الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٢٩ – لبّيك يا فاطمة ج٤٦ – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق١٣ – ضعف البراءة ج٧

صور

فيديو

 

 

يوتيوب

 

 
 

اوديو

 

 

مطبوع

 

 

ملخـّص الحلقة

تاريخ البث : يوم السبت 8 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 10 / 9 / 2016م

  • لازال الحديث في ملامح المنهج الأبتر الذي يتحرّك في الوسط الشيعي، وخصوصاً في وسط المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية.

  • 1- الصنمية المقيتة الشديدة.
  • 2- إنعدام البراءة الفكرية في الواقع الشيعي (وأعني بالبراءة الفكرية أن يكون المنهج بريء مِن كلّ رائحة ومِن كلّ أثر ناصبي) هذه هي البراءة التي يُريدها أهل البيت. تشعّب الحديث في مظاهر التكوين القطبي الّلعين، وتحدّثتُ عن وجوه هذا التكوين وآثاره في النجف وعن وجوهه وتكوينه في كربلاء، وتهادى الحديث شيئاً فشيئاً حتّى وصل الحديث إلى أحمد الكاتب (وهو تطبيق واضح جدّاً مِن تطبيقات المنهج الأبتر) وقد قرأتُ عليكم شيئاً مِن مُذكراته.
  • ● فهو كربلائي مِن عائلة شيعية في جوّ التديّن – كما يقول هو في مُذكّراته أنّ أمّه كانت تُحدّثه كثيراً عن الحجّة بن الحسن! – نشأ أحمد الكاتب في أحضان المرجعية الشيرازية، وترقّى في التنظيم الديني لهذه للمرجعية حتّى صار مِن قادة مُنظّمة العمل الإسلامي!

  • (قراءة نصّ الوكالة التي الشرعية الدينية التي كتبها المرجع السيّد محمّد الشيرازي لأحمد الكاتب). وهذه الوكالة نالها أحمد الكاتب مِن السيّد الشيرازي في الثمانينات كما كتب في مُذكّراته. واضح مِن هذه الوكالة ومِن تأريخ الرجل ونشاطه الديني والسياسي أنّ الرجل لم يكن قد خرج عن الجوّ التقليدي الذي عليه المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية.

  • ● صحيح أنّ أحمد الكاتب أنكر وجود الإمام الحجّة، ولكنّه لايزال يُفكّر ويناقش بنفس الطريقة التي تُفكّر بها المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية، فهو إلى هذه الّلحظة لم ينزع ثوب المؤسسة الدينية الشيعية، وهذا واضح مِن كتبه ومِن أحاديثه.. وأنا في هذا البرنامج لا أُناقش أحمد الكاتب لأنّني بحسب ما تقول المؤسسة الدينية أقف في نهاية خطّ الغلو! وأحمد الكاتب يقف في نقطة هي ما وراء النصب، فلا يُوجد أي نقطة التقاء بيننا حتّى نبدأ النقاش، فأنا أرفض كلّ مفرداته التي يستعملها في نقض عقيدة آل محمّد جملةً وتفصيلاً، ومُفرداته هذه هي مفردات علمائنا ومراجعنا !! لذلك أنا هنا لا أناقشه في هذه الحلقات.
  • ● قد يقول قائل: إذا كان الأمر كذلك فلماذا تطرح قضيّة أحمد الكاتب على طاولة البحث؟!
  • وأجيب: أنّني أطرح قضيّة أحمد الكاتب لأمرين:
  • — الأوّل: أنّني أجد أنّ أحمد الكاتب مثالاً جليّاً وتطبيقاً واضحاً تتجلّى فيه ملامح المنهج الأبتر الذي أتحدّث عنه في هذه الحلقات.
  • — ثانياً: أريد أن أشرّح هذه الظاهرة (ظاهرة أحمد الكاتب) كي تتضح الفكرة التي أتحدّث عنها مِن أنّ المنهج الأبتر سيُهيّئ الأرضية في الوسط الشيعي للوقوف في وجه الإمام الحجّة! فها هو الإمام لم يظهر بعد، وهذا تطبيقٌ واضح وعملي ونتاج شرعي مِن داخل المؤسسة الدينية الشيعية!
  • ● هذه الأقوال التي تقول أنّ الوهابية والجهات الإستعمارية وراء أحمد الكاتب، هذه ترّهات وسخافات وأكاذيب المؤسسة الدينية على طول الخط! (إذا أردتم أن تعرفوا الحقيقة فإنّني سأعرض الحقيقة بين أيديكم، سأناقش القضيّة وأطرحها بشكل واضح وجلّي وأتناولها مِن عدّة أبعاد، هذا هو السبب في طرحي لقضيّة أحمد الكاتب، أريد أن أدرس هذا المثال وهذه الظاهرة كي أقرّب لكم فكرة أنّ المنهج الأبتر في طريقه لتهيئتكم للوقوف في وجه الإمام الحجّة! فروايات أهل البيت تُحدّثنا عن فقهاء وعلماء شيعة سيقفون في وجه الإمام الحجّة، وتحدّثنا عن الشيعة النجفيين بالذات (شيعة النجف والكوفة) يُجهّزون الجموع لقتل الإمام الحجّة! يفتحون الأبواب للسُفياني وتستقرّ قوّات السفياني في النجف، ثُمّ يخرجون مع السفياني لمنع دخول الإمام إلى النجف! فالروايات إذن تُحدّثنا أنّ الشيعة ستقف مع السُفياني في مُواجهة الإمام لحجّة وبالذات شيعة النجف وكربلاء! ولو فرضنا أنّ هذا السيناريو الذي تتحدّث عنه الروايات (سيناريو مشروط) فإنّ شروط هذا السيناريو هو أن يكون هناك منهج أبتر يتحرّك في الواقع الشيعي، هو الذي سيقود الشيعة إلى هذه النتيجة! وأحمد الكاتب تطبيق عملي واضح لهذا المنهج الأبتر الذي جمع بين الشافعية والقطبية! (هذا هو السبب الذي حداني لدراسة ظاهرة ومثال أحمد الكاتب!)

