يا عليّ – الحلقة ٦ – وقفة عند الزّيارة الغديريّة ج١ يا عليّ – الحلقة 6 – وقفة عند الزّيارة الغديريّة ج1 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع يازهراء وهل هُناكَ أجملُ مِن هَذا الاسم أبتدئُ بهِ حَديثي … قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلهِ وسلَّم: لَوْ كَانَ الحُسنُ صُورَةً، لَو كَانَ الحُسنُ هَيئَةً لَكَانَت فَاطِمَة صَلوات اللهِ وسَلامه عليها بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعلِهَاِ وَبَنِيهَا وَالسرِّ المُستودَعِ فِيهَا … يَا عَلِيّ … الحَلَقَةُ السادسةُ: وَقفَة عِند الزِّيَارَة الغَدَيرِيَّة ج1 الحَلَقَةُ السّادِسَةُ وَقفَة عِند الزِّيَارَة الغَدَيرِيَّة ج1 الحلقةُ السَّادسةُ من برنامجنا: (يَا عَلِيّ) سَلامٌ عَليكُم أَشْيَاعَ أَمِيرِ المؤُمِنِين أَنَّى كُنْتُم إِخْوَتِي أَخَوَاتِي أَبْنَائِي بَنَاتِي. في الحلقةِ الماضية من برنامجنا هذا وصلَ الكلامُ إلى ذكرِ المصادر أو بعبارةٍ أخرى قاعدة المعلومات الَّتي سأتحرَّكُ بين جوانبها وفصولها في هذا البرنامج، وقلتُ: المصدرُ الأول، المصدرُ الأكبر، المصدرُ الأهمّ هو قرآنهم، قرآنُ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، قرآنُهم الّذي هو الصورةُ اللّفظيةُ الصَّامتةُ عن الكتابِ الأكبرِ الأعظَّمِ النَّاطق عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. وإنَّما جَعلنا قُرآنَهُم هو المصدر الأول والأخير لأنَّ أميرَ المؤمنين هو الَّذي رسمَ لنا منهاجَ معرفتهم، منهاجَ معرفتهِ، أنْ نُنزلَهُم بأحسنِ منازل القُرآن، أمَّا مَنَازِلُ عليٍّ، مَنَازِلُهُ في القُرآن، منازلُ القرآن، أحسنُ هذه المنازل نستكشفُها من خلالِ نُصوصٍ أَشرتُ إلى أهمِّ هذه النُّصوص الَّتي ستكون أساساً في بحثنا في هذا البرنامج: أوَّلاً: الزيارةُ الغديرية. ثانياً: حديثُ المعرفة بالنورانية. ثالثاً: الزيارةُ الجامعةُ الكبيرة. في هذه الحلقة أقفُ على أعتابِ الزّيارة الغديرية، من المناسبِ لتسلسلِ البحث أنْ أقرأ نَصَّ الزيارةِ الغديريَّةِ بكاملهِ عليكم، ولكن ضيقُ الوقت والزّيارةُ طويلةٌ بعضَ الشيء، لكنَّها متوفِّرة في بيوتكم، يمكنكم أنْ تراجعوا الزّيارة وتقرؤوا هذه الزيارة، ومُرادي من قراءتِكُم لهذه الزيارة، ليست قراءةً على سبيل مَنسَكِ وطقس الزيارة وإنَّما تقرءون هذه الزيارة لأجل الإطلاعِ عليها ولأجل التعلُّمِ منها. الزيارةُ الغديريَّة موجودةٌ في مفاتيح الجنان الّذي يتوفَّرُ في بيوتكم على الأغلب، وهي من أهمِّ زياراتِ سيّد الأوصياء، إذا تذهبون إلى مفاتيح الجنان وتذهبون إلى زيارات أمير المؤمنين في المقصد الثاني في الزيارات المخصوصة، لأنَّ المقصد الأول في زيارات الأمير هو الزياراتُ المطلقة، في المقصد الثاني في زيارات الأمير المخصوصة أوَّل زيارة ذكرها المحدِّث القمّي في مفاتيح الجنان هي زيارة الأمير يوم الغدير، زيارة الأمير يوم الغدير زيارة يمكن أنْ نسمِّيها زيارة جامعة فيما بين المضامين الّتي وردت في سائرِ زياراتِ سيّد الأوصياء، يمكن أنْ نقول؛ اشتملت بالإجمال على أكثر المطالب، أكثر المضامين المهمَّة في الزّيارات المطلقة وفي الزّيارات المخصوصة، إمامنا العاشر إمامنا الهادي صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه هو الّذي أفاضَ علينا بهذه الزّيارة الشّريفة، الزّيارةُ مُهمَّة وأعتقد أنَّ الكثيرين من الشّيعة لم يطَّلعوا عليها وإنْ كانت متوفرةً في البيوت، لماذا؟ لأنَّ النّاس الّذين يذهبون إلى زيارة أمير المؤمنين يقرؤون الزّيارات المختصرة الّتي تُطبع عادةً في كُرَّاسات صغيرة. وثانياً المؤسسة الدينية لا تنشر ثقافة الزيارة، لا الحوزة العلمية تتبنَّى التثقيف على مضامين الزّيارات ولا المنابر الحسينية والخطباء وهم أجهلُ النّاس بثقافة الزيارات بالمضامين الموجودة في الزيارات. والذنب ليس يعود إليهم، الذنب أنَّهم درسوا في منهج الحوزة العلمية الّذي هو أبعد ما يكون عن الرجوعِ إلى زيارات أهل البيت في الأعمِّ الأغلب الزيارات تُضعَّف ولو استدلَّ أحدٌ بكلامٍ من الزيارات الشريفة قيل له هذا كلام في الزّيارات، فوُضِعت الزّيارات في زاوية كأنَّها دونَ بقيَّةِ كلام أهل البيت، بينما في الحقيقة أنَّ الزّيارات علمياً ومعرفياً أعلى رُتبةً بكثير من مضامينَ وردت في حديث أهل البيت في الغالبِ كانت بطريقة الجواب على السؤال فيأتي الجواب منسجماً مع المستوى العقلي للسائل، هذا لا يعني أنَّ الزيارات لم يراعي الأئمّة صلواتُ الله عليهم فيها المداراة، المداراة موجودة على طول الخط، هم قالوا: بأنَّنا ما كلَّمنا النّاس قطَّ على قدرِ عقولنا، ولكن بشكلٍ وبآخر المضامين المعرفية الموجودة في الزّيارات هي المضامين المطلوبة بالدرجة الأولى. أوَّلاً: هذه المضامين لم تأتي جواباً على سؤالٍ مخصوص، نعم ربَّما يسأل السائل كيف أزور الإمام والإمام المجيب يعلِّمُهُ نصاً، لكن ليس كسؤال حول مسألةٍ جزئية، هذه نصوص من الأئمَّة لزيارتهم صلوات الله عليهم وضعوا فيها خُلاصة المعتقدات خلاصة المطالب بحسب نوع الزيارة. هناك زيارات مطلقة، زيارات مخصوصة، زيارات خاصة يعني: نص خاص بزيارة إمام، زيارات جامعة للجميع، هناك زيارات مفصَّلة، هناك زيارات متوسطة وزيارات قصيرة، زيارات من قريب وزيارات من بعيد، هناك نظام هندسي، ونظام اصطلاحي، ونظام لُغوي، نُسجت زياراتُ أهلِ البيت على أساسهِ وعلى نَسَقهِ ولا يتضحُ هذا إلَّا بدراستنا لعموم الزّيارات الواردة عنهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. أنا هنا لا أريد أنْ أتحدَّثَ عن الزيارات بشكلٍ مفصَّل فذلك علمٌ واسع مطالب كثيرة جداً، لكن هذا الكلام هو بمثابة تعريف ومقدِّمة للحديث عن الزّيارةِ الغديريَّة المرويَّة عن إمامنا العاشر صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه. الزيارةُ الغديرية الطّابع العام فيها طابعٌ تأريخي، ولكنَّها جاءت بشكلٍ مُركَّز، هناك قضيَّة مُهمَّة: أنَّ المطالب التأريخية الّتي تُطرح في فضائياتنا، في وسائل الإعلام، المطالب التأريخية الّتي يطرحها خطباء المنبر الحسيني، حتَّى المسلسلات والأفلام السينمائية الّتي تقوم بها المؤسسات الشّيعية، في الأعمِّ الأغلب تعتمد المعطيات الموجودة عند المخالفين، وبالنتيجة الثّقافة الشّيعية في خطوطها العامّة ثقافة تعتمد على كثير ممَّا عند المخالفين، المسبِّب في ذلك هم علماؤنا وخطباؤنا الّذين يعتمدون على كتب المخالفين ولا يُشكِّكون فيما جاء فيها، بينما روايات أهل البيت يُشكَّك فيها، وهذه الظاهرة عامّة، الاستثناءات قليلة جداً، لا يعني أنَّهُ ليس هناك من استثناءات، لكن الاستثناءات على سعة الخارطة الشّيعية إنْ كان في القرون السابقة أو الآن الاستثناءات قليلة جداً، في الأعمِّ الأغلب الموجود مأخوذ من المخالفين أو هو قريب من