الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٢٨ – لبّيك يا فاطمة ج٤٥ – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق١٢ – ضعف البراءة ج٦

صور

فيديو

 

 

يوتيوب

 

 
 

اوديو

 

 

مطبوع

 

 

ملخـّص الحلقة

تاريخ البث : يوم الجمعة 7 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 9 / 9 / 2016م

  • لا يزال الحديث في ملامح المنهج الأبتر الذي يتحرّك بفاعلية كبيرة ونشاط شديد في وسط المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية.. أجريتُ في الحلقة الماضية مُقارنة سريعة بين سيّد قطب والسيّد محمّد باقر الصدر، والسيّد تقي المُدرّسي.

  • (وقفة عرض إجمالية سريعة لِما مرّ في هذه المقارنة التي أجريتها في الحلقة الماضية بين منهجيّة التفاسير الثلاثة) يتبيّن من خلالها أنّ المنهجيّة التي كُتب على أساسها كتاب [المدرسة القرآنية] للسيّد محمّد باقر الصدر، وكذلك كتاب [مِن هُدى القرآن] للسيّد محمّد تقي المُدرّسي، هي منهجيّة واحدة، وهي منهجية مُخالفة 100% لمنهجيّة آل محمّد صلوات الله عليهم في تفسير القرآن! فهي في حقيقتها نسخة مُشوّهة مِن منهجيّة سيّد قطب في تفسيره [في ظلال القرآن]!!

  • أدنى مراجعة لأحاديث أهل البيت تُبيّن لنا منهجيّة آل محمّد صلوات الله عليهم في تفسير القرآن، وهذه المنهجيّة كالتالي:

  • — أولاً: أهل البيت وضعوا لنا قواعد في التفسير، والروايات ذكرتْ تلك القواعد، ولكنّ علماء الشيعة أعرضوا عنها لأنّها ضعيفة بسبب قذارات علم الرجال!
  • — ثانياُ: بيّنوا لنا القراءة الصحيحة التي نزل بها القرآن، صحيح أنّ أهل البيت أمرونا أن نقرأ القرآن كما يقرؤه الناس، ولكنّهم بيّنوا لنا القراءة الصحيحة كي نفهم القراءة على ضوئها، وهذه الأحاديث التي تُبيّن القراءة الصحيحة هي الأخرى رفضها علماؤنا بسبب قذارات علم الرجال، وأوساخ علم الأصول، وقمامة قواعد التفسير التي جاؤوا بها من النواصب!
  • — ثالثاً: فصّلوا في معاني الآيات مِن خلال الأحاديث التفسيرية للقرآن.. لكن علماءنا مزّقوا كُتب الأحاديث التفسيرية للقرآن (كتفسير العيّاشي الذي لم يُبقوا منه إلّا ما هو أقلّ مِن النصف! وتفسير القمّي حرّفوه، وتفسير الإمام العسكري علسوه، فلم يُبقَ منه سوى أجزاء يسيرة جدّاً، وحتّى هذا اليسير الذي بقي منه حكموا عليه بالإعدام! وهكذا صنعوا مع سائر الروايات والأحاديث التفسيرية فمزّقوها شرّ مُمزق وركضوا على النواصب!)
  • ● ركض الطوسي على الطبري، وطبّق منهجية الشافعي وعبّأها بأفكار المعتزلة! وراح يتتبّع الطبري فيما يقول فيستنسخ أقواله! إلى الحدّ الذي تصوّر الكثيرون مِمّن يقرؤون تفسير التبيان للطوسي أنّه حين يتحدّث عن (أبي جعفر) فهو يتحدّث عن الإمام الباقر، والحال أنّه يعني (أبي جعفر الطبري)! وارجعوا إلى تفسير الطبري لتتأكدّوا من ذلك!
  • ● أمّا الطبرسي في كتابه [مجمع البيان] فقد ركض على كلّ كتب المُخالفين! فعبّ منها عبّاً.. وساوى في طرحه وفي تفسيره بين ما يقوله آل محمّد وبين ما يقول النواصب وجعل الكلام رأساً برأس!! (علماً أنّ هذا التفسير هو التفسير المُعتمد والمُعتبر في المؤسسة الدينية بكلّ مراجعها السابقين والمعاصرين الأحياء، لأنّه التفسير الناصبي الأمثل!)

  • وقفة عند كتاب [التمهيد في علوم القرآن] وهو موسوعة كبيرة من 10 أجزاء كتبها الشيخ محمّد هادي معرفة، بذل فيها جهداً جبّاراً، الشيخ محمّد هادي معرفة هو مِن أجواء المرجعية الشيرازية الكربلائية ومِن أجواء المرجعيّة النجفيّة والقمّية (فهو رجلٌ مُخضرم بين هذه الاتّجاهات). (وقفة عند الجزء (10) من هذه الموسوعة تحت عنوان: التفسير والمُفسّرون منهاج التفسير).

  • يقول الشيخ محمّد هادي معرفة وهو يتحدّث في كتابه عن تفسير (في ظلال القرآن) لسيّد قطب، يقول: (في ظلال القرآن لسيد ابن قطب ابن ابراهيم الشاذلي المُستشهد سنة 1386 على يد طُغاة مِصر)! فهو يرى سيّد قطب شهيد!!!