  • مُشكلة أحمد الكاتب أنّه صدَقَ مع نفسه ضِمن المنهج الذي تعلّمه.. هو تعلّم منهج داخل الحوزة، داخل الجوّ المرجعي، وداخل الأجواء الدينية والتنظيمات الإسلامية، وطبّق هذا المنهج الذي تعلّمه كما هو، وأيّ واحد منّا إذا آمن بهذا المنهج وصدّقه وأراد أن يُطبّقه كما هو على عقيدته ودينه فإنّه سيصل إلى نفس النتيجة التي وصل إليها أحمد الكاتب!

  • ● قد يقول قائل: فلماذا المراجع إذن لم يُطبّقوا هذا المنهج على عقيدتهم بالإمام الحجّة في كتبهم أو بالشكل الرسمي أو بالشكل العَلَني كما صنع أحمد الكاتب؟
  • وأقول: هم طبّقوا بالفعل هذا المنهج الأبتر على أحاديث ولادة الإمام الحجّة، فلا توجد عندنا – وفقاً لهذا المنهج أي رواية صحيحة عن ولادة الإمام الحجّة – ولكنّهم لا يُعلنون ذلك! وإذا رقّع البعض – بحسب المنهجيّة – كلاماً لتصحيح الأحاديث فهو أيضاً كلامٌ مدخول ويُناقش! علماً أنّ هذه النتائج التي وصلوا إليها (مِن نسف الروايات المُتعلّقة بولادة إمام زماننا ونسف ظلامة الصدّيقة الكبرى، ونسف أدعية أهل البيت وزياراتهم، ونسف الأحاديث التفسيرية للقرآن، وغيره) هذه النتائج هي شيء طبيعي لأنّ هذا المنهج الأبتر الذي تعمل به المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية في التعامل مع الروايات هو منهج ناصبي!
  • فلابدّ أن يقود المنهج الناصبي لمثل هذه النتائج! وأحمد الكاتب كان صادقاً مع نفسه في تطبيق هذا المنهج، فلا العَيب في صدقه مع نفسه، ولا العَيب في النتائج التي وصل إليها.. إنّما العَيب في المنهج الأبتر المعمول في المؤسسة الدينية! ولكن لا يوجد أحد يجرؤ فيُصرّح بهذه الحقيقة! فهم لا يُريدون أن يعترفوا بأنّ أحمد الكاتب قد طبّق نفس المنهج الذي هم يُطبّقونه لتحطيم حديث أهل البيت في تفسير القرآن، ولإنكار ظلامة الزهراء وإنكار مقاماتها الغَيبية، وإنكار مقامات آل محمّد الغَيبية وإنكار زياراتهم.. فأحمد الكاتب طبّق نفس هذه المنهجيّة التي يعملون بها في المؤسسة الدينية، طبّقها على ولادة إمام زماننا وشؤونه ووصل إلى هذه النتيجة!
  • ● ما يُشاع في الوسط الشيعي مِن أنّ هذا الطرح الذي جاء به أحمد الكاتب (بشأن إنكاره لوجود الإمام الحجّة) يقف وراءه السيّد محمّد الشيرازي كما يقول البعض، أو يقف وراءه السيّد محمّد تقي المُدرّسي كما يقول بذلك آخرون.. فهذا الكلام لا صحّة له أصلاً! إنّها أكاذيب ودعايات تصدر مِن المراجع في جوّ الصراع بينهم ! فالمؤسسة الدينية الشيعية الرسمية تستسهل الكذب والإفتراء والتسقيط في حقّ كلّ مَن يختلف معها في رأي! (فالسيّد محمّد الشيرازي لأنّه يختلف مع الجهة (ٍس)، والسيّد محمّد تقي المدرّسي لأنّه يختلف مع الجهة (ص) لذلك حين وجدوا ثغرة قال الذين يُريدون النكاية بالمرجع الشيرازي أنّه خلف هذه القضيّة، والذين يُريدون النكاية بالسيّد محمّد تقي المدرّسي قالوا بأنّه هو مَن يقف وراء هذا الطرح، وكلّ ذلك أكاذيب لا حقيقة لها! فالقضيّة خاصّة بشخص أحمد الكاتب فقط).

  • حين أقول أنّ أحمد الكاتب عمل بنفس منهجيّة المؤسسة الدينية في إنكاره لوجود الإمام الحجّة، باعتبار أنّ هذه المنهجيّة تنسف أحاديث ولادة الإمام الحجّة، فهذا لا يعني أنّي أقول أنّ علماءنا ومراجعنا يُنكرون وجود الإمام الحجّة.. ولكنّي على علم أنّ هناك في المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية أسماء كبيرة جدّاً تتهيأ للمرجعية في المرحلة القادمة هؤلاء يُنكرون ولادة الإمام الحجّة، ولكنّهم لا يُصرّحون بهذا وإنّما يذكرون ذلك في مجالسهم الخاصّة، لكن الأعمّ الأغلب في المؤسسة الدينية مع أنّهم يعلمون بأنّ أحاديث الولادة ضعيفة وليست صحيحة ولكنّهم يعتقدون بوجود الإمام الحجّة عليه السلام مِن خلال الموروث العقائدي (الوجداني).. أمّا الموروث العقائدي العلمي (يعني نصوص أحاديث ولادة الإمام الحجّة) فهذه النصوص – بحسب المنهجيّة المعمول بها في المؤسسة الدينية – نصوص غير معتبرة عندهم في ولادة الإمام الحجّة، وهم لا يقبلونها! وحينما يُريدون التنظير لهذه القضيّة فهم يُنظّرون لهذا الموضوع بشكل عقلي.. وهذا هو الذي قام به أحمد الكاتب فقال: أنّ الأدلّة التأريخية لا تُثبت ولادة الإمام الحجّة. (وهذا الكلام صحيح). فالمنهج الذي تعمل به المؤسسة الدينية إذا طبّقناه على أحاديث ولادة الإمام الحجّة فهذه الأحاديث لا تثبتْ!

