الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ٣٠ – مقتل الميرزا محمّد الإخباري (ره) Show Press Release (14 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 30 – مقتل الميرزا محمّد الإخباري (ره) صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (12٬996 More Words) يا زهراء بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم سَلَامٌ عَلَيك يَا وَجْه الله الَّذِيْ إِليهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء.. بَقِيَّة الله.. مَاذَا فَقَدَ مَنْ وَجَدَك وَمَا الَّذِيْ وَجَدَ مَنْ فَقَدَك!! سَلَامٌ عَليْكُم إِخْوَتِيْ أَخوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ.. في الحلقةِ الماضية لَمْلَمتُ أطرافَ حديثي وأكملتُ مَا جعلتُ لهُ عُنواناً: (جَولةٌ اِستكشافيةٌ في سَاحة الثَّقَافةِ الشِّيعيَّة).. أمَّا هذه الحلقة فسأجعلُ عنوانها الجريمةُ الَّتي يُحاوَلُ إخفاؤها بقدرِ ما يُمكن، إنَّها جريمةٌ بَشِعة اِرتُكِبت في أجواء المؤسَّسَةِ الدِّينيَّة، وبِإشراف المرجعيَّةِ الشِّيعيَّةِ العُليا في عصرها: (مقتلُ الميرزا مُحمَّد الإخباري رضوان الله تعالى عليه) جريمةٌ في غاية القَسوةِ وفي غاية البَشاعةِ نُفِّذَت بِاسم أهل البيت صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين، اِفتراءً وكذباً ودَجَلاً، نفَّذَتها المرجعيَّةُ الشِّيعيَّةُ بِكُلِّ إصرارٍ وعِنادٍ وَوعيٍ مِّنها لِمَا تَفعل، وأنا هنا لا أُريد أنْ أتحدَّث عَن كُلِّ التَّفاصيل، إنَّما الَّذي دفعني للحديث في هذا الموضوع أمران: الأمر الأول-هو تَكمِلةُ البحث المتقدِّم، فقد صارت الصُّورةُ واضحة لديكُم من اِختراق الفكر الشَّافِعي وفِكر ابن عربي وفكر سيِّد قطب لِساحة الثَّقَافةِ الشِّيعيَّة، ولم يَكُن ذلك من قِبَلِهم وإنَّما جاء على أيدي علمائنا ومراجعنا الأجلاء، وقد بيّنتُ في الحلقاتِ الماضية أنَّ تقديري لنسبة الاِختراق الشَّافِعي في سَاحة الثَّقافة الشِّيعيَّة يتردَّدُ ما بين ثمانين بالمئة إلى تسعين بالمئة، وأمَّا ما يتعلَّق بالاِختراق الصُّوفي لابن عربي فإنّه يصل إلى الخمسين بالمئة، وبالنسبةِ للاختراق القُطبي فإنّه يصل أيضاً إلى نسبة الخمسين بالمئة ولكنَّهُ أكثر انتشاراً وأكثر خطراً وأكثر ضرراً من الاختراق الصوفي، أمّا الاختراق الشَّافعي فصار أمراً واقعاً ولا أعتقد أنَّ أحداً سيتقبَّل الحديث عنهُ، بقدر ما يتقبَّل الحديث عن الاختراق القطبي أو الاختراق الصُّوفي، فإنَّ العديد من المراجع يُشكلون على مراجع آخرين بسبب تأثّرهم بفكر ابن عربي، ولكنَّهُم يغفلون أنَّهم هم غاطسون إلى عمائمهم الطابقية في المنهجية الشَّافعية، والمنهجُ الشَّافعي أكثر خطورةً من المنهج الصُّوفي، والسَّبب هو أنَّ المنهج الشَّافِعي قد غطَّى ساحةَ الثَّقافة الشِّيعيَّة على مُستوى النُّخبة خصوصاً، وعلى مستوى الحوزة العلمية، وعلى مستوى استنباط الأحكام الشرعية الَّتي جعلتها المؤسَّسةُ الدينيَّة بمثابةِ دينِ الشِّيعةِ، فليس للشيعةِ من دين إلَّا الفتاوى والأحكام المثبَّتة في الرسالة العملية الَّتي تشربُ شراباً كاملاً من المنهج الشَّافعي!! لا أُريد أنْ أُكرِّر الكلام ولكنَّ سؤالاً يطرح نفسه وهو السببُ الثَّاني الَّذي حدا بي للحديث عن جريمة قتل الميرزا الإخباري رحمة الله عليه، سؤالٌ يطرحُ نفسه: لماذا لم يتعرَّض أحدٌ من الشِّيعةِ عبر هذا التأريخ لهذه القضيَّة؟ وهي أنْ يتناول مسألةَ التأثُّر بالفكر الشَّافعي، وفكر ابن عربي، وفكر سيِّد قطب، قليلٌ هم الَّذين تحدَّثوا عن هذه القضيَّة، وربَّما أسماؤهم حتَّى لا تصل إلى أصابع اليد الواحدة، والسَّببُ سيتَّضِحُ من مُعاملةِ المؤسَّسة الدِّينيَّة لِكُلِّ من يتصدَّى لهذا الأمر..!! الميرزا الإخباري تصدَّى لهذا الأمر، تحدَّث عن قضيَّةِ تأثُّر السَّاحةِ الثَّقافيةِ الشِّيعيَّة بالفكرِ المخالف لأهل البيت ولم يتحدَّث بهذهِ السَّعة الَّتي تحدثتُ بها ولكنَّهُ تحدَّث عن هذا الموضوع، بعبارةٍ أُخرى هناك الصِّراع الإخباري الأصولي، فالإخباريون يُشكِلُون على الأصوليين أنَّهم أخذوا فقههم واستنباطهم وأصولهم ورجالهم ودرايتهم أخذوها عن أعداء أهل البيت، هذا هو الصِّراع الأصولي الإخباري، والميرزا الإخباري هو رمزٌ من رموزِ هذا الصِّراع. من أين تبدأُ الحكاية؟ يعودُ بنا التأريخُ إلى زمن الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء، وقد مرَّ الحديُثُ عنهُ في الحلقات المتقدِّمة، حين تحدَّثتُ عن بعضٍ مِّمَا يُذكر بخصوصهِ في كُتب الرِّجال من كراماتٍ مدارُها كثرة الأكل، إذا كنتم تتذكرون، هذا هو كتاب (قصص العلماء)، وهذه الطبعة طبعة دار المحجَّة البيضاء، دار الرَّسول الأكرم، ترجمة الشَّيخ مَالك وهبي، لأنَّ الكتاب في أصله باللغة الفارسية للميرزا محمَّد التنكابني، صفحة 199، رقم الترجمة 31، ترجمة الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء، ماذا يقول في المقدِّمة؟-الشَّيخ جعفر ابن الشَّيخ خضر النَّجفي العالمُ الأزخر والأستاذُ الأكبر قَمرُ سماء الفقاهةِ والجلالة، ومِتاعُ فلك الزُّهد والتُّقَى والنُّقَى والنَّقى وزبدةُ أرباب العبادة وفَذْلَكُ أصحاب الكرامة-فَذْلَك: أي خُلاصة-وفَذْلَكُ أصحاب الكرامة، نادرةُ الزَّمان وأعجوبةُ العصر وفلتةُ الدهر والإنصاف لم يوجد مثله في الإحاطة بالفروع الفقهيةِ من الطهارةِ حتَّى الديّات وفي تكثير الفروع من زمان غيبة المعصوم حتَّى هذا الزَّمان تحت قُبَّة هذا الفلك أو في دائرة الوجود فهو في التفريعِ والفهم كالشَّهيد الأوَّل كما قال-كما قال هو شيخ جعفر عن نفسهِ-الفقه باقٍ على بُكارةٍ لم يمسَّهُ أحد إلَّا أنا والشَّهيد وولدي موسى-ولدهُ مُوسى هو الَّذي سيرتكبُ جريمة القَتل!-الفقهُ باقٍ على بَكارةٍ لم يمسَّهُ أحد إلَّا أنا والشَّهيد-يعني الشهيد الأوَّل-وولدي موسى-وماذا في الفقه؟ يعني ما الَّذي جاءنا به الشيخ جعفر؟ وماذا يُوجد في كتابهِ كشفُ الغطاء؟ هي نفسُ الأحكام الشرعية، هو التكرار نفسه، نجاسة البول، نجاسة الغائط، حرمة الخمر، وجوب الصَّلاة، الشَّك في الصَّلاة، الخرطات، وأمثال ذلك، وماذا يوجد غير هذه التَّفاصيل الَّتي يلوكُ بها مراجعنا وعلماؤنا منذُ بدايةِ زمانِ عصر الغيبة الكبرى، وتركوا تفسيرَ القُرآن بحديثِ أهل البيت وذهبوا إلى المخالفين، وتركوا استخراج أصول الاستنباط من حديثِ أهل البيت وذهبوا إلى المخالفين، وتركوا منهج أهل البيت في عرض الحديثِ على القُرآن وذهبوا إلى المخالفين يستعملون علم الرِّجال، وفعلوا ما فعلوا، ويأتينا المُحقِّقُ المُجدِّد، ماذا جدَّد؟ هل أضاف نجاسة إلى النجاسات أو أنقصَ نجاسةً من النَّجاسات؟! وهذا الكلام يذهب ويجيء ويروح وكُلَّما يأتي مرجعٌ جديد نبدأ بالبحث عن نجاسة البول، يا جماعة البول نجس، وكلُّ البشر لا يشربون البول، وكلُّ البشر يتنزّهونَ عن قذارتهِ، القضيَّة واضحة نحن عندنا ألاف مؤلَّفة من المجلدات في نجاسة البولِ والغائط ونجاسة المني، ولكنْ ماذا يعرف مراجعُنا عن أسرار معارف أهل البيت؟ لا يعرفون شيئاً، أُدخلوا على المواقع وأقرأوا الأسئلة والأجوبة، تجدون أجوبة سطحية وفي كثيرٍ منها تقصيرٌ في حقِّ أهل البيت، هذه هي الحقيقة الموجودة على أرضِ الواقع، هذه الألقاب وهذا الكلام وهذا النَّفخ موجود مع الجميع. نقرأ في صفحة 208-وكانَ إذا جاء إلى مَجلس تُجَّار ويكون ضيفاً عليهم يُقيِّم الأطعمة بعد مدِّ السُّفرة ويبيعها لصاحب البيت ويأخذ العِوض ثُمَّ يأذن للحضور بتناول الغذاء، إلى أنْ كان ضيفاً في مكان وكانت قيمة الطعام تساوي ثلاثين توماناً وأخذ المال وبقي تومان-يعني صاحب البيت كان عنده تسعة وعشرين تومان، هو البيت لصاحب البيت، والسُّفرة لصاحب البيت، والوليمة لصاحب البيت ولكن الشَّيخ جعفر دائماً يبيع السُّفرة على صاحب البيت ويستلم المال!! فأعطاه تسعة وعشرين-وبقي تومان وقال صاحبُ البَيت إنَّ الأكل يبرد فكلوا الآن وبعد الانتهاء أدفع التومان الباقي فلم يرضَ الشَّيخ حتَّى أخذ التومان، بعد ذلك أَذِن للنَّاس بتناول الطعام-وهذه الأموال على أساس أنَّها تُعطى للفقراء!-وقد تكرّر أنْ يدخل منزل-هو الشَّيخ جعفر يقول هذه الظاهرة تكرَّرت عدَّة مرَّات أنّه يُدعَى ضيفاً-وقد تَكرَّر أنْ يدخُل مَنزِلاً فيمدح المنزل-فيبدأ يمدح بالمنزل أمام صاحبه-فيقول لهُ صاحب البيت هذا مقدّمٌ لكم-بحسب الأعراف-فيقول الشَّيخ قَبِلت، ثُمَّ يقول مرَّة أُخرى-وهو جالس-إنَّ أهل الخِبرة قيَّموا المنزل-متى أهل الخبرة قيَّموا المنزل؟!-فيبيعه لصاحب البيت ويأخذ المال منه ويوزعهُ على الفقراء-هل هذه تصرفات طبيعية؟ أنا لا أدري!! يعني يدخل إلى بيت، ويُدعى إلى وليمة أو يُدعى إلى مناسبة فيبدأ بمدحِ البيت بطريقة تجبر صاحب البيت أنْ يقول البيت مُقدَّمٌ لكم، ومباشرةً يقبل، وقد تكون القضية مجرّد مجاملة، وهنا أليس المأخوذ حياءً كالمأخوذ غصباً!-ثُمَّ يقول إنَّ أهل الخبرة-متى أهل الخبرة قيَّموا المنزل وهو جالس؟ إلّا أن يكون هو أهل الخبرة، هل كان دلَّالاً! لا أدري؟!-فَيبيعهُ لصاحبِ البيت ويأخذ المال-هذه هي كرامات الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء رحمة الله عليه. صفحة 209-وأيضاً دخل قزوين في بعض الأوقات ونزل عند الملا عبد الوهاب فطلب التُّجار من الشَّيخ أنْ يزورهم، فذهب الملا عبد الوهاب مع الشَّيخ يرافقهما الأصحاب والعلماء الأطياب وعندما وصلوا إلى السوق نهض التُّجار لاستقبال الشَّيخ وعندما وصل إلى مكانهم تنازعوا بينهم فكلُّ شخص يتمنَّى أنْ يدخل الشَّيخ إلى بيته أوَّلاً فذكر الملا عبد الوهاب للشَّيخ الأمر فوقف الشَّيخ وقال: من يدفع أكثر يذهب الشَّيخ إلى بيتهِ أولاً! فجاء تاجر بظرفٍ مليء بالدراهم والدنانير وقدَّمهُ للشَّيخ ثُمَّ دعا الشَّيخ الفُقراء ووزَّع المال بينهم ثُمَّ دخلَ إلى منزلهِ. في صفحة 210-أنَّ شخصاً جاء إلى السيِّد وسَأله عن مسألةً محتاجٍ إليها وأتوا بالطَّعام للشَّيخ-يبدو أنَّ هناك اشتباه، والصحيح جاء إلى الشَّيخ، أي إلى الشَّيخ جعفر-أنَّ شخصاً جاء إلى الشَّيخ وسَأله عن مسألةً محتاجٍ إليها وأتوا بالطَّعام للشَّيخ وكان الطعام ُكثيراً-دائماً القضيَّة مقرونة مع الأكل!!-وكان الطعامُ كثيراً فنظر الشخص فلم يجد غير الشَّيخ فظن أنَّ عادة الأعيان في مجالسهم هي أنْ يؤتى بغذاء كثير لكن لا يؤكل الجميع، بل يأكل اللازم ثُمَّ يصرف الباقي الملازمون لهُ فشرع الشَّيخ بالأكل وأكل الطَّعام كُلَّهُ، فتعجَّب ذلك الشَّخص وحدَّث نفسه إنَّ هذا الرَّجل أكلَ كُلَّ هذا الطَّعام وبُخار هذا الطَّعام سيؤثِّر على دماغهِ ويُقعِدهُ ويصير عنده المعلوم والمجهول واحداً وفي مثل هذه الحال لا فائدة من السؤال، فنهض ذلك الرَّجلُ يُريدُ الذَّهاب، فقالَ لَهُ الشَّيخ: اجلس، وقُل ماذا تُريد؟ فقال: ليس عندي شيء، وبعد الإصرار أَبرزَ ذَلِك الرَّجُل ما يريد وقال لهُ: إنَّني أعرضتُ عن السؤال لكثرة الأكل، رأيتك أَكلتَ كُلَّ الأَكل وَهُو طَعَامٌ كَثِير، فَقَال لَهُ الشَّيخ: أذكر مسألتك، فذكرها، وأجاب الشَّيخ بجواب كاف استوفى جميع فروعها، ثُمَّ قَالَ لهُ: إنَّ الخالِق العالِم جَعَلَنِي في العلم فريد الدَّهر وإِنِّي ألتذُّ دائماً باللَّذَائِذِ الرَّوحَانِيَّة كما وهبني شَهيَّةً وافرةً للأكل حتَّى أكون دائماً مُلتذَّاً بلذَّةِ نِعَمِهِ وأكرَمَني بشهوةٍ بحيث يجب أنْ أُجَامِع كُلَّ ليلة ووهبني قُوَّةً على الطَّاعة بحيث دائماً استيقظ اِبتداءً من نِصف اللَّيل حتَّى الصباح، ويكون أنيس المحتاج الغني وقوة المثابرة على ذلك وأنت لَيس عِندك لا الفَهم ولا الإدرَاك وهو غِذاءُ الرُّوح ولا اشتهاء الطَّعام وهو غِذاءُ الجسم ولا القُوَّة الشهوانية لتلتذَّ بالجُماع ولا قٌوَّة النهوض ليلاً للقيام بالعِبادة، فلم تلتذّ لا بلذَّة الدنيا ولا لذَّة الآخرة فَخَجِلَ ذَلِك الرَّجُل وخَرجَ من عندِ هذا المُعظَّم-صلوات.. صفحة 210-وكان يجلس دائماً في السُّوق يأكل الطعام-لا أدري ما هي مشكلة الطعام؟!-وكان يجلس دائماً في السُّوق يأكل الطَّعام- أليس الَّذي يأكل الطَّعام في السُّوق وفي الشَّارع تُفسِّقونه بحسب الأعراف الحوزوية؟-وكان يجلس دائماً في السُّوق يأكل الطعام فيُقال لهُ الأكل في السُّوق خِلافُ المروءة ويسلُب العدالة، فيجيب إذا أَكل السيِّد علي-السيّد علي يعني صاحب الرياض-إذا أكل السيِّد عليّ في السُّوق فهذا يسلبهُ العدالة-باعتبار أنَّ سيِّد عليّ كان يظهر بلباس وبمظهر فيه أُبَّهة، وهو يُعرِّض بهِ هنا، هم يسألونه عن شيء وهو يُعرِّض بسيّد عليّ صاحب الرِّياض، هم يقولون لهُ أنت تأكل في السوق وفي الشَّارع، أليس الأكل في السوق خلاف المروءة؟! يقول-إذا أكل السيِّد عليّ في السُّوق فهذا يسلبهُ العدالة أمَّا إذا أكلت أنا فلا-لماذا؟ يقول-لأنَّني لستُ ذا جلال وإنَّنِي دِرويش. إلى أنْ يذكر في صفحة 213، بعضاً من فتاوى الشَّيخ جعفر-التَّمثيل في المُصيبَة حَرام!-يعني التَّشابيه-إذا لم يكن عندك مِسبَحَة وَتُريد الاستخارة فخذ قدراً من شعر اللحية اِستخر بها!-من شعر لحيتك بدل المسبحة-إذا لم يُمكن حمل الجثمان إلى العتبات العالية-يعني الميت-يجوز أخذ عضو من أعضائهِ إلى المشاهِد المُشرَّفة وإنْ كانَ بقطع أحد أصابع اليَد!