الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٤١ – لبّيك يا فاطمة ج٥٨ – فاطمة القيّمة ق٤

صور

فيديو

 

 

يوتيوب

 

 
 

اوديو

 

 

مطبوع

 

 

ملخـّص الحلقة

تاريخ البث : يوم الجمعة 28 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 30 / 9 / 2016م

  • مرّ الحديث في الحلقة الماضية وما قبلها في أجواء حديث الكساء.. وهنا أُلفت النظر إلى هذه النقطة وهي:

  • صحيح أنّ حديث الكساء – من ألفاظه التي بين أيدينا – يدور حول واقعة حدثت في بيت الصدّيقة الطاهرة وفي هذا الأفق الحسّي (أي ما نقل لنا) وقطعاً المجلس يتجاوز هذا الأفق الحسّي لكثرة المعطيات والدلائل التي وردت في هذا الحديث، ولكنّي أُلفت النظر لهذه النقطة الهامّة وهي أنّنا إذا تدبّرنا في حديث الكساء الشريف، سنجد أنّ الذي حدّثنا بحديث الكساء هي الصدّيقة الطاهرة، وفي الأجزاء الأخيرة من هذا الحديث جاء: (ما ذُكر خبرنا هذا في محفل مِن محافل أهل الأرض وفيه جمعٌ مِن شيعتنا ومُحبّينا إلا ونزلتْ عليهم الرحمة، وحفّتْ بهم الملائكة، واستغفرت لهم إلى أن يتفرّقوا) فهناك حثٌ على ذكر هذا الحديث الشريف. النقطة التي أريد أن أُلفت النظر إليها هي: أنّ أوّل من تحدّث بمضمون حديث الكساء هو الله تعالى، وقد حدّث ملائكته بذلك، وحديث الكساء هو الذي يُخبرنا بذلك، حين جاء فيه:
  • (فقال الله عزّ وجل: يا ملائكتي ويا سكّان سماواتي إنّي ما خلقتُ سماء مبنية ولا أرضاً مدحيّة ولا قمراً مُنيرا، ولا شمساً مُضيئة ولا فَلَكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فُلكاً يسري إلّا في محبّة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء. فقال الامين جبرائيل: يا ربّ ومَن تحت الكساء؟ فقال عزّ وجل: هم أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) هذا هو حديث الكساء، الله يخبر الملأ الأعلى أنّ الخمسة اجتموا تحت الكساء، وهذا هو المضمون الذي نقرؤه في حديث الكساء، وهذا ما قصدته في حلقة يوم أمس حين قلت أنّ واقعة حديث الكساء لم تكن مقصورة على هذا العالم الحسّي مثلما حدث في بيت أمّ سلمة، فأوّل من حدّث بالحديث هو الله، ولهذا كان ذكر هذا الحديث بين شيعة أهل البيت له هذه الخصوصيات:
  • ● مثلاً هذه الخصوصية: (ما ذُكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبّينا إلّا ونزلتْ عليهم الرحمة وحفّت بهم الملائكة، واستغفرتْ لهم إلى أن يتفرّقوا) يعني أنّ هذا الحديث ما ذُكر في أيّ مجموعة بشرية (من كلّ الديانات، حتّى الملحدون، بل وحتّى النواصب) ولكن بهذا الشرط: أنّ فيهم جمعٌ من الشيعة، إلّا ونزلت عليهم الرحمة جميعاً الشيعة وغيرهم حتّى الكفّار والنواصب الموجودين في المجلس، وحفّت بهم الملائكة واستغفرت لهم إلى أن يتفرّقوا (هذا عطاء فاطمة، فهذا الحديث مشحون بالأسرار). فما داموا في هذا المجلس الذي ذُكر فيه حديث الكساء تستغفر لهم الملائكة، ولكن إذا تفرّقوا فهم الذين سينسفون هذا الاستغفار بأعمالهم! إلّا إذا كان هذا الاستغفار سيكون سبباً لهدايتهم وتمسّكهم بعروة محمّد وآل محمّد، فذلك شيء آخر.
  • ● أيضاً من عطايا هذا الحديث هذه العطيّة الفاطمية (ما ذُكر خبرنا هذا في محفل مِن محافل أهل الأرض وفيه جمعٌ من شيعتنا ومحبّينا وفيهم مهموم إلّا وفرّج الله همّه، ولا مغموم إلّا وكشف الله غمّه ولا طالب حاجة إلّا وقضى الله حاجته) وهذه العبارة تشمل أيّ مهموم كان حاضراً في المجلس، سواء كان الشيعة أو من أيّ ملّة كان. هذه هي (الرحمة الفاطمية)
  • ● قول سيّد الأوصياء في أواخر حديث الكساء (إذن والله فُزنا وسُعدنا، وكذلك شيعتنا فازوا وسُعدوا في الدنيا والآخرة وربّ الكعبة) الإمام هنا لا يقول فُزنا وسُعدنا لأجل أنّ هذا الكلام الذي مرّ في تفريج همّ المهموم، وكشف غمّ المغموم هو خاصّ بالشيعة، وإنّما سعادة الشيعة بولاء عليّ وآل علي، وهي سعادة في الدنيا والآخرة، أمّا هؤلاء أهل المحفل من الديانات الأخرى فسعادتهم مؤقتّة، لأنّه مَن جاور السعيد يسعد كما يقول أهل البيت.. أمّا سعادة الشيعة فلكونهم تحت هذه الخيمة، تحت هذا الكساء، فحقائق الشيعة تدور حول عليّ، ويُشير إلى هذا المعنى قصّة إبراهيم حين كُشف له عن ملكوت السماوات رأى الأنوار الخمسة والأنوار التسعة.
