الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٤٢ – لبّيك يا فاطمة ج٥٩ – فاطمة القيّمة ق٥

صور

فيديو

 

 

يوتيوب

 

 
 

اوديو

 

 

مطبوع

 

 

ملخـّص الحلقة

تاريخ البث : يوم السبت 29 ذو الحجّة 1437هـ الموافق 1 / 10 / 2016م

  • تقدّمت تفاصيل كثيرة تحت هذا العنوان (فاطمة القيّمة) ولكنّني أُذكّركم فقط بمعنى القيّمة.. القيّمة: هي صاحبة القيمومة، وصاحبة القيمومة لابدّ أن تكون حاضرة وناظرة.

  • ممّا ذكرته في الحلقة الماضية ما جاء في توقيع إمام زماننا في [بحار الأنوار- ج53]
  • والكلمة التي أُريد أن أمرّ عليها في هذا التوقيع الشريف هي كلمة إمام زماننا عليه السلام (وفي ابنة رسول الله لي أُسوة حسنة).
  • الإمام يُعبّر في توقيعه هنا عن الصدّيقة الكبرى أنّها أُسوة له، وهذه صورة من أدب إمام زماننا مع أمّه الزهراء.. صورة من أدب آل محمّد عليهم السلام مع الصدّيقة الكبرى، وهذا المضمون يتجلّى من مضمون كبير وواضح جدّاً.. تلك هي كلمة إمامنا العسكري عليه السلام (نحن حُجج الله على العباد، وفاطمة أمّنا حجّة علينا).

  • إذا أردت أن أتتبع كلمات المعصومين و ما يصدر منهم من أدب عالٍ جدّاً مع الصدّيقة الطاهرة قد أحتاج إلى وقت، لكنّني أختصر عليكم الطريق بكلمتين:

  • ● الأولى: كلمة إمامنا الصادق حين سألوه عن إمام زماننا، قال: (لو أدركته لخدمته أيّام حياتي) المُتكلّم هنا هو الإمام الصادق، والحديث عن إمام زماننا.
  • ● الثانية: كلمة إمام زماننا وهو يتحدّث عن أمّه الزهراء فيقول: (وفي ابنة رسول الله لي أُسوة حسنة).
  • معالم الأدب العالي في التعامل مع الصدّيقة الكبرى واضحة من هذه الكلمات الموجزة، وهذا هو أدب رسول الله صلّى الله عليه وآله.

  • القرآن يُخاطب النبي في سورة القلم (وإنّك لعلى خُلُق عظيم)

  • هذا الخطاب موجّه لرسول الله، ولكن مضمونه يتجلّى في أهل البيت جميعاً، كالمضامين التي تتجلّى في الزيارة الجامعة الكبيرة، فمضامين الزيارة الجامعة هي تفصيل قولٍ لهذه الكلمة (وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم).
  • هذه الآية لا تتحدّث عن خصال في التعامل مع الآخر، ولا عن مَلَكات نفسّة معيّنة يتحدّث عنها علماء الأخلاق (هذا جزء من الأخلاق)، ولا تتحدّث عن سمات شخصية ترسم صورة مُتكاملة (فهذا جزء منها).. هذه الآية تتحدّث عن مجمع معاني الأسماء الحسنى التي تجلّت في ذات رسول الله وفي صفاته وفي أقواله وأفعاله.. هذا المضمون هو جزء منه ما يتجلّى منه صلّى الله عليه وآله من أدبٍ عال حين يقول: (أدّبني ربّي فأحسن تأديبي، وعليٌ أديبي) كلمة تجمع كلّ المحاسن وتنفي كلّ شر كما هو في وصف فاطمة.. فاطمة هي المفطومة عن الشرّ، فحينما تُفطم عن الشرّ ستجلّى فيها كلّ الخير، ولذا قال النبي الأعظم (لو كان الحُسن صُورة لكانت فاطمة).
  • فهذا مضمون محمّدي علوي فاطمي (هذا هو مضمونهم الذي تكفّلت الزيارة الجامعة بشرحه وتوضيحه).
  • ● وصورة من صور الأدب المحمّدي مع فاطمة هو ما كان يُردّده صلّى الله عليه وآله: (فداها أبوها) في مواطن عديدة، وهو يُريد أن يُلفت أنظار الأمّة كيف تتعامل مع فاطمة.. إذا كان النبي الأعظم يقول (فداها أبوها) فكيف نتعامل نحن الصدّيقة الكبرى؟!
  • ● ومرّت علينا كلمة النبي الأعظم التي حدّثنا عنها الإمام الكاظم في [عوالم العلوم] وهي من كلمات النبي الأعظم في الّلحظات الأخيرة من حياته أنّه كان يقول:
  • (ثُمّ والله يا فاطمة لا أرضى حتّى ترضي)
  • ● وحين نسب نفسه إليها رسم لنا صورة عالية وأنيقة وسامقة من صور الأدب حين تحدّث عن حقيقتها فسمّاها بأمّ أبيها.. فهي صورة من صور التعبير الأدبي الراقي والذي يتحدّث عن صورة راقية جدّاً.
  • ● أمير المؤمنين يُحدّثنا عن الصدّيقة الطاهرة يقول: (أنّ فاطمة قالت: قال لي رسول الله: يا فاطمة، مَن صلّى عليكِ غفر الله له وألحقه بي حيث كُنت من الجنّة) وهذا المعنى ينسجم انسجام جلي مع زيارتها الشريفة التي نقرأ فيها (فإنّا نسألكِ إن كنّا صدّقناكِ إلّا ألحقتنا بتصديقنا لهما لنُبشّر أنفُسنا بأنّا قد طهرنا بولايتكِ) وهل المغفرة إلّا صورة من صور التطهّر والتطهير!
  • ومعنى الصلاة هنا على فاطمة هنا هو نفس المعنى الموجود في زيارتها الشريفة (الّلهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسرّ المستودع فيها).