-هذا هو الفقه الَّذي قال عنه شيخنا، الشَّيخ جعفر بأنّ الفقه باقٍ على بُكارة لم يمسَّه أحد إلَّا أنا والشَّهيد وولدي موسى..!! هذه صور موجزة مختصرة مِّما جاء في كتاب (قصص العلماء) للميزرا محمَّد التنكابني، الشَّيخ جعفر قطعاً كانت لهُ هيبة، كانت لهُ جلالة في الوسط الشِّيعي، وكانت لهُ المرجعية العامَّة، والصِّراع الإِخباري الأصولي سبق فترة الشَّيخ جَعفر، الصِّراع الإخباري الأصولي كان على أوَجِه في زمن الشَّيخ يُوسف البحراني، والوحيد البهبهاني، والقِصَّة لها تفصيل، والشيخ جعفر يُعدَّ من طبقة تلامذة الوحيد البهبهاني والشيخ يوسف البحراني، فالمشكلة بدأت قبلَ مرجعية السيِّد بحر العلوم الَّتي كانت سابقة لمرجعية الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء، والسيِّد بحر العلوم في زمان مرجعيتهِ أرجع النَّاس إلى الشيخ جعفر، فبدأت مرجعية الشَّيخ جعفر على نِطاق محدود في زمن السيِّد مهديّ بحر العلوم، وبعد وفاة السيِّد مهديّ بحر العلوم صارت المرجعية الواسعة للشيخ جعفر كاشف الغطاء رحمةُ الله عليه. الميرزا الإخباري نابغة من نوابغ التشيُّع، ونادرة من النَّوادر، حقيقةً إذا يُوصَف بهذا الوصف يكون صادقاً بخصوص الميرزا الإخباري، لا هذه الأوصاف الَّتي مرَّت وفيها من المبالغة الشَّيء الكثير، الميرزا الإخباري كان موسوعة في مختلفِ ثقافات عصره، الميرزا الإخباري كان ينتقد المؤسَّسة الدِّينيَّة وينتقد الوضع الَّذي عليه عُلماء المدرسة الأُصولية، ويُشير إلى أنَّ المُجتهدين وأنَّ الفُقهاء الأصوليين قد تأثَّروا بالفكرِ المُخالف لأهل البيت، وهذه حقيقة وأنتم شاهدتُم الشَّواهد الكثيرة، سيقولون بأنَّنِي إِخباري، لستُ إِخْبَاريَّاً ولا أنتمي إلى المدرسةِ الإِخبارية، لا أنتمي إلى أيِّ مدرسةِ من المدارس الشِّيعية، لا شأن لي لا بالمدرسة الأصولية ولا الإخبارية ولا العرفانية ولا الشَّيخية، أقول: هذه المدارس مدارس تقترب وتبتعد عن أهل البيت، وما أجده في أي مدرسة من هذه المدارس يقرِّبني إلى أهل البيت أقبلهُ، إنْ كان من المدرسة الأصولية، أو الإخبارية، أو الشّيخية، أو العرفانية، وما أجدهُ بحسب قناعتي أنَّه يبعدني عن إمام زماني فلا أعبأ به من أيِّ مدرسةٍ كانت..!! إنَّنِي لا أُقدِّسُ العُلماء، إِنَّني أحترم العلماء ولكن أنظر إليهم على أنَّهم أُناسٌ عاديون حالهم من حالي يُخطئون ويُصيبون، أخطاؤُهم أكثر من صوابهم، اِشتباهاتُهم أكثر من حكمتهم، عيوبهم أكثر وأكثر وأكثر من كمالاتهم، قبائحهم أكثر من محاسنهم، سيِّئاتهم أكثر من حسناتهم، معاصيهم أكثر من طاعاتهم، كحالي أنا وأنتم كذلك، هذا هو الإنسان وهكذا أدَّبنا أهلُ البيت، وأدعيةُ أهل البيت كلُّها تنطقُ بهذهِ الحقيقة، وأدعيةُ أهل البيت إنَّما هي للصَّالحين ولأولياء الله، فكُلُّ أدعيةِ أهل البيت تنطقُ بهذه الحقائق، عيوبُنا أكثرُ بكثيرٍ وبكثير من كمالاتنا، والأصلُ في كلامِ مراجعنا وعلمائِنا بحسب ما أعتقد هو عدمُ الصَّحة حتَّى تثبت الصَّحة لأنَّهم ليسوا مَعصومين، حتَّى لو كانوا يأخذون من الكتابِ والعترة، الكتابُ معصوم والعترةُ معصومة، أمَّا طريقةُ الأخذ وطريقة الفَهم فليست معصومة، نحن لسنا معصومين، لِذا منهجيتي هي هذه: أينما أجد شيئاً يُقرِّبني إلى إمام زماني فإنِّي أتمسَّك به، من أي مدرسةٍ كانت من المدارس الشِّيعيَّة، وأينما أجدُ شيئاً يبعِّدني ويُبعدُني عن أمام زماني فلا شأن لي بهِ، من أيِّ جهةٍ كانت، ومن أيِّ شخصٍ كان، ما قيمةُ ذلك الشَّخص؟! القيمةُ عندي فقط لإمام زماني صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، هكذا عرفتُ ديني من الكتابِ والعترة، أمَّا النَّاس، أيُّ إنسانٍ مهما كان مهما علا أو مهما نزل، فلا شأن لي به. الكتاب الَّذي بين يدي هو (العَبِقات العنبريَّة في الطبقات الجعفرية)، العَبِقات العنبرية في الطَّبقاتِ الجعفرية هو لِلمرجع الشِّيعي آية الله العُظمى الشَّيخ مُحمَّد حُسين كاشِف الغطاء رحمةُ الله عليه، العَبقات العنبرية، أي أنَّ عبق العنبر يفوح من هذا الكتاب، مِّمن؟ من الطبقات الجعفرية، ما المراد من الطبقات الجعفرية؟ هل هو الاِنتساب إلى الإمام جعفرٍ الصَّادق؟ أبداً، الطبقات الجعفرية يقصد الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء بذلك جَدَّهُ الشيخ جعفر وأولاد الشيخ جعفر!! الطبقات الجعفرية الشَّيخ جعفر وأولاد الشيخ جعفر كاشف الغطاء، يعني هذا كتاب في أسرة آل كاشف الغطاء، فالَّذي يتحدَّث هو الشيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء، الشيخ مُحمَّد حسين هو ابن الشيخ عليّ، والشيخ عليّ هو ابن الشيخ مُحمَّد رضا، الشيخ مُحمَّد رضا ابن الشيخ موسى والشيخ موسى هو ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء، فهذا المرجعُ هو حفيدهم هو يتحدَّثُ عنهم ويفصِّلُ القول في شؤوناتهم، هذه الطَّبعة الَّتي بين يدي، تَحقيق الدكتور جودت القزويني الطبعة الأولى 1998 ميلادي، 1418 هجري، توزيع بيسان للنَّشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء توفي سنة 1954 ميلادي، كما قُلت: هو الشَيخ مُحمَّد حسين ابن الشَّيخ عليّ ابن الشيخ مُحمَّد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وقِصَّتنا تدور أحداثها ما بين الشيخ جعفر وولدهِ الشيخ موسى، في صفحة 86، ماذا يقول الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء ونحن ننقلُ الرِّواية من أصلها ومن مصادرها، فهذا هو الكتاب كما قلت لمرجع الطائفة الشَّيخ محمّد حسين كاشف الغطاء، وهو يتحدَّثُ عن آبائهِ وأجدادهِ، أنا هنا لا أنقل الحديث عن الوهابيةِ، ولا أنقل الحديث عن الإخوان المسلمين، ولا أنقل الحديث عن الموساد أو عن الماسونية، إنَّني أنقلُ الحديث عن مرجع الطائفة الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء وهو يُحدِّثنا عن آبائهِ وأجدادهِ في كتابهِ (العَبِقاتُ العنبريَّة في الطبقات الجعفرية)، قطعاً أنا لا أستطيع أنْ أقرأ كُلَّ شيء وإنَّما سأقرأ عليكم ما يقرِّب الصُّورة، يتحدَّث عن الشَّيخ جعفر يقول-أنَّ الشَّيخ كانَ شديد التعصُّب على جَمَاعة الإخباريين-ما الَّذي يريدهُ الإخباريون؟ الإخباريون يقولون: يا شيعة أهل البيت تمسَّكوا بحديث أهل البيت، كُلّ ما قالهُ الإخباريون هو هذا، قد نتفق معهم أو نختلف معهم، هذه قضية أخرى، فلا يُمكن لأحدٍ أنْ يتفق مع أحدٍ آخر في كُل شيء، خصوصاً في الحقل العلمي، الإخباريون هم حَفَظة حديث أهل البيت، لولا الإخباريون، ولو تُرك الأمر إلى المدرسة الأصولية لَمَا بَقِي عندنا شيء من حديث أهل البيت!! لأنَّهم لا يعبأون بحديث أهل البيت، لا يعبأون بجمعهِ، لا يعبأون بحفظه، لا يعبأون بكل شؤونات حديث أهل البيت، حينما تذهب إلى أبحاث الخارج لسيِّدنا الخوئي رحمةُ الله عليه في كتابِ التنقيح، حين يتحدَّث عن شرائط الاجتهاد فماذا يذكر؟ يذكر العربية والأصول والرِّجال، أمَّا حديث أهل البيت فلا وجود لهُ، يأتي بهذه العلوم يُشغِّلها في حديث أهل البيت من دون أنْ يكون هناك اطلاع على حديث أهل البيت، وبِهذا يكون المجتهدُ مجتهداً!!-أنَّ الشَّيخ كان شَديد التعصُّب على جماعة الإخباريين خُصوصاً المتأخرين-المتأخرين يشير إلى الميرزا الإخباري الَّذي كان مُعاصراً للشيخ جعفر-تبعاً لأستاذهِ-يقصد الوحيد البهبهاني-وقد كانت هذه الفرقة-يشير إلى الإخباريين-قبل ظهور الأغا-يعني الوحيد البهبهاني-وانتشار أمرهِ قد ملأت الأقطار والأنحاء-لأنَّ المرجعية كانت لهم،، الآن يتصوَّر المتصوِّر أنَّ الشِّيعة من البداية كانت مرجعيتهم أصولية، أبداً، فتنقُّل المرجعية من اتجاه إلى اتجاه هو كتنقُّل الحكومات، فمرَّةً تكون المرجعية إخبارية وأخرى شيخية وأخرى أصولية وهكذا-وقد كانت هذه الفرقة قبل ظهور الأغا-يعني الوحيد البهبهاني-وانتشار أمرهِ قد ملأت الأقطار والأنحاء وكَثُر منهم بِها النُّباح والعُواء-يعني يُشبِّهُهم بالكلاب والحيوانات-وجعلوا يسعون في الأرض الفساد-أيّ فساد يسعون به؟ هم شيعة، هم شيعة أهل البيت يريدون تطبيق حديث أهل البيت، فأيُّ فساد يسعون فيه؟!-وكَثُر منهم بِها النُّباح والعُواء وجعلوا يسعون في الأرض الفساد ويُحِيدون عباد الله إلى طريق الضلال-يعني إلى حديث أهل البيت، وإلّا الإخباريون يأخذون عباد الله إلى أيّ طريق؟ هل يأخذونهم إلى كُتب الشَّافعي كما يفعل الأصوليون؟! هل يأخذونهم إلى كتب ابن عربي كما يفعل العرفانيون؟! إلى أيّ طريق!!-ويُحِيدون عباد الله إلى طريق الضَّلال ناكبينَ عن طريق الرَّشاد فلم يألوا جهداً في هدم دعائم الحقّ-أيّ دعائم للحقّ؟ هم يُنادون يا شيعة فسِّروا القُرآن بحديثِ أهل البيت وتمسَّكوا بحديث أهل البيت-فلم يألوا جهداً في هدم دعائم الحقَّ حتَّى تَهدَّم-تُهدم الحقّ بدعوة الإخباريين إلى التمسُّك بحديث أهل البيت-وصار دينُ الأصولية-وحقيقةً الأصولية هي دين، دين أوجده الشَّيخ الطوسي رحمةُ الله عليه، وبدأ ينمو شيئاً فشيئاً-وصار دينُ الأصولية في جنبهم كالعدم فلمَّا برز ذلك الوحيد-يعني الوحيد البهبهاني-وتفرَّد صَرَف هِمَّتهُ العالية في تَشتيتِ ذلك الجَمع حتَّى تَبدَّد وأقام عمود دِين الحقَّ بأصولهِ المحكَمَةِ العِماد-إلى أنْ يقول-وكان شَيخُنا-يعني الشَّيخ جعفر-أشدَّهم ألباً على تلك الشَّرذمة، وأحرصهم على نقضِ حِبالهم المُبرمة فلم يزل رحمه الله يستقصيهم فيفنيهم وينفيهم-ماذا فعلوا؟ ماذا فعلوا حتَّى يفعلوا بهم ما فعلوا؟!-وكانَ شيخنا أشدَّهم ألباً على تلك الشَّرذمة، وأحرصهم على نقضِ حِبالهم المُبرمة فلم يزل رحمه الله يستقصيهم فيفنيهم وينفيهم حتَّى اطلع الشَّيطانُ نَبعَتَه وكَشَفَ سَوءَتَه-يُشِير إلى الميرزا الإخباري-ونَبَش حتَّى أظهر في الكون سلحته-السلحة، يعني الغائط السَّائل، يقال لهُ سلحة، حينما يكون الإنسان في حالة شديدة من الإسهال، ما يخرج من الإنسان في حالة شديدة من الإسهال-حتَّى اطلع الشَّيطان نَبعَتَه وكَشَّفَ سَوءَتَه ونبش حتَّى أظهر في الكون سلحته فتعفَّن العالَم من نتن أفعالهِ وخُبث أقواله-فتعفَّن العالمُ من نتن أفعاله وخُبثِ أَقواله يشير لمن؟ يشير إلى الميرزا الإخباري-فَجَعلَ يرمي العُلماء الأبرار بِسِمات الكَفَرَةِ الفُجَّار-لأنَّه كان يقول بأنَّهُم قد تأثَّروا بعلماء المخالفين، إلى أن يقول-وسَببُ تلك العداوة أنَّ هذا الرِّجس-يعني ميرزا مُحمَّد الإخباري-تولَّد في الهند ونشأ بها وحصَّل ما حصل وهو بتلك الأقطار ومن المعلوم أنَّ أَغلب أهل الهند على مذهب قُدمائهم الفلاسفة المُنكرين للمعاد الجاحدين لربِّ العِباد فنشأ الرّجل على تلك الطريقة وسلك بذلك المسلك-واللهِ كذبٌ هذا الكلام، الرجلُ ما كان هكذا، هذا كذب من الشَّيخ محمّد حسين كاشف الغطاء، الرَّجل ما كان هكذا-فنشأ الرّجُل على تِلك الطريقة وسَلَك بِذلك المَسلك وكان يُظهِر الإسلام بلسانهِ ويضمِر الكفر بجنانهِ-والله كذب هذا، هذا كذب من مرجع الطائفة آية الله العُظمى الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء..؟! الرَّجل هنا يكذب، كُلُّ هذا الكلام كذب في كذب..؟! في صفحة 88، يتحدَّث عن قضيَّة أختصرها لكم، وهذه القضيَّة لم يُنكرها أَحد حتَّى الشَّيخ جعفر في رسائله وسنأتي على ذكرها، نفس الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء المعاصر للميزرا الإخباري لم يُنكر هذه القضيَّة ولكنَّه حرّفها وسنأتي على كلامه، وتُلاحظون كيف يُحرِّف المراجع الحقائق، هؤلاء هم مراجع الطائفة!! القوَّات الروسية دخلت إلى إيران من الجهة الشِّمالية، وكان قائد القُوَّة الرُّوسية اشبوختر، وهو معروف بالقُوَّة والعزيمة، فكان الشَّاه الإيراني فتح عليّ شاه القاجاري في حالة اضطراب من دخول القُوَّة الرُّوسية وبالذَّات من اشبوختر هذا القائد الروسي. الميرزا الإخباري كانت لهُ علاقة وصلة كبقيَّة المراجع والعُلماء الكِبار مع الشَّاه الإيراني، فالميرزا الإخباري لَمَّا رأى اضطراب الشَّاه الإيراني قال لهُ أمهلني مُدَّة وأنا سآتيك برأسِه، طبعاً الميرزا الإخباري لا يقصد أنّه هو يذهب فيقطع رأس اشبوختر هذا ويأتي به، وإنَّما قال لهُ أمهلني وإنَّ رأس هذا القائد الرُّوسي سيصل إليك بسببٍ أو بآخر، وفعلاً مرَّت الأيَّام وبعد فترة وجيزة وإذا برأس اشبوختر بين يدي السُّلطان فتح عليّ شاه القاجاري!! هل كان الرَّجل مُستجاب الدَّعوة فدعا؟ هل كان الرَّجل من رجال الغيب فتصرَّف بقدرته الغيبية؟ هل كان الرَّجل يمتلك من القُدرة والحَنَكة والتخطيط بحيث أستطاع أنْ يرسل أُناساً وتمكنوا من اغتيال القائد الرُّوسي؟ على أيِّ حال تحقق وعدُهُ الَّذي وَعَدَ بهِ السُّلطان فتح علي شاه القاجاري، فقال لهُ: والآن ماذا تريد؟ فطلب من السُّلطان فتح عليّ شاه القاجاري أنْ يؤيّده في نشرِ فكرتهِ الإخبارية، قطعاً التلفيق الموجود، يقولون بأنَّهُ طلب من السُّلطان الإيراني أنْ يُسلِّطه على عُلماء المدرسة الأُصولية فيقتُلهم ويذبحهم، هذا تلفيق، الرَّجل طلب من السُّلطان أنْ يدعمه وأنْ يؤيِّدَه في برنامج الدينيّ، الدولة شيعية والسُّلطة الدينية كانت بيد المدرسة الأصولية، وتلاحظون كيف أنّ الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء، أجيال بعد الحادثة ولا زال يفتري وينسب الأكاذيب ظلماً إلى الرَّجُل، وهذا هو العداء القَبلي المتوارث الموجود بين العوائل العلمية، مثل العداء الآن الموجود في حوزة النَّجف بين العوائل العلمية والَّذي انعكس على الوضع السِّياسي فَوَرِث الأحفاد ما كان من عداءٍ ومن نُفرةٍ وَمِن حَسَدٍ ومن حقدٍ فيما بين الآباء والأجداد، أليست هي هذه الحقيقة الموجودة على أرض الواقع؟ وهذه القضية مستمرَّة على طول الخط، كانت ولا تزال وستبقى، والسؤالُ هنا يطرحُ نفسه، يا جماعة نحنُ نشكلُ على مخالفي أهل البيت حينما يطرحون منهجية الصَّحابة، حينما يطرحون عدالة الصَّحابة، حينما يريدون مِنَّا أنْ نعود إلى الصَّحابة وأنْ نأخذ الشَّرعية من الصحابة، ماذا نقول؟ نقول إنَّ الصَّحابة لَعَن بَعضُهُم بَعضاً، وسبَّ بعضهم بعضاً، وقَتَلَ بعضهم بعضاً، وعادى بعضهم بعضاً ، وخالفَ بعضهم بعضاً، فكيف تثبت لهم الوراثة والحُجَّية عن رسول الله؟ أقول: إذا كان مراجع الشِّيعة أيضاً نفس الحالة موجودة عندهم، وأنتم تلاحظون فقد سبَّ بعضهم بعضاً، ولَعَن بعضهم بعضاً ، وقتل بعضهم بعضاً، فكيف تَثبُت النِّيابةُ لهم عن إمام زماننا؟! هل يكون الأمر هنا صحيحاً وهناك عند المخالفين ليس صحيحاً؟! حدّثونا، بيّنوا لنا الحقائق، كيف تكون هذه المؤسَّسة الدِّينيَّة نائبةً عن إمام زماننا وهذا حالها؟! وهذه القضيَّة ليس منحصرة بمسألة الميرزا الإخباري، الميرزا الإخباري مرجع كبير، ولو أردنا أنْ نقايس بين مؤلفات الميرزا الإخباري ومؤلفات الشَّيخ جعفر والمراجع الَّذين اشتركوا في هذه الجريمة الكبرى وقتلوا الميرزا الإخباري رحمة الله عليه، لو أردنا المقارنة بين موسوعية هذا الرَّجل وبين الكتب الَّتي ألَّفها العلماء الَّذين قتلوه وخالفوه ولعنوه، سنجد أنَّ فارقاً كبيراً بين موسوعية الرَّجل وعِلمِه وبين أولئك الَّذين قتلوه ولعنوه وكفَّروه، ورُبَّما لا يمكن المقايسة أصلاً بين موسوعية هذا الرجل وبين العلماء الآخرين الَّذين وقفوا ضِدَّه. الحكايةُ هذه لا ينكرونها ولا يستطيعون إنكارها، حتَّى الشَّيخ جعفر الشَّيخ جعفر أَلَّف رِسالتين، هناك رسالة إسمها (المسائل والأجوبة) هي مجموعة أسئلة وأجوبة، وكُلّ هذه الأسئلة والأجوبة مفتعلة والافتعال واضح فيها،كُلّ الأسئلة والأجوبة تدور حول الميرزا الإخباري، على سبيل المثال أقرأ لكم شيئاً مِمَّا جاء في رسالة المسائل والأجوبة، قطعاً هناك كلامٌ مُضاد أيضاً من الميرزا الإخباري، أنا لا أُريد أنْ أقول بأنَّ الميرزا الإخباري قِدِّيس، أبداً لا أقول ذلك، ولا أدري رُبَّما لو كان الميرزا الإخباري هو صاحب السُّلطة الدينية لَفَعَل بالمراجع الآخرين مثل ما فعلوا به، ولكن على أرض الواقع الميرزا الإخباري هو الضَّحية وهو المظلوم، هذا هو الموجود على أرض الواقع، لا يمكن أنْ نقول لو، الموجود على أرض الواقع هو أنَّ المرجع الأعلى في عَصره الشَّيخ موسى كاشف الغطاء ابن شيخ جعفر المرجع الأعلى والأعلم، وبقيَّة المراجع الَّذين كانوا معه، مراجع النَّجف، مراجع كربلاء، مراجع الكاظمية، كُلُّهم اشتركوا في قتل الميرزا الإخباري، في قتلِ هذا المرجع، الميرزا الإخباري كان يناقش وكان يردّ عليهم، ولكن لِنَنظُر المستوى الَّذي يتحدَّث به المراجع فيما بينهم، الشَّيخ جعفر في رسالة المسائل والأجوبة صفحة 57، وهو يتحدَّث عن رسائل كتبها الميرزا الإخباري في الرَّد على شيخ جعفر: يقول: وسمَّاها الصيحةُ بالحقّ-يعني الميرزا الإخباري عنده رسالة-وسمَّاها الصَّيحةُ بالحق في ردِّ من كفر وتزندق-يُشير لمن؟ إلى الشيخ جعفر-وسمَّاها “الصَّيحة بالحقّ في رَدِّ من كَفر وتزندق”-فالشَّيخ جعفر ماذا يقول؟ يقول-كان الأَوْلَى أنْ يسمّيها “صيحت ناحق-باللغة الفارسية صيحت ناحق يعني الصيحة غير المحقة أو صيحة الباطل-أز دهن من شهق ونهق-دهن، يعني فم باللغة الفارسية، يعني يقول كان المفروض أنْ يُسمّيها بصيحة عدم الحق من فم من شهق ونهق-أو صيحة الحمار الناهق من فم الكافر والمنافق، ويُسمِّي الرِّسالة الَّتي تبين أحواله بالكتاب النَّاطق في بيان أحوال الزنديق المنافق-هذا هو أسلوب الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء وهذه رسالة يؤلِّفها وعلى هذا الوزن، هذه رسالة المسائل والأجوبة. لذلك الميرزا الإخباري يردّ أيضاً ويقول-إلى من تجبَّر وكَفَر الشَّيخ جعفر-نفس الأسلوب، وهذا هو الصِّراع الموجود داخل المؤسَّسة الدِّينية، وهو الإشكال الَّذي ذكرتُهُ قبل قليل، الإشكال الَّذي نُثيرهُ على صَحَابة النَّبي وهو أنَّهم كفّروا بعضهم بعضاً وفَسّقُوا بعضهم بعضاً، فإنَّنا بذلك نُسقط شرعيّتهم. الرِّسالة الثَّانية عنوانها: (كشفُ الغطاء عن معائب ميرزا محمَّد عدو العلماء)، كشفُ الغطاء عن معائبِ ميرزا محمَّد عدو العلماء، أيضاً جاء فيها، يقول لهُ-فلو كنت عاقلاً-يخاطب الميرزا الإخباري-لعقلت أنَّ من قدر على كشف الغطاء عن مُبهمات الشَّريعة الغرَّاء-يشير إلى كتابهِ الفقهي الَّذي أشرتُ إليه فيما سبق من الحلقات الماضية-فَلو كُنت عاقلاً لعَقَلتَ أنَّ من قدر على كشف الغطاء عن مُبهمات الشَّريعة الغرَّاء قادرٌ على أنْ يكشف الغِطاء عمَّا استتر من معايبك وجميع النَّاس يصدقّونه ولا يكذّبونه-باعتبار أنّ السُّلطة المرجعية هي بيده، فهل هذا دليل على صِحَّة القول؟ إذا كان جميعُ النَّاس يُصدِّقونه ويُكذِّبُونه فهل هذا دليل على صِحَّة القول؟ أبداً، هذا هو استعانة بتجهيل وتسطيح عقول النَّاس الَّتي أُشبعت بالصَّنمية، وإلَّا الرَّجل ماذا قال؟ الرجل قال: يا عُلماء الشِّيعة تعالوا وتمسَّكوا بحديث أهل البيت، ولم يَقُل شيئاً غير ذلك، كلُّ الَّذي قالهُ الميرزا الإخباري هو هذا، أمَّا بقيَّة الكلام فهو أكاذيب في أكاذيب. وفي صفحة 90، يُشير الشَّيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء إلى مُباحثة حَدَثت فِيما بين شيخ جعفر وبين الميرزا الإخباري، والميرزا الإخباري تفوَّق عليه، فكيف يبرِّرُون هذه القضيَّة؟! وإنْ كان التفوُّق في المباحثة والجدل ليس دليلاً على الحقّ، فالجدل لا يُوصل إلى الحقائق، حينما تغلبني في الجدل فليس ذلك دليلاً على أنَّك صاحب حقّ وأنّي أنا صاحب باطل، وحينما أغلبك في الجَدَل والمُجادلة والمُباحثة فليس ذلك دليلاً على أنِّي صاحب حقّ، ربَّما أكون صاحب حقّ وربَّما لا، لأنَّ قضية المباحثة والمجادلة تعتمد على أمور، ولا تعتمد على تمام الحقيقة، النِّقاش سيكون في أجزاء من الحقيقة، وفي بعض الأحيان المُجَادِل ينسى أو تُصيبه غفلة أو يصيبه ضعف في الجدال، والطرف الثَّاني يكون أقوى، ويكون حاضر البديهة، سريع النّادرة، يلتقط الأمر بسرعة، يقلّب الأمور، ذكيّاً في المغالطة والمُغالبة ومصادرة الدليل وأمثال ذلك، ولكن الواقعة هكذا حدثت، النَّاس ترى أنّ الَّذي يتفوَّق في البحث والجِدال يُعتبر هو صاحبُ الحقّ، لكن هذا ليس دائماً، مُباحثة حدثت بين الشيخ جعفر وبين الميرزا الإخباري وكان المتفوّق الميرزا الإخباري بشكل واضح، فكيف يرقِّعون القضية؟ يقولون-وكان من عادة الشَّيخ في المُباحثة-الشيخ جعفر-التحقيق والتنقير-يعني لا يترك المسألة حتَّى ينَقِّرها، يعني المقصود لا يترك حرفاً إلَّا ويقف عنده، بينما الميرزا الإخباري يقولون-كان من قواعدهِ في المباحثة التحوُّل من مقام إلى مقام ومن عِلمٍ إلى آخر ليظهر عجز المقابل خصوصاً إذا حُوصِر في الجواب أو السُّؤال-هذا كلام ليس صحيحاً، إذا كان هو جاهلاً فالطرف المُقابل يستطيع أنْ يكشف عن جهلهِ، أمَّا أن يتنقَّل من عِلم إلى آخر ليُظهر عَجزَ المُقابل فذلك لموسوعيَّته..!! مسألة كثرة المعلومات في ذهن الميرزا الإخباري، بينما الطرف المُقابل لا يمتلك معلومات كثيرة بقدر الموسوعية الَّتي عليها الميرزا الإخباري، وهذا شيء طبيعي، يعني ما في الجنان يظهر على فلتات اللسان والوعاءُ ينضحُ بما فيه، الرَّجل كان موسوعة عِلمية، فقطعاً حين يتحدَّث سيصول ويتنقَّل من علمٍ إلى علم، ولكن هذا هو الترقيع فرقّعوها بأي شيء؟ بالتنقير! وهذه قضية الترقيع مستمرة على طولِ الخطّ، أقول أيّها الخائبون رقِّعوا ما شئتمُ أنْ تُرقِّعوا، فما فاز إلّا المرقِّعون!! هي هذه القضية على أرض الواقع. ثُمَّ صار الكلام عن مباهلة، مباهلة بين الشيخ جعفر وبين الميزرا الإخباري-فاستحسن الحاضرون قضية المباهلة وعينوا للخروج إلى الصحراء اليوم المستقبَل أو المُستَقبِل-اليوم القادم-وعيَّنوا للخروج إلى الصَّحراء اليوم المُستَقبِل أو المُستَقبَل فَجمع الوزير بأمرِ السُّلطان أركان الدولة وذكر لهم الواقعة وأمره بالخروج ليكون يوماً مشهودا فخرج السُّلطان-يقصد بالسُّلطان الشَّاه الإيراني فتح عليّ شاه القاجاري-فَخرج السُّلطان والوزراء وجميعُ الأعيان وضَربوا الأخبية والخِيام خارج البَلد ولم يتخلَّف مِّنهم أحد-أنا أقرأ من العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية للشَّيخ محمّد حسين كاشف الغطاء وكلَّ الَّذي مرَّ من هذا الكتاب-فلمَّا كانت فريضة الظهر أو الصُّبح خرج الشَّيخ-يعني الشَّيخ جعفر-من خِبائه مُتعمِّمَاً على هيئة عَمائمِ الملائكةِ النَّازلين يوم بدر-يعني بعمامة ذات ذؤابتين وليست العِمامة الطابقية الَّتي يتعمَّم بها الآن مراجعنا وطلبةُ الحوزة العلمية ووكلاء المراجع وخطباء المنبر الحسيني، يتعمَّمون بالعِمامةِ الطابقية الَّتي هي في رواياتنا عِمامة إبليس، الآن الموقف موقف مباهلة لذلك الشيخ جعفر كاشف الغطاء تعمَّم بهذهِ العِمامة، بالعِمامة ذات الذؤابتين ليست العِمامة الطابقية الإبليسية الَّتي كما نقل شيخنا الصَّدوق في الفقيه بأنَّ مشايخهُ مشايخ الشِّيعة ومراجع الشِّيعة في ذلك العصر لا يُجوِّزون الصَّلاة فيها لأنَّها عِمامة إبليس-خرج الشَّيخ من خِبائِه مُتعمِّمَاً على هيئةِ عَمائمِ الملائكةِ النَّازلين يوم بدر وقد أرخى حَنَكاً وأسدل الآخر والتف ببردةٍ يمانية وتأزَّر بأخرى وفي رجليه نعلان شراكهما ليف وفي يمينهِ كتابُ الله العزيز وفي يسارهِ مِسبحة حُسينية وهو يُهلِّل ويُكبِّر حتَّى وقف قبال القبلة فرفع صوته بالتكبير حتَّى خشع قلب كُلِّ جبَّارٍ له وَصَغُر قَدر كُلِّ كَبير ثُمَّ تجمَّع خلفه من الصُّفوف ما يزيد على الألوف فصلى بهم جماعة-هذا تصوير الشَّيخ كاشف الغطاء لجدهِ الشَّيخ جعفر بهذه الصُّورة الملائكيَّة!!-وما كان إلَّا ساعة حَتَّى خَرجَ المُذمَّم-المُذمَّم من هو؟ ميرزا مُحمَّد، هذه التسمية تسمية المُذمَّم من أين جاءت؟ هذه زوجة أبي لهب الَّتي في جيدها حبلٌ من مسد كانت تُسمِّي النَّبيَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَليهِ وآله تُسمِّيه بِالمُذمَّم، فالشَّيخ كاشف الغطاء يبدو أنَّه اِقتدى بزوجة أبي لهب لذلك أخذ هذه التسمية منها وسمَّى الميرزا الإخباري بهذا الإسم. مُحمَّد الميرزا الإخباري نَسَبهُ الهاشمي يعود إلى الإمام السَّجاد صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، فسمَّاه كما سُمِّي جدهُ رسول الله صلَّى الله عليه وآله بالمُذمَّم، سمَّتهُ بهذا الاسم أم جميل، وأم جميل هذه هي عَمَّة معاوية، وهي شقيقة أبي سفيان، هذه الَّتي حين تحدَّث مُعاوية مع عقيل في أحد مجالسهِ وقال لهُ بأنَّك إذا دخلت جهنَّم، فأين ستجد عمَّك أبا لهب؟ فقال عقيل: إذا دخلتَ يا ابن أبي سفيان فستجدهُ على يسارك مفترشاً عمَّتك أم جميل، هي هذه أم جميل-وما كان إلَّا ساعة حَتَّى خَرجَ المُذمَّم مُتعمِّمَاً بِعِمامةٍ صغيرةٍ هندية على هيئة العمائم الكابلية-هو رجلٌ مطّلعٌ على حديث أهل البيت ويعرف العمائم المندوبة الَّتي أوصى بها أهلُ البيت، فلماذا يتعمَّم بهذهِ العِمَامة؟ هذه الأوصاف الَّتي ذكرها الشَّيخ كاشف الغطاء هو ضخّمها ولم ترد في كُتب التراجم بهذا الوصف وبهذا التفصيل، على أيّ حال-وما كان إلَّا ساعة حَتَّى خَرجَ المُذمَّم مُتعمِّمَاً بِعِمامةٍ صغيرة هندية على هيئة العمائم الكابلية رجوعاً بذلك إلى أصلهِ، لكنّها مع صغر حجمها طويلة كما هو اليوم دأب الأفغانيين فهي على هيئةٍ غريبة كأنَّها رؤوس الشياطين-أنا أسأل الشَّيخ كاشف الغطاء رحمة الله عليه وأقول له العِمامة الطابقية الَّتي كأنها رؤوس الشياطين، أليست هي العِمامة الَّتي كان يعتمّ بها الشَّيخ كاشف الغطاء ويظهر بها في صُورهِ الفوتوغرافيّة؟!-فهي على هيئةٍ غريبة كأنَّها رؤوس الشَّياطين وقد تحلَّل بِحُلَل الماهوت-نوع من أنواع الأقمشة-ولَفَّ رقبَتهُ ببعضِ الشُول وشدَّ على وسطهِ البُنُود كما هي اليوم عادة النصارى واليهود وبكفِّه قضيبُ خُيزران وهو يلعبُ بهِ ويختال عَجباً بنفسه، ويختالُ عِجِباً أو عَجَبَاً بنفسهِ كالنشوان فوقف للجماعِةِ هو وصحبهُ الغَاوون وجنود إبليس أجمعون، فلمَّا رأى من الشَّيخ ما رآه من الخُضوعِ والخُشوع عَلِم مَن المُحِقُّ الأوَّاه فَخَشِي نُزولَ العذابِ عليه-إلى آخر الكلام من هذا التسطير الَّذي لا معنى لهُ، مجرَّد عبارات إنشائية فارغةُ المعنى، لكنَّنا بعد ذلك نرى من الَّذي سيفرّ من ساحة المُباهلة، الَّذي سيفرّ هو الشَّيخ جعفر، إذ أنّ السُّلطة تدخّلت، فالوزير كان على علاقة قويَّة بالشَّيخ جعفر فهو الَّذي يقترح على السُّلطان عدم إجراء المباهلة على أن يعلنوا بأنَّ الشَّيخ جعفر هو صاحب الحقّ، من دون أنْ تُجرى المُباهلة، فمن الَّذي فرَّ من المباهلة؟ الَّذي فر هو الشَّيخ جعفر، وهذه هي الحقيقة. نستمر في قراءة ما يروي الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء في كتابهِ صفحة 92، طبعاً هو ماذا قال؟ هو قال: بأنَّ الميرزا الإخباري لَمَّا خرج بهذه الهيئة ورأى الشَّيخ جعفر بتلكم الهيئة-فعزمَ على الهزيمةِ والفِرار فخَفَّفَ من صلاتهِ حَتَّى فَرغ قَبل الشَّيخ ودخل تِلك البلد المعظَّمة هو وصحبه وهم أذلّ من قوم الأَمَة ولم يقف للمباهلة-بينما القِصَّة لم تحدُث هكذا، هو سيرويها نفس الشَّيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء-أنَّ الشَّاه وجُندَهُ والشَّيخ الإِخباري لَمَّا خرجوا إلى الصَّحراء ونزلوا ضَربوا أخبيتهم وخيامهم جنَّهم الليل فاجتمعوا في خيمة الشَّاه ووقع القرار على أنْ تقع المُباهلة بعد فريضة الفَجر فتفرَّق الجماعة ولم يبقَ في خيمة الشَّاه إلَّا هو والوزير الكبير، أمَّا أمين الدولة وأبوه حسين وكلاهما كانا من مخلصي الشَّيخ وكان قد أخذ الوزير القلق والأرق والاضطراب والخوف من وقوع هذا الأمر لِمَا عَلِم من سحر ذلك الفاجر وشعبذتهِ-كانوا يقولون عنهُ بأنَّهُ ساحر، لماذا؟ لأنَّ تلك المعجزة تحقَّقت على يده وهي قضيَّة قتل القائد الرُّوسي-أمَّا أمين الدولة وأبوه حسين وكلاهما كانا من مخلصي الشَّيخ-إلى أن يقول-وكان قد أخذ الوزير القلق والأرق والاضطراب والخوف من وقوع هذا الأمر لِمَا عَلِمَ من سحر ذلك الفاجر وشعبذتهِ فخشي أنْ يَسحرَ أعيُن النَّاس بما ظاهرهُ الغلبة على الشَّيخ فيتضعضع ركن الملَّة والدين بالسِّحرِ المُبين، فلم يَزَل يُفكَّر في نفسهِ بطلبِ الحيلة في تدبيرِ الأمر حتَّى عزم على نقض ما أُبرِم من قضية المُباهلة خوفاً من تزويرات الرَّجل الباطلة-يعني الوزير هو الَّذي أراد أنْ يُلغي قَضيَّة المباهلة، وهو على علاقة وثيقة وقوَّية بالشَّيخ جعفر، خافوا من الميرزا الإخباري أنْ يُثبِت حقَّهُ في المباهلة مِثل ما أَثبت حقَّه في المباحثة، هو أثبت حقَّهُ في المباحثة وأُحرِج الشيخ جعفر فطلب الميرزا الإخباري للمباهلة فوافق الميرزا، والآن بدأوا يفرّون من المباهلة وفعلاً فرّوا، فكيف رتَّبوا الأمر وأقنعوا النَّاس؟ قالوا: بأنَّ السُّلطان ثبت عنده أنَّ الحقّ مع الشَّيخ جعفر فلا داعي للمباهلة وانتهى الأمر، فالحقّ هو مع الشَّيخ جعفر وأُعلِن ذلك للنَّاس، وثبت أنَّ الحقّ للشَّيخ جعفر من دون أنْ تجري المباهلة!! ورتَّبوا لهذا قِصَّة وحكاية!!-أنَّ الوزير قال للشَّاه قُم بنا نتفرَّج على ترتيب العساكر، فذهبوا يمشون فرأوا خيمة صغيرة محقَّرة نائية عن خِيم النَّاس-في الليل هذا الكلام-فقال الوزير دعنا نمضي ونرى أمر هذه الخيمة حتَّى إذا وصلوا قريباً منها-من هذه الخيمة-سمعوا بكاءً ونحيباً وشكوى مُحبٍّ إلى حبيب فتأملوا وإذا بالشَّيخ واضعاً خدَّهُ على التَّراب وهو يتململُ على الأرضِ تَملمُل السَّليم ويئِنُّ أَنين الفَاقِد كفيلَهُ والحَمِيم ويُنَاجِي رَبَّه مُناجاة الحزين الوالِه ويتوسَّل بالنَّبي وآلِه، فوقفوا هُنيئة حتَّى فَرِغ من أطايب مُناجاتهِ وقامَ إلى تكميل صلاته انصرفوا وقد أخذتهم حالة الخشوع والخضوع وانسكبت على غير اختيارٍ منهم الدُّموع وصاروا يتذاكرون بتلك الحالة العجيبة-كلّ هذا هو تسطير!! وهذا التسطير سهل، ولكن لَمَّا ذهبوا إلى خيمة المُذمَّم كما يقول، فماذا وجدوا؟