  • ●{وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهُنّ..} هذه الكلمات هي كلمات آدم، ولكنّ إبراهيم أتمّهنّ إلى القائم (هكذا ورد في الروايات).. فرأى الأنوار الخمسة، ورأى الأنوار التسعة، والتاسع في ضحضاح من نور، ورأى حول تلك الأنوار أنوار كثيرة، وحين سأل عنها: قيل له إنّهم شيعتهم، فحقائق الشيعة تدور حول عليّ، ترتبط بهذا الجوهر. والشيعة المقصودون في هذا الحديث هم الذين يُثبّتهم الله بالقول الثابت في الدنيا والآخرة (فيُحشرون يوم القيامة شيعة، لا أن تُسلب منهم الولاية)، هؤلاء هم الذين رآهم إبراهيم أنوارهم محيطة بتلك الأنوار.
  • ● قد يستغرب البعض أن تطال السعادة والعطاء في مجلس حديث الكساء أولئك الذين هم على غير ولاية أهل البيت.
  • أقول: لا تستغربوا هذا المعنى، فإنّ الروايات تُحدّثنا وتقول: (لولا بهائم رُتّع – أي في المراعي تأكل علفها – وأطفال رُضّع، وشيوخ رُكّع، وشباب خُشّع، لصببتُ العذاب عليكم صبّا) الحديث عن بهائم وعن أطفال، هؤلاء يكونون سبباً لرحمة العباد فما بالكم وهذا الجوّ، هذه الحقائق.. فالقضيّة بعيدة جدّاً في حديث الكساء، وهذا الذي قصدته من أنّ حديث الكساء هو الوثيقة الأهمّ الذي تتحدّث عن محوريّة الزهراء في هذا الوجود، وتتحدّث عن هذا المضمون: فاطمة القيّمة (إنّها قيّمة الدين والدنيا).
  • ● بعد كلّ هذه البيانات أسأل: إذاً أين نحن عن آل محمّد؟ أين نحن عن الزهراء؟ ولماذا عِبر الأجيال طُمس حديث الكساء؟ ولماذا غُيّبت فاطمة من منظومة العقيدة الشيعية؟!
  • ● آية التطهير هي من جملة شؤونات حديث الكساء، وهي بعمق حديث الكساء لها دلالات أبعد ممّا تُطرح وتُشرح في حدود العصمة وحدود الإمامة على أهل الدين، ومع ذلك حتّى في هذا الأفق التفسيري المعروف فإنّ فاطمة هي سيّدة آية التطهير بنصّ حديث الكساء (هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) فهي تنطبق عليهم جميعاً بلحاظ النورية الواحدة والحقيقة الواحدة. فإمامة الزهراء ثابتة من دون الحاجة إلى نقاشات سخيفة.. فآية التطهير – حتّى في الأفق الظاهري الكلامي – هي أدلّ الأدلّة عندنا على إمامة الأئمة، والصدّيقة الكبرى هي سيّدة هذه الآية.
  • ● شؤون فاطمة شؤون سماوية (سقف بيتها عرش ربّ العالمين، حجابها حجاب الله، زواجها في السماء.. والزواج الذي حدث في الأرض كان انعكاساً لذلك الزواج هناك، ما جرى في بيتها من حادثة الكساء اليماني أوّل مَن أخبر به هو الله تعالى) فنحن حين نقرأ حديث الكساء نقرأ حديثاً ترويه فاطمة عن الله، فهو أوّل مَن أخبر به.
  • ● بالأمس حين ذكرت حديث أهل البيت عن مُصحف فاطمة، وأنّ الله هو الذي أملاها، قد يرى البعض (أنّي خرجت عن الحدّ المقبول في الكلام) وأنا أقول: (أنّي قصّرت في حديثي عن فاطمة، وذهبت في الاتّجاه الناقص في الكلام وليس الزائد لأنّ الّلغة قاصرة) وأمّا تفسير ذلك فأبيّنه لكم في هذه الحكاية (وقفة عند حكاية الإيراني الذي يُريد أن يُعلّم العراقي القراءة الصحيحة للقرآن).
  • ● خلاصة الكلام هي: أنّ حديث الكساء بكلّ مضامينه المُجملة التي مرّت الإشارة إليها وكذلك آية التطهير التي هي من جملة شؤونات حديث الكساء، كلّ شيء في هذه الوثيقة النوريّة يصدع ويصدح صريحاً بأنّ فاطمة هي القيّمة، والقرآن صدح بذلك أولاً (وذلك دين القيّمة).
  • ● أمّا الوثيقة الثانية التي طمسها إبليس لعنه الله وأتباعه هي: سورة القدر.. هذه السورة بكلّ رموزها التي تتحدّث عن عميق أسرار لا نستطيع أن نُحيط بها. الروايات تُحدّثنا أنّ السماوات تكادّ أن تأطَّ أطيطاً – أي تُصدر صوتاً – من كثرة الملائكة وازدحامهم، فكيف نتصوّر تنزّل مع الروح الملائكة في ليلة القدر، وهذا النزول ليس تبرّكي، وإنّما نزول تقنيني وظائفي تتحقق فيه معاني العبودية؟!
  • ● تحدّثت في حلقة يوم أمس عن الآية 54 من سورة النساء {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم مُلكاً عظيما} وذكرت تفسير أهل البيت للملك العظيم بأنّه الإمامة والولاية والطاعة المفروضة.. حقيقة ليلة القدر هي من جملة شؤونات هذا الملك العظيم. (علماً أنّني حين أتحدّث عن الملك العظيم، فإنّي أعني بذلك الإمامة على الوجود لا أن يكون خليفة في المدينة المنوّرة! ومثلما يتوجّه الأولياء إلى وجه الله، تتوجّه الكائنات إلى وجه الله.
  • ● هذه المضامين التي تجري في ليلة القدر تجري في الوعاء الفاطمي، وهذا الملك العظيم هو ملك لفاطمة قبل أن يكون مُلكاً للحسين وأولاد الحسين.. فعلى أيّ أساس تُخرّج فاطمة من منظومة العقيدة الشيعية وتُوضع على الحاشية؟

  • جولة في آيات الكتاب الكريم والعترة الطاهرة نتقلّب في أجواء هذا المضمون وهذا العنوان: فاطمة القيّمة.