  • ● ثُمّ يقول وهو يمتدح تفسير سيّد قطب: (فكان تفسيره هذا مِن خير التفاسير الأدبية الإجتماعية الهادفة إلى إحياء الحركة الإسلامية العتيدة، فمِن أهدافه إزاحة الفجوة العميقة بين مُسلمي العَصْر الحاضر والقرآن الكريم، وتعريف المُسلمين إلى المُهمّة العِلميّة السياسيّة التي قام بها القرآن، وبيان الحميّة الجهاديّة التي يهدفها القرآن الكريم، إلى جنب تربية الجيل المسلم تربية قرآنية إسلامية كاملة، وبيان معالم هذا الطريق الذي يجب على المسلمين سلوكه..)
  • ● الشيخ محمّد هادي معرفة يقول (إلى جنب تربية الجيل المسلم تربية قرآنية إسلامية كاملة)!! وأقول: أنّ هذا التفسير يُربّي الجيل المُسلم على عداء أهل البيت عليهم السلام، وعلى نُكران حقّهم، وعلى إلحاق النقص بهم، وعلى طمس فضائلهم!
  • ● أيضاً يقول مُتحدّثاً عن هذا التفسير: (ثمّ يُحاول تفسير الآيات في ذوق أدبي خالص ببيان الأهداف الكليّة التي ترمي إليها الآيات مِن غير تعرّض للجزئيات، كما يجتنب مِن ذكْر الإسرائيليات والروايات الموضوعة أو الضعيفة..) يعني أنّ هذا الكتاب نقي وصافي مِن الإسرائيليات والروايات الموضوعة بما في ذلك الرواية المذكورة في هذا التفسير التي تقول أنّ سيّد الأوصياء شرب الخمر وصلّى وهو لا يدري ما يقول، فهي ليستْ مِن الإسرائيليات، وليستْ مِن الروايات الموضوعة أو الضعيفة!!

  • ويقول في تفسيرهِ وهو يتحدّث عن تفسير(مِن هدى القرآن) للسيّد محمّد تقي المُدرّسي: (تفسيرٌ تربويٌ تحليليٌ شامل، يبحث فيه المؤلف هو السيّد محمّد تقي المُدرّسي عن الربط الموضوعي بين الواقع المُعاش وبين الحقائق الراهنة والدلائل البيّنة التي أبانها القرآن الكريم منذ أربعة عَشَر قرناً، كمنهج تربوي وأخلاقي، يستهدف وضْع الحلول الناجعة لكلّ مُشكلات العصور المختلفة حتّى قيام الساعة. قال المؤلف: “واعتمدتُ فيه على منهج التدبّر المُباشر، انطلاقاً ممّا بيّنته في التمهيد، أي منهج الاستلهام مباشرة مِن الآيات والعودة إلى القرآن ذاته كلّما قصُرنا عن فهم بعض آياته وِفْق المنهج الذي علَّمنا إيّاه الرسول الكريم وأئمة أهل البيت حيث أمرونا بتفسير القرآن ببعضه” فكان تفسيراً تحليلياً تربوياً لم توجد فيه المعْمعات الجدليّة، ولا الخُرافات الإسرائيلية، مُعتمداً على شرْح الآيات وذِكْر مقاصدها العالية وأهدافها السامية، ومُعالجة أدواء المُجتمع مُعالجة ناجعة موفقة..)!! وهو مدحٌ على نفس النَسَق الذي مدح به كتاب سيّد قطب (في ظلال القرآن)!

  • ويقول وهو يتحدّث عن تفسير(مِن وحي القرآن) للسيّد محمّد حسين فضل الله: (تفسير تربويٌ اجتماعيٌ شامل، ويُعدّ مِن أروع التفاسير الجامعة النابعة مِن روحٍ حركيّة نابضة بالحيويّة الإسلامية العريقة. انطلق فيه المؤلف هو السيّد محمّد حسين فضل الله مِن ألمع علماء الإسلام في القطر الّلبناني يعمل في إحياء الجوّ القرآني في كلّ مجالات الحياة المادية والمعنويّة نظير ما صنعه سيّد قطب في تفسيره (في ظلال القرآن) مُضيفاً عليه تعاليم صادرة عن أهل البيت في تربية الجيل المسلم، ومتناسباً مع كلّ دور مِن أدوار الزمان..) صار مِن أروع التفاسير بنظر السيّد محمّد هادي معرفة لأنّه نُسخة مشوّهة مِن تفسير سيّد قطب (في ظلال القرآن)، وكلّ هذا المدح لهذا الكتاب لأنّه صار نظيراً لتفسير سيّد قطب!! أيضاً يقول في كتابه: (وقد رجّح الشهيد الصدر هذا الّلون الثاني، الذي هو محاولة لفَهْم وصْفة القرآن بشأن مُعالجة أدواء هي حاضرة الحياة..)

  • ● ثُمّ ينقل كلام السيّد محمّد باقر الصدر الذي جاء فيه: (قال الإمام أمير المؤمنين وهو يتحدّث عن القرآن الكريم :”ذلكَ القرآن فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن أُخبركم عنه؛ ألا إنّ فيه علْم ما يأتي والحديث عن الماضي، ودواء دائكم ونظم ما بينكم”. التعبير بالاستنطاق الذي جاء في كلام ابن القرآن، أروع تعبير عن عملية التفسير الموضوعي بوصفها حواراً مع القرآن الكريم، وطرْحاً للمشاكل الموضوعية عليه بقصد الحصول على الإجابة القرآنية عليها) ولكنّ سيّد الأوصياء صلوات الله عليه يقول عن القرآن (ولن ينطق)! فكيف سيُحضر لنا السيّد محمّد باقر الصدر دواء دائنا مِنه؟! لابُدّ أن يذهب إلى أمير المؤمنين حتّى يُحضر الدواء فالدواء عند عليّ.