-فنظروا في الخيمة من بين الستائر وإذا بولدٍ أمرد ورِجلا ميرزا مُحمّد في حضن الولد وهو يمرُّ عنهما والرِّجلُ نائم-يعني كان في حالة لواط، الميرزا الإخباري في حالة لواط، والشَّيخ جعفر في تلك الحالة، هذه هي الأكاذيب الحوزوية الَّتي اعتدنا عليها على طولِ الخطّ، أكاذيب المراجع فيما بينهم وتفسيق المراجع لبعضهم البعض، يعني الميرزا الإخباري مثلاً لم يجد وقتاً إلَّا في هذه الليلة حتى يمارس عملية اللواط، دعني أفترض أنَّ الميرزا الإخباري كان لوّاطاً، يعني لم يجد وقتاً إلَّا هذا الوقت يقوم بعملية اللواط، في الوقت الَّذي كان فيه الشَّيخ جعفر أوَّاهاً منتحباً بتلك الأوصاف!! إلى آخر الكلام، وهو كلام سخيف، ألا تلاحظون هذه أساطير من أساطير ألف ليلة وليلة، وهي هذه الأكاذيب الَّتي قلتُ عنها بأنَّ الأصل في أقوال العُلماء والمراجع هو عدم الصِّحة حتَّى تثبت الصِّحة. الميرزا الإخباري حقائقه تثبت يوماً بعد يوم، وحُججهُ تظهر أقوى يوماً بعد يوم، ولكنّهم في مقابل هذه الحًجج والحقائق ماذا يفعلون؟ ما عندهم غير هذه الأكاذيب وإلّا لماذا ضيَّعوا قبره؟! حتَّى القبر ضيَّعوه، ضُيِّع القبر بسعيٍ من الحوزة النَّجفية، كان لهُ قبر مخفيّ في الكاظمية وحتَّى هذا القبر ضُيِّع، وإلى الآن عائلتهُ تُعاني حالة خوفٍ وريبة إلى هذا اليوم وسأُثبِتُ لكم ذلك. تُوفِّي الشَيخ جعفر وانتقل العَداء منه إلى ولدهٍ الشَيخ موسى، الشيخ موسى كان المرجع الأعلى والأًعلم بعد الشيخ جعفر، والشِّيعة رجعت إليهِ في التقليد، ولكن الشَّيخ موسى أتَّخذ قراراً بأنْ يقتُل الميرزا الإخباري، فماذا فعل؟ الميرزا الإِخباري أين كان موجود؟ الميرزا الإخباري كان موجوداً في الكاظمية، اِنتقل من إيران إلى الكاظمية، بعد أنْ جيء برأس شبوختر القائد الروسي، والميرزا الإخباري طلب من الشَّاه الإيراني الدَّعم في نشر فكرتهِ، وأعوان السُّلطان والوزراء هم على علاقة وَثِيقة بالشَّيخ جعفر، مثل ما كانت علاقة المراجع في النَّجف بشاه إيران، مثل ما كانت علاقة مثلاً السيِّد الحكيم بشاه إيران وكان شاه إيران يُقلِّد السيِّد الحكيم رحمةُ الله عليه، وهذه القضيَّة كانت موجودة على طول الخطّ، علاقة الشَّاهات في إيران بمراجع النَّجف، فكانت الحكومة في إيران على علاقة وثيقة بالشَّيخ جعفر، فلمَّا عَلموا-الأعوان والوزراء-بأنَّ الشَّاه الإيراني يريد أنْ يَدعَم الميرزا الإِخباري حَذَّروا الشَّاه وأنذروه وقالوا له: أفضل شيء أنْ نُخرجه من إيران، نُعطيه مقداراً من المال ونقول له بأنَّ السُّلطان يطلبُ منك الخروج من إيران، وفعلاً خرج الميرزا الإخباري وذهب فسكن في الكاظمية، وصار لهُ تأثير واسع في الكاظمية وبدأ فكرهُ ينتشر. المرجعية في النَّجف ماذا تفعل؟ المرجع الأعلى آية الله العُظمى الشَّيخ موسى كاشف الغطاء قرَّر أنْ يقتل الميرزا الإخباري، قرَّر أن يُبيح دمه، وفي الكاظمية كانت السُّلطة الواسعة عند أكثر النَّاس لمرجع في الكاظمية هو السيِّد عبد الله شُبَّر وهو من تلامذة الشيخ جعفر كاشف الغطاء، الشَّيخ موسى كان داهية، فماذا خطَّط؟ خاف من أنَّ السيِّد عبد الله شُبَّر لن يكون مؤيِّداً، لأنَّ السيِّد عبد الله عندهُ نَزعة إخبارية، وعندَه مَيل للاِتِّجاه الإخباري، لم يكن إخبارياً ولكن عنده هذه النَّزعة، فهو أقرب إلى الإخباريين من الأصوليين، وكانت لهُ سُلطة نافذة في الكاظمية على الشِّيعة، والميرزا الإخباري موجود في الكاظمية، ولم تصدر مُعارضة من السيِّد عبد الله شبر اتجاه نشاطات الميرزا الإخباري في الكاظمية، هنا الشَّيخ موسى كاشف الغطاء عرف بأنّه إذا يُصدر الأمر بقتلهِ من النَّجف فقد لا يضمن تحقيقَ هذا الأمر، لا يضمن أنَّ الميرزا سيقتل، لذلك قرَّر أنْ يذهب إلى الكاظمية، وويخطب بنت السيِّد عبد الله شُبَّر، وبعد ذلك يُصدِر الأمر بقتل الميرزا الإِخباري!! أنا أسالكم هذا المخطط رحمانيّ هو أم شيطانيّ، بالله عليكم؟! إنّه مُخطَّط شيطانيّ، المرجع الأعلى في النَّجف يتخوَّف من عدم تأييد المرجع في الكاظمية آنذاك السيِّد عبد الله شُبَّر، فيتحرَّك من النَّجف إلى الكاظمية ويخطب بنت السيِّد عبد الله شُبَّر وهي كانت متزوجة ومطلقة، وبهذه الطريقة استطاع أنْ يكسب السيِّد عبد الله شُبَّر، وبالتالي سيكسب النَّاس في الكاظمية الَّذين هم من أتباع السيِّد عبد الله شُبَّر، ثم ماذا؟ جاءت الخطوة التالية بعد أنْ تَمَّ العقد وصار الاِتفاق أنَّ الزَّواج يكون بعد مقتل الميرزا الإخباري!! هل نحنُ في مافيات؟ لا أدري!! هل هذا مسلسل بدوي؟ تتذكّرون، هناك مسلسل اشتُهِر في السبعينات في العراق بعنوان رأس غليص، وهو مسلسل أردني، بعد ذلك صار اِسم غليص في الوسط العراقي يُكنَّى بهِ عن صدام، ذلك الَّذي كان يقتل ويتزوّج، نحنُ الآن أمام مسلسل بدوي، حقيقةً أمام مسلسل بدوي، فيأتي المرجع من النَّجف إلى الكاظمية، هذه حكايةُ الشَّيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء، لستُ أنا، أقرأُوها في صفحة 184-خرج السيِّد لاستقباله مع جميع أهل البلد-أهل الكاظمية-وأنزله داره وعقد لهُ على بنته-إلى أنْ يقول-وإنَّما رَغِب الشَّيخ في ذلك-في قضية العقد-لِتَجلِب لهُ قلوب النَّاس فيستعين بهم على قتل عدوه-تلاحظون التخطيط كيف؟! هذا هو كلام الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء، وهو يتحدَّث عن جدِّهِ، هو الشَّيخ محمَّد حسين ابن الشيخ عليّ ابن الشيخ محمَّد رضا ابن الشيخ موسى، هو هذا الشَّيخ موسى الَّذي قتل الميرزا الإخباري-وإنَّما رَغِب الشَّيخ في ذلك-الشَّيخ موسى في الزواج من بنت سيِّد عبد الله شُبَّر-لتَجْلِبَ لهُ قلوب النَّاس أو لتُجلَبَ له فيستعين بهم على قتل عدوه-الخطوة التالية أنّه طلب من مرجعٍ آخر هو السيِّد مُحمَّد الطباطبائي، السيِّد مُحمَّد الطباطبائي المعروف بالسيِّد مُحمَّد المجاهد، سُمِّي بالمجاهد لأنَّهُ اِشترك في الحرب ضد الروس حينما جاءُوا واحتلوا إيران، وخرج مُنكسراً من الحرب، على أيِّ حال، أنا لست بصدد الحديث عن تأريخ السيِّد مُحمَّد المجاهد، هو ابن السيِّد عليّ صاحب الرِّياض، السيِّد مُحمَّد المجاهد هو ابن السيِّد عليّ صاحب الرِّياض الَّذي ذكرنا قِصَّتهُ والَّذي وضع الكِشمش في المرق للميرزا القمِّي، هذا والدهُ والد السيِّد مُحمَّد المُجاهد، سيِّد مُحمَّد المُجاهد هو ابن سيِّد عليِّ صاحب الرِّياض الَّذي وضع الكِشمش في المرق في الطبيخ للميرزا القمِّي المرجع الثَّاني الَّذي جاء من النَّجف لزيارة كربلاء، لأنَّ الميرزا القُمِّي كان يتنجَّس من الكِشمش ووضع لهُ ذلك عمداً كمقلب، مقلب مرجعي!! السيِّد مُحمَّد المجاهد هو ابن السيِّد عليّ صاحب الرِّياض، فالشَّيخ كاشف الغطاء الشيخ موسى يطلب من السيِّد مُحمَّد المجاهد أنْ يستفتيه، لاحظوا مرجع يستفتي من مرجع، حتَّى يؤثر هذا في النَّاس، لاحظوا كيف تكون الخُطَّة مُحكمة!-فَكتَب السيِّد صورة استفتاء من الشَّيخ حاصلهُ: ما رأيُ حُجَّة الله على خلقه-حُجَّة الله على خلقهِ يعني الشيخ موسى، مع أنّ هذه ألقاب هي خاصَّة بأهل البيت، على أي حال-ما رأيُ حُجَّةِ اللهِ على خَلقِه وأمينهِ في أرضهِ-والله هذه هي ألقاب صاحب الزَّمان، هذه سرقة، مثل ما سرقوا لقب الصديق والفاروق وذا النورين من عليٍّ، هذه الألقاب تُسرَق من صاحب الزَّمان-ما رأيُ حُجَّةِ اللهِ على خَلقِه وأمينهِ في أرضهِ-لابُدَّ أنْ نزور زيارة أمين الله نزور بها الشيخ موسى كاشف الغطاء!!-ما رأيُ حُجَّةِ اللهِ على خَلقِه وأمينهِ في أرضهِ في رَجُلٍ يُؤلَّب على العُلماء الصَّالحين ويسعى في قتلهم إطفاءً لنورِ الدِّين-واللهِ هذا كذب في حقّ الميرزا، ما كان عندهُ سُلطة، كان يطلب الإعانة والدَّعم المادي من فتح عليّ شاه القاجاري، ولكنّهم أخرجوه من إيران، هم أتباع ومقلِّدوا الشَّيخ جعفر أخرجوه من إيران-فوقَّع تحته-من هو؟ حُجَّة الله على خلقه الشَّيخ موسى- يَجبُ على كُلِّ مُحِبٍّ ومُوال أنْ يبذُل في قتلهِ النَّفسَ والمال-ماذا صنع الرجل؟ هو رجلٌ واحد!!- يَجبُ على كُلِّ مُحِبٍّ ومُوالِ أنْ يبذُل في قتلهِ النَّفسَ والمال وإلّا فلا صلاة ولا صيام لهُ وليتبوأ من جهنم منزله-يعني الَّذي لا يبذل النَّفس والمال، أي واحد من شيعة أهل البيت، في قتلِ الميرزا الإخباري فلا صلاة ولا صيام له وليتبوأ من جهنَّم منزله!! وهذه هي مثل الفتاوى الَّتي صدرت بأنَّ الَّذي لا يشترك في الانتخابات تصير زوجته حراماً عليه، هذه فتاوى نحن نعلم من أين صدرت ومن أيِّ جهةٍ صدرت، هذه فتاوى حقيقية، لا كما قالوا في الإعلام إنَّها أكاذيب، أبداً هذه فتاوى صدرت لكنَّها لم تَكُن مكتوبة: (أنَّهُ من لم يشترك في الانتخابات فزوجتهُ عليهِ حرام)، لا بأس هذا شيء جيد الاشتراك في الانتخابات أمرٌ إيجابي ولكن أقول اللَّحن هو اللَّحن، أنا أيضاً أدعو النَّاس للاشتراكِ في الانتخابات، لا بأس بذلك، هذا أمرٌ جيِّد، ولكن اللَّحنُ هو اللَّحن، أنَّه من لم يشترك في الاِنتخابات فزوجته عليه حرام- يَجبُ على كُلِّ مُحِبٍّ ومُوال أنْ يبذُل في قتلهِ النَّفسَ والمال وإلّا فلا صلاة ولا صيام له وليتبوأ من جهنم منزله-يعني الَّذي لا يبذل النفس والمال، هو شخصٌ واحد ولكن ماذا نفعل فهذا حُجَّة الله على خلقه وأمينه في أرضِه الشيخ موسى كاشفُ الغطاء-فأخذ السيِّد-السيِّد مُحمَّد المجاهد-حكم الشَّيخ وأمضاه- لاحظوا القضية كيف تُرتَّب، هو كتب السؤال والشَّيخ أجاب، وأيضاً هو أفتى بنفسِ الجواب- فأخذ السيِّد حكم الشَّيخ وأمضاه وبعثه إلى السيِّد عبد الله شُبَّر-والشَيخ موسى المرجع الأعلى خطب ابنة السيد عبد الله شبّر، فإذاً القضية ترتّبت!!-وبعثهُ إلى السيِّد عبد الله شبر فحكم بوجوب اتباع حكم الشَّيخ-الميرزا الإخباري أقام سنوات قريباً من السيِّد عبد الله شُبَّر، وما كانت العلاقة سيئَّة فيما بينهما، ولكن الآن القضيَّة تبدّلت-وكذلك فعل باقي العلماء المعروفين هنالك-في الكاظمية-كالسيِّد محسن صاحب المحصول والشَّيخ أسدُ الله، فلما تمَّ الحكم على أحسن هيئة-على أحسن هيئة، يعني نسجوه ورتَّبوه: مرجعٌ سأل، والمرجع الأعلى أمضى، وبقيَّة المراجع تابعوا ووافقوا!!-فَلمَّا تَمَّ الحُكم على أحسنِ هيئة نُشِر لَدى العوام وقُرئ على الخاصِّ والعَام وكان بيد رسول السيِّد عبد الله شُبَّر يدعو النَّاس إلى امتثاله وإنَّ حُكم الشَّيخ-الشيخ موسى-نافذ على كل من في دائرة الوجود-من هو هذا الشَّيخ حتَّى يكون حكمهُ نافذاً على كُلِّ من في دائرة الوجود؟! صاحبُ الزَّمان في دائرة الوجود، الملائكة في دائرة الوجود، الله في دائرة الوجود أيضاً، من هو هذا الشَّيخ موسى الَّذي يكون حكمهُ نافذاً على كلِّ من في دائرة الوجود!!-وأنَّ حُكم الشَّيخ-هذا الكلام بحسب ما ينقلهُ الشَّيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء عن رسول السيِّد عبد الله شُبَّر، السيِّد عبد الله شُبَّر كان منزوياً وساكتاً، ولكن لَمَّا جاء المرجع الأعلى وجاءت الدُّنيا بقضّها وقضيضها مع المرجع الأعلى بأموالها وشُهرتها وسُمعتها وخطب ابنته وعقد عليها بعد أنْ كانت طُلِّقت من ابن عَمِّها، صار حكم الشَّيخ نافذاً على كل من في دائرة الوجود-وكان السيِّد عبد الله كما عرفت أوَّلاً عند أهل الكاظم-يعني في الكاظمية-بمنزلة الإمام-بمنزلة الإمام المعصوم وكان يُقصَد-فعزموا-من الَّذين عزموا؟ النَّاس بعد كلِ هذه الفتاوى-فعزموا على أنْ يهجموا على دارِ الإخباري ليلاً ويريحُوا منه النَّاس-كُلّ هذه العملية هذا التخطيط والشَّحذ والترتيب لأجل قَتل مرجع شيعي، ماذا قال؟ قال يا شِيعة ارجعوا وتمسَّكوا بحديث أهل البيت، واللهِ وحقِّ الزَّهرّاء البتول لم يَقُل الرَّجل غير هذا، إنَّهُ قال: يا علماء الشِّيعة يا مراجع النَّجف ارجعوا إلى حديث أهل البيت، كلّ الَّذي قاله هذا الرَّجل، لم يَقُل شيئاً غير ذلك، ومع هذا حصل ذلك المُخطَّط المُرتَّب!! نكاد نقترب من وقت الأذان والصَّلاة، أقف عند هذا الحدّ وأُكمِل الحديث بعد فَاصل الأذان والصَّلاة، أعتقد أنَّ الجواب وصل إليكم، لماذا لم يتكلَّم أحد؟! من يتكلَّم هذا جزاؤه، من يقول بأنَّ المنهج الشَّافعي قد غزانا هذا جزاؤه وهكذا يُرتَّب له، القضيَّةُ هي القضيَّة، واليوم كالأمسِ والنَّاسُ هم النَّاس والواقع هو الواقع، أما آن للشِّيعةِ أنْ تَلتَفِت، أنْ تَنتَبِه، هذا الرَّجل قُتِل وشُرِّدت أُسرته، ستعرفون ما الَّذي جرى على الميرزا الإِخباري، إِنَّها جَريمةُ المرجعيةِ الشِّيعيَّةِ الكبرى، جريمة كبيرة بِحقِّ مَرجع هو أفضل وأشرف وأطهر من الَّذين قَتلوه، أكثرُ علماً، أكثر فقهاً وأكثر خبرةً بحديث أهل البيت رضوان الله تعالى عليه، نابغة من نوابغ التَشيُّع، ورجل دعا إلى التمسُّك بعروة إمام زماننا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه وإلى منهجُ الكتابِ والعترة،كان جزاؤه من حوزة النَّجف ومن المرجعيةِ العُليا ومن مَراجع عَصره أنْ يُقتل شَرَّ قَتلة، وتأتينا التفاصيل، والَّذي يروي لنا التفاصيل هو المرجع الشِّيعي آية الله العُظمى الشَّيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء رحمه الله في كتابهِ: (العَبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)، فهل شَممتم عَبقاتٍ عنبرية من هذه الطبقات الجعفرية؟! هو يتحدَّث عن هذه الوقائع ويقول بأنَّ عبِقات العنبر تفوحُ منها، فهؤلاء هم أولاد جعفر كاشف الغطاء، وهذه هي الحوادث والتصاريف الَّتي قاموا بها، هل تَشمُّون عَبِقات عنبرية؟ هذه عبِقاتنا العنبرية من مرجعيَّتنا الشِّيعيَّة..؟! نذهب إلى فاصل الأذان والصَّلاة وأعود إليكم بعد ذلك لإتمام الحديث. أَينَ الحَسَنُ أَيْنَ الحُسَين..؟! أَيْنَ أَبْنَاءُ الحُسَين صَالِحٌ بَعْدَ صَالِح وَصَادِقٌ بَعْدَ صَادِق..؟! أَيْنَ السَّبِيلُ بَعْدَ السَّبِيل..؟! أَيْنَ أَنْتَ يَا بَقِيَّة الله..؟! كان الحديثُ قَبل فاصل الأذانِ والصَّلاة في الجَريمةِ البَشعة الَّتي خَطَّطت لها المرجعيةُ الشِّيعيَّةُ العُليا في النَّجف ومراجع كربلاء والكاظمية لقتلِ مرجعٍ شيعيٍ مخلصٍ موالٍ لأهل البيت وهو الميرزا مُحمَّد الإخباري رضوان الله تعالى عليه، الحكايةُ كما مرَّت: المرجع الأعلى آيةُ الله العظمى الشَّيخ موسى كاشف الغطاء يتحرَّك من النَّجف إلى الكاظمية ويعقد قرانهُ على بنت مَرجع الكاظمية السيِّد عبد الله شُبَّر، يُرتِّب الأمر في فتوىً إذ يستفتي مرجع كربلاء السيِّد محمَّد الطباطبائي المُجاهد، ثُمَّ يُمضي على فتواه، ثُمَّ يُمضي بقيَّةُ المَراجع آية الله العظمى السِّيد عبد الله شُبَّر وكذلك السيِّد مُحسن صَاحب المحصول والشَّيخ أسدُ الله التستري الكاظمي، والفتوى هي: (يجب على كل محبٍّ وموال أنْ يبذل في قتلهِ النَّفس والمال-في قتل الميرزا الإخباري-وإلَّا فلا صلاة ولا صيام له وليتبوأ من جهنَّم منزله، فقرَّر أهل الكاظمية أن يهجموا على دار الإخباري ليلاً ويُريحوا منه النَّاس)-صفحة 186، والروايةُ على لسان آية الله العظمى الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء، يقول-فاجتمع ثلاثةُ أنفار منهم-من أهل الكاظمية-من المعروفين بالإقدام والبأس-أي بلطجيّة-فتسوّروا الدَّار عليه نِصف اللَّيل لأنَّهم أتوا إلى بابِ دارهِ فلم يجدوها-لماذا؟-لأنَّهُ أعشاهم بسحرهِ-باللهِ عليكم هذا منطق؟ استمعوا إلى منطق مراجعنا الكِرام الأجلّاء-فاجتمعَ ثلاثةُ أنفارِ منهم من المعروفين بالإقدامِ والبأس فتسوَّروا الدَّار عليه نصف الليل لأنهم أتوا إلى باب داره فلم يجدوها لأنَّه أعشاهم بسحره، ثُمَّ أتوا إلى الحُجرة الَّتي هو فيها وقلعوا الباب فوجدوا عفاريت وحيَّات فاغرةً تريد أنْ تبتلعهم، فتوقَّفوا يسيراً ثُمَّ هَجَموا فِيها وقلعوا الباب فوجدوا عفاريت وحيات فاغرة تُريد أنْ تبتلعهم فتوقفوا يسيرا ًثمَّ هجموا ثانيةً فوجدوا ليثاً بالباب يريد أنْ يفترسهم فارتدّوا متجبرين ولم يزالوا يهجمون على الباب فيرون ما يهولهم من شعبذاتهِ وسحرهِ فصعدوا السَّطح وحفروا فيهِ على الحُجرة فخرجت إليهم نيران ملتهبة-هذا حتَّى في أفلام هوليود لا نجده!!-فصعدوا السَّطح وحفروا فيهِ على الحُجرة فخرجت إليهم نيران ملتهبة، فقال واحدٌ مِّنهم يا قوم إِنِّي سَمعتُ من الشَّيخ موسى يقول أنا ضامنٌ على الله الجنة لمن يقتل هذا بحضور الشُبَّري-الشبري يعني السيِّد عبد الله شُبَّر-وقد صدَّقه السيِّد-السيَّد عبد الله شُبَّر صدَّق كلام الشيخ موسى، والشَّيخ موسى يضمن على الله الجنة، فمن هو الشَّيخ موسى يا تُرى حتَّى يضمن على الله الجنة؟!-يا قوم إِنِّي سَمعتُ من الشَّيخ موسى يقول أنا ضامنٌ على الله الجنة لمن يقتل هذا بحضور الشُبَّري وقد صدَّقه السيِّد وأنا صاحب ذنوب كثيرة وقد عَزمتُ على الخوض في هذهِ النَّار فلعلَّي أحظى بعدها بجنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار فإنْ أحرقتني فانجوا بأنفسكم ولا تُيَتِّموا أطفالكم وإنْ تبيَّن أنَّها شعبذة وبُهتان فسأنبئكم بذلك فادخلوا عَلَيَّ وشاركوا بالفوز فيما لدي-يعني بقتل الميرزا الإخباري-فاقتحمَ النَّار وتقدَّمهم إماماً فَقِيلَ يَا نَار كوني يا برداً وسلاماً، فنادى أصحابه فدخلوا عليه فوجدوا الخبيث وتبخُّراته بين يديه فقال لهم خلوا سبيلي ولكم عشرون ألف ذهب فلم يقبلوا، ولم يَزَل يترقّى لهم في ذلك حتَّى قال لهم أنظروا الحجرة فنظروها وإذا هي وجميع ما فيها من بُسط وجدران وفُرش تتلألأُ ذهباً أحمر، فقال خذوها أجمع ودعوني أنجو بنفسي ولكم العهد عَلَيَّ أنْ لا أرجعَ بعد إلى بلادكم، فقالوا هيهات، هيهات، على غيرنا موّه هذه الكذبيات والشعبذات وأمَّا نَحن فَقد ضُمِنت لَنا على الله الجنان والفوز بالرِّضوان فوقع الحقّ وقُطع دابر القوم الَّذين ظلموا وقيل الحمدُ لله رب العالمين وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامةِ هم من المقبوحين أولئك الَّذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين-هذا الكلام كلام منطقي؟! يعني هؤلاء الثلاثة أولاً، لم يجدوا باب الدَّار، بعد ذلك تسوَّروا الدار فاتوا إلى الحجرة، قلعوا الباب فوجدوا عفاريت وحيَّات، أنا أقول، مُجرَّد وجود عفاريت وحيات دلَّت على ضَلال الرَّجل إذاً لماذا تَعدُّون هذه كرامة للشَّيخ جعفر كاشف الغطاء؟! في صفحة 206، أنَّ فَتح عَليّ شَاه لِسبب من الأسباب انزعج من الشيخ جعفر-وقَرَّر السُّلطان أنَّهُ إذا جاء الشيخ جعفر لا يحترمهُ وجاء الشَّيخ جعفر فقال بصوت مُرتفع يا الله فوقف السُّلطان من دون اختيار فلمَّا سألوه-أنت كُنت تُريد أنْ لا تحترم الشيخ جعفر وأنْ لا تقوم لهُ، فلماذا وقفت؟-قال عندما سَمِعت من الشَّيخ كلمة يا الله رأيتُ ثُعباناً عظيماً يواجهني يُريد أنْ يَهجم على صدري فوقفت بلا اختيار وأخذت بيد الشَّيخ فاختفى الثُعبان-يعني الشيخ جعفر أيضاً يشتغل في الشعبذات والسحريات، أليست هذه كرامة مذكورة للشيخ جعفر؟! ما هذه الخزعبلات، هل تُصدِّقون مثل هذا الكلام؟! هؤلاء الثلاثة الَّذين اقتحموا النيران، أنا ذكرت في برنامج سابق هؤلاء الثلاثة هم: بروسلي وسوبر مان وباتمان، هؤلاء الثَّلاثة الَّذين جاؤوا فهجموا على هذا الاستوديو من استوديوهات هوليود ورُتِّبت كُلّ هذه النِّيران والشَّعبذات، ما هذه السَّخافات!! هل هذا منطق مراجع؟! بالنتيجة قتلوه، قتلوا الميرزا الإخباري ولكنَّهم لم يَقتلوه في الليل فهذا كذب، هذه قضية ملفقة، وهي كذب في كذب. نحنُ مثل ما نقلنا كلام المجرمين القَتلة سننقل أيضاً كلام المقتولين المظلومين مَنْ بقي منهم، هذه رواية القتلة، وهي رواية المجرمين بحسب ما رواها حفيدهم الشَّيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء في كتابهِ (العبِقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)، ولكن للحديثِ تَتِمَّة-ثم تزوَّج المرجع الأعلى، أيام إِقامَته بالكاظمين بِبنت عَالِمها وعَلَمِها أُستاذِه النِّحرير السيِّد عبد الله شُبَّر تِلميذ أَبيه الشَّيخ الأكبر وذلك بعدما قتل الميرزا الإخباري-وتلاحظون الإصرار من الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء على هذه القضيَّة، وهي أنَّ الشيخ موسى هو الَّذي قتل، فهي عملية دبّرها الشَّيخ موسى بالكامل ووافقه عليها بقيَّة المراجَع-وَذَلِك بَعدمَا قُتل الميرزا الإخباري وكان قد عقد عليها قبل قتله جذباً لقلوب النَّاس، وكانت تحت ابن عمها السيِّد المير أحمد فطُلِّقت وهو تزوَّجها، فقال: الأديبُ الماهر والنحريرُ الباهر الشَّيخ صالح التميمي الشَّاعر من قصيدة طويلة يشير فيها إلى قتل اللعين المذكور-الشَّيخ صالح الكوّاز، وهو معروف من شعراء الشِّيعة الكبار-من قصيدة طويلة يشير فيها إلى قتل اللعين المذكور ويهنئ الشَّيخ بزواجهِ بالعلوية-يعني أقاموا الليالي الملاح والشعراء والاحتفالات-يقول لهُ: مُعيدَ الهُدى غَضَّاً وقَد كان بُرهةً ذَوى روضُهُ من حاصباتِ المهالكِ الَّذي أعاد الهدى من هو؟ الشَّيخ موسى!!.. تداركت دين الله من بعدِ ما عَدت عليهِ مذاكي آخذٍ غير تارك إلى آخر أبياتهِ، وأيضاً قصيدة أُخرى وقصائد وأيام مِلاح وأيام أفراح للمرجعيةِ العُليا!! الميرزا الإِخباري قُتل سنة 1232 للهجرة، وسنة 1241 توفي الشَّيخ مُوسى، ولكن كيف توفي؟ توفي بعد أنْ أخذ خلال هذه السِّنين ينزف دماً من دُبُرهِ ومات بسبب نزيف الدَّم من دبره سنة 1241، يعني حدود تسع سنوات بعد الميرزا الإخباري توفّي المرجع الأعلى آية الله العظمى الشَّيخ موسى كاشف الغطاء بعد أنْ نزف دماً كثيراً من دُبُرهِ. هو يقول الشيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء-ولَمَّا كانت سنة الواحد والأربعين بعد الألف والمئتين تزايد مرض الشَّيخ الَّذي تعلَّق به قبل سنين من وفاته-أي بعد مقتل الميرزا الإخباري-وهو مرضُ البواسير فصار يضعُف يوماً فيوم لخروج الدَّمِ الكثير، وكان قد قارب عمره السِّتين وسَئِم الحياة الدنيا وزينتها-من قال ذلك؟ هو الشيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء يقول، هو يُسطِّر ويُفَبرِك-سَئِم الحياة الدُّنيا وَزينتها من الأموال والبنين واستهام جوار ربه واشتاق إلى لقاه فقرَّبهُ إليهِ وأدناه فسلَّم نفسهُ الزَّكية إلى باريها وهوت دعائم الشريعة وتهدَّمت مبانيها-وكأنَّهُ أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه ونداء جبرائيل: تهدَّمت والله أركان الهدى!!-وهوت دعائمُ الشريعة وتهدَّمت مبانيها فطفق الدين يندبهُ والأرامل والعلماء تبكيه وصَعق الكتابُ المبين يُنشده والشُعراء والأُدباء تنشد مراثيه-الشُعراء والأدباء نعم، أمَّا الكتاب المبين صَعق ينشده، كيف نستطيع أنْ نتصوّر هذا المعنى في هذا الرَّجل الَّذي ارتكب هذه الجريمة المهولة الكبيرة؟! هذه قصة الجريمة بكل الأكاذيب والخُرافات وكُل هذه التفاصيل المضحكة السَّاخرة الَّتي رواها لنا المرجع الكبير آيةُ الله العظمى الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء كما هو مكتوب على الكتاب تأليف العلَّامة الكبير الإمام الشَّيخ مُحمَّد الحسين كاشف الغطاء رحمة الله عليه، هذه هي روايةُ المجرمين القَتَلَة..؟! أمَّا الَّذين جرت عليهم الجريمة: ما بقي من العائلة ولدٌ صغير عمرهُ لا يتجاوز الثَّانية بعد العاشرة، هو الَّذي بقي من عائلة الميرزا الإخباري مع بعض النسوة وقد فروا جَميعاً إلى مناطق الأهوار في جنوب العراق إلى أنْ حمتهم العشائر العربية في الأهوار ومناطق سوق الشيوخ، وهي من المدن التابعة لمحافظة ذي قار النَّاصرية. كيف جرت الحادثة كما يرويها السيِّد عليّ ميرزا عليّ ابن الميرزا الإخباري؟! الميزرا محمَّد الإخباري، قُتل في سنة 1232، وكان عمره في الخمسينات رحمة الله عليه، كان لهُ ولدان أحمد وعليّ، بيتهُ في الكاظمية كما يروي ولدهُ الصغير عليّ، يوم الأحد الثَّامن والعشرون من شهر ربيعٍ الأول سنة 1232، بعد صلاة الظُهر، وقت العَصر هو يقول: كُنَّا في البيت-أي في بيت والدهِ الميرزا الإخباري- الميرزا الإخباري وَلداهُ أحمد وعليّ الصَّغير، وكان هناك شابان من نيشابور اِسمهما ناصر ومنصور، ومجموعة من المشايخ: سيِّد مصطفى ابن سيّد مهديّ، شيخ أحمد الجزائري، شيخ عباس الجزائري، يقول كان المجموع عشرة أنفار، وكُنَّا في البيت فسمعنا ضَوضاء كبيرة خَارج البيت وشتائم وسُباب، وبعد ذلك اِنهالت الأَحجار والصخور على بيتنا، والنَّاس أحاطوا بالبيت، فكلمَّهم والدي بقوله ماذا تريدون؟ وماذا أذنبت؟ وما الَّذي فعلته لكم؟ ألم أُحسن لكم؟ ألم أفعل لكم كذا وكذا؟ هل رأيتم مني سوءاً؟ وكان الجواب حجارة وسُباباً وشتائم، وبعد ذلك هجموا على البيت فحطَّموا ما حطموا، ودخلت المجموعة الَّتي كانت في البيت في عِراك مع هذه الجموع الهائجة من هذه الحيوانات والبهائم الَّتي تُسمَّى شِيعة!! بَهَائم وحيوانات وُجِّهت بفتاوى المرجعية العُليا فهجمت على هذا العالم الجليل وعائلتهِ ودخلوا في عِراك، أكثرهم داروا حول الميرزا الإخباري وأخذوا يضربونه بكل وسيلة، وكانت هناك إطلاقات نارية كثيرة، وشبُّوا النَّار في بعض أجزاء البيت، ونهبوا الكُتب، ونهبوا الأثاث وما تركوا شيئاً، هو سيِّد عليّ يقول في البداية رأيتُ الأحداث، ولكن بعد ذلك لكثرة الإطلاقات النَّارية ولكثرة النَّاس ما رأيتُ شيئاً، حدَّثوه بعد ذلك، بعض الحوادث هو رآها وبعض الحوادث ينقلها عن الَّذين حدَّثوه بالَّذي جرى، كان صغير السِّن، يقول: أنا رأيت أخي أحمد قد وقع على الأرض بعد أنْ ضَربوه عِدَّة ضربات بالسيوف وجاء رجل يُريد أنْ يقطع رأسه فركضت أنا وناصر ومنصور، هؤلاء النيشابوريان كانا بمثابة خادمين في بيت الميرزا الإخباري، فدفعنا هذا الرَّجل فقام وكانت الضربة شديدة على وجههِ وعلى رأسه، رأته أُمي فصرخت ونزعت مقنعتها وأخذت تمسح الدم عن وجهه، بعد ذلك رجع إلى المعترك وكانت مجموعة كبيرة أحاطت بأبيه يضربونهُ من كلّ مكان، فقال لأبيه لأنَّهُ تأكَّد أنَّ أباه سيُقتَل، قال: يا أبَ أنا لا أُريد الحياة بعدك ودخل معهم في المُعترك، فقتلوا السيِّد أحمد وقتلوا الميرزا الإخباري وقتلوا أفراداً آخرين وأسروا الباقين، قيَّدوهم بالحبال وأخذوهم، وكانوا ينوون قتلهم ولكنْ بعد ذلك تدخّل بعض الأشخاص بشكل خفيّ وأُطلِق سراحُهم وفروا، وهو سيِّد عليّ يقول: أسروا حتَّى النِّساء، اعتدوا على النِّساء وسلبوا النَّساء حليَّهن، وضربوهنّ وأخذوهنّ أسيرات أيضاً، أمَّا الميرزا الإِخباري فقطعوا رأسَه، كان هناك اثنان من الأشقياء، شخص اسمه سليمان والآخر اسمهُ تقي هما اللذان قطعا رأس الميرزا الإخباري، وبعد ذلك مَثَّلوا بجثَّته شرَّ تمثيل وقطّعوها بالسيوف. وهناك بعض الأشخاص مكَّنوا العائلة من الفِرار ولكنَّ العائلة بقيت مُطارَدة، إلى أنْ لجأت إلى الأهوار واستقرّ بها القرار في جنوب العراق في مدينة سوق الشيوخ، في القرى المحيطة بمدينة سوق الشيوخ، وظلّت بقايا الأسرة إلى اليوم موجودة هناك، وهناك أسَّسوا حوزةً علمية صغيرة وسُمِّيت القرية بقرية المومنين، ولا زالت تُعرف بهذا الاسم في جنوب العراق، وأسرة آل جمال الدين الموجودة في النَّجف هم من أحفاد الميرزا الإخباري. ما الَّذي فعلهُ الميرزا الإخباري حتَّى يجري كلُّ هذا الَّذي جرى عليه؟ لم يفعل شيئاً إلَّا أنَّهُ دعا مراجع وعلماء النَّجف، وعُلماء كربلاء، وعلماء الكاظمية، دعاهم إلى التمسُّك بالكتابِ والعترة، وإلى نبذِ منهج الشَّافعي وإلى نبذِ منهج أبي حنيفة، وإلى الرجوع إلى حديث أهل البيت بشكلٍ مستقيم من دون الاستعانةِ بأصول وقواعد ورجال المخالفين لأهل بيت العصمة صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين، فكانت هذه الجريمة وهذه الفاجعة، هجوم على الدَّار، رضخ بالحجارة، قطع للرأس، تمثيل بالجثة، قتل لولدهِ، قتل لبعض تلامذتهِ، الاعتداء على أسرتهِ، حرق بيتهِ، نهب مكتبتهِ، مطاردة الأسرة، ما ذنب الأسرة نساء وأطفال؟! وفعلوا ما فعلوا، هذه الجريمة إذا أردنا أنْ نقايسها بجرائم أخرى وسأقوم بعملية مقايسة ولكنَّني قبل أنْ أقايس هذه الجريمة بجرائم أخرى لنذهب ونرى الفيديو الَّذي ينقل لنا صوراً مِمَّا جرى على الشَّيخ حسن شحاته، إذا قُمنا بعملية مُقارنة بين الَّذي جرى على الشَّيخ حسن شحاته رحمة الله عليه، هجوم النَّواصب وبين هجوم الشِّيعة من مقلدي المرجعية العليا سنجد أن الَّذي جرى على الميرزا الإخباري أسوأ وأسوأ وأسوأ بكثير، نتابع بعض المقاطع في هذا الفيديو الَّذي ينقل لنا مأساة وظُلامة الشَّيخ الشَّهيد حسن شحاته رحمة الله عليه. مقطع مرئي لمأساة وظلامة الشهيد حسن شحاته رحمة الله عليه؟! لاحظتم الفيديو فعلاً لم يكن بذلك الوضوح ولكن هذا هو المتوفِّر لدينا في الأرشيف، بالنتيجة هو ينقل لنا شيئاً مِمَّا جرى في هجوم النَّواصب على بيت يتواجد فيه الشَّيخ حسن شحاته رحمة الله عليه من بيوت الشِّيعة ورأيتم ما رأيتم، في الرِّوايات عندنا من أراد أنْ يزور الحُسين على البُعد من بعيد فليقل ثلاثاً: (وَصَلَّى اللهُ عَلَيك يَا أبَا عَبدِ الله)، أنا سأقرأُ هذه الزيارة لسيِّد الشُّهداء وأهدي ثوابها للشهيدين المظلومين، الميرزا الإخباري والشَّيخ حسن شحاته رحمة الله عليهما: (وَصَلَّى اللهُ عَلَيك يَا أبَا عَبدِ الله، وَصَلَّى اللهُ عَلَيك يَا أبَا عَبدِ الله، وَصَلَّى اللهُ عَلَيك يَا أبَا عَبدِ الله). ولكن ظلامة الميرزا الإخباري هي أكثر بكثير من ظلامة الشَّيخ حسن شحاته، على الأقل هناك من يترحَّم على الشَّيخ حسن شحاته، أمَّا الميرزا الإخباري إلى الآن وهو يُلعَن، ولاحظتم المرجع آية الله العظمى الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء كيف يلعنهُ وكيف يفتري عليه وكيف يكذب عليه الكذب الكثير والافتراء الكثير..؟! وهذا هو حال بقيَّة المراجع الموجودين الآن من مراجع المدرسة الأصولية، أين ما كانوا، في النَّجف في قم في أيِّ مكان آخر، حالهم هو حال الشَّيخ محمَّد حسين كاشف الغطاء، نفس الكلام هذا يكرِّرونهُ ويذكرونه، نحنُ نقرأ في الرِّوايات أنَّ القتيل يأتي يوم القيامة ويأتي معهُ أعداد كثيرة تُحشر بعنوان أنَّهم قتلة لهذا القتيل، وهؤلاء هم الَّذين سمعوا وفرحوا، سمعوا ورضوا، سمعوا وأيَّدوا، وهذا هو الَّذي نقرأهُ في زيارات الحُسين: (ولَعَنَ اللهُ أمَّةً سَمِعَت بِذَلِك فَرَضِيتَ بِه)، فالرَّاضون بقتلِ القتيل المظلوم ولو في الأجيال الآتية فإنّهم يُعتبرون من قَتَلتهِ. والمشكلةُ لم تنتهِ إلى حدّ هذا التأريخ، هناك كتاب للميرزا الإخباري طَبعهُ أحد أحفادهِ وهو السيِّد رؤوف جمال الدين من أسرة آل جمال الدين في النَّجف، السيِّد رؤوف جمال الدين هو من علماء الإخباريين ومن المتخصِّصين في اللغة والأدب، نَشَر كِتاباَ، هذا الكلام في السَّبعينات 1970، الطبعة الأولى للكتاب: (كشف القناع عن حُجيّة الإجماع) للميرزا الإخباري، لجدِّهِ الميرزا الإخباري، فهو من أحفاده، لَمَّا جاء يطبعه، أولاً غيَّر اِسم الكتاب خوفاً، فهذا الكتاب اِسمه: (كشفُ القناع عن عورة الإجماع)، أمَّا هذا الاسم: (كشفُ القناع عن حُجيّة الإجماع)، فهذا أسمٌ لكتابٍ آخر هو هذا الَّذي بيدي (كشفُ القناع عن وجوه حجيّة الإجماع)، للشَّيخ أسد الله الَّذي مرَّ ذكره قبل قليل، وهو أحد العلماء الَّذين أمضوا فتوى الشَّيخ موسى وكان شاباً صغير السن، كان فقيهاً صغير السن من فقهاء الكاظمية، الشَّيخ أسد الله التُستري الكاظمي، مرَّ ذكر اسم الشَّيخ أسدُ الله، هذا هو صاحب كتاب كشف القناع وهذا الكتاب يردُّ به على كتاب الميرزا الإخباري (كشف القناع عن عورة الإجماع) ولكنَّهُ لا يشير إلى الميرزا الإخباري لا من قريبٍ ولا من بعيد، وهذا على طريقة المراجع في محاولة تجاهل الرأي الآخر بقدر ما يمكن حتَّى لا يصل الصَّوت إلى عامَّة الشِّيعة..؟! هذه هي طريقة المراجع في التعاملِ مع الرأي الآخر الَّذي ينتقدهم، والَّذي يرفض طرحهم، كيف يتعاملون؟ يحاولون أن يتجاهلوا وكأنَّهم لا يسمعون مع أنَّهم يسمعون ويُتابعون، يتجاهلون لعل ذلك يعينهم في أنَّ النَّاس تتجاهل أيضاً، وحتى أنَّ الصَّوت لا يصل إلى عامَّة النَّاس، بهذه الطريقة كتب الشَّيخ أسد الله التستري ردَّهُ على (كشفِ القناع عن عورة الإجماع) للميرزا الأخباري، وهو أمضى على الفتوى وهو أيضاً توفي في نفس الفترة الَّتي توفي فيها الشَّيخ موسى، أصابهُ الطاعون ومات بالطاعون..!! البقيَّة كذلك حلَّ بالنَّجفِ طاعون قضى على الكثيرين، وفرَّت عائلة آل كاشف الغطاء من النَّجف بالكامل، فرَّوا بالكامل من الطاعون والقِصَّةُ لها تفصيل، وحلَّ الطاعون بالعديد من العُلماء والمراجع الَّذين أفتوا بقتل الميرزا الإخباري..!! أنا لا أُريد أنْ أقول هذا من ذاك، ولكن هكذا جرت الأمور على أرضِ الواقع، وإذا نفتح الصَّفحة الأولى ماذا نقرأ؟ نقرأ-كانت رحلتهُ من هذه الدنيا الفانية إلى نعيم الجنَّة الباقية-نفس الكليشة الَّتي مرّت في كتاب العبقات العنبرية، عن الشيخ موسى الَّتي كتبها شيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء-كانت رحلتهُ من هذه الدنيا الفانية إلى نعيم الجنَّة الباقية في حدود بضع وأربعين ومئتين بطاعون العراق وهو لم يُتم الثلاثين من عمرهِ-فكشفُ القناعِ عن وجوه حُجَّية الإجماع، هو هذا للشَّيخ أسد الله التستري الكاظمي. أمّا هذا الكتاب كشف القناع عن عورة الإجماع، والإجماع عورة فعلاً، العورةُ الَّتي منها سُلَّت السيوف فذبحت آل مُحَمَّد صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين، السيِّد رؤوف ماذا فعل؟ غيَّر الاسم خوفاً من الإثارة، وحتَّى حين تحدَّث عن حياة المؤلِّف، عن حياة جدِّه الميرزا الإِخباري، وهو يعرف هذه التفاصيل، أولاً كتاب العبقات العنبرية كتاب معروف في النَّجف وأهل النجف هم الَّذين قتلوا الميرزا الإخباري وهم تحدَّثوا، ولكن لم ينقل من هذا الكتاب شيئاً خوفاً من الإثارة، ولم ينقل مِمَّا هم نفس المظلومين نفس الأسرة نفس جدِّهِ هذا من أولاد سيِّد علي، سيِّد رؤوف جمال الدين من أولاد سيّد عليّ الَّذين نقلتُ عنه الحادثة قبل قليل، فماذا يقول سيِّد رؤوف جمال الدين؟-واستُشهِد في بغداد-من هو؟ الميرزا الإخباري-ودُفن بدارهِ في مقابر قريش-يعني الكاظمية-وكانت حادثة قتلهِ حادثة نكراء على يَدِ غوغاء العوام عام 1232 الهجري-وسكت-أيام تولي داود باشا العثماني-لا علاقة لداود باشا بالموضوع، البعض حاول أن يربط بين العثمانيين والقضية، أبداً القضية مرتّبة مثل ما قال الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء وأهل البيت هم أدرى بالَّذي فيه، وأهل الجريمةِ المجرمون أدرى بما أجرموا، إلى أنْ يقول-وقد ترك بعدهُ ولداً واحداً لهُ من العمر 12 سنة تقريباً هو جدّنا المرحوم العلامة السيِّد ميرزا عليّ-الَّذي نقلت عنه الحادثة-وكان السَّبب في سلامتهِ من القَتل بعض الأطياب من جيرانهم-الَّذين هرّبوهم-وبعد هدوء الحالة نسبياً خرج السيِّد الشَّاب من الكاظمية متجهاً إلى البصرة وهو يُريد إيران وقد سلك طريق السُفن في نهرِ الفرات لسببٍ لا أعلمهُ-السَّبب هو الفرار، ولكن السيِّد هنا لا يريد أنْ يتحدَّث، السيد رؤوف جمال الدين لا يريد أنْ يتحدّث بذلك-فلمَّا وصل منطقة ناحية قرمة بني سعيد التابعة لقضاء سوق الشيوخ-إلى آخرهِ وذكر التفاصيل-وللمُترجَمِ له-يعني للميرزا الإخباري-حفيد واحد هو عبد النَّبي ابن سيّد أحمد الَّذي قُتِل مع أبيه وبقي عبد النّبي وهو طفل صغير ذهبت به أمه إلى إيران-العائلة تفرقت وتشتت-وذُرَّيته الآن في سبزوار وطهران-العائلة تفرّقت، يعني هذا الحفيد الصغير هرب هو وأُمُّه إلى إيران وسيّد عليّ هرب وبعض النِّساء إلى جنوب العراق، والمطاردة كانت من قبل المرجعية. هنا لَمَّا يُعدِّد أسماء المؤلفات ماذا يكتب سيِّد رؤوف جمال الدين (كشف القناع عن عورة الإجماع) عن هذا الكتاب، ويضع بين معقوفتين كلمة (حجيّة)، الكتاب هو هذا اِسمهُ معروف (كشفُ القناع عن عورة الإجماع) وليس عن حجيّة الإجماع، ولكن بسبب الخوف من المرجعية وردود الفعل في النَّجف، هذا الكلام سنة 1970، وإلى يومنا هذا القضيةُ هي القضية، والمشكلةُ هي المشكلة، لأنَّهُ في هذا الكتاب يناقش الإجماع ويقول بأنَّكم جئتم به من المخالفين، من أعداء أهل البيت، جئتم به من الشَّافعي ومن أبي حنيفة، هذه هي القِصَّة وهذه هي الحكاية، فالَّذي اعترض كان جزاؤه من المرجعية العُليا ومن مراجع عصرهِ هذا الجزاء، الرجل كان عالِماً وكان موسوعةً وكان نابغة شديد الذَّكاء ثقافته واسعة جداً يدلّ على ذلك كثرة مؤلفاتهِ واختلاف الموضوعات الَّتي ألَّف فيها، فقد ألَّف في موضوعات مختلفة جدَّاً وأجاد في التأليفِ في كُلِّ تلك الموضوعات، في الوقت الَّذي كان مراجع عصرهِ لا يعرفون إلَّا الطهارة والنَّجاسة والحيض والنفاس، وهذه القضية موجودة على طول الخط، قتلوا الرَّجل حسداً وبُغضاً لمنهجهِ الدَّاعي إلى التمسُّكِ بالكتاب والعترة بعد أنْ افتروا عليه الافتراءات في حياته وكذبوا عليه الأكاذيب، وافتروا عليه الافتراءات حتى بعد قتلهِ وبعد التمثيل بجسدهِ وبعد إخفاءِ قبرهِ، وها هو مرجعنا الكبير الشيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء يُجّدِّد هذه الافتراءات وهذه الأكاذيب في كتابٍ يسميه (العبقات العنبرية) وكأنَّ عبق العنبر يفوحُ منها، والله عبقُ الأكاذيب وعبقُ الافتراءات وعبقُ الظلم وعبقُ الجريمةِ هو الَّذي يفوح من هذا الكتاب..؟! وإنَّني ما قرأت عليكم لا من كتابٍ وهابيّ ولا من كتابٍ إخوانيّ ولا من كتاب من كتبي، إنَّني قرأتُ من كتابِ نفس الَّذين قتلوا الميرزا الإخباري ولا زالوا يلعنونه إلى هذه اللحظة رضوان الله تعالى عليه. أشهدُ أنَّك كُنت على حَقّ أيُّها الميرزا الإخباري! وأنَّ الَّذين قتلوك كانوا على باطل! أبرأُ إلى اللهِ وإلى صاحب الزَّمان ممَّن سَفَك دمك! كما أبرأُ إلى اللهِ وإلى صاحب الزمان مِمَّن سفك دم الشَّيخ حسن شحاته رحمةُ الله عليه! الفارق أنَّ الميرزا الإخباري قتلوه أنُاسٌ يُسمّون شيعة! وأمَّا الَّذين قتلوا شيخ حسن شحاته أناسٌ لا علاقة لهم بالتشيُّع ويرون التشيُّع ضَلالاً وكفراً! أمَّا هؤلاء الَّذين قتلوا الميرزا الإخباري وهو من أولاد الإمام السَّجاد، وهو عالِم يُحدِّث بحديث أهل البيت ،كان حَسَن الخلق جواداً كريماً، ما أساء إلى أحد، وأحسن لكلِّ جيرانهِ، ولذلك فالجيران القريبون هم الَّذين هرّبوا عائلته وأطفاله! ما الَّذي حدث في الكاظمية؟ هَجم أهل الكاظمية على الميرزا الإخباري، قطعوا رأسه، وقطعوا رأس ولدهِ، ورفعوا الرؤوس على الرِّماح يطلقون النَّار وأخذوا يدورون في الرؤوس حتَّى أدخلوها إلى داخل الحرم الشَّريف حرم الإمام الكاظم، فرحاً بالنَّصر وذهبت الجموع والوفود تُهنّئ المرجع الأعلى، ثُمَّ بعد ذلك أُعلنت الأفراح والليالي الملاح أنْ تزوَّج المرجع الأعلى من اِبنةِ مرجع الكاظمية السيِّد عبد الله شبر واجتمع الشعراء والمغرّدون وأُلقيت القصائد وأُقيمت الاحتفالات فرحاً بزواج المرجع الأعلى وحينما رجع إلى النَّجف أقبلت النَّجف بقضّها وقضيضها تهنّئه بنصره المؤزَّر وكأنّه قد قضى على كُلِّ قَتَلةِ الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه!! وهو قد قتل أحد أبناء رسول الله، قتل عالِماً جليلاً محققاً فاضلاً، ورجع بالنَّصر المُؤزَّر إلى عرينهِ في النَّجفِ الأشرف!! أيُّ حكايةٍ هذه؟! أيُّ ظلامةٍ هذه؟! أي مهزلةٍ هذه؟! أي جريمةٍ هذه؟! والشِّيعةُ في الكاظمية النِّساء تزغرد، والرجال تهوِّس، وهو يدورون برؤوس أولاد رسول الله وشيعةِ رسول الله، لا لجريمةٍ أجرموها سوى أنْ تمّسكوا بحديث أهل البيت صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم أجمعين، هذه هي جريمتهم الَّتي ارتكبوها، هذه الحكايةُ لم أذهب فيها إلى كثيرٍ من التفاصيل، أنا أحضرت الكثير من الكتب والمصادر لكنَّني لا أجد وقتاً أن أُفصِّل في كلّ الأمور، فقط أُريد أنْ أُقارِن بين هذه الجريمة وجرائم أخرى وقعت في عصرنا الحاضر. من هذه الجرائم الجريمة التي ارتكبت بحق السيِّد مُحمَّد الصَّدر رحمة الله عليه، البعثيون قتلوه لكنّهم لم يقطعوا رأسه، لم يمثلوا بجثتهِ، لم يشرّدوا عائلته، عائلتهُ موجودة إلى الآن لم يشرّدوا عائلته، أولادهُ الأحياء الَّذين بقوا من بعده لا زالوا موجودين، الآن هم زعماء في السَّاحة، عائلتهُ موجودة لم تشرَّد، رأسهُ لم يُقطَع وجثّتهُ لم يمثَّل بها، وكذلك لم نسمع أنَّ أحداً من البعثيين قد أقام حفلة عرس بعد مقتل السيِّد مُحمَّد الصَّدر رحمة الله عليه، ما سمعنا بذلك، ولا سمعنا أنَّ وفوداً جاءت تهنّئ القاتل، بل أنَّ القاتل برّأَ نفسَه وقال أنَّني لم أقتله واتّهم أشخاصاً، واتّهم بالذات المؤسسة الدينية، والقِصَّةُ معروفة. وجريمةٌ ثانية أيضاً حَدَثت في عصرنا ونحن شاهدناها وهي مقتل السيِّد مجيد الخوئي، الَّذين قتلوه هم الصَّدريون والقضية معروفة، شيعةٌ هم الذين قتلوا السيِّد مجيد الخوئي، ومثّلوا بجثّتهِ بشكل أليم ومؤلم، صحيح هذا جرى في الجوِّ الشِّيعي، حتَّى أنَّ البعض ينقل أنَّهُ حينما كانوا يجرّونهُ وهو على قيد الحياة بعد أن بضّعوه بالأسلحة الَّتي بأيديهم كان يطلب منهم أنْ يقتلوه، ولكنَّهم كانوا يذهبون بعيداً في التمثيل بجثتهِ وهو على قيد الحياة، هكذا نُقل، لا أدري لأنّي لم أكن حاضراً، بالنتيجة سيِّد مجيد قُتل، لكن لم يُقطَع رأسُه وكذلك لم تُشرَّد أسرتُه، ولم نسمع أنَّ أحداً من الصَّدريين قد أقام حفلة عُرس. ونذهب إلى جريمة ثالثة حدثت في عصرنا أيضاً في حقّ الشَّيخ حسن شحاته، النَّواصب قتلوه ولم يقطعوا رأسه، صحيح أنّه عُذِّب إلى حَدٍّ كبير، ومثّلوا بجسده ولكن لم يُقطع رأسُه ولم تُشرَّد أسرتهُ، ولا زالت أسرتهُ وأتباعهُ موجودين في مصر لم تُشرَّد من مكان إلى مكان ولم يُلاحقوا، ولم نسمع أنَّ الَّذين قتلوه أقاموا حفلة عرس وتزوّجوا بهذه المناسبة. والجريمة الأخيرة الَّتي عاصرناها هي مقتل الشَّيخ النمر، قطعوا رأسه ولكن لم يمثلوا بجسده ولم تُشرَّد عائلته، عائلتهُ موجودة ولم نسمع أنَّ أحداً من آل سعود أو من الوهابية قد أقام حفلة عرسٍ بمناسبة مقتلهِ. فقط المرجع الأعلى هو الَّذي أقام حفلة عرس بعد أنْ قطعوا رأس الميرزا الإخباري، ومَثَّلوا بجسدهِ شرَّ تمثيل، مثّلوا بجسده وقطعوا رأسه وشرّدوا عائلته بعد أنْ سلبوها كلَّ شيء، اعتدوا على النِّساء بالضرب وعلى الأطفال، وكُلَّ شيء أرادوا أنْ يفعلوه فعلوه، تتبّعوا عائلته من مكان إلى مكان، وشرَّدوا الأسرة فتفرَّقت في مناطق مختلفة من أرض الله الواسعة، ثُمَّ بعد ذلك جاءت الجموع لتهنّئ المرجعية العُليا وأُقيمت الليالي الِملاح وأقيمت الأفراح بمناسبة مقتل واحد من أولاد رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم، أقامت ذلك المرجعية العُليا، تتذكرون قبل قليل وأنا أقرأ في قصص العلماء ماذا كان يقول الشَّيخ جعفر؟ يقول: بأنَّ الفقه لا زال على بكارتهِ لم يمسه أحد إلَّا الشَّهيد الأول وأنا وولدي موسى، هو هذا موسى المرجع الَّذي ارتكب هذه الجريمة الكبرى. هذه حقيقةٌ لم أبالغ فيها وقد نقلتُ لكم ما نقله أصحابُ الشأن، فهذا وريث القَتَلة هذا المرجع الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء رحمةُ الله عليه هو وريث المراجع القتلة وقرأتُ لكم من كتابهِ، وأنتم إنْ لم تصدّقوا كلامي ارجعوا واقرأوا ستجدون ما هو الأسوأ ممّا لم أقرأه، عبارات سيئة كثيرة، الوقت لا يكفي، إنَّما تركتُها لضيقِ الوقت، وهذه الحقائق أنا نقلتها من المصادر ولم آتِ بشيءٍ من عندي، ولم أنقل عن الَّذين قُتِلوا إلا القليل وهو شيء مختصر، كلُّ الجريمة نقلتها بتفاصيلها عن القَتَلة، وأعتقد أنَّ هذا الكلام لا يحتاج بعد ذلك إلى تشكيك أو إلى البحث عن أدلّة، هم الَّذين تحدَّثوا وهم الَّذين أخبروا، مرجعٌ حفيدٌ لهم هو الَّذي تحدَّث في كتابهِ لا تنسوا اسم الكتاب (العَبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)، فهل شممتم عبقاً من العنبر من هذه الطبقات الجعفرية؟! أين هو المنطق الرحماني، أين هو المنطق الشيطاني؟ ضاع هنا، ضاعت هنا، ضاع كلُّ شيء، هنا التبست الأمور..!! ما سمعتموهُ كلُّه إنَّهُ من المنطق الشَّيطاني، هذا واضحٌ وصريح جداً، أتعتقدون أنَّ هذه الجريمة هي الوحيدة؟ أبداً هناك جرائم كثيرة في تأريخ المرجعية الشِّيعيَّة، ليس البرنامجُ منعقداً لمتابعةِ جرائم المرجعية الشِّيعيَّة، هناك جرائم كثيرة، بشكل مختصر على سبيل المثال، لو كانت فقط هي هذه الجريمة ومن قِبل كُلِّ أولئك المراجع فإذاً إمكانية حصول هذه الجريمة يمكن أنْ تكون في أيّ وقت، إذاً هذا المكان ما يسمَّى بمكان المرجعية هو شيء عادي، وإذاً المراجع هم أناس عاديون، قد يرتكبون أبشع الجرائم، قد يرتكبون أسوأ الأفعال، قد يقعون في أسوأ المعاصي، هذا هو الَّذي أُريد أنْ أثبته وهو أنَّهم أناسٌ عاديون، فلماذا هذا التقديس؟ ولماذا هذه الصنميّة؟! عليكم أنْ تدقّقوا النَّظر في أنَّ العُلماء أناسٌ عاديّون، إنَّما أقول هذا الكلام لأنَّني سأتناول في الحلقات القادمة ماذا أجرم العلماءُ بحقِّ آل مُحَمَّد، إذا كانت هذه الجريمة بحقِّ أشياعهم، بحقِّ علماء ومراجع شيعة، ستأتينا جرائم بحقِّ آل مُحمَّد في الحلقة القادمة إنْ شاء اللهُ تعالى، سأتناول هذا الموضوع حتَّى تتضح الصُّورة وحينما ننتقد العلماء فإنَّنا ننتقدهم على أساس، وحينما ترفضون أنتم فإنكم ترفضون من دون أساس. بشكل سريع أشير إلى المحقق الكَرْكي: عليّ ابن عبد العالي الكَرْكِي، المُحقِّق الكَرْكِي أو الكَرَكي، هناك من يلفظهُ الكَرْكي أو الكَرَكي، المحقق الكَرْكي علي ابن عبد العالي الميسي رحمة الله عليه الَّذي استُشهد سنة 940، كان من مراجع النَّجف الكِبار، ذهب إلى إيران، أساساً هو من كرك نوح من جبل عامل في لبنان، ذهب إلى إيران أيام الشَّاه طهماسب ولهُ قِصَّة، أنا هنا لا أُريد أن أتحدَّث عن حياة المحقق الكَرْكي أو الكَرَكي، صار هو الحاكم في إيران، الشَّاه طهماسب قال لهُ أنت الأولى بالتصدي للأمور، أنت الحاكم الشَّرعي، قطعاً حينما سيُصبح حاكماً هناك من لا يُعجبهُ الوضع، فخالفه من مراجع الشِّيعة من خالفه ومن داخل السلطة أيضاً، قُلت إنَّني لا أرُيد أنْ أتحدَّث عن تأريخهِ، فقط أُشير إلى نهايته، كيف كانت نهاية المحقق الكَرْكي، جاء إلى النَّجف للزيارة ثُمّ بعد ذلك يعود إلى منصبه، فهو شيخُ الإسلام وهو الحاكم الشّرعي الأوَّل في الدولة الصفوية، أيَّام السُلطان الصفوي شاه طهماسب، جاء للنَّجف للزيارة ولَمَّا جَاء، جاء يحمل معهُ الأموال والهدايا والخيرات للمراجع وللعلماء ولأهل النَّجف، لأنَّهُ هو أصلاً كان في النَّجف قبل أنْ يذهب إلى إيران، ولكن خُطِّط لهُ من قِبل المؤسسة الدينيَّة، أطراف في المؤسَّسة في الدينيَّة وأطراف في السُّلطة الصَّفوية مِمَّن لا يرتضون وجوده هُناك فخطَّطوا له وسقوه السَّم، وضعوا السَّم في شرابه وطعامه متى؟ في عيد الغدير!! في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة، لأنَّ المُحقِّق الكَرْكي جاء لزيارة الأمير بمناسبة الغدير، جاء لزيارة الغدير، فيوم الغدير أقاموا لهُ وليمة في منزلٍ بحضور العديد من كبار العلماء والشَّخصيات والساسة وإلى غير ذلك، ولَّمَّا جِيء بطعام الوليمة وضعوا السُّم في شرابهِ وطعامه فقُتِل من ساعتهِ ودُفن في النجف، قتلوه في يوم الغدير، لماذا؟ لأمرين: هناك أمر سياسي كان موجوداً، إذ أنّ بعض السياسيين ما كانوا يقبلون ما كان يقوم به من عزل وتعيين وإدارة في الدولة الصفوية. وهناك جناح من العلماء كان يرفض المسلك والمنهج الَّذي عليه المحقق الكَركي، منهم من يخالفونه في المسلك الفقهي ومنهم من يخالفونه في قضية إظهار البراءة، فالمُحقِّق الكَرْكي عُرف عنه إظهارُ البراءة، وربَّما من أشهر من كتبهِ وكان بودي أنْ أتحدَّث عن هذا الكتاب وهو (نفحات اللاهوت في لعنِ الجبتِ والطاغوت) من كتب المحقق الكركي، ومن جملة الأسباب الَّتي أدَّت إلى قتلهِ هو إظهارهُ البراءة العلنية من أعداء أهل البيت، كان يُظهر البراءة بشكل واضح وقوي، بسبب هذا وأمور أخرى أدَّت إلى قتله وتصفيته جسدياً ولا تسمعون له ذكر بينما الشَّهيد الأول، الشَّهيد الثاني لأنَّهما كاناً من دُعاة الوحدة ومن الغاطسين إلى آذانهم بل إلى عمائمهم في الفكرِ المخالف لأهل البيت!! مِمَّن غطسوا وغاصوا الشَّهيد الأول والشَّهيد الثَّاني رحمة الله عليهما ولذلك مُجِّدوا وأُعطيت لهم الألقاب، أمَّا هذا الرَّجُل فلم يسمع أحدٌ بمقتلهِ فقد عُلِس كما عُلِس كثيرون من قبله، وسيُعلس كثيرون من بعدهِ وضاع أمره هباءً منثورا..؟! جريمةٌ أخرى وهي إعدام الشَّيخ فَضل الله نوري، الشَّيخ فضل النوري رحمة الله عليه، وفي سنة 1327 للهجرة، متى؟ في يوم ولادة أمير المؤمنين قتلوه أيضاً، شنقوه على أثر الصِّراع الَّذي نَشأ في البِداية ما يسمَّى بصراع العدلية داخل إيران الدولة القاجارية، نشأ صراع العدلية بعد ظهور معارضة من رجال الدين وأطراف أخرى تطالب بالعدل وسُمِّيت تلك الحركة بالحركة العدلية، بعد ذلك تحوَّلت إلى المشروطة أو ما يسمى بالدستورية المشروطة، وتدخل مراجع النَّجف وعلى رأسهم صاحب الكفاية الآخوند الخراساني، الشَّيخ فضلُ الله النوري في البداية كان مِمَّن يُساند الشَّيخ كاظم الخراساني في قضية المشروطة بعد ذلك ظهرت لهُ أمور فأعرض عن تأييد الشيخ كاظم الخراساني، وعلى أثرها فسَّقهُ الشَّيخ كاظم صاحب الكفاية، وبسبب هذا التفسيق أعرضت النّاس عن الشَّيخ فضل الله النوري لأنَّ النَّاس كانت تُقلِّد الشَّيخ كاظم الخراساني والمظاهرات في الشَّارع كانت مع الشيخ كاظم الخراساني، وهناك تراكمات ولكن الأساس هو هذا التفسيق الّذَي جاء من النَّجف من مجموعة من المراجع مثل الشَّيخ عبد الله المازندراني، والشَّيخ محمّد حسين الخليلي، هم لم يُصدروا أمراً بقتلهِ، هم فقط فسَّقوه، ولكن بعد ذلك أطراف سياسية كانت تطالب بالدستورية المشروطة استغلت هذا الأمر وعقدت لهُ محكمة برئاسة أحد رجال الدين وهو الشَّيخ إبراهيم الزنجاني، فأصدر الحكم بإعدامه شنقاً، وجيء به وشُنق، وهذه هي صورة الشَّيخ فضل الله النوري مشنوقاً، نلاحظ على الشَّاشة. جيء به إلى ميدان توبخانه ميدان مركزي إلى الآن موجود هو في طهران وقد نصبوا لهُ المشنقة من قبل يومين، تمَّ شُنِق في يوم الثَّالث عشر من شهر رجب سنة 1327، صحيح أنَّ الخبر لَمَّا وصل إلى الشَّيخ كاظم تأذّى وأمر بإقامة مجلس عزاء ولكن التفسيق الذي صدر منه هو الَّذي أدَّى إلى هذه القضية..؟! المرجعية هي الَّتي صنعت الأرضية لإعدام الشيخ فضل الله النوري، والدليل هو أن الشَّيخ فضل الله النوري بقي مذموماً داخل الوسط الحوزوي، بقي مذموماً، متى مُدح؟ بعد انتصار الثورة الإيرانية ومجيء السيِّد الخُميني إلى إيران، السيِّد الخميني هو الَّذي أشاع ذكره وأمر بتكريمه وتمجيده، وإلَّا ما قبل الثورة الإسلامية ما قبل سنة 79 في الوسط الحوزوي كان الشيخ فضل الله النوري مذموماً، كان يُذمّ باعتبار أنَّ الشَّيخ كاظم الخراساني قد ذمَّه فبقي هذا الذَّم يُلاحقهُ، صورة مختصرة كيف قُتل الشَّيخ فضل الله النوري، جاءُوا به إلى المشنقة فألقى عصاه، لَمَّا ألقى عصاه بعض النَّاس تراكضوا على أخذها للتبرّك بها، وهم يرونه سيشنق ثُمّ ألقى عباءته وألقى عمامته، وضعوا الحبل في رقبتهِ، كانت جثتهُ ثقيلة، والَّذين أرخوا للحادثة يقولون بأنّه أصلاً لم يضطرب جسده، وفاضت روحهُ وخرجت من جسده واستشهد وقُتل مشنوقاً رحمة الله عليه الشَّيخ فضل الله النوري، والأساس من أين جاء؟ من فتاوى فقهاء ومراجع النَّجف، المرجع الأعلى، والحاضرون كان أكثرهم من مقلِّدي الشَّيخ كاظم الخراساني، لأنَّ الَّذين حضروا هم الَّذين يؤيِّدون المشروطة، والشيخ فضل الله النوري كان ضد المشروطة وضد الحركة الدستورية، ولَمَّا أنزلوا جثته انهالوا عليها بالرفس والضرب، نفس هؤلاء الشِّيعة انهالوا عليها بالرفس والضرب، لم يكن هناك من سُنّي في طهران، في ميدان توبخانه، انهالوا عليها بالرفس والضرب، منهم من هم أتباع كاظم الخراساني صاحب الكفاية، ومنهم من هم المتأثّرون بالفكر الغربي دُعاة الديمقراطية، انهالوا عليهِ بالضرب وبعد ذلك بدأوا يطلقون النَّار على جسده ومنعوا أهله من العَزاء ومن دفنه، وبقي مدفوناً في بيته ما يقرب سنة ونصف، إلى أنْ هرَّبوه بطريقة خفيّة ودفنوه في قُمّ، كما قُلت بقي مذموماً إلى زمان مجيء السيِّد الخميني إلى إيران وانتصار الثورة الإسلامية فتغيَّر الوضع الإعلامي والوضع التبليغي بخصوص شخصيّة الشَّيخ فضل الله النُّوري رحمة الله عليه. هناك رواية جاءت في بعض المصادر عن الإمام الجواد-(كَأَنِّي بِجَرَائِد شَتَّى-جرائد، يعني مجموعات، جرائد جمع جريدة، والجريدة مجموعة من النَّاس متشابهة متآلفة، يعني تنظيمات حركات أحزاب اتجاهات وهذا هو الَّذي كان يجري أيَّام المشروطة-كَأَنِّي بِجَرَائِد شَتَّى بِأسْمَاء شَتَّى لَا أَرَى بِهِم رُشدَاً وَلَا لِدِينِهِم صِيانَة كُلَّما مَالُوا إلى جَانِب اِنحدَرَ مِّنهُم الآخَر يعُاَرضُهُم رَجٌلٌ طَبِرسِي فَيُصْلَب ويُقتَل)-لِأنَّ فضل الله النوري هو طبرسي من طبرستان-يعُاَرضُهُم رَجٌلٌ طَبِرسِي فَيُصْلَب ويُقتَل-الكلام هنا-لَا أَرَى بِهِم رُشدَاً وَلَا لِدِينِهِم صِيانَة..؟! إذا كانت هذه الرِّواية صحيحة ويبدو أنَّها صحيحة فهذا هو حديث أهل البيت، لكنَّني أقول يبدو أنَّها صحيحة لكي أراعي هؤلاء الَّذين يُشكِّكون وإلَّا الرِّواية صَحيحة، فأكثر الموجودين الَّذين كانوا في الشارع والمظاهرات هم من أتباع المرجعية العُليا في النَّجف، من أتباع صاحب الكفاية، الرِّواية ماذا تقول؟ تَصِف هؤلاء-لَا أَرَى بِهِم رُشدَاً وَلَا لِدِينِهِم صِيانَة-وما في الذيول من أين يأتي؟ يأتي من الرؤوس..!! هذا كلام الإمام الجواد وما هو بكلامي وهذا هو الواقع وهذا هو التأريخ، وهنيئاً لكم بكفاية الأصول إذا كانت هذه الأوصاف تنطبق على تلكم الفترة، وعلى تلكم المرجعيّات، وعلى أولئك الَّذين قلَّدوا تلكم المرجعيات، هذا كلام الإمام الجواد-لَا أَرَى بِهِم رُشدَاً وَلَا لِدِينِهِم صِيانَة-وكلام الإمام الصادق-(صَائِنَاً لِنَفسِه حَافِظَاً لِدِينهِ مُطِيعَاً لِمَولَاه مُخَالِفَاً لِأَمْرِ هَواه فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوه ولَا يَكُون ذَلِك إِلَّا بَعض فُقَهَاء الشِّيعَة لَا جَمِيعَهُم)، كما يقول إمامنا الصّادق يُحدِّثنا عنه إمامنا العسكري صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهما في تفسيرِ إمامنا العسكري، وستأتينا هذه الرِّوايةُ وسأتحدَّثُ عنها بالتفصيلِ إنْ شاء الله تعالى. هناك مطالب أخرى كان بودّي أنْ أُشير إليها لكنَّني أرى الوقت يجري سريعاً، لِذا أَقول بأنَّ الجواب صار واضحاً، للَّذي يتساءل فيقول لماذا لم يتكلَّم أحد؟ لاحظتم الميرزا الإخباري تكلَّم وما الَّذي جرى عليه، هناك كثيرون يعرفون الكثير من هذه الحقائق، لَستُ مُتأكداً أنَّهم يعرفون كُلَّ هذه الحقائق الَّتي ذكرتُها، ليس في هذه الحلقة، في هذه الحلقة وفي سائر الحلقات وفي سائر البرامج الأُخرى، لكن قطعاً هناك ممن هم في المؤسَّسة الدِّينية مِمَّن يعرفون الكثير والكثير من هذه الحقائق الَّتي تحدَّثتُ عنها والَّتي سأتحدَّث عنها فيما يأتي، لكن الخوف من العواقب هو الَّذي يحول فيما بينهم وبين وضع هذه الحقائق في أيدي النَّاس. العديدون من داخل المؤسَّسة الدِّينيَّة مِمَّن يقول لي هذا الطرح يحتاج إلى رقبة قوية تتحمل الصَّفق ونحن لا نملك هذه الرقبة، ولكن يبدو أنَّني أملكها!! والكثيرون سمعتُ منهم يقولون إنَّ هذا الطرح يحتاج إلى قلب قويّ ونحن لا نملكهُ..؟! لكنَّني أعود فأذكركم: (مَن أَصغَى إِلى نَاطِقٍ فَقَد عَبَدَه فَإِن كَان النَّاطِقُ يَنطِقُ عَن الله فَقَد عَبدَ الله وِإَن كَان النَّاطِقُ يَنطِقُ عَن إِبْلِيس فَقَد عَبَد إِبْلِيس)، أنتم قيّموا حديثي، قيِّموا هذه المعلومات، قد يكون البعض منها ليس صحيحاً لكن البعض منها قطعاً صحيح، وإذا ثبت البعض ثبتت الحقيقة، أقول هذا دائماً على طول الخط، أنا آتيكم باللبنِ من ضرع أمه، أحاول أن أعرض المعلومات الصحيحة بين أيديكم قدر الإمكان لكنَّني لستُ معصوماً، قد يكون هناك خلل، قد يكون هناك اشتباه، قد تكون هناك غفلة، قد يكون هناك نسيان أثناء الحديث، قد يكون وقد يكون، فالَّذي بين أيديكم ما هو بمعصوم وغير المعصوم لا تتوقعوا منهُ نتاجاً معصوماً، اشتباه كبير أن تفترض العصمة في إنسانٍ كُلُّه خطأ من رأسهِ إلى قدمه، إنَّني أحاول أنْ أعرض لكم الصحيح، قد يكون بعض كلامي ليس صحيحاً، لكن يقيناً يقيناً هناك في كلامي ما هو الصَّحيح بل هناك الكثير في كلامي ما هو الصَّحيح، فإذا ثبُت الخطأ في بعضه ثبتت الصّحة في بعضه وبذلك يثبت الموضوع وتثبت القضية، ولن يبقى هناك أيّ قدحٍ يقع على النتيجة، النتيجة تبقى هي هي، والموضوع سيبقى هو هو. ألتقيكم غداً إنْ شاء اللهُ تعالى، لكنَّني أرجو منكم أنْ تفكِّروا بهذه المجريات فكروا بإمعان دعوا الانفعال جانباً ولكن فكروا بإمعان فكروا بهذه التفاصيل وبهذهِ الحوادث قارنوا بين زماننا وبين تلك الأزمنة إذا كان عندكم علم بالأزمنة السَّابقة قبل زمان الميرزا الإخباري، الأيَّامُ هي الأيَّام..!! وحديث النَّبي صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم (سيجري في هذه الأُمَّة ما جرى في الأُمم السَّابقة حذو القُذَّة بالقُذَّة وحذو النَّعل بالنَّعل بَاعاً بِباع وذِراعاً بِذِراع ولو أنَّهم دخلوا جُحر ضبٍّ لدخلتم فيه). وما قاله أئمَّتنا: (سيجري في آخر هذه الأُمَّة ما جرى في أوَّلها) فالقضيةُ هي القضية..؟! هذا الكلام الَّذي يردِّدهُ الناس بأنَّ التأريخ يُعيد نفسه، التأريخ يُعيد نفسه ليس بالشخوص لكن بالخطوط العامة لمجريات الأحداث، لماذا يُعيد نفسه؟ لأنَّ الحياة محكومة بسنن واحدة وقوانين واحدة، والقوانين والسنن ستجري كما جرت في الأجيال الأولى فالَّذي جرى في أول الأُمَّة الأحاديث تقول بأنّه سيجري في آخر الأُمَّة. يا كَاشِفَ الكَربِ عَن وَجهِ أَخِيكَ الحُسَين إكْشِف الكَرَب عَن وُجُوهِنا وَوُجُوهِ مُشَاهِدِينَا وَمُتَابِعِينَا عَلَى الإنترنِت بِحَقِّ أَخِيكَ الحُسَين.. سَيِّدي يَا صَاحِبَ الزَّمَان أَسْأَلُك الأَمَان الأَمَان الأمان بِحَقِّ أُمِّكَ الزَّهْرَاء أَسْأَلُك أَمَان الدِّين وَأمّانِ الدُّنيَا وَأَمَانَ القَبْرِ وأمَّان الآخِرة، الأمَان الأَمان يَا صَاحب الزَّمان.. أَتركُكُم فِي رِعَايَة القَمَر.. سَلَامَاً يَا قَمَر.. لُطْفَاً يَا قَمَر.. موعدنا غداً نفس البرنامج ونفس الشَّاشة القَمر الفضائية الصَّوتُ الشِّيعيُ المميَّز.. أسألكم الدعاء جميعاً.. في أمانِ الله.. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الجمعة 8 جمادى الأخرى 1437هـ الموافق 18 / 3 / 2016م هذه الحلقة سأجعل عنوانها: (الجريمة الّتي يُحاوَل إخفاؤها بقدر ما يمكن!!) إنّها جريمة بشعة ارتُكبتْ في أجواء المؤسّسة الدّينيّة، وبإشراف المرجعيّة الشّيعية العليا في عصرها، وهي: (مقتل الميرزا محمّد الاخباري رضوان الله تعالى عليه) جريمة غاية في القسوة، وغاية في البشاعة، نُفّذت بإسم أهل البيت عليهم السّلام، افتراءً وكذباً، ودجلاً، نفّذتها المرجعيّة الشّيعيّة بكلّ اصرار وعناد، ووعيٍ منها بما تفعل..!!! الّذي دفعني للحديث عن هذا الموضوع أمران: ● الأمر الأوّل: تكملة البحث المُتقدّم، فقد صارت الصّورة واضحة لديكم مِن اختراق الفكر الشّافعي وفكر ابن عربي وسيّد قطب، لساحة الثّقافة الشّيعية، وقد حصل ذلك بأيدي مراجعنا. ● الأمر الثّاني: هو سُؤال يطرح نفسه: لماذا لم يتعرّض أحدٌ مِن الشّيعة عبر التّأريخ لهذه القضيّة..؟ (أن يتناول مسألة التّأثر بالفكر الشّافعي وفكر ابن عربي، و فكر سيّد قطب، ويُشير إلى اختراق هذه الاتّجاهات من الفكر المخالف لساحة الثّقافة الشّيعية؟! فقليل هم مَن تحدّثوا عن هذه القضّية..؟!) الجواب : سيتّضح من معاملة المؤسّسة الدّينية لكلّ مَن يتصدّى لبيان هذا الأمر. الميرزا الإخباري هو أحد الّذين تحدّثوا عن هذا الموضوع وهو تأثّر السّاحة الشّيعيّة بالفكر المخالف لأهل البيت، وبعبارة أخرى: (الصّراع الإخباري الأصولي). فالاخباريون يُشْكلون على الأصوليين أنّهم أخذوا فقههم واستنباطهم وأصولهم ورجالهم ودرايتهم أخذوها عن أعداء أهل البيت، والميرزا الاخباري رمز مِن رموز هذا الصّراع. وقفة عند كتاب (قصص العلماء) للميرزا محمّد سليمان التّنكابني، فيها عرض موجز لصور ونماذج مختلفة ممّا جاء في ترجمة الشّيخ جعفر كاشف الغطاء — كاهتمامه بتقييم موائد وولائم الطّعام، ومن ثمّ بيع هذه الموائد على أصحابها إذا دُعي إلى وليمة!! — وظاهرة كثرة الأكل والتّلذذ بالشّهوات!! — وتناول الطّعام في السّوق!! وغيرها من الصّور الّتي يعتبرها العلماء كرامات للشّيخ جعفر..!!! مع عرض نماذج من بعض فتاويه الفقهية الغريبة. الميرزا الإخباري كان نابغة من النّوابغ، وموسوعة في مختلف ثقافات عصره، وكان ينتقد المؤسّسة الدّينية، وينتقد الوضع الّذي عليه علماء المدرسة الأصوليّة، ويُشير إلى أنّ المجتهدين، والفقهاء الأصوليّين قد تأثّروا بالفكر المخالف لأهل البيت عليهم السّلام. وقفة عند كتاب (العبقات العنبريّة في الطَّبقات الجعفرية) للمرجع الشّيعي الشّيخ محمّد حسين كاشف الغطاء، وهو كتاب يتحدّث عن أسرة آل كاشف الغطاء (عن الشّيخ جعفر كاشف الغطاء، وأولاده) ولأجل هذا جاء ذكر [الطّبقات الجعفريّة] في عنوان الكتاب.. تضمّنت الوقفة حديث عن العداء الشّديد الّذي كان عند الشّيخ جعفر كاشف الغطاء لجماعة الإخباريين، وعلى الخصوص العداء الشّديد للميرزا الإخباري. الشّيخ جعفر كان شديد التّعصّب على جماعة الإخباريين، خصوصاً المتأخرين، ومنهم الميرزا الإخباري، مع أنّ كل الّذي فعله الإخباريون هو أنّهم دعوا للتّمسك بحديث أهل البيت -بغضّ النّظر هل نتّفق معهم أو نختلف معهم- فالإخباريون هم الّذين حفظوا حديث أهل البيت عليهم السّلام، فلو تُرك الأمر للمدرسة الأصوليّة لَما بقي شيءٌ من حديث أهل البيت؛ لأنّ الأصوليّين لا يعبؤون بحديث أهل البيت، ولا يعبؤون بجمعهِ ولا بحفظهِ، ولا يعبؤون بجميع شؤونات حديث أهل البيت. سُؤال يطرح نفسه: نحن نُشكل على مُخالفي أهل البيت حينما يطرحون منهجيّة الصّحابة وعدالتهم، ويُريدون منّا أن نعود إلى الصّحابة ونأخذ الشّرعيّة من الصّحابة، فنحن نقول لهم: أنّ الصّحابة لعن بعضهم بعضاً، وسبّ بعضهم بعضاً، وقتل بعضهم بعضاً، وعادى بعضهم بعضاً، فكيف تثبت لهم الوراثة والحجيّة عن رسول الله..؟ في حين أنّ الأمر نفسه ينطبق على علماء ومراجع الشّيعة أيضاً، فعلماء ومراجع الشّيعة أيضاً عادى بعضهم بعضاً، وسبّ بعضهم بعضاً، وقتل بعضهم بعضاً، فكيف تثبت النّيابة لهم عن إمام زماننا..؟! لو أردنا عمل مُقارنة بين موسوعيّة الميرزا الإخباري، وبين الكتب الّتي ألّفها العلماء الّذين قتلوه، والّذين لعنوه، والّذين خالفوه، سنجد أنّ فارقاً كبيراً بين موسوعيّة الرّجل وعلم الرّجل وبين أولئك الّذين قتلوه ولعنوه وكفّروه. وقفة عند ما جاء في رسالة (المسائل والأجوبة) للشّيخ جعفر كاشف الغطاء، وهو يتحدّث عن الرّسائل الّتي كتبها الميرزا الإخباري في الرّد عليه. (و هذه الرّسالة هي مجموعة أسئلة مفتعلة مع الأجوبة، وكلّها تدور حول الميرزا الإخباري..) وقفة عند رسالة الشّيخ جعفر كاشف الغطاء الأخرى، عنوانها (كشف الغطاء عن معائب الميرزا محمّد عدّو العلماء) وما جاء فيها أيضاً من سيل مِن الشّتائم والافتراءات على الميرزا الإخباري. ● حديث عن قضيّة المباحثة الّتي حصلت بين الشّيخ جعفر، والشّيخ ميرزا الاخباري، والّتي تَفوَّق فيها الميرزا الإخباري بشكل واضح. وكيف رَقَّع آل كاشف الغطاء هذه القضّية. ● حديث عن قضيّة المباهلة الّتي اتّفق عليها الشّيخ جعفر كاشف الغطاء والميرزا الإخباري، والمسرحيّة الهزليّة الّتي يذكرها الشّيخ محمّد حسين كاشف الغطاء في كتابه: (العبقات العنبريّة في الطَّبقات الجعفرية) والّتي تصف حال جدّه الشّيخ جعفر كاشف الغطاء، وحال الميرزا الإخباري ليلة المباهلة، وما كان يصنع كل منهما..!! ● حديث عن المخطط الشّيطاني الإبليسي في قتل الميرزا الإخباري، كيف جرى ، وعلى يد مَن، والفتوى الّتي صدرت آنذاك من المرجع الأعلى الشّيخ موسى بن الشّيخ جعفر كاشف الغطاء في الأمر بقتله، والعلماء الّذين أيّدوا هذه الفتوى، وما اشتملت عليه القصّة مِن أكاذيب وخُرافات، والتّفاصيل المُضحكة السّاخرة الّتي رواها المرجع الشّيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء. ● حديث عن الجريمة الكُبرى بحقّ الميرزا الإخباري ولكن هذه المرّة مِن لسان الضّحية، من لسان ابنه الميرزا علي وهو ممّن تبقى من عائلته، وما تحدّث به عن الطّريقة الوحشيّة الّتي قُتِل بها، وما جرى على مَن تبقّى مِن عائلته بعد الأسر، وفرارهم بعد الجريمة الكبرى إلى الأهوار..!!! كُلّ الّذي جرى على الميرزا الإخباري مِن اعتداء عليه، وعلى عائلته، وقتلهِ بطريقة وحشيّة جدّاً، والتّمثيل بجثّتهِ، ونهب ما كان في بيتهِ من كُتب وغيره، وقتل ولده وبعض تلامذته، ومُطاردة مَن تبقّى مِن أُسرته وهم نساء!! كُلّ ذلك سببه الوحيد هو أنّه دعا مراجع النّجف، ومراجع الكاظميّة، ومراجع كربلاء، إلى التّمسّك بالكتاب والعترة، وإلى نبذ منهج الشّافعي، ومنهج أبي حنيفة، والعودة إلى حديث أهل البيت “صلوات الله عليهم” بشكلٍ مُستقيم دُون الإستعانة بأصول وقواعد ورجال المُخالفين..!!! وقفة عند فيديو يعرض ما جرى على الشّيخ حسن شحاتة، وهجوم النّواصب عليه وقتله، من أجل عمل مقارنة بين طريقة قتلهِ وطريقة قتل الميرزا الإخباري على يد الشّيعة من مقلّدي المرجعية العليا. ما جرى على الميرزا الإخباري هو أسوأ وأسوأ وأسوأ بكثير ممّا جرى على الشّيخ حسن شحاته!!!! الميرزا الإخباري عنده كتاب اسمهُ (كشف القناع عن عورة الاجماع)، ولكن بعد الجريمة، قام حفيده السّيد رؤوف جمال الدّين بنشر هذا الكتاب ولكن بعد تغيير عنوانه إلى عنوان آخر وهو (كشف القناع عن حجيّة الإجماع) وذلك خوفـاً من الإثارة.. وهذا العنوان الثّاني هو نفس العنوان لكتاب كتبه الشّيخ أسد الله التّستري الكاظمي (أحد الّذين وقّعوا على فتوى قتل الميرزا الإخباري) وكتابه هذا هو ردّ على كتاب الميرزا الإخباري (كشف القناع عن عورة الاجماع) طريقة المراجع في التّعامل مع الرأي الآخر الّذي ينتقدهم ويرفض طرحهم، أنّهم يحاولون أن يتجاهلوا الطّرف الآخر بقدر ما يمكن وكأنّهم لا يسمعون (مع أنّهم يسمعون ويتابعون)، وذلك حتّى لا يصل الصّوت إلى عامّة الشّيعة.. (فهم يصنعون ذلك برجاء أنّ هذا الأمر يُعينُهم بأن النّاس يتجاهلون الرأي الآخر أيضاً).. وبهذا الأسلوب كتب الشّيخ أسد الله التّستري ردّه على كتاب (كشف القناع عن عورة الاجماع للميرزا الإخباري) فكان يتجاهل ذكر الميرزا الإخباري في الرّد عليه. مقارنة بين الجريمة الكبرى والفظيعة الّتي حصلت للميرزا الإخباري، وبين الجريمة الّتي حصلت للسّيد محمّد الصّدر على يد البعثيين، (البعثيين لم يقطعوا رأس الشّهيد محمّد الصّدر، ولم يُمثّلوا بجثّتهِ، ولم يُشرّدوا عائلته ولم يُطاردوهم، فعائلته موجودة إلى الآن.. وأبناؤه الّذين بقوا بعده هم الآن زعماء في السّاحة، وكذلك لم نسمع أنّ أحداً مِن البعثيين قد أقام حفلة عرس بعد مقتل السّيد محمّد الصّدر رحمة الله عليه. ولا سمعنا أنّ وفوداً جاءت تُهنئ القاتل بما صنع، بل إنّ القاتل برَّأ نفسه، واتّهم المؤسّسة الدّينية. مقارنة بين الجريمة الكُبرى في قتل الميرزا الإخباري، وبين قتل السّيد مجيد الخوئي على يد الصّدريين وهم شيعة، صحيح أنّهم مثّلوا بجثّته – حسب ما نُقل – ولكن لم يُقطع رأسه، ولم تُشرَّد أسرته، ولم نسمع أنّ أحداً من الصّدريين قد أقام حفلة عرس فرحاً بذلك. أيضاً قتْل الشّيخ حسن شحاتة، صحيح أنَّ النّواصب عذّبوه تعذيباً شديداً، ومثّلوا بجثّتهِ، ولكنّهم لم يقطعوا رأسه، ولم تُشرَّد أسرته، فلا زالت أسرته في مصر، ولم نسمع أنّ أحداً من الّذين قتلوه أقام حفلة عرس بهذه المناسبة. الجريمة الأخيرة الّتي شهدناها مقتل الشّيخ النّمـر، قطعوا رأسه، ولكنّهم لم يُمثّلوا بجسده، ولم تُشرَّد عائلته، ولم نسمع أنَّ أحداً مِن قَتَلتهِ أو من الوهابيّة أقام حفلة عرس بمناسبة مقتلهِ. فقط المرجع الأعلى هو الّذي أقام حفلة عرس بعد أن قطعوا رأس الميرزا الإخباري، ومثّلوا بجسده شرّ تمثيل، وضربوا عائلته، وطاردوهم وشرّدوهم شرّ تمثيل..!!! ما أريد أن أثبته هو أنّ المراجع أُناس عاديون، قد يرتكبون أبشع الجرائم، وقد يرتكبون أسوأ الأفعال، وقد يقعون في أسوأ المعاصي، فلماذا هذا التّقديس، ولماذا هذه الصّنمية..؟! وأقول هذا الكلام لأنّني سأتناول في الحلقات القادمة ماذا أجرم العلماء بحق آل محمّد..؟!! إذا كانت هذه الجريمة بحقّ أشياعهم (بحقّ علماء ومراجع شيعة)، فستأتينا في الحلقات القادمة جرائم بحقّ آل محمّد صلوات الله وسلامه عليهم؛ حتّى تتَّضح الصّورة جيّداً أنّنا حينما ننتقد العلماء، فإنّنا ننتقدهم على أساس، والنّاس يرفضون هذا النّقد من دون أساس. وقفة سريعة عند المحقق الكركي، وكيف كانت نهايته مسموماً على يد أطراف في المؤسّسة الدّينية، وأطراف في السّلطة الصّفويّة، في يوم الغدير حينما جاء لزيارة سيّد الأوصياء عليه السّلام..!! وكان سبب قتله لأمرين: ● الأمر الأوّل: سياسي.. وهو أنّ بعض السّياسيّين ما كانوا يقبلون بما يقوم به المحقق الكركي من تعيينات ومن عزل وإدارة في الدّولة الصّفويّة. ● والأمر الثّاني: أنّ هناك قسم من العلماء كان يرفض المسلك والمنهج الّذي عليه المحقق الكركي، فمنهم من يُخالفونه في المسلك الفقهي، ومنهم من يخالفونه في قضيّة (إظهار البراءة). فالمحقق الكركي عُرف عنه إظهار البراءة العلنيّة من أعداء أهل البيت بشكل واضح وقوي، ومن أشهر كتبه في إظهار البراءة كتاب (نفحات الّلاهوت في لعن الجبت والطّاغوت). فهذا السّبب وأمور أُخرى هي الّتي أدّت إلى قتلهِ وتصفيتهِ جسديّاً، ولا نسمع له ذكر..!! بينما الّذين يُذكرون بكثرة هم الشّهيد الأوّل والشّهيد الثّاني، لأنّهما كانا من دُعاة الوحدة، ومِن الغاطسين إلى عمائمهم في الفكر المُخالف لأهل البيت؛ ولهذا ضُخّمت وأُعطيتْ لهم الألقاب.. أمّا المحقق الكركي فلم يسمع أحد بمقتله، وضاع أمره هباء منثورا. جريمة قتل الشّيخ فضل الله النّوري، حين قتلوه يوم ميلاد أمير المؤمنين عليه السّلام، على خلفية تفسيق الشّيخ كاظم الخراساني (صاحب الكفاية) لــه بسبب إعراض الشّيخ فضل الله النّوري عن تأييد صاحب الكفاية..! فبسبب هذا التّفسيق الّذي جاء مِن علماء النّجف، أعرضت النّاس عن الشّيخ فضل الله النّوري، لأنّ النّاس كانت تقلّد الشيخ كاظم الخراساني، فكان هذا التّفسيق سبباً إلى قتله.. فالمرجعيّة هي الّتي صنعتْ الأرضيّة لإعدام الشّيخ فضل الله النّوري، بدليل أنّ الشّيخ فضل الله النّوري بقي مذموماً داخل الوسط الحوزوي. ولم يُمدح إلّا بعد انتصار الثّورة الإسلاميّة في إيران. حديث الإمام الجواد صلوات الله وسلامه عليه: (كأنّي بجرائد شتّى بأسماء شتّى لا أرى بهم رشداً، ولا لدينهم صيانة، كلّما مالوا إلى جانب انحدر منهم الآخر، يعارضهم رجل طبرسي فيُصلب ويقتل) وكأنّها تُشير إلى حادثة الشّيخ فضل الله النّوري، فالشّيخ فضل الله النّوري من طبرستان.