  • ● وقفة عند الآية 19 من سورة الأنبياء {وله مَن في السماوات والأرض ومَن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون} السماوات والأرض في الكتاب الكريم عنوان لكل الوجود، ولكن هذا لا يعني أنّ كلّ الوجود منحصر في السماوات والأرض، فالأرض هي جزء من السماوات
  • ● هناك مجموعتان في الآية الكريمة:
  • 1- مجموعة (مَن في السماوات والأرض: ويدخل تحت هذه المجموعة الملائكة، الجآن، البشر، وسائر المخلوقات العاقلة).
  • 2- مجموعة (ومّن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون – أي لا يُصيبهم الملل – * يُسبّحون الّليل والنهار لا يفترون) هذه الأوصاف للمجموعة التي عنده تعالى. الإمام الصادق في رواية المفضّل بن عمر يبيّن أن المراد من هذا العنوان (ومن عنده) هم آل محمّد عليهم السلام، وإلى ذلك يُشير دعاء ليلة المبعث (وباسمكَ الأعظم الأعظم الأعظم، الأجلّ الأكرم الذي خلقته فاستقرّ في ظلّك، فلا يخرج منك إلى غيرك)
  • ● قد يقول قائل أنّ (الآية 19 من سورة الأنبياء) لا تتحدّث عن مضمون (القيّمة) وأقول: هذا صحيح، ولكنّي أريد أن أجمع مضمون هذه الآية مع آيات أخرى من حديثهم الشريف.
  • ● وقفة عند الآية 35 من سورة النور {الله نور السماوات والأرض مَثَل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنّها كوكبٌ دُرّي يُوقد مِن شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نورٌ على نور يهدي الله لنوره مَن يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكلّ شيء عليم} الآية في محمّد وآل محمّد، وعندنا حشد كبير من روايات العترة تؤكّد هذه الحقيقة، فهم المَثَل الأعلى الذي جاء ذكره في القرآن، وفي الزيارة الجامعة الكبيرة أيضاً. واضح من هذا المثل أنّ هذه الشجرة هي الشجرة المُتكاملة التي يكاد زيتها يُضيء (هذه شجرة الفيض، شجرة الحقيقة، شجرة الوجود، شجرة النور…) مَثَل لحقيقة نور الأنوار.
  • ● وقفة عند حديث النبي الأعظم في [بصائر الدرجات] (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما تكاملت النبوّة لنبي في الأظلّة حتّى عُرضتْ عليه ولايتي وولاية أهل بيتي ومُثّلوا له فاقروا بطاعتهم وولايتهم)
  • ● الأظلة: هي طبقة من طبقات الوجود قبل هذا الوجود الحسّي، كما جاء في زيارة سيّد الشهداء (أشهد أنّ دمك سكن في الخلد، واقشعرّتْ له أظلّة العرش، مع أظلّة الخلائق) أظلة العرش هي أظلّتهم عليهم السلام.. وأظلّة الخلائق اقشعرّت لدم الحسين لأنّها تعرف هذا الدم.
  • ● قول الرواية (ومُثّلوا له) أيّ مُثّل لكلّ نبي أهل البيت عليهم السلام.. ففاطمة إمام للأنبياء، وإمام للأوصياء، والرواية صريحة في ذلك حين تقول (فاقروا بطاعتهم وولايتهم) فالإنبياء ما تكاملت نبوّتهم وولايتهم حتّى أقرّوا بالولاية لفاطمة، فإذا كانت فاطمة إماماً للأنبياء كيف لا تكون إماماً لنا؟!
  • ● (على محبّتها دارت القرون الأولى) ليس الحديث عن قرون زمانية في الأرض، وإنّما الحديث عن طبقات العوالم المختلفة.
  • ● فاطمة هي الشجرة المُباركة الزيتونة، وقول الآية (لا شرقية ولا غربية) لأنّها هي المحور فهي لا تميل إلى الشرق وإلى الغرب.
  • ● نقرأ في سورة الكهف {وإذ قُلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربّه أفتخذونه وذرّيته أولياء مِن دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً* ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنتُ متّخذ المُضلّين عضُدا} أمّا في سورة البقرة نقرأ {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } الظالمون لا يكونون أئمة ولا يُشهدهم الله خلق السماوات والأرض ولا يتّخذ الله المُضلّين عضداً.. أمّا أهل البيت فإنّ الله يُشهدهم خلق السماوات والأرض، وقدّ مرّت الرواية في حلقة يوم أمس حديث الإمام الجواد (إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيّته، كان ولم يكن معه شيء ثمّ خَلق محمّداً وعليّاً وفاطمة فمَكثوا ألفَ دهر، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها) علماً أنّ الحديث في إمامة إبراهيم حديث عن إمامة شرعيّة دنيوية، أمّا الحديث هنا فهو إمامة على الوجود.
  • ● في دعاء شهر رجب نقرأ: (لا فرق بينكَ وبينها إلّا أنّهم عبادك وخلقك، فتقها ورتقها بيدك، بدؤُها منك وعودها إليك، أعضاد وأشهاد، ومناة وأزواد وحفظة وروّاد، فبهم ملأت سماءكَ وأرضك حتّى ظهر أن لا إله إلا أنت) آل محمّد هم أعضادٌ وأشهادٌ لله، فاطمة هي عضدٌ لله.