  • وقفة عند ما يقوله الشيّخ محمّد هادي معرفة عن كتاب [تفسير البرهان] الذي لا يشتمل إلّا على أحاديث أهل البيت عليهم السلام في تفسير القرآن، يقول: (وفي تفسيره هذا يعتمد كتباً لا اعتبار بها أمثال: التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري.. والتفسير المنسوب إلى عليّ بن ابراهيم ابن هاشم القمّي.. وكتاب (الاحتجاج) المنسوب إلى الطبرسي ولم يُعرف لحدّ الآن، وكتاب (سليم بن قيس الهلالي) المدسوس فيه، وغير ذلك مِن كُتب لا اعتبار فيها، فضلاً عن ضَعْف الإسناد أو الإرسال في أكثر الأحاديث التي ينقلها مِن هذه الكتب..)!! يعني كتاب سيّد قطب الناصبي البغيض وكُتب الذين قلّدوه في منهجيّته مِن علماء الشيعة هي مِن أفضل وأروع التفاسير، بينما الكتب التي تشتمل فقط على أحاديث أهل البيت عليهم السلام هي كتبٌ لا اعتبار فيها!! أيُّ منطقٍ هذا؟!

  • علماً أنّ هذا الرأي الذي ذكره في كتابه بشأن [تفسير البرهان] هو رأي جميع المراجع الأحياء والأموات!! (ربّما يُخالف البعض هذا الرأي، وهذا الذي يُخالف يُعدّ شاذاً في نظر المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية)!

  • لو لم يُشجّع العلماء والمراجع على قراءة كتب سيّد قطب لَما انتشرتْ هذا الانتشار في الوسط الشيعي! المُشكلة أنّهم يُشجّعون على قراءة هذه الكتب، ويعتمدون منهجيّتها، ويمتدحونها امتداحاً كبيراً!!

  • وقفة عند كتاب [مشاهد القيامة في القرآن] لسيّد قطب.

  • ● وقفة لما كتب سيّد قطب في الإهداء: (إلى روحك يا أبي أتوجه بهذا العمل..)! هو لا يتوجّه إلى أهل البيت، ويطعن في أهل البيت، ويطمس ذكر أهل البيت طمساً خبيثاً إلى أبعد الحدود، ويُسيء إلى أمير المؤمنين.. ولكنّه في هذا العمل يتوجّه إلى روح أبيه!! سيّد قطب يحكم بالجاهلية والشرك على الجميع، ولكن حين يصل الأمر إليه يتوجّه إلى روح أبيه ولا يرى في فعله أيّ إشكال أو شرك!!
  • ● أيضاً في آخر الكتاب يُعيد فيُكرّر هذه القضيّة، فيقول: (..فإلى روحك يا أبي أتوجه بهذا العمل، ولعلّه عندك مقبول، وعند الله مستجاب.. ابنك سيّد)
  • ● أمّا في الخاتمة فيقول وهو يتحدّث عن مراجعه ومصادره في كتابه: (كان مرجعي الأوّل في هذا الكتاب هو المُصحف الشّريف، وقد اعتمدتُ على فهمي الخاص لأسلوب القرآن الكريم وطريقته في التّعبير، وإن كنتُ قرأتُ كثيراً مِن التّفاسير لأعرف ماذا يقال، ولكنّني لا أستطيع أن أثْبتها هنا؛ لأنّها لم تكن مراجع لي في الحقيقة)!! هذا تفسير بالرأي بنحو مُطلق من ناصبي!! التفسير بالرأي مِن الشيعي إذا كان موافقاً للحقّ لا يُؤجر عليه.. فما بالك إذا كان التفسير بالرأي للقرآن جاء مِن ألعن ناصبي في التأريخ، ماذا سيُخرج إلينا؟!
  • ● وفي كيفية ترتيبه لسُوَر القرآن يقول سيّد قطب: (واستعنتُ في ترتيب السُوَر وبيان الآيات المكيّة والمدنيّة بتحقيقات المُصحف الأميري وبما ورد في بعض كُتب التفسير وبخاصّة: البيضاوي، وأبي السعود، والزمخشري والرازي.. وبترجيح الخاص في النادر)!! يعني حتّى المكّي والمدني يتدخّل في تشخيصه وتحديده!! مُفسّر من هذا الطراز ماذا تتوقّع أن يُقدّم لك في هذا الكتاب؟!

  • وقفة عند صورتين من كتاب [مشاهد القيامة في القرآن] لسيّد قطب.

  • الصورة 1: الحديث في سورة الأعراف.. يقول: (ثمّ يتوجه النظر إلى جانب مِن الساحة – ساحة العرض الفسيحة – فإذا مشهدٌ آخر، مشهد (الأعراف) الفاصلة بين الجنّة النار، وكأنّما هي نقطة مرور يُفرَز فيها أهل الجنّة وأهل النار، ويُوجّه كلٌ إلى مُستقره هنا أو هناك، وعليها رجال يعرفون هؤلاء وهؤلاء بسيماهم، فيوجّهونهم إلى حيث هم ذاهبون، يشيعون كلاً منهم بما يستحق مِن تحقير أو تكريم)!! فلا توجد إشارة مِن قريب أو مِن بعيد للرجال الموجودين على الأعراف! فلا أدري لماذا علماؤنا ومراجعنا يركضون وراء هذا الكلام الموجز المُختصر؟!

