يا عليّ – الحلقة ٨ – وقفة عند الزّيارة الغديريّة ج٣ Show Press Release (11 More Words) يا عليّ – الحلقة 8 – وقفة عند الزّيارة الغديريّة ج3 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (6٬422 More Words) يازهراء وهل هُناكَ أجملُ مِن هَذا الاسم أبتدئُ بهِ حَديثي … قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلهِ وسلَّم: لَوْ كَانَ الحُسنُ صُورَةً، لَو كَانَ الحُسنُ هَيئَةً لَكَانَت فَاطِمَة صَلوات اللهِ وسَلامه عليها بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعلِهَاِ وَبَنِيهَا وَالسرِّ المُستودَعِ فِيهَا … يَا عَلِيّ … الحَلَقَةُ الثَّامنةُ: وَقفَة عِند الزِّيَارَة الغَدَيرِيَّة ج3 الحَلَقَةُ الثَّامنةُ وَقفَة عِند الزِّيَارَة الغَدَيرِيَّة ج3 الحلقةُ الثَّامنةُ من برنامجنا: (يَا عَلِيّ) سَلامٌ عليكُم أَشيَاعَ أَمِير المؤُمِنين أَنَّى كُنتُم إِخوَتِي أَخوَاتِي أَبنَائِي بَنَاتِي.. لا زِلتُ في أجواءِ الزِّيارة الغديريَّة، ومرَّ الحديثُ في حلَقةِ يومِ أمس في جوانبَ منها، وصلنا إلى نهاياتِ أجواءِ واقعة الأحزاب:- فَقَتَلتَ عَمْرَهُم وهَزَمتَ جَمعَهُم وَكَفَى اللهُ الْمُؤمِنِينَ القِتَالَ بِكَ يَا عَلِيّ – ثُمَّ الزِّيارةُ تناولت يومَ أُحُد – وَيَومَ أُحُد إذْ يُصعِدُون وَلَا يَلْوُون عَلَى أَحَد – والتعابير هي تعابيرُ القُرآن – وَالرَّسُولُ يَدعُوهُم فِي أُخرَاهُم وَأَنتَ تّذُودُ بُهَمَ المُشرِكِينَ عَن النَّبِي ذَاتَ اليَمينِ وَذَاتَ الشِّمَال حَتَّى ردَّهُم الله تَعَالَى عَنْكُمَا – ليس في ساحة المعركةِ إلَّا هُما صلَّى الله عليهما وآلهما!! – حَتَّى ردَّهُم الله تَعَالَى عَنْكُمَا خَائِفِين ونَصَرَ بِكَ الخَاذِلِين – ساحةُ المعركة ليس فيها إلَّا رسولُ الله وسيّدُ الأوصياء، فكيفَ ردَّ القومُ خائفين عنهما بعد أن فرَّ المسلمون بأجمعهم، الصَّحابةُ بأجمعهم فرُّوا جُبناً وخوفاً وهلعاً وكانت الأصواتُ تتردَّدُ في وسطِ المعركة بأنَّ مُحَمَّداً قد قُتِل صلَّى اللهُ عليهِ وآله. بدايةُ المعركة كَيف جَرت؟ لستُ هنا بصدد ذكرِ كلِّ الحوادث الجزئية والتفصيلية سواء كانت كبيرة أو صغيرة، إنَّما أخذُ لقطاتٍ، من خلال هذه اللّقطات يمكنكم أن تتصوَّروا ماذا كان يجري على الأرض!! الشّيخ الصَّدوق ينقلُ لنا المحاورة الَّتي دارت بين أمير المؤمنين وبين أصحاب الشورى العُمرية، فكان سيّد الأوصياء يحتجُّ عليهم، محاججة طويلة، من جملةِ ما قالهُ أميرُ المؤُمنين في محاججتهِ لأعضاء الشورى العُمرية قال – نَشَدتُكم بِالله هَل فِيكُم أَحدٌ – من الجالسين في المجلس، الَّذين انتخبهم عُمرُ ابن الخطاب في قضيَّة الشورى بعد مقتلهِ، الأمير يقول لهم – نَشَدتُكُم بِالله هَل فِيكُم أَحدٌ قَتَل مِن بَنِي عَبد الدّار تِسعَةً مُبارَزةً كُلُّهم يَأخذُ اللّوَاء – وهؤلاء كانوا عِينةُ القوم، عِينةُ فرسان قريش الَّتي جاءت بكلِّ غضبها وبكلِّ حقدها على النَّبي، حين جاءوا ووصلوا إلى أُحُد ووجدوا النَّبيَّ ومن معهُ بانتظارهم، وإلَّا كان مخطَّطهُم الهجوم الكاسح على المدينة، جاءوا بكلِّ حقدِهم وبكلِّ غضبهم، جاءوا يثأرون لِمَا جرى عليهم في بدر، الإمام هنا يسألهم، يسأل أهل الشُورى – نَشَدتُكُم بِالله هَل فِيكُم أَحدٌ قَتَل مِن بَنِي عَبد الدّار تِسعَةً – وهذا هو الَّذي أربك قُريش، حينَ قُتل بنو عبد الدار وهم حَمَلةُ الراية ومن أسرةٍ واحدة من عائلةٍ واحدة – نَشَدتُكُم بِالله هَل فِيكُم أَحدٌ قَتَل مِن بَنِي عَبد الدّار تِسعَةً مُبارَزةً – المبارزة تختلف عن القتال العام داخل المعركة – كُلُّهم يَأخذُ اللّوَاء ثُمَّ جَاءَ صُواب الحَبَشِي مَولاَهُم – وهذا صُواب الحبشي كانَ مهولاً في بُنيتهِ الجسديَّة وفي قوَّته – ثُمَّ جَاءَ صُواب الحَبَشِي مَولاَهُم وَهُوَ يَقُول – مولاهم يعني؛ عبدهم – وَهُوَ يَقُول وَاللهِ لَا أَقتُلُ بِسَادَتِي إِلَّا مُحَمَّداً قَد أَزْبَدَ شَدَقَاه أَو شَدْقَاه – الشَّدْق أو الشَّدَق هو: طرفا الفم. يعني خرج الزَّبدُ من طرفي فمه، وذلك علامةُ الغضبِ الشّديد – قَد أَزبَدَ شَدَقَاه وَاحمَرَّت عَينَاه فَاتَّقيتُمُوه – أنتم، خفتم منه – فَاتَّقَيتُمُوه وَحدتُم عَنه – ملتم – وَخَرَجتُ إِلَيه فَلمَّا أَقبَلَ – الإمام هكذا يصفُ ضخامتهُ الجسديَّة – فَلمَّا أقبلَ كأنَّهُ قُبَّةٌ مَبنيَّة – كأنَّهُ بناء – كأنَّهُ قُبَّةٌ مَبنيَّة فَاختَلَفتُ أَنَا وَهُوَ ضَربَتَين فَقَطعتَهُ بِنصفَين – قَطَعَهُ مِن محزمهِ – فَاختَلَفتُ أَنَا وَهُوَ ضَربَتَين فَقَطعتَهُ بِنصفَين وَبَقِيَت رِجلاَه وَعَجزُهُ وَفَخذَاه قَائِمَةً عَلَى الأَرض – سُرعة الضربة ولا زالت الحرارة في جسدِ صُواب، الضربة السريعة، قطعهُ الأمير نصفين، النصف الأعلى سقط على الأرض ولكن بقيَت رجلاه واقفتين منتصبتين تتحرَّكانِ في أرضِ المعركة – وَبَقِيَت رِجلاَه وَعَجزُهُ – لأنَّهُ ضربهُ من المحزم – وَبَقِيَت رِجلاَه وَعَجزُهُ وَفَخذَاه قَائِمَةً عَلَى الأَرض تَنظرُ إِلَيهِ المُسلِمُون وَيَضحَكُون مِنه – كانت البدايةُ هكذا، كانَ المسلمون يضحكون في ساحة المعركة من هذا المشهدِ ومن غيرهِ، وأميرُ المؤمنين ظهرت على يديه مشاهد في أُحُد لم تظهر في وقائع أُخرى، مثل هذا المشهد مثلاً!! – قَالوا اللَّهُمَّ لاَ – أهل الشورى قالوا: اللَّهم لا. البدايةُ كانت هكذا ولكن المخطَّط الإبليسي لقتل النّبيّ بدأ يشتغلُ شيئاً فشيئاً، بعد أنْ ضَحك المسلمون على هذا المشهد والتحموا، هُنا بدأ المخطَّطُ الإبليسي، القُرآنُ أيضاً يشير إلى ذلك؟! إذا ذهبنا إلى سورة آلِ عمران والآيةُ الثَّالثةُ والخمسون بعد المئة:{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ} فرار في جميع الاتجاهات {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} ولكن لا تسمعون؟! تستمرُّ الآيات، الآية الخامسة والخمسون بعد المئة: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ} فرّوا، وهم جميعاً فرّوا من المعركة {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ} من هنا بدأت العمليَّة {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ}. أوَّل حركة كانت في هذا المشروع الشِّيطاني، في المشروع الإبليسي، أوَّل حركة كانت حينما وسوسَ للمجموعة الَّتي أمرها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وآله أنْ يَقفوا على جانبٍ من الجبل وهم مجموعةُ الرُّماة، بقيادةِ عبد الله ابن جُبير، خمسون رجل من المسلمين بقيادة عبد الله ابن جُبير أمرهم