  • ● وقفة عند مقطع من رواية الإمام الباقر في كتاب [دلائل الإمامة] للطبري الإمامي (ولقد كانتْ طاعتها مفروضة على جميع مَن خلق الله مِن الجن، والإنس، والطير، والبهائم، والأنبياء، والملائكة) حتّى البهائم داخلة في طاعة الزهراء وإمامتها، يبدو أنّ المؤسسة الدينية فقط خارجة عن إمامة الزهراء! وهذا المضمون الوارد في الرواية هو نفس المضمون الذي جاء في كلمات أهل البيت في تفسير الآية 54 من سورة النساء {وآتيناهم مُلكاً عظيماً} الملك العظيم هو: الطاعة المفروضة. كما جاء في حديثهم عليهم السلام.
  • ● إذا ما جمعنا هذه المعاني التي تحدّثت عنها (في الآية 19 من سورة الأنبياء قوله تعالى (ومَن عنده) جمعناه مع آية النور، مع الأحاديث التي أشرت إليها في بيان مضامين هذه الآيات وآية الإشهاد والنصوص الأخرى) كلّ ذلك يوصلنا إلى حقيقة واضحة وهي أنّ لفاطمة ولاية نافذة على جميع الأشياء.
  • ● وقفة عند حديث الإمام الرضا في [عيون أخبار الرضا] (فهبط علي جبرئيل فقال: يا محمّد، إنّ الله جلّ جلاله يقول: لو لم أخلق عليّاً لما كان لفاطمة ابنتكَ كفوٌ على وجه الأرض، آدم فمَن دونه) والحديث عن آدم وعن الأرض باعتبار أنّ الزواج هو في هذا العالم، وإلّا فإنّه ليس لفاطمة كفؤ في كلّ طبقات الوجود، وكذلك هم آل محمّد عليهم السلام، والسبب في أنّ آدم فمَن دونه ليسوا كفؤاً لفاطمة لأنّهم من رعاياها، فإنّ نبوّة الأنبياء ما تكاملت لهم حتّى أقرّوا بالولاية والإمامة لفاطمة عليها السلام. فإذا كانت جميع الكائنات بما فيهم الأنبياء من رعاياها، فكيف لا نكون نحن مِن رعاياها؟!
  • ● وقفة عند حديث النبي الأعظم، يقول (أتاني ملك فقال يا محمّد: إنّ الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: قد زوّجت فاطمة من عليّ – في السماء – فزوّجها منه) هذا الزواج الذي عُبّر عنه في الأحاديث بزواج النور من النور.. علماً أنّ الحديث عن الكفاءة بين عليّ وفاطمة هنا ليس المراد منه الكفاءة الأرضية، لو كانت كفاء أرضية لماذا كان التزويج في السماء؟! الكفاءة هذه هي في المرتبة الإلهية لوجودهم وهذه المرتبة تعني الإمامة بكلّ شؤونها وكلّ تفاصيلها، فعليٌ إمام وفاطمة كفؤه إمام، وفاطمة إمام وعليٌ كفؤها إمام.
  • ● أمّا أنّ علياً إماماً لفاطمة فهذه عملية تنظيمية مثلما كان الإمام الحسن إماماً للحسين وهكذا.. هذه عملية تنظيمية بلحاظ حاجة الخلق وتنظيم شؤون العباد تكون هذه التراتبية وهذه التشكيلات في أنظمة الإمامة، وليس بلحاظ ذواتهم عليهم السلام، فبلحاظ ذواتهم هم نور واحد.
  • ● وقفة عند هذه الآيات من سورة الرحمن {مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان} وقفة عند أحاديث أهل البيت في معنى هذه الآية.
  • ● (عن يحيى بن سعيد القطّان قال : سمعتُ أبا عبدالله يقول: في قول الله تبارك وتعالى: «مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان» قال: عليّ وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه..) وفي رواية أخرى (عليٌ وفاطمة بحران من العلم عميقان)
  • ● أيضاً رواية أخرى في معنى الآية ({مرج البحرين يلتقيان} قال: – عليٌ وفاطمة – بينهما برزخ لا يبغيان} قال: لا يبغي علي على فاطمة، ولا فاطمة تبغي على علي)
  • ● وقفة عند الآية 119 من سورة التوبة {يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصادقين} هذه الكونية ثابتة على طول الخط.. والتقوى هنا هي ولايتهم لأنّ الذي يُتّقى به غضب الله هو ولايتهم، والشيء الذي يُنال به الجنان ويُتّقى به النيران ويُتقرّب به إلى الله – في عقيدتنا – هو ولايتهم.. وسائر التفاصيل إذا لم تكن مُرتبطة بولايتهم ومتفرّعة عن ولايتهم وراجعة إلى ولايتهم فلا معنى لها ولا قيمة لها إن لم تنقلب وبالاً على صاحبها.. أمّا الأعمال الصالحة فتكون سبباً لرقيّ الإنسان إذا دخل من باب الهداية وهو ولايتهم.
  • ● الصادقون: هم الذين في مقام الصدق، وهؤلاء صادقون في علمهم، وفي فعلهم وقولهم، وهذا المعنى لا يُمكن أن يُتصوّر من دون علم مُطلق، وعصمة مُطلقة، وكمال مُطلق، لأنّ الآية تأمر بالكونية الدائمة والثابتة والمطلقة على طول الخط مع هؤلاء الصادقين.. وإخراج الزهراء من الآية يعني إخراجها من مقام الصدق.