  • ● المنهج الأبتر يقودكم إلى الضلالة والجهل، فيجعل الأكاذيب صدقاً، ويجعل الصدق أكاذيب، وهذا هو الدور الذي يقوم به مراجعنا في تطبيقهم لهذا المنهج الأبتر في التعامل مع حديث أهل البيت! وأحمد الكاتب قام بنفس هذا الدور إيماناً منه بصحّة هذا المنهج! ولذا الذين ناقشوه كانت نقاشاتهم ضعيفة جدّاً لأنّهم يُريدون أن يناقشوه بنفس المنهج! والمنهج نفسه لن يكون بجانبهم، وإنّما بجانب أحمد الكاتب.. ومُشكلة أحمد الكاتب أنّه يعتقد بصحّة هذا المنهج!

  • وقفة عند كتاب [تطوّر الفكر السياسي الشيعي مِن الشورى إلى ولاية الفقيه] لأحمد الكاتب، وهو أوّل كتاب صدر لأحمد الكاتب، وهو كتابه المركزي الذي تحدّث فيه عن عقيدته الجديدة! أنا لا أريد أن أُناقش أحمد الكاتب هنا، وإنّما أُريد أن أُناقش ظاهرة أحمد الكاتب (التي هي تطبيق واضح للمنهج الأبتر)!

  • ● أحمد الكاتب في كتابه هذا يتناول الروايات التي وردتْ في كتبنا والتي تتحدّث عن ولادة إمام زماننا، يتناولها رواية رواية ويُطبّق عليها نفس المنهج الذي يُطبّقه مراجعنا في عملية استنباط الأحكام الشرعية ويُطبّقونه على زيارات الأئمة وأدعيتهم فيُضعّفونها ويُنكرونها، إلى غير ذلك ممّا يُنكرونه من أحاديث أهل البيت، ومنها أحاديث ولادة الإمام الحجّة!
  • — تحت عنوان: (المطلب الثاني – تقييم سند الروايات التأريخية) ذكر أحمد الكاتب الرواية التي نقلها الشيخ الصدوق في كتابه [إكمال الدين] عن السيّدة حكيمة بنت الإمام الجواد عليهما السلام (الرواية المعروفة في ولادة الإمام الحجّة). بعد أن يعرض سند الرواية على رجال النجاشي ورجال ابن الغضائري (الغير موجود أصلاً) وعلى الشيخ الطوسي.. بعد أن عرض أسماء الرواة في هذه الرواية على كتب الرجال وصل إلى هذه النتيجة، يقول: (إذن فإنّ رواية حكيمة عن مولد (ابن الحسن) يرويها المتأخرون عن غلاة، عن ضِعاف، عن مجاهيل، عن مُختلَقين، ولا يُمكن الاعتماد عليها مُطلقاً).
  • والرجل جاء بهذه الأوصاف مِن الكتب الرجالية لعلمائنا ومراجعنا! هكذا يتعامل العلماء والمراجع مع هذه الرواية.. فلو أخذتم هذه الرواية إلى المرجع الذي تقلّدونه وسألتموه عن رأيه في هذه الرواية، سيكون رأيه موافقاً ومُطابقاً لرأي أحمد الكاتب، لأنّه أيضاً سيعود بهذا السند إلى هذه الكتب الرجالية التي عاد إليها أحمد الكاتب، فخرج بهذه النتيجة!
  • — ثُمّ ينتقل أحمد الكاتب إلى رواية أخرى تحت عنوان (رجلٌ مِن أهل فارس) وهي رواية ينقلها الكليني في [الكافي] والصدوق في [إكمال الدين] والطوسي في [الغَيبة] فيُعلّق أحمد الكاتب على الرواية ويقول: (وهذه رواية ضعيفة جداً لا حاجة للتوقّف عندها حيث لا تذكر اسم الراوي وتكتفي بالقول: أنّه (رجلٌ مِن أهل فارس)!.. وهذا أسلوب غير مقبول في الحديث مطلقاً)
  • – أيضاً يقول أحمد الكاتب، وهو يناقش رواية أخرى، يقول: (وأمّا رواية يعقوب بن منقوش التي يقول فيها أنّه سأل الامام العسكري يوماً… إلخ) يقول: (فهذه رواية ضعيفة جداً).. (ثُمّ يأتي بأقوال الرجاليين ويناقش سندها ويُبيّن أسباب ضعفها – بحسب أقوال الرجاليين).
  • — أيضاً يقول متحدّثاً عن رواية أخرى وهي رواية عثمان بن سعيد العمري التي رواها الصدوق في [إكمال الدين] والطوسي في [الغيبة]، يقول: (فإنّ الصدوق والطوسي يرويانها عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، وهو كذّاب شهير وضّاع للأحاديث، يقول عنه ابن الغضائري: كذّاب متروك الحديث جملةً، وكان في مذهبه ارتفاع (أي غلو)، ويروي عن الضُعفاء والمجاهيل، وكلّ عيوب الضعفاء مجتمعة فيه، روى في مولد القائم أعاجيب ويقول عنه النجاشي: كان ضعيفاً في الحديث..)
  • — أيضاً يقول مُتحدّثاً عن رواية أخرى: (أمّا رواية (نسيم) و(طريف أبو نصر) الخادمَين عند الإمام العسكري، فينقُلُهما الصدوق عن المظفّر السمرقندي (المهمل) عن العيّاشي (الضعيف) عن آدم البلخي (الغالي المفوّض) واما رواية إسماعيل النوبختي التي يرويها الطوسي عن احمد بن علي الرازي، فهي ضعيفة جداً؛ لأن الطوسي نفسه لا يوثق الرازي ويتهمه بالضعف والغلو، إضافة الى اتهام ابن الغضائري والنجاشي له بذلك..)!
  • ويستمرّ الكلام والنقاش على هذا الوزن في بقيّة الروايات التي ناقشها والتي تتحدّث عن ولادة إمام زماننا عليه السلام، وخرج بنتيجة تضعيفها جميعاً! فقال في خلاصة كلامه: (إذن فإنّ الضعف الكبير في سند كلّ رواية يسقطها جميعاً عن الحُجيّة والوثوق .. وإذا ما جمعنا الضعف في السند الى الضعف في المتن .. والى تناقض الروايات مع نفسها، وتناقضها مع الرواية الظاهرية .. فانها تصبح مجرد اشاعات وهمية اسطورية، لا تثبت مولد انسان عادي .. فكيف يمكن ان نعتمد عليها في إثبات مولد أمام من الأئمة وبناء عقيدة دينية على اساس ذلك؟).
  • بمثل هذه القذرات والنجاسات والأوساخ تُضعّف الأحاديث! وبمثل هذه المنهجية البتراء يضلّ أحمد الكاتب ويضلّ آخرون وسينشأ المنهج البتري حتّى تصطفّ الشيعة مع السفياني بسبب هذا المنهج الأعوج. وهذه الخلاصة التي خرج بها أحمد الكاتب لن تجد مرجعاً مِن المراجع الذين تُقلّدونهم يختلف معها، حتّى لو وجدّتموه يلعن أحمد الكاتب ويصفه بالعمالة!
  • ولذلك السيّد محمّد باقر الصدر في بحثه المعنون بـ (بحثٌ حول المهدي) لم يستدلّ برواية واحدة على ولادة الإمام الحجّة (لأنّ هذه الروايات عنده ضعيفة)! فراح يستدلّ على ولادة الإمام بوثاقة النوّاب الأربعة!! النوّاب الأربعة فروع.. فكيف يُستدلّ بالفروع على الأصل؟! ألا يدلّكم هذا على أنّ هذا المنهج الذي تعمل به المؤسسة الدينية منهج أعوج؟!