  • وقفة عند الأدب الإلهي مع فاطمة في حديث الكساء:

  • ●حين تحدّث عنها سُبحانه وتعالى لقّبها.. مع أنّ العالي إذا تحدّث عمّن هو دونه لا يُلقبّه إلّا إذا كانت هناك خُصوصية أو هناك حكمة يُريد العالي أن يُبيّنها.
  • في حديث الكساء حين سأل جبرئيل الباري تعالى: ومن تحت الكساء؟ فقال الله عزّ وجل: (هم أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، هم فاطمة وأبوها و بعلها وبنوها)
  • ● فهنا أولاً: لقبّها بأشرف الألقاب.
  • ● ثانياً: ذكرها أولاً.
  • ● وثالثاً: نسب إليها أشرف الموجودات، فجاء ذكرهم تبعاً لها (هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها).
  • وقبل ذلك فإنّ الله تعالى يُحدّث ملائكته (يا ملائكتي ويا سكّان سماواتي إنّي ما خلقتُ سماء مبنية ولا أرضاً مدحيّة ولاقمراً مُنيرا…) لو أنّ الجملة كانت هكذا (إنّي ما خلقتُ سماء مبنية)
  • فإنّ جميع هذه التفاصيل التي ذُكرت تدخل تحت عنوان (السماء المبنية) ولكن الله تُعالى يُريد أن يُفصّل في جميع الجهات ليُبيّن ولايتهم ومنزلتهم وظهورهم صلوات الله عليهم، وفاطمة هي العنوان الأوّل.. وحين نزل جبرئيل بيّن هذا المعنى: أنّ كلّ شيء ما خُلِق إلّا لأجلكم ومحبّتكم.
  • هذا الحديث يُشير إلى أنّ كلّ الأشياء هي في مُستوى العبودية والخضوع والطاعة لفاطمة وآل فاطمة صلوات الله عليهم،هكذا يُعلّمنا حديث الكساء كيف نتأدّب مع فاطمة وكيف نتحدّث عن فاطمة وفي أيّ مستوى من المستويات نتحدّث.
  • ● الحديث عن شؤون بيت فاطمة، وعن الجانب الأسري في بيت فاطمة، هذا الحديث يقع في الحاشية، إذا جعلنا هذا الحديث في المَتن تغيب الحقائق حينئذٍ، وسنكون بذلك مُشتركين جميعاً في إحراق منزلة فاطمة.
  • ● حين تحدّث الله تعالى بهذه الإشارة الواضحة البليغة (هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها) هذه خصوصيّة لفاطمة لابُدّ أن نُحافظ عليها، فاطمة القيّمة، حيث ربط القرآن الدين بها.
  • ● قول رسول الله صلّى الله عليه وآله (إنّما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق) هذه رسالة النبي.. ومكارم الأخلاق هذه تجمعها هذه الكلمة (تخلّقوا بأخلاق الله) هذه هي أخلاق الله مع فاطمة يبيّنها حديث الكساء.. فالذين يخرجون عن هذا المستوى هؤلاء يخرجون عن أدب الله، فهم ليسوا مؤدّبين (هم الذين يخرجون عن حدود الآداب وليس فاطمة عليها السلام).
  • ● وقفة عند سورة الكوثر :
  • سورة الكوثر هي صورة من صور الأدب الإلهي والأدب القرآني مع فاطمة عليها السلام.. صحيح أنّه لا يُوجد عندنا نصّ لفظي أنّ (الكوثر) هي فاطمة عليها السلام، ولكن الآية والسورة والوقائع التأريخية الملابسة لهذه السورة صريحة في معنى الكوثر.