  • ● وقفة عند آيات سورة الدهر {إنّ الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} هؤلاء الأبرار هم الصادقين، فكلمة الأبرار جوهرها الصدق. إذا قرأنا هذه السورة فإنّنا لا نجد حديثاً عن سيّئات، ولا نجد حديثاً عن خطأ! إنّنا نجد حديث عن أشخاص ليس فيهم من عيب، ولهذا في نفس هذه السورة تأتي هذه الآية {وسقاهم ربّهم شراباً طهوراً} هذه السُقيا المذكورة في الآية جرت في كلّ طبقات الوجود، فكما أنّ حديث الكساء جرى في كلّ طبقات الوجود، كذلك تفاصيل سورة الدهر جرت في كلّ طبقات الوجود. علماً أنّ تفاصيل هذه السورة أيضاً جرت في بيت فاطمة وفاطمة سيّدة البيت. ففاطمة سيّدة الصادقين، وسيّد الأبرار، وهي التي يتحدّث عنها ولدها الإمام العسكري فيقول (نحن حجج الله على الخلق وفاطمة أمّنا حجّة علينا) فإذا كانت الزهراء حجّة على هؤلاء الصادقين والأبرار، فهل حجّيتها ناقصة؟! قطعاً حجّية الزهراء كاملة عليهم، ومن جملة شؤوناتهم (الإمامة السياسية، وإمامة الحكم) ثُمّ إنّ نفس الإمامة السياسية هي في حاشية مقاماتهم الذاتية عليهم السلام. فكيف لا تثبت لها الحجّية السياسية وهي صاحبة الحجّية الكاملة عليهم
  • ● وقفة عند الآية 77 وما بعدها من سورة الواقعة {إنّه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسّه إلّا المطهّرون} فهل فاطمة من هؤلاء أم لا؟! الزهراء هي سيّدة هذه الآية. وهؤلاء المطهّرون هم الراسخون في العلم في قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلّا الله والراسخون في العلم}
  • ● وقفة عن هذه الآية من سورة النساء {يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإنْ تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} الذين يعرفون تأويل القرآن هم الراسخون في العلم والمطهّرون وهم أنفسهم أُولي الأمر المذكورين في الآية.. وهم الذين يستنبطون الحقائق من القرآن الكريم بنص القرآن في نفس السورة حين يقول: {وإذا جاءهم أمرٌ مِن الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم..} إذا كانت فاطمة من أولي الأمر، فكيف نتصوّر أنّ الزهراء ليست إماماً!
  • ● وقفة عند الآية 105 من سورة التوبة {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستُردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} هؤلاء هم المطهّرون، وهم الراسخون في العلم، وهم أولو الأمر، وهم المؤمنون الذين رؤيتهم رؤية الله ورؤية رسول الله
  • ● وقفة عند المحاورة التي جرت بين الإمام الكاظم وبين هارون العبّاسي في كتاب [عوالم العلوم – عوالم الزهراء: ج2] (أن هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر : خذ فدكا حتّى أردّها إليك، فيأبى حتّى ألحّ عليه، فقال الإمام: لا آخذها إلّا بحدودها، قال: وما حدودها؟ قال: إنْ حدّدتها لم تردّها. قال: بحقّ جدّك إلّا فعلت. قال: أمّا الحدّ الأوّل فعدن – أي اليمن -، فتغيّر وجه الرشيد وقال: إيهاً ! قال : والحدّ الثاني سمرقند، فأربد وجهه – بان عليه الغضب -. قال: والحدّ الثالث إفريقية، فاسودّ وجهه وقال: هيه ! قال: والرابع سيف البحر ما يلي الخزر وإرمينية. قال الرشيد: فلم يبقَ لنا شيء، فتحوّل إلى مجلسي. قال الإمام: قد أعلمتك أنّني إن حدّدتها لم تردّها، فعند ذلك عزم على قتله) أنا أسأل فأقول: من هو المالك الأوّل والحقيقي لفدك؟ أليس هذا التفسير الذي بيّنه الإمام عن فدك أليس تفسير للإمامة السياسية؟ هل يوجد أحد يقول: أنّ الزهراء لا تملك فدك؟! إذا ثبت هذا المعنى الحقيقي لفدك ثبتت إمامتها السياسية لا على أساس هذه المحاورة فقط، وإنّما على أساس كلّ ما تقدّم من حقائق وما سيأتي وما لا أجد وقتاً لذكره.
  • ● وقفة عند زيارة جامعة للأئمة أوردها ابن المشهدي في [المزار الكبير] ممّا جاء فيها، والخطاب للزهراء: (السلام على الطاهرة الحميدة، والبرّة التقيّة الرشيدة، النقيّة مِن الأرجاس، المُبرّاة من الأدناس..) إلى أن تقول (فاطمة الأفطام، مُربيّة الأيتام). أفطام: جمع فطيم، والأيتام: جمع يتيم، والفطيم واليتيم في الغالب تُطلق على الأطفال. هناك إشارات في هذه الأوصاف الفاطمية.
  • (وقفة عند مجموعة من الروايات التي تكشف لنا جانباً من المعنى) :
  • ● (عن أبي بصير قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إذا مات طفل مِن أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات والأرض: ألا إن فلان بن فلان قد مات، فإن كان مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته مِن المؤمنين دُفع إليه يغذوه، وإلّا دُفع إلى فاطمة عليها السلام تغذوه، حتّى يقدِم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته فتدفعه إليه)
