الثائر الحسينيّ الوفيّ المختار الثقفيّ – الحلقة ٢٤ الثائر الحسينيّ الوفيّ المختار الثقفيّ – الحلقة 24 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع يا زهراء بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ الثَّائِرُ الحُسَينِيُّ الوَفِيّ ….المُخْتَارُ الثَّقَفِيّ الحَلَقَةُ الرَّابِعَةُ وَ العِشْرُونْ 10/9/2015م سَلامٌ عَلَيْكُم جَمِيْعاً.. إذَا كَانَ لَنَا قِصَّةٌ فِيْ الحَيَاة قِصَّتُنَا الحُسَين.. لِسَبَبٍ بَسِيْطٍ وَوَاضِحٍ جِدّاً عَلَى الأَقَلِّ عِنْدَنَا.. الحُسَينُ الحَقِيْقَةُ الوَحِيْدَةُ فِيْ حَيَاتِنَا وَالبَاقِي كُلُّهُ سَرَاب.. حَاء سِين يَاء نُون مَتْنُ الْمُتُون.. وَكُلُّنا نَحْنُ وَمَا حَوْلَنَا.. وَمَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا.. مِنْ حَقٍّ أو بَاطِل.. فِيْ حَوَاشِي الحَوَاشِي.. .. يَا حُسَين .. كانَ الحديثُ في الحلقةِ الماضية في أجواءِ قانون الرموزِ والإشاراتِ و المعاريض، وتمَّ تفصيلُ القول وخاتمةُ الحديث كانت عندما جاء من أحاديث تُخبِرُ وتُفصِحُ عن أنَّ المُختارَ سيكونُ في جهنَّم، وأنَّ الحُسينَ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه هو الذي سيُخرجهُ من نارِ جهنم والسَببُ في ذلك هو شيءٌ في قلبهِ منهمَا، من الأوّلِ والثاني، هذهِ روايةٌ وردت في مستطرفات السرائر لابن إدريس الحليّ، وكذلك وردتْ روايةٌ في تهذيبِ الأحكام للشيخ الطوسي، ورواية في منتخب الشيخ الطريحي، وقد قُلت بأنَّ الرواية في منتخب الشيخ فخر الدين الطُريحي منسوجة بتعابيرهِ، بأسلوبه، يبدو أنَّهُ نقل المضمونَ الموجود في الروايتين السابقتين أو ربَّما رأى روايةً أُخرى ما وصَلت إلينا، ولكن واضح جداً أنَّ نسيجَ الرواية في المنتخب هيَ مِن نفسِ النسيج الذي جَاء بكلامهِ وتعابيرهِ على طولِ الكِتاب، وعلى أيِّ حالٍ فقد عرضتُ هذهِ الروايات على قانون المكر الرحماني وفي وقتها بيَّنتُ أنَّ مضمونها كحال الأحاديث والروايات التي وردت في الانتقاصِ من زيدٍ الشهيد، الأئمَّةُ انتقصوا من المُختارِ لئلّا يتحرّك بعضُ الشيعة ويرفعونَ نفس الشعار الذي رفعهُ المُختارُ الثقفي (يا لثارات الحُسين)، فالأئمَّةُ انتقصوا من المُختارِ لأجل أن لا يسترَّع من يتسرّع من الهاشميين ومن الشيعةِ فيعتقدون أو يتصوّرن بأنّهم قادرون على أنْ يقوموا بنفسِ الأمر الذي قام بهِ المُختار الثقفي، والكلامُ هو هو كالأحاديث التي وردت في زيدٍ الشهيد صلواتُ اللهِ عليه. وحينَ تناولت هذهِ الروايات وفقاً لقانون الرموز والإشارات والمعاريض الخُلاصةُ كانت هكذا: بأنَّ المختار هنا أُخِذ مثالاً، أُخِذ رمزاً، المُختار من بعدِ واقعة عاشوراء لا يُوجَد لهُ مُماثل في البراءة العمليّة إلى يومنا هذا ولن يكونَ لهُ مُماثل حتَّى ظهور الإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، فمنذُ عاشوراء وإلى زمانِ ظهور إمامنا لن يكونَ هناك مُماثل للمُختار الثقفي في البراءة العمليّة، كما أنَّ البراءة الفكريَّة والبراءة العاطفيّة والبراءة القوليّة والتي لا تتحقّقُ بشكلٍ كامل إلَّا في البراءة العمليّة، البراءةُ العمليّةُ في الحياة الدنيويّة لها التأثيرُ في تنقيتنا من أيِّ شيءٍ؟ من الطين السجِّيني، البراءةُ تُضعِّفُ آثار الطينةِ السجِّينية الموجودة فينا، المُختارُ بكلِّ ما قامَ بهِ يبقى مُحتاجاً للشفاعةِ، فما بالُكم بغيرِ المُختار الذي لم يُحقِّق أيَّ شيءٍ من البراءة العمليّة، غاية ما عندنا براءةٌ فكريّة، براءةٌ عاطفيّة، براءةٌ قوليّة براءةٌ علميّة، براءةٌ علميّة كهذهِ البحوث التي تُطرَح، تطبيقُ منهجِ البراءةِ في البحثِ العلمي، هو نوعٌ من أنواع البراءة العمليّة، لكن لم ترقى إلى البراءةِ العمليّةِ التي قامَ بها المُختار الثقفي، فرغم كلِّ ذلك هو لن يدخلَ الجِنان إلّا بشفاعةِ الحُسينِ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، البابُ الأوسع هو الحُسين، نجاتُنا عندَ الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، الروايات تريد أن تقول هاتين النقطتين: • النقطة الأولى: كُلُّكم محتاجونَ للشفاعة ولن تستحقِّوا الجِنان بعملكم مهما كانَ ذلك العمل، ولن تستطيعوا أنْ تتخلَّصوا من آثار الطينة السجّينية ولو كانت براءتكم العمليّة كبراءة المختار، • والنقطة الثانية: النجاةُ عندَ الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، البابُ الأوسع والسفينةُ الأعظم والأسرع، سفينةُ الحُسينِ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، ومن وجوهِ هذهِ السفينة المُختارُ الثقفي رضوان الله تعالى عليه. في هذهِ الحلقة سأسلِّط الضوء على قانونِ الأدعيةِ والزيارات، أدعيةُ أهل البيت وزياراتهم تُشكِّلُ أُسُساً للثقافةِ العلويةِ الزهرائيَّةِ المهدويّة، لن يجدَ الشيعيُ مصدراً للثقافةِ الصافيةِ الأصيلةِ، لثقافة عليٍّ وآلِ عليٍّ، لن يجد مصدراً يُشابه الأدعية والزيارات، أُسُس الثقافة الأصيلة هندسها الأئمَّةُ صَلواتُ اللهِ عليهم وبنوا أُسُسها بشكلٍ رصينٍ ومَتين في هذهِ المنظومة الوسيعة من الأدعيةِ والزيارات. في هذا القسمِ من هذهِ الحلقة سأقفُ عند كتابَينِ مُشفّريَن بحسبِ ما أعتقد، أشرتُ إليهما في الحلقةِ الماضية، كتابان مشفّران وهما من مصاديق أُسلوب الرموزِ والإشاراتِ الذي مرَّ الكلامُ عنه، رموزٌ وإشاراتٌ ومعاريض، أُسلوبُ أهل البيتِ في حديثهم وفي كلامهم وفي كتبهم. في كامل الزيارات لشيخنا ابنِ قولويه كتابان كتبهمُا سيِّدُ الشُهداء لمن؟ إلى ابنِ الحنفيّة، مُحمَّدُ بن الحنفيّة صلواتُ اللهِ عليه بقي فِي المدينةِ بأمرٍ مِن سيّدِ الشُهداء، ومِن المعطيات التي وصلت إلينا، أُردِّدُ دائماً بأنَّ المعطيات لم تصل إلينا كاملةً وتلك حقيقةٌ واضحةٌ ناصعة، من المعطيات التي وصلت إلينا سيّد الشُهداء في نصٍّ من النصوص يطلبُ من مُحَمَّد بنِ الحنفيّة أنْ يُراقبَ لهُ الأوضاع في الحجاز وأنْ يبعثَ لهُ بكلِّ ما يستجد، لابُدَّ أنْ تكون الوسيلةُ سريعة وإلَّا كيف، إذا كانت القضيّة بالوسائل الاعتيادية هذه تحتاج إلى فترة زمانيّة طويلة، لابُدَّ أنْ تكون هناك وسائل سريعة. في الكافي الشريف، هذا هو الجزء الأوّل من الكافي: (عَنْ سَديِرٍ الصَيْرَفِي قَالَ أوصَانِي أبو جَعفرٍ عَلَيهِ السَّلام بِحَوائِجَ لَهُ بِالمَدِينة – الإمام لم يكن في المدينة، الإمام كان في مكّة – أوصَانِي أبو جَعفرٍ عليهِ السَّلام بِحَوائِجَ لَهُ بِالمَدِينة فَخَرَجْتُ فَبَينَا أنَا بَينَ فَجِّ الرَّوْحَاء عَلَى رَاحِلَتِي إِذَا إَنْسَانٌ يَلَوي ثَوبَه، قَالَ: فَمِلْتُ إِلَيه وَظَنَنْتُ أنَّهُ عَطْشَانٌ فَنَاوَلتُه الأَدَاوة فَقَالَ لِي: لا حَاجَةَ لِي بهَا – الأداوة؛ الوعاء الذي فيهِ الماء – ونَاوَلَنِي كِتَاباً طِينهُ رَطب – طينهُ رَطب يعني الآن صدر الكتاب – قَالَ فَلمَّا نَظَرتُ إلَى الخَاتَم إذا خَاتَمُ أَبي جَعفَرٍ عَلَيهِ السَّلام – خاتَم الإمام الباقر – فَقُلتُ: مَتَى عَهْدُكَ بَصَاحِبِ الكِتَاب؟ قَالَ: السَّاعَة – الرواية هنا ما أشارت إلى أنَّ الإمام الباقر كان في مكّة ولكن هناك روايات أخرى إذا جمعناها مع هذه الرواية تشير إلى أنَّ الإمام كانَ في مكّة – فَقُلتُ: مَتَى عَهْدُكَ بَصَاحِبِ الكِتَاب؟ قَالَ: السَّاعَة، وإذا فِي الكِتاب أَشْيَاء يَأمُرُنِي بِهَا ثُمَّ التَفَت فإذا لَيسَ عِندِي أحَد، قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ فَلَقيتُه فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك رَجُلٌ أَتَانِي بِكِتَابِكْ وَطِينهُ رَطْب، فَقَالَ: يَا سَدِير إنَّ لَنَا خَدَماً مِنَ الجِنّ فَإذا أرَدْنَا السُرعَة بَعَثْنَاهُم). (إنَّ لَنَا خَدَماً مِنَ الجِنّ فَإذا أرَدْنَا السُرعَة بَعَثْنَاهُمْ)، ومرَّ علينا الحديث في الحلقات التي تحدّثتُ فيها عن قانونِ المكر الرحماني، ما كانَ في قِصَّة جابرٍ بنِ يزيدٍ الجُعفي أيضاً قرأتها من الكافي الشريف وكيف أنَّ رسولاً من الجن هو الَّذي حَمَلَ إليهِ الكتاب من الإمام الباقر صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه يأمرهُ بالتظاهُرِ بالجنون إذا ما وصل إلى الكوفة، مرَّ هذا الكلامُ علينا. فهناك أشياءٌ خفيّة، حينَ يطلبُ سيِّدُ الشُهداء من ابنِ الحنفيّة أنْ يكونَ عيناً لهُ في الحجاز يتواصل معهُ ويُوصل إليه المستجدات، المنطق يقول: لابُدَّ أنَّ هذهِ المُستجدات تصل بطريقٍ سريع وهذا مِصداق من مصاديق الطرق السريعة وهناك طرق أخرى قطعاً. كتاب بعثَهُ سيِّدُ الشُهداء من مكّة إلى مُحمَّد بن الحنفيّة، وكتاب آخر بعثهُ من كربلاء إلى مُحمَّد بن الحنفيّة، كتابهُ من مكّة إلى مُحمَّد بن الحنفيّة الذي كانَ في المدينة برواية زرارة عن إمامنا الباقر: (بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ إلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ وَمَنْ قِبَلِهِ مِنْ بَنِي هَاشِم – ومَن قِبَلِه يعني ومَن في جهتهِ إلى الهاشميين – أمَّا بَعْد فَإنَّ مَنْ لَحِقَ بِي اسْتُشْهِد وَمَنْ لَمْ يَلْحَق بِي لَم يُدْرِك الفَتْح والسَّلام). أمَّا الكتاب الذي أرسلهُ الإمام من كربلاء إلى المدينة برواية إمامنا الباقر أيضاً، مَيسر بن عبد العزيز عن إمامنا الباقر: (بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيّ إلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ وَمَنْ قِبَلِهِ مِنْ بَنِي هَاشِم أمَّا بَعْد فَكَأنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُن وكَأنَّ الآخِرَة لَمْ تَزَل والسَّلام)، يعني هذا الكتاب لو كان الإمام بعثهُ من كربلاء ويُراد منه أنْ يصل بعد مُدَّةٍ طويلة فلا فائدةَ من هذا الكتاب، الكتاب واضح فيه شفرة، الذي يكتبُ كتاباً إمَّا أنْ يذكر حاجته إمّا أن يُخبِر بتفاصيل كثيرة أمَّا أنْ يكون الكتاب هكذا: (أمَّا بَعْد فَكَأنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُن وكَأنَّ الآخِرَة لَمْ تَزَل)، أنا هنا لا أريد أنْ أشرحَ هذهِ الشفرة، أتركها لوقتٍ آخر، لكن بالمُجمل الإمام هنا يشير إلى أنَّ المشروعَ الذي يقضي على جولةِ الباطل ابتدأ الآن، هذا هو المشروع الحُسيني، ابتدأ البرنامج المهدويّ، فكأنَّ الدُّنيا لَم تَكن، الدنيا التي هي سِجنُ المؤمن فكأنَّها لم تَكن، وكأنَّ الآخرة لم تَزَل، جولةُ الباطلِ قَرُب وقت انتهائها، بدأ المشروع المهدويّ، بعدما غدرت الأُمَّةُ بمشروع الغدير فجاء مشروع القربان، فحينَ بدأ مشروع القربان بدأ المشروع المهدويّ، بدأ المشروع المهدوي الذي هو مشروعُ الخَلاص، الذي هو مشروع الفتح، الذي هو مشروع السعادةِ، الذي هو مشروع الأمل والنجاة، واضح أنَّ الكتاب كتابٌ مُشفَّر، فلابُدَّ أنْ يصلَ في وقتٍ سريع، وإلَّا لا فائدة من كتابٍ مُشفّرٍ لا يصلُ في وقته السريع وفي وقتهِ المناسب. أمَّا بَعْد فَكَأنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُن وكَأنَّ الآخِرَة لَمْ تَزَل: الإمام لا طلبَ شيئاً ولا فرضَ شيئاً ولا تحدَّثَ عن شيء، إنّها شَفرة، هذهِ كتبٌ مُشفَّرة، هذا هو أُسلوب المعاريض، هذا هو أُسلوب الرمز والإشارة. (أمَّا بَعْد فَإنَّ مَنْ لَحِقَ بِي اسْتُشْهِد وَمَنْ لَمْ يَلْحَق بِي لَم يُدْرِك الفَتْح) – عن أيِّ فتحٍ يتحدَّثُ سيّدُ الشُهداء؟ هناك فتحٌ واحد، هناك فتحٌ واحد هو الفتح المهدويّ ولا يوجَد فتحٌ آخر، إذا ما رجعنا إلى القُرآن الكريم هناك فتحٌ واحد، هو الفتحُ المهدويّ. هذا هو قرآنُنا، فلنذهب على سبيل المثال إلى ما جاء في سورة السجدة: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ – هناك فتحٌ في نهاية الأمر، متى هذا الفتح؟ في الآيات الأخيرة من سورة السجدة – وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ} – أعرِض عنهم وانتظر، ماذا تنتظر؟ تنتظرُ يومَ الفتح، هناك يومٌ واحد إسمهُ يومُ الفتح، وهذا هو التعبيرُ القُرآني: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ} – هناك يوم واحد إسمهُ يوم الفتح. يومُ الفتحِ هذا هو الذي أُشيرَ إليهِ في سورة النصر: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} – النصرُ غيرُ الفتح، نحنُ حينَ نتحدَّثُ عن سيِّد الشُهداء هُناك حديثٌ عن نصر وهناك حديثٌ عن فتح، هناك نصرٌ للمشروع الحسيني وهذا النصر للمشروع الحُسيني هو هذا المذكور هنا في سورة النصر: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} – هُنا ينتصرُ المشروع الحُسيني. والذي إليه الإشارة في سورة الإسراء: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً – منْ هُو؟ الحُسين – فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفُ – بحسبِ قراءة أهل البيت – فَلَا يُسْرِفُ فِّي الْقَتْلِ – لو قَتَل الخلقَ جميعاً ما كانَ مُسرِفاً، (فَلَا يُسْرِفُ) اللا هُنا نافية، بحسب قِراءة المُصْحَف ( فَلَا يُسْرِفْ ) اللا هُنا تكون ناهية، فإذا كانت ناهية ستجزمُ الفعلَ المضارع، إذا كانت نافية سيبقى الفعلُ مرفوعاً – فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفْ – هُنا اللا ناهية، تنهى عن الإسراف، لكن بحسبِ قراءة أهل البيت – ( فَلَا يُسْرِفُ ) – ونحنُ هنا لا نريد أنْ نُخَالِفَ أمرَهُم في أنْ نقرأ القُرآن، إذا ما قرأناه نقرأه بحسبِ ما يقرأوه الناس، ما يقرأوه الآخرون، ولكن حِينَ نريد أنْ نفهم الآيات فإنّنا نقرأه بحسبِ ما هم يقرأون، القراءة هنا لفهمِ الآية، وإلَّا فنَحنُ مُسلِّمونَ بقولهِم أنْ نقرأ إذا ما قرأنا بقراءةِ القوم، لكن في التفسيرِ لابُدَّ أنْ نقرأ القُرآن بحسبِ ما يقرأون، لأنَّهم يُفسِّرون القُرآن بهذهِ الطريقة وفقاً لقراءتهم: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِفُ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} – هذا هو نصرُ المشروع الحُسيني، إنّما يتحقّقُ عندَ ظهورِ إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، نصرُ المشروع الحُسيني – {فَلاَ يُسْرِفُ فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} – {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} – هذا المعنى لم يتحقَّق في فتحِ مكّة، لأنَّ المراد من الفتح هو بلوغُ الإنسان إلى الهداية، فهل آمنَ أهلُ مكّة؟ أهلُ مكّة هم الطُلقاء، الطُلقاء هم سادَةُ المنافقين، هم بقوا على شركهم وكُفرهم – {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ} – يدخلونَ دخولاً حقيقياً، فهل دخلَ الطُلقاءُ في الدينِ دخولاً حقيقياً؟ هذا الدخول الحقيقي يكون عندَ ظهور إمام زمانِنا – {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} الفتح هوَ الهداية، الفتح ليس هو الغلبة بالقوّة العسكرية، الغلبة بالقوّة العسكرية نصر – {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ} – هذا النصر هو نصرٌ للمشروع الحُسيني، إنَّهُ كان منصوراً كما في سورة الإسراء، أمّا الفتح الفتحُ هو الهداية – {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً} – هُنا الناس يدخلونَ في دينِ الله حقيقةً، وهذا لم يتحقِّق في فتحِ مكّة، الذينَ دخلوا خوفاً، دخلوا طمعاً، وسادةُ القومِ سادةُ المشركينَ وصفهم رسول الله بالطُلقاء، وكما يقول أمير المؤمنين في كتابهِ لمعاوية: (وَلَيسَ المُهَاجِرُ كَالطَّلِيقْ) – المهاجر مؤمن، أمّا الطليق ما هو بمؤمن – ( وَلَيسَ المُهَاجِرُ كَالطَّلِيقْ ) – الطُلقاء كانوا منافقين، بل كانوا سادةَ المنافقين. في الدعاء المروي عن إمامنا العسكري صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه والذي يُقرَأ في اليوم الثالثِ من شهرِ شعبان في وِلادةِ سيِّد الشُهداء، عن الإمام العسكري صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه: (فَصُمْهُ – صُم اليوم الثالث من شعبان، مولد سيِّد الشُهداء – وادْعُوا فِيهِ بِهَذَا الدعاء: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْمَولُودِ فِي هَذَا اليَومِ – إلى أنْ يقول الدعاء – قَتِيل العَبَرة وسَيِّدِ الأُسْرَة المَمْدُودِ بِالنُّصْرَة يَومَ الكَرَّة) – تِلك نُصرةُ الحُسين. • هناك نُصرتان: – هُناك نُصرةٌ للدَّمِ الحُسيني، للمشروع الحسيني، وهذهِ النُصرة تتحقَّق عندَ ظهور إمام زمانِنا، إنَّهُ كان منصوراً. – وهناك نُصرةٌ للحسين وتلك النُصرةُ تتحقَّقُ متى؟ في رجعةِ الحُسينِ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. لذا إذا نذهب إلى زيارة عاشوراء فماذا نجد؟ نجد هذين التعبيرَين: التعبير الأوّل: (فَأَسْأَلُ اللهَ الَّذِي أَكْرَمَ مَقَامَكَ وأَكْرَمَنِي بِكْ أنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثَارِكَ مَعَ إِمَامٍ مَنْصُور) – مع إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، إشارة إلى النُصرة للدمِ الحُسيني. والتعبير الثاني: (أنْ يَرزُقَنِي طَلَبَ ثَأرِي مَعَ إِمَامٍ مَهْدِيٍّ ظَاهِرٍ نَاطِقٍ بِالحَقِّ مُنْكُم). هذان التعبيران يتحدَّثان عن نُصرة المشروع الحُسيني، عن نُصرة الدمِ الحُسيني، أمّا الذي مرَّ في الدعاء الذي يُقرَأ في اليوم الثالث من شهرِ شعبان أنَّهُ: ؟(الممدود بالنُصرة يوم الكرّة)، ذلك هو نصرُ الحُسينِ، لأنَّ الحُسين سيرجع، فهناك نصرٌ للحسينِ، وهناك نصرٌ للدمِ الحُسيني، وكلاهما يشتملانِ على غلبةٍ عسكرية، على غلبة القوّة، أمّا الفتَح فالفتحُ هو الهداية، والهدايةُ لا تتحقَّق بشكلها الكامل إلَّا عند ظهور إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، فإنَّ مرحلة التأويل بدأت من يوم الغدير وهي في تكاملٍ حتَّى يظهرَ إمامُ زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، بعد التنزيل جاء التأويل الذي قَاتَلَ عليهِ سيِّدُ الأوصياء وقاتَلَ عليه سيِّدا شبابِ أهل الجنَّة إمامُنا الحسن وإمامنا الحُسين، كلُّهم قاتلوا على التأويل، ومرحلةُ التأويل في تكامُلٍ حتَّى يظهر إمامُ زمانِنا ليقُاتل أيضاً على التأويلِ في غايةِ كمالهِ، القتالُ كُلُّه هذا على التأويل، قِتالُ الحسنِ المجتبى وقتالُ الحُسينِ الشهيد وقِتالُ إمام زمانِنا هو قتالُ عليٍّ، هو قتالٌ على التأويل. فالنُصرة العسكرية شيء والفتح شيء، الفتح هو الهداية ولذا في سورة النصر: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ – بعد الفتح – وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً}. والنصرُ غيرُ الفتح، واضحٌ، أيضاً إذا ذهبنا إلى سورة الصف، في سورةِ الصف في الآيةِ الثالثةِ بعد العاشرة – {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} – نصرٌ من الله وفتح، النصر شيء والفتحُ شيء – {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} – بشر المؤمنين بماذا؟ بالفتح، بالهداية، بالنجاة. إذا قرأنا الآيات السابقة والآيات اللاحقة تتّضح الصورة جليّةً، في الآية التاسعة: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} – والآية واضحة تتحدَّث عن إمام زمانِنا، فمتى ظهرَ دينُ مُحَمَّدٍ على الدينِ كُلِّه؟ إنَّهُ لن يظهرَ إلّا على يَدِ إمام زمانِنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ} – هذا المصطلح دائماً يَرِد في أوّل زياراتِ أصحابِ الحُسين: ( السَّلامُ عَلَيْكُم يَا أَنْصَارَ الله )، وهم المثال الأكمل والمصداق الأعلى لهذا العنوان، المصداق الأكمل والأمثل لأنصار الله هم شُهداءُ كَربلاء، هم أصحابُ سيِّد الشُهداء صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، والحديثُ عن مغفرةٍ وعن فوزٍ وعن هدايةٍ، وهذا هو الفتح الذي تحدَّثَ عنه كتابُ سيِّد الشُهداء الذي بعثهُ من مكّة إلى المدينة إلى مُحَمَّدِ بن الحنفيّة. في سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً – هذا الفتح ما هو لرسول الله، هذا الفتحُ لنا، القُرآن نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة، هكذا يقولون هم صلواتُ اللهِ عليهم، نزلَ القُرآن بإيّاكِ أعني واسمعي يا جارة، الخطابُ للنَّبي لفظاً، مضموناً موجّهٌ لشيعةِ عليٍّ، إنَّا فَتَحنا لَكُم يَا أشْيَاعَ عَلِيٍّ فتحاً مُبيناً، الفتحُ المبين هو رسول الله، الفتحُ المبين مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّد، الفتحُ المبين إمامُ زمانِنا، إنَّا فَتَحنا لَكُم فَتحاً مُبيِناً، لأنَّنا إذا نستمرُّ في قراءة الآيات – لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} – متى أذنبَ رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وآلِه فكان له نذبٌ متقدّم وذنب متأخِّر؟ ماذا يقولون صلواتُ اللهِ عليهم؟ في (تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة)، عن إمامنا الهادي، عن المعصوم العاشر: (أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَولِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ – قلتُ عن المعصوم العاشر في سلسلة الأئمَّة الإثني عشر، وإلَّا هوَ المعصوم الثاني عشر في سلسلة المعصومين الأربعة عشر – أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَولِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} – ماذا قال إمامنا الهادي صلواتُ اللهِ عليه – وَأَيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِرَسُولِ الله مُتَقَدِّماً أو مُتَأَخِّراً وإنَّمَا حَمَّلَهُ الله ذُنُوبَ شِيعَةِ عَلِيٍّ مَنْ مَضَى مِنْهُم وَمَنْ بَقِي ثُمَّ غَفَرَهَا لَه) – هذا وجهٌ للآية ولكن بلسانِ إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة، الخطاب يكون لأشياعِ أهل البيت، إنَّا فَتَحنا لَكُم فَتحاً مُبينا، بماذا؟ بولايتكم لعليٍّ – {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} – النعمةُ تامّةٌ على رسول الله بل هو النعمةُ التامّة، نحنُ الذين بحاجةٍ إلى نعمةٍ تامّة. إذا ما ذهبنا إلى سورة المائدة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} – اليوم أنتم يا أشياعَ عليٍّ، اليوم أكملتُ لكم دينكم بوَلايةِ عليٍّ وأتممتُ عليكم نعمتي. {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ – نحنُ هؤلاء – وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ – نحنُ الذين تمّت النعمةُ علينا – وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً – الصراطُ المستقيم هو رسول الله، الصراط المستقيم مُحَمَّدٌ وآلُ مُحَمَّد، نحنُ الذين نُهدى إلى هذا الصراط المستقيم – وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً} – وهذا النصرُ العزيز إنّما يتحقَّقُ على يدِ إمام زمانِنا، هذا النصر العزيز هو نصرٌ للدمِ الحسيني، هو نصرٌ للمشروع الحسيني. الفتحُ هو في هذه المغفرة، الفتحُ في النجاة، الفتحُ في وَلاية عليٍّ، من كانَ على وَلاية الحُجَّةِ بنِ الحَسَن هو هذا الذي يبلغُ الفتح، ومن كان على وَلاية الحُسينِ في أيّامِ الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه هو هذا الذي يبلغُ الفتح، الإمام ماذا يقول؟ – (أمَّا بَعْد فَإنَّ مَنْ لَحِقَ بِي اسْتُشْهِد وَمَنْ لَم يَلْحَق بِي لَم يُدْرِك الفَتْح والسَّلام) – الذي لم يلحق بهِ لم يُدرك الفتح، أيُّ فتحٍ هذا؟ الفتحُ هي وَلايتهُ، وَلايةُ الإمام، هي وَلايةُ عليٍّ وآل عليّ، هي وَلاية إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، ونحنُ إذا أردنا أنْ نُسلّط الضوء على هذا التعبير – (أمَّا بَعْد فَإنَّ مَنْ لَحِقَ بِي اسْتُشْهِد) – ما معنى من لَحِقَ بي؟ ما هو اللحاق؟ أنا كما قُلت قبلَ قليل هذه كتب مُشفَّرة، تحتاج إلى قاعدةٍ لفكِّ هذه الرموز. إذا ذهبنا إلى الزيارة الجامعة الكبيرة والتي هي القول البليغُ الكامل، الزيارة الجامعة الكبيرة تشرحُ لنا معنى اللحاق – (فَالرَّاغِبُ عَنْكُمْ مارِقٌ – الذي يرغبُ عنكم مارق – وَاللازِمُ لَكُمْ لاحِقٌ وَالمُقَصِّرُ فِي حَقِّكُمْ زاهِقٌ – اللازمُ لكم، كيف يكونُ لازماً؟ لازماً بعقلهِ وبقلبهِ وبلسانهِ وبيدهِ، لا ينفكُّ عنكم في أيِّ حالٍ من الأحوال ملازمة – وَاللازِمُ لَكُمْ لاحِقٌ – الذي يلحقُ بالحُسين ويُستشهد من هو؟ اللازمُ لهُ بغضِّ النظرِ أنَّه حضر في كربلاء أم لم يحضر. إذا نذهب إلى الصلوات التي تُقرَأ في شهرِ شعبان وهي من أفضل أدعية أيّام شهر شعبان المرويَّة عن إمامنا السجاد صلواتُ اللهِ عليه، أنا أقرأ من مفاتيح الجنان الآن: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد الفُلْكِ الجَارِيَة فِي اللُجَجِ الغَامِرَة يَأمَنُ مَنْ رَكِبَهَا ويَغْرَقُ مَنْ تَرَكَهَا، الْمُتَقَدِّمُ لَهُم مَارِقْ والمُتَأخِّرُ عَنْهُم زَاهِقْ واللَّازِمُ لَهُم لَاحِقْ) – اللازمُ لهم هو الذي يلحقُ بهم. حينَ يقول سيِّد الشهداء هنا: (مَنْ لَحِقَ بِي اسْتُشْهِد) – الذي يلحقُ بسيِّد الشُهداء هو اللازمُ لهُ، وليسَ بالضرورةِ أنْ يكونَ موجوداً في أرضِ الطفوف، قطعاً الذينَ وُجِدوا معهُ في أرض الطفوف هذا المعنى، معنى اللازميَّة يتجلَّى فيهم في أعلى الرُّتَب والدرجات. في الكافي الشريف والروايةُ عن مُحمَّد بنِ سِنان عن إمامنا الجواد التي يقولُ فيها إمامنا الجواد: (يَا مُحَمَّد إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى لَمْ يَزَل مُتَفَرِّداً بَوحْدَانِيَّتِهِ ثُمَّ خَلَقَ مُحَمَّداً وعَلِيَّاً وفَاطِمة فَمَكَثُوا أَلفَ دَهر ثُمَّ خَلَقَ جِمِيعَ الأشياء فَأَشْهدَهُم خَلْقَهَا وَأَجرَى طَاعَتَهُم عَلَيهَا وَفَوَّضَ أُمورَها إِلَيهِم فَهُم يُحِلُّونَ مَا يَشَاءُون ويُحَرِّمُونَ مَا يَشَاءُون وَلنْ يَشَاءوا إلَّا أنْ يَشَاءَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: يا مُحَمَّد – يُخاطب ابنَ سِنان، الروايةُ عن مُحمَّدِ بنِ سِنان – ثُمَّ قَالَ: يا مُحَمَّد هَذِهِ الدِّيَانَةُ – التي مرَّ الحديثُ عنها – هَذِهِ الدِّيَانَةُ الَّتِي مَنْ تَقَدَّمَها مَرَق وَمَن تَخَلَّفَ عَنْهَا مَحَقْ وَمَنْ لَزِمَهَا لَحِق، خُذْهَا إِلَيك يا مُحَمَّد) – ومن لَزِمَها لَحِق، على طولِ الخط، أخذنا مِصداقاً من الزيارات، أخذنا مصداقاً من الأدعية في صلوات شهر شعبان وهذا مصداق من الروايات والأحاديث. في ثقافة أهل البيت مُصطلح اللحوق بهم هو الملازمة لهم، الملازمة العقليّة، القلبيّة، الوجدانية، القولية، من أراد أن يستكمل الإيمانَ كُلَّ الإيمان ماذا يقول؟ (فليَقُل القولُ منِّي ما قَالَهُ آلُ مُحَمَّد، ما بلغني عنهم وما لم يبلغني، ما أسرّوا وما أعلنوا)، هذهِ هيَ الملازمة، الملازمة التعبير الجميل الذي يتردَّد في زياراتهم: (مَعَكُمْ مَعَكُم لا مَعَ غَيرِكُمْ) – من ينطبق عليهِ هذا العنوان هو هذا الذي يكونُ مُلحَقاً بسيِّد الشُهداء صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. في كامل الزيارات زيارة مروية عن إمامنا الصادق صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، زيارةٌ لسيِّد الشُهداء وهي زيارةٌ مهمّة جدّاً، على نفس النسق والمضمون الذي مرَّ الحديثُ عنه قبلَ الفاصل، مِمّا جاء في هذه الزيارة، يقول إمامنا الصادق للزائر، يقول لنا: (ثُمَّ اِمْشِي قَليلاً فَكَبِّر سَبْعاً وهَلِّلْ سَبْعاً وَاَحْمَد اللهَ سَبْعاً وَسَبِّح الله تَعَالَى سَبْعاً وَأَجِبهُ سَبعاً – أَجِبهُ سبعاً، ما المراد؟ قُلْ لبّيكَ داعي الله، يعني هذهِ العِبارة بنفسِ المستوى، نفس المضمون، كَبِّر سبعاً، هَلِّل سبعاً، واحمد الله سبعاً، وسبح الله تعالى سبعاً، وأجبهُ سبعاً، أجب الحُسين، قُل لبيّك داعي الله سبعاً، هو في الزيارة هكذا موجود – وَأَجِبهُ سَبعاً لَبّيكَ دَاعِيَ الله إنْ كَانَ لَمْ يُجِبكَ بَدَنِي فَقَد أَجَابَكَ قَلْبِي وِشَعْرِي وبَشَرِي وَرَأيِي وهَوايَ عَلَى التَّسْلِيم – العبارات الأخرى مُهمّة جدّاً، لكنَّني لا أجدُ وقتاً لقراءتها والزيارة من الزيارات المهمَّة، لكن هذهِ الكلمات تُشير إلى نفس المضمون الذي أشرتُ إليهِ قبلَ قليل، الملازمة – لَبّيكَ دَاعِيَ الله – بنفسِ مستوى التكبير، بنفسِ مستوى التهليل، لبيك داعي الله والتكبير بمعنىً واحد، ولذلك كَبِّر سبعاً وأجبه سبعاً، قل لبيك داعي الله سبعاً – إنْ كَانَ لَمْ يُجِبكَ بَدَنِي فَقَد أَجَابَكَ قَلْبِي وِشَعْرِي وبَشَري – يعني ملازمَة باطنيّة وظاهريّة، ملازمَة جسديّة ومعنويّة، ملازمَة عاطفيّة وفكريّة – وَرَأيِي وهَوايَ – الرأي إشارة إلى الفِكر والعقيدة، والهوى إشارة إلى العاطفة – وَرَأيِي وهَوايَ عَلَى التَّسْلِيم لَكَ يَا سَيِّدَ الشُهَدَاء). هذهِ المضامين واضحة في زياراتهم، في أدعيتهم، في رواياتهم، ومرّت علينا هذهِ الرواية في نهجِ البلاغةِ الشريف، ماذا تقول هذهِ الرواية؟ بعد أنْ انتصر الجيشُ العلويّ على زُمرة النفاقِ في واقعة الجمل، فماذا قالَ أحدُ أصحابهِ له؟ – (وَدَدْتُ أنَّ أَخِي فُلاناً كَانَ شَاهِدَنَا لِيرَى مَا نَصَرَكَ اللهُ بِهِ عَلَى أَعْدَائِك – ماذا قال الأمير؟ – أَهَوَى أَخِيكَ مَعَنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَد شَهِدَنا، فَقَد شَهِدَنا – الإمام هنا استعملَ حرف تحقيق وقوع الفِعل، قد؛ إذا سبقت الفعل الماضي فإنّها تُفيد تحقيق وقوع الفِعل، بينما إذا سبقت الفعل المضارع تُفيد التقليل، قد يشهَدُنا احتمال، قَد شَهِدَنا أكيد مئة في المئة، قد هُنا لتحقيق وقوع الفِعل – فَقَد شَهِدَنا وَلَقَد شَهِدَنا فِيْ عَسْكَرِنَا هَذَا أَقْوَامٌ فِيْ أَصْلاَبِ الرِّجَالِ وأَرْحَامِ النِّسَاء سَيرْعَفُ بِهِم الزَّمَان وِيَقْوَى بِهِم الإِيْمَان). نفس الكلام في النُهرَوان أيضاً عن أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، لكن الكلام هنا بشكلٍ أكثر تأكيداً – ( لَمَّا قَتَلَ أمَيرُ المؤمنين الخَوَارِج يَوم النُهْرَوان قَامَ إِلِيهِ رَجُل فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنين طُوبَى لَنَا – الرواية في محاسن البرقي – يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنين طُوبَى لَنَا إِذْ شَهِدْنَا مَعَكَ هَذَا الْمَوقِفْ وَقَتَلْنَا مَعَكَ هَؤُلاءِ الخَوارِج، فَقَالَ أَميرُ الْمُؤمِنين صَلَواتُ اللهِ عَلَيه: والَّذِي فَلَقَ الحَبَّة وَبَرَأ النَّسْمَة أو النَّسَمَّة لَقَد شَهِدَنَا فِي هَذَا الْمَوقِفْ أُنَاسٌ لَمْ يَخْلق اللهُ آبَائَهُمْ – إلى الآن آباؤُهم ليس في الدُنيا – لَمْ يَخْلق الله آبَائَهُم ولَا أَجْدَادَهُم بَعْد، فَقَالَ الرَّجُل: وكَيفَ شَهِدَنَا قَومٌ لَمْ يُخْلَقُوا؟ قَالَ: بَلَى قَومٌ يَكُونُونَ في آخِرِ الزَّمَانْ يَشركُونَنَا فِيمَا نَحنُ فِيه وَيُسَلِّمونَ لَنَا – التسليم هو الملازمَة، واللازم لكم لاحِق – وَيُسَلِّمونَ لَنَا فَأُولَئِكَ شُرَكَاؤُنَا فِيمَا كُنَّا فِيهِ – ماذا يقول الأمير؟ – حَقَّاً حَقَّا – تأكيدٌ قاطع، الرواية تتحدَّث عن قانونِ الأصلاب الذي مرَّ الحديث عنه بشكلٍ واضح، والرواية أيضاً تدفعُنا لأنْ نعيشَ حقيقةً هذا المعنى، أنْ نعيش حقيقةً أنْ نكون معهم دائماً، ليست القضيّة قضيّة مزاجية، ليست القضيّة قضية تعبير إنشائي، ليست القضيّة أن تكون العلاقة معَ أهل البيت كبقيّة العلاقاتِ مع سائرِ الكائنات، العلاقات معَ سائر الكائنات من البشرِ أو غيرِ البشر، العلاقات مع كُلِّ الأشياء، الأشياء التي لها قيمة في نظرِ الناس أو التي ليست لها قيمة في نظرِ الناس، هذهِ العلاقات علاقات منتهية، لها صلاحية مُعيَّنة وتنتهي، إذا كان لبعض هذهِ العلاقات صلاحية طويلة فإنّها تنتهي عند الموت، حينَ يموت الإنسان تنتهي، وإلّا أكثر هذهِ العلاقات لها صلاحية محدودة، حتَّى العلاقات مع البشر لها صلاحية محدودة، عند نقطةٍ مُعيّنة وتنقطع، العلاقة الوحيدة التي ليست لها صلاحية محدودة وفيها ضمان ثابت العلاقة مع مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد، فقط هيَ هذهِ العلاقة، وسعيدٌ ذلك الذي يعرفُ هذهِ الحقيقة ويعيش معَ هذهِ الحقيقة، بقيّة العلاقات بكلِّ أشكالها علاقات (expired) ، منتهية، لها زمان صلاحية معيّن، حتَّى لو كان زمان الصلاحية طويلاً جدّاً، عندَ الموت، عند اللحظات الأخيرة ينتهي كلُّ شيء، أصلاً ليس علاقات الإنسان، الإنسان يتحوّل إلى كائن (expired)، تنتهي صلاحيّتُهُ ولذا يموت، لو كانت فيه صلاحية باقية لأبقاهُ الله، العلاقات كُلّها (expired) ، لها زمان وتنتهي، العلاقة الوحيدة الثابتة المضمونة هيَ العلاقةُ مع إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، هذهِ علاَقة فيها (گَرَنْتِي) – فَأُولَئِكَ شُرَكَاؤُنَا فِيمَا كُنَّا فِيهِ حَقَّاً حَقَّا). رواية يرويها شيخنا الصدوق عن أمير المؤمنين، الرواية طويلة، آخذ منها فقط هذهِ العبارة لأنّني أرى الوقت يجري سريعاً وعندي مطالب أخرى أريد أنْ أضعها بينَ أيديكم، ماذا يقول سيِّدُ الأوصياء؟ – (الآخِذُ بِأَمْرِنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظيرَةِ القُدْس – هذا هو (الگَرَنْتي) الذي أشرتُ إليهِ قبلَ قليل – الآخِذُ بِأَمْرِنَا – آخذ، مُتَمسِّك، لازم، واللازم لكم لاحِق – الآخِذُ بِأَمْرِنَا مَعَنَا غَداً فِي حَظيرَةِ القُدْس والْمُنْتَظِرُ لأَمرِنَا – أيضاً لازِم، المنتظر هو ملتزمٌ بالانتظار – والْمُنْتَظِرُ لأَمرِنَا كَالمُتَشَحِّطِ بِدَمِه فِي سَبِيلِ الله). ومرَّت علينا أيضاً هذهِ العبارات حينما جاء جابر الأنصاري إلى كربلاء بمعيّة عطية العَوفي، لَمَّا تَوجّه لزيارة الشُهداء: (السَّلَامُ عَلَيكُم أيَّتُها الأَرْوَاح الَّتِي حَلَّت بِفِنَاءِ الْحُسَينْ وأَنَاخَت بِرَحْلِه – إلى أن يقول، يُخاطِبُهُم – والَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيَّا لَقَد شَارَكْنَاكُم فِيمَا دَخَلتُم فِيه – وجابر كان ضريراً ولم يَكُن موجوداً في الطفوف وهيَ حقيقةٌ، هذا الكلام ينطبق على مُحمَّد بنِ الحنفيّة وهوَ في المدينة، وهذا الكلام ينطبق على المُختار الثقفي وهو في السجن – والَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيَّا لَقَد شَارَكْنَاكُم فِيمَا دَخَلتُم فِيه، قَالَ عَطِيَّة: فَقُلتُ لَهُ يَا جَابِر كَيف ولَم نَهبِط وَادِياً وَلَم نَعْلوا جَبَلاً وَلَم نَضْرِب بِسَيف وَالقَوم قَدْ فُرِّقَ بَينَ رُؤُوسِهِم وأَبْدَانِهِم وَأُوتِمَت أَولَادُهُمْ وَأُرْمِلَت أَزْوَاجُهُمْ، فَقَالَ لِي: يا عَطِيَّة سَمِعتُ حَبِيْبِي رَسُولَ الله يَقُول: مَنْ أَحَبَّ قَوماً – صَادِقَاً في حُبِّهِ، من أحبَّهُم حُبَّاً حقيقياً – مَنْ أَحَبَّ قَوماً حُشِرَ مَعَهُمْ ومَنْ أَحَبَّ عَمَلَ قَومٍ أُشْرِكَ فِي عَمَلِهِمْ، والَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالحَقِّ نَبِيّاً إنَّ نِيَّتِي ونِيَّةَ أَصْحَابِي عَلَى مَا مَضَى عَلَيهِ الحُسَينُ وأَصْحَابُهُ) صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. أعتقد أنّ المعنى بدأ يتجلّى بشكلٍ واضح، وستأتينا نصوصٌ بعد قليلٍ تؤيّدُ هذهِ الحقيقة مِنْ أنَّ الاستشهاد مع الحُسينِ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه يتحقّقُ في أزمنةٍ أخرى، في أمكنةٍ أخرى، بشرطِ أنْ يَكونَ قد التحقَ بالحُسين، إنّما يلتحقُ بالحُسين إذا كانَ لازماً لهُ، ماذا يقول سيِّدُ الشُهداء؟ (فَإنَّ مَنْ لِحِقَ بِي اِسْتُشْهِدْ – من كانَ لازماً للحُسينِ – وَمَنْ لَم يَلْحَق بِي لَمْ يُدْرِك الفَتْح) – أيُّ فتحٍ؟ الكلام الذي تقدَّم قبل قليل في سورة السجدة حينما يكون الحديث عن يوم الفتح وفي يوم الفتحِ حينئذٍ لا ينفعُ الذينَ كفروا إيمانَهم، لا ينفع الذين كفروا إيمانهم لأنَّ يوم الفتح هو يومُ الهِدايةِ، الآيات التي مرَّت علينا قبلَ قليل: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ} – هناك ارتباطٌ واضحٌ بين يومِ الفتحِ وبينَ الإيمانِ وبينَ الانتظارِ في هذهِ الآيات، والكلامُ هُو هو أشار إليه سيِّد الشُهداء ولكنّهُ أشار إليه بشكلٍ مُجمل: (أمَّا بَعدُ فَإنَّ مَنْ لِحِقَ بِي اِسْتُشْهِدْ وَمَن لَم يَلْحَق بِي لَمْ يُدْرِك الفَتْح والسَّلام). وعلى نفسِ هذا النسق في أجواءِ الأدعيةِ والزيارات، الحديث في هذهِ الحلقة عن قانون الأدعيةِ والزيارات، عن الأسس الموجودة في ثقافةِ أدعيتهم وزياراتهم صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين، بشكل إجمالي وسريع نُحاكم ثورة المُختار وشخصيّة المُختار في أجواء زياراتهم الشريفة وهو استمرارٌ للكلام المتقدِّم لبيان معنى الفتح ومعنى اللحوق بهم صلواتُ اللهِ عليهم، في نفس هذا الجو لكن هُنا مُحاكمة سريعة لثورة المُختار وشخصيّة المُختار، من نفس الزيارة السابقة التي قرأت منها مقطعاً قبلَ قليل (ثُمَّ امشي قليلاُ فكبّر سبعاً وهلّل سبعاً) إلى آخر ما مرَّ ذكرهُ من نفسِ هذهِ الزيارة المرويَّة عن إمامنا الصادق، هكذا نُخاطبُ سيِّد الشُهداء: ( يَا ابنَ رَسُولِ الله أَشْهَدُ أنَّ لَكَ مِنَ اللهِ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ والفَتْح – النصر؛ نصرٌ لدمهِ على يدِ الإمام الحُجَّة، ونصرٌ لهُ، نصرٌ لدمهِ، نصرٌ لمشروعهِ، وهو المشروع الحسيني المهدويّ، ونصرٌ لهُ، للحُسينِ الممدود بالنُصرة يَومَ الكرّة في الرجعة، وأمَّا الفتح فهو نفس الفتح الذي في سورة الفتح: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِينا} – هو فتحٌ لنا، هو وَلايتُهم، هو مودّتهم، الفتح، هم الفتح بالنسبةِ لنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين – أَشْهَدُ أنَّ لَكَ مِنَ اللهِ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ والفَتْح وأنَّ لَكَ مِنَ اللهِ الوَعدُ الحَقَّ في هَلَاكِ عَدُوِّك – وهذا المعنى تجلَّى بشكلٍ عملي على يدِ المُختار الثقفي، من هو العدو المباشر الذي قتلَ الحُسين؟ شِمر وبعدهُ عُمر بن سعد وبعدهُ عُبيدُ الله بن زياد، هذا الثُلاثي، هذا الثُلاثي هو الثُلاثي المباشر لقتل الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه، شِمر، عُمر بنُ سعد، عُبيدُ الله بن زياد، هذا الثُلاثي الذي قتل الحُسين، صحيح كلّ الذين حضروا في كربلاء هم قَتَلَةُ الحُسين، لكن منْ هوَ القاتل المُباشر؟ القاتل المباشر هذا الثلاثي، هؤلاء الثلاثة هم الذين قتلوا الحُسين، هو صحيح أنَّ السقيفة قتلت الحُسين وأنَّ الحُسين قُتِل يومَ كُتِب الكتاب، وقبل السقيفة حينما كُتِبت الصحيفة، لكن الذينَ قتلوا الحُسين بشكلٍ مباشر هؤلاء الثلاثة: ابنُ زياد، ابنُ سعد، وشمر لعنةُ الله عليهم – وأنَّ لَكَ مِنَ اللهِ الوَعدُ الحَقَّ في هَلَاكِ عَدُوِّك وَتَمَامِ مَوعِدِهِ إِيَّاك – تمام موعدهِ إيّاك؛ في ظهور إمام زمانِنا وفي الرجعةِ. الكلام هنا في هذهِ العِبارة، هذه العبارة مهمَّة جدّاً، التفتوا إليها: أَشْهَدُ أنَّهُ قَاتَلَ مَعَك رِبِّيُّونَ كَثِير – أينَ هؤلاء الرِّبِّيُون الكثير؟ أينَ قاتلوا؟ هل كان هُناك من رِبِّيِّين كثير في كربلاء؟ أليس شعار الحُسين: (هَلْ مِنْ نَاصِرٍ يَنْصُرنِي؟ – يبحثُ عن ناصرين – هل من ذابٍّ يذبُّ عن حُرَمِ رَسُولِ الله، هل مِن مُوحِّدٍ يَخَافُ الله فِينا، هَلْ مِنْ نَاصِرٍ يَنْصُرنِي، واقلَّة ناصرَاه) – أليس هذهِ الكلمات التي كانَ يردِّدُها سيّدُ الشُهداء؟ الصفة الواضحة في المعسكر الحسيني قلَّةُ الناصر، فأين هؤلاء الرِّبيّون الكثير الذين قاتلوا مع الحُسين؟ هذا كلامُ الصادق، المصدر كاملُ الزيارات، أوثق مصادرنا الحديثية – أَشْهَدُ أنَّهُ – تُخاطِب الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه بشكلٍ قاطع – أَشْهَدُ أنَّهُ قَاتَلَ مَعَك رِبِّيُّونَ كَثِير كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ} – أينَ هؤلاء الرّبيون الكثير الذين قاتلوا مع الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه؟ أتعرفون ما معنى رِبِّيون؟ لنذهب إلى كلماتهم، نحنُ لا نخرج، نحن من الكتابِ إلى العترة ومن العترةِ إلى الكتاب، وهذهِ ثقافة عليٍّ وآلِ عليّ، ماذا يقول أئمَّتنا في معنى رِبِّيُّونَ كَثير؟ رِبِّيُّون؛ رِبِّيُّون جمعٌ لرِبِّي، ما المراد من كلمة رِبِّي؟ عن إمامنا الصادق في تفسير العيّاشي في معنى رِبِّيُّونَ كثير: (قَالَ: أُلُوْفٌ وَأُلُوف) – وأُلُوف هي أعلى الأرقام عندَ العرب. وفي تفسير القمّي أيضاً عنهم صلواتُ اللهِ عليهم: (والرِبِّيُّون الجمُوع الكَثِيرَةُ – جموع كثيرة – والرِّبْوَة الوَاحِدَة عَشَرَةُ آلاف) – الربوة الواحدة عشرة آلاف، فما بالك بربّيين وكثير؟ – أَشْهَدُ أنَّهُ قَاتَلَ مَعَك رِبِّيُّونَ كَثِير – يعني آلاف وآلاف وآلاف، أين هؤلاء الآلاف؟ هذهِ الأعداد الكثيرة أين؟ أليس المُختار من أوضح المصاديق، التوّابون أيضاً يدخلون في هذا الوصف، ولكن من الذي قاتَل قَتَلَة الحُسين وقتلهم؟ المُختار الثقفي والذين نصروه، أوّل مِصداق من مصاديق الربِّيين الكثير الذين قاتلوا مع الحُسين المُختار الثقفي، وإلّا كيف تفهمون هذهِ الزيارة باللهِ عليكم؟ هل تستطيعونَ أنْ تقولوا بأنَّ المُختار ليس داخلاً في هذهِ الزيارة؟ فمن هم هؤلاء الربِّيون الكثير الذينَ قاتلوا مع الحُسين وقتلوا قَتَلَته؟ – أَشْهَدُ أنَّهُ قَاتَلَ مَعَك – يا حُسين – رِبِّيُّونَ كَثِير -: لا أعتقد أنْ مُنصِفاً يستطيع أنْ يُخرج المُختارَ والذينَ كانوا معه مِنْ هذا الوصف ومن هذا المعنى القُرآني الصريح ومن هذا المعنى المعصومي الواضح في هذه الزيارة المرويّة عن إمامنا الصادق صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. أمّا إذا ذهبنا إلى زيارة عاشوراء المعنى يتجلَّى أكثر، أصلاً زيارة عاشوراء ستكونُ شرحاً لهذا المقطع مِنْ هذهِ الزيارة الصادقية، وزيارة عاشوراء هي الأخرى مرويّةٌ عن الباقرِ وعن الصادق، كلامهم واحد، عاشوراء وأجواء عاشوراء، هذا هو مفاتيح الجنان في أجواءِ عاشوراء، ماذا تقول كلماتهم الشريفة تحتَ عنوان أعمال يوم عاشوراء؟ إقرأوا هذهِ الرواية موجودة في المفاتيح – (ومَنْ وُفِّقَ في هَذِهِ الليلَة – من وُفِّقَ في هذه الليلة، أي ليلة؟ ليلة عاشوراء – ومَنْ وُفِّقَ في هَذِهِ الليلَة لِزِيَارَةِ الحُسَينِ عَلَيهِ السَّلام بِكربلاء والمَبِيت عِندَهُ حَتَّى يُصْبِح – انتبهوا لهذه الكلمة، كلمة خطيرة جدّاً هذهِ الكلمة – ومَنْ وُفِّقَ في هَذِهِ الليلَة لِزِيَارَةِ الحُسَينِ عَلَيهِ السَّلام بِكربلاء والمَبِيت عِندَهُ حَتَّى يُصْبِح حَشَرَهُ الله يَومَ القِيَامَةِ مُلطَّخاً – بأيِّ شيء؟ قبلَ قليل مرّت علينا الرواية أنَّهُ من كان مُنتظراً لأمرنا ومات مُنتظراً على أمرنا يموتُ كالمُتشحِّطِ بدمهِ في سبيلِ الله، هذا المضمون واضح، مُتشحِّط بدمهِ، بدمهِ هو، لكن الكلام هُنا – حَشَرَهُ الله يَومَ القِيَامَةِ مُلطَّخاً بِدَمِ الحُسَين فِي جُملَةِ الشُهدَاءِ مَعَه – كلام في غاية الخطورة، هذا الكلام لا يكفي الوقت لشرحهِ، هذهِ العبارات بحاجة إلى برنامج أطول من برنامج المُختار لشرحها، هوَ نفس الكلام المتقدِّم في معنى الفتح، أليس هو هذا الفَتح، الفتح هو وَلايتهم، الفتح هم بالنسبة لنا – ومَنْ وُفِّقَ في هَذِهِ الليلَة لِزِيَارَةِ الحُسَينِ عَلَيهِ السَّلام بِكربلاء والمَبِيت عِندَهُ حَتَّى يُصْبِح حَشَرَهُ الله يَومَ القِيَامَةِ مُلطَّخاً بِدَمِ الحُسَين عَلَيهِ السَّلام في جُملَةِ الشُهدَاءِ مَعَه). في زيارة عاشوراء النَّص: (قَالَ عَلقَمَة بنُ مُحَمَّد الحَضرَمي: قُلتُ للبَاقر صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه: عَلِّمْنِي دُعَاء – والإمام يُعلِّمهُ الدعاء المعروف بدعاء علقَمَة الذي يُقرَأ بعد زيارة عاشوراء، موجود كُلُّ ذلك في المفاتيح، يمكنكم أنْ تُراجعوه، ما عندي وقت أن أشير إلى كلِّ المسائل الصغيرة، فإذا ما قرأ زيارة عاشوراء وقرأ الدعاء ماذا يقول الإمام؟ يقول: (وَكُنتَ كَمَن استُشْهِدُوا مَعَه – كمن استُشهِدوا مع الحُسين – تُشَارِكُهُم في دَرَجَاتِهِم ومَا عُرِفتَ إلَّا فِيْ زُمرَةِ الشُهَدَاءِ الَّذِينَ اِسْتُشْهِدُوا مَعَه – معاني عميقة جدّاً هذهِ، هو هذا الفتح الذي جاء في كتاب سيّدِ الشُهداء، واللازمُ لهم لاحق، هذا هو اللحوق بسيِّد الشُهداء – وَكُنتَ – كما يقول باقر العلوم – كَمَن استُشْهِدُوا مَعَه تُشَارِكُهُم في دَرَجَاتِهِم ومَا عُرِفتَ إلّا في زُمرَةِ الشُهَدَاءِ الَّذِينَ اِسْتُشْهِدُوا مَعَه – هذا لمن؟ ذاك الذي يبيت ليلة عاشوراء عند الحُسين، قطعاً لابُدَّ أنْ يكون عارفاً بحقِّه، مَنْ زار الحُسين عارفاً بِحقِّهِ يُحشَرُ مع الشُهداء الذين استشهدوا في أرض الطفوف بين يَدَيّ سيِّد الشُهداء مُلطّخاً بدمِ الحُسين، أمَّا الذي يقرأ زيارة عاشوراء ودعاء علقمَة ولا يُشتَرَط أنْ تقرأ إلّا في كربلاء، إلّا في الحرم الحُسيني، في أيِّ مكانٍ من الأرض يُحشَر مع شُهداء الطفوف – وفي دَرَجَاتِهِم ومَا عُرِفتَ إلّا في زُمرَةِ الشُهَدَاءِ الَّذِينَ اِسْتُشْهِدُوا مَعَه – والقضيّة عاطفيّة نظريّة، فما بالك بالمُختار الثقفي الذي عاشَ الألم الحُسيني بكُلِّ تفاصيلهِ، وكانت بدايةُ المشروع الحسيني في العراق، خرجت من دارهِ حين قَدِم مُسلم بن عقيل إلى دارِ المُختار، فماذا تقولون عن المُختار؟ هذهِ المعاني ألا تنطبقُ عليه؟ إذا ذهبنا إلى ما قالهُ إمامنا الصادق عن زيارة عاشوراء، ماذا يقول إمامنا الصادق وهو يُخاطب صفوان: (ثُمَّ قَالَ صَفْوان قَالَ الصَّادِقُ عَليه السَّلام: تَعَاهَد هَذِهِ الزِّيَارَة وَادْعُو بِهَذَا الدُّعَاء – أيّ دُعاء؟ دعاء علقمَة – وزُرَ بهِ فَإنِّي ضَامِنٌ – الإمام ضامن – فَإنِّي ضَامِنٌ – هذهِ الجِهة التي تُعطي ضَمانات كما قلتُ قبلَ قليل، كلَّ العلاقات ( expired ) ، الجهة الوحيدة التي تُعطي (گَرَنْتي) ثابت هيَ هذهِ الجِهَة – فَإنِّي ضَامِنٌ عَلَى الله لِكُلِّ مَنْ زَارَ بِهَذِهِ الزِّيَارَة ودَعا بِهَذَا الدُّعَاء مِنْ قُربٍ أو بُعْد أنَّ زِيَارَتَهُ مَقْبُولَة وَسَعْيَهُ مَشْكُور وَسَلَامَهُ وَاصِل – واصِل إلى الحُسَين – غَيرُ مَحْجُوب وحَاجَتَهُ مَقْضِيَّة مِنَ الله تَعَالَى بِالِغَةً مَا بَلَغَت ولا يُخَيِّبُه، يَا صَفْوان – الإمام يقول لصفوان، إمامنا الصادق – وَجَدتُ هذهِ الزِّيَارَة مَضْمُونَةً بِهَذا الضَّمَانْ عَنْ أَبِي وَأَبِي عَنْ أَبِيه عليِّ بنِ الحُسَين مَضْمُوناً بِهَذا الضَّمَان عَنِ الحُسَين والحُسَينُ عَنْ أَخِيهِ الحَسَنْ مَضْمُوناً بِهَذا الضَّمَانْ والحَسَن عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنينْ مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانْ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِين عَنْ رَسُولِ الله صلَّى اللهُ عَلَيهِم جِمِيعاً مَضْمُوناً بِهَذَا الضَّمَانْ وَرَسُولِ الله عَن جَبرَائِيل مَضْمُوناً بِهَذا الضَّمَانْ وَجَبرَائِيل عَنِ اللهِ تَعَالَى مَضْمُوناً بِهَذا الضَّمَانْ) – الرواية طويلة، يمكنكم أنْ تقرأوها في مفاتيح الجِنان، موجودة بعد ذكر زيارة عاشوراء والدعاء الذي يُقرَأ بعدها، هذا النَّص نصٌّ مضمون، فيه ضمان، الضمان ليس للألفاظ، الضمان للإنسان ويقينهِ وإيمانهِ ومعتقدهِ وعاطفتهِ وألمهِ الحُسيني، الألفاظ لا قيمةَ لها إذا ما قيستْ بالحقائق، الألفاظ مجرَّد ألفاظ تُشير إلى حقائق، الضمان هُنا للحقائق. إذا ما ذهبنا إلى زيارة عاشوراء التي هيَ ساطعةٌ بالبراءةِ واللعن، الأسماء الواضحة التي لُعنت وتكرّر لعنُها الثلاثة الذين مرَّت الإشارة إليهم: (ولَعَنَ اللهُ بنَ مَرْجَانَة وَلَعَنَ اللهُ عُمَرَ بْنَ سَعْد وَلَعَنَ اللهُ شِمْراً – هؤلاء الذين صُرِّح بأسمائِهم بشكلٍ شخصي – ولَعَنَ اللهُ آلَ زِيَادٍ وآلَ مَرْوَان ولَعَنَ اللهُ بَنِي أُمَيَّةَ قَاطِبَة – بالمُجمل ولكن التركيز على مَن؟ على هؤلاء الثلاثة الذين باشروا قتل الحُسين صلوات اللهِ وسلامُه عليه – وهَذا يَومٌ فَرِحَت بِه آلُ زِيَاد وآلُ مَرْوَان) – الذي قَاتَلَ آلَ زياد وآل مروان بعد الحُسين من؟ الذي قاتَلَهم هو المُختار وقتلهم، قَتَلَ عُبيدَ الله بنَ زياد وقتلَ عُمر بن سعد وقَتَل شِمراً، هؤلاء الذين نحنُ نتبرّأ منهم في زيارة عاشوراء براءةً نظريّة، براءةً عاطفيّة، الذي تبرّاء منهم براءةً عمليّة وفعليّة هو المُختارُ الثقفي، أفلا يكون من ضمنِ مصاديق ما مرَّ في الزِّيارة الصادقيَّة المتقدّمة الذِكر؟ – (أَشْهَدُ أنَّه قَاتَلَ مَعَك رِبِّيُّونَ كَثير) مَنْ هُم هؤلاء الربّيون الكثير؟ أليس المُختار هو أجلى هذهِ المصاديق؟ وهذا الكلام أيضاً يتكرّر، هُناك لعن متكرّر لعُبيد الله بن زياد ولعُمر بن سَعد ولشمر بن ذي الجوشن، ويزيد أيضاً يَرِد ذكرهُ ولكن يزيد في زمن ثورة المُختار لم يكن موجوداً، الذينَ كانوا موجودين هؤلاء الثلاثة، عُبيدُ الله بن زياد وعُمر بنُ سعد وشِمر بن ذي الجوشن، الذينَ قتَلَهُم المُختار رضوان الله تعالى عليه. إذا ذهبنا إلى الزيارة الجامعة لأئمَّة المؤمنين، هي موجودةٌ في المفاتيح أيضاً، الزيارةُ الجامعةُ لأئمَّة المؤمنين فيها نصٌّ واضحٌ جدّاً: (فَنَحنُ نُشْهِدُ الله أنَّا قَد شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُم وأَنْصَارَكُمْ – بماذا شاركناهم؟ – فَنَحنُ نُشْهِدُ الله أنَّا قَد شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُم وأَنْصَارَكُمْ الْمُتَقَدِّمِين – بأيِّ شيءٍ؟ – فِي إِرَاقَةِ دِمَاءِ النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ والمَارِقِينْ – ماذا تقول الزيارة؟ – فَنَحنُ نُشْهِدُ الله أنَّا قَد شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُم وأَنْصَارَكُمْ الْمُتَقَدِّمِين فِي إِرَاقَةِ دِمَاءِ النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ والمَارِقِينْ – الجَمَل، صِفّين، النهروان، في هذهِ المعارك من كانَ موجوداً؟ سيّدُ الأوصياء، الإمام المُجتبى، وسيِّدُ الشُهداء، كانوا موجودين، والذينَ قَاتَلُوا في هذهِ المعارِك هُم تحتَ راية سيِّد الأوصياء، ونحنُ هنا نقول: فَنَحنُ نُشْهِدُ الله أنَّا قَد شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُم وأَنْصَارَكُمْ الْمُتَقَدِّمِين فِي إِرَاقَةِ دِمَاءِ النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ والمَارِقِينْ وَقَتَلَةِ أَبِي عَبدِ الله سَيِّدِ شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ عَلَيهِ السَّلام يَومَ كَربَلاء – بأيِّ شيءٍ شَارَكنا؟ – بِالنِّيَّاتِ والقُلُوبِ والتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ تِلْكَ الْمَوَاقِف الَّتِي حَضَرُوا لِنُصْرَتِكُمْ – الزيارة تتحدَّث عن أنَّنا نُشارك أولياءَهُم وأنصارهم ونتأسَّف على ذلك ونشارك بالنيّات الذين قاتلوا – النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ والمَارِقِينْ وَقَتَلَةِ أَبِي عَبدِ الله – صحيح الذين حضروا في كربلاء كُلُّهم يُعَدّون تحتَ هذا العنوان: (قَتَلَة لسيِّد الشُهداء)، وهؤلاء قاتَلَهُم أنصارُ الحُسين ونحنُ هُنا نُشاركُ أنصار الحُسين بِمُقَاتَلَتِهِم – بِالنِّيَّاتِ والقُلُوبِ والتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ تِلْكَ الْمَوَاقِف الَّتِي حَضَرُوا لِنُصْرَتِكُمْ – ولكن فعلاً الذينَ قتلوا الحُسين هلْ قاتلهم أنصارُ الحُسين؟ لا، لأنَّ أنصار الحُسين استُشهِدوا وسيّدُ الشُهداء كانَ موجوداً، لم يُقتَل بعد، من الذي قَتَلَ قَتَلَة الحُسين؟ الكلام واضح – فَنَحنُ نُشْهِدُ الله أنَّا قَد شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُم وأَنْصَارَكُمْ الْمُتَقَدِّمِين فِي إِرَاقَةِ دِمَاءِ النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ والمَارِقِينْ وَقَتَلَةِ أَبِي عَبدِ الله سَيِّدِ شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ عَلَيهِ السَّلام يَومَ كَربَلاء – الذينَ قتلوا الحُسين يوم كربلاء، ليس الحديث عن الذين قتلوا الحُسين حين كُتب الكتاب، أولئك قتلوا الحُسين، وليس الحديث عن الذين قتلوا الحُسين في السقيفة، وليس، وليس، الذين قتلوا الحُسين يومَ كربلاء، من هم الذين قتلوا الحُسين يوم كربلاء؟ أصحاب الحُسين قاتلوا الذين قتلوا الحُسين؟ صحيح كلّ من كان في المعسكر الأموي هؤلاء قَتَلَةُ الحُسين، لكن الذين قتلوا الحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه بشكلٍ مباشر مثل شمر الذي قطع الرأس الشريف، سِنان بن أنس، خولّا بن يزيد الأصبحي، هؤلاء الذين ركبوا الخيول وداسوا جسد الحُسين، هؤلاء من قَتَلَهُم؟ المختار، فإذاً هُنا الزيارة تصفهُ بأنَّه من أولياء أهل البيت، من أنصارِ أهل البيت – فَنَحنُ نُشْهِدُ الله أنَّا قَد شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُم وأَنْصَارَكُمْ – والمُختارُ كان من قادةِ هؤلاء الأولياء، من قادة هؤلاء الأنصار، المُختار كان سيّد هذهِ المجموعة من أولياء أهل البيت ومن أنصارِ أهل البيت الذين قتلوا قَتَلَة الحُسين، العبارات واضحة جدّاً، أقرأ النصَّ مرةً أخرى – فَنَحنُ نُشْهِدُ الله أنَّا قَد شَارَكْنَا أَوْلِيَاءَكُم وأَنْصَارَكُمْ الْمُتَقَدِّمِين فِي إِرَاقَةِ دِمَاءِ النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ والمَارِقِينْ وَقَتَلَةِ أَبِي عَبدِ الله سَيِّدِ شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ عَلَيهِ السَّلام يَومَ كَربَلاء – الذين قتلوه يومَ كربلاء – بِالنِّيَّاتِ والقُلُوبِ والتَّأَسُّفِ عَلَى فَوْتِ تِلْكَ الْمَوَاقِف الَّتِي حَضَرُوا لِنُصْرَتِكُمْ) – واضح أنَّ المُختار من أوضح الأرقام ومن أوضح المصاديق ومن أوضح الأمثلة والنماذج التي ينطبقُ عليها هذا النصّ من الزيارة الجامعة لأئمَّة المؤمنين، هي غير الزيارة الجامعة الكبيرة، ربّما البعض ممّن يتابعني لم يقرأها ولم يطَّلع عليها، الزيارةُ الجامعةُ لأئمَّة المؤمنين هيَ موجودةٌ أيضاً في مفاتيحِ الجِنان وأنا قرأتها عليكم من مفاتيح الجنان. أعتقد أنَّ الصورة باتت واضحة لمعنى الفتح الذي جاء مذكوراً في كتابِ سيِّد الشُهداء الذي بعثَ به من مكّة إلى المدينة إلى مُحمَّد بنِ الحنفية والهاشميين، الكتاب الآخر بحاجةٍ إلى شرح، لكنّني فقط أوردتهُ مثالاً على الكتب المشفّرة، وأردتُ أنْ أبيّن معنى الفتح ومعنى اللحوقِ بالحُسينِ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه والباب مفتوحٌ للحوقِ بالحُسينِ في كُلِّ وقت، الحُسين هو الباب الأوسع، بابٌ مفتوح، اللحوق بالحُسين صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه في كلِّ لحظةٍ من لحظاتِ حياتنا، الحُسينُ الحقيقة الوحيدة في حياتنا والباقي كلُّه سراب، هذهِ هي الحقيقةُ التي يتلمَّسُها أولياءُ أهل البيت، لا شأنَ لي بالآخرين، أولياء أهل البيت الذين فازوا بتوفيقٍ من إمام زمانهم يتلمّسونَ هذهِ الحقيقة، يتلمَّسون هذهِ الحقيقة، ولكن يا للأسفِ لا يشعرونَ بعظمةِ هذهِ النعمة التي جادَ بها إمام زمانِنا عليهم، نعمةٌ عظيمة وما معنى هذه العبارات؟ نعمة عظيمة، عبارات قاصرة ومحدودة، ولكن ماذا نصنع، هو هذا الذي في جعبتنا وفي أيدينا، هذهِ النعمةُ العظيمة التي لا يستشعرُ فضلها وأهميّتها حتَّى الذينَ يصفون أنفُسهم بأنّهم خَدَمَةٌ للحسين، هذهِ النعمةُ الحسينية هي عطاءُ الحُجَّة بن الحسن، ما عندنا من ولاءٍ لعليٍّ وآلِ عليٍّ هو عطاءُ الحُجَّةِ بن الحَسَن، مصدر العطاء هو هوَ إمام زمانِنا، ما عندنا من ولاءٍ للزهراء صلواتُ اللهِ وسلامُه عليها هو مصدر العطاء، كُلُّ العطاء الذي يأتي إلينا والذي خرج معنا من أوّلِ لحظةٍ وُلِدنا فيها هو إمامنا، إمامُ زماننا الحُجَّةُ بن الحسن، كُلُّ ما عندنا منه صلواتُ اللهِ عليه، لكن ماذا نصنع لنُكران الجميلِ الذي نعيشُ معهُ ليل نهار، كُلُّ فضلٍ عندنا هو من الحُجَّة بن الحسن، لا من جهةٍ أُخرى، كُلُّ فضلٍ ينتمي إلى مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد من أين يأتي؟ من أيِّ مكانٍ يأتي؟ سلوا أنفسُكم؟ هل هُناك جِهةٌ أخرى غير هذهِ الجِهة؟ هو هذا الوجه: (أَينَ وَجهُ اللهِ الَّذِي إِلَيهِ يَتوجَّهُ الأَوْلِيَاء) – من هُنا – (أَينَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَينَ الأَرضِ والسَّمَاء) – السبب الذي يُسبِّب الأسباب لنا هو هذا، الذي يُسبِّب الأسباب بسبب ويُسبِّبُ الأسبابَ من دونِ سبب هو هذا السبب، السببُ المُتصِّلُ بينَ الأرض والسماء هو هذا الذي يُسبِّبُ لنا الأسباب بالأسباب ومن دونِ الأسباب، لماذا؟ لأنَّهُ هو السببُ المُطلق، هو السبب القادر، فقط هو القادر على أنْ يُسبِّبَ الأمور بأسبابها ومن دون أسبابها، لأنَّه هو السببُ المُطلق، السببُ الأكمل، القدرةُ الأكمل – (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ قُدْرَتِكَ بِالقُدرَةِ الَّتِي اِسْتَطَلْتَ بِهَا عَلَى كُلِّ شَيء) – هو هذا السبب، هذهِ القُدرة المستطيلةُ على كلِّ شيء هو هذا السبب، لا أريد أنْ أطيل عليكم أكثر من ذلك، وقتُ البرنامج انتهى وتجاوزت إلى دقائق أخرى، ولكن بقيت نقطة صغيرة، صغيرة في مقدار عرضها وإلَّا هي في غاية الأهميةِ وكبيرةٌ جدّاً. ماذا قالَ إمامنا السجادُ لعمِّه ابنِ الحنفيّة حِين جاء الوفدُ من العِراقِ يسألُ عن المُختار؟ ومرَّت علينا القصةُ بكاملها – (يَا عَمّ لَو أَنَّ عَبْداً زِنْجِيّاً – هذا كلام الإمام السجاد – يا عَمَّ – يُخاطب عَمَّهُ ابنَ الحنفيّة – يَا عَمَّ لَو أَنَّ عَبْداً زِنْجِيّاً تَعَصَّبَ لَنَا أَهْلَ البَيْت لَوَجبَ عَلَى النَّاسِ مُؤازَرَاتُه وَقَدْ وَلَّيْتُكَ هَذا الأمر) – الإمام ولّى عمّه مُحَمَّداً أمر المُختار، والإمام أعطى مثال لو أنَّ عبداً زنجيّاً في أضعفِ الأحوال، لو أنَّ إنساناً بعيداً عَنَّا غاية البُعد تعصّب لنا أهل البيت لوجبَ على الناسِ مؤازرته، فكيفَ والمُختارُ من عيونِ شيعتهم والإمام السجادُ هو الذي يولّي عمّه ابن الحنفيّة هذا الأمر، وقد ولّيتُك هذا الأمر، ماذا يعني هذا؟ يعني هذا الأمر أنَّهُ يجبُ علينا أنْ نؤازرَ المُختار، لو كُنّا في عصرهِ يجبُ علينا أنْ نكونَ معه تحتَ رايته، ولكن نحنُ لسنا في عصره، يجبُ علينا أن نؤازرهُ بالنيّات والقلوب والتأسُّف على فوتِ تلك المواقف، كما مرَّ علينا قبلَ قليل في الزيارة الجامعة لأئمَّة المؤمنين، يجبُ علينا أن نؤازر المُختار، وقطعاً يتفرّع على هذا يجبُ علينا أنْ ندافع عنه، يجبُ علينا أنْ نُحبّهُ، يجبُ علينا أنْ نواليه، فَهو من أشياعهم، من أوليائِهم، هذا المراد يجب المؤازرة، المؤازرةُ في زمانهِ قطعاً المؤازرة العمليّة، ولكن المؤازرة في زمانٍ ليس فيه المُختار موجوداً تبقى المؤازرة كما مرَّ في الزيارة الجامعة لأئمَّة المؤمنين مؤازرة بالنيّات والقلوب والتأسُّف على فوتِ تلك المواقف، حين نقرأُ ما فعلهُ المُختار أو حينَ نسمع، الذي يجبُ علينا أنْ تكون نيّاتنا وقلوبنا مع المختارِ ومع ثورتهِ رضوان الله تعالى عليه. يوم غَد إنْ شاء اللهُ تعالى ألتقيكم في حلقةٍ جديدة في نفسِ هذا الوقت من برنامج ( زهرائيّون )، أمَّا برنامجنا الثائرُ الحسيني الوفي المختارُ الثقفي حلقتهُ الأخيرة ستكون في يوم السبت إنْ شاء اللهُ تعالى، إلى ذلك الموعد حيثُ ألتقيكم في الحلقة الأخيرة من هذا البرنامج أودِّعُكم في رعايةِ مُهجةِ الحُسينِ ونورِ عينِ الحُسين الحُجَّةِ بنِ الحسن إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. أسألكم الدعاء جميعاً. سَلامٌ عَلَى نَحْرِكَ الدَّامِيْ يَا حُسَين… في أمَانِ الله.. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الخميس 25 ذو القعدة 1436هـ الموافق 10 / 9 / 2015م كان الحديث في الحلقة الماضية في أجواء قانون الرّموز، وتوقّفنا عند الرّمز الثّاني الوارد في كلمات العترة بشأن المُختار، وهو: (أنّ المُختار في النّـار) لأنّ في قلبه شيء من حبّهما.. وقد عرضت هذه الرّوايات على قانون المكر الرّحماني، وقلت بأنّ الأئمة عليهم السَّلام انتقصوا مِن المُختار لئلا يتسرّع مَن يتسرّع مِن الشّيعة و مِن الهاشميين ويرفعون نفس الشعار الّذي رفعه المُختار: [يالثارات الحُسين].. فيعتقدون أنّهم قادرون على أن يقوموا بما قام به المُختار. تناولت هذه الرّوايات وفقاً لقانون الرّموز الإشارات والمعاريض، والخلاصة: أنّ المُختار ليسَ له مماثل في البراءة العمليّة مِن بعد عاشوراء وإلى زمان ظهور إمام زماننا صلوات الله عليه. البراءة العمليّة في الحياة الدّنيوية لها تأثير في تنقيتنا مِن الطّين السّجيني.. ومع ذلك يبقى المُختار رغم كُل ما قام به مُحتاجاً لشفاعة الحُسين عليه السّلام. هذه الرّوايات القادحة في المُختار والّتي تقول بأنّ المخُتار في النّار، تُريد أن تُبيّن نقطتين. ● النّقطة الأولى: كُلّكم مُحتاجون للشّفاعة، ولن تستحقّوا الجنان بعملكم، ولن تستطيعوا التّخلص مِن الطّينة السّجينيّة حتّى لو كانتْ براءتكم العملية كبراءة المُختار. ● النقطة الثّانية: أنّ النّجاة عند الحُسين .. فباب الحُسين أسرع، وسفينة الحُسين أوسع. في هذه الحلقة سأسلّط الضّوء على قانون الأدعية والزّيارات.. أدعية أهل البيت عليهم السَّلام وزياراتهم تُشكّل أسساً للثّقافة العَلويّة المهدويّة.. وفي هذا القسم من هذه الحلقة سأقف عند كتابين لسيّد الشّهداء لأبيّن أسلوب أهل البيت في كلامهم ومعاريضهم. محمّد بن الحنفيّة بقي في المدينة بأمر من سيّد الشّهداء، ومِن المعطيات الَّتي وصلتْ إلينا أنّ سيّد الشّهداء في نصّ مِن النّصوص أمر محمّد بن الحنفية أن يراقب الأوضاع في الحجاز، ويبعث له بالأخبار. ● النّص الأوّل الّذي أرسله سيّد الشهداء إلى محمد بن الحنفية: (بسم الله الرَّحمن الرَّحيم مِن الحُسين بن علي إلى مُحمَّد بن علي ومن قبله مِن بني هاشم: أمَّا بعْد فكأنَّ الدُّنيا لم تكنْ، وكأنَّ الآخرة لم تزلْ والسَّلام). هذا الكتاب المُختصر يُمثّل شفرة .. وهذا هو أسلوب المعاريض. الإمام هُنا يُشير إلى أنّ المشروع الّذي يقضي على جولة الباطل ابتدأ الآن،(فحين بدأ القربان .. بدأ المشروع المهدوي ، مشروع النّجاة). ● الكتاب الثّاني الّذي كتبه سيّد الشّهداء: كتب الإمام الحسين عليه السَّلام إلى بني هاشم: (بسم الله الرّحمن الرّحيم، مِن الحسين بن علي إلى بني هاشم، أمَّا بعْد، فإنّه مَن لحِقَ بي منْكم استشهد، ومَن تخلَّف عنّي لم يبلغ الفتح والسّلام) استعراض لمجموعة مِن آيات القرآن الكريم الَّتي تُبيّن المراد من (الفتح) في كلمات العترة .. وأنّه لا يوجد سوى فتح واحد هو الفتح المهدوي. هناك نُصرتان للحُسين: ● هناك نصرة للدّم الحُسيني للمشروع الحُسيني وهذه تتحقّق على يد إمام زماننا صلوات الله عليه. (وأن يرزقني طلب ثاري مع إمام منصور من أهل بيت محمّد صلّى الله عليه وآله….) ● هناك نُصرة للحُسين، وتلك النُّصرة تتحقّق في رجعة الحُسينصلوات الله عليه (الممدود بالنُّصرة يوم الكرّة) مَن كان على ولاية الحُجّة بن الحسن عليه السَّلام هو الَّذي يبلغ الفتح، ومَن كان على ولاية الحُسين في أيّام الحُسين هو هذا الّذي يبلغ الفتح. (ومَن لحق بي استشهد) ما المراد من قوله (لحق بي)..؟ (عرض لمصداق مِن الزّيارات، ومصداق مِن الأدعيّة، ومصداق من الرّوايات تُبيّن معنى (الّلحوق بأهل البيت) صلوات الله وسلامه عليهم). عرض لجملة من النّصوص تُبيّن أن الاستشهاد مع الحُسين صلوات الله وسلامه عليه يتحقّق في أزمنة أخرى الشّخص التحق بالحُسين .. والّلحوق بالحُسين يتحقّق بالّلزوم للحُسين، ولمنهج حسين وآل حُسين. مُحاكمة لثورة المُختار وشخصيّة المُختار على ضوء أدعية أهل البيت عليهم السَّلام وزياراتهم. في زيارة سيّد الشهداء ( أشهدُ أنَّه قاتلَ معكَ ربّيونَ كثير…) هل هناك ربيّون كثير في كربلاء..؟ أليسَ سيّد الشّهداء كان يُنادي هل من ناصرٍ ينصرنا..؟ هل من ذابّ يذب عن حرم رسول الله..؟ فأينَ هؤلاء الرّبيّون الكثير الّذين كانوا مع سيّد الشّهداء..؟ (ما المراد من معنى الرّبيون في كلمات العترة..؟) أوّل مِصداق مِن مصاديق الرّبيّون الكثير الَّذين قاتلوا مع الحسين هو (المُختار).. وإلّا كيف تفهمون هذه الزّيارة..؟ مَن هم هؤلاء الرّبيّون الكثير الّذين قاتوا مع الحُسين..؟ (نحن نشهد الله أنا قد شاركنا أولياءكم و أنصاركم المتقدمين في إراقة دماء الناكثين و القاسطين و المارقين و قتلة أبي عبد الله سيّد شباب أهْل الجنَّة يوم كربلاء بالنّيات و القلوب و التّأسف على فوت تلك المواقف الّتي حضروا لنُصرتكم) المختار أوضح المصاديق وأوضح النّماذج الَّذين ينطبق عليهم هذا النّص. في الرّواية الّتي تقدّم الحديث عنها في الحلقات الماضية، يقول الإمام السَّجاد عليه السّلام لعمّه ابن الحنفيّة بعد أن قدِم عليهِ وقومٌ يستشيرونه في أمْر المُختار الثّقفي فقال: يا عم لو أنَّ عبداً زنجيّـاً تعصَّب لنا أهْل البيت لوجبَ على النّاس مُؤازرته) المُختار تعصّب لأهل البيت .. فكيف تكون مؤازرتنا للمختار في هذا الزّمان..؟ كيف تتحقّق المُؤازرة للمختار في يومنا هذا..؟!