الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٣٨ – لبّيك يا فاطمة ج٥٥ – فاطمة القيّمة ق١ Show Press Release (17 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 138 – لبّيك يا فاطمة ج55 – فاطمة القيّمة ق1 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (14٬938 More Words) يازهراء بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيك يَا وَجْه الله الَّذِيْ إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء… بقيَّةَ الله… مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَك؟!… الْحَلَقَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلاثُون بَعد الْمِئَة لَبَّيكِ يَا فَاطِمَة الجُزْءُ الخامس والخَمسوُن فَاطِمَة القَيِّمَة – القسم الأوَّل سَلَامٌ عَليْكُم إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ … العُنوانُ لا زِلنا نَعيشُ فِي أفيائهِ وأَفْنَائه: لبَّيْكِ يَا فَاطِمَة …!! وهذهِ هي الحلقةُ الخامِسةُ والخمسون من مجموعةِ حلقاتِ (لبَّيكِ يا فَاطِمَة). في حلقةِ يومِ أمس تمَّ الكلام في العنوان المتقدِّم: (ملامحُ المنهج الأبتر) في الوسط الشِّيعيّ، لا أُريدُ أنْ أُكرِّر ما تقدَّم من كلامٍ ولكنَّني فَقط أُشير إلى نهايةِ الحديث كي يترابط كلامي في هذهِ الحلقةِ معَ الحلقاتِ المتقدِّمة، آخرُ شَيءٍ تحدَّثتُ عنه وانتهت الحلقة عنده تحدَّثتُ عن عاقبة المنهج الأبتر، وقبل أنْ أسرد التفاصيل قسَّمتُ الواقع الشِّيعي إلى ثلاثة أقسام: o المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة هذا القسم الأوَّل. o والقسم الثَّاني: الأتباع، أتباعُ هذه المؤسَّسة. o والقسم الثَّالث: الزَّهرائيُّون، وقلتُ هذا وجودٌ افتراضي نظري، لا وجودَ لهم على أرض الواقع. وبيَّنتُ أنَّ المراد من هذا العنوان (زهرائيُّون) يعني شِيعة الزَّهراء، الزَّهرائي هو شيعيٌّ ينتمي إلى الزَّهراء، هذا هو الزَّهرائي، هذا مُرادي من هذا الوصف، نفس الوصف الَّذي جاء في كلماتِ أهل بيت العصمة حين يُنادي المُنادي في يوم القيامة الفاطميُّون، أين الفاطِميُّون، الفاطميُّون هُم الزَّهرائيُّون، الزَّهرائيُّون شِيعةُ الزَّهراء، والزَّهرائيُّ شِيعيٌّ علويٌّ فَاطميٌّ حَسنيٌّ حُسينيٌّ مَهدويّ، هؤلاءِ هُم الزَّهرائيُّون بحسبِ ذوق الزَّهراء، بِحسبِ منهج الزَّهراء، بحسبِ ثَقافة الزَّهراء، بحسبِ الثَّقافة الزَّهرائيَّة، بحسبِ المنهجيَّة الزَّهرائية، بحسبِ المذاق الزَّهرائي، هؤلاءِ هُم الزَّهرائيُّون، ولنْ يكونوا زهرائيّين ولا يتحقَّقُ هذا المعنى أنَّهم شيعةُ الزَّهراء ما لم يعرفوا الزَّهراء، كيف يكونون شيعةً لها ما لم يعرفوها!! وأوَّلُ خُطوةٍ في معرفة الزَّهراءِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها: أنْ يعرف الزَّهرائي موقع الزَّهراء في المنظومة العقائدية، ماذا نُريد أنْ نُسمِّيها؟ منظومةُ العقائد الشِّيعيَّة، منظومةُ عقائدِ العترة الطَّاهرة، منظومةُ عقائد منهج الكتاب والعترة منهج الثَّقلين، منظومةُ العقائد المحمَّديَّة العلويَّة، كُلُّ هذهِ العناوين دلالتُها واحدة، فلن يكون الشِّيعيُّ زهرائيَّاً ما لم يَعرف الزَّهراء، وأوَّلُ خطوةٍ أنْ يعرفَ موقعَ الزَّهراءِ في منظومةِ العقائد الشِّيعيَّة، وبكلمةٍ وجيزة: (موقعُ الزَّهراءِ في منظومة العقائد الشِّيعيَّة)، أفضلُ عنوانٍ لهُ ما جاء في كلماتهم الشَّريفة: (الزَّهراءُ القيِّمة)، هذا هو موقع الزَّهراءِ في منظومة العقائد الشِّيعيَّة: (الزَّهراءُ القيِّمة)..!! والمراد من القيِّمة هنا هي القائِمَّةُ الَّتي يقومُ بها دينُ الله، ولها القيُّومِيَّة في التشريعِ والتكوين، وهي صاحبةُ القيمومة على الحُججِ وعلى المحجوجين، على الحُجج من وُلدِها، فهي أحدُ الأَئِمَّةِ الثَّلاثة (أَئِمَّةُ الأَئِمَّة)، أَئِمَّةُ الأَئِمَّة هم: (مُحَمَّدٌ، عليٌّ، فَاطِمَة)، هؤلاء هم أَئِمَّةُ الأَئِمَّة، الشَّائعُ في ثقافتنا الشِّيعيَّة الأَئِمَّةُ الاثنا عشر، هذا ظهورٌ، هذه لوحةٌ، وهذا تنظيمٌ، وهذهِ جدولةٌ، وصفحةٌ من صحائفِ منظومة الإمامة: o فهُناك صفحةُ الإمام الواحد: مُحَمَّدٌ إمام الجميع! عليٌّ إمام الأوصياء! فاطمة إمامٌ على الأَئِمَّةِ من وُلدِها! حُسينٌ سيِّدُ العِترة! الحُجَّةُ ابنُ الحَسَن خَاتمُ الأوصياء! o وهناك منظومةُ الإمامين: مُحَمَّدٌ وعليٌّ الأصلان! عليٌّ وفاطمة الكُفئان! الحَسنُ والحُسين الإمامان القائمان القاعدان! o وهُناك الأَئِمَّةُ الثَّلاثة: مُحَمَّدٌ وعليٌّ وفاطمة! o وهُناك الأَئِمَّةُ الخمسة: أصحابُ الكساء! o وهُناك الأَئِمَّةُ التسعة: العترة الحُسينيَّة! o وهناك الأَئِمَّةُ الثلاثة عشر: العترةُ المُحَمَّديَّة عليٌّ وفاطمة وأولادهما! o وهناك الأَئِمَّةُ الاثنا عَشر: أَئِمَّةُ التشريعِ والحكومةِ والسلطنةِ والنظم الأرضيّ! التركيزُ صار على هذه الصَّفحة وعلى هذهِ الجِهة وعلى هذه الحيثية: على الأَئِمَّةِ الاثني عشر لأغراضٍ تَرتبطُ بمصالحِ النَّاسِ وبهداية الأُمَّةِ وإدارةِ أُمورِها وترتيبِ شؤون الرّعيَّة ومُتابعةِ أمرِ الدينِ في التعليمِ والتبليغِ والإرشاد إلى غير ذلك من التفاصيلِ المرتبطةِ بهذه المنظومة. كلٌّ لوحةٍ من هذهِ اللوحات هي بِحاجةٍ لتفصيل الحديثِ عنها، والتَّصريحُ والتلميحُ والتلويحُ في الزِّيارات الشَّريفة بل حتَّى في الآيات القُرآنية الكَريمة، إذا أردنا أنْ نتتبَّع ما جَاء عن أهلِ بيت العصمة من الأحاديث التفسيريةِ في شَرحِ وتَفسيرِ وبيانِ مضامين القُرآن فإنَّنا سَنجدُ الكَثير والكَثير مِمَّا فيه تصريحٌ أو مِمَّا فيه تلميحٌ أو تلويح لهذا الَّذي أشرتُ إليه قبل قليل فضلاً عن الزِّياراتِ والأدعيةِ والحُشَود الهائلة من خُطَبهم ورواياتهم وقِصار كلماتهم صلواتُ اللهِ وسَلامهُ عليهم أجمعين. فكما قلتُ قبل قليل: الزَّهرائيُّون شِيعةُ الزَّهراء، ولنْ يكونوا كذلك حتَّى يعرفوا الزَّهراء، ولنْ يعرفوا الزَّهراءَ حتَّى يعرفوا موقعَها في منظومة العقائد الشِّيعيَّة وهذا الموقعُ أفضلُ تعبيرٍ عنه هو الزَّهراءُ القيِّمة، القيَّمةُ على الدِّينِ والدُّنيا، إذا كانت قيِّمةً على الدين فهي قيِّمةٌ على الدِّينِ والدُّنيا، الزَّهراءُ القيِّمة، والقيِّمةُ كما قُلتُ قبل قليل: تعني القائِمة الَّتي يَقومُ بها الدين، وتَعني أيضاً أنَّ لها القيِّوميَّة ولها القَيمُومة وهذا ما يأتي بيانُهُ في طوايا هذهِ الحَلقات وإنْ كَان بِشكلٍ مُوجَز لأجلِ أنْ أحصر المطالب بين أيديكم حتَّى لا تتشعَّب التفاصيل وتتسرَّب المعاني الأساسيّة الَّتي أُريدُ أنْ أعرضَها بين أيديكم، مُرادي تَتسرَّب أَثناء المُتابعة وذلك لمحدودية الذِّهن البشري، لمحدوديّة ذهني ومحدوديّة أذهانكم وتِلك هِي طَبيعة البَشر، فالأذهانُ البشريّة لا تستطيع في لحظةٍ واحدة أو في مقطعٍ زمنيٍّ محدود أن تتذكّر أو أن تُحيطَ علماً بتفاصيل كثيرة. قد يتساءلُ البعض أنَّنا لم نسمع بهذا؟ منظومةُ العقائد الشِّيعيَّة والزَّهراءُ هي القيِّمةُ في هذه المنظومة، هل هذا دينٌ جديد؟ هل هذه بدعةٌ؟ الأمرُ راجعٌ إليكم وراجعٌ لهذا الَّذي يتساءلُ هكذا، ربَّما أجدُ لهُ عذراً، وربَّما، وربَّما، لهذا الواقع الثَّقافي الأبتر، لكنَّني أرى لِزاماً عَلَيَّ أنْ أُبيِّن مسألةً مُهمَّةً جدَّاً قبل أنْ أدخل في تفاصيلِ مضمونِ موقع الزَّهراءِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها في منظومةِ العقائد الشِّيعيَّة..!! الَّذي أجدُ مِمَّا لابُدَّ أنْ أذكرَهُ ولا يُمكنني أنْ أغضَّ الطرفَ عنه: (حربُ إبليسٍ ضدَّ فاطمة..!!)، المشروعُ الإبليسيُّ في مُواجَهة فَاطِمَة، وإذا تتذكَّرون في بِداياتِ هَذهِ المجموعة، أعني مجموعة حلقاتِ (لبَّيكِ يَا فَاطِمَة) حِيْنَ تَحدَّثتُ عَن ظُلامةِ فَاطِمَة في أجواءِ المسيحيّين، ومن جملة ما قَرأتهُ عليكم ما جَاء في رؤيا يُوحنا عن تِلكِ المرأة العظيمةِ الَّتي وقف ذلك التنّينُ الهائل في مُواجهتها واستمرَّ في حربهِ معها، لا أُريد أنْ أُكرِّر الكلام لأنَّني قد أعودُ إليهِ في جهةٍ أُخرى من جهاتِ حديثي في الحلقاتِ المتبقيَّة من برنامجنا هذا، فقط أحببت أنْ أَذَكِّركم إلى أنَّ هذا الأمر قَد ذُكِرَ في الدِّيانات السَّابقة أيضاً. الحربُ الإبليسية على فَاطِمَة هي الحربُ على المشروع المهدويّ، فنهايةُ إبليس هي حينما يبدأُ عصرُ إمام زماننا، وأعني بعصرِ إمامِ زَماننا بعصر ظهورهِ الشَّريف، فقصَّةُ إبليس قِصَّةٌ طويلةٌ قديمةٌ، لقد حَاوَل إبليس قَبل البعثةِ أنْ يُحرِّك اليهود وأنْ يَدفع بهم لقتلِ مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وآله حتَّى في زمان طُفولته، ولقد حضر بنفسهِ في مكّة ووقف على جَبلِ أَبِي قُبَيس فِي ليلةِ بيعة العقبة يُحرِّضُ قُريشاً كي يهبُّوا لقتلِ مُحَمَّدٍ والَّذين معه، والقِصَّةُ مذكورةٌ في كُتُب التأريخِ والسِّيَر، قِصَّةُ إبليس في ليلةِ العَقبة وصُراخهُ وصياحهُ واستغاثاتهُ على جبلِ أبي قُبيس، ولقد جَاء إلى قُريشٍ بصورةِ ذلك الشَّيخ النَّجدي واجتمع معهم في دار النَّدوة وهو صاحبُ الاقتراح لتصفية مُحَمَّدٍ تصفيةً جَسديّة، أنْ ينتخبوا من كُلِّ قبيلةٍ مِن كُلِّ بطنٍ من بُطُون قريشٍ ومن القبائل الأخرى كي يتفرَّق دمُ مُحَمَّدٍ بين النَّاس ولا يَستطيع الهاشميون أنْ يُطالبوا به وقد تجسَّد لهُم بِشكلٍ حسِّي ماديٍّ فيزيائيٍ طبيعيّ، وهو هو الَّذي حَضَر في بدرٍ بصُورة سُراقة ابنِ مالك، والقصَّةُ وتفاصيلُها، هذا ما جَاء مذكوراً في كُتب التأريخ والسِّير حتَّى في كُتب المخالفين لآلِ مُحَمَّد، وجاء في كُتُبنا أيضاً إنَّهُ حَضَر في بيعة الغَدير ومَارَس نشاطاً شديداً هُناك، حَضَر في غدير خُم، وحَضر في بيعة السَّقيفة، وأوَّلُ مُبايعٍ بحسبِ الرِّواية في كتابِ سليم ابن قيس الضَّعيف بحسبِ قذارات علم الرجال، أوَّلُ مُبايعٍ كان إبليس، وإبليس هُوَ هُوَ الَّذي دَفع رِجَال السَّقيفةِ لإحراقِ مَنزلِ فَاطمة وتحرَّكت السَّقيفةُ بِكُلِّ ما عندها من قوةٍ لإحراقِ منزل فاطمة وكان الَّذي كان. ثُمَّ بعد ذلك تحرَّك إبليس في الوسط الشِّيعيّ فهيَّأ المقدِّمات وجمع الجُموع كي يُؤسِّس في الخفاءِ وفي ظُلمةِ اللَّيل وتحتَ سِتارِ الجهل المركَّب وتَراكُم الفِتَنِ والشُّبهات وأجواءِ التقيَّةِ والظُّلم وعبرَ القرون من الزَّمان نشأ المنهجُ الأبتر الَّذي يَتحرَّكُ بِنشاطٍ وفَاعليةٍ في الوسط الشِّيعي، ما هي النتيجةُ الَّتي وصل إليها المنهجُ الأبتر؟ أنْ أحرق منزلة فَاطمة! إذا كانت السَّقيفةُ قد أحرقت مَنزل فاطمة فالمنهجُ الأبتر قَد أحرقَ منزلةَ فاطمة، وتمَّ إحراقها بأساليب مُختلفة، لا أقول بسوء نيَّةٍ داخل الوسط الشِّيعي ولكن بجهلٍ وعِنادٍ في بعض الأحيان وصنميَّةٍ وتَعصُّبٍ للآراء وتقديسِ لأعرافٍ لا صحّةَ لها، وتصنيمٍ لأشخاصٍ وخُروجٍ على تَعاليمِ آلِ مُحَمَّد وهم يقولون لنا: إيَّاكم أنْ تنصبوا رجالاً دون الحُجَّة فتُصدقّوهم في كُلِّ ما يقولون وتدعون النَّاس إليهم، إيَّاكُم إيَّاكُم. إذاً عندنا إحراقان: هناك إحراقٌ لمنزلِ فاطمة!! وهناك إحراقٌ لمنزلةِ فاطمة!! أمَّا إحراق منزل فاطمة: فقد تبرَّعت به السَّقيفة! وأمَّا إحراقُ منزلة فاطمة: فقد تبرَّع به نجومُ المنهج الأبتر بِما فيهم مَراجع وفُقهاء وعُلماء وشُعراء وخُطباء وسمِّ ما شئت. فمثلما المخالفون لأهل البيت لا يجدون قيمةً لظُلامة فاطمة، كذاك في الواقع الشِّيعيّ، الشِّيعةُ لا يجدون قيمةً لمنزلةِ فاطمة في منظومة العقائد الشِّيعيَّة! والدَّليل واضح: منظومة العقائد الشِّيعيَّة تبتني على أصول الدِّين الخمسة، فاطمة أين في هذه المنظومة؟ لا وجودَ لها، فاطمة موجودةٌ في الحاشية، المَتن هو أُصُول الدِّين الخمسة، والتفاصيل الأخرى ستكون على الحاشية، في حاشيةِ هذهِ الأصول الخمسة، لقد رسمها إبليس بدقَّةٍ مُتناهية! وقد أعانهُ عُلماؤنا على ذلك بشكلٍ واضح، مِن دونِ قَصدٍ سَيء لصَّنميَّةٍ في أذهانهم حين صنَّموا أسماءً مُعيَّنةً واعتقدوا بأنَّ هؤلاء لا يقولون إلَّا الحقّ، وصنَّمت أجيالُ طَلَبة العلم الَّذين سَبقوهم والَّذين سبقوهم صنَّموا الَّذين سبقوهم وهكذا وإلى يومِكَ هذا، أجيالٌ تُصنِّم الأجيال الَّتي تَسبقها، وضاعت منزلةُ فاطمة في هذه اللُّعبة الإبليسية الَّتي أُسبِغ عليها ما أُسبِغ من الألقابِ والأوصاف، وإلَّا في أيِّ آيةٍ من آيات الكتاب الكَريم أو في أيِّ حَديثٍ عن النَّبيّ الأعظم والمعصومين جميعاً هذا التبويب للعقائد وهذهِ الأصول الَّتي أصَّل لها عُلماء الكلام!! مَن الَّذين وضعوا هذه الأصول الَّتي صَارت أساساً لمنظومة العقائد الشَّيعيَّة؟ وبقيَّةُ المطالب تكون على الحاشية، تكونُ فُروعاً سمِّ ما شئت، فروعاً في العقائد!! هذه الأصولُ جاءتنا مِن الأشاعرة والمعتزلة، وواضحٌ هذا لمن كان لهُ أدنى معرفة بتأريخ الأشاعرةِ والمعتزلة وبتأريخ علم الكلام والمتكلِّمين. فإنَّ الأشاعرة هُم الَّذين وضعوا هذهِ الأصول: (التوحيد، النُبُوَّة، المعاد)، وضعوا هذهِ الأصول وجعلوها منظومةَ العقائدِ الدِّينيَّة، هذهِ أُصول الدين، أُصول الإسلام. والمعتزلةُ اختلفوا مَعهم في فهمهم وفي شرحهم وفي بيانهم لصفة العدل، لذلك كي يُميِّزوا أنفسهم عنهم أضافوا العدل أصلاً رابعاً، فصار عندنا: (التوحيد، والعدل، والنُبُوَّة، والمعاد)، هذه أصول الأشاعرة والمعتزلة بامتياز، ولا علاقةَ لها بثقافةِ مَنهج الكِتاب والعِترة. فلا الآيات القُرآنية أصَّلت هذهِ الأصول بهذهِ الطريقة ولا الأحاديث المعصومية، اهتمَّ القُرآنُ بالتوحيد وبالنُبُوَّةِ وبالمعاد هذا شيء، ولكن هذا التقنين شيءٌ آخر، اهتمَّ المعصومون في حَديثهم وفي فكرهم وثقافتهم بالتوحيد والنُبُوَّة والمعاد هذا شيء، هم أيضاً اهتمّوا بمطالب وموضوعات كثيرة جدَّاً غير هذهِ الموضوعات، أمَّا التقنين والتنظيم ذلك شيءٌ آخر، لم يُنظِّم القرآن ولم تُنظِّم العترة أُصولَ الدِّين بهذهِ الطَّريقة، طريقةُ التنظيم هذهِ هي طريقةٌ إبليسيَّة! بالنِّسبةِ للأشاعرةِ والمعتزلة: هم يُريدون إخراج آل مُحَمَّد بأي شكلٍ كان، فَنفثَ في أذهانهم إبليس هذه المنظومة العقائدية، باعتبار أنَّ التوحيد هو الأساس وآياتُ القُرآن كثيرةٌ جدَّاً تتناول هذا الموضوع وكذاك هي النُبُوة، وكذاك المعاد، ثُمَّ بعد ذلك وضعوا قواعد للبحثِ في مسألة التوحيد، وفي مسألةِ النُبُوَّة، وفي مسألة المعاد، ووضعوا حدوداً وأسَّسوا أُسُساً واصطلحوا مُصطلحات ونشأ علمُ الكلام وصار علماً للعقائد وأخذته الشِّيعةُ منهم، هذه هي الحقيقةُ المقشَّرة، يريد أنْ يرفض البعض هذا الكلام هو حرّ، هو له قناعته وأنا لي قناعتي وربَّما فيكم من يتّفق معي في هذه القناعة، أنا أعرضُ بين أيديكم مَا وجدتهُ على أرض الواقع، ما وجدتهُ على أرض الواقع هي هَذهِ الحقائق، إبليسُ نَفَثَ في أذهانِ الأشاعرة والمعتزلة هذهِ المنظومة لأجل إخراج آلِ مُحَمَّد من منظومة العقائد الشِّيعيَّة، ثُمَّ بعد ذلك إبليسُ أقنعَ عُلماء الشِّيعة في بداياتِ عَصر الغيبة الكُبرى ونَفَث في أذهانهم وهذا الشَّيء طبيعي، إبليس ينفث في أذهاننا جميعاً والعالمُ الشِّيعي والفقيهُ الشِّيعي يمكن أنْ يُخطئ ويمكن أنْ يُصيب، ويمكن لإبليس أنْ ينفث في روعه كما ينفثُ في روعي وفي روعكم، وهذه قضيَّةٌ طبيعية جدَّاً، عالمٌ كبيرٌ ينفثُ إبليس في رُوعهِ يقتنع، ثُمَّ بعد ذلك يصنعُ أدلَّةً للدِّفاع عن هذهِ الفكرة تشيعُ بين النَّاس وتتحوَّل إلى فكرةٍ مُقدَّسةٍ تُصنَّمُ من الجميع وهي لا أصلَ لها، وإذا أردنا أنْ نبحث عن أصلها فأصلُها من إبليس. هناك ناطقان: هل نطق مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّد، هل نطقوا وقالوا إنَّ أصول الدين هي هذه؟ من الَّذي نطق بهذا؟ ناطقٌ آخر، النَّاطقُ الآخر هو ناطقٌ شيطاني، علماء الشِّيعةِ أخذوا هذا عن النَّاطق الشَّيطاني، وأضافوا الإمامة كي يُجمِّلوا هذهِ المنظومة، فقالوا: إنَّ أصول الدين توحيدٌ وعدلٌ ونبوةٌ وإمامةٌ ومعاد، مِثل ما أضاف المعتزلة العدل بعد التوحيد، الشِّيعةُ أضافوا الإمامة بعد النُبُوَّة، وإلَّا المنظومة الأصلية هي منظومة الأشاعرة: (توحيد، نُبُوَّة، معاد)، جاء المعتزلةُ فأضافوا العدل بعد التوحيد، ثُمَّ جَاء عُلماءُ الشِّيعةِ في أوائل عصر الغيبة الكبرى فأضافوا الإمامة بعد النُبُوَّة، فصارت عندنا هذهِ المنظومة العقائدية. حين وضعنا الإمامة جِئنا إلى تعريفِها، فما هي هذه الإمامة؟ ثقافتُنا الشِّيعيَّة من البدايات نشأت على أنغام أعداء أهل البيت، قد تقولون كيف ذلك؟ أنا أقول لكم: لنفترض أنَّ هذه اللَّيلة ليلة شهادة موسى ابن جعفر صلواتُ اللهِ عليهما، راقبوا الفضائيات، اذهبوا إلى الحُسينيَّات، استمعوا إلى المحدِّثين وحاولوا أنْ تكتبوا إحصاءاً مَنْ مِن الفضائيات، مَن مِن الخُطباء؟ مَن مِن المتحدِّثين؟ أيُّ الحسينيات؟ أيُّ المراكز؟ أيُّ التجمعات يتحدَّثون فيها عن موسى ابن جعفر كما يريد هو؟! لن تجدوا ذلك، لماذا؟ لأنَّكم ستستمعون إلى حديثٍ يغلب عليه ذكر العبَّاسيين وذكر هارون العباسي وكأنَّ المناسبة لهارون العباسي، صحيحٌ هارون هو الَّذي ظَلَم الإمام الكاظم، ولكن هارون يأخذ جانباً من الموضوع، بقيَّة التفاصيل أين؟! تأتي شهادةُ الإمام الصَّادق فيكون الحديث عن المنصور الدوانيقي وكأنَّ المناسبة هي للمنصور الدوانيقي، وهكذا سائر المناسبات. حتَّى المؤلفات تؤلَّف بهذهِ الطريقة، الشِّيعةُ يضبطون أفكارهم وفقاً للأنغامِ المخالِفةِ لآل مُحَمَّد صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. فحينما جاءوا إلى الإمامة فعرَّفوها مع ملاحظةِ ماذا يقول المخالفون عن الإمامة، بل إنَّ العديد والكثير من عُلمائنا نقلوا تعريفَ الإمامةِ عند المخالفين، ربَّما حذفوا من كلمة، أضافوا كلمة، ولكنَّهم نقلوا نفس المضمون، الإمامةُ عند المخالفين إمامةٌ بالمعنى البَدوي، إنَّهم يتحدَّثون كما تتحدَّثُ القبائلُ العربيةُ في الجاهلية عن أُمراء للقبائل، عن شيوخ للقبائل، الشِّيعةُ يناقشون هذه المسألة مع بعض الإضافات يُضيفون بعض الإضافات، تتذكَّرون حديثاً للشَّيخِ الوائلي عرضتهُ عليكم في حلقة يوم أمس وهو يقول في الوجود هناك شخصيات عندنا سيرتهم سيرةُ المعصوم، هذا هو الفَهمُ البدوي، القبائل العربية عندها موازين لتشخيص أمير للقبيلة، شيخ للقبيلة، زعيم للمجموعة، ضمن قياساتهم، هؤلاء هم نَفسهُم نَصَّبوا أنفسهم أَئِمَّةً، أضافوا بعض الإضافات القليلة، بلحاظِ دينٍ جديد قد اعتقدوا بهِ، بلحاظ ثقافةٍ جديدة، الشِّيعةُ أخذوا نفس هذهِ المضامين وأضافوا إليها أشياء تتناسب مع الخُطوط العامَّة لثقافةِ العِترة الطاهرة، فَجاء تعريفُ الإمامةِ تَعريفاً نَاقصاً لا ينسجمُ معَ مَنطقِ الكتابِ والعِترة، ويَنسجمُ مع الذَّوق المخالف بإضافاتٍ تتماشى مع الجوِّ العام للثَّقافة الشِّيعيَّة من دون الدخول في تفاصيل الحقائق. وهنا خرجت فاطمة، أُخرِجت، من أصلِ الإمامةِ أُخرِجت، لأنَّ الحديث عن زعماء قبائل، وأُضيفت أوصاف تتناسب مع مقام الإمام من وجهة النَّظر الشِّيعيَّة، الشَّيء الطبيعي جُعِلت منظومة الإمامة فقط في مواجهة الخُلفاء، الأَئِمَّةُ الَّذين يحكمون يجلسون على كراسي الحكم، بينما منظومةُ الإمامة عند آل مُحَمَّد لا تؤخذُ بهذا اللحاظ فقط، هذا لحاظٌ من اللحاظات، هذا شأنٌ من شؤونات الإمامة، الإمامةُ أوسعُ وأكبرُ وأعظمُ من هذهِ المعاني ومن غيرها، هي الَّتي عَبَّر عنها القُرآنُ بالمُلك العظيم، وستأتينا الآيات والأحاديث. هل وقفت القضيَّةُ عند هذا الحدّ؟ بعد ذلك بدأوا يُقطِّعون بأوصاف هذا الإمام الَّذي ضبطوا تعريفَهُ بحسب الإيقاع المخالِف لأهل البيت، دخلوا حينئذٍ في أنّه: يسهو لا يسهو! ينسى لا ينسى! يترك الأولى لا يترك الأولى! دخلوا في تقطيعهِ. ثُمَّ بعد ذلك ماذا؟ جاؤنا ببدعةٍ جديدة: فهناك أصول الدين، وهناك أصول المذهب، فأخرجوا الإمامةَ من أصولِ الدين! هذهِ الحقائق موجودة على أرض الواقع أم لا؟ على الأقلّ هذا السؤال أُوجِّههُ للَّذين يعرفون ما يجري في أجواء الثَّقافة الشِّيعيَّة، هذا هو الموجود أم لا؟ ماذا تفهمون من هذا؟ بالنِّسبة لي أنا أفهم أنَّ هذا برنامج إبليسي متكامِل تُنفِّذهُ المؤسَّسةُ العلميَّةُ الدِّينيَّةُ الشِّيعيَّة، ونُفِّذ عِبر القرون، جئنا بأصول الدِّين من الأشاعرة، وأضفنا إليها أصلاً رابعاً من المعتزلة، ثُمَّ أضفنا أصلاً خامساً يتناسب والثَّقافة الشِّيعيَّة العامَّة: (الإمامة)، وحين أردنا أنْ نُحدِّد الإمامة وأنْ نُعرِّفها ضبطنا حدودَ الإمامة على إيقاع المخالفين ولكنَّنا أضفنا إليها إضافات مِثل ما أضفنا الإمامة إلى الأصول الأربعة أضفنا بعض الأوصاف للإمام بحيث ينسجم المعنى مع الجوِّ العام، ثُمَّ رجعنا بعد ذلك نُناقش في شؤونه ونُقطِّع شؤوناته شيئاً فشيئاً، صارت هذهِ منظومة عقائد شيعيَّة وأنّه من حقِّ عُلماء الشِّيعة لهم اجتهادات ويقولون ما يقولون، ثُمَّ انتقلنا إلى مرحلة ما يُسمَّى بأصول الدين وأصول المذهب!! هذه من أين جاء بها العُلماء؟ هذه من إبليس، ما معنى أصول الدين وأصول المذهب؟ هذا يعني أنَّ أعداءَ آلِ مُحَمَّد هُم أصحابُ دين؟ ما معنى هذا الكلام؟!! النَّتيجة النهائية ما هي؟ النَّتيجة النِّهائية: هو التقصير في الاِعتقاد بالأَئِمَّة ولكن الجوهر، الجوهر هو إِخراج فاطمة من منظومة العقائد الشِّيعيَّة، هذا هو البرنامج الإبليسي الَّذي أُخرِجت بهِ فاطمة من منظومة العقائد الشِّيعيَّة. حين نعود إلى كلمات النَّبيّ صلّى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّم هذا شيء واضح في عُموم كلماتهِ، وشيء واضح في أحاديث المعصومين، أنَّ المنزلة العُليا هي للأسماء الثَّلاثة: (مُحَمَّدٌ، عليٌّ، فاطمة)، أنَّ الفضل هو لهذهِ الأسماء الثَّلاثة، فلها الولاية، وارتباط الكائنات في أصلها هو بهذهِ الأسماء الثَّلاثة، هَذا واضح في كلمات النَّبي. لماذا بُتِرت فاطمة؟ إبليس جاء بالمنهج الأبتر والمنهج الأبتر هو الَّذي بَتَر منزلة فاطمة وأخرجها من منظومةِ العقائد الشِّيعيَّة. إذاً هناك إحراقان: هناك إحراقٌ لمنزل فاطمة قامت به السَّقيفة! وهُناك إحراقٌ لمنزلة فاطمة، هذا الإحراق نفّذهُ رجالُ المنهج الأبتر في الواقع الشِّيعي! ما بيَّنتُهُ من صورةٍ مُجملة، وإلَّا الكلام إذا أَردَّتُ أنْ أخوضَ في تفاصيلهِ سيطول، لكنَّني أعود وأُذَكِّركم، الأشاعرة أصولهم ثلاثة: (توحيد، نبوة، معاد)، جاء المعتزلة فأضافوا: العدل، وجئنا نحنُ فأضفنا الإمامة. كيف حدَّدنا الإمامة؟ حدَّدناها وفقاً لأضدادِنا! ماذا يقول أضدادنا؟ أخذنا ما يقولون وأضفنا أشياء تكميلية حتَّى تكون هذهِ النُّسخة قريبة من الواقع ومن الفهم الشِّيعي! فلذا الإمامةُ في كُتُب الكلام الشِّيعي هي رئاسةٌ دينيةٌ دنيويةٌ ولا تتعدَّى هذا الفهم، وهذا الفهم هو فهمُ المخالفين! الإمامةُ عند آل مُحَمَّد: هي الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة، تلك هي الإمامة، بِكُلِّ تلك التفاصيل! هذا الوصف رئاسةٌ دينيَّةٌ دنيويةٌ لا قيمةَ لهُ أمام كلمةٍ واحدةٍ نأخذها من الزِّيارة الجامعة الكبيرة، ولكنَّ هذا هو الَّذي حَدَث وبعد ذلك جاء المراجع والعُلماء كي يعبثوا حتَّى بهذا المقدار ويُقطِّعوا ما يُقطِّعون. ثُمَّ جاؤنا بعد ذلك بهذه الفكرة الشّيطانية: هناك أصول الدين وهناك أصول المذهب، فأُخرِجت الإمامةُ من أصول الدين وبإخراج الإمامة من أصول الدين فإنّ فاطمة أُخرِجت مرّتين: مرَّة أخرِجت من الإمامة أساساً من البداية! والمرة الثَّانية: أخرِجت بالكامل حين جُعِلت الإمامةُ من أصول المذهب! فأصول الدين شيء وأصول المذهب شيء، وهنا تصدق كلمة ابن خلدون، لماذا؟ لأنَّ المسلمين الَّذين يتوجَّهون إلى القِبلة وإلى الكعبة في صلاتِهم أهلُ القبلة الَّذين يُطلِقون على أنفسهم المسلمون السُنة، عددُهم أكثر من الشِّيعة على طول التأريخ وإلى يومك هذا، والشِّيعةُ قِلَّةٌ إلى يومك، هكذا الشِّيعةُ هم الأقليَّة بين المسلمين، فلهم أصولُ مذهبٍ خاصَّةٌ بهم وأصولُ مذهبِهم الخاصَّة بهم تختلف عن أصولِ مذاهب السُنة، فما قالهُ ابن خلدون: (وشذَّ أهلُ البيت)، إذاً شذَّ أهل البيت فعلاً في أصولِ مذهبِهم!! ألا تلاحظون كيف يعمل الشَّيطان!! وكيفَ يَتحرَّكُ المنهج الأَبتر، ماذا تقولون أنتم؟ هذهِ الحقائق موجودة على أرض الواقع، ما تفسيركم لها؟ هذا هو تفسير هذا الماسونيّ، أنتم كيف تُفسّرونها؟ فسِّروها لأنفسِكم لا شأنَ لكم بتفسيري لها، فسِّروها أنتم لأنفسكم، هذه وقائع وحقائق موجودة على أرض الواقع. فحين أُخرجت فاطمةُ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها من منظومة العقائد الشِّيعيَّة وصارت على الحاشية، ماذا يعتقدُ وكيف يعتقدُ الشِّيعةُ بعد ذلك في منزلةِ فاطمة..؟! ما هي مَعرفةُ الشِّيعةِ لفاطمةَ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها بعد هذا المشروع الإبليسي الناجح؟ والشِّيعةُ جميعاً مشتركون في هذا، الجميع، هؤلاء الَّذين يعتقدون بأنَّ أصول الدين خمسة ويتمسَّكون بذلك ويُخرِجون فاطمة من منظومة العقائد الشِّيعيَّة، لأنَّهم أساساً لا يمتلكون منظومة عقائد شيعيَّة، منظومةُ العقائد الشِّيعيَّة تقومُ على أصلٍ للدِّين: هو الإمام المعصوم! وقيّمةٍ للدِّينِ والدُّنيا أيضاً هي فاطمة! هذا هو الموجود، وحين تقرأون زيارة فاطمة فماذا تقولون لها؟ أنتم إمَّا تَكذِبون عليها وإمَّا تَصدقون معها صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها..!! فماذا تُخاطِبُونها؟ (وَزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاءْ ومُصَدِّقُون وَصَابِرُون لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه وَأَتَى بِهِ وَصِيُّه فَإِنَّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُمَا)، لأنَّها القيِّمة، هي الَّتي تُلحِقُنا، أنتم تَكذِبون على فاطمة أو تَكذِبون على أنفسكم أو تقولون شيئاً لا تفهمون معناه أو تعتقدون عقيدةً كلاميةً وتحملون عقيدةً أخرى؟! من أنتم؟! ما هي عقيدتكم؟! ما موقفكم؟! ما معرفتكم لفاطمة؟! تعرفون أنفسكم؟ ما هو دينكم؟! هذا الكلام تُخاطبون بهِ فاطمة، هذا الكلام صحيح أم ليس صحيحاً؟ إذا كان ليس صحيحاً لماذا إذاً تُردِّدونه؟! لماذا تُردِّدون كلاماً ليس صحيحاً؟! إذا كان صحيحاً تفهمون معناه أم لا؟ إذا لم تفهموا معناه لماذا تُردِّدوا كلاماً لا تفهمون معناه؟! لماذا لا تبحثون عن فهمهِ؟ (أَلَا لَا خَيرَ فِي قِرَاءةٍ لَيسَ فِيهَا تَدَبُّر، أَلَا لَا خَيرَ فِي عِبَادَةٍ لَيسَ فِيهَا تَفَكُّر)، والزِّيارةُ قِراءةٌ وعِبادةٌ بِحاجة إلى تَدبُّر وتَفكُّر، إذا كُنتُم تفهمون هذهِ المعاني إذاً لِمَا تُناقضون أنفسكم، فتعتقدون بمنظومةٍ عقائديةٍ جِيء بها من الأشاعرة والمعتزلة؟! – إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقنَا لَهُمَا لِنُبَشِّر أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِكِ – يعني من دون ولايتها ماذا يكون؟ هل تكون هناك طهارة؟ – لِنُبَشِّر أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِكِ – يعني من دون ولايتك ما نحنُ بطاهرين. هذهِ العقيدة تكون على الحاشية أو في الأصل ماذا تقولون أنتم؟ لماذا تجعلون عقائد الأشاعرة والمعتزلة هي الأصل وتتركون عقائدَ آلِ مُحَمَّد؟! إحراقُ مَنزلة فاطمة هو أسوأُ بكثير من إحراقِ منزلِ فَاطِمَة. وقتُ الأذان النَّجفي صار قريباً ولكنَّني أُذَكِّركم وسأعود مرَّة أخرى أُذَكِّركُم أنتم الَّذين تلطمون على مُصاب فاطمة، تلطمون على إحراق منزلها ولكنَّكم أنتم أحرقتم منزلتَها، أنتم، أنتم أحرقتم منزلتَها!! وتُحرقون منزلتَها يوميَّاً باتِّباعكم للمنهجِ الأبتر!! ما قيمةُ بُكائكُم على إحراقِ منزلها، إِحراقُ مَنزلها حَدَثٌ كَان في الماضي آثاره لا زالت باقية صحيحٌ هذا، ولكنْ إحراقُ منزلتِها سيقودكُم إلى أنْ تقفوا في وجهِ الحُجَّة ابن الحَسَن وتقولون له: ارجع يا ابن فاطمة، هذه فاطمة لا نريدها ولا نريدك، فلقد جرَّبناكم وخبرناكم فما وجدنا فيكم من خير! هي الرِّوايات هكذا تقول ولستُ أنا الَّذي أقول، هذهِ كلماتُ آل مُحَمَّد صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. نذهب إلى فاصل الأذان النَّجفي وبعد ذلك أعود إليكم. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَة وأَبِيهَا وبَعْلِهَا وبَنِيهَا والسِّرِّ المُسْتودَعِ فِيَهَا … قبل الفاصلِ كنتُ قد قرأتُ عليكم وذكَّرتُكم بما تقرأون في زيارة الصدِّيقة الكبرى: (وَزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء ومُصَدِّقُون وَصَابِرُون لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكِ وَأَتَى بِهِ وَصِيُّه)، الزِّيارة هنا تتحدَّث عن منظومةِ الإمامَين، ذكرتُ في الجزء الأوَّل من هذه الحلقة من أنَّ منظومة الأَئِمَّة لها تجلِّيات! لها صحائف! لها جداول! سمِّ ما شئت، وهُناك منظومةُ الإمامين، الإمامان الأصلان: مُحَمَّدٌ وعليّ، الإمامان الكُفئان: عليٌّ وفاطمة، الإمامان القائمان القاعدان: الحسنُ والحسين، ومُرادي من القائمين القاعدين ما ورد في حديث النَّبي صلّى اللهُ عليه وآله وسلَّم لأجل التمييز فقط من الجهة اللفظية لا غير، فهنا الزِّيارةُ تُشيرُ إلى الإمامين الأصلين: (وَزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء ومُصَدِّقُون وَصَابِرُون لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكِ وَأَتَى بِهِ وَصِيُّه فَإِنَّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنّا صَدَّقْنَاكِ – إنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ، هذا التصديق هو بعد تصديقنا للنَّبيِّ وللوصيّ – وَزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء ومُصَدِّقُون وَصَابِرُون لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكِ صَلَّى الله عَلَيهِ وآلِه وَأَتَى بِهِ وَصِيُّه فَإِنَّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُمَا)، يعني أنَّنا لو صَدَّقنا بالنَّبيّ والوصي من دُون أنْ تُلحقنا فاطمة وأن تقبل منا هذا التصديق وأنْ تُصدِّق على هذا التصديق فلا قيمةَ لتصديقنا بكُلِّ ما أتى به المصطفى والمرتضى، هذا هو معنى القيِّمة، لا قيمة حينئذٍ لكلِّ ما نأتي بهِ من دون تصديق فاطمة. الَّذي أقوله هو هذا: يا شيعةَ فاطمة حين تتحدَّثون معَ فَاطمة بهذا الكلام أنتم مُقتنعون بهذا الكلام أم لا؟ تفهمون معنى هذا الكلام أم لا؟ تكذبون على فاطمة؟ هذا الكلام مِزاح؟ كلام كوميدي؟ حينما تقولون لفاطمة هذهِ الكلمات ماذا تقصدون بذلك؟ هكذا تتكلَّمون من دون معنى؟! مجانين أنتم!! عندكم عُقُول؟! إذا كان عندكم عقول هذا الكلام حينما تقولونهُ تقبلون به أم لا؟ أو لا، هذهِ روايات ضعيفة بحسب قواعد علم الرِّجال، فعلاً هي هذه روايات ضعيفة بحسب قذارات علم الرجال، ضعيفة، أنتم تثقون بهذا الكلام أم لا؟ تعتقدون به أم لا؟ هذا الكلام هو الَّذي يُشير إلى الحقيقة الَّتي تحدَّثتُ عنها قبل قليل، إذاً أين فاطمة في منظومة العقائد؟ إذا كُنتم مُصدِّقين هل تَعرفون معنى التصديق ما هو؟ التصديق هو أعلى درجات الاعتقاد، أساساً نحنُ لسنا مُصدِّقين، نحنُ دون درجات التصديق، إذا كُنَّا بدرجة التصديق بِمُحَمَّدٍ وعليٍّ لا يُقبَلُ ذلك منَّا إلَّا بتصديق فاطمة، إذاً أين فاطمة في منظومة العقائد الشِّيعيَّة؟ حتَّى لو قَبِلنا هذهِ المنظومة الموجودة ما تُسمَّى بأصول الدين الخمسة، حتَّى لو صدَّقنا بها والتصديق هو أعلى درجات الاعتقاد وأعلى درجات الإيمان فلا يُقبَلُ ذلك منَّا إلَّا بتصديقِ فاطمة!! إذاً أين هي فاطمة في منظومة العقائد الشِّيعيَّة؟ موجودة على الحاشية؟ أُخرِجت؟ من الَّذي أخرجَها؟ الَّذين أحرقوا منزلتَها، من الَّذين أحرقوا منزلتَها؟ الَّذين جاءونا بهذهِ المنظومة العقائدية، من هُم هؤلاء؟ عُلماءُ الشِّيعة، لماذا جاءوا بهذهِ المنظومة الَّتي أحرقت منزلة فاطمة؟ لأنَّهم تحرَّكوا في ضَوء المنهج الأبتر، من أين جاءوا بالمنهج الأبتر؟ من أعداءِ آلِ مُحَمَّد، من الَّذي أعانهم على ذلك؟ المخابرات الأمريكية أم إبليس، إبليس، هو هذا الَّذي نقولهُ، فهناك ناطقان: ناطقٌ ينطق عن الله وناطقٌ ينطق عن إبليس، الأمر راجع إليكم كيف تفهمون، كيف تتدبَّرون، كيف تُفكّرون، أنا أعرض الحقائق بين أيديكم والنتائج موكولة إليكم. فَإِنَّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُمَا – فإذا ألحقتنا فاطمة بتصديقنا لمُحَمَّدٍ وعليٍّ، النَّتيجة ما هي؟ النَّتيجة: أنَّنا سنطهُر، يعني قبل هذهِ الحالة ما كُنَّا على طهارة – إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُمَا – فماذا يأتي؟ – لِنُبَشِّر أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِكِ – يعني ولايةُ فاطمة هي الطهور، وهذا الطهور لا يتفعَّل إلَّا بإجازتِها، إلَّا بتصديقِها، ولذلك هي القَيِّمة، هذا هو معنى القيِّمة. القيِّم: هو صاحب الأمر والنَّهي، هو صاحب التَّنصيب والعزل، هو صاحب العطاء والمنع، هو صاحب الإجازةِ والإِذن والرَّفض، هو الَّذي يُصدرُ الأوامر كي تُفتَّح جميعُ الأبواب أو تُغلّق، هذا مرادي من أنَّ أهل البيت جعلوا للدِّين أصلاً واحداً هو إمامُ الزَّمان! إمامُ كُلِّ أُمَّةٍ كُلَّ زمانٍ، الإمامُ الصَّادق في أيَّامهِ هو أصلُ الدين، الإمام الهادي في زمانه هو أصل الدين، هم أئِمَّتُنا أصول الدين، هم الدين، ولكن هكذا يجري الأمر في منظومة العقائد الشِّيعيَّة، ولذلك مَن لم يعرف إمام زمانهِ ما قالت الرِّوايات من لم يعرف أصول الدِّين الخمسة، والغريب حتَّى هذا الأصل الخامس الإمامة الَّذي أضيف إلى أصول النواصب أخرجوه بعنوان أنِّهُ من أصول المذهب: (مَنْ لَم يَعْرِف إِمَام زَمَانِه مَاتَ مِيتةً جَاهِلِيَّة)، ميتة على الكفر، ما قالت الرواية من لم يعرف أصول الدين الخمسة، التوحيد والنبوة والمعاد، وكُلّ العقائد مُنطوية في هذا الأصل، من دون هذا الأصل لا معنى لأي شيء. أهلُ البيت جعلوا للدِّين أصلاً واحداً هو الإمام المعصوم، إمامُ كُلِّ أُمَّةٍ في زمانهِ في زمانها عبِّر ما شئت، أصلُ الدِّين، أصلُ ديننا واحد هو الحُجَّة ابنُ الحَسَن! وهناك قَيِّمةٌ على الدِّين هي فاطمة! هذه أصولُ وأُسُس منظومة العقائد الشِّيعيَّة عند آل مُحَمَّد، الزِّيارةُ هنا تتحدَّث عن هذهِ الحقيقة، تحدَّثت عن الإمامين الأصلين، هذا المعنى في زماننا أيضاً يكون بنفسِ هذهِ الحقيقة، إذا أردنا أنْ نُخاطِبَ فاطمة الآن هكذا نُخاطبها لا بلحاظ الزِّيارة، بلحاظ الحقيقة! بلحاظ العقيدة! بلحاظِ منظومة العقائد الشِّيعيَّة: (وَزَعَمْنَا يا أمَّ الحَسَنِ والحُسَين أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء وَمُصَدِّقُون وَصَابِرُون لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهَ وَلَدُكِ صَاحِبُ الأَمْر، فَإِنَّا نَسْألكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُ لِنُبَشِّر أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِكِ)، هذا هو مُرادي من أنَّ فاطمة هي القَيِّمةُ على الدِّين بالمجمل التفاصيل ستأتي، ولكن بالمجمل كي أُقرِّب الفكرة لديكم، هذا هو مُرادي من أنَّ الدِّين لهُ أصل ولهُ قَيِّم، وأنتم تُردِّدون هذا الكلام في زياراتها، العديد من زياراتها تشتمل على هذهِ التعابير، نفس هذهِ التعابير تتكرَّر في النُّصوص الأخرى لزياراتها الشَّريفة. لذا أردّد سؤالي: تفهمون ما تقرأون أم لا؟ إذا لم تفهموا فلماذا تقرأون؟ ألا لاخيرَ في زيارتِكم! ألا لا خير في قراءتِكم! تفهمون ما تقرأون؟ لماذ لا تطبّقون؟ هي هَذهِ العقيدة الحقَّة، عقيدتكم تِلك الَّتي تتحدَّثون عنها تعرفون من أين جاءتكم؟ جاءتكم من الأشاعرة والمعتزلة، إذا تقولون لا، جيئوني بآية واحدة أو رواية واحدة تُثبِتُ كلامَكم، لا يوجَد، فما هو موقفكم؟ تلطمون في مجالس الزَّهراء لأنَّ الزَّهراء أحرقوا بابَ منزلِها، وأنتم تُحرقون منزلتَها!! وإحراقُ المنزلةِ أسوأ بكثيرٍ بكثيرٍ بكثيرٍ من إحراق منزلِها، أنتم تحرقون منزلتَها، أين منزلةُ فاطمة في منظومة عقائدكم الشِّيعيَّة؟ أعيد الكلام: المراد أنَّ منظومة العقيدة الشِّيعيَّة هكذا: (وَزَعَمنَا يَا زَهْرَاءْ أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء وَمُصَدِّقُون وَصَابِرُونَ لِكُلِّ مَا أَتَانَا بِهِ وَلَدُكِ الحُجَّة ابنُ الحَسَن فَإِنَّا نَسْألكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لهُ)، لإمام زماننا لماذا؟ لأنَّ تصديقنا بهِ ولهِ من دون تصديقكِ يا زهراء لا معنى لهُ، نَبقى في حَالٍ بَعيد عن الطهارة، بَعد تَصديقك يَا زهراء فإنَّنا سنكونُ على طهارة: (فَإِنَّا نَسْألكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لهُ – للحُجَّة اِبْنَ الحَسَن – لِنُبَشِّر أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِكِ يَا زَهْرَاء)، تقبلون هذه العقيدة أم لا؟ إنَّها تُخالِفُ قواعدَ علمِ الكلامِ النَّاصبي، هذه الزِّيارات ضعيفةُ السَّند بحسب قذارات علم الرِّجال النَّاصبي، هذا الكلامُ غريبٌ على كُتُبِ علم الكلام النَّاصبي، هذهِ الثَّقافةُ أجنبيَّةٌ عن ساحة الثَّقافة الشِّيعيَّة النَّاصبيَّة، لماذا؟ لأنَّكم من المتمسِّكين بالمنهج الأبتر، وهذا هو المنهجُ الكَوثر، حتَّى متى ستبقون تَشربون من العيون الكدرة القَذرة ولا تَشربون من الكوثر، هذا هو الكوثر هذا هو منهجُ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد. في الحقيقةِ كُنت قد جلبتُ معي من كتبِ علم الكلام لأجل أنْ أقرأ عليكم منها ما جاء مذكوراً فيها بخصوصِ تعريف الإمامة، لأنَّني كُنتُ قد تحدَّثتُ في الجزء السَّابق من أجزاء هذه الحلقة عن كيفيَّة نُشوءِ منظومة العقائد الشِّيعيَّة وكيف أنَّ عُلماء الشِّيعة في بدايات عصر الغيبة الكُبرى أضافوا الإمامة إلى أُصول الدِّين الأشعرية والمعتزلية ووضعوا لها تَعريفاً ومَا وجدتُ وقتاً لذلك فقط بشكلٍ سريع أُشير إلى هذهِ المصادر إذا أردتم أنتم أن تُراجعوها راجعوها، لأنَّني لا أجدُ وقتاً لقراءة ما أردتُ أنْ أقرأه عليكم. من هذه المصادر: هذا المصدر المهم والمهم جدَّاً (كشفُ المراد في شَرحِ تَجريد الاعتقاد)، للعلَّامة الحلِّي، من الكتب الكلاميةِ المهمَّة جدَّاً والمعتمَدةِ عند مَراجع الشِّيعة، وربَّما هو أهمُّ كتابٍ كلاميٍّ فعلاً يُدرَّس في الحوزات العلميَّة الشِّيعيَّة، في الحوزة العلمية في منهجها الدراسي من أهمّ الكتب وربَّما هو الأهم في دراسة العقائد، كشفُ المراد في شرح تجريدِ الاعتقاد للعلَّامة الحلّي، هذه الطبعة مؤسَّسة النَّشر الإسلامي، قم المقدَّسة، وهي الطبعة الثَّالثة عشرة، الطبعة الثَّالثة عشرة لسنة 1432 هجري قمري، إذا نذهب إلى صفحة 490، يبدأ البحث عن الإمامة ويستمر، تحت عنوان: (المقصد الخامس في الإمامة)، يستمر إلى صفحة 540، من صفحة 490 إلى صفحة 540، ومدار الحديث في هذا الموضوع هو عن رئاسةٍ دينيةٍ ودنيوية. بالضَّبط هو نفس التعريف الَّذي جاء مذكوراً في كتاب: (شرح الباب الحادي عَشر)، والباب الحَادي عشر هو مَتنٌ كَتبهُ العلَّامةُ الحلِّي، أساساً هو بابٌ أضافهُ إلى أبوابٍ عشرة اختصرها من كِتاب الشَّيخ الطوسي في الأدعيةِ والزِّيارات، مصباح المتهجد وسلاح المتعبد، أضاف العلَّامةُ الحلي الباب الحادي عشر إلى عشرة أبواب اختصرها من ذلك الكتاب، فجاء المقداد السيوري وشرح هذا الباب، فهذا هو شرح الباب الحادي عشر وهو أيضاً من الكُتب الكلامية الَّتي تُدرَّسُ في الحوزة العلمية، بحسب هذهِ الطبعة الَّتي بين يديّ الطبعة الأولى، 2007 ميلادي، مؤسَّسة مسلم ابن عقيل للطباعة والنَّشر والتوزيع، النَّجف الأشرف، في صفحة 93، عرَّف الإمامة فماذا قال؟ – الإمامةُ رئاسةٌ عامَّة في أمورِ الدِّينِ والدُّنيا لشخصٍ من الأشخاص نِيابةً عن النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وآله – هذا هو تعريفُ الإمامة، وهذا التعريف مستوحى من نفس الثَّقافة المخالفة. وعلى نفس هذا الذوق كَتَب العلَّامةُ الحلي ما كتبهُ في المقصد الخامس في الإمامة في كتابهِ: (كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد)، وكذاك المقداد السيوري يتحدَّث عن الإمامةِ وشؤونها في ضوءِ هَذا التعريف. ونفسُ الشَّيء الشَّيخ محمَّد رضا المظفر، هذا هو كتاب: (عقائد الإمامية)، في نفسِ هذا الأفق يتحدَّث الشَّيخ المظفَّر في تعريف الإمامة فيقول في صفحة 41 من هذه الطبعة الَّتي بين يدي، مركز التوزيع مكتبة كرار السعدي، العراق، النَّجف، صفحة 41، رقم 28، (عقيدتنا في الأَئِمَّة):- عقيدتنا الخالصةُ أنَّهم بشرٌ مثلنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإنَّما هم عبادٌ مُكرَمون اختصَّهُم الله تعالى بكرامته وحباهم بولايته إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البَشرِ من العلم والتقوى والشجاعةِ والكرم والعِفَّة وجميع الأخلاق الفاضلة والصِّفات الحميدة، لا يُدانيها أحدٌ من البشر فيما اختصوا به وبهذا استحقّوا أنْ يكونوا أَئِمَّة وهداة ومَرجعاً بعد النَّبي في كُلِّ ما يَعودُ للنَّاس من أحكامٍ وحُكم وما يَرجِعُ للدِّين من بيانٍ وتشريع وما يختصُّ بالقُرآن من تفسيرٍ وتأويل – نفس المضمون الَّذي تحدَّث عنهُ المخالفون ولكن مع شيءٍ من إضافات شيعيَّة. الإمامةُ في الزِّيارة الجامعة الكبيرة الَّتي هي القول البليغ الكامل كُلّ هذه المعاني ستكون في حواشيها، الإمامةُ عند آل مُحَمَّد دلالتها ومعناها أكبر وأكبر وأكبر من كُلِّ هذه التفاصيل الَّتي تحدَّث عنها علماء الكلام في كتبهم العقائدية، فحين تصوَّر الشِّيعةُ معنى الإمامة بهذا الحدّ أخرجوا فاطمة من الإمامة وبعد ذلك حتَّى الإمامة أُخرجوها من أصول الدين وحبسوها في زِنزانة هُم أسموها بأصول المذهب، كُلّ ذلك بسبب بالمنهج الأبتر الَّذي يتحرَّكُ بفاعليةٍ شديدة في وسط المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة وفي واقع الشِّيعةِ عُموماً. أنتقل بكم إلى جهةٍ أخرى، ولكن قبل أنْ أتناول هذه الجهة نذهب إلى فاصل وأعود إليكم بعد الفاصل. بعد هذه المقدِّمة والَّتي بدأت من بداية الحلقة إلى ما قبلِ هذا الفاصل، بعد هذه المقدمة النتيجة الَّتي وصلتُ إليها: منزلةُ فَاطِمة أُحْرِقَت! وَفَاطمةُ أُخرِجَت مِن منظومة العقائد الشِّيعيَّة! وهذهِ هي الحقيقة الموجودة على أرضِ الواقع، ففاطمة نُحِّيَت وجيء بمنظومةٍ عقائديَّةٍ من المخالفين. بعد ذلك ماذا حدث؟ الَّذي حَدث بعد ذلك أنَّ الشِّيعة كتبوا وقالوا وتحدَّثوا عن فاطمة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، سأقرأ عليكم نماذج مِمَّا كَتَبهُ كِبار مراجع الشِّيعة عن الصدِّيقة الطاهرة من دونِ أنْ أُناقشهم، لأنَّهُ قَد مَرَّ هَذا الكلام وناقشتُ جوانبَ منها، سأقرأ عليكم ما قالوا وبَعد ذلك أُبَيِّن لكم معتقدي وأنتم ميِّزوا بين هذهِ المعتقدات، لن أُناقشَ ما قالوا، فقط إذا كانت هناك عبارت أو جُمَل تحتاج إلى توضيح أوضّحها، فقط أُبَيِّن لكم الاتِّجاه العامّ لكلامِهم وأنتم ميِّزوا، هذهِ القضية راجعة إليكم لأنَّني لا أُريد أنْ أُناقش كُلَّ صغيرةٍ وكبيرة فهذا يحتاج إلى زمان طويل. سأعرضُ بين أيديكم نماذج مِمَّا يُمكن أنْ أسمّيهُ: مَعرفةُ مَراجع الشِّيعة بفاطمة، وبعد ذلك سأعرضُ عقيدتي بحسب ما يسنحُ به الوقت في هذه الحلقة أو في الحلقات القادمة..؟! أوَّل عالمٍ وأوَّلُ مرجعٍ سأقرأُ من كتابِهِ هو السيِّد محمَّد باقر الصَّدر: كتابهُ فدكٌ في التأريخ: وهذهِ النُّسخة هي النُّسخة الَّتي هي إعداد وتحقيق لجنة التحقيق التابعة للمؤتمر العالمي للإمام الشَّهيد الصَّدر، الطبعة الثَّالثة، 1427 هجري قمري، صفحة 16، سأقرأ لكم ماذا كَتَب السيِّد الصَّدر وأنتم حَكِّموا عقولَكم وقارنوا بين العلماء وبين معرفتهم بالصدِّيقة الطاهرة، لأنَّني سأعرضُ نماذج من اتّجاهات ومدارس وأذواق مختلفة، ماذا يقول السيِّد محمَّد باقر الصَّدر؟ ومن دون مناقشة لكلامهِ، فقط إذا كانت عبارات أو جمل تحتاج إلى توضيح، صفحة 16، وتحت عنوان: (مستمسكات الثورة)، يتحدَّثُ عن حالات الصدِّيقة الطاهرة فيقول: ارتفعت الزَّهراءُ بأجنحةٍ من خَيالها المطهَّر إلى أفاقِ حياتها الماضية ودنيا أبيها العظيم الَّتي استحالت حين لحق سيِّدُ البشر بربِّه إلى ذكرى في نفس الحوراء متألقةٍ بالنور تمدُّ الزَّهراء في كُلِّ حين بألوانٍ من الشعورِ والعاطفةِ والتوجيه وتشيع في نفسها ضروباً من البهجة والنَّعيم، فهي وإنْ كانت قد تأخَّرت عن أبيها في حساب الزَّمن أيَّاماً أو شهوراً ولكنَّها لم تنفصل عنهُ في حِساب الروح والذكرى لحظةً واحدة، وإذاً ففي جنبيها مَعينٌ من القوَّة لا يَنضب وطَاقةٌ على ثَورةٍ كاسحةٍ لا تخمد وأضواء من نُبوَّةِ مُحَمَّد ونفس مُحَمَّد تُنير لها الطريق وتهديها سواء السَّبيل، وتجرَّدت الزَّهراءُ في اللحظة الَّتي اختمرت فيها ثورةُ نَفسها عن دنيا النَّاس واتَّجهت بمشاعرها إلى تِلك الذكرى الحيَّة في نفسها لتستمدَّ منها قبساً من نورٍ في موقفها العصيب وصارت تنادي إِليَّ يا صُور السعادةِ الَّتي أفَقتُ منها على شقاءٍ لا يُصطَبرُ عليه، إِليَّ يا أعزَّ روحٍ عَلَيَّ وأحبِّها إلي حدِّيثني وأفيضي عَلَيَّ من نورك الإلهي كما كنتِ تصنعين معي دائماً – إلى أنْ يقول في صفحة 19، لا زالت الزَّهراء في مناجاتها وهنا تنتقل في مناجاتها فتُناجي أمَّها – يا روحَ أمِّي العظيمة إنَّكِ القيت عَلَيَّ درساً خالداً في حياة النِّضال الإسلامي بجهادكِ الرائع في صَفِّ سيِّد المرسلين وسوفَ أجعلُ من نفسي خديجةَ عليٍّ في محنتهِ القائِمة – هذهِ نفس الفِكرة البَتراء حُسين العصر، زينب العصر، وأمثال هذهِ المصطلحات، من هنا نشأت هذهِ الأفكار البتراء – وسوف أجعلُ من نفسي خديجة عليٍّ في محنتهِ القائِمة – هذا الكلام يمكن أنْ ينطبق على غير آل مُحَمَّد، يمكن أنْ يُقال سلمان العصر يمكن، وإن كان لا وجودَ لمثل هذا، لكن آل مُحَمَّد لا يقاسُ بهم أحد – لَبَّيكِ لَبَّيكِ يا أُمَّاه إنِّي اسمعُ صوتَكِ في أعماق روحي يدفعني إلى مقاومة الحاكمين – إلى أنْ يقول:- ثُمَّ اندفعت إلى ميدان العمل وفي نفسها مبادئ مُحَمَّد وروح خديجة وبطولة علي وإشفاقٌ عظيم على هذهِ الأُمَّة مِن مُستقبلٍ مُظلم – هذهِ أحوالُ فاطمة وهذهِ رُوحُ فاطمة بحسبِ تصوّر مرجعٍ كبير هو السيِّد محمَّد باقر الصَّدر رحمةُ الله عليه، لا أعلِّق فقط قرأتُ عليكم، إذا أعجبكم هذا الحديث فدونَكم إيّاه. مرجعٌ آخر من أجواء السيِّد محمَّد باقر الصَّدر هو السيِّد محمَّد حسين فضل الله كتابهُ (الزَّهراء القدوة): دار الملاك، الطبعة الثَّالثة 2004 ميلادي، وهو قال في بداية كتابه: بأنَّ هذا الكتاب في صفحة 6: (يُمثِّلُ كُلَّ فكري في سيِّدة نساء العالمين)، يُمثِّلُ كُلَّ فكري، في صفحة 356، ماذا يقول؟ – لأنَّ عظمة عليّ والزَّهراء أنَّهما تتلمذا على يدي رسول الله مُضافاً إلى الألطاف الإلهية الَّتي أفاضها الله سبحانه عليهما فبلغا المرتبة العُليا عند الله ورسوله – ثُمَّ بعد ذلك يقول: – إنَّ من بينِ مُميِّزات السيِّدة الزَّهراء أنَّها عاشت المسؤولية مُنذ طفولتها فكانَت مسؤولةً عن أبيها بعد وفاةِ أُمِّها وهي في سِنِّ الطُفولة فكانت تَرعى أباها رعايةً كاملة بكُلِّ حنانٍ وعاطفة، حتَّى أنَّ رسول الله الَّذي افتقد حنان الأم رأى في الزَّهراءِ أُمَّاً من حيثُ الحنان والعاطفة الَّتي ملأت بها قلبه، فكان يقول عنها: أنَّها أُمُّ أبيها – فالنَّبيُّ يُعاني من مشكلة، من مشكلة نقص الحنان – وهكذا تحمَّلت مسؤوليَّتها كَاملةً اتِّجاهِ زوجها وأولادها فحوَّلت بيتَها إلى بيتٍ إسلامي بكُلِّ مَعاني الإسلام وبكُلِّ قِيَمه حتَّى أنَّ عليَّاً كانَ يعيش الإسلام في بيتهِ كما كان يعيش الإسلامَ في مسجد رسول الله لأنَّ الزَّهراء كَانت تُجسِّد الإسلام كُلَّه، وهكذا تحمَّلت مسؤوليَّتها في تثقيف المسلمات بما كانت تُعَلِّمهن في جلساتها مِمَّا كانت تلقي عليهنَّ من دروس – إلى آخر كلامهِ وحديثهِ، هذهِ صورةٌ أخرى أيضاً لمرجعٍ مُعاصرٍ من مراجع الشِّيعة الكبار. وهذا شيخُنا الوائلي في ديوانهِ: شيخنا الوائلي في ديوانه، هذه الطبعة مؤسَّسة البلاغ دار سلوني، شرح وتدقيق سمير شيخ الأرض، وهذهِ الطبعة الأولى، 2007 ميلادي، لهُ قَصيدة واحدة عن الزَّهراء اسمها: (الزَّهراء عليها السَّلام)، نُظِمت عام 1979، في أحد مستشفيات لندن، أوَّلها : كيفَ يَدنو إلى حَشاي الدَّاءُ وبِقلبيَ الصدّيقةُ الزَّهراءُ هذه القصيدة ليس فيها من شيء عن فاطمة إلَّا ما يتعلَّقُ بظلامتها والاعتداء عليها، فلا يوجد فيها شيء إلى ما يرتبط بهذا الموضوع، لا حديث عن منزلتِها ولا عن مقامِها. في صفحة 54، 55 هناك أبيات من قصيدةٍ عنوانها (دعاءٌ عند الرَّسول الكريم)، أبيات يتحدَّثُ فيها عن مضمونِ حديثِ الكساء، لا أقرأها الآن ربَّما أقرأها في حلقةِ يوم غد باعتبار أنَّ حديثنا سيكون في أجواءِ حديث الكساء، فأعود إلى هذه الأبيات في حينِها. ولكن هُناك قصيدة عنوانها: (في رحاب الرَّسول)، نُظِمت بالمدينة المنوّرة عام 1976، ما جاء فيها من أبياتٍ، الشَّيخ الوائلي مِراراً يُكرِّر هذه الأبيات حينما يذكرُ أهل البيت، في صفحة 58 و59، ما قالهُ عن الزَّهراء صورةٌ سطحية جدَّاً: وعفَّرتُ خدِّي في ثَرىً مسَّ عَفرهُ لجبريل مِن جِنحيهِ رِيشٌ مُزغَّبُ وفيهِ محاريبٌ لآلِ مُحَمَّدٍ بِهنَّ ضَراعاتٌ إلى اللهِ تُنصبُ وآثارُ أَقدامٍ صِغَارٍ ومَهجَعٌ إلى الحَسنين الزَّاكيين ومَلعَبُ وصوتُ رَحى الزَّهراءُ تَطحنُ قوتها إلى جِلدِ كبشٍ حيثُ تَجلسُ زينبُ رؤىً سوف يبقى الدَّهر يروي جلالها وتبقى على رغم البساطة تأشبُ صورة سطحية جدَّاً فما ذكره في ديوانه قصيدة تتحدَّث عن ظُلامة فاطمة، تلك الَّتي نظمها وهو في أحد المستشفيات في لندن، وأبيات تتناول مضمون حديث الكساء سطَّحَهُ وحرَّفَهُ إلى حدٍّ بعيد سنقرأها حينما يصل الكلام إلى حديث الكساء، وأبيات في قَصيدةٍ يُناجي فيها رسول الله، هذهِ الأبيات تَرسمُ صورةً ساذجةً وسطحيَّةً إلى أبعد الحدود. ما ذكرهُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر، وما ذكره السيِّد محمَّد حسين فضلُ الله، وما ذكرهُ الشَّيخ الوائلي هو من نفس الأفق، ومن نفس الأجواء، ومن نفس الثقافة، وهذا اتِّجاهٌ واضحٌ ومعروف. هذهِ الأجزاء هي مِن كُتُب الشَّيخ الإحسائي رحمةُ الله عليه: هذا هو الجزء الثَّاني من شرح الزيارةِ الجامعةِ الكبيرة، وهو أيضاً الجزء الثَّاني من مجموعة آثار الشَّيخ الإحسائي الَّتي قامت بطباعتها وإنتاجها مؤسَّسة الإحقاقي وهذا هو الجزء الثَّاني من أجزاء الزِّيارة الجامعة، والجزء الثَّاني أيضاً من مجموعة آثار الشَّيخ الإحسائي، صفحة 364، وصفحة 412، هُناك موضعان تحدَّث فيهما عن الصدِّيقةِ الطَّاهرة، أقرأ أوَّلاً ما جاء في صفحة 412، من الجزء الثَّاني من أجزاء شرح الزِّيارة الجامعة الكبيرة للشَّيخ الإحسائي، يقول: لأنَّ لهم حالتين – يعني لِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد – لأنَّ لهم حالتين: حالةٌ: يجتمعون فيها الأربعة عَشر مَعصوم عليهُم السَّلام وهي ما يحتاجُ إليه جَميع الخلق فإنَّهم فيهِ سواء لا يزيدُ أحدٌ منهم على أحد ولا يَنقُص، وهذه الحالة هي المشار إليها في هذهِ الزِّيارة في جميع فقراتها. وحالةٌ: يزيد بعضهم على بعض وينقص بعضهم عن بعض، وفي هذه الحالة لا يختصّ الاستثناء بالنَّبي وعليٍّ صلَّى اللهُ عليهما وآلهما، لأنَّ مقاماتهم مُتفاوتة كتفاوتِهم، فالنَّبيُّ صلَّى الله عليه آله سَبقهم ولا يبلغُ أحدٌ منهم مَقامَه وعليٌّ عليه السَّلام بَعد النَّبي سَبقهم ولا يبلغُ أحدٌ منهم بعد النَّبي مقامَه، وكذلك الحسنُ بعد عليٍّ، ثُمَّ الحسينُ، ثُمَّ القائمُ، ثُمَّ الأَئِمَّةُ الثَّمانية، ثُمَّ فاطمة عليهم أجمعين صَلواتُ اللهِ وسلامهُ – هذا ما جاء في صفحة 412. في صفحة 364 يقول: – ومنهم – من العلماء – من جَعل مُحَمَّداً أفضل الخَلقِ أجمعين ثُمَّ عليٌّ ثُمَّ الحَسَن ثُمَّ الحسين ثُمَّ القائم ثُمَّ الأَئِمَّة الثَّمانية ثُمَّ فاطمة عليهُم السَّلام وهذا هو الَّذي يترجَّحُ عندي – هذا ما جاء في الجزء الثَّاني من كتاب شرح الزيارة الجامعة الكبيرة للشَّيخِ الإحسائي، من دون تعليق فقد مرَّ هذا الكلام، أنا هنا فقط أعرض ماذا قال علماء الشِّيعة ومراجع الشِّيعة ومفكِّروا الشِّيعة تحت عنوان: معرفةُ مراجع وعلماء الشِّيعة بالصدِّيقةِ الطّاهرة. هذا هو الجزء الثالث من أجزاء شرح الزِّيارة الجامعة الكبيرة وهو أيضاً الجزء الثَّالث من مجموعة آثار الشَّيخ الإحسائي، مؤسَّسة الإحقاقي، صفحة 340، ماذا يقول الشَّيخُ الإحسائي؟ – هُنا فائدةٌ في الإشارة إلى الحرف الَّذي يتفاضلون بهِ – التفاضل بين المعصومين – وقَدرُ مُدَّته أمَّا الحرف فَهو فِي تَقدُّم الذَّوات بَعضها على بعض كما تقدَّم رسولُ الله على عليٍّ وعليٌّ على الحسن والحسنُ على الحُسين والحسينُ على القائم والقائمُ على الأَئِمَّة الثَّمانية وهم على فاطمة – وهم يعني الأَئِمَّة الثَّمانية وكذلك الَّذين سبق ذكرُهم صَلواتُ الله عليهم – وهم على فاطمة على ما ظهر لي صلَّى اللهُ عليهم أجمعين – ففاطمة هي الأدون في المراتب وهذا الكلام يذهبُ إليه أكثر علماء وفقهاء ومراجع الشِّيعة، يعني هذا الكلام ليس خاصَّاً بالشَّيخ الإحسائي فقط. هذا هو الجزء التاسع من جوامع الكَلِم، وهو التاسع عشر من مجموعة آثار الشَّيخ الإحسائي، في صفحة 378، ماذا يقول الشَّيخ الإحسائي: – فإنَّه إذا تجدَّد علمٌ بحادثةٍ – من حوادث الكون – لم تَكُن فإنَّه ينزلُ على رسول الله – هذا العلم يتجدَّد في اللوح المحفوظ، في العوالم العُليا – فإنَّهُ إذا تجدّد علمٌ بحادثةٍ لم تكن فإنَّهُ ينزلُ على رسول الله ثُمَّ على عليٍّ ثُمَّ على الحُسن ثُمَّ على الحُسين ثُمَّ على القائم ثُمَّ على الأَئِمَّة الثَّمانية الأب قبل الابن ثُمَّ على فاطمة صلواتُ الله عليهم جميعاً، ثُمَّ يظهر الحكم في الخلق – يتجلَّى هذا العلم بشكل فعلي في الخلق – لأنَّ ترتُّب ظهور العلم ونُزولَهُ أو ونُزولِهِ، لأنَّ تَرتُّب ظهور العلم ونزولِهِ عليهم على حسب مراتبِهم فافهم – هذا ما جاء في الجُزء التاسع عشر من مجموعةِ آثار الشَّيخ الإحسائي رحمةُ اللهِ عليه. وهذا هو الجزء الثالث من جوامع الكلم، وهو الثَّالث عشر من مجموعةِ آثار الشَّيخ الإحسائي، في صفحة 316، والَّتي بعدَها حديثٌ عن منزلةِ الصدِّيقة الطاهرة: – وقال آخرون: إنَّ الأَئِمَّة الاثني عشر كُلَّهم أفضل منها – أفضل من فاطمة – وسببُ الاختلاف اختلافُ الرِّوايات والَّذي يترجَّحُ عندي – عند الشَّيخ الإحسائي – أنَّ فَضلها بعد الأَئِمَّة الاثني عَشر – فهم أفضلُ منها – وهو القولُ الأخير لعموم آية: ﴿وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾، ولِمَا وَرَد عن أبيها وبعلها وبنيها صلَّى اللهُ عليهم أجمعين أنَّها أفضلُ نساءِ العالمين ولم يَرد أفضلُ الرِّجال من العالمين، ولِمَا رواهُ الصَّدوق في الفقيه فيما أوصى مُحَمَّدٌ عليَّاً عليهما وآلهما السَّلام: يا عليّ إنَّ الله عز وجل أشرف على الدُّنيا فاختارني منها على رجال العالمين، ثُمَّ اطلّع ثانيةً فاختارك على رجال العالمين، ثُمَّ اطّلع ثالثةً فاختار الأَئِمَّة من ولدك على رجال العالمين، ثُمَّ اطّلع رابعةً فاختار فاطمة على نساء العالمين، انتهى، وهو يُشعِرُ بتفضيلِهم عليها عليهم وعليها السَّلام، ومثل حديث الأنوار الَّتي تزهر بها لعليٍّ في كُلِّ يوم ثلاث مرات فلمَّا ولدت الحُسين ارتفع ذلك – يعني ارتفع ذلك النور منها – وهذا ظاهرٌ – يعني أنَّ منزلتها دون منزلة الحُسين وأنَّ النور الَّذي كان يزهر فيها هو بسبب حملِها للحُسين – وهذا ظاهرٌ لمن كان لهُ قلبٌ أو ألقى السَّمع وهو شهيد – هذا ما ذكره الشَّيخ الإحسائي في جوامع الكَلِم، وكذلك في شرح الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة. قرأتُ عليكم ما جاء في كتاب: (فدكٌ في التأريخ)، للسيِّد محَّمد باقر الصَّدر رحمةُ اللهِ عليه. وما جاء أيضاً في كتاب (الزَّهراء القدوة)، للسيِّد محمَّد حسين فضل الله رحمةُ اللهِ عليه. وما جاء أيضاً من شعرٍ للشَّيخ أحمد الوائلي رحمةُ اللهِ عليه. وما جاء من بياناتٍ وتفصيلات ذكرها الشَّيح أحمد الإحسائي رحمةُ اللهِ عليه، إنْ كان ذلك في كتابهِ: (شرح الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة)، في الجزء الثاني وفي الجزء الثالث أو ما جاء في كتابه: (جوامع الكلم)، في الجزء الثَّالث وفي الجزء التاسع. الكتاب الَّذي بين يديّ هو: (الحكومةُ الإسلامية) للسيِّد الخميني، صفحة 52 تحت عنوان: (الولايةُ التكوينية)، فماذا يقول السيِّد الخميني؟ – فإنَّ للإمام مقاماً محموداً – يتحدَّث عن الإمام المعصوم – فإنَّ للإمام مقاماً محموداً ودرجةً ساميةً وخلافةً تكوينيَّةً تخضع لولايتِها وسَيطرتِها جميعُ ذرَّاتِ هذا الكون، وإنَّ من ضَروريّات مذهبِنا أنَّ لأئِمَّتنا مقاماً لا يبلغهُ مَلَكٌ مُقرَّب ولا نبيٌّ مُرسَل وبموجبِ ما لدينا من الرِّوايات والأحاديث فإنَّ الرسول الأعظم والأَئِمَّة كانوا قبلَ هذا العالم أنواراً فجعلهم الله بعرشهِ محدقين، وجعل لهم من المنزلةِ والزلفَى ما لا يعلمهُ إلَّا الله وقد قال جبرائيل كما ورد في روايات المعراج: (لَو دَنوتُ أَنمُلَة لاحتَرَقت)، وقد ورد عنهم: (إنَّ لَنَا مَع الله حَالَات لَا يَسَعُها مَلَكٌ مُقرَّب ولَا نَبيٌّ مُرْسَل)، ومثلُ هذهِ المنزلة موجودةٌ لفاطمة الزَّهراء عليها السَّلام لا بمعنى أنَّها خليفةٌ أو حاكمةٌ أو قاضيةٌ – هذا الأمر موجود في كُلِّ الكتب وهو نَفيُ الإمامةِ السياسيّةِ عن الصدّيقةِ الطاهرة – لا بمعنى أنَّها خليفةٌ أو حاكمةٌ أو قاضيةٌ فهذهِ المنزلةُ شيءٌ آخر وراءَ الولاية والخلافة والإمرة، وحين نقول: إنَّ فاطمة لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة فليس يعني ذلك تجرُّدها عن تلك المنزلة القريبة، كما لا يعني ذلك أنَّها امرأةٌ عادية من أمثال ما عندنا – هذا هو كلامهُ في صفحة 52، 53، من دون تعليق كما قلت إِنَّني أعرضُ الأقوالَ هنا، فقط أقرأ عليكم والاختيارُ إليكم، لأنَّني لستُ بصددِ مناقشةِ ما يقولهُ هؤلاء الأعاظم، هذا كلام السيِّد الخميني رحمة الله في الحكومة الإسلامية. أمَّا في كتابه: (الآداب المعنوية للصَّلاة)، هذهِ الطبعة مؤسَّسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الثَّانية، 1986، تَرجمة العلَّامة أحمد الفِهري، لأنَّ الكِتاب في أصلهِ كتبهُ السيِّد الخُميني باللغة الفارسية فترجمهُ أحد تلامذته وهو السيِّد أحمد الفهري إلى العربية، في صفحة 499: – مِن جُملةِ فَصلٍ وموضوعٍ عنوانهُ: (الأمر الثاني في حقيقة ليلة القدر) – هو باب موجود هنا السيِّد الخُميني يتناول فيهِ تَفسيرَ سورةِ القدر – الفصلُ السَّابع في نبذةٍ في تفسير السورة المباركة القدر – والكلام طويلٌ في تفسير هذهِ السورة لكنَّني أذهب إلى موطن الحاجة كمثالٍ وكشاهدٍ يتناسب وهذا البرنامج، في صفحة 499، ماذا يقول السيِّد الخُميني؟ ويدلُّ على هذا ما ذكرنا من حقيقة ليلةِ القدر الحديث الشَّريف المطوَّل في تفسير البرهان نقلهُ عن الكافي الشَّريف وفي ذلك الحديث أنَّ نصرانياً قال لموسى ابن جعفر عليه السَّلام: ما تفسيرُ باطن ﴿حم ۞ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ۞ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ۞ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، فقال عليه السَّلام: أمَّا حم مُحَمَّد، وأمَّا الكتاب المبين أميرُ المؤمنين عليِّ وَأَمَّا اللَّيلةُ فَاطِمَة عَلَيهَا السَّلام، وفي رواية فسَّرت ﴿لَيَالٍ عَشْر﴾ بالأَئِمَّة الطاهرين من الحَسن إلى الحَسن، وهذهِ اِحدى مراتب ليلة القدر قد ذكرها موسى ابن جعفر عليه السَّلام ومِمَّا يشهد بأنَّ ليلة القدر تمام الدورة المُحَمَّديَّة الرِّوايةُ الَّتي في تفسير البرهان عن الباقر عليه السَّلام وهذهِ الرِّوايةُ حيثُ أنَّها رواية شريفة وتشيرُ إلى معارف عديدة وتكشفُ أسراراً مُهمَّة ننُقلها نصَّاً تيمُّناً: (قال رحمهُ الله – يشير إلى السيِّد هاشم البحراني في تفسيره البرهان – قال رحمهُ الله وعن الشَّيخ أبي جعفرٍ الطوسي عن رجالهِ عن عبد الله ابن عجلان السَّكوني قال: سَمِعتُ أَبَا جَعفرٍ عَلَيه السَّلام يَقول: بَيتُ عَليٍّ وفَاطِمَة حُجرةُ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسَقفُ بَيتهِم عَرشُ رَبِّ العَالَمين وفِي قَعرِ بُيُوتِهم فُرجَةٌ مَكْشُوطَةٌ إِلَى العَرش مِعرَاجُ الوَحي والْمَلَائِكةُ تَنزِلُ عليهِم بِالوَحي صَباحَاً ومَساء وَكُلَّ سَاعةٍ وَطَرفَةِ عَين وَالْمَلَائِكَةُ لا تَنقَطِع أَفوَاجهم فَوجٌ يَنزِل وَفَوجٌ يَصعَد وإنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالى كَشَفَ لِإبرَاهِيم عَلَيهِ السَّلام عن السَّمَاوات حتَّى أَبْصَر العَرش وَزَاد الله في قُوَّةِ نَاظِره وإنَّ الله زاد في قُوَّة نَاظِر مُحَمَّدٍ وعَليٍّ وَفَاطِمَة وَالحَسَنِ والحُسَين عَلَيهُم السَّلام وَكَانُوا يُبْصِرُون العَرَش وَلَا يَجِدُون لِبُيُوتِهم سُقُفَاً غَيرَ العَرش فَبُيُوتُهم مُسْقَّفَةٌ بِعَرشِ الرَّحْمَن وَمَعَارِجُ الْمَلائِكة وَالرُّوح فِيهَا بِإذنِ ربِّهم مِن كُلِّ أَمرٍ سَلَام، قَال: قُلتُ: مِن كُلِّ أَمرٍ سَلَام؟ قَال: بِكُلِّ أَمَر، فَقُلتُ: هَذا التَّنزِيل؟ قَالَ: نَعَم)، والتدبُّرُ في هذا الحديث الشَّريف يفتحُ أبواباً من المعرفة لأهلها فتنكشف لهُ نُبذةٌ من حقيقة الولاية وباطنِ ليلة القدر – هذا ما جاء في كتاب الآداب المعنوية للصَّلاة للسيِّد الخميني رحمةُ اللهِ عليه. وهذا كتابُ أو ديوان: (الأنوار القدسية)، أيضاً لمرجعٍ من كبار مراجع الشِّيعة، الشيخ محمَّد حسين الاصفهاني الغروي رحمةُ اللهِ عليه، هذهِ الطبعة طبعة انتشارات الكوثر، الطبعة الأولى 1427، إذا ذهبنا إلى صفحة 20، من منظومة الأنوار القدسية، تحت عنوان: (في مولد بقيَّة النُبُوَّة وناموس الله الأكبر الصدِّيقة الطاهرة سيِّدة النِّساء فاطمة)، أقرأُ أبياتاً مِمَّا نظمها الشَّيخ محمَّد حسين الاصفهاني، وإنَّما جئتُ بهذه المنظومة لأنَّها من أعمق ما نُظِم في معرفةِ فاطمة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، ويُمكنكم أنْ تُقايسوا بين شعر شيخنا الوائلي وبين هذه المنظومة، يمكنكم أنْ تُقايسوا بين ما قالهُ السيِّد الخُميني والشَّيخ الإحسائي والسيِّد محمَّد باقر الصَّدر والسيِّد محمَّد حسين فضلُ الله والباقون الَّذين سنأتي على ذكر ما كتبوا وما ثبَّتوا في كتبهم، أقرأ بعضاً من الأبيات: جَوهَرةُ القُدسِ مِن الكَنزِ الخَفي بَدَت فَأبْدَت عَالِياتِ الأَحْرُفِ وقَد تَجلّى من سَماءِ العَظَمة من عَالَم الأسماءِ أَسْمَى كَلِمَة بَلْ هِي أمُّ الكَلماتِ المُحكَمة في غَيب ذَاتِها نُكَاتٌ مُبهَمة أمّ أَئِمَّة العُقُولِ الغُرِّ بَل أُمُّ أَبيها وهُوَ عِلَّةُ العِلَل رُوحُ النَّبيِّ في عَظيمِ المنزِلَة وفي الكَفاءِ كُفءُ مَن لا كُفءَ له تمثَّلت رَقيقَة الوُجُودِ لَطيفةً جَلَّت عَن الشُّهُودِ تَطوَّرت في أَفْضَلِ الأَطْوَارِ نَتيجةُ الأَدْوَارِ وَالأكوَارِ َ تصوَّرت حَقيقةَ الكَمَالِ بِصُورةٍ بَديعةِ الجَمَالِ فَإنَّها الَحورَاءُ في النُّزُولِ وفي الصُّعُودِ مِحورُ العُقُولِ يُمثِّل الوُجُوبُ في الإمكانِ عيَاَنهُا بِأحسَنِ البَيَانِ فَإنَّها قُطبُ رَحَى الوُجُودِ فِي قَوسَي النُّزُولِ والصُّعُودِ ولَيس في مُحيطِ تِلك الدَّائِرة مَدَارُها الأعظَمُ إِلَّا الطَّاهِرَة إلى آخرِ أبيات هذه المنظومة الجميلة الرائقة العميقة، أكتفي بهذا القدر لأنَّني ما عرضت عليكم إلَّا على سبيل الأمثلة والنماذج. هذا هو كتاب: (من فقه الزَّهراء) للسيِّد محمَّد الشِّيرازي رحمةُ اللهِ عليه، وهذهِ الطبعة طبعة دار العلوم، الطبعة الأولى، 2008 ميلادي، هذا هو الجزء الأول، الجزء الأوَّل من كتابه من فقه الزَّهراء وهو يتناولُ فيه حديثَ الكساء ويضع مُقدِّمة وبعد ذلك يبدأ بشرحِ حديثِ الكساء، أقرأُ لكم مِمَّا جاء في المقدِّمة، صفحة 12، وما بعدها، سأقرا عليكم بعضاً مما جاء في هذا الكتاب، كما قلتُ الكتاب للسيِّد محمَّد الشِّيرازي رحمةُ اللهِ عليه: وقد سمِّيت فاطمة لأنَّ الخلق فُطِموا عن معرفتها كما في الحديث الشريف فإنَّها أفضل من الأنبياء كافّة باستثناء الرَّسول كما دلّت على ذلك أدلَّةٌ مُتعدِّدة وسيأتي ذلك، وهي عليها الصَّلاة والسَّلام حُجّةٌ على كلِّ أولادها الأَئِمَّة الطاهرين وهم أفضلُ من الأنبياء والملائكة كافَّة، ولذا قال الإمام العسكري: (وَهِي حُجَّةٌ عَلَينَا)، أي فاطمة، وقال الإمام الحُجَّة عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف: (وَفِي اِبْنَةِ رَسُولِ الله لِي أُسْوَةٌ حَسَنَة)، وقد قال الإمام الحُسين: (أُمِّي خَيرٌ مِّنِّي) – هذا مقتطع من رواية فيها تفصيل من محادثةٍ فيما بين سيِّد الشُّهداء والعقيلة الكُبرى زَينب – وقد قال الإمامُ الحُسين: (أُمِّي خَيرٌ مِّنِّي)، ولها – ولها؛ هذا الكلام للسيِّد الشِّيرازي انتهى كلامُ سيِّد الشُّهداء – ولها الولاية التكوينيةُ بتفويض الله سبحانهُ لها كتفويضهِ الولاية لهم – للأَئِمَّة – أمَّا كونُها كسائرهم في حُجيَّة قولها وفعلها وتقريرها فممّا قام عليه الاجماع – الإجماع داخل الوسَط الشِّيعي – بالإضافةِ إلى الأدلَّة الثلاثة الأُخر – الأدلَّة الثلاثة يعني الكتاب والسنّة والعقل. إلى أن يقول في صفحة 13:- إنَّ الصدِّيقة الطاهرة كسائر المعصومين لها الولاية التكوينية والتشريعية، وهي صلواتُ الله عليها وكذلك سائرُ أهل البيت قد جَعلهم الله الوسائط في خلق العالم والعلَّة الغائيَّة له، كما أنَّها وأنَّهم سَببُ لطف الله تعالى وإفاضتهِ على العالم واستمرارِ قيام العالم بها وبهم وقد صُرِّح بذلك في الأدلَّة الشَّرعية – في الأدلَّة الشَّرعية يعني في الأحاديث – فلولاهم لساخت الأرض وكونهم سبب القيام كما أنَّ الجاذبية والقُوَّة – وكونهم سبب القيام أي قيام هذا الوجود بهم – كما أنَّ الجاذبية والقوَّة الطَّاردة أو العناصر الأربعة سببُ القيام المادّي بحيث لولاها لساخت الأرض وانهدم العالم، وكونهم واسطة الفيض كما في حديث الكساء وغيرهِ وأنَّهُ لولاهم لم يجرِ فيضُ الله سبحانهُ على هذا العالم القائِم فرضاً، كما أنَّها تعلمُ الغيبَ كسائر المعصومين حَسْبَ مشيئتهِ سبحانه، ولها ولهم الولايات التكوينيّة ومعناها، ومعناها إنَّ زِمام العالم بأيديهم ومنهم فاطمة حَسْبَ جَعْلِ الله سبحانه كما أنَّ زِمام الإماتة بيد عزرائيل فلهم التصرُّف فيه – في العالم – إيجاداً وإعداماً لكن من الواضح أنَّ قُلوبهم أوعيةُ مشيئة الله تعالى فكما منح الله سبحانهُ القُدرة للإنسان على الأفعال الاختيارية منحهم القُدرة على التصرُّفِ في الكون وما نَذكرهُ يَشمُلُ كُلَّ المعصومين فإنَّ كُلَّ الصَّلاحيات الَّتي كانت للأنبياء ثابتةٌ للمعصومين أيضاً لأنَّهم أفضل مِنهم وفاطمةُ أفضلُ من جميع الأنبياء إلَّا الرَّسول – يعني مُحَمَّداً صلَّى الله عليه وآله – إِلَّا الرَّسول لأنَّها بَضعةٌ منه لا البضعة المادّية فقط بل المعنويّة أيضاً، إذ لا يَترتَّبُ على المادّية تِلكَ الآثار الَّتي رتَّبها الرَّسول عليها، وإذا كَان – يعني النَّبي – أفضل جميع الأنبياء فبضعتهُ كذلك، فهي أفضل من جميع الأنبياء فتأمَّل. إلى أنْ يقول في صفحة 15:- فَعَن أَبِي جَعفرٍ الباقر: (وَلَقَد كَانَت – يعني الصدِّيقة الكُبرى – مَفْرُوضةَ الطَّاعَةِ عَلَى جَميعِ مَن خَلَق الله مِن الجنِّ والإِنْسِ وَالطَّيرِ وَالوَحَشِ وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَة). وفي صفحة 16:- ومنها ما دلَّ بالصراحةِ على الأفضليّةِ مثلاً قولهُ صلَّى الله وآله: (مَا تَكَامَلَت النُبُوَّة لِنَبِيٍّ حَتَّى أَقَرَّ بِفَضْلِهَا وَمَحبَّتِهَا) – بفضل فاطمة ومحبَّة فاطمة – فتأمَّل، وكذلك الأحاديث الدالّة على أنَّهُ لولا أنَّ الله تعالى خَلق أمير المؤمنين لم يكن لفاطمة كفؤٌ على وجهِ الأرض، آدم فمن دونه وهي عديدة – وهي عديدة يعني الأحاديث والرِّوايات. إلى أنْ يقول في صفحة 17: من الَّذي يقول؟ السيِّد محمَّد الشِّيرازي، وأنا أقرأ عليكم من كتابهِ من فقه الزَّهراء، في صفحة 17:- وقال صلَّى اللهُ عليه وآله: (أَنَا وعَليٌّ وفَاطِمَة وَالحَسَنُ والحُسَين كُنَّا في سُرادِق العَرشْ نُسَبِّح الله فَسَبَّحت المَلائِكةُ بِتسبيحنَا قَبل أنْ يَخلُق الله عزَّ وجَلَّ آدَم بِأَلفي عَام فَلَمَّا خَلَق اللهُ عزَّ وَجَلَّ آدَم أَمَر الْمَلائِكة أنْ يسجُدُوا لَه وَلَم يُؤمَروا بالسُّجُود إِلَّا لأجْلِنا) – فالسجود هو لأجلِهم – وَقَال صَلَّى الله عَلَيه وآله: (لَمَّا خَلَق الله إِبرَاهِيم كَشَف عَنْ بَصَره فَنَظَر في جَانِبِ العَرش نُوراً فَقَال: إِلَهي وَسيِّدي مَا هَذا النُّور؟ قَال: يَا إِبرَاهِيم هَذا نُورُ مُحَمَّدٍ صَفْوَتي، قَال: إِلَهي وَسيِّدي وَأَرَى نُوراً إِلى جَانبِه؟ قَال: يَا إِبْرَاهِيم هَذَا نُورٌ عَليٍّ نَاصِرِ دِيني، قَالَ: إِلَهي وسيِّدي وأَرَى نُورَاً ثَالِثَاً يَلِي النُّورَين؟ قَال: يَا إِبرَاهِيم هَذا نُورُ فَاطِمَة تَلِي أَبَاهَا وَبَعْلَهَا). اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعْلِهَا وَبَنِيهَا وَالسِّرِّ الْمُستَودَعِ فِيهَا … عرضتُ بين أيديكم وبالأحرى قرأتُ عليكم: ما ذكرهُ السيِّد محمَّد باقر الصَّدر في كتابهِ فدكٌ في التأريخ. وما ذكره السيِّد محمَّد حسين فضلُ الله في كتابه الزَّهراءُ القدوة. وقرأتُ عليكم أبياتاً من ديوان الشَّيخ الوائلي. ثم عرَّجت على الشَّيخ الإحسائي فقرأت عليكم شيئاً مما جاء في كتابهِ شرح الزِّيارة الجامعة الكبيرة في الجزء الثَّاني وفي الجزء الثَّالث، وما جاء أيضاً بنفس الخصوص، بخصوص الصدِّيقة الكبرى في الجزء الثَّالث وفي الجزء التاسع من كتابهِ جوامع الكلم. ثُمَّ قرأتُ عليكم مِمَّا جاء في كتابِ الحكومة الإسلامية وفي كتاب الآداب المعنوية للصَّلاة للسيِّد الخميني. وقرأتُ عليكم أيضاً أبياتاً من منظومة الأنوار القدسية أيضاً للمرجع المعروف الشَّيخ محمَّد حسين الاصفهاني. ثُمَّ عرَّجتُ على كتاب السيِّد محمَّد الشِّيرازي المعنوَن: (من فقهِ الزَّهراء) قرأتُ من الجزء الأوَّل المرتبط بحديث الكساء، قرأتُ من المقدِّمة. كتاب من فقه الزَّهراء يتألَّف من خمسة أجزاء الجزء الأوَّل يرتبط بحديث الكساء، قبل أنْ يشرُع في حديث الكساء كَتَب مُقدِّمة، حاول السيِّد الشِّيرازي فيها أنْ يجمع أهم الرِّوايات وأهم الأحاديث، حاول أنْ يجمعُ فيها أهمَّ الرِّوايات وأهمَّ الأحاديث الَّتي وردت في كتبنا الحديثية وجمعها في موضعٍ واحد في نَسَقٍ واحد حيث كانت تلك المقدِّمة مُقدِّمةً واضحةً وصريحةً فيما يرتبطُ بمقامات الصدِّيقة الطاهرة وولايتها التكوينية المبسوطة على كُلِّ شيء وولايتها التشريعية وسائر الشوؤنات الأخرى الَّتي تحدَّث عنها السيِّد الشِّيرازي رحمةُ الله عليه. هذا هو الكتابُ الأخير الَّذي أقرأُ عليكم منه بخصوص عرض آراء ونماذج مما كتبهُ علماء الطائفة ومراجعها ومفكّروها هذا هو الكتاب: (أمُّ مقامات فاطمة الزَّهراء في الكتاب والسنة)، أبحاث المرجع المعاصر الشَّيخ محمَّد السَّند، الطبعة الأولى 2015 ميلادي، مؤسَّسة الصَّادق للطباعةِ والنشر، صفحة 257، ماذا يقول الشَّيخ السَّند؟ تحت عنوان: (ثبوت ما وراء الإمامة السياسية لفاطمة)، هي هذه المشكلة مشكلة الإمامة السياسية، هي الَّتي داخ فيها الشِّيعةُ عُموماً ومراجع وعُلماء الشِّيعة خصوصاً، على أيِّ حال، أنا أقرأ ما هو موجود، ثبوت ما وراء الإمامةِ السياسية لفاطمة، هذا الكلام في صفحة 257: لقد ثَبَت لفاطمة عليها السَّلام بأدلَّةٍ قُرآنية مُحكمة وأدلَّةٍ روائيةٍ مَتينة كُلُّ مَا ثَبَت للأَئِمَّة، ثَبَت لفاطمة بأدلَّة قُرآنية محكمة، وأدلَّةٍ روائيةٍ متينة كُلُّ ما ثَبَت للأَئِمَّة عَلَيهُم السَّلام من مقامات عدا الإمامة السياسية ومُباشرة أمور الرِّجال وما في معنى ذلك من المناصب التنفيذية – فكلُّ ما للأَئِمَّةِ ثابتٌ لفاطمة بحسب الأدلَّة القُرآنية المُحكمة والأدلة الروائية المتينة ولكن يُستثنى منها الإمامةَ السياسية ومُباشرةَ أمور الرِّجال وما في معنى ذلك من المناصب التنفيذيّة – وأمَّا ماوراء الإمامة السِّياسية من مقاماتٍ خطيرة كمقام ولاية الأمر المشار إليه في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ – أولي الأمر هنا لا يقصد منها الأمر السياسي؛ ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ هذه القضية مرتبطة بالوجود وبالكائنات والشَّيخ يشير إلى هذ القضية – وأمَّا ما وراء الإمامة السياسية من مقاماتٍ خطيرة كمقام ولاية الأمر المُشار إليها في قولهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾، فَهي ثَابتةٌ بِحسبِ كُلِّ مُعادلات القُرآن ومعالادت السُنَّة النبوية والمعادلات العلمية الرصينة للصدِّيقة، بَل ثبوت مقام ولاية الأمر لها بحسب الدليل مُقدَّمٌ على ثُبوته للحسنين والأَئِمَّة التسعة صلواتُ الله عليهم جميعاً، ومن أوضح الشَّواهد على ذلك قولهُ تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾، إذ أنَّ أوَّل القربى هي فاطمة – هذا ما جاء في صفحة 257، قطعاً أنا لا أُريد أنْ أقرأ كُلَّ شيء وإنَّما أقرأ نماذج بالقدر الَّذي يمكن أنْ تُبيِّن لكم رؤيةَ هذا المرجع ، ورؤيةَ ذلك العالم، ورؤيةَ هذا الشاعر، ورؤيةَ ذلك الفقيه وهكذا. في صفحة 362، ماذا يقول الشَّيخ محمَّد السَّند؟ وتحت عنوان: (مقامات الزَّهراء عليها السَّلام مُغيَّبةٌ في الأوساط العلمية)، في الأوساط العلمية وفي غير الأوساط العلمية: – لا نُبالِغ في القول بأنَّ مقام الزَّهراء عليها السَّلام مُغيَّبٌ في الأوساط العلمية تدويناً وخِطابةً وثقافةً فضلاً عن الأوساط غير العلمية، وأعظم شؤونها المغيَّبة هي كونُ مقاماتها في كُلِّ شيءٍ تتلو مقامات النَّبي والوصي وتعلو مقامات أولادها، وهذهِ الغفلة العلمية عن إدراك مقاماتها لا تَضرُّ بالحقيقةِ في نفسها وواقعها شيئاً، لكنَّها تَعني تَمادي تقصيرنا عن إدراك الحقيقة – أنا بودي أنْ أُعلِّق ولكنَّني لا أُريد أنْ أُعلِّق مثلما عرضتُ أقوال الأعلام السَّابقين أعرض قولَ الشَّيخ السند من دون تعليق – وهذهِ الغفلةُ العلميّةُ عن إدراك مقاماتها لا تضرُّ بالحقيقة في نفسِها وواقعِها شيئاً لكنَّها تَعني تمادي تَقصيرنا عن إدراك الحقيقة والتَمادي في الجَهلِ بالمعارف يولِّدُ سلبيَّتين مهمَّتين: الأولى: انقلابُ الأدلَّة على الحقيقة من بديهيَّةٍ واضحة إلى نَظريةٍ غامضة في عقول النَّاس، وبالتالي فلا يقفُ على الحقيقةِ وما يترتَّبُ عليها من فوائد إلَّا البصيرون بالأدلَّة النظرية، وهذا لا يؤخِّر موقع الحقيقة في سُلَّم المعارف، بل تظلّ في موقعِها وتبقى المسؤوليةُ العلميّةُ على عاتق النَّاس بلزوم الاعتقاد بها عن دليل. الثانيةُ: – يعني السلبية الثَّانية من التمادي في الجهل بالمعارف – الثَّانيةُ: إنَّ أيَّ جهلٍ وضبابيّة تُصيب العقولَ بأي حلقةٍ من حلقات المعارف الدِّينيَّة تُلقي بتأثيرها على الحلقات الأخرى سواء الحلقات الَّتي فوقها والحلقات الَّتي تحتها فلا يَظُّن من يؤمن بالتوحيد والنبوة ويجهل الولاية أنَّهُ بلغ علماً بالتوحيد والنبوة أو أنَّهُ أعطى الاعتقاد حقَّهُ في الحلقات الَّتي تَلي الولاية، كما أنَّ من يجهلُ مقاماتِ تالية النَّبي والوصي – يعني الَّتي تأتي بعد النَّبيّ والوصي – لا يتوقَّع أنَّهُ بَلَغ علماً في معرفة الوصي والنَّبي والتوحيد أو أنَّهُ أعطى العقيدةَ بالأحدِ عشر حقَّها المناسب بشأنِها، وهذا المبحث كَون فاطمة تاليةً للنَّبي والوصي وتعلو الأحد عَشرَ معصوماً مُغيَّبٌ كذلك في كتابات الكَثير من المتكلِّمين وكتابات المحدِّثين، لكنّهُ بحسبِ الأدلَّة والمدارُ عليها ولا سيَّما الأدلَّة المرتكزة عند علماء المذاهب بديهيٌّ، أي أنَّ هيمنة مقام الزَّهراء على مقام الإمامين الحَسنين فضلاً عن التسعة المعصومين من ولدِ الحُسين من البداهة بمكان، بل هذا المبحث من أُمّهات المباحث في سلسلة مقامات فَاطِمة وإذا قُرِّر هذا المبحث فإنَّها ستكون واجدةً لكُلِّ مقامات الأحد عشر – يعني الأَئِمَّة من دون الأمير – وزيادة ولابُدَّ من إلفات النَّظر إلى أنَّ هذا المبحث ورغم أنَّهُ غيرُ مُجمَعٍ عليه بل قلَّةٌ من الأعلام مَن تنبَّه إليه إلَّا أنَّ الأدلَّة عليهِ مُتكاثرة بل هي أدلَّةٌ قطعيَّة بل ندَّعي دعوى زائدة وهي بداهةُ الأدلَّة على هيمنتِها، كما لابُدَّ أنْ نلتفت إلى أنَّ كونها تالية عليٍّ في المقام ليس معناه أنَّها دونهُ في كُلِّ شيء، بل من جانبٍ كفؤيّة ومن جانبٍ تتلوه، كما أنَّ المقام الأمّ هيمنتها على أولادها ليس بلحاظ الولاية العامَّة – الولاية العامَّة على النَّاس – بل بلحاظ ولايتها على الأَئِمَّةِ الأحد عشر عليهُم السَّلام – إلى آخرِ كلامه. أعتقد أنَّني قد عرضتُ لكم نماذج واضحة مِمَّا جاء، يمكنني أنْ أقول مِمَّا جاء في أهم الكتابات الَّتي كُتِبَت حول الزَّهراء ولها تأثيرُها في الواقع الشِّيعي: فمن محمَّد باقر الصَّدر، إلى محمَّد حسين فضل الله، إلى الشَّيخِ الوائلي، إلى الشَّيخ الإحسائي، إلى السيِّد الخميني، إلى الشِّيخ محمَّد حسين الاصفهاني، وإلى السيِّد محمَّد الشِّيرازي، وإلى العالم المعاصر الشَّيخ محمَّد السَّند. عرضتُ عليكم هذه الصور لأجل أنْ يكون بَين أيديكم من المعلومات ومن التفاصيل ما تستعينون بهِ على مُناقشة ما أقول أو على فهمِ ما أقول فيما يأتي من حديثٍ إن كان في هذهِ الحلقة أو في الحلقات القادمة. ما عرضتهُ بين أيديكم مِمَّا جاء في كُتُب هَؤلاءِ الأعلام الَّذين تَقدَّم الكَلامُ بخصوصِ ما ذكروه فيما يرتبطُ بمعرفة الصدِّيقة الكُبرى صَلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، ما عَرضتهُ لا أُريدُ أنْ أُناقشه، قد اتَّفقُ مع بعضهم في بعض الجهات، وقد اختلف ولكنَّني أساساً لا أتَّفق مع كُلِّ الَّذين ذكرتُ أقوالَهم، لأنَّني لا أعتقدُ بمنظومةِ العقائد الشِّيعيَّة الَّتي يُؤمنون بها جميعاً أي الأصول الخمسة للدين، فأنا أرفضُ هذهِ المنظومةَ العقائديّة بأبوابها وبتفاصيلها وبحدودها الَّتي يتحدَّثون عنها. الَّذي أؤمن بهِ: أنَّ الدين له أصلٌ واحد هو الحُجَّة ابن الحسن، هو الإمام، وتعريف الإمامةِ هو الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة، وأنَّ لهذا الدِّين قَيِّمة والقَيِّمةُ فاطمة، أمَّا منزلةُ فاطمة فذلك ما تحدَّث عنها القُرآن الكريم وأحاديثُ المعصومين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين وربَّما تحدثتُ عن جانبٍ من ذلك في طيَّاتِ حديثي إن كان فيما بقي من وقتٍ في هذه الحلقة، أو في حلقةِ يوم غد والَّتي تليها إنْ شاء اللهُ تعالى. النُّقطةُ الَّتي أُريد أنْ أبدأ منها أهمُّ وثيقةٍ تتحدَّثُ عن منزلةِ فاطمة الَّتي أُحرِقت..؟! لا أتحدَّث عن منزلها الَّذي أحرقه النَّواصب، أتحدَّثُ عن منزلتِها الَّتي أنتم، أنتم الشِّيعة أحرقتموها وأخرجتموها من منظومة العقائد الحقَّة. أهمُّ دليل وأهمُّ وثيقة هو: (حديثُ الكساء)..!! في عقيدتي: حديثُ الكِساء هو مُكافئٌ لحديث الغدير، وسيتَّضحُ مقصودي حين أقول مُكافئٌ لحديث الغدير لا من الجهة المعرفيّة، من الجهة المعرفيّة حديث الكساء أعمق بكثيرٍ من حديث الغدير، من الجهة المعرفية، ولكنَّني أتحدَّثُ عن الجهة التراتبيّة في مستوى أدلَّتِنا العقائديّة من هذه الجهة، وحين أتحدَّثُ عن حديث الكساء الشَّريف إنَّني لا أتحدَّثُ عن حديث الكِساء الَّذي يتحدَّثون عنه في روايات وأحاديث في كُتُبِ المخالفين وفي روايات وأحاديث في كتبنا بأنَّ ذلك قد جرى في بيت أم سلمة، لا أنكرُ هذا المعنى، لكنَّ ما جرى في بيتِ أمّ سَلَمة شيء وما جرى في بيت فاطمة شيءٌ آخر!! إنَّني أتحدَّث هُنا عن حديث الكساء الشريف وعن الَّذي جَرى في بَيتِ الصدِّيقةِ الطَّاهِرة. أوَّلُ شيءٍ: دعوني أُحدِّثكم عن هذا الحديث، أظن أنَّ الكثير مِمَّن يتابعون البرنامج الآن بل إنَّ الشِّيعة عموماً من روّاد الحسينيات مِمَّن يُواظبون على قِراءة الأدعية والزِّيارات، يُخَيّلُ لَهم أنَّ حديث الكِساء الَّذي يقرأونهُ في مفاتيح الجِنان الموجود في آخر المفاتيح وإنْ كَان الآن هُناك طبعات طبعوا فيها هذا الحديث في وسط المفاتيح، الطبعات الحديثة، يتصوَّرون أنّ هذا الحديث كان معروفاً لدى الشِّيعةِ على طول التأريخ، وأنَّ العُلماء يقبلونهُ، والقضيَّةُ ليست كذلك..!! إذاً اسمعوا منِّي حكاية حديث الكساء الشَّريف، أتحدّث عن حديث الكساء في بيت فاطمة: حديث الكساء في بيت أم سَلَمة حديثٌ معروف موجودٌ في كتب المخالفين وموجودٌ في كتب الشِّيعة وربَّما يصل حتَّى إلى حدِّ التواتر، ربّما، حديث معروف، وأنا لا أتحدَّث عن ذلك الحديث، وإنَّما أتحدَّث عن حديث الكساء الشَّريف الواقعة الَّتي حدثت في بيت الصدِّيقة الطاهرة، لأنَّ الحديث المذكور بخصوص أمّ سَلَمة جمعهم تحت الكساء ونزلت آية التطهير من دون كُلِّ التفاصيل الموجودة في الحديث الزَّهرائي، في الحديث الَّذي يرويه جابر الأنصاري عن الصدِّيقة الكُبرى، إذاً لا شأنَ لي بحديث الكساء الواقعة الَّتي جرت في بيتِ أُمِّ سَلَمة، حديثي هنا عن حديث الكِساء الشَّريف الواقعة الَّتي جَرت في بيت فاطمة، هذا الحديث الَّذي تُستحبُّ قراءتهُ في مجالس الشِّيعةِ في كُلِّ مكانٍ وزمان. هذا الحديث المفروض أنْ يكون في أجواء تفسيرِ آية التطهير، باعتبار أنَّ آية التطهير نزلت في هذهِ الواقعة حينما جمع النَّبيُّ أهلَ بيتهِ تحت الكِساء الفاطميّ، المفروض المُفسِّر الشِّيعي حِينَ يأتي إلى آية التطهير ويتحدَّث في تفسيرِها أنْ يُورِدَ هذا الحديث أو على الأقلّ أنْ يُورِدَ مع ما يُورِد من حديث أمّ سَلَمة أنْ يُوردَ هذا الحديث، راجعوا كُلَّ التفاسيرِ الشِّيعيَّة الَّتي كتبها مراجع الشِّيعة راجعوها، راجعوا كُلَّ التفاسير، وأتحدَّث عن التفاسير من الطِّراز الأوَّل: أتحدَّث عن التبيان لشيخ الطائفة الطوسي! أتحدَّث عن مجمع البيان التفسير المركزي للشِّيعة للشَّيخ الطبرسي! أتحدَّث عن الميزان! عن هذه التفاسير، وأضراب هذه التفاسير، هذه التفاسير الَّتي هي في الأفق الأوَّل من تفاسير عُلماء الشِّيعة خليَّةٌ بالمطلق من حديث الكساء الشريف، وحينما يصلُ الكلامُ إلى آيةِ التطهير إذا أرادوا أنْ يوردوا أحاديث وروايات فإنِّهم يوردون الأحاديثَ الَّتي تنقل الواقعةَ الَّتي جَرت في بيتِ أُمِّ سَلَمة. قد يسأل سائل لماذا جرت الحادثة في بيت أم سلمة؟ آية التطهير نزلت أكثر من مرَّة، النزول في بيت فاطمة كان نزولاً خاصَّاً بذلك المجلس، بتلك الخصوصيّات، والنزول في بيت أم سَلَمة كان نزولاً عامّاً كعامّة النزول الَّذي تنزل به الآيات لعموم المسلمين، وعندنا آياتٌ عديدة وسورٌ عَديدة نَزلت أكثر من مرَّة، نزلت في مكة ونزلت في المدينة، وبعض الآيات نزلت في المدينة أكثر من مرَّة وبعض السُّوَر كذلك، لا أُريد الخوض في هذه التفاصيل والملابسات التأريخية والَّتي هي في نظري ليست مهمَّة أبداً. فكتُب التفسير الشِّيعيَّة لكبار مراجعنا خليَّةٌ من حديثِ الكِساء الفاطمي، دعونا من كُتب التفسير. الجوامع الحديثية: الكافي وغير الكافي! كُتب الشَّيخ الصَّدوق وغير الشَّيخ الصَّدوق! كُتب المفيد! الطوسي! حتَّى البحار هذه الموسوعة الكبيرة وهذا الجامعُ الحديثيُّ الهائل خليٌّ من حديثِ الكساءِ الشَّريف! كتب التفسير خليَّة، كتب الحديث خليَّة، كتب السيرة أيضاً، الكُتب الَّتي كتبها عُلماءُ الشِّيعة في سيرة المعصومين هي الأخرى خليّةٌ من حديث الكساء الشَّريف..!! هل كان هذا الحديثُ معروفاً..؟! لم يكن هذا الحديث معروفاً، وهذا جزءٌ من النَّشاط الإبليسي، الكَثير مِّنكم يتوقَّع أنَّ المحدِّث القُمِّي هو الَّذي ذكر حديثَ الكساء الشَّريف في المفاتيح، أبداً، المحدِّث القُمِّي ليس هو الَّذي ألحقَ حديثَ الكساء الشَّريف، وإنَّما الَّذين أعادوا طباعةَ كتاب مفاتيح الجنان وأعادوا تَرجمةَ كتاب مفاتيح الجنان هؤلاء هم الَّذين ألحقوا هذا الحديث..!! في عقيدتي: إلحاق حديث الكساء الشَّريف بمفاتيح الجنان كان هديةً من الزَّهراء للمُحدِّث القُمِّي، هو يقول، بحسب ما يقول المحدِّث القُمِّي: إنَّهُ ألَّف كتاب مفاتيح الجنان تَقرُّباً للزَّهراء هذه هي نيَّتهُ، نيَّة المحدِّث القُمِّي كما يقول وكما هو معروف عنه أنّه ألَّف كتابَ مفاتيح الجنان تقرُّباً للزَّهراء، وهذا هو أحد أسباب انتشاره، وإلَّا فكتب الأدعية والزِّيارات كثيرة جدَّاً، هذا الكتاب انتشر بشكلٍ مُلفتٍ للنَّظر وبشكلٍ غريب في كُلِّ مكان، إذهب إلى كلّ البلدان الَّتي يقطنها الشِّيعة من كل اللُّغات ومن كُلِّ الأجناس فإنَّك ستجد كتابَ مفاتيح الجنان، وملحقٌ به حديثُ الكساء الشَّريف، أنا أعتقد هذه هديَّة من الزَّهراء أنْ أُلحِق هذا الحديث بكتابهِ، توفيق لكتاب المحدِّث القُمِّي، ولذا أكثر النَّاس يتوقَّعون أنَّ حديث الكساء الشَّريف قد ألحقهُ المحدِّث القُمِّي بكتابه، لم يلحقهُ المحدِّث القُمِّي بكتابه وإنَّما ألحقهُ من ألحقهُ بعد ذلك بكتاب مفاتيح الجنان. إذاً ما هي مصادرُ حديث الكساء هذا..؟! لا في كتب التفسير، لا في الجوامع الحديثية، لا في كتب السِّير، هل هذا الحديث موجود مثلاً في كتب الأدعيةِ والزِّيارت؟ أبداً، ولا كتاب عندنا من كتب الأدعية والزِّيارت حتَّى المفاتيح، حتَّى المفاتيح لا وجودَ لحديث الكساء فيه وإنما أُلحق بهِ بعد ذلك، أتحدَّث عن كُتُب العلماء الكبار ليس كتب الأدعية الَّتي جُمِعت الآن في العصور المتأخّرة على سبيل المثال مثلاً كتاب: (ضياءُ الصالحين)، إنَّني أتحدَّث عن الجوامع الحديثية الأصليّة، الكتب الأصليّة والمصادر والمراجع في الأدعية والزِّيارات، لا أتحدَّث عن جوامع صغيرة وعن كتب جُمِعت فيها أدعية وزيارات في عصرنا هذا. أقدم مصدر أعرفهُ ويعرفه الآخرون أيضاً، أقدم مصدر جاء فيه هذا الحديث وجاء ناقصاً ليس كاملاً، كتاب اسمه (الغُرَر والدُّرَر)، للحسن ابن أبي الحسن الديلمي، وما عندنا أيضاً تفاصيل عن المؤلِّف كاملة، هو من عُلماء القرن الثَّامن الهجري، عنده كتاب معروف: إرشاد القلوب، إرشاد القلوب للديلمي، الديلمي هذا هو الحسن ابنُ أبي الحسن الديلمي، وعندهُ كتاب اسمه الغُرَر والدُّرَر، ذَكَر فيه تقريباً نصفَ حديث الكساء، وليس كاملاً، ولذا لا يمكن أنْ نَعدَّهُ مصدراً كاملاً واضحاً لهذا الحديث. أقدم مصدر بين أيدينا لهذا الحديث الشَّريف هو هذ الكتاب، الكتاب المعروف: (المنتخب للطريحي)، ويُسمَّى بالفخري أيضاً، لأن المؤلِّف اسمه فخر الدين الطُّريحي، هذه الطبعة منشورات الشَّريف الرَّضي، الشَّيخ الطريحي مُتوفّى سنة 1085 هجري، وذَكَر الحديث بحسبِ هذه الطبعة في صفحة 259، يوجَد فيه بعض النَّقص، بعض الكلمات، مثل صِيغ السَّلام فيما بين الزَّهراء وبين الحَسن والحُسين توجد بعض الكلمات مختلفة وإلَّا الحديث كما هو موجود الآن ويُقرَأ حينما أُلحِق بكتاب مفاتيح الجنان، فهذا هو أقدم مصدر موجود، صفحة 259، المجلس التاسع من الجزء الثَّاني، عُنوانهُ حديثُ الكِسَاء، ويبدأ الحديث: – وَرُوي عن فاطمة الزَّهراء – اسم جابر غير مذكور – وَرُوي عن فَاطِمة الزَّهراء – هذا تقريباً هو أقدم مصدر بين أيدينا. نظرُ العُلماء لهذا الكتاب: لا يُقيمون لهُ أيَّ وزن، كتاب المنتخب للشَّيخ الطريحي هذا الكتاب كان معروفاً ومتداولاً بين خُطباء المنبر الَّذين يُمارسون الخِطابة وفقاً للأسلوب القديم، والأسلوب القديم الآن انقرض، الخطابة المنبريّة في العصور المتأخّرة تطورَّت مرَّتين: المرة الأولى: على يد السيِّد صالح الحلِّي والشَّيخ محمَّد علي اليعقوبي، هذان الخطيبان طوّرا مجالس الخطابة المنبريّة الحسينيَّة، هذا الكلام يعود بنا إلى فترة الأربعينات، فترة الأربعينات حدث تطور. التطور الثَّاني والنَّقلة الثَّانية الواضحة: كانت على يد الشَّيخ الوائلي تغيّرت طريقة المنبر الحسيني، يمكن أنْ أقول من الخمسينات وما بعد الخمسينات. قبل هذا كان خُطباء المنبر يُمسكون بهذا الكتاب أو بكتب أخرى مُماثلة ويقرأون في نفسِ الكتاب. فكتاب المنتخب للشَّيخ الطريحي لا قيمةَ لهُ بين العلماء، وحين أقول هذا الكلام لأنَّهم هم يقولون، لا يعني أنَّ الكتاب فعلاً لا قيمةَ له، الكتاب ما فيهِ إلَّا روايات وأحاديث وأشعار في مدح ورثاء أهل البيت، وهو نفسهُ الشَّيخ الطريحي عالم من كبار العلماء، من علماء اللغة والحديث والرِّجال، الشَّيخ فخر الدِّين الطريحي عالم معروف من كبار عُلماء الشِّيعة، ولكن الرَّجل كان يُقيم مجالس العزاء على سيِّد الشُّهداء وعلى آلِ مُحَمَّدٍ بنفسهِ، وقد جمع مجالسَهُ هذهِ في هذا الكتاب، وهو لهُ أكثر من كتاب: هناك المنتخب الصغير، والمنتخب الوسيط، والمنتخب الكبير، فالشَّيخ الطريحي في مجالسه في هذا الكتاب المنتخب ذكر هذا الحديث ولكنَّ العُلماء لا يُقيمون كما قلت وزناً لهذا الكتاب ولا يُعطونهُ أيَّ اعتبار، لذلك هذهِ الرِّواية رواية عُرس القاسم مصدرُها هو هذا الكتاب ومن هنا العلماء لا يُقيمون لها وزناً ويسقطونها، الشِّيعة أخذت روايةَ عرس القاسم في كربلاء وأقامت هذهِ المراسم وتُقيم، هذهِ المراسم أُخِذت من هذا الكتاب من كتاب المنتخب للطريحي، ولا يوجد عندنا مصدر آخر صريح وواضح في هذهِ القضية، ومن هنا العلماء يُسقِطون هذهِ القضيَّة. ولذلك حديث الكساء في نظر مراجعنا وعُلمائنا بحسب قواعد الدراية ما يُسمَّى بعلم الدراية أو بحسب قواعد علم الرجال هذا الحديث لا وزنَ لهُ ولا اعتبار في نظرهِم، ومن هنا لا يُعتمَد عليه، نعم هم يحضرون في المجالس الَّتي يُقرأ فيها حديثُ الكساء باعتبار هذه مجالس عامّة، لكنَّهم هل يعتقدن بصحّة الحديث؟ بحسب قواعدِ الدرايةِ وقواعد علم الرِّجال هذا الحَديث ليس مُعتَبراً، نَعم الحديث الَّذي جَرى في بيتِ أمِّ سَلَمة ذلك هو الحديث المعتبَر عندهم، فحينما تَسمع عالِماً من علماء الشِّيعة ومرجعاً من مراجع الشِّيعة يتحدَّث عن اعتبار حديث الكساء إنَّهُ يتحدَّث عن حديث أم سَلَمة لا عن حديثِ الزَّهراء، فحديثُ الزَّهراء هذا لا اعتبارَ لهُ بحسبِ قذاراتِ علم الرِّجال، فهذا المصدر هو أقدمُ مصدرٍ بين أيدينا. النَّص الموجود المعروف في العصور المتأخّرة والَّذي يُقرَأ من كتاب مفاتيح الجنان هذا النَّص ما هو مصدرهُ؟ مصدر هذا النَّص هو كتاب: (عوالم العلوم والمعارف والأحوال)، هذه الطبعة هي طبعة مؤسَّسة الإمام المهديّ، وطبعة مؤسَّسة الإمام المهديّ طبعة مزيدة وعليها استدراكات، فالمصدر الأصل ليس بين أيدينا، هذه صورة عن المصدر الأصل، عوالم العلوم والمعارف والأحوال للشَّيخ عبد الله البحراني الاصفهاني، وهذا هو الجزء الثَّاني من عوالم الصدِّيقة الكُبرى من عوالم فاطمة، المحدِّث البحراني مُعاصر للشَّيخ المجلسي وهو من تلامذة الشَّيخ المجلسي وقد اعتمد عليه الشَّيخُ المجلسي كثيراً في إخراج كتاب بحار الأنوار بصورتهِ النِّهائية، وبعد ذلك قام الشَّيخ عبد الله البحراني بكتابة هذهِ الموسوعة الحديثيّة الكبيرة وهي أكبر من البحار وإعادة ترتيب وتنظيم الأحاديث بشكلٍ آخر، بعد أنْ تحصَّل على تجربة كبيرة وواسعة ومُهمَّة في عملية جمع وإخراج بحار الأنوار، في صفحة 928، صفحة 929، هناك صورة وسأعرضها عليكم بعد قليل صورة لنسخة كتاب عوالم العلوم وفيها حديثُ الكساء الشَّريف. ولكن هُنا قصَّة: قُلت المؤلف الشَّيخ عبدُ الله البحراني كانَ مُعاصراً للشَّيخ المجلسي، الشَّيخ المجلسي متى توفّي؟ توفّي سنة 1111، والبعض يقول 1110، توفي سنة 1111، الشَّيخ المجلسي، يعني من علماء القرن الثَّاني عشر، بدايات القرن الثَّاني عشر، فمن علماء القرن الحادي عشر وبدايات القرن الثَّاني عشر، الشَّيخ عبد الله البحراني رحمةُ اللهِ عليه، من علماء تلك الفترة، ولكن كتاب العوالم لم يكن مُتوفِّراً بأيدي النَّاس حتَّى لم تكن منه نسخة كاملة في المكتبات العامَّة الَّتي تحتوي على المخطوطات، أنا هنا لا أُريد أنْ أتحدَّث عن كتاب العوالم فذلك قد يطول وحينئذٍ سنخرجُ عن موضوعنا. الشَّيخ محمَّد تقي البافقي: الشَّيخ محمَّد تقي البافقي من عُلماء قم، متى توفّي؟ توفي سنة 1361 للهجرة، يعني ليست المدَّة بعيدة، نحنُ الآن 1437، هو توفي سنة 1361، يعني من تأريخ وفاتهِ إلى الآن 76 سنة فما هو بالقديم، من وفاة الشيخ محمَّد تقي البافقي وإلى الآن 76 سنة، الشيخ محمَّد تقي البافقي هو يزدي، وفي مدينتهِ (يزد) هناك مكتبة، دخل إلى هذهِ المكتبة وجد فيها نُسخةً من كتاب العوالم ووجد حديثَ الكساء في هذه النُّسخة فنقلهُ عن نسخةِ كتاب العوالم الموجودة في مكتبةٍ في مدينة يزد، ثُمَّ بعد ذلك طبع هذا الحديث في رسالة مُختصرة ونشر الحديث، فالَّذي نشر الحديث وعُرف في إيران أوَّلاً، وليس في البلاد العربية هو الشَّيخ محمَّد تقي البافقي رحمةُ اللهِ عليه، هو هذا الَّذي نَشر الحديث نقلهُ من كتاب العوالم، النُّسخة الَّتي عثر عليها في مكتبةٍ في مدينة (يزد) وطبع الحديث في رسالة باللغة الفارسية وانتشر الحديث في إيران، بعد ذلك لَمَّا انتشر كتاب مفاتيح الجنان في البلاد العربية وقد ألحقوا به حديث الكساء انتشر حديثُ الكساء في البلاد العربية وإلَّا قبل ذلك لم يكن مُنتشراً في الوسط الشِّيعي العربي، إلَّا أولئك الَّذين يقرأون في كتاب المنتخب وكان ذلك على نطاقٍ ضيّق. انتشار حديث الكِساء الشَّريف في الوسط الشِّيعي العربي كان بعد ما تُرجِم كتاب مفاتيح الجنان، وكتاب مفاتيح الجنان أساساً باللغة الفارسية، وبالمناسبة الشيخ عباس القُمِّي كان معاصراً للشَّيخ محمَّد تقي البافقي، الشَّيخ محمَّد تقي البافقي توفّي سنة 1361 للهجرة، الشَّيخ عباس القُمِّي صاحب المفاتيح توفي سنة 1359، يعني قبل وفاته بسنتين، فكان معاصِراً له، وحين طُبِع المفاتيح أيَّام الشيخ عباس القُمِّي لم يكن فيه حديث الكساء، هذا أُلحِق بعد ذلك، بعد وفاة الشيخ عباس القُمّي، النُّسخ الَّتي طُبعت في حياة الشَّيخ عباس القُمِّي خليَّةٌ من حديث الكساء الشَّريف، وإنَّما أُلحِق بكتاب مفاتيح الجنان بعد وفاة المحدِّث القُمِّي، وإلَّا المحدِّث القُمِّي في حياته لَمَّا طبع المفاتيح الطبعة الأولى، الطبعة الأولى ما كان في حاشيتهِ الباقيات الصَّالحات، بعد ذلك ألحِقت الباقيات الصالحات، وبعد ذلك أضاف إليه ملحقات مفاتيح الجنان، إذا تذهبون إلى آخر المفاتيح هناك ملحقات، هذهِ أضافها المحدِّث القُمِّي، أمَّا حديث الكساء الشَّريف فهذا أُلحِق بالمفاتيح بعد وفاةِ المحدِّث القُمِّي، ونُقِل عن رسالةِ الشَّيخ محمَّد تقي البافقي، هو صحيح مأخوذ عن كتاب العوالم، ولكن كتاب العوالم ما كان متوفّراً في الأيدي، كان من جُملة المخطوطات في بعض المكتبات ولم يكن كاملاً وإنَّما نُقِل من رسالة الشَّيخ محمَّد تقي البافقي. هذه الرِّسالة طُبعت هنا في الجزء الثاني من كتاب: (إحقاقُ الحقّ وإزهاق الباطل)، مع الملحقات الَّتي أضافها السيِّد شهاب الدِّين المرعشي النَّجفي. يبدو أنَّنا اقتربنا من وقت الأذان والصَّلاة بحسب التوقيت المحلي لمدينة لندن. نذهب إلى فاصل وبعد الفاصلِ أعود إليكم كي أُكمل حكاية حديث الكِساء الشَّريف كي تعرفوا أنكم لا تعرفون شيئاً ممّا يجري حولَكم..!! اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَة وأَبِيهَا وبَعْلِهَا وبَنِيهَا والسِّرِّ المُسْتودَعِ فِيَهَا … هذا هو الجزء الأخير من الحلقةِ الثَّامنةِ والثَّلاثين بعد المئة من برنامج الكتابُ النَّاطق، قبل فاصل الأذانِ والصَّلاة بحسب التوقيت المحلي لمدينة لندن كُنتُ أحدِّثكم عن قِصَّة حديثِ الكِساء وكيف وصل إلينا. بشكلٍ سريع وموجز أعيد ما مرَّ كي أُكملَ الحديث: قُلت إنَّ حديث الكِساء الفاطمي، لا أتحدَّث عن واقعة حديث الكساء في بيتِ أمِّ سَلَمة، تلك واقعةٌ صحيحة، ولكنَّني لا أتحدَّث عنها هنا، أتحدَّث عن حديث الكِسَاء اليماني، حديث الكساء الفاطمي، والجوامعُ الحديثية خليَّةٌ من هذا الحديث، كُتب التفسير المعروفة خليَّةٌ من هذا الحديث، كتب السيرة أعني كتب السيرة الشِّيعيَّة ما كتبه علماؤنا ومراجعنا ومُحدِّثونا في سيرة النَّبي والمعصومين، جوامع الأدعية والزِّيارات المصدر الوحيد الَّذي بأيدينا من المصادر القديمة وما هي بقديمة جدَّاً هو الديلمي، الحَسن ابن أبي الحَسن الديلمي من علماء القرن الثَّامن الهجري، وما عندنا تفاصيل كثيرة عن الديلمي في كتابهِ: (الغُرَر والدُّرَر)، نقل نِصفَ الحديث، أمَّا أقدم مصدر بين أيدينا فهو: (مُنتخبُ الطريحي)، هناك فوارق قليلة ليست أساسية في بعض الكلمات فيما بين النَّص الَّذي نقلهُ الطريحي في المنتخب وبين النَّص المعروف المتداول الآن بين أيدينا، هذا يعني أنَّ الحديث كَان مَعروفاً في الوسَط الشِّيعي وكان يُقرَأ في المجالس الحسينيَّة لأنَّ كتاب المنتخب هو مجموعة مجالس حُسينيَّة ومجموعة مجالس يُحيَى فيها أمرُ أهل البيت في مناسباتهم، كان يُقيمُها الشَّيخ فخر الدين الطريحي جمعَها في هذا الكتاب. فالحديث كان موجوداً مُتداولاً في الوسط الشِّيعي، قطعاً إلى حدٍّ ما، وإلَّا لماذا خلت الجوامعُ الحديثيّة منه؟! بحسب تَتبّعي وبحسب ما أَعرفهُ وبحسب قناعاتي الَّتي لا أفرضها على أحد، هذا هو نِتاج وتطبيق للحرب الإبليسية على الزَّهراء..!! يُمارسها إبليس بشكل مُباشر، ربما يُتلِف كُتُباً بشكلٍ مباشر، يحُرِّك أعواناً بشكلٍ مباشر، يعرفون إنَّهم يقومون بهذا العمل بوعي أو ربَّما من طريق تسلُّط إبليس على المشتغلين في الحقل العلمي، في حقل الحديث، في حقل استنساخ الكُتب، وغير ذلك، واضح هناك محاولة لإخفاء هَذا الحديث أو على الأقلّ لإماتتهِ!! حتَّى لو كان موجوداً يبقى بشكل طقس من الطقوس مثل ما هو شائع الآن. الآن حديث الكِساء في الوسط الشِّيعي يُقرَأ في المجالس النِّسائية أكثر مِمَّا يُقرَأ في المجالس الرجاليّة لقضاء الحوائج، لشفاء الأمراض، لا أعترضُ على ذلك، ولكنَّ هذا الحديث لم يكُن مُؤسَّساً للطقوس، هذا الحديث هو وثيقة معرفيّة وعقائديّة بالدرجة الأولى، إذا أردنا أنْ نقرأه استجابةً لنفس الحديث فهذا سيأتي بالدرجة الثَّانية، بالدرجة الأولى حديث الكساء وثيقةٌ معرفيَّةٌ عقائديَّةٌ، وربَّما هذا النَّص هو النَّص الأهم في كُلِّ النصوص الَّتي تتعلَّق بالمعرفةِ الزَّهرائيَّة وبالعقيدةِ الفاطميّة. على أيّ حال بقي هذا الحديث حبيساً في كتاب المنتخب لفخر الدين الطريحي وهذا الكتاب لا يعبأ به العلماء ولايعطونه أيَّة أهميَّة..!! المصدر الآخر الَّذي وُجِد فيه الحديث: هو كتاب العوالم، والَّذي التفت إلى هذا الحديث هو الشَّيخ محمَّد تقي البافقي اليزدي، كما ينقل هو وقد كتب رسالة في ذلك، هذهِ الرسالة ألحقها السيِّد المرعشي النَّجفي في كتاب: (إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل)، هذا هو الجزء الثَّاني من منشورات المكتبة الإسلامية، صفحة 554، هذه الرِّسالة الَّتي كتبها الشيخ محمَّد تقي البافقي اليزدي وباللغة الفارسية قطعاً ثبَّت الحديث باللغة العربية يتحدَّث عن كتاب: (العوالم) وينقل: – وجلد يازدهم آن در احوالات حضرت سيدة النساء فاطمة الزهراء صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها است، وحقير عباد الله محمَّد تقي ابن محمَّد باقر البافقي اليزدي القمّي النَّجفي اين حديث شريف را از كتاب مبارك نقل نمودم – يشير إلى كتاب عوالم العلوم وأنَّه نقل هذا الحديث من الجلد الحادي عشر، ثُمَّ يثبِّت سندَ الحديث للفائدة أقرأ السَّند: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيْم، قال الشَّيخ عبد الله البحراني صاحبُ العوالم: رأيتُ بخطِّ الشَّيخ الجليل السيِّد هاشم البحراني، عن شيخهِ الجليل السيِّد ماجد البحراني، عن الشَّيخ الحَسن ابن زين الدِّين الشَّهيد الثَّاني، عن شيخهِ المقدَّس الأردبيلي، عن شيخهِ عليّ ابن عبد العالي الكركي، عن الشَّيخ عليّ ابن هلال الجزائري، عن الشَّيخ أحمد ابن فهد الحلّي، عن الشيَّخ عليّ ابن الخازن الحائري، عن الشيَّخ ضياء الدين عليّ ابن الشَّهيد الأوَّل عن أبيه – يعني عن الشَّهيد الأوَّل – عن فخر المحقِّقين – هذا هو ابن العلامة الحلّي – عن شيخهِ ووالده – العلامَّة الحلّي – عن شيخهِ المحقّق – المحقِّق الحلّي الَّذي هو خال العلّامة الحلّي – عن شيخه ابن نما الحلي، عن شيخهِ محمَّد ابن إدريس الحلّي، عن ابن حمزة الطوسي – صاحب ثاقب المناقب – عن الشَّيخ الجليل محمَّد ابن شهر آشوب، عن الطبرسي – صاحب الاِحتجاج – عن شيخه الجليل الحسن ابن محمَّد ابن الحسن الطوسي، عن أبيه شيخ الطائفة الحقَّة – الشَّيخ الطوسي – عن شيخهِ المفيد، عن شيخهِ ابن قولويه القُمِّي، عن شيخهِ الكليني، عن عليّ ابن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم ابن هاشم – عليّ ابن إبراهيم القُمِّي – عن أبيه إبراهيم ابن هاشم، عن أحمد ابن محمَّد ابن أبي نصر البزنطي، عن قاسم ابن يحيى الجلّاء الكوفي، عن أبي بصير، عن أبان ابن تغلب، عن جابر ابن يزيد الجعفي، عن جابر ابن عبد الله الأنصاري رحمةُ الله عليهم أجمعين، أنَّهُ قال: بسمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيْم سَمعتُ فَاطِمَةَ الزَّهراء عليهَا السَّلام …)، إلى آخر حديث الكساء الشَّريف. هذه الرِّسالة انتشرت في الأوساط الفارسية في إيران، فانتشر الحديث في إيران ولم يكن قد انتشر بعد في الأجواء العربية الشِّيعيَّة، ولكن انتشر على نطاقٍ ضيّق بحُكم انتشار هذه الرِّسالة الصَّغيرة الَّتي كتبها الشَّيخ محمَّد تقي البافقي، وإنَّما جاء الانتشار الواسع بعد أنْ أَلحق صاحبُ المطبعة الَّذي طَبَع كتاب مفاتيح الجنان بنسختهِ الفارسية في إيران فألحق بهِ حديث الكساء، كتاب المفاتيح انتشر وبانتشارهِ انتشر حديث الكساء، الشِّيعة يتصورون أنَّ هذا الحديث مُنتشر بين العلماء، ومُنتشر في كُلِّ الأوساط الشِّيعيَّة، أبداً لا وجودَ لهُ في المصادر، وهذا لا يُقلِّل من شأن الحديث، هذا يُقلِّل من شأن الحديث عند أولئك الَّذين يريدون أنْ يُطبِّقوا ما تعلَّموه من النَّواصب في تقييم الحديث، نَحنُ لا شأنَ لنا بهذهِ القواعد السَّقيمة، لا يُشترَط في صحَّةِ الحديث أنْ يكون موجوداً في الكُتب، أساساً الحديث هو رواية، والرِّوايةٌ لا يشترَط أنَّ تكون في الكتب، وحين يقول إمام زماننا: (وأمَّا الحَوَادِث الَوَاقِعَة فَارَجِعُوَا فيها إِلَى رِوَاةِ أَحَادِيثِنَا)، لا يُشترَطُ في هؤلاء الرِّواة أنْ يكتبوا الرِّوايات، الرَّاوي هو الَّذي يروي، الَّذي ينقل الحديث، ولكن لأنَّ العلماء والفقهاء عجزوا عن حفظ الرِّوايات قالوا: الرّواة هم الَّذين يكتبون الأحاديث. الرّواة أساساً يحفظون الحديث وينقلون الحديث عِبر ألسنتِهم، هذا هو الرَّاوي وليس الَّذي يكتب في الكتب، فهذا راوي درجة ثانية، فلا يُشترط في الأحاديث أنْ تثبَّت في الكتب، نعم هي وسيلة من وسائل نقل الحديث، وسيلة من وسائل حفظ الحديث، لكن الأصل في الرِّواية أنَّ الرِّواية تحفَظ في الصدور وتنقَل عبر الألسنة، فلا يُشكِّلُ ذلك قدحاً في عدم وجود الحديث في كتب الحديث، ووجود هذا الحديث في كتاب المنتخب للطريحي وهي مجالس عامَّة لعامَّة الشِّيعة يُشير إلى أنَّ الحديث كان معروفاً ومُنتشراً في الوسط الشِّيعي، مثل ما قضيَّة عُرس القاسم الآن مُنتشرة في الوسط الشِّيعي، وهي جاءت عِبر هذا الكتاب، عِبر كتاب المنتخب، كان الحديث منتشراً أيضاً، ولكن لأنَّ العلماء لا يجعلون لهذا الكتاب أهميَّة فلم ينتشر انتشاراً واسعاً كما انتشر في زماننا. السَّبب الأكبر في انتشار هذا الحديث بالدرجة الأولى: هو الشَّيخ محمَّد تقي البافقي اليزدي حين نقله من كتاب (العوالم)، في رسالة على حِدة ونَشَر هذه الرِّسالة. والسبب الثَّاني الأكبر: حينما انتشر كتابُ مفاتيح الجنان بعد ذلك بعد وفاة الشَّيخ عباس القُمِّي بعد سنة 1359 وفي تلك الفترة أيضاً انتشرت رسالة البافقي الَّذي توفّي سنة 1961 وبعد وفاة القُمِّي بسنتين صاحب المطبعة ألحق هذا الحديث للتبرُّك وللتيمُّن بمفاتيح الجنان، فانتشر في الوسَط الإيراني. حينما تُرجِم مفاتيح الجنان إلى اللُّغة العربية وقد تَرجَمهُ السيِّد محمَّد رضا النُّوري النَّجفي، حينما طُبِع لم يُطبَع معه حديث الكساء، لماذا؟ لأنَّ حديث الكساء ليس من أصل الكتاب، فحين ترجم كتاب مفاتيح الجنان وطُبِع، تُرجِم باللغة العربية ولم يُلحَق بهِ حديثُ الكساء، بعد ذلك الناَّس طلبوا حديث الكساء فأُلحِق، مثلاً على سبيل المثال هذه الطبعة، هذه الطبعة هي الطبعة الأصليّة للترجمة العربية، حين ألحقوا حديث الكساء بهذهِ الطبعة أُلحِق مُصوّراً من نُسخةٍ فارسيَّة لمفاتيح الجنان – وكُتِب استجابةً لطلبات كثيرٍ من المؤمنين وإتمامًا للكتاب ارتأينا بذكر حديث الكساء الشَّريف نقلاً عن كتاب (عوالم العلوم)، للشَّيخ عبد الله ابن نور الله البحراني بسندٍ صحيح عن جابر ابن عبد الله الأنصاري وأُثبِت الحديثُ بصورةٍ عن نسخةٍ لمفاتيح الجنان باللغة الفارسية – لأنَّهُ توجد ترجمة فارسية تحت كُلِّ سطرٍ من سطور حديث الكساء الشَّريف، بينما هذه النُّسخة مُعرّبة ولا يوجد فيها شيء فارسي. فالنُّسخ الأولى الَّتي طُبِعت في زمان الشَّيخ عباس القُمِّي ما كان فيها حديث الكساء، ولكن بعد وفاته صاحب المطبعة للتبرُّك وللتيُّمن ولإضافة هذه الفائدة أضاف حديثَ الكساء الشَّريف، وحسناً فَعَل، وكما قلت قبل قليل أعتقد أنَّ إضافة حديث الكساء الشَّريف مُلحقاً في نهاية الكتاب هو هديَّة من الزَّهراء للشَّيخ عباس القُمِّي، وهذه لمحة من لمحات المواجهة الزَّهرائيَّة للحرب الإبليسيّة!! حتَّى الشَّيخ محمَّد تقي البافقي حين ذهب إلى تلك المكتبة في يزد وعَثَر على كتاب (العوالم)، ووقعت عينهُ على حديث الكساء ونقل الحديث وطبعهُ، في عقيدتي لم يكن هذا الأمر هكذا جُزافاً وإنَّما هو التوفيقُ لهذا الرَّجُل، هذا الرَّجُل الشَّيخ محمَّد تقي البافقي، أنا لا أُريد هنا أنْ أتحدَّث عن حياته فليس البرنامجُ برنامجاً لتأريخ الأشخاص لكنَّني أُريد أنْ آخذ هذهِ الجهة كي أُقرِّب لكم فكرة هذا الصِّراع الإبليسي الفاطمي. الشَّيخ محمَّد تقي البافقي كان لهُ دور كبير وفضل كبير في إحياء مسجد جمكران، مسجد جمكران كان خَرِبَة لا يمرّ بهِ أحد، ربَّما قلائل وقلائل جدَّاً من النَّاس، كان خَرِبَة، الَّذي أعاد بناءَه وأعاد إعمارَهُ وأحياه بالتواجد كثيراً فيه ووجَّه أنظارَ طَلَبة الحوزة إليه في قُم هو الشَّيخ محمَّد تقي البافقي رحمةُ اللهِ عليه، مثلما كانت المدارس الدِّينيَّة خَرِبة، مثل المدرسة الفيضية، ومثل المدرسة الرَّضوية، كانت هناك مدارس قديمة في قم وكانت خَرِبة، لَمَّا جاء الشَّيخ عبد الكريم الحائري ونقل الحوزة من مدينة آراك إلى مدينة قم، ومسجد جمكران هو خارج مدينة قم، في مكان يُعتبر ناءٍ نِسبيّاً، الشَّيخ محمَّد تَقي البافقي هو الَّذي حَثَّ بَعض التجار وبعض المتموّلين وجمع الأموال وأعاد بناء مسجد جمكران، أعاد بناءَه على خارطتهِ القديمة، مسجد جمكران بخارطته القديمة صغيرٌ جدَّاً، على خارطته القديمة، يعني على مُخطَّط صاحبِ الأمر صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، أعاد بناءَه وأحيا أمرَه ووجَّه النَّاس إلى مسجد جمكران. ومسجد جمكران نقطة أساسية مهمَّة في البرنامج المهدويّ مثل ما هو مسجد السَّهلة، بل إنَّ مسجد جمكران في عصر الغيبة أهميَّتهُ قد تعلو على أهميَّة مسجد السَّهلة، لماذا؟ لأنَّ لمدينة قم مدخليّة كبيرة في قضية ظهور الإمام، مسجد السَّهلة ستتّضح أهميَّتُهُ بعد ظهورِ الإمام لأنَّهُ سيكون داراً للإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، سيكون مركزاً للإمام الحُجَّة، أمَّا مَسجد جمكران خصوصيّتُهُ في زمان الغيبة تعلو على خصوصيّة مسجد السَّهلة، لا أتحدَّث عن الثواب والأجر وإنَّما أتحدَّث عن فاعليّة المكان في التمهيدِ لظهور الإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، ولو كان الحديث عن هذهِ القضيَّة كان يُمكن أنْ أتحدَّث أكثر، فللشَّيخ البافقي فضلٌ كبير ويدٌ طولَى في إحياء هذهِ النقطة، بغضِّ النظر كان مُلتفتاً إلى هذا الأمر أم لا، بالنَّتيجة هذا توفيق. إمام زماننا يُحرِّك أشياعَه المخلصين بلطفٍ خَفيٍّ في أحيان كثيرة لكي يقوموا بوضع لبنةٍ هنا ولبنة هُناك في بناء المشروع المهدويّ وفي التمهيد وفي تهيئة المقدِّمات عِبر التأريخ، هذا هو مصداق من مصاديق اللُّطف الخفي، الشِّيعيّ يتحرَّك من دونِ علم ولكنَّ التوفيق هو الَّذي يُحرِّكه، قَد يَستشعر المعنى بوجدانه ولكنَّ ذلك لا يُعدّ دليلاً قوياً، على أيِّ حال. الشَّيخ محمد تقي البافقي كان لهُ فضل في إنشاء، مرادي إعادة إنشاء مسجد جمكران وكان لهُ موقف للدفاع عن حُرمة السيِّدة المعصومة دَفَع ثمنَهُ غالياً من حياته بحيث أخرجته السُّلطة الإيرانية، أخرجه الشَّاه من قم ونفاه إلى مدينة الرَّي وضيَّقوا عليه، وبقي بعيداً عن مدينة قم الَّتي يُحبِّها إلى أنْ توفّي في مدينة الرَّي، كان مُجاوراً للسيِّد عبد العظيم الحَسني ولكن بشكل قسريّ، حتَّى العُلماء أهملوه، ربَّما من العُلماء القلائل الَّذين كانوا يتواصلون معه ويزورونه هناك لأنَّهُ لا يستطيع أنْ يأتي إلى قُم، هو السيَّد الخُميني رحمةُ اللهِ عليه. الشَّيخ محمَّد تقي البافقي لهُ قصّة مع عائلة الشَّاه حينما أرادوا انتهاك الحضرة، وفعلاً انتهكوا حُرمة الحَضرة المعصومية الشَّريفة والقِصَّة لها تفصيل، قلتُ بأنّي لست مؤرِّخاً هنا، الصَّوت الوحيد الَّذي علا في وجههم وأفسد مشروعَهم وقَلَب الدنيا عليهم في قُم هو الشَّيخ محمَّد تقي البافقي، ودفع ثمنَ موقفِه غالياً بعد ذلك. لذا أقول لكُلِّ هذا كان هذا الرَّجل موفّقاً في نشرِ حديث الكِساء وإخراجهِ من ظُلمات المكتبات، من ظُلمات المكتبات القديمة ومن ظُلمات المخطوطات، أخرج الشَّيخ البافقي هذا الحديث ونَشرهُ وبعد ذلك انتشر عِبر كتاب مفاتيح الجنان، لذا أقول: إنَّ انتشار هذا الحديث وراءَهُ لطفٌ فاطميّ، لُطفٌ مهدويّ، فمن الشَّيخ محمَّد تقي البافقي إلى كتاب مفاتيح الجنان الَّذي كتبهُ المحدِّث القُمِّي تَقرُّباً إلى الزَّهراءِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها انتشر هذا الحديث، ولكن يا للأسف لقلَّة الوعي المعرفيّ في الجو الشِّيعي صَار الحديثُ يُمثِّل طقساً من الطقوس فقط وغابت قيمتُهُ المعرفيّة وقيمتُهُ الوثائقيّة العقائديّة، حديثُ الكساء أهمُّ حديثٍ معرفيٍّ في المعرفة الفاطميّة وفي العقيدة الزَّهرائيّة، وهذه الجهة سيأتي الحديثُ عنها في حلقةِ يوم غدٍ إنْ شاء الله تعالى. النُّسخة الَّتي عثر عليها الشَّيخ البافقي رحمة الله عليه عثر عليها كما يقول في مكتبة (كتاب خانه مرحوم حُجَّة الإسلام آغايا آغا ميرزا سليمان قدّس سره)، في مكتبة ميرزا سليمان في مدينة يزد، الَّذي يبدو من كلامهِ أنَّهُ قد عَثَر على الحديث في متن الكتاب، واضح من كلامهِ هذا، من كلام البافقي. مؤسَّسة الإمام المهديّ حين أرادت أنْ تطبع كتاب العوالم بَحثوا عن هذه النُّسخة الَّتي تحدَّث عنها الشَّيخ محمَّد تقي البافقي في مدينة يزد وفي هذه المكتبة، وهذه المكتبة معروفة، لم يعثروا على هذهِ النُّسخة، أين ذهبت؟ عُلِست، هناك حرب إبليسية واضحة، أين ذهبت هذه النسخة؟ ذهبت النسخة مع أنَّ كتاب العوالم كتاب كبير جدَّاً، كتاب العوالم أكبر من كتاب البحار، فبقيت المؤسَّسة تبحث حتَّى عثرت على نسخة من كتاب العوالم في مكتبة جامعة طهران، ولكن الحديث في هذهِ النُّسخة لم يكن مكتوباً في المتن كان مكتوباً في الحاشية، وهذا أيضاً يُضعِف من شأن الحديث في نظر أولئك الَّذين يتمسَّكون بهذهِ القذارات الَّتي جاؤونا بها من أعداء أهل البيت. رجاءاً اعرضوا لنا الصورة: هذه الصورة هي صورة نُسخة كتاب العوالم الموجود في مكتبة جامعة طهران، تلاحظون هناك كتابة في الوسط هذا هو متن الكتاب، هناك كتابة في الحاشية هذا هو حديثُ الكساء مكتوب في الحاشية، هذهِ الصورة مأخوذة من كتاب (عوالم العلوم)، للشَّيخ عبد الله البحراني، طبعة مؤسَّسة الإمام المهديّ مع المستدركات في صفحة 928، 929، فهذه الكتابة الموجودة في وسط الصَّفحتين هذا هو نصّ كتاب: (عوالم العلوم)، للشَّيخ عبد الله البحراني، الكتابة الموجودة على الحاشية هذا هو نصّ حديث الكساء الشَّريف سنداً ومتناً، بالسَّند الَّذي قرأتُهُ قبل قليلٍ عليكم من رسالة البافقي، لأنَّهم حتَّى حينما حاولوا استنساخَه وجدوا خللاً في الكتابة غير واضح لذلك اضطرّوا أنْ يرجعوا إلى رسالة البافقي، فرسالة البافقي واضحة جدَّاً، يبدو أنَّ النسخة الَّتي عثر عليها الشَّيخ البافقي في مكتبة ميرزا سليمان كانت واضحة جدَّاً وكان الحديث في المتن وليس في الحاشية. ألا تُلاحظون أنَّ هذا الحديث مرَّ بتأريخٍ مريرٍ على مستوى الطباعة وعلى مستوى الكُتب، لا نمتلك كتاباً من كتبنا المعروفة من الجوامع الحديثية، من كُتب التفسير، من كُتب السِّير، من كُتب الفقهاء، من كُتب المراجع، لا نمتلك كتاباً من كُتُب القُدماء ثبَّتَ هذا الحديث. أقدم كتاب في المئة الثَّامنة وقد ذكر نصفَ الحديث، وهذا أيضاً يُشعِرنا من أنَّ الحديث يُعاني، هُناك مواجهة، مواجهة إبليسيّة ضدّ هذا الحديث..!! أقدم كتاب هو (مُنتخب الطريحي)، وهذا الكتاب العُلماء يُصوّبون إليه سهامَهم وقد اسقطوا الكتاب..!! الكتاب الآخر (عوالم العلوم)، حتَّى النُّسخة الَّتي عَثَر عليها البافقي فُقِدَت، النُّسخة الَّتي عثر عليها، عثر عليها والحديث مكتوب في الحاشية في مكتبة جامعة طهران..!! حتَّى الحديث الملحق بمفاتيح الجنان ما هو المحدِّث القُمِّي الَّذي ألحقَه، والملحَق بالنُّسخة ذات الترجمة العربيّة أُخِذ صورةً من نسخةِ المفاتيحِ الفارسيّة..!! في الوسَط الشِّيعي العامّ تحوّل الحديث إلى طقس من الطقوس لتحصيل الثواب والأجر ولا إشكالَ في ذلك، هو الحديث يتحدَّثُ عن نفسهِ بنفسه بذلك ولا إشكالَ في ذلك، ولكنَّ الحديث يُريد منَّا أنْ نجعلهُ طقساً معرفيّاً، لا أنْ نقرأ الحديث لأجل أنْ نرفع الأصوات بالصَّلوات فقط، لا نعرفُ معنى الصَّلوات ولا نعرف معنى الحديث ولا نعرفُ ظلامةَ الحديث، وهذا جزء من ظُلامةِ آلِ مُحَمَّد، ومن لم يعرف ظُلامتَهم كان شريكاً مع الَّذين ظلموهم!! هذا جزء من ظُلامةِ فاطمة، ظُلامةُ حديثِ الكساء هي جُزءٌ من ظُلامةِ فاطمة. جزء آخر من ظلامة حديث الكساء أتركه إلى يوم غد: (كيف تعامل العُلماء مع هذا الحديث؟)، الآن هذه قصَّةُ حياة هذا الحديث، قصَّة تأريخهِ، كيف تعامل العُلماء معه؟ سأذكر لكم نماذج، قطعاً لا يكفي الوقت لتتبُّع كُلِّ صغيرةٍ وكبيرة ولكنَّني أذكر لكم نماذج من الطريقة الَّتي تعامل بها الكثير من الرُّموز الشِّيعيَّة بقسوةٍ مع حديث فاطمة، مع حديث الكساء الفاطميّ، أمَّا مضامينُهُ ففيه من الأسرار الَّتي لا أدركها أنا ولا يدركها غيري ولكنَّني سأُحدِّثكم عن شيءٍ منها مِمَّا يُمكن أنْ يصلَ إليه عقلي وعُقولُكم. ألا تلاحظون إنَّي على حقٍّ حينما أقول: لقد أحرقوا منزلةَ فاطمة كما أحرقوا منزلَها..!! وإلَّا لماذا يجري هذا الَّذي يجري على حديثِ الكساء؟ هناك حربٌ إبليسية وهُناك منهجٌ أبتر وهُناك توظيف من إبليس لهذا المنهج الأبتر، لكن الألطاف الفاطميّة فهي القيِّمةُ على الدين، قيِّمة، لابُدَّ أنْ تَرعَى الدين، الألطاف الفاطميَّة، الألطاف المهدويَّة، والألطاف الفاطميَّة هي المهدويَّة والمهدويَّة هي الفاطميَّة، الألطاف الفاطميَّة هي الَّتي تَرعى الدين وترعى أهلَ الدين وهذهِ نماذج من ألطالفِها، ما أشرتُ إليه بخصوص البافقي، وبخصوص المحدِّث القُمِّي. أعود إلى زيارتها الشَّريفة، فحينما نقول: (فَإنَّا نَسَألُكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيِقِنَا لَهُمَا – هذه رعاية ومتابعة وولاية أم لا؟ – لِنُبَشِّرَ أُنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرَنَا بِوَلَايَتِكِ – لماذا لا يُوجَّهُ هذا الخطابُ إلى رسولِ الله؟ ولا يُوجَّهُ هذا الخطاب إلى أمير المؤمنين؟ نحنُ نُصدِّقهم هم! المنظومةُ العقائديّةُ هي هكذا، هي هذه المنظومةُ العقائديةُ الشِّيعيَّةُ الَّتي أتحدَّثُ عنها، ليست تلك الَّتي جاءُوا بها من الأشاعرة والمعتزلة، إنِّي أبرأُ إلى الحُجَّة ابن الحَسَن منها ولا علاقةَ لي بها، المنظومة العقائديّة هذه هي، أنا إمَّا أكذب على فاطمة أو أصدق مع فاطمة، إذا كنتُ أصدق مع فاطمة فماذا يعني هذا الكلام؟ هذهِ هي المنظومةُ العقائديةُ الشِّيعيَّةُ الكاملة، هناك إمام هو الأصل وهناك قَيِّمةٌ على الدِّين – وَزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاءَ ومُصَدِّقُوْنَ وَصَابِرُونَ لِكُلِّ مَا أتَانَا بِهِ أَبُوْكِ وَأَتَى بِه وَصِيُّه، فَإنَّا نَسَألُكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيِقِنَا لَهُمَا لِنُبَشِّرَ أُنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرَنَا بِوَلَايَتِكِ). لقاؤنا يتجدَّدُ إنْ شاء الله تعالى في حلقة يوم غد، ألقاكم غداً، يتواصل الحديث في معرفةِ فاطمة وكذاك في ظُلامةِ معرفة فاطمة … ظلامةُ فاطمة الأولى: أحرقوا منزلَها! أمَّا الظلامةُ المستديمةُ بيننا في الوسط الشِّيعي: أحرقوا منزلتَها! حين أرفعُ هذا النِّداء قبل البرنامج، قبل أحاديثي، قبل مجالسي، قبل محاضراتي، وأقول: (يَا زَهْرَّاء) فلأنَّها هي القيِّمةُ على الدِّين، وأنا أعرضُ حديثي بين يدي هذه القيِّمة، هي القَيِّمةُ على الدِّين، الأصلُ الَّذي أرتبطُ بهِ وأعود إليه ومنهُ مَبدأي وإليه نهايتي هو إمامي الحُجَّة ابن الحسن، ولكنَّها هي القيِّمةُ على الدِّين، لذا أقولُ: (يَا زَهْرَّاء)، وأبدأُ الحديثَ لأنَّني أعرضُ حديثي على هذه القَيِّمة، هذه هي قيِّمةُ الدِّين، أعرضُ حديثي عليها وأقول كما تقول الزِّيارة، هذه عقيدتي: (يا زَهْرَّاء) … إنْ كُنتُ صَادقاً فأَلحقيني بهذهِ العقيدة، ألحقيني بمن أُصدِّقُ بهم، وإنْ لم أكُنْ صادقاً طَهِّريني طَهِّرِيني طَهِّريني واجعليني صادقاً، حين أقول: (يا زَهرَّاء) فإنَّني أطلبُ الطهارة من الزَّهراء كما تقول الزيارة: (لِنُبَشِّرَ أُنْفُسَنَا)، أُريد أنْ أُبَشِّر نفسي، (لِنُبَشِّرَ أُنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرَنَا بِوَلَايَتِكِ)، حين أقول: (يا زَهراء)، هذا طهورٌ للبرنامج، طهورٌ لي أوَّلاً، وطهورٌ للبرنامج، وطهورٌ للعقائد الَّتي تُطرَحُ في هذا البرنامج وفي غيرهِ، من هنا جاء هذا الشِّعار، تُريدون أنْ تعرفوا معنى (زهرائيُّون)؟ اِصبروا معي، الحلقات طويلة ولكنَّني سأُعرِّفكُم معنى: (زهرائيُّون). زهرائيُّون نحنُ يَا بَقِيَّة الله وَالهَوَى، والهَوَى، وَالهَوَى يَا أُمَّ الحُسَين زَهْرَائِيْ … زَهْرَائِيُّونَ نَحْنُ وَالهَوى زَهْرَائِيْ … أَتْركُكُم فِي رِعَايَةِ القَمَر … يَا كَاشِفَ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِ أَخِيكَ الحُسَين إكْشِف الكَرْبَ عَنْ وُجُوهِنَا وَوُجُوهِ مُشَاهِدِينَا وَمُتَابِعِينَا عَلَى الإنْتَرْنِت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين … يَا قَمَر … أَسأَلُكم الدُّعَاء جَميعاً … الملتقى غَداً على شَاشةِ القَمَر، على شَاشَة الزَّهرائيِّين، إِنْ كُنَّا فعلاً، إنْ كُنَّا زَهرائَيِّين … في أمَانِ الله … ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الثلاثاء 25 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 27 / 9 / 2016م في حلقة يوم أمس تمّ الكلام في العنوان المتقدّم: ملامح المنهج الأبتر في الوسط الشيعي.. وكان آخر شيء تحدّثت عنه قبل نهاية الحلقة هو: عاقبة المنهج الأبتر، وقبل أن أسرد التفاصيل، قسّمت الواقع الشيعي إلى 3 أقسام: ● المؤسسة الدينية الشيعية ● أتباع هذه المؤسسة ● الزهرائيون. (وقلت هذا وجود افتراضي نظري لا وجود لهم على أرض الواقع) وقلت أنّ المراد من هذا العنوان (زهرائيون) هو شيعة الزهراء، وهو نفس الوصف الذي جاء في كلمات أهل البيت حين يُنادي المنادي يوم القيامة (أين الفاطميون). والزهرائي: شيعي، علوي، فاطمي، حسني، حسيني، مهدوي.. هؤلاء هم الزهرائيون بحسب الثقافة الزهرائية، ولن يتحقّق لهم هذا المعنى أن يكونوا زهرائيين ما لم يعرفوا الزهراء، وأوّل خطوة في معرفة الزهراء هو أن يعرف الزهرائي موقع الزهراء في المنظومة العقائدية (منظومة عقائد الكتاب والعترة). أفضل عنوان ورد في كلماتهم الشريفة لموقع الزهراء في منظومة العقائد الشيعية هو (الزهراء القيّمة).. والمراد من القيّمة هنا: هي القائمة التي يقوم بها دين الله، ولها القيمومة في التشريع والتكوين، وهي صاحبة القيمومة على الحجج وعلى الحجج من ولدها. الشائع في ثقافتنا الشيعية هو عنوان (الأئمة الإثني عشر).. هذا العنوان هو ظهور ولوحة وتنظيم وجدولة و صفحة من صحائف منظومة الإمامة. ● فهناك صفحة الإمام الواحد: (محمّد إمام الجميع) – (عليّ إمام الأوصياء) – (فاطمة إمام على الأئمة من ولدها) – (حسينٌ سيّد العترة) – (الحجّة بن الحسن خاتم الأوصياء). ● وهناك منظومة الإمامين: (محمّد وعلي) الأصلان – (عليّ وفاطمة) الكفؤان – (الحسن والحسين) الإمامان القائمان القاعدان. ● وهناك منظومة الأئمة الثلاثة (محمّد وعليّ وفاطمة) ● وهناك منظومة الأئمة الخمسة (أصحاب الكساء) ● وهناك منظومة الأئمة التسعة (العترة الحسينية) ● ومنظومة الأئمة الثلاثة عشر/ العترة المحمّدية (عليّ وفاطمة وأبناؤهما). ● وهناك منظومة الأئمة الإثني عشر (أئمة التشريع والحكومة والسلطنة والنظم الأرضي) والتركيز في الواقع الشيعي صار على هذه الصفحة وهذه الجهة وهذه الحيثية، أي على الأئمة الإثني عشر وذلك لأغراض ترتبط بمصالح الناس وبهداية الأمّة وإدارة أمورها وترتيب شؤون الرعية، ومتابعة أمر الدين في التعليم والتبليغ والإرشاد، إلى غير ذلك من التفاصيل المرتبطة بهذه المنظومة. إذا أردنا أن نتتبّع ما جاء عن أهل البيت في شرح وبيان مضامين القرآن، فإنّنا سنجد الكثير ممّا فيه تصريح أو تلميح لهذا الذي أشرت إليه، فضلاً عن بقيّة كلماتهم وكذلك أدعيتهم وزياراتهم. قد يتساءل البعض، ويقول: إنّنا لم نسمع بهذا مُسبقاً (منظومة العقائد الشيعية) والزهراء هي القيّمة في هذه المنظومة! فهل هذا دين جديد؟! هل هذه بدعة؟! وقبل أن أجيب وأدخل في تفاصيل موقع الزهراء عليها السلام في منظومة العقائد الشيعية لابدّ مِن بيان نقطة، وهي: حرب إبليس ضدّ فاطمة، أو المشروع الإبليسي في مواجهة فاطمة! ● في بدايات هذه الحلقات التي عنونتها بعنوان (لبيّكِ يا فاطمة) حين تحدّثتُ عن ظلامة فاطمة في أجواء المسيحيين، كان من جملة ما قرأته عليكم هو ما جاء في رؤيا يوحنّا (عن تلك المرأة العظيمة التي وقف ذلك التنين الهائل في مواجهتها واستمرّ في حربه معها).. ذكرتُ هذه النقطة لأبيّن لكم أنّ هذا الأمر (أي الحرب الإبليسية على فاطمة) قد ذُكرت في الديانات السابقة أيضاً. ● الحرب الإبليسية على فاطمة هي بعينها الحرب على المشروع المهدوي، فنهاية إبليس في عصر ظهور إمام زماننا. قصّة إبليس مع المشروع المهدوي قصّة طويلة: ● فقد حاول إبليس قبل البعثة أن يحرّك اليهود ويدفع بهم لقتل محمّد حتّى في زمان طفولته! ولقد حضر إبليس لعنه الله بنفسه في مكّة، ووقف على جبل أبي قبيس يُحرّض قريش ليهبّوا لقتل محمّد والذين معه في ليلة بيعة العقبة (وهذه القصّة لإبليس وصراخه وصياحه واستغاثته على جبل أبي قبيس ليلة العقبة مذكورة في كتب السير). ● أيضاً قد جاء إبليس إلى قريش بصورة ذلك الشيخ النجدي واجتمع معهم في دار الندوة، وهو صاحب الاقتراح لتصفية محمّد تصفية جسدية، بأن ينتخبوا من كلّ بطن من بطون قريش، وكلّ قبيلة شخص ليقتلوا محمّداً ويتفرّق دمه بين الناس! وقد تجسّد إبليس بشكل حسّي ما دي فيزيائي طبيعي! ● وهو الذي حضر في بدر في صورة سراقة بن مالك! ● وهو الذي حضر في بيعة الغدير ومارس نشاطاً شديداً هناك، وحضر في بيعة السقيفة أيضاً، وأوّل مبايع في بيعة السقيفة كان إبليس كما جاء في كتاب سُليم بن قيس. ● وإبليس هو الذي دفع رجال السقيفة لإحراق منزل فاطمة، وتحرّكت السقيفة بكلّ ما عندها من قوّة لإحراق دار فاطمة، وكان الذي كان! ● ثُمّ تحّرك إبليس في الوسط الشيعي وهيأ المقدّمات وجمع الجموع كي يُؤسس في الخفاء وفي ظلمة الّليل، وتحت ستار الجهل المركّب، وتراكم الفتن والشبهات، وأجواء التقية والظلم وعبر القرون من الزمان نشأ المنهج الأبتر الذي يتحرّك بنشاط وفاعلية في الوسط الشيعي.. وكانت النتيجة التي وصل إليها المنهج الأبتر: هي أنّه أحرق منزلة فاطمة! ● تمّ إحراق منزلة فاطمة في الوسط الشيعي بأساليب مختلفة (لا أقول أنّه حصل ذلك بسوء نية داخل الوسط الشيعي، وإنّما بجهل وعناد في بعض الأحيان، وصنمية وتعصّب للآراء، وتقديس لأعراف لا صحّة لها، وتصنيم لأشخاص، وخروج على تعاليم آل محمّد وهم يقولون لنا إيّاكم أن تنصبوا رجالاً دون الحجّة فتصدّقوهم في كلّ ما يقولون وتدعون الناس إلى قولهم!) فهناك إحراقان: (إحراق لمنزل فاطمة – وإحراق لمنزلة فاطمة)! ● مثلما المخالفون لا يجدون قيمة لظلامة فاطمة، كذلك الشيعة لا يجدون قيمة لمنزلة فاطمة في منظومة العقائد الشيعية، والدليل واضح وهو أنّك تجد أنّ منظومة العقائد الشيعية تبتني على أصول الدين الخمسة، فأين موقع فاطمة في هذه المنظومة؟! موقعها في الحاشية من هذه الأصول الخمسة! لقد رسمها إبليس بدقّة متناهية وقد أعانه علماؤنا على ذلك! (لا أقول بقصد، ولكن لصنمية في أذهانهم حين صنّموا أسماء معيّنة واعتقدوا أنّ هؤلاء لا يقولون إلّا الحق!) وصنّمت أجيال طلبة العلم الذين سبقوهم، والذين سبقوهم صنعوا نفس الصنيع (وهكذا أجيال تصنّم الأجيال التي تسبقها) وضاعت منزلة فاطمة في هذه الّلعبة الإبليسية التي أُسبغ عليها ما أُسبغ من الألقاب والأوصاف. ● هذا التبويب للعقائد وهذه الأصول التي أصّل لها علماء الكلام لا يوجد لها أثر في القرآن ولا في كلمات أهل البيت عليهم السلام.. هذه الأصول الخمسة جاءتنا من الأشاعرة والمعتزلة، وهذا واضح لِمن كان له أدنى معرفة بتأريخ الأشاعرة والمعتزلة وبتأريخ علم الكلام والمتكلّمين.. فالأشاعرة هم الذين وضعوا هذه الأصول (التوحيد – النبوّة – المعاد) وضعوها وجعلوها منظومة العقائد الدينية، وأنّها تمثّل أصول الدين وأصول الإسلام، والمعتزلة اختلفوا معهم في فهمهم وفي شرحهم وفي بيانهم لصفة العدل، ولذلك كي يُميّزوا أنفسهم عن الأشاعرة أضافوا العدل أصلاً رابعاً فصار عندنا (التوحيد، العدل، النبوّة، المعاد) هذه أصول الأشاعرة والمعتزلة بامتياز ولا علاقة لها بثقافة الكتاب والعترة. ● صحيح أنّ القرآن وأحاديث العترة اهتمّت بالتوحيد والنبوّة والمعاد، ولكنّ الاهتمام شيء، والتقنين شيء آخر، فالكتاب والعترة اهتمّوا بموضوعات أخرى غير هذه الموضوعات. فلم يُنظّم القرآن ولم تُنظّم العترة أصول الدين بهذه الطريقة، هذه طريقة إبليسية. ● بالنسبة للأشاعرة والمعتزلة هم يُريدون إخراج آل محمّد بأيّ شكل كان، فنفث إبليس في أذهانهم هذه المنظومة العقائدية باعتبار أنّ التوحيد هو الأساس، وبعده النبوّة ثمّ المعاد. ثُمّ بعد ذلك وضعوا قواعد في مسألة التوحيد وفي مسألة النبوّة وفي مسألة المعاد، ووضعوا حدوداً وأسسوا أُسساً واصطلحوا مصطلحات ونشأ علم الكلام وصار علماً للعقائد، وأخذته الشيعة منهم! فبعد أن نفث إبليس في أذهان الأشاعرة والمعتزلة تلك المنظومة الفاسدة لأصول الدين، أقنع علماء الشيعة في بدايات عصر الغيبة الكبرى ونفث في أذهانهم أن يأخذوا هذه المنظومة منهم لتكون منظومة ● ثقافتنا الشيعية منذ البدايات نشأتْ على أنغام أعداء أهل البيت، فالشيعة يضبطون أفكارهم وفقاً للأنغام المخالفة لآل محمّد عليهم السلام، فحينما جاؤوا للإمامة عرّفوها بملاحظة ماذا يقول المخالفون عن الإمامة! بل إنّ العديد من علمائنا نقلوا نفس مضمون تعريف الإمامة عند المخالفين! ● الإمامة عند المخالفين هي إمامة بالمعنى البدوي، فيتحدّثون عن الإمامة كما تتحدّث أمراء القبائل العربية في الجاهلية عن شيوخ وأمراء للقبائل.. والشيعة أخذوا نفس هذه المضامين وأضافوا إليها بعض الإضافات التي تتناسب مع الخطوط العامة لثقافة العترة.. فجاء تعريف الإمامة عند الشيعة تعريفاً ناقصاً لا ينسجم مع منطق الكتاب والعترة، وإنّما ينسجم مع الذوق المخالف بإضافات تتماشى مع الجوّ العام للثقافة الشيعية من دون الدخول لتفاصيل الحقائق! وهنا أُخرجتْ الزهراء مِن أصل الإمامة.. لأنّ الحديث عن زعماء قبائل، وأضيفت أوصاف تتناسب مع مقام الإمام من وجهة النظر الشيعية، فجُعلت منظومة الإمامة فقط في مواجهة الخلفاء (الأئمة الذين يجلسون على كراسي الحكم). بينما منظومة الإمامة عند آل محمّد لا تُؤخذ بهذا الّلحاظ، فالإمامة أوسع وأكبر وأعظم من هذه المعاني ومن غيرها. ● لم تقف القضية في الواقع الشيعي عند هذا الحد، فبعد ذلك بدأ علماء الشيعة بدؤوا يُقطّعون أوصاف هذا الإمام الذي ضبطوا تعريفه بحسب الإيقاع المخالف لأهل البيت (يسهو أم لا يسهو، ينسى أم لا ينسى..) ثُمّ بعد ذلك جاؤنا ببدعة جديدة: بدعة أصول الدين، وأصول المذهب، فأخرجوا الإمامة من أصول الدين! بالنسبة لي أنا أفهم هذا الذي يجري بأنّه برنامج إبليسي مُتكامل تُنفّذه المؤسسة الدينية الشيعية، ونُفّذ عِبر القرون.. والنتيجة النهاية لهذا البرنامج: هو التقصير في الاعتقاد بالأئمة ولكن الجوهر هو إخراج فاطمة من منظومة العقائد الشيعية! ● حين نعود لكلمات النبي صلّى الله عليه وآله نجد أنّ المنزلة العليا والفضل لهذه الأسماء الثلاثة (محمّد، علي، فاطمة) فإنّ لها الولاية، وارتباط الكائنات في أصلها بهذه الأسماء الثلاثة، فلماذا بُترت فاطمة؟! إبليس جاء بالمنهج الأبتر والمنهج الأبتر هو الذي بتر منزلة فاطمة وأخرجها من منظومة العقائد الشيعية! ● منظومة العقائد الشيعية تقوم على أصل للدين هو الإمام المعصوم، وقيّمة للدين والدنيا هي: فاطمة، وهذا هو الموجود في زيارة الزهراء عليها السلام، فنحن نخاطبها ونقول: (وزعمنا أنّا لكِ أولياء ومُصدّقون وصابرون لكلّ ما أتانا به أبوكِ صلّى الله عليه وآله وأتى به وصيّه، فإنّا نسألكَ إنْ كنّا صدّقناكِ إلّا ألحقتِنا بتصديقنا لهما لنبشّر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتكِ) كلام الزيارة واضح.. الزهراء هي التي تُلحقنا بتصديقنا لمحمّد وعليّ لأنّها القيّمة. إذا كان هذا الكلام ليس صحيحاً فلماذا تُردّدونه إذاً؟! وإذا كان صحيحاً فهل تفهمون معناه أو لا؟ إذا لم تفهموا معناه فلماذا لا تبحثون عن فهمه وتردّدون الكلام من دون فهم؟ (ألا لاخير في علم ليس فيه تفهم، ألا لاخير في قراءة ليس فيها تدبر). ● زيارة الزهراء هنا تتحدّث عن منظومة الإمامين الأصلين (محمّد وعلي).يعني أنّنا لو صدّقنا بالنبي والوصي من دون أن تُصدّق على هذا التصديق فاطمة فلا قيمة لهذا التصديق الذي جئنا به للمصطفى والمرتضى! هذا هو معنى القيّمة. علماً أنّ التصديق هو أعلى درجات الاعتقاد، فنحن أساساً دون درجة التصديق.. ولكن إذا كنّا في درجة التصديق فإنّ تصديقنا بمحمّد وعليّ لا قيمة له إلّا بتصديق فاطمة.. فأين هي فاطمة من منظومة العقائد الشيعية؟! ● إذا ألحقتنا فاطمة بتصديقنا لمحمّد ومحمّد فإنّ نتيجة هذا الإلحاق هو الطهور (لنُبشّر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتكِ).. أمّا من دون تطهير الزهراء فنحن لسنا طاهرين (هذه أسس منظومة العقائد الشيعية عند آل محمّد). فأصل الدين في ثقافة الكتاب والعترة أصل واحد هو (المعصوم) والرويات تقول: (مَن لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) ولم تقل (مَن لم يعرف أصول الدين الخمسة مات ميتة جاهلية). (وقفة أُشير فيها إلى مصادر كتب علم الكلام الشيعية التي فيها تعريف علماء الشيعة للإمامة) مدار الحديث في تعريف علماء الشيعة للإمامة هو (رئاسة دينية ودنيوية).. في حين أنّ الإمامة عند آل محمّد دلالتها أكبر بكثير وكثير من كلّ هذا الذي ذكره علماء الشيعة في كتب علم الكلام. بعد أن أخرج علماء الشيعة فاطمة من المنظومة العقائدية، كتبوا كتباً وتحدّثوا عن منزلة فاطمة.. فماذا كتبوا؟! (وقفة أقرأ لكم فيها نماذج واضحة ممّا جاء في أهمّ الكتابات التي كُتبت حول الصدّيقة الكبرى ولها تأثيرها في الواقع الشيعي) وبعد ذلك سأعرض عقيدتي. ● النموذج 1: السيّد محمّد باقر الصدر. (قراءة سطور من كتابه فدك في التأريخ تحت عنوان: مُستمسكات الثورة يتحدّث فيها عن أحوال الصدّيقة الطاهرة وروحها بحسب تصوّره). ● النموذج 2: محمّد حسين فضل الله. (قراءة سطور من كتابه [الزهراء القدوة] الذي قال عنه أنّه يُمثّل كلّ فكره في سيّدة نساء العالمين). ● النموذج 3: الشيخ الوائلي. (قراءة أبيات من قصيدته التي تحمل عنوان (الزهراء عليها السلام) والتي نظمها في أحد مُستشفيات لندن، وهذه القصيدة لا يُوجد فيها شيء عن منزلة فاطمة، لا يوجد فيها سوى ما يتعلّق بظلامتها والاعتداء عليها، مطلع القصيدة هذا البيت: كيف يدنو الى حشايَ الداءُ * وبقلبي الصديقة الزهراءُ ● قراءة أبيات من قصيدة أخرى للوائلي تحت عنوان “في رحاب الرسول” وما جاء فيها من أبيات عن الزهراء هو صورة سطحية جدّاً وساذجة إلى أبعد الحدود) وهناك قصيدة أخرى للوائلي يُشير فيها إلى حديث الكساء الشريف، ولكنّه يُفرّغه مِن محتواه ومِن معناه! وسأقرأ أبيات القصيدة في حلقة مقبلة. (علماً أنّ ما ذكره السيّد محمّد باقر الصدر، والسيّد فضل الله، والشيخ الوائلي هو من نفس الأفق ونفس الثقافة). ● النموذج 4: الشيخ الإحسائي (قراءة سطور ممّا كتبه الشيخ الإحسائي في كتابه [شرح الزيارة الجامعة الكبيرة: ج2، وج3] عن منزلة الزهراء بين المعصومين.. وقراءة سطور أخرى ممّا كتبه في كتابه [جوامع الكَلِم ج2، ج3] عن منزلة الزهراء). ● النموذج 5: السيد الخميني (قراءة سطور ممّا كتبه السيّد الخميني في كتابه [الحكومة الإسلامية] وفي كتابه [الآداب المعنوية للصلاة] عن الزهراء عليها السلام). ● النموذج 6: السيّد محمّد حسين الاصفهاني الغروي (قراءة أبيات من منظومته (الأنوار القدسية) تحت عنوان: في مولد بقية النبوة وناموس الله الأكبر الصديقة الطاهرة سيدة النساء فاطمة سلام الله عليها) هذه المنظومة بنظري هي أعمق ما نُظم في الصدّيقة الزهراء عليها السلام. ● النموذج 7: السيّد محمّد الشيرازي (قراءة سطور ممّا جاء في مقدّمة كتابه [من فقه الزهراء: ج1] عن منزلة الصدّيقة الكبرى عليها السلام). ● النموذج 8: الشيخ محمّد السند (قراءة سطور ممّا كتبه في كتابه [أمّ مقاماتِ فاطمة الزهراء في الكتاب والسنّة] عن الصدّيقة الكبرى تحت عنوان: ثبوت ما وراء الإمامة السياسية لفاطمة، وقراءة سطور أخرى تحت عنوان: مقامات الزهراء عليها السلام مغيّبة في الأوساط العلمية) ● لا أريد أن أناقش ما قرأته عليكم ممّا جاء في كتب علمائنا بشأن الزهراء.. قد أتّفق مع بعضهم في بعض الجهات وأختلف في أخرى، ولكنّي أساساً لا أتّفق مع كلّ الذين ذكرتُ أقوالهم لأنّني لا أعتقد بمنظومة العقائد الشيعية التي يُؤمنون بها جميعاً (الأصول الخمسة للدين) فأنا أرفض هذه المنظومة العقائدية بأبوابها وبتفاصيلها وبحدودها التي يتحدّثون عنها، الذي أُؤمن به هو أنّ الدين له أصلٌ واحد هو الإمام، ولهذا الدين قيّمة هي فاطمة.. وأمّا منزلة فاطمة فهي ما تحدّث عنها القرآن وأحاديث أهل البيت عليهم السلام). النقطة التي أريد أن أبدأ منها في الحديث عن منزلة الزهراء عليها السلام: هي أهم وثيقة وأهم دليل يتحدّث عن منزلة فاطمة التي أُحرقت، وهو (حديث الكساء). في عقيدتي أنّ حديث الكساء هو مكافئ لحديث الغدير، ولكن لا مِن الجهة المعرفية وإنّما من الجهة التراتبية في مستوى أدلّتنا العقائدية، أمّا من الجهة المعرفية فإنّ حديث الكساء أعمق بكثير من حديث الغدير. ● علماً أنّني حين أتحدّث عن حديث الكساء، فإنّني لا أتحدّث عن حديث الكساء الذي يتحدّث به المخالفون، أو الذي جاء في كتبنا ويحكي الذي جرى في بيت أمّ سلمة. (علماً أنّني لا أنكر حديث الكساء في بيت أمّ سلمة) ولكنّي أتحدّث هنا عن الواقعة التي جرت في بيت الزهراء؛ لأنّ الحديث الذي جرى في بيت أمّ سلمة فقط جمعهم رسول الله تحت الكساء، ونزلت آية التطهير من دون تفاصيل. ● الذي أظنّه أنّ عامّة الشيعة لاسيّما روّاد الحسينيات والذين يُواظبون على قراءة الأدعية والزيارات يُخيّل إليهم أنّ حديث الكساء الذي يقرؤونه في مفاتيح الجنان كان معروفاً لدى الشيعة على طول التأريخ، وأنّ العلماء يقبلونه، والحال أنّ الواقع هو خلاف ذلك! وقفة عند حديث الكساء في بيت الزهراء (هذا الحديث الذي تُستحبّ قراءته في مجالس الشيعة في كلّ مكان). ● كتب التفسير الشيعية لكبار مراجعنا خليّة من حديث الكساء الفاطمي. راجعوا كلّ التفاسير الشيعية التي كتبها مراجع الشيعة (التبيان، مجمع البيان، الميزان) وأضرابها.. هذه التفاسير هي في الأفق الأوّل من تفاسير علماء الشيعة، وهي خليّة بالمُطلق من حديث الكساء في بيت الزهراء، وحينما يصل هؤلاء المفسرّون إلى آية التطهير فإنّهم ينقلون الواقعة التي جرت في بيت أم سلمة! ● قد يسأل سائل: لماذا جرت الحادثة في بيت أم سلمة؟ وأقول: آية التطهير نزلت أكثر من مرّة.. النزول في بيت فاطمة كان نزولاً خاصّاً بذلك المجلس، وبتلك الخصوصيات.. أمّا نزولها في بيت أمّ سَلَمة كان نزولاً عامّاً كعامّة النزول الذي تنزل به الآيات لعموم المسلمين. ● أيضاً الجوامع الحديثية (الكافي وغير الكافي، كتب الشيخ الصدوق، كتب المفيد، الطوسي، بل وحتّى البحار.. هذه الكتب هي خليّة أيضاً من حديث الكساء الشريف، بل حتّى كتب السيرة التي كتبها علماء الشيعة في سيرة المعصومين هي خليّة أيضاً من حديث الكساء الشريف) فلم يكن هذا الحديث الشريف معروفاً، وهذا جزء من النشاط الإبليسي! ● المحدّث القمّي ليس هو الذي ألحق حديث الكساء الشريف بمفاتيح الجنان، وإنّما الذين أعادوا طباعة كتاب مفاتيح الجنان، وأعادوا ترجمته هم الذين ألحقوا هذا الحديث. علماً أنّه في عقيدتي أنّ إلحاق حديث الكساء الشريف بمفاتيح الجنان هو هدية من الزهراء للمحدّث القمّي.. فالمحدّث القمّي هو يقول: أنّه ألّف كتاب “مفاتيح الجنان” تقرّباً للزهراء، هذه هي نيّته.. وهذا هو أحد أسباب انتشار كتاب مفاتيح الجنان، وإلّا فإنّ كتب الأدعية كثيرة. كتاب مفاتيح الجنان انتشر بشكل غريب ومُلفت للنظر في كلّ مكان، وهذا توفيق لكتاب المحدّث القمّي. ● إذا كان حديث الكساء غير موجود لا في كتب التفسير، ولا في كتب السير، ولا في الجوامع الحديثية ولا في كتب الأدعية والزيارات الأصلية حتّى مفاتيح الجنان – فقد ألحق به لاحقاً كما أسلفت- فما هي مصادر هذا الحديث إذن؟ أقدم مصدر أعرفه – ويعرفه الآخرون أيضاً – جاء فيه حديث الكساء هو كتاب [الغرر والدرر] للحسن بن أبي الحسن الديلمي، وهو من علماء القرن الثامن الهجري.. ذكر فيه تقريباً نصف حديث الكساء (ليس كاملاً) ولهذا لا يُمكن أن نعدّه مصدر لهذا الحديث. ● أقدم مصدر لهذا الحديث هو كتاب (المنتخب للطريحي) ويُسمّى أيضاً الفخري.. في المجلس التاسع من الجزء الثاني من كتاب المنتخب (أورد فيه الطريحي حديث الكساء الفاطمي). ولكن العلماء لا يُقيمون وزناً واعتباراً لهذا الكتاب! هذا هو رأيهم، وهذا لا يعني أنّ الكتاب لا قيمة له.. الكتاب لايوجد فيه إلّا روايات وأحاديث وأشعار في مدح ورثاء أهل البيت. والشيخ فخر الدين الطريحي عالم كبير من علماء الشيعة (عالم من علماء الّلغة والحديث والرجال) فهو عالم معروف، ولكنّه كان يقيم مجالس العزاء على آل محمّد بنفسه، وقد جمع مجالسه هذه في هذا الكتاب. ● رواية عرس القاسم مصدرها هذا الكتاب [كتاب المنتخب للطريحي] ولهذا العلماء أيضاً لا يُقيمون لها وزناً! ولا يوجد عندنا مصدر آخر لرواية عرس القاسم غير هذا الكتاب. نعم العلماء يحضرون المجالس التي يُقرأ فيها حديث الكساء لأنّها مجالس عامّة، ولكنّهم بحسب قذرات علم الرجال وعلم الدراية لا يقيمون وزناً لهذا الكتاب ولا يعتمدون عليه! ● مصدر حديث الكساء الفاطمي الموجود في مفاتيح الجنان هو كتاب [عوالم العلوم والمعارف والأحوال] للشيخ عبد الله البحراني – الجزء الثاني من عوالم الصديقة الكبرى عليها السلام! (عرض صورة لنسخة كتاب [عوالم العلوم] وفيها حديث الكساء الشريف). (وقفة أحدّثكم فيها عن قصّة حياة وتأريخ حديث الكساء الشريف ومصادره، وكيف انتشر في الوسط الشيعي) هناك محاولة لإخفاء حديث الكساء الفاطمي أو إماتته، بحيث أنّه حتّى لو كان موجوداً فإنّه يبقى طقس من الطقوس كما هو الآن شائع! وهذا نتاج وتطبيق للحرب الإبليسية على الزهراء، يُمارسها إبليس بشكل مباشر (ربّما يُتلف كتباً بشكل مباشر، أو يُحرّك أعوان بشكل مباشر، أو ربّما من طريق تسلّط إبليس على المُشتغلين في الحقل العلمي، وفي حقل الحديث واستنساخ الكتب وغير ذلك). ● أنا لا أعترض على أن يكون حديث الكساء طقساً لقضاء الحوائج وشفاء الأمراض.. ولكن هذا الحديث لم يكن مؤسساً للطقوس، هذا الحديث وثيقة معرفية وعقائدية بالدرجة الأولى، وربّما أنّ هذا النص (نصّ حديث الكساء الشريف) هو النص الأهم في كلّ النصوص التي تتعلّق بالمعرفة الزهرائية والعقيدة الفاطمية. ● المصدر الآخر الذي وُجد فيه حديث الكساء الشريف هو كتاب [عوالم العلوم] والذي التفت لهذا الحديث في كتاب [عوالم العلوم] هو الشيخ محمّد تقي البافقي اليزدي، كما يقول هو، حين كتب رسالة في ذلك، وهذه الرسالة ألحقها السيّد المرعشي النجفي في كتاب [إحقاق الحق وإزهاق الباطل: ج2] يُشير الشيخ البافقي في هذه الرسالة إلى أنّه نقل حديث الكساء من كتاب [عوالم العلوم: ج11]. (وقفة أقرأ عليكم فيها سند حديث الكساء الفاطمي الذي ذكره الشيخ البافقي في رسالته التي كتبها وضمّنها حديث الكساء الفاطمي). ● هذه الرسالة للشيخ البافقي انتشرت في الأوساط الفارسية في إيران، فانتشر حديث الكساء الفاطمي في الأوساط الفارسية، ولم يكن حينها قد انتشر في الأوساط العربية، وإنّما انتشر في الأوساط العربية حين أُلحق بكتاب [مفاتيح الجنان]. فالسبب الرئيس في انتشار هذا الحديث هو حين حين نقله الشيخ البافقي من كتاب العوالم في رسالته. والسبب الثاني: هو حين أُلحق بمفاتيح الجنان للتبرّك بعد وفاة المحدّث القمّي بسنتين حين تُرجم مفاتيح الجنان للعربية. ● الشيخ محمّد تقي البافقي كان له دور كبير جدّاً في إعمار مسجد جمكران وتوجيه الشيعة إليه، فهو الذي حثّ التجار وبعض المتموّلين وجمع الأموال وأعاد بناء مسجد جمكران على خارطته القديمة، يعني على مخطط صاحب الأمر.. ومسجد جمكران نقطة أساسية مهمّة في البرنامج المهدوي. (فأهمّيته تعلو حتّى على أهميّة مسجد السهلة في زمان الغَيبة) لأنّ لمدينة قم مدخلية كبير في ظهور الإمام.. أمّا مسجد السهلة فستتضح أهميّته بعد ظهور الإمام الحجّة لأنّه سيكون مركزاً للإمام الحجّة (فأنا هنا لا أتحدّث عن المكان، وإنّما أتحدّث عن فاعلية المكان في التمهيد لظهور الإمام الحجّة عليه السلام). فللشيخ البافقي فضل كبير في إعادة بناء مسجد جمكران، وله موقف أيضاً في الدفاع عن حرم السيّدة المعصومة دفع ثمنه غالياً، ولهذا كان هذا الرجل موفّقاً في إخراج حديث الكساء من ظلمات المكتبات.. فانتشار حديث الكساء وراءه لطف فاطمي ولطف مهدوي. ولكن يا للأسف لقلّة الوعي المعرفي في الواقع الشيعي غابت قيمة حديث الكساء المعرفية، وبقي طقساً من الطقوس يُؤتى به لتحصيل الثواب والأجر وقضاء الحوائج – ولا أُشكل على ذلك أبداً – وإنّما أتحدّث عن غياب القيمة المعرفية لهذا الحديث في الواقع الشيعي وهذا جزء من ظلامة آل محمّد.. ومن لم يعرف ظلامتهم كان شريكاً لمَن ظلمهم! (فظلامة حديث الكساء هو جزء من ظلامة فاطمة) ● هناك جزء آخر من الظلامة أتركه لحلقة يوم غد.. وهو كيف تعامل العلماء مع حديث الكساء الفاطمي؟ سأذكر لكم نماذج من الطريقة التي تعامل بها مجموعة من الرموز الشيعية بقسوة مع حديث الكساء الفاطمي.