  • وقفة عند بيان معنى الأعراف في قوله تعالى في حديث سيّد الأوصياء مع ابن الكوّا (رجل خارجي ناصبي)، والرواية في [الكافي الشريف :ج1] في باب معرفة الإمام والردّ إليه.

  • ● يقول الإمام الصادق عليه السلام: (جاء ابنُ الكواء إلى أمير المؤمنين، فقال: يا أمير المؤمنين {وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كُلّاً بسيماهم}؟ فقال نحنُ على الأعراف، نعرفُ أنصارنا بسيماهم، ونحنُ الأعراف الذي لا يُعرَف الله عزّ وجلّ إلّا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف يُعرّفنا الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنّة إلّا مَن عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلّا مَن أنكرنا وأنكرناه. إنّ الله تبارك وتعالى لو شاء لعرّف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمَن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا فإنّهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء مَن اعتصم الناس به، ولا سواء حيثُ ذهب الناس إلى عيون كدرة يُفرغ بعضها في بعض، وذهب مَن ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع).
    أنا أسألكم: كتاب [في ظلال القرآن] هل هو مِن العيون الصافية أم مِن العيون الكدرة؟! – مشاهد القيامة في القرآن من العيون الصافية أم من العيون الكدرة؟!
  • الصورة 2: من كتاب [مشاهد القيامة] من سورة الدهر.. يقول سيّد قطب: (وفي أثناء السياق يأتي ذكر عباد الله الذين يشربون مِن هذه الكأس، فيستطرد السياق في تعداد أوصافهم فهم قومٌ يُطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتماً وأسيرا، وهم قوم يفعلون الخير لوجه الله لا يريدون مِن الناس جزاءً ولا شكوراً، وهم قوم يخافون الله ويخشون يوماً عبوساً قمطريرا، هو ذلك اليوم الذي نحن فيه، ولقد وقاهم الله شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسروراً وجنّة وحريرا)!!

  • السبب في وقوفي عند كتاب [مشاهد القيامة في القرآن] هو أنّه مِن الكتب التي يُؤكّد عليها دُعاة في حزب الدعوة الإسلامية، وهو مِن الكتب التي تُؤكّد عليها المرجعية الشيرازية!

  • عرض نماذج وأمثلة ممّا يقوله علماؤنا وخُطباؤنا لعمل مُقارنة بين ما يقوله سيّد قطب وبين ما يقوله علماؤنا وخطباؤنا وبين ما يقوله آل محمّد عليهم السلام!