ذوق المخالفين!! أنا لا أقول إنَّ الحقائق التأريخية كاملة بين أيدينا، أبداً، الموجود في كتب المخالفين فيه ما هو حقيقي وفيه ما هو باطل، في كتب التأريخ أعني، في كتب السِير، هناك حقائق وهناك أباطيل يمكن أنْ نتلمَّس بعض الحقائق وحتَّى هذه الحقائق الّتي ذُكرت، ذُكرت مجزوئه، في رواياتنا أيضاً هناك إهمال للجانب التأريخي، هناك ضياع لكتب كتبها مؤرخون شيعة، وهناك إهمال للجانب التأريخي فيما بقي بين أيدينا. إضافة إلى ذلك حين أعْمَلَ العلماء سيف علم الرجال فقطَّع حديثُ أهل البيت إرباً إربا ضاعت الحقائق أكثر وأكثر. الموضوع طويل وشائك وأنا هنا لا أريد أنْ أتحدَّث عن التأريخ وعن جريمة المؤرخين بل جرائم المؤرخين الّتي لا تُعدّ ولا تحصى وعن التقصير الفاضِح في الوسط الشيعي في حَقِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين لا أريد التفصيل في هذا الموضوع فليسَ البرنامجُ برنامجاً تأريخياً. لكنَّني ابتدأتُ من الزّيارة الغديريَّة: أوَّلاً: لألفت نظر الكثير والكثير والكثير من الشِّيعة، بل حتَّى نظر العلماء أيضاً، إلى أهميَّةِ هذه الزيارة وإلى أهميَّةِ هذا النَّص، فقد جاء هذا النَّص بشكلٍ مركَّز وتحدَّث عن حقائق تغيب عن الثقافة الشِّيعية، أنا سألفتُ النظر إلى بعضٍ منها، إلى بعضٍ من هذه الحقائق لأنَّني لا أريد أنْ أشرح الزّيارة فقرةً فقرة إذا اتبعتُ هذا الأسلوب سينتهي شهر رمضان وما انتهينا حتَّى من نصفِ الزّيارة، فأين بقيَّةُ المطالب في معرفة عليٍّ إذاً؟! لذلك سأمرُ على الزيارة الغديريّة مروراً إجماليً، أنتم اقرءوا الزيارة، سأمرُ عليها مروراً إجماليً سألتقطُ منها صوراً، بعد التقاط هذه الصور سنصل إلى نتيجة، بعد التقاط هذه الصور نصل إلى نتيجة وإلى ثمرة هي الّتي دفعتني لتسليط الضوء على هذه الزّيارة الشّريفة، كما قلتُ قبل قليل إنَّني لا أستطيع أنْ أقرأ النَّص بكاملهِ لضيق الوقت، لكنَّني سأقتطفُ عباراتٍ من هنا ومن هناك من عبائر هذه الزّيارة. في سطورها الأولى نخاطبُ سيّد الأوصياء: السَّلَامُ عَلَيكَ يَا دِينَ اللهِ القَوِيم وَصِّرَاطَهُ المُسْتَقِيم. هذا الخطاب خطاب حقيقي، نحنُ هنا نخاطبُ أمير المؤمنين لا على أساس المجاز، ولا على أساس المسامحة في التعبير والتساهل، ولا على أساس الكثرة في الاستعمال ونحن نُقلِّد الآخرين لكثرة استعمالهم هذا المصطلح، ولا على أساس الاستعارة أو الكناية، ولا على أساس المجاملة والبروتوكولات، ولا على أساس أتكيت معين في التعبير، هذا التعبير هنا تعبير صريح واضح: نحنُ نخاطب أمير المؤمنين بهذا العنوان، هذا هو اسمهُ، هذا هو عنوانهُ!! ما يُذكر في كتب مفسرينا من أنَّ الصِّراط المستقيم: هو عليٌّ، على سبيل الجري، على سبيل المصداق، هذا كَذِبٌ صُراح، هذا كذب صُراح وجهلٌ مُطبق ومخالفةٌ صريحة لهذه النُّصوص الواضحة، وسوءُ أدبٍ مع سيّد الأوصياء وظُلمٌ واضح لأمير المؤمنين، هذه القضيَّة الّتي يذكرها علماؤنا ومراجعنا ومفسّرونا وخطباؤنا على المنابر أو في كتب التفسير حتَّى هذه الأوصاف الّتي ذكرتها من سوء الأدب ومن الظُلمِ هو دون سوء ما قاموا به، القضيَّة واضحة، واضحة جداً، هذا اللفظ وهذا المصطلح خاصٌّ بعليٍّ صلواتُ الله عليه وبشكلٍ صريح وحقيقي. السَّلَامُ عَلَيكَ يَا دِينَ اللهِ القَويم وَصِّرَاطَهُ المُسْتَقِيم؛ كما قلت في الحلقة الماضية الصِّراطُ المستقيم في معناه الجوهري عليٌّ، أمَّا إطلاق الصِّراط المستقيم على القُرآن الكريم، على الإسلام، على الإيمان، على ولاية عليٍّ، على كلِّ حقٍّ وحقيقة، فذلك على سبيل المظاهر من ذلك الجوهر، هذه مظاهرٌ لعليٍّ، إطلاقُ الصِّراط المستقيم عليها بالتبع لعليٍّ، هنا يُستعملُ مصطلحٌ يُطلقُ على الأصل على الجوهر، فيُطلق على التبع، يُطلق على الفرع على الفروع وإلَّا فالصِّراط المستقيم عليٌّ وحدَهُ وَحدَهُ وحدَه. السَّلَامُ عَلَيكَ يَا دِينَ اللهِ القَويم وَصِّرَاطَهُ المُسْتَقِيم، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبَأُ العَظِّيم الّذِي هُم فِيِه مُخْتَلِفُون وَعَنهُ يُسْأَلُون؛ النبأُ العظيم هو أيضاً عنوان خاصٌّ بعليٍّ على نحوِ الحقيقة لا كما يقول علماؤنا ومراجعنا وفقهاؤنا ومفسّرونا في كتب تفسيرنا الشيعية القدماء والمتأخرون من أنَّ النبأ العظيم هو يوم القيامة، راجعوا كتب التفسير وستجدون ذلك واضحاً موافقةً للمخالفين وموافقةً لأعداءِ عليٍّ، راجعوا كتبنا التفسيرية وستجدون ذلك واضحاً، قد يقول قائل: إنَّ ذلك ورد في بعض الروايات، نعم ورد ذلك في بعض الروايات، فيوم القيامةِ مظهرٌ من مظاهر الحقيقة العلوية أمَّا الإطلاق الحقيقي النبأ العظيم هو عنوان الحقيقة العلوية. السَّلَامُ عَلَيكَ يَا دِينَ اللهِ القَوِيم وَصِّرَاطَهُ المُسْتَقِيم، السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبَأُ العَظِّيم الّذِي هُم فِيِه مُخْتَلِفُون وَعَنهُ يُسْأَلُون؛ وتستمرُّ عبائرُ الزِّيارةِ إلى أن نصل إلى هذه الفقرات، أنا أقتطف لكم سطوراً من هنا ومن هناك كي أُشكِّلَ لكم نموذجاً ورد في هذه الزّيارة الشّريفة لا يُسمعُ في الثقافة الشيعية العامة – وأشهد أنَّك – يا أمير – وأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ – مٌراد من عمِّك الحمزة – وأخاكَ – جعفر – وأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ وأخَاكَ الّذِينَ تَاجرتُم الله بِنفُوسِكُم – قطعاً لا مقايسة في المنزلةِ وفي المرتبة بين عليٍّ وبين الحمزة وجعفر مع علو مراتبهما، وهذا أيضاً هو من أسلوب المداراةِ في حديث أهل البيت، كما قلت قبل قليل: الزياراتُ ليست معفيةً من أسلوب المداراة، المداراة للفكر الشيعي العام – وأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ وأخَاكَ الّذِينَ تَاجرتُم الله بِنفُوسِكُم فَأَنزَلَ اللهُ فِيكُم إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقَّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ – ثُمَّ تأتي الأوصاف – التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ – هذه آياتٌ من آيات الكتاب الكريم – الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، أَشْهَدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِين أَنَّ الشَّاكَّ فِيكَ مَا آمَنَ بِالرَّسُولِ الأَمِين وَأنَّ العَادِلَ بِك – هنا صار الانفصال؟! هنا صار الانفصال بينَ عليٍّ والحمزة وجعفر، هنا بَرَزَ عليٌّ، لابدَّ أنْ يتشخَّص عليٌّ هنا. أَشْهَدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِين أَنَّ الشَّاكَّ فِيكَ مَا آمَنَ بِالرَّسُول الأَمِين وَأنَّ العَادِلَ بِكَ غَيرَك عَاندٌ عَن الدّينِ القَويم الّذِي ارتَضَاهُ لَنَا رَبُّ العَالَمِين وَأكمَلَهُ بِولايَتِكَ يَومَ الغَدير وَأَشْهَدُ أنَّكَ المَعنِيُّ بِقَولِ العَزيزِ الرَّحِيم وَأنَّ هَذا صِّرَاطِي مُسْتَقِيمَاً؛ للمعلومة الّتي لا أبالي بها، ولكن للمعلومة، هذه الزيارة بحسب قواعد علم الرجال والدراية من الزّيارات المعتبرة، يعني بين علماء الحديث تعد هذه الزيارة من الزيارات المعتبرة – وَأَشْهَدُ أنَّكَ المَعنِيُّ بِقَولِ العَزيزِ الرَّحِيم وَأنَّ هَذا صِّرَاطِي مُسْتَقِيمَاً – هذا التأكيد على هذا المصطلح في عليٍّ وفي مظاهر عليٍّ، مصطلحٌ خاصّ به صلواتُ اللهِ عليه – وَأَشْهَدُ أنَّكَ المَعنِيُّ بِقَولِ العَزيزِ الرَّحِيم؛ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ، ضَلَّ واللهِ وَأَضَل مَن اتَبَعَ سِواك وَعَنَدَ عَن الحَقِّ مَن عَادَاك، اللَّهُمَّ سَمِعنَا لِأمْرِكَ وَأَطعنَا واتَّبَعنَا صِّرَاطَكَ المُسْتَقِيم – تلاحظون هذا التأكيد في هذه الزيارة بالذَّات لأنَّنا حين نبايعُ بيعة الغدير إنَّنا نبايعُ الصِّراط المستقيم، هذا هو التأكيد، هذا هو مُرادي من أنَّ هذا المصطلح، هذا المصطلح خاصٌّ بعليٍّ، أينما وجدتموه في القُرآن في الزّيارات في الأدعية في الرّوايات في الخُطب في قصار الكلمات أينما وجدتموه إنَّهُ عليٌّ وعليٌّ فقط – اللَّهُمَّ سَمِعنَا لِأمْرِكَ وَأَطعنَا واتَّبَعنَا صِّرَاطَكَ المُسْتَقِيم فَاهْدِنَا رَبَّنَا وَلَا تُزِغ قُلُوبَنا بَعدَ إذْ هَدَيتَنَا إِلَى طَاعَتِك واجْعَلنَا مِّنَ الشَّاكِرِينَ لأنْعُمِك – إلى آخر الزيارة الشريفة. لكنَّني أريد أنْ اقف هنا عند هذه الفقرة: وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ وَأَخَاك – عليٌّ، الحمزةُ، والطيارُ جعفر صلواتُ اللهِ عليهم جميعاً. رواية جميلة في الكافي الشّريف، هذا هو الجزء الثّامن من أجزاء الكافي لشيخنا أبي جعفرٍ الكليني رحمة الله عليه: عَن يُوسُف اِبن أَبِي سَعيد قَال: كُنتُ عِنْدَ أَبِي عَبد الله ذَاتَ يَوم فَقَالَ لِي: إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَة وَجَمعَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الخَلائِق كَانَ نُوحٌ أَوَّل مَن يُدعَى بِه – لماذا نوح أوَّل من يُدعى به، لماذا؟ سأبيّن الجواب، نقرأ الرواية وأبيّن الجواب بعد ذلك – كَانَ نُوحٌ أوَّلَ مَن يُدعَى بِه – باعتبار أنَّ الأنبياء هم المميزون بين النّاس فيبدأ الكلام من عندِ نوح – كَانَ نُوحٌ أَوَّلَ مَن يُدعَى بِه فَيُقَال لَه – هناك جهة تُحاسِب الجهة الّتي تحاسب واضحة، نحنُ نقرأُ في الزّيارة الجامعة الكبيرة:- وإِيَابُ الخَلْقِ إِلَيكُم وَحِسَابُهُم عَلَيكُم – لا أُريد الآن أن أقف عند هذه العبارة. كَانَ نُوحٌ أوَّلَ مَن يُدعَى بِه فَيُقَال لَهُ: هَلْ بَلَّغت؟ – هذه اجراءات يوم القيامة لبيان الحقائق – فَيُقَال لَهُ: هَلْ بَلَّغت؟ فَيَقُول: نَعَم، فَيُقَال لَهُ: مَن يَشْهَدُ لَك؟ – لأنَّهُ سيطالَب الجميع بالشهود، إذا كان الأنبياء يُطالبون بالشهود فما بالك بباقي النّاس، الجميع يُطالبون بالشهود إلَّا الشُهداء الشّاهدون على الجميع مُحَمَّدٌ وآل مُحَمَّد هؤلاء هم الشّاهدون، وهؤلاء ليس فقط أنَّهم الشّاهدون بل هُم الَّذين يختارون من يشهد للأنبياء ومن يشهد للأمم، هؤلاء هم الحاكمون؟! – فَيُقَال لَهُ – لنوحٍ النّبي – هَل بَلَّغت؟ فَيَقُول: نَعَم، فَيُقَال لَهُ: مَن يَشهَدُ لَك؟ فَيَقُول: مُحَمّد اِبن عَبد الله – الشّاهد الأعظم – فَيَقُول: مُحَمَّد اِبن عَبد الله صلَّى الله عليه وآله: قَال – إمامنا الصّادق يقول – فَيَخرُجُ نُوح فَيَتَخَطَّى النَّاس حَتَّى يَجِيءَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَهُوَ عَلَى كَثِيب المِسك – هذه منزلة من منازله، كثيب في اللغة يعني: مرتفع، والمسك هو العطر، ولكن هذا مصطلح، هذا عنوان لمنزلة نبينا وآل نبينا!! المسك هو العطر المستخرج من غزال المسك، الدّمُ الَّذي يتجمَّع في النافجة، في نافجة الغزال فيُستخرج – حَتَّى يَجِيءَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَهُوَ عَلَى كَثِيب المِسك وَمَعَهُ عَلِيٌّ – أينما كان مُحَمَّد كان هو صلواتُ اللهِ عليه – وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَهُو قَولُ الله عَزَّ وَجَّل: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَيَقُول نُوحٌ لِمُحَمَّدٍ: يَا مُحَمَّد إِنَّ الله تَبَارَك وَتَعَالَى سَأَلَنِي هَل بَلَّغت؟ فَقُلتُ: نَعَم، فَقَال: مَن يَشْهَدُ لَك؟ فَقُلتُ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، فَيَقُول – من الَّذي يقول؟ المصطفى صلَّى الله عليه وآله، فيقول استجابةً لطلب نوحٍ، لأجل أن ينال الشّهادة على تبليغهِ – فَيَقُول: يَا جَعفَرُ يَا حَمزَةُ اِذهَبَا وَاشْهَدَا لَهُ أَنَّهُ قَد بَلَّغ، فَقَال أَبُو عَبد الله: فَجَعفَرٌ وَحْمَزةُ هُمَا الشَّاهِدَان لِلأنبِيَاء بِمَا بَلَّغُوا، فَقُلت – يوسف ابن أبي سعيد لَمَّا سمع هذا الكلام من الإمام الصَّادق فجعفرٌ وحمزةُ هما الشَّاهدان للأنبياء بما بلَّغوا – فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك فَعَلِيٌّ أَينَ هُو؟ – يعني في هذا المكان أين هو – فَقَال: هُو أَعظَمُ مَنزِلَةً مِن ذَلِك – هذا الَّذي قُلتُه بأنَّ ما جاء في الزيارة – وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَعَمَّكَ وَأَخَاك – هذه تعابير على سبيل المداراة وإلَّا عليٌّ عليٌّ وغير عليٍّ، غيرُ عليٍّ، مهما علت المنازل، يبقى عليٌّ عليَّا. فَجَعفَرٌ وَحَمزَةُ صَلواتُ اللهِ عَلَيهمَا هُمَا الشَّاهِدَان لِلأَنْبِيَاء بِمَا بَلَّغُوا – العبارة دقيقة جداً – هُمَا الشَّاهِدَان لِلأَنْبِيَاء بِمَا بَلَّغُوا – أليس الشّاهد لابدَّ أنْ يكون عالِمَاً بما يشهدُ به، وأيُّ شهادة؟ شهادة في يوم القيامة، فأيُّ علمٍ لديهما وإلَّا كيف يشهدان؟ – فَجَعفَرٌ وَحَمزَةُ هُمَا الشَّاهِدَان لِلأَنْبِيَاء بِمَا بَلَّغُوا – أيُّ مراتبٍ لهم في ذلك اليوم وأيُّ علمٍ لهم في ذلك اليوم وأيُّ درجةٍ لهم في ذلك اليوم وهم يشهدون على الأنبياء في أيِّ شيءٍ؟ بما بلَّغوا، شهادة على النبوة ليس شهادة على التصرفات الشخصيَّة أو التعاملات في المنزل أو المعاملات التجارية!! شاهدان على الأنبياء وللأنبياء بما بلَّغُوا!! هذه شهادة على النبوة!! هذه شهادة على الوحي!! هذه شهادة على الكتب النازلة!! هذه شهادة على ملائكة الوحي!! وعلى العلاقةِ المعنوية فيما بين الأنبياء وبين الوحي!! هذه شهادة واسعة جداً!! شهادة لا نستطيع الآن أن نتصوَّرَ سعتها وأبعادها!! لماذا نوح، لماذا هو الأوَّل؟ لأنَّ نوحاً هو أشرفُ الأنبياء، قطعاً حين أتحدَّث عن الأنبياء، الأنبياء هم شيعةُ عليٍّ، نبينا صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لا يدخل في هذه المجموعة، نتحدَّث عن الأنبياء باعتبار أنَّ الأنبياء هم شيعةُ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد، هكذا هم علَّمونا وهكذا هي عقيدتنا وهكذا هي أحاديثهم ورواياتهم الشريفة. فنوحٌ أشرفُ الأنبياء ولا تسلني فأين مُحَمَّدٌ؟ لا مقايسةَ بين الأنبياء وبين مُحَمَّدٌ صلَّى الله عليه وآله، مُحَمَّدٌ هو الأوَّلُ وهو الآخرُ وهو الفاتحُ وهو الخاتِمُ، مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلّم هو الحقيقةُ الكاملةُ الّتي لا تُقاربها لا الأوهام ولا الهواجس ولا الخيالات مُحَمَّدٌ الحقيقةُ الّتي تنتهي إليها كلُّ الحقائق وحينَ نتحدَّثُ عن عليٍّ إنَّنا نتحدَّثُ عن مُحَمَّدٍ، وحين نتحدَّثُ عن مُحَمّدٍ إنَّنا نتحدَّثُ عن عليٍّ، لكنَّ البرنامج هنا مُعنون: (يا عليّ) وإنّي أعتقدُ إنَّ أَحبَّ حديثٍ إلى قلبِ رسول الله وإنَّ أجملَ حديثٍ وأجملَ هديةٍ تُساقُ إلى قلب رسول الله ذكرُ عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، هو الّذي يقول: زيِّنوا مجالسكم بذكر عليّ، نَحنُ هُنا نزِّينُ هذه الشّاشة بذكر عليّ، نُزيّنُ هذا المجلس بذكر عليّ، نزيّنُ صيامنا بذكر عليّ، نُزّينُ شهر رمضان بذكر عليّ، نزيّنُ كلَّ شيءٍ يحتاج إلى تزيين نزيّنهُ بذكر عليّ، ذكرُ عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه مطلوبٌ بنفسهِ ومطلوبٌ لغيره، الجمالُ يطلبُ لذاتهِ ويطلب لغيرهِ، نحنُ نذكرُ عليَّاً نفسُ هذا الذكر مطلوبٌ لنا، ونذكرهُ لأنَّ هذا الذكر يجذبُ إليه كلَّ جميلٍ وكلَّ خيرٍ وكلَّ فضلٍ، فذكرُ عليٍّ عبادة، وزينةُ المجالس ذكرُ عليٍّ، وأفضلُ الحديث حديثُ عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك فَعَليٌّ أينَ هُو؟ فَقَال: هُوَ أَعظَّمُ مَنزِلَةً مِن ذَلك؛ ذاك الَّذي يسألُ إمامنا الصَّادق صلوات الله وسلامه عليه عن سلمان، هل كان مُحدَّثاً؟ قال: نعم، وعنوان المحدَّث معروف في ثقافة أهل البيت: هو الارتباط المباشر بعالم الغيب؟! الْمُحدَّث هو الّذي يرتبطُ ارتباطاً مباشراً بعالَم الغيب، فهذا السَّائِل بعد أنْ سَمعَ الجواب من الإمام الصادق بأنَّ سلمان كان مُحدَّثاً، أبواب الغيب مفتوحة بين يديه، قال: فما شأن صاحبهِ؟ إذا كان سلمان بهذه المنزلة فما شأنُ صاحبهِ، يشير إلى سيّد الأوصياء، فما شأنُ صاحبهِ؟ ماذا قال له إمامنا الصادق؟ – قال: أقبل على شأنك! – من أنتَ والحديث في هذه الجادة، أقبل على شأنك، الحديثُ عن عليٍّ عليُّ الحديث وعليّ مولى ونستمع إلى نزار القطري. فنوحٌ عليه السَّلام كما قُلتُ: هو أشرفُ الأنبياء ولَعَلَّ سائلاً يسأل، لَعلَّ مُعترضاً يعترض فيقول: كيف صارَ نوحٌ أفضلَ الأنبياء، أعلى الأنبياء رتبةً، ما الدليلُ على ذلك؟ إذا ذهبنا إلى الكتاب الكريم إلى سورة الصّافات، فماذا نقرأ في سورة الصّافات: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} الآية التاسعة والسبعون وما بعدها {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ}. إبراهيم هو نبيُّ التوحيد، وإبراهيم هو أبو الأنبياء، لكن هذا التعبير بحسب أفق العبارة، بحسب أفق الإشارة، وإنَّ من شيعتهِ وإن من شيعة عليٍّ لإبراهيم، هكذا ورد في أحاديث أهل البيت، لكنَّنا نحنُ وأفق العبارة: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} يعني أنَّ إبراهيم بحسب أفق العبارة من شيعة نوح، فلا يمكن أن يوصف بأنَّهُ من شيعته إلَّا أن يكون نوح لهُ المرتبة ولهُ الفضل، وإلَّا كيف يوصف بأنَّهُ من شيعته؟ قد تكون لإبراهيم عليه السّلام خصوصية أنَّهُ أقرب في النسبة الجسدية إلى نبينا، وإلَّا نوح أيضاً هو واقعٌ في سلسلة أجداد النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، لكن كلَّما اقتربت الأجيال إلى جيل الولادة الْمُحَمَّديَّة، كما مرَّ علينا في الحلقات السابقة: بأنَّ هذا النور انشطر إلى شطرين في أطهرِ طاهرين في عبد الله وأبي طالب، حينَ كان الحديث عن الولادة العلوية في الأفق الأرضي في الحلقة الثانية من حلقات هذا البرنامج، وقرأتُ عليكم الروايةَ من الكافي الشريف، النور انشطر إلى شطرين في أطهر طاهرين في عبد الله وأبي طالب، كلَّما اقتربنا إلى أفق الولادة كلَّما عَلَت هذه المراتب: أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنتَ نُورَاً فِي الأَصْلاب الشَّامِخَة وَالأَرحَام المُطَهَّرة. كلَّما اقتربت إلى عصر الولادة كلَّما ارتفعت في الطهارة والرقي، على أيِّ حال لا أريد الآن الخوض في هذه القضيَّة. ولكن {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} فإبراهيم من شيعة نوح بحسب أفق العبارة، فإذا كان من شيعتِهِ قطعاً ستكون الفضيلة في المرتبة لنوح، وهذا المضمون أيضاً نفس هذه الرواية تقول: أوَّل من يُدعى، هذه الأوَّلية هي نفس الرواية تشير إلى فضلهِ وإلى علو منزلتهِ. إذا ذهبنا إلى الكافي الشريف، في الجزء الأوَّل، مراتبُ الأنبياء الّتي ترتبطُ بموضوع العصمة، والعصمة ترتبطُ بموضوع العلم النبوي، والعلمُ النبوي يرتبطُ بعلاقة النّبي، بعلاقة الرسول بالاسم الأعّظم، والرواية عن الصّادقِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه في الكافي في الجزء الأوَّل: إِنَّ عِيسَى ابنَ مَريم أُعطِي حَرفَين مِنَ الاسم الأَعّظم كاَنَ يَعملُ بِهمَا وأُعطيَ مُوسى أَربعَة أَحرُف وأُعطي إبراهِيم ثَمَانِيَة أَحرُف وأُعطي نُوحٌ خَمسَة عَشَرَ حَرفَاً. قد يقول قائل في الروايات وفي نفس الرواية: وَأُعطِيَ آدَمُ خَمسَةً وَعِشرينَ حَرفَاً؟ لكنَّ آدم لم يكن رسولاً ولم يكن من أولي العزم، الأنبياء أشرفهم هم الرُّسُل من أولي العزم، أشرفُ الأنبياء الرُّسُل، وأشرف الرُّسُل هم أولوا العزم، وأولوا العزم سيّد الكائنات مُحَمَّدٌ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، الحديث هنا لا علاقة لهُ بسيّد الكائنات، أولو العزم أربعة من دون نبينا: إبراهيم ونوح وموسى وعيسى، ففيما بين هؤلاء أعلاهم نسبةً هنا هو نوح، لأنَّ عيسى أُعطيَ حرفين، وموسى أربعة أحرُف، وإبراهيم ثمانية، وأُعطي نوحٌ خَمسة عشر حرفاً، فأعتقد، الرواية بحاجة إلى شرح لكنَّني لا أجد وقتاً لشرحِ كلّ شيء لكن الإشارة واضحة فيها، مع نفس الرواية هو أوَّل من يُدعى، لهُ الأوَّلية، مع نفس الآية من سورة الصّافات {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} مع نفس حروف الاسم الأعّظم، مع زيارة نوحٍ النّبي حينَ نذهبُ إلى النجف ونزور الأمير من جملةِ الطقوس في الزيارة النجفية زيارة أبينا آدم: وَعَلَى ضَجِيعيكَ آدَمَ وَنُوح؛ ونزور النّبي نوح، فماذا نقرأ في زيارتهِ؟ السَّلامُ عَلَيكَ يا نَبيَّ الله، السَّلامُ عَلَيكَ يَا صَفِيَّ الله، السَّلامُ عَلَيكَ يَا وَلِيَّ الله، السَّلامُ عَلَيكَ يَا حَبِيبَ الله، السَّلامُ عَلَيكَ يَا شَيخَ المُرْسَلِين؛ نبينا سيّد المرسلين، من هو شيخُ المرسلين؟ نوحٌ النّبي، وكما قلت: بأنَّ المرسلين هم أعلى رتبة في الأنبياء، وأعلى رتبة في المرسلين هم أولوا العزم – السَّلامُ عَلَيكَ يَا شَيخَ المُرْسَلِين – يعني هو شيخ للأنبياء، من باب الأوّلى إذا كان شيخاً للمرسلين، ولَمَّا كان هو من أولي العزم فهو أيضاً شيخ لأولي العزم – السَّلامُ عَلَيكَ يَا شَيخَ المُرْسَلِين – وهذه العبارة ليست عبارة تكريمية، وإنَّما هذه الأوصاف أوصاف حقيقية: السَّلامُ عَلَيكَ يا نَبيَّ الله، السَّلامُ عَلَيكَ يَا صَفِيَّ الله، السَّلامُ عليكَ يا أَمينَ الله فِي أَرضِه – هذه أوصاف حقيقية نفس السياق – السَّلامُ عَلَيكَ يَا شَيخَ المُرْسَلِين – وهناك إشارات وإشارات أخرى يمكن أنْ نستدل بها لكن البرنامج ليس منعقداً عن نوحٍ النّبي على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام. الزُبدَةُ: الزبدةُ أنَّ نوحاً أشرفُ الأنبياء الشاهدان على نبوتهِ، نوحٌ أشرفُ الأنبياء منزلةً، وأطولُ الأنبياء نبوَّةً، هو أشرف الأنبياء منزلَة، فستكون لهُ خصوصيات في نبوَّتهِ، ستكون لهُ علاقة فيما بينهُ وبين الله سبحانه وتعالى، ونبوَّتهُ أطولُ النبوات نبوَّة طويلة جداً، الشّاهدان على نبوَّتهِ وعلى تبليغهِ الحمزةُ والطيّار صلواتُ اللهِ عليهما، هؤلاء هما الشّاهدان، هذا الكلام سيشملُ جميع الأنبياء كما قال إمامنا الصّادق صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه: هما الشّاهدان للأنبياء. الحديثُ عن عليٍّ يمكن أنْ نتلمَّس أبعادهُ من خلال هذه اللقطة، إذا كان الحديثُ عن حمزة وعن جعفر بهذا الأفق العالي جداً فكيف يكون الحديثُ عن عليٍّ، ونحنُ لا زلنا في الأفق التأريخي، هذا الحديث كلُّهُ في الأفق التأريخي، وهذا الكلام كُلُّهُ في مظاهر الولادة العلوية الأرضية، لأنَّنا هنا نتحدَّث عن محشر يوم القيامة، محشر يوم القيامة والّذين يُحشرون هم استمرار للعالم الأرضي والحديث عن حمزة وعن جعفر فهو حديث عن العالم الأرضي ولذلك الرواية ماذا قالت؟ قالت بأنَّ نوحاً يُسأل ولم تبين الجهة الّتي تَسأل، الجهة الّتي تَسأل هم صلواتُ اللهِ عليهم، عليٌّ الّذي يسأل ولكن ذاك التجلي الّذي هو من الولادة في الأفق الأعلى، هو الّذي قال؟ مرَّ علينا بأنَّهُ يتقلَّبُ في الصور وتلك هي الصور الّتي يتقلَّبُ فيها، ما بين مظاهر الولادةِ العلوية، الولادة العلوية في الأفق الأعلى وما بين مظاهر الولادة العلوية في الأفق الأرضي. لا أدري أيَّ حديثٍ أذكر أيَّ حديثٍ لا أذكر المطالب تتدافع في رأسي والوقت ضيق لكنَّني سأجمل الكلام بقدرِ ما أتمكن أنْ أُجمِلهُ. وتقول الزيارة الغديريَّةُ والحديثُ عن عليٍّ وعدلين ميتين نذهب إلى فاصل مع عبد الرضا الرادود. وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ؛ نخاطبُ عليَّاً صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه – وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ وَصَلَّى لَهُ – أنا قلت الزّيارة تتحدَّث في الأفق التاريخي في الأبعاد التأريخية – وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ وَصَلَّى لَهُ – هذا كلامُ الإمام الهادي صَلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه ولا حاجة لي أنْ أثبِتَهُ وأن أدخل في نقاشاتٍ لا معنى لها، لأنَّ الْمُخالفين يرفضون هذا المعنى أو ذاك، ما لَنَا وللناس؟! نَحنُ والله بهم نأتم وعنهم نأخذ ولهم نُسلِّم نوالي من والوا ونعادي من عادوا، أعني أئمَّتنا، أعني بقيَّة الله صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه – وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ وَصَلَّى لَهُ – يا أمير المؤمنين – وَجَاهَد – أنتَ أوَّل مؤمن وأوَّل مُصلِّي وأوَّل مجاهد، وهذا التعبير أيضاً تعبير فيه الكثير من المُداراة! لأنَّني إذا قُلت بِلسَانِ الحقيقة: بأنَّ عليَّاً هو أوَّلُ من آمن قد يُوحي هذا المعنى بأنَّهُ هناك وجه للمقايسة فيما بينه وبين الثّاني الثّالث الرابع، التسلسل، ولا يوجد وجه للمقايسة، لأنَّكَ حين تضع مراتب: أوَّل ثاني ثالث رابع، لأيِّ شيءٍ؟ للناس للأشياء للموضوعات لابدَّ أن تكون هناك مناسبة مشابهة مقايسة، ولكن اللغة هي اللغة، والقضيَّة مأخوذة بالنظر التاريخي. أنا قلت: هذه الزّيارة زيارة تتحدَّث في البعد التأريخي، فعليٌّ من الجهة التأريخية البشرية هو أوَّلُ من آمن، لكن لا وجه للمقايسة على نحو الحقيقة! أوَّلُ من آمن فهل كان عليٌّ في لحظةٍ من اللحظات ليس مؤمناً؟ عليٌّ هو الإيمان، لكن هذا الترتيب هو الترتيب البشري الاعتيادي التأريخي – وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ وَصَلَّى لَهُ وَجَاهَد وَأبْدَى صَفْحَتَهُ فِي دَارِ الشِّرك – أبدى صفحتهُ في دار الشِّرك: أي كشف عن مُعتقدهِ، أبدى صفحتهُ، ما المراد من هذا التعبير في أصلهِ؟ المراد من الصفحة: هي صفحةُ البدن، صفحة البدن يعني الخاصرة، متى تبين صفحةُ البدن؟ حينما ينزعُ الإنسان ثيابهُ، حين يخلع الإنسان ثيابهُ ويرفع يديه حتَّى لو خلع ثيابهُ ووضع يديهِ على خاصرتيه فإنَّها لا تبين خاصرته، لا تَبينُ صفحته، وإنَّما تبين الصفحة متى؟ حينما ينزعُ الإنسان ثيابه ويرفع يديه فتَبين الخاصرة اليمنى واليسرى، هذا التعبير يقولهُ العرب لمن يكشف عن مرادهِ بشكل واضح دون خوفٍ أو وَجَل، لأنَّ النّاس بطبيعتها، وخصوصاً نوع الثياب العربية، الثياب العربية القميص العربي الطويل والقباء والعباءة وإلى آخرهِ والمئزر، ملابس كثيرة يغطي فيها العربي صفحة بدنهِ، أبدى صفحتهُ: يعني كشف عن مرادهِ بشكلٍ واضح. وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ وَصَلَّى لَهُ وَجَاهَد وَأبْدَى صَفْحَتَهُ؛ هذه القضيَّة لا تُذكر حتَّى في أجوائنا الشيعية، في الثقافة السنية الحديث عن عمر هو الّذي أوَّل من أبدى صفحتهُ، هو الّذي جاهر، والقضيَّة معروفة في كتبهم، في الجو الشيعي ربَّما تجد شخصاً يناقش القضيَّة ويُشكِّك في هذا الموضوع، لكن لا يطرح هذا الموضوع، هذا الموضوع واضح، هذه قضيَّة تأريخية مهمَّة؟! لكنَّها لا تُطرح في الثقافة الشيعية، لا تُطرح في ثقافة التأريخ الشيعي، مع أنَّ المصدر هو الإمامُ الهادي صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه – وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ وَصَلَّى لَهُ وَجَاهَد وَأبْدَى صَفْحَتَهُ – أبدى صفحتهُ يعني: أعلنها بشكلٍ واضح وصريح!! بأنَّهُ هو على هذا الدين، لماذا؟ لأنَّ القوم كانوا يخافون منه حتَّى على صغر سِنِّهِ!! رغم صغر سِنِّهِ كانوا يخافون منه!! – وَأبْدَى صَفْحَتَهُ – لأنَّهُ كان في سن العاشرة حينَ بدأت البعثة – وَأبْدَى صَفْحَتَهُ فِي دَارِ الشِّرك وَالأَرضُ مَشحُونَةٌ ضَلَالَة وَالشَّيطَانُ يُعْبَدُ جَهَرةً – دارُ الشرك والأرض مشحونةٌ ضلالة والشيطان يُعبد جهرة لكنَ عليَّاً أبدى صفحتهُ، قد تستغرب ذلك؟! الحمزةُ أيضاً أعلن إسلامه بشكلٍ علني وتحدَّى الجميع؟! وهذه الحادثة معروفة في كتب السير وفي كتب التأريخ وفي كتب السُنَّة قبل كتب الشيعة، الحمزة أعلنها صريحةً، لماذا تُقبلُ هذه المعلومة لأنَّها في كتب السُنَّة في وسطنا الشيعي ولا تقبل هذه المعلومة وهي عن إمامنا المعصوم العاشر؟! وكيف أتوقع ذلك من حمزة ولا أتوقع هذا من الكرار؟! وَأَنتَ أَوَّلُ مَن آمَنَ بِاللهِ وَصَلَّى لَهُ وَجَاهَد وَأبْدَى صَفْحَتَهُ – أعلنها صريحةً – فِي دَارِ الشِّرك والأَرضُ مَشحُونَةٌ ضَلَالَة وَالشَّيطَانُ يُعْبَدُ جَهَرةً – قد تقول رسول الله؟ رسول الله لهُ خصوصيته هو صاحب الرسالة، هناك الفترة السريَّة والعلنية ذلك شيءٌ آخر، لكنَّ عليَّاً صلواتُ اللهِ وسلامه عليه أبدى صفحتهُ أعلنها صريحةً، والَّذي يُشير، الحقائق التأريخية ضاعت ضاعت ضاعت، ضُيّعت، المخالفون ضيعوها، والشّيعةُ أهملوها فضاعت الحقائق. هذا هو تفسيرُ القمّي، تفسير ضعيف في نظر علمائنا ومراجعنا وخطبائنا رضوان الله تعالى على الماضين وأعلى الله درجات الباقين، في تفسير القمّي الّذي اعتقدُ برواياته والّذي يرفضهُ الكثير من علمائنا رضوان الله تعالى عليهم، لَقطةٌ أنقلُها لكم، أين؟ عندَ جبلِ أُحُد، وقُريش جاءت بكلِّ غضبها، غَاضِبة للّذي جرى عليها في بدر، جاءت بِكُلِّ غضبها، فقد أُهينت، سُحِقَت قُريش في بدر، سُحِقَت بسيف عليٍّ سحقاً، أُهينت كرامتها وكبرياؤها وخيلاؤها وقل ما شئت، بحيث هذه الإهانة ردَّةُ الفعل كانت واضحة، ردَّةُ الفعل يمكن أنْ نستكشفها من هِند والنساء اللاتي معها كن يحملن المكاحل، يعني كم عدد من المكاحل جلبنَ معهُنّ، أي واحد كان يفرَّ من ساحة المعركة في أُحُد النساء يُدرِكنَهُ ويعطينهُ مكحلة، وهذه إهانة كبيرة في العُرف العربي، لا أريد أنْ أقف عند هذا الأمر طويلاً، أُحُد وقُريش بكلِّ غضبها، والمسلمون المترددون والّذين فروا من ساحة المعركة وتركوا رسول الله. الرواية في تفسير القمّي، ماذا تقول؟ وَقَد كَانَت رَايَةُ قُرَيشٍ مَعَ طَلحَة اِبنِ أَبِي طَلحَة العَدَوي – أفرس فُرسانِهم وكان أشدَّهم غضباً – فَبَرَز وَنَادَى يَا مُحَمَّد تَزعَمُون أَنَّكُم تُجهِزُونَا بِأسيَافِكُم إِلَى النَّار وَنُجهِزَكُم بِأسْيَافِنَا إِلَى الجَنَّة فَمَن شَاء أَن يَلحَق بِجَنَّتهِ فَليَبرُز إِليَّ – من يبرز إليه؟ معروف لا حاجة إلى تكملة الكلام؟! – فَبَرَز إِلَيه وَهُوَ يَقُول – في مقتبل شبابهِ، يُخاطب هذا الطاغيّة طلحة ابن أبي طلحة العدوي، العدوي يعني من بني عَدي، من قريش، من نفس قبيلة عمر ابن الخطاب، ألا يقال: بأنَّ عمر هو عدوي، يعني من نفس هذه المجموعة – فَخَرَج إِلَيه: يَا طَلحُ إِنْ كُنْتَ كَمَا تَقُولُ لَنَا خُيُولٌ وَلَكُم نُصُولُ فَاثبُت لِنَنظُرَ أَيَّنَا المَقتُولُ وَأَيُّنا الأَوَّلى بِمَا تَقُولُ فَقَد أَتَاك الأَسدُ الصَؤُولُ بِصَارِمٍ لَيسَ بِهِ فُلُولُ يَنصُرهُ القَاهِرُ وَالرَّسُولُ يعترضون حين نقول: يَا مُحَمَّدُ يَا عَليُّ يَا عَليُّ يَا مُحَمَّد انصُرَانِي فَإِنَّكُمَا نَاصِرَان؛ هذا كلام عليٍّ: ينصرهُ القاهرُ والرّسولُ – فَقَال طَلحَة: مَن أَنتَ يَا غُلاَم؟ – كان عليُّ في مقتبل شبابه – قَال: أَنَا عَليُّ اِبنَ أَبِي طَالِب – لأنَّهم يلبسون لامة الحرب فقد لا تتبيَّن الوجوه وإلَّا لو رآه عياناً فإنَّهُ يعرفهُ – فَقَال طَلحَةُ: مَن أَنتَ يَا غُلاَم؟ قَال: أَنَا عَليُّ اِبنَ أَبِي طَالِب – فماذا قال طلحة؟ هنا مكتوب – يَا قَضِيم – هو مذكور في كتب التأريخ في الروايات كانوا يلقِّبون عليَّاً في صغرهِ: قُضَمَه قضيم – قَالَ: قَد عَلِمتُ يَا قَضِيم أَنَّهُ لاَ يَجسُرُ عَلَيَّ أَحَدٌ غَيرُك – قد علمتُ يا قضيم، وربَّما قُضمة في الأصل، لأن هذه الطبعة وليس هذه الطبعة تفسير القمّي تعرَّض إلى تحريفٍ بأيدي شيعية، حين نقارن بين تفسير القمّي النصوص الموجودة وبين النصوص الّتي نُقِلت في الكتب السابقة على الطبعات المعاصرة يعني مثلاً بحار الأنوار، بحار الأنوار المؤلف توفي سنة 1111 للهجرة أو سنة 1110 للهجرة، في ذلك الوقت نقل في كتابهِ عن تفسير القمّي، نجد الروايات الموجودة في بحار الأنوار المنقولة عن تفسير القمّي تختلف، توجد هناك تحريفات، أسماء كلمات محذوفة، على أيّ حال، فقطعاً هذا الأمر لم يقم به وهابي أو سُنّي أبداً، هذا شيء يجري داخل الوسط الشيعي لتحريف روايات أهل البيت، وهذه قضيَّة موجودة ولها أمثلة، بالنسبة لي لكثرة اشتغالي بهذا الموضوع القضيَّة واضحة عندي أراها كما أرى الشمس لأنَّني أشتغل في هذا الجو أكثر من ثلاثين سنة أنا أجول في مصادر حديث أهل البيت أكثر من ثلاثين سنة، فالقضيَّة واضحة عندي أنَّ العَبَث هو بأيدٍ شيعية. قَال: قَد عَلِمتُ يَا قَضِيم يَا قُضَمَة أَنَّهُ لاَ يَجسُرُ عَلَيَّ أَحَدٌ غَيرُك؛ وهذا يدلكُ على صدق كلامي قبل قليل حين قلت: بأنَّهُ لو رآه عياناً لَعَرَفهُ، الآن هو يسميه باسمهِ اّلذي كانت قريش تناديهِ به، فهم يخافونه، حتَّى ابن عبد ود العامري، قال مثل هذا الكلام، قال لم يتجرأ عَلَيَّ أحد ولا يتجرأ عَلَيَّ أحد غيرك. ما المراد من قَضِيم أو قُضمة؟ عَن هِشَام عَن أَبِي عَبد الله أَنَّهُ سُئِلَ عَن مَعنَى قَول طَلحَة اِبنِ أَبِي طَلحَة لَمَّا بَارَزَهُ عَليٌّ عَلَيه السَّلام يَا قَضِيم، قَال: إِنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه كَانَ بِمَكَّة لَم يَجْسُر عَلَيهِ أَحَد – من النّاس الكبار أو من النّساء الكبار – لَم يَجْسُر عَلَيهِ أَحَد – لماذا؟ – لِموضِع أَبِي طَالِب، إِنَّ رَسُول الله كَانَ بِمَكَّة لَم يَجسُر عَلَيهِ أَحَد لِمَوضِع أَبِي طَالِب – فماذا فعلوا؟ – وَأَغرَوا بِه الصِبيَان – حتَّى إذا يُعاتبوا يُقال هؤلاء صبيان – وَأغْرَوا بِهِ الصِبيَان وَكَانُوا إِذَا خَرَج رَسُول الله يَرمُونَهُ بِالحِجَارَةِ وَالتُراب – وهذه صبيانهم كبرت بعد ذلك وهي الَّتي فعلت نفس الأمر مع حُسينٍ في الطفوف، القوم هُم هم! – وَأَغَرَوا بِهِ الصِبيَان وَكَانُوا إِذَا خَرَج رَسُول الله يَرمُونَهُ بِالحِجَارَة وَالتُراب فَشَكَا ذَلِك إِلَى عَليّ – شكا لهُ يعني حَدَّثَهُ بالموضوع، هذا في بداية البعثة، في زمان أبي طالب، يعني كان عُمر الأمير عشر سنوات أو شيئاً قليلاً أكثر من ذلك – فَشَكَا ذَلِك إِلَى عَلِيّ، يُحدِّثُهُ كَيفَ أَنَّ الصِبيَان يَفعَلُون مَا يَفعَلُون مِن الأَذَى بِرَسُول الله – وقريش تضحك وتسخر! فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِي يَا رَسُول الله إِذَا خَرَجت فَأخْرِجنِي مَعَك، فَخَرَج رَسُول الله وَمَعَهُ أَمِيرُ المُؤمِنِين فَتَعَرَّضَ الصِبيَانُ لِرَسُول الله كَعَادَتِهم فَحَمَل عَلَيهِم – أمير المؤمنين – وَكَان يَقضِمُهُم فِي وُجُوهِهِم وَآنَافِهِم وَآذَانِهِم – روايات أخرى: كان يقلع آذانهم ويضعها في أيديهم، قد يقول قائل هذه قسوة هذه وحشية، قد يقول قائل هذا الكلام؟! الَّذي يُفعل برسول الله ما هو؟ الَّذي قام به الخِضر وموسى حينَ قتل الخضر ذلك الصّبي، هل هذه أيضاً وحشيَّة؟ أليس هذه أوامرُ الله سبحانه وتعالى؟ أنا لا أريد الآن الخوض في هذه القضيَّة، هذا الموضوع يمكن أنْ نتحدَّث عنه بشكل مُفصَّل، ولكن كيف يُدفع الشر؟ في كثير من الأحيان دفع الشر يحتاج إلى قسوة، في أحيان يحتاج إلى قسوة شديدة جداً!! فحين هؤلاء القرشيون الأوغاد يخافون من أبي طالب يُحرِّكون الصغار لابد أنْ يُعاقب الصغار، وإذا أردتُم أنْ تحسبوها أصوليةً فقهية فعليٌّ في عُمْرٍ لم يكن مُكلَّفاً، إذا أردتم أنْ تحسبوها بمثل هذه السفاهات فنحنُ أيضاً نسفهُ معكم بمثل هذه السفاهات!! وَكَانَ يَقْضِمُهُم فِي وُجُوههِم وَآنَافِهِم وَآذَانِهِم فَكَانُوا يَرجِعُونَ بَاكِين إِلَى آبَائِهم وَيَقُولُون قَضَمنَا عَليٌّ قَضَمنَا عَليٌّ فَسُمّي لِذَلِك القَضيِم – هم يعرفونه صغارهم كبارهم يعرفونهُ من البداية. لذلك هذا المعنى المذكور في الزيارة:- وَأبْدَى صَفْحَتَهُ فِي دَارِ الشِّرك والأَرضُ مَشحُونَةٌ ضَلَالَة وَالشَّيطَانُ يُعْبَدُ جَهَرةً – المعنى واضح جداً، لذلك قال لهُ: إنّي لا أتوقع أحداً يتجرأُ عَلَيَّ إلَّاك يا قضيم، أنا عرفت أنتَ الّذي تتجرأُ عَلَيَّ، وكان الّذي كان القصة طويلة في واقعة أحد، سنأتي على ذكر صور منها، إذا سنح الوقت في هذه الحلقة أو في الحلقة القادمة إن شاء اللهُ تعالى ونستمع إلى حمزة الزغير مفروض عالناس حُبَّك يا عليّ. وَلَم تَزَل – يَا أَمير – وَلَم تَزَل عَلَى بَيّنَةٍ مِن رَبِّكَ وَيَقينٍ مِن أَمرِك – ماذا تفعل؟ – وَلَم تَزَل عَلَى بَيّنَةٍ مِن رَبِّكَ وَيَقينٍ مِن أَمرِك تَهدِي إِلَى الحَقّ وَإلَى صِّرَاطٍ مُسْتَقِيم – تلاحظون هذا التكرار على هذا المصطلح لم يكن جزافاً!! – وَلَم تَزَل عَلَى بَيّنَةٍ مِن رَبِّكَ وَيَقينٍ مِن أَمرِك تَهدِي إِلَى الحَقّ وإلَى صِّرَاطٍ مُسْتَقِيم – إلى أن تقول الزيارة الشريفة – وَأَنَّهُ القَائِلُ لَكَ – الحديث هنا عن رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وآله والَّذي يخبرنا إمامنا العاشر – وَأَنَّهُ القَائِلُ لَكَ وَالّذِي بَعَثَنِي بِالحَقّ مَا آمَنَ بِي مَن كَفَرَ بِك – هذه الكلمة تختصرُ المطلب كلَّهُ – يا عليّ مَا آمَنَ بِي مَن كَفَرَ بِك!! وَأَنَّهُ القَائِلُ لَكَ وَالّذِي بَعَثَني بِالحَقّ مَا آمَنَ بِي مَن كَفَرَ بِك وَلَا أَقَرَّ بِاللهِ مَن جَحَدَك وَقَد ضَلَّ مَن صَدَّ عَنك وَلَم يَهتَدِي إِلَى الله وَلَا إِليَّ – والْمُتكلِّمُ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليه وآله – وَلَم يَهتَدِي إِلَى الله وَلَا إِليَّ من لا يَهتَدي بِك – لأنَّك أنتَ الصِّراطُ المستقيم وهذه قضيَّة طبيعية هذه مسألة بديهية! – وَلَم يَهتَدِي إِلَى الله وَلَا إِليَّ مَن لا يَهتَدي بِك وَهُو قَول رَبِّي عَزَّ وَجَّل – لربَّما هذه الآية الَّتي يوردها إمامنا الهادي هي أوضحُ آيةٍ أوضحُ آيةٍ في معنى حقيقةِ الصِّراط المستقيم بكلِّ معناه وبكلِّ حقيقتهِ في عليٍّ – وَلَم يَهتَدِي إِلَى الله – انتبهوا للعبارات عبارات دقيقة جداً – وَلَم يَهتَدِي إِلَى الله وَلَا إِليَّ مَن لا يَهتَدي بِك وَهُو قَولُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّي – الله يقول في قرآنهِ – وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى – الإمام يُكمِّل ينقل حديث النَّبي – ثُمَّ اهتَدَى إِلَى وِلَايَتِك – تنتبهون للآية – وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ – من الَّذي يتوب؟ هل الَّذي ليس مؤمناً يتوب؟ أمْ هو المؤمن يتوب؟! قطعاً الَّذي يتوب هو المؤمن، مؤمنٌ قصَّر، أذنب، وقع في المعصية، فَعَلَ شيئاً هو يعتقد بأنَّ ما قام بهِ بأنَّ أحواله ليست مَرضيَّةً عند الله، ما هو على الصِّراط المستقيم، فماذا يفعل؟ يتوجَّه إلى باب التوبة – وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ – ماذا تقول الآية؟ – لِّمَن تَابَ وَآمَنَ – أليس هو مؤمن؟ الذنوب لا تُسقِط الإيمان، الإيمان يبقى موجود ولكن الإنسان يكونُ عاصياً وإلَّا ما معنى الشفاعة؟ إذا كانت الذنوب تُسقط الإيمان، إذاً ما معنى الشفاعة؟ الشفاعة هي للذنوب، يعني الإيمان يبقى موجوداً مع الذنوب فتأتي الشفاعة، فهذا مؤمنٌ فعصى فتاب فجاءه إيمان ثانٍ، هذا الإيمان الثَّاني ما هو؟ أليس هذا الإيمان معتقد ومعرفة وعمل؟! – وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً – بعد ذلك الآية تقول:- ثُمَّ – لم تأتي بحرف الواو العاطفة، تلاحظون الآية – وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً – الواو هنا تأتي، هناك عملية تتابع، تابَ وبعد التوبة آمنَ، تقول: جاء زيدٌ وفلان وفلان ثُمَّ فلان، يعني هناك فاصل، لذلك يقولون مثلاً: ثُمَّ ماذا تفيد؟ تفيد التراخي، هكذا يقول علماءُ البلاغة، أنَّ ثم التراخي، فاصل يكون بين ما قبلها وبين ما بعدها – وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً – بعد كلّ هذه المقدمات: ثُمَّ اهْتَدَى: ماذا يقول إمامنا الهادي نقلاً عن خاتم الأنبياء، والكلام بين النّبي وبين الأمير؟ – ثُمَّ اهتَدَى إلى وِلَايتَك – أليس هو هذا المعنى الأكمل والأجلى للصِّراط المستقيم، كما في سورة الفاتحة أنت تبدأ: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيم} يعني أنت مؤمن بهذه المعاني {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أليس هذا إيمان وعمل بعد ذلك تطلب {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} أكُنتَ ضالاً لأنَّ الصِّراطَ المُستقيم عليٌّ ومعرفةُ عليٍّ ليس عند درجةٍ واحدة، معرفةُ عليٍّ درجاتها لا تعدُّ ولا تحصى!! هذا كلامه، هذا ما هو بكلامي، لا نقلتهُ عن سيّد قطب ولا عن ابن عربي ولا عن الطبري كما يفعل علماؤنا ومراجعنا ومفسرونا، هذا هو كلامُ الإمام الهادي عن نبينا مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم والزيارةُ موجودةٌ في بيوتكم وهي حُجَّةٌ عليكم. وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى؛ بعد كلِّ ذلك، هنا علينا أنْ نتساءل هل اهتدينا إلى ولاية عليٍّ أو لا؟ أوَّلاً: هل تُبنا؟ هل حصَّلنا على الإيمانِ الثاني؟ هل قمنا بالعمل الصالح؟ بعد هذه المقدمات هل اهتدينا إلى عليٍّ أو لا؟ هل معرفةُ عليٍّ هي مجرد الحبّ، حُبُّ عليٍّ يُنجي في الدنيا والآخرة ولكن عندك ضمان أنَّ هذا الحبّ يبقى معك؟ ألم نقرأ في دعاء أبي حمزة الثُمالي رضوان الله تعالى عليه والَّذي يُقرأ في مثل هذه الليالي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانَاً لَا أَجَلَ لَهُ دُونَ لِقَائِك – ما هو الإيمان؟ الإيمانُ: ولايةُ عليٍّ، معرفة عليٍّ؟! بدايتهُ الحُبّ، بدايته حبُّ عليٍّ – اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانَاً لَا أَجَلَ لَهُ دُونَ لِقَائِك أَحِينِي مَا أَحيَيتَني عَلَيه وتَوفَّنِي إذا تَوفَّيتَني عَلَيه وابْعَثنِي – يمكن أن يسلب من الإنسان بعد الموت – وابْعَثنِي إذا بَعثْتَنِي عَلَيه – يمكن أنْ يُسلب عند الموت، بعد الموت، قبلَ الموت، هل هناك من ضمان، لكن السؤال ما الَّذي يجعل هذا الحبّ ثابتاً؟ الَّذي يجعل هذا الحب ثابتاً المعرفة الوضوح، وضوح الرؤية، المعرفة الصريحة المأخوذة عنهم من هذه المصادر من مصادرهم، هو هذا الَّذي يجعل الحبَّ ثابتاً راسخاً، نحنُ نطلبُ المدد من عليٍّ نذهب إلى فاصل ونستمع إلى ملا باسم. نادي عليَّاً مُظهِرَ العَجَائب!! نَادِي عليَّاَ مَظْهَرَ العَجَائِب تجدهُ عوناً لَك فِي النَوائب كلُّ همٍّ وغمٍّ سينجلِي بِولايتك يَا عليُّ يَا عليُّ يَا عليّ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى إِلَى وِلَايَتِك؛ السؤال هنا، هل تُبنا توبةً صادقة؟ ونحنُ دائماً بحاجةٍ إلى التوبة، نحنُ في كلِّ أحوالنا بحاجةٍ إلى التوبة، هل تُبنَا تَوبةً صادقة؟! ولنْ تَكونَ التوبةُ صادقة ما لم تكن على أعتابِ الحُجَّةِ ابن الحسن، نحنُ عَبيدُ الحُجَّة ابن الحسن، مصيرنا أمرنا ديننا عند إمام زماننا هو عَلِيُّنا في هذا الزّمان، عليُّ زماننا الحُجَّةُ ابن الحسن!! بيعة الغدير هي بيعةٌ مع الحُجَّةِ ابنِ الحسن، فإذا كان الحديثُ عن توبةٍ التوبةُ بين يدي الحُجَّةِ ابن الحسن، فهل تُبنَا؟ والدليلُ على صِحَّة توبتَنا هو أنْ نَنَالَ الإيمانَ الثاني!! والإيمان الثاني وَرَدَ ذكرهُ في آيات كثيرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ} هذا المضمون وردَ وسنأتي على ذكرهِ في طوايا الحلقات القادمة إنْ شاء الله تعالى. فهل تُبنَا؟ ودليلُ صِحَّة التوبة هو أنْ نتذوَّقَ الإيمان الثاني: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى؛ هناك الهدايةُ الحقيقيةُ عند عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. لم أستطع أنْ أُكمِلَ حتَّى واللهِ، حتَّى رُبعَ ما كان في بالي أنْ أتحدَّثَ عنه، اختصرت، اختصرت الكثير من الحديث، لكن المطالب متشعِّبة والحديثُ عن عليٍّ بحرٌ موَّاجٌ لا تدري من أيِّ جهةٍ تبدأ وعلى أيِّ سَاحِلٍ تَقِف، لكنَّنا نبقى نجد الأمانَ والفلاحَ والراحةَ والاطمئنان بذكرِ عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. حينَ تشتدُّ الظُلُمات النُّورُ الَّذي يُفرّج هذه الظلمات عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، وحينَ تلتبسُ اللّوابس وتهجمُ الهواجم، وحينَ تَظلَّمُ الدوامِّس، النُّورُ الّذي يُشتِّتُ كلَّ ذلك عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، نَحنُ مَعَ عَلِيٍّ ونحنُ ندورُ حول عليٍّ، دِينُنَا عليٌّ، إسلَامُنا عليٌّ، إيمانُنَا عليٌّ، قُرآننا عليٌّ، عَقيدتنا عليٌّ، شريعتنا عليٌّ، كلُّ ما عندنا من حُسنٍ ومن حقٍّ إنْ كان ذلك عندنا فهو من عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، صَلاتُنا عليٌّ، صِيامُنا عليٌّ، هو يقول: أنا صلاة المؤمنين وصيامهم، شهرُ رمضاننا عليٌّ، وليلةُ قَدرِنا عليٌّ، وكعبتُنا عليٌّ، وكلُّ شيءٍ مدارهُ مدارُ عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. أستودعكم عليَّاً وألقاكُم على مَحبِّةِ عليٍّ وآل عليّ في أمانِ الله. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الأربعاء 6 شهر رمضان 1436هـ الموافق 24 / 6 / 2015م القرآن هو الصورة اللفظية عن الكتاب الاكبر الاعظم الناطق : عَليٌّ صلوات الله عليه . قراءة بعض مقاطع الزيارة الغديرية الموجودة في كتاب (مفاتيح الجِنان) هذه الزيارة اشتملت على اكثر المضامين والمطالب المهمّة الواردة في الزيارات المطلقة والزيارات المخصوصة . الحوزة العلمية لا تتبنى تثقيف الناس على مضامين الزيارات، والمضامين المعرفية في الزيارات هي المطلوبة هناك نظام هندسي ونظام اصطلاحي ونظام لُغَوي نُسجتْ زيارات اهل البيت على اساسه وعلى نَسَقه . المطالب التاريخية التي تُطرح على الفضائيات والتي يطرحها خُطباءُنا على المنابر وحتى المسلسلات والبرامج التاريخية وكذلك الثقافة الشيعية العامة، كلها تعتمد على ما هو موجود في كُتب المخالفين . الزيارة الغديرية تحدّثت عن حقائق تغيب عن ذهن الواقع الشيعي، وهي تُعَد من الزيارات المعتبرة بحسب موازين علم الرجال . (السلام عليك يا دين الله القَويم وصراطه المستقيم) هذا الخطاب هو خطاب حقيقي لأمير المؤمنين وليس على اساس المجاز او الاستعارة او الكناية. النبأ العظيم : عنوان خاص بِعَليٍّ على نحو الحقيقة، وليس كما يقول علماءُنا بانّ النبأ العظيم هو يوم القيامة موافقةً لأعداء عَليٍّ عليه السلام . واشهد انّك المعنيُّ بِقول العزيز الرحيم (وانّ هذا صراطي مُستقيماً فاتّبعوه ولا تتّبعوا السُبُل). بيان إجمالي للرواية الواردة في الجزء الثامن من كتاب الكافي الشريف والتي يرويها يوسف بن ابي سعيد عن إمامنا الصادق عليه السلام (كان نوح اول مَن يُدعى به فَيُقال له، هل بلّغتَ ؟) . معنى قوله تعالى (فَلمّا رأوه زُلفةً سيئت وجوه الذين كفروا) . الانبياء هُم شيعة عَليٍّ صلوات الله وسلامه عليه . إجابة عن سؤال … ما الدليل على انّ نوحاً هو افضل الانبياء، من لدُن آدم الى عيسى ؟ كُلّما اقتربت الاصلاب و الارحام ــ اجداد رسول الله ــ من عصر ولادة مُحمّدٍ وعَليٍّ صلوات الله عليهما كُلّما كانت هذه الاصلاب والارحام اشرف منزلةً واعلى رُتبةً . نوح هو اشرف الانبياء منزلة واطولهم نبوّة . معنى وصف أمير المؤمنين صلوات الله عليه (وأبدى صفحتَهُ في دار الشِرك، والارض مشحونةٌ ضلالةً، والشيطانُ يُعبَدُ جَهرةً) . كرامة قريش وكبرياءها سُحقت بسَيف عَليٍّ سحقاً في معركة بَدر . واقعة أُحُد وما جرى بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين طلحة بن أبي طلحة العَدَوي وسبب تسمية قريش لأمير المؤمنين عليه السلام (قَضيم او قُضَمَة). تفسير القُمّي تعرَضَ الى تحريف وبِأيادٍ شيعية قامت بتحريف روايات اهل البيت والعبث بها . قول خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله (يا علي، ما آمَنَ بي مَن كفر بك، ولا اقَرَّ بالله مَن جَحَدك، ولم يَهتَدِ الى الله ولا إلَيَّ مَن لا يهتدي بك) . بيان موجز لقوله تعالى (وإنّي غَفّارٌ لِمَنْ تابَ وآمنَ وعمل صالحاً ثم اهتدى) اي اهتدى الى ولايتك يا علي المعرفة الصريحة المأخوذة منهم عليهم السلام ووضوح الرؤية هو الذي يجعل حُبَّ عَليٍّ ثابتاً . لن تكون توبتنا صادقة ما لم تكن هذه التوبة عند اعتاب الحُجّة بن الحسن وبين يديه صلوات الله عليه . نبقى نجد الأمان والراحة والفلاح بِذِكر عَليٍّ صلوات الله وسلامه عليه .