  • على طول القرآن أجمل الأوصاف – بحسب أحاديث أهل بيت العصمة – (الكلمة الطيبة: فاطمة، الشجرة الطيّبة: فاطمة، الحبّة المُباركة التي تُنبت سنابل الطهر والخير: فاطمة، ليلة القدر: فاطمة، الّليلة المباركة: فاطمة، مشكاة النور، والزيتونة الّلاشرقية ولا غربية، والنور على النور كلّ هذه العناوين تعني فاطمة أو شؤون فاطمة) إلى قائمة طويلة من الألقاب والأسماء والأوصاف القرآنية الزهرائية وردت في كلماتهم الشريفة.. و (الكوثر) في هذا السياق.
  • وهذا لونٌ عالٍ من الأدب الإلهي والقرآني في التعامل مع فاطمة (الكلمات الجميلة والكلمات الفخمة، والمعاني العالية، والمُصطلحات المُنيرة، أسبغها الله في قرآنه على فاطمة)
  • ● الكوثر: صيغة (الفوعل) تتحدّث عن الكثير والكثير والكثير.
  • (إنّا أعطيناك الكوثر) أعطيناك كلّ شيء، وبعده فإنّك لا تحتاج إلى شيء (الخطاب هنا بالصيغة الّلفظية موجّه إلى رسول الله، ولكن المعنى إلينا) نحن أُعطينا الزهراء، وفُتحت لنا الأبواب.. وهذا المعنى هو المعنى المذكور في زيارتها الشريفة (فإنّا نسألكِ إن كنّا صدّقناكِ إلّا ألحقتنا بتصديقنا لهما لنُبشّر أنفُسنا بأنّا قد طهرنا بولايتكِ) من دونها عليها السلام لن نستطيع الّلحاق بمحمّد وعليّ.. (لنُبشّر أنفُسنا بأنّا قد طهرنا بولايتكِ) الطهارة بهذا الكوثر، وما الكوثر إلّا نهر في الجنّة، وهذه صورة من في طبقة من طبقات الوجود من معنى الكوثر.. الكوثر في هذه الدنيا هو (ولاء فاطمة).. فولاء فاطمة هو الحوض الذي إذا ما شربنا منه فإنّه يُنظّفنا ويُطهّرنا ويُلحقنا بمحمّد وعلي.
  • ● (فصلّ لربّك وانحر) هذا المعنى الوارد في الآية، صِيغ البرنامج على أساسه.. ولذا بعد مجموعة حلقات (لبيّكِ يا فاطمة) ستأتينا حلقات تحت عنوان (معاني الصلاة)، فبعد الكوثر تأتي الصلاة.. قول الآية (وانحر) أي ضع اليدين عند المنحر، هكذا ورد في الروايات.
  • أي توجّه إلى الجهة الصحيحة، وهذا ما سيأتي بيانه في الحلقات التي تحمل عنوان: معاني الصلاة.

  • (وقفة عند جملة من التنبيهات أحببتُ أن أتناولها في هذا الجزء من البرنامج)

  • التنبيه 1: وقفة عند رواية ينقلها الشيخ المجلسي في [بحار الأنوار: ج43] نقلاً عن مناقب ابن شهر آشوب، وصاحب المناقب ينقل الرواية عن أحد كتب المخالفين وهو: صحيح الدار قطني، تقول الرواية: (أنّ رسول الله أمر بقطع لص، فقال الّلص: يا رسول الله قدّمته في الإسلام وتأمره بالقطع، فقال: لو كانت ابنتي فاطمة، فسمعتْ فاطمة فحزنتْ، فنزل جبرئيل بقوله: (لئن اشركت ليحبطن عملك) فحزن رسول الله، فنزل: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) فتعجّب النبيّ مِن ذلك فنزل جبرئيل وقال: كانت فاطمة حزنت من قولك فهذه الآيات لموافقتها لترضى)