  • مقطع 1: تسجيل للسيّد محمّد الشيرازي يُؤكّد فيه على الذين يستمعون إلى حديثه وعلى مُقلّديه وعلى طَلَبتهِ وعلى أتباعه وعلى الذين يُوافقونه في الذوق والرأي والهوى أن يقرؤوا هذا الكتاب أكثر مِن مرّة وأن يستلهموا ما يستلهموا من هذا الكتاب بغضّ النظر عن مؤلّفه!! أقول:
  • — أولاً: كتاب [مشاهد القيامة في القرآن] يبتني على تفسير القرآن بالرأي (وليس أيّ رأي وإنّما الرأي الناصبي)! أضف أنّ سيّد قطب لم يكن عالماً حتّى مِن علماء الدين السنّي، وإنّما كان أديباً شاعراً ناقداً، وبعد ذلك التحق بالركب الديني السنّي! فأين وجه الجمال الذي يراه فيه المرجع السيّد محمّد الشيرازي؟!
  • — ثانياً: هذا الكتاب مبني على إخفاء ذكر محمّد وآل محمّد بشكل واضح مِن بداية الكتاب إلى نهايته!
  • — ثالثاً: هذا الكتاب مبني على عدم وجود عقيدة الإمامة، فهو يُفرّغ محتوى القيامة مِن معنى الإمامة!! مع أنّه في عقيدة أهل البيت لا يُمكن أن نتصوّر القيامة بتصوّر صحيح مِن دون وجود الإمام المعصوم.. فكلّ أمّة محشورة بكلّ شؤونها ترتبط بإمام زمانها، فلا نستطيع أن نتصوّر مواقف القيامة – بحسب عقيدة أهل البيت – مِن دون الأئمة.. عقيدتنا أنّ الأئمة يحضرون عند الموتى، فكيف لا يحضرون في عرصات القيامة؟! (وهذا الكتاب يُغيّب هذه الحقيقة مِن أوّله إلى آخره).
  • — رابعاً: أنّ أساس ديننا وعقيدتنا في النجاة في يوم القيامة هو (الشفاعة) وهذا الكتاب لا شأن له بالشفاعة! ثُمّ إنّنا نعتقد أنّ عمل الإنسان مِن دون ولاية عليّ ليس نافعاً، وإلى هذا يُشير قول إمامنا السجاد عليه السلام (الله الله في دينكم فإنّ السيّئة فيه خيرٌ مِن الحسنة في غيره). (فهذا الكتاب مبني على رفض كلّ هذه الحقائق: فلا إمامة، ولا شفاعة، وأساس النجاة فيه هو عمل الإنسان! مع أنّ أحاديث أهل البيت عليهم السلام تُخبرنا أنّ الجميع بحاجة إلى شفاعة نبيّنا صلّى الله عليه وآله حتّى الأنبياء)! فهذا الكتاب [مشاهد القيامة] كتاب شيطاني لأنّه يُرسّخ فكرة بعيدة عن آل محمّد عليهم السلام! مشاهد القيامة عند آل محمّد هي المشاهد الحقيقية، فلماذا نذهب إلى سيّد قطب؟!
  • ● السيّد الشيرازي يُوصي بقراءة هذا الكتاب (مرّة ومرّة ومرّة)!! هذا التكرار لقراءة الكتاب سيُفرغ القلوب مِن العقيدة الحقّة! ففي كلّ مرّة يُقرأ فيها هذا الكتاب سوف يُبعد القارئ فيه أميال وأميال عن آل محمّد عليهم السلام!
  • ● ثُمّ إنّ هذا الإصرار (مِن بعض الفضائيات مثل: قناة المعارف وغيرها) هذا الإصرار منهم على أنّ الدين هو التوبة هو الذكر هو الصلاة هو الصيام هو قراءة الدعاء.. هذا ليس دين، هذه الأمور هي مِن شؤونات الدين.. الدين هو الإمام المعصوم عليه السلام فقط. أمّا أن يتحوّل الدين إلى طقوس فهذا دين النواصب الذين فرّغوا الدين مِن محمّد وآل محمّد وجعلوا الدين أذكار وطقوس!
  • ● التعامل مع الموت ومع البرزخ ومع القيامة بعيداً عن آل محمّد (هذا هو الفكر الناصبي)، فإنّ أهل البيت عليهم السلام وضعوا لنا أُسُساً: كيف نتصوّر الموت؟ وكيف نتصوّر البرزخ؟ وكيف نتصوّر القيامة؟ وكيف نتعامل معهم ونتواصل معهم في هذا العالم كي نستطيع أن نتواصل معهم في تلك العوالم.
  • ● التواصل مع آل محمّد في هذا العالم له طُرق: هناك طرق صحيحة أراد الأئمة منّا أن نسلكها، حتّى نستطيع أن نتواصل معهم بفرحٍ وسعادة وعفوٍ وشفاعة في تلك العوالم، وهناك طرق سيئة ومنها هذا الانكفاء على الفكر المُنحرف عن آل محمّد!
  • ● في منطق أهل البيت عليهم السلام لا يُوجد انفكاك بين [الكتاب والعترة] هذا هو مضمون حديث الثقلين.. في حين أنّ كتاب [مشاهد القيامة] وكتاب [في ظلال القرآن] فيها عملية انفكاك واضحة بين الكتاب والعترة!! فهذه الكُتب قد أُلّفت وفقاً للذوق العُمري، وسيّد قطب هو بنفسه يُصرّح بذلك في نهاية الكتاب حين يقول: (كان مرجعي الأوّل في هذا الكتاب هو المُصحف الشّريف، وقد اعتمدتُ على فهمي الخاص لأسلوب القرآن الكريم وطريقته في التّعبير)! فهو تفسير بالرأي الناصبي!
  • ● أمير المؤمنين عليه السلام حين يقول (انظر إلى ما قال ولا تنظر إلى مَن قال) فهو لا يتحدّث عن المعارف الدينية والعقائد وعن فهم القرآن وعن تفسير القرآن، فهذا الكلام ليس منطقياً، لأنّ القرآن بنفسه يقول: (وما يعلم تأويله إلّا الله والراسخون في العلم) فكيف نطلب معرفة القرآن مِن غير الراسخين في العلم؟!
  • مقطع 2: تسجيل صوتي للمرجع السيّد محمّد الشيرازي يتحدّث فيه عن عقيدته وعن فكرته وعن تصوّره وعن فهمه لمعنى الصلاة على محمّد وآل محمّد وإن كان ذلك بنحو مُجمل.
  • مقطع 3: فيديو لأحد الخطباء المعروفين الذين تُأيّدهم المرجعية النجفية بقوّة، وتؤيّده الفضائيات والجوّ الشيعي بشكل عام، وهو الشيخ حبيب الكاظمي يتحدّث في المقطع عن (الصلاة على محمّد وآل محمّد على نفس هذه النغمة التي تحدّث بها السيّد الشيرازي). السيّد محمّد الشيرازي والشيخ حبيب الكاظمي يقولون أنّ صاتنا على النبي تُؤثّر في رفع درجته! (فنحن – بحسب هذا القول نكون شُفعاء لرسول الله في رفع درجته – لا أنّ رسول الله هو الشفيع!) وهذا المنطق ليس خاصّاً بالسيّد الشيرازي، وإنّما هو منطق المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية!

  • وقفة عند ما يقوله سيّد قطب في كتابه [في ظلال القرآن : ج5] وهو يتحدّث في ذيل الآية {صلّوا عليه وسلّموا تسليما} بعد أن يتحدّث عن صلاة الله وملائكته، يقول: (وأين تذهب صلاة البشر وتسليمهم – يعني ما قيمتها – بعد صلاة الله العلي وتسليمه، وصلاة الملائكة في الملأ الأعلى وتسليمهم، إنّما يشاء الله تشريف المؤمنين بأن يقرن صلاتهم إلى صلاته وتسليمهم إلى تسليمه، وأن يصلهم عن هذا الطريق بالأُفق العُلوي الكريم الأزلي القديم..) فسيّد قطب يقول أنّ هذه الصلاة على النبي مِن البشر هي تشريف للمؤمنين ورفعٌ لدرجاتهم حين يصلهم بالأُفق العُلوي الكريم.. فهي ليستْ تشريف لرسول الله كما يقول السيّد المرجع الشيرازي والشيخ حبيب الكاظمي!