  • (وقفة عند روايات ولادة الإمام الحجّة في كُتب الحديث الشيعية، وكيف تعامل مراجعنا مع هذه الروايات؟!)

  • ● وقفة عند كتاب [الكافي الشريف: ج1] – كتاب الحجّة (باب مولد الصاحب) في هذا القسم مِن كتاب الحجّة الشيخ الكليني يجعل لكلّ معصوم مِن المعصومين فصْلاً يُدرج فيه مجموعة الروايات التي ترتبط بولادته.
  • ● أورد الشيخ الكليني في باب ميلاد الصاحب 31 رواية، والبعض منها روايات مُفصّلة، وهذه هي أهمّ الروايات التي وردتْ في كتبنا الأصول في مولد صاحب الأمر عليه السلام. هناك روايات أخرى ولكن كتاب [الكافي] له خصوصيته وأهميّته.. ويقول الشيخ الكليني في بداية هذا الباب قول أن يُورد الروايات، يقول: (ولد عليه السلام للنصف مِن شعبان سنة 255هـ) ثُمّ بعد هذه العبارات يُورد الروايات.
  • ● الشيخ الكليني كان يعيش في زمان الغَيبة الصغرى (زمن اشتداد الفتن بين الشيعة) والشيخ الكليني قطعاً لا يُثبت أيّ رواية من الروايات مِن دون أن تكون عنده قرائن تجعله متأكدّاً مِن صدق هذه الرواية.. أضف أنّ الشيخ الكليني جعل هذا الكتاب أساساً للعمل به في الجانب العقائدي والجانب الأخلاقي والسلوكي وهذا واضح من كتابه في المقدّمة.
  • ● بعض الروايات التي أوردها الشيخ الكليني في (باب مولد الصاحب) بعضها موجز وبعضها مُفصّل، وبعضها يتحدّث بشكل مُباشر عن ولادته صلوات الله عليه، وبعضها يتحدّث في أجواء ولادته.. بالمُجمل: هذه الروايات تُحدّثنا وبشكل واضح وبيّن عن ولادته الشريفة عليه السلام.
  • ● الكلمة التي ينقلها السيّد الخوئي في [معجم رجال الحديث: ج1] عن أستاذه المرجع الميرزا حسين النائيني.. يقول فيها:
  • [أنّ البحث في أسانيد الكافي حرفة العاجز] وهو مُصيبٌ في عبارته، لأنّ الكافي ثابت. (وأنا هنا لا أتحدّث عن كلّ حرفٍ فيه، ولكن الأصْل في روايات الكافي الصحّة والصدور عن الأئمة) نعم هناك هناة في نقل الراوي للحديث بالمضمون فلا يستطيع أن يصيب كبد الحقيقة كما هي.. وهناك هناة في عملية النسخ والكتابة فهناك تصحيف واشتباه وهذه القضايا طبيعية فهي من لوازم الحالة البشرية، ولكن الأصل هو أنّ أحاديث الكافي صحيحة.. ثُمّ إذا لم يكن الكافي صحيحاً فأيّ الكُتب يُمكن أن أصفه أنّه صحيح؟!
  • ● في كتاب [بحار الأنوار] – في باب ولادة الإمام الحجّة عليه السلام، في الجزء 51 إضافة لروايات الكافي هناك روايات أخرى. فعدد الروايات التي ذكرها الشيخ المجلسي في هذا الجزء من بحار الأنوار في مولد الإمام الحجّة أكثر مِن 40 رواية.
  • ● في كتاب [عوالم العلوم] – عوالم الإمام المهدي.. للشيخ عبدالله البحراني، في باب ولادة الإمام المهدي عليه السلام: عدد الروايات التي تتحدّث عن ولادة إمام زماننا عليه السلام في كتاب العوالم تتجاوز العدد الموجود في بحار الأنوار، لأنّ كتاب عوالم العلوم هو استدراك على كتاب [بحار الأنوار]، عوالم العلوم استدرك فيه المحدّث البحراني ما لم يُجمع في كتاب البحار، فجمع أحاديث أخرى لم تُذكر في بحار الأنوار، ولذلك عدد الأحاديث فيه أكثر وأكثر! وكلّ تلك الروايات مراجعنا يُسقطونها بالكامل بالتمام والكمال، كما فعل أحمد الكاتب! فلماذا يُلام الرجل وهو قد طبّق منهج المؤسسة الدينية الأبتر فخرج بهذه النتيجة البتراء! وهم أيضاً خرجوا بنفس هذه النتيجة البتراء ولكنّهم لفّوا حولها من جهة ثانية!
  • ● وقفة عند كتاب [صحيح الكافي] للشيخ محمد باقر البهبودي.. بنفس الطريقة والأسلوب الذي عليه مراجعنا (كالسيّد الخوئي، والسيد محمّد باقر الصدر، السيّد السيستاني والسيّد البروجردي، والجميع (الأحياء والأموات) في المدرسة الأصولية هم بنفس الإسلوب!
  • ● في باب مولد الصاحب.. البهبودي أثبتَ الجملة التي كتبها الشيخ الكليني في إفتتاحية هذا الباب في كتاب الكافي، ثُمّ ثبّت روايتين لا علاقة لهما بولادة الإمام الحجّة!
  • الرواية 1: (القاسم بن العلاء قال: وُلد لي عِدّة بنين فكنتُ أكتب – أي إلى الإمام المعصوم- وأسأل الدُعاء فلا يُكتب إليَّ لهم بشيء، فماتوا كلّهم، فلمّا وُلد لي الحسن ابني كتبتُ أسأل الدعاء فأُجبتْ يبقى والحمد لله)! ما علاقة هذه الرواية بولادة الإمام الحجّة؟!
  • الرواية 2: (الحسن بن محمد الأشعري قال: كان يرِدُ كتاب أبي مُحمّد – أي الإمام العسكري – في الإجراء – أي المساعدة المالية – على الجُنيد قاتل فارس بن حاتم بن ماهويه وأبي الحسن وآخر. فلمّا مضى أبو مُحمّد ورد استيناف مِن الصاحب بالإجراء لأبي الحسن وصاحبه ولم يرد في الجنيد شيء، قال: فاغتممتُ لذلك فورد نعي الجنيد بعد ذلك)!
  • هذه الرواية تتحدّث عن أنّ الإمام الحجّة عليه السلام قد استأنف بعد أبيه أن يُرسل المساعدة المالية لهذه الأشخاص، فهم يستدلّون منها على ولادة الإمام الحجّة عليه السلام.. لكنّها لا تتحدّث عن ولادته بشكل مباشر. الروايات التي تتحدّث عن ولادة الإمام بشكل مُباشر لم يُثبتْ منها أيّ رواية! علماً أنّ البهبودي أطلق على كتابه عنوان “صحيح الكافي” لأنّ الكافي بنظر المراجع والعلماء ليس صحيحاً، فصنعوا من [الكافي] صحيحاً بنفس تسمية البخاري، فأطلقوا عليه [صحيح الكافي]!!
  • ● ما هو الفارق بين محمّد باقر البهبودي هنا في هذا الكتاب حين حطّم الروايات، وبين أحمد الكاتب في كتابه؟! لا يُوجد فارق، فكلاهما ألغيا أحاديث أهل البيت بنفس الميزان والمنهجيّة المعمول بها في المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية في التعامل مع روايات أهل البيت!
  • ● وقفة عند كتاب [مشرعة بحار الأنوار] للشيخ محمّد آصف محسني وهو من تلامذة السيّد الخوئي، ومن المُتمسّكين بطريقة السيّد الخوئي في تطبيق قواعد علم الرجال على حديث أهل البيت. يقول الشيخ محمّد آصف محسني وهو يتحدّث عن مجموعة الروايات التي جاءتْ في [بحار الأنوار] – باب ولادته وأحوال أمّه صلوات الله عليه، يقول: (فيه أكثر مِن أربعين رواية..) ثُمّ يقول: (والمعتبرة منها ما ذُكرت برقم خمسة إنْ ثبتتْ كثرة ترحم الصدوق على ابن عصام كما قيل بها، وبرقم ثلاثة وثلاثين إن كان الخشّاب هو الحسن بن موسى لكن فيه تردّد)! ويستمرّ بهذه الطريقة فلا يُثبتْ شيئاً مِن أحاديث الولادة بشكل واضح وصريح لإمام زماننا!! فما هو الفارق بين ما صنعه هذا المرجع محمّد آصف محسني وبقيّة المراجع وبين ما صنعه أحمد الكاتب في نسف أحاديث الإمام الحجّة؟! الجميع استخدموا نفس الميزان ونفس المنهجيّة، والجميع وصلوا إلى نفس النتيجة وهي تضعيف الروايات! لماذا صار أحمد الكاتب وهابياً عميلاً.. وهؤلاء المراجع هم مركز الهداية؟!
  • ● الفارق بين أحمد الكاتب وهؤلاء المراجع أنّ أحمد الكاتب ليس عنده مرجعية ولا أخماس.. ففعّل المنهج الأبتر الآن، ونسف روايات ولادة الإمام وأنكر وجوده! أمّا هؤلاء المراجع فعندهم زعامات وأموال، لذلك لم يُفعّلوا المنهج عَلَناً، وذهبوا إلى جهات أخرى لإثبات الولادة!