  • الرواية لم ألحظها في كتبنا مروية عن أئمتنا عليهم السلام، لكنّها يُمكن أن تكون في هذا السياق (سياق الأدب القرآني مع فاطمة عليها السلام) مع أنّ رهناك ركّة واضحة في الرواية.
  • ● الشيخ المجلسي حين أورد الرواية علّق عليها فقال: (بيان: لعلّ المعنى أنّ هذه الآيات نزلتْ لتُعلّم فاطمة أنّ مثل هذا الكلام المشروط لا يُنافي جلالة المخاطب والمُسند إليه وبراءته، لوقوع ذلك بالنسبة إلى الرسول مِن الله عزّ وجل، أو لبيان أن قطع يد فاطمة بمنزلة الشرك، أو أن هذا النوع مِن الخطاب المُراد به الأمّة إنّما صدر لصدور هذا النوع من الكلام بالنسبة إلى فاطمة فكان خلافاً للأولى، والأوّل أصوب وأوفق بالأصول)!
  • هذه التخريجات والشروح ساذجة إلى حدّ كبير، لأنّ التخريج الأوّل يتحدّث عن جهل فاطمة بمسألة بديهية جدّاً!
  • والتخريج الثاني: لا دلالة فيه على هذا المعنى أنّ قطع يد فاطمة بمنزلة الشرك،
  • والتخريج الثالث: أنّ هذا الأمر صدر من النبي وكان خلافاً للأولى.. فالنبي يُخالف في قوله وفعله الأولى!
  • ● تعليقاً على الرواية وعلى كلام الشيخ المجلسي، أقول:
  • ● أولاً: هذه الرواية من روايات المخالفين
  • ● ثانياً: لنفترض أنّ المعنى لا إشكال فيه من أنّ النبي قال هذا الكلام، وجاءت هذه الآيات لتُبيّن الأدب القرآني مع فاطمة ولا بأس بذلك.. يُمكن أن نقبل هذا المضمون وهذا المعنى فالميزان الموجود عندنا هو الميزان القرآني (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا) فلا شأن لنا هنا بالمصدر.. نحن والمصدر
  • هذا المعنى يُمكن أن يكون صحيحاً إذا كان في سياق بيان الأدب القرآني للأمّة، لا أنّ فاطمة كانت تجهل هذه البديهيات، ولا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد خالف الأولى.
  • ● هذه الظاهرة في فهم النصوص بهذا المعنى السطحي وبهذا النحو الساذج والذي يقود بالتالي إلى الإساءة إلى فاطمة حين نسب إليها الجهل بهذه الأمور البسيطة، وكذلك الإساءة إلى رسول الله حين نسب إليه أنّه جاء بخلاف الأولى، وهذا ما لا يُمكن أن يصدر من النبي صلّى الله عليه وآله إلّا لحكمة معيّنة، فإذا كانت هناك حكمة لا يُقال حينئذٍ أنّه خلاف الأولى.
  • ولكن يُمكن أن يكون هذا الخطاب توجيه للأمّة وفقاً للقاعدة القرآنية (إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة).. فالنبي لم يُخالف الأولى وإنّما أراد أن يُبيّن القاطعية في إقامة الحدود، وأنّه لا توجد هناك مهادنة في إقامة الحدود إذا ما ثبتت الأدّلة القطعية.
  • فالنبي لم يُخالف الأولى وإنّما كان كلامه عين الصواب، وعين الحقيقة وما تقتضيه الحكمة، ولا فاطمة كانت تجهل بذلك، ولا أنّها حزنت.. ولكن يُمكن أن تكون هذه الآيات قد نزلت لبيان هذا الأمر للأمّة (فلربّما أحد حين سمع النبي يقول: لو كانت فاطمة بنت محمّد سرقت.. لربّما يحتمل أن يصدر هذا الفعل من فاطمة، فجاء هذا الردّ القرآني (لئن أشركت…)
  • فهو بيان للأمّة أنّ هذا السياق الذي جاء في الرواية عن فاطمة يُمكن أن يكون عن رسول الله، بل يُمكن أن يكون عن الله. (إذا كانت الرواية بهذا المضمون فالرواية مقبولة والمعنى سليم وهي تأتي في سياق الأدب القرآني لبيان ما يجب على الأمّة في كيفية تعاملها مع فاطمة)
  • ● يُمكن أن تكون الرواية صحيحة ولكن النقل ليس دقيقاً، خصوصاً فيما يرتبط بحزن فاطمة، إلّا إذا كانت فاطمة أظهرت الحُزن لأجل أن يكون سبباً في ظهور هذه الآيات القرآنية كي يصل هذا المفهوم إلى الأمّة. (فبحسب هذا الفهم تكون الرواية لوناً من ألوان الأدب القرآني في التعامل مع الزهراء).
  • ● المُشكلة في تخريجات الشيخ المجلسي في بحار الأنوار خصوصاً في شؤون أهل البيت أنّها تخريجات ساذجة جدّاً على طول الخط!.
  • ● وقفة عند ما يقوله أهل البيت عليهم السلام في [تفسير البرهان: ج6] في معنى قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطنّ عملك} وهي الآية 65 من سورة الزمر.
  • (عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله لنبيه {لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} قال: تفسيرها لئن أمرتَ بولاية أحد مع ولاية عليّ من بعدك ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين) هذا وجه من وجوه الآية وهو الوجه الأهم.
  • ● قضيّة مهمّة أريد الإشارة إليها:
  • هي أنّه في أحاديث أهل البيت لمّا جمع النبي المسلمين في غدير خم، والصحابة عرفوا ذلك، وأصحاب الصحيفة الذين كتبوا الصحيفة وتعاهدوا أن تكون الصحيفة خارج البيت الهاشمي،
  • هؤلاء عرفوا أنّ رسول الله حين جمع المُسلمين أنّه يُريد أن يُنصّب علياً من بعده، فخافوا على مخطّطهم حين علموا أنّ النبي جمعهم لتنصيب عليّ من بعده.. فبعثوا معاذ بن جبل (وهو أحد الذين اشتركوا في الصحيفة) بعثوه إلى رسول الله يقول للنبي: إنّ الناس قد لا يقبلون علياً فلماذا لا تُشرك بعض الصحابة مع عليّ.. فهذه الآية (لئن أشركت – مع عليّ – ليحبطنّ عملك).
  • وهذا المضمون يتماشى مع المضمون الذي جاء في سورة المائدة {يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإنْ لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس}
  • وقطعاً الخطاب في كلا الآيتين في سورة الزمر والمائدة هو بلسان (إياكِ أعني واسمعي يا جارة).