  • ● وقفة عند ما تقول الزيارة الجامعة الكبيرة لنرى مَن الأقرب هنا إلى منطق أهل البيت عليهم السلام (سيّد قطب أم علماؤنا وخطباؤنا)؟! في الزيارة الجامعة نقرأ: (وجعل صلواتنا عليكم، وما خصّنا به مِن ولايتكم، طِيباً لخلْقنا وطهارة لأنفسنا، وتزكية لنا، وكفّارة لذُنوبنا، فكنّا عنده مُسلّمين بفضلكم، ومعروفين بتصديقنا إيّاكم). هذه هي آثار الصلاة على محمّد وآل محمّد، ولا تقف هذه الآثار عند هذا الحدّ، فعطاء محمّد وآل محمّد لا حدود له.. أمّا مضمون هذه الصلاة ومعناه فإنّي لا أعرفه، ولا يوجد أحد يعرف هذا المضمون.. وقول القائلين أنّ صلاة المؤمنين على النبي وآله ترفع درجة النبي وآله هذه ترّهات من القول.. إذا أردتم الصلاة على محمّد وآل محمّد صلّوا بهذه النيّة وقولوا (الّلهم صلّ على محمّد وآل محمّد كما أنتَ أهله أن تُصلّي عليهم، وكما هم أهلٌ أن يُصلّي الله عليهم كما هو أهله).
  • ● ما قاله سيّد قطب في كتابه الناصبي الضال بشأن الصلاة على النبي هو أفضل مليون مرّة ممّا قاله السيّد محمّد الشيرازي، الشيخ حبيب الكاظمي!
  • ● هذا المعنى للصلاة على محمّد وآل محمّد الذي ذكره المرجع السيّد محمّد الشيرازي وكذلك الشيخ حبيب الكاظمي هو صلاة بتراء!! فالصلاة البتراء تارة تكون ببتر محمّد عن آل محمّد فتقول (الّلهم صلّ على محمّد) وتبتُر! وتارة تكون الصلاة البتراء ببتر معانيها، وهذه أخطر! حينما تبتر المضمون والمعنى، وهذه مِن تطبيقات المنهج الأبتر!
  • مقطع 4: تسجيل للمرجع السيّد محمّد الشيرازي يقول فيه أنّ النبي صلّى الله عليه وآله يتصاعد ويرتقي في الدرجات والمراتب! ونحن نؤثّر في تصاعده في الدرجات بصلاتنا عليه! الزيارة الجامعة الكبيرة تتحدّث عن النبي وآله فتقول (آتاكم الله ما لم يُؤتِ أحداً مِن العالمين، طأطأ كلّ شريفٍ لشرفكم) يعني عطاء مُطلق إلى المالانهايات.. إلى أن تقول الزيارة: (وذلّ كلّ شيء لكم) فكيف يكون كلّ شيء قد ذلّ لهم وهم يتصاعدون في درجاتهم، ونحن نؤثّر في رفع درجاتهم!!!

  • الحديث في ملامح المنهج الأبتر لم ينتهِ بعد (وقفة أعرض فيها مثالين للمنهج الأبتر أحدهما من الجوّ الكربلائي، والآخر مِن الجوّ النجفي)

  • — المثال 1: وقفة عند أحمد الكاتب! وهو من قادة منظّمة العمل الإسلامي. أحمد الكاتب هو نتاج طبيعي للمنهجية القطبية التي عبثتْ في النجف وعبثتْ في كربلاء، ونتاج للمنهجية الحوزوية التي هي شافعية مُضمّخة بالفكر المُعتزلي.

  • (عرض صور مِن مذكرات أحمد الكاتب تُمثّل هذه الصور مِصداق واضح وصريح جدّاً مِن تطبيقات المنهج الأبتر بشكل صادق).. وللحديث بقية في حلقة يوم غد!

  • ● يقول في مُذكّراته وهو يتحدّث عن حالته العقائدية في أيّام صِباه وأيّام شبابه الأولى في أجواء كربلاء وفي أجواء أسرته وعائلته والوضع العقائدي في البيئة والأسرة التي عاش فيها، يقول: (وإذا كان الإمام الحسين قد قُتِل قبل حوالي أربعة عشر قرناً، فإنَّ ثمّة معركةٍ قادمة وإمامٍ منتظر هو الإمام الثاني عشر الغائب “مُحمَّد بن الحسن العسكري” الذي كانتْ أُمّي تُعدّني لأن أكون جنديّاً في صفوفهِ، وواحداً مِن أنصارهِ الثلاثمائة والثلاثة عشر المُخلصين، الذين يشكّلون شرطاً لظهوره، وكانت تقول لي أيضاً بأنَّ عليّ أن ألتزمَ بأرفع الأخلاق والآداب حتّى أكونَ واحداً مِن أُولئكَ الأنصار وأحظى بشرف الّلقاء بالإمام المهدي الذي سوف يظهر قريباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئتْ ظُلماً وجورا. كانت والدتي تحكي لي قصصاً عن لقاء الإمام المهدي بالشيعة المُخلصين مِن ذوي الأخلاق العالية والالتزام الديني الدقيق..) هو يقول بعد ذلك أنّه أقنع أمّه على عدم الإيمان بالإمام المهدي! والغريب أنّه يُهدي بعض كتبه التي يُنكر فيها وجود الإمام الحجّة إلى أبويه!
  • ● أحمد الكاتب دخل في الحوزة مِن البدايات وصار مِن قادة العمل الإسلامي، واشتغل في أجواء الإعلام ودرّس في المدارس الحوزوية، ومرّ بتجارب، والنتيجة التي وصل إليها هي: أنّه أنكر وجود الإمام الحجّة صلوات الله عليه، فهو لا يعتقد بولادة الإمام وأنّ الإمام الحسن العسكري خرج مِن الدنيا ولم يترك ولداً بعده، وألّف في ذلك الكُتب!!!