  • لو يبقى هذا المنهج الأبتر إلى زمان ظهور الإمام الحجّة عليه السلام، ويأتي السُفياني. مثل ما جاء الفكر القطبي بفكر وعقيدة ورحّب به المراجع في النجف وكربلاء، فإنّ الفكر السفياني أيضاً سيأتي بفكر وعقيدة قبل أن يأتي جيش السفياني! وسيخترق هذا الفكر السفياني عقول المؤسسة الدينية في النجف وكربلاء مثلما جاء الفكر القطبي واخترق عقول المراجع! والمراجع يقبلونه لأنّ المنهج الأبتر يقبله! يعني أنّه مُنسجم مع منطقهم ومنهجهم!!

  • هناك حقيقة واضحة جدّاً وهي: أنّ الذين ردّوا على أحمد الكاتب ردودهم هزيلة جدّاً، لأنّهم يُحاولون أن يردّوا عليه بنفس المنهج الأبتر، والمنهج بجانب أحمد الكاتب وليس بجانبهم! لذلك هم يُحاولون ليّ أعناق المطالب المُرتبطة بهذا المنهج ثُمّ يفرّون يميناً وشمالاً! ربّما الرد الوحيد الذي تحرّر فيه صاحبه من هذا المنهج الأبتر هو الرد الذي كتبه المفكّر العراقي (عالم سبيطي النيلي) هو الوحيد الذي تحرّر مِن هذا المنهج الأبتر لأنّه لا يؤمن به. (قد لا أتّفق مع عالم سبيطي النيلي، ولكن الرّجل مُتحرّر من هذا المنهج الأبتر، ولذلك حين ردّ في كتابه [الشهاب الثاقب للمحتجّ بكتاب الله في الردّ على الناصب أحمد الكاتب] هذا الكتاب ربّما هو مِن أفضل الردود، ولكن هذا الكتاب لم يتناول التفاصيل الجزئية التي تحدّث عنها أحمد الكاتب، وإنّما تناول مسألة الإمامة (تناول كليّة المطلب) باعتبار أنّ أحمد الكاتب حين أنكر ولادة الإمام الحجّة فإنّ الذي يترتّب على ذلك هو أنّ العقيدة الشيعية قد انفرطتْ! فالإمام العسكري هو الإمام الحادي عشر!! فإذا لم يُولد الإمام الحجّة فهذا يعني أنّ الإمام العسكري هو الإمام الأخير، وآخر إمام هو الإمام الحادي عشر! وبذلك انفرطتْ العقيدة الإثنا عشرية، لأنّ العقيدة الإثني عشرية مُبتنية على العدد (على الإثني عشر) ومُبتنية على العصمة الملازمة لهذا العدد.. فإذا انفرط العدد انفرطتْ العصمة، انفرطتْ عقيدة النصّ ! إذن لا يوجد هناك نصّ من رسول الله على أمير المؤمنين ولا على الأئمة! وإذا انفرطت عقيدة النصّ انفرطتْ بيعة الغدير! وإذا انفرطتْ بيعة الغدير صحّت السقيفة حينئذٍ! وإذا صحّت السقيفة والبيعة فيها فلا يبقى شيءٌ بعد ذلك!! (يعني أنّ كلّ شيء في الكتب الشيعية إذن لا صحّة له)!!

  • الإعلام الناصبي دائماً يُركّز على موضوع الإمام الحجّة، لأنّ هذا الموضوع إذا خُدِش، خُدِش كلّ شيءٍ معه!!

  • عالم سبيطي نيلي حين ردّ على أحمد الكاتب في كتابه [الشهاب الثاقب…] كان رده في الجانب الكلّي – كما أشرت -، كان رده في كليّة مسألة الإمامة، وهو بنفسه يُصرّح بذلك في نهاية كتابه فيقول: (إلى هُنا فقد انتهى القسم الأوّل المُسمّى الإمامة بين الثابت والمتحوّل والذي أردنا فيه إثبات وجود الثابت في الإمامة…) إلى أن يقول: (على أمل أن نجعل القسم الثاني فيما يرآه الإخوة القرّاء ضروريّاً). فهو في رده يقول: انتهى القسم الأوّل، ويليه القسم الثاني وهو بعنوان الوجه الآخر للشيخين قراءة جديدة للفضائل! فهو في كتابه هذا تناول الكليّات، ولم يتناول القضيّة التي تُثير الشبهات وربّما تُقنع الذين يقرؤون كُتب الكاتب وهي (روايات الولادة والبحث في أسانيدها) وإنْ كان عالم سبيطي نيلي لا يُؤمن بعلم الرجال ولا يُؤمن بقضية الأسانيد، فقط ناقش في كتابه مسألة كليّة الإمامة.

  • في الجوّ الحوزوي هناك انبهار بإسم (السيّد محمّد باقر الصدر)، وبحكم الصنمية الغالبة على الجوّ الشيعي فحتّى لو كان العالم يُخطىء يُعد خطؤه صواباً! ولو كان العالم يهذو هذياناً فإنّ ذلك يُعدّ حكمةً ومنطقاً بليغاً!