النّبيّ أنْ يقفوا في جانبٍ من الجبل وهكذا قال لهم: لو رأيتمونا تبعنا القوم، يعني القوم فرّوا وانهزموا، لو رأيتمونا دخلنا مكَّة وراءهم فلا تتحرَّكوا من مراكزكم، اثبتوا في أمكنتكم، ولو أريتموهم هزمونا حتَّى أدخلونا المدينة فلا تتحرَّكوا من أماكنكم!! ما إنْ التحم المسلمون مع قريش بعد أنْ جَندَلَ أميرُ المؤمنين فُرسَانهم بنو عبد الدّار ومولاهم صُواب، وإذا بالرُّماة يتسلَّلون شيئاً فشيئاً لم يبقى منهم إلَّا اثنا عشر، فدار من الخلف خالد ابن الوليد ومعهُ جمعٌ كبير من قريش فقتلوا عبد الله ابن جُبير ومن بقي من المسلمين في جانب الجبل. • إذاً أوَّل خطوة: معصيةُ رسول الله من قِبَل المسلمين، من قِبَل الصَّحابة فتركوا مواقعهم!! • الخطوة الثانية: فرارُ الصحابة جميعاً، الصحابةُ فرّوا جميعاً من ساحة المعركة!! الَّذي يُحدِّث عبدُ الله ابن مسعود، هذا هو كتابُ الإرشاد لشيخنا المفيد رحمةُ اللهِ عليه، الكلام ينقلهُ زيدُ ابنُ وهب، زيدٌ ابنُ وهب يقول:- قُلتُ لابنِ مَسعُود – لعبد الله ابن مسعود – انهَزَمَ النَّاس عَن رَسُول الله حَتَّى لَم يَبقَى مَعَهُ إِلَّا عَلِيُّ اِبنُ أَبِي طَالِب وَأَبُو دُجَانَة وَسَهلٌ اِبنُ حُنَيف – هذا يتردَّد حتَّى في كتبنا الشيعيّة وفي مجالسنا الشيعيّة: بأنَّ النَّاس انهزموا ولم يبقى إلَّا الأمير وأبو دجانة وسهل ابنُ حُنَيف – فماذا قال ابن مسعود؟ قَال: اِنهَزَم النَّاسُ إِلَّا، إِلَّا، إِلَّا عَلِيُّ اِبنُ أَبِي طَالِب وَحدَهُ – فَقَط، الجميع انهزموا إلَّا علي – قَال: اِنهَزَمَ النَّاسُ إِلَّا عَلِيُّ اِبنُ أَبِي طَالِب وَحدَه وَثَابَ – بعد ذلك، ثاب: يعني رجع – وَثَابَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه نَفَر – أفراد قلائل رجعوا – وَكَانَ أَوَّلُهُم عَاصمُ اِبن ثَابِت وَأَبُو دُجَانَة وَسَهلٌ اِبنُ حُنَيف وَلَحقهُم طَلحَةُ اِبنُ عُبَيد الله – فَقُلتُ لَهُ: فَأينَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَر؟ قَالَ: كَانَا مِمَّن تَنَحَّى – من الَّذين فرّوا وابتعدوا – قَال، قُلتُ: فَأَين كَانَ عُثمَان؟ قَالَ: جَاءَ بَعدَ ثَلاثَةٍ مِنْ الوَقعَة – فرَّ فِرارا بعيداً، ما رجع إلى المدينة إلَّا بعد ثلاثة أيام – قَال، قُلتُ: فَأَين كَانَ عُثمَان؟ قَال: جَاءَ بَعد ثَلاثَةٍ مِن الوَقعَة، فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه: لَقَد ذَهَبت فِيهَا عَرِيضَةً – يعني فررت فراراً بعيداً، بالغت في الفرار – لَقَد ذَهَبت فِيهَا عَرِيضَةً – قال زيدٌ ابنُ وهب:- قَال فَقُلتُ لَهُ – لعبد الله ابن مسعود – فَأينَ كُنتَ أَنت؟ قَال: كُنتُ فِيمَن تَنَحَّى – عبارة تنحى مخفَّفة، هم فرّوا من المعركة، تنحى يعني ابتعد، هل هذا التخفيف من عبد الله ابن مسعود؟! أم من زيدٍ ابن وهب؟! لأنَّ الكلام في الواقعة عن أبي بكرٍ وعمر، أم من جهةٍ أخرى حرَّفَت في الكلام وإلَّا القُرآن صريح من أنَّهم فرّوا فراراً واضحاً صريحاً والنَّبيُّ يدعوهم وهم لا يلتفتون. قَال، فَقُلتُ لَهُ: فَأينَ كُنتَ أَنت – يا ابن مسعود؟ – قَال: كُنتُ فِيمَن تَنَحَّى؟ قَالَ، فَقُلت لَهُ: فَمَن حَدَّثَك بِهَذَا؟ – يعني من حدَّثك بفرار الجميع وبرجوع فلان وفلان، عاصم وأبو دجانة وسهل وكذلك من حدَّثك بفرارِ أبي بكرٍ وعمر، من حدثك ببقاء عليٍّ لوحدهِ؟ – قَالَ، فَقُلت لَهُ: فَمَن حَدَّثَك بِهَذَا؟ قَالَ: عَاصمٌ وَسَهل اِبنُ حُنَيف. قَال، قُلتُ لَهُ: إِنَّ ثُبوت عَلِيٍّ فِي ذَلِك المَقَام لعَجَب – الجميع فرّوا فقط هو ثَبَت؟! – فَقَال: إِن تَعَجَّبتَ مِن ذَلِك لَقَد تَعَجَّبَت مِنهُ المَلاَئِكَة، أَمَا عَلِمتَ أنَّ جَبرَائِيل قَال فِي ذَلِكَ اليَوم وَهُوَ يَعرُجُ إِلَى السَّمَاء: لَا سَيفَ إِلَّا ذُو الفَقَار وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيّ!! – هذه الكلمة الأصلية: (لا فتى إلَّا عليّ) لكن حتَّى هذه الكلمات يُحَاوَل أنْ يُقدَّم فيها الشيء الَّذي يُقلِّل من شأن عليّ!! جبرائيل قال: (لا فتى إلَّا علي) بعد ذلك ذكر السيف!! – لَا سَيفَ إِلَّا ذُو الفَقَار وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيّ، فَقُلتُ: فَمِن أَين عُلِم ذَلِك مِن جَبرَائِيل؟ – من الَّذي قال بأنَّ جبرائيل هو المنادي؟! – فَقَال اِبنُ مَسعُود: سَمِعَ النَّاسُ صَائِحَاً يَصِيحُ فِي السَّمَاء بِذَلِك فَسَألُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه عَنه، فَقَال: ذَاكَ جَبرَائِيل. إذاً الرماة تركوا مواضعهم! الصحابةُ فرّوا جميعاً من ساحة المعركة لم يبقى إلَّا أميرنا صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه! حمزةُ قتلوه! قُتِلَ غدراً، قتلهُ وحشي، بعد أنْ قامت هِند بإثارة وحشي جنسيَّاً ووعدتهُ أنْ ينال منها ما يريد ووعدتهُ أيضاً أن تعطيَهُ كلَّ مصوغاتها الذهبيَّة، على أنْ يقتُل مُحَمَّداً، عليَّاً، الحمزة، فوجد الغدرَ بالحمزة أسهل، هو يصفُ لنا ما الَّذي جرى، الَّذي ينقل الكلام هو القمّي في تفسيرهِ، فماذا يقول وحشي؟ وحشي هو العبد الَّذي اتفقت معهُ هند؟! فَأخذتُ حَربَتِي فَهزَزتُهَا وَرَميتهُ فَوَقعَت فِي خَاصِرَتهِ وَخَرَجَت مُغَمَّسةً بِالدَّم فَسَقَط – وقعت في خاصرتهِ وخرجت من الجانب الثّاني، وخرجت مغمَّسةً بالدَّم فسقط الحمزة – فَأَتَيتهُ – هو وحشي جاءهُ – فَأَتَيتَهُ فَشَقَقتُ بَطنَهُ وَأَخذتُ كَبِدَهُ وَأَتيتُ بِهَا إِلَى هِند فَقُلتُ لَهَا: هَذِه كَبِدُ حَمزَة فَأَخَذتهَا فِي فِيهَا فَلاكَتهَا فَجَعَلَهَا اللهُ فِي فِيهَا مِثل الدَاغِصَة – الداغصة: عظم، جعلها شيئاً متصلِّباً – فَلَفظتهَا وَرَمَت بِهَا فَبَعث اللهُ مَلَكَاً فَحَمَلَهَا وَرَدَّهَا إِلَى مَوضِعهَا، فَقَالَ أَبُو عِبد الله عَلَيه السَّلام – هذا الكلام ينقلهُ القمّي عن الإمام الصَّادق، الإمام الصَّادق يقول هكذا قال وحشي، الإمام يُحدِّث عن التفاصيل – فَقَالَ أَبُو عَبد الله عَلَيه السَّلام: يَأبَى الله أَن يُدخِلَ شَيئَاً مِن بَدَنِ حَمزَة النَّار، فَجَاءَت إِلَيه هِند – فماذا فعلت؟! – فَقَطَعَت مَذَاكِيرَهُ – ماذا تتوقَّع من هند؟! الهاجس الأوَّل؟! ماذا يدور في ذهن هند؟! – فَجَاءَت إِلَيهِ هِند – وبالمناسبة الشُهداء الَّذين قُتِلوا في أُحُد فعلوا معهم نفس هذه القضيَّة، لكن البداية كانت هند مع الحمزة، بقيَّة شُهداء أُحُد أيضاً مثَّلوا بهم شرَّ تمثيل، وأيضاً قطعوا مذاكيرهم وقطعوا آنافهم وآذانهم – فَجَاءَت إِلَيه هِند فَقَطعَت مَذَاكِيرَهُ – ماذا يُتوقَّع من هند؟ ماذا يتوقَّع من هؤلاء؟! هو هذا الشيء الطبيعي. أبيات من قصيدة من أبدع قصائد السيّد حيدر الحلي رحمةُ الله عليه قصيدة مهموزة هائية يقول فيها أبيات أقتطفها من هذه القصيدة: حَشدَت كتائبها على ابنِ مُحَمَّدٍ: يُشير إلى سيّد الشُهداء … حَشَدَت كَتَائِبهَا عَلى ابنِ مُحَمَّدٍ بِالطَّفِّ حَيثُ تَذكَّرت آبائَهَا اللهُ أَكبرُ يَا رواسي هَذه الأرضُ البسيطةُ زايلي أرجاءَها يلقى ابن منتجع الصَّلاح كتائباً؛ منتجع؛ المكان الَّذي ينمو فيه الصلاح، منتجعُ الصلاح، المكان الَّذي ينتشرُ فيهِ الصلاح. يلقى ابنُ منتجع الصَّلاح كتائباً عَقَد ابن منتجع السِّفاح لِواءَهَا نحنُ نخاطبُ الحُسين: أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنتَ نُوراً في الأَصْلابِ الشَّامِخَة وَالأَرحَامِ الْمُطَهَّرة لَمْ تَنُجِّسكَ الجَاهِلِيَّة بِأَنْجَاسِهِا وَلَم تُلْبِسكَ الْمُدْلَهِمَّاتُ مِن ثِيَابِهَا!! الطرف الثاني معروف!! يلقى ابنُ منتجع الصَّلاح كتائباً عَقَد ابن منتجعُ السِّفاح لواءها ما كان أوقحها صبيحة قابلت بالبيض جبهتهُ تُريقُ دِماءها ما بلَّ أوجهها الحيا ولو أنَّها قِطعُ الصّفا بلَّ الحيا ملساءها ما بلَّ أوجهها الحيا؛ الحيا: يعني الحياء. ما بلَّ أوجهها الحيا ولو أنَّها قطع الصفا؛ قطع الصفا: الصفا الصخور. ولو أنَّها قِطعُ الصفا بلَّ الحيا ملساءها؛ الحيا هنا معناها: المطر. موطن الشاهد هنا: من أين تخجلُ أوجهٌ أمويَّةٌ؛ من أين يأتيها الخجل؟! من أين تخجل أوجهٌ أُمويةٌ سَكبت بلذَّات الفُجور حياءَها هذا هو الَّذي يتوقَّعُ من هند ومن أبناءِ هند ومن زوجِ هند!! فَجَاءت إِلَيه هِند فَقَطَعَت مَذَاكِيرَهُ وَقَطعَت أُذُنَيه وَجَعلتهُما خرصَين وَشَدَّتهُمَا فِي عُنقها – خرصين يعني: بشكل دائرتين – وَقَطَّعت يَدَيه وَرجلَيه – دائماً تُذكر قضيَّة الكبد، القضيَّة أكبر من الكبد!! – فَقَطَعَت مَذَاكِيَره وَقَطَعَت أُذُنَيه وَجَعَلتهُمَا خرصَين وَشَدَّتهُمَا فِي عُنقِهَا مِثل القِلاَدَة وَقطَعَت يَدَيه وَرِجلَيه!! – لذلك حينَ يقف رسول الله صلَّى الله عليه وآله على عمِّهِ الحمزة، ماذا يقول؟ أيضاً في تفسير القمّي – ثُمَّ قَال رَسُول الله: مَن لَهُ عِلمٌ بِعَمِّي حَمزَة – هذا بعد انتهاء المعركة – مَن لَهُ عِلمٌ بِعَمِّي حَمزَة؟ فَقَال الحَارثُ اِبنُ سُمَيَّة: أَنَا أَعرِفُ مَوضِعَه – يعني أعرف الموضع الَّذي قُتل فيه – فَجَاء الحَارِث حَتَّى وَقَفَ عَلَى حَمزَة فَلَمَّا رَأى حَمزَة بِهَذَا الوَضع فَكَرِهَ أَنْ يَرجِع إِلَى رَسُول الله فَيُخبرَهُ. فَقَالَ رَسُول الله لِأمِير المُؤمِنِين: يَا عَلِيّ اطلُب عَمَّك – اِبحث عن جُثتهِ عن جسدهِ – فَجَاء عَلِيٌّ فَوَقَفَ عَلَى حَمزَة فَكَرِه أَن يَرجِع إِلَيه لَمَّا رَأَى مَا رَأَى، فَجَاء رَسُول الله حَتَّى وَقَف عَلَيه فَلَمَّا رَأَى مَا فُعِلَ بهِ بَكَى، ثُمَّ قَال: وَاللهِ مَا وَقَفتُ مَوقِفَاً قَطّ أَغيَظَ عَلَيَّ مِن هَذَا المَكَان – للّذي رآهُ في جسدِ الحمزة – وَاللهِ مَا وَقَفتُ مَوقِفَاً قَطّ أَغيَظَ عَلَيَّ مِن هَذَا المَكَان – لأنَّ الَّذي جرى على الحمزة هو ما مرَّت الرواية به قبل قليل وأكثر من ذلك!! – لَئِن أَمكَنَنِي اللهُ مِن قُرَيش لأَمُثلَّن بِسَبعِين رَجُلاً مِنهُم وَنَزَلَت الآية: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} فَقَال رَسُول الله: بَل أَصبِر – الإمام يقول هذه الآية: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} هذه الآية الآن في ترتيب المصحف موجودة في سورة النحل، الإمام يقول: كان يجب أن تكون في هذه السورة، يعني في سورة آلِ عمران الَّتي فيها الآياتُ الَّتي تتحدَّث عن واقعة أُحُد ولكنها وُضعت هناك في سورة النحل، وُضعت هناك كي تُخفَّف المضامين. الحمزةُ قُتِل! الرُّماة ترَكوا مراكزهم! والصَّحابةُ فَرّوا من ساحة المعركة! والحمزة قُتِل بهذه الطريقة الغادرة، ثمَّ مثَّلوا به شرَّ تمثيل بجسدهِ الشريف، وبعد ذلك أيضاً مثَّلوا بأجساد الشُهداء، ولكن الحمزة لهُ خصوصيتهُ، وصاح إبليس: بأنَّ مُحَمَّداً قد قُتِل!! بحيث نفسُ الصحابة هم كانوا يُردِّدون هذا الكلام، والقرَشيُّون أيضاً كانوا يردِّدون هذا الكلام. الروايةُ ماذا تقول؟ وَصَاحَ إِبلِيسُ بِالمَدِينَة – بحيث الصيّحة وصلَت إلى كلِّ مكان، الصيّحة في المدينة، المعركة ليست في المدينة ولكن لإكمال المخطَّط، حتَّى الصحابة لو فكَّر بعضهم أنْ يعود إلى ساحة المعركة فهو لنْ يعود!! وقُرَيش ستطمع في قتلهِ، حتَّى يدخل الانكسار في قلب أهلِ المدينة، في قلب المسلمين الفارين أكثر فأكثر ويكون هناك إقدام وإقبال على الحرب بمعنويةٍ عالية من قِبَل قريش – وَصَاحَ إِبلِيسُ بِالمَدِينَة قُتل مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه فَلَم يَبقَى أَحدٌ مِن نِسَاء المُهَاجِرِين وَالأَنصَار إِلَّا وَخَرَج وَخَرَجَت فَاطِمَةُ بِنتُ رَسُول الله – لأن القضيَّة وصلت إلى الحدّ الأعلى، إذا لم يكن الجهاد مكتوباً على النساء الآن القضيَّة تجاوزت الأحكام والفتاوى – وَصَاحَ إِبلِيسُ بِالمَدِينَة قُتل مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه فَلَم يَبقَى أَحدٌ مِن نِسَاء المُهَاجِرِين وَالأَنصَار إِلَّا وَخَرَج وَخَرَجَت فَاطِمَةُ بِنتُ رَسُول الله تَعدُوا عَلَى قَدَمَيهَا حَتَّى وَافَت رَسُول الله وقَعَدَت بَين يَدَيه وَكَانَ إِذَا بَكَى رَسُول الله بَكَت وَإِذَا اِنتَحَبَ اِنتَحَبَت – المشهد مشهد مَهول، فلم يبقى في ساحة المعركة إلَّا مُحَمَّدٌ وعليّ!! المشكلة الآن الَّتي هي في مواجهة قريش من هو؟ عليٌّ، عليٌّ المشكلة دائماً! ومشكلتنا الآن عليٌّ! مشكلتنا عليٌّ!! مع أعدائهِ وحتَّى مع أوليائِهِ، المشكلةُ عليٌّ!! مشكلةُ قُريش عليٌّ لنْ يَصِلُوا إلى مُحَمَّدٍ حتَّى يُجندِلوا عليَّاً، الجيشُ بكُلِّه قرَّرَ أنْ يقتل عليَّاً، كيف يقتلونهُ؟ عليٌّ يدور، حركتهُ سريعة لا يستطيع أحد أنْ يقترب منه، القرار ما هو؟ يُشكِّلوا دوائر وتُشهَر الرِّماح بِكُلِّها باتجاه عليٍّ ثم يهجمون بكلِّ رماحهم وبكلِّ دوائرهم فأين يتحرَّك عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، بأيِّ اتجاه ستكون الرماح قد اخترقته لأنَّهم سيُشكِّلون دوائر، من الَّذي يروي هذه الحكاية؟ لنستمع إلى كتاب الاحتجاج أيضاً ضعيف في نظر علمائنا ومراجعنا وخطبائنا أعلى الله تعالى مقاماتهم، أيضاً هو كتاب ضعيف؟! نقاشٌ بين أبي بكرٍ وعمر، النقاش طويل في أيام خلافة أبي بكر بعد أنْ غَصَبَ فدكاً من بنت مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله، أبو بكر يُذكِّر عُمَر بالَّذي جرى في أُحُد وقطعاً هذه لقطة يُصوّرها لنا أبو بكر، التفاصيل الحقيقية ليست بأيدينا وليس كُلِّ الَّذي جرى في أُحُد نقلهُ أبو بكر، هذه لقطة ولكن اللّقطة تُنبيكَ عن شيءٍ كبير، فماذا يقول أبو بكر لعمر؟ – أَنسِيتَ لَهُ يَومَ اُحُد – لأنَّهُ في النقاش عُمر من كلامهِ يُقلِّل مِن شَأنِ أميرِ المؤمنين ومن شَأن قوتهِ وسطوته، قال:- أَنَسِيتَ لَهُ يَوم أُحُد وَقَد فَررنَا بِأَجمَعِنَا وَصَعدنَا الجَبَل وَقَد أَحَاطَت بهِ مُلوكُ القَوم – يعني كبارهم، يعني زعماؤهم، قادتهم – أَنَسِيتَ لَهُ يَوم أُحُد وَقَد فَررنَا بِأَجمَعِنَا وَصَعدنَا الجَبَل وَقَد أَحَاطَت بهِ – أحاطوا به دوائر – وَقَد أَحَاطَت بهِ مُلوكُ القَوم وَصَنَادِيدَهُم مُوقِنِين بِقتلهِ. أَنَسِيتَ لَهُ يَوم أُحُد وَقَد فَررنَا بِأَجمَعِنَا – الصحابة جميعاً فرّوا كما قال ابن مسعود – وَصَعدنَا الجَبَل وَقَد أَحَاطَت بهِ؛ أحاطوا به دوائر: وَقَد أَحَاطَت بهِ مُلوكُ القَوم وَصَنَادِيدَهُم مُوقِنِين بِقتلهِ – لماذا؟ – لَا يَجدُ مَحِيصَاً لِلخُرُوجِ مِن أَوسَاطِهم – أحاطوا به من كلِّ مكان، شكَّلوا له دوائر – مُوقِنِين بِقتلهِ – لأنَّهم إذا قتلوه قتلوا مُحَمَّداً بلغوا مُرادَهُم – لَا يَجدُ مَحِيصَاً لِلخُرُوجِ مِن أَوسَاطِهم – أحاطوا به من كلِّ جانب – فَلمَّا أَن سَدَّد عَلَيهِ القَوم رِمَاحَهُم – أحاطوا به من كلِّ جانب، ثم سدَّدوا الرماح باتجاهِ عليٍّ – نَكَّسَ نَفسَهُ عَن دَابتهِ – نكَّس نفسهُ عن دابتِه أي: نزل تحت بطنها – نَكَّسَ نَفسَهُ عَن دَابتهِ – فماذا سيحدث؟ أنت تصوَّر هذه الحالة، الرماح إمَّا أنْ تتداخل كل طرف سيطعن الطرفّ الآخر أو تتكسَّر الرماح، إذا كان الفارس على الفرس أو على الأرض وتوجَّهت لهُ الرماح إذا انبطح على الأرض أو إذا اختفى تحت بطن الفرس أين تذهب الرماح؟ إمَّا أنْ يطعن هذا الطرف الطرف الآخر وإمَّا أنَّ الرماح تتكسَّر. فَلمَّا أَن سَدَّد عَلَيهِ القَوم رِمَاحَهُم نَكَّسَ نَفسَهُ عَن دَابتهِ – ذهب تحت بطنها – حَتَّى جَاوَزَه طِعَانَ القَوم – ثم فجأة خرج إليهم – ثُمَّ قَام قَائِمَاً فِي رِكَابَيه – قام قائماً في ركابيه يعني: كان واقفاً على ظهر الفرس، يعني لم يكن يُلامِس جَسدهُ جِسمَ الفرس – ثُمَّ قَامَ قَائِمَاً فِي رِكَابَيه – رجلاه في الركابين – وَقَد طَرَق عَن سَرجِه – في البداية نكَّس نفسهُ تحت بطن الدابة تحت بطن الفرس وبلحظةٍ سريعة خرج إليهم من تحت بطن الفرس ورجلاهُ في الركابين، مجرد أن لمس السرج كان واقفاً، ما الَّذي جرى بعد ذلك؟ ثُمَّ قامَ قَائِمَاً فِي رِكابَيه وَقَد طَرَق عَن سَرجِهِ وَهُوَ يَقُول يَا اللهُ يَا الله يَا جَبرَائِيلُ يَا جَبرَائِيل يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّد النَّجَاة النَّجَاة، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَئِيس القَوم فَضَرَبَهُ ضَربَّةً عَلَى أُمِّ رَأسِهِ فَبَقِي عَلى فَكٍّ وَاحدٍ وَلِسَان – والإمام يقصد هذه الضربة ستكون ضربة غريبة، ضربه على رأسه فبقي فكّ ولسان يتحرَّك، كما قلت قبل قليل في أُحُد القليل الَّذي وصل إلينا ينقل لنا هذه الصور، كصورة صواب رجلاه تتحرَّكان في ساحة المعركة من دون القِسم الأعلى من بدنه، القسم الأعلى من الرأس طار وبقي اللسان والفكّ يتحرَّك، الضربة الثانية ماذا فعل؟ ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَئِيس القَوم فَضَرَبَهُ ضَربَّةً عَلَى أُمِّ رَأسِهِ فَبَقِي عَلى فَكٍّ وَاحدٍ وَلِسَان – وكأنَّهُ بطريقة هندسيَّة وإلَّا كيف يمكن أنْ تتم هذه العملية – ثُمَّ عَمَدَ إِلَى صَاحِب الرَّايَة العُظمَى – الراية الكبيرة، هذا القائد صاحب الراية – ثُمَّ عَمَدَ إِلَى صَاحِب الرَّايَة العُظمَى فَضَرَبَهُ ضَربَةً عَلَى جُمجمَتهِ فَفَلَقَهَا وَمَرَّ السَّيفُ يَهوِي فِي جَسَدهِ فَبَرَاهُ وَدَابَتِه بِنصفَيه – يعني قسم هذا الفارس مع الفرس نصفين – ولَمَّا أنْ نَظَرَ القَومُ إِلَى ذَلِك اِنْجَفَلُوا مِن بَين يَدَيه – فرّوا من بين يديه، هو هذا الَّذي تقوله الزِّيارة هنا: حَتَّى رَدَّهُم اللهُ تَعَالَى عَنكُمَا خَائِفِين وَنَصَر بِكَ الخَاذِلِين. هؤلاء الَّذين فرّوا بدءوا يرجعون شيئاً فشيئاً. ولَمَّا أنْ نَظَرَ القَومُ – الإمام قام بهذه الحركات ليس مضطراً من دون تخطيط هو يخطِّط لهذا الأمر يريد أن يريهم أشياء حتَّى تُرعبهم حتَّى يفرّوا من ساحة المعركة – ولَمَّا أنْ نَظَرَ القَومُ إِلَى ذَلِك اِنْجَفَلُوا مِن بَين يَدَيه فَجَعَل يَمسَحهُم بِسَيفِهِ مَسحَاً – يمسحهم يعني؛ بهدوء يأخذهم – فَجَعَل يَمسَحهُم بِسَيفِهِ مَسحَاً حَتَّى تَرَكَهُم جَرَاثِيم جُمُودَاً عَلَى تَلعَةٍ مِن الأَرض – منطقة جبل أُحُد منطقة جبلية، على تلعة؛ على مرتفع على مناطق صخرية، لكن الوصف دقيق: حتَّى تركهم جراثيم، تركهم جراثيم يعني: ما كانوا نياماً على الأرض، واحد مقطوع نصفين بالطول، آخر مقطوع عرضاً، الثالث طار رأسهُ وبقيت جثتهُ، يعني قطَّعهم بأشكال مختلفة، فالبعض منهم جالس، البعض منهم واقف، البعض منهم وقع على وجههِ هذا المراد جراثيم لم يكونوا بشكلٍ واحد. حَتَّى تَرَكَهُم جَرَاثِيم جُمُودَاً عَلَى تَلعَةٍ مِن الأَرض يَتَمَرَّغُون فِي حَسَرَات المَنَايَا يَتَجَرَّعُون كُؤُوسَ المَوت قَد اِختَطَف أَروَاحَهُم بِسيفِه – هم فرّوا على الجبل، ماذا يقول أبو بكر؟ وَنَحنُ نَتَوَقَّعُ مِنهُ أَكثَرَ مِن ذَلِك – نحنُ نتوقَّع منهُ أكثر من ذلك – فَعَلَى هَونِك يَا عُمر – ونحنُ نتوقَّع منه أكثر من ذلك يعني في أُحُد والآن، وماذا يقول أبو بكر؟ – وَلَم نَكُن نَضبِط مِن أَنفسِنَا مِن مَخَافَتِه – الإنسان الَّذي لا يضبط نفسه معروف ماذا يصدر منه على أيّ حال – وَلَم نَكُن نَضبِط مِن أَنفسِنَا مِن مَخَافَتِه – يعني ما رأيناه نحنُ أيضاً سبَّب لنا الخوف بحيث ما كنا نضبط أنفسنا، يعني كان يصدر منهم الَّذي يصدر من الإنسان الَّذي لا يستطيع أن يضبط نفسه؟! وَلَم نَكُن نَضبِط مِن أَنفسِنَا مِن مَخَافَتِه حَتَّى اِبتَدأَت مِنكَ إِلَيه اِلتِفَاتَة – ما المراد حتَّى ابتدأت منك يا عمر إليه التفاتة؟ – وَكَان مِنهُ إِلَيك مَا تَعلَم – وانتهى الكلام. إذا نذهب نبحث سنجد هذه الالتفاتة ما المراد منها؟! إذا نذهب إلى تفسير القمّي وهو الآخر أيضاً كتابٌ ضعيف في نظر علمائنا ومراجعنا وخطبائنا الكرام، كما أنَّ كتب الاحتجاج هذا هو الآخر ضعيف، لنرى ما هي هذه الالتفاتة الَّتي أشار إليها أبو بكرٍ في كلامهِ مع عمر – عن أبي واثلة شقيق قال: كنت أماشي فلاناً – أنا قلت بأنَّ تفسير القمّي ومجاميع الأحاديث التفسيرية عُبثَ بها وعُبث بها حتَّى في عصرنا الحاضر، هذا عبث في الوقت الحاضر – كنت أماشي فلاناً. إذا أردنا أن نذهب إلى البحار المجلَّد العشرين والشَّيخ المجلسي توفي 1111، فحين ينقل هذه الحادثة عن تفسير القمّي – كنت أماشي عمر ابن الخطاب – يعني في المصدر الأصلي في النُسَخ الأصلية كانَ مكتوب الاسم، لأنّ هذا صاحب البحار متوفى 1111، وكان ينقل عن نسخة موجودة في زمانهِ، كنتُ أُماشي عمر ابن الخطاب، بينما النسخة الآن المطبوعة من تفسير القمّي كنتُ أُماشي فلاناً، وأنا ذكرت بأنَّ هناك تحريفاً في كتبنا وهذا التحريف بحسب معتقدي نتيجة تجربة ومتابعة بأيدي شيعيَّة ليس بأيدي المخالفين – قال كنت أماشي فلاناً – من هو الَّذي يقول؟ – أبو واثلة شقيق ابن سلمة – طبعاً المكتوب هنا أبو واثلة شقيق ابن سلمة، مكتوب هنا أبو واثلة شقيق وبن سلمة – كنت أماشي فلاناً إذ سمعتُ منه همهمة – كان يماشي عمر – فقلت له: مه – ماذا يا عمر؟ مه ماذا يا فلان، لأنَّ الكلام الموجود هنا مذكور – فقلت له: مه ماذا يا فلان؟ – يعني ما هذه الهمهمة؟ – قال: ويحك أما ترى الهزبر القَضَمَ ابن القَضْم – ربَّما يشير إلى اسمهِ الَّذي سمَّته قريش القَضيم أو القُضيم، طبعاً موجود في البحار القَثَم ابن القَثَم، أنا هنا لا أريد أن أدخل في التحريفات. أما ترى الهزبر القَضَم ابن القَضْم والضَارب بالبُهم الشَّديد على من طغى وبغى بالسيِفين وَالرَّاية، فالتفت فإذا هو عليُّ ابن أبي طالب، فقلتُ لهُ: يا هذا – هو عليُّ ابن أبي طالب – فقال: ادنوا مني أحدثك عن شجاعته وبطولته، بايعنا النبّي يوم أُحُد على أنْ لا نفر – يعني قبل بداية المعركة بايعوا النّبيّ على عدم الفرار – بايعنا النبيَّ يوم أُحُد على أنْ لا نفر ومن فرَّ مِنَّا فهو ضال ومن قُتل مِنَّا فهو شهيد والنبُّي زعيمهُ – النَّبيُّ زعيمه يعني؛ النبيُّ كفيلٌ بذلك هو المتكفل – إذ حمل علينا مئةُ صِنديد تَحت كلِّ صنديد مئة رجل أو يزيدون – الأرقام قد تكون فيها مُبَالَغَات والعرب يبالغون في الكلام – فأزعجونا عن طحونتنا – يعني أبعدونا عن أماكننا، هم فرّوا من ساحة المعركة – فرأيتُ عليَّاً كَاللّيث يتَّقي الذرَّ وإذ قد حمل كفَّاً من حصى فَرمَى بهِ في وجوهنا ثُمَّ قال: شاهت الوجوه وقُطَّت وبُطَّت ولُطَّت إلى أين تفرّون – عمر يتحدَّث عن الفرار الآن – إلى أين تفرون إلى النَّار فلم نرجع، ثمَّ كرَّ علينا الثانية وبيدهِ صفيحة – صفيحة يعني سيف – يقطرُ منها الموت، قال: بايعتم ثُمَّ نكثتم فواللهِ لَأنتم أولى بالقتل ممن قُتل – هذه الالتفاتة الَّتي أشار إليها أبو بكر – فنظرت إلى عينيه كأنَّهما سليطان يتوقدانِ ناراً – سليطان يعني: موضعان يوضع فيهما الزيت، الزيت الَّذي كان يستعمل للإضاءة ولتسجير النّار – فنظرت إلى عينيهِ كأنَّهما سليطان يتوقدَّان ناراً أو كالقدحين المملوءين دماً فما ظننت إلَّا ويأتي علينا كُلِّنا فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلتُ: يا أبا الحسن الله الله فإنَّ العرب تَكرُّ وتفرّ وإنَّ الكرَّة تنفي الفرَّة فكأنه استحيا فولى بوجهه عنّي فما زِلتُ أُسْكِن روعةَ فؤادي فواللهِ ما خرجَ ذلك الرعب من قلبي حتَّى السّاعة. إلى هذا يشير أبو بكر في كلامهِ مع عمر أنَّهُ حتَّى بدرت، قال: بأنَّنا لم نكن نضبط أنفسنا كُنَّا من الخوف منه، لأنَّ الإمام قال لهم: أنتم أولى بالقتل لأنَّكم بايعتم ونكثتم، على أيِّ حال، هذه الأحداث لها تفاصيل أخرى، أنا هنا لست بصدد تتبع كلّ صغيرةٍ وكلِّ كبيرة ولكن هذه الصور هي الَّتي تشرح المضمون الَّذي قالهُ إمامُنا الهادي وهذه صور مجتزئة، التفاصيل الكاملة ليس بأيدينا، هذه الصورة المجتزئة يمكننا من خلالها أن نتصوَّر صورةً إجمالية للمعنى الَّذي جاءَ في الزِّيارة الغديريَّة:- وَيَومَ أُحدٍ إذ يُصْعِدُونَ وَلَا يلْوُون – فرار فرّوا – والرَّسُولُ يَدعُوهُم في أُخرَاهُم وأنتَ تَذودُ بُهَمَ المُشرِكِينَ عن النَّبِي ذَاتَ اليَمِينِ وذَاتَ الشِّمِال؛ حركة دائرية – حَتَّى رَدَّهُم الله تَعَالَى عَنْكُما خَائِفِين وَنَصَرَ بِكَ الخَاذِلِين – ففرَّت قريش، فرَّت قريش وأرادوا أن يعودوا بعد أنْ فرّوا ولكنَّهم استمروا في فرارهم. في تفسير القمّي يُحدِّثنا عن هذه التفاصيل – وَنَزَل جَبرائِيلُ عَلَى رَسول الله فَقَال: ارجِع يَا مُحَمَّد – متى؟ لأنَّ النبيّ بعد أنْ انتهت المعركة ورجع إلى المدينة وصلت أخبار أنَّ قريشاً يمكن أنْ تعود فخرج النّبيُّ صلَّى الله عليه وآله من المدينة مع الَّذين كانت فيهم جُراحات فقط، الَّذين جُرحوا يعني الَّذين حضروا المعركة، هكذا اشترط عليهم: أنْ لا يخرج أحد ليست في جسمهِ جراحة! – وَنَزَل جَبرَائِيل عَلَى رَسُول الله فَقَال: ارجع يَا مُحَمَّد فَإنَّ الله قَد أَرهَبَ قُرَيشَاً – قريش مرهوبة خائفة من الَّذي رأت – فَإنَّ الله قَد أَرهَبَ قُرَيشَاً وَمَرّوا لا يَلوون عَلَى شَيء – إنَّهم ذهبوا مرهوبين – وَرَجَع رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله إِلى المَدِينَة – حتَّى حين وصل الخبر بأنَّ قريشاً يمكن أنْ تعود من الّذي ذهب لاستخبار الوضع؟ النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله قال لأصحابه: من منكم يرجع إلى ساحة المعركة، من منكم يرجع يستكشف فما تبرع أحد، المتبرع هو معروف عليٌّ، فرجع عليٍّ واستكشف الأمر ورجع بالخبر إلى رسول الله والدّم يقطرُ من جميع بدنهِ ومن جميع جسدهِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. تفاصيل أخرى مذكورة في الروايات لا مجال لذكر كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، لكنَّني أعتقد أنَّ هذه المضامين الَّتي أشرتُ إليها أعطتنا صورةً عن عليٍّ وعدلين ميتين كما يقول عبد الرضا النجفي معك يا أمير المؤمنين. حَتَّى رَدَّهُم الله تَعَالَى – رَدَّ قُريشاً – عَنكُما – عَن مُحَمَّدٍ وعليٍّ – خَائِفِين ونَصَر بِكَ الخَاذِلِين – وَلا فَتَى إلَّا عليّ!! وَيَومَ حُنينٍ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ التَّنزيل إذْ أَعجبَتكُم كَثرَتُكُم فَلَم تُغنِي عَنكُم شَيئاً وَضَاقَت عَلَيكُم الأَرضُ بِمَا رَحُبَت ثُمَّ وَلَّيتُم مُدْبِرِين، إلى أن تقول الزيارة:- حَتَّى اسْتَجَابَ لَهُ قَومٌ – يعني الَّذين رجعوا بعد الفرار – قَدْ كَفَيتَهُم المَئونَة – ما صنعوا شيئاً أنتَ أنتَ أنتَ كفيتهم – قَدْ كَفَيتَهُم المَئونَة وَتَكَفَّلتَ دُونَهُم الْمَعُونَة – المئونةُ والمعونةُ لرسول الله وللإسلام والقُرآن هي بيدك. ألا تلاحظون أنَّ الصحابةَ فرار بعد فرار!! إذا ذهبنا إلى الكتابِ الكريم في سورة الأنفال، في سورة الأنفال لم يحدث هناك فرار، لماذا؟ لأنَّ المسلمين فعلاً ما دخلوا في معركة، لو دقَّقنا في التفاصيل عليٌّ وأنفار قلائل والملائكة، الصحابة ما كانوا يملكون أسلحة، ما كان عندهم عِتاد، فما حدثت عمليةُ فِرار، لكن الحُكم كان واضحاً صريحاً في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} يعني ينتقل من موقع إلى موقعٍ آخر {فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الفار ما هي عقوبته؟ {فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. في معركة بدر كما قُلت: لم يكن هناك التحام، لم يكن للمسلمين مباشرة للقتال وأكثرهم لا يملكون أبسط المعدات الَّتي تستعمل في الحرب. لكن في أُحُد كان الفرار الكبير في أُحُد حيث فرَّ الصحابة الكرام أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون، كما يُقال في لغة العرب لتوكيد المطلب، فرَّ الصحابة الكرام أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون!! {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ} أصلاً لا تعبئون بأحد لا تلتفتون إلى أحد فرار فرار {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} إلى أن تقول الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} هذا فرار، عفا الله عنهم، ولكن هل يمكن أنْ يُقاسوا بعليٍّ؟ الهادي في الزيارة: فَلَعَن الله مَن سَاوَاكَ بِمن نَاوَك. هَل يمكن أن يقاسوا بعليٍّ، عفا الله عنهم، القضيَّة وقفت عند هذا الحد؟ أبداً!! إذا ذهبنا إلى سورة التوبة. وقبل التوبة لنذهب إلى سورة الأحزاب ومرَّ الحديث عن واقعة الأحزاب: {وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ} وهم من الصحابة في وسط الصحابة {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً} هؤلاء من الصحابة، رسول الله قد واعدهم، لا كما يقولون بأنَّهم مجموعة خارج مجموعة الصحابة، هؤلاء من الصحابة المنافقون، وهم يقولون بأنَّ رسول الله قد واعدنا، رسول الله يواعد أناساً من خارج جيشهِ، من خارج أصحابهِ؟! {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} مجموعة المنافين ومجموعة مرضى القلوب {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً} يعني خدعونا!! {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} قد يسأل سائل فيقول إلى أين يرجعون؟ يرجعون إلى بيوتهم باعتبار أنَّ الخندق الَّذي حُفِر حُفر على أطراف المدينة ليس مُلاصقاً للبيوت فهم يريدون أنْ يرجعوا من عند الخندق إلى بيوتهم. {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} لا مُقام لكم عند الخندق {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً} إنَّ بيوتنا عورة، يقولون إنَّ بيوتنا منكشفة ونخاف أنَّ العدو يهاجم بيوتنا، هم يكذبون يريدون الفرار القرآن يقول {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً} ؛ {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ} عاهدوا الله متى؟ في أُحُد وفرّوا وتاب الله عليهم، الآن أيضاً يريدون الفرار {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً} هذا فرار في واقعة الأحزاب واضح، بعضهم طبَّقه عملياً وبعضهم كان يخطِّط له والصحابةُ جميعاً دخلهم الرعب من أمِّ رؤوسهم إلى أخمصِ أقدامهم {وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}. وفي حنين في سورة التوبة: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} فررتم، فرار بعد فرار، وعند كلِّ فرارٍ عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه حامي رسول الله، ناصرُ رسول الله، ناصرُ الإسلامِ، ناصرُ القُرآنِ، ناصرُ المؤمنين، عند كلِّ فرارٍ الكرَّارُ عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه ولذلك هذا الوصف وصَفَهُ بهِ النَّبيُّ الأعظم في يوم خيبر حين قال:- إِنِّي أُعطِي الرّايَة غَدَاً رَجُلاً يُحِبُّ الله وَرَسُوله وَيُحِبُّه الله وَرَسُوله كَرّار – هذا الرجل – كرَّار غَيرُ فَرار – كرَّار وليس كارّ، كرَّار غير فرَّار، لماذا؟ لأنَّ القوم فرَّارون، لأنَّ القوم ليس فارين، الفار يفر مرَّة مرَّتين ثلاثة، أمَّا هؤلاء دائماً في فرارٍ مستمر، لذا وصف عليَّاً بهذا الوصف بأنَّهُ كرَّار غيرُ فرَّار، سيأتي الحديث عن خيبر في يوم غدٍ إن شاء اللهُ تعالى لأنَّ الوقت المتبقي لا يكفي للحديثِ عن واقعة خيبر. {وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} هذا في حُنَين. في نفس سورة التوبة، سورةُ التوبة كان المسلمون الأوائل يسمّونها الفاضحة، لأنَّها فَضَحَت الصَّحابة المنافقين، فَضَحَت المنافقين في مُجتمَع الصَّحابة، سورة التوبة هي السورةُ الفاضِحة، في الآية السّابعة والخمسين تتحدَّث الآية عن طبيعة الفرار في ذلك المجتمع: {وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ} هؤلاء المنافقون {لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} يَفْرَقُون يعني يخافون، الفَرَقَ هو الخوف الشديد {وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ * لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} لولوا؛ لفروا إليه وهم يجمحون، يعني وهم يسرعون في غاية السرعة {وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} الآية السادسة والخمسون والَّتي بعدها السّابعة والخمسون: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} يعني هذه الحالة ثابتة في نفوسهم يريدون الفرار إلى أيِّ مَكَان حينما تَشتَدُّ الشدائِد هذه صفة واضحة جلية. لذلك الزيارة الغديريَّة أكَّدَت على هذه الصور، إلى أن يصل الكلام إلى يوم خيبر:- وَيَومَ خَيبَر إذْ أظْهَرَ اللهُ تَعَالَى خَورَ المُنَافِقِين – الخور يعني: الضعف، يعني: الجُبن، يعني: المهانة، يعني: المذلَّة، يعني: الحقارة هذا هو الخور – وَيَومَ خَيبَر إذْ أظْهَرَ اللهُ تَعَالَى خَورَ المُنَافِقِين وَقَطَعَ دَابِرَ الكَافِرِين والحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِين وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً. خيبر لماذا نالت هذا الوصف في هذه الزِّيارة؟ إمامنا الهادي ذكر بدراً فقط في العنوان، ثمَّ تحدَّثَ عن الأحزاب مُشيراً إلى حالة الرّعب الّتي دخلت في قلوب الصحابة وكيف أنَّ الله كفى المؤمنين القِتال بعليٍّ حين قال:- فَقَتَلتَ عَمْرَهُم وَهَزَمَت جَمعَهُم – يعني ذلك الجمع الّذي كان يتألَّف من عشرة آلاف الّذي هزمه عليٌّ صلوات الله وسلامه عليه. مثل ما قال الإمام فقتلت عَمرهم، الَّذي قتل عَمر هو عليٌّ لم يشاركهُ أحدٌ في ذلك، الإمام قال: وهزمت جمعهم، يعني أنَّ ذلك الجمع الَّذي هزمهُ عليٌّ – فَقَتَلتَ عَمْرَهُم وَهَزَمَت جَمعَهُم – واو عاطفة، نفس المضمون في الجملة قتلت عَمرهم هو في الجملة الثانية بنفس القوَّة بنفس المعنى هزمت جمعهم. ثم تحدَّث عن أُحُدٍ وكيف أنَّ قريشاً رجعت خائفة عن مُحَمَّدٍ وعليٍّ:- حَتَّى رَدَّهُم اللهُ تَعَالَى عَنْكُمَا خَائِفِين. ثم كان الحديث عن حُنين، وحتَّى الّذين ردّوا من الصحابة ماذا قالت الزيارة؟:- قَدْ كَفَيتَهُم الْمَؤُونَة – ما قاموا بأيّ شيء – قَدْ كَفَيتَهُم الْمَؤُونَة وَتَكَفَّلتَ دُونَهُم الْمَعُونَة – القلائل الَّذين بقوا مع رسول الله وهم من فرسان بني هاشم ومواليهم في حُنين كانوا فقط يُحيطون برسول الله، أمَّا الَّذي أدار رحى الحرب عليٌّ فقط، في حنين الَّذي أدار رحى الحرب عليٌّ، الأفراد القلائل الَّذين كانوا من بني هاشم ومن بينهم العباس كما قالت الزِّيارة الشريفة:- وَعَمُّكَ العَبَّاس يُنَادِي الْمُنْهَزِمِين يَا أَصحَابَ سُورة البَقَرَة يَا أَهَلَ بَيعَةِ الشَّجَرة – العبَّاس والّذين كانوا معه من قلائل الرجال من فرسان بني هاشم ومن مواليهم كانوا فقط يحيطون برسول الله، أمَّا الَّذي أدار الحرب الضروس، أدار رحى الحرب فهو عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. إلى أن وصل الحديثُ إلى خيبر، خيبر الَّتي عبَّر عنها إمامنا الهادي بأنَّها قطعت دابر الكافرين، ثُمَّ أكمل الكلام بقولهِ: والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين. يعني انتهى الأمر، انتهى الأمر عند خيبر، لماذا؟ هل أنَّ المشكلة في خيبر هي مشكلة مع اليهود؟ لم تكن المشكلة في خيبر مشكلة مع اليهود، المشكلة في خيبر كانت مشكلة مع الجميع، سنأتي على ذكر هذه التفاصيل في الحلقة القادمة في حلقة يوم غد لكن بشكلٍ مُجمل أقول: في خيبر أوَّلاً: اجتمع اليهود كلُّهم، لأنَّ اليهود لم يكونوا مجموعين جميعاً في خيبر اليهود كانوا يقطنون في مناطق متباعدة، خيبر موطن من مواطن اليهود، لكن خيبر هذا المكان الَّذي حدثت عندهُ المعركة هذا الحصن يسمَّى بحصن القَمُوص، هذا كان أكبر حصن وأكبر قلعة، أكبر مكان لليهود، يمكن أنْ تقول بأنَّهُ بمثابة العاصمة العسكرية لليهود، وهنا تَجمَّعَ اليهود من المناطق المختلفة زائداً قريش كانت موجودة وهذا الأمر لا يُذكر، زائداً قبائل العرب الأخرى كانت موجودة أيضاً، خيبر لم تكن معركة مع مدينةٍ مع قريةٍ اسمها خيبر، المعركة في خيبر كانت مع اليهود جميعاً، مع قريش بكلِّ قوَّتها ومع القبائل العربية الأخرى المتحالفة مع اليهود ومع قريش، يعني المعركة كانت هي المعركة الفاصلة، تفاصيل هذا الموضوع سنأتي عليه في الحلقة القادمة. كلُّ هذه المطالب الّتي تحدَّثتُ عنها والّتي بقيت منها بقيَّة من عباراتٍ سأقتطفها واقتطعها من الزِّيارة الغديريَّة الشريفة،كلّ هذه المضامين ما هو الهدف من ذكرها؟ هل الهدف هو الحكاية لأجل الامتاع والاستمتاع؟ هناك من يستمتع بالحكايات، هل الهدف من ذكر هذه التفاصيل هو الاستمتاع بالحكايا؟ هل الهدف هو بحثٌ تأريخي؟ لا أنا هنا أحكي الحكايات ولستُ بصدد أنْ أتعرض للمطالب التأريخية، التعرض للمطالب التأريخية يكون بشكل آخر، ولستُ بصدد أنْ أشرحَ الزِّيارةَ الغديريَّة بكلِّ تفاصيلها. الهدف من ذكر هذه التفاصيل ومن بيان هذه المطالب: أوَّلاً: أنَّ الحقائق إذا أردنا أنْ نصل إليها فإنَّنا لنْ نصل إليها إلَّا من خلال حديث أهل البيت، لا أن نرجع إلى كتاب الطبري أو كتاب ابن الأثير أو الواقدي أو الطبقات الكبرى، أو، أو، أو، الحقائق موجودة في كلام المعصومين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، الحقائق موجودة في الأحاديث التفسيرية الّتي يُضعِّفُها علماؤنا، أنا لا أقصد الجميع لكن أكثر علمائنا يُضعِّفُون أكثر الأحاديث التفسيرية، ومفسِّرونا لا يعتمدون عليها، ولو اعتمدوا عليها اعتمدوا عليها بشكلٍ جانبي، الأحاديث التفسيرية كنزٌ من كنوز المعارف أهملها عُلماء الشيعة، زياراتُ أهل البيت هي كنزُ الكنوز أيضاً أهملها علماء الشِّيعة، أدعيةُ أهل البيت هي الأخرى كنوزٌ وكنوز أهملها علماء الشِّيعة، والكثيرُ من أحاديثِ أهل البيت أُهملت بِحُجَّةِ ماذا؟ بِحُجَّة ضعفها بحسبِ قواعدِ عِلمِ الرِّجال. أنا هنا لا أريد أن أقف طويلاً عند هذا الموضوع ولكنَّني قُلت: بأنَّ هدفي من التعرض لهذه المطالب أوَّلاً: لتَّتضح هذه الحقيقة، بأنَّنا إذا أردنا أن نعرف الأمور على حقيقتها ليس لنا من مصدر إلَّا حديثهم، تفسيرهم، زياراتهم، كلماتهم، هذا أوَّلاً. وثانياً: وهو أمرٌ في غاية الأهمية!! أردتُ أنْ أقول لمن يتابعني، أنا ما فصَّلت في هذه المطالب ولو فصَّلت لأسمعتكم أشياء أكثر عجباً من هذا الّذي ذُكر وأنتم ما سمعتم به ولا أعتقد أنَّكم ستسمعون به، لأنَّ هذا النحو من المطالب وهذه الثقافة الحديثية سوقها يعاني من الكساد، بضاعة آل مُحَمَّد بضاعة كاسدة، ومن يبيع هذه البضاعة من أمثالي هو أيضاً كاسدٌ في سوق التشّيع، فبائعُ بضاعة آل مُحَمَّد هو كاسدٌ وبضاعته كاسدة لأنَّ شيعة آل مُحَمَّدٍ كما يقولون بأنَّهم شيعة آل مُحَمَّدٍ قد شُحِنت رؤوسهم بحديث المخالفين، منابرنا الشِّيعية منذُ الخمسينات وإلى يومك هذا شُحنت بنسبة أكثر من ثمانين بالمئة بالفكر المخالف، أكبر خطبائِنا أشهر خطبائنا أوسع منابرنا مشحونة بالفكر المخالف وإلى يومك هذا، فضائيتنا كذلك، منابرنا الحسينية، هذا هو الواقع الشِّيعي، يرفضون كلامي لا يقبلون بهِ هم أحرار فيما يعتقدون وأنا حرٌّ فيما أعتقد، سيءٌ أنا؟ السيئون كثيرون في الأرض، ضالٌ أنا؟ الضالون كثيرون في الأرض، ولكن يا شيعة أهل البيت هذه الحقائق تأكَّدوا منها تتبَّعوها، هذه الحقائق تشير إلى أيّ قضيَّة؟ إذا كانت الأمور التأريخية أنتم لا تعرفونها، فكيف تعرفون المنازل الغيبيَّة؟! كما قال أمير المؤمنين:- فَإنَّ أَكثَرَ الحَقِّ فِيمَا تُنْكِرُون – فإنَّ أكثر الحقِّ فيما تُنكرون، إذا كانت المطالب التأريخية هي غير موجودة في الثقافة الشيعية بالشكل الصحيح، وما قيمة المطالب التأريخية؟! أنا هنا تحدَّثت عن هذه الأمور لا لقيمتها هذه أمور لا قيمة لها حين تقاس بمعرفة منازل أهل البيت الغيبية، هذه لا قيمة لها، لكن إذا كانت هذه الأمور البسيطة أنتم لا تعرفونها، فكيف تعرفون حقائق أهل البيت؟! ذلك الأمر سيكون أبعد وأبعد وأبعد، وكما تُستَغرَب هذه المطالب سَتُستَغرَبُ وتُستَغرَبُ وتُستَغرَب الأحاديث الّتي تدور حول مقاماتهم، حول آياتهم، حول علاماتهم، حول منازلهم، حول غيب غيوبهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. لكنَّني أذكِّركم بأمرٍ يُعيِنُكُم على فهم المطالب الآتية راجعوا الحلقة الثّانية من حَلَقَاتِ هذا البرنامج وهي موجودة على موقع زهرائيون يُمكنكم أنْ تراجعوها، من أراد أنْ يراجع وأن يهتم بهذه المطالب، في الحلقة الثانية وضعت أساساً للبحث وهو الحديث عن ولادةٍ علويةٍ في الأفق الأرضي، هذا الكلام كلُّهُ هو في شؤونات الولادة العلوية الأرضية، وهناك ولادةٌ علويةٌ في الأفق الأعلى ومرَّ الكلام عن هاتين الولادتين فلا يحدث عندكم خلطٌ وخبط، مثل هذه المطالب الّتي تحدَّثت عنها الزِّيارة الغديريَّة، هذا الحديث في التفاصيل التأريخية مثلاً هذه مظاهر وشوؤنات وتفاصيل من تفاصيل الولادة العلوية في الأفق الأرضي. أمَّا تلكم المعاني الغيبية الواسعة والعميقة فهي من شؤونات وتفاصيل وتجليَّات الولادةِ العلوية في الأفق الأعلى، هذا الكلام أنا ذكرتهُ في الحلقة الثانية، وإنَّما ذكرتهُ كي يكون أساساً، المددُ من عليٍّ، المددُ من عليٍّ ومن عليٍّ المدد، نحنُ في برنامجنا هذا نسعى نحاول أنْ نقترب شيئاً، بل ربَّما نقتربُ ما هو أقلّ من شيء لا أقول نقتربُ شيئاً، وإنَّما نقتربُ ما هو دُونَ الشَّيء من فَلَكِ المعرفة العَلويَّة. ولكنَّني أقول: المعرفةُ لا تُنالُ بالذكاءِ فقط، ولا تُنالُ بطلب العلمِ فقط، ولا تُنالُ بطولِ البحثِ وطولِ الوقتِ فقط، ولا تُنالُ بحفظِ المعلومات وضبطها، ولا تُنالُ بكلِّ التفاصيل الأخرى الَّتي تتطرَّقُ إلى ذهن الإنسان فتكون سبباً في تحصيل علمٍ، في علو رُتبةٍ، في الوصول إلى معرفةٍ كلُّ هذا قد يكون عاملاً مساعداً. المعرفةُ تتوقَّفُ على: أوَّلاً: النيَّةُ الصادقة، العزمُ الثَّابت، النيَّةُ الصادقة في تحصيل المعرفة الواضحة، النيَّةُ الصادقة، النيَّةُ المخلصة هذا أوَّلاً. وثانياً: التوفيق، التوفيق صحيحٌ ليس بأيدينا ولكنَّنا نستَطيع أنْ نستجلبه بِحُسن الظَّن بإمام زماننا، حسن الظن بإمام زماننا والعكوف عند بابهِ والانقطاع إليه والتوجُّه إلى جهتهِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه يُعجِّلُ ويُسهِّل على الإنسان أنْ ينال التوفيق، التوفيق منه وليس منَّا، وليس بأيدينا، لكنَّ حُسنَ الظَّن وطول الانقطاع وقوَّة التوجُّه وشدَّة الإخلاص وأنْ نَمُدَّ أيدينا بخضوعٍ وخشوع إلى إمام زماننا يُعَجِّلُ لنا أنْ ننال التوفيق، بالنيَّةِ الصَّادقة وبالتوفيق المهدوي يستطيع الإنسان أنْ يخطو الخطوات الثابتة في السَّعي إلى معرفة عليٍّ، ومعرفةُ عليٍّ هي معرفةُ إمام زماننا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. تَتِمَّةُ الحديث في حلقةِ يوم غد، أستودعكم عَلِيَّاً صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه وأقولُ في أمانِ الله. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الجمعة 8 شهر رمضان 1436هـ الموافق 26 / 6 / 2015م أمير المؤمنين صلوات الله عليه يخبرنا كيف بَتَرَ جسم صُواب مولى بني عبد الدار من منطقة الحزام (وبقيتْ رِجلاه وعَجزه وفخذاه واقفتان على الأرض) من سرعة الضربة وذلك في معركة أُحُد. انهزم المسلمون جميعاً في معركة أُحُد ولم يبق مع رسول الله سوى أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما وكانت صيحة جبرائيل في السماء (لا فتى إلّا علي، لا سيفَ إلّا ذو الفقار) . حديث وحشي قاتل حمزة بن عبد المطّلب عليهما السلام كما يُبيّنها لنا إمامنا الصادق صلوات الله وسلامه عليه بُكاء رسول الله صلى الله عليه وآله حين وقوفه على جسد حمزة بن عبد المطّلب، وقوله (والله ما وَقفتُ موقفا قط أغيَظُ عَلَيَّ من هذا المكان). صَيحة إبليس في المدينة (قُتِلَ مُحمّد) وخروج فاطمة صلوات الله عليها تعدو على قَدَميها رواية حول نقاشٍ دارَ بين أبي بكر وعُمَر وجانب ممّا دار في معركة أُحُد وهزيمتهم فيها، وكيف ضربَ أميرُ المؤمنين رئيس فرسان قريش على رأسه وبقائه على فكّ واحد ولِسان !!! ثم اقبلَ على صاحب راية قُرَيش حتى قَدّهُ وفَرَسَهُ نصفين بالسَيف فانجفَلَ القوم وجعلَ عليه السلام يَمسَحهُم بِسَيفهِ مَسحاً حتى ترَكَهُم جراثيمَ جموداً .. رواية ابن واثلة، وحديث عُمر بن الخطاب عن شجاعة أمير المؤمنين وخوف عُمَر ورُعبه منه عليه السلام . في معركة أُحُد فَرَّ الصحابة الكرام أجمعونَ اكتَعون أبتَعون أبصَعون !!! وفرار بعد فرار في أُحُد والاحزاب وحُنَين، وعند كل فرار، الا الكَرّار صلوات الله وسلامه .. سورة التوبة من اسمائها السورة الفاضحة لأنها فضحت الصحابة المنافقين .. لماذا نالت خيبر هذا الوصف في زيارة أمير المؤمنين (قطعتَ دابر الكافرين، ثم قال الحمد لله رب العالمين) يعني انتهى الامر عند خيبر . في معركة حُنَين أمير المؤمنين هو الذي ادار رحى الحرب الضَروس . في خيبر اجتمع اليهود باجمعهم وذلك في حصن القَموص، وكذلك قريش كانت موجودة وهذا الامر لا يُذكَر، قبائل العرب كانت موجودة ايضاً، لذلك خيبر لم تكُن معركة مع اليهود فقط بل كانت المعركة الفاصلة . الاحاديث التفسيرية والزيارات كنز من كنوز المعارف اهملها علماء الشيعة وقد اهملها علماء الشيعة كما اهملوا ادعية اهل البيت عليهم السلام وذلك بِحجّة ضعفها بحسب قواعد علم الرجال . بضاعة آل محمّد وكذلك بائع بضاعة آل محمّد من امثالي في سوق التشيّع كاسدة في سوق التشيّع لأنّ شيعة آل محمّد قد شُحِنَتْ رؤوسهُم بالفكر المخالف لأهل البيت منذ خمسينات القرن الماضي والى يومك هذا. هذه الحقائق تشير الى هذه القضية : اذا كنتم لا تعرفون هذه الامور التاريخية فكيف تعرفون المنازل الغَيبيّة لأمير المؤمنين ؟!! لأن المطالب التاريخية لا قيمة لها حين تُقاس بمنازل اهل البيت الغَيبيّة . وكما تُستَغرَب هذه المطالب تُستَغرَب وتُستَغرَب وتُستَغرَب الاحاديث التي تدور حول منازلهم ومقاماتهم وغَيب غيوبهم صلوات الله عليهم . نحن في برنامجنا هذا نحاول ان نقترب بما هو دون الشيء من فَلَك المعرفة العَلَويّة . المعرفة ليست بالذكاء او قوة الحفظ او كثرة المعلومات . المعرفة تتوقف على النيّة الصادقة وثانياً التوفيق الذي نستطيع ان نَستَجلبهُ بِحُسن الظن بإمام زماننا والانقطاع اليه، يُعجّل على الانسان نوال التوفيق ..