  • قراءة جانب من مُذكرات أحمد الكاتب التي يتحدّث فيها عن هذا الموضوع (عن عقيدته الجديدة في عدم الايمان بوجود الحجّة بن الحسن) يقول: (أوّل مَن حدَّثتُه عن الموضع كان والدي العزيز (رحمه الله) الذي تجاوب معي تماماً وكأنّه ينتظر ما أقول، أمّا والدتي فقد امتعضتْ كثيراً وحزنتْ وتأسّفتْ على أن يكون ثمرة حياتها تأتي بهذه النتيجة وهي إنكار نظرية الإمامة لأهل البيت، ونفي وجود الامام الثاني عشر. ولكنّها بعد فترة وبعد حوار طويل معي ومع والدي، قبلتْ بالفِكْرة بعد أن تفهمتها جيّداً. لقد كانت امرأة مؤمنة جدّاً ومُحبّة لأهل البيت ومثقفة بالثقافة التقليدية، وقد ربّتني هي على الإيمان بوجود الإمام المهدي وانتظاره، ولكنّها لم تكن إنسانة متعصّبة أو مُتحجرة، وأصبح والديّ كلاهما مِن أشدّ المُدافعين عن أفكاري والمُبشّرين بها بين الأهل والأقارب والأصدقاء.

