كان يعتمدُ على أساس فهذا الأساس ما هو؟ هل هو قواعدُ التفسير الَّتي جِيء بها من المخالفين؟ من الثَّقافة المخالفة أم من ثقافة أهل البيت؟ التدبُّر لابُدَّ أنْ يكون مبنياً على قواعد الفهم، وأوَّل قضيَّة يرفضها السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر ويرفضها السيِّد تقي المدرِّسي هي الرِّوايات الَّتي تذكر لنا قراءةَ أهلِ البيت، صحيح أنّ الأَئِمَّة قالوا لنا لا تقرأوا القُرآن بهذه القراءات الَّتي وردت عنهم ولكنَّهم ذكروها لنا لأجل أنْ يُفسِّروا القرآن بالشَّكل الصَّحيح، لأنَّ قِراءة المخالفين إذا أردنا أنْ نُفسِّر القرآن على أساسها سيكونُ تفسيرُ القُرآن خاطئاً، هذا في الأفق اللغويّ، فما بالك في الآفاق الحقيقيَّة الأُخرى، في الأفق اللغويّ إذا أردنا أنْ نفسِّر القُرآن وفقاً لقراءات المخالفين سيكون التفسيرُ خاطئاً، أساساً السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر والسيِّد تقي المدرِّسي والبقيَّة، والسيِّد مُحَمَّد الشِّيرازي، والسيِّد محمَّد حسين فضل الله، والشَّيخ الطوسي، والطبرسي، والطباطبائي، أساساً كُلّ المفسِّرين في المؤسَّسةِ الشِّيعيَّة وفي المدرسة الأصولية بنحوٍ خاص وحتَّى المدرسة العرفانية أيضاً وبضمنها المدرسة الشَّيخيَّة أيضاً حين يقرأون القُرآن فإنّهم يقرأونهُ بقراءة المخالفين، وهذا نحنُ قد أُمِرنا به، ولكنَّهم يُفسِّرون ألفاظَ القُرآن في الأفق اللغوي وفقاً لقراءة المخالفين، وهو يُخالفُ ما جاء في روايات وأحاديث أهل البيت، على أيِّ حال أنا الآن لا أُريد الخوضَ في هذه القضيَّة، وقد تحدَّثتُ في عدَّة حلقاتٍ في موضوع تحريفِ القُرآن يمكنكم أنْ تُراجعوا تلك الحلقات من حلقاتِ هذا البرنامج. قبل أكثر من ست سنوات حين عزمتُ على تسجيل تأمُّلاتي الَّتي استفدتُها من القُرآن كتبتُ ما يلي: أبتدئُ في تفسير القُرآن الحكيم – إذا كانت هذه تأمُّلات فلماذا تسمّيها تفسيراً؟ والواقع هو تفسير – أبتدئُ – يعني الأساس في هذا التفسير تأمُّلات، فهل هذه هي منهجيَّةُ أهلِ البيتِ في فهمِ القرآن؟! ماذا تقولون أنتم؟ هل هذه هي المنهجيَّة الَّتي يتحدَّثُ عنها السيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر أنْ يأتي المُفسِّر بِكُلِّ ثقافته وبِكُلِّ تُراث البشريةِ وأنْ يضعهُ بين يدي القُرآن يُحاور القرآن ويستنطق القُرآن كما قال أمير المؤمنين!! وواللهِ ما قال ذلك أمير المؤمنين، في أي مكان قال أمير المؤمنين ذلك؟! دلّونا، لا يُوجد، أمير المؤمنين قال: (استنطقوه ولن ينطق). أبتدئُ في تفسير القُرآن الحكيم في بيتٍ من بيوت الله في يوم السَّبت الموافق 1/4/1398 هجري 11/3/1978، في مدينة الكويت وعلى الله أتوكَّل في إتمامه واعتمدتُ فيهِ على منهج التدبُّر المباشر – التدبُّر المباشر كيف؟ يعني يفتح القُرآن ويقرأ وهو يتدبَّر في الآيات بحسب ثقافتهِ!! طبعاً الثَّقافة المشبعة بالفكر القطبي، بحسبِ ثقافتهِ وبعد ذلك يبدأ يكتب، هذا المراد من التدبُّر المباشر – واعتمدتُ فيه على منهج التدبُّر المباشر – والمعمَّمون الشِّيعة بشكل عام لا يحفظون أحاديثَ أهل البيت، يعني لا نتوقّع من السيِّد تقي المدرِّسي قد حَفِظ الأحاديث التفسيرية، ربَّما يعلقُ في ذهنهِ بعض الأحاديث، أمَّا أنَّهُ حفظ الأحاديث التفسيريَّة بحيث حين يتدبَّر في القُرآن تكون هذه الأحاديث حاضرة في ذهنهِ، وأساساً لو كانت هذه الأحاديث حاضرة في ذهنه لَمَا تحدَّث بهذا الأسلوب – واعتمدتُ فيه على منهج التدبُّر المباشر انطلاقاً بما بيَّنتهُ في التمهيد أي منهج الاستلهام مُباشرةً من الآيات والعودة إلى القُرآن ذاته – ألا تلاحظون هو الأسلوب، هو نفسهُ أسلوب سيِّد قطب، وأسلوب السيِّد محَمَّد باقر الصَّدر هوَ هوَ – والعودة إلى القُرآن ذاته كلَّما قَصُرنا عن فهمِ بعضِ آياته وفق المنهج الَّذي علَّمنا إيَّاه الرَّسول الكريم – هذا افتراء على رسول الله، هل أنَّ رسول الله علَّمَ هذا المنهج؟ تلاحظون نفس الطريقة الافترائية في كلام السيِّد محمَّد باقر الصَّدر حينما ينسب عملية الاستنطاق إلى أمير المؤمنين – وفق المنهج الَّذي عَلَّمنا إيَّاه الرَّسول الكريم وأَئِمَّةُ أهل البيت حيث أمرونا بتفسير القُرآن ببعضهِ – الأَئِمَّة قالوا: (مَنْ ضَرَب القُرآن بَعضهُ بِبعضهِ فَقَد كَفَر)، نُفسِّر القرآن بعضه ببعضهِ في ضوء حديث أهل البيت، في ضوء تفسير أهل البيت نعم، منهجيَّة أهل البيت في فهم القُرآن نفهم القُرآن بالقرآن صحيح وفقاً لقواعد أهل البيت في الفهم، نفهم القُرآن بحديث أهل البيت، وفي بعض الأحيان نفهمُ حديث أهل البيت بالقُرآن، ونفهم حديث أهل البيت بحديث أهل البيت، هذه هي منهجيَّةُ أهل البيت ولذلك ماذا قال النَّبيُّ؟ قال: (الثَّقلين)، وجمع بين مسبِّحتيه، لن يفترقا، لا يوجد افتراق، ولم يُرشدنا إلى عاملٍ ثالثٍ من الخارج، بل نهانا عن المخالفين، ونهانا عن التفسير بالرأي، إذاً أين قواعدُ التفسير؟ قواعد التفسير في هذين العمودين، لا أنْ نأتي بشيءٍ من خارج هذين العمودين، كُلُّ شيءٍ وُضِع في هذين العمودين، هذا هو معنى حديث الثَّقلين. فماذا يقول؟ – والعودة إلى القُرآن ذاته كُلَّما قَصُرنا عن فهم بعض آياتهِ وفق المنهج الَّذي علَّمنا إيَّاه الرَّسول الكريم وأَئِمَّةُ أهل البيت حيث أمرونا بتفسير القُرآن ببعضهِ – واللهِ ما أمرونا بذلك!! في أيِّ مكان؟ إذا جاءت الرِّوايات، فإنَّ الرِّوايات لابُدَّ من جمعِها مع بقيَّة الرِّوايات الأخرى، لماذا أُخِذَ العهدُ علينا أنْ نأخذ التفسير من عليٍّ فقط في بيعة الغدير؟! لماذا أُمِرنا بالتمسُّك بالثَّقلين وإذا ما تمسّكنا بهما فإنَّنا لن نضلّ، لاحظوا هذه (لن) الَّتي هي للنَّفي التأبيدي، قال أمير المؤمنين، ماذا قال؟ قال: (ذَلِكَ القُرْآنْ فَاسْتَنْطِقُوه ولَن يَنْطِق)، لن ينطق، تريدون أنْ تعرفوا؟ أنا أُخبركم، وهذا هو نفس الكلام الموجود في حديث الثقلين: (إِنْ تمسَّكْتُم بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي)، يعني إذا تركتم التمسُّك وذهبتم أنتم تستنطقون القُرآن لوحدكم فستضلون! هذا هو المعنى نفسهُ، فإنَّ القُرآن لنْ ينطق، لن للنَّفي التأبيدي، لا كما يقول السيِّد مُحمَّد باقر الصَّدر يُحرِّفُ كلامَ أميرِ المؤمنين، ولا كما يقول السيِّد محَمَّد تقي المدرِّسي بأنَّهُ يعود إلى الآيات بشكلٍ مُباشر. يقول:- وإنِّي أحاولُ ربط الواقع الرَّاهن بآيات الذِّكر حيث إنَّ ذلك هو الهدف من تفسير القُرآن، أوليس مَثَلُ القُرآن مَثَل الشَّمس تطلُع كُلَّ نهارٍ بإشراقةٍ جديدة على عالمٍ جديد، ولا أدَّعي أنَّني أُبَيِّن هُنا معاني كلام الله كاملاً بل إنَّما حاولتُ أنْ أُسجِّل فقط تلك البصائر الَّتي استفدتها شخصيَّاً عِبر تدبِّري في القُرآن، ولا أنسى دور أخوتي من تلاميذ درس التفسير الَّذي كُنت ألقيه في بَلْورَة رؤاي وأفكاري – ألا تُلاحظون أنَّ هذه الصُّورة تُذكِّرنا بنفس الصورة عن سيِّد قطب حينما كَتَب في الطبعة الأولى من أنَّهُ توقَّف كثيراً عند الآية: ﴿وحَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى﴾، توقف كثيراً وطلب من القُرَّاء أنْ يُساهموا معه في تفسير هذه الآية وراسلوه وكاتبوه، وقد مرَّ الكلام في ذلك، ألا تُلاحظون بأنّ الكلام هو الكلام!! يعني بلورة الآراء تأتي من خلال كلام المعصومين أو من خلالِ كلام تلاميذٍ يحضرون التفسير؟! – ولا أنسى دور أخوتي من تلاميذ درس التفسير الَّذي كُنت أُلقيه في بَلْوَرة رؤاي وأفكاري والله الموفِّق وعليه التوكُّل، هذا ما كتبتُه قبل أكثر من ستة أعوام، أمَّا اليوم فقد أكملتُ التدبُّر في القُرآنِ كُلِّه وسجَّلتُ خُلاصة الأفكار الَّتي استلهمتها من التدبُّر في هذا التفسير وذلك عبر مرحلتين: أ من بداية القُرآن وحتَّى سورة النَّحل كتبتُ التفسير بيدي – انتبهوا لهذا الكلام – من بداية القُرآن وحتَّى سورة النَّحل كَتبتُ التفسير بيدي حيث كُنت آوي إلى مسجدٍ أو مقامٍ هادئ حاملاً معي القُرآن والقلم والقرطاس – فقط، قرآن وقلم وقرطاس – وربَّما هموماً كثيرة مِمَّا تخص الأُمَّة – نفس الكلام الَّذي يقوله السيِّد مُحَمَّد باقر الصدر حيث يأتي بتراث البشرية وآلامها وهمومها ويحاور القُرآن – حيثُ كنتُ آوي – نفس الكلام (كُنت في ظِلال القُرآن)، (كُنت أسمعُ الله يحاورني)، (يُحدِّثني)، ألا تلاحظون النَّغمة هي النغمة! – حيثُ كنتُ آوي إلى مسجدٍ أو مقامٍ هادئٍ حاملاً معي القُرآن والقلم والقرطاس وربَّما هموماً كثيرة مِمَّا تخصُّ الأُمَّة فأجلُسُ كالتلميذ أمام كتاب ربِّي وأقرأُ مجموعة آياتٍ وأتدبَّرُ فيها وإذا لم يُسعدني ذكائي لفهم أبعاد آيةٍ كريمة سألتُ الله سبحانه أنْ يُعينني على ذلك – لماذا لا تذهب إلى كلام المعصوم؟! ألا تلاحظون! نفس الشَّيء! وأنَّ سيِّد قطب قال: انتظرت ستة أشهر وأكثر من ستة أشهر أتدبَّر في الآية في معنى الصَّلاة الوسطى وما وصلت إلى معنى ولجأ إلى القرّاء!! يا جماعة والله ابتُلينا، ابتُلينا – فأجلس كالتلميذ أمام كتاب ربِّي وأقرأُ مجموعةَ آيات وأتدبَّرُ فيها، وإذا لم يُسعدني ذكائي لفهم أبعاد آيةٍ كريمة سألتُ الله سبحانه أنْ يُعينني على ذلك – الله قد أعاننا مسبقاً وفتح لنا أبوابَهُ، وهم الأئمّة المعصومون!! – ثُمَّ أُسجِّلُ في البدء خُلاصة الأفكار الَّتي أستوحيها منها، وبعدئذٍ أتدبَّرُ في آية الله وأُسجِّل تأمُّلاتي فيها بتفصيلٍ أكثر، وفي بعض الأحيان كَانت الأفكار تتزاحم وأجدني عاجزاً عن تسجيلها فأختارُ بعضها فقط ليتناسب مع المنهج الموجز الَّذي اخترتهُ لهذا التفسير بينما انتفعُ بالبقيَّةِ في الأحاديث العامَّة أو في سائر كتاباتي – تُرى هكذا قال الأَئِمَّةُ المعصومون وبيَّنوا لنا تفسيرَ القُرآن؟! ما قرأته عليكم من الجزء الأوَّل (من هدى القُرآن) للسيِّد محَمَّد تقي المدرِّسي من مُقدِّمة الطبعة الثَّانية كان في صفحة 23، صفحة 24، ومن مقدِّمة الطبعة الأولى كان في صفحة 25، صفحة 26، في صفحة 27:- وفي الختام أُسجِّلُ الملاحظات التالية: أوَّلاً: إنَّ لآياتِ القُرآن الحكيم أبعاداً مُختلفةً وحسب تعبير تراجمة الوحي وأَئِمَّة الهُدى عليهُم السَّلام أنَّ لهُ تُخوماً وبطوناً تصلُ إلى السَّبعين – إذا كانت القضيَّة هكذا إذاً لماذا لا تعودون إلى كلام أهل البيت؟! – ويكاد لا يستطيع شخصٌ مثلي أنْ يطَّلِع على بُعدٍ واحدٍ منها فكيف بسائرها – إذا كُنتَ لست قادراً على الاطِّلاع على بُعدٍ واحدٍ لماذا إذاً تُقحم نفسَك في هذه المشاكل؟! – لذلك فحين أكتُب معنى الآية فلا أدَّعي أنَّه كُلُّ معانيها وأبعادها، بل لا أدَّعي أنَّه بالتأكيد المعنى الأقرب، إنَّما أسجِّلُ فقط وفقط ما فهمتهُ من الآيات مع اعترافي بقصور فهمي. الأَئِمَّة ماذا يقولون؟ هذا هو الجزء الأوَّل من تفسير البرهان، الأَئِمَّة ماذا يقولون؟ الرِّواية ينقلها عن كتاب الكافي للكُليني، الرِّواية عن إمامنا الباقر، ينقلها زياد ابن أبي رجاء، ماذا يقول إمامُنا الباقر: (مَا عَلْمْتُم فَقُولُوا – الأشياء الَّتي تعلمونها وكيف نعلمها؟ لابُدَّ أنْ نأخذها من العالم، من آلِ مُحَمَّد – مَا عَلْمْتُم فَقُولُوا وَمَا لَم تَعْلَمُوا فَقُولُوا اللهُ أَعْلَم – هذا كلامُ الله، ما علمتم من طريقهم فقولوا – وَمَا لَم تَعْلَمُوا فَقُولُوا اللهُ أَعْلَم، إِنَّ الرَّجُل ؛ إِنَّ الرَّجُل لَيَنْتَزِعُ الآيَةَ مِن القُرْآن – ينتزع الآية يَعْني ماذا؟ يعني يأخذ الآيةَ لوحدِها وينظر إليها، كما يفعل السيِّدُ يتدبَّر فيها – لَيَنْتَزِعُ الآيَةَ مِن القُرْآن يِخرُّ فِيهَا – يخرُّ فيها بجهلهِ وضلالهِ، يخرُّ جهلاً وضلالاً وبُعداً عن الله – يخرُّ فيها أَبْعَدَ مَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرْض) – هذا هو منطقُ أهلِ البيت، وهذا هو منطقُ آلِ مُحَمَّد. المشكلة هو هنا يقول: – إنَّ لآيات القُرآن الحكيم أبعاداً مختلفة وحسب تعبير تراجمة الوحي وأَئِمَّة الهُدى أنَّ لهُ تُخوماً وبطوناً تصلُ إلى السَّبعين ويكاد لا يستطيع شخصٌ مثلي أنْ يطَّلع على بُعدٍ واحد منها فكيف بسائرها، لذلك فحين أكتبُ معنى الآية فلا أدّعي أنَّهُ كلُّ معانيها وأبعادها بل لا أدَّعي أنَّه بالتأكيد المعنى الأقرب – إذاً لماذا تكتب؟! إذاً لماذا تترك حديثَ آل مُحَمَّد؟ – إنَّما أُسجِّل فقط وفقط ما فهمتهُ من الآيات مع اعترافي بقصور فهمي – إذا كُنت كذلك وآل مُحَمَّد هكذا يقولون: (إِنَّ الرَّجُل لَيَنْتَزِعُ الآيَةَ مِن القُرْآن يخرُّ فيها أَبْعَدَ مَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرْض)، كلماتُ أهل البيت واضحة!! (يَا جَابِر – الإمام الصَّادق يقول:- يَا جَابِر – يا جماعة اسمعوا – يَا جَابِر وَلَيْسَ شَيءٌ أَبْعَدَ مِنْ عُقُولِ الرِّجَال مِنْه – من القُرآن – إِنَّ الآيَة لَيَنْزِلُ أَوَّلُهَا فِي شَيء وَأَوْسَطُهَا فِي شَيء وَآخِرُهَا فِي شَيء)، فكيف تتدبّرُ فيها؟! ماذا تتدبّرُ أنت؟! يقول:- ثانياً: كان منهجي في التفسير تدبُّراً للآيات قبل الرُّجوع إلى التفاسير – غريبٌ هذا!! أنت كيف تتدبّر من دون أنْ تكون عندك معلومات مُسبقة؟! هذا هو بالضَّبط منهج سيِّد قطب في كتابهِ (مشاهد القيامة في القُرآن)، والَّذي سيأتينا أنَّ السيِّد محَمَّد الشِّيرازي يُوصي بقراءة هذا الكتاب مرَّة ومرَّة ومَرَّة!! ويُوصِي الخطباءَ بحفظهِ، ماذا يقول سيِّد قطب في نهاية هذا الكتاب، تحت عنوان: (مراجعُ هذا الكتاب)، مراجع يعني مصادر، عادةً أكثر المؤلِّفين يذكرون المصادر في آخر الكتاب، فهو على نفس الطريقة ولكن ماذا قال؟ لم يذكر مصادر لكتابهِ (مراجعُ هذا الكتاب) فماذا يقول؟ – كان مرجعي الأوَّل في هذا الكتاب هو المصحف الشَّريف – فقط المصحف – وقد اعتمدتُ على فهمي الخاص لأسلوب القُرآن الكريم وطريقتهِ في التعبير – بالضَّبط مثل ما قال قبل قليل السيِّد تقي المدرِّسي كنتُ آوي إلى مسجد أو مكان ما أحمل معي إِلَّا المصحف القُرآن والقلم والقرطاس فقط وربَّما أحمل معي هُمومَ الأُمَّة وأجلسُ بين يدي هذا الكتاب، بين يدي كتاب ربِّي كتلميذ – كَان مرجعي الأوَّل في هذا الكتاب هو المصحف الشَّريف وقد اعتمدتُ على فهمي الخاص لأسلوب القُرآن الكَريم وطريقتهِ في التعبير وإنْ كُنتُ قَرأتُ كثيراً من التفاسير – الرجل قرأ التفاسير، والسيِّد هنا لم يقرأ التفاسير! – لأعرف ماذا يُقال ولكنَّني لا أستطيع أنْ أُثبِّتها هنا – أنا ما أُثبِّت التفاسير مراجعَ لهذا الكتاب لأنَّها لم تكُن مراجعَ لي في الحقيقة، هو فقط اعتمد على فهمهِ الخاص لأسلوبِ القُرآن الكريم، لذلك لم يذكر مصدراً من المصادر – كان منهجي في التفسير تدبُّراً للآيات قبل الرجوع إلى التفاسير الَّتي نادراً ما كنتُ أرجع إليها – تلاحظون نفس التعبير ونفس الأسلوب – وذلك لأنَّي كُنت أخشى أنْ أضعَ بيني وبين القُرآنِ حجاباً من كلامِ البشر – هو أنت وضعتَ عقلَك حجاباً! وضعتَ جهلَك حجاباً! وضعتَ نفسكَ حجاباً! وهذا الكلام ليس موجَّهاً فقط إلى السيِّد المدرِّسي، بل إلى الجميع، إلينا جميعاً، إذا كنَّا نتعامل مع القُرآن بهذهِ الصورة، يقول:- لأنِّي كُنت أخشى أنْ أضع بيني وبين القُرآن حِجاباً من كلام البشر – فهو لم يَعُد إلى كتب التفسير، ربَّما كانت كتب التفسير فيها شيء من كلام أهل البيت، وإنْ كانت كتبُ التفسير الشِّيعيَّة خالية من حديثِ أهل البيت، وما يذكرونه من حديثٍ فهو ما يوافقُ المخالفين. ثالثاً: بعد إتمام التفسير اقترحتُ على بعض الإخوة استخراج معاني مُفردات القُرآن من تفسير مجمع البيان للعلَّامة الطبرسي الَّذي أعتبرهُ الأكمل من بين التفاسير المعتبرة – لأنَّهُ تفسير سُنِّيٌ مُخالفٌ لأهلِ البيت بامتياز! فهذا هو الأكمل من بين التفاسير المعتبرة، وهذه العبارة صحيح قالها السيِّد تقي المدرِّسي، ولكن هذه العبارة تقولها المؤسَّسةُ الدِّينيَّةُ بقضِّها وقضيضِها، المراجع كُلُّهم يقولون هذا الكلام، لماذا؟ لأنَّ هذا التفسير تفسيرٌ سنّيٌ مخالفٌ لأهل البيت، وقد قرأتُ عليكم منه أيضاً ما تبنَّاه من سهوِ النَّبيّ وأميرِ المؤمنين والزَّهراءِ والأَئِمَّةِ المعصومين وصاحبِ الأمر أنَّهم يسهون وينسون إلى الحد الَّذي لا يُشكِّل ذلك خللاً في عقولهم، قرأتُ هذا عليكم من تفسير الطبرسي، يعني إلى الحدِّ الَّذي لا يكونون مجانين صلواتُ اللهِ عليهمً!! أو في حالة من السَّفاهةِ أنْ لا يكون أمير المؤمنين معتوهاً إلى هذا الحد!! – ثالثاً: بعد إتمام التفسير اقترحتُ على بعض الإخوة استخراج معاني مفردات القُرآن من تفسير مجمع البيان للعلَّامة الطبرسي الَّذي أعتبرهُ الأكمل من بين التفاسير المعتبرة، وقد فعلوا ذلك مشكورين حيث وُضِعت تحت رسمِ القُرآن تسهيلاً للمراجعة وإكمالاً للفائدة. ماذا يقول إمامنا الباقر؟ هشام ابن سالم يُحدِّثنا عن إمامنا الباقر والرِّواية في تفسير العياشي: (مَنْ فَسَّر القُرْآن بِرَأيِهِ فَأَصَاب لَم يُؤْجَر)، ما معنى أنْ الإنسان يذهب إلى مسجدٍ لوحده ويأخذ معهُ المصحف ويأخذ معه ورقاً وقلماً ويجلس بين يدي هذا الكتاب كتلميذٍ ولا يُريد أنْ يجعل فيما بينهُ وبين القُرآن حجاباً من كلام البشر من دون أنْ يطّلع على التفاسير، وبعد ذلك يُحاور القُرآن كما يقول السيِّد محمَّد باقر الصَّدر: يستلهم، يستوحي!! هذا الحديث ينطبق عليه أم لا؟ ماذا تقولون؟ (مَنْ فَسَّر القُرْآن بِرَأيِهِ فَأَصَاب – إذا أصاب – لَم يُؤْجَر، وَإِنْ أَخْطَأ كَان إِثْمُهُ عَلَيه). (عَنْ أَبِي بَصِير، عَنْ إِمامِنا الصَّادق: مَنْ فَسَّر القُرْآن بِرَأيِهِ إنْ أَصَاب لَم يُؤْجَر وَإِنْ أَخْطَأ فَهُو أَبْعَدُ مِن السَّمَاء). عن إمامنا الصَّادق وهُو يُحدِّثنا عن إمامنا الباقر: (مَا ضَرَبَ رَجَلُ القُرْآن بَعْضَهُ بِبَعَضٍ إِلَّا كَفَر)، (مَا ضَرَبَ رَجَلُ القُرْآن بَعْضَهُ بِبَعَضٍ إِلَّا كَفَر)؛ هو هذا الَّذي يُسمَّى بالتفسير الموضوعي، بحسب هذه الطريقة، إذا اعتمدنا منهجيَّة أهل البيت، هناك تفسيرٌ موضوعيٌّ عند أهل البيت يجمعون بعض الآيات ويستخرجون منها قواعد ومعانٍ، كُلُّ شيءٍ موجودٌ في حديثِ أهل البيت، ولكن أنْ تكون المعاني في ضمن رؤية حديث الثَّقلين: (لَنْ يَفْتَرِقَا)، لا أنْ نُدخِل شيئاً أجنبيّاً عليهما!! صفحة 145، من نفس الجزء الأوَّل (من هُدى القُرآن) للسيِّد تقي المدرِّسي في سورة الفاتحة تحت عنوان: (التصميم على الهداية) بعد أنْ يقول:- وذلك عبر ثلاث مراحل – يتحدَّث عن الاِستقامة والتصميم على الهداية، في معنى: ﴿اِهْدِنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم﴾. المرحلة الأولى: التصميم على الاستقامة، ولنْ يكون التصميم على الاستقامة جادَّاً إلَّا إذا عرف الإنسان أنَّ في الحياةِ طُرقاً شتّى لا تُؤدِّي بهِ إلى أهدافه المنشودة وأنَّ هُناك طَريقاً واحداً فقط هو الَّذي يُوصلهُ إليها وعرف أنَّ التعرُّف على هذا الطريق والسَّير فيه هو من واجباتهِ الَّتي عليه أنْ يسعى لتأديتها وليست مِن نِعم الله الطبيعية عليه، ليست مثلاً كنعمة البصر حيث يُولد الطفلُ بصيراً ولهذا فإنَّنا ندعو الله أنْ يمنحنا الاستقامة ونقول: ﴿اِهْدِنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم﴾ وهذا الدعاء دليلٌ على أنَّ الله لا يمنحُ الاستقامة إلَّا لمن يطلبها منه – إلى أن يقول في صفحة 146 – إنَّ أكثر النَّاس ينحرفون عن الاستقامةِ بشهواتهم لأنَّهم يستسلمون لضغوط الشهوات، هؤلاء يغضبُ الله عليهم ويسلب منهم نور الفطرة ووهَج العقل فإذا بهم في ظُلُماتٍ لا يبصرون لذلك يدعو المؤمنون أن تدوم لهم نعمةُ الهداية فيكونون مستقيمين – هذا ما هو منطقُ آل مُحَمَّد. منطقُ آل مُحَمَّد القُرآن بُنِيَ على جوهرةٍ واحدة هي الولاية، وكُلُّ المضامين القُرآنية تدور حول هذا المضمون، وما جاء في معاني البراءةِ فإنَّ البراءة هي من شؤون الولاية، البراءة هي بوابة الولاية، المقدِّمةُ للولاية هي البراءة: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾، بعد ذلك يأتي معنى الإيمان بالله، في البداية الكفر بالطاغوت ثُمَّ يأتي الإيمان بالله، هناك مُقدِّمة، كُلُّ ما جاء في القُرآن هو بمثابة دائرةٍ تدور حول نقطة واحدة حول المركز، والمركز هو الولاية، سورة الفاتحة هي خُلاصةُ القُرآن، حين تتحدَّث عن الصِّراط المستقيم، فالصِّراطُ المستقيم هو عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، والهداية هدايةٌ إليه، إلى عليٍّ، ولايتهُ من شؤوناتهِ، دينهُ وأحكامهُ وتعاليمهُ من شؤوناته، كُلُّ هذا من شؤونات الهداية، أمَّا الهدايةُ في أصلها فهي إلى عليٍّ، المغضوب عليهم والضالّون في السورة المعاني هنا ترتبط بعليٍّ ولا علاقةَ لها بالشَّهوات، الشَّهوات، والواجبات، والمحرَّمات هذه تأتي في الحاشية. سورة الفاتحة هي خُلاصة القرآن، فتقسيم الَّذين غُضِب عليهم والَّذين ضلَّوا إنٌما هو بلحاظِ عليٍّ لا بلحاظِ شيءٍ آخر، ولكن هؤلاء حينما يتحدَّثون، هؤلاء الَّذين أُشبِعوا بالفكرِ القُطبيّ، هؤلاء مشكلتُهم الأُمَّة، كيف نُحكِّم الإسلام؟ كيف نحلُّ مشاكل البشر؟ هو أنت حلّ مشاكلك أوَّل مرَّة، حلّ مشاكلك أوَّل مرَّة وبعد ذلك حلّ مشاكل البشر، أنت عندك مليون مشكلة، عندك مشاكل في عقلك، مشاكل في قلبك، مشاكل في عباداتك، في معاملاتك، كُلّ واحد منَّا هو كذلك، حلُّ المشاكل هو عندَ آلِ مُحَمَّد، لا عند هذهِ العمائم التَّائهة الَّتي لا تعرف يمينَها من شِمالها!! هؤلاء ينطقون بنفس المنطق القطبي، فسيِّد قطب يجلس في ظلال القُرآن وربَّما قد نجد لهُ عُذراً مثل ما وجد لهُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر فقال: هو بمثابة فتاة في منطقة نائية من أطراف كندا، ربَّما نجد لهُ عذراً، أمَّا أنتم ما هي أعذاركم؟ أنت هذا الَّذي في النَّجف وأنت هذا الَّذي كربلاء ما هي أعذاركم؟! ﴿غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ﴾، مِمَّن تعمَّدوا الاِنحراف فسلب الله منهم نعمة الله الهداية فظلّوا منحرفين إلى الأبد، المرحلة الثَّالثة: التخلُّص من عوامل الانحراف الجبريّة الَّتي تدفعُ الإنسان إلى الانحراف من دون وعيٍ ولا تصميم – قطعاً سيخرج لي من يُرقِّع ويقول المقصود هو هذا: ولايةُ أمير المؤمنين، لا، ليس هو هذا المقصود ولا علاقةَ لهُ بهذا الأمر، هذا ترقيع، هذا هو الجوِّ العام الموجود، أين عليٌّ؟ أين آلُ مُحَمَّد من هذه القصَّة بِكُلِّها؟ القصَّة تعتمد على رجلٍ ومُصحفٍ وورقٍ وقلم. المرحلة الثَّالثة: التخلُّص من عوامل الانحراف الجبرية الَّتي تَدفعُ الإنسان إلى الانحراف من دون وعيٍ ولا تصميم وذلك مثل الجهل والغفلة والنسيان حيث إنَّها من عوامل الضلالة الَّتي يجب التخلُّص منها هي الأخرى حتَّى تتمَّ الاستقامة، وكثيرٌ من النَّاس ينحرفون لجهلهم بالدين وبما فيه من سعادةٍ وخير، مثل أكثر الشبيبة الَّذين ابتعدوا عن قيم الله يميناً أو يساراً، وضحّوا من أجل مبادئ فاسدة تضحيةً صادقة، هؤلاء هم الجُهلاء لأنَّهم لو عرفوا الدِّين الصَّحيح لَمَا توانوا عن التضحية من أجل المبادئ، كذلك المؤمنون الَّذين يقعون في الذنوب في ظروف معيَّنة ثُمَّ يتوبون من قريب، هؤلاء تقودهم الغفلة والنسيان لذلك يدعو المؤمنون الصَّادقون أنْ يهديهم الله إلى الصِّراط المستقيم ولا يجعلهم من الضالين. ﴿وَلاَ الضَّالِّينَ﴾ إنَّ التخلُّص من الضلالة اللاواعية لا يكون إلَّا بعد التخلُّص من الانحراف الواعي إذْ أنَّ نور الله لا يدخلُ قلباً مُتكبِّراً مُعانداً مُصمِّماً على الانحراف لذلك نجد القُرآن يأمر بالتخلُّص من غضبِ الله أوَّلاً ثُمَّ يأمر بالتخلُّص من الضلالة، وكلمةٌ أخيرة: إنَّ سورة الحمد بآياتها السَّبع هي خُلاصة لرؤى الإسلام وبصائرهِ في الحياة وأمَّا التفصيل فنجدهُ في القُرآنِ كُلِّه – هذه المعلومة صحيحة، أنَّ سورة الفاتحة هي خُلاصةٌ للإسلام، وخُلاصةٌ للقُرآن، ولكن لا بهذا الفهمِ السَّطحيِّ البعيدِ عن منطق أهل البيت. أمير المؤمنين ماذا قال؟ قال: (الفَاتِحة فِي البَسْمَلَة وَالبَسْمَلَة فِي البَاء وَالبَاء فِي النُّقْطَة وَأَنَا النُّقْطَة)، السورة بكُلُّها هي عن عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، بل القُرآن كُلُّه عن عليٍّ، ماذا تفهمون من كلمة عليّ هذه؟ (الفَاتِحةُ فِي البَسْمَلَة وَالبَسْمَلَةُ فِي البَاء وَالبَاء فِي النُّقْطَة وَأَنَا النُّقْطَة) – تمامُ الحقيقةِ هي في هذه النُّقطة. كما تلاحظون أمامي على الطاولة هذا هو (في ظِلال القُرآن) لسيِّد قطب، وهذا عن يمينه (المدرسةُ القُرآنية) لسيِّد محَمَّد باقر الصَّدر، وهذا هو (من هدى القُرآن) للسيِّد محمَّد تقي المدرِّسي، هنا النَّجف وهنا كربلاء، هنا حزب الدَّعوة الإسلامي وهنا مُنظمَّة العمل الإسلامي، هنا مرجعيَّةُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر وهنا مرجعيَّةُ السيِّد مُحَمَّد الشِّيرازي، من هنا جاءت طامَّتُنا ومُصيبتُنا!! هذا هو الواقع، هذا هو الواقع الشِّيعيّ، حين أتحدَّث عن المنهج الأبتر وهو يتحرَّك بفاعليةٍ ونشاطٍ شديدٍ فهذهِ هي ملامحُه الواضحةُ الصريحةُ البيّنة!! هذا الكتاب: (التمهيد في علوم القُرآن) للشَّيخ محَمَّد هادي معرفة لا أجدُ وقتاً كي أقرأ عليكم منه تذكَّروا هذا الثُّلاثي: o في ظلال القرآن! o المدرسة القرآنية! o ومن هدى القرآن! وسأقرأُ عليكم في الحلقة القادمة ما جاء في هذا الكتاب (التمهيد في علوم القُرآن). أَتْركُكُم فِي رِعَايَةِ القَمَر … يَا كَاشِفَ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِ أَخِيكَ الحُسَين … يا قَمَر … إكْشِف الكَرْبَ عَنْ وُجُوهِنَا وَوُجُوهِ مُشَاهِدِينَا وَمُتَابِعِينَا عَلَى الإنْتَرْنِت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين … أَسأَلُكم الدُّعَاء جَميعاً … ألقاكُم غَداً على شَاشَةِ القَمَرِ الفضائية… عظَّم الله أُجُوركم في إِمامِنا أبي جعفرٍ الباقر صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عَليه … في أمَانِ الله … ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الثلاثاء 6 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 8 / 9 / 2016م الحديث لازال في ملامح المنهج الأبتر الذي يتحرّك بقوّة وفاعلية ونشاط دؤوب واضح في وسط المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية خصوصاً في الوسط المرجعي والوسط الحوزوي التدريسي وحتّى في المنابر والفضائيات! وصل الكلام إلى كربلاء، فقد قلتُ أنّ للتشيّع في العراق جناحان (النجف وكربلاء).. مرّ الحديث في النجف وأخذتُ المرجع السيّد محمّد باقر الصدر مثالاً، ثُمّ عطفتُ الحديث على كربلاء فأخذتُ المرجع الراحل السيّد محمّد الشيرازي مثالاً. وبدأتُ بالحديث عن التنظيم السياسي الذي نشأ في أجواء مرجعية السيّد الشيرازي في كربلاء (منظّمة العمل الإسلامي). وقد قلتُ أنّ حزب الدعوة الإسلامية الذي نشأ في أحضان المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية في النجف الأشرف وفي بيوت المرجعية وتحت إشرافهم كان نُسخة طبق الأصل مأخوذة عن الإخوان المُسلمين (وبثوبه القُطبي)! فحزب الدعوة الإسلامية هو النسخة الأسوأ مِن حزب الإخوان المسلمين وذلك بسبب الفكر القطبي! ● منظمة العمل الإسلامي في كربلاء كانت تقليداً لنسخة التقليد في النجف، لذلك جاءت بصورة مشوّهة وكانت ضعيفة إلى حدّ بعيد! ونشأ الصراع المرير بين حزب الدعوة الإسلامية ومُنظّمة العمل الإسلامي مُنذ البدايات حتّى تلاشتْ مُنظمة العمل الإسلامي في أيّامنا هذه! ● قائد مِن قادة مُنظّمة العمل الإسلامي هو (أحمد الكاتب)، وقد قرأتُ لكم ممّا جاء في