  • التنبيه 2: في بعض الأحايين يتحدّث المتحدّثون لا بقصد سيء، وإنّما بقصد حسن، وبظنّ منهم أنّهم يُحسنون في طرحهم وبيانهم.

  • هناك موضوع سمعته مراراً وقرأته أيضاً في العديد من الكتابات.. وسآتيكم بمثال من الأمثلة الواقعية.
  • (عرض فيديو يتحدّث فيه الشيخ عبدالله الدشتي من علماء الكويت عن مقامات ومنزلة الصدّيقة الطاهرة، فيقول أنّ الزهراء عليها السلام لأنّها أحصنت فرجها حرّم الله ذريّتها على النار، وأنّ الذي أوصل الصدّيقة الزهراء إلى مقام السيّادة هو العفّة وإحصان الفرج)!
  • الشيخ يُحاول أن يتحدّث بالنحو الذي يُبيّن منازل الصدّيقة الطاهرة بأحسن أسلوب بحسب ما يعتقد.. علماً أنّ هذا المضمون يُطرح على المنابر وفي الحوزات وفي الكتب وهو ذوق مخالف لأهل البيت 100%.
  • ● الشيخ في الفيديو قال أنّ هذه الروايات التي ذكرت هذا المضمون متواترة، والحال أنّها ليست متواترة – بحسب معنى التواتر عند الرجاليين – ولا يوجد عندنا روايات عن الأئمة تقول أنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله على ذرّيتها النار.. ولو فرضنا أنّ هناك رواية وُجدت في كُتبنا تقول بهذا المضمون فهي لا تُمثّل الخط العام في رواياتنا.
  • هذا المضمون الذي ذكره الشيخ الدشتي مأخوذ من المخالفين.. وهي من أخبار الآحاد – بحسب مُصطلحات الآحاد والمتواتر – ولا شأن لي بهذه القذارات..
  • فنحن يُمكن أن نقبل شيئاً من روايات المخالفين إذا كان موافقاً لذوق آل محمّد عليهم السلام، مع أنّنا لسنا بحاجة إلى ذلك.
  • ● الربط بين مقام السيادة وبين إحصان الفرج لا وجود له لا في القرآن ولا في روايات أهل البيت.
  • ● إذا ذهبنا للآيات التي تحدّثت عن إحصان فرج مريم في القرآن:
  • ● الآية 91 من سورة الأنبياء {والتي أحصنتْ فرجها فنفخنا فيها مِن روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين} لا يوجد في هذه الآية ولا في الآيات التي تسبقها، ولا في الآيات التي تلحقها ما يُشير إلى أنّ إحصان الفرج طريق للسيادة.
  • ● وكذلك الآية 12 من سورة التحريم {ومريم ابنت عمران التي أحصنتْ فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربّها وكُتُبه وكانتْ من القانتين}
  • أيضاً لا يوجد إشارة في هذه الآية لسيادتها، لا يوجد علاقة بين إحصان الفرج وبين السيادة.
  • ● الآية التي تحدّثت عن سيادة مريم هي قوله تعالى: {وإذ قالتْ الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاكِ وطهّركِ واصطفاكِ على نساء العالمين}
  • وإذا أردنا أن نفهم هذه الآية في مضمون منطق آل محمّد فلابدّ أن نذهب لحديث آل محمّد عليهم السلام.
  • ● وقفة عند حديث النبي الأعظم في [بصائر الدرجات]
  • (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما تكاملت النبوّة لنبيّ في الأظلّة حتّى عُرضتْ عليه ولايتي وولاية أهل بيتي ومُثّلوا له فاقروا بطاعتهم وولايتهم)
    النبوّات لأولي العزم ما تكاملت إلّا بالطاعة والإقرار لفاطمة وآل فاطمة عليهم السلام.. فكذلك الأمر بالنسبة لسيادة مريم، لو لم تكن مريم مقرّة بالطاعة والولاية لفاطمة وآل فاطمة لما بلغت ما بلغت إليه من المراتب.. وهذا معنى الاصطفاء والتطهير. (مثلما نحن نطلب من الزهراء أن تُلحقنا بمحمّد وعلي لنبشّر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتها).
  • السرّ في سيادة مريم في هذه الآية {يا مريم إنّ الله اصطفاكِ وطهّركِ} هو أنّ الله طهّرها بالطاعة والولاية والخضوع والتبعية لفاطمة وآل فاطمة.
  • أمّا السرّ في سيادة فاطمة، فلأنّها فاطمة، وقد مرّ علينا حديث محمّد بن سنان مع الإمام الجواد في الكافي الشريف:
  • (عن محمد بن سِنان قال: كنتُ عند أبي جعفر الثاني فأجريتُ اختلاف الشيعة ،فقال: يا محمّّد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيّته، كان ولم يكن معه شيء ثمّ خَلق محمّداً وعليّاً وفاطمة فمَكثوا ألفَ دهر، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض أمورها إليهم فهُم يُحلّون ما يشاءون ويُحرّمون ما يشاءون).
  • محمّد، علي، فاطمة هذه الكلمات الأتم.
  • ● وما جاء في الحديث الشريف (إنّ الله خلق المشيئة بنفسها، ثُمّ خلق الأشياء بالمشيئة) المشيئة هم صلوات الله عليهم.. فهم الكلمة الأولى، والإسم الأعظم.
  • مسألة إحصان الفرج من شؤون عالم التراب، وهذا المعنى أنّ إحصان الفرج هو سبب السيادة أُخذ من روايات المخالفين وفيه إساءة أدب واضحة بحقّ الصدّيقة الطاهرة.
  • ● الزهراء عليها السلام القوم قذفوها، والروايات صريحة عن الأئمة من أنّهم قذفوها على منابرهم، وقد قرأت عليكم في الحلقات السابقة كلام أبي بكر الذي اشتمل على قذف الصدّيقة الطاهرة ونقلت لكم كلامه من شرح ابن أبي الحديد.. حتّى أنّ أمير المؤمنين حين ناقشهم وقال: لو أنّ أحدكم شهد على فاطمة بالفاحشة فماذا تفعلون؟! قالوا: نُقيم عليها الحد، فقال لهم: إذاً تكفرون بكتاب الله، فإنّ آية التطهير نزلت فيها.. وإنّما قال لهم أمير المؤمنين ذلك لأنّ القوم قذفوها، وهذا المعنى موجود في رواياتنا.
  • ● في سورة التحريم، هناك تعريض بالذين قذفوا الزهراء، وهناك دفاع عن فاطمة ولكن بإسلوب عالٍ جدّاً في التعبير الأدبي.
  • وقفة عند الآية 10 من سورة التحريم، حين كان الحديث عن امرأة نوح وامرأة لوط {ضرب الله مثلا للذين كفروا امراة نوح وامراة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين} (وقفة عند ما جاء عن أهل البيت بشأن هذه الآية من سورة التحريم)
  • ● في تفسير القميّ (في قوله تعالى {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما} قال: والله ما عنى بقوله فخانتاهم إلّا الفاحشة..) والفاحشة معناها واضح.. وهذا تعريض بأولئك الذين قذفوا فاطمة عليها السلام.
  • ● وقفة عند كتاب [تأويل الآيات الظاهرة] لمعرفة ما قاله أهل البيت في معنى هذه الآية من سورة التحريم {ومريم ابنت عمران التي أحصنتْ فرجها فنفخنا فيه من روحنا}
  • 1- (عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزّ وجل {ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها} قال: مثل ضربه الله لفاطمة، وقال إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذُرّيتها على النار) يعني الله ما أراد أن يتحدّث عن فاطمة بهذه العبارات، فتحدّث عن مريم بأسلوب الإشارة المركبّة ليكون مثلاً.
  • 2- رواية أخرى عن الإمام الصادق (عن أبي عبد الله في قوله عزّ وجل ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها} قال: هذا مثلٌ ضربه الله لفاطمة بنت رسول الله)
  • ويبدو أنّ هذا النص هو النصّ الأصل، وأنّ الإضافة في الرواية الأولى هي من صاحب تأويل الآيات، لأنّ صاحب تأويل الآيات يُضيف كثيراً من الكلام فيما بين الروايات لشرحها، بينما هذه الرواية الثانية هي من تفسير محمّد بن العبّاس وهو تفسير قديم.. وهذا هو النصّ الذي ينسجم مع روايات أهل البيت.. أمّا الرواية الأولى التي اشتملت على شرح ، فهي تنسجم مع روايات المخالفين.
  • فما جاء في هذه الآية جاء مثلاً، فالقرآن لم يتحدّث بشكل صريح عن الزهراء، وإنّما جاء بمثل عن السيّد مريم.. ولذلك هذه الطريقة التي يتحدّث بها الشيخ الدشتي ويتحدّث بها كثيرون هي طريقة مخالفة لذوق أهل البيت عليهم السلام.