  • ● رواية أخرى: (عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى يدفعُ إلى إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذونهم بشجرة في الجنّة لها أخلاف كأخلاف البقر – أي الضروع – في قصر مِن الدُر، فإذا كان يوم القيامة أُلبسوا وأُطيبوا وأُهدوا إلى آبائهم، فهم ملوك في الجنّة مع آبائهم، وهو قول الله تعالى: {والذين آمنوا واتّبعتهم ذُرّيتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم})
  • ● رواية أخرى: (عن الباقر عليه السلام قال: لمّا صعد رسول الله إلى السماء وانتهى إلى السماء السابعة ولقى الأنبياء: قال: أين أبي إبراهيم؟ قالوا: هو مع أطفال شيعة علي، فدخل الجنّة فإذا هو تحت شجرة لها ضروع كضروع البقر، فاذا انفلتَ الضرع مِن فم الصبي قام إبراهيم فرد عليه، قال: فسلّم عليه، فسأله عن عليّ، فقال: خلّفته في أمّتي، قال: نِعْم الخليفة خلّفت، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته، وهؤلاء أطفال شيعته سألت الله أن يجعلني القائم عليهم ففعل، وإنّ الصبي ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنّة وأنهارها في تلك الجرعة) هذه الروايات تأتي بلسان التقريب وبلسان الرمز، وهنا نقطتين أُشير إليهما:
  • 1- أنّ هذه الروايات بمجموعها تتحدّث عن رعاية فاطمة للأطفال لليتامى للصغار وتتحدّث أيضاً عن أنّ إبراهيم وأنّ سارة في ضمن هذه الأجواء.. قطعاً يكونون تحت نظر فاطمة عليها السلام في العناية بهؤلاء الأطفال.
  • 2- النقطة الثانية: أنّ إبراهيم الخليل إمام بصريح القرآن في قوله تعالى {وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّهُ بكلمات فأتمّهنَّ قال إنّي جاعلك للناس إماما} والإمامة هنا إمامة (علمية، شرعية سياسية دنيوية، إمامة في الحكم والقضاء) حين أتمّ إبراهيم الكلمات جعله الله إماماً، وهذه الكلمات التي أتمّهُنّ إبراهيم هي نفس الكلمات التي تلقّها آدم، ولكن إبراهيم أتمّهنّ إلى القائم. -هكذا تُحدّثنا الروايات- وهذه الكلمات التي تلقّاها آدم، وأتمّهنّ إبراهيم ونال بذلك مرتبة الإمامة، هذه الكلمات فاطمة سيّدتها، فإمامة إبراهيم أساساً لم تكن حتّى أقرّ بالطاعة والخضوع لفاطمة عليها السلام.
  • ● ما جاء مذكوراً في هذه الروايات هو صورة في طبقة من طبقات هذا الوجود عن رعاية القيّمة، هي قيّمة على أطفال المؤمنين، وإبراهيم النبي وزوجته سارة إنّما هم في منظومة فاطمة لرعاية الأطفال والأفطام.. لكنّ فاطمة تبقى هي القيّمة على الأفطام (جمع فطيم، وهم الذين فطمتهم عن النار ذراريها وشيعتها) وتبقى مُربيّة للأيتام الذين يدورون حولها، وهم شيعة المهدي في غيبته.
  • ● وقفة عند هذه العبارة الواردة في [مقتل الحسين] للمقرّم، يقول: (وسمع عليه السلام قائلاً يقول: دعه يا حسين فإنّ له مُرضعاً في الجنّة ) المرضع فاطمة.. إذا كانت الزهراء هي التي ترعى أطفال المؤمنين فهذا عبدالله ذبيح الطفوف (الأضحية التي قدّمها الحسين عليه السلام) فهذه صورة أخرى من صعيد كربلاء، وهذا النداء الذي سمعه الحسين إن لم يكن من فاطمة، فهو من منظومة فاطمة عليها السلام، وهذا أيضاً من التواصل الفاطمي مع ما جرى في كربلاء، هذه صورة أخرى من صور قيمومتها.
  • ● وقفة عند الآية 83 من سورة الصافات {وإنّ مِن شيعته لإبراهيم} بحسب السياق الّلغوي الّلفظي {وإنّ من شيعة نوح لإبراهيم} لأنّ الآيات السابقة كانت تتحدّث عن نوح، ونوحٌ الذي يشهد له في القيامة
  • ● وقفة عند حديث الإمام الصادق في [الكافي الشريف: ج8] (عن يوسف بن أبي سعيد، قال: كنت عند أبي عبد الله ذات يوم فقال لي: إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق كان نوح أوّل مَن يُدعى به، فيُقال له: هل بلّغت؟ فيقول: نعم فيُقال له: مَن يشهد لك؟ فيقول: مُحمّد بن عبد الله – باعتبار أنّه الشاهد على الجميع – قال: فيخرج نوح فيتخطّى الناس حتّى يجيء إلى محمّد وهو على كثيب المسك ومعه علي وهو قول الله عز ّوجل: {فلمّا رأوه زُلفة سيئتْ وجوه الذين كفروا} فيقول نوح لمُحمّد “صلّى الله عليه وآله”: يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى سألني هل بلّغت؟ فقلتُ: نعم فقال: مَن يشهد لك؟ فقلتُ: محمّد (صلّى الله عليه وآله) فيقول: يا جعفر يا حمزة اذهبا واشهدا له أنّه قد بلّغ. فقال أبو عبد الله: فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء بما بلّغوا، فقلتُ: جُعلت فداك فعليٌّ أين هو؟ فقال: هو أعظم منزلة من ذلك) ونوحٌ هو أفضل الأنبياء بدليل أنّ إبراهيم عُدّ مِن شيعته، فهو من شيعة نوح عليه السلام.. وفي زيارة النبي نوح نخاطبه ونقول: (السلام عليك يا شيخ المُرسلين) نوحٌ أفضل الأنبياء والذي يشهد له ولبقية الأنبياء جعفر وحمزة