  • هناك منطق يحكم المجتمع وهو منطق (الدرهم والدينار).. هذا المنطق نفسه يحكم المؤسسة الدينية في الوسط العلمي على أساس الشهرة والأسماء والألقاب! منطق (الدينار والدرهم) هو منطق المال، منطق السوق، منطق الدنيا، منطق هذا العالم.. هذا المنطق (منطق الدينار والدرهم) يقول:

  • ● إذا عطس المُفلس قِيل: يلعنك الله، وإذا ضرط المُوسر (أي الغني) قيل: يرحمك الله! (هذا هو منطق الدينار والدرهم، منطق السوق، ثبّتوا هذه الملاحظة فهي مهمّة جدّاً)! فمضْرَط المُفلس في مِنخره (أي في أنفهِ)، ومعْطَس المُوسر في دُبُره (الدنيا هكذا تسير).
  • ● النبي صلّى الله عليه وآله يقول: (إنّ للعلم طُغياناً كطغيان المال) فنفس القوانين الموجودة في عالم السوق المادّي نفسها موجودة في عالم السوق العلمي! في سوق المؤسسة الدينية وحيث الصنمية معشعشة، نجد نفس هذه القوانين موجودة (فالخطأ يصيرُ صواباً، والعيّ يصيرُ بلاغة، والسيّئات تنقلب إلى حسنات، والعجز يتحوّل إلى معجزة، والسفاهة تتحوّل إلى حكمة، والنصب والعَداء لأهل البيت يتحوّل إلى ولاء ومعرفة)!!وهكذا تسير الأمور في المؤسسة الدينية نفس هذه القوانين (قوانين المال والدرهم التي أشرتُ إليها).

  • وقفة عند كتاب [بحث حول المهدي] للسيّد محمّد باقر الصدر، وهذا الكتاب يُمثّل المقدّمة التي كتبها السيّد محمّد باقر الصدر لكتاب [موسوعة الإمام المهدي] لتلميذه وقريبه السيّد محمّد الصدر.

  • ● تحت عنوان (المبحث الثالث: لِماذا كلّ هذا الحرص على إطالة عمره؟) يقول السيّد محمّد باقر الصدر بعد أن يطرح السؤال التالي (ما هي فائدة هذه الغَيبة الطويلة وما المُبرر لها؟) فيعلّق ويقول: (وكثير مِن الناس يَسألون هذا السؤال وهم لا يُريدون أن يسمعوا جواباً غيبيّاً، فنحنُ نُؤمن بأنّ الأئمة الإثني عشر مجموعة فريدة لا يمكن التعويض عن أيّ واحد منهم، غير أنَّ هؤلاء المُتسائلين يُطالبون بتفسير اجتماعي للموقف، على ضوء الحقائق المحسوسة لعملية التغيير الكبرى نفسها والمتطلبات المفهومة لليوم الموعود. وعلى هذا الأساس نقطعُ النظر مُؤقتاً عن الخصائص – الغَيبية – التي نؤمن بتوفرها في هؤلاء الأئمة المعصومين…) فالسيّد الصدر هنا يُريد أن يقول أنّني سأقيم أدلّة تتناسب مع أولئك الذين لا يُؤمنون بالعقيدة الشيعية الغَيبية. (يعني أنّ هذا الحديث موجّه لأولئك الذين لا يُؤمنون بالعقيدة الشيعية الغَيبية). فمرادي هنا أنّ السيّد محمّد باقر الصدر يتكلّم هنا بهذا المستوى – بحسب ما يقول – وإن كان تلامذته يقولون غير ذلك، وكذلك يُستشعر مِن طوايا كلامه غير ذلك، ولكن بحسب ما هو موجود في هذه العبارات فإنّ السيّد محمّد باقر الصدر يُريد أن يغضّ النظر عن عقيدته الشيعية الغَيبية كي يُخاطب آخرين. فإذا كان مستوى كلام السيّد الصدر يتناسب مع الذين لا يُؤمنون بالعقيدة الشيعية كما يقول، فلماذا حينما نأتي إلى المبحث الخامس الذي يحمل عنوان: (كيف نؤمن بأنّ المهدي قد وجد؟) نجد السيّد محمّد باقر الصدر يتحدّث عن دليلين:
  • الدليل 1: يُسمّيه (الدليل الإسلامي)، وفي هذا الدليل يتحدّث عن الروايات التي جاءتْ من طُرق الشيعة والسنة التي تشير إلى أن الأئمة إثنا عشر، فهو يستد من خلالها على وجوده، فهو يقول هناك روايات كثيرة وردت من طرق الشيعة والسنة. وأقول: أين روايات الولادة لإمام زماننا؟ لماذا تهربون منها؟! إذا كانت هذه المقدّمة صحيحة مِن أنّ الأئمة إثنا عشر فإنّ روايات الولادة صحيحة.. ولكن السيّد الصدر لا يستدلّ بروايات الولادة لأنّها ضعيفة السند عنده بحسب قذارات علم الرجال والمنهجية البتراء!
  • الدليل 2: يُسمّيه (الدليل العلمي)، وفي هذا الدليل يستدل بـ بوثاقة النوّاب الأربعة للإمام الحجّة على ولادة الإمام!
