يا عليّ – الحلقة ١٠ – وقفة عند الزّيارة الغديريّة ج٥ يا عليّ – الحلقة 10 – وقفة عند الزّيارة الغديريّة ج5 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع يازهراء وهل هُناكَ أجملُ مِن هَذا الاسم أبتدئُ بهِ حَديثي … قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلهِ وسلَّم: لَوْ كَانَ الحُسنُ صُورَةً، لَو كَانَ الحُسنُ هَيئَةً لَكَانَت فَاطِمَة صَلوات اللهِ وسَلامه عليها بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعلِهَاِ وَبَنِيهَا وَالسرِّ المُستودَعِ فِيهَا … يَا عَلِيّ … الحَلَقَةُ العَاشِرَةُ: وَقفَة عِند الزِّيَارَة الغَدَيرِيَّة ج5 الحَلَقَةُ العَاشِرَةُ وَقفَة عِند الزِّيَارَة الغَدَيرِيَّة ج5 الحلقةُ العَاشِرَةُ من برنامجنا: (يَا عَلِيّ) أشْيَاعَ أميرِ المؤُمِنين أَنَّى كُنتُم إِخوَتِي أَخوَاتِي أَبنَائِي بنَاتِي سَلَامٌ عَلَيكُم جميعاً لا زِلتُ أقفُ على أعتابِ الزِّيارة الغديريَّة الشَّريفة الّتي وردتنا عن إمامنا العَاشِر صَلَواتُ اللهِ وسَلَامُهُ عَليه، أُحَاولُ في هذه الحلقة أنْ أُلَمْلِمَ أطرافَ الحديث كَي أنتَقِلَ إلى فِقرةٍ أُخرى، إلى عُنوانٍ آخر من عناوين هذا البرنامج. أذهبُ إلى سطورٍ أخرى اقتطفها من الزِّيارة الغديريَّة، الزِّيارة نخاطبُ فيها سيّد الأوصياء:- وإِذْ مَاكَرَكَ النَّاكِثَان – مَا كَرَكَ: أيّ تَصَرَّفوا مَعَك بِمكر، والنَّاكِثان هُنا؛ الزُّبيرُ وطَلحة، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وآله قال لسيّد الأوصياء: إنَّك سَتُقَاتِلُ النَّاكِثينَ والقَاسِطِين والمَارِقِين. التسمية أساساً من كلام رسول الله صلَّى الله عليه وآله، وهذه الأحاديث موجودةٌ في كتبنا وفي كتب غيرنا. وإِذْ مَاكَرَكَ النَّاكِثَان فَقَالا نُرِيدُ العُمْرَة فَقُلتَ لَهُمَا لَعَمْرُكُمَا مَا تُرِيدَان العُمْرَة لَكِن تُرِيدَان الغَدْرَة فَأخَذتَ البَيعَة عَلَيهِمَا وَجَدَّدتَ المِيثَاق فَجدَّا فِي النِّفَاق فَلَمَّا نَبَّهتَهُمَا عَلى فِعلِهمَا أَغْفَلا وَعَادَا وَمَا انْتَفَعَا وكَانَ عَاقِبةُ أَمرِهِمَا خُسْرَاً ؛ فَلَمَّا نَبَّهتَهُمَا عَلى فِعلِهمَا – يعني حين التقى الجمعان في البصرة في واقعة الجمل، أميرُ المؤمنين نبَّهَهُم وذكَّرهم ووعظهم وأنا لست بصدد التفصيل في هذه الوقائع إذْ الكلامُ فيها يطول والحديثُ عنها ليسَ من مقاصد هذا البرنامج – وَإِذْ مَاكَرَكَ النَّاكِثَان فَقَالا نُرِيدُ العُمْرَة – حينما أراد الخروج من المدينة وكانَ الأميرُ آنذاك في المدينة قبل أن يذهب إلى العراق – وَإِذْ مَاكَرَكَ النَّاكِثَان فَقَالا نُرِيدُ العُمْرَة فَقُلتَ لَهُمَا لَعَمْرُكُما مَا تُرِيدَان العُمْرَة لَكِن تُرِيدَان الغَدْرَة فَأخَذتَ البَيعَة عَلَيهِمَا وَجَدَّدتَ المِيثَاق فَجدَّا فِي النِّفَاق فَلَمَّا نَبَّهتَهُمَا عَلى فِعلِهمَا – قبل أن تبدأ المعركة – أَغْفَلا وَعَادَا وَمَا انْتَفَعَا وكَانَ عَاقِبةُ أَمرِهِمَا خُسْرَاً، ثُمَّ تَلَاهُمَا أَهلُ الشَّام فَسِرتَ إِليهِم بَعدَ الإِعذَار – بعدَ الإعذار؛ يعني بعد المراسلات وبعد الكتب والرسائل كلام طويل، قبل صِّفين كان هناك كلامٌ وكلام وتفاصيل لا مجالَ للدخولِ في تشعُّبَاتِها، وقطعاً كُتب التأريخ ما تكفَّلت بذكرِ كلِّ شيء ولكن ما هو بين أيدينا في كتب التأريخ في كتب السِّير وما هو بين أيدينا ممَّا وصلنا من كتب ورسائل سيّد الأوصياء ومن حديث الأئمَّة هناك الكثير من التفاصيل. ثُمَّ تَلَاهُمَا أَهلُ الشَّام فَسِرتَ إِليهِم بَعدَ الإِعْذَار وَهُم لَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقّ وَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرآن هَمَجٌ رَعَاعٌ ضَالُّون وَبِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ فِيكَ كَافِرون وَلِأَهلِ الخِلَافِ عَلَيكَ نَاصِرُون وَقَد أَمَرَ اللهُ تَعَالى بِاتِّبَاعِك وَنَدَبَ المُؤمِنينَ إلَى نَصرِك وَقَال عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ – هذا الوصف هل ينطبقُ على غيرِ عليٍّ؟ كونوا مع الصَّادقين، ما المراد من كلمة الصَّادقين؟ الصادقون: جمعٌ لصادق، وهذا الجمع عُرِّف بالألف واللام ومرَّ الكلام في الحلقات السابقة بخصوص الألف واللام حينما تأتي للتعريفِ على نحو العهد الذهني المعهود في الأذهان، حينما يأمرُ الباري فيقول: كونوا مع الصادقين يقصد مع الصادقين مئة في المئة لا مع إنسان يصدق ولا يصدق، إن كان ذلك بحسن نية أو بسوء نية، هذا الوصف ينطبقُ علينا؟! لا ينطبق علينا، لأنَّنا لا نَصدُق بدرجة مئة في المئة، سواء كُنَّا بحسن نيَّةٍ نتكلَّم نتحدَّث أو نفعل ونحنُ نتصوَّر هذا صدق أم لم يكن ذلك بحسن نية، بالنتيجة على واقع الأرض ما الّذي يجري؟ يجري أنَّ الّذي يصدر منَّا إن كان من قولٍ أو من فعلٍ أو من نيَّةٍ قد نتصوَّر هو صدق ولكن ما هو بصدق، لأنَّ التعريف هنا الصَّادقون يعني صادقون مئة في المئة. كيف يكونون صادقين مئة في المئة؟ صادقون في عِلْمِهِم، عِلْمُهُم صحيح، من هناك على الأرض من غيرهم صلواتُ اللهِ عليهم مهما بلغ هل يستطيع أنْ يدَّعي بأنَّ عِلمَهُ عِلمٌ صحيح؟ إذا لم يكن العلم علماً صحيحاً ودقيقاً حتَّى لو اعتقد الإنسان بصحَّة عِلمِه فإنَّ ذلك العلم ليس بِعلمٍ صادق، فحينئذٍ هل يكون هذا العالِمُ عالِماً صادقاً؟ ليس صادقاً وإن لم يكن ملتفتاً إلى هذا الأمر، الصَّادقون أصحابُ العلم الصَّادق، يعني الَّذين يمتلكون الحقيقة، الَّذين يمتلكون الحقيقة هم صلواتُ الله عليهم، الصَّادقون في قولهم والمراد هنا من الصادقين في قولهم حين يتكلَّمون يعلمون بأنَّ هذا الكلام حقيقي، قد نتكلَّمُ بكلامٍ نحنُ نعتقد بأنَّهُ حقيق وما هو بحقيقي، هل هذا صدق؟ ليس صدقاً، لكنَّهُ أيضاً ليس كذباً، لأنَّنا لم نقصد التزوير والكذب، لكن هذا ليس حقيقة، الصَّادقون في كلامهم هم فقط، الصَّادقون في نياتهم هم فقط، لذلك هذا التعبير خاصٌّ بهم، لا أريد أن أطيل الوقوف عند هذه الآية. وَقَال عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ – هذا الوصف الَّذي ورد في الزِّيارة في أهل الشام – وَهُم لَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقّ وَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرآن هَمَجٌ رَعَاعٌ ضَالُّون – هذا الكلام لا يُتصوَّر بأنَّهُ يأتي في سياق مضمون البراءة من أعداءِ أهل البيت، لأنَّ أعداءَ أهل البيت يُفترَضُ بهم أنْ يكونوا هكذا، أبداً، هذه حقيقة حال وواقع، أهلُ الشام الَّذين حاربوا عليَّاً هذا كانَ وصفهم، حتَّى عَمرُ ابن العاص الَّذي كان يلعبُ بهم ويعبثُ بهم ويضحكُ عليهم، حتَّى عَمرُ ابن العاص في قصيدتهِ الجلجليَّة الَّتي كتبها إلى معاوية كانَ الاتفاق بين معاوية وعمر ابن العاص أنَّهُ يُشاركه في قتال عليٍّ ويولّيه مِصر ويعطيه خراج مصر، وفي ذلك الوقت كانت مصر تعتبر الدولة الأغنى في ذلك الزَّمان لا صناعة ولا معادن ولا بورصات ولا بنوك ولا أيّ شيء من هذا القبيل، الاعتماد كان في الجانب الاقتصادي على الزراعة والتجارة، والاعتماد على الزراعة أكثر من التجارة، لأنَّ التجارات كانت تتعرَّض للمشاكل، وادي النيل معروف بكثرة مزروعاتهِ، ضريبةُ الخراج كانت كبيرة جداً في مصر بالقياس إلى الدول المجاورة، عدد السكان في مصر أكثر من عدد السكان في الجزيرة العربية أو في العراق أو في بلاد الشام، عدد السكان أكثر، مساحة الأرض الزراعية كبيرة، لذلك كان خراج مصر يُضربُ به المثل، فكان اشتراط عَمر ابن العاص على معاوية أنّي أشاركك في قتال عليٍّ ولكن لي ولاية مصر وخراجها، لَمَّا استتب الأمر بمعاوية هو اعطى لعَمر ابن العاصر ولاية مصر وخراجها، لكن لَمَّا استتب به الأمر كتب كتاباً إلى عَمر ابن العاص أنْ يسلِّم مصر لعبد الملك ابن مروان، فكتب عَمر ابن العاص قصيدتهُ الجلجية: معاويةُ الفضلُ لا تنسى لي وعن منهج الحقِّ لا تعدلِ نسيت احتيالي في جُلَّقٍ على أهلها يوم لبس الحلي إلى آخر الكلام إلى أن يصف أهل الشام فماذا يقول ؟ من البقر البُكم أهل الشئام، هكذا يصفهم عَمر ابن العاص: من البقر البُكم أهل الشئام لأهل التُقى والحِجى ائتلي لأهل التقى والحجى: يشير إلى أمير المؤمنين، يعني هنا عَمر ابن العاص يقول لمعاوية: شكِّل لي جيشاً، أعطني هذه الأبقار البكماء حتَّى نُشكِّل منها جيشاً، من البقر البكم أهل الشئام لأهل التقى والحجى، الحجى: العقول والحكمة. من البقر البُكم أهل الشئام لأهل التقى والحِجى ائتلي وقصَّة الطرمَّاح مفصَّلة الذي جاء يحمل كتاباً إلى أمير المؤمنين القصَّة مفصَّلة لا مجال لذكرها ولكن أذهب إلى آخر جزءٍ من القصَّة: بعد المحجاجات الّتي دارت بين الطرمَّاح وبين معاوية وأصحاب معاوية وكان الطرمَّاح يهزأ بهم كانت حُجَّتهُ قوية كان يسخر بهم، الطرمَّاح كان قد جاء على بعير، على جمل، معاوية بَعثَ أحداً، فجاءوا برجلٍ شامي اشتكى على الطرمَّاح، بعد أنْ خرج الطرمَّاح من دار معاوية من قصر معاوية جاء من يشتكي على الطرمَّاح، ما هي شكوى الشّامي؟ وجاءوا بالطرمَّاح أيضاً، معاوية أراد أن يعبث بالطرمَّاح وأراد أنْ يرسل رسالةً إلى العراق، فجاء هذا الشّامي، قطعاً هذا بمخطَّط من معاوية، جاء هذا الشّامي فاشتكى على الطرمَّاح قال: إنَّ الطرمَّاح سرق ناقتي، وهذه الناقةُ مربوطةٌ بباب القصر، يعني الناقة الّتي كان يركبها الطرمَّاح، وبدأت المرافعة، الرجل بدأ يحكي قصَّتهُ، معاوية قال للطرمَّاح: هذا الرجل لهُ الحقّ في الناقة، فماذا فعل الطرمَّاح؟ الطرمَّاح جاء ببعيرهِ، جاء ببعيرهِ وقال: يا معاوية أنا عندي شاهدان عدلان يُثبتان أنَّ هذا البعير لي، الرجل يدَّعي بأنَّ هذا البعير ناقة، لأنَّهم قالوا للشامي كذا وكذا فجاء الشامي يشتكي، جاء الشامي يشتكي على الطرمَّاح، الطرمّاَح قال: هذا بعير وعندي شاهدان عدلان، معاوية التفت الطرمَّاح لوحدهِ ولا يجرؤ أحد من الشاميين أن يشهد لصالح الطرمَّاح، قال: وأين هما الشاهدان العدلان؟ فأخرج الطرمَّاح خصيتي الجمل، قال: هذان الشاهدان العدلان يثبتان أنَّ هذا بعير وليس ناقة، والرجل يدَّعي بأنَّهُ ناقة، فمعاوية قال للطرمَّاح: قل لعليٍّ بأنّي سآتيه بمئة ألف لا يميزون بين الناقة والجمل. هؤلاء هم الشاميون الَّذين تتحدَّث عنهم هذه الزِّيارة، يعني هذا كلام معاوية وهذا شعر عَمر ابن العاص. وَهُم لَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقّ وَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرآن هَمَجٌ رَعَاعٌ ضَالُّون – وتستمرّ الزيارةُ الشريفة – مَولايَ بِكَ ظَهَرَ الحَقّ وَقَد نَبَذَهُ الخَلق وَأوضَحتَ السُّنَن بَعَدَ الدُرُوسِ والطَّمس – أوضحت السنن، بيَّنت سُنن النَّبيّ بعد الدروس، بعدما اندرست، يعني بعد ما زالت، يقال قبور دوارس، يعني كانت هنا قبور وزالت آثارها، قبورٌ دوارس، كانت هنا قبور وزالت، الزِّيارة ماذا تقول؟ – وَأوضَحتَ السُّنَن بَعَدَ الدُرُوسِ والطَّمس – أصلاً زالت الآثار وطُمست حتَّى الآثار طُمست لم يبقى منها شيء. سوف لنْ أذهب بعيداً هذا هو صحيح البخاري، هذه الطبعة طبعة دار صادر بيروت لبنان الطبعة الأولى 2004 ميلادي، 1425 هجري، الطبعة الَّتي كتبَ مقدمتها نوَّافُ الجرَّاح، طبعات البخاري كثيرة لذلك سأذكر لكم الباب: (باب إتمامُ التكبير في الركوع ) و (باب إتمامُ التكبير في السجود) رقم الباب: 115، 116، الرّواية بحسب هذه الطبعة الَّتي بين يدي صفحة: 142، رقم الحديث: 784 بسندهِ:- عن مُطرِف عن عمران ابن حُصين – عمران ابن حصين من الصحابة معروف شخصيَّة معروفة – عن عمران ابن حُصين قال: صلَّى – يعني عمران صلَّى – مع عليٍّ رضي الله عنه بالبصرة – يعني بعد أن جاء علي إلى العراق – صلَّى مع عليٍّ رَضي اللهُ عنه بالبصرة فقال – ماذا قال عمران؟ فقال: ذكَّرنا هذا الرَّجل صلاةً كنَّا نُصلِّيها مع رَسول الله – أعتقد الكلام واضح لا يحتاج إلى تعليق. الحديث 786:- عن مُطرَّف ابن عبد الله، قال: صَلَّيتُ خلف عليّ ابن أبي طالب رَضي اللهُ عنه أنا وعمران ابن حصين فكان إذا سجد كبَّر وإذا رَفع رأسهُ كبَّر وإذا نهض من الركعتين كبَّر فلمَّا قضى الصلاة أخذ بيدي عمران ابنُ حصين فقال: قد ذكَّرني هذا صلاة مُحَمَّد، أو قال: لقد صلَّى بنا صلاة مُحَمَّد – إذاً القوم بأيّ صلاة كانوا يصلون؟! هذا المطلب بحاجة إلى بحثٍ خارج عن البرنامج، لكن هذه الروايات موجودة في صحيح البخاري واضحة جداً. في باب آخر: (باب تضييعُ الصلاة عن وقتها)، صفحة: 104، الحديث: 529:- عن غيلان عن أنس – أنسُ ابن مالك شخصيَّة معروفة أيضاً من الصحابة – عن غيلان عن أنس، قال: ما أعرفُ شيئاً ممَّا كان على عهد النبيّ – يعني كلّ الأشياء تغيَّرت – ما أعرفُ شيئاً ممَّا كان على عهد النبيّ – هذا هو البخاري يعني ما من شيء إلَّا وتغيَّر، لذلك الزيارة هنا تتحدَّث عن هذه الحقيقة – وَأوضَحتَ السُّنَن بَعَدَ الدُرُوسِ والطَّمس – كان هناك دُروس وطمس لسُنَّة النبيّ، هذا هو أنس، أنسُ ابن مالك وهذا هو صحيح البخاري – ما أعرف شيئاً ممَّا كان على عهد النبيّ، قيل: الصلاة – الصلاة قضيَّة معروفة كانت على عهد النبيّ فماذا قال؟ – قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها – حتَّى هذه الصلاة ليست كالصلاة على عهد النبيّ – قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها – طبعاً البخاري وضعها تحت عنوان: (تضييع الصلاة عن وقتها)، الحديث ليس فيه تضييع عن الوقت تضييع للصلاة بشكل كامل لا يوجد شيء لذكر الوقت هنا على أيِّ حال – قال أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها – حتَّى لو كان يقصد التوقيت وغير مذكور في الكلام إذا ضُيعت مواقيت الصلاة ضُيعت الصلاة، لأنَّ الصلاة كما في الوصف القرآني كانت على المؤمنين، الصلاة على المؤمنين كيف وصفها القُرآن؟ بأنَّها كتابٌ موقوت، يعني لها أوقات معينة موقوتة محدَّدة، القرآن هكذا وصف الصلاة بأنَّها موقوتة. الحديث: 530:- عن عثمان ابن أبي روَّاد أخي عبد العزيز قال: سمعتُ الزهري يقول – الزهري شخصيَّة معروفة – دخلتُ على أنس ابن مالك بدمشق وهو يبكي فقلتُ: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئاً ممَّا أدركتُ إلَّا هذه الصلاة – كل شيء كان نعرفهُ في زمان النّبيّ انتهى، إلَّا هذه الصلاة بقيت بشكلها – وهذه الصلاةُ قد ضيعت أيضاً – هذه الصلاة ليست تلك الصلاة الَّتي كانت على عهد رسول الله، فعمران ابن حصين كما مرّ قبل قليل يقول ذكَّرنا هذا بصلاة مُحَمَّد، صلَّى بنا صلاة مُحَمَّد، وأنتم تعرفون يعني كم قُطعت هذه الأحاديث وحُذِف منها ما حُذِف وطمست الحقائق ولكن بقيت هذه البقايا، هذه بقايا من حقائق كثيرة طُمست. وَأوضَحتَ السُّنَن – يا أمير – بَعَدَ الدُرُوسِ والطَّمس فَلَكَ سَابِقَة الجِهَاد عَلَى تَصدِيق التَّنزِيل – حين قَاتَل رسول الله على التنزيل – فَلَكَ سَابِقَةُ الجِهَاد عَلَى تَصدِيق التَّنزِيل ولَكَ فَضِيلَةُ الجِهَاد عَلَى تَحقِيقِ التَّأوِيل – لأنَّ النبيّ الأعظم قال له ستقاتلهم على التأويل – فَلَكَ سَابِقَة الجِهَاد عَلَى تَصدِيق التَّنزِيل ولَكَ فَضِيلَةُ الجِهَاد عَلَى تَحقِيقِ التَّأوِيل وَعَدُوُّكَ عَدوُّ الله جَاحِدٌ لِرسُولِ الله يَدْعُو بَاطِلاً وَيَحكُمُ جَائِراً وَ يَتَأَمَّرُ غَاصِبَاً وَيَدعُو حِزبَهُ إلى النَّار – يشير إلى معاوية، هذه الأوصاف يشير بها إلى معاوية – وَعَدُوُّكَ عَدوُّ الله جَاحِدٌ لِرسُولِ الله يَدْعُو بَاطِلاً وَيَحكُمُ جَائِراً وَ يَتَأَمَّرُ غَاصِبَاً وَيَدعُو حِزبَهُ إلى النَّار وَعَمَّارٌ يُجَاهِدُ وَيُنَادِي بَينَ الصَّفَّين – هذا في صفين – الرَّوَاح الرَّواحَ إلى الجنَّة وَلَمَّا اسْتَسْقَى – طلب أن يشرب – وَلَمَّا اسْتَسْقَى فَسُقِيَ الَّلبَن كَبَّرَ وَقَال: قَالَ لِي رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه آخِرُ شَرَابِك مِنَ الدُّنيَا ضَيَاحٌ مِن لَبَن وَتَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَّة فَاعْتَرَضَهُ أبو العَاديةِ الفَزَارِي فَقَتَلَهُ – هذا هو قاتل عمَّار من فرسان أهل الشام – فَاعْتَرَضَهُ أبو العَاديةِ الفَزَارِي فَقَتَلَهُ فَعَلَى أَبي العَادِية لَعنَةُ اللهِ وَلَعَنَةُ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلهِ أَجْمَعِين وَعَلَى مَن سَلَّ سَيفَهُ عَلَيك – يا أمير – وَعَلَى مَن سَلَّ سَيفَهُ عَلَيك وسَلَلتَ سَيفَك عَلَيه – يَا أمِيرَ المُؤمِنِين – مِن المُشركِين والمُنَافِقِين إلى يَومِ الدِّين وَعَلَى – يعني أنَّ اللعن يستمرّ – وَعَلَى مَن رَضِيَ بِمَا سَاءَك وَلَم يَكرههُ وَأغمَضَ عَينَهُ وَلَم يُنْكِر أو أَعَانَ عَلَيكَ بِيَدٍ أو لِسَانٍ أو قَعَدَ عَن نَصْرِك أو خَذَلَ عَن الجِهَادِ مَعَكَ أو غَمَطَ فَضْلَك – غَمَط فَضلك أيّ أنقصهُ، أيّ ظلمك فضلك – أو غَمَطَ فَضْلَك وجَحَدَ حَقَّك أو عَدَل بِكَ – أيّ ساوى بك – أو عَدَل بِكَ مَن جَعَلَك الله أولَى بِهِ مِن نَفسِه وَصَلَواتُ الله عَلَيكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَركَاتُهُ وَسَلَامُه وَتَحيَّاتُه وَعَلى الأَئِمَّةِ مِن آلِكَ الطَّاهِرِين إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيد. هذا أيضاً من ظُلامة سيّد الأوصياء، من ظلامة سيّد الأوصياء أنَّ النَّاس تحتجّ بموقف عمَّار لتُثبِتَ حقَّ عليٍّ، أيّةُ ظلامة هذه؟! والإمام هنا يورد هذه القضيَّة لأنَّ الأئمَّة يتكلَّمون بلسان المداراة وإلَّا ما قيمة عمَّار؟ أيُّ قيمةٍ لعمَّار ابن ياسر إذا ما قيس بعليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه؟! عمَّار لهُ المنزلة لهُ القيمة العالية لهُ الرتبة الشَّريفة إذا قيس في أجوائنا في أجواء شيعة عليٍّ، أمَّا أنْ يُقاس بعليٍّ فمن عمَّار ومن ياسر ومن الناس جميعاً ما قيمة عمَّار؟! لكن هذه ظلامةُ عليٍّ أنْ نُثبِتَ حقَّ عليٍّ لأنَّ عمَّار فعل كذا وكذا ولأنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم أخبر عمَّار بأنَّ الفئة الباغية هي الَّتي ستقتلهُ، ومع ذلك هي هذه أيضاً حُرِّفت حرَّفها معاوية، معاوية أقنع الشاميين كما مر الشاميون همجٌ رعاع ضالون أقنعهم بأنَّ الَّذي قتل عمَّاراً هو عليٌّ لأنَّهُ هو الَّذي جاء به إلى المعركة وهو الَّذي دفعهُ للبراز وللقتال فقُتل، فالَّذي قتل عمَّار عليٌّ قتل عمَّار واقتنع الشاميون بذلك، ليس مهمَّاً كيف اقتنع الشاميون ولكن هذه الظلامة ظلامة كبيرة وبقيت على طول الخط مع الأئمَّة وإلى يومك هذا، قد تقول كيف؟ في زمن الإمام الباقر صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه حينَ تحدَّث الباقرُ عن الله وصفوه بالكذب، قالوا: كيف يتحدَّثُ عن الله أهو نبيّ؟ أينزل عليه الوحي؟ وحين حدَّث عن رسول الله وصفوه بالكذب أيضاً، قالوا: متى رأى رسول الله حتَّى يُحدِّث عنه؟ فحدَّث عن جابر ابن عبد الله الأنصاري، فقالوا: صدق، وكان جابر يأتي يجلس عند الإمام يتعلَّم من الإمام ويطلبُ البركة من الإمام والنَّاس يرون جابراً عند الإمام والإمام يُحدِّث عن جابر، فقالت: النَّاس بأنَّ الإمام هنا قد صَدَق في نقله عن جابر، هو يحدِّث عن جابر. وحتَّى في زماننا هذا، في زماننا هذا نحنُ نرى حتَّى في الوسط الشيعي، في الوسط الشيعي حين يُنقَلُ الحديث عن أهل بيت العصمة تثارُ الإشكالات من كلِّ مكان، مع أنَّ الأحاديث موجودة في مصادرها، ولكن حين تُنقَل كرامات لعلماء الشيعة أو أقوال لعلماء الشيعة ليس لها أيّ مصدر تُثبَّت على المنابر وفي مجالس الدروس وعلى الفضائيات، ليست لها أيّ أسانيد، ليست لها أيّ مصادر، يتقبَّلُها الناس بشكلٍ قطعي واضح، بينما أحاديث أهل البيت تُثار الشكوك حولها، هذه قضيَّة موجودة في الواقع. حقائق أهل البيت يُسأَل عنها أُناس لا علم لهم بذلك، مجرد مظاهر، مجرد عمائم ولحى طويلة، وهم لا علم لهم بحقائق أهل البيت، فيُقبل أهل البيت وتُقبل مقاماتهم على أساسِ أقوال أناسٍ وصفهم الشيعة بأنَّهم علماء، وهم لا علم لهم بأهل البيت، قد يعلمون أشياء، أشْياء أخرى، لا علاقة لها بأهل البيت، وهذه القضيَّةُ لو لم تتغيَّر البُنية الثقافية والبُنية العقلية في الواقع الشيعي ستبقى مستمرَّةً، ويبدو أنَّها ستبقى مستمرَّة لن يحدث أيُّ تغيير إلى زمان ظهور إمامنا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، كي يكون المجتمع في حالة اعتراض ورد على الإمام صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه وهذا المعنى والمضمون موجود في رواياتهم وأحاديثهم، على أيّ حال لا أريد الخوض في هذه القضيَّة أيضاً. ثُمَّ تستمرُّ الزِّيارةُ الشَّريفة بعد السَّلام على الأئمَّة – وَعَلَى الأَئِمَّة مِن آلِكَ الطَّاهِرِين إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيد – ننتقل إلى عبارات أخرى – والأَمرُ الأَعْجَبُ – يا أمير، يا أمير الأمراء – والأَمرُ الأَعْجَبُ – يَا سَيّد الأوصِياء، هذا هو كلام إمامنا الهادي – والأَمرُ الأَعْجَبُ والخَطبُ الأَفْظَعُ بَعَدَ جَحدِكَ حَقَّك – انتبهوا للعبارة العبارة دقيقة – والأَمرُ الأَعْجَبُ والخَطبُ الأَفْظَعُ بَعَدَ جَحدِكَ حَقَّك غَصْبُ الصِّدِيقَةِ الطَّاهِرَة الزَّهْرَاء سَيّدة النِّسَاء فَدَكَاً وَ رَدُّ شَهَادَتِكَ وَشَهَادَة السَّيِّدَين سُلَالَتِكَ وَعِترَة المُصْطَفَى – يعني الحسنين – صَلَّى اللهُ عَلَيكُم وَقَد أَعَلَى اللهُ تَعَالَى عَلَى الأُمَّة دَرَجَتَكُم وَرَفَع مَنزِلَتَكُم وأبَانَ فَضلَكُم وَشَرَّفَكُم عَلَى العَاَلَمِين فَأذْهَبَ عَنْكُم الرِّجس وَطَهَّرَكُم تَطْهِيرا – أنا لا أريد أنْ أقف عند ظلامة الصِّديقة الكبرى فهذا موضوع لو فتحتهُ سيطول فيه الحديث، أتركه للأيام القادمة لِمَا بعد شهر رمضان، لكنَّ الزِّيارة الشَّريفة أشارت إلى نقطتين في غاية الأهميَّة في هذا المقطع: أوَّلاً: وصفت ظلامةَ فاطمة صلواتُ اللهِ وسلامُه عليها في غصبِ فدك، وَصَفت هذه الجزئية من ظُلامة فاطمة، غَصب فَدَك لهُ بُعدٌ واقعي ولهُ بعدٌ رمزي، البُعدُ الواقعي هو الجانب المادي والفيزيائي لتلك البساتين، أمَّا الجانب الرمزي هو الخلافة، وهناك محاورة معروفة لا أستطيع أنْ أدخل في كلِّ التفاصيل فيما بين إمامنا باب الحوائج وهارون العباسي يتبين منها، من هذه المحاورة رمزيَّةُ فدك تعني الخلافة. الأمر الثاني: النقطة الثّانية، الزِّيارة بيَّنت أنَّ ظلامة سيّد الأوصياء هي أفظع من ظلامةِ غصبِ فدك – والأَمرُ الأَعْجَبُ والخَطبُ الأَفْظَعُ بَعَدَ جَحدِكَ حَقَّك – يعني أنَّ جحدك حقَّك هو أكثرُ فظاعةً، ولكن بعدَ جحدك حقَّك الأمرُ الأعجبُ والخطبُ الأفظعُ غصبُ الصِّديقة الطَّاهرة فدكاً وردُّ شهادتك وشهادة السيّدين، التفاصيل الحسنين، التفاصيل والأحداث الَّتي جرت في قضيَّة فدك، والكلام هنا على نحو الإشارة، لأنَّ ظلامة فاطمة لم تنحصر في غصبِ فدك، ظُلامةُ فاطمة تعدَّتها إلى شخصها، إلى حياتها، في رواياتنا الشريفة عن إمامنا الصَّادق صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه: أنَّها مَاتَت من الضرب، قُتلت ضرباً، ماتت من الضرب الصديقةُ الكبرى. والأَمرُ الأَعْجَبُ والخَطبُ الأَفْظَع بَعَدَ جَحدِكَ حَقَّك – ظلامةُ أهل البيت واحدة، ولكن لكلِّ ظلامةٍ خصوصيتها، أليس للظلامة الحُسينية خصوصية، ظلامة عليٍّ هي الظلامةُ الأكبر، ألآمُ فاطمة تجرَّعها عليٌّ قبل أنْ تتجرَّعها فاطمة، وألآمُ الحسينٌ تجرَّعها عليٌّ قبل أن يتجرَّعها سيّد الشهداء، الآلامُ ألآم عليٌّ والظلامةُ ظلامةُ عليٍّ والأحزانُ أحزانُ عليٍّ والمُصابُ مُصابُ عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، لذا في آخر الزّيارة ماذا نقرأ؟ في آخر الزِّيارة الغديريَّة، في آخر الزِّيارة الغديريَّة نجد أنَّ عبارات اللَّعن والبراءة أقوى ممَّا جاء في زيارة عاشوراء في آخر الزِّيارة الغديريَّة، أقرأ لكم العبارات وأنتم تعرفون زيارة عاشوراء فقارنوا ستجدون أنَّ العبارات هنا أقوى في الدلالة وفي المضمون ولا أجدُ وقتاً لشرحها، نقرأ في آخر الزِّيارة:- اللَّهُمَّ الْعَن قَتَلَة أَنْبِيَائِك وَأَوصِيَاءِ أَنْبِيَائِك بِجَمِيعِ لَعَنَاتِك وَاصْلِهِم حَرَّ نَارِك وَالْعَن مَن غَصَبَ وَلِيَّكَ حَقَّه وأنكَرَ عَهدَه وجَحَدَهُ بَعَدَ اليَقِين وَالإِقْرَارِ بِالولَايَة لَه يَومَ أَكْمَلتَ لَهُ الدِّين، اللَّهُمَّ الْعَن قَتَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤمِنِين وَمَنَ ظَلَمَهُ وَأَشْيَاعَهُم وَأَنْصَارَهُم اللَّهُمَّ الْعَن ظَالِمِي الحُسَين – كما قلتُ قبل قليل ألآم الحسين هي ألآمُ عليٍّ قبل أن تكون ألاماً للحسين – اللَّهُمَّ الْعَن ظَالِمِي الحُسَين وَقَاتِلِيه وَالمُتَابِعِين عَدُوَّه وَنَاصِرِيه وَالرَّاضِينَ بِقَتلِهِ وَخَاذِلِيه لَعْنَاً وَبِيلا، اللَّهُمَّ الْعَن أَوَّلَ ظَالِمٍ ظَلَمَ آل مُحَمَّدٍ وَ مَانِعِيهِم حُقُوقَهُم، اللَّهُمَّ خُصَّ أَوَّلَ ظَالِمٍ وَغَاصِبٍ لآلِ مُحَمَّدٍ بِاللَّعن وَكُلَّ مَسْتَنٍّ بِمَا سَنَّ إِلَى يَومِ القِيَامَة – أعتقد أنَّ التفصيل في اللعنِ وفي البراءةِ في هذا المقطع من الزِّيارةِ الغديريَّة الشَّريفة هو بشكل أعمق وأدق وأوسع مما جاء في زيارة عاشوراء، لأنَّ ظلامة عليٍّ فوق ظلامة عاشوراء، لكنَّ الحُسَين جُعِلَ عنواناً لظلامة آل مُحَمَّد، كما قالت عقيلة العقائل ليلة الحادي عشر حينَ وضعت يديها تحت ذلك الجسد المدمَّى ورفعتهُ إلى السماء ماذا قالت؟ اللَّهُمَّ تَقَبَّل مِن آلِ مُحَمَّدٍ هَذَا القُربَان. لأنَّ الحُسين هو القربانُ الأوَّل، العنوان الأوَّل لظلامة آلِ مُحَمَّد، لكن في الحقيقةِ ظلامة عليٍّ هي الظُلامة الأشّد، الظلامة ظُلامةُ عليٍّ، وظلامةُ عليٍّ في وسط أعدائهِ، وظلامةُ عليٍّ في وسط أوليائِهِ، و واللهِ لظلامتهُ في أوسط أوليائه أشدُّ بكثير من ظلامتهِ في وسط أعدائهِ. وتستمرُّ الزِّيارةُ الغديريَّة، ويا ليتني كنتُ أملك وقتاً فأقف عند كلِّ كلمة وأقف عند كلِّ عبارة، فتقول الزِّيارة الغديريَّة وهي تتحدَّثُ عن جوانبَ من المحنةِ العلوية ومن الألمِ العلوي – فَأَشْبَهتَ مِحْنَتُك بِهِما – يعني بالأوَّلِ والثاني – فَأَشْبَهتَ مِحْنَتُك بِهِما مِحَنَ الأَنْبِيَاء عَلَيهُم السَّلام عِندَ الوَحدَة وَعَدَم الأَنْصَار وَأشْبَهَتَ في البَيَاتِ عَلَى الفِرَاش الذَّبِيح عَلَيهِ السَّلَام – يعني إسماعيل – وَأشْبَهَتَ في البَيَاتِ عَلَى الفِرَاش الذَّبِيح عَلَيهِ السَّلَام إذْ أَجبَتَ كَمَا أَجَاب وَأطَعتَ كَمَا أطَاعَ إسْمَاعِيل – وهو أيضاً جزءٌ من ظلامةِ عليٍّ، الأنبياءُ من شيعتهِ! ولكن هكذا يُريدُ الشِّيعة أنْ يعرفوا عليَّاً، وهذا هو خطابُ المداراة -وَأشْبَهَتَ في البَيَاتِ عَلَى الفِرَاش الذَّبِيح عَلَيهِ السَّلَام إذْ أجبَتَ كَمَا أَجَاب وَأطَعتَ كَمَا أطَاعَ إسْمَاعِيل صَابِرَاً مُحْتَسِباً إذْ قَالَ لَهُ – قال له أبوه – يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، وَكَذَلِكَ أَنتَ لَمَّا أَبَاتَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه وَأَمَرَك أنْ تَضْجَعَ في مَرقَدِهِ وَاقِيَاً لَهُ بِنَفْسِك أَسْرَعتَ إلى إِجَابَتِه مُطِيعَاً وَلِنَفسِكَ عَلَى القَتلِ مُوَطِّنَاً فَشَكَرَ اللهُ تَعَالَى طَاعَتَك وَأبَانَ عَن جَمِيلِ فِعلِك بِقُولِه جَلَّ ذِكْرُه وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي – من يشري، يشري: يعني يبيع، لا يتصوَّر البعض المراد يشري يعني يشتري، يشري يعني يبيع، الشاري هو البائع – وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ – وهذه الآية حرَّفها معاوية، فقال بأنَّ هذه الآية، حرَّفها في تفسيرها والصحابة معه حرَّفوها فقالوا: هذه الآية نزلت في عبد الرحمن ابن ملجم، ثُمَّ سمّوا الخوارج، ماذا سمّوهم، الآن في التأريخ ماذا يُسمّون؟ الشُراة، الشُراة جمع شاري، يعني الَّذين، الآن كتب التأريخ مشحونة بهذا الاسم، من هم الخوارج؟ الذين خرجوا على عليٍّ وبحسب القصَّة المعروفة أنَّ عبد الرحمن ابن ملجم من الخوارج القصَّة المعروفة وأنَّ الخوارج هم الَّذين قتلوا عليَّاً، هو معاوية الَّذي خطَّط لذلك، أنا هنا لا أريد الدخول في هذا الموضوع، فسُمِّي الخوارج في التأريخ بالشُراة جمع شاري، الذين تنطبق عليهم هذه الآية، ولاحظوا كيف تتغيَّر الحقائق، هنا في هذا المقطع الزِّيارة أشارت إلى مشابهة بين سيّد الأوصياء وبين جده إسماعيل النّبيّ، وقصَّة إسماعيل تعرفونها لا حاجة للدخول في تفاصيلها. رواية جميلة مذكورة في تفسير الإمام العسكري الَّذي يرفضهُ أكثر علماءنا رضوان الله تعالى عليهم، خصوصاً علماؤنا المعاصرون يرفضونه، يرفضون هذا الكتاب ويعتبرونه من الكتب المفترات على أهل البيت، بالنسبة لي إنَّني أجد أنَّ الصواب في خلافهم في هذه القضيَّة، الصواب في خلافهم حين يُشكِّكون في حديث أهل البيت وفقاً لقواعد جيء بها من المخالفين، رواية في تفسير إمامنا العسكري صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، ولاحظوا المطابقة بين ما جاء في الزِّيارة وبين هذه الرواية، سمعتم ماذا جاء في الزِّيارة، المشابهة بين سيّد الأوصياء وبين جده الذبيح إسماعيل والحديث كذلك عن التضحيةِ بنفسهِ في فراش النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وآله، هذه الرواية هنا – فَإنَّ الله تَعَالى قَد أوحَى إِليه – أوحى إلى رسول الله – يَا مُحَمَّد إِنَّ العَلِيَّ الأَعَلى يَقرأُ عَلَيكَ السَّلَام – طبعاً كلّ الروايات، كلّ الأحاديث هي بلسان المداراة، الأئمَّة قالوا: ما كلَّمنا النَّاس قطّ على قدر عقولنا كلَّمنا الناس على قدر عقولهم – فَإنَّ الله تَعَالى قَد أوحَى إِليه يا مُحَمَّد إِنَّ العَلِيَّ الأَعَلى يَقرأُ عَلَيكَ السَّلَام ويَقُولُ لَكَ إِنَّ أَبَا جَهلٍ والمَلأ مِن قُريَش قَد دَبَّرُوا يُرِيدُونَ قَتلَك وآمُركَ أنْ تُبيِّتَ عَلِيَّاً في مَوضِعِك وقَالَ لَكَ – يعني وقال لك – إِنَّ مَنْزِلَتَهُ – يعني الله يقول للنبيّ بحسب هذا النَّص – إِنَّ مَنْزِلَتَهُ – إن منزلة عليٍّ – إِنَّ مَنْزِلَتَهُ مَنزِلةُ إسْمَاعِيل الذَّبِيح مِن إِبرَاهِيم الخَلِيل – مقصود منزلة ليس الدرجة، مثل ما قال النبيّ لِعَلِيٍّ: أنتَ مِنِّي بِمنزلة هارون من موسى، لا يعني أنَّ عليَّاً برتبة هارون، ليس المراد هذا، تنزيل الشيء لا يعني أنَّهُ يكون مماثلاً لهُ مئة بالمئة، في بعض الأحيان يُنزَّل الأدنى في منزلة الأعلى، وفي بعض الأحيان يُنزَّل الأعلى في منزلة الأدنى. إِنَّ مَنْزِلَتَهُ مَنزِلة إسْمَاعِيل الذَّبِيح مِن إِبرَاهِيم الخَلِيل يَجْعَلُ نَفسَهُ لِنَفْسِكَ فِدَاءَاً وَرُوحَهُ لِرُوحِكَ وِقَاءَاً – هنا يتبيَّن الفارق في المنزلة، إسماعيل كان فداءاً يقدِّمه أبوه، أمَّا عليٌّ هنا فداء يُقدَّم لرسول الله، سيكون الفارق بين منزلة الفداءين هو الفارق بين منزلة رسول الله ومنزلة إبراهيم، هذا مُرادي: أنَّ المقصود أنَّ منزلتهُ منزلةُ إسماعيل ليس المراد التساوي في الرُتبة، لكن قد يُنزَّل العالي، في توضيح المطالب يُنزَّل العالي إلى منزلة الداني لأجل أنْ تتَّضح الصورة والفكرة، وينزَّل الداني بمنزلة العالي لأجل بيان فضله، لأجل بيان فضل الداني – يَجْعَلُ نَفسَهُ لِنَفْسِكَ فِدَاءَاً وَرُوحَهُ لِرُوحِكَ وِقَاءَاً – إلى أن يقول، ثمَّ بعد ذلك الحديث الرواية تستمرّ في الحديثِ عن أبي بكرٍ نحنُ نتحدَّث عن موطن الشاهد هنا بخصوص المبيت لأن الكلام هنا عن الهجرة عن هجرة النبيّ في الرواية – فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وآله لِعَلِيٍّ عَلَيهِ السَّلام: أَرَضِيتَ أنْ أُطْلَبَ – يعني تطلبني قريش بالقتل – أَرَضِيتَ أنْ أُطْلَبَ فَلا أُوجَد وَتُوجَد أَنْت، فلَعَلَّهُ أنْ يُبَادِرَ إِليكَ الجُهّال فيقتلوك – فماذا قال عليٌّ؟ نذهب إلى فاصل وبعد ذلك نعود إلى قول عليٍّ صلواتُ اللهِ وسلامه عليه، مفروض عالناس حُبَّك يا علي. فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وآله لِعَلِيٍّ عَلَيهِ السَّلام: أَرَضِيتَ أنْ أُطْلَبَ فَلا أُوجَد وَتُوجَد – لا أوجد في فراشي وتوجد أنت – فلَعَلَّهُ أنْ يُبَادِرَ إِليكَ الجُهّال فَيَقتُلُوك، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ الله رَضِيتُ أنْ تَكُونَ رُوحِي لِروحِكَ وِقَاءاً وَنَفسِي لِنَفسِكَ فِدَاءً بَل قَد رَضِيتُ أنْ تَكُونَ رُوحِي وَنَفسِي فِدَاءً لأَخٍ لَكَ أو قَرِيبٍ أو لِبَعضِ الحَيوَانَاتِ تَمْتَهِنُهَا – هذا هو أدبُ عليٍّ مع رسول الله – بَل قَد رَضِيتُ أنْ تَكُونَ روحِي – هل هذه الروايات ضعيفة بالله عليكم!! – بَل قَد رَضِيتُ أنْ تَكُونَ روحِي وَنَفسِي فِدَاءً لأَخٍ لَكَ أو قَرِيبٍ أو لِبَعضِ الحَيوَانَات تَمْتَهِنُهَا وَهَل أُحِبُّ الحَيَاةَ إلَّا لِخدمَتِك والتَّصَرُّفِ بَينَ أَمرِكَ ونَهيِك وَلِمَحَبَّة أولِيَائِك وَنُصْرَةِ أصْفِيَائِك وَمُجَاهَدَةِ أَعْدَائِك لَولَا ذَلِك لَمَا أَحْبَبتُ أنْ أَعيشَ في هَذِهِ الدُّنيَا سَاعَةً وَاحِدة – الرواية طويلة إلى آخر الرواية الشريفة، المصدر هو التفسيرُ العسكري، تفسير إمامنا الزّاكي العسكري صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه وهو من أشرف تفاسير أهل البيت، لا كما يقول الكثير من علمائنا ومراجعنا اشتباهاً منهم واعتماداً على قواعد جاءوا بها من كتب أعداء أهل بيت العصمة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، ومن لم يكن عندهُ التفسيرُ العسكريُّ الشريف الرواية مذكورة في الجزء التّاسع عشر من كتاب بحار الأنوار للشيخ المجلسي صفحة: 80، 81 وما بعدها، في الجزء التّاسع عشر من بحار الأنوار لمن لم يكن لديه تفسير الإمام العسكري ولكن المصدر الأصلي هو تفسير إمامنا الزاكي العسكري. وقلت: بأنَّ الزِّيارةَ وحتَّى هذه الرواية الَّتي تتطابق بالمعنى والمضمون وتشرح الزِّيارة، الزِّيارة قرنت بين ذكر إسماعيل وذكرِ عليٍّ صلواتُ الله عليهما وآلهما، وتحدَّثت عن تضحية أمير المؤمنين، الرواية كذلك، الرواية الموجودة في تفسير إمامنا الزاكي العسكري بنفس المضمون، نفس الكلام، وهذا هو الَّذي أردِّده دائماً: بأنَّ حديث أهل البيت بعضهُ يدلُّ على صحَّة البعض الآخر وبعضهُ يشرحُ البعض الآخر، حديث أهل البيت منظومة متكاملة، زيارات، روايات، أدعية، خُطَب، أحاديث تفسيرية، كلُّها منظومة واحدة بعضها يشدُّ البعض الآخر كالبنيان المرصوص، حقائق متكاملة، لكن الَّذي دمَّر هذه المنظومة ما جاءنا من المخالفين تحت مسمَّيات علمُ الرجال، علمُ الدراية، علمُ الأصول، علم الكلام، تحت هذه المسمَّيات دُمّر حديثُ أهل بيت العصمة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، ولم يبقى منه إلَّا شيء يسير ومن هذا الشيء اليسير تشكَّلت الثقافة الشيعية، وإلَّا هذه المضامين العميقة موجودة في حديث أهل البيت لكنَّها محجوبة عن ساحة الثقافة الشيعية العامة. في تفسير إمامنا الزَّاكي العسكري أيضاً، هذا التفسير الكريم المبارك، الرواية عن إمامنا السجَّاد، إمامنا العسكري يُحدِّثُنا عن إمامنا السجَّاد – وَقَالَ رَجُلٌ لِعَلِيّ ابنِ الحُسَين: يَا ابنَ رَسُولِ الله أنَا مِن شِيعَتِكُم الخُلَّص – ماذا قال لهُ إمامنا السجَّاد؟ – قال: أنَا مِن شِيعَتِكُم الخُلَّص، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبدَ الله – الإمام السجَّاد قال لهذا الرجل – يَا ابنَ رَسُولِ الله أنَا مِن شِيعَتِكُم الخُلَّص، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبدَ الله فَإذَاً أَنتَ كَإبرَاهِيم الخَلِيل – لأنَّ إبراهيم الخليل من شيعتنا الخُلَّص، أنتَ تقول: بأنَّك من شيعتنا الخُلَّص، إذاً أنت كإبراهيم الخليل {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} – يَا عَبدَ الله فَإِذَاً أَنتَ كَإبرَاهِيم الخَلِيل الَّذي قَالَ الله فِيه: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} فَإنْ كَانَ قَلبُكَ كَقَلبِهِ فَأنتَ مِن شِيعَتِنَا – من شيعتنا الخُلَّص – وإن لَم يَكُن قَلبُك كقلبهِ وَهُو طَاهِرٌ مِنَ الغِشِّ وَالغِلِّ فَأنتَ مِن مُحِبِّينَا – إذا لم يكن قلبك كقلب إبراهيم الخليل فأنتَ من محبينا ولا تقل بأنَّك من شيعتنا الخُلَّص – وَإِلاَّ فَإِنَّك إِنْ عَرفتَ أنّكَ بِقُولِكَ كَاذِبٌ فِيه – إذا كُنت تعلم بأنَّك ليسَ من الشيعة الخُلَّص وتقول بأنَّني من الشيعة الخُلَّص – إِنَّكَ لَمُبْتَلَى بِفَالِجٍ لَا يُفَارِقُك – الفالج الشلل – إِنَّكَ لَمُبْتَلَى بِفَالِجٍ لَا يُفَارِقُك إِلى الْمَوت أو جُذامٍ ليَكُونَ كَفَّارةً لِكَذِبكَ هذا – لا شأن لي بهذا القائل، موطن الشاهد: إبراهيم من شيعتهم الخلَّص، إبراهيم الخليل، رسولٌ، نبيٌّ من أشرف الأنبياء، تقدَّم في الحلقات السابقة أنَّ نوحاً هو الأشرف في جهةٍ من الجهات، وإبراهيم هو الأشرف في جهةٍ أخرى، لأنَّ الأنبياء تختلف مراتبهم باختلاف الجهات الَّتي يُنظر إليها، قد يختلفون في العلم، قد يختلفون في جهاتٍ أُخرى، قد يختلفون في درجة الوحي، قد يختلفون في جهة الشَّريعة، لكلِّ نبيٍّ خصوصيات، نوحٌ أشرف الأنبياء وأشرف من إبراهيم في جهةٍ وإبراهيم أشرف من بقيَّة الأنبياء في جهةٍ أخرى. رواية جميلة ينقلها الشيخُ المجلسي، الَّتي ينقلها الشَّيخ المجلسي عن سيّد الأوصياء، الرواية طويلة أقتطفُ منها ما يرتبطُ بحديثي – ثُمَّ إِنَّ الله تَعَالَى – يقول سيّدُ الأوصياء – ثُمَّ إِنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ مِن نُورِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه عِشرِينَ بَحْرَاً مَن نُور فِي كُلِّ بَحرٍ عُلُومٌ لَا يَعْلَمُها إِلَّا اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ لِنُورِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه اِنزِل في بَحرِ العِزّ فَنَزَل، ثُمَّ في بَحرِ الصَّبْر، ثُمَّ في بَحرِ الخُشُوع، ثُمَّ في بَحرِ التَواضُع، ثُمَّ في بَحرِ الرِّضَا، ثُمَّ في بَحرِ الوَفَاء، ثُمَّ فِي بَحرِ الحِلم، ثُمَّ فِي بَحرِ التُّقَى، ثُمَّ فِي بَحرِ الخَشْيَة، ثُمَّ في بَحرِ الإنَابَة، ثُمَّ فِي بَحرِ العَمَل، ثُمَّ فِي بَحرِ المَزِيد، ثُمَّ فِي بَحرِ الهُدى، ثُمَّ في بَحرِ الصِّيَانَة، ثُمَّ فِي بَحرِ الحَيَاء حَتَّى تَقَلَّبَ فِي عِشرِينَ بَحرَاً فَلمَّا خَرَجَ مِن آخِر الأبْحُر قَالَ الله تَعَالَى: يَا حَبِيبِي وَيَا سَيَّدَ رُسُلِي وَيَا أَوَّلَ مَخْلُوقَاتِي وَيَا آخِرَ رُسُلِي أَنْتَ الشَّفِيعُ يَومَ المَحْشَر فَخرَّ النُّورُ سَاجِداً ثُمَّ قَامَ فَقَطُرَت مِّنهُ قَطَرات – من ذلك النور، قطرات، ذلك النور خُلِقت منه البحار كل تلك البحار، فقطرت من أصل البحار يعني من بحر بحر البحار قطرت منهُ قطرات، أليس قبل قليل قرأنا إنَّ الله تعالى خلق من نور مُحَمَّدٍ عشرين بحراً من نور، ثُمَّ عَدَّد البحار، فبعد أنْ خَرَّ النورُ ساجداً ثمَّ قام – فَقَطَرَت مِّنهُ قَطَرات كَانَ عَدَدُهَا – كان عدد هذه القطرات – كَانَ عَدَدُهَا مِئَةَ أَلف وَأربَعة وَعِشرين ألَف قَطرة – هذا الرقم بأيِّ شيءٍ يذكِّركم؟ بعدد الأنبياء – فَخَلَقَ اللهُ تَعَالَى مِن كُلِّ قَطرةٍ مِن نُورِهِ نَبِيَّاً مِنَ الأَنْبِيَاء فَلَمَّا تَكَامَلت الأَنْوَار صَارَت تَطُوفُ حَولَ نُورِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه كَمَا تَطُوف الحُجَّاج حَولَ بَيتِ الله الحَرام – الأنبياء قطرات، قطرات من مُكَوِّن البحار، من أصل البحار، من بحار البحار، وكلُّ هذه التعابير تعابير تقريبية، هذه التعابير تعابير على سبيل المثال. تفاصيل كثيرة في هذه الرواية ربَّما نتناولها في طوايا الحلقات القادمة أو في فرصة مناسبة أخرى، لكنَّني أعتقد أنَّ الصورة صارت واضحة، أين منازلهم وأين منازلُ الأنبياء ومن هنا يتَّضح المعنى: إنَّ أمرنا صَعِبٌ مُستصعبٌ لا يحتملهُ لا نَبيٌّ مرسل ولا ملكٌ مقرب، القطرات لا تستطيع أنْ تُحيط بالبحار، يعني أنت تأخذ قطرة من المحيط الأطلسي مثلاً، من المحيط الهادي، هذه القطرة ما قيمتها بالنسبة إلى المحيط الهادي؟ ومع ذلك هذه أمثلة حسيَّة تافهة جداً، هذه أمثلة أصلاً تُبَعِّد المعاني أكثر مِمَّا تُقَرِّب، لكنَّنَا نضطر إلى استعمالها، تأخذ قطرة من المحيط الأطلسي من المحيط الهادي مثلاً ما قيمة هذه القطرة إلى المحيط؟ فما بالكم والحديث عن بحار النور الَّتي ليس لها أوَّل وليس لها آخر هذه البحار الَّتي نحنُ لا نعرف حدودها بالنسبة لنا، بالنسبة لنا ليس لها أوَّل وليس لها آخر، بالنسبة لهم نعم لها أوَّل ولها آخر، لكن بالنسبة لنا ليس لها أوَّل وليس لها آخر، وكلُّ الأنبياء قطرات، قطرات من ذلك المثال النوري الَّذي تجلَّى من أصل بحار الأنوار، من أصل تلك البحار النورية. والحديثُ عن آل مُحَمَّدٍ يطول ويطول، لذا الزِّيارة الشَّريفة وهذه آخر عبارة أأخذها من الزِّيارة الغديريَّة كي أنتقلَ إلى فقرةٍ أخرى، هذه العبارة حينما أقول آخر عبارة ليس آخر عبارة في الزِّيارة، آخر عبارات الزيارة اللعن الذي ذكرتهُ قبل قليل، لكن هذه آخر عبارة أقتطفها أنا في هذا البرنامج في هذه الحلقة، الزِّيارة تُخَاطِبُ سيّد الأوصياء – فَمَا يُحيِطُ – يا أمير – فَمَا يُحيِطُ المَادِحُ وَصْفَك وَلَا يُحبِطُ الطَّاعِنُ فَضْلَك – وَلا يُحبط الطَّاعِنُ فضلك، الَّذي يطعنُ فيك لن يستطيع أنْ يُحبط فضلك أنْ يُزيله أنْ يُلغي فضلك. لكنَّني أقف عند هذه الفقرة – فَمَا يُحيِطُ المَادِحُ وَصْفَك – المادح الَّذي يذكر كلاماً، يذكر ألفاظاً، هذا الكلام وهذه الألفاظ تشتمل على ذكر المحاسن، المدح هو ذِكرُ الجميل، فهل هذا المادح مهمَا بَلَغت رُتبتهُ، مرَّ علينا الكلام أنَّهُ – ضَلَّت العُقُول وتَاهَت الحُلُوم وَحَارَت الألبَاب وخَسِئت العُيُون وَتَصَاغَرَت العُظَمَاء وَتَحَيَّرَت الحُكَمَاء وَتَقَاصَرَت الحُلَمَاء – مرَّ هذا الكلام علينا – عَن وَصفِ شَأنٍ مِن شَأنِه – الحديث المنقول عن إمامنا الرضا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه في الكافي الشريف وربَّما تكون لنا عودة إلى ذلك الحديث إذا وصل بنا البحث إلى جهةٍ من جهاتهِ – فَمَا يُحيِطُ المَادِحُ وَصْفَك – لماذا؟ لأنَّك فوق الوصف، الوصف ما هو؟ الوصف يبتدئ بشعورٍ عند الإنسان، يتأثر بشيءٍ يمكن أنْ يُوصَف، فبعد أن يتأثر الإنسان بهذا الشيء الَّذي يمكن أنْ يوصف كأن يرى حديقةً جميلة، كأن يرى أوراداً متفتحة، كأن يرى بحراً أو نهراً والزوارق الجميلة تتحرَّكُ على أمواجه، كأن يرى قَمراً منيراً في سماءٍ صافية تتلألأُ النجومُ فيها، كأن ينظر إلى خمائل وإلى رياض خضراء، كأن ينظر إلى بناءٍ شامخٍ مزوَّقٍ جميل في أبهة عمرانية راقية، كأن يرى محاسنَ امرأةٍ فاتنة، كأن يرى شاباً وسيماً مكتمل الخلقة، كأن وكأن وكأن، حين يرى شيئاً جميلاً حسناً متكاملاً، هذه الرؤية ستؤدي إلى تأثر عند هذا الرائي ولابدَّ أنْ يكون مالكاً لإحساسٍ مُرهف، لشعورٍ عالٍ، لذوقٍ رفيع، كي يتحسَّس معاني الجمال، كي يتحسَّس هذه الهندسة وهذا الاتساق وهذا النَّسق فيما يراه، ولابدَّ أنْ يمتلك خُزانةً لُغوية، أنْ يمتلك خُزانة لغوية فيها الكثير من الألفاظ والكلمات والمفردات الَّتي يستطيع أنْ يُعبِّر بها، ولابدَّ أنْ يمتلك صُوراً أدبية وصوراً شاعرية وصوراً وصفية حتَّى يستطيع من خلال هذه الصور أنْ يرسم لوحةً لفظيةً بكلامهِ من خلال تنسيق هذه الألفاظ الَّتي يختزنها في خزانته اللغوية، حتَّى يُحوِّلَ هذا الإحساس وهذا الشعور إلى وصف، هذا الكلام قد ينطبقُ على الأمثلة الَّتي ذكرتها على نهرٍ جميل على بيتٍ ضخم في غاية العمران، على رجلٍ، على امرأةٍ، على وردةٍ، على أيِّ شيءٍ يمكن، لكن حين يصلُ الكلام إلى أجملِ الجمال إلى أجلِّ الجلال إلى أكملِ الكمال إلى أعظمِ العَظَمَة إلى الكلمات الأتم – اللَّهُمَّ إِنَّي أَسْأَلُك مِن كَلِمَاتِكَ بِأَتَمِّهَا – أتمُّ الكلمات، إلى الكلمة الأتمّ، حينئذٍ سيتوقف كلُّ شيء، وإذا أراد أنْ يتحرَّك فإنَّهُ سيتحرَّكُ بالاتجاه الخاطئ، لكنَّنا نقول يا أمير، يا أمير المؤمنين عدلين ميتين معك يا سيّد الأوصياء – فَمَا يُحيِطُ المَادِحُ وَصْفَك – يا سيّد الأوصياء هذه الحقيقة تحدَّث عَنها حَديثُ المعرفةِ بِالنورانية. أقرأُ عليكم الحديث ولا أعتقد أنَّ الوقت المتبقي من برنامجنا هذا يكفي للتعليق على الحديث، الحديث طويل رواهُ شيخنا المجلسيُّ في بحار الأنوار، إنَّما أقرأُ عليكم الحديث والحديثُ طويل قد لا يكفي الوقت اليوم لقراءتهِ، لأنَّهُ ربَّما هذا الحديث ليس متوفِّراً لديكم، بالنسبة للزِّيارة الغديريَّة أنا ما قرأتها مع أنَّهُ المفروض لمنهجية البحث أنْ اقرأ الزِّيارةَ بكاملها، وكذلك عندنا الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة المفروض أيضاً أنْ أقرأها ولكنَّني سوف أعتمد على قراءتكم لها لأنَّها موجودة متوفِّرة في كتب الزِّيارات في مفاتيح الجنان وفي سائر المزارات الأخرى. نحنُ الآن وحديث المعرفةِ بالنورانيَّة: سَأَل أَبُو ذَرٍ الغِفَارِي سَلمَان الفَارِسِي رَضِي اللهُ عَنهُمَا يَا أَبَا عَبد الله – هي كنيةُ سلمان – يَا أَبَا عَبد الله مَا مَعرِفَةُ الإِمَامِ أَمِير المُؤمِنِين عَلَيه السَّلام بِالنَورَانِيَّة؟ قَال: يَا جُندُّب فَامضِي بِنَا – جندب هو اسم أبي ذر – قَالَ: يَا جُندُّب فَامضِي بِنَا حَتَّى نَسأَلَهُ عَن ذَلِك، قَالَ: فَأَتَينَاهُ فَلَم نَجده، قَالَ: فَانتَظرنَاه حَتَّى جَاء. قَال صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيه: مَا جَاءَ بِكُمَا؟ قَالا: جِئنَاكَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين نَسألُكَ عَن مَعرِفَتُك بِالنَورَانِيَّة. قَالَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيه: مَرحَبَاً بِكُمَا مِن وَلِييَّن مُتعَاهِدَين لِدِينِه لَستُمَا بِمُقَصِّرَين لَعَمرِي أَنَّ ذَلِكَ الوَاجِب عَلَى كُلِّ مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَة، ثُمَّ قَالَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيه: يَا سَلمَانُ وَيَا جُندّب. قَالا: لَبِّيكَ يَا أَميرُ المُؤمِنِين. قَالَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيه: إِنَّهُ لَا يَستَكمِل أَحدٌ الإِيمَان حَتَّى يَعرِفَنِي كُنْه مَعرِفَتِي بِالنَورَانِيَّة، فَإِذَا عَرَفَنِي بِهَذِه المَعرِفَة فَقد اِمتَحَن اللهُ قَلبَهُ لِلإيمَان وَشَرَحَ صَدَرهُ لِلإسلاَم وَصَارَ عَارِفَاً مُستَبصِرَاً وَمَن قَصَّرَ عَن مَعرِفَة ذَلِك فَهُو شَاكٌّ وَمُرتَاب، يَا سَلمَان وَيَا جُندب. قَالاَ: لَبِّيكَ يَا أَمِير المُؤمِنِين. قَالَ عَلَيه السَّلام: مَعرِفَتِي بِالنَورَانِيَّة مَعرِفة الله عَزَّ وَجَلّ وَمَعرِفةُ الله عَزَّ وَجَلّ مَعرِفَتِي بِالنَورَانِيَّة وَهُوَ الدِينُ الخَالِص الَّذِي قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} – يَقول:- مَا أُمِرُوا إِلَّا بِنبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه وَهُوَ الدِّينُ الحَنِيفِيَّةُ المُحَمَّديَّةُ السَّمِحَة، وَقَولُهُ: يُقِيمُون الصَّلاة، فَمَن أَقَام وِلاَيَتِي فَقَد أَقَام الصَّلاة وَإِقَامَةُ وِلاَيَتِي صَعِبٌ مُستَصعَبٌ لَا يَحتَمِلَه إِلَّا مَلَكٌ مُقرَّب أَو نَبِيٌّ مُرسَل أَو عَبدٌ مُؤمِنٌ اِمتَحَن اللهُ قَلبَهُ لِلإِيمَان، فَالْمَلَكُ إِذَا لَم يَكُن مُقَرَّبَاً لَم يَحتَمِلهُ – وأكثرُ الملائكة ليس بمقربين – فَالْمَلَكُ إِذَا لَم يَكُن مُقَرَّبَاً لَم يَحتَمِلهُ وَالنَّبِيُّ إِذَا لَم يَكُن مُرسَلاً لَم يَحْتَمِلهُ – وأكثرُ الأنبياء ليس بمرسلين، هذا التوضيح من عندي حين أقول وأكثر الملائكة وأكثر الأنبياء – فَالْمَلَكُ إِذَا لَم يَكُن مُقَرَّبَاً لَم يَحتَمِلهُ وَالنَّبِيُّ إِذَا لَم يَكُن مُرسَلاً لَم يَحْتَمِلهُ وَالمُؤمِنُ إِذَا لَم يَكُن مُمتَحنَاً لَم يَحتِمَله. قُلتُ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين مَن المُؤمِن وَمَا نِهَايَتَهُ وَمَا حَدُّهُ حَتَّى أَعرِفَه؟ قَاَل عَلَيهِ السَّلام: يَا أَبَا عِبد الله – الخطاب لسلمان – قُلتُ: لَبَّيكَ يَا أَخَا رَسُول الله. قَالَ: المُؤمِنُ المُمتَحَنُ هُو الَّذِي لاَ يَرِدُ مِن أَمرِنَا إِلَيهِ شَيءٌ إِلَّا شَرَح صَدرَه لِقَبولِهِ وَلَم يَشُكّ وَلَم يَرتَب – هذا هو المؤمن الممتحن، من هو المؤمن الممتحن؟ – المُؤمِنُ المُمتَحَنُ هُو الَّذِي لاَ يَرِدُ مِن أَمرِنَا إِلَيهِ شَيءٌ إِلَّا شَرَح صَدرَه لِقَبولِهِ وَلَم يَشُكّ وَلَم يَرتَب. اِعلَم يَا أَبَا ذَر أَنَا عَبدُ اللهِ عَزَّ وَجَلّ وَخَلِيفَتَهُ عَلَى عِبَادِه لَا تَجعَلُونَا أَربَابَاً وَقُولُوا فِي فَضلِنَا مَا شِئتُم فَإِنَّكُم لَا تَبلغُون كُنه مَا فِينَا وَلَا نِهَايَتَه فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قَد أَعطَانَا أَكبَرَ وَأَعظَمَ مِمَّا يَصِفُهُ وَاصِفُكُم أَو يَخطُرَ عَلَى قَلبِ أَحدِكُم فَإِذَا عَرفتمُونَا هَكَذَا فَأنتُم المُؤمِنُون. قَالَ سَلمَان، قُلتُ: يَا أَخَا رَسُولِ الله وَمَن أَقَام الصَّلاة أَقَامَ وِلاَيَتك؟ قَالَ: نَعَم، يَا سَلمَان تَصدِيقُ ذَلِك قَولهُ تَعَالَى فِي الكِتَاب العَزِيز: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} فَالصَّبرُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه وَالصَّلاةُ إِقَامَة وِلاَيَتِي، فَمِنهَا قَال اللهُ تَعَالَى: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ وَلَم يَقُل وَإِنَّهُمَا لَكَبيرةٌ، لأَنَّ الوَلاَيَة كَبِيرَةٌ حَملُهَا إِلَّا عَلَى الخَاشِعين وَالخَاشِعُون هُم الشِّيعَة المُستَبصِرُون وَذَلِك لأَنَّ أَهلَ الأَقَاوِيلِ مِن المُرجِئَةِ وَالقَدرِّيَةِ وَالخَوَارِج وَغَيرِهِم مِن النَّاصِبِيَّةِ يُقرِوُّن لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه لَيسَ بَينَهُم خِلاف وَهُم مُختَلِفُون فِي وَلاَيَتِي مُنكِرُون لِذَلِك جَاحِدُون بِهَا إِلَّا القَلِيل وَهُم الَّذِين وَصَفَهُم اللهُ فِي كِتَابهِ العَزِيز فَقَال: إِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِين – هؤلاء هم الشيعةُ المستبصرون كما قال سيّد الأوصياء قبل قليل – وَقَال اللهُ تَعَالَى فِي مَوضِعٍ آخَر فِي كِتَابهِ العَزِيز فِي نُبُوَّة مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَفِي وَلَايَتِي فَقَال عَزَّ وَجَلّ: {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} فَالقَصرُ مُحَمَّد وَالبِئرُ المُعَطَّلة وَلَايَتِي، عَطَّلوهَا وَجَحَدُوهَا وَمَن لَم يُقر بِوَلَايَتِي لَم يَنفَعهُ الإِقرَار بِنبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه وَسَلَّم، إِلَّا أَنَّهُمَا مَقرُونَان وَذَلِك أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه نَبيٌّ مُرسَل وَهُو إِمَامُ الخَلق وَعَلِيٌّ مِن بَعدِهِ إِمَامُ الخَلق وَوَصِيُّ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه كَمَا قَال لَهُ النَّبِيّ: أَنتَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هَارُون مِن مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعدِي وَأوّلُنَا مُحَمَّد وَأَوسَطُنَا مُحَمَّد وَآخِرُنَا مُحَمَّد فَمَن اِستَكمَل مَعرِفَتِي فَهُو عَلَى الدِّين القَيِّم كَمَا قَال اللهُ تَعَالى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} وَسَأُبِيِّنُ ذَلِك بِعَونِ اللهِ وَتَوفِيقه، يَا سَلمَان وَيَا جُندب؟ قَالا: لَبِّيكَ يَا أَمِير المُؤمِنِين صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيك. قَال: كُنتُ أَنَا وَمُحَمَّدٌ نُورَاً وَاحِدَاً مِن نُور اللهِ عَزَّ وَجَلّ فَأَمَرَ اللهُ تَبَارَك وَتَعالَى ذَلِكَ النُور أَنْ يُشَّق فَقَال لِلنِصف كُنْ مُحَمَّداً وَقَالَ لِلنِصف كُنْ عَلِيَّاً، فَمِنهَا قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه: عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِن عَلِيّ وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا عَلِيّ وَقَد وَجَّه أَبَا بَكرٍ بِبَرَاءَة – يعني بسورة براءة – إِلى مَكَّة فَنَزَل جَبرَائِيلُ عَلَيهِ السَّلام فَقَال: يَا مُحَمَّد، قَالَ: لَبِّيك، قَال: إِنَّ الله يَأمُرُك أَنْ تُؤَدِيَّهَا أَنتَ أَو رَجُلٌ عَنك فَوَجَّهنِي فِي اِستِردَادِ أَبِي بِكر فَرَدّدتُهُ فَوجَدَ فِي نَفسِه وَقَال يَا رَسُول الله أَنَزَلَ فِيَّ القُرآن، قَالَ: لا، وَلَكن لَا يُؤَدِّي إِلَّا أَنَا أَو عَلِيّ، يَا سَلمَانُ وَيَا جُندب. قَالا: لَبِّيك يَا أَخَا رَسُول الله. قَالَ عَلَيهِ السَّلام: مَن لَا يَصلُح لِحَملِ صَحِيفَةٍ يُؤدِّيهَا عَن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه كَيف يَصلُحُ لِلإمَامَة؟! يَا سَلمَان وَيَا جُندب، فَأنَا وَرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه كُنَّا نُورَاً وَاحِدَاً، صَارَ رَسُولُ الله مُحَمَّد المُصطَفَى وَصِرتُ أَنَا وَصيَّهُ المُرتَضَى وَصَارَ مُحَمَّدٌ النَّاطِق وَصِرتُ أَنَا الصَّامِت وَإِنَّهُ لاَبُدَّ فِي كُلِّ عَصرٍ مِن الاَعصَار أَن يَكُونَ فِيهِ نَاطِقٌ وَصَامِت، يَا سَلمَان، صَارَ مُحَمَّدٌ المُنذِر وَصِرتُ أَنَا الهَادِي وَذَلِك قَولَه عَزَّ وَجلّ: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} فَرَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه المُنذِر وَأَنَا الهَادِي {اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} قَال، فَضَرَب عَلَيه السَّلام بِيَدهِ عَلَى الأُخرَى وَقَال: صَارَ مُحَمَّدٌ صَاحِبَ الجَمع وَصِرتُ أَنَا صَاحِبَ النَشر وَصَارَ مُحَمَّدٌ صَاحِبَ الجَنَّة وَصِرتُ أَنَا صَاحِبَ النَّار أَقُول لَهَا خُذِي هَذَا وَذَرَي هَذَا، وَصَارَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه صَاحِبَ الرَّجفَة وَصِرتُ أَنَا صَاحِبَ الهَدَّة وَأَنَا صَاحِبُ اللَّوح المَحفُوظ أَلهَمَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلّ عِلمَ مَا فِيه، نَعم يَا سَلمَانُ وَيَا جُندب صَار مُحَمَّدٌ يَاسِين وَالقُرآن الحَكِيم وَصَار مُحَمَّدٌ نُون وَالقَلَم وَصَار مُحَمَّدٌ طَه مَا أَنزَلنَا عَلَيكَ القُرآن لِتَشقَى وَصَار مُحَمَّدٌ صَاحبَ الدِلَالَات وَصِرتُ أَنَا صَاحِب المُعجِزَات وَالآيَات وَصَار مُحَمَّدٌ خَاتِم النَبِييِّن وَصِرتُ أَنَا خَاتِم الوَصِييِّن وَأَنَا الصِّراطُ المُستَقِيم وَأَنَا النَّبَأُ العَظِيم الَّذِي هُم فِيه مُختَلِفُون وَلَا أَحَد اختَلَف إِلَّا فِي وَلَايَتِي، وَصَار مُحَمَّدٌ صَاحِبَ الدَّعوَة وَصِرتُ أَنَا صَاحِبَ السَّيف وَصَارَ مُحَمَّدٌ نَبِيَّاً مُرسَلاً وَصِرتُ أَنَا صَاحِبَ أَمرَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِه. إلى بقيَّةِ حديث المعرفة بالنورانية فالحديثُ طويل، بقيَّةُ الحديث أتلوه على مسامعكم في حلقة يوم غدٍ إنْ شاء الله تَعالى. أودِّعكم في رعاية عليٍّ صلوات الله وسلامه عليه إلى لقاءِ يوم غَدٍ يا أشياعَ عليٍّ في أمانِ الله. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الأحد 10 شهر رمضان 1436هـ الموافق 28 / 6 / 2015م (واذا ماكَرَكَ الناكثانِ فقالا نريد العُمرَة، فَقُلتَ لهما، لَعَمرِكُما ما تريدان العُمرَة لكن تريدان الغَدرة) الزبير وطلحة حين ارادا الخروج من المدينة . بيان جانب من معنى قوله تعالى (وكونوا مع الصادقين) اي كونوا مع آل محمّد صلوات الله عليهم . قصّة القصيدة الجُلجُلية لعمرو بن العاص التي بعثها الى معاوية . حادثة الطِرِمّاح مع معاوية وكيف ان اهل الشام لا يميّزون بين الناقة والجمل . احاديث صحيح البخاري عن صلاة أمير المؤمنين صلوات الله عليه . من ظُلامة سيّد الاوصياء انّ الناس تحتج بموقف عمار بن ياسر لإثبات حق عَليٍّ صلوات الله وسلامه عليه، ونفس الظلامة تحدث مع باقي الائمة عليهم السلام كما حدث مع الإمام الباقر، ونفس الحالة موجودة في واقعنا الشيعي اذ تُثار الشكوك حول احاديث اهل البيت، وتُصدّق حوادث بخصوص كرامات للعلماء وهي لا اساس ولا سند لها، واستمرار هذه الحالة في المجتمع الشيعي ستؤدي الى اعتراض الشيعة على الإمام الحُجّة صلوات الله وسلامه عليه . والامر الاعجب والخطب الافظع بعد جحدك حقّك، غصب الصدّيقة الطاهرة الزهراء سيّدة النساء فدكاً . في آخر الزيارة الغديرية جاءت عبارات اللعن اقوى في الدلالة وفي المضمون ممّا جاء في زيارة عاشوراء . الحسين صلوات الله عليه هو عنوان ظلامة آل محمّد عليهم السلام، ولكن الظلامة الاكبر والاشَد هي ظُلامة عَليٍّ في وَسَط اعدائه، وظلامة عَليٍّ في وسط اوليائه اشد بكثير من ظلامة عَليٍّ في وسط اعