الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١۳٩ – لبّيك يا فاطمة ج٥٦ – فاطمة القيّمة ق٢ Show Press Release (17 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 139 – لبّيك يا فاطمة ج56 – فاطمة القيّمة ق2 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (15٬496 More Words) يازهراء بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيك يَا وَجْه الله الَّذِيْ إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء… بقيَّةَ الله… مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَك؟!… الْحَلَقَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلاثُون بَعد الْمِئَة لَبَّيكِ يَا فَاطِمَة الجُزْءُ السادس والخَمسوُن فَاطِمَة القَيِّمَة – القِسم الثَّانِيْ سَلَامٌ عَليْكُم إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ … العُنوانُ هُوَ عُنواننا الْمُتَقَدِّم والَّذِيْ لاَزَالَت الحَلَقَاتُ تَتَلاحَقُ فِيْ أَجْوَائهِ وَأَفْنَائِهِ: (لَبَّيْكِ يَا فَاطِمَة) …!! ووصل بنا الحديثُ بعد أنْ كمُلَت الحلقاتُ الَّتي كانت تحت عنوان (ملامحُ المنهج الأبتر في الوسط الشِّيعيّ) وصلنا إلى هذا العُنوان: (فَاطِمةُ القَيِّمة)، الحلقةُ الماضية وهذِه الحَلقَة والحَلقةُ القَادمةُ إنْ تمَّ الكلام فيها كلُّ هذهِ الحلقات تحت هذا العُنوان: فَاطِمَةُ القَيِّمَة. بشكلٍ موجز تقدَّم في الحَلقَةِ الماضية الكلامُ عن حديث الكساء وأنَّهُ الوثيقةُ الأهمّ في الثَّقافة الزَّهرائيَّة، بعد أنْ تحدَّثتُ عن أنَّ السَّقيفة أحرقت مَنزلَ فَاطِمة والمنهجُ الأبترُ في الوسط الشِّيعيّ أحرَقَ مَنزلةَ فَاطِمَة، وأخرجها من منظومة العقائد الشِّيعيّة الحقَّة، وحَلَّ بديلاً عن ذلك ما يُسمَّى بأصولِ الدِّين، وهي المنظومةُ العقائديّةُ الَّتي جِيء بها من الفِكر المخالفِ لآلِ مُحَمَّد، هذا على الأقلّ بحسب فهمي وقناعتي. كان الحَديثُ عَن حَديث الكِسَاء اليَمَاني الفَاطِمي وما جرى على هذا الحديث من عمليةِ إبعادٍ واضحةٍ عن ساحة الثَّقافةِ الشِّيعيّة، بِقَصدٍ سَيءٍ أو بِقصدٍ حَسَنٍ، ولكنْ يَقيناً إبليسُ من وراءِ ذلك، وإبليسُ قَادرٌ على أنْ يُحرِّك الإنسان من دون أنْ يلتفتَ إلى أنَّهُ قَد تَورَّط في عَملٍ سَيّء، خصوصاً إذا زيَّن لهُ الأمر وكان ذلك التزيين مُستنداً إلى أعراف وتقاليد تَسودُها الصَّنميَّةُ الدِّينيَّة المَقيتة الَّتي لا تَمتُّ إلى الحقِّ بصلةٍ من أيِّ وجهٍ من الوجوه، ولكن الجوَّ الغالب على النَّاس هو الَّذي يُعطيها الشَّرعية والصَّواب ويدفع النَّاس للالتزام بها وللتمسُّك بها وللدفاع عنها بل للتضحية في سبيلها، وهذا هو الَّذي يجري في الواقع الدِّيني لكُلِّ الأمم والشُّعوب على طول التأريخ وإلى هذه اللحظة الَّتي نعيشها. لا أريدُ أنْ أكرِّر ما تقدَّم من كلامٍ ولكن بقيت بقيَّة ترتبطُ بما جرى ويجري على حديثِ الكِساءِ الشَّريف، هذهِ نَماذج مِن كُتُبِ عُلماءِ الشِّيعةِ سأُلقي عليها نَظرةً سَريعة مِثل مَا عَرضَتُ لكُم في الحَلَقَة السَّابقة ما جاء في كُتُبِ رموزنا الشِّيعيّة وأخذتُ نماذج من الطِّراز الأوَّل وقرأتُ عليكم ما جاء في كتبِهم في أجواء المعرفة الزَّهرائيَّة من دون تفصيلٍ ومن دون ردٍّ ومن دون إشكال. في هذهِ الحلقة أيضاً سأمرُّ على مُعاملةِ الرُّموز الشِّيعيّة لحديثِ الكساءِ الشَّريفِ وأعرضُ نماذج بين أيديكم. هذا هو كتاب: (حديثُ الكساء في كتبِ مدرسة الخلفاء ومدرسة أهل البيت) لمرتضى العَسكري، السيِّد مرتضى العسكري، منشورات المجمع العلمي الإسلامي، الطَّبعة الثَّانية، مطبعة الاتِّحاد، طهران، سنة 1402 للهجرة، بعد أنْ يُورد الرِّوايات والأحاديث والمصادر لحديث الكِساء الَّذي جَرت تفاصيلهُ في بيت أُمِّ سَلَمة في السُّطور الأخيرة من كتابه هذا، مُرتضى العسكري يضع عُنوانَاً في نهاية الكتاب: (حديثُ الكساء في روايةٍ أخرى)، هو قد أورد جميع الرِّوايات الَّتي وردت في كُتب المخالفين وفي كتبنا الَّتي تتحدَّث عن واقعة بيت أم سَلَمة – حديثُ الكِساء في روايةٍ أخرى: اتّفقَت الرِّوايات السَّابقة في كُتب الفَريقين على أنَّ آية التطهير نَزلت على رسول الله في بَيت أُمِّ سَلَمة – مثل ما جاء في كتبِ المخالفين وفي كتبِنا أيضاً، وأنا لا أعترض على هذه الحادثة، هذه الحادثة وقعت في بيت أم سلمة لتشديد الحُجَّةِ على المسلمين ولتشديد الحُجَّة أيضاً على عائلة النَّبي من نسائهِ وكذاك من بني هاشم. أمَّا كلامنا عن حديث الكساء الفاطميّ وهو هنا يتحدَّث بهذا الخصوص – اتَفَقَت الرِّواياتُ السَّابقةُ في كُتب الفَريقين على أنَّ آية التطهير نزلَت على رسول الله في بيتِ أُمِّ سَلَمة وقد أجلس حولَهُ أهلَ بيتِه وجلَّل نفسهُ وإيَّاهم بالكساء، وعارضت تلكم الرِّوايات – هو اعتبرها رواية معارِضة، بينما واقعةُ بيت الزَّهراء شيء، وواقعة بيت أُمِّ سَلَمة شيء آخر، ولكن من أين نأتي بالفهم الدقيق لحديثِ آل مُحَمَّد، (وإنَّا لا نعدُّ الرَّجُل من أصحابِنا فقيهاً لبيباً عاقلاً حتَّى يعرفَ لحن القول)!! – وعَارضت تلكم الرِّوايات روايةٌ واحدةٌ غير معروفة السَّند تذكُرُ أنَّ القصة وقعت في دار الزَّهراء بكيفيَّةٍ أُخرى غَيرَ أنَّ هَذه الرِّواية الواحدة لا تُناهض تِلكَ الرِّوايات الكثيرة سَنداً ومَتناً، ولم نَرَ حاجةً للتعرُّض لذكرِها ومناقشتِها وآخرُ دعوانا أنْ الحمدُ لله ربِّ العالمين، مرتضى العسكري – هذا في صفحة 15 من كتابهِ هذا: (حديث الكساء في كتب مدرسة الخلفاء ومدرسة أهل البيت صلواتُ اللهِ وسلامهُ على أهل البيت. الرِّواية ما ذكرها لا من قريبٍ ولا من بعيد، وتحدَّث عن سندها فقال: إنَّ سندها غيرُ معروف، قال: (روايةٌ واحدةٌ غير معروفة السَّند)، لا أدري هل أنَّ السيِّد مرتضى العسكري تتبَّع المصادر الَّتي أشرتُ إليها، هناك سندٌ لهذهِ الرِّواية، هو يقول من أنَّهُ سندٌ غير معروف، ربَّما مُرادهُ غير معروف أنَّ الرِّواية أساساً ليست مذكورةً في الكُتُب، وبالتالي هي مشكوكةٌ ومن هُنا السَّندُ المذكور في كِتاب: (عوالم العلوم)، هو مشكوكٌ والمشكوك غير معروف. وإلَّا ففي عوالم العلوم هُناك سندٌ لهذهِ الرِّواية، وقد قرأتهُ عليكم وأعيد قراءَتَهُ، السَّند هو هكذا – أنَّ الشَّيخ عبد الله البحراني – الشَّيخ عبد الله البحراني شخصية معروفة وهو صاحب كتاب العوالم ومن تلامذة الشَّيخ المجلسي – يقول: رأيتُ بخط الشَّيخ الجليل السيِّد هَاشم – مُراده من الشَّيخ الجليل يعني شيخ الحديث، شيخ العلم، يعني الأستاذ – رأيتُ بخطِّ الشَّيخ الجليل السيِّد هاشم – ويبدو أنَّهُ يقصد بالسيِّد هاشم، السيِّد هاشم البحراني، مع أنَّنا لم نلحظ هذا الحديث في كُتب السيِّد هاشم البحراني، ربّما في موطنٍ حُذِف من كتُبِه أو في كتابٍ لم يصل إلينا أو … أو … هذا إذا كان المقصود هو السيِّد هاشم البحراني، لأنَّهُ قال:- رأيتُ بخطِّ الشَّيخ الجليلّه السيِّد هاشم – يبدو أنّه السيِّد هاشم البحراني – عن شيخهِ السيِّد ماجد البحراني – السيِّد ماجد البحراني، إذا كان هو المحدِّث المعروف فلا توجد صلة بين السيِّد هاشم البحراني والسيِّد ماجد البحراني، والمسافة الزمنية بعيدة. فربّما هُناك اسم قد سقط، وإلَّا لا يُعقَل أنَّ السيِّد هاشم البحراني قد روى عن السيِّد ماجد البحراني إلَّا أنْ يكون هذا السيِّد هاشم ليس هو السيِّد هاشم البحراني أو أنَّ السيِّد هاشم هو البحراني ولكن السيِّد ماجد البحراني عالمٌ آخر غير الشَّخصية المعروفة – عن الحَسن ابن زين الدين الشَّهيد الثَّاني، عن شيخهِ المقدَّس الأردبيلي، عن شيخهِ عليِّ ابن عبد العالي الكركي، عن الشَّيخ عليّ ابن هلال الجزائري، عن الشَّيخ أحمد ابن فهد الحلّي، عن الشَّيخ عليّ ابن الخازن الحائري، عن الشَّيخ ضياء الدين عليّ ابن الشَّهيد الأوّل، عن أبيهِ الشَّهيدِ الأوّل، عن فخرِ المحقّقين عن شيخهِ العلّامة الحلّي – وهو أبوه أيضاً – عن شيخهِ المحقِّق – وهو خاله أيضاً – عن شيخهِ ابن نما الحلّي، عن شيخهِ محمَّد ابن إدريس الحلّي، عن ابن حمزة الطوسي – صاحب ثاقب المناقب – عن الشَّيخ الجليل محَمَّد ابن شهر آشوب – صاحب المناقب المعروف – عن الطبرسي – صاحب الاحتجاج – عن شيخهِ الجليل الحسن ابن مُحَمَّد ابن الحسن الطوسي – يعني ابن شيخ الطائفة – عن أبيه شيخ الطائفة، عن شيخهِ المفيد، عن شيخهِ ابن قولويه القُمِّي، عن شيخهِ الكليني عن عليّ ابن إبراهيم ابن هاشم عن أحمد ابن محمَّد ابن أبي نصر البزنطي – بحسب المعروف علي ابن إبراهيم لا يروي عن البزنطي، الرِّوايات الموجودة عن عليّ ابن إبراهيم أنَّ عليّ ابن إبراهيم يروي عن أبيه عن البزنطي، فلربّما هنا اسم أبيه سقط من السَّند – عن عليّ ابن إبراهيم – المفروض بحسب ما هو معروف عن إبراهيم ابن هاشم – وهو والد عليّ، عن أحمد ابن مُحَمَّد ابن أبي نصر البزنطي، عن قاسم ابن يحيى الجلّاء – هذا الاسم غير معروف – عن أبي بصير، عن أبان ابن تغلُب البكري – ليس معروفاً أنّ أبا بصير يروي عن أبان ابن تغلب ولكن يمكن ذلك – عن جابر ابن يزيد الجعفي عن جابر ابن عبد الله الأنصاري – هذه الإشكالات الَّتي تثار على السَّند. فما قالهُ السيِّد مرتضى العسكري من أنَّ هذه الرِّواية ليست معروفة السَّند، لا أدري، لم يطلّع على السَّند، وإنَّما قرأ الرِّواية مثلاً في كتاب مفاتيح الجنان أو قرأها في منتخب الطريحي من دون سند، لأنَّها في العوالم لها سند، يمكن أن يشكل على سندها، ربّما هو لا يقبل هذا السَّند بسبب هذه الإشكالات الَّتي أشرتُ إليها، وهذه الإشكالات لست أنا الَّذي أشكلها لكنني لو أردتُ أن أُعاملَ السند بحسب ما يعامِلهُ الرجاليّون بالقواعد والقوانين الَّتي جاؤونا بها من المخالفين فهكذا يتعاملون مع السَّند وهكذا يثيرون الإشكالات عليه. سؤالٌ هنا قد يطرح نفسَه: في السَّند جاء ذكرُ الشَّيخ الطوسي، وفي كُتب الشَّيخ الطوسي لا أثرَ لهذا الحديث، وفي السَّند أيضاً جاء الشَّيخ المفيد وفي كُتب الشَّيخ المفيد لا أثرَ لهذا الحديث، وفي السَّند أيضاً جاء ابن قولويه، ولا أثرَ للحديثِ فيما صنَّف ابن قولويه، وجاء أيضاً ذِكرُ الكليني، الكليني لهُ كتب ضاعت لا ندري ربَّما أورد الحديث في كُتبٍ أخرى لكن ما وصلنا من حديثِ الكليني لا وجودَ لحديث الكساء الفاطميّ فيه، وجاء أيضاً ذكر علي ابن إبراهيم وورد حديثٌ كثير عن عليّ ابن إبراهيم في كُتب الحديث المعروفة لم يُذكَر فيه حديثُ الكساء، ربما هؤلاء المحدِّثون ذكروا حديثَ الكساء ولكنَّهم ذكروه في كُتب ما وصلت إلينا أو ذكروه في الكُتب الَّتي وصلت إلينا ولكن الحديث حذفَهُ مَن حذفَهُ، وربّما توجَد تفاصيل أخرى نحنُ لا عِلمَ لنا بها. ولكن هناك مسألة لابُدَّ أنْ أشير إليها قد تكون سبباً في عدم ذكر هؤلاء الأعلام لحديث الكساءِ، هذا في كتبهم الَّتي وصلت إلينا، روايةُ الحديث أساساً روايةٌ شفهيّة، ولا يقال للرَّاوي إذا كان يسمعُ ويكتب فقط، هذه روايةٌ كتابيّة، إنَّهُ يكتُب الرِّواية، نَعم يَستعين الرَّاوي بالكتابةِ مثلما أوصى الأَئِمَّةُ لأجلِ حفظِ وضبطِ الرِّوايات، ولكنَّ الرَّاوي أساساً يحفظُ الرِّوايةَ في قلبهِ، وتبقى الرِّوايةُ مخزونَةً في ذاكرتهِ ويتلوها شِفاهاً بِشكلٍ صحيح، إذا تلاها بشكلٍ ليس صحيحاً فما هذا براوٍ للحديث، فراوي الحديث هو الَّذي يحفظُ الحديثَ في قلبِه ويبقى مخزوناً في ذاكرتهِ، وإذا رواه يرويه صحيحاً إنْ كان بِنفسِ الألفاظ أو بالمضمون، بشرط أنْ يُصيب المعنى كما اشترط ذلك أئمَّتُنا علينا في رواية الحديث، وأنْ ينقلَ هذا الحديث شِفاهاً، هذا هو الرَّاوي، الَّذي يكتب من دون أن يحفظ الرِّوايات ومن دون أن ينقلها شفاها هذا مجازاً يُسمَّى راوي، هذا يروي بالكتابة، ولكنَّ كلمة الرَّاوي تعني أنَّهُ يروي بالكلامِ وباللفظ. عُلماءُ الحَديث كان بينَهم هذا العُرف: بعضُ الأحاديث لا يكتبونها خطَّاً في كُتُبهم، وإنَّما ينقلها بعضهم إلى بعض، الشَّيخ ينقل إلى تلامذتهِ، الشَّيخ المراد هنا شيخُ الحديث، العالم بِغضِّ النَّظر هو هاشمي أو ليس هاشمياً، شيخُ الحديث ينقلُ الرِّواية إلى تلامذتهِ أو إلى الرَّاوين عنه شفاهاً وهم يحفظون هذهِ الرِّواية ولا يكتبونها وينقلونها إلى جيلٍ آخر شِفاهاً، وتبقى بعضُ الرِّوايات لها خُصوصيَّة تُتَناقَلُ في الصُّدور من مُحدِّثٍ إلى مُحِّدث لأي شيءٍ؟ لأجل أنْ ينطبق عليهم وصفُ رِواة الحديث بالمعنى الدقيق، أنَّهم يروونَ الحديث شفاهاً، فيختارون رواية، روايتين، البعض يختار أربعين رواية باعتبار أنّ من حفظ على أُمَّتي أربعين رواية حشرَهُ الله يومَ القيامة عالِماً، وكان هذا العُرف موجوداً بين عُلماء الحديث، ولا وجودَ لهُ الآن لأنَّهُ لا يوجَد الآن بيننا مُحدِّثون، وهذهِ أعراف انطوت في الأزمنة القديمة وربَّما البعض الآن لو سمع بها حتَّى من كبار العلماء فإنّه يستغربها، هذا الشيء كَان موجوداً ومُتعارَفاً عليه بين علماءِ الحديث، فقد يحفظُ أحدهم أربعين حديثاً ولا يجمعها في كِتاب وإنَّما ينقلها للأجيال الَّتي بعدَه، وتُنقَل حِفظاً وشِفاها، ربَّما آخرون يكتبونها ذلك شيءٌ آخر، ولكنّهم لأجل أنْ ينطبق عليهم هذا الوصف، وصفُ روايةِ الحديث بشكلٍ حقيقيٍّ كامل، فإنّهم يحفظون بعض الرِّوايات وينقلونها شِفاهاً، وعادةً إذا أرادوا أنْ يحفظوا روايةً وينقلونها شِفاها يختارون روايةً لها خصوصيّة، فلربّما كان الأمر هكذا مع حديث الكِساء، أقول ربَّما، هذا احتمال وهو احتمالٌ ضعيف. وربَّما إبليس كان وراء هذهِ الفكرة في أذهان بعضهم كي يبقى هذا الحديثُ بعيداً عن جوامع الحديث وعن الكُتُب العلميّة وعن السَّاحة الثَّقافيَّة العقائديّة، وبقي يُتَناقَلُ على الألسنة إلى زمان فَخرُ الدين الطريحي وهو يُردِّدهُ في مجالسهِ وأثبتهُ في كتابهِ المنتخب، ربَّما هذه كُلُّها احتمالات، بالنِّسبة لي لا شأنَ لي بكُلِّ هَذه الاحتمالات، ولا علاقة لي بهذا السَّند، أكان في السَّند الكُليني أم لم يكن، هذا لا يُزيد ولا ينقص من الأمر شيئاً بالنِّسبة لي، قاعدةُ القُرآن واضحة: ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ﴾ فأنا أعتبر أنَّ الَّذي جاء بهذا الحديث فاسق ولا شأنَ لي بالسَّند، هو مثلاً من أفسق الفُسَّاق ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ﴾ فجاءنا الفاسق بهذا الحديث ﴿فَتَبَيَّنوا﴾، فأنظاري أُصوّبها إلى المتن وما عندي شكّ في هذا الحديث ولا واحد بالتريليون، ولذلك لنْ أطيلَ الكلام كثيراً في لُعبة السَّند الهزيلة هذهِ، إنَّما وقفتُ عند السَّند لأنَّني سأتحدَّثُ عن هذا الموضوع مُضطَّراً باعتبار عرضِ أقوالِ العُلماء وكيفَ تَعاملوا معَ هذا الحديث. فالخُلاصة الَّتي نصلُ إليها من كلام السيِّد مرتضى العسكري: هذه الرِّواية غير معروفة السَّند ولا تقوى على مُواجهة ومعارضة أحاديث المخالفين، والأحاديث الَّتي وردت في كتبِنا وجاءت موافقةً لِمَا هو في كُتب المخالفين، هذا هو الذَّوق الَّذي تحدَّث بهِ السيِّد مُرتضى العسكري إلى الحدِّ الَّذي لم يُورد الرِّواية في كتابهِ. هذه: (مجلَّة الموسم)، وهي مجلَّة فصليّة، هذا هو العدد الواحد والعشرون والثَّاني والعشرون لسنة، 1995، هذا العدد بالكامل، بالكامل خُصِّص لأسئلةٍ وُجِّهت إلى السيِّد محَمَّد حسين فضلُ الله وأجاب عليها، حوارٌ مع السيِّد محَمَّد حسين فضلُ الله، قطعاً ليس حوار في جلسة واحدة، هذه أسئلة وفتاوى رسالة عمليّة، مكتوب هنا: ثلاثة ألاف سؤال وجواب، يعني هذهِ المجلَّة بالكامل، هذا العدد وعدد كبير جدَّاً 736 صفحة، يشتمل على ثلاثة ألاف مسألة أسئلة وأجوبة، من جملة هذه الأسئلة سؤالٌ جاء في صفحة 314: – ما صِحَّة رواية أهل الكساء؟ – السائل قطعاً يسأل عن حديث الكساء اليماني الفاطمي ولا يسأل عن رواية حديث الكساء في بيت أُمِّ سلمة، السائل يسأل عن الحديث اليمانيّ الفاطميّ، حديث الكساء اليمانيّ الفاطميّ، والدليل على ذلك ما سيأتي في السؤال الَّذي يليه، رقم السؤال: 1138، السؤال موجَّه لمن؟ للسيِّد محَمَّد حسين فضلُ الله – ما صِحَّة رواية أهل الكساء؟ – ماذا يجيب محَمَّد حسين فضل الله؟ – الرِّواية مشهورة – أنا لا أدري، العالم إذا أراد أنْ يتكلَّم لابُدَّ أنْ يتكلَّم باصطلاحات أهل العلم، الرِّواية مشهورة، ما المراد من المشهورة؟ مشهورة بحسبِ المصطلحات الَّتي يعملُ بها أهلُ الحديث والقواعد الرجالية والعلماء فالرِّوايةُ ما هي بمشهورة، لأنَّ الكلام عن الحديث الفاطميّ، عن حديث الكساء اليمانيّ، نعم حديث الكساء في بيت أُمِّ سَلَمة تلك روايةٌ مشهورة ينطبقُ عليها الاصطلاح، لكن هذه الرِّواية حديث الكساء اليمانيّ الفاطميّ لا ينطبقُ عليه هذا المصطلح بحسب مصطلحاتهم، ولذا هناك الكثير من الخبط والخلط في أجوبتهِ وفي أحاديثهِ. أنا لستُ مُنتقداً هنا لتفاصيل كُلِّ ما يقول ولكن هذا جوابٌ ينمُّ عن عدم معرفةٍ إمَّا بالمصطلَح، بالمصطلَحات، وإمَّا ينمُّ عن عدمِ معرفةٍ بشأنِ حَديث الكِساء، لأنَّهُ حينَ يقول مشهورة، في أيِّ مصدرٍ ذُكِرت؟ ما هي أسانيدها؟ – الرِّواية مشهورة ولكنَّ بعض العُلماء يُناقش في سندها باعتبار أنَّ بعض رجال السَّند ضعاف – المناقشة في السَّند إذا كان فعلاً يتكلَّم عن اطّلاع، وربَّما يتكلَّم هكذا باعتبار أنَّ الإشكالات مُثارة على الرِّواية وإذا أُثيرت الإشكالات فسيكون هناك من العُلماء من يثير إشكالاً على السَّند، لأنَّ الجواب ليس دقيقاً، حين يقول: الرِّواية مشهورة، مشهورة عند مَن؟ مشهورة عند عامّة الشِّيعة؟ فهي لم تُشتهر عبر العصور الماضية وإنَّما اشتُهرت في العقود الأخيرة بعد أنْ انتشر كتاب مفاتيح الجنان، وحتَّى المؤلّف الشَّيخ عبَّاس القمِّي لم يكن قد ألحق حديثَ الكساء بمفاتيح الجنان، ولكن أصحاب المطابع هم الَّذين ألحقوا هذه الرِّواية واشتهرت الرِّواية في الأوساط الشِّيعيّة العامَّة، لم أجد أحداً من العُلماء يُصحِّح هذا السَّند، وواضح الإشكالات الَّتي أثرتُها على السَّند – الرِّواية مشهورة ولكنَّ بعض العلماء يناقش في سندها – لا يسيء المشاهدون فهمي فإنَّني لا أؤمن بهذه الإشكالات، وإنَّما أقول: هؤلاء حين يتكلَّمون لابُدَّ أنْ يتكلَّموا بحسب القواعد الَّتي هم يؤمنون بها، فيقول:- الرِّوايةُ مشهورة ولكنَّ بعض العُلماء يُناقش في سندها باعتبارِ أنَّ بَعض رِجَال السَّند ضِعاف – ولا أدري من يقصد؟! على أيِّ حال. سؤال 1139:- ما الهدفُ من حديث الكِساء المروي عن الزَّهراء؟ – اتضح السؤال الأوَّل عن هذه الرِّواية – ما الهدفُ من حديث الكِساء المروي عن الزَّهراء؟ وهل الهدفُ منهُ سببُ نزول الرَّحمة والمغفرة على من يقرأُه؟ – لماذا؟ لأنَّ الشِّيعة تعاملوا مع هذا الحديث كطقسٍ من الطقوس، وأخرجوه من قيمتهِ المعرفيّة والعقائديّة، ولذلك يسأل هذا السَّائل هل الهدف منهُ سبب نزول الرَّحمة والمغفرة على من يقرأهُ؟ باعتبار أنّ نفس الحديث يتحدَّث عن هذا المضمون؟ – الجواب: ربَّما كان الغرض من ذلك هو محاولة معرفة أهل البيت – أنا لا أفهم محاولة!! – ربَّما كان الغرض من ذلك هو محاولة معرفة أهل البيت – على أيِّ حال لا أستطيع أن أقول إنَّ هذا الجواب ليس صحيحاً ولكنَّ الجواب ليس قويّاً وليس دقيقاً، نعم هو من أغراضِ حديث الكساء بل الغرض الأوَّل هو الجانب المعرفيّ ولكن في أيِّ مُستوىً؟ قطعاً ليس في المستوى الَّذي يتحدَّث عنهُ السيِّد محَمَّد حسين فضلُ الله، هذا ما قالهُ السيِّد مُحَمَّد حسين فضلُ الله. وأشكل عليه السيِّد جَعفر مرتضى العاملي. هذا كتابهُ: (خلفيّاتُ كتابِ مأساة الزَّهراء عليها السَّلام) للعلامة المحقّق السيِّد جعفر مرتضى العاملي، الجزء الأوَّل، دار السيرة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1997 ميلادي، صفحة 186، بعد أنْ يُشير بالضَّبط إلى ما جاء في مجلة الموسم وهو نقل الكلام من مجلة الموسم، المصدر الأصلي للكلام مجلة الموسم الصَّادرة في هولندا، فبعد أنْ يذكر كلام السيِّد محَمَّد حسين فضلُ الله، يُعلِّق السيِّد جعفر مرتضى يقول: – معَ أنَّ حَديث الكِساء مُتواتر وليسَ مشهوراً فقط – وهذا غريب!! حديثُ الكِساء الفاطميّ لا هو مشهور ولا متواتر! حديثُ الكساء الفاطميّ بحسب وُجودهِ في الكُتُب والمصادر وبحسبِ قواعدِ الدِّراية وقواعد الرِّجال الحديث لا هو مشهور ولا مُتواتر، يُمكن أنْ يُقال مشهور لا بالمصطلح العلميّ ولكن مشهور في الوسط الشِّيعيّ في العقود الأخيرة، يمكن أنْ نقول إنَّهُ كان مشهوراً في الأوساط العامة الشِّيعيَّة من خلال قرينة وجوده في كتاب المنتخب للشَّيخ الطريحي وكتاب المنتخب عبارة عن مجالس حسينية عامّة، يُمكن أن يقال ولا دليلَ على ذلك، لكن أنْ يُوصَف حديثُ الكساء الفاطمي بأنَّهُ حديث مُتواتر هذا الكَلام ليس منطقيّاً، هذا مجرَّد مُعارضة لِمَا قالهُ السيِّد فضلُ الله، وكلامُ السيِّد فضلُ الله ليس صحيحاً أيضاً، مع أنَّ حديث الكساء مُتواتر، متواتر بأي معنى؟ بالتواتر اللفظي؟ بالتواتر المعنوي؟ بالتواتر المعنوي الإجمالي أو بالتواتر المعنوي التفصيلي؟ أصلاً يوجد تواتر هو أساساً تواتر لفظي؟ هي هذهِ القضيَّة مجرّد مُصطلحات وقواعد جيء بها من المخالفين لأجل إسقاط ما سُمّي بروايات الآحاد، وعُلماؤنا ركضوا على هذه المصطلحات وتمسّكوا بالأحاديث الَّتي يقولون عنها متواترة، وإذا أردنا أنْ نُطبِّق مصطلح التواتر عليها فإنّه لا ينطبقُ، صارت القضيَّة كيفيّة ومزاجيّة، مصطلح التواتر جِيء بهِ من المخالفين، هل توجَد أحاديث متواترة لفظاً؟ عملياً حتَّى عندهم لا توجَد، حتَّى عند المخالفين، هكذا بالتلصيق قالوا هذه أحاديث متواترة، ولذلك وجدوا طريقاً آخر سمُّوه بالتواتر المعنوي، وحتَّى بالتواتر المعنوي المتواترات المعنوية قليلة، فقسَّموه متواتر معنوي إجمالي وتفصيلي، وهذهِ لعبة، غاية هذه اللعبة ما هي؟ هناك آلاف من الأحاديث وردت عن أهل البيت اصطُلِح عليها بالآحاد حتَّى لا تكون دليلاً في المعتقدات وفي المفاهيم وفي التفسير فيسقطونها لأنَّها أخبار آحاد، لأنَّ غير المتواتر فهو من أخبار الآحاد، وأخبار الآحاد لا يُستدَلُّ بها في العقائد ولا يستدَلُّ بها في التفسير، ولا، ولا، ولا، فيسقطونها، لابُدَّ من الأخبار المتواترة، هي أين الأخبار المتواترة؟ لا وجودَ لها على أرض الواقع!! ولكن متى ما يعجبهم شيء قالوا: هذا حديث متواتر، بينما الحديث المتواتر هكذا يكتبون في علم الدراية، الحديثُ المتواتر نفس الحديث بألفاظهِ بنفس الألفاظ تنقلهُ مجموعة كبيرة من الرّواة لا توجد علائق فيما بينهم حتَّى نقول بأنَّهم تواطأوا واتّفقوا على الكذب، مجموعة من الرّواة لا يَعرفُ بعضهم بعضاً، لا يمكن أنْ نتوقَّع منهم أنَّهم تواطأوا واتّفقوا على الكذب، وهؤلاء ينقلونها إلى مجموعة من الرواة في الجيل الَّذي يأتي من بعدهم، وهكذا في كُلُّ العصور وفي كلِّ الطبقات توجد مجاميع كثيرة من الرّواة لا يُمكن أنْ نشكَّ فيهم أنَّهم تواطأوا على الكذب في هذهِ القضية وينقلون الكلام بنفس الألفاظ. يا جماعة لا وجودَ لهذا على أرض الواقع، هذا غير موجود! هذا هو التواتر، أنا هنا لا أريد الخوض في هذهِ الأكذوبة الكبيرة، أكذوبة التواتر، أكذوبة التواتر أكذوبة شيطانية جيء بها لإلغاء ما يُسمَّى بأحاديث الآحاد، وأحاديث أهل البيت كُلُّها أحاديث آحاد بحسب هذا المصطلح النَّاصبي، وبالتالي ستُلغَى وأُلغيَت الرِّوايات بهذهِ الطريقة، أساليب شيطانية! حديثُ الكساء لا ينطبق عليه هذا المصطلح، هو أساساً ليس لهُ مصدر، المنتخب، منتخب الطريحي لا يعترفُ بهِ العلماء، وكتابُ العوالم متأخِّر، والنسخة الَّتي نقل منها البافُقي غير موجودة، والنُّسخة الَّتي نقلت منها مؤسَّسة الإمام المهديّ موجود الحديث في الحاشية وليس في المتن، والسَّند يمكن أنْ تُثار عليه الإشكالات والإشكالات، وإذا أدخلنا حديثَ الكساء إلى هذه القُمامة فلنْ يثبُتَ هذا الحديث. فلا كلام مرتضى العسكري يقول الرِّواية غير معروفة السَّند، الرِّواية لها سند إلَّا إذا كان مقصوده غير معروفة السَّند أنَّ السَّند ضعيف، ولكن السَّند معروف وموجود، فيبدو أنَّ مرتضى العسكري هو الآخر يتكلَّم هكذا من دون اطّلاع، مرتضى العسكري قال: الرِّواية غير معروفة السَّند، وهذا ما هو بمصطلح علمي (غير معروفة السَّند)، إمَّا أنْ يقول الرِّواية ضعيفةُ السَّند أو صحيحة أو مُوثَّقة، أمَّا غير معروفة السَّند يعني إمّا يوجَد لها سند أو لا يوجَد، وهذه كلمة مُبهمة، بالنِّسبة لي أستنتج أنَّ الرَّجُل لا علمَ لهُ بحديثِ الكساء ولا بمصادرهِ، الرجل قرأ حديث الكساء الشائع الموجود والملحق بكتاب مفاتيح الجنان، الَّذي يبدو لي هذا من كلامهِ، وإلَّا ما معنى الرِّواية غير معروفة السَّند؟! إذا كان قد اطلّع على سندها ولديه إشكالات على السَّند فيقول إنَّها ضعيفةُ السَّند، أمَّا غير معروفة السَّند فهذا الكلام ليس علميَّاً. محمَّد حسين فضل الله يقول: الرِّواية مشهورة، مشهورة بأي مصطلح؟ كيف مشهورة؟ الرِّواية المشهورة بحسب الاصطلاح العلمي هي الرِّواية الَّتي يرويها مجموعة من المحدِّثين، مجموعة من الرَّواة أقلّ من حدّ التواتر، قطعاً حدّ التواتر أيضاً غير معروف، كم هو حدّ التواتر؟ لا تدري، هناك من المحدِّثين من يقول حد التواتر يصل إلى السبعين، إلى سبعين راوي، وهناك من يقول: الثلاثة يمكن أن يقال عنهم حدّ تواتر، فأين الثلاثة وأين السبعون؟! لا شأنَ لي بكُلِّ هذهِ القُمامة، هذه قمامة علم الرجال وقُمامة علم الدراية وقُمامة ما يُسمَّى بعلم الحديث، ولكنْ فضلُ الله يقول: الرِّواية مشهورة، مشهورة بأيّ مصطلَح؟ السيِّد جعفر مرتضى يقول: الحديث مُتواتر، متواتر بأي مُصطلَح؟ نحن نتحدَّث عن حديث الكساء الفاطميّ، يمكن أنْ يدَّعي مُدَّعي من أنَّ حديث الكساء في بيت أُمِّ سَلَمة هو حديث متواتر، يمكن ذلك، وهناك مجال لهذا الادّعاء، وإنْ كان مُصطلَح المتواتر أيضاً لا ينطبق حتَّى على حديث أُمِّ سَلَمة بالدقّة، يمكن أنْ يُقال هو حديث مشهور، حديث مستفيض مشهور – مع أنَّ حديث الكساء متواتر وليس مشهوراً فقط – أنا أسأل السيِّد جعفر مرتضى العاملي متواتر في أي مصدر؟ ما هي مصادره؟ – وهذا مِمَّا لا يَخفى على أحدٍ من العُلماء ولا معنى لأنْ يُبحث في سند الحديث المتواتر، أمَّا المشهور فإنَّ للبحث في سندهِ مجال – هو أصلاً حديث الكساء لا هو مشهور ولا هو متواتر، وهذا النقاش كلُّه لا معنى له. هذهِ هي كُتبُ علمائِنا وكيف ناقشوا الموضوع وهو نقاشٌ خارج المضمون، مضمون حديث الكساء أين هو؟ حديث الكساء ماذا يريد أنْ يُخبرَنا؟ ماذا تُريد الصدِّيقة الزَّهراء من كلامِها ومن بيانِها في حديثِ الكساء؟ في الحقيقةِ ما كُنتُ ناوياً أنْ أُناقِشَ هَذهِ المسألة، كما قُلت: إنَّني أعرضُ الكلام، ولكن الكلام فيه مُصطلحات، وهذه المصطلحات المُشاهِد لا يعرفُ معناها ولا يعرف مضمونَها فلابُدَّ من شرحِها، ومن هنا فما يحتاج إلى شرحٍ أشرحهُ، لست بصدد النِّقاش، لو كُنتُ بصدد النِّقاش لبسطتُ القول أكثر وأكثر وأكثر من ذلك، فقط أردتُ أن أشرحَ لكم هذه المصطلحات الَّتي استُعمِلت في كلماتِ هؤلاء الأعلام. وقتُ الأذانِ بحسب التوقيت المحلّي لمدينة النَّجف الأشرف صار قريباً وأنا عندي مطلب قد يحتاج إلى وقتٍ أطول من الدقائق المتبقّية، لذا سنذهب إلى فاصل الأذانِ النَّجفي وبعد الفاصلِ أعود إليكم كي أُكمل الحديث. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَة وأَبِيهَا وبَعْلِهَا وَبَنِيهَا والسِّرِّ المُسْتودَعِ فِيهَا … كان الحديثُ قبلَ الفاصل فيما جَاءَ مذكوراً في كُتُبِ عُلمائِنا في أجواءِ حَديثِ الكِساءِ الشَّريف، قرأتُ عليكُم ما جاء في كتابٍ للسيِّد مُرتضى العسكري وما جَاء أيضاً في أجوبةٍ على أسئلةٍ أجاب عليها السيِّد محمَّد حسين فضلُ الله، ومُناقشة للسيِّد جعفر مُرتضى العاملي لأجوبة السيِّد فضلُ الله. هذا كتاب: (من فقه الزَّهراء)، للسيِّد محمَّد الشِّيرازي، والجزء الأوَّل من هذا الكتاب الَّذي يتألّف من خمسة أجزاء، الجزء الأوَّل هو شرحٌ لحديثِ الكساء الشَّريف، هناك مُقدِّمة قرأتُ شيئاً منها في الحلقةِ الماضية، وبعد المقدِّمة يبدأ بشرحهِ لحديثِ الكساء، المقدِّمة حَشَد فيها السيِّد الشِّيرازي مجموعةً من أهمّ النُّصوص والأحاديث والرِّوايات الَّتي وردت عنهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين في مقامات وشوؤنات الصدِّيقةِ الكبرى، هذه الطبعة الطبعة الأولى، 2008 ميلادي، دار العلوم، بيروت، لبنان، وهذا هو الجزء الأوَّل من كتاب (من فقهِ الزَّهراء) في شرح حديث الكساء، في صفحة 9، السيِّد محَمَّد الشِّيرازي يقول:- أمَّا سَنَدُ حَديثُ الكِساء فقد رواهُ والدي في رسالةٍ مخطوطةٍ بسندٍ صحيح مُتَّصل الإسناد، وكُلُّ واحدٌ منهم من الأعلام – لكنَّهُ لم يذكر هذهِ الرِّسالة الَّتي تحدَّث عنها ولم ينقل منها شيئاً كما يبدو ولم يذكر هذا السَّند الصَّحيح، بل قال في الحاشية – ولهذا الحديث أسنادٌ كثيرة – أين هي لا أدري؟! – وسيأتي بعد المقدِّمة أوَّل الفصل الأول الإشارة إلى بعض المصادر في الهامش – هي المصادر الَّتي أشرتُ إليها وهو ينقلها عن عوالم العلوم مع المستدركات، الكتابُ الَّذي أنتجتهُ مؤسَّسة الإمام المهديّ في قُم المقدَّسة، هو هكذا قال أوَّل الفصل الأول، هذا هو أوَّل الفصل الأوَّل في صفحة 65، يذكر نفس السَّند الَّذي قرأتُهُ عليكم. فيبدو أنَّ السَّند الَّذي ذكرهُ والدهُ هو نفس هذا السَّند، لأنَّهُ لو كان هناك من سندٍ للرِّواية وكما يقول السيِّد الشِّيرازي سند صحيح، هو هكذا قال في صفحة 9، والَّتي بعدها – أمَّا سَنَدُ حديث الكِساء فقد رواهُ والدي رحمهُ الله في رسالةٍ مخطوطةٍ لهُ بسندٍ صحيح مُتَّصلِ الإسناد أو مُتَّصل الأسناد وكُلُّ واحدٌ منهم من الأعلام – يعني من الَّذين جاءت أسماؤهم في هذا السَّند الَّذي وصفهُ بالصَّحيح، ولم يُشِر إلى رسالة والدهِ أنْ نقل منها شيئاً ولم يذكر لنا السَّند، قال في الحاشية بأنَّهُ هُناك أسناد كثيرة لهذا الحديث ولكنَّهُ رجعَ فنقل نفس السَّند الَّذي جاء مذكوراً في عوالم العلوم، وهو نفس السَّند الَّذي نقلهُ الشَّيخ محَمَّد تقي البافُقي اليزدي من النسخة الَّتي عثر عليها في مكتبة ميرزا سليمان في مدينة يزد. والسَّندُ بحسب ما جاء في نسخة العوالم طبعة مؤسسة الإمام المهديّ يمكن أنْ تُثار عليه الإشكالات بحسب ما هو معروف في الوسط الحوزوي، السيِّد الشِّيرازي سمَّى هذا السَّند بسندٍ صحيح، وهذا المصطلح ليس صحيحاً، لا ينطبق على هذا السَّند، لأنَّ مصطلح السَّند الصَّحيح، لو كان هناك من سندٍ صحيح لذكرَه، هو ذكر فقط هذا السَّند، مصطلح السَّند الصَّحيح أنَّ الرُّواة جميعاً في كُلِّ الطبقات لابُدَّ أنْ يُوصَفوا بالعدالة والوثاقة، لابُدَّ أنْ يُوصَفوا بالعدالة، الحديثُ الصَّحيح هو الَّذي يَرويه إماميٌّ عادلٌ عن إماميٍّ عادلٍ، أو على الأقلّ إماميٌّ عادلٌ عن غير إماميٍّ ولكن يوصَف بالتعديل أيضاً، على قول البعض، وإلَّا الرأي المعروف المراد من السَّند الصَّحيح بحسب قواعد ما يُسمَّى بقواعد علم الدراية، لابُدَّ أنْ يرويه إماميٌّ عادلٌ عن إماميٍّ عادلٍ، والمراد من الإماميِّ العادل الرَّاوي الَّذي ذُكِر في كتب الرجال ووصفهُ الرِّجاليون بأنَّهُ عدل، والعادل سيكون ثقةً بشكل طبيعي، لأنَّ صِفة العادل أَخصّ من صفة الثِّقة، يُمكن أنْ يكون هناك شخص ثِقة ولكنَّهُ ليس عادلاً ولكن العادل لابُدَّ أنْ يكون موثوقاً، وهذهِ الأوصاف الَّتي أشرتُ إليها لا تَنطبقُ على رجال السَّند المذكور، ولكن السيِّد الشِّيرازي سمَّاهُ بسندٍ صحيح، فمن يحلو لهُ أنْ يُسمِّيه بسندٍ صحيح يُسمِّيه بسندٍ صحيح، ومن يحلو لهُ أنْ يسمِّيهُ بسندٍ غير معروف وهذا ليس بمصطلحٍ علميٍّ كما قال مرتضى العسكري يسمّيه كذلك، ومن يحلو لهُ أنْ يُسمّيه بسندٍ ضعيف، ومن تحدَّث عن الرِّواية من أنَّها مشهورة، وهناك من قال من أنَّها متواترة، وكُلُّ هذه الإصطلاحات ما هي بصحيحة ولا دقيقة. يكشفُ هذا عن أيّ شيءٍ؟ يكشفُ أوَّلاً: عن عدمِ اِطَّلاع هؤلاء الأعلام بالضَّبط وبالدقّة على تأريخ هذا الحديث وعلى مصادره، وإنَّما ينقلُ بعضهم عن البعض، أو أنَّهم لا يعرفون معاني هذه المصطلحات وهذا بعيد، بعيدٌ أنَّهم لا يعرفون معاني هذه المصطلحات، ولكنَّ الَّذي يبدو أنَّهم لم يكونوا على اطلاعٍ دقيقٍ على تأريخ هذا الحديث وعلى مصادره ومَن الَّذي نقلهُ وإنَّما اعتمد بعضهم على البعض الآخر، أو أنَّ القضيَّة بحسب القناعة الشَّخصية فبما أنَّ السيِّد الشِّيرازي بحسب قناعتهِ الوجدانية أنَّ هذا الحديث صحيح وهو يعتقدُ بهِ، من هنا انطلق فسمَّى ووصف سندَ الحديث بأنَّهُ سندٌ صحيح، كما يقول البعض من العلماء من أنَّنا نُوثِّقُ الأسانيد بالمتون ولكن هذا الكلام بحسب قواعد الدراية والرجال ليس صحيحاً، لكن هُناك من العُلماء من يقول من أنَّنا نُوثِّق الأسانيد بالمتون، إذا كانت المتون تدلُّ على صحَّتها بنفسها فهذا يكشفُ عن وثاقة الأسانيد، هذا الكلام لا يخلو من وجهٍ من الوجوه، من وجوهِ الصحَّة، ولكن هل هذا مقبولٌ لدى أهل الدراية والرجال؟ ما هو بمقبول!! ألا تُلاحظون أنَّ القضيَّة مزاجيّة!! مرتضى العسكري يقول: الرِّواية غير معروفة السَّند! محَمَّد حسين فضل الله يقول: الرِّواية مشهورة ولكن هناك من أشكل على سندها، يعني الرِّواية لها سند ومشهورة ورواتها كثير لذلك مشهورة! السيِّد جعفر مرتضى العاملي يقول: متواترة والحديث المتواتر لا حاجةَ للبحث في أسانيدهِ! السيِّد الشِّيرازي يقول: السَّند صحيح! الموجود على أرض الواقع ما هو؟! الموجود على أرض الواقع: لا الرِّواية متواترة، ولا الرِّواية مشهورة ولا الرِّواية غير معروفة السَّند ولا الرِّواية صحيحة السَّند، يعني كلّ هذا الكلام الَّذي قالهُ هؤلاء الأعلام ليس موجوداً على أرض الواقع، أنا لا أُريد أنْ أُناقش كثيراً ولكن أقول: مثلما تعاملوا مع السَّند بهذهِ الطريقة وبهذا التخبُّط تعاملوا مع المتن كذلك، ولذلك تحوَّل المتن إلى طقسٍ من الطقوس. ربَّما بعض المشاهدين، بعض المتابعين يقولون: نَحنُ لا حاجة لنا بكُلِّ هذا الكلام، لماذا لا تدخل في مضمون الحديث؟ هذا الكلام ليس دقيقاً، ما لم تعرفوا ظُلامةَ حديثِ آل مُحَمَّد، وما لم تعرفوا الجِنايةَ على حديثِ الكساء من جهة السَّند أو من جهة المتن أو من جهة تأريخهِ المرير فلن تستشعروا عظمةَ المعنى حين أُبيِّنهُ أو حين أتحدَّثُ عنه!! ولذا قال الأَئِمَّةُ ما قالوا حين أخبرونا بأنَّ الَّذي لا يعرفُ ظُلامتَنا وما جرى علينا من ظُلم فهو شَريكٌ لمن ظلمنا، لماذا؟ لأنَّهم يُريدون منَّا أن نعرفَ ظلامتَهم، وحينما نعرفُ ظلامتَهم سيكون ذلك سبباً مُؤدِّياً إلى أنْ نتذوَّق معرفتَهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين بنحوٍ آخر وبشكلٍ آخر، وحينئذٍ نعرف ماذا يجري حولنا، ولذا لابُدَّ من معرفة هذهِ الأمور، وبعد ذلك ستتجلَّى حلاوةُ معاني حديثِهم. السيِّد الشِّيرازي في هذا الكتاب في شرحه لحديث الكساء الشَّريف إذا استثنينا المقدِّمة، المقدِّمة تبدأ من بداية الكتاب إلى صفحة 10، يتحدَّث عن السَّند، من صفحة 11، تبدأ المقدِّمة تقريباً إلى صفحة 33، من صفحة 11، إلى صفحة 33، وما بعدها بِشيءٍ قليل فلنقُل إلى صفحة 54، من صفحة 11، إلى صفحة 54، جَمَع وحَشَد السيِّد محَمَّد الشِّيرازي النصوصَ المهمَّةَ في مقامات وشؤونات الزَّهراء، وبعد ذلك يبدأ بشرحِ حديث الكساء بطريقةٍ أقرب إلى السذاجة وإلى السَّطحية، بل بطريقةٍ ساذجة وسطحيةٍ إلى حدٍّ بعيد، لماذا؟ لأنَّهُ يستعمل نَفس الأسلوب ونَفس الوسائل ونَفس الآليّات المستعمَلة في الدراسات الفقهيّة، الدراسات الفقهيّة والطريقة الفتوائيّة الَّتي عليها عُلماؤنا ومراجعُنا يُمكن أنْ تتناسب إلى حدٍّ ما مع النُّصوص الشَّرعيّة الَّتي تتناول الأحكام، وإنْ كانت حتَّى هذهِ يُمكن أنْ تُناقَش ولكن إلى حدٍّ ما، لكن أنْ تُستَعملَ نفسُ الطريقةِ مع أحاديث المعارف فإنَّ ذلك سيؤدّي إلى سذاجةٍ وسطحيةٍ وتبسيطٍ يُخرِج المعاني إلى حدٍّ لا يكون مقبولاً. سأقرأ عليكم على سبيل المثال: في صفحة 65، هو أيضاً يُشير السيِّد الشِّيرازي:- فَقَد رَوى والدي حَديثَ الكِساء في مَجموعةٍ لهُ بسندٍ صحيح إلى فاطمة الزَّهراء كما رواهُ غيرهُ – ولم يُشِر إلى هذا السَّند الصَّحيح أيضاً، في صفحة 65، وإنَّما أثبت في الحاشية السَّندَ الموجودَ في كتاب عوالم العُلوم. على سبيل المثال: بعد أنْ يدخُلَ رسول الله ويُسلِّم على الصدِّيقة الطاهرة في صفحة 86: – الزَّهراء تقول: فَقُلْتُ عَلَيكَ السَّلَام، قَالَ: إِنِّي أَجِدُ فِي بَدَنِي ضُعفَاً – سأقرأ عليكم كيف شَرَح السيِّد محَمَّد الشِّيرازي هذا الكلام من دون تعليق ومن دون شرح وأنتم أُحكموا على هذا – فَقُلْتُ – الزَّهراء قالت – عَلَيكَ السَّلَام، قَالَ: إِنِّي أَجِدُ فِي بَدَنِي ضُعفَاً – يبدأ السيِّد الشِّيرازي يشرح – ردُّ السَّلام، مسألةٌ: يجبُ ردُّ السَّلام ولذا قالت عليها السَّلام: عَلَيكَ السَّلام، والفعل وإنْ كان أعمّ إلَّا أنَّ استفادة الوجوب إنَّما هي من الأدلَّة الأخرى – الأدلّة الأُخرى الَّتي وردت بخصوصِ وجوب ردِّ السَّلام – هذا معنى ردّ سلام الصدِّيقة الكُبرى على النَّبيّ – أقرأهُ مرَّة ثانية عليكم – ردُّ السَّلام، مسألةٌ: يجبُ ردُّ السَّلام ولذا قالت عليها السَّلام: عليك السَّلام، والفعل وإنْ كان أعمّ إلَّا أنَّ استفادة الوجوب إنَّما هي من الأدلّة الأخرى – يعني ردُّ الصدِّيقة الكبرى لا يُستفادُ منه الوجوبُ باعتباره (فِعل)، والفعل هنا أعمّ، وإلى آخر الكلام. بعد ذلك عنوان:- الإخبار عن الحالة الجسدية والنَّفسية، مسألةٌ: يجوز التشكّي والإخبار عن الحالة الجسدية والنَّفسية ويُرجَّح إنْ كان لفائدةٍ كالتعليم أو دفعِ التوهّم أو شبه ذلك، حيث قال صلَّى الله عليهِ وآله: (إِنِّي أَجِدُ فِي بَدَنِي ضُعْفَاً)، أمَّا النَّفسيَّة فبالملاك ولا إشكال في جواز الإخبار وربَّما يُقال بالاستحباب لأنَّهُ صلَّى الله عليه وآله أسوة والمنصرف من مثلهِ صلَّى اللهُ عليه وآله أنَّهُ يأتي بالراجح، ولعلَّ قولهُ صلَّى عليه وآله: (فِي بَدَنِي)، لدفعِ توهّمٍ أنَّهُ في النَّفس تألماً ممَّا يقومُ بهِ المشركون والأعداء فيكون المراد به ما أراد إبراهيم عليه السَّلام حيث قال: {إِنِّي سَقِيم}، على إشكال أو أنَّهُ في قِبالِ الضَّعف في جزءٍ من الجسدِ كالعين والأذن وما أشبه، ويحتمل أنَّ قولهُ صلَّى الله عليه وآله: (إِنِّي أَجِدُ) كان تمهيداً لأمره بإتيانها عليها السَّلام بالكساء إليه وكأنَّهُ لدفع توهُّمٍ من إنسانٍ غيرها عليها السَّلام إنَّهُ لماذا يُريد المنام في النَّهار؟ وإذا كانت كذلك كان دليلاً على رجحان دفع التوهّم ورَحِم اللهُ من جَبَّ الغِيبةَ عن نفسه، ويؤيّده ما روي عنهُ صلَّى الله عليه وآله أنَّه كان يتكلَّمُ مع زوجةٍ من زوجاتهِ في الطريق فلمَّا مرَّ بهما إنسان قال صلَّى الله عليه وآله لهُ: يا فُلان هذه زوجتي فلانة دفعاً لتوهّمهِ، فقال الصَّحابي: أومنك يا رسولَ الله، يُريد أنَّهُ لا يُتوهَّمُ عن مثله، فقال صلَّى الله عليه وآله: نعم، إنَّ إبليس عدوّ الله يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، ولا يخفى أنَّ قول إبراهيم عليهِ السَّلام: {إِنِّي سَقِيم}، لم يُرِد به المرض حتَّى يكون خلافَ الواقع، بل أراد سُقمَ النَّفسِ من كفرِهم وشركِهم كما هو كذلك في كُلِّ متديِّنٍ في مجتمعٍ غير دينيّ – بحسب الرِّوايات هو قال: {إِنِّي سَقِيم} لِمَا عَلِم من علم النُّجوم بما سيجري على سيِّد الشُّهداء صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. فَقُلْتُ لَهُ – الزَّهراء تقول في حديث الكساء – أُعِيذُكَ بِالله يَا أَبَتَاهُ مِن الضُّعْف – تحت عنوان الدعاء للمريض – مسألةٌ: يستحبُّ الدعاء للمريض حيث قالت سلام الله عليها: (أُعِيذُكَ بِالله يَا أَبَتَاهُ)، ولذلك كان دعاؤها عليها السَّلام واستحبابهُ قد ورد في جُملةٍ من الرِّوايات سَواءً كَان بحضرتهِ أم غائباً وسواءً بهذه اللفظة الواردة في هذا الخبر أم بلفظٍ آخر وسواء كان المرض مُؤلِماً أم لا – إلى آخر كلامهِ وحديثهِ، بهذه الطريقة شرح حديث الكساء الشَّريف، وحتَّى خُطبة الصديقة الطاهرة شرحها في أربعة أجزاء بهذه الطريقة. هذا شرحٌ ساذجٌ وسطحيٌّ جدَّاً، وقليلُ الفائدةِ إلى أبعد الحدود، مع أنَّ مُحبِّي السيِّد الشِّيرازي يقولون عن هذا الكتاب بأنَّهُ لم يُكتَب مثلهُ على طول تأريخ الغيبة الكبرى، لا أدري كيف؟! عدا المقدِّمة، المقدِّمة كانت جيِّدة ولكن باقي الكلام كلام سطحيّ جدَّاً، وأنا هنا لا أريد أنْ انتقدَ كلامَ السيِّد الشِّيرازي، ولكن أقول: هذه الطريقة تُفرِّغ حديثَ الكساء من المحتوى المعرفيّ العميق، هذهِ أيضاً من جملةِ ما جرى على حديث الكساء، حديثُ الكِساء غُيِّب، ثُمَّ حديث الكساء تعرَّض للتجريح في سندهِ، ثُمَّ إنَّ حديث الكساء حين يُشرَح ويُشرح بهذه الطريقة تُغَيَّبُ القيمةُ المعرفيّةُ والقيمةُ العقائديّةُ لهذا الحديث، وكما قُلت هذا الحديث هو أقوى وثيقة عقائديّة تَرتبطُ بالمعرفة الزَّهرائيَّة، وسيأتي بيان ذلك وإنْ كان بشكلٍ مجمل إذْ المقام لا يسع للتفصيل. وهذا هو: (ديوان الشَّيخ الوائلي)، مؤسَّسة البلاغ، دار سلوني، في صفحة 54، هذهِ الطبعة من شرح وتدقيق سمير شيخ الأرض، صفحة 54، قصيدة ابتدأت في صفحة 50، (دعاء عند الرَّسول الكريم صلَّى الله عليه وآله نظمت أوائلها في مسجد الرَّسول الكريم، ثُمَّ أُكمِلت 1408 هجري)، في مقطعٍ من القصيدة يتحدَّث الشَّيخ الوائلي عن حديث الكِساء، حديث الكساء نَظَمهُ عديدون ولكن نظموه كما هو، الشَّيخ الوائلي هنا يتحدَّث عن حديث الكساء ولكنَّهُ يُسطِّح الحديثَ ويُحرِّفه في نفس الوقت فيقول: يا كساءً ببيتِ فاطمٍ ضمَّ الآل في يومِ موقفٍ معدودِ والبتولُ الزَّهراء تعدُّ لطفليها سَخَاباً في خيطهِ المشدودِ هذه الصورة لم تَرِد في حديث الكساء، ما المراد من السخابة؟ ما المراد من السخاب؟ السخاب هو عبارة عن قلادة تُصنَع من الورود، كما هو شائعٌ مثلاً في بلاد الهند. يا كساءً بِبيتِ فاطمٍ ضمَّ الآل في يومِ موقفٍ معدودِ والبتولُ الزَّهراء تعدُّ لطفليها سَخاباً في خيطهِ المشدودِ وبقايا النُّعاس في أعين الأطفال ناموا على سرير الجريدِ اين موجودٌ هذا في قصّة حديث الكساء؟ هو يتحدَّث عن الكساء، والَّذي يبدو من قصّة حديث الكساء أنَّ الحَسن والحُسين كانا خارج المنزل ويدخلان بعد ذلك. يا كساءً ببيتِ فاطمٍ ضمَّ الآل في يومِ موقفٍ معدودِ والبتولُ الزَّهراء تعدُّ لطفليها سَخاباً في خيطهِ المشدودِ وبقايا النُّعاس في أعين الأطفال ناموا على سرير الجريدِ ويدا فضة تُلملم في جنبِ الرَّحى حفنة الدقيق البديدِ لا وجود لفضة في حديث الكساء. وعليٌّ سقى بُعيلاتِ نخلٍ وأتى أهلهُ بأجرٍ زهيدٍ وهذا ليس موجوداً أيضاً في حديث الكساء. بيدٍ مُمسِكٍ ببضعِ تُميراتٍ وأخرى بحزمةٍ للوقودِ هذه الصور موجودة في حديث الكساء؟! أمير المؤمنين سقى بُعيلات نخل وأتى أهلَهُ بأجرٍ زهيدِ؟! بيدٍ مُمسِكٍ ببضعِ تُميراتٍ وأُخرى بحزمةٍ للوقودِ وتعدُّ الزَّهراء من أُدمِ الطائفِ فرشاً وخيشةً للقُعُودِ لا أدري هل كان الشَّيخ الوائلي في بيت الزَّهراء وهي تصنع فراشاً من جلد الطائف؟! وتعدُّ الزَّهراء من أُدُمِ الطائفِ فرشاً وخيشةً للقُعُودِ وتعدُّ الطعام في طبق الخوصِ رغيفاً وبُرمةً من عصيدِ أكلوا: متى أكلوا في حديث الكساء؟!! أكلوا والنَّبيُّ في دعواتٍ ضارعاتٍ بخشعةٍ وهُجُودِ ربِّ أولائي أهلي فطهِّرهم: يعني وهم يأكلون كانوا يدعون، الكساء أين صار؟!! ربِّ أولائي أهلي فطهِّرهم وهبهم رضاكَ يوم الخُلُود إيهِ آل النَّبيّ ما مِثلُ هذا أيُّ مجدٍ من طارفٍ وتليدِ أين كسرى وأين قيصرٌ من هذا على كُلّ ما لهم من رصيدِ وأين يا شيخنا الوائلي أين حديثُ الكساء العتيد..؟! أين هو هذا؟! هذا تسطيح لحديث الكساء وتحريف في نفس الوقت، قطعاً الشِّيعة حين يسمعون يعتبرون هذا هو الكلام الصَّحيح الجميل، ماذا نفعل؟! مثل ما يقال مثلاً عن هذا الكتاب (من فقه الزَّهراء) أنَّهُ لم يُكتَب مثلهُ على طول عصر الغيبة وهو كلامٌ سطحيٌّ واضحٌ، اقرأوا الكتابَ والكتابُ موجود. هذا كتاب: (أمُّ مقامات فاطمة الزَّهراء في الكتاب والسُنَّة)، تقرير أبحاث المرجع المعاصر الشَّيخ محَمَّد السَّند، صفحة 240، وهذه الطبعة الطبعة الأولى، 2015 ميلادي، المطبعة طاهر، إيران، صفحة 240، أقرأُ سطوراً، كلامٌ ذكره الشَّيخ السَّند لا يخلو من عمق، صفحة 240، ربَّما هو الكلام الوحيد بين كُلِّ ما تقدَّم الَّذي تبدو عليه سِماتٌ من العُمق، تحت عنوان: (أهلُ البيت نِبراسٌ في تدبير الولاية لكلِّ طبقات الملكوت وطبقات المُلك) – فهذِهِ الإلفةُ بين أركانِ أصحابِ الكساء عليهُم السَّلام البالغة غايتَها ولا سِيّما وأنَّ هذهِ الإلفة لم تتقتصر على الملكوت الأعلى بل هي بالغةٌ غايتَها أيضاً في عالَم المُلك الأدنى الَّذي هو مَثار التزاحم والتضاد والتناقض على أشدِّ ما يمكن، فيكون ذلك البيت وأصحابهُ نِبراساً عظيماً وقدوةً في الإدارة والتدبير والولاية لكُلِّ طبقات الملكوت وطبقات المُلك فضلاً عن الحياة الاجتماعية السِّياسية للبشرِ في نظام الإدارة، وفضلاً عن نظام الأُسرة المعيشية الَّتي هي لَبنة المجتمع، فالأصلُ في عظمة الجلوس تحت الكساء من أصحاب الكساء وتكوينهم كينونة البيت النَّبوي أساسهُ أنَّ ولايتهم نِظامٌ للولايات الإلهية سَواءٌ في عالم الأرواح الأمريّة أو للملائكة المقرَّبين أو للأنبياء والمرسلين والأوصياء والمصطفَين عليهم السَّلام وأنَّ نظم الولاية فيما بين أصحاب الكِساء أمانٌ من فرقة وتزاحم أصحاب الولايات الإلهية في الملكوتِ والملك – كلُّ هذا لكنَّه يدور في جوِّ منظومة عقائديّة اعتمدت الأصول الخمسة والَّتي جِيء بها أساساً من الأشاعرة والمعتزلة، كُلَّ الكلام الَّذي مرَّ ذكرُهُ في هذه الحلقة والَّذي مرَّ ذكرهُ أيضاً في الحلقة الماضية. يُمكنني أنْ أقول: ما تقدَّم من كلامٍ في الحلقة الماضية وفي هذه الحلقة أيضاً، أكون قد عرضتُ بين أيديكم بشكلٍ مُجمل قِصَّةَ حديثِ الكساءِ اليمانيّ. الوثيقة الثَّانية المهمَّة الَّتي أيضاً أُبعِدَت من ساحة المعرفة الزَّهرائيَّة وهي قرينةٌ ورفيقةٌ لحديث الكساء الشَّريف (سورة القدر)..!! سورة القدر لفظاً لا يستطيعون إِزالتَها من المصحف وإلَّا لأزالوها لو استطاعوا، لكنَّ معناها أُزيل، معنى سورة القدر يرتبطُ اِرتباطاً وثيقاً بمضمون حديث الكساء الشَّريف، وسأتحدَّث عن بعض جهات ذلك في حلقة يوم غد، لكنَّني سأستعرضُ لكُم أيضاً كيف أُخرِجت سورةُ القدر من مساحةِ المعرفةِ الزَّهرائيَّة، كما أُخرِجَ حديثُ الكساء الشَّريف، فقط أشير إلى نقطةٍ مهمةٍ جدَّاً: ماذا أُسمِّيها؟ المركز في حديث الكساء الشَّريف! صُرَّة الحديث! مركز الحديث! عين القلادة في الحديث! عين الحديث! سَمِّ ما شئت. حتَّى إذا أردنا أنْ نرسم صورةً تخطيطية بشكلٍ هندسي لحديث الكساء الشَّريف وهو فنٌّ موجود الآن تؤخذ النصوصُ وتُرسَم، من يعرف مضمون الحديث المركز أين يكون؟ هذا هو: (مفاتيح الجنان)، وهذا هو حديث الكساء الشَّريف وإنَّما أقرأ مِن مَفاتيح الجِنان لأنَّ المصادر الأخرى ليست متوفّرة لديكم وإلَّا هو هذا عوالم العلوم المصدرُ الَّذي يُنقَل منه، هذا هو عوالم العلوم هذا الجزء الثَّاني من عوالم الزَّهراء، وهذا حديث الكساء موجودٌ في صفحة 930، 931، لكنَّني أقرأ عليكم من مفاتيح الجنان باعتبار أنَّ هذا الكتاب متوفِّرٌ في بُيُوتِكم: (فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا مَلَائِكَتِي وَيَا سُكَّانَ سَمَاوَاتِي – إلى آخر ما قال، وجبرائيل سأل – فَقَال الأَمِينُ جَبْرَائِيل يَا رَبِّ وَمَن تَحْتَ الكِسَاء؟ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: هُمْ أَهْلُ بَيتِ النُبُوَّة وَمَعْدِنُ الرِّسَالَة هُمْ فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعْلُهَا وَبَنُوهَا)؛ هذا السنتر، هذا المركز في الحديث، عينُ القلادة هنا، عينُ الحديث هنا، قلبُ الحديث، أساسُ الحديث، جوهرُ الحديث، سمِّ ما شئت، أُمُّ الحديث هُنا – هُمْ فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعْلُهَا وَبَنُوهَا – بقية التفاصيل تدور حول هذه الجُملة، كُلّ التفاصيل، من أوَّل الحديث إلى آخر الحديث، المركز أين؟ عند هذا الجملة – هُمْ فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعْلُهَا وَبَنُوهَا – المركز في هذه الجملة أين؟ واضح هو: (فاطمة)، لأنَّ الانتساب إلى فاطمة، هُم فاطمة وأبوها منسوب إليها، وبعلُها منسوب إليها، وبنوها، المركز إذاً في حديث الكِساء هو هذهِ الجُملة. الآن إذا أردنا أنْ نقوم بتحليلٍ هندسي للتراكيب اللفظيّة، هناك تحاليل هندسيّة يُراعَى فيها الجانبُ المعنويّ، الآن بدأت طرق تحليل النصوص في العالم تختلف وتتطوّر وتتغيَّر، الآن تُفَكّك النصوصُ بطرقٍ هندسيّة، إذا أردنا أن نُفكِّك هذا النصَّ هندسياًّ وفقاً لمضامينهِ، مركز هذا النَّص هي هذهِ الجملة، ومركز هذهِ الجُملة فاطمة، فالحديث من أوَّلهِ إلى آخره يدور حول هذه الجملة، مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله يأتي إلى بيت فاطمة، يطلب كساء فاطمة، تُغطّيه بالكساء اليماني ويأتي ابنُ فاطمة الأكبر فيُحادث فاطمة، ثُمَّ يأتي ابنُها الأصغر، ثُمَّ يأتي زوجُ فاطمة، ثُمَّ تأتي فاطمة، ثُمَّ تحدِّثنا فاطمةُ عن الَّذي جرى وما قال اللهُ لملائكتِه، ثُمَّ إنَّ الله يُخبِرهم ويُخبِر جبرائيل: (هُمْ فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعْلُهَا وَبَنُوهَا)، بقيَّة التفاصيل والأوصاف مرتبطة بهذا التكوين، بهذا التكوين الفاطميّ، المركز في النصّ هي هذه الجملة: (هُمْ فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعْلُهَا وَبَنُوهَا)، والمركز في هذه الجملة فاطمة. حتى لو أردنا أنْ نرسم مُخطِّطاً بسيطاً، هذه الجملة: (فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وَبَعْلُهَا وَبَنُوهَا)، إذا أردتَ أنْ ترسمَ مُخطَّطاً بسيطاً أوّليَّاً، فتضع نقطة هي هذه فاطمة تُشير إلى فاطمة وبعد ذلك تَضع نقطة أخرى تشير إلى أبيها، ونقطة أخرى تشير إلى بعلها، ونُقطة أخرى تشير إلى بنيها، النُّقطة الثَّانية والثَّالثة والرَّابعة لابُدَّ أنْ تكون على ارتباطٍ بالنقطة الأولى الَّتي هي فاطمة، بعبارةٍ لُغويّةٍ واضحةٍ صريحةٍ هنا نُسِب أبوها إليها، ونُسِب بعلُها إليها، ونُسِب بنوها إليها. ماذا جاء في أحاديث أهل بيت العصمة عن سورة القدر؟ لأنَّني قُلتُ قبل قليل من أنَّ سوة القدر في حقيقتها تقترنُ اقتراناً معنويّاً متكاملاً معَ حديث الكِساء الشَّريف، هذا هو كتاب: (عللُ الشَّرائع)، الجزء الثَّاني من علل الشَّرائع، والجزآن طُبِعا معاً، الباب الأوَّل في الجزء الثَّاني، الرِّواية الأولى، أوَّل رواية في الجُزء الثَّاني من كتاب عِلَل الشَّرائع للشَّيخ الصَّدوق، الباب عنوانه: (علل الوضوء والأذان والصَّلاة)، رواية طويلة، حين صَعَد إلى الملأ الأعلى في المعراج خاتم الأنبياء، وقِصَّة التشريع في العوالم العُليا تشريع الصَّلاة، الله سبحانه وتعالى يقول لحبيبهِ مُحَمَّد:- فَقَالَ لَهُ: إقْرَأ قُلْ هُو اللهُ أَحَدْ كَمَا أُنْزِلَت – إقرأها كما أُنزِلت – فَإِنَّهَا نِسْبَتِي وَنَعْتِي – قُلْ هُو اللهُ أَحَدْ، الله يقول بحسب هذه الرِّواية، الرِّواية هذه عن إمامنا الصَّادق صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، مجموعة من أصحاب الإمام (الصَّباح المُزني، سدير الصَّيرفي، مُحَمَّد ابن النعمان الأحوَل، هذا مؤمن الطاق، وعمر ابن أذينة)، هؤلاء جميعاً يروون هذهِ الرِّواية المفصَّلة عن إمامنا الصَّادق، إلى أن تقول الرِّواية، الله سُبحانهُ وتعالى يقول لِمُحَمَّدٍ وهو في عوالم النور ماذا يقول له؟ إقْرَأ قُلْ هُو اللهُ أَحَدْ كَمَا أُنْزِلَت فَإِنَّهَا نِسْبَتِي وَنَعْتِي – قُل هو الله أحد نسبةُ الله، نسبة كما نقول اليوم هُويَّة، الهوية الَّتي تتحدَّثُ عن صاحب الهُويَّة، لا أتحدَّث عن الهوية الفلسفيّة، الهويّة القانونيّة الرَّسميَّة، ثُمَّ ماذا قال له؟ – ثُمَّ قَالَ لِي – رَسولُ الله يقول، الله قال له: – إقْرَأ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ – يعني سورة القدر – فَإِنَّهَا نِسْبَتُكَ وَنِسْبَةُ أَهْل بَيْتِك إِلَى يَومِ القِيَامَة – الرِّوايات تُحدِّثنا بأنّ ليلة القدر هي فاطمة، سورة القدر يعني سورة فاطمة، مثل ما المركز في حديث الكساء اليماني هو انتسابُهم إلى فاطمة: (هُمْ فَاطِمَةُ وَأَبُوهَا وبَعلُها وَبَنُوهَا)، هذا التجلّي كان أين؟ كان في بيت فاطمة على الأرض، سورة القدر هذا التجلّي كان أين؟ كان في الملأ الأعلى، فحديثُ الكساء نسبتُهم في بيت فاطمة وفي العالم الأرضيّ، وسورة القدر نسبتُهم هناك، والمعاني واحدة – ثُمَّ قَالَ لِي: إقْرَأ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ – في الصَّلاة الحديث هنا عن تشريع الصَّلاة في الملأ الأعلى – فَإِنَّهَا نِسْبَتُكَ – وأبوها – وَنِسْبَةُ أَهْل بَيْتِك إِلَى يَومِ القِيَامَة – وبعلها وبنوها هذا مُرادي من أنَّ مضامين سورة القدر ومضامين حديث الكساء واحدة، هذه إشارة. حديث الكساء وسورة القدر هما الوثيقتان الأهمّ في المعرفة الزَّهرائيَّة، وبقيَّةُ النصوص، كُلُّ النصوص تتفرَّع على هاتين الوثيقتين، ولذلك الحرب الإبليسية صُبَّت أين؟ صُبَّت على حديثِ الكساء وعلى سورة القدر، حديثُ الكساء بالإمكان أنْ يُزوَى وأنْ لا يكون في الكتب، أمَّا سورةُ القدر فهي سورةٌ معروفة لا يُمكن أنْ تُزوَى ولا يمكن أنْ تُخرَج مِن المصحف، لكن القُرآن برنامج إبليس واضح: (حسبنا كتاب الله)، أي إبعاد العترة عن القُرآن، وهذا هو الَّذي جرى على القُرآن على طول الخط، وسورةُ القدر جرى ما جرى عليها، مثل ما جرى على حديث الكساء جرى على سورة القدر وهذا ما سأتناولهُ في هذه الحلقة كيف أنَّ سورة القدر جرى ما جرى عليها، هاتان الوثيقتان الأساسيّتان اللتان تفتحان بابَ هذه العقيدة، من أنَّ فاطمة هي القَيِّمة. كما قُلت: بحسب ما أعتقد لا حاجةَ لي بما تقولون ولا شأنَ لي بما تريدون، بحسبِ ما أعتقد: الدِّينُ لهُ أصلٌ واحد هو الحُجَّةُ ابنُ الحسن ولهذا الدِّين قَيِّمة هي فاطمة، وفاطمة قَيِّمةُ الدين على طول الخط في زمان كُلِّ الأَئِمَّة، القضيَّةُ ليست خاصَّةً بزمانِنا. وهنا قد يسأل سائل: الدِّينُ لهُ أصلٌ هو إمام الزَّمان، إمامُ الزَّمان حيٌّ بالحياة الظاهرة على الأرض، فاطمةُ أين؟ الجواب فاطمةُ حيَّةٌ أيضاً، قد يقول قائل: الأئِمَّة أيضاً أحياء، فإنَّ ميِّتَهُم لم يَمُت وإنَّ قتيلَهم لم يُقتَل، هذا الكلام كلامٌ صحيح مئة بالمئة، الأئِمَّة أحياء أيضاً، ولكن هناك نظام، فاطمةُ في المنظومة العقائدية حيَّةٌ على طول الخطّ في زماننا وفي غير زماننا، تجلّي هذا المعنى: (إِنَّ مَيِّتَنَا لَم يَمُت وَإِنَّ قَتِيلَنَا لَم يُقْتَل) في فاطمة لهُ خصوصيّتُهُ، صحيحٌ هي قُتِلَت، وصحيح جرى عليها الموتُ الظَّاهر، ولكن هذا المعنى: (إِنَّ مَيِّتَنَا لَم يَمُت وَإِنَّ قَتِيلَنَا لَم يُقْتَل) لهُ ظهورات، ظهورُ هذا المعنى في فاطمة لهُ خصوصيّتُهُ وهذا ما سيأتي بيانُهُ إنْ كان هناك مُتَّسع من الوقت في هذه الحلقة أو في حلقة يوم غدٍ إنْ شاء اللهُ تعالى. الخُلاصةُ: الخلاصةُ: عُنوان هذه الحلقات (فاطمة القَيِّمة) هذا أوَّلاً. وثانياً: الدين لهُ أصلٌ واحد هو إمامُ زمانِنا الحُجَّةُ ابنُ الحسن، وله قَيِّمةٌ هي فاطمة. وثالثاً: أهم الوثائق المعرفيّة والعقائديّة في أجواء المعرفةِ الزَّهرائيَّة هما حديثُ الكساء الفاطمي وسورة القدر. ورابعاً: الحربُ الإبليسيّةُ هي الَّتي أخرجت هاتين الوثيقتين من ساحةِ المعرفةِ الزَّهرائيَّة. وخامساً: مثلما أحرقت السَّقيفةُ منزلَ فاطمة، المنهجُ الأبترُ في الوسط الشِّيعيّ أحرقَ منزلةَ فاطمة وأنتم جميعاً شُركاءُ في ذلك وأنا معكم أيضاً لا أبرِّىءُ نفسي، نحنُ جميعاً أحرقنا منزلةَ فاطمة، حين تمسّكنا بمنظومةٍ عقائديةٍ لا تمتُّ إلى آلِ مُحَمَّدٍ بصلة، جاءنا بها المنهج الأبتر من أعداءِ آل مُحَمَّد من الَّذين أحرقوا منزلَ فاطمة وما استطاعوا أنْ يُحرِقوا منزلتَها فأوكلوا الأمر إلينا، إبليس ما استطاع أنْ يُنفِّذ مشروعَه في إحراق منزلةِ فاطمة عبرَ السَّقيفة، استطاع أنْ يُحرق منزلَها فحسب، أمَّا منزلةُ فاطمة فأوكل الأمرَ فيها إلى الشِّيعة، وأسَّس لهم المنهجَ الأبترَ وهو الَّذي تحمّل هذهِ المسؤوليّة!! هذا هو واقعنا الشِّيعي من دون مجاملات، من دون رتوش، من دون إضافات، هذا هو واقعنا بشكلٍ جليٍّ وبعبارةٍ أقول بشكلٍ عارٍ، من دون ثياب، هذا هو واقعنا، لذا جرى ما جرى على حديث الكساء الشَّريف، وقد لاحظتم ذلك، حديثُ الكساء أُخرِج بشكلٍ لفظيّ، وحين تدخَّل اللطفُ الفاطميُّ وأعاده إلى الواقع اشتغلوا على السَّنَد، ولاحظتم ماذا قالوا، واشتغلوا على المتن وكَان الَّذي كان، وتحوَّل بعد ذلك إلى طقسٍ من الطقوس الَّتي لا يستشعرُ الشِّيعةُ فيها شيئاً من المعرفة وشيئاً من العقيدة، طقس من الطقوس يهزُّ النَّاس رؤوسَهم إعجاباً بهذا الحدَث التأريخي، حَدَث تأريخي وترتفع الصَّلوات من دون أنْ يعرف المصُّلون معنى ما يتلفَّظون، برجاء الأجر والثواب وبرجاءِ قضاءِ الحاجات ولا إشكالَ في ذلك، ولكن أين القِيمةُ المعرفيّة؟ أين القِيمَة الوثائقيّة؟ أين القِيمةُ العقائديّة في هذه الوثيقةِ الفاطميّةِ الأساسيّة؟ حين نأتي فنهتمّ بحديث الكساء ونشرحُ حديثَ الكِساء وقَد شَرحهُ عديدون والشروح الَّتي شُرِح بها حديث الكساء لا تُعطي لحديث الكساء معناهُ الواقعيّ وهو أنَّ فاطمةَ هي القَيِّمةُ على الدِّين وهذا هو موقعها في منظومة العقيدة الشِّيعيّة، الَّذين شرحوا حديث الكساء مجَّدوا فاطمة وقالوا وقالوا، لكن بقي الكلام في إطارِ منظومة العقيدة الشِّيعيّة الَّتي جِيء بها من المخالفين، منظومة الأصول الخمسة. ماذا فعل المنهجُ الأبتر معَ سُورة القَدر، لا في ألفاظِها وإنَّما في حقيقةِ معناها؟ سورةُ القدر بحسب آل مُحَمَّد هي سورة فاطمة، وليلةُ القدر هي عُنوانُ فاطمة، تعالوا معي نتصفَّحُ كُتُبَ عُلمائِنا لنرى ماذا فعلَ المنهجُ الأبتر ولكن قبل أنْ نتصفَّح كُتُبَ عُلمائِنا، هذا هو الكتاب الكريم وهذهِ سورة القدر بحسبِ الترتيب والتبويب في المصحف الموجود بين أيدينا فهي في الجزء الثَّلاثين، هناك سورةٌ أُخرى هي في الجًزء الخامس والعشرين وهي سورة الدخان، الآيات الأولى: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ۞ حم ۞ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ۞ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ۞ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ۞ أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾، الحديثُ هنا بحسبِ المفسِّرين عند السُنَّةِ وعند الشِّيعة، هُناك اتّفاق على هذهِ القضية أنَّ المراد من الليلة المباركة هنا هي ليلة القدر، هناك تشابه حتَّى في الألفاظ: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾، ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ في سورة الدخان، ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾، ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ۞ أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾، فالليلةُ المباركة في سُورة الدخان هي ليلةُ القدر، هي نفسها الليلة الَّتي ذُكِرت في سورة القدر، بحسبِ أهلِ بيت العِصمة ليلةُ القدر في سورة القدر هي فاطمة، والليلة المباركة في سورة الدخان هي فاطمة أيضاً. ﴿حم﴾؛ اسمٌ لمُحَمَّد صلَّى اللهُ عليه وآله. ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾؛ اسمٌ لأمير المؤمنين. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾؛ اسمٌ لفاطمة، وهذا المعنى ورد في روايةٍ مفصَّلةٍ عن إمامِنا موسى ابن جعفر في الكافي الشَّريف. بعد هذهِ المقدِّمة سأقوم بجولةٍ في كتب علمائِنا الأجلّاء، الحديث عن سورةٍ قُرآنيّة، المصادر الأولى الَّتي تتحدَّثُ عن سورةٍ قُرآنية ما هي؟ التفاسير. هذا هو تفسيرُ التبيان: (التبيان في تفسير القُرآن)، لشيخ الطائفة الطوسي، هذا أوَّل تفاسيرنا وهذا التفسير هو الَّذي أسَّس لمدرسة التفسير الشِّيعيّة، وهو من أواخر ما كتب الشَّيخ الطوسي، يعني بعد نُضجهِ العلميّ، وبعد اكتمال رئاستِه وزعامتِه في بغداد، وثُمَّ بَعدَ ذلك في النَّجف، هذا هُو الجُزء العاشر (التبيان في تفسير القُرآن) منشورات ذوي القربى، وهذه الطبعة الأولى، 1431 هجري قمري، قُم المقدَّسة، نذهب إلى سورة القدر عند الشَّيخ الطوسي في صفحة 384، فسَّر سورةَ القدر، صفحة 384، 385، 386، لم يُشِر إلى الزَّهراء لا من قريبٍ ولا من بعيد!! أصلاً إذا قرأتُم الكلام هو يتكلَّم في جهةٍ وفي ناحيةٍ بعيدةٍ جدَّاً، بالضَّبط كما يتكلَّم المخالفون لأهلِ البيت. قد يقول قائل: ربَّما أشار إلى الزَّهراء حينما تحدَّث عن الليلة المباركة الَّتي ذُكِرت في سورة الدخان، هذا هو أيضاً الجُزء التاسع من تفسير التبيان نفس الطبعة الَّتي أشرتُ إليها قبل قليل، إذا نذهب إلى سورة الدخان صفحة 223، ﴿حم﴾؛ في حديث أهل البيت اسمٌ لِمُحَمَّد، ﴿حم﴾ قال:- أقوى الوجوه اسمٌ للسورة – يعني هذه السورة اسمُها حم، إذاً لماذا سُمّيت الدخان؟! إذا كان هو اسمٌ للسورة لماذا سُمّيت الدخان؟! على أيِّ حال – ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾، قال: المراد بالكتاب القُرآن – لا علاقة لعليٍّ بالموضوع لا من قريبٍ ولا من بعيد – ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾، هي ليلةُ القَدر – ولا شيء وراء ذلك، هذا هو شيخُ الطائفة الطوسي، لا علاقةَ لفاطمة بالموضوع، وبالمناسبة بقيَّة الآيات الَّتي وردت في أحاديث أهل البيت أنَّها في فاطمة أيضاً لا ذِكرَ لها في هذه الكُتب، لكنَّني الآن أتحدَّث عن سورة القدر باعتبار أنَّ البرنامج وصل إلى هذهِ الجهة ولأنَّني أتحدَّث عن الوثائق الرئيسة الَّتي من خلالها نستطيع أنْ نُشكِّل المعرفة الزهرائيَّة وأنْ نُشكِّل منظومةَ العقيدةِ الشِّيعيّة، هذا هو تفسيرُ التبيان، هذا هو شيخُ الطائفة، لا يوجد أي شيء عن الزَّهراء لا في سُورة القدر ولا في سورة الدُّخان، وحين أنتقدُ هذهِ التفاسير تلومونني بعد ذلك! ماذا تقولون؟! هذا هو التفسير الثَّاني المركزي: (مجمع البيان في تفسير القُرآن)، للشَّيخ الطبرسي، أهمّ التفاسير الشِّيعيَّة، هذا المجلَّد العاشر، مؤسَّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، قدَّم لهُ السيِّد محسن الأميني العاملي الطبعة الأولى، 1995 ميلادي، نذهب لنرى ماذا يقول شيخُنا الطبرسي في سورة القدر، يبدأ تفسير سورةَ القدر من صفحة 403 وينتهي في صفحة 410، مقدار كثير من الكلام لم يُشِر فيه إلى أيّ شيءٍ بخصوص الصدِّيقة الكُبرى!! تَفسير شيعيّ وهذه التفاسير الشِّيعيَّة!! هذه هي تفاسيرُ مراجعِكم، لا يوجد ولا شيء، هذا هو المجلَّد العاشر وتفسير سورة القدر، آل مُحَمَّد يقولون سورة القدر سورة فاطمة، ليلة القدر هي فاطمة، وهؤلاء يقولون شيئاً آخر، يتحدَّثون عن مطالب هي أبعد مِمَّا يُقال في الأمثال العراقيّة [يخوط بصفّ الاستكان]، إنَّهم [يخوطون] بعيداً جدَّاً عن [الاستكان]، وليس [بصفّ الاستكان]، يتحدَّثون عن كُلِّ شيء، وينقلون ما جاء في كتب أعداءِ الزَّهراء ولا يُشيرون إلى الزَّهراء لا من قريبٍ ولا من بعيد. ماذا تقولون؟ أليس هذا تطبيق للمشروع الإبليسي في حربِ فاطمة؟! هذا إحراق لمنزلةِ فاطمة أم لا؟ الَّذين جَمعوا الحطب أحرقوا منزلَها، الَّذين أحرقوا منزلتَها ماذا يفعلون؟ أليس هكذا يجمعون الحطبَ كي يُحرقوا منزلتَها؟! وأحرقوها، أحرقوها بالفعل، وأنتم معهم شركاء، والله أنتم معهم شُركاء. وهذا الجزء التاسع من مجمع البيان للشَّيخ الطبرسي، مؤسَّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، ربَّما ذكر شيئاً في سورة الدخان!! واللهِ لم يذكر شيئاً، نفس الكلام الَّذي قالهُ الشَّيخُ الطوسي:- ﴿حم﴾، مرَّ بيانهُ – مرَّ بيانهُ باعتبار أنّه تحدَّث في الأجزاء المتقدِّمة عن الحروف المقطّعة – ﴿وَالكِتَابِ الْمُبْين﴾، أقسم سبحانهُ بالقُرآن، والليلة المباركة هي ليلةُ القدر، عن ابن عبَّاس وقُتادة وابن زيد وهو المرويّ عن أبي جعفرٍ وأبي عبد الله، وَقِيل هي ليلة النِّصف من شعبان عن عكرمة – إلى آخر الكلام، هذا هو مجمعُ البيان طمسٌ واضحٌ، طمسٌ واضح. وهذا (تفسير الميزان) للعلّامة الطباطبائي: دار الكُتب الإسلامية، وهذا هو الجُزء العشرون، وأيضاً نذهب إلى صفحة 469،، 469 في سورة القدر، من 469 إلى 472، لم يُشِر إلى أيِّ شيءٍ لهُ رابطة أو علاقة بالزَّهراء لا من قَريب ولا من بعيد، بعد ذلك عَقَد في صفحة 473: بحثٌ روائي، ونقلَ من تفسير البرهان، وفي تفسير البرهان تُوجَد رواية بهذا الخصوص، لكنَّهُ لم يُشِر إليها لا من قريبٍ ولا من بعيد، يعني هو قرأ الرِّواية وقَفَز عليها، لأنَّهُ في بداية البحث الروائي يقول في تفسير البرهان، وسأعرضُ لكم روايةً في تفسير البرهان تفُسِّر ليلةَ القدر بالزَّهراء، نقل الأشياء الَّتي تتّفق مع ذوقِ المخالفين من تفسير البرهان، وما أشار إلى تلكم الرِّواية لا من قريبٍ ولا من بعيد! ثُمَّ نَقَل من روايات المخالفين ورجع مرّةً أخرى فنقل من تفسير البرهان ولكنَّهُ ما نقل تلك الرِّواية، هذا تعمُّد أم لا؟! مثل ما ينقُل الرِّوايات من كُتب المخالفين لماذا لا ينقل الرِّوايات في آل مُحَمَّد من كُتبِ الشِّيعة؟ هو هنا ينقل روايات من هنا ومن هناك، ينقل عن الدرّ المنثور، الدرّ المنثور في نظر علماء السُنَّة كتاب ضعيف، والبرهان في نظر علماء الشِّيعة كتاب ضعيف، كتب ضعيفة هذه، فيستطيع أنْ ينقلَ منها ما يشاء باعتبار أنَّهُ معروف لدى عُلماء الطرفين أنّ هذهِ الكُتب ضعيفة، لماذا ينقل من كتاب البرهان المعاني الَّتي تتّفق مع روايات المخالفين؟ أنتَ نقلتَ رواياتِ المخالفين، فلماذا تنقل الرِّوايات الَّتي تتّفق مع روايات المخالفين؟! هذا هو العلّامة الطباطبائي وهذا هو تفسيرُ الميزان، هذا الجزء العشرون في ما يرتبط بسورة القدر. هذا الجزء الثَّامن عشر من نفس الطبعة، نذهب إلى سورة الدخان، لربَّما سورة الدخان، صفحة 137، من الجزء الثَّامن عشر – ﴿حم ۞ وَالكِتَابِ الْمُبْين﴾، الواو للقَسَم والمراد بالكتاب المبين القُرآن – حم باعتبار هو تحدَّث عن الحروف المقطَّعة سابقاً فلا يُكرِّر الكلام – والمراد بالكتاب المبين القُرآن، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾، المراد بالليلة المباركة ليلةُ القدر – في صفحة 138، وبعد ذلك لم يتحدِّث عن أيِّ شيء. صفحة 142، عَقَد بحثاً روائياً ونقل مجموعةً من الرِّوايات منها من كُتُب الشِّيعة ومنها من الدرّ المنثور، الكتاب السُنِّي المعروف في تفسير القُرآن بأحاديثِهم، وعلَّق في النِّهاية – أقول – هو يقول – والأخبارُ في ليلة القَدر وما يُقضَى فيها وفي تعيينها كثيرةٌ جِدَّاً وسيأتي عُمدتُها في تفسير سورة القدر إنْ شاء اللهُ تعالى – عُمدة الأخبار، يعني المعاني الأساسية الَّتي وردت في الرِّوايات في معنى سورة القدر سيذكر ذلك أين؟ في تفسير سورة القدر، ومرَّ علينا ذكر الرِّوايات الَّتي تتّفقُ معانيها مع المعاني الموجودة في كتب المخالفين، هو هنا يقول بنفسه – وسيأتي عمدتُها – عمدة هذه الرِّوايات في ليلة القدر – في تفسير سورة القدر إنْ شاء اللهُ تعالى – ماذا تقولون؟ إنْ شاء الله ما قلتم، قلتم أو ماذا تقولون؟ هو هذا واضح، طمسٌ للحقائق. الكتابُ الَّذي بين يديّ هو تفسيرٌ آخر: وإنَّما جئتُ بهِ لأنَّ شيخنا الوائلي كثيراً ما يعتمد على هذا التفسير حينما يُريد الرُّجوع إلى التفاسير الشِّيعيّة: (التفسير الكاشف)، الشَّيخ محمَّد جواد مُغنيه، هذا هو المجلَّد السَّابع وهذهِ الطبعة مؤسَّسة دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 2005 ميلادي، صفحة 590، سورةُ القدر، وينتهي تفسيرها في صفحة 593، شيء طبيعي نحنُ هنا في كتابٍ لشَّيخ محمَّد جواد مُغنيه، الشَّيخ محَمَّد جواد مغنيه في تفسيره هذا ينقلُ عن الصُحف، ينقل عن المجلات، ينقل عن بيانات وقرارات الأمم المتحدَّة، ينقل عن كُلِّ شيء ولكن لا ينقل عن أهلِ البيت! في الحقيقة هذا التفسير ليس تفسير الكاشف، هذا [تفسير المكشَّف!] ولكن يُسمَّى بتفسير الكاشف، صفحة 590، سورة القدر، نَقَل عن الإمام الصَّادق ونَقلَ عن الشَّيخ محمَّد عبدو العالم المصري السُنِّي، وبقي يَدور في هذهِ الأجواء ولا أشار لا من قريبٍ ولا من بعيد إلى الزَّهراءِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، وهذا هو الطبيعيّ، لابُدَّ أن يكون هكذا، فالرجل عقيدتُهُ ووضعهُ معروف!! بالنِّسبة لسورة الدخان، بالنِّسبة لسورة الدخان الآيات الأولى – ﴿حم ۞ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ۞ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾ – نفس المضامين الَّتي مرَّت في مجمَع البيان – وقال صاحب مجمعُ البيان – لا توجد أي إشارة لا من قريبٍ ولا من بعيد إلى الزَّهراءِ صلوتُ االلهِ وسلامهُ عليه، هذا هو التفسير الكاشف للشَّيخ محمَّد جواد مُغنيه!! طمس، طمس للحقائق، لأنَّكم حين تُريدون أنْ تعرفوا معاني سورة القدر من أين تأخذونها؟ تأخذونها من هذه التفاسير، وبقيَّة التفاسير هي كذلك، أنا جئت بنماذج، هذه التفاسير الثلاثة: (التبيان، مجمع البيان، والميزان)، هذه هي التفاسير المركزيّة في الوسَط الشِّيعيّ، التفسير الكاشف، هذا التفسير الكثيرُ من خُطباء المنبر اِقتداءاً بالشَّيخ الوائلي يعتمدونه، ويعني أنَّ ثقافتَكم أحدُ مصادرها هو هذا التفسير، لذلك جئتُ بهِ. التفسير الآخر (تقريبُ القُرآن إلى الأذهان): للسيِّد محَمَّد الشِّيرازي، باعتبار أنَّ السيِّد الشِّيرازي يُعدُّ رمزاً رافعاً لشعاراتِ الولاية، من هذا الباب أنا آتي به، لأنَّ لهُ اتِّجاهاً خاصَّاً بهِ ولهُ أتباع ولهُ تصوّر مُعيَّن مطروح، تقريبُ القُرآن إلى الأذهان، المجلَّد الخامس، دار العلوم الطبعة الثَّانية، 2011 ميلادي، نذهب إلى سورة القدر، في صفحة 708، وينتهي التفسير في صفحة 710، لا يوجد أي شيءٍ لهُ عُلقةٌ بالزَّهراء صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها لا من قريب ولا من بعيد، هذا فيما يرتبط بسورة القدر. نذهب إلى سورة الدخان والَّذي يبدأ في صفحة 84، 85 – ﴿حم﴾، حاء وميم جنسُ هذا الكتاب المعجِز الَّذي عجز الجنّ والإنس أنْ يأتوا بمثله – يعني أنَّ هذا الكتاب يتألَّف من هذهِ الحروف، جنسُ هذا الكتاب – ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾، أي قَسَماً بهذا الكتاب وهو القُرآن الظاهر وقد مرَّ أنَّ الله سبحانهُ يحلفُ بمختلف صُنُوف خلقه دلالةً لعظمةِ كُلِّ خلق وإنْ كان في النَّظر أمراً هيِّناً نحو والتِّينِ والزَّيتون – ولكن يا سيِّدنا التين والزيتون في حديثِ أهل البيت هو الحسنُ والحسين وليس هذا أمراً هيَّنا، قطعاً هو لا يقصد هذا المعنى يقصد التين والزيتون الفواكه المعروفة، بعيداً عمَّا جاء عن آل مُحَمَّد صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين – والليلة المباركة المراد بها ليلةُ القدر – ولا وجودَ لذكرِ فاطمة، لا من قريبٍ ولا من بعيد. هذه نماذج واضحة من تفاسيرنا الشِّيعيّة، التبيان للشَّيخ الطوسي مؤسِّس الحوزة العلمية في النَّجف الأشرف، مجمعُ البيان للشَّيخ الطبرسي التفسير المركزي لكلِّ الشِّيعة في العالم، الميزان للعلّامة الطباطبائي كما يقولون عنه نحنُ بحاجة إلى قرنين من الزَّمان من بعد تأليفه حتَّى نستطيع أن نعرف قيمةَ هذا التفسير، التفسيرُ الكاشف تفسير خُطباء المنبر الحُسينيّ، تَقريب القُرآن تفسير السيِّد الشِّيرازي، وبقيَّة التفاسير الَّتي لم آتِ بها هي على نفس هذهِ الوتيرة، طمسٌ واضحٌ لحقائقِ ومضامين سورة القدر الَّتي تُشير بشكل واضح إلى مركزيّة فاطمة، وإلى موقع فاطمة في منظومة العقيدةِ الشِّيعيّة. النَّص الأهم في بيان مضمون سورة القدر سأقرأُه عليكم: عَنْ إِمَامِنَا الصَّادِق قَال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيلَةِ القَدْر﴾ اللَّيْلَةُ فَاطِمَة وَالقَدْرُ الله – ماذا قال إمامنا الصَّادق؟ – ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيلَةِ القَدْر﴾ اللَّيْلَةُ فَاطِمَة وَالقَدْرُ الله فَمَن عَرَفَ فَاطِمَة حَقَّ مَعْرِفَتهَا فَقَد أَدْرَكَ لَيلَةَ القَدْر، وَإِنَّما سُمِّيَت فَاطِمَة لأَنَّ الخَلْق فُطِمُوا عَنْ مَعْرِفَتِهَا، وَقَولهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْر۞ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر﴾ يَعْنِي خَيرٌ مِن أَلْفِ مُؤْمِن، وَهِي أُمُّ الْمُؤْمِنِين ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكُةُ وَالْرُّوْحُ فِيهَا﴾ والْمَلَائِكَةُ الْمُؤْمِنِون الَّذين يِمْلِكُون عِلْمَ آلِ مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِه وَسَلَّم، والرُّوْحُ القُدْس هِي فَاطِمَة عَلَيهَا السَّلَام ﴿بِإْذْنِ رَبِّهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِي حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْر﴾ يَعْنِي حَتَّى يَخْرُج القَائِم عَلَيهِ السَّلَام – هذا هو أهمُّ نصٍّ بين أيدينا، يمكن أنْ تكون هناك نصوص ضاعت لا علمَ لي بذلك، ولكن أهمُّ نصٍّ في بيان مضمون سُورة القدر هو هذا النَّص، هذا النَّص لا وجودَ لهُ في تفسير التبيان، ولا وجودَ لهُ في مجمع البيان، ولا وجودَ لهُ في تفسير الميزان، مع أنَّ الميزان ينقلُ روايات، ولا وجود لهُ في تفسير الكاشف، ولا وجودَ لهُ في تفسير تقريب القُرآن. ربَّما يعتقد مُعتقد أنَّ هذا النص يمكن أنْ نجدهُ في جوامع الأحاديث التفسيرية، هذا النَّص ليس موجوداً لا في تفسير الصافي، باعتبار أنَّ تفسير الصَّافي هذا التفسير تفسير روائيّ، ولا في تفسير البرهان، هذهِ الرِّواية ليست موجودة في تفسير البرهان، ولا في تفسير نور الثَّقلين، لا وجودَ لها، هذا هو النَّصُّ الأهمُّ في بيان مضمون سورة القدر، هذا النَّص الأهم لا وجودَ لهُ لا في تفسير الصَّافي ولا في تفسير البرهان ولا في تفسير نور الثقلين، وأنا أُعدِّد أسماء هذهِ الكُتب وقد رتّبتُها بحسب تأريخ وفاة مُؤلِّفيها، لأنَّ صاحب تفسير الصَّافي الفيض الكاشاني توفّي سنة 1091 للهجرة، بينما السيِّد هاشم البحراني توفي سنة 1107 للهجرة، وصاحب نور الثَّقلين المحدِّث عبد عليٍّ ابن جمعة الحويزيّ العروسيّ توفّي سنة 1112 للهجرة، هذهِ هي جوامعُ الحديثِ التفسيريِّ ولا وجود فيها لهذه الرِّواية. ربَّما يقول قائل في تأويل الآيات الظاهرة هذا الكتاب الَّذي هو الأساس والمحور الَّذي اعتمد عليهِ السيِّد هاشم البحراني، السيِّد هاشم البحراني اعتمد على تفسير الإمام العسكريّ وتأويل الآيات الظاهرة وبعد ذلك أضاف إليهما ما جاء في الكُتب الأخرى من تفسير القُمِّي والعيَّاشي والبقيَّة، حتَّى في تأويل الآيات الظاهرة هذهِ الرِّواية بهذا النَّص وبهذا التفصيل ليست موجودة، موجودة رواية وسنأتي على ذكرها، إذاً هذا هو النَّص الأهم تلاحظون نفس القصَّة، حديث الكساء في بيت أمِّ سَلَمة موجود في مصادر المخالفين المعروفة وموجود في مصادرنا المعروفة، لكن حديث الكِساء في بيت فاطمة لا وجودَ لهُ، موجود في كتاب الغُرَر والدُّرَر بشكل ناقص، وموجود في كتاب المنتخب وهذا الكتاب أسقطوه ولا قيمةَ له، وموجود في كتابِ العوالم، النسخة الَّتي كان فيها هذا الحديث في المتن ليست متوفّرة، موجود في نسخة على الحاشية، وقد عرضتُ لكم صورة تلك النُّسخة. هذا الحديث أيضاً ليس موجوداً لا في كُتب التفسير ولا حتَّى في جوامع الأحاديث التفسيرية!! هذا الحديث قرأتُه عليكم من تفسير فُرات الكوفي، فرات ابن إبراهيم الكوفي، هذا التفسير لا يعتمد عليه علماء الشِّيعة، مع أنَّ هذا التفسير من التفاسير المهمَّة ولم يشتمل إلَّا على أحاديث أهل البيت، نعم هناك روايات وأحاديث، هناك كلام موجود في هذا التفسير يأتي مُنسجماً مع ذوقٍ مُخالفٍ لأهل البيت، مع ذوق الزَّيديّة، ولا غرابةَ فكُلّ كتب الحديث فيها أحاديث تنسجم مع ذوق المخالفين لأهل البيت، أساساً الآن هذا تفسير التبيان مشحون من أوَّله إلى آخرهِ بحديثِ المخالفين ويعتمد عليه الشَّيخ الطوسي ونفس الشيء الطبرسي ونفس الشيء الطباطبائي والبقيَّة، يأتون بحديث المخالفين ويعتمدون عليه ولكن ما من قائلٍ يقول إنَّ هذه التفاسير لا يُعتمَدُ عليها. أكثر الحديث الموجود في هذا التَّفسير، تفسير الفُرات، هو حديثُ أهل البيت، ولكن لأنَّهُ حديثُ أهلِ البيتِ فهو يُضَعَّف..!! تفسير القمّي ما به؟ هل فيه أحاديث تتناسب مع ذوق الزيديّة؟ كلّا، تفسير العياشي ماذا به؟ تفسير الإمام العكسريّ ماذا به؟ هو هذا المرض، تحت عناوين أخبار آحاد ليست متواترة وضعيفة فلا يُعتمَدُ عليها في تفسير القُرآن فتُلقَى جانباً، هذا هو المرض نفسهُ الَّذي مرَّ الحديثُ عنه بخصوصِ حديثِ الكساءِ الشَّريف. لا يقول قائل من أنَّ كتاب تفسير الفرات من أوَّلهِ إلى آخرهِ هو صحيح، ولكن الأعمّ الأغلب فيه هو حديث أهل البيت، ذوق أهل البيت واضح، لحنُهم واضح، كلامُهم واضح، ومع ذلك طرحوه جانباً، لذلك بقيت هذه الرِّواية حبيسة في هذا الكتاب، لا كُتبُ التفسير نقلتها التفاسير الَّتي كتبها العلماء ولا حتى جوامعُ الحديث التفسيريّ. هناك رواية قريبة من هذا المضمون موجودة في تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العِترة الطاهرة، وهذا الكتاب كتاب جميل جدَّاً، هذا هو الجزء الثَّاني، للسيِّد شرف الدين الاسترابادي النَّجفي، من عُلماء القرن العاشر، وهذه الطبعة هي الأولى، 1407 هجري قمري، النَّاشر مدرسة الإمام المهديّ عليه السَّلام، قُم المقدَّسة، هذا هو الجزء الثَّاني، إذا نذهب إلى صفحة 818، ينقل رواية: – عَنْ زُرَارَة، عَن حُمرَان، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله عَمَّا يُفْرَق فِي لَيْلَةِ القَدْر – إلى أنْ يقول: – وَأَمَّا قُولُه: ﴿لَيلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر﴾ يَعْنِي فَاطِمَة سَلَامُ اللهِ عَلَيهَا، وَقَولُهُ: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوْحُ فِيهَا﴾ وَالْمَلَائِكَةُ فِي هَذَا الْمَوضِع الْمُؤْمِنَون الَّذِين يَمْلِكُون عِلْمَ آلِ مُحَمَّد – هذا المضمون هو نفس المضمون الذي تقدَّم في الرِّواية السَّابقة ولكن الرِّواية ليست بنفس النَّص – وَالرُّوحُ رُوحُ القُدُس – هنا مكتوب – وَهُو فِي فَاطِمَة – وهذا تحريف – وَالرُّوحُ رُوحُ القُدُس وَهُو فِي فَاطِمَة – والصحيح: (وَالرُّوحُ رُوحُ القُدُس وَهُو فَاطِمَة). الرِّواية الموجودة في تفسير فرات ماذا قال؟ (وَالرُّوحُ القُدُس هِي فَاطِمَة)، هذا هو النَّص الأصل. في تفسير البرهان نقل عن تأويل الآيات النسخة الَّتي نقل عنها صاحب تفسير البرهان: (وَالرُّوحُ رُوحُ القُدُس وَهِي فَاطِمَة). إذاً هذا تحريف في هذه الطبعة، قد يكون التحريف من قِبَل الخطأ المطبعيّ، وقد يكون لا، ويبدو ليس من قِبَلِ الخطأ المطبعيّ، هذا التحريف هو تحريفٌ مقصود، لأنَّ هذا المحرِّف لم يقتنع أنَّ رُوحَ القدس هي فاطمة، لأنَّ روحَ القُدُسِ في بالهِ إمَّا هو جبرائيل، وإمَّا هو خلقٌ أعظم من الملائكة، بحسب الرِّوايات ولا يفهم أنَّ لفاطمة ظهورات ومن ظهورات فاطمة الروح الأعظم الَّذي يتنزَّل في ليلة القدر، فماذا قال؟ قال: – وَالرُّوحُ رُوحُ القُدُس وَهُو فِي فَاطِمَة – باعتبار أنَّهُ في بعض الرِّوايات أنَّ روح القُدُس يحلُّ في الأنبياء والأولياء، فمن هنا جاء هذا التحريف، وهو تحريف واضح، لأنَّ السيِّد هاشم البحراني نَقَل عن نسخةٍ لا يوجَد فيها هذا الكلام، والنصَّ الأصل موجود في تفسير فرات لا يوجَد فيه هذا الكلام أيضاً، وهنا موجودة عدَّة نُسخ ولا توجد نسخة مُخالِفة لهذا النَّص – والرُّوحُ القُدُس هِي فَاطِمَة – هذا الروح الأعظم المتجلِّي في ليلة القدر هو مظهرٌ من المظاهر الفاطميّة. إذاً هذا النَّص هو النَّص الأهم بقي حبيساً في هذا الكتاب! حتَّى صاحب تأويل الآيات الظاهرة والَّذي بَذَل جُهداً كبيراً جدَّاً لجمع هذهِ الرِّوايات وأمثالها، لم يُثبِت هذهِ الرِّواية، أثبت رواية قريبةً منها وقد بُتِرَت وبعد ذلك تعرَّضت للتحريف، وهي هذه بنفسها الَّتي أثبتها السيِّد هاشم البحراني في تفسير البرهان، فالنَّص الكامل هو هذا، أنا هنا لا أريد أنْ أُفسِّر سورةَ القدر، ربَّما أتناول جانباً من تفسيرِها حينما نصل إلى الحلقات الَّتي ستكون تحت هذا العنوان: (معاني الصَّلاة)، في الحلقات الَّتي سأتناولُ فيها معاني الصَّلاة لابُدَّ من تسليط الضَّوء على معاني سورة الحمد، وعلى معاني سورة القدر، وعلى معاني سورة التوحيد، ولو بنحوٍ إجماليّ، باعتبار أنَّ هذه السُّوَر هي السُّوَر الرئيسة وهي السُّوَر الَّتي لها الأولويّة في الصَّلوات المفروضة والمستحبَّة، فلابُدَّ من تسليط الضَّوء عليها ولو بشكلٍ موجز، لذا أنا هنا لا أُريد أنْ أتناول بيان مَعاني سورة القدر، ولكنَّني فقط أُعيد عليكم قِراءة النَّص الأهمّ بين أيدينا في تفسير سُورة القدر ويبدو عليه أنَّه هو الآخر قد تعرَّض لتحريفٍ في بُنيَتهِ وتراكيبهِ اللفظية، لكن المعاني الرَّئيسة لا زالت موجودة، يبدو أنَّ هذا النَّص قد تعرَّض لتحريفٍ في تراكيبِه اللفظية، هُناك خلل في صِيَغهِ وتراكيبِه اللفظيّة، أقرأُ النَّص عليكم: عَنْ إِمَامِنَا الصَّادِق قَال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيلَةِ القَدْر﴾ اللَّيْلَةُ فَاطِمَة وَالقَدْر الله فَمَن عَرَفَ فَاطِمَة حَقَّ مَعْرِفَتهَا فَقَد أَدْرَكَ لَيلَةَ القَدْر، وَإِنَّما سُمِّيَت فَاطِمَة لأَنَّ الخَلْق فُطِمُوا عَنْ مَعْرِفَتِهَا، وَقَولهُ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْر۞ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر﴾ يَعْنِي خَيرٌ مِن أَلْفِ مُؤْمِن وَهِي أُمُّ الْمُؤْمِنِين ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكُةُ وَالْرُّوْحُ فِيهَا﴾ والْمَلَائِكَةُ الْمُؤْمِنِون الَّذين يِمْلِكُون عِلْمَ آلِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه وَسَلَّم، والرُّوْحُ القُدْس هِي فَاطِمَة عَلَيهَا السَّلَام ﴿بِإْذْنِ رَبِّهِم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلام، سَلَامٌ هِي حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْر﴾ يَعْنِي حَتَّى يَخْرُج القَائِم عَلَيهِ السَّلَام. هذا هو النَّص بكاملهِ وسنعود إليه، سنعودُ إليه في حلقةِ يومِ غد وسنعود إليه في الحلقات الَّتي سأتحدَّث فيها عن معاني الصَّلاة، هذا هو تفسير فُرات الكوفي لم يعتمدهُ المفسِّرون وعلماءُ الشِّيعة لأنَّ فيهِ بعض المضامين وهي قليلة ما هي بكثيرة تتناسب مع الذَّوق الزَّيدي، مع العقائد الزيدية، بينما هي كُلّ الكُتُب هكذا، الكافي فيه ما فيه من الرِّوايات والأحاديث الَّتي تَتَّفق معَ الذَّوق المخالِف لأهل البيت، هي كُلّ الكتب هكذا، أمَّا كُتُب العلماء فذلك شيءٌ آخر، لكن الغريب كُتُب حديث أهل البيت يعترضون عليها أمَّا كتب العلماء المشحونة من أوَّلِها إلى آخرِها بالفكرِ النَّاصبيّ لا يَعترِضُ عليها أحدٌ ويقبلونها ويُسلِّمون بأمرِها، هذا المنطق منطق رحماني أم شيطاني؟! ماذا تقولون أنتم؟! هكذا تجري الأمور في المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيّة الرَّسمية وفي ساحةِ الثَّقافة الشِّيعيّة العامَّة، ألا تُلاحظون أنَّ حرباً شعواء ضد الوثائق والمدارك والحقائق الَّتي تَكشفُ لكم الطريق لمعرفة الزَّهراء صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها؟! ألا يُشير كُلُّ ذلك أنَّ الجميع قد اشتركوا في حرقِ منزلتِها صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها؟! هذا هو: (تفسير الصافي)، وتفسير الصافي للفيض الكاشاني المتوفّى سنة 1091، ذكرت لكم قصَّتَهُ أكثر من مرَّة، الفيض الكاشاني في مُقدِّمة الجزء الأوّل، بشكلٍ صريح وواضح يقول تفاسير علماء الشِّيعة ما هي بتفاسير شيعيَّة، ولا علاقةَ لأهل البيت بها، وهو مُحِقٌّ في قولِه مئة بالمئة، يقول: تفاسير علماء الشِّيعة حذوا فيها حذوَ النَّواصب، وما وجدتُ تفسيراً شيعيَّاً يعتمد على حديث أهل البيت، لذا قرَّرتُ أنْ أكتُبَ تفسيراً أعتمد فيه على حديث أهل البيت وسمَّاه بالتفسير الصَّافي، الصَّافي من آراء المخالفين، هذا هو مرادهُ، هو صرَّح بذلك في مُقدِّمة الجزء الأوَّل، هذا هو الجزء الخامس، منشورات مكتبة الصَّدر، إيران طهران، هذه الطبعة الثَّالثة، صفحة 351، تفسير سورة القدر وتنتهي في صفحة 353، لا يوجَد أيُّ شيء لا من قريبٍ ولا من بعيد مِمَّا لهُ علاقةٌ بالصدِّيقة الطاهرة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، هو قال، قال: بأنَّهُ يُريد أن يكتب تفسيراً وفقاً لمنهجِ أهل البيت وسمَّاه بالتفسير الصَّافي من آراء المخالفين، بينما الكلام الَّذي يذكره هنا يُحدِّثنا بنفس الطريقة الَّتي يتحدَّث بها المخالفون، وينقلُ عن مجمع البيان، عن ابن عباس، والمضمون الَّذي نُقِل عن ابن عباس هو مضمون موجود في كتب المخالفين، وبقيَّة الكلام كذلك، وما نقلهُ من رواياتٍ من كتبنا فهي تنسجم مع الذَّوق المخالف، هذا هو تفسير الصَّافي، التفسير الَّذي يحملُ عليهِ هؤلاء المفسِّرون ويعتبرونه تفسيراً يُفسِّر بالأساطير وبالإسرائيليّات، لأنَّهُ يفسِّر بحديثِ أهلِ البيت، فهؤلاء من مراجعنا وعلمائنا الأجلاء أمثال الطوسي والطبرسي والطباطبائي لا يريدون هذا اللونَ من التفسير. هذا: (البرهان في تفسير القُرآن)، للسيِّد هاشم البحراني المتوفّى سنة 1107، هذا هو المجلَّد الثَّامن، منشورات مؤسَّسة الأعلمي، صفحة 342، ما أثبتهُ هنا هو ما جاء في تأويل الآيات الظاهرة، أمَّا الرِّواية الموجودة في تفسير فُرات الكوفي فلم يُثبتها هنا، والفارق بين تأويل الآيات الظاهرة وما جاء في تفسير البرهان عند قول الرِّواية: (والرُّوحُ رُوحُ القُدْس وهي فَاطِمة)، كلمة وهي في فاطمة ليست موجودة وهذا هو النَّص الأصل، يبدو أنَّ مُحرِّفاً حرَّفَ الكلام، لأنَّ هذا المعنى يتطابق أيضاً مع النَّص الموجود في تفسير فرات الكوفي. (تفسير نور الثَّقلين): للمحدِّث الحويزي، وهذا هو المجلَّد الثَّامن، مؤسَّسة التأريخ العربي، بيروت، لبنان، تحقيق السيِّد عليّ عاشور، صفحة 247، تفسير سورة القدر، ويستمر إلى صفحة 277، 247 إلى 277، لا يوجد أيّ شيء قد ذكرهُ المحدِّث الحويزي عن الصدِّيقة الطاهرة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها، مع أنَّهُ ذَكَر الكثير والكثير من الأحاديث والرِّوايات. إلى أيِّ نتيجةٍ يمكن أن نصل؟ هذهِ كُتُب تفاسير كبار مراجع الطائفة، هذهِ جوامع الحديث التفسيرية، حتَّى صاحب تأويل الآيات الظاهرة الَّذي بَذَل كُلَّ جُهدهِ في جمع هذهِ الرِّوايات لم يُثبِت هذهِ الرِّواية، يبدو أنَّ المصدر لم يكن متوفِّراً بين يديه، عن أيِّ شيءٍ يكشف ذلك؟ أليس هُناك مُحاصرة، هناك حرب بشكل واضح وواضح جدَّاً على النصوص وعلى الوثائق والحقائق الَّتي تَرتبطُ بتشكيلِ منظومة العقائد الشِّيعيّة وفقاً للذَّوق الزَّهرائي، وِفقاً للمعرفة الزَّهرائيَّة. أعتقدُ أنَّ الأمر صارَ واضحاً وبيِّناً وجليَّاً كيف أنَّ المنهج الأبتر يتحرَّك ومن ورائهِ إبليس يضخُّ فيه ما يضخّ لأجلِ تأكيد هذا الأمر: (إبعاد فَاطِمَة عَنْ مَنظُومَة العَقِيدَةِ الشِّيعيَّة)، لم أذكُر لكم كُلَّ شيء، جئتكم بوثيقتين: الوثيقة الأولى: (حديثُ الكساء) ولم أُبَيِّن كُلَّ صغيرةٍ وكبيرةٍ بخصوص حديث الكساء، هو عرض إجمالي للَّذي جرى على حديث الكساء. وكذاك الكلام عن (سور القدرة) في مضمونها ودلالتها ومعانيها. وهاتان الوثيقتان من أهمّ الوثائق، ذلك لا يعني أنَّ الوثائق الأخرى هي بعيدةٌ عن سيوف التقطيع وعن سلطة المنهج الأبتر، أبداً، كُلّ الوثائق المتبقيَّة جرى عليها ما جرى ويجري عليها الآن ما جرى على بقيَّة الوثائق، الأمرُ هُوَ هُوَ، تحتَ طائلةِ علم الرِّجال، تحتَ طائلةِ علم الكلام، تحتَ طائلةِ الأخبار المتواترة والأخبار الآحاد، تحتَ طائلةِ الأحاديث الصَّحيحة والأحاديث الضَّعيفة، تحتَ طائلةِ وطائلةِ وطائلةِ، القضيَّة طويلة، والنَّتيجة واحدة وهي إحراقُ منزلةِ فَاطمة، مثلما أحرقت السَّقيفةُ منزلَ فَاطمة، المنهج الأبتر الَّذي تحدَّثنا عنه كثيراً وكثيراً وكثيراً في الحلقات السَّابقة المنهج الأبتر هُوَ هُوَ بنفسهِ قام بإحراقِ منزلةِ فاطمة في منظومة العقيدة الشِّيعيّة الحقَّة، ومن أخطر ما قام بهِ هذا المنهج هو ما أسَّس لهُ من منظومةٍ عقائديةٍّ شيعيَّةٍ اعتمد فيها نفسَ البرنامج الموجود عند أعداءِ آلِ مُحَمَّد، عند أعداءِ فاطمة، وهذا الأمر موجودٌ إلى يومِكم هذا بينَ أظهُركِم. هل سألتم أنفسكم من أين جاءت هذه المنظومة العقائديّة ذات الأصول الخمسة؟ من الَّذي جاء بها؟ هل من آيةٍ قُرآنية؟ هل من حديثٍ عن المعصومين؟ ابحثوا عن تأريخِها، ابحثوا عن أصولِها من أين جاءت!! وسؤالٌ كبيرٌ يَطرح نَفسَهُ: أين فاطمة من كُلِّ ذلك؟ أين موقعيّةُ الزَّهراء في العقيدة الشِّيعيّة؟ هل هوَ حبٌّ من دون معرفةٍ ومن دون تشكيلٍ علميٍّ وثائقيٍّ عقائديّ؟ هل الدينُ كذلك مُجرَّد عاطفة عَابرة؟ أو مُجرَّد لطم وبكاء على مصابِها لأنَّهم أحرقوا دارَها وهذا يُعدُّ شِيعيّاً، من العُلماء الَّذي يدافع عن إحراقِ بيتِ فاطمة وهو يُحرقُ منزلتَها!! هو من هنا يُحرقُ منزلتَها بهذا المنهج الأبتر الَّذي غَطَسَ فيه، ويُدافِع وبأسلوب المنهج الأبتر يُدافع عن أيِّ شيءٍ؟ عن صحَّةِ قصَّةِ إحراقِ منزلِها، ولكن حين يُقال لهُ: إنَّك والَّذين معك أحرقتم منزلتَها بدليل كذا وكذا سيُنكر كُلَّ هذهِ الأدلَّة، كُلُّ الأدلة الَّتي تُشير إلى منزلةِ فاطمة في جوهرِ منظومةِ العقيدةِ الشِّيعيّةِ يُنكرونها ويذهبون يبحثون في محاولةِ إثباتِ حرقِ منزلِها! أنا لا أُنكرُ أهميَّةَ هذا الأمر أنَّ نُثبِتَ ظلامةَ فاطمة، ولكن الأمر الآخر هو الأولى، الدفاع عن منزلتِها أولى من الدفاع عن منزلِها، وما إحراقُ منزلِها إلَّا بسبب الإخلال في منزلتِها. السَّقيفةُ أساساً لا يعرفون منزلتَها فأحرقوا منزلَها، أمَّا هذا المنهج الأبتر في الوسط الشِّيعيّ فهذا أحرق منزلتَها ويعتبرون ذلك عِلماً وتحقيقاً والَّذي يعترض على ذلك يصبح عميلاً وخارجاً من الملَّة والدين!! والجماهيرُ الشِّيعيّة الموفَّقةُ تُطبِّلُ وتُصفِّقُ لهم، أليس هو هذا الواقع الموجود أم لا..؟! هؤلاء خُطباء المنبر والشعراء والرواديد، هؤلاء من أكابر المجرمين الَّذين أحرقوا منزلةَ فَاطمة، لأنَّهم يُبكون النَّاسَ على إحراقِ منزلِها، وهُم يُحرقون منزلتَها بتأييدِهم ودفاعِهم عن الرّموز الكَبيرة الَّتي تُدافعُ عن إحراقِ منزلتِها تحتَ يافطات وعناوين علميّة وشرعيّة وأمثال ذلك، وهؤلاء الشُعراء والرواديد والخُطباء يُبكون النَّاس في المجالس، والشِّيعةُ بعد انتهاء المجالس تتصوَّر أنَّها قد أدَّت ما عليها من واجبٍ اتِّجاهَ الزَّهراء، والقضيَّةُ لعبةٌ شيطانيّة، يبكون على إحراقِ منزلِها وهُم يُحرقون منزلتَها، وهذا هو الَّذي يجري على أرض الواقع، وأمامكم هذه الشَّواهد والأدلَّة، وإلَّا كَيف تَفهمون المجريات والتفاصيل الَّتي ذَكرتُها لكُم بخصوص حديث الكساء الشَّريف، وكيفَ تفهمون المجريات والتفاصيل الَّتي جرت ولا زالت تَجري بخصوصِ حقيقةِ سورة القدر. لماذا كلُّ هذا الجفاء؟ ولماذا كُلُّ هذا الطَّمس؟ ولماذا كُلُّ هذا التحريف والتغيير والتبديل؟ لماذا ولماذا ولماذا؟ ولماذا إذا ارتفعَ صوتٌ مثلي أنا أو غيري لماذا الجميع يتَّفقون مع أنَّهم مُختلفون، يتَّفقون على رفض هذا الصَّوت لماذا؟ هلَّا سألتم أنفسكم لماذا؟ لماذا على اختلاف المشارب والأذواق الجميع يرفضون لماذا؟ أين هو المنطق الرَّحماني؟! أين هو المنطق الشَّيطاني؟! القضيَّةُ لا تقفُ عند حديث الكساء ولا تقفُ عند حقيقة سورة القدر، المنهجُ الأبتر يتتبَّعُ كُلَّ صغيرةٍ وكبيرة تَرتَبطُ بِفاطمة، وهذهِ هي ظُلامة فاطمة الحقيقيّة. أرى أنَّنا نقتربُ من وقت الصَّلاة والأذان بحسب التوقيت المحلّي لمدينة لندن لذا أوقف الحديث وبعد الفاصل أعود إليكم كي أكمل حديثي والحديثُ ذو شجون. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فَاطِمَة وأَبِيهَا وبَعْلِهَا وَبَنِيهَا والسِّرِّ المُسْتودَعِ فِيهَا … هذا هو الجزء الأخير من الحلقة التاسعةِ والثَّلاثين بعد المئة من برنامج (الكتابُ النَّاطق)، قبل فاصلِ الأذانِ والصَّلاةِ بحسبِ التوقيت المحلي لمدينة لندن كانَ حديثي في أنَّ عموم الوثائق وعموم النُّصوص المرتبطة بالمعرفة الزَّهرائيَّة تعرَّضت لحربٍ إبليسيَّةٍ قاسيةٍ جدَّاً، فليس الكلامُ خاصَّاً بحديث الكِساء اليماني ولا بمضمونِ وحقيقةِ سورة القَدر حيثُ أنَّ التفاسير الشِّيعيَّة خَلَت من المضمون الحقيقي لسورة القدر المرتبطِ بالمعرفةِ الزَّهرائيَّةِ الأصيلة، عنوانُ هذهِ الحلقات: (فَاطِمَةُ القَيِّمة)، وما ذكرتهُ مِمَّا أعتقدُهُ أنَّ منظومة العقيدة الشِّيعيَّة تتألَّف من أمرين: أصل الدِّين وهو إمام زماننا الذي مَن لم يَعرِفْه مات ميتةً جاهلية، هذا هو أصل الدين – مَنْ أَرَادَ الله – يعني من أراد الدين، من أراد الحقّ، من أراد الهداية، من أراد كُلَّ شيءٍ حَسَن – مَنْ أرَادَ الله بَدَأ بِكُمَ – بالأصل – ومَنْ وَحَّدَهُ – التوحيد الَّذي جُعِل أصلاً أوَّلاً – ومَنْ وحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمَ – الرُّجوع إلى الأصل – ومَنْ قَصَدَهُ – من قَصَد الله في كُلِّ شيءٍ – تَوَجَّه إلِيكُمَ – هذا هو الأصل، هذا المراد من أنَّ الأصل في الدين هو إمامُ زَمانِنَا. وهذا الدينُ حينَ نتمسَّكُ بأصلهِ، هذا التمسُّك بالأصل لن يكون مقبولاً إلَّا بقبولِ القَيِّمة على الدين، ومن هُنا وَضَع رسولُ الله هذا القانون: (إِنَّ الله يَرْضَى لِرِضَاهَا ويَسْخَطُ لِسَخَطِهَا)، هذا القانون قانون الجميع، جميعهم هكذا يرضى الله لرضاهم، ويسخط لسخطهم، ولكن لماذا جُعِل علامةً فارقة لفاطمة؟ لأنَّها هي القيّمة على الدين، وإلَّا فإمامنا الجواد يرضى الله لرضاه ويسخط لسخطه، وإمامنا السَّجاد كذلك، وكُلُّ أئِمَّتنا المطهَّرين كُلُّهم كذلك، كُلُّهم يرضى الله لرضاهم ويسخطُ لسخطهم، إمام زماننا يرضى الله لِرضاه ويسخطُ لسخطه، هو وجه الله، هو عينُ الله النَّاظرة، هو يدُهُ الباسطة، هو نعمتُهُ السَّابغة، هو نقمتُهُ الدامغة، هو حُجَّتُهُ الواضحة، هو أعلامُهُ اللائحة، هو أركانُ توحيدهِ، هُوَ، هُوَ، هُوَ، ولكن هذا العنوان صار عنواناً خاصَّاً بحسبِ منظومة العقيدة المحمَّديَّة، صار عنواناً خاصَّاً لمن؟ لفاطمة، يرضى الله لرضاها ويسخطُ لسخطها، لماذا؟ لأنَّها القَيّمةُ على الدين، نتمسَّكُ بأصل الدِّين بأصل الأصول إمامُ زماننا، إنْ رَضِيت فاطمة ذلك قُبِل ذلك منَّا، وإنْ لم ترضَ فاطمة يبقى الأمرُ ناقصاً – لنُبَشِّرَ أنْفُسَنَا بِأنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلايَتِكِ – هذا متى؟ بعد أنْ تَقبَل ذلك منَّا فاطمة، هذه هي منظومةُ العقيدةِ الَّتي أبني حياتي الدِّينيَّةَ والدُّنيويّةَ عليها، الأصلُ صاحبُ الأمر، والقيّمَةُ على الدِّينِ فاطمة. فلُربُّ سائلٍ يسأل هذا المصطلح وهذا المفهوم: (القَيِّمة)، من أين جئتَ بهِ؟! أقولُ لهُ: إنَّني جِئتُ بهِ من القُرآن، ما جئت به لا من أبي ولا من جدّي، ولا أخذتهُ من سيِّد قطب، ولا من ابن عربي، ولا من الشَّافعي، ولا من المعتزلة، إنَّني أخذتُهُ من القُرآن، من قُرآن مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد، من هذا القُرآن الَّذي أمروني أنْ أتعبَّد بهِ وأنّ أتمسَّك بهِ، فحين أمروني أنْ أقرأ القُرآن وقالوا لي، إمامنا السَّجاد قال لي، قال لي ولكم، إنَّني قرأتها في الكافي، قال لي: إِنَّ آيَات القُرَآن خَزَائِن، عليك أنّ تفتحها ففيها من الأسرار والأسرار، ولكنَّني كيف أفتحُ هذه الخزائن؟ ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾، (أَلَا لَا خَيرَ فِي قِرَءَاةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّر)، ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾، هناك أقفالٌ على قلبي، وهناك أقفالٌ على هذه الخزائن، هذه خزائن، خزائن، (آيَاتُ القُرَآنِ خَزَائِن)، لست أنا الَّذي أقول، سجَّاد العترة الطاهرة هو الَّذي يقول، يقول آيات القرآن خزائن، إذا أردتَ أنْ تنتفعَ من كنوزِها عليك أنْ تفتحَ هذه الخزائن، ولكن هُناك حاجزٌ فيما بيني وبين هذه الخزائن. الحاجز الأوَّل هو قلبي ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾، هناك أقفال على القلب، هذا الرَّين والصَّدأ هم يقولون: (حَدِيثُنا جَلَاءٌ لِلقُلُوب يَجْلِي الرَّينَ عَنْ قُلُوبكم مِثْلَمَا يَفْعَلُ الصَّيْقَلُ بِالسَّيف)، كما يفعلُ الصيقلُ بالسَّيف فيزيل الرَّين والصدأ عن السيف حديثنا هو صيقلُ قلوبِكم، إذا أردتم أن تزيلوا الرَّين عن قلوبكم فالصَّيقلُ الَّذي يُزيل الرَّين ويجلي الصَّدأ ويُزيح هذهِ القاذوارت هو حديثُنا: (حَدِيثُنا جَلَاءُ القُلُوب)، هم يقولون حديثُنا جلاءُ القلوب. إذاً في البداية لابُدَّ أنْ أُزيل الرَّين عن قلبي، وكيف أُزيلُهُ؟ لابُدَّ من وسيلةٍ، هُناك وسيلة، هذهِ الوسيلة هي الَّتي تجعلني أُزيلُ هذا الرَّين بحديثِهم، هذه الوسيلة هم أخبروني عنها: (اِعْرِفُوا مَنَازِلَ شِيْعَتُنَا بِقَدْرِ مَا يُحسِنُونَ مِن رِوَايَتِهِم عَنَّا وَفَهْمِهِم مِنَّا)، لابُدَّ أنْ أبحث عن وسائل الفهمِ عندهم في نفس حديثِهم، وقبل كُلِّ ذلك لابُدَّ أنْ أبحثَ عن المِفتاح الكبير الَّذي يفتحُ لي كُلَّ الأقفال: ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. زرارةُ حدّثني وقرأتُ ذلك في الكافي، أين وجدتُ زرارة؟ إنِّي وجدتُ زُرارة والتقيتُ بهِ في بيت الكُليني في الكافي، هناك التقيتُ بزرارة عند أبي جعفر محمَّد ابن يعقوب الكليني، وحدَّثني زُرارة عن أبي جعفرٍ الباقر:- ذُروَةُ الأَمْرِ وَسِنَامُهُ وَمِفْتَاحُهُ وَبَابُ الأَشْيَاء – مِفتاحُهُ، مِفتاحُهُ، من هُناك أخذتُ المفتاح، حينما كُنتُ أتجوَّلُ في رياض الكافي وجدتُ المفتاح هناك – ذُروَةُ الأَمْرِ وَسِنَامُهُ وَمِفْتَاحُهُ – المفتاح هناك – وبَابُ الأشْيَاء – المفتاح والباب هناك، فأخذت المفتاح و فتحتُ الباب – وَبَابُ الأَشِيَاء وَرِضَا الرَّحْمَنْ – بعد أنْ فتحتُ الباب فتحتُهُ على ساحةٍ فيها رِضا الرَّحمن – وَرِضَا الرَّحْمَنْ تَبَارَكَ وتَعَالَى الطَّاعَةُ لِلإِمَامِ بَعدَ مَعْرِفَتِه – فوردتُ على هذهِ الخَزائن فسألتُ الخزائنَ كيف أفتُحكِ أيَّتُها الخزائن المُغلقة؟ لقد دخلتُ، دخلتُ إلى قصرِ تلك الخزائن فسألتُها كيف أفتحكِ أيَّتُها الخزائن؟ مكتوبٌ عليها التعليمات، مكتوبة على هذه الخزائن، مكتوب عليها إذا أردتَ أنْ تفتحني يا من فتحتَ الباب الكبير بالمفتاح إذا أردتَ أنْ تفتحني، أنْ تفتحَ هذه الخزائن الشَّفرةُ عندك، أين عندي؟ ألم تُبايع بيعةَ الغدير؟ لو لم أبايع بيعةَ الغدير ما الَّذي أوصلني إلى هذهِ الخزائن؟! لقد بايعتُ بيعة الغدير وأنا في صُلبِ أبي، إذاً لماذا تسأل؟ إذا كُنتَ قد بايعت فإنَّ الشَّرط قد أُخِذ عليك، هذه الخزائن لا تُفتَح إلَّا بشفرةٍ عَلَويَّة، فالقُرآنُ لا يُفسِّرُه إلَّا عليّ، هذهِ هي الشَّفرة. فحين وصلتُ إلى هذه السورة سورة البيّنة، هذه سورة الشِّيعة، هذهِ سورة الشِّيعة حتَّى في كُتُبِ المخالفين، هذه السورة هي سورة الشِّيعة، عودوا إلى كتب المخالفين، قلَّبوا كتبَ المخالفين، الجوامع الحديثيّة الكبيرة عندهم، حينما تأتي هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾، راجعوا كتب المخالفين وتفسيرُها عندهم واللهِ بهذه الكلمة: (شِيعةُ عليّ)، في كتبهم موجودة، في كُتُبِ تفسيرِهم، في جوامعِ حديثِهم، في الكُتب الَّتي تتحدَّثُ عن هذهِ السورة، عن سورة البيّنة، سورة البيّنَة البيّنة، البيّنة يعني الوضوح، يعني البيان، سورة البَيِّنة هي سورةُ الشِّيعة، الَّذي لا يمتلك الوضوح ليس شيعيَّاً. إذا تتذكَّرون في الحلقات المتقدِّمة حين عرَّفتُ الزَّهرائي، قلتُ الزَّهرائي هو الشِّيعيُ الَّذي ترتضي الزَّهراءُ تشيُّعَه، زهرائيُّون يعني شيعةَ الزَّهراء، والزَّهرائيَّة تعني الوضوح، لِمَ سُمِّيت الزَّهراء؟ حين عمَّ الظلام على هذا الوجود زَهَر نُورُها فَزَهَر الوجودُ وبَانَ الوضوح، الزَّهرائيَّةُ تعني الوضوح، والزَّهرائيُّون لا يكونون زهرائيِّين ما لم يمتلكوا الوضوح، وشيعة الزَّهراء أبرزُ صفةٍ فيهم الوضوح، البيان، البيِّنة سورة البيِّنة إنَّها سورةُ الشِّيعة، إنَّها سورةُ الزَّهرائيِّين، كما قُلت قبل قليل في كُتب أعداء الزَّهراء هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾، هم شيعةُ عليِّ. ماذا تقول سورة البَيِّنة؟ سورة البَّيِّنة في الآية الخامسة الكلام واضح جدَّاً، ماذا تقول الآية الخامسة؟ ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، من هُنا جاء هذا العنوان، دينُ القَيِّمَة، هذا هو قُرآنهم، هل هذا قُرآنُ أحدٍ؟ فارشدوني إليه حتَّى أسألَهُ عن قُرآنِه، قُرآنُ مَن هذا؟ هذا قُرآنُ عليٍّ وآلِ عليّ، هذا قُرآنُ مُحَمَّد ابن عليٍّ الباقر، هذا قُرآنُ جَعفر ابن مُحَمَّدٍ الصَّادق، هذا قُرآنُ علي ابن مُحَمَّدٍ الهادي، هذا قُرآنُ الحَسن ابن عليٍّ العسكريّ، هذا قُرآنُ الحُجَّة ابن الحَسن، هذا قُرآنهم، منطقيَّاً إذا أردتُ أنْ أَعْرِف بالضَّبط أسرارَ هذا القُرآن أسأل مَن؟ أسألُ مَن؟ أسألُ الطوسي الَّذي يعبُّ في الفكر المخالِف؟ أم الطبرسي؟ أسألُ مَن؟ الطباطبائي؟ أسأل مَن؟! أنتم خبّروني أنتم قولوا، أسأل هؤلاء؟ مَن هم هؤلاء؟ هؤلاء ما قيمتُهم؟ هؤلاء يخالفون آلَ مُحَمَّد هذه كُتُبِهم، أسألُ مَن؟ أنتم قولوا لي. هذا هو القُرآن وأنا أقرأ وهذهِ الآية ليست واضحة، أنتم تعرفون معناها؟ ما معنى هذه الآية؟ إذا كنتم تعرفون معناها بنحوٍ صحيح من أين جئتم بهذا المعنى؟ هذا هو القُرآن هل نقرأ من دون أن نعرف؟ على الأقل المستوى الَّذي يتناسب وعقلي، قرأتُ هذه الآية: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، مَن هي هذه القَيِّمة الَّذي ينتسبُ الدِّينُ إليها؟ مَن هي هذه القَيِّمة؟ أرشدوني إليها، دلّوني، دلّوني هذه القَيِّمة مَن هي؟ القَيِّمة مذكَّر أو مؤنّث، ماذا تقولون أنتم؟ هذه الكلمة مُذكَّرة أو مُؤنَّثة؟ تعرفون العربية؟ ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ مَن هي هذه القيّمة؟ دلّوني عليها، أرشدوني، هل هي حوّاء أمنا؟ ما الدليل على ذلك؟ هل هي مريم بنت عمران؟ يمكن، ولكن ما الدليل على ذلك؟ هل هي آسية بنتُ مزاحم؟ يمكن، ولكن ما الدليل على ذلك؟ هل هي خديجة الكبرى الَّتي ضحَّت بكُلِّ شيء في سبيل هذا الدين وهي أمُّ فاطمة؟ يمكن، ولكن ما الدليل على ذلك؟ مَن هي هذه القَيِّمة؟ هل هي آمنة بنت وهب أمُّ رسول الله؟ يمكن، امرأةٌ أنجبت مُحَمَّداً يمكن أنْ تكون هي القَيِّمة، هل هي فاطمةُ بنت أسد الَّتي أنجبت عليَّاً؟ يمكن، ولكن ما الدليل على ذلك؟ من الَّذي يُرشدني؟ سيِّد قطب؟ ابن عربي؟ الشَّافعي؟ إلى من أعود؟ أنتم أرشدوني. واضح، أعودُ إلى أصحاب القُرآن، هم أخبروني قالوا هذه القَيِّمة هي: فاطمة، ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، هذا الدين كُلُّه نُسِبَ إليها، ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، فإذا كانت هذه البَيِّنةُ سورةً للتشيُّع، هذه سورة الشِّيعة، وكانت هذه القَيِّمة فاطِمَة، وكان هذا الدينُ دينَها، هذا دينُ فاطمة، ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، قَيِّمة أي لها القيمومة، هذا الدِّينُ هو دينُها، من هنا جئتُكم بهذا العنوان، ما جئتُ به من أعداء أهل البيت كما فعل الآخرون، جئتُكم به من القُرآن، هذا هو دينُ القَيِّمة، هذه سورة البَيِّنة. وأمَّا مضمونُ هذا العنوان، أيضاً ما جئتُ به من أحد، هذا هو حديثُ آل مُحَمَّد. هذا: (تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة) للاسترابادي النجفي، الجزء الثَّاني، وهذه الطبعة طبعة مدرسة الإمام المهديّ قم المقدَّسة. هنا في رياضِ الآيات الظَّاهرة والعترة الطاهرة هنا التقيتُ بصديقي العزيز مُنذ أربعة عقود وأنا أستئنسُ بحديثهِ، ذلك المغالي وأنا مثلهُ مُغالي أيضاً والطيور على أشكالِها تقع، إنَّهُ جابر ابن يزيدٍ الجعفي الَّذي علسوا تفسيرَه، في البداية شوَّهوا تفسيرَهُ وقالوا فيه ما فيه، ثُمَّ علسوه، فضاع تفسيرُ جابر، هذه بقاياه، بقايا البقايا من تفسير جابر، من حديثِ الغُلاة، الَّذي آنسني عِبر أربعة عقودٍ من العمر، وأنا أُقلِّب نواظري وأؤنسُ نفسي بكلامِ هؤلاء الطيَّارةِ الغُلاة، في نظرِ الرِّجاليين قطعاً بحسب القذارات الموجودة في كُتب الرِّجال عند عُلمائِنا ومراجعِنا الأجلّاء، جابرٌ يُحدِّثُنا عن باقر العلوم، صفحة 830، أذهب إلى موطن الشَّاهد الَّذي أتحدَّثُ عنه، جابرٌ هنا يُحدِّثنا عن معنى سورة البَيِّنة، ما أحتاجهُ هنا: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، ماذا قال الباقر؟ هذا هو قُرآنهُ، هذا لا هو بقُرآن الطوسي ولا الطبرسي ولا الطباطبائي ولا قُرآن مُغنيه ولا الشِّيرازي ولا أيّ واحد، ولا البقيَّة، هذا قُرآن الباقر، الباقر ماذا يقول؟ ماذا تقول يا أبا جعفر أيُّها الباقر، يا باقر الحقائق ماذا تقول؟ – قال: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، هِيَ فَاطِمَة – هذه فاطمة، إذاً هي فاطمة الَّتي أبحثُ عنها، من هُنا نَشأ هذا العُنوان: فاطمة القَيِّمة. كما عودتكم نتقلَّبُ بين الكتابِ والعترة، لنْ نخرجَ من هذهِ الحدود، حدودُنا هي ولكنْ هذه حدودٌ لا نهايةَ لها، حدودٌ مفتوحة، مفتوحةٌ على الجنان، مفتوحةٌ على الملأ الأعلى، مفتوحةٌ على الحقيقةِ المطلقة، مفتوحةٌ على كُلِّ خير، مفتوحةٌ على أجمل الجمال وأجلِّ الجلال وأكملِ الكمال، على كُلِّ الأوصاف الَّتي لا عينٌ رأت ولا أُذُنٌ سَمعت ولا خَطَر على قلبِ بَشر، نَحنُ معَ آلِ مُحمَّد، هنا إذاً هذا هو دينُ القَيِّمة، باقر العلوم كما يُحدِّثنا هذا المغالي جابر ابن يزيد الجعفي يقول:- ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ قَالَ: هِيَ فَاطِمَة – فَاطِمَة، فَاطِمَة، فَاطِمَة هي الَّتي قال عنها مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله: (يَرْضَى الله لِرَضَاهَا ويَسْخَطُ لِسَخَطِهَا)، هذه الميزة تعني القَيِّمة، ارفعوا كلمة القَيِّمة وضعوا هذه العبارة (القَيِّمةُ هي الَّتي يرضى الله لرضاها)، لأنَّ القَيِّمة يقوم بها الدِّين ولها القيُّومة والقيُّوميَّة، لأنَّ القَيِّمةَ يقوم بها الدينُ ولها القيُّوميَّةُ على أهل الدين، ولها القَيمُومة على الدِّين، وبها تقوم الحقائق، هذه هي فاطمة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليها. ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ قَالَ: هِي فَاطِمَة – وهذه أيضاً من الوثائق الَّتي أُخفِيَت، هذه الرِّواية أساساً من تفسير جابر الجعفي، وتفسيرُ جابر لا وجودَ له، ما هو مطبوعٌ الآن ما هو بتفسير جابر، هذا جمعٌ للأحاديث والرِّوايات التفسيريّة المنتشرة في الكُتب، تفسيرُ جابر كبيرٌ كبيرٌ جدّاً بحسب ما يظهر من القرائن، ويبدو أنَّ أكثرَه، أنَّ أكثرَ تفسيرهِ كان في حقائقِ الرَّجعة، هذه الرِّوايات هي من جُملةِ رواياتِ تفسيرهِ، على أيِّ حال، فالتفسير الأصل، المصدر الأصل ليس موجوداً، علسوه، في البداية شوَّهوه، إذا رجعنا إلى كُتب الرِّجال سنجدهم مَن؟ الوهابيّة؟ لا، علماءُ الشِّيعة، يحملون حملةً شعواء على جابر وعلى كتبه، البعض منهم يمدحهُ، أسلوب شيطاني! ويَحمِل على كُتبِه، البعض يذمّه ويذمّ كُتُبَه، والبعض يمدحه ويذمّ كُتُبَه، والنتيجة واحدة، ثُمَّ بعد ذلك ضاعت كُتب جابر، بقيت منها أحاديث، وهذهِ الأحاديث الَّتي بقيت يُلاحقونها بالحُكمِ على أسانيدِها بالضَّعف وبالغلوّ وأمثال ذلك، من جملتها هذه الرِّواية، هذهِ الرِّواية هل سمعتم بها؟ هل قرأتموها في هذه الكتب؟ لا وجودَ لها في كُتُبِ مراجعِكم، هذه الرِّواية موجودةٌ هنا، نقلها صاحب البحار، صاحب البحار جَمَع كُلَّ شيء، جامعٌ حديثيٌّ كبير، وأيضاً هي في العوالم قطعاً، لأنَّ العوالم هو البحار مع المستدركات، من مصادرِ التفسير البرهانُ فقط نقلَها. البرهان في تفسير القُرآن، هذا هو الجزء الثامن من منشورات مؤسَّسة الأعلمي للمطبوعات، صفحة 346، أوَّل رِواية من الرِّوايات الَّتي ذكرها في ذيل سورة البَيِّنة، ذَكَر السورة كاملةً وبعد ذلك جاء بالرِّوايات، أوَّل رواية هي هذه الرِّواية:- ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ قَال: هِي فَاطِمَة – رواية جابر الجعفي عن باقر العلوم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، هذا هو البرهان في تفسير القُرآن، المجلَّد الثَّامن. وهذا الجزء الثَّاني من تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطَّاهرة للسيِّد شرف الدِّين الاسترابادي النَّجفي. في الجزء الثَّالث والعشرين من بحار الأنوار الرِّواية أيضاً موجودة عن جابر ابن يزيد الجعفي عن باقر العلوم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. إذاً هذا العنوان مأخوذٌ من أين؟ من القُرآنِ ومن حديث العترة، أصولُ الدِّين الخمسة من أين مأخوذة؟ بالله أرشدونا من أين مأخوذة؟ هل أُخِذَت من آيةٍ من القُرآن، أم من روايةٍ من العترة؟ إذهبوا وابحثوا تأكَّدوا لربَّما يوجد، ولكم مليون ومليار وتريليون شكر لو أرشدتموني إلى آيةٍ أو إلى روايةٍ تتحدَّث عن منظومةِ العقائدِ الكلاميّةِ هذهِ ذات الأصول الخمسة، أمَّا أنا فأحدِّثكم عن الكِتاب والعِترَة، هذا هو حديثُ الكتاب والعِترَة. ماذا يقول إمامُكم أميرُ المؤمنين، إذا كُنتم تُريدون حَديثَه؟ هذا هو: (حديث المعرفة بالنَّورانيَّة)، الحديث ضعيف سنداً قطعاً بحسب قذارات علم الرِّجال ولكنَّني مريضٌ كما أخبرتُكم سابقاً وعندي حسَّاسيةٌ شديدة فأيُّ شيءٍ يُقذِّره علم الرِّجال أُحِبُّه، أتعلمون لماذا؟ الأَئِمَّة قالوا: (إِنَّ الصَّوَابَ فِي خِلَافِهِم)، فعلم الرِّجال علمٌ ناصبيٌّ نتائجهُ ناصبيّة، والصَّواب في خلاف النَّواصب، لا يوجد هناك فارق بين من يستعمل هذا العلم أكان البخاري أم كان أيّ مرجع من مراجع الشِّيعة، ليس العبرةُ بالأشخاص، العبرة بالمنهج وبالنتائج، فَعلمُ الرِّجال علمٌ ناصبيٌّ وأسلوبٌ شيطانيٌّ بامتيازٍ معادٍ لآل مُحَمَّد، استعملهُ البخاري أو استعمله المرجع الأعلى والأعلم في الوسط الشِّيعي في هذا الزَّمان، قبلَ هذا الزَّمان، في الأزمنة الآتية، النتيجة واحدة النتيجة ناصبيّة، والصَّواب في خلافِهم، من هنا نشأت عندي هذه الحسَّاسية البغيضة، حسَّاسية بغيضة قطعاً بحسب قواعد المؤسَّسة الدِّينيَّة الشِّيعيَّة الرَّسميَّة، حسَّاسية بغيضة من قذارات علم الرِّجال. فأيُّ شيءٍ يُضَعِّفه الرِّجاليّون هو صحيحٌ وفعلاً هو صحيح، لأنَّهُ يُوافقُ القُرآن، يوافق المنطق، يوافق العقل، ويوافق ذوقَ أهل البيت، وهذا مِصداق من هذهِ المصاديق حديثُ المعرفة بالنَّورانيَّة، بحسبِ قواعد الرِّجال حديثٌ ضعيف، بحسبِ قواعد علم الكلام حديثٌ ليس مقبولاً، بحسبِ الذَّوق الحوزويّ هذا الحديث مرفوض، بالنسبةِ لي كُلُّ ذلك تجلٍّ وظهورٌ ناصبيٌّ، والصَّوابُ في خلافِ هذا الظهورِ النَّاصبيّ، لذا أعتقدُ بهذا الحديث تمامَ الاعتقاد، أقولُ هذا ربَّما بعض الأشخاص يقول إنَّهُ سَمِع المرجعَ الفُلاني، العالمَ الفُلاني، قال إنَّ هذا الحديث ليس صحيحاً، بالنِّسبة لي أنا مُصابٌ بهذا المرض فماذا أفعل، وأرجوا منكم أنْ تدعو لي بعدمِ الشفاءِ من هذا المرض. ماذا أقرأُ في حديث المعرفة بالنَّورانيَّة؟ هذا هو بحار الأنوار، الجزء السَّادس والعشرون، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثَّالثة المصحَّحة، 1983: سَأَل أَبُو ذَرّ الغِفَارِي سَلْمَان الفَارِسَي رَضِي اللهُ عَنْهُما: يَا أَبَا عَبدِ الله – وهي كُنية سلمان – ما مَعْرِفَةُ الإِمَام أَمِيرِ المُؤْمِنِين بِالنَّوْرَانِيَّة، قَالَ: يَا جُنْدُب – وهو اسم أبي ذَرّ – فَامْضِ بِنَا حَتَّى نَسْأَلهُ عَنْ ذَلِك، قَالَ: فَأَتَينَاهُ فَلَم نَجِده، قَالَ: فَانْتَظَرنَاه حَتَّى جَاء، قَالَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيه: مَا جَاءَ بِكُمَا؟ قَالَا: جِئْنَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِين نَسْأَلُك عَنْ مَعْرِفَتُكَ بِالنَّوْرَانِيَّة؟ قَالَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيه: مَرْحَبَاً بِكُمَا مِن وَلِيَّينِ مُتَعَاهِدَينِ لِدِيِنِهِ لَسْتُمَا بِمُقَصِّرّين – لأنَّهما يبحثان عن المعرفة، الَّذي لا يبحث عن المعرفة مُقصِّر، والمقصِّر عدوٌ لآلِ مُحَمَّد، حتَّى وإنْ كان يُلبِسُ نفسَه لباسَ الشِّيعة – مَرْحَبَاً بِكُمَا مِنْ وَلِيَّينِ مُتَعَاهِدَينِ لِدِيِنِهِ لَسْتُمَا بِمُقَصِّرَين لَعَمْرِي أَنَّ ذَلِكَ الوَاجِب عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَة – ومؤمنة ومؤمنة ومؤمنة، لا يوجد فارق في الدين بين الرِّجال والنِّساء، أميرُ المؤمنين يقول: – لَعَمْرِي أَنَّ ذَلِكَ الوَاجِب عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَة، ثُمَّ قَالَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيه: يَا سَلْمَان وَيَا جُنْدَب، قَالا: لَبَّيكَ يَا أَمِير المُؤْمِنِيِن، قَالَ صَلَواتُ الله عَلَيه: إِنّهُ لَا يَسْتَكْمِلُ أَحَدٌ الإِيمَانَ حَتَّى يَعِرِفَنِيِ كُنْهَ مَعَرِفَتِي بِالنَّوْرَانِيَّة فَإِذَا عَرَفَنِي بِهَذِهِ المَعْرِفَة فَقَد اِمْتَحَنَ اللهُ قَلْبهُ لِلإِيمَان وَشَرَحَ صَدْرَهُ للإِسَلام وَصَارَ عَارِفاً مُسْتَبصِراً وَمَن قَصَّر عَن مَعْرِفَةِ ذَلِك فَهُو شَاكٌّ ومُرْتَاب، يَا سَلْمَانُ وَيَا جُنْدَب؟ قالا: لَبَّيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِين، قَال: مَعْرِفَتِي بِالنَّوَرَانِيَّة – ما هي معرفتهُ بالنَّورانيَّة؟ هنا، هنا التعريف، التفتوا إلى التعريف، ماذا قال أمير المؤمنين؟ مَعْرِفَتِي بِالنَّوَرَانِيَّة مَعْرِفَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ – هِيَ هِيَ – وَمَعْرِفَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْرِفَتِي بِالنَّوْرَانِيَّة – ماذا يقول أمير المؤمنين؟ – مَعْرِفَتِي بِالنَّوَرَانِيَّة مَعْرِفَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعْرِفَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْرِفَتِي بِالنَّوْرَانِيَّة – الأصل هو الإمام، التوحيد هو الإمام، هذهِ المنظومة الَّتي تعرفونها اكنسوها، اكنسوها، هذهِ هي العقائدُ الحقَّة، الإمام بعد ذلك يستمرّ يقول: – وَهُوَ الدِّينُ الخَالِص – هذا التعريف الَّذي قالهُ: – مَعْرِفَتِي بِالنَّوَرَانِيَّة مَعْرِفَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعْرِفَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعْرِفَتِي بِالنَّوْرَانِيَّة، قال: وَهُوَ الدِّينُ الخَالِص – هذا هو الدِّينُ الخالص، إذا كنتم تبحثون عن الدِّين الخالص، الدِّين النَّقي النَّظيف، النَّظيف من قذارات أعداء أهل البيت، هذا الدِّينُ الخالص الَّذي جاء من العيون الصَّافية لا من العيون الكدرة، هذا دينٌ خالص من قاذورات العيون الكَدِرة، من قاذورات علم الرِّجال وعلم الأصول وعلم الكلام وكلّ هذه القاذورات وهذه التفاسير الضالَّة البعيدة عن آل مُحَمَّد – وَهُوَ الدِّينُ الخَالِص الَّذِي قَالَ اللهُ تَعَالَى – ماذا قال؟ ﴿وَمَا أُمِرُوا﴾ – نفس الآية الَّتي مرَّت علينا قبل قليل، نفس الآية، الآية من سورة البَيِّنة نفس الآية: – ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ – هذا هو دينُ القَيِّمة. ألا تُلاحظون أنَّ القُرآن وأنَّ حديث آل مُحَمَّد الضَّعيف بحسب قذارات علم الرّجال، (هذه الأحاديث ضعيفة) و (هذا الحديث ضعيف) و …، هي مصاديق واضحة للحرب الإبليسيّة على الحقائق والوثائق الَّتي تقودُكم إلى فاطمة، هي هذهِ الحقائق والوثائق الَّتي تقودكم إلى فاطمة، هذه النصوص، لماذا هذا الحديث ضعيف؟ حتَّى الشَّيخ المجلسي نفسهُ هو يُضعِّفُ هذا الحديث! نفس الشَّيخ المجلسي في نهاية الحديث يُضعِّفهُ ويُشكِّك فيه! وهو الَّذي أورده في كتابهِ البحار، حرب شعواء على كُلِّ الحقائق الَّتي تقود إلى فاطمة، الشَّيخ المجلسي يُثبِّت الحديث ثُمَّ يُشكِّكُ فيه فهل سيكون بعد ذلك وثيقةً حقيقيَّةً للوصولِ إلى الهدف المنشود، إلى معرفةِ فاطمة؟ لنْ يكون، ولكنْ أنا ومَن يريد أنْ يُوافقَني لا نعبأُ لا بتشكيكِ المجلسيّ ولا غير المجلسيّ، هذا حديثُ أمير المؤمنين وهذا القُرآن قُرآنُهم وهذهِ الرِّوايات هي الَّتي تُفسِّرُ قُرآنَهم، حتَّى لو كانت ضعيفة. أيُّهما أفضل أنْ أموت وأنا أُفسِّر القُرآن بتفسير الطوسي الَّذي أخذهُ من الطبري، مئة بالمئة أخذه من الطبري أنا أعلم ذلك، أم أموت وأنا أُفسِّر القُرآن برواياتٍ يمكن أنْ تكون صدرت من آل مُحَمَّد ويمكن أن لا تكون صدرت ولكنَّنا في زمانِ غيبةٍ لا نستطيع أنْ نتأكَّد منها مئة بالمئة، المنطق ماذا يقول؟ هل أذهب وراء الطوسي والطبرسي والطباطبائي ومُغنيه والشِّيرازي وفلان وفلان وعلّان والبقيَّة الجميع، هل أبقى وراء هؤلاء وهم يُفسِّرون القُرآن بطريقةِ المخالِفين وأنا متأكِّد هذا الكلام الَّذي يذكرونه كلامٌ خاطئٌ مئة بالمئة، بينما حتَّى لو كُنتُ مُقتنعاً بقذارات علم الرِّجال وهذهِ الرِّوايات ضعيفة، ضعيفة يعني يمكن أنْ تكون أيضاً صادرة عن المعصوم، هناك احتمال صدورها، على الأقل لو يسألوني يوم القيامة لماذ صدَّقت بهذه الرِّوايات؟ أقول: هناك احتمال أنَّها صادرة، بينما عندي يقين أنَّ هؤلاء يكذبون، يكذبون على أهل البيت، المنطق ماذا يقول؟ أين هو المنطقُ الرَّحماني؟ وأين هو المنطقُ الشَّيطاني؟ أين هو؟ ماذا تقولون أنتم؟ بالنِّسبةِ لي هذه حقائق ولكنَّني أقول هذا للجدل، هذه حقائق، هذا قُرآنُ آلِ مُحَمَّد حقيقةً وهذه رواياتهم حقيقةً والقَيِّمة هنا فاطمةُ حقيقةً حقيقةً حقيقة، لو لم أكن على يقين، يقين نسبيّ قطعاً، لأنَّني لا أمتلك اليقين، من منّا يمتلكُ اليقين؟ ولكن ما نُسمّيه باليقين النّسبي، لو أنَّني لم أكن على يقين من أنَّ القَيِّمة فاطمة ومن أنَّ الدِّينَ دينُها ومن أنَّ العقيدة الشِّيعيَّة بهذه الصورة الَّتي شرحتُها لكم، واللهِ ماذكرتُ من ذلك حرفاً واحداً، لأنَّني سأُحَاسَبُ على كُلِّ كلمةٍ أقولُها هنا، ولا شأنَ لي بكم كيف تتعاملون مع حديثي أو معي شخصياً، لكن هذه هي الحقائق وهذهِ الوثائق وأنتم بوجدانكم فَكِّروا في هذهِ المطالب، أنا لا أفرضُ رأيي على أحد ولا أطالبُكم بأنْ تُصدقوني ولكنْ هذهِ الحقائقُ بين أيديكم، هذهِ الكُتُب، هذهِ المصادر وأنتم فكِّروا وفكِّروا جيداً. أنا لستُ مسؤولاً عن عقائدِكم، أنا لستُ مسؤولاً عن عقائدِ أُسرتي الصَّغيرة الَّتي أعيشُ معها، أنا مسؤولٌ عن عقيدتي الشَّخصية أُسألُ عنها، وكلٌّ واحد منكم مسؤولٌ عن عقيدتهِ، لا أنتم صغار ولا أنتم لا تستطيعون أنْ تبحثوا، بإمكانكم أنْ تدخلوا على الأقلّ إلى أجهزة التليفون الَّتي تحملونها في جيوبِكم، استمعوا إلى أقوال القائلين وإلى أحاديث المتحدِّثين وقارنوا فيما بينهم مُدَّةَ أسبوع، ستكتشفون الحقائق، ستعرفون مَن الَّذي ينطقُ بالحقائق ومَن الَّذي يحثو على رؤوسِكم الجهالات، لا أقول الأكاذيب الجهالات، لعدم علمٍ ولعدم معرفةٍ ولعدم ثقافةٍ ولعدمِ اطلاعٍ، مَن الَّذي يحثو الجهالات على رؤوسِكم ويتقيَّأ بها على وجوهِكم ومَن الَّذي يضع الحقائق الواضحة الصَّريحة النَّاصعة بين أيديكم، يمكنكم أنْ تتأكَّدوا من ذلك ويُمكنكم أنْ تكتشفوا ذلك بأنفسِكم، ولكن أُصدُقوا مرَّة واحدة مع أنفسِكم وتعاملوا مع دينِكم بإنصافٍ وبوجدانٍ صادق، توجَّهوا إلى إمامِ زمانِكم واطلبوا أنْ يُسدِّدَكم وأنْ يُرشدَكم إلى العقائد الحقَّة، العقائد الحقَّة، وإذا وصل أحدُكم إليها لنْ تقبل منه من دون تأييد الصدِّيقة الطاهرة، وإلَّا فأنتُم كذَّابون كذَّابون كذَّابون حين تخاطبون فاطمة وتقولون: (وزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء وَمُصَدِّقُونَ وَصَابِرُونَ لِكّلِ مَا أتَانَا بِه أَبُوكِ وأتَى بِه وَصِيُّه – يعني أنتم وصلتم إلى العقائد الحقَّة – وزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء – هذا زعم في الولاية لفاطمة، وتلاحظون الزِّيارة هنا تُرتِّب، البوّابة فاطمة – وزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاء – هذا أولاً، وبعد ذلك، هذا زَعم، نحنُ نزعم أننّا أوليائكِ، نزعم أننّا زهرائيون وبعد ذلك – وَمُصَدِّقُونَ وَصَابِرُونَ لِكّلِ مَا أتَانَا بِه أَبُوكِ وأتَى بِه وَصِيُّه – وَصلنا إلى العقائد الحقَّة ومع ذلك – فَإِنَّا نَسَأَلُكِ – يا زهراء – إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلَحَقِتِنَا بِتَصْدِيِقِنَا لَهُمَا لِنُبَشَّرَ أَنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرنَا بِوَلَايَتِكِ) وبعد ذلك تقول لي: الزَّهراء ليست حيَّةً وليست موجودةً وليست مُشرِفةً وليست قَيِّمةً!! كذَّابٌ أنت؟ لماذا تقرأ هذا الكلام؟ هذا الكلام هو هذا معناه؟ بقيَّة الحديث تأتينا في حلقة يوم غدٍ إنْ شاء الله تعالى، توجَّهوا إلى فاطمة واطلبوا من فاطمة الهداية … الملتقى غداً نفسُ الشَّاشة ونفسُ البرنامج ومعكُم هذا المُغالي يُحدِّثكم بحديث الغُلُوّ وبالحديث المنحرف، المنحرف إلى آل مُحَمَّد، والمنحرف عن غيرِ آل مُحَمَّد، الانحراف في بعض الأحيان اِنحرافٌ إلى الحقّ. أَتْركُكُم فِي رِعَايَةِ القَمَر … يَا كَاشِفَ الكَرْبِ عَنْ وَجْهِ أَخِيكَ الحُسَين إكْشِف الكَرْبَ عَنْ وُجُوهِنَا وَوُجُوهِ مُشَاهِدِينَا وَمُتَابِعِينَا عَلَى الإنْتَرْنِت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين … يَا قَمَر … أَسأَلُكم الدُّعَاء جَميعاً … في أمَانِ الله … ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الأربعاء 26 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 28 / 9 / 2016م وصل بنا الحديث بعد أن كملت الحلقات التي كانت تحت عنوان (ملامح المنهج الأبتر في الوسط الشيعي) وصلنا إلى هذا العنوان: فاطمة القيّمة.. والحديث في هذه الحلقة والحلقة القادمة – إن تمّ الكلام فيها – كلّها تحت هذا العنوان: فاطمة القيّمة. كان الحديث عن حديث الكساء اليماني الفاطمي وما جرى على هذا الحديث من عملية إبعاد واضحة عن ساحة الثقافة الشيعية.. وقطعاً إبليس من وراء ذلك! وبقيت بقيّة ترتبط بما جرى ويجري على حديث الكساء الشريف. عرض لنماذج من كتب علماء الشيعة سألقي عليها نظرة سريعة لأبيّن كيف تعاملت الرموز الشيعية مع حديث الكساء الشريف! وقفة عند كتاب [حديث الكساء في مدرسة الخلفاء ومدرسة أهل البيت] لمرتضى العسكري. بعد أن يُورد الروايات والأحاديث والمصادر لحديث الكساء الذي جرت تفاصيله في بيت أمّ سلمة.. يقول في السطور الأخيرة من هذا الكتاب تحت عنوان: حديث الكساء في رواية أخرى: (اتّفقت الروايات السابقة في كتب الفريقين على أنّ آية التطهير نزلت على رسول الله في بيت أم سلمة، وقد أجلس حوله أهل بيته وجلّل نفسه وإيّاهم بالكساء، وعارضت تلكم الروايات رواية واحدة غير معروفة السند تذكر أنّ القصّة وقعت في دار الزهراء بكيفية أخرى غير أنّ هذه الرواية الواحدة لا تناهض تلك الروايات الكثيرة سنداً ومتناً، ولم نرَ حاجة للتعرّض لذكرها ومناقشتها، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين..) أنا لا أعترض على واقعة حديث الكساء في بيت أم سلمة، فهذه الحادثة وقعتْ أيضاً في بيت أم سلمة لتشديد الحجّة على المسلمين، ولتشديد الحجّة أيضاً على عائلة النبي من نسائه وكذلك من بني هاشم.. حديثنا هو عن حديث الكساء الفاطمي. ● فمرتضى العسكري لم يذكر رواية حديث الكساء في بيت الزهراء لا من قريب ولا من بعيد.. فقط تحدّث عن سندها وقال: أنّ سندها غير معروف! ربّما مُراده من أنّ سند الرواية غير معروف هو أنّ الرواية أساساً ليستْ مذكورة في الكتب، فمِن هنا تكون مشكوكة – بنظره – ومِن هنا يكون السند المذكور في عوالم العلوم مشكوك، والمشكوك غير معروف! وإلّا فإنّ هناك سند في عوالم العلوم لهذه الرواية قرأته عليكم يوم أمس. (وقفة قراءة سند حديث الكساء الفاطمي المذكور في عوالم العلوم، مع الإشارة إلى الإشكالات التي قد تُثار على السند) ● ما قاله مرتضى العسكري مِن أنّ الرواية غير معروفة السند، لا أدري: هل أنّه لم يطلّع على السند؟ أو أنّه قرأ الرواية في مفاتيح الجنان أو في المنتخب للطريحي فلم يجد لها سند! لأنّها في العوالم لها سند (ربّما يُشكل عليه، ولكن بالنتيجة لها سند). ربّما هو لا يقبل السند بسبب هذه الإشكالات التي بينتُها، بحسب القواعد التي يعمل بها الرجاليون في تعاملهم مع أسانيد الحديث. ● سؤالٌ هنا قد يطرح نفسه: في سند حديث الكساء المذكور في عوالم العلوم، جاء ذكر لكلّ من (الشيخ الطوسي، والمفيد، وابن قولويه، والكليني، وذكر عليّ بن إبراهيم) الشيخ الطوسي والمفيد والكليني وعليّ بن إبراهيم كلّهم وردتْ أسماؤهم في سند الحديث، ولكن لا أثر لهذا الحديث في كُتبهم! الكليني أيضاً ورد اسمه في سند الحديث، ولكن لا أثر للرواية في كُتبه التي وصلتنا أيضاً.. لربما الشيخ الكليني أورد الرواية في كتبه التي ضاعتْ ولم تصل إلينا. أو لربّما أنّ هؤلاء المحدّثين أوردوا الحديث في كتبهم التي وصلت إلينا ولكن حذفها مَن حذفها، أو ربما هناك تفاصيل أخرى لا علم لنا بها! ● مسألة لابدّ من بيانها، فقد تكون سبباً لعدم ذكر هؤلاء الأعلام لحديث الكساء هذا في كتبهم التي وصلت إلينا: وهي أنّ رواية الحديث أساساً رواية شفهية، ولا يُقال للراوي أنّه راوي إذا كان يسمع ويكتب فقط.. (فهذه رواية كتابية) إنّه يكتب الرواية وليس راوي. نعم يستعين الراوي بالكتابة لأجل حفظ الروايات وضبطها كما قال الأئمة.. ولكن الراوي أساساً هو الذي يحفظ الحديث في قلبه، ويبقى مخزوناً في ذاكرته، ويتلوه شِفاهاً بشكل صحيح، وإذا رواه يرويه بشكل صحيح – إنْ كان بالألفاظ أو بالمضمون – بشرط أن يُصيب المعنى كما اشترط ذلك أئمتنا علينا في رواية الحديث. أمّا الذي ينقل الرواية كتابة فقط مِن دون أن يحفظ الروايات ومِن دون أن ينقلها شفاهاً فهذا يُسمّى (راوي) مجازاً.. الراوي الحقيقي هو الذي يروي بالكلام وبالّلفظ. ● علماء الحديث كان بينهم هذا العُرف: وهو أنّهم لا يكتبون بعض الأحاديث خطّاً في كُتبهم.. وإنّما ينقلها بعضهم إلى بعض (شيخ الحديث ينقل الرواية تلامذته أو إلى الراوين عنه شفاهاً، وهم يحفظون هذه الرواية شفاهاً، وينقلونها إلى جيل آخر شفاهاً ولا يكتبونها.. وتبقى بعض الروايات لها خصوصية تُتناقل في الصدور من محدّث إلى محدّث لأجل أن ينطبق عليهم وصف رواة الحديث بالمعنى الدقيق (أنّهم يروون الحديث شفاهاً).. فيختارون رواية أو روايتين، والبعض يختار 40 رواية (باعتبار وجود روايات تجعل خصوصية في الثواب لِمن يحفظ 40 رواية) فكان هذا العُرف موجوداً بين المحدّثين.. فقد يحفظ أحدهم 40 حديثاً ولا يكتبها في كتاب، وينقلها شفاهاً للأجيال التي بعده، حتّى ينطبق عليه هذا المصطلح (راوي الحديث بشكل حقيقي كامل).. وعادة إذا أرادوا أن يحفظوا رواية وينقلونها شفاهاً يختارون رواية لها خصوصية (فلربما كان الأمر هكذا مع حديث الكساء) هذا احتمال فقط. وربّما كان إبليس وراء هذه الفكرة في أذهان بعضهم كي يبقى هذا الحديث بعيداً عن جوامع الحديث وعن الكتب العلمية وعن الساحة العقائدية، وبقي يُتناقل على الألسنة إلى زمان الطريحي الذي كان يذكره في مجالسه، وأثبته في كتبه (المنتخب).. كلّ هذه احتمالات. ● بالنسبة لي لا شأن لي بكلّ هذه الاحتمالات، ولا شأن لي بالسند.. ولا يُهمّني أكان الكليني مذكوراً في السند أم لم يكن، فهذا لا يزيد ولا يُنقص شيئاً بالنسبة لي، فقاعدة القرآن واضحة: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا} أنا سأعتبر أنّ الذي جاء بحديث الكساء فاسق ومن أفسق الفسّاق.. فالقرآن يأمرنا أن نتبيّن، ولذلك أنظاري أصوّبها إلى المتن ولا أعبأ بالسند، فلا يوجد عندي أي شك في الحديث ولا بنسبة واحد إلى الترليون. ● الخلاصة التي نصل إليها من كلام مرتضى العسكري: أنّ رواية (حديث الكساء الفاطمي) غير معروفة السند، ولا تقوى على مواجهة ومعارضة أحاديث المخالفين وكذلك الأحاديث وردت عندنا وجاءت موافقة لذوق المخالفين! علماً أن تعبير (غير معروفة السند) هذا المصطلح غير علمي! وقفة عند مجلّة [الموسم] العدد (21- 22) لعام 1995 وهي مجلّة فصليّة (وهذا العدد خُصّص بالكامل لأسئلة وُجّهتْ للسيّد محمّد حسين فضل الله وأجاب عليها (3 آلاف سؤال وجواب) فهي بمثابة رسالة عملية. من جملة هذه الأسئلة التي طُرحتْ على السيّد فضل الله في المجلّة هذين السؤالين عن حديث الكساء الشريف: — السؤال 1: ما صحّة رواية حديث الكساء – أي الحديث الفاطمي بدليل ما سيأتي في السؤال الذي يليه؟ الجواب: الرواية مشهورة، ولكن بعض العلماء يناقش في سندها باعتبار أنّ بعض رجال السند ضعاف. ● لا أدري ماذا يقصد فضل الله بتعبير (مشهورة)؟! هل يعني مشهورة بالمُصطلحات التي يعمل بها أهل الحديث والقواعد الرجالية والعلماء؟ إذا كان هذا مراده فالرواية بهذا المعنى ليست مشهورة، لأنّ السؤال هنا عن حديث الكساء في بيت الزهراء، وليس في بيت أم سلمة حتّى ينطبق عليها عنوان (المشهورة).. فهذا الجواب ينمّ عن جهل إمّا بالمصطلحات، أو جهل بشأن حديث الكساء. ● وإذا كان مراده أنّها مشهورة عند عامّة الشيعة، فالرواية لم تُشهر عبر العصور الماضية وإنّما اشتهرت في العقود الأخيرة، بعد أن انتشر كتاب مفاتيح الجنان. ● ملاحظة: حين ذكرت الإشكالات الموجودة في سند رواية حديث الكساء فإنّني لا أؤمن بهذه الإشكالات، وإنّما ذكرتها لأقول: أنّ هؤلاء العلماء حين يتكلّمون لابدّ أن يتكلّموا بحسب القواعد التي هم يُؤمنون بها — السؤال 2: ما الهدف من حديث الكساء المروي عن الزهراء؟ وهل الهدف منه سبب نزول الرحمة والمغفرة على مَن يقرؤه؟! الجواب: ربّما كان الغرض من ذلك محاولة معرفة أهل البيت. (لا أستطيع أن أقول أنّ هذا الجواب ليس صحيحاً، ولكن أقول: أنّه ليس قويّاً وليس دقيقاً) فالغرض من حديث الكساء غرض معرفي، ولكن ليس في المستوى الذي يتحدّث عنه السيّد فضل الله. السيّد جعفر مرتضى العاملي أشكل على جواب السيّد فضل الله بشأن حديث الكساء في كتاب [خلفيات كتاب مأساة الزهراء: ج1] يقول: (مع أنّ حديث الكساء متواتر، وليس مشهور فقط وهذا ممّا لا يخفى على أحد من العلماء، ولا معنى لأن يُبحث في سند الحديث المتواتر، أمّا المشهور فإنّ للبحث في سنده مجال). وهذا الكلام غريب.. فإنّ حديث الكساء الفاطمي بحسب وجوده في الكتب والمصادر، وبحسب قواعد الدراية والرجال فالحديث ليس مشهور ولا متواتر.. يمكن أن يقول عنه مشهور ولكن لا بالمُصطلح العلمي، وإنّما مشهور في الوسط الشيعي في العقود الأخيرة. ● حديث الكساء لا تنطبق عليه هذه المصطلحات الناصبية.. أساساً هو ليس له مصدر، فكتاب الطريحي لا يقبله العلماء، وكتاب العوالم متأخّر، والنسخة التي نقل منها البافقي غير موجودة، والنسخة التي نقلت منها مؤسسة الإمام المهدي، متن الحديث فيها موجود في الحاشية، إضافة إلى أنّ السند يُمكن أن تُثار عليه الإشكالات والإشكالات، فلا ينطبق عليه عنوان (المتواتر) بحسب قواعدهم. وقفة عند كتاب [من فقه الزهراء: ج1] للسيّد محمّد الشيرازي، وهذا الجزء من أجزاء الكتاب هو شرح لحديث الكساء الفاطمي (وقد قرأ عليكم سطور من مقدّمة هذا الجزء في الحلقة الماضية).السيّد الشيرازي حشد في المقدّمة مجموعة من أهمّ النصوص والأحاديث والروايات التي وردت عنهم عليهم السلام في مقامات وشؤون الصدّيقة الكبرى. ● يقول السيّد الشيرازي: (وأمّا سند حديث الكساء فقد رواه والدي رحمه الله في رسالة مخطوطة له بسند صحيح متّصل الأسناد، وكلّ واحد منهم من الأعلام). ولكن السيّد الشيرازي لم يذكر هذه الرسالة التي تُحدّث عنها، ولم ينقل منها شيء ولم يذكر هذا السند الصحيح، بل قال في الحاشية: (ولهذا الحديث أسناد كثيرة، وسيأتي بعد المقدمة أول الفصل الأوّل الإشارة إلى بعض المصادر في الهامش) ولا أدري أين هذه الأسناد الكثيرة؟ أضف أنّ المصادر التي أوردها في الفصل الأوّل هي نفس المصادر التي أشرتُ إليها. ثُمّ إنّ السيّد الشيرازي وصف هذا السند للحديث بأنّه متّصل صحيح الأسناد! وهذا الوصف: أنّ السند متّصل وصحيح الأسناد -بحسب القواعد التي يعمل بها الرجاليون- لا ينطبق على سند حديث الكساء الفاطمي. (وقفة لبيان هذه النقطة) ● الذي أُريد أن أقوله هو: أنّه مثلما تعامل علماؤنا مع السند بهذه الطريقة وهذا التخبّط، تعاملوا مع المتن كذلك، ولكن تحوّل المتن إلى طقس من الطقوس! ● قد يقول قائل من المتابعين: أنّنا لا حاجة لنا بكلّ هذا الكلام عند سند الحديث وتأريخه، لماذا لا تدخل مباشرة لمضمون حديث الكساء؟ وأقول: هذا الكلام ليس دقيقاً، فمالم تعرفوا ظلامة حديث آل محمّد، ومالم تعرفوا الجناية على حديث الكساء (من جهة السند، أو المتن، أو من جهة تأريخه المرير) فلن تستشعروا عظمة المعنى حين أُبيّنه وحين أتحدّث عنه.. ولذا قال الأئمة أنّ مَن لم يعرف ظلامتنا وما جرى علينا من ظلم، كان شريك لمن ظلمنا.. لأنّهم يُريدون منّا أن نعرف ظلامتهم، وحينما نعرف ظلامتهم سيكون ذلك سبباً مؤدّياً إلى أن نتذوّق معرفتهم عليهم السلام بنحوٍ آخر وشكل آخر، وحينئذ نعرف ماذا يجري حولنا، ولذا لابدّ من معرفة هذه الأمور، وبعد ذلك ستتجلّى حلاوة معاني حديثهم عليهم السلام. ● السيّد الشيرازي في كتابه هذا [من فقه الزهراء: ج1] من بداية الكتاب إلى صفحة 10 يتحدّث عن السند، ومن صفحة 11 تبدأ المقدّمة إلى صفحة 54، وفيها جمع السيّد الشيرازي النصوص المهمّة في مقامات وشؤونات الزهراء.. بعدها يبدأ بشرح حديث الكساء بطريقة ساذجة وسطحية إلى حدّ بعيد، والسبب: لأنّه يستعمل نفس الأسلوب ونفس الوسائل ونفس الآليّات المُستعملة في الدراسات الفقهية! ● وقفة أعرض لكم فيها أمثلة ونماذج ممّا جاء في كتاب [من فقه الزهراء: ج1] شرح فيها السيّد الشيرازي حديث الكساء بطريقة ساذجة! علماً أنّ السيد الشيرازي شرح أيضاً خطبة الزهراء في الأجزاء المتبقيّة من هذا الكتاب بنفس هذه الطريقة الساذجة والقليلة الفائدة إلى أبعد الحدود! أنا هنا لا أريد أن أنتقد السيّد الشيرازي، ولكنّي أريد أن أقول أنّ هذه الطريقة التي شرح بها حديث الكساء تُفرغ حديث الكساء من المحتوى المعرفي العميق! وهذه ظلامة أخرى من ظلامات حديث الكساء. (فحديث الكساء غُيّب عن الساحة، وبعد ذلك تعرّض الحديث إلى التجريح في سنده، وبعدها شُرح بطريقة ساذجة، فغابت قيمته المعرفية والعقائدية) وكما أسلفت فإنّ هذا الحديث هو أقوى وثيقة عقائدية ترتبط بالمعرفة الزهرائية وسيأتي بيان ذلك. وقفة عند أبيات مِن قصيدة للشيخ الوائلي تحت عنوان (دعاء عند الرسول الكريم) يقول عنها: (وهي قصيدة نُظمتْ أوائلها في مسجد الرسول الكريم، ثمّ أُكملت عام 1408) في هذه الأبيات يتحدّث الشيخ الوائلي عن حديث الكساء، ولكنّه يُسطّح الحديث فيُفرّغه مِن محتواه ومِن معناه، ويُحرّفه أيضاً) (وقفة لقراءة أبيات مِن هذه القصيدة تُبيّن مدى التسطيح والتحريف من الوائلي لحديث الكساء) وقفة عند كتاب [أمّ مقامات فاطمة الزهراء في الكتاب والسنة] تقرير أبحاث المرجع المعاصر الشيخ محمّد السند (قراءة سطور من الكتاب تحت عنوان: أهل البيت نبراس في تدبير الولاية في كلّ طبقات الملكوت وطبقات الملك) وهي سطور لا تخلو مِن عمق.. وربّما هو الكتاب الوحيد من بين كلّ ما تقدّم الذي تبدو عليه سِمات من العُمق، ولكن رغمّ ذلك فإنّ كل هذا الذي كتبه الشيخ السند وكتبه بقيّة المراجع يدور في جوّ منظومة عقائدية اعتمدتْ الأصول الخمسة، والتي جيئ بها أساساً من الأشاعرة والمعتزلة! نقطة مهمّة أُشير إليها بشأن حديث الكساء الفاطمي: إذا أردنا أن نرسم صورة تخطيطية بشكل هندسي لحديث الكساء الشريف، فإنّ مَن يعرف مضمون الحديث سيجد أنّ مركز الحديث هو في هذه العبارة: (فقال الله عزّ وجل يا ملائكتي ويا سُكّان سماواتي…) وجبرئيل سأل: يا ربّ ومن تحت الكساء؟! فقال الله عزّ وجل: (هم أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) عين القلادة هنا، جوهر ومركز الحديث وأساسه هنا، وكلّ التفاصيل الأخرى من أوّل الحديث إلى آخره تدور حول هذه العبارة.. ومركز هذه العبارة هو (فاطمة) لأنّ الإنتساب إلى فاطمة (أبوها، بعلها، بنوها) الوثيقة الثانية المهمّة التي أُبعدت عن ساحة المعرفة الزهرائية وهي قرينة ورفيقة لحديث الكساء الشريف هي (سورة القدر). سورة القدر لفظاً لا يستطيعون إزالتها من المصحف – ولو كان في وسعهم إزالتها لفعلوا – ولكن معناها أُزيل! معنى سورة القدر يرتبط ارتباط وثيق بمضمون حديث الكساء الشريف، وسأتحدّث عن بعض جهات ذلك في حلقة يوم غد.. ولكنّي سأستعرض لكم أيضاً كيف أخرجت سورة القدر من ساحة المعرفة الزهرائية. وقفة عند ما جاء عن أهل البيت بشأن سورة القدر. ● وقفة عند مقطع من رواية الإمام الصادق والتي تتحدّث عن المعراج والتشريع في العوالم العليا، في [علل الشرائع: ج2] للشيخ الصدوق، ممّا جاء فيها والخطاب من الله تعالى لنبيّه الأعظم: (فقال له: اقرأ {قلْ هو الله أحد} كما أُنزلتْ، فإنّها نِسبتي ونعتي..) إلى أن يقول: (ثمّ قال لي: اقرأ {إنّا أنزلناه} فإنّها نسبتكَ ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة..) الروايات تُحدّثنا أنّ ليلة القدر هي فاطمة، وسورة القدر يعني سورة فاطمة.. فكما أنّ المركز في حديث الكساء اليماني هو انتسابهم إلى فاطمة في العالم الأرضي، فإن سورة القدر هي نسبتهم إلى فاطمة في الملأ الأعلى. (فإنّ الحديث هنا عن تشريع الصلاة في الملأ الأعلى).. وهذا مُرادي من أنّ مضامين سورة القدر ومضامين حديث الكساء واحدة (فهذه إشارة). ● (حديث الكساء وسورة القدر) هما الوثيقتان الأهم في المعرفة الزهرائية، وبقية النصوص تتفرّع على هاتين الوثيقتين، ولذلك الحرب الإبليسية صُبّت على هاتين الوثيقتين! ولأنّ سورة القدر لا يُمكن إبعادها من القرآن، فإنّ برنامج إبليس واضح في تغييبها وإبعادها عِبر برنامج (حسبنا كتاب الله) وهذا هو الذي جرى على القرآن على طول الخط! ● قد يسأل سائل ويقول: الدين له أصل واحد هو إمام الزمان، وإمام الزمان حيّ بالحياة الظاهرة على الأرض، فأين فاطمة إذاً؟ فأقول: فاطمة أيضاً كذلك. وقد يقول قائل: أنّ الأئمة كلّهم أحياء فهم القائلون (إنّ ميّتنا لم يمت، وإنّ قتيلنا لم يُقتل). وأقول: هذا صحيح، ولكن تجلّي هذا المعنى المذكور في الحديث في فاطمة له خصوصيّته، وهذا ما سيأتي بيانه.. والخلاصة ممّا تقدّم: 1- عنوان هذه الحلقات: فاطمة القيّمة. 2- الدين له أصل واحد هو إمام زماننا، والقيّمة على هذا الدين فاطمة. 3- أهمّ الوثائق في المعرفة الزهرائية هو: حديث الكساء الفاطمي وسورة القدر. 4- الحرب الإبليسية هي التي أخرجت هاتين الوثيقتين من ساحة المعرفة الزهرائية.. علماً أنّ بقية الوثائق الأخرى المرتبطة بالمعرفة الزهرائية هي الأخرى ليست بعيدة عن سيوف المنهج الأبتر! 5- مثلما أحرقت السقيفة منهج فاطمة، فالمنهج الأبتر في الوسط الشيعي أحرق منزلة فاطمة، ونحن جميعاً شُركاء في ذلك حين تمسّكنا بمنظومة عقائدية لا تمتّ إلى أهل البيت بصلة. ماذا فعل المنهج الأبتر مع سورة القدر في حقيقة معناها؟ سورة القدر بحسب آل محمّد هي سورة فاطمة، وليلة القدر في حديث العترة هي فاطمة، والّليلة المُباركة في سورة الدخان أيضاً هي فاطمة بحسب أحاديث العترة. (وقفة نتصفّح فيها كتب علمائنا لنرى ماذا فعل المنهج الأبتر بسورة فاطمة). وقفة عند ما يقوله الشيخ الطوسي في تفسيره لسورة القدر في كتابه [تفسير التبيان] لم يُشر إلى الزهراء لا من قريب ولا من بعيد! وبالمثل حينما تحدّث عن معنى الّليلة المُباركة في سورة الدخان، لم يُشر إلى الزهراء لا من قريب ولا من بعيد.. وبالمثل بقيّة الآيات القرآنية التي ورد عن أهل البيت أنّها في فاطمة، فلا ذكر لها أيضاً في هذه الكتب! وقفة عند تفسير سورتي القدر والدخان في [تفسير مجمع البيان: ج9، ج10] للطبرسي أورد مقدار كبير من الكلام في سورة القدر، ولم يُشر إلى الزهراء لا من قريب ولا من بعيد، وبالمثل في سورة الدخان، فلم يُشر للزهراء لا مِن قريب ولا من بعيد. وقفة عند تفسير سورة القدر في [تفسير الميزان: ج2] للسيّد الطباطبائي، أيضاً لم يُشر إلى أيّ شيء له رابطة أو علاقة بالزهراء لا من قريب ولا من بعيد.. وحتّى في بحثه الروائي، أورد روايات من تفسير البرهان ولكنّه أورد فقط الروايات التي تُوافق ذوق المخالفين، ولم يُورد الروايات التي تفسّر ليلة القدر بالزهراء ولم يُشر لها لا من قريب ولا من بعيد! وكذلك الحال في تفسيره لسورة الدخان في الجزء 18 من تفسيره فلم يُشر للزهراء لا من قريب ولا من بعيد! وقفة عند [التفسير الكاشف: ج7] للشيخ محمّد جواد مغنية، وقد جئت بهذا التفسير لأنّ الشيخ الوائلي دائماً يرجع لهذا التفسير.. والشيخ محمّد جواد مغنية في هذا التفسير ينقل عن الصحف وعن المجلات، وعن بيانات وقرارات الأمم المتحدّة ولكنّه لا ينقل عن أهل البيت! في تفسيره لسورة القدر نقل عن الإمام الصادق وعن الشيخ محمّد عبده (العالم المصري السني) ولم يُشر إلى الزهراء لا من قريب ولا من بعيد.. وفي تفسيره لسورة الدخان أورد نفس المضامين التي مرّت في مجمع البيان، فلا يوجد أي إشارة للزهراء! (علماً أنّ كثير من خطباء المنبر الذين يُقلّدون الشيخ الوائلي يعتمدون عليه)! وقفة عند تفسير [تقريب القرآن إلى الأذهان: ج5] للسيّد محمّد الشيرازي في تفسيره لسورة القدر لم يورد شيء له عُلقة بالزهراء لا من قريب ولا من بعيد، وبالمثل حين فسّر سورة الدخان ولم يُشر للزهراء في معنى الّليلة المباركة لا من قريب ولا من بعيد! فهناك طمسٌ واضح في كتب تفاسير علمائنا لحقائق ومضامين سورة القدر التي تُشير بشكل واضح إلى مركزيّة فاطمة وموقعها في منظومة العقيدة الشيعية. ● وقفة عند رواية الإمام الصادق التي تُمثّل النص الأهم في بيان مضمون سورة القدر. (في قوله عزّ وجل {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال الإمام الصادق: الّليلة فاطمة، والقدر الله، فمَن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر. وإنّما سُمّيت فاطمة لأنّ الخلق فُطموا عن معرفتها، وقوله {وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير مِن ألف شهر} قال: يعني خيراً مِن ألف مُؤمن وهي أمّ المؤمنين. وقوله {تنزل الملائكة والروح فيها} قال: والملائكة المؤمنون الذين يملكون علم آل محمّد صلّى الله عليه وآله، والروح القدس هي فاطمة عليها السلام، وقوله {بإذن ربهم من كل أمر*سلام هي حتى مطلع الفجر} قال: يعنى حتّى يخرج القائم عليه السلام). هذا أهم نص بين أيدينا في بيان مضمون سورة القدر.. وهذا النصّ لا وجود له في تفاسير علماء الشيعة! بل لا وجود له أيضاً في جوامع الأحاديث التفسيرية! أنا قرأته عليكم من تفسير [فرات الكوفي] وهذا التفسير لا يعتمد عليه علماء الشيعة مع أنّه من التفاسير المهمّة! نحن لا نقول أنّ تفسير فرات من أوّله إلى آخره صحيح، ولكن الأعم الأغلب فيه هو حديث أهل البيت، فذوق أهل البيت واضح ولحنهم وكلامهم واضح، ومع ذلك طرحوه جانباً! ● هناك رواية قريبة من مضمون رواية تفسير فرات الكوفي لليلة القدر، موجودة في كتاب [تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ج2]: (عن زرارة عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عمّا يفرق في ليلة القدر..) إلى أن يقول: (وأمّا قوله {ليلة القدر خير من ألف شهر} يعني فاطمة سلام الله عليها. وقوله {تنزّل الملائكة والروح فيها} والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمّد، “والروح” روح القدس وهو في فاطمة، سلام الله عليها {من كل أمر سلام} يقول: من كل أمر مسلمة. {حتى مطلع الفجر} حتّى يقوم القائم عليه السلام) ● قول الرواية: (“والروح” روح القدس وهو في فاطمة) هذا تحريف، فإنّ الوارد في تفسير فرات (والروح القدس هي فاطمة). وقفة عند [تفسير الصافي: ج5] للفيض الكاشاني، وقد ذكرتُ لكم قصّة هذا التفسير أكثر من مرّة وسبب تسميته بالصافي في تفسيره لسورة القدر، لم يُورد فيه أي شيء يُشير للزهراء عليها السلام لا من قريب ولا من بعيد! وقفة عند [تفسير البرهان: ج8] للسيّد هاشم البحراني. ما أثبته صاحب البرهان هو ما جاء في كتاب [تأويل الآيات الظاهرة] أمّا الرواية المذكورة في تفسير فرات الكوفي لم يُوردها هنا.. والفارق بين تأويل الآيات الظاهرة وما جاء في تفسير البرهان هو في العبارة التي أشرت إليها وهي (والروح روح القدس وهي فاطمة) فكلمة (وهو في فاطمة) غير موجودة.. مما يُثبت أنّ هناك مُحرّفاً حرّف الكلام! وقفة عند تفسير [نور الثقلين: ج8] للمحدّث الحويزي لم يُورد المحدّث الحويزي فيه شيئاً عن الصدّيقة الطاهرة عليها السلام! مع أنّه ذكر الكثير والكثير من الروايات. هذه هي ظلامة فاطمة في الوسط الشيعي.. علماً أنّ القضية لا تقف حديث الكساء ولا تقف عند حقيقة سورة القدر.. فالمنهج الأبتر يتتبّع كلّ صغيرة وكبيرة ترتبط بفاطمة! وهذه هي ظلامة فاطمة الحقيقة. ما ذكرته ممّا أعتقده أنّ منظومة العقيدة الشيعية تتألف من أمرين: ● أصل الدين وهو إمام زماننا الذي لم يعرفه مات ميتة جاهلية. (من أراد الله بدأ بكم – بدأ بالأصل- ومن وحّده قبِل عنكم -يعني الرجوع إلى الأصل – ومن قصده توجّه إليكم) هذا هو المراد من أنّ الأصل في الدين هو إمام زماننا.. وهذا التمسّك بالأصل لن يكون مقبولاً منّا إلّا بقبول القيّمة على الدين وهي فاطمة، ومن هنا وضع رسول الله هذا القانون (أنّ الله يرضى لرضاها ويسخط لسخطها) علماً أنّ هذا القانون هو قانون الجميع، فكلّ أهل البيت يرضى الله لرضاهم ويسخط لسخطهم، ولكنّه جُعل علامة فارقة لفاطمة لأنّها هي القيّمة على الدين. تمسُّكنا بأصل الدين وأصل الأصول وهو إمام زماننا لن يكون مقبولاً منّا إلّا إذا رضيت فاطمة بذلك، وإن لم ترضَ فاطمة سيكون الأمر ناقصاً (لنُبشّر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتكِ). (((((((((((هذه منظومة العقيدة التي أبني حياتي الدينية والدنيوية عليها))))))))))) ● ربّ سائل يسأل: من أين جئت بهذا المُصطلح (القيّمة)؟ فأقول: إنّني جئت به من قرآن محمّد وآل محمّد الذي أمروني بالتمسّك به. الإمام السجاد يقول: آيات القرآن خزائن، إذا أردت أن تنتفع من كنوزها فعليك أن تفتح هذه الخزائن ففيها ما فيها من الأسرار.. وأمّا مفتاح الخزائن فهو في حديث باقر العلوم عليه السلام إذ يقول: (ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام بعد معرفته) هذه هي الشفرة والمفتاح الكبير لفتح هذه الخزائن. ألم تُبايع بيعة الغدير؟! إذا بايعت بيعة الغدير فإن الشرط قد أُخذ عليك.. فهذه الخزائن لا تُفتح إلّا بشفرة علوية، فلا يُفسّر القرآن إلّا عليّ وآل عليّ. ● أمّا الحاجز الذي يحول بيننا وبين هذه الخزائن: فالأوّل هو القلب (أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها) هناك أقفالٌ على القلوب وهي هذا الرين والصدأ.. وجلاء هذا الرين في حديثهم صلوات الله عليهم، فهم القائلون: (حديثنا جلاء القلوب).. فلابدّ من إزالة هذا الرين عن قلوبنا، والوسيلة التي تمكنّنا من إزالة الرين بحديثهم هي الوفاء بعهد بيعة الغدير. ● سورة البيّنة هي سورة الشيعة، حتّى في كتب المخالفين.. فإنّ معنى هذه الآية من سورة البيّنة {إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية} تفسيرها في كتب القوم أنّ خير البريّة هم شيعة عليّ. ● سورة البيّنة من اسمها (البيّنة) تعني الوضوح، والبيان وهذه السورة سورة الشيعة، والذي لا يمتلك الوضوح ليس شيعياً.. وقد عرّفتُ لكم في حلقة سابقة أنّ الزهرائي هو الشيعي الذي ترتضيه الزهراء، فالزهرائية تعني الوضوح.. والزهرائيون لا يكونون زهرائيين مالم يمتلكوا الوضوح، وشيعة الزهراء أوضح صفة فيهم هي الوضوح والبيان. ● الآية 5 من سورة البيّنة تقول: {وما أُمروا إلّا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حُنفاء ويُقيموا الصلاة ويُؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} من هنا جاء عنوان هذه الحلقات: دين القيّمة. هذا هو قرآن محمّد وآل محمّد، والآية بشكل واضح وصريح تقول: {وذلك دين القيمة} فهناك قيّمة، وهناك دينٌ ينتسب إلى هذه القيّمة.. فمن هي هذه القيّمة التي ينتسب هذا الدين إليها؟! القيّمة هي فاطمة، ودين القيّمة هو دين فاطمة.. من هنا جئتُكم بهذا العنوان: أنّ فاطمة هي القيّمة على الدين. ● أمّا مضمون هذا العنوان فنجده في كلمات أهل البيت عليهم السلام. وقفة عند كلمات العترة الطاهرة التي بيّنت لنا معنى القيّمة في سورة البيّنة: ● وقفة عند مقطع من رواية الإمام الباقر عليه السلام في [تأويل الآيات الظاهرة: ج2] في تفسير سورة البيّنة (عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام، في قوله تعالى: {وذلك دين القيمة} قال عليه السلام: هي فاطمة عليها السلام) ● وقفة عند مقطع من حديث المعرفة بالنورانية لسيّد الأوصياء صلوات الله عليه: (سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما يا أبا عبد الله ما معرفة الامام أمير المؤمنين بالنورانية؟ قال: يا جندب فامضِ بنا حتّى نسأله عن ذلك، قال: فأتيناه فلم نجده. قال: فانتظرناه حتّى جاء، قال صلوات الله عليه: ما جاء بكما؟ قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية قال صلوات الله عليه: مرحباً بكما مِن وليّين مُتعاهدين لدينه لستما بمُقصّرين، لعمري أن ذلك الواجب على كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ قال صلوات الله عليه: يا سلمان ويا جندب قالا: لبيك يا أمير المؤمنين، قال (عليه السلام): إنّه لا يستكمل أحد الإيمان حتّى يعرفني كُنه معرفتي بالنورانية، فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مُستبصراً، ومن قصّر عن معرفة ذلك فهو شاكّ ومُرتاب، يا سلمان ويا جندب قالا: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: معرفتي بالنورانية معرفة الله عزّ وجل ومعرفة الله عزّ وجل معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مُخلصين له حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}). ● سيّد الأوصياء يقول (مرحباً بكما مِن وليّين مُتعاهدين لدينه لستما بمقصرين) الإمام قال لهما لستُما بِمقصّرين لأنّها يبحثان عن المعرفة.. فالذي لا يبحث عن المعرفة هو مقصّر، والمقصّر عدوّ لآل محمّد حتّى ولو كان يُلبس نفسه لباس الشيعة. ● سيّد الأوصياء يقول (لعمري أن ذلك الواجب على كلّ مؤمن ومؤمنة) يعني أنّ التكليف في طلب المعرفة واجب على المؤمن والمؤمنة على حدّ سواء، فلا يوجد فارق في الدين بين الرجال والنساء. ● هكذا يعرّف سيّد الأوصياء المعرفة بالنورانية: أنّها معرفة الله عزّ وجل، فيقول: (معرفتي بالنورانية معرفة الله عزّ وجل ومعرفة الله عزّ وجل معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص) فالأصل هو الإمام، والتوحيد هو الإمام.. أمّا هذه المنظومة (منظومة الأصول الخمسة) اكنسوها واتركوها إذا كنتم تبحثون عن الدين الخالص النقي من قاذورات العيون القذرة الكدرة التي جاءتنا من النواصب.. هذا هو دين القيّمة.