  • ● وقفة عند رواية الإمام السجاد في كتاب [الخِصال] للشيخ الصدوق، وهو يتحدّث عن عمّه العبّاس، يقول: (رحِمَ الله العباس – يعني ابن علي – فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه، فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب. وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى لمنزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة) الحديث هنا ليس عن الشهداء الذين يُقتلون في المعارك، وإنّما الحديث عن الشهداء الذين يشهدون على الأمم – وإن كان حمزة وجعفر من الشهداء الذين قُتلوا في المعارك – الرواية تقول أّنّ جميع الشهداء يغبطون أبا الفضل العبّاس يوم القيامة، مع أنّ حمزة وجعفر شاهدان للأنبياء بل لأفضل الأنبياء وهو نوح، يعني هما يُوثّقان نوح! الحسين سيّد الشهداء مُطلقاً، وأبو الفضل العبّاس سيّد شهداء الطفوف، والعبّاس عبدٌ للحسين.. لو لم يكن في أعلى درجات العبوديّة للحسين لما نال هذه المرتبة.
  • ● وقفة عند حديث الإمام الكاظم في [عوالم العلوم: ج2] وهو يُحدّثنا عن الساعات الأخيرة من حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله (فبكت، ثمّ بكت وأكبّت على وجهه فقبّلته، وأكبّ عليه عليّ والحسن والحسين، فرفع رأسه إليهم ويدها في يده فوضعها في يد علي وقال له: يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمّد عندك فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنّك لفاعل، هذه والله سيّدة نساء أهل الجنّة من الاولين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى، أما والله ما بلغتْ نفسي هذا الموضع حتّى سألتُ الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته، يا عليّ انفذ لمَا أمرتكَ به فاطمة فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل، واعلم يا عليّ إنّي راضٍ عمّن رضيتْ عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربي والملائكة، يا علي ويل لمَن ظلمها، وويلٌ لمَن ابتزّها حقّها، وويلٌ لمَن انتهك حُرمتها، وويل لمن أحرق بابها، وويل لمن آذى حليلها، وويل لمن شاقّها وبارزها، الّلهم إنّي منهم بريء، وهم منّي بُراء، ثمّ سمّاهم رسول الله وضمّ فاطمة إليه وعليّاً والحسن والحسين، وقال: الّلهم إنّي لهم ولمن شايعهم سِلم وزعيم بأنّهم يدخلون الجنّة، وحربٌ وعدوٌ لمن عاداهم وظلمهم وتقدّمهم أو تأخّر عنهم وعن شيعتهم زعيم بأنّهم يدخلون النار، ثمّ والله يا فاطمة لا أرضى حتّى ترضي…)
  • ● ورواية أخرى عن الإمام الكاظم: (ألا إنّ فاطمة بابُها بابي وبيتُها بيتي، فمَن هتكه فقد هتك حجاب الله) إلى أن يقول: (فبكى أبو الحسن طويلاً وأكثر البكاء، وقال: هُتك والله حجاب الله، هُتك والله حجاب الله، هُتك والله حجاب الله يا أُمّه)
  • ● حتّى لو أردت أن أُغمض عيني عن كلّ ما تقدّم من حقائق في هذه الحلقة والحلقة السابقة، فماذا أصنع مع الزيارة الجامعة الكبيرة التي هي من أوّلها إلى آخرها تصدع بإمامة فاطمة في كلّ طبقات الوجود وبإمامتها في هذا العالم الحسّي بكلّ مراتب الإمامة وأشكالها.
  • (وقفة مرور سريع على نماذج ممّا جاء في هذه الزيارة)
  • ● أوّل ما تبدأ الزيارة بهذه العبارة (السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة) إذا لم تكن فاطمة في قائمة “أهل بيت النبوّة” فمَن هم أهل بيت النبوّة إذاً؟
  • وفي حديث الكساء الشريف نقرأ حين سأل جبرئيل(يا ربّ ومن تحت الكساء؟ فقال عزّ وجل: هم أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة هم: فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) هذا شرح من الله للزيارة الجامعة الكبيرة، حين شرح أهل بيت النبوّة ابتدأ بفاطمة.. فهل هناك شرح للزيارة الجامعة أفضل من شرح الله تعالى؟! فبقيّة الأوصاف الواردة في الزيارة الجامعة الكبيرة كلّها تنطبق على فاطمة كهذه الأوصاف (وقادة الأمم، وساسة العباد، وسلالة النبيّين، وصفوة المرسلين، وعترة خيرة ربّ العالمين) العنوان الأوّل للصفوة والعترة فاطمة. ولهذا حين يأتي الكلام في الزيارة الجامعة (وأشهد أنّكم الأئمة الراشدون، المهديّون المعصومون المُكرّمون) هذه الأوصاف تنطبق على فاطمة، غاية الأمر أنّ فاطمة لم تُفصح عن إمامتها في الواقع اليومي لعدم الحاجة إلى ذلك، كما أنّ أمير المؤمنين لم يُفصح عن إمامته في زمان رسول الله باعتبار رسول الله موجود، ولكنّه كان إماماً، وجميع الأئمة بالمثل.