  • وتحمّلا مِن أجل ذلك كثيراً مِن المُعاناة والمقاطعة والأذى. أبرز مَن ذهبتُ إليه للحوار معه، كان مُؤسّس الحركة المرجعية المرجع السيّد مُحمّد الشيرازي – والحركة المرجعية هي بداية تنظيم مُنظّمة العمل الإسلامي -، وكان – أي المرجع الشيرازي – قد سمِع بعض الشيء عنّي – أي عن عقيدته الجديدة -، فطرح أثناء زيارته في مكتبه في قم موضوع المصير البائس الذي يتعرّض لهُ مَن يُنكر حقوق أهل البيت، وضرب لذلك مثلاً بالشيخ المُنتظري الذي أنكر حقّ السيّدة فاطمة الزهراء في (فدك) فأصابَهُ ما أصابه مِن العَزْل والحصار والضغط، وفهمتُ ما كان يقصد، فقلتُ له: إنّ موضوع فدك بسيط جداً وهامشي ولا يستحقُّ التوقف كثيراً، وهناك قضايا أساسيّة تمسُّ جوهر العقيدة الشيعية مثل موضوع وجود الإمام الثاني عشر، فقال: إذا تريد أن تعمل في الساحة عليك أن تتجنّب الخوض في هكذا مواضيع. وقلتُ له: ليس مُهمّاً العمل أو عدم العمل، المُهم التحقّق مِن عقيدتنا ومعرفة الحق مِن الباطل. وتجرّأتُ فسألته فيما إذا كان قد بحث موضوع الإمام المهدي بصورة مُفصّلة اجتهادية؟ فاعترف بصراحة أذهلتني قائلاً: لا .
  • وكان مِن المُفترض بهِ كمُجتهد ومرجع قبل أن يبحث في القضايا الفقهية الفرعيّة أن يبحثَ ويجتهد في أساس العقيدة الشيعية الإمامية الإثني عشرية التي يبني عليها بقيّة الأمور، وسألته سؤالاً آخر: هل قرأتَ حول الموضوع؟
  • قال: نعم. ولم تكنْ أمامنا فُرصة للحوار، فقلتُ له: إذن سوف أبعثُ لك بدراستي – وهي الدراسة التي طبعها بعد ذلك في كتاب تحت عنوان “تطوّر الفِكْر السياسي الشيعي مِن الشورى إلى ولاية الفقيه” – لكي تُلقي عليها نظرة وتُعطيني رأيك حول الموضوع.
  • الشخص الثالث المُهم الذي قرَّرتُ مفاتحته في طهران، كان هو أستاذي السيّد مُحمّد تقي المُدرّسي، زعيم مُنظّمة العمل الإسلامي ومُؤسس الحوزة القائمية – مدرسة كانت في طهران كان يُدّرس فيها أحمد الكاتب -، والكاتب والباحث والمفكّر الإسلامي الكبير، ولكنّه كان يومها في نهاية عام 1990 منهمكاً في متابعة ذُيول اجتياح صدّام للكويت، واستطعتُ أن آخذ ساعة واحدة مِن وقته وأحدثه بالتفصيل عن خلاصة دراستي، وطلبتُ منه أن يشرح لي كيف يُؤمن بوجود الإمام المهدي، وأن يُقدّم لي أيّة أدلّة يملكُها، ولم اطّلع عليها حول الموضوع. فقال لي: بأنّ هذا الموضوع مِن أمور الغَيب. قلتُ له: نحن المسلمين نُؤمن بالغَيب كالملائكة والجن والجنّة والنار لأنّا نُؤمن بالقرآن الكريم، ولا يُمكن أن نقبل بأيّ أمْر آخر لا يُوجد في القرآن، ولم يثبتْ مِن خلال السنّة ولا مِن أحاديث أهل البيت، وإذا كان مشايخ الشيعة يقولون إنّ الإيمان بوجود ولد للإمام العسكري هو افتراض فلسفي لا دليل عليه، فكيف يُمكن اعتبار ذلك مِن أُمور الغيب؟ قال لي – أي السيّد تقي المُدرّس – وهو ينظر إلى ساعته: أرجو أن تُرجئ الكتابة حول الموضوع حتّى تبذلَ مزيداً مِن الوقت في البحث والتمحيص، ولا تستعجل، ثمّ اكتبْ بحثك وقدّمه لي مكتوباً حتّى أستطيع مُناقشته. قلتُ له: عظيم.. وهذا ما أُدركه أنا جيّداً، فإنّ موضوعاً مُهمّاً وخطيراً كموضوع وجود الإمام الثاني عشر ليس أمراً سهْلاً يُمكن التلاعب به، وأعدكَ بأنّي لن أنشره إلّا بعد استكمال بحثي لسنة أخرى. وهكذا وعدتُ عدداً صغيراً آخر مِن أصدقائي وإخواني، ولم أنسَ المُحافظة على السريّة المُطلقة وحصْر البحث حول الموضوع في أضيق دائرة مِن الإخوان المؤتمنين.
  • أكملتُ كتابة المُسوَّدة الأولى مِن الكتاب في نهاية عام 1992 وأرسلتُها إلى المُدرّسي كما وعدته، وقُمتُ بكتابة رسائل إلى حوالي ثلاثمائة إلى أربعمائة عالم ومُفكّر مِن عُلماء الشيعة وقياداتهم أعرضُ عليهم خُلاصة ما توصّلتُ إليه مِن عدم صحّة نظرية الإمامة وعدم وجود الإمام الثاني عشر (محمّد بن الحسن العسكري)، واطلبْ منهم الاطلاع على مُسودَّة كتابي ومناقشته، وتقديم ما لديهم مِن أدلّة وبراهين قد لم اطّلع عليها. أعلنتُ للجميع استعدادي للتراجع عن النتائج التي توصّلتُ إليها فيما إذا حصلتُ على أيّ دليل مُقنع، وقلتُ للكثير منْهم بأنّي على استعداد لعمل حفلة وإحراق كتابي إذا ما اكتشفتُ أيّ دليل مخفيّ عنّي، وأيقنتُ بصحّة النظرية الإمامية وصحّة وجود الإمام الثاني عشر. ووجّهتُ رسالة مفتوحة إلى الحوزة العلمية في قم بعقد ندوة علمية لمُناقشة هذا الموضوع، واستعدادي للمشاركة فيها. ولم أتلقَ بالطبع أيّ جواب. وبعد فترة مِن المناقشة والحوار لمدّة خمس سنوات قُمتُ بطبع الكتاب سنة 1997 في لندن، فصدرتْ منذ ذلك الحين عشرات الكتب التي تُحاول إثبات ولادة (الإمام مُحمّد الحسن العسكري) ووجوده، وقد قُمتُ بمراجعتها والردّ على أهمّها في كتاب خاص تحت عنوان (حوارات أحمد الكاتب مع العلماء والمراجع والمُفكّرين حول وجود الإمام الثاني عشر مُحمّد بن الحسن العسكري) وطبعته سنة 2007 وقلتُ في ذلك الكتاب بأنّ معظم الردود يُؤكّد ما وصلتُ إليه مِن أنّ موضوع (الإمام الثاني عشر) ما هو إلّا افتراض فلسفي وهمي أكثر منه حقيقة تاريخية، وإنّ أغلب الردود تُحاول إثباتَ وجوده عن طريق الاستدلال النظري أو ما يُسمّى بالدليل العقلي، وتفتقر إلى الأدلّة العلمية التاريخية).
  • ● قول أحمد الكاتب عن روايات ولادة الإمام الحجّة أنّها (تفتقر إلى الأدلّة العلمية التاريخية) يعني أنّها ضعيفة السند بحسب قذارات علم الرجال، وهذه نتيجة طبيعة.
  • ●الشي الذي أقوله لكم:
  • — أولاً: أنّ أحمد الكاتب وليدٌ شرعي مِن المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية.
  • — ثانياً: كان الرجل صادقاً مع نفسه في تطبيق منهج المؤسسة على هذهِ المسألة العقائدية، وأيّ واحد يُريد تطبيق المنهج الحوزوي على هذه المسألة سيصل إلى نفس النتيجة التي وصل إليها أحمد الكاتب!
  • ● المُشكلة ليستْ في أحمد الكاتب، المُشكلة في المنهج، وهذا المنهج هو منهج الحوزة بعينه، وهذا ما سيأتي عنه في حلقة يوم غد (إنّه المنهج الأبتر)! المنهج الأبتر الموجود في المؤسسة الدينية جاء أحمد الكاتب فطبّقه بصدق فوصل إلى هذه النتيجة، وراح غائصاً في عالم الضلال!! (سأتحدّث عن هذه المُشكلة، وعن هذه الحقيقة، وعن هذا المنهج الأبتر في حلقة يوم غد!)

تحقَق أيضاً

أسئلةٌ وشيءٌ من أجوبة … – الحلقة ٤٩ والأخيرة

يازهراء …