  • التنبيه 3: كلام يُذكر في بعض الأحيان بخصوص سورة الدهر، يرتبط بالصدّيقة الطاهرة.

  • إذا ما رجعنا لسورة الدهر وتتبعنا الآيات القرآنية الموجودة في هذه السورة، نجد هناك مساحة واضحة في هذه السورة عن أوصاف الجنان وعن خصوصيات الأبرار الذين سيتنعّمون بجنان الخلد، مع أنّ المساحة كبيرة وواسعة ولكن لا وجود للحور العين في هذه السورة.. فالسورة تتحدّث عن جهات عديدة، بل ربّما هي من أكثر السور القرآنية التي حشدت مصطلحات وعناوين وأسماء عن الجنان، ولكن لا وجود للحور العين في هذه السورة.
    فهناك كلام يُتردّد .. وبعض الخطباء ينسبونه للإمام الصادق (أنّ الإمام الصادق يقول: بأنّ سورة الدهر تخلو من الحور العين احتراماً لفاطمة)!
  • المعنى جميل وأنا لا أعترض على المعنى، ولكنّي أعترض على نسبة هذا المعنى للإمام الصادق.. إذ لا يوجد عندنا دليل أنّ هذا المعنى صدر من الإمام الصادق عليه السلام.
  • ● بحسب تتبّعي لم أجد أجداً قبل الآلوسي في تفسيره قد ذكر هذا المعنى.. يبدو أنّه استنتاج استنتجه الآلوسي من خلال تمعّنه في سورة الدهر فلم يجد ذكراً للحور العين، فقال إنّ هذا من الإجلال والإكرام لسيدة نساء العالمين.. الكلام جميل، ولكن مع ذلك يُمكن أن يُناقش في هذا الكلام: من جهة أنّ السورة تتحدّث عن مقامات في الجنان عالية جدّاً بحيث حين يكون الحديث عن الحور العين سيكون مُخلّاً بوصف هذه المقامات، كما في قوله تعالى: {وسقاهم ربّهم شراباً طهورا} فهذه الآية تتحدّث عن آفاق عالية جدّاً، فلربّما لا يُناسب هذا الأفق أن تُذكر الحور العين، أو لم تُذكر الحور العين للفارق الكبير في المنزلة والدرجة بين الذين ذُكروا في هذه السورة.. والحور العين ليس لها من الشأن والمنزلة أن تُذكر في هذه السورة، ويُمكن ويُمكن..
  • بالنتيجة حتّى لو كان كلام الآلوسي جميل، وفيه لون من ألوان الأدب القرآني، فنحن لا نستطيع أن ننسبه للإمام الصادق، لعدم وجود دليل على ذلك.