مذكراته، والمعلومات الواردة فيها صحيحة وهي متوفّرة في مصادر أخرى. مِن ضمن ما جاء في مُذكّراته ممّا قرأته عليكم في الحلقة الماضية، حين قال: (وهنا قرّر أركان التيار مثل السيّد محمّد الشيرازي والسيّد كاظم القزويني والسيّد محمّد تقي المُدرّسي البدء في تنظيم الشباب، وأوكلوا مُهمّة إدارة التنظيم – أي تنظيم منظّمة العمل الإسلامي – إلى السيّد المُدرّسي بشرط التأكيد على التبعيّة للمرجعية الدينية، وقد كنتُ مُنخرطاً في التنظيم مِن حيث لا أدري بوجوده، بل يُمكن القول أنّي وُلدتُ ونشأتُ في أحضان الحركة المرجعية..) ● إلى أن يقول: (وبالرغم مِن أنّنا كنّا نحمل فكراً شيعياً إمامياً قويّاً، إلّا أننا لم نجد مانعاً مِن الانفتاح على الفكر الإسلامي (السني) العام، وبالخصوص كتابات قادة الأخوان المسلمين مثل: سيّد قطب ومحمّد البهي، ومحمّد جلال كشك ومحمّد قطب وغيرهم، التي كانتْ تُشكّل العمود الفقري لمكتبتنا). ● قول أحمد الكاتب (أنّنا كنّا نحمل فكراً شيعياً إمامياً قويّاً) هذه العبارة حقيقية، فالجوّ العقائدي في مرجعية السيّد الشيرازي أقوى بكثير مِن الجوّ العقائدي في النجف، ومُرادي مِن (الجوّ العقائدي) أي العُلقة مع أهل البيت والالتصاق بحديث أهل البيت صلوات الله عليهم.. فهذا الجوّ كان موجوداً في كربلاء، ولازالتْ أجواء المرجعية الشيرازية في البُعد العقائدي وفي التمسّك بحديث أهل البيت هي أقوى ممّا عليه الأوضاع في النجف! وأدلّ دليل على ذلك الفارق الكبير بين خُطباء المدرسة الشيرازية وخُطباء الحوزة النجفية! فخطباء الحوزة النجفيّة يفتقر حديثهم إلى المعاني الوجدانية العميقة في الارتباط بأهل البيت عليهم السلام! المنبر النجفي يميل إلى المُصطلحات وإلى المعاني الجامدة الفارغة مِن الروحانيات، يميل إلى الجانب الأدبي، وإلى السرد التأريخي، وإلى الإنشائيات أكثر مِن الجانب الروحاني والوجداني الذي يظهر واضحاً في منابر المدرسة الشيرازية. (بغضّ النظر عن اتّفاقي معهم أو اختلافي معهم). ● عبارة أحمد الكاتب (الانفتاح على الفكر الإسلامي (السني) العام) هو وضعَ كلمة (السني) بين قوسين، لأنّه يعتبر أنّ الفكر الإسلامي هو الفكر السني، لأنّه صار سُنيّاً. ● المكتبة العقائدية والفكرية لمنظّمة العمل الإسلامي عمودها الفقري هو الفكر الإخواني، وعلى رأسه الفكر القطبي! فالفكر القطبي كان حاضراً وبوضوح جدّاً في حزب الدعوة الإسلامية، وكذلك هو حاضرٌ أيضاً في مُنظّمة العمل الإسلامي! ● حينما كانت مُنظّمة العمل الإسلامي مُرتبطة بالسيّد الشيرازي كان وضعُها أفضل من الجهة العقائدية؛ لأنّ منهجية السيّد الشيرازي في تعامله مع حديث أهل البيت عليهم السلام قريبةٌ مِن المنهجية الإخبارية فهو لا يرد أحاديث أهل البيت، مع أنّ السيّد الشيرازي هو أيضاً اخترقه الفكر القطبي! وسيأتي الحديث عن ذلك.. ولكن لأنّ السيّد الشيرازي كان مُتمسّكاً بحديث أهل البيت عليهم السلام، لذلك كان تأثير الفكر القطبي عليه أخفّ بكثير ممّا هو عليه السيّد محمّد باقر الصدر الذي غطس في الفكر القُطبي! ● السيّد محمّد باقر الصدر حين انغمس في الفكر القطبي لم يكن يتحسّس هذا الخطأ، وإلّا لو كان يتحسّس هذا الخطأ لَما بقي مُستمرّاً عليه! وكذلك السيّد الشيرازي، وكذلك كلّنا جميعاً (لأنّنا لسنا معصومين). فما أطرحه هنا هو قناعتي، وقناعتي ليستْ شيئاً معصوماً، إذ لا يُمكن لغير المعصوم أن يُعطي نتاجاً معصوماً.. ولكن هذا ما وصلت إليه. عرضت عليكم في الحلقة الماضية مقطعاً مِن مقابلة أُجريت مع السيّد طالب الرفاعي على قناة النعيم، ولم يسع الوقت للتعليق عليها، لذلك سأعيد عرض المقطع لأجل التعليق عليه. ● مقطع 1: فيديو للسيّد طالب الرفاعي وهو مقطع مأخوذ مِن مقابلة أجرتها معه قناعة النعيم الفضائية. ● السيّد طالب الرفاعي يتحدّث في المقابلة عن الفترة التي فار فيها التنّور وحدث الطوفان في الشارع العراقي (السياسي وغير السياسي). وأقول للسيّد طالب الرفاعي: حين فار التنور وحدث الطوفان لماذا لم تلجؤوا إلى سفينة الأمان إلى سفينة آل محمّد؟! لماذا ذهبتم كابن نوح إلى جبل كي يعتصم به في طوفان لا عاصم فيه من أمر الله إلّا في سفينة النجاة؟! لماذا لجأتم إلى القُطبيين؟! لماذا لم تلجؤوا إلى حديث آل محمّد صلوات الله عليهم؟! هل أنّ حديث آل محمّد كان يُعاني مِن نقص؟ إنّني أعطيكم العُذر فيما ذهبتم إليه، فإنّ المؤسسة الدينية قد حطّمتْ حديث آل محمّد بمعونة الشيطان باستعمال ما يُسمّى بـ(علم الرجال، وعلم الدراية، وعلم الكلام، وعلم الأصول..) فلم يُبقوا منه شيئاً، ولهذا ما وجدتم شيئاً بأيديكم! وبالمثل صنع مُفسّروا الشيعة فقد تركوا حديث آل محمّد صلوات الله عليهم وركضوا نحو قواعد التفسير عند النواصب، مثلما تركوا قواعد الاستنباط في حديث أهل البيت، وذهبوا إلى الشافعي وأمثال الشافعي وجاؤونا بالأصول وغير الأصول وحطّموا مناهج أهل البيت! وأنتم جئتم في الزمن الأخير وركضتم وراء سيّد قطب وأمثال سيّد قطب وحطّمتم البقية الباقية!! ● ألم تقل يا سيّد طالب الرفاعي في مُقابلتك مع قناة العراقية أنّ السيّد محمّد باقر الصدر اجتهد فأخطأ؟! فمثلما أخطأ السيّد الصدر في تشخيص مصيره أخطأ في منهجه الفكري أيضاً، وأنت أخطأت والبقية أخطؤوا.. أنتَ بنفسك قُلت أنّنا مجتهدون بين الخطأ والتصويب، فلقد أخطأتم كثيراً ووقعتم في هوّة سحيقة مُظلمة! ● عندما يفور التنور ويحدث الطوفان لابدّ أن نعتصم بالذين إذا اعتصمنا بهم نكون قد اعتصمنا بالله.. هكذا نُخاطبهم صلوات الله عليهم (ومَن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله) لو أنّكم لجأتم إلى آل محمّد صلوات الله عليهم لوجدتم الحقائق شاخصة بيّنة، ولكن المرجعية بنتكم بناء أعوج، والمراجع الذين سبقوا مراجع عصركم هم الذين بنوا مراجع عصركم بناءً أعوج!! فكانت المؤسسة بهذا الشكل البعيد عن منهج آل محمّد، وكان المنهج الأبتر يتحرّك هنا وهناك! وأنتم مِن نتائج هذا المنهج الأبتر (الذي بدأ مُنذ بدايات عصر الغَيبة الكبرى) والذي شيّد أركانه شيخ الطائفة الطوسي، ثُمّ بدأت المُشكلة تتراكم شيئاً فشيئاً حتّى وصل الأمر إليكم وكانت الجناية الكُبرى!! (الآن المنابر قطبية، الحسينيات قطبية، الفضائيات قُطبية…) ماذا فعلتم بالشيعة؟! ● السيّد طالب الرفاعي بنفسه كان يُقرّ أنّه وأمثاله كانوا يُرشدون إلى قراءة الكتب القُطبية! ويُبرّرون ويعتذرون بأنّ السبب في إرشاد الناس إلى قراءة الكتب القطبية هو أنّنا لا نمتلك كُتُباً! السؤال هنا: لماذا لا نمتلك كُتباً؟! والجواب واضح: لأنّنا تركنا منهج آل محمّد صلوات الله عليهم فافتقرنا، وإلّا فكلّ شيءٍ موجود في حديث آل محمّد (حقائق الدين وحقائق الدنيا، حقائق الآخرة وحقائق الغَيب) كلّ شيء موجود في حديث آل محمّد وفي أرقى الأساليب الأدبيّة والتعبيرية، ولكنّكم تُمزّقونه وتُحطّمونه بعلم الرجال!! ● غرّكم هذا الأسلوب