الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٣٠ – لبّيك يا فاطمة ج٤٧ – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق١٤ – ضعف البراءة ج٨ Show Press Release (25 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 130 – لبّيك يا فاطمة ج47 – ملامح المنهج الأبتر في الواقع الشّيعيّ ق14 – ضعف البراءة ج8 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (12٬726 More Words) يازهراء بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيك يَا وَجْه الله الَّذِيْ إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء… بقيَّةَ الله… مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَك؟!… الْحَلَقَةُ الثَّلاثون بَعد الْمِئَة لَبَّيكِ يَا فَاطِمَة الجُزْءُ السَّابع والأَربَعُون ملامحُ المنهج الأبتر في الواقع الشِّيعيّ ق 2 – ضَعْفُ البَرَاءَة ج8 سَلَامٌ عَليْكُم إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ … العُنوانُ هُوَ نَفْسَهُ بِعَينهِ ذَلِكَ الَّذِيْ يَتَهَادَى بَيْنَنَا فِيْ أَجْوَاءِ هَذِهِ الحَلَقَات الَّتي مَضَت وَهَذِه والَّتي سَتَأتِيْ: لبَّيكِ يَا فَاطِمَة …!! ولا زال الحديثُ في مَلامحِ المنهج الأبتر الَّذي يتحرَّكُ بفاعليةٍ ونشاطٍ شديدين في وسَطنا الشِّيعيّ وخُصوصاً في المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة، في الأجواء المرجعيَّةِ الشِّيعيَّة، وفي أجواء الحوزةِ ومنهاجها التدريسيَّة، وفي المكتبةِ الشِّيعيَّةِ البَتراء، وقد مرَّ الحديث عن هذه المكتبة البتراء وكيفَ وجدنا صُورةً للزَّهراء مبتورةً في جميع الاتِّجاهات، والسَّببُ أنَّ المنهج الأبتر هُوَ الَّذي يتحرَّكُ في المكتبة الشِّيعيَّة وفي ساحة الثَّقافة الشِّيعيَّة وفي الحوزة الشِّيعيَّة وفي الوسَط المرجعيّ، وهكذا في كُلِّ الجهات الشِّيعيَّة أينما اتّجهنا، وهذهِ الحلقاتُ ترصدُ شيئاً من حركة هذا المنهج الأَبتر، ولا زالَ الكلامُ مُتَّصلاً مع الحلقة الماضية والحديث عن ظاهرةِ أحمد الكاتب. بادئ ذي بدء ربَّما البعض من مشاهدينا لم يُشاهدوا، ولم يروا فيما سلف صورةً لأحمد الكَاتب، فأعرض بين أيديكم هاتين الصورتين: هذا هو أحمدُ الكاتب الشِّيعيُّ الكَربلائيُ الحوزويُّ المتديِّنُ الملتزمُ بالتنظيم الإسلامي الَّذي تربَّى في أوساط المرجعيَّة الشِّيعيَّة وفي المدارس الدِّينيَّة وفي التنظيمات الإسلامية الواعية المُلتزمة الرِّسالية كما تُسمِّي نفسَها، الحركية المنفتحة على الواقع، كما يصفون أنفسهم بذلك، تدرَّج فيها، صار مُدرِّساً في المدارس الحوزوية وقَائداً من قادة العمل الإسلامي وكَاتباً إعلامياً، وهذهِ المعلومات ما هي بغريبةٍ على الَّذين يعرفون السَّاحة الشِّيعيَّة العراقية، ربَّما يُخفونها بعد أنْ طرحَ فكرتهُ الجديدة حيث صَدَق الرَّجُل معَ نفسهِ فتمسَّك بالمنهجِ الأبتر الَّذي تعلَّمه في أجواء المرجعيَّة الشِّيعيَّة، وفي أجواء الحوزة الشِّيعيَّة، وفي أجواء التنظيمات الإسلامية مُعبَّقاً بعطر سيِّد قُطب ومُفعماً بالفكر الشَّافعي المُنقَّع بمركّبات فِكرِ المعتزلة، هَذا هو المنهجُ الأبتر الَّذي إذا ما استعملتهُ وطبَّقته فإنَّك ستصل إلى النتائج البتراء، ومُوفَّقٌ أنت فيما تصل إليهِ من نتائجك البتراء إذا كُنت تُطبِّق ذلك المنهج الأَبتر كما يَفعلُ مَراجعُنا الكرام، فيذرونَ الأحاديث المعصومية ذروَ الرِّيح الهَشيم، السَّبب ما هو؟ إنّه المنهجُ الأبتر. الحديثُ في هذهِ الأجواء وكما قلتُ في الحلقة الماضية إنَّني هنا لا أُناقشُ أحمد الكاتب، لا شأنَ لي بأحمد الكَاتب، إنَّما هو عرضٌ لهذهِ الظَّاهرة، فما مُشكلتي أحمدُ الكاتب، مشكلتي هي المؤسَّسةُ الدِّينيَّة، وما مُشكلتي هي هذا الكتاب الَّذي كَتَبهُ أحمدُ الكاتب، وماذا يريد أنْ يترك من تأثيرٍ، مُشكلتنا الرئيسة هي هذا المنهجُ الأبتر الَّذي تُشرعِن لهُ المرجعيَّةُ والحوزةُ والمؤسَّسة الدِّينيَّةُ الشِّيعيَّةُ الرَّسميَّة، ومن انطباقاتهِ على أرض الواقع الخارجي هو هذا الجهد الَّذي بذلهُ أحمدُ الكَاتب. مررتُ مُروراً سريعاً على كتابهِ: (تطور الفكر السِّياسي الشِّيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه)، وهذا هو كتابهُ المركزي وأوَّلُ كتاب، وبعد ذلك بسنواتٍ أعاد صِياغتَهُ، تقريباً هو نفسُ الكِتاب، وإذا ما تصفَّحنا الفهرس ودخلنا في زواريب الكِتاب وتجاويفهِ نجد نفس النُّصوص، نعم هُناك شيءٌ من التغيير، وهناك شيءٌ من إضافةٍ جديدةٍ أُضيفت على بعض المطالب، وقد احتفظ حتَّى بالعنوان القديم، ولكنَّهُ جَعله عُنواناً صغيراً فرعيّاً، ففي أعلى الغلاف: (تطور الفكر السِّياسي الشِّيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه)، نفس عنوان هذا الكتاب، لكنَّه وضع عنواناً كبيراً: (الإمامُ المهديّ مُحَمَّد ابنُ الحَسن العسكريّ، حقيقةٌ تأريخية أم فرضيَّةٌ فلسفيَّة؟) الإمام المهديُّ هو هذا العنوان الرئيس: (الإمام المهديُّ حقيقةٌ تأريخية أم فرضيَّةٌ فلسفيَّة؟)، النسخةُ الَّتي عندي قطعاً لنفس المؤلِّف لأحمد الكاتب، هي الطبعة الخامسة، 2007 ميلادي، دار الشُورى، لندن، الدار العربية للعلوم، ناشرون، بيروت، الموضوع الَّذي مَررتُ عليه وقرأتُ شيئاً من سُطورهِ فيما يرتبطُ بتقييم روايات الميلاد، أعني روايات ولادةِ إمامِ زماننا، جَاء الكلامُ بنفسهِ، في صفحة 146، وما بعدها، تحت نفس العنوان الَّذي مرّ ذِكرهُ في الكتاب المُشار إليه سابقاً – المطلبُ الثَّاني: تقييم سند الرِّوايات التأريخية – العنوان هذا واضحٌ جدَّاً، وربَّما هو أوضح من العُنوان السَّابق، فأساسُ بحث أحمد الكاتب هنا، الَّذي يقولهُ هو أنَّهُ مِن خِلال بحثهِ توصَّل إلى النَّتيجة التالية: أوَّلاً: الإمامُ المهديَّ ليس بحقيقةٍ تأريخية، وهو يستندُ في ذلك إلى قواعد علم الرِّجال، إلى تقييمات الرِّجاليين في الكُتُبِ الشِّيعيَّة فقط، ويستعملُ نَفس المنهج الَّذي يستعملهُ مَراجعُنا من دون تدليس، الرَّجل يذهب إلى كُتُب الحديث، يأتي بالرِّوايات، يُناقش الأسانيد بحسب قواعد ما يُسمّى بعلم الدِّراية القذر، وبحسبِ ما جَاء في أوساخ وقُمامة عِلم الرِّجال، تتساقطُ الرِّواياتُ الواحدة تلوَ الأُخرى، وتَضيع أمام هذه الأكوام من قُمامة علم الرِّجال ومن قذاراتِ عُلماء الرِّجال الَّتي أودعوها في تلك الكُتب القذرة الَّتي سُمِّيت بكتب الرِّجال، هُنا تضيعُ الحَقيقة. فالنَّتيجةُ الَّتي توصَّل إليها تتألَّف من أمرين: الأمرُ الأوَّل: إنَّ الإمام المهديّ ما هو بحقيقةٍ تأريخية، فإنَّ الوثائق والأدلَّة الَّتي يمكن أن يكون مضمونها دليلاً على ولادتهِ ووجودهِ ككائن فيزيائيّ وبالتالي سيكون حقيقةً تأريخية بحسب ما هو يُفكِّر، هذه الأدلَّة والوثائق والشَّهادات لا قيمةَ لها بحسب قذاراتِ علمِ الرِّجال. الأمر الثَّاني: أنَّ عُلماء الشِّيعةِ طبَّقوا نفس المنهج ووصلوا إلى نفس النتيجة ولكنَّهم لفّوا لفةً أُخرى من خلال الدليل العقليّ الَّذي سمَّاه بالفرضيّة الفَلسفيّة. أنا هنا لا أريد أنْ أُناقش أحمد الكاتب ولا أريد أنْ أُناقش هذهِ المصطلحات، فهل هناك فعلاً حقيقةٌ تأريخية؟! هل توجد حقائق تُسمَّى بالحقائق التأريخية؟ لأنَّ الحقائق لا يمكن أنْ تتحقَّق من دون أدلَّةٍ حقيقية، والأدلَّةُ الحقيقية: أوَّلاً: وجودُ الشَّيء بنفسهِ حيثُ يدلُّ على نفسهِ بنفسِه وهذا هو الوُجود المتحقِّق على أرض الواقع. وثانياً: البديهّيات والقواعد الرياضيّة الَّتي لا نقاش فيها. وثالثاً: البديهيّات والقواعد العقلية الَّتي يتّفق عليها جميع العقلاء. من دون ذلك يبقى النقاش في أفق النسبية، هذا بالنِّسبة لمدارك الإنسان، فأين يقعُ التأريخ من ذلك؟ فلا التأريخ يستطيع أن يُثبت لنا وجود الأشياء في الواقع الخارجي بحيث تدلُّ على نفسها بنفسها، ولا هو بالَّذي يعتمدُ على البديهيات الرياضية الَّتي لا شكَّ فيها، ولا هو بالَّذي يتَّخذُ من القواعد والبديهيات العقلية الَّتي يتَّفقُ عليها الجميع أساساً لمنهجيَّتهِ، فَمن أين تتكوَّن الحقائقُ التأريخية إذاً؟ لا تُوجد حقائق تأريخية بهذا المعنى المحض، لابُدَّ أنْ تكون مرُكبة، فالتأريخ حين ينقلُ صورةً فلابُدَّ أنْ تكون هُناك إضافات، ومعَ الإضافات فستكون الحقيقةُ مُركبة، سَمِّها تأريخيّة ذلك شأنٌ آخر لا مشاحّة في الاصطلاح، ولكن إذا أردنا أن نُناقش الاصطلاحات بدقَّةٍ حينها لا توجد هناك حقائق تأريخية، وما سمَّاهُ بالفرضيّة الفلسفيّة ما هو بفرضيةٍ فلسفيّة، إنَّها أدلَّةٌ مُركَّبة ما بين العقلِ والوجدانِ والنّقل. فما استدلَّ بهِ عُلماءُ الشِّيعة وخُصوصاً الكلاميّون منهم على وجود الإمام الحُجَّةِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، إنَّه دليلٌ مركَّبٌ ما بين النقلِ والوجدان وربَّما شيء من البديهيّات العقلية، فهذا لا يُسمَّى بفرضيَّةٍ فلسفيّة، على أيِّ حال ليس مُهمَّاً المصطلحات، لأنَّني هُنا لا أُريدُ أنْ أتصيَّد الإشكال على هذا أو على ذاك، وإنْ كانت هي هذه طريقتنا نحنُ الَّذين يُقال عنَّا (الآخونديّون) نحنُ هكذا نُناقش، نتصيَّدُ الأمور الصَّغيرة والكبيرة، هذا هو الواقع، هكذا تعلَّمنا وهكذا عُلِّمنا، أنا هنا لا أُريد أنْ أتصيَّد هذا المصطلح وذاك المصطلح لأنَّني بصددِ دراسة هذه الظاهرة كي نَصل إلى نتيجةٍ عمليّة، إنْ كانت هناك من نتيجةٍ عمليّةٍ كما أزعم. في هذا الكتاب في الصَّفحة الحادية والخمسين، يقول أحمدُ الكاتب:- الفصل الأوَّل: أدلَّة وجود الإمام المهديّ مُحَمَّد ابن الحسن العسكريّ؛ المبحث الأوَّل: الاستدلالُ الفلسفي، المطلب الأوَّل: العقل أولاً – فهذا الدليل الَّذي سمَّاه بالفلسفيّ أو العقليّ: – يرتكز على ما يلي: o إنَّه يقول أوَّلاً: بضرورة وجود الإمام في الأرض وعدم جواز بقاء البلاد فوضى بلا حكومة. o ثانياً: ضرورة عصمة الإمام من الله وعدم جواز حكومة الفُقهاء العدول أو الحُكَّام العاديين. o ثالثاً: وجوب حصر الإمامة في أهل البيت وفي أبناء عليٍّ والحُسين إلى يوم القيامة. o رابعاً: الإيمان بوفاة الإمام الحسن العسكريّ وعدم القول بغيبتهِ ومهدويَّتهِ. o خامساً: الالتزام بقانون الوراثة العموديّة وعدم جواز انتقال الإمامة إلى أخوين بعد الحَسن والحسين. فهذا ما هو بدليلٍ فلسفيّ، هذا دليلٌ مُركَّب، دليلٌ مُركَّب من مُقدِّمات وجدانية ومن نقلٍ من نُقُول، هذه نُقُول، ومن بديهياتٍ عقلية، وربَّما حتَّى هذا الَّذي سمّيتُهُ بالبديهيّات العقليّة ليس هو عقليّاً محضاً، إنَّهُ وجدانيٌّ يُقِرُّه العقل، مثلاً ضرورة عصمة الإمام، هذهِ قضيَّةٌ وجدانية ولكنَّ العقل يُقرّها وليست قضيَّةً عقليةً محضة، قضيَّةٌ وجدانية ولكن العقل يُقرِّها بسببِ الممازجة الشَّديدة بين هذا الذَّوق الوجداني والإقرار العقلي يمكن أنْ نسميها بأنَّها قضيَّةٌ عقلية، ولا أُريد الخوض في هذه التفصيلات العلمية الدقيقة. خلاصة القول: خلاصة القول كما في عنوان الكتاب: (الإمام المهديّ حقيقةٌ تأريخية أم فرضيَّةٌ فلسفيَّة؟) بحسبِ ما وصل أحمد الكاتب وجد أنَّ عُلماء الشِّيعة لا يُثبتون ولادة الإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه من خلال روايات الولادة، وإنَّما يُثبِتون وجودَهُ من خلال ما سمَّاه بالدليل الفلسفي أو الدليل العقلي، حيثُ قُلت: هو مُركَّب من نقلٍ ووجدانٍ وعقل، ما أقولهُ وسيأتي بيانهُ ربَّما في حلقةِ يوم غد، الإمام لا هو بحقيقةٍ تأريخية ولا هو بفرضيَّةٍ فلسفيَّة، الإمامُ هو حقيقةٌ إلهيّةٌ! وهذا ما سيأتي بيانه، يعني هذا الحديث الذي يتحدّثون به هو [مال واحد مو يخوط بصفّ الاستكان، أكو استكان وبصفّه بعد عشر استكانات وهوّه يخوط بصّف الاستكان العاشر]، وهو يتصوَّر أنَّهُ [يخوط بالاستكان الأوَّل]، لكن المشكلة هذا المنطق هو منطقُ المنهج الأَبتر، هذا هو مَنطقُ المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة. فالمؤسَّسةُ الدِّينيَّةُ الشِّيعيَّةُ الرَّسميَّة [تخوط بصف الاستكان العاشر] قبل أنْ يقوم أحمد الكاتب بذلك، وهو قد تعلَّم هذا الأمر منهم، المنهج هو نفس المنهج، كما قُلت الرجل صَدَق مع نفسهِ، اعتقد بصحَّة المنهج وطبَّق المنهج ووصل إلى هذه النتيجة!! الإمامُ حقيقةٌ إلهيّةٌ وهذا ما سيأتي بيانهُ في حلقةِ يوم غد، وغداً هو يومُ العيد، في يوم العيد إذا سنح الوقتُ بذلك سيكون الحديثُ عن إمامِ زمانِنا وأنَّهُ حقيقةٌ إلهيّةٌ. أنا وهذا العنوان: (الإمام المهديُّ حقيقةٌ تأريخية أم فرضيةٌ فلسفية؟)، فمشكلةُ أحمد الكاتب أنَّهُ لا يستطيع أنْ يُثبتَ أنَّ الحُجَّة ابن الحَسن حقيقةٌ تأريخيّةٌ بسببِ ما جاء في علم الرِّجال، وبسببِ ما يوجَد من وثائق تأريخية لا يستطيع من خلالها أنْ يُثبِتَ أنَّ الإمامَ الحُجَّةَ ابن الحَسن حقيقةٌ موجودة على أرض الواقع وأنّ المدارك والوثائق والشَّهادات التأريخية تُثبِتُ ذلك. أساساً ما هو التأريخ حتَّى نبني العقائدَ على التأريخ؟ العقائد لا تُبنَى على التأريخ، يمكن أنْ تكون المعلومات التأريخية في حاشية العقيدة، وهذا ما سأتحدَّث عنه حينما أُبيِّن لكم من أنَّ الإمام الحُجَّة هو حقيقةٌ إلهيّة، لا هو بحقيقةٍ تأريخيّة، ولا هو بفرضيَّةٍ فلسفية، نعم، التأريخ يدلُّ عليه، والفلسفة والعقل يدلُّان عليه، ولكنَّ الإمام لا هو بحقيقةٍ تأريخية ولا هو بفرضيَّةٍ فلسفيَّة، الإمامُ حقيقةٌ إلهيّة، فإذا كَان حقيقةً إلهيّةً إذاً لابُدَّ أنْ نرجع إلى المصادر الإلهيّة كي نَعرف هذهِ الحقيقة، هل هي موجودة أم ليست موجودة، فالإمام ما هو بكائنٍ تأريخي كشاعرٍ من الشعراء أو وزيرٍ من الوزراء، الكائنات التأريخية هُم هؤلاء، أنا وأنت كَائنٌ تأريخي، وُلِدتُ في يوم كذا، أموتُ في يوم كذا، تفاصيل حياتي وقعت ما بين زمانٍ ومكانٍ هنا وهناك، أمَّا آلُ مُحَمَّد فتلك حقائق ما قبل الزَّمان والمكان، هكذا نعتقد فيهم، فهل هذا غلوّ؟ لا بأس نحنُ هكذا نفهم، اعطونا على قدر عقولنا، هكذا نحنُ نفهم. فالإمام ما هو بحقيقةٍ تأريخية حتَّى أُحاكمَه بالتأريخ، ولا هو بفرضيَّةٍ فلسفيَّة حتَّى أُحاكمهُ بقواعد الفلسفة، وما الفلسفةُ إلَّا نتاجٌ بشريٌّ حاول الإنسان فيه أن يكونَ بديلاً عن الأنبياء! الفلاسفةُ دائماً هم في مُواجهة الأنبياء على طول الخط، حاول الإنسان هذا الإنسان الَّذي يتصوَّر بأنَّهُ يمتلكُ من الطاقات الهائلة ما يستطيع به أنْ يعرف كُلَّ شيء، فبدأ يتعملقُ، كيف تعملق في الفكر؟ راح يتفلسفَ، ولذا فالفلسفةُ في أصلها كانت تُسمَّى بأُمِّ العلوم، لماذا؟ لأنَّ الإنسان يحاول أن يعرف كُلَّ شيء، فكانت الفلسفةُ في مواجهة الأنبياء على طول الخط، بل إنَّ الفلاسفة على طول الخط عِبر الأُمم المختلفة وعبر الحضارات كانوا يستصغرون الانتاج الوحيانيّ، ويستصغرون الانتاج النبويّ، لأنَّهم يرون السَّطحية فيه وعدم العمق، هكذا يتصوَّرون أنَّهم على عُمقٍ في أمرهم، والموضوع طويلٌ ولستُ بحاجةٍ للتوغُّل فيه، لو كان البرنامج مُعدَّاً لهذا الموضوع لبسطت لكم القول بكلِّ تفاصيلهِ، الإمام حقيقةٌ إلهيّةٌ وما هو بحقيقةٍ تأريخية أو بفرضيَّةٍ فلسفية، بغضِّ النَّظر عمَّا قالهُ أحمد الكاتب، المؤسَّسةُ الدِّينيَّة هكذا تتعاملُ معَ آلِ مُحَمَّد، هكذا هُم العُلماء يتعاملون معَ آل مُحَمَّد، ماذا يقول مراجعكم؟ ألا يتحدَّثون عن نجاساتٍ تخرجُ من بدنِ المعصوم؟ ومرَّ الكلامُ كيف يتحدَّثون عن نجاسةِ دمهِ، بل عن نجاسةِ دمه حتَّى لو كان بالنحوِ الإعجازيّ، وقد أوردتُ لكُم العَشرات من كبار مراجع الطائفة، يتحدَّثون عن نجاسة دم المعصوم!! إنَّهم يتحدَّثون عن شخصٍ ينسى كُلَّ ما جَرى عليهِ كما فعل الطوسي وغيرُ الطُوسي، بَل إنَّ الخُوئي ذهب إلى أكثر من ذلك، ويتحدَّثون عن شخصٍ يخرج عن حدود الآداب كما فعل كاشف الغطاء مع الزَّهراء صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، وهم أناسٌ عاديّون! ينظرون إليهم على أنَّهم وجودات تأريخية كأمثال جنابهم، ولذلك حين يأتون إلى الأخماس، إلى الخُمس، فماذا يقولون؟ يقولون: إنَّه لا يملكهُ! إنَّه مِلكٌ للمنصب وللمقام، وأيّ واحد يجلسُ في هذا المقام هو يملكُ هذا المال، وبما أنَّ المرجع يجلسُ في هذا المقام فهو مَالكٌ لهذا المال، ومن هنا يورّثه إلى أولادهِ، كما حصل في مراجعٍ عاصرناهم، والقصَّةُ طويلة والحكايةُ لها تفاريع، ولذلك كي يتخلَّصوا من المشكلة الَّتي وقعَ فيها من سبق فهم يُعدِّون المرجعيَّة لأولادهم من الآن، حتَّى يَرث المرجعُ الابن بسلاسةٍ ما ورَّث لهُ المرجعُ الأب، وهكذا تستمرُّ اللُّعبة والحكايةُ طويلة، لا شأن لي بهذا الموضوع. أعودُ إلى موضوعي، المؤسَّسة الدِّينيَّة تُصرُّ دائماً، تُصرُّ دائماً على إلحاق النَّقصِ بالمعصوم، صحيحٌ ليس بأسلوبٍ صريح، ولكن مرَّةً بنسبة السَّهو إليه، وأخرى بخروجه من حدودِ الآداب، وأخرى من أنَّهُ ينسى إلى الحدِّ الَّذي لا يكون مُختلَّاً في عقلهِ! وأخرى وأخرى وأخرى، لماذا؟ لأنَّهُ كَائنٌ تأريخي، أمَّا الزِّيارة الجامعة الكبيرة فهي تُحدِّثنا عَن كَائناتٍ أحاطت بِكُلِّ شيء، اللهُ جَعلهم بعرشهِ محدقين، إنَّها الكائنات الإلهيّة الحقَّة، والكلامُ يذهبُ إلى جهةٍ أُخرى، دعوني مع هذه المؤسَّسةِ الدِّينيَّة البائسة في عقيدتها، البَتراء في ما وصلت إليه بِحُكم التصاقها وفنائها في هذا المنهج الأبتر، وما أحمد الكاتب إلَّا صُورة من صور هذهِ المؤسَّسة البتراء لكنَّها صُورةٌ صادقة لأنَّ الرَّجُل صَدَق معَ نَفسهِ، وصَدَق مع الآخرين فَحَدَّث الآخرين بعقيدتهِ، فكان صادقاً مع نفسهِ وصادقاً معَ الآخرين إذْ طَرَح عقيدتَهُ البَتراء اِستناداً إلى هذا المنهج الأَبتر الَّذي تعلَّمهُ من نفسِ المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة، هكذا ينظرون إلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد، من أنَّهم أُناسٌ عاديّون عندهم بعض المَلَكات!! هُناك أشياء يختلفون فيها عن سائر النَّاس ببعض المَلَكات، هذا هو الواقعُ الموجود في ساحة الثَّقافة الشِّيعيَّة والشَّواهد الَّتي مرَّت كُلُّها تُشيرُ إلى ذلك، وهَذهِ العَشرات مِن الحَلقات الَّتي مرَّت كُلُّها تتحدَّثُ عن هذا المضمون. أنا أقول للَّذين يُريدون أنْ يتمسَّكوا بهذهِ النَّتيجة: سواء كانوا من أتباعِ المؤسَّسةِ الدِّينيَّة يُريدون أنْ يتمسَّكوا بما وصل إليهِ السيِّد الخُوئي والسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر وبقيَّة المراجع الأحياء، من المرجع الأعلى إلى غيرهِ، الَّذين وصلوا إلى هذه النَّتيجة: من أنَّ روايات ولادة الإمام الحُجَّة ضعيفة ساقطة لا نعتمدُ عليها ولا نرجعُ إليها، أو الَّذين تَبِعوا أحمد الكاتب وتحسَّسوا صِدق الرَّجل فيما طرحه، فهو قد جاء بالمصادر وبالمنهج الموجود وطبَّق هذا المنهج ووصَلَ إلى هذهِ النتيجة البتراء الخرقاء، لأنَّ المنهج منهج المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة منهجٌ أبتر أخرق، والمنهجُ الأبتر الأخرق لا يُعطيك إلَّا نتائج بَتراء خَرقاء، وهَذا هو الواقع، أنا أقول للَّذين يتحدَّثون عن التأريخ ويُريدون أنْ يجدوا حقائق تأريخية، أين تجدون التأريخ في أيِّ مكان؟ تعالوا معي سآخذكم في جولة، نذهبُ إلى فاصل وبعد الفاصل سنسُافر في جولةٍ في عوالم التأريخ. هذا هو: (صحيحُ البخاري)، أهمُّ كِتابٍ عند السُنَّة، مئات من الملايين من السُنَّة في هذا العالم يُقدِّسون هذا الكتاب ويعتبرونهُ الكتاب التالي لكتاب الله، وهُناك من الشِّيعة أيضاً، قَطعاً ليس في عامَّة الشِّيعة، داخل المؤسَّسة الدِّينيَّة هُناك من يعتمد على هذا الكتاب ولكن دون أنْ يُصرِّح، هذا هو الكتاب الموثوق والبخاري هو مؤرِّخٌ أيضاً وعندهُ كتابٌ في التأريخ لكنَّني ما جئت بكتاب تأريخهِ وجئتُ بصحيح البخاري، لأنَّ هذا الكتاب هو الكتابُ الأعلى، وتُوجد في هذا الكتاب الكثير والكثير من المعلومات والتفاصيل التأريخية، هذا هو صحيح البخاري، دار صادر، مُقدِّمة نواف الجرّاح، وهذهِ الطبعة الأولى، 2004 ميلادي، وسأذكر أرقام الأحاديث والصَّفحات وعناوين الأبواب لأنَّ طبعات البُخاري كثيرة ومختلفة. أهمُّ شيءٍ عند المؤرِّخ وفي التأريخ ما هو؟ أهم شيءٍ هو الزَّمان، هذا كتابُ مناقبُ الأنصار، باب هجرة النَّبيّ وأصحابُه إلى المدينة، صفحة 685، عنوان الباب: (باب هجرة النَّبي وأصحابه إلى المدينة)، وهذا الحديث رقمه 3960، حديث طويل وموطن الحاجة هنا، البخاري يُحدِّثنا بحسب هذهِ الرِّوايات متى كانت هجرةُ النَّبيِّ الأعظم:- حتَّى نزل بهم في بني عَمْرو ابن عوف – نزل بمن؟ بالنَّبيّ وأبي بكر والَّذين معه – وذلك – متى؟ في بني عمرو ابن عوف على مشارف المدينة وصل إلى المدينة المنوّرة – وذلك يوم الاثنين من شهر ربيعٍ الأوَّل – فهجرة النَّبيّ كانت في شهر ربيعٍ الأوَّل، وَلَكِنْ لماذا الآن المسلمون جميعاً وليس في هذا العصر وحتَّى في العصور السَّابقة، مُنذ زمن الخليفة عمر وإلى يومك هذا الهجرة تُؤرَّخ ويُحتفَل بها في بداية شهر محرم، لماذا؟ أين هي الحقائق التأريخية هنا؟! هذا هو صحيحُ البُخاري، يتحدَّث عن هِجرة النَّبي كانت في شهر ربيعٍ الأوَّل، لستُ أنا الذي أتحدَّث ولا هذا بكتابٍ شيعيّ، هذا هو صحيحُ البخاري، والمؤرِّخ أهمُّ شيءٍ عندهُ الزَّمان، إذا كان الزَّمانُ مزوَّراً والمكان مُزوَّراً، وإذا كان الأشخاص مُزوَّرين فأين هي الحقائقُ التأريخية؟! تضحكون على عقولكم؟ مضحكة أنتم مضحكة، يومياً نجد مجموعةً من المضحكة، يومياً، هذا هو صحيح البخاري، النَّبي وصل إلى المدينة متى؟ – وذلك يوم الاثنين من شهرِ ربيعٍ الأوَّل – فلماذا يحتفلُ المسلمون ويضربون الدفوف ويؤدّون المدائح في أوَّل شهر محرم؟ لماذا؟! أليست هذه هي المهزلة، هذا هو كما يقولون أمير المؤمنين في الحديث!! مَن هو؟ البُخاريّ، هذا هو شيخ المحدِّثين وسيِّدُ أهل الحديث البُخاريّ. وهذا الطبريّ إمامُ المؤرّخين وإمامُ المفسرين، هذا: (تأريخ الطبري)، وهذا هو الجزء الأوَّل، دار صادر، بيروت، إذا ما ذهبنا إلى صفحة 355، هذه الطبعة، أي طبعة؟ هذه الطبعة طبعة 2003 ميلادي، هذه الطبعة الأولى والطبعة الثَّانية 2005، هذه الطبعة الثانية 2005، في صفحة 355، أذهب إلى موطن الشَّاهد الكلام طويل والمطالب كثيرة – أنَّ النَّبيَّ لَمَّا قَدِم المدينة وَقَدِمَها في شهر ربيعٍ الأوَّل – هذا إمام المؤرّخين وهذا إمام المحدِّثين، فلماذا المسلمون يحتفلون في أوَّل شهر محرَّم؟! دعني من هذا، هذا ليس شيئاً مهمَّاً، لكن حين يكون الكلام عن آلِ مُحَمَّد سيكون هذا الكلامُ مُهمَّاً. السُنَّةُ يأخذون مقداراً كبيراً من دينهم عن السيِّدة عائشة، وأحاديثها تشتمل على حقائق تأريخية مُهمَّة جدَّاً ترتبطُ بالعقيدة، هذا إذا كانت هُناك حقائق تأريخية، ولكن كما يحلو للَّذي يقول فنحنُ نقول كما يقولون، حين نقرأ ولا زِلت أقرأ من صحيح البخاري وهذهِ الرواية تكرَّرت في مواطن عديدة في صحيح البخاري، صفحة 454، رقم الحديث 2588، رقم 14، رقم الباب، باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها – بسندهِ عن الزُّهري، قال: أخبرني عُبَيدُ الله ابنُ عبد الله قالت عائشة رضي الله عنها: لَمَّا ثَقُل النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم – كما يقولون هم – فاشتدَّ وجعهُ اِستأذن أزواجهُ أنْ يُمرَّض في بيتي فأذِنَّ لهُ، فخرج بين رجلين تَخُطُّ رِجلاهُ الأرض وكان بين العبَّاس وبين رجلٍ آخر – ما ذكرت اسمَ الرجل الآخر! – فقال عُبَيدُ الله: فذكرتُ لابْنِ عبَّاس ما قالت عائشة، فقال لي: وهل تَدري من الرَّجل الَّذي لم تُسمِّه عائشة؟ قلت: لا، قال: هو عليُّ ابن أبي طالب – فهذهِ زوجة النَّبي تُخفي الحقائق، تُدلِّس الحقائق، تُخفي ذِكرَ عليٍّ، هذا إخفاءٌ لحقائق تأريخية أم لا؟! فحينما أجد السيِّدة عائشة هكذا تفعل، هل أثقُ بكلامها وهي تُحدِّثني عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، صفحة 65، الحديث 297، من كتاب الحيض، باب قراءة الرَّجل في حِجر امرأتهِ وهي حائض، قراءة الرَّجُل يعني قِراءة القُرآن – بسندهِ: أنَّ عائشة حدَّثتها، عن منصور ابن صفيَّة أنَّ أُمَّهُ حدَّثتهُ أنَّ عائشة حدَّثتها – ماذا حدَّثتها؟ – أنَّ النَّبيَّ كَان يتكئُ في حجري وأنا حائض ثُمَّ يقرأُ القُرآن – [ايه أدري ما لﮕاله مكان غير هذا المكان؟!]، أنا أُصدِّقُ هذا الكلام بعد ذلك وأنا أرى السيِّدة عائشة تُخفي الحقائق؟! المنقول عن البخاري، اقرأوا في سيرة البخاري، والله ما عندي وقت وإلّا لفصلَّت لكم كلاماً كثيراً، لكن تلاحظون أعداد الكُتب كثيرة أمامي، ينقلون عن البخاري عن مدى دقَّته في النقل وعن مدى وثاقته أنَّهُ سَمِع بمحدِّثٍ، برجلٍ يحفظ أحاديثاً، فجأءه فوجده في الحقل، كان يعمل في حقلهِ، فحين جاء وجد الرَّجُل ماذا يفعل؟ بعد أنْ سلَّم عليه، رأى الرجل يُريد أنْ يمسك بحيوان من حيواناتهِ فكان يُوهمه بقبضةٍ من الحشيش، من العلف كي يأتي فيُمسك بذلك الحيوان، يقولون: فإنَّ البخاري قال إنَّ هذا يُدلِّس على الحيوان فأنا لا آخذ بحديثهِ، صلوات! معجزة! أنا أقول للبخاري هذا الحديث الَّذي نقلتَهُ عن عائشة فيه تدليس أم ليس فيه تدليس؟ التدليس واضح، لماذا تُلغي عائشة اسمَ أمير المؤمنين؟ لماذا تطمس ذكرَه؟ وقد طمست ذكرَه في مواطن عديدة في البخاري، لا أريد الآن الإشارة إليها لأنِّني لست في مقام التتبُّع والاستقصاء، هذه هي أشرف الكُتب وأكثر الكُتب وثاقةً، هذه هي أمامَكم!! هذا هو: (صحيح مسلم)، توأم البخاري، البخاري متى توفي؟ 256 للهجرة، مُسلم متى توفي؟ 261 للهجرة، يعني أنّهم عاشوا في نفس الفترة، البخاري توفي 256 للهجرة، ومسلم توفي سنة 261 للهجرة، والكتابان مُتشابهان، في نفس الفترة، نفس المحدِّثين، نفس الطبقات، نفس المستويات، وحتَّى الشرائط مُتشابهة شرائط نقل الحديث، ما يسمّى بشرائط مسلم والبخاري، إذا ذهبنا في صحيح مسلم، وهذه الطبعة أيضاً طبعة دار صادر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2004 ميلادي، إذا ذهبنا إلى صفحة 674، باب حكم الفيء، ومرَّ ذكر هذهِ الرِّواية فيما سلف، ما جَرى من كلامٍ فيما بين عمر وأمير المؤمنين والعباس عمّ النَّبيّ، والرواية ينقلها عمر ابن الخطاب، الرِّواية منقولة بحسب سند البخاري عن عمر ابن الخطَّاب. عُمر يقول لأمير المؤمنين:- فلمَّا تُوفي رسول الله قال أبو بكر: أنا وليُّ رسول الله فجئتُما – يوجه كلامَه لعليٍّ والعباس – فجئتما تَطلبُ مِيراثك من ابنِ أخيك – يعني العباس – ويطلب هذا ميراث امرأتهِ من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسول الله: ما نُورَث ما تركنا صدقة، فرأيتُماه – يعني العبَّاس والأمير، هذا هو رأيُهما في أبي بكر – فرأيتُماه كَاذباً آثماً غَادراً خَائناً – الأمير لم يقُل إنَّني لا أعتقد في أبي بكرٍ هذا المعنى بل سكت، والعباس كَذلك – فرأيتُماه كاذباً آثماً غادراً خائناً – هو عُمر يقول: – واللهُ يعلم إنَّهُ لصادقٌ بارٌّ راشدٌ تابعٌ للحقّ – هذا رأي عمر، يعني عُمر إذا كَتَب كِتاباً في عِلم الرِّجال ماذا يكتب عن أبي بكر؟ يكتب عنه صادق بارّ راشد تابع للحقَّ، وأميرُ المؤمنين إذا كتب كتاباً في علم الرّجال ماذا يكتبُ فيه؟ يكتب إنَّ أبا بكر كاذب آثم غادِر خائن، أنا أقرأ من صحيح مُسلم ولستُ قارئاً من كتاب الكافي – ثُمَّ توفي أبو بكر وأنا وليُّ رسول الله ووليُّ أبو بكر فرأيتُماني – يعني أنت يا عليّ وأنت أيُّها العباس – فرأيتماني كاذباً آثماء غادراً خائناً واللهُ يعلم إنِّي لصادقٌ بارٌّ راشدٌ تابعٌ للحق – عمر أيضاً يكتب عن نفسه في كتابهِ في علم الرِّجال ماذا يكتب؟ من أنَّهُ صادقٌ بارٌ. قطعاً هذا غير مقبول بحسب القواعد الرِّجالية حينما يمدح الرَّجل نفسَه لا يؤخذ بمدحه لنفسِه، ولكن هنا يُؤخذ بما يذكرهُ عليٌّ في كتاب الرِّجال وهناك قاعدة موجودة عند الرجاليّين وهي القدح أولى من المدح، فيُقدَّم القدح بحسب قذارات علم الرِّجال، هكذا نحنُ نعرف أنَّ القدح أولى من المدح، فماذا يكتُب عليٌّ في كتابهِ في علم الرّجال عن عُمر بحسب شهادة عمر، إنَّهُ كَاذبٌ آثمٌ غادرٌ خَائن، هذا هو الواقع الموجود، لنفترض أنَّ أمير المؤمنين ما قال إنِّي لا أقول في أبي بكر هكذا، على الأقل يُحرَج من عمر فيقول لهُ: لا، حاشاك يا أبا حفص، وَلَكِنْ ما قال لهُ ذلك، يعني هذا هو رأيُ عليٍّ ورأي العباس في أنَّ عمر كاذِب آثِم غادر خائن، فهو جامِعُ الكمالات!! هذا الكلام لم أقرأهُ من كتابٍ شيعي، هذا هو صحيح مسلم كتابُ الجهاد والسِّيَر، باب حكُمُ الفيء، هذا الحديث رقم 4593، رقم الصفحة 674، هذا الحديث في صحيح مسلم ونقله من مصادرهِ، وقطعاً لا يعني أنَّ مسلم لا يُدلِّس، مُسلم هو الآخر يُدلِّس، لكنَّني لستُ بصد الحديث عن تدليس مسلم في صحيحهِ. أذهب إلى البخاري، هذا الَّذي هو سيِّدُ المحدِّثين، إذا نذهب إلى كتاب فرض الخُمُس، باب فرض الخُمُس، بحسب الطبعة صفحة 548، رقم الحديث 3093، رقم الحديث 3094، إذا ذهبنا إلى كتاب فرض الخُمُس، رقم الصَّفحة 549، والباب باب فرض الخُمُس، ورقم الحديث 3094، والحديث هوَ هوَ منقول عن عمر ابن الخطاب، نفس هذا الحديث ولكن ماذا فعل البخاري؟ نقل الحديث بنفسهِ ولكنَّ الكلام الَّذي قالهُ عمر لعليٍّ والعبَّاس في أنَّكما رأيتما أبا بكرٍ كذا كذا كاذباً آثماً غادراً خائناً، ورأيتماني كذلك، هذا الكلام عَلَسهُ سيِّدُ المحدِّثين البخاري، الكلمات هذه عُلِست من هذا الحديث! راجعوا الحديث وقوموا بمقارنة بين هذين الصحيحين، أيُّ الصَّحيحين أصحّ؟ يقولون البخاري أصحّ، لماذا؟ لأنَّهُ أكثر حقداً على أهل البيت وأكثر تدليساً!! فلا ندري أيُّهما الصَّحيح وأيُّهما الأجرب كما يقول الشاعر: لا تربط الجرباء قربَ صحيحةٍ خوفاً على تِلك الصَّحيحةِ تجرَبِ فهذا الحديث واضح فيه الحذف والتدليس، أين الحقائق؟ الحقائق التأريخية أين هي؟ أكاذيب في أكاذيب!! أنقل لكُم ماذا جاء في صحيح البخاري على سبيل المثال: صفحة 90، باب نوم الرِّجال في المسجد، رقم الحديث 440، حدَّثني بسندهِ، إلى أنْ قال: – حدَّثني نافع، قال أخبرني عبد الله – يُشير إلى عبد الله ابن عمر، لأنَّ هذا الحديث سيتكرَّر في الكتاب، سيأتي في رقم 1121، هنا أنا أقرأ رقم 440، صفحة 90، باب نوم الرِّجال في المسجد، هذا الحديث سيتكرَّر في صفحات: 1121، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030، نفس هذا الحديث يتكرَّر وهو يدلُّك على صحَّة وأهميَّة الحديث ولذا يُكرِّره البخاري في كتابه بهذا العدد، فماذا يقول عبد الله ابن عمر؟ يقول عن نفسهِ هكذا ينقل نافع: أخبرني عبد الله أنَّهُ كَان ينام وهو شابٌ أعزب لا أهل لهُ – لا أهل، يعني ليس متزوجاً وإلَّا فبيت أبيه موجود ولكنَّه كان بيتاً صغيراً – أنَّهُ كان ينام وهو شابٌّ أعزب لا أهلَ لهُ في مسجد النَّبيّ – لا ندري هل أبوه طرده؟ هل البيت ضيّق؟ بحسب القرائن كان بيتهم صغيراً، وهم أساساً من عائلةٍ فقيرة، كانوا يُعانون من الفقر المدقِع حينما كانوا في مكَّة، ولذلك هذا الرَّجُل عبد الله ابن عمر حينما كان شابَّاً كان ينام في المسجد، هل تعرفون أنَّ مسجد النَّبيّ كان من دون سقف؟ فقط في أيَّام المطر وحينما يكون الجوّ بارداً كانوا يأتون بسعف النخيل يُسقِّفون بهِ المسجد، يعني بعبارة أخرى ابن عمر كان [نايم بالﭽول]، لأنَّ المسجد من دونِ سقف وأيضاً من دون فراش، ولأنَّ النَّبيّ كَانَ يسجدُ على الحصباء، أيضاً نفسُ البخاري، إذا أردنا أن نتتبَّع سيرة النَّبي في البخاري كان يسجدُ على الحصباء {جُعِلَت لِي الأَرْضُ مَسْجِدَاً وَطَهُورَا}، فالمسجد ما كان فيه فراش وما فيه سقف، كما قلت بعبارة أخرى: عبد الله ابن عمر كان ينام بالﭽول، بالﭽول يعني في الفَلاة هذا المراد. في صفحة 199، رقم الحديث 1121، هو عبد الله ابن عمر يقول:- وكنت غلاماً شابَّاً وكُنت أنام في المسجد على عهد رسول الله فرأيت في النوم – إلى آخره رقم الحديث 1121، باب فضل قيام الليل، صفحة 199، وتتكرَّر هذه الرِّواية في مواطن عديدة. وهناك موطن آخر أيضاً أشير إليه وأكتفي بهذا، صفحة 1243، رقم الحديث 7030، باب الأخذ على اليمين في النوم – عن الزُّهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: كُنت غلاماً شابَّاً عَزَباً في عهد النَّبي وكُنت أبيت في المسجد – عبد الله ابن عمر يبيت في المسجد، والمسجد من دون سقف وينام على التراب! هذا هو حالهُ. في صفحة 745، باب غزوة خيبر، رقم الحديث 4243 – عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ما شبعنا حتَّى فتحنا خيبر – يعني هو [نايم بالﭽول وكاتله الجوع] هو هذا الذي يقولونه، خيبر متى فُتِحت؟ فُتِحت في عهدٍ مُتأخِّر – ما شَبعنا حتَّى فتحنا خَيبر – يعني بعدما فُتِحت خيبر، الأوضاع الاقتصادية تغيرت، فبدأ يشبع، يعني قبلها ما كان يجد الطعام الكافي، هذا هو البخاري، أنا ما نقلت عن كتابٍ شيعيّ، هذا هو كتاب البخاري يُحدِّثنا عن حالة عبد الله ابن عمر، ينام في المسجد على التراب وبطنهُ فارغة ما كان يشبع، هل يُعقَل أنَّ طعاماً في بيت أبيه ويبقى جائعاً؟ تعقلون هذا أنتم؟ ماذا تقولون؟! يعني مثلاً في بيت أبيه يوجد الطعام ويبقى عبد الله بن عمر جائعاً؟! فهمنا أنّ البيت صغير وما عندهم مجال ينام عبد الله بن عمر في بيت أبيه، فيذهب إلى المسجد، ونحنُ عندنا مَثَل [يﮕولون فلان ينام بالجامع] يعني كل شي ما عنده. في الثَّقافة الشَّعبية العراقية حين يريدون أنْ يصفوا شخصاً ما عنده شيء [لا ورا ولا گدام، يﮕولون: فلان ينام بالجامع] فعبد الله ابن عمر كان ينام بالجامع، والجوامع في أيَّامنا هذه النَّاس تنقل الطعام إلى المسجد، بينما في ذلك الزَّمان لا يوجد الطعام، فكان يبيت في المسجد وينام جائعاً، ويبدو أنَّ بيت أبيه كان فارغاً من الطعام، [خَلْفَ الله عاليهود] بعدما فُتِحت خيبر وجيء بالغنائم، [خَلْفَ الله عليهم] فشبع عبد الله ابن عمر! هذا هو البخاري: – ما شبعنا حتَّى فتحنا خيبر – الرِّواية لمن يسأل: 4243، الصَّفحة 745 والباب باب غزوة خيبر. نذهب إلى: (الموطّأ)، أتعلمون أنَّ هذا الكتاب هناك من علماء السُنَّة من يُقدِّمه على صحيح البخاري؟! وهناك مَن يعدّ هذا الكتاب في مستوى الكتابين، في مستوى البخاري ومسلم، الموطّأ لمالك ابن أنس المتوفّى سنة 179 للهجرة، فهو قبل البُخاري، البخاري مُتوفّى سنة 256، وقبل مسلم المتوفّى سنة 261، في المقدِّمة هُناك كلام، هذا الكلام منقول عن الشَّافعي، عن الإمام الشَّافعي مُحَمَّد ابن إدريس:- ما ظهر على الأرضِ كتابٌ بعد كتاب الله أصحّ من كتاب مالك، أو نُقِل عنه، ما وُضع على الأرض كتابٌ هو أقرب إلى القُرآن من كتاب مالك – هذا هو الموطّأ، هذا الموطّأ صحَّحهُ مُحَمَّد فؤاد عبد الباقي، الجزء الأوَّل وكذلك الجزء الثَّاني معاً، الجزء الأوَّل والثَّاني، دار الكُتب العلمية، بيروت، لبنان. إذاً نحنُ معَ أهمِّ الكُتُب، فالبخاري يُحدِّثنا عن عبد الله ابن عمر ابن الخطاب كان ينام في المسجد كما قلت قبل قليل [ينام بالﭽول] ولم يكن قد ملأ بطنهُ من الطعام حتَّى فُتِحت خيبر، ما شبعنا حتَّى فُتِحت خيبر، هو يقول والبخاري يُحدِّثنا بذلك، صفحة 184، باب ما لا زكاة فيه من الحُلي والتّبر والعنبر، التّبر يعني الذهب، حديث رقم 11 – عن نافع، أنَّ عبد الله ابن عمر كَان يُحلِّي بناته وجواريه الذَّهب ثُمَّ لا يُخرِج من حُليهنَّ الزَّكاة – الآن صار الأغا عنده جواري، من أين جاء بالجواري؟ والأكثر من ذلك هو أنَّه يُسرف بطريقةٍ حتَّى الملوك لا يفعلون ذلك! راجعوا التأريخ، من كانت عنده خبرة بالتأريخ، من كان على معرفةٍ بتأريخ الأزياء والحُليّ والملابس الملوك، الملوك الأباطرة والأكاسرة والقياصرة ما كانوا يُلبِسون الجواري الحُلُيَّ والجواهر، كانت الجواري يلبسن من الحُلُي والجواهر ليس من الذَّهب بل من الخرز وبعض أنواع الحجارة من الأصداف من الوَدَع وأمثال ذلك، وبعض الأحيان من العظام المزيّنة، هذه كانت زِينةُ الجواري، حتَّى في قُصُور الملوك، اللَّهُمَّ إلَّا إذا كانت جارية مُصطفاة يصطفيها الملك، إذا كانت من صفايا الجواري الخاصَّة بالملك فيزيّنونها بالحُلي حينما تكون في موعدٍ مع الملك، أمَّا عموم الجواري فلا يلبسن المجوهرات الذهبية. عبد الله ابن عُمر على خِلاف الأعراف عند العرب وحتَّى عند الأباطرة والملوك، كان يُلبِس حتَّى الجوراري الذهبَ والمجوهرات! تُرى كم كان يملك هذا من الأموال؟ من أين جاء بها وهو لم يكن يشبع؟ تأريخ مُزوَّر، تأريخ مزوَّر، هذه الأموال لابُدَّ أنَّهُ قد جمعها أيَّام أبيه وإلَّا بعد أبيه من أين جاء بالأموال؟! فلم يكن في السلطة في يومٍ من الأيَّام، وحتَّى لو أنَّ الخليفة يُريد أنْ يعطيهُ فإنّه يُعطيه عطاءاً معيَّناً، إذاً هذه الصورة المرسومة عن الزُّهد في حياة عمر وعن عدم التصرّف في الأموال هي صورة زائفة أمام هذا الفساد المالي!! هذهِ هي كُتبهم وما هي بكُتبِنا، وأنا لا أعبأُ بهذا الموضوع، أنا أريد أنْ أقول أين هي الحقائق التأريخية؟! كلُّها أكاذيب، نَحنُ نعيش في أكاذيب، أين هي الحقائق التأريخية؟ هذا يجرُّنا إلى أنَّ ما يُسمَّى بجيوش الفتح الإسلامي سيجرُّنا إلى أنَّهم قد أجرموا جرائم ربَّما لم يرتكبها حتَّى المغول، أو كالمغول، وإلَّا كيف جمع كبار الصحابة هذهِ الأعداد الكبيرة من الجواري؟! تعال معي: هذا هو: (صحيحُ البخاري)، أنا ما قرأتُ عليكم من غيرِ صحيح البخاري ومسلم وهذا الموطّأ، هذه هي أهمّ المصادر، هذا هو صحيحُ البخاري تعال معي نقرأ: كتابُ النِّكاح، صفحة 959، رقم الحديث 5224، هذا الباب بابُ الغَيرة – بسندهِ: عن أسماء بنت أبي بكر – هل خرجنا عن دور الخلفاء؟ وعن عوائل الخلفاء؟ – عن أسماء بنتِ أبي بكر رضي الله عنهما قالت: تزوَّجني الزُّبير وما لهُ في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضحٍ وغير فرسه – فرس يركبها الزُّبير، فالزُّبير كان فارساً وعنده ناضح، والنّاضح هو أردأُ أنواع الإبل، الإبلُ النَّواضح هي أردأُ أنواع الإبل، وهي الإبل الَّتي يشدُّها أهل المدينة على النواعير لسقاية البساتين، فالبعير الَّذي يُشدّ على النَّاعور يُسمَّى ناضحاً يعني ينضح الماء، هذا هو المراد، يعني بعير ينضحُ الماء حينما يدور ويتحرَّك الناعور فإنَّهُ ينضح الماء لسقي البساتين، وهي أردأُ أنواع الإبل حتَّى لحمُها ليس طيّباً كباقي الإبل، وليست قادرة على السَّفر والحركة إلى مسافاتٍ بعيدة، وحين جاء معاوية إلى المدينة ولم يخرج أهلُ المدينة لاستقباله أيَّام خلافته، فتأذّى معاوية وسأل، قال: لماذا لم تخرجوا لاستقبالي، يعني إلى مسافة خارج المدينة، لماذا تخرجوا لاستقبالي؟ قالوا: ما عندنا ما نركب عليه، ما عندنا رواحل، الرواحل: هي الإبل الَّتي تكون مُهيَّأة للسَّفر، الإبل على درجات، هناك رواحل، وهناك رواسم، وهناك رواقص، وهناك العصافير، وهناك الحمراء، أنواع مُختلفة من الإبل. فقال لهم: لماذا لم تخرجوا لاستقبالي؟ قالوا: ما عندنا ما نركب عليه من الرواحل، فأراد أنْ يُعيِّرهم، قال: فأين نواضحكم؟ يعني أنتم عندكم نواضح، باعتبار أنّ أهل المدينة عندهم بساتين ويسقون البساتين بالنَّواضح، والنواضح إبل رديئة غير محترمة عند العرب، قال: فأين نواضحكم؟ فقالوا لهُ: لقد ذبحناها في أيام رسول الله حينما كُنَّا نُقاتلك ونقاتل أباك وأنتم على الكُفر، في ذلك الوقت ذبحناها وأكلناها فسكت، سكت معاوية، مرادي أنَّ النواضح هي إبل رديئة، فكلّ ما كان يملكه الزبير هو هذا كما تقول زوجتهُ أسماء بنتُ أبي بكر – تزوَّجني الزُّبير وما لهُ في الأرض من مالٍ ولا مملوك ولا شيء – ما عنده أي شيء – غَير نَاضحٍ وغَير فَرسه، فكنتُ أَعلِفُ فرسَه وأستقي الماء – أعلفُ فَرَسه، يعني تجمع العلف للفرس، تذهب تجمع العلف من البساتين ومن الأماكن الَّتي يوجد فيها المرعى للحيوانات، وتأتي بالعلف وتأتي بالماء أيضاً، يعني ما عندهم خدم ولا حشم ولا أي شيء – فكنتُ أعلفُ فرسهُ وأستقي الماء – ثُمَّ ماذا؟ تقول – وأَخْرِزُ غَربهُ وأعجن ولم أكن أُحسِنُ أخبز – يعني حتَّى ما كانت تعرف أن تخبز خبزاً جيدَّاً، هذه هي الحياة المتواضعة، هكذا كانوا يعيشون – وكَان يَخبزُ جاراتٌ لي من الأنصار – لأنَّها ما كَانت تُحسِنُ الخُبز، فنساء الجيران هُنَّ يخبزن لهم، هذا هو وضعُ الزُّبير ابن العوّام، مع العلم أنَّ الزبير ابن العوّام لم يكن من رجالات السلطة مُنذُ أوَّل الأمر، في البداية كَان معَ أمير المؤمنين، وبعد ذلك تحوَّل فصار من رجال السلطة. هذا: (مروج الذَّهب)، ماذا يُحدِّثنا عن أملاك الصَّحابة؟ على سبيل المثال، الزبير ماذا يملك؟ هذا هو الجزء الثَّاني، تحقيق وتعليق سعيد مُحَمَّد اللحام، (مروج الذَّهب ومعادن الجوهر)، للمؤرِّخ المسعودي الشهير، دارُ الفكر، 2005 ميلادي، صفحة 331، قطعاً هناك عدَّة شخصيات تحدَّث عن أموالهم، الوقت لا يسع للحديثِ عنهم جميعاً، لكنَّني أخذتُ الزبير مثالاً باعتبار أنَّ الزبير ليس من أعوان السلطة من البداية، وليس من أقطاب السقيفة – وفي أيَّام عُثمان اقتنى جماعة مِن الصَّحابة الضِّياع والدور منهم الزبير ابن العوّام – باعتبار أنَّ الزبير التحق أخيراً بركب السلطة – بنى دارهُ بالبصرة وهي المعروفة في هذا الوقت وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة، تنزلها التجار وأربابُ الأموال وأصحابُ الجهاز من البحريّين وغيرهم – كم هي كبيرة هذه الدار، هذه الدار بناها في أيَّام عثمان والمؤرِّخ المسعودي يتحدَّث في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة، سنة 332، هذهِ الدار بُنيت في زمان خِلافة عثمان، في بدايات القرن الهجري الأوَّل، المسعودي الآن يقول سنة 332:- لا زالت هذه الدار موجودة بالبصرة وهي كبيرة جدَّاً بحيث ينزلها التجار وأربابُ الأموال وأصحاب الجهاز من البحريّين – يعني الَّذين يأتون بالبضائع من طريق البحر وغيرهم – وابتنى أيضاً دوراً بمصر والكوفة والاسكندرية – ماذا يصنع بها وهو يسكن في المدينة؟! كم عندهُ من الأموال!! أنت تتصوّر أنَّ رجلاً يسكن في المدينة يبني القصور في كُلِّ هذهِ البلدان وهو لا يذهبُ إليها، أو على احتمال أنْ يذهب إليها هو أو بعضُ أهلهِ، كم يكون عندهُ من الأموال؟! – وابتنى أيضاً دوراً بمصر والكوفة والاسكندرية وما ذكرناه من دورهِ وضِياعه فمعلوم غير مجهول إلى هذه الغاية – يعني إلى زمان 332 – وبَلَغَ مال الزُّبير بعد وفاته خمسين ألف دينار – دينار من الذهب – وخلَّف الزُّبير ألف فَرَس – ألف فرس كالَّذي يُخلِّف الآن ألف سيارة من النَّوع الراقي، هو يتحدَّث عن أفراس عربية أصيلة – وخلَّف الزُّبير ألف فرس وألف عبد وأَمَة وخُططاً – خططاً يعني عقارات هائلة جدَّاً – وخططاً بحيثُ ذكرنا من الأمصار – من الأمصار المختلفة. وتعال معي إلى طلحة: هناك تفاصيل لكن أذهب إلى هذا المثال: – وكان غُلَّتهُ من العراق – من العراق الغُلَّة يعني الحاصل اليومي – كُلّ يوم ألف دينار – ألف دينار يعني ألف مثقال من الذَّهب، أحسب أنت الآن كم قيمة ألف مثقال من الذهب – وقيل أكثر من ذلك، وبناحية الشرات أكثر مما ذكرنا – وبنواحي أخرى، هذه هي الغُلَّة اليومية!! الكلام طويل!! والتفاصيل كثيرة. زيد ابن ثابت: – وقد ذكر سعيد ابن المسيَّب أنَّ زيد ابن ثابت حين مات خلَّف من الذَّهب والفضة ما كان يكُسَّرُ بالفؤوس – هؤلاء هم أعوانُ السُلطة!! هذه الأموال من أين جاءت؟ هذه الأموال وهذه القُصُور الضخمة والأعداد الهائلة من الجواري من أين جاءوا بها؟ وهم ما كانوا يشبعون، هذا هو حالهم بحسب صحيح البخاري، إذاً ما يُنقلُ لنا من أخبار ومن أحاديث في التأريخ، هذه أكاذيب، هذه آثار الجرائم موجودة، هذه كتبهم الموثَّقة أوثقُ الكُتب، ولو كُنتُ أتتبَّع هذا الموضوع فإنَّني أعرِفُ مظانَّ المطالب سطراً سطراً في هذهِ الكُتُب، لو كُنتُ أُريد أنْ أتتبَّع لكم مثل هذه المعاني فسيطول الحديث، كذّبوني فيما أوردتُ! هذه هي المصادر أمامكم. صورةٌ أخرى أنقلها لكم من تأريخ الطبري: ولاحظوا التزوير الواضح والواضح جداً حتَّى يقول من يقول بأنَّه يبحث عن حقائق تأريخية، أيّ حقائق تأريخية! أيّ أكاذيب وأباطيل! هذا هو إمام المؤرّخين وإمام المفسِّرين الطبري، مُحَمَّد ابن جرير الطبري، المتوفّى سنة 310 للهجرة، وهذه الطبعة طبعة دار صادر وهذا المجلَّد الأوَّل، الطبعة الثَّانية، 2005 ميلادي، صفحة 333، وهو يتحدَّث عن وقائعِ نزول الآية: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾، أنا لا أريد أنْ أقرأ كُلَّ شيء، النَّبي يأمر عليَّاً أنْ يجمع بني هاشم على الطعام، إلى أن يقول رسول الله:- فأيُّكم يُؤازرُني على هذا الأمر على أنْ يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم، قال: فأحجَمَ القومُ عنها جميعاً وقلتُ – أمير المؤمنين يقول – وإنِّي لأحدثهم سِنَّاً وأرمصُهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً – هذه طبعاً الأوصاف لا تُوجد في أمير المؤمنين هذه أوصاف ملحقة بعد ذلك – وأرمصهم عيناً – يعني توجد أوساخ في عيني أكثر من أيّ واحد فيهم، وهذه من إضافات الأمويّين، الرَّمَص هو هذه الوساخة الَّتي تتجمَّع في طرفي العَين حينما يكون الإنسانُ نائماً، وأرمَصُهم عيناً، أي أنَّ عيني أكثر قذارةً من عيونهم، هو طفل صغير أمير المؤمنين في ذلك الوقت، كان صبيّاً بعمر الصبيان، فكيف كان أعظمهم بطناً؟ أنت تصوّر معي يعني كيف!! كيف يكون أعظمهم بطناً!! – وإنِّي لأحدثهم سنَّاً وأرمصُهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم سَاقاً – يعني أنت تتصوَّر صبي في عمر عشر سنوات وهم يقولون بأنَّ أمير المؤمنين كان قصيراً كما هم يقولون. أمير المؤمنين ما كان قصيراً في حديث أهل البيت، أمير المؤمنين كان مربوعاً، ولكن بالقياس إلى رسول الله فرسولُ الله كانَ أطول منه، لذلك يُوصَفُ بالقصر بالقياس إلى رسول الله، كان أقصر من رسول الله، كان مربوعاً، المربوع هو الَّذي لا هو بالطويل ولا هو بالقصير هذا هو المربوع، وهذه هي الصفة العامة في آلِ مُحَمَّد ولستُ مُتحدِّثاً عن هذه القضيَّة، لكن بحسب ما يقولون كان صغير السن وكان قصيراً فكيف يكون هو الأعظم بطناً، يعني أعظم بطناً من بقيَّة رجال بني هاشم، ورجال بني هاشم كانوا طِوال القامة، وفيهم البُدناء، يعني كيف نَستطيع أنْ نتصوَّر صبيَّا في عُمر الصِّبا وبطنهُ أكبر من بطون هؤلاء البُدناء؟! ولكن نحنُ وهذا الطبريّ [الخوش ولد الحباب]! – فأيكم يؤزارني – رسول الله يقول لبني هاشم بعد أنْ دعاهم إلى مأدبة طعام – فأيُّكم يؤزارني على هذا الأمر على أنْ يكون أخي ووصيي وخلفيتي فيكم، قال: فأحجم القوم عنها جميعاً وقُلت وإنِّي لأحدثهم سنَّاً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثُمَّ قال: إنَّ هذا أخي ووصيي وخلفيتي فيكم فاسمعوا لهُ واطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أنْ تسمع لابنك وتُطيع – مضمون الرِّواية واضح وإنْ أُضيف إليها ما أُضيف، أضيف إليها هذا الكلام: (وإنِّي لأحدثهم سناً وأرمصُهم عيناً …) إلى آخره، ولكن واضح أنّ النَّبيَّ عيَّنهُ وصيِّاً ووزيراً – فأيُّكم يؤزارني على هذا الأمر على أنْ يكون أخي ووصيي وخلفيتي فيكم؟ … ثُمَّ قال: إنَّ هذا أخي ووصيي وخلفيتي فيكم فاسمعوا له – هذا هو الكلام وقد ذكره مع التحريف الموجود! هو نفسه هذا الكذّاب الطبريّ إمامُ المفسِّرين، المفروض حينما يكتب في التفسير أن يكون أكثر صدقاً من كتاب التأريخ، فماذا يقول هذا الكذَّاب الطبريّ المدلِّس المحرِّف، (جامعُ البيان)، عُلماؤنا يموتون على هذا التفسير بالمناسبة! يموتون عليه ويموتون على الطبري [ما أدري ليش!!]، على أي حال، مراجعنا يحبّون تأريخ الطبريّ ويحبون تفسير الطبريّ، لذلك فإنّ الكتب الشِّيعيَّة مشحونة شحناً به، [احنا هم لخاطرهم جبنا] تأريخ الطبريّ وتفسير الطبريّ: (جامع البيان عن تأويل آي القُرآن)، المعروف بتفسير الطبري، ضبط وتعليق محمود شاكر، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، وهذه الطبعة الأولى، وهذا الجزء التاسع عشر والجزء العشرون، صفحة 141 من الجزء التاسع عشر، في ذيل الآية: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾، النَّبي ماذا قال؟ هُنا ماذا قال؟ (فأيُّكم يُؤازرني على هذا الأمر على أنْ يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم) – هنا ماذا يقول؟ – فأيُّكم يُؤازرني على هذا الأمر على أنْ يكون أخي وكذا وكذا – على أيِّ حال!! كلمةٌ في طرف لساني ولكنَّني أتركها!! أمَّا هذا الكلام الَّذي دسَّه بنو أميه – وإنِّي لأحدثهم سنَّاً وأرمصهم عيناً – وهو غير منطقي أصلاً – وأعظمهم بطناً – هذا تركهُ ولكن نسي أنْ يحذف هذه الجملة – أنا يا نبيّ الله أنا أكون وزيرك – هذه نسيها قطعاً – أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك – هذا جواب لكلام النَّبيّ أنَّه من يكون وزيراً لي وصيَّاً – فأخذ برقبتي ثُمَّ قال: إنَّ هذا أخي وكذا وكذا، فاسمعوا له واطيعوا – وكذا وكذا، لماذا؟ أليس هكذا تضيع الحقائق؟ أين هي الحقائق التاريخية إذاً؟ أين؟ عند البخاريّ؟ عند مسلم؟ في هذا الموطّأ لمالك ابن أنس؟ هؤلاء عندكم هم الأَئِمَّة، وهذا هو إمام المؤّرخين وإمام المفسِّرين!! هذا هو: (الدرّ المنثور)، هذا الَّذي حينما يتحدَّث عنهُ بعض عُلماء الشِّيعة فهم يمدحونه، ويذوبون في مدحهِ، هذا هو الدر المنثور في التفسير بالمأثور، هذه هي الطبعة الَّتي صححها الشَّيخ نجدت نجيب، هذا هو الجزء السَّادس، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 2001 ميلادي، صفحة 295، يذكر الحادثة، لا مجال لقراءتها أنتم راجعوها إذا كُنُتم تحبّون ذلك، ويُحرِّفها بطريقة أخرى – فأيُّكم يؤازرني على أمري هذا – ما هو أمري هذا؟ يعني أخي ووصيّي وخليفتي ووزيري … هذه علسها! – فأيُّكم يؤازرني على أمري هذا؟ فقلتُ وأنا أحدثهم سنّاً – البقيَّة رفعها – إنَّهُ أنا – كلام النَّبيّ بعد ذلك أيضاً حُذِف – فقام القوم يضحكون – حتَّى هذه العبارة، هذا شيطان أكثر من غيرِه! حتَّى هذه العبارة – فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع – لأنَّ هذه العبارة تُشير إلى أنَّ النَّبيّ قد طلب منهم أنْ يُطيعوا عليَّاً فلابُدَّ أنَّهُ قد نصَّبه عليهم، هذه العبارة أيضاً حذفها! ما ترك شيئاً، فأين هي الحقائق التأريخية؟ يا أبناء الحلال!! هذا هو التفسيرُ العجيب، هذهِ كُلُّ عقولِكم هي من هنا!! هذا تفسير الفخر الرَّازي، الشَّيخ الوائلي رحمة الله عليه يكرع هنا ويملأ عُقولَكم منه، هنيئاً لكم اي والله هنيئاً لكم، هذا هو تفسير الفخر الرَّازي، هنيئاً لكم ولآبائكم، الجيل السَّابق ماتوا وعقولهم ملأى من هذا التفسير، لأنَّ تسعين بالمئة من مجالس الوائلي هي من هنا، وسيأتي الحديث عن الوائلي ومجالسه، تسعون بالمئة من هذا الفكر الأبتر الَّذي تعيشون معه وتنامون مع مأخوذ من هذا الكتاب، هذا هو التفسيرُ الكبير أو مفاتيحُ الغيب، لمن؟ للإمام فخر الدين مُحَمَّد كذا كذا الرَّازي الشَّافعي، هنيئاً لكم، هذا هو المجلَّد الثَّالث والعشرون والرَّابع والعشرون المكتبة التوفيقية، وهذا هو الجزء الرابع والعشرون، صفحة 158، وهو الأكثرُ شيطنةً من الجميع، ولذلك الشَّيخ الوائلي يُحبُّه، ولذلك علماء الشِّيعة يُحبُّونه كثيراً، البعض منهم يقولون إنَّهُ شيعيّ أي الفخر الرازي، هم شوافع ما يعلمون، يقرأون الكتاب فيجدون أنَّ الكتاب ينقل ما في أذهانهم، هم شوافع، هذا الفخر الرازي ما هو بشيعيّ، هذا شافعيٌّ معروف، ومن الشَّوافع المتعصّبين للمذهب الشَّافعي. في صفحة 158:- أنَّهُ لَمَّا نزلت هذه الآية صَعَد الصَّفا ونادى – النَّبي هكذا قال:- إنِّي لا أملك لكم من الله شيئاً سلوني من المال ما شئتم، وروي أنَّهُ دعاهم إلى مأدبة وقال لهم: يا بني عبد المطلب لو أخبرتكم أنَّ بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مُصدقِّي؟ قالوا: نعم، فقال: إِنِّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديد – وانتهينا، هنيئاً لكم يا شيعة، إي والله هنيئاً لكم، [كل واحد منكم من باﭼر خلي يعلگ له خضرمة على ﮔصته خاف ينحسد!!] هذه هي المصادر، وهذه هي كُتب التفسير، وهذه هي كُتُب التأريخ!! وهذا الطبريّ أيضاً: هذا الجزء الثالث من تأريخ الطبريّ، [بروحه لابوكم ما تدلّونا وين الحقائق التاريخية صايرة بيا مكان؟!] هذا هو الجزء الثَّالث، تأريخُ الطبري، دار صادر، بيروت، صفحة 876، في أحداث سنة 36 للهجرة:- كذا عن كذا حدَّثني أنَّ مُحَمَّد ابن أبي بكر كَتَب إلى معاوية ابن أبي سفيان لَمَّا وُلِّي فذكر مكاتبات جرت بينهما – مكاتبات بين معاوية وبين مُحَمَّد ابن أبي بكر، متى؟ بعد مقتل عثمان وبيعة أمير المؤمنين، ومعاوية اعترض والقصة معروفة، فجرت مكاتبات بين مُحَمَّد ابن أبي بكر وبين معاوية، الطبريّ لم يورد هذه المكاتبات لماذا؟ قال:- كرهت ذكرَها – فذكر مُكاتبات جرت بينهما، بين مُحَمَّد ابن ابي بكر وبين معاوية – كرهت ذكرها – لماذا أيُّها الطبريُ المبجّل كرهتَ ذكرها؟ يقول:- لِمَا فيهِ مِمَّا لا يحتمِلُ سُماعها العامَّة – يعني عامَّة المسلمين لا يحتملون سُماعها، لماذا؟ أيُّ شيءٍ فيها؟! مكاتبات بين مُحَمَّد أبي بكر وبين معاوية، المؤرخون الآخرون، نفس الشيء، لو ذهبتم إلى كتب التأريخ الأخرى أيضاً ينقلون نفس هذا المضمون، مُكاتبات بين محمَّد ابن أبي بكر وبين مُعاوية وهم يكرهون ذكرَها لأنَّ العامَّة لا تحتملُ سُماعها!! أين هي الحقائق التأريخية؟! أليس المفروض أنَّ الحقائق التأريخية تُذكَر كما هي؟ بغضِّ النَّظر أنَّ العامَّة تحتمل سُماعها أو لا تحتمل، أليس هذه خيانات من المؤرّخين، وخيانات من المحدِّثين، وخيانات من الصحابة، ألا تلاحظون هذا؟ في مثل هذه الأجواء أين هي الحقائقُ التأريخية؟! هل يوجد شيء اسمهُ حقيقة تأريخية؟!! المسعودي ذكر شيئاً من هذه المكاتبات، ما ذكر كُلَّ المكاتبات وربَّما أنّ المسعودي ذكر أهون المكاتبات، هنا الطبري يتحدَّث عن مُكاتبات، مُكاتبات يعني رسائل عديدة. المسعودي في الجزء الثَّالث، تحقيق وتعليق سعيد محمَّد اللحّام من مروج الذهب ومعادن الجوهر، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2005 ميلادي، صفحة 20، رسالة – من مُحَمَّد ابن أبي بكر إلى الغاوي – الرسالة هكذا:- من مُحَمَّد ابن أبي بكر إلى الغاوي – الغاوي يعني الضالّ، الغاوي هو الَّذي تبع الشَّيطان، باعتبار أنَّ الشَّيطان أخذ عهداً أنْ يغويهم: {لأغوينّهم} – إلى الغاوي مُعاوية ابن صخر – الرسالة طويلة، إلى أنْ يقول – وقد رأيتكُ تُسامِيه – يعني رأيتُك تُنافسُ عليَّاً، من أنت؟! من أنت يا ابن [هند الحبَّابة]؟ من أنت!! – وقد رأيتك تُساميه وأنتَ أنت – من أنت يا لُكَعْ؟! – وهو هو أصدقُ النَّاس نيَّةً وأفضلُ النَّاس ذريةً وخيرُ النَّاس زوجةً وأفضلُ النَّاس ابنَ عمّ، أخوه الشَّاري – يشير إلى جعفر إلى جعفرٍ الطيَّار – أخوه الشَّاري بنفسهِ يوم مُؤتة وعمُّه سيِّدُ الشُّهداء يوم أحد وأبوه – أبو طالب – الذابُّ عن رسول الله وعن حوزتهِ، وأنت اللَّعين ابن اللعين – من أنت!! – وأنت اللَّعين ابن اللعين – هذه العبارة أيضا تُشعرك أنَّ الجميع كانوا يعرفون أنَّ أبا طالب كان على دين مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله، وإلَّا لو لم يكن هذا الأمر معروفاً لَمَا احتجَّ مُحَمَّد على معاوية، على ألعنِ خلقِ الله وأخبثِ خلقِ الله – وأبوه الذابُّ عن رسول الله وعن حوزته وأنت اللَّعين ابن اللَّعين لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله الغوائل – الرسالة كلُّها هي بهذا النَّص وبهذا المضمون، إلى أنْ يقول له:- فكيف يا لك الويل تَعدِلُ نفسك بعليّ، وهو وارثُ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وآله – هو مكتوب هنا (صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم)، هو لأنَّ المسعودي من المخالفين فيكتب هذه الصِّيغ – فكيف يا لك الويل – مُحَمَّد ابن أبي بكر يخاطب معاوية – تعدلُ نفسَك بعليِّ وهو وراثُ رسولِ الله – ثُمَّ يقول له:- ووصيُّه – لأنَّ الجميع يعرفون أنَّهُ هو الْوَصِيِّ، ولو لم يكن معاوية يعرفُ ذلك هل كان مُحَمَّد يحتجُّ عليه بذلك؟! ليس ذلك منطقيَّاً، بل لأنَّ الجميع يعرفون ذلك – فكيف يا لك الويل تَعدلُ نفسك بعليِّ وهو وارثُ رسول الله ووصيهُ وأبو وُلدِه – حتَّى هذه العبارة عبارة دقيقة (وأبو وُلدِه)، لأنَّهم قد يعترضون لماذا تقولون عن الأَئِمَّة بأنَّهم أولاد رسول الله؟ فهذه القضيَّة كانت معروفة، لأنَّ النَّبيَّ قال: (الحسن والحسين ولَدَيّ ولكن من صُلبِ عليّ)، وهذه الرِّوايات موجودة في كتبهم، في كُتُب المخالفين. معاوية ماذا كتب إلى محمَّد؟ – من معاوية ابن صخر إلى الزّاري على أبيه – إلى الزَّاري يعني إلى الَّذي يذمُّ أباه ويُلحق به المعايب والنقائص – إلى الزَّاري على أبيه مُحمَّد ابن أبي بكر – الرِّسالة أيضاً طويلة، إلى أنْ يقول:- فكان أبوك وفاروقه – يُشير إلى عمر – فكان أبوك وفاروقه أوَّل من ابتزَّهُ حقّه – وأنت الآن تطالبني بأن أعطي لعليٍّ حقَّه والحال أنّ أباك هو أوّل من ابتزَّ عليَّاً حقَّه – فكان أبوك وفاروقه أوَّل من ابتزَّهُ حقَّه وخَالَفه على أمره، على ذلك اتّفقا واتسقا – يعني أبا بكر وعمر – ثُمَّ إنَّهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما فهمَّا بهِ الهموم – أرادا قتله – وأرادا بهِ العظيم – همّا بهِ الهموم وأرادا به العظيم، يُشير إلى ما جرى على بيتِ فاطمة، إلى قضيَّة الإحراق ومحاولة قتل الزَّهراء ومحاولة قتل الأمير، هذا هو كلام مُعاوية – فهمَّا بهِ الهموم وأرادا به العظيم – إلى أنْ يقول:- أبوك مهَّد مِهادَه – هذا الأمر الَّذي أقوم به الآن، أبوك مهَّد مهادَه، وهو الَّذي مهَّد الطريق له – أبوك مّهد مِهاده وبنى لملكهِ وسادة فإنْ يكُ ما نحنُ فيه صواباً فأبوك أستبدّ بهِ ونحنُ شركاؤه، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ولسلَّمنا إليه ولكنَّا رأينا أباك فعل ذلك بهِ من قبلنا فأخذنا بمثله فَعِب أباك بِما بدا لك أو دع ذلك والسَّلام على من أناب – الرِّواية طويلة، والحديث طويل، والحكاية مُفصَّلة، يمكنكم أن تقرأوها على صفحة 20، 21، 22، من الجزء الثَّالث من مروج الذهب ومعادن الجوهر. هذه الحقائق هي الَّتي طمسها الطبري والمؤرِّخون الَّذين جاءوا من بعده، لماذا؟ يقول: (كرهتُ ذِكرها لِمَا فيه مِمَّا لا يَحتمِل سُماعَها العامَّة)، وهذه رسالة واحدة، بينما الطبري يتحدَّث عن مكاتبات، فذكر (مكاتبات) وأنّه جرت بينهما رسائل عديدة، إذاً أين هي الحقيقة التأريخيّة؟ لاتوجد حقائق تأريخيّة، يا جماعة لا توجد حقائق تأريخيّة. أنتم تلاحظون! هذهِ هي كُتُب الحديث، أهمّ كُتُب الحديث، هذا صحيح البُخاري! وهذا صحيحُ مُسلم! أهمّ كُتُب الفقه والتشريع، وهذا الموطّأ لمالك! أهم كتب التأريخ، هذا تأريخ الطبريّ! أهمّ كُتُب التفسير هذا تفسير الطبريّ! هذا الدر المنثور! هذا تفسير الفخر الرازيّ! هذه أمّهات الكتب، هذا مروج الذهب للمسعودي! هذه أمّهات الكتب في المكتبة العربية، وفي المكتبة الإسلامية، وفي المكتب السُنِّية، بل حتَّى في المكتبة الشِّيعيَّة، هذه من أمّهات الكتب حتَّى في المكتبة الشِّيعيَّة، فعلماء الشِّيعة يرتعون فيها ليل نهار، أين هي الحقيقة التأريخيّة في كُلِّ هذا؟ وما هذه إلَّا أمثلة، والموضوع يجري على هذه الطريقة. أكبر ساحة وأكبر ميدان في العالم ربّما كما يعلق بخاطري، ساحة النَّصر بباريس الَّتي فيها قوس النَّصر، من زار منكم قوس النَّصر بباريس سيجد أسماء موجودة، أسماء القادة والضُبَّاط الَّذين أعدمهم نابليون بونابرت في ساحة المعركة، حكم عليهم بأنَّهم خونة لأنَّهم اعترضوا على قراراتهِ فأعدمهم في ساحة المعركة، ولكن حين أرجعهم إلى أهاليهم لُفُّوا بالعلم الفرنسيّ ومع بيانات للتكريم وأنواط شجاعة وبُيِّنوا للنَّاس أنَّهم ضحّوا بأنفسهم في سبيل الامبراطور، في سبيل بونابرت، وكُتِبت أسماؤهم على قوس النَّصر تكريماً لهم، وإلى يومك هذا أسماؤهم منقوشة، هم في الأساس خانوا الامبراطور ولكنَّهُ عرضهم للتأريخ عَلى أنَّهم قد ضحّوا بحياتهم في سبيلهِ! وانتشر في الإعلام الَّذي يُناسبُ ذلك العصر ما أراد بونابرت أن ينتشر، ولذلك فهو يقول كلمة صادقة، يقول: التأريخُ كِذبةٌ نحن كذبناها ونحنُ صدقناها..!! وما بين هذه الأكاذيب يمكن أنْ نجد شيئاً من الصدق كما يقال في الأمثلة الشَّعبية: (يفوتك من الﭽذاب صدجٍ ﭼثير)، يمكن أنْ نجد بين رُكام هذه الأكاذيب والأضاليل والأراجيف شيئاً من الحقيقة، وما نجدُ من شيءٍ يُشير إلى الحقيقةِ فهو لا يُمثِّل الحقيقة التأريخيّةَ الَّتي يتحدَّث عنها أحمد الكاتب وغير أحمد الكاتب، كما قلت البرنامج ليس ردَّاً على أحمد الكاتب ولكن للَّذين يُريدون أنْ يناقشوا موضوع الإمام على أنَّه حقيقةٌ تأريخيّة، أين هي الحقائق التأريخيّة؟ [ما تدلّونا بالله عليكم من يا باب نفوت، من يا باب نطلع، وين نروح وين نولّي؟! ليا صفحة نولّي] حتَّى نصل إلى ما يسمّى بالحقائق التأريخيّة؟! هذه هي أهم الكتب وأوثق الكتب وأصدقُ الكتب وكُلُّها أكاذيب وتدليس وخُداع وضلال وضَياع وتَيه، وهذه الأرقام بين أيديكم، وكذَّبوني ولو بلُقيمة..!! بإمكاني أنْ أستمرَّ معكم في حلقاتٍ طويلةٍ جدَّاً وفي رحلةٍ طويلة بين كُتُب الحديث والتفسير والتأريخ والسِّير والرِّجال والتراجم، بين كُلِّ أصناف الكُتُب، وكما عودَّتكم فإنَّني لا أذهب إلى الحواشي بل أذهب إلى أمّهات الكتب وإلى عيون المصادر، إنَّني أذهب إلى الرؤوس الكبيرة هكذا علَّمني منطقُ عليٍّ..!! إنَّني أقرعُ الرؤوسَ الكبيرةَ بالحقائق..!! هكذا تعلَّمت من عليٍّ وآل عليّ، معاويةُ كان يقولُ للعراقيين الَّذين يقدمون عليه بعد أن صار خليفةً في الشَّام،كان يقول لهم: (يا أهل العراق – الآن في هذا الزَّمان الَّذين نراهم يخرجون على الفضائيات [يمثمثون ما يعرفون يحﭽون]، وَلَكِنْ في ذلك الزَّمان، كان معاوية يقول حتَّى للنِّساء اللواتي جئن من الكوفة إلى الشَّام، هو بعث عليهنَّ، أو أنّهنّ ذهبن لأمرٍ من الأمور، فكانت الأصواتُ الكوفيّةُ العراقيّة تُلعلعُ في قُصُور الشَّامِ وكان معاوية يرتَجِف في بعض الأحيان حين يتذكَّرُ ليلَ الهرير، كانت هذه الأصوات تُعيده إلى ليلِ الهرير، فكان يقول:- ما أذربَ ألسنتَكم يا أهل العراق إلَّا ابنُ أبي طالب، ما جرَّأكم عَلَيَّ وما أذرب ألسنتَكم إلَّا ابنُ أبي طالب)، قطعاً في ذلك الزَّمان وليس الآن في زمن المتأتئين، ليس في هذا الزَّمان، في زمن الَّذين يُسيطر عليهم العيّ والعجز! في زمنٍ يغيبُ فيه البيان! وإنَّما يغيب البيان لأيِّ شيءٍ؟ لأنَّ القلوب خاوية، لأنَّ القلوب خاليةٌ من نور عليٍّ! لأنَّ العُقُول فارغة، فارغة من معارفِ عليٍّ! وإلَّا لو كانت قد مُلِئت تلك القلوب والعقول لفاضت وفاضت. ابن نباتة المصري، الخطيبُ المعروف ومن أشهر الخطباء في التأريخ، وما كان شيعيَّاً، كان خطيباً مميّزاً، مِنطيقاً، لوذعيّاً، حاضرَ البديهة، سريعَ النَّادرة، قيل له من أين لك كُلُّ هذا؟ قال: لقد حفظتُ من خُطَبِ الأنزع البطين سبعين خطبة، ففاضت ثُمَّ فاضت ثُمَّ فاضت، لا أريدُ أنْ أُطيل الحديث وأتشعَّب، وقت الأذان صار قريباً وقتُ أذان النَّجف، وقت أذانِ ديار عليٍّ صار قريباً، نذهبُ إلى فاصل الأذان وبعد الفاصل أعود إليكم. يا عليّ …!! سَلَامٌ عَلَى صَاحِبِ النَّحْرِ الدَّامِي وَالصَّدْرِ الظَّامِي وَالحَرَمِ الْمَسْلُوب … سَلَامٌ يَا حُسَيَن … سَلَامٌ عَلَى شَيْبِكِ الخَضِيب وَخَدِّك التَّرِيبْ … سَلَامٌ عَلَى بَدَنِكَ السَّلِيبْ وَثَغْركِ الْمَقْرُوعِ بِالقَضِيبْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه … لا زلنا في أجواء عرفة ويومُ عرفة هو يوم المعرفة، حتَّى في العُنوانِ وفي السِّمة والتسمية هُناك رمزيَّةٌ واضحة تُشيرُ إلى هذه المعرفة: (ذِرْوَةُ الأَمْرِ وَسِنَامُهُ وَمِفْتَاحهُ وَبَابُ الأَشْيَاء وَرِضَا الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الطَّاعَةُ لِلإِمَامِ بَعْدَ مَعْرِفَتَه)، كما يُحدِّثنا شيخنا الكليني في الكافي، في الجزء الأوَّل، عن زُرارة، عن إمامنا الباقر، وهذا هو يومُ إمامِ زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. أُواصل حديثي من حيثُ انتهيت، تبيَّن من خلال النَّماذج والأمثلة الَّتي طرحتُها بين أيديكم أنَّ ما يُسمَّى بالحقيقة التأريخية لا يُمكن أنْ نصل إليهِ ونحنُ نستمدُّ المعطيات من هذهِ الكُتُب المشحونةِ بالأغاليطِ والأضاليل والأكاذيب والأراجيف، كُتُبٌ يسودها التدليسُ والغُشُّ والخداع، هذه هي الحقيقة، الأمور تقلَّبت وتبدلَّت، الأيام كما يقولون: (قُلَّبٌ حُوَّلُ)، والأمور فيها قُلَّبٌ حُوَّلُ، والنَّاس يا صديقي قُلَّبٌ حُوَّل، هذه هي الدنيا، هكذا رأيناها ورآها الَّذين من قبلنا ولا زلنا نتصفَّحُ صحائفها في أبنائها وفي أحداثها وحوادثها، فأين هي الَّتي يقولون عنها حقائق تأريخية؟ ولا تنسوا، ليس الإمام حقيقةً تأريخية ولا فرضية فلسفية، الإمام حقيقةٌ إلهية..!! أعود كي أُكمل كلامي، فهذهِ كُتُب الحديث السُنيَّ من الطِّراز الأوَّل وكتب التفسير والتأريخ من الطِّراز الأوَّل، هل يجرؤ أحدٌ أنْ يقول بأنَّني ما جئتكم بكتبٍ من الطِّراز الأوَّل، هل يستطيعُ أحدٌ أن يُكذِّب هذه الحقائق، أعني بالحقائق حقائق التزوير، لأنَّ التزوير واضحٌ أمامكم، والتدليس يدلّ بنفسهِ على نفسه، المضامين والوقائع الَّتي أُشيرَ إليها تتحدَّث عن أُمَّةٍ عاشت بالكذب وعاشت على الكذب كبارها قبل صغارها..!! هذا هو واقع هذه الأُمَّة الَّتي سَلَب الله منها البركة، أليس الرِّوايات تُحدِّثنا: من أنَّ النِّداء جاء من بطنان العرش من السَّماء، من الملائكة، الملكُ نادى، نادى هذه الأُمَّة متى؟ حين سقط الحُسين على الرِّمال: (فَهَوَيْتَ إِلى الأَرْضِ جَرِيْحَاً تَطَؤُكَ الخُيُوْلُ بِحَوَافِرِهَا وَتَعْلُوكَ الطُّغَاة بِبَوَاتِرِهَا، قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبِيْنُك، وَاَخْتَلَفَتَ بِالاِنْقِبَاضِ وَالاِنْبِسَاطِ شِمَالُكَ وَيَمينُك)، كما تقول زيارة الناحية المقدَّسة – نادى المَلَك في الأرجاء ألا يَا أَيَّتُها الأُمَّة المُتَحيَّرة الضَالَّةُ بَعد نَبِيِّها لا وُفِّقتِ لَا لِفْطْرٍ ولا لِأَضْحَى – الإمام يقول:- لَا جَرَم وَالله إِنَّهم لَا يُوَفَّقُون وَمَا وُفِّقُوا حَتَّى يُؤْخَذ بِثأرِ الحُسَين – حتَّى ترفَّ تلك الرَّايات وهي تَقْدِمُ من الحجاز إلى كربلاء: (أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاء)..!! كتبٌ أخرى هي الَّتي يتصوَّرُ الكاتب أو غيرهُ من أنَّها قد تكشفُ الحقيقة، إنَّها كُتُب المهزلة، أيُّ كُتُب هذه الَّتي سمَّيتها كُتُب المهزلة؟! إنَّها كُتُب المسخرة! إنَّها كُتب المضحكة! الهزال بعينهِ! كُتُب الرِّجال! وأيُّ رجال..!! هذا هو: (رجال النجاشي)، بهذا الكتاب وغيرهِ مراجعنا وعلماؤنا حكموا بالإعدام على شهاداتِ ولادة الحُجَّة ابن الحسن، بهذا الكتاب وقرأتُ عليكم حين تحدَّث أحمدُ الكاتب في كتابهِ عن أسانيد روايات الولادة الشَّريفة، لقد اعتصم بهذهِ الكُتب، وهذه الكُتب الَّتي اعتصم بها وهو قد اعتصم بها اتِّباعاً لاعتصام مراجع الطائفة، فمراجعُ الطائفة يعتصمون بها ولا يعتصمون بآل مُحَمَّد!! يعتصمون بهذه القمامةِ الَّتي تسمَّى بعلم الرِّجال، هذا هو رجالُ النَّجاشي، من أوَّل الغلاف يبدأ الكذب، فالكتابُ ما اسمه رجال النجاشي، من هنا المكتوب يُقرَأ من عنوانه، هكذا تقولون، أو هكذا يقول النَّاس، عنوان هذا المكتوب كذبٌ، رجال النَّجاشي، ما هو اسم هذا الكتاب؟ إنّه تدليسٌ واضح، كي يُبرمجوا هذا العنوان بحيث أنّ الَّذي يتناول الكتاب يتصوّرُ أنَّهُ أمام كتابٍ رجاليّ، لكنَّ الَّذين دلَّسوا هذا العنوان دلَّسوا فقط على الجزء الأوَّل، بينما الجزء الثَّاني موجود ولا زال العنوان القديم موجوداً، فهل هناك كذبٌ أوضح من هذا؟! الجزء الثَّاني من أي كتاب؟ افتحوا هذه الطبعة (رجال النجاشي)، مؤسَّسة النشر الإسلامي، قم المقدسة، الطبعة التاسعة، 1429 هجري قمري، هذه نسخة محقَّقة عند أكبر مؤسَّسة من مؤسَّسات التحقيق التابعة للحوزة العلمية في قم، هذه مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، افتحوا الجزء الأوَّل، أين ينتهي؟ ينتهي عند صفحة 209، آخر اسم 554، ظفر ابن حمدون، هذا آخر اسم، يبدأ بعدها الجزء الثَّاني ماذا طُبع وماذا كُتِب هنا؟ – الجزء الثَّاني – ليس من كتاب رجال النجاشي، بل – من كتاب فهرست أسماء مُصنِّفي الشِّيعة – هذا هو الاسم الحقيقي للكتاب، يعني ما هو بكتاب رجالي، يعني هذا بالضَّبط مثل كتاب في الفيزياء يكتب عليه كتاب في الجغرافيا، علم الرِّجال شيء وفهرست لأسماء مُصنِّفي الشِّيعة شيء ثاني، هو الكتاب أساساً عنوانهُ عنوان مكذوب. بهذا الكتاب استعان أحمد الكاتب وأمثال أحمد الكاتب، قطعاً وقبلهم السيِّد الخوئي والسيِّد مُحَمَّد باقر الصَّدر والسيِّد السيستاني وسائرُ المراجع الكرام استعانوا بهذا الكتاب وأمثالهِ لتحطيم حديث أهل البيت، تحت أي مسمّى من المسميات، تحت مسمّى التحقيق، التنقيح، التدقيق، الحرص على منهج أهل البيت، على مذهب أهل البيت، سمِّ ما شئت، النتيجة واحدة، النتيجة بالنِّسبة للموضوع الَّذي بين أيدينا هي أنّ أحاديثَ الولادة لا صِحَّةَ لها، هذا هو أهم المصادر، رجال النجاشي كذبٌ كذبٌ كذبٌ، لأنَّ العنوان هو هذا: (الجزء الثَّاني من كتاب فهرست أسماء مُصنِّفي الشِّيعة)، ثُمَّ ماذا يقول؟ – وما أدركنا من مُصنَّفاتهم وذِكر طرف من كُناهم وألقابهم ومنازلهم وأنسابهم – وماذا؟ – وما قِيل في كُلِّ رجلٍ منهم من مدحٍ أو ذم – عبارة: (وما قيل) يعني أنَّ النجاشي ليس متأكِّداً فهو ينقل ما يُقال. أنتم تقولون يا علماءنا الأجلاء يا أساتذتنا في الحوزة العلمية، حينما نُدرِّس في المنهج الحوزوي ونأتي إلى كلمة (قيل) فماذا نقول؟ (قيل) تُشعِر بالتضعيف، هكذا تكتبون في الشروح، (قيل) تُشعِر بالتضعيف ولا تُشعِر بالقاطعية وبالصَّحة الواضحة الصريحة عند المؤلّف، الآن الظهور العرفي للكلام، أيّ واحد يقرأ هذه الجملة ماذا يفهم منها؟ يفهم منها أنَّ النَّجاشي نفسهُ لم يكن متأكِّداً مِمَّا ذكره من كلام، (وما قيل)!! الجزء الثاني من كتاب فهرست أسماء مُصنِّفي الشِّيعة. طبعاً إذا رجعتم إلى المقدِّمة ستجدون أنَّ النجاشي يتحدَّث عن أسماء كتب، وكتب لا علاقة لها بعلم الرِّجال، هو يقول في البداية:- أمَّا بعد فإنِّي وقفتُ على ما ذَكَرهُ السيِّد الشَّريف – لا نعلم من هو، البعض يقولون هو السيِّد المرتضى أو غيره لا ندري!! – أطال الله بقاءه وأدام توفيقه من تعيير قومٍ من مخالفينا أنَّهُ لا سلفَ لكم ولا مُصنِّف أو ولا مُصنَّف – ما عندكم كتب ومؤلّفات أو مؤلِّفين أنتم الشِّيعة، هو يقول:- وهذا قول من لاعلمَ لهُ بالنَّاس ولا وقف على أخبارهم – إلى أنْ يقول:- وقد جمعتُ من ذلك ما استطعتهُ – بغضِّ النَّظر عن أنَّهُ يعرف أحوالهم أو لا يعرف أحوالهم – جمعتُ من ذلك ما استطعتهُ من أسماء المؤلفين ومن أسماء الكُتُب – ثُمَّ يقول – ولم أبلغ غايتهُ – لماذا؟ – لعدمِ أكثر الكتب – هَمُّه في الكتب، ما همُّه في الرِّجال همُّهُ في الكتب – لعدم أكثر الكُتُب وإنَّما ذكرت ذلك عذراً – لمن؟ – إلى من وقع إليهِ كتابٌ لم أذكر – لم يقل عذراً إلى من عرف اسم رجلٍ من الرِّجال لم أذكرهُ، قال: إنَّني أعتذر عن عدم ذكر أيّ كتابٍ وقع في يد شخصٍ آخر لم أذكره، لم يعتذر عن عدم ذكر رجلٍ من الرجال، لأنَّ الرِّجل مشغول بذكر الكتب والمؤلفات. هو كتابه عبارة عن لستة، هو سمَّاه فهرست وأسمهُ القديم فهرست، وهذا هو الجزء الثَّاني، الَّذي حرَّف اسمَه العلَّامةُ الحلّي وابنُ داوود، البعض يسأل ما الدليل على ذلك؟ لا يوجد دليلٌ قطعي، ولكن أوَّل من سمّى هذا الكتاب بالرّجال بحسب ما بأيدينا من المصادر هما العلَّامة الحلِّي وابن داوود، وربَّما هُناك من سبقهم ولكن لا إشارة ولا دليل على ذلك، بالنَّتيجة العلماء هم الَّذين حرَّفوا اسم هذا الكتاب فحوَّلوه من الفهرست إلى الرجال، والطبعات القديمة أنا كان عندي طبعة قديمة في مكتبتي حينما كنت في مدينة قم، كان المطبوع عليها: (فهرست)، وليس الرجال، مطبوع على الغلاف الفهرست، فهرست النجاشي، وأدلُّ دليلٍ هو هذا الجزء الثَّاني، الجزء الثاني من كتاب فهرست أسماء مصنِّفي الشِّيعة حيثُ لا ذكرَ لهذا العنوان: (رجال النجاشي)..!! الأكثر من هذا حين نذهب إلى صفحة 101، رقم الترجمة 253، هو النجاشي يُترجم لنفسهِ، لم يذكر كتاباً لهُ في الرِّجال أصلاً، الرَّجُل قال بأنَّني مُؤلِّف هذا الكتاب وعندهُ كُتُب أخرى لا علاقة لها بعلم الرِّجال، فلا يملك الرَّجُل كتاباً في علم الرِّجال، قال هو مُصنِّف هذا الكتاب، لهُ كتاب الجمعة وما ورد فيهِ من الأعمال، وكتاب الكوفة، كتاب الجمعة هل لهُ علاقة بعلم الرِّجال؟! كتاب الجمعة و ما ورد فيه من الأعمال، كتاب الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل، رجل معلوماته قليلة وسطحية، عندهُ معلومات تأريخية، وكتاب أنساب بني نصر ابن قُعين وأيَّامهم وأشعارهم، هؤلاء هم قبيلتهُ، هو من هذه القبيلة، كتاب أنساب، أخبار ينقلها عن شيوخ القبيلة، وكتاب مختصر الأنوار ومواضع النجوم الَّتي سمّتها العرب، لو كان الرَّجل رجالياً لألَّف كتاباً في الرِّجال، الرَّجُل لم يُؤلِّف، وها هو يذكر أسماء كتبه من كتابهِ، ربَّما لو قرأتُ من كتابٍ آخر فلربَّما ذاك المؤلِّف لم يذكر كتاباً في الرِّجال لهُ، لا يوجد عندهُ كتاب في الرِّجال، هو هذا الفهرست وانتهينا، فهرست أسماء مصنِّفي الشِّيعة، لستة في أسماء المؤلفين، كذبٌ صُراح، لو كان رجاليّاً لذَكَر لنا المصادر والأسانيد والقواعد والأسس الَّتي على ضوئها وثَّق وضَعَّف، كيف وثَّق وضعَّف؟ على ما قيل، هو يقول ولست أنا – وما قيل في كُلِّ رجل منهم من مدحٍ أو ذم – يعني ما قيل في أيِّ مكان ومن أيِّ جهة، وهذا واضح ولو كان عنده مصادر لذكر مصادر أقوالهم. وأكثر من هذا حتَّى لو أغمضنا النَّظر عن هذه القضيَّة، في صفحة 404، هناك دليلٌ واضح على أنَّ الكتاب قد تعرَّض للتحريف، فالنَّجاشيُّ هذا متوفّى سنة 450، وهذه القضيَّة معروفة بيٌن العُلماء، معروف أنَّ النَّجاشي توفي سنة 450 وها هو مكتوب على الغلاف 450 ولا يوجد تأريخ آخر، في صفحة 404 رقم الترجمة 170 في ترجمة محمَّد ابن الحسن ابن حمزة، يقول في آخر الترجمة – مات رحمهُ الله في يوم السبت سادس عشر شهر رمضان سنة ثلاث وستين وأربع مئة ودفن في دارهِ – يعني بعد وفاة النَّجاشي بثلاث عشر سنة، سنة ثلاث وستين وأربع مئة، النجاشي توفي سنة 450، هذا توفي سنة 463، فهل خرج النجاشي من قبرهِ وحضر دفنَ مُحَمَّد ابن الحسن ابن حمزة وتشييعه وبعد ذلك رجع إلى قبرهِ؟! أو بعثوا إليه بالكتاب إلى قبرهِ وصاحوا يا أيُّها النجاشي إنَّ مُحَمَّد ابن الحسن ابن حمزة توفّي اليوم رحمه الله وهذا هو يوم السبت سادس عشر شهر رمضان سنة ثلاث وستين وأربع مئة وقد دفن في داره، فأخرج النَّجاشي يدَهُ وبيدهِ قلم وكتب في الكتاب؟! هذهِ المعلومة كيف وصلت إلى هذا الكتاب والنجاشي مات سنة 450؟! ألا يدلّك هذا على أنَّ هذه الكتب هي كتب[ترللّي]، ماذا تقولون؟! العقول الَّتي تعتمد على هذهِ الكُتب كي تُثبت حقيقةً تأريخيةً أو تُريد أنْ تنفي حقيقةً من الحقائق الكبيرة على أساس هذهِ الخزعبلات، هذهِ عُقُول أعتقد أنَّ صاحبها وأنَّ أصحابها لو ذهبوا إلى [بيّاع الﮕرﮔري كي يشتروا ﮔرﮔري] بعقولِهم هذه فإنَّه سيرفض، [الﮕرﮔري] حلاوةٌ شعبيةٌ متواضعة تُصنَع من الطحين وشيء من أصباغ العطّارين وشيء من السكّر، وهي حلاوة رخيصة تعطى للأطفال، ربَّما هي أبخسُ الحلويات الشعبية ثمناً في العراق قطعاً في العصور القديمة، أعني في العقود الزَّمانية السَّابقة. ذكرتُ شيئاً لا بأس به لتغيير النَّمط في البرنامج، أيَّام الحصار، النظام البعثي أصدرَ قانوناً بأنَّ الَّذي يستعمل السُكَّر في صناعة الآيسكريم أو في صناعة الحلويات، في صناعة المعجّنات فإنّه يُعدَم، سمعتم بهذا في مكانٍ في العالم؟ نحنُ في العراق تُحفة في الماضي والحاضر!! نحنُ أُتحفنا بتُحَف ونُتحِفُ الآخرين بتُحَف أيضاً، ولا زلنا وبحمد الله نعيشُ بين التحف، [كُل تحفة عدنا ولا اللّخّة]، المهم، ما أطوّل عليكم السَّالفة، فكان هناك من الباعة المتجولين كيف يكسبون رزقهم، ماء من هذا الماء القُراح ماء مع شيء من أصباغ الأطعمة الرَّخيصة الَّتي تُباع عند العطارين، ويُضيفون إليها الدُبس، لأنَّ النِّظام كان يسمح بصناعة الحلويات ممزوجةً بالدبس، فبالنتيجة كانوا يصنعون مثلجات للأطفال، البعض منها يوضع في أكياس، والبعض منها توضع فيه خشبة أبو العودة على أساس، بقايا مكنسة، عيدان في المزبلة، يجمعونها، فيبيعونها على الأطفال، النَّاس ما كان عندها أموال بيدها ما تُسمَّى بالسيولة، الأموال محدودة، فكيف كان يبيع هذهِ المثلجات الرديئة والمتواضعة على الأطفال، صانعُ المثلجات هذا ويسمونها موطة، الموطة هو نوع من الأيسكريم الجيد في العراق كان يُصنَّع في أيَّام الخير في الأيَّام السَّابقة، نوع من الأيسكريم الجيّد بمستوى الأيسكريم الموجود في كل دول العالم، فيسمونها موطة، على أيِّ حال، فكيف يبيعونها وما هي العملة؟ فيبدو إنَّ العراقيين في ذلك الوقت رجعوا إلى عصر المقايضة. في الأزمنة القديمة ما كَانت تتوفَّر العُملة النقدية، فكانت النَّاس تبيع وتشتري بطريقة تُسمَّى بالمقايضة، يعني أنا أعطيك بضاعة وأنت تعطيني بضاعة، فالمُثمَن بضاعة، الْمُثمَن وهو هذه المثلجات، والثَّمن بضاعة أخرى، فما هو الثمن الَّذي كان يقبضهُ بائعُ المثلجات هذا؟ هو الأحذية والنعلان القديمة العتيقة في البيت، فإذا كان هناك من نعال عتيق يأخذه الطفل يعطيه لبائع المثلجات فيعطيه قطعة من هذه المثلجات في كيس أو إذا كانت من النوع السوبر يعني موضوعة فيها عودة من مكنسة قديمة أو من عيدان المزابل! باعتبار هذه متطوّرة يعني فيها عود، فماذا كان يصيح لتنبيه الأطفال حينما يأتي يسير في الأزقة، كان هكذا ينادي بائع المثلجات في العراق: (حَلِّي حلﮕك بنعال)، يعني أدخل الحلاوة إلى فمك يا عزيزي وهو يُخاطب الأطفال الصِّغار، أطيارُ الجنان، طيور الجنَّة: (حَلِّي حلﮕك بنعال)، يعني جئني بنعال وأنا سأُحلِّي فمك، [حلﮕك] يعني فمك، فكان بائع المثلجات أيَّام الحصار يدور في المدن العراقية وهو ينادي خصوصاً في المناطق الشِّيعيَّة، المناطق السُنِّية كان وضعها أفضل، في المناطق الشِّيعيَّة كان يدور بائع المثلجات وهو ينادي: [حلي حلﮕك بنعال]..!! فأنا أقول أصحاب هذه العقول الَّتي تحدَّثتُ عنها قبل قليل وقلتُ بأنَّ بائع [الﮕرﮔري] لن يقبل بها ثمناً، حتَّى هذا بائع المثلجات لن يقبل لها!! نعم هو يقبل بالنَّعال لكنَّهُ لا يقبل بهذه العقول!! فلو ذهبوا بعقولهم هذه كي يُحصِّلوا على كيسٍ فيه شيء من المثلجات فإنَّ بائع المثلجات سوف يطردهم، لذلك عليهم أن يفكِّروا أنْ يشتروا بها شيئاً آخر..!! هذا هو رجالُ النجاشي رحمةُ الله على النجاشي، بعد ثلاثة عشرة سنة خَرج من قبره وأكمل الكتاب، مُعجزة!! مثل هذا الكتاب مضحكة أم لا؟! مسخرة أم لا؟! على فرض أنَّ النَّجاشي اسم كتابهِ رجال النجاشي وليس الفهرست، وعلى فرض أنَّ النجاشي هو من كبار علماء الرجال المحقِّقين، وعلى فرض، وعلى فرض، كما يُسمِّيه عُلماؤنا الكبار: (خرّيت الصناعة)، على أي حال، ونحرير الفن، يقصدون بالفن يعني علم الرِّجال، فهذا الخرّيت [أدري ورا 13 سنة شطلّعه من ﮔبره؟!] ألا يعني أنَّ الكتاب محرَّف؟! فمثلما حُرِّفت هذه المعلومة، بقية المعلومات أيضاً مُحرَّفة، وبالمناسبة هذا هو أهمّ كتاب رجالي!! إذا هذا [طلع خْرِطي الباقي هم خرطي! وقطعاً هذا خرطي] أنتم الآن لاحظتم الكذب يبدأ من عنوان الكتاب، هذا هو رجال النجاشي، هنيئاً للَّذين يُسقطون شهاداتِ ميلادِ الإمامِ الحُجَّة بِكُتُب من مثل هذه الزبالة. وهذا: (الفهرست)، فهرست الطوسي هذا أيضاً اعتمد عليه الرِّجاليون وحطَّموا روايات ولادة الإمام صلواتُ الله وسلامهُ عليه، أوَّلاً: دعوني أقرأ لكم هذه الجملة من مقدِّمة الكتاب، يقول: لأنَّ كثيراً من مُصنِّفي أصحابنا وأصحاب الأصول – لأنَّ كثيراً، انتبهوا للجملة – لأنَّ كثيراً من مُصنِّفي أصحابنا وأصحاب الأصول – هو هذا الكتاب الفهرست ما هو؟ هو كتاب يجمع فيه أسماء أصحاب الأصول، الأصول يعني الكتب الأصلية الَّتي رُوِيت إمَّا عن الأَئِمَّة بشكل مُباشر أو فيما بينهم وبين الإمام واسطة، كما هو المشهور والمعروف بين علماء الحديث – لأنَّ كثيراً من مُصنِّفي أصحابنا وأصحاب الأصول – ماالذي فيهم؟ – ينتحلون المذاهب الفاسدة وإنْ كانت كُتُبهم مُعتمدة – فما قيمة علم الرِّجال حيئنذٍ؟ وهل هذا الكلام منطقي أنَّ أكثر أصحاب الأصول من أصحاب الأَئمَّة مذاهبهم فاسدة! هذا الكلام صحيح؟ تقبلون بهذا الكلام؟ هذا هو كلام الطوسيّ في المقدمة – لأنَّ كثيراً من مُصنِّفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وإنْ كانت كُتبهم مُعتمدة – هذا الهراء ما هو؟ ما هو هذا الهراء؟ نحنُ إذا أردنا أنْ نذهب فنجد كم اسماً ذكر الطوسي في هذا الكتاب؟ 912 اسم، 912 وثَّق منهم 86، ووصف 14 بأنَّهم ضِعاف، والبقيَّة لا يعرف عنهم شيئاً، فهل أنَّ الرَّجُل يُعَدُّ رجاليّاً وعندهُ خبرة بالرِّجال؟! إذاً هو حالهُ حال النَّجاشي يذكر فيهم ما قيل عنهم، ما هو موجود من الكلام، ليس معلوماً هل هو صحيح أو غير صحيح، حاله حال النَّجاشي، لو كان عنده علم بالرِّجال والأحوال وعنده مصادر فلماذا لم يتحدَّث عن البقية الباقية من مجموع 912؟! تحدَّث عن 86 بأنَّهم ثقات و 14 ضعفاء والباقون لا علم لهُ بأحوالهم!! ثُمَّ أنّ هذا الكتاب هو كتاب محرَّف، تقول كيف؟ تعال إلى هذه النسخة، تحقيق مؤسَّسة نشر الفقاهة، المحقِّق شيخ جواد القيومي، المطبعة مؤسَّسة النَّشر الإسلامي، شعبان 1417 هجري، هو في المقدِّمة يتحدَّث عن أخطاء كثيرة وعن سقط وتصحيف، أساساً كتب الطوسي الَّتي كتبها بقلمه معروفة بين أهل العلماء بأنّها مشحونة بالأخطاء، لم يكن الشَّيخ الطوسي دقيقاً في الكتابة والتأليف!! هذه القضيَّة يعرفها المحققون، أساساً كتب الشَّيخ الطوسي في الحديث وغير الحديث في كُلِّ ما ألَّف فكُتبه مشحونة بالأخطاء والتصحيف من عندهِ هو، وبعد ذلك تعرَّضت للتصحيف كباقي الكُتب، ولذلك في صفحة 25، يتحدَّث هنا المحقَّق عن الإشكالات الَّتي واجهتهُ في التحقيق، يمكنكم أن تُراجعوها، ما عندي وقت أن أقرأ ودعوني من هذا، قد يقول قائل بأنَّ كُلَّ الكُتُب القديمة إذا ما حُقِّقت فإنَّ سقطاً وتحريفاً وتصحيفاً يمكن أن يُوجد، بغضِّ النَّظرِ عن هذا. إذا ما ذهبنا من نفس هذه الطبعة إلى صفحة 240، هو يُترجم لنفسه مُحَمَّد ابن الحَسن الطوسي، بحسب هذهِ النسخة الموجودة الشَّيخ الطوسي لم يذكر تفسيره التبيان، لأنَّ تفسير التبيان هو آخر كتاب ألَّفهُ ومات بعدهُ، آخر كتاب ألَّفه، لذلك هنا لم يذكر تفسير التبيان، ذكر كُلَّ مؤلفاتهِ ولم يذكر تفسير التبيان، توجد نسخة أخرى، موجود في الحاشية، توجد نسخة أخرى من الفهرست، هناك من أضاف هذه الإضافة مكتوب في الحاشية – ولهُ كتاب التبيان في تفسير القُرآن لم يُرَ مثله – قطعاً المؤلِّف لا يمدح كُتُبَه، هذه العبارة، حتَّى عبارة (ولهُ)، لا يقول عن نفسهِ وله كتاب التبيان، فيعني أنّ هذا الكلام أُضيف على نسخة من نُسخ هذا الكتاب، يعني العلماء أو دعني من العُلماء، الَّذين يشتغلون في حقلِ الاِستنساخ في حقل العلم، في حقل الكتب كانوا يُحرِّفون، الدليل هو هذا، الدليل هناك نُسخة أخرى مخطوطة موجودة من كتاب الفهرست للطوسي مُضافة إليها هذه العبارة: (ولهُ كتاب التبيان في تفسير القُرآن لم يُرَ مثله)، يعني أنّه لا توجد أمانة علمية، فالَّذي يُضيف هذه العبارة يُضيف غيرها، ومن سَرَق الذرَّة سرق الدُرَّة، الذرّة يعني هذه أجزاء التراب الَّتي ترى في ضوء الشمس فمن سرق الذرة، من سرق ذرة التراب فإنه سوف يسرق الدُرّة، هذهِ هي الكُتب عبارة عن لستة و هذا لستة ليس أكثر من ذلك. حتَّى النجاشي النَّجاشي عدد الأسماء الَّتي ذكرها ذكر: 1269، الَّذين وثَّقهم ومدحهم حدود: 683، والبقيَّة ما عنده معلومات عنهم، ولكن لأنَّهُ وثَّق عدداً أكثر، وضَعَّف مجموعةً ليس كالطوسي حيث أنّ الأعداد الَّتي مدحها وقدحها قليلة، صار هذا الكتاب من أهم الكتب واضطرّوا إلى تحريف عنوانه من الفهرست إلى رجال النجاشي هكذا تجري الأمور في تدليسٍ وخداعٍ واضحٍ!! هذا هو كتاب الفهرست. أمَّا رجال الطوسي: رجال الطوسي دعوني أذكر لكم بأنّ هذا الكتاب هو عبارة عن لستة، المفروض أن يسمّوا هذا الكتاب قائِمة الطوسي، أو لستة الطوسي، فقط أسماء فلان فلان فلان فلان، هذه لستة من الأسماء، العدد الكلي: 6429، الَّذين لم يتحدَّث عنهم لا بالتوثيق ولا بالتضعيف تعرفون كم عددهم؟ العدد الكُلي: 6429، في اللستة، الَّذين ما تحدَّث عنهم: 6229، فقط أسماء، من روى عن الإمام الباقر فلان فلان فلان من دون، ويُسمَّى بكتاب الرِّجال، أسماء لا نعرف عنها شيئاً وهو لا يعرف عنها شيئاً، فلماذا يقال بأنَّ هذا الكتاب كتاب في علم الرِّجال؟ إذا كان المراد كتاب في ذكر أسماء الرِّجال، فقط لستة، لا بأس، يعني لا فائدة فيه، فأين هي كتب الرِّجال؟! ونحنُ في أجواء كُتُب الرِّجال دعوني أعرض عليكم هذا المقطع من فيديو، برنامج أسبوعي يعرض على قناة العهد الفضائية، برنامج أسمه (أموال) يُقدِّمهُ أحد إعلاميّي القناة حيدر غازي، هذا البرنامج يرصد ما يجري في الواقع العراقي … نشاهدُ معاً: [قال مصرف الرافدين العراقي إنَّهُ وضع آلية مُحدَّدة لمعرفة الموظفين المشمولين بالسلفة بعد تدقيقها واتخاذ اللازم فيها وأشار المصرف إلى أنَّهُ تم رفع أسماء الطلبات المقبولة بواسطة الموقع الالكتروني للمصرف وعلى شكل وجبات ليتم بعد ذلك استكمال الاجراءات الإدارية من قِبل الموظف ومنحهِ السُلفة وفي بيان (ملاءً) … من الأسماء المشمولة بسلفة الموظف أو موظفي الدولة الَّتي يتم اطلاقها مؤخراً والَّتي تبلغ عشر ملايين دينار لكل موظف أُعلنت عن طريق الموقع الالكتروني للمصرف وتسدد على شكل أقساط شهرية لمدَّة خمس سنوات من قبل الموظف بعد استلامها، لكن المشكلة وين؟ المشكلة تكمن في أن هذا القرض بعض، وأشدد على كلمة بعض استغلوا مكانهم داخل المصرف في الحصول على قروض وهمية بأسماء عجيبة وواضحة فكيف بهم إذا أدخلوا أسماء حقيقية بأوراق مزيفة، لنشاهد بعض هذه الأسماء هذا الاسم رقم خمسة: (سيبس ابلت بتبلاب اتبلتب) وزارة البلديات والأشغال العامة، هذا يعني يشتغل بهاي الوزارة، اسم الأم ما أعرف يعني هذا، ما أعرف اشقراه بس هذا اسم الأم، ورقم الهوية أربع واحدات!! شنهو الصدفة هاي، اسم أبوه واسمه هيﭽي واسم أمه هيﭽي وهاي أربع واحدات ومستلم قرض!! نتحوَّل للاسم الآخر اللي بعد هذا الاسم خل أول شيء نعرض الصورة: 713 اللي هو الرقم مال هذا الموظف، عندنا موظف بهالاسم هذا اسمه: (عتوي بزون جلب مسودن)، طبعاً أنا آسف على هذا الاسم وأنا أعتذر إذا أكو شخص بهالاسم هذا يعني أنا أعتذر أنه أظهرناه يشتغل بوزارة التربية هذا الموظف واسمه (ضبعة واوي ذيب) شنهو هاي حديقة الحيوانات، يعني أدري تجدبون علينا هسه ماشي، تجذبون على مدراءكم اللي أنتو مثلاً راح تنطوهم فد نسبة، تجذبون على الأشخاص اللي قاعدين على الحاسبة اللي هم راح ياخذون فد نسبة معينة، بس ياخي ما تجذبون علينا، يا خي احنا شعب واعي إعلام واعي، لذلك أنتظر رد من مصرف الرافدين على هذه العتاوي الموجودة أو الفضائح، وللعلم سأُكرِّر هذه الأسماء كُلّ حلقة، أُكرر هذهِ الأسماء كلّ حلقة حتَّى نسمع الرَّد من المصرف أو من الوزارة أو ما ينفي ذلك و يبرره يا إما بخلل أو يُحاسب المسؤولين اللي قائمين على هذا واللي يسرقون قوت الشعب العراقي… ]. هذه الحلقة عُرضت على قناة العهد الفضائية يوم 7 ذي الحِجَّة يعني قبل يومين، 9/9/2016، في اليوم التاسع من الشهر التاسع، الأسماء أنا كتبتها على الورقة، هذا الَّذي يشتغل في وزارة الأشغال اسمهُ: (سيبس أبلت بتبلاب أتبلتب)، هذه مثل بعض المُغلقات اللفظية أنَّهُ إذا تكرِّرها خمس مرات مثلاً بشكل صحيح فيعطوك كذا مثلاً، أنت نجحت في تكرارها، يعني هذا الاسم هو بأيّ لغة مثلاً، يعني هذا بالهيروغليفي؟ بأيّ لغة هذا (سيبس أبلت بتبلاب أتبلتب)؟ وأسم الأم ما استطاع مجري البرنامج أن يقرأه، الحقيقة ما كان الاسم واضح وإلَّا حاولنا أن نقرأه، أمَّا هذا الموظف في وزارة التربية (عتوي بزون جلب مسودن)، وأسم أمه هو قال، قال ماذا نحن في حديقة حيوانات؟ والواقع هو هذا، فهذا عتوي بزون جلب مسودن، اسم أمه مسجّل أيضاً (ضبعة واوي ذيب)، استهتار واضح، نحنُ نعرف كيف تجري الأمور، استهتار واضح، هؤلاء كم زوَّروا من الأسماء الحقيقيَّة بحيث صارت عندهم تخمة، وهم لا يخافون من شيء ولا يُراعون أيّ شيء..!! الحدّ الَّذي وصل إلى الاستهزاء والسخرية، فقال: ماذ تريد مثلاً أنْ أكتب لك؟ قال له: اكتب هذا الاسم: عتوي بزون چلب مسودن اكتب اسم أمه، أنتم عراقيون تعرفون هذه الطريقة، واسم أمه ضبعة واوي ذيب، وأما هذا: (سيبس أبلت بتبلاب أتبلتب)، هذا قطعاً كان وهو يطبع على الكيبورد هذه الحروف مُتقاربة في الطباعة، فيعني أنّه أيّ شيء يُضيفه!! ثِقُوا بأنّ هذا هو أوثق من علم الرِّجال، هذا أوثق من علم الرِّجال، أقول هذا عن تجربة..!! وهذا الفساد الموجود في المؤسَّسة الحكومية العراقية هو نابع من الفساد الموجود في المؤسَّسة الدِّينيَّة، هذا الفساد الرجالي هنا نابع من الفساد الرجالي هناك، أنا جئت بهذا المثال لكي أُبيِّن لكم كيف تُزوَّر الحقائق، وها نحنُ نعيش في هذا العصر في عصر الوثائق والمعلوماتية والأمور واضحة وشاخصة، وسائل التواصل بيِّنة والاتصالات متوفرَّة وكلّ شيء موجود، ولاحظوا الأمور كيف تجري، فما بالك بأشخاص يكتب عنهم النجاشي هو لا رآهم ولا سمعهم، فيما بينهم وبين النجاشي مثلاً مئتين أو ثلاث مئة سنة، والنجاشي لا عندهُ مصادر ولا يعرف، كتابه مزوّر، وهو يجمع فقط أسماء مصنفي الشِّيعة..!! فكيف تكون هذه الكتب مصادر لمعرفة الحقائق؟! وهذه الكتب مثل كتاب الفهرست، ومثل كتاب رجال الطوسي، رجل ماذا يقول عن المعصوم وعن رسول الله؟ هذا تفسير التبيان هذا الجزء الرابع ومرَّ علينا كلامهُ:- من أنَّهم ينسون ويسهون ما لم يُؤدِّ ذلك إلى الإخلال بكمال عُقُولهم ؛ وينسون كثيراً من مُتصرفاتهم أيضاً، وما جرى لهم فيما مضى من الزَّمان – هذا الكلام في الجزء الرابع من تفسير التبيان، الناشر ذوي القربى، تاريخ الطبع 1431 هجري قمري، هذا الكلام موجود على صفحة 165، 166، هذا إذا يُقيّم النَّبي والأَئِمَّة بهذا التقييم أنا كيف أُصدق بتقييمهِ لأشخاص هو أصلاً لا يعرفهم؟! كم من المعلومات عند الطوسي عن رسول الله في القُرآن وفي الحديث وفي الكتب وبالتالي خرج بهذا التقييم؟! عقول [ترللّي] ماذا تقولون أنتم؟! كم عنده من المعطيات الشَّيخ الطوسي حتَّى يُقيَّم رسولَ الله بهذه الطريقة؟! فما بالك وهو لا يمتلك أي معطيات عن هؤلاء، كيف يُقيّمهم؟ [مسودن أنا مسودن]، الظاهر أنا جدّ هذ الموظف: (عتوي بزون جلب مسودن) ، مجنون حينما أجد أنَّ رجلاً برغم كَلّ المعطيات الهائلة الموجوة في القُرآن وفي الحديث وهذا الكتاب في آخر عمره آخر كتاب ألَّفه، كُلّ هذه المعطيات وبالتالي يقول عن رسول الله وعن المعصومين بأنّهم ينسون كثيراً من مُتصرّفاتهم أيضاً، وهم أساساً ينسون ويسهون إلى الحدّ الَّذي لا يكون هناك خلل في عقولهم، [يعني ما يصيرون مخابيل!] – وينسون كثيراً من متصرَّفاتهم أيضاً وما جرى لهم فيما مضى من الزَّمان – بالله عليكم هذا الَّذي يُقيِّم رسول الله ويُقيّم أميرَ المؤمنين ويُقيّم الزَّهراء بهذه الطريقة، هذا أنا أقبلُ تقييمَهُ لأُناسٍ ما عندهُ معطيات عنهم؟! لذلك ما هو بغريب حين يقول هذا الكلام، حين يقول: – لأنَّ كثيراً من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وإنْ كانت كتبهم معتمدة – ما هو بغريب هذا الكلام حين يقول عن كبار رواة الحديث وأصحاب الأصول الأصلية بأنَّهم ينتحلون المذاهب الفاسدة..!! ما هي المذاهب الفاسدة؟ الغلوّ، الاعتقاد بالأَئِمَّة الاعتقاد الصَّحيح هي هذه المذاهب الفاسدة!! وإلَّا في ذلك الوقت ما كانت الماسونية موجودة مثلاً كما في زماننا وينتمون إليها كما اِنتيمتُ إليها أنا مثلاً، ما كانت موجودة، ولا كانت المخابرات البريطانية أيضاً موجودة حتَّى مثلاً يكونوا عُملاء عندها وحتَّى المرجعية ما كانت موجودة في ذلك الوقت، كانت ولكن بوجود الإمام المعصوم أيُّ قيمةٍ لها؟! فما كانت المخابرات البريطانية مثلاً في ذلك الوقت تُفكِّر في خطر المرجعيَّة الداهم الَّذي سيمزقُ الحضارة الأوربية!! وبالتالي لابُدَّ من وجود عُملاء لأجل الوقوف بوجه هذا المدّ الحضاري الهائل، لأنَّ المخابرات البريطانية ولأنَّ الغرب يخافون أنَّ المرجعيَّة تتخذ قراراً في أنَّ ترفع عدد الخرطات من تسعة إلى عشرة وبالتالي سيؤدي ذلك إلى ضرب طبقة الراديوم في الفضاء وهذا يؤدي إلى انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، يعني الأقمار الصناعية لا تستطيع أنْ تعمل حينئذٍ، وربَّما سيؤدي إلى حدوث موجة كهروطيسية أو كهرومغناطيسية كما يقولون وهذا يؤدي حتَّى إلى انقطاع التيار الكهربائي..!! يتوقعون أن تكون موجة هائلة ربَّما تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي في العالم لمدة عشرين سنة، من هنا تتوقع المخابرات الغربية الخطر الداهم الَّذي سيأتي من قِبَل المرجعيَّة الشِّيعيَّة، لذلك ماذا يفعلون؟ يدفعون بصنيعتهم مثلي وأمثالي للنيل من هذه المؤسَّسة الدِّينيَّة الرَّصينة الَّتي تعتمدُ على مثل هذه الخزعبلات..!! والَّتي تسميها علماً وتُحطِّم بها حديثَ آل مُحَمَّد صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. ثقوا أنَّ هذه القوائم الَّتي أُشير إليها هي في الفيديو المتقدِّم: o سيبس أبلت بتبلاب أتبلتب. o عتوي بزون جلب مسودن. o وضبعة واوي ذيب. ثقوا أنَّ هذه الأسماء أكثر رصانة وأكثر دقة وأكثر اتقاناً وأكثر متانةً إذا ما قمُنا بمقارنة فيما بينها وبين الخرابيط الكثيرة الموجودة في كُتُب الرِّجال الشِّيعيَّة الَّتي يعتمدها من يعتمدها لتمزيقِ أحاديثَ ولادةِ إمام زماننا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. وقتُ البرنامج طال والحقيقة تعبتُ من كثرة الحديث، كان بودِّي أنْ أُكمل حديثي لكنَّني سأترك البقيَّة لحلقة يوم غد، للحديث صلة وللكلام بقيَّة. أَتْركُكُم فِي رِعَايَةِ القَمَر … يَا كَاشِفَ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِ أَخِيكَ الحُسَين إكْشِف الكَرْبَ عَنْ وُجُوهِنَا وَوُجُوهِ مُشَاهِدِينَا وَمُتَابِعِينَا عَلَى الإنْتَرْنِت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين … أَسأَلُكم الدُّعَاء جَميعاً … ملتقانا غداً على نفسِ هذه الشاشة … في أمَانِ الله … ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الأحد 9 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 11 / 9 / 2016م لازال الحديث في ملامح المنهج الأبتر الذي يتحرّك بفاعلية ونشاط شديدين في وسطنا الشيعي وخصوصاً في المؤسسة الدينية الشيعة الرسمية. لازال الكلام متصلاً مع الحلقة الماضية، والحديث عن ظاهرة أحمد الكاتب. استعراض سريع لِما مرّ في الحلقة السابقة يُعطي صوة مختصرة عن سيرة أحمد الكاتب، ونشاطه في الجوّ الديني والسياسي والإعلامي، والمنهجيّة التي اعتمد عليها أحمد الكاتب في تغيير عقيدته وإنكاره لوجود الإمام الحجّة صلوات الله عليه. وقفة عند كتاب [الإمام المهدي حقيقة تأريخية أم فرضيّة فلسفية] لأحمد الكاتب، وهو نفس الكتاب الذي وقفتُ عنده في الحلقة الماضية تحت عنوان [تطوّر الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه] فإنّ عنوان [الإمام المهدي حقيقة تأريخية أم فرضيّة فلسفية] هو العنوان الرئيس، والعنوان الآخر عنوان فرعي. ● الذي يقوله أحمد الكاتب أنّه مِن خلال بحثه توصّل إلى النتيجة التالية: — أولاً: الإمام المهدي ليس بحقيقة تأريخية، فإنّ الوثائق والأدلّة التي يُمكن أن يكون مضمونها دليلاً على ولادته ووجوده ككائن فيزيائي وبالتالي سيكون حقيقة تأريخية – بحسب ما هو يفكّر – هذه الأدلّة والوثائق والشهادات لا قيمة لها بحسب قذارات علم الرجال. — ثانياً: أنّ علماء الشيعة طبّقوا نفس المنهج ووصلوا إلى نفس النتيجة، ولكنّهم لفّوا لفة أخرى مِن خلال الدليل العقلي الذي سمّاه بـ(الفرضية الفلسفية)! ● يقول أحمد الكاتب في الصفحة 51 من كتابه [الإمام المهدي حقيقة تأريخية أم فرضيّة فلسفية]: (الفصل الأول: أدلة وجود الإمام المهدي “محمّد بن الحسن العسكري”- المبحث الأوّل: الإستدلال الفلسفي.. المطلب الأوّل: العقل أولاً…) فهذا الدليل الذي سمّاه (بالفلسفي أو العقلي) يرتكز على ما يلي.. يقول: أولاً: ضرورة وجود الإمام في الأرض، وعدم جواز بقاء البلاد فوضى بلا حكومة. ثانياً: ضرورة عصمة الإمام من الله، وعدم جواز حكومة الفقهاء العدول أو الحكام العاديين. ثالثاً: وجوب حصْر الإمامة في أهل البيت وفي أبناء علي والحسين إلى يوم القيامة. رابعاً: الإيمان بوفاة الإمام الحسن العسكري، وعدم القول بغيبته ومهدويّته. خامساً: الالتزام بقانون الوراثة العمودية، وعدم جواز انتقال الإمامة إلى أخوين بعد الحسن والحسين. هذا الدليل الذي طرحه أحمد الكاتب ليس دليل فلسفي كما سمّاه، هذا دليل مركّب مِن مقدّمات وجدانية، ومِن نقل، ومِن بديهيات عقلية.. وحتّى البديهيّات العقلية ربّما لا تكون بديهيات عقلية محضة، وإنّما أدلّة وجدانية يقرّها العقل مثل ضرورة (عصمة الإمام) على سبيل المثال. ● خلاصة القول كما في عنوان الكتاب: [الإمام المهدي حقيقة تأريخية أم فرضيّة فلسفية] بحسب ما وصل إليه أحمد الكاتب: وجد أنّ علماء الشيعة لا يُثبتون ولادة الإمام الحجّة عليه السلام مِن خلال روايات الولادة وإنّما يُثبتون وجوده مِن خلال ما أسماه (الدليل الفلسفي، أو الدليل العقلي)! ● ما أقوله أنا – وسيأتي بيانه في حلقة يوم غد – هو: أنّ الإمام ليس حقيقة تأريخية حتّى نُحاكمه بقواعد التأريخ، وليس فرضية فلسفية حتّى نُحاكمه بقواعد الفلسفة، الإمام حقيقة إلهية وسيأتي بيان ذلك في حلقة يوم غد. ● مُشكلة أحمد الكاتب أنّه لا يستطيع أن يُثبت أنّ الحجّة بن الحسن حقيقة تأريخية بسبب ما جاء في علم الرجال! ما هو التأريخ أساساً حتّى نبني العقائد على التأريخ؟ العقائد لا تُبنى على التأريخ.. نعم يُمكن أن تكون المعلومات التأريخية في حاشية العقيدة. (هذا ما سأتحدّث عنه حينما أُبيّن لكم أنّ الإمام الحجّة هو حقيقة إلهية). فإذا كان الإمام حقيقة إلهية، فلابد إذن أن نرجع إلى المصادر الإلهية حتّى نعرف هل هذه الحقيقة موجودة أم ليستْ موجودة. ● بغضّ النظر عمّا قاله أحمد الكاتب.. المؤسسة الدينية هكذا تتعامل مع آل محمّد صلوات الله عليهم على أنّهم أناس عاديون! فالمؤسسة الدينية تصرّ دائماً على إلحاق النقص بالمعصوم، لأنّهم ينظرون إليه على أنّه كائن تأريخي، كائن عادي عنده بعض المَلَكات فقط، ومن أمثلة إلحاق النقص بالمعصوم هو: ● أنّ المراجع يتحدّثون عن نجاسات تخرج مِن بدن المعصوم، وقدّ مرّ الكلام كيف يتحدّثون عن نجاسة دمه! بل عن نجاسات دمه حتّى لو كان بالنحو الإعجازي! ● المراجع يتحدّثون عن شخص ينسى كلّ ما جرى عليه، كما فعل الطوسي وغير الطوسي! ● إنّهم يتحدّثون عن شخص يخرج عن حدود الآداب، كما فعل كاشف الغطاء مع الزهراء عليها السلام! فأهل البيت في نظر المؤسسة الدينية أُناس عاديون، المراجع ينظرون إليهم على أنّهم وجودات تأريخية كأمثال جنابهم.. ولذلك حين يأتون إلى الأخماس يقولون أنّه لا يملكها، إنّما هي ملك للمنصب! وأي شخص يجلس في هذا المقام فهو يملك المال، فالمرجع لأنّه يجلس في هذا المقام فهو يملك أموال الخمس، ومن هنا يُورثه إلى أولاده! جولة في عوالم التأريخ (في أهمّ وأوثق كتب الحديث السنيّة وكتب التفسير وكتب التأريخ) لنرى هل أنّ هذه الكتب تذكر الحقائق بالفعل كما هي؟ أم أنّ الحقائق فيها مُزوّرة. وقفة عند كتاب [صحيح البخاري] – كتاب مناقب الأنصار: باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة (مقطع من الرواية تُبيّن لنا متى كانت هجرة النبي الأعظم). ● ممّا جاء فيها (حتّى نزل بهم في بني عمر بن عوف وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأوّل) فهجرة النبي كانت في شهر ربيع الأوّل.. فلماذا المُسلمون جميعاً في السابق والحاضر مُنذ زمن عُمر وإلى يومك هذا يحتفلون بالهجرة ويُؤرّخون لها في بداية شهر المحرّم؟! أين هي الحقائق التأريخية؟! (المؤرّخ أهمّ شيء عنده الزمان، فإذا كان الزمان مزوّر والمكان مُزوّر، وإذا كان الأشخاص مُزوّرين فأين هي الحقائق التأريخية). وقفة عند [تأريخ الطبري :ج1] أيضاً يُثبت نفس المعلومة أنّ هجرة النبي كانت في شهر ربيع الأوّل جاء فيه: (أنّ النبي لمّا قدم المدينة وقدمها في شهر ربيع الأوّل) فلماذا المسلمون يحتفلون في شهر محرّم؟! فشيخ المحدّثين البخاري، وشيخ المؤرّخين الطبري كلاهما يذكران أنّ هجرة النبي كانت في شهر ربيع الأوّل! السنّة يأخذون مقداراً كبيراً مِن دينهم مِن عائشة، وأحاديثها تشتمل على أحداث تأريخية مهمّة جدّاً ترتبط بالعقيدة. وقفة عند حديث عائشة في [صيح البخاري] – باب الرجل لامرأته والمرأة لزوجها. تقول عائشة: (عن عبيدالله بن عبدالله قال: قالتْ عائشة رضي الله عنها: “لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتدَّ وجعُه؛ استأذن أزواجَه أن يُمرَّض في بيتي، فأَذِنَّ له؛ فخرج بين رجلين تخطُّ رجلاه الأرض، وكان بين العباس ورجل آخر “قال عبيدالله: فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة، فقال لي: وهل تدري من الرجل الذي لم تُسَمِّ عائشة؟ قلت: لا! قال: هو علي بن أبي طالب). فهذه زوجة النبي تُخفي الحقائق، تُخفي ذكر عليّ.. فكيف نثق بها حين تُحدّثنا عن رسول الله صلّى الله عليه وآله؟! (علماً أنّ عائشة طمستْ ذِكر عليّ في مواطن عديدة في البخاري). وقفة عند حديث عائشة في صحيح البخاري – كتاب الحيض- باب قراءة الرجل (القرآن) في حجر امرأته وهي حائض. تقول الرواية: (عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن)!! وقفة عند [صحيح مسلم] – باب حكم الفيء (ما جرى مِن كلام بين عمر وأمير المؤمنين والعبّاس عم النبي) يصف عمر رأي أمير المؤمنين والعباس في أبا بكر وعمر نفسه). ● ممّا جاء في الرواية (قال عمر : فلمّا توفيّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال أبو بكر: أنا وليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فجئتما تطلب ميراثك مِن ابن أخيك – يعني العبّأس – ويطلب هذا ميراث امرأتهِ من أبيها فقال أبو بكر: قال رسول الله ما نورث ما تركنا صدقة، فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً، والله يعلم إنّه لصادق بارٌ راشدٌ تابعٌ للحق. ثُمّ توفي أبو بكر وأنا وليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلمّ ووليّ أبي بكر، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً والله يعلم إنّي لصادقٌ بارٌ راشدٌ تابعٌ للحق..) هذا هو رأي علي عليه السلام في أبي بكر وعمر. ● قول عمر (فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً) هذا هو رأي أمير المؤمنين والعبّاس في أبي بكر، لأنّ أمير المؤمنين لم يعترض على كلام عمر حين قال هذا الكلام. يعني لو أنّ أمير المؤمنين كتب كتاباً في علم الرجال سيكتب فيه هذا الرأي عن أبي بكر وعن عمر أيضاً أنّ كلّاً منهما (كاذب آثم غادر خائن). ولو كتب عمر كتاب في علم الرجال لكتب فيه عن أبي بكر (أنّه صادق بارٌ راشدٌ تابعٌ للحق)! ● علماً أنّ نفس هذا الحديث جاء أيضاً في [صحيح البخاري] – في باب فرض الخمس ولكنّ البخاري دلّس في الحديث وحذف منه رأي أمير المؤمنين والعبّاس في أبي بكر وعمر! (راجعوا الحديثين وانظروا أيّهما أصحّ)! فأين هي الحقائق التأريخية؟! وقفة عند [صحيح البخاري] – باب نوم الرجال في المسجد. تقول الرواية (بسنده قال: حدّثني نافع قال: أخبرني عبد الله أنّه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي) وبحسب القرآئن أنّه كان ينام في مسجد رسول الله بسبب حالة الفقر المدقع الذي يعيشه، حيث كان منزل عائلته صغير. (علماً أنّ مسجد النبي لم يكن مفروشاً ولم يكن فيه سقف). ● أيضاً في رواية أخرى (في باب قيام الّليل) يقول عبدالله بن عمر (وكنت غلاماً شاباً وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله…) ● وفي رواية أخرى (في باب الأخذ على اليمين في النوم) أيضاً يقول ابن عمر (كنتُ غلاماً شاباً عَزَباً في عهْد النبي وكنت أبيت في المسجد..). فهذه الروايات تُبيّن حالة الفقر الشديد التي كان يعيشها عبدالله بن عمر إلى الحدّ الذي كان ينام في مسجد رسول الله، والمسجد لم يكن مفروشاً ولا مُسقفاً. ● في البخاري أيضاً – باب غزوة خيبر، يقول ابن عمر (ما شبعنا حتّى فتحنا خيبر). وخيبر فُتحتْ في عهد متأخّر! يعني أنّ ابن عمر كان يعيش الفقر الشديد والجوع قبل فتح خيبر.. فهل يُعقل أنّه كان يوجد طعام في بيت أبيه ويبقى جائعاً؟! وقفة عند كتاب [الموطّأ] لمالك بن أنس الذي يقدّمه بعض علماء السنة على البخاري، وهناك مَنهم مَن يعتبره أنّه في مستوى البخاري. في مقدّمة الكتاب هناك كلام منقول عن الشافعي يقول فيه عن كتاب الموطأ (ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله، أصح مِن كتاب مالك) أو نُقل عنه في لفظ آخر (ما وُضع على الأرض كتاب هو أقرب إلى القرآن مِن كتاب مالك) ● رواية في كتاب [الموطأ] – باب ما لا زكاة فيه من الحلّي والتبر والعنبر.. تتحدّث الرواية عن ثراء فاحش عن عند عبدالله بن عمر. (عن نافع أنّ عبد الله بن عمر كان يُحلّي بناته وجواريه الذهب، ثمّ لا يُخرج مِن حُليهنّ الزكاة). مِن أين جاء بالجواري، وقد كان يعيش فقراً مُدقعاً؟! بل إنّه كان يُسرف بطريقة حتّى الملوك لا يفعلونها! (راجعوا التأريخ ستجدون أنّ الملوك الأباطرة والأكاسرة والقياصرة ما كانوا يُلبسون الجواري الحلّي والجواهر من الذهب)! فكم يملك عبدالله بن عمر من الأموال؟ ومن أين جاء بها وهو لم يكن يشبع؟! التأريخ الذي بين أيدينا تأريخ مزوّر.. فهذه الأموال لابدّ أن يكون قد جمعها ابن عمر في حياة أبيه، وإلى بعد وفاة أبيه مِن أين جاء بالأموال؟! فهو لم يكن في السلطة في يوم من الأيّام. فالصورة التي تُرسم عن زُهد عمر وعدم تصرّفه في الأموال صورة ليستْ صحيحة.. فهذه الحالة التي عليها ابن عمر هي صورة من صور الفساد المالي. (وخلاصة ما أريد قوله أنّ التأريخ المكتوب تأريخ مزوّر، فأين هي الحقائق التأريخية؟) وقفة عند [صحيح البخاري] – كتاب النكاح: باب الغَيرة (عن أسماء بنت أبي بكر قالتْ تزوجني الزبير وما له في الأرض مِن مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنتُ أعلف فرسه – تجمع العلف للفرس – وأستقي الماء، وأخرز غربه وأعجن ولم أكنْ أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي مِن الأنصار..) ● قول أسماء (ولا شيء معه غير ناضح) أي بعير ينضح الماء لسقي البساتين، وهذه النوعية مِن البعير هي أردئ أنواع الإبل، حتّى لحمها ليس طيّباً كباقي أنواع الإبل، وليست قادرة على السفر لمسافات طويلة.. فهي إبل رديئة غير محترمة عند العرب، فكلّ ما يملكه الزبير بحسب كلام زوجته أسماء هو هذا الناضح وهذه الفرس. (فهذا هو ملك الزبير ووضعه المعيشي قبل وصوله للسلطة)! فمن أين جاء بهذه الثروة الضخمة جدّاً؟! وقفة عند كتاب [مروج الذهب ومعادن الجوهر :ج2] للمؤرّخ المسعودي الشهير.. لنرى ماذا يُحدّثنا فيه المؤلّف عن أملاك الصحابة. ● ممّا جاء فيه وهو يتحدّث عن ثروة الزبير: (وفي أيام عثمان اقنى جماعة من الصحابة الضياع والدور- وكان من بين هؤلاء الصحابة الزبير- بنى داره بالبصرة وهي المعروفة في هذا الوقت وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، تنزلها التجار وأرباب الأموال وأصحاب الجهاز مِن البحرين، وابتنى دُوراً بمصر والكوفة والاسكندرية، وبلغ ماله بعد وفاته خمسين ألف دينار، وألف فرس، وألف عبد وأمة، وخُططاً – أي عقارات-)! هذه الدار بُنيت في عهد عثمان يعني في بدايات القرن الهجري الأوّل، والمسعودي يتحدّث عن عام 332 هـ وأنّ هذه الدار لازالت موجودة وينزلها التجّار وأرباب الأموال! فكم هي كبيرة جدّاً هذه الدار؟ وكم يمتلك صاحبها مِن الأموال؟! علماً أنّ الزبير لم يكن مِن أعوان السُلطة مُنذ البداية، ولم يكن مِن أقطاب السقيفة! ● أيضاً يقول في ذكر أحوال طلحة وما كان يمتلك من أموال: (وكان غلّته مِن العراق كلّ يوم ألف دينار، وقيل أكثر مِن ذلك، وبناحية الشراة أكثر ممّا ذكرنا، وشيّد داره بالمدينة وبناها بالآجُرّ والجصّ والساج)هذه الغلّة اليومية لطلحة! ● أيضاً يقول: (وقد ذكر سعيد بن المُسيّب أن زيد بن ثابت حين مات خلّف الذهب والفضّة ما كان يُكسّر بالفؤوس، غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار) هؤلاء هم أعوان السلطة؟ من أين جاؤوا بهذه الأموال ومن أين جاؤوا بهذه القصور الضخمة، وهذه الأعداد الكبيرة من الجواري؟! من أين جاؤوا بها وهم ما كانوا يشبعون؟! وهذا يكشف لنا أن ما يُنقل مِن أخبار وأحاديث في التأريخ هذه أكاذيب.. فهذه آثار جرائمهم موجودة في كتبهم الموثّقة!! صورة أخرى أنقلها إلى أولئك الذين يبحثون عن الحقائق التأريخية في بطون الكتب! صورة فيها تزوير واضح جدّاً.. فالتأريخ الموجود بين أيدينا تأريخ مزوّر! (ماذا قال كبار علماء المخالفين في سبب نزول هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين}) ● يقول الطبري في كتابه [تأريخ الطبري :ج1]: الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} يقول: (فأيّيكم يُؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي وصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت وإنّي لأحدثهم سنّاً وأرمصُهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليّ، فأخذ برقبتي، ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون، فيقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع). ● هذه العبارة التي جاءتْ في الحديث (وأرمصُهم عيناً – أي أنّ عيني أكثر قذارة من عيونهم -، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً) هذهِ الأوصاف مِن إضافات الأمويين! كيف يكون أمير المؤمنين أعظمهم بطناً وهو طفل صغير في ذلك الوقت؟! ● وقولهم (أحمشهم ساقاً) يعني أنّ أمير المؤمنين كان قصيراً، وهذه مِن أكاذيب الأمويين، فإنّ أمير المؤمنين ما كان قصيراً في أحاديث أهل البيت. كان أمير المؤمنين مربوعاً، ولكن بالقياس إلى رسول الله كان رسول الله أطول منه، ولذلك يُوصف بالقصر قياساً إلى رسول الله. هذه الرواية مضمونها واضح وإن أُضيف لها ما أُضيف أنّ النبي عيّن سيّد الأوصياء وصيّاً ووزيراً. ● نفس هذا الطبري المُدلّس يقول في تفسيره [جامع البيان :ج19] في ذيل قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} يقول أنّ رسول الله قال: (فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي وكذا وكذا، قال علي: فأحجم القوم جميعاً، وقلت وإنّي لأحدثهم سنّاً، وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي، فقال: إنّ هذا أخي، وكذا وكذا)! الإضافات التي أضافها بنو أميّة تركها، ولكنّه نسي أن يحذف هذه الجملة (أنا يا نبي الله أكون وزيرك) فهذه العبارة تُشير إلى أن رسول الله قال أيُّكم يُؤازني على أن يكون أخي ووزيري. لأنّ جواب الأمير يقول: (أنا يا نبي الله أكون وزيرك). ولكن الطبري يُحرّف فكتب: وكذا وكذا! ● وقفة عند ما يقوله صاحب كتاب [الدر المنثور] في قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} يقول: (فأييكم يؤازرني على أمري هذا فقلت: وأنا أحدثهم سنّاً إنّه أنا) هذا شيطان أكثر في التحريف، فقد حذف حتّى عبارة (فقام القوم يضحكون، فيقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع) لأنّها جواب عن سؤال رسول الله، فهي تُشير إلى أنّ رسول الله أمرهم بطاعة عليّ! ● وقفة عند كتاب [التفسير الكبير :ج23، 24] للفخر الرازي. (وهو التفسير الأكثر شيطنة من الجميع فقد أخفى القضية بتمامها). ● يقول: (أنّه لما نزلتْ هذه الآية صعد الصفا فنادى: إنّي لا أملك لكم مِن الله شيئاً، سلوني من المال ما شئتم” وروي أنّه دعاهم إلى مأدبة… وقال: يا بني عبد المطلب لو أخبرتكم أنّ بسفح هذا الجبل خيلاً، أكنتم مصدقي ؟ قالوا: نعم، فقال: إنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد)!! وقفة عند [تأريخ الطبري: ج3] أحداث سنة 36 هـ.. جاء فيه: (أن محمَّد بن أبي بكر، كتب إِلى معاوية بن أبي سفيان لما وُلّي، فذكر مكاتبات جرت بينهما – بعد مقتل عثمان وبيعة أمير المؤمنين -، كرهتُ ذِكرها لِما فيه ممّا لا يَحتمل سُماعها العامّة..)! فالطبري لم يذكر هذه المكاتبات، وكذلك كتب التأريخ الأخرى، لم تذكر هذه المكاتبات بمبرّر أنّ العامّة لا تحتمل سُماعها!! أليستْ هذه خيانة أن لا تُذكر هذه المكاتبات؟! كيف تُعرف الحقائق التأريخية إذن. ● المسعودي ذكر إحدى هذه المكاتبات – ولربّما كانت هي أهون المكاتبات – ! يقول المسعودي في [مروج الذهب ومعادن الجوهر: ج3] وهو يذكر رسالة من محمّد بن أبي بكر إلى معاوية جاء فيها: (إلى الغاوي – أي الضال الذي تبع الشيطان – معاوية بن صخر..) إلى أن يقول فيها: (وقد رأيتك تُساميه – أي تُنافس عليّاً – وأنت أنت وهو هو، أصدق الناس نيّة، وأفضل الناس ذريّة، وخير الناس زوجة، وأفضل الناس ابن عم، أخوه الشاري بنفسه يوم مؤتة -يعني جعفر -، وعمه سيد الشهداء يوم اُحد، وأبوه الذاب عن رسول الله وعن حوزته.. وأنت الّلعين بن الّلعين، لم تزلْ أنت وأبوك تبغيان لرسول الله الغوائل..) إلى أن يقول له: (فكيف – يالك الويل – تعدل نفسك بعليّ وهو وارث رسول الله ووصيّه وأبو ولْده..) ● أمّا معاوية فكتب إلى محمّد بن أبي بكر: (مِن معاوية بن صخر إلى الزاري على أبيه..) الزاري الذي يذمّ أباه ويُلحق به المعايب. ● وفي رسالة أخرى طويلة يقول معاوية لمحمّد بن أبي بكر: (فكان أبوك وفاروقه أوّل مَن ابتزه حقّه، وخالفه على أمره، على ذلك اتفقا واتسقا، ثُم إنّهما دعواه إلى بيعتهما، فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما، فهمّا به الهموم، وأرادا به العظيم..) إلى أن يقول (أبوك مهَّد مهاده – أي ما نحن فيه أبوك مهّد مهاده -، وبنى لملكه وساده، فإنْ يك ما نحن فيه صواباً فأبوك استبدَّ به ونحن شركاؤه، ولو لا ما فعل أبوك مِن قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ولسلّمنا إليه ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا فأخذنا بمثله، فعب أباك بما بدا لك أودع ذلك، والسلام على من أناب) راجعوا الرواية في الجزء الثالث من مروج الذهب فهي طويلة. هذه الحقائق هي التي طمسها الطبري والمؤرّخون الذين جاؤوا من بعده! والسبب أنّ العامّة لا تحتملها! وهذه فقط رسالة واحدة، والطبري ذكر مكاتبات عديدة بينهما!! فأين هي الحقائق وهي الحقائق قد حُذفت وطُمّست وحرّفت في أهمّ الكتب والمصادر الحديثية والتأريخية وكتب التفسير!! تبيّن من خلال النماذج والأمثلة التي طرحتها بين أيديكم أنّ ما يُسمّى بالحقيقة التأريخية لا يُمكن أن نصل إليه ونحن نستمدّ المعطيات من هذه الكتب المشحونة بالأغاليط والأكاذيب والأراجيف، كتب يسودها التدليس والغش والخداع!! فأين هي التي يقولون عنها حقائق تأريخية يا مَن تبحثون عن الحقائق التأريخية؟! المضامين والوقائع التي أُشير إليها في هذه الحلقة تتحدّث عن أمّة عاشت بالكذب وعلى الكذب كبارها قبل صغارها.. ولذلك رفع الله من هذه الأمّة البركة كما تُحدّثنا الروايات فتقول: (لمّا ضُرب الحسين بن علي بالسيف فسقط رأسه ثمّ ابتُدر ليقطعَ رأسه نادى مُنادٍ مِن بطنان العرش ألا يا أيّتها الأمّة المُتحيّرة الضالة بعد نبيها لا وفّقكم الله لأضحى ولا لفطر، قال: ثمّ قال أبوعبدالله: فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون حتّى يُثأر بثأر الحسين) وقفة عند نموذج آخر مِن الكتب التي يتصوّر أحمد الكاتب وغيره أنّها تكشف الحقيقة، وهي في حقيقتها كتب مهزلة!! إنّها كُتب ما يُسمّى بـ (علم الرجال) التي يعتصم بها علماؤنا بدل الاعتصام بآل محمّد صلوات الله عليهم، والتي حكمتْ بالإعدام على الكثير من روايات أهل البيت عليهم السلام، بما في ذلك الروايات التي تحدّثت عن ولادة إمام زماننا عليه السلام) (وقفة عند أهمّ هذه الكتب الرجالية لدى المؤسسة الدينية وهما: رجال النجاشي، وكتاب الفهرست للشيخ الطوسي) الوقفة تُسلّط الضوء على التدليس والكذب والتحريف الذي طال هذا الكتب، وكذلك على بعض ما جاء فيها من مهازل!! وهل هي حقّاً كتب رجالية كما يُقال عنها؟! علماً أنّ كتاب [رجال النجاشي] هو أهمّ الكتب الرجالية عند علمائنا ومراجعنا.. فإذا كان هذا الكتاب فيه ما فيه من المهازل والكذب والتدليس.. فإنّ بقيّة الكتب الرجالة قطعاً هي أسوأ! ● (حلّي حلقك بنعال) عبارة كان يُردّدها بائع المُثّلجات في العراق أيّام الحصار. (وقفة عند قصّة هذه العبارة.. ولماذا أوردها الشيخ الغزّي في طوايا حديثه عن كتب الرجال؟!) مقطع فيديو من برنامج أسبوعي يُعرض على قناة العهد الفضائية، اسمه [أموال] البرنامج يُقدّمه أحد إعلامي القناة وهو: حيدر غازي.. هذا البرنامج يرصد ما يجري في الواقع العراقي! المقطع يعرض نموذج مِن نماذج الفساد في المؤسسة الحكومية العراقية وهو [التزوير والتدليس] حيث أنّ مصرف الرافدين قام بتزوير بعض الأسماء المشمولة بمنحها سُلفة العشرة ملايين دينار لموظفي دوائر الدولة! (مع بيان السبب الذي جعل الشيخ الغزّي يُورد هذا المقطع في طوايا حديثه عن كُتب علم الرجال)! ● الفساد الموجود في المؤسسة الحكومية العراقية هو نابع من الفساد الموجود في المؤسسة الدينية! وقد جئتُ بهذا المثال لأبيّن لكم كيف تُزوّر الحقائق! مع الأخذ بعين الاعتبار الفارق الكبير بين هذا العصر الذي نعيشه وما فيه من وضوح بسبب التطوّر في التكنلوجيا ووسائل التواصل والاتصالات.. وبين العصر الذي عاش فيه النجاشي!! فهل من المنطقي أن يكتب النجاشي معلومات صحيحة عن أشخاص هو لا رآءهم ولا سمعهم وبينهم وبينه 200 أو 300 سنة؟! فكيف تكون كتبه وكتب الرجاليين مصادر لمعرفة الحقائق؟!