  • ● حين نقول (وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم) أليس هذا الوصف ينطبق على فاطمة بشكل أوضح خصوصاً وأنّها سيّدة ساحة الحساب، وهي صاحبة الشفاعة، بل هي التي تُعطي ولاية الشفاعة حتّى لشيعتها، فتقول لهم: اذهبوا واشفعوا لشيعة شيعتهم، فهي صلوات الله عليها صاحبة الحساب.
  • ● هذا الخطاب (مَن والاكم فقد والى الله، ومَن عاداكم فقد عادى الله، ومن أحبّكم فقد أحبّ الله، ومن أبغضكم فقد أبغض الله، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله) أليس بالدرجة الأولى يتوجّه لفاطمة وبعد ذلك يتوجّه لأولادها بسبب هذا العنوان الكبير (يرضى الله لرضا فاطمة ويغضب لغضبها) هذا العنوان وضعه رسول الله لأنّها هي القيّمة.
  • ● حين نقرأ هذا المقطع (فبلغ الله بكم أشرف محلّ المكرمين وأعلى منازل المُقرّبين وأرفع درجات المرسلين..حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد..إلّا عرّفهم جلالة أمركم وعظم خطركم وكبر شأنكم..) هذه المقاطع التي تتحدّث عن عظمة معرفة فاطمة وعن عظمة مقامات آل محمّد وأنّ جزءاً من شأنهم سينكشف لهذه المراتب من المخلوقات. هذه المعاني لا تتجلّى بنحو واضح جدّاً إلّا في فاطمة، وبعد فاطمة تتجلّى في أولادها.
  • ● حين نقرأ هذه العبارات (وبرئتُ إلى الله عزّ وجل مِن أعدائكم، ومِن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم، والجاحدين لحقكم، والمارقين من ولايتكم، والغاصبين لإرثكم، والشاكين فيكم، والمنحرفين عنكم) الجبت والطاغوت بالدرجة الأولى هم أعداء فاطمة، فالبراءة تكون لفاطمة.. نحن نتبرئ منهم بين يدي فاطمة.
  • ● من المصاديق الواضحة لمُصطلح (إرثكم) هو بيت رسول الله وماله من أموال والتي اغتُصبت وأُعطيت لغير أبناء رسول الله، فضلاً عن الإمامة والخلافة وسائر التفاصيل الأخرى. ولكن من العناوين الأولى: أنّ فاطمة هي التي غصبوا إرث أبيها منها.
  • ● قول الزيارة (الشاكّين فيكم) لو لم يكونوا شاكّين في فاطمة هل طالبوها بالأدلّة؟ وهل قذفوها على منبارهم؟!
  • ● حين نقرأ في الزيارة (وذلّ كلّ شيءٍ لكم) أليس هذا المعنى ينطبق على فاطمة؟ ألم نقرأ في الروايات أن طاعتها مفروضة على الجميع؟
  • ● حين نقرأ في الزيارة (كلامكم نور) إذا انطبقت هذه العبارة على فاطمة، فبقيّة العبارات متوجّهة لفاطمة.
  • ● وقفة عند مقاطع مُقتطفة من حديث سيّد الأوصياء في المعرفة بالنورانية في [بحار الأنوار: ج26] وقد قرأت عليكم مقاطع من هذا الحديث مُسبقاً. مضمون حديث المعرفة بالنورانية بتصريحه وتلميحه وتلويحه، بعباراته وإشاراته وبكلّ ما فيه يُشير إلى مقام القيّمة.
  • ● وقفة عند مقطع من توقيع لإمام زماننا في [بحار الأنوار: ج53] ممّا جاء فيه: (وإنّ الماضي – أي الإمام العسكري- مضى سعيداً فقيداً على منهاج آبائه: حذو النعل بالنعل، وفينا وصيّته وعلمه ومَن هو خَلَفه ومَن يسدّ مسدّه، ولا يُنازعنا موضعه إلّا ظالم آثم، ولا يدعيه دُوننا إلّا جاحد كافر- يُشير إلى عمّه جعفر -) إلى أن يقول: (ولولا ما عندنا من محبّة صلاحكم ورحمتكم، والاشفاق عليكم، لكنّا عن مُخاطبتكم في شُغل ممّا قد امتحنّا مِن منازعة الظالم العُتلّ الضال المُتابع في غيّه، المضاد لربّه، المُدّعي ما ليس له، الجاحد حق مَن افترض الله طاعته، الظالم الغاصب) الإمام في كلّ هذه العبائر يتحدّث عن إمامة، وعن غصبٍ لهذه الإمامة.. إلى أن يقول عليه السلام: (وفي ابنة رسول الله لي أسوة حسنة) فالإمام هنا يتحدّث عن ظلامة للصدّيقة الطاهرة، وهو يتحدّث عن إرث الإمامة، وهذه إشارة واضحة إلى إمامتها عليها السلام.
  • ● أضرب لكم مثال (لتوضيح الفكرة بشكل مُجمل) (وقفة عند 48 من سورة العنكبوت {وما كنتَ تتلو من قبله مِن كتاب ولا تخطه بيمينك..} والفكرة التي تكوّنت في أذهان الناس أنّ النبيّ أمّي لا يقرأ ولا يكتب لأنّه لم يُمارس ذلك أمام الناس.

تحقَق أيضاً

أسئلةٌ وشيءٌ من أجوبة … – الحلقة ١٣

يازهراء …