الأدبي الذي كتب به سيّد قطب كُتُبه، وخصوصاً في تفسيره (في ظلال القرآن)، غرّكم هذا الأسلوب وأعجبكم لأنّ كُتب علمائنا تُعاني مِن العُجمة المُقرفة! وما قاله السيّد طالب الرفاعي مِن أنّ المكتبة الشيعية مكتبة فقيرة، نعم هي فقيرة وإلى يومك هذا! فكُلّ ما كُتب بعدما كرعوا في الفكر القُطبي، كُتِب على أساس الفكر القطبي! ما جاء به السيّد محمّد باقر الصدر وتلامذته هي صور مشوّهة مِن الفكر القطبي، ومازجوها مُمازجة غَريبة مع حديث أهل البيت!! ● الذي يُجري المُقابلة يسأل السيّد طالب الرفاعي فيقول له: أنتم قرأتم لهم (يعني الإخوان المُسلمين) فهل قرؤوا لكم؟! وأقول: أساساً هم لا يوجد عندهم شيء حتّى يقرؤون لهم، وما كتبوه بعد قراءتهم لكُتب القطبيين جاء مُتوافقاً مع القواعد الفكرية والأصول المنهجية التي كتب بها القطبيون، فكتب بها الشيعة في النجف وفي كربلاء تقليداً لهم! أضف أنّ السيّد طالب الرفاعي يتحدّث عن كتاب واحد وهو كتاب [اقتصادنا]، وهذا لا يُعدّ مِن كُتب الشيعة، وإنّما من كتب القوم، لأنّ هذا الكتاب [اقتصادنا] هو عبارة عن 3 أقسام: قسم في مُناقشة الاقتصاد الماركسي، وقسم في مُناقشة الاقتصاد الرأسمالي، وقسم في وضع منهجيّة للاقتصاد الإسلامي وهذه كرع فيها السيّد محمّد باقر الصدر إلى أُذنيه في الفكر الناصبي، وقد أشرتُ إلى مصاديق كثيرة ممّا جاء في كتابه هذا (أشرت إلى نماذج من أرقام الصفحات في حلقة سابقة)، ولقد نقل كثيراً عن الشافعي وأتباع الشافعي! وتعامل مع الفكر الناصبي كما تعامل مع حديث الباقر والصادق رأساً برأس!! (فهؤلاء ما قبلوا هذا الكتاب وما مدحوه إلّا لأنّهم وجوده مِن كُتبهم)!! ● مقطع 2: فيديو قصير للسيّد طالب الرفاعي مُقتطع مِن نفس المقابلة التي أجرتها قناة النعيم الفضائية مع السيّد طالب الرفاعي.. وهذا المقطع هو شاهد على طبيعة التناغم في العلاقات على المستوى الإنساني، على المستوى العاطفي، وهذا سببه التوافق الفكري! ● السيّد طاب الرفاعي في هذا المقطع يفتخر بكتاب [المختصر النافع في فقه الإمامية] للمحقّق الحلّي، وكأنّ المختصر النافع شيءٌ عظيم!! [المُختصر النافع] هو رسالة عملية مُختصرة موجزة لكتاب [شرائع الإسلام]! علماً أنّ كتاب [شرائع الإسلام] الذي قرأتُ عليكم منه في الحلقات السابقة هو نفسه الذي يُسيء فيه المحقّق الحلّي الأدب مع الإمام المعصوم (حين كان يتحدّث فيه عن الخُمس وعن قضية الأنفال، والغنائم، فحين كان يتحدّث عن الإمام المعصوم يقول أنّ ذلك يكون للإمام ما لم يُجحف)!! وحين يتحدّث في نفس الكتاب عن غَيبة الإمام يُسيء الأدب مع الإمام عليه السلام فيُعبّر عن غَيبته بأنّها (عدم)!!! وهذا الكتاب قد أُلّف ورُتّب وفقاً للطريقة الشافعية! وفوق كلّ هذا المحقق الحلّي هو الذي أقحم مُصطلح الاجتهاد الناصبي في كتابه [معارج الأصول]، وإلى اليوم علماء الشيعة يتمسّكون به وكأنّه الحجر الأسود!! وقفة فيها مقارنة سريعة بين كتاب سيّد قطب [في ظلال القرآن] وبين ما ذكره السيّد محمّد باقر الصدر في كتابه [المدرسة القرآنية]، وكذلك ما ذكره السيّد محمّد تقي المدّرسي – الذي كان المسؤول الأوّل في منظمة العمل الإسلامي، والذي كان يعمل تحت إشراف مرجعية السيّد الشيرازي وبعد ذلك حدث الانفصال – ما ذكره هو الآخر في مقدّمة كتابه [من هدى القرآن:ج1].. وسأعرّج بعد هذه الوقفة على الشيخ محمّد هادي معرفة وهو مِن نفس الجوّ الشيرازي النجفي القمّي [فهو يُمثّل حالة برزخيّة ما بين كربلاء، النجف، وقم] لذلك حين يتحدّث في كتابه يتحدّث بنفس هذه الثقافة! (سأقرأ لكم سُطوراً من مقدّمات كُتبهم، بإعتبار أنّ المُقدّمة يعرض فيها المُفسّر منهجيّته)! الوقفة (1) قراءة سطور ممّا جاء في مقدّمة كتاب سيّد قطب المركزي [في ظلال القرآن: ج1]: (الحياة في ظلال القرآن نعمة، نعمةٌ لا يعرفها إلّا مَن ذاقها..) ● إلى أن يقول: (لقد عشتُ أسمعُ الله – سبحانه – يتحدّث إليَّ بهذا القرآن، أنا العبد القليل الصغير، أيُّ تكريم للإنسان هذا التكريم العُلْوي الجليل؟..) ● إلى أن يقول: (فالمنهج الإلهي – كما يبدو في ظلال القرآن – موضوعٌ ليعمل في كلّ بيئة، وفي كلّ مرحلة مِن مراحل النشأة الإنسانية، وفي كلّ حالة مِن حالات النفس البشرية الواحدة، وهو موضوع لهذا الإنسان الذي يعيش في هذه الأرض، آخذٌ في الاعتبار فطرة هذا الإنسان وطاقاته واستعداداته، وقوته وضعفه، وحالاته المتغيّرة التي تعتريه..) ● أيضاً يقول: (والرجوع إلى الله – كما يتجلى في ظلال القرآن – له صورة واحدة وطريق واحد، واحد لا إنّه العودة بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في كتابه الكريم إنه تحكيم هذا الكتاب وحده في حياتها، والتحاكم إليه وحده في شؤونها، وإلّا فهو الفساد في الأرض، والشقاوة للناس..) ● إلى أن يقول في نهاية المُقدّمة: (هذه بعض الخواطر والانطباعات مِن فترة الحياة في ظلال القرآن، لعلّ الله ينفع بها ويهدي. وما تشاءون إلّا أن يشاء الله). الوقفة (2) قراءة سطور من مقدّمة كتاب [المدرسة القرآنية] للسيّد محمّد باقر الصدر، يقول بعد أن ذكر كلام أمير المؤمنين عليه السلام (ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق…) وقطّع في كلام الأمير، وقال بأنّه يُمكننا استنطاق القرآن، يقول بعدها في صفحة 13: (وإنّما وظيفة التفسير الموضوعي دائماً وفي كلّ مرحلة وفي كلّ عصر: أنْ يحمل – أي المُفسّر – كلَّ تُراث البشريّة الذي عاشهُ، يحمِل أفكار عصره، يحمِل المقولات التي تعلَّمها في تجربته البشرية ثمّ يضعُها بين يدي القرآن، بين يدي الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خلْفه؛ ليحكُمَ على هذه الحصيلة بما يُمكن لهذا المفسِّر أن يفهمه، أن يستشفّه أن يتبيّنه مِن خلال مجموعة آياته الشريفة) ● إلى أن يقول: (التّفسير الموضوعي يبدأ بالواقع الخارجي بحصيلة التجربة البشريّة، يتزوّد بكلّ ما وصلتْ إلى يده مِن حصيلة هذه التجربة ومِن أفكارها ومن مضامينها ثمّ يعود إلى القرآن الكريم ليُحكّم القرآن الكريم، ويستنطق القرآن الكريم على حدّ تعبير الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، ويكون دوره – أي دور المُفسّر – دوراً مُستنطَق، دور الحوار، يكون دور المُفسّر دوراً ايجابياً أيضاً، دورُ المُحاور، دورُ من يطرح المشاكل مَن يطرح الأسئلة، مَن يطرح الاستفهامات على ضوء تلك الحصيلة البشريّة على ضوء تلك التجربة الثقافية التي استطاع الحصول عليها، ثمّ يتلقّى من خلال عملية الاستنطاق، مِن خلال عملية الحوار مع أشرف كتاب يتلقى الأجوبة مِن ثنايا الآيات المتفرقة) وهذا نفس الكلام الذي قاله سيّد قطب في البداية، حين يقول سيّد قطب: (لقد عشتُ أسمعُ الله – سبحانه – يتحدّث إليَّ بهذا القرآن..) ● سيّد قطب سمّى النتائج (خواطر وانطباعات) مِن خلال مُعايشة القرآن، أمّا السيّد محمّد باقر الصدر يعتبر أنّ النتائج تفسير وليس خواطر وانطباعات!! الوقفة (3) قراءة سطور مِن مقدّمة كتاب [من هدى القرآن :ج1 الطبعة الثانية] للسيّد محمّد تقي المُدّرسي وهو الرجل الأوّل في منظمة العمل الإسلامي التي جزء لا يتجزأ مِن التكوين الشيرازي في تلك الفترة. يقول: (لقد مَنَّ الله سبحانه عليّ حين وفّقني للنظر في كتابه العزيز والتدبّر في آياته الكريمة، واستخراج الدرر المُشّعة مِن بحاره الواسعة، واليوم بعد مرور سنين مُتطاولة على نشر الطبعة الأولى لموسوعة [مِن هدى القرآن] التي تضمّنتْ تلك الدرر، وبعد أن تلقّيتُ بفضل الله تعالى تشجيعاً عليها مِن قِبَل أولي البصائر والفكر المنير في الأمّة..) ● إلى أن يقول: (ثالثاً: إنّي آمل أن أُوفّق وبالتعاون مع اخوتي المؤمنين لتأليف موسوعة جديدة في هذا المضمار أُضمّنها تدبّراتي الجديدة وتتميّز بأمرين: – ألف: بالتوسّع فيما أوجزناه سابقاً. – باء: ببيان ما يتصل بالأوضاع المستجدة فإن مثل القرآن مثل الشمس وعلينا أن نستنطق آياته في كلّ واقعة حادثة)!!! ● تعبيره (في كلّ واقعة حادثة) هذا مُستوحى مِن توقيع إمام زماننا عليه السلام (وأمّا الحوادث الواقعة) ولكنّ الإمام أرجعنا في الحوادث الواقعة إلى رواة الحديث، يعني أنّ الأصل هو حديث أهل البيت، لا أن نستنطق الآيات في كلّ واقعة حادثة.. مَن نحن حتّى نستنطق الآيات بمفردنا؟! نعم نستنطق الآيات مِن خلال إخبارات أمير المؤمنين عليه السلام، تطبيقاً لنفس ميثاق بيعة الغدير (أنّنا لا نأخذ تفسير القرآن إلّا مِن عليّ). ● يقول في مقدّمة الطبعة الأولى: (قبل أكثر مِن ست سنوات حين عزمتُ على تسجيل تأملاتي التي استفدتها مِن القرآن، كتبت ما يلي: أبتدئ في تفسير القرآن الحكيم في بيت من بيوت الله، في يوم السبت الموافق ١/٤/١٣٩٨ هـ، ١١/٣/١٩٧٨ م في مدينة (الكويت). وعلى الله أتوكّل في إتمامه. واعتمدتُ فيه على منهج التدبّر المباشر انطلاقاً ممّا بيّنتهُ في (التمهيد) أي منهج الاستلهام مباشرة مِن الآيات والعودة إلى القرآن ذاته كلّما قصُرنا عن فَهْم بعض آياته وفقَ المنهج الذي علَّمنا إيّاه الرسول الكريم وأئمة أهل البيت حيث أمرونا بتفسير القرآن ببعضه. وإنّي احاول ربط الواقع الراهن بآيات الذكر. حيث انّ ذلك هو الهدف من تفسير القرآن. أوليسَ مَثَل القرآن مَثَل الشمس تطلع كلّ نهار بإشراقة جديدة على عالم جديد. ولا أدّعي أنّني أُبيّن هنا معاني كلام الله كاملاً، بل إنّما حاولتُ أن أُسجّل فقط تلك البصائر التي استفدتها شخصياً عبر تدبّري في القرآن. ولا أنسى دور إخوتي من تلاميذ درس التفسير الذي كنتُ أُلقيه في بلورة رٌؤاي وأفكاري. والله الموفق وعليه التوكل)!! يعني أنّ الأساس في هذا التفسير (تأمّلات)! وهي نفس تعابير سيّد قطب الذي سمّاها (خواطر وانطباعات، استلهامات، استيحاءات،…)!! فهل منهجيّة أهل البيت في القرآن بهذه الصورة؟! أين هو دور الأئمة إذن؟! ● التدبّر في القرآن إن كان مِن دون أساس فهذه مفسدة، وإنْ كان هذا التدبّر يعتمد على أساس فلا بدّ أن نعرف هذا الأساس ما هو؟! هل هو مأخوذ عن أهل البيت أو لا؟! ● أوّل قضيّة يرفضها السيّد محمّد باقر الصدر ويرفضها السيّد محمّد تقي المدرّسي هي الروايات التي تذكر لنا قراءة أهل البيت عليهم السلام للقرآن! صحيح أنّ الأئمة أمرونا أن نقرأ القرآن كما يقرؤه الناس، ولا نقرؤه بهذه القراءات التي وردتْ عنهم، ولكنّهم ذكروها لنا لأجل أن يُفسّروا القرآن بالشكل الصحيح، لأنّ قراءة المخالفين إذا أردنا تفسير القرآن على أساسها سيكون تفسير القرآن خاطئاً. (وهذا في الأفق الّلغوي، فما بالك بالآفاق الحقيقية الأخرى)؟! ● قوله (والعودة إلى القرآن ذاته كلّما قصُرنا عن فَهْم بعض آياته وفقَ المنهج الذي علَّمنا إيّاه الرسول الكريم) هذا افتراءٌ على رسول الله وعلى أهل البيت عليهم السلام، كالإفتراء الذي افتراه السيّد محمّد باقر الصدر على سيّد الأوصياء عليه السلام حين قال أنّنا أخذنا منهجيّة استنطاق القرآن من أمير المؤمنين عليه السلام!! في حين أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ولن ينطق! فالسيّد محمّد تقي يقول (حيث أمرونا – أي رسول الله والأئمة – بتفسير القرآن ببعضه) وهذا افتراء، فالأئمة يقولون: مَن ضرب القرآن بعضه ببعض فقد كفر! صحيح أنّه في منهجية أهل البيت عليهم السلام أن نفهم القرآن بالقرآن، ولكن وفقاً لحديثهم وقواعدهم صلوات الله عليهم في الفهم، وأحياناً نفهم حديث أهل البيت بالقرآن، ولهذا حين تحدّث رسول الله عن القرآن والعترة قال أنّه تاركٌ ثقلين – وجمع بين مُسبّحتيه – (فقواعد التفسير موجودة في هذين العمودين: القرآن والعترة). ● ويُكمل السيّد محمّد تقي المدرّسي فيقول: (هذا ما كتبته قبل أكثر من ستة أعوام أمَّا اليوم فقد أكملتُ التدبّر في القرآن كلّه وسجّلتُ خلاصة الأفكار التي استلهمتُها مِن التدبّر في هذا التفسير، وذلك عِبر مرحلتين: ألف: مِن بداية القرآن وحتّى سورة النحل كتبتُ التفسير بيدي، حيث كنتُ آوي إلى مسجد أو مقام هادىء حاملاً معي القرآن والقلم والقرطاس، وربّما هموماً كثيرة ممَّا تخصُّ الأُمّة، فأجلس كالتلميذ أمام كتاب ربّي وأقرأ مجموعة آيات، وأتدبّر فيها، واذا لم يُسعدني ذكائي لفهم أبعاد آية كريمة سألتُ الله سبحانه أن يُعينني على ذلك، ثمَّ أُسجّل في البدء خُلاصة الأفكار التي استوحيها منها، وبعدئذٍ أتدبّر في آية الله وأسجّل تأملاتي فيها بتفصيل أكثر. وفي بعض الأحيان كانتْ الأفكار تتزاحم وأجدني عاجزاً عن تسجيلها فأختار منها البعض فقط ليتناسب مع المنهج المُوجز الذي اخترتُه لهذا التفسير، بينما أنتفع بالبقيّة في أحاديثي العامّة أو في سائر كتاباتي..) ● إلى أن يقول: (وفي الختام أُسجّل الملاحظات التالية: — أولاً: إنَّ لآيات القرآن الحكيم أبعاداً مختلفة وحسب تعبير تراجمة الوحي وأئمة الهدى عليهم السلام أنَّ له تخوماً وبطوناً تصلُ إلى السبعين، ويكادُ لا يستطيع شخص مثلي أن يطّلع على بُعْدٍ واحد منها، فكيف بسائرها! لذلك فحين أكتب معنى الآية فلا أدّعي أنّه كلّ معانيها وأبعادها، بل لا أدّعي أنّه بالتأكيد المعنى الأقرب، إنّما أسجّل فقط وفقط ما فهمته مِن الآيات، مع اعترافي بقصور فهْمي والواقع أن كلّ التفاسير القرآنية ليس إلّا بياناً لبعض الموضوعات التي تصدقُ عليها الآيات كما تصدقُ على غيرها، وإنّ القرآن سيظلُّ فوق التفاسير لا يُحيطُ بكُنه معانيه إلّا الله، ومَن ارتضاه الله لغيبه. — ثانياً: كان منهجي في التفسير تدبّر الآيات قبل الرجوع إلى التفاسير التي نادراً ما كنتُ أرجع إليها، وذلك لأنّي كنتُ أخشى أن أضع بيني وبين القرآن حِجاباً مِن كلام البشر. — ثالثاً: بعد إتمام التفسير إقترحتُ على بعض الإخوة استخراج معاني مفردات القرآن مِن تفسير مجمع البيان للعلامة الطبرسي، الذي أعتبره الأكمل مِن بين التفاسير المُعتبرة، وقد فعلوا ذلك مشكورين، حيث وُضعتْ تحت رسْم القرآن