  • (وقفة عند أهمّ العبارات التي جاءت في كلامه والتي تُشكّل الركائز في البحث)
  • ● يقول تحت هذا العنوان (الدليل العلمي) : (وأمّا الدليل العلمي، فهو يتكون مِن تجربة عاشتها أمّة مِن الناس فترة امتدت سبعين سنة تقريباً وهي فترة الغيبة الصغرى – يشير إلى الشيعة في زمان الغَيبة الصغرى-، ولتوضيح ذلك نُمهّد بإعطاء فكرة موجزة عن الغَيبة الصغرى…) إلى أن يقول: (وقد أشغل مركز النيابة عن الإمام في هذه الفترة أربعة ممّن أجمعتْ تلك القواعد – الشيعية التي آمنت بولادة الإمام وغَيبته – على تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمنها وهم كما يلي:
  • 1– عثمان بن سعيد العمري.
  • 2– محمّد بن عثمان بن سعيد العمري.
  • 3– أبو القاسم الحسين بن روح.
  • 4– أبو الحسن علي بن محمد السمري).
  • ● إلى أن يقول: (لقد قيل قديماً أنّ حبل الكذب قصير، ومنطق الحياة يُثبت أيضاً أن مِن المُستحيل عملياً بحساب الاحتمالات – أي بحسب المنطق الرياضي – أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل وكلّ هذه المدّةِ وضِمن كلّ تلك العلاقات والأخذ والعطاء، ثمّ تكسب ثقة جميع مِن حولها. وهكذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصُغرى يُمكن أن تُعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها مِن واقع موضوعي والتسليم بالإمام القائد بولادته وحياته وغيبته، وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد).
  • ● أقول للسيّد الصدر: أحاديث الولادة الموجودة في الكافي لا تستدلّ بها، وتستدلّ هنا بحكمة قديمة وهي (حبل الكذب قصير)!! (علماً أنّني لا أرفض هذه الحكمة فمضمونها موجود في كلمات أهل البيت، ولكنّي أقول ذلك لأبيّن ظلامة حديث أهل البيت وبأيّ أسلوب ومنهجيّة يتعامل معه علماؤنا؟!
  • ● وأقول أيضاً : هل هذا الدليل الذي استدلّ به السيّد الصدر هنا دليل علمي؟! إنّه ليس بدليل علمي وإنّما هو دليل وجداني! (علماً أنّني لا أنكر هذا الدليل، بل أتّفق فيه مع السيّد الصدر، ولكن هذا الدليل يكون دليلاً عند خاصّة مِن الشيعة (يعني مجموعة قليلة من الشيعة).. فكيف كان يقول في السطور السابقة أنّ هذا الحديث هو لمِن لا يؤمن بالعقيدة الشيعية الغَيبية؟!) أين هي روايات الولادة؟! لماذا هذا القفز على الحقائق.
  • ● هذا الدليل الذي أورده السيّد محمّد باقر الصدر تحت عنوان (الدليل العلمي) وهو ليس بدليل علمي وإنّما هو دليل وجداني.. هذا الدليل يحتاج إلى أمرين:
  • الأمر الاول: أنّ الذي يقتنع بهذا الدليل لابدّ أن يكون مُلمّاً بكلّ تفاصيل عصر الغَيبة، (فيحتاج إلى معلومات تفصيلية عن زمان الغَيبة وعن أوضاع النوّاب الأربعة وعن أوضاع الشيعة آنذاك، وعن الفِرق وعن الفِتن التي حدّثتْ، وعن التوقيعات الشريفة التي هي الأخرى (ضعيفة) بحسب المنهجية البتراء! والسيّد الصدر نفسه كان ممّن لا يقبلون هذه التوقيعات، وتلامذته يعرفون ذلك! (وبشكل عام أحاديث الشؤونات المهدوية ضعيفة عند علمائنا ومراجعنا الأحياء منهم والأموات)!
  • الأمر الثاني: لابدّ أن يكون مِن خاصّة الشيعة، مِن أصحاب الوجدان الشيعي الذي يتناغم مع المضامين الغَيبية وإلّا لا يكون دليلاً!
  • ● بهذا الاستدلال الذي استدلّ به السيّد الصدر وسمّاه (استدلال علمي) إنّنا بهذا الاستدلال نُثبت أحقيّة الديانات التي سبقت ديانة الإسلام وإن كانت ديانات وثنية صنعها البشر! لأنّ حبل الصدق عندها طويل، أطول مِن حبل الصدق عند الإسلام!! لو كان حبلها من الكذب لكان قصيراً ولَما بقيت تلك الديانات!
  • ● إذا ظهر الإمام الحجّة فسوف يرفضونه أيضاً لأنّ المنهج الأبتر لا يقبله!! وهذه هي الطامّة التي أتحدّث عنها.