  • التنبيه 4: يتعلّق بالسيّد مريم

  • في الحلقات المتقدّمة من هذا البرنامج حينما تحدّثتُ عن ظلامة الصدّيقة الكبرى في الوسط المسيحي، قلت بأنّ السيّدة مريم في الوسط الشعبي المسيحي لها قُدسية مُعيّنة، ولكن في المؤسسة الدينية المسيحية لها شأن آخر.. فهناك ترابط واضح بين الصدّيقة الطاهرة وبين السيّدة مريم.
  • (جولة سريعة أعرض عليكم فيها نصوصاً من الكتاب المقدّس (العهد الجديد)، وأعرض عليكم شرحها أيضاً وبعد ذلك أُبيّن لكم الموقف الشعبي في الوسط المسيحي).
  • هذه الصور ممّا جاء في الأناجيل وممّا جاء في شروحها إذا أردنا أ نُقارنها مع العقيدة المُنتشرة في الوسط الشعبي المسيحي فهي لا تتفق مع تفسير المؤسسة الدينية المسيحية الرسمية.
  • في الوسط الشعبي المسيحي هناك عقيدة قويّة وهناك من المقامات والأوصاف والمعجزات التي يذكرونها ويعتقدون بها للسيّدة مريم، ولكن في المؤسسة الدينية المسيحية لا وجود ذلك!!
  • ● ملاحظة صغيرة: ما جاء في رؤيا يوحنّا الإصحاح 12
  • (وظهرتْ في السماء آية عظيمة: امرأة مُتسربلة بالشمس، والقمر تحت رجليها، وعلى رأسها إكليل مِن اثني عشر كوكبًا، وهي حُبلى تصرخ متمخّضة ومُتوجّعة لتلد، وظهرت في آية أخرى في السماء هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون، وعلى رؤوسه سبعة تيجان، وذنبه يجر ثلث كواكب السماء، فطرحها إلى الأرض، والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد ، حتى يبتلع ولدها متى ولدت، فولدت ابناً ذكرا عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصاً من حديد…)!
  • هذه المرأة لم يُفسّرها المسيحيّون بالسيّدة مريم.. البعض منهم فسّرها أنّها مريم وأنّ وليدها يسوع، ولكن أكثر التفاسير وأهم المُفسّرين لم يُفسّرها بالسيّدة مريم:
  • ● البعض أهمل الموضوع
  • ● والبعض فسّرها بالكنيسة
  • ● والبعض فسّرها بالأمّة المسيحية.
  • ● زُبدة القول من كلّ ما تقدّم (من حديثي بشكل خاص في الحلقات التي عنوانها: فاطمة القيّمة) وبنحو عام من كلّ مجموعة حلقات (لبيّكِ يا فاطمة) فقد وصلنا إلى نهاية المطاف، وحلقة يوم غد هي الأخير ة من مجموعة حلقات (لبيّكِ يا فاطمة)
  • زبدة القول هي: أنّ سورة البيّنة كما بيّنت في الحلقات السابقة هي سورة شيعة عليّ.. والآية {وما أُمروا إلّا ليعبدوا الله مُخلصين لهُ الدين حُنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة} والقيّمة هي فاطمة.
  • السورة هنا تتحدّث عن (دين القيّمة) و(القيّمة) لفظة مؤنثّة.. هناك قيّمة وهذا الدين أُضي إليها.
  • ● في الآية 43 من سورة الروم: {فأقم وجهك للدين القيّم من قبل أن يأتيَ يوم لا مردّ له من الله} هنا القيّم وصف للدين وليس مُضاف إليه.. صار الدين القيّم لأنّه يُنسب إلى القيّمة.
  • الآية هنا تأمرنا أن نُقيم وجوهنا للدين القيّم.

تحقَق أيضاً

أسئلةٌ وشيءٌ من أجوبة … – الحلقة ١٣

يازهراء …