تسهيلاً للمراجعة، إكمالاً للفائدة(.. هذا الكلام هو على نفس النغمة التي يتحدّث بها سيّد قطب والسيّد محمّد باقر الصدر! ● وقفة عند رواية الإمام الباقر عليه السلام في [تفسير البرهان :ج1] والتي ينقلها صاحب تفسير البرهان عن كتاب [الكافي الشريف]. (عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، إنَّ الرجل لينتزع الآية مِن القرآن يخرّ – بجهله وضلاله – فيها أبعد ما بين السماء والأرض)!! معنى ينتزع الآية : أي يأخذ الآية لوحدها ويتدبّر فيها بمفرده كما يصنع السيّد محمّد تقي المُدرّسي! ● وقفة عند حديث الإمام الصادق عليه السلام مع جابر الجعفي في [تفسير العيّاشي]. يقول عليه السلام لجابر: (يا جابر، إنّ للقرآن بطناً وللبطن ظهراً، وليس شيءٌ أبعد مِن عقول الرجال منه، إنّ الآية لينزلُ أوّلها في شيء وأوسطها في شيء، وآخرها في شيء)! ● قول السيّد محمّد تقي (كان منهجي في التفسير تدبّر الآيات قبل الرجوع إلى التفاسير) هذا هو بالضبط منهج سيّد قطب في كتاب [مشاهد القيامة في القرآن]، والذي سيأتينا أنّ المرجع السيّد محمّد الشيرازي كان يُوصي الخطباء بقراءة هذا الكتاب مرّات ومرّات، ويحفظونه!! والذي يقول سيّد قطب في خاتمته تحت عنوان (مراجع هذا الكتاب) يقول: (كان مرجعي الأول في هذا الكتاب هو المصحف الشّريف، وقد اعتمدتُ على فهمي الخاص لأسلوب القرآن الكريم وطريقته في التّعبير، وإن كنتُ قرأت كثيراً مِن التّفاسير لأعرف ماذا يقال، ولكنّني لا أستطيع أن أثبتها هنا؛ لأنها لم تكن مراجع لي في الحقيقة) ● قول السيّد محمّد تقي (كنتُ أخشى أن أضع بيني وبين القرآن حِجاباً مِن كلام البشر) غريبٌ هذا الكلام!! فأنت في الوقت الذي لم تضع كلام البشر حجاباً، وضعتَ عقلك (الناقص) وجهلك حجاباً!! وهذا الكلام موجّه إلينا جميعاً إذا كنّا نتعامل مع القرآن بهذه الصورة! ● قول السيّد محمّد تقي المدرّسي عن تفسير مجمع البيان للطبرسي (الذي أعتبره الأكمل مِن بين التفاسير المُعتبرة) هذا هو قول المؤسسة الدينية بقضّها وقضيضها.. وهذا التفسير صارتْ له هذه المنزلة عندهم لأنّه تفسير سُنّي بامتياز!! تفسير مخالف لأهل البيت عليهم السلام! ● وقفة عند حديث الإمام الباقر عليه السلام في [تفسير العيّاشي] يقول: (مَن فسّر القرآن برأيه فأصاب لم يُؤجر، وإنْ أخطا كان إثمه عليه)! ما معنى أن يذهب الإنسان بمفرده إلى المسجد ومعه القرآن ومعه ورقة وقلم ويبدأ يتدبّر في الآيات بمفرده؟!! أليس هذا تفسير للقرآن بالرأي؟! ● وقفة عند رواية الإمام الصادق عليه السلام: (مَن فسّر القرآن برأيه إنْ أصاب لم يُؤجر وإنْ أخطا فهو أبعد من السماء)! ● وقفة عند حديث الإمام الصادق وهو يحدّثنا عن إمامنا الباقر عليه السلام: (ما ضربَ رجلٌ القرآن بعضه ببعض إلّا كفر)! وهذا هو الذي يُسمّى بالتفسير الموضوعي (وفقاً لمنهج المخالفين). وقفة عند مثال تطبيقي من تفسير من [من هدى القرآن :ج1] للسيّد محمّد تقي المُدرّسي، والحديث في سورة الفاتحة عن الإستقامة والتصميم على الهداية، يقول في معنى {اهدنا الصراط المستقيم}: (المرحلة الأولى: التصميم على الإستقامة. ولن يكون التصميم على الاستقامة جادّاً إلّا إذا عرف الإنسان أنَّ في الحياة طُرُقاً شتّى لا تُؤدي به إلى أهدافه المنشودة. وأنَّ هناك طريقاً واحداً فقط هو الذي يُوصله إليها، وعرف أنَّ التعرّف على هذا الطريق والسير فيه هو من واجباته التي عليه أن يسعى لتأديتها، وليستْ مِن نعم الله الطبيعية عليه، ليستْ مثلاً كنعمة البصر، حيثُ يُولد الطفل بصيراً. ولهذا فإنّنا ندعو الله أن يمنحنا الإستقامة ونقول: {اهدنا الصراطَ المستقيم} وهذا الدعاء دليل على أنَّ الله لا يمنح الإستقامة إلّا لِمَن يطلبها منه..). ● إلى أن يقول: (إنّ أكثر الناس ينحرفون عن الإستقامة بشهواتهم لأنّهم يستسلمون لضغوط الشهوات. هؤلاء يغضب الله عليهم، ويسلب منهم نُور الفطرة ووهج العقل، فإذا بهم في ظُلماتٍ لا يبصرون، لذلك يدعو المؤمنون أن تدوم لهم نعمة الهداية فيكونون مستقيمين). وهذا الكلام ليس منطق القرآن.. فمنطق القرآن بُني على جوهرة واحدة وهي (الولاية).. فكلّ المضامين القرآنية تدور حول مضمون (الولاية). ● سورة الفاتحة هي خلاصة القرآن، وحين تتحدّث هذه السورة عن (الصراط المستقيم) فالصراط المُستقيم عليٌ صلوات الله عليه، والهداية للصراط المستقيم هي الهداية إلى عليّ. ولاية علي ودينه وأحكامه هي من شؤوناته، أمّا الهداية في أصلها فهي إلى عليّ. ومُصطلح “المغضوب عليهم” و”الضالين” المعاني هنا ترتبط بعليّ، ولا علاقة لها بالشهوات والمحرّمات (الشهوات والمحرّمات هذه معاني تأتي في الحاشية). ● ثُمّ يكمل ويقول في بيان معنى {غير المغضوب عليهم} بقول: ({غير المغضوب عليهم} ممّن تعمّدوا الإنحراف فسلبَ الله منهم نعمة الهداية فظلوا مُنحرفين إلى الأبد. المرحلة الثالثة: التخلّص مِن عوامل الإنحراف الجبريّة التي تدفع الإنسان إلى الإنحراف مِن دون وعي ولا تصميم، وذلك مثل الجهل والغفلة والنسيان، حيث أنّها مِن عوامل الضلالة التي يجب التخلّص منها هي الأخرى حتّى تتم الإستقامة. وكثير مِن الناس ينحرفون لجهلهم بالدين وبما فيه مِن سعادة وخير، مثل أكثر الشبيبة الذين ابتعدوا عن قيم الله، يميناً أو يساراً، وضحّوا مِن أجل مبادئ فاسدة تضحية صادقة، هؤلاء هم الجهلاء لأنّهم لو عرفوا الدين الصحيح لما توانوا عن التضحية مِن أجل المبادئ. كذلك المؤمنون الذين يقعون في الذنوب في ظروف مُعيّنة ثمّ يتوبون مِن قريب، هؤلاء تقودهم الغفلة والنسيان، لذلك يدعو المؤمنون الصادقون أن يهديهم الله إلى الصراط المستقيم ولا يجعلهم مِن (الضالين) {ولا الضالين} أنّ التخلّص مِن الضلالة الّلاواعية لا يكون إلّا بعد التخلّص مِن الانحراف الواعي، إذ أنّ نور الله لا يدخلُ قلباً مُتكبّراً مُعانداً مُصمّماً على الانحراف، لذلك نجد القرآن يأمر بالتخلّص مِن غضب الله أولاً، ثمّ يأمر بالتخلّص مِن الضلالة. وكلمة أخيرة.. أنّ سورة الحمد بآياتها السبعة، هي خلاصة لرؤى الإسلام وبصائره في الحياة، وأمّا التفصيل فنجده في القرآن كلّه) ● صحيح أنّ سورة الفاتحة هي خلاصة القرآن وخلاصة للإسلام، ولكن لا بهذا الفهم السطحي البعيد عن أهل البيت عليهم السلام. سيّد الأوصياء يقول: الفاتحة كلّها في البسملة والبسملة كلّها في الباء، والباء في النقطة وأنا النقطة (فتمام الحقيقة في هذه النقطة)، يعني أنّ سورة الفاتحة كلّها عن عليّ، بل القرآن كلّه عن عليّ. هذه المقارنة بين ما جاء في كتاب [في ظلال القرآن] لسيّد قطب وما جاء في كتاب [المدرسة القرآنية] للسيّد محمّد باقر الصدر، وما جاء في كتاب [مِن هدى القرآن] للسيّد محمّد تقي المُدرّسي تُعطي صورة عن ملامح المنهج الأبتر الذي يتحرّك بقوّة وفاعلية ونشاط قوية في ساحة الثقافة الشيعية. سأقف عند كتاب [التمهيد في علوم القرآن] للشيخ محمّد هادي معرفة في حلقة يوم غد.