  • الغريب أنّ مؤرّخي السنّة وبعض الكتب الرجالية وبعض الموسوعات التأريخية عندهم تُثبتْ ولادة الإمام الحجّة عندهم، وأنّ أباه هو الإمام الحسن العسكري! وتُثبت اسمه وتُثبت كُنيته، وتقول هو الغائب الذي تنتظره الشيعة، وتُثبت ولادته في شهر شعبان سنة 255 وبعضها يقول عام 256 هـ!!

  • وقفة عند كتاب [منتخب الأدعية] وهو كتاب صادر عن المجمع العلمي الإسلامي بإشراف مرتضى العسكري، هذا الكتاب فيه زيارات المعصومين، ولكن لم يذكر في هذا الكتاب ولا سطر واحد عن الإمام الحجّة!!! حتّى الزّيارات فيه إذا رجعنا إلى الفهرستْ نجدها تتوقّف عند زيارة الإمامين العسكريين، والزيارة الجامعة، ولا ذكر للإمام الحجّة! وهذا الكتاب يُعطى لطلبة الحوزة الدارسين في المجمع العلمي الإسلامي، ولبقية الناس أيضاً !!

  • ● وحين كنت في إيران اتصلتُ بمكتب السيّد مرتضى العسكري وسألتهم (رغم أنّني أعرف الجواب، ولكن لأنّي أريد أن أسمع الجواب منهم) سألتهم: هل هذا الكتاب فيه نقص؟! فهو لا يشتمل على زيارات الإمام الحجّة؟! فقالوا لي: لا يوجد فيه نقص، والسيّد مرتضى العسكري هو الذي أمر بعدم إدراج زيارات الإمام الحجّة لأنّها ليستْ ثابتة عنده!! وهو بنفسه مرتضى العسكري أشار لذلك في مقدّمة هذا الكتاب! والغريب أنّه يقول في نفس المقدّمة أنّ حتّى الزيارات التي أدرجوها في هذا الكتاب لم يُؤخذ بعين الاعتبار إثباتها مِن طريق السند، وإنّما أثبتوها تمسّكاً بقاعدة التسامح في أدلّة السنن!!

تحقَق أيضاً

أسئلةٌ وشيءٌ من أجوبة … – الحلقة ٤٩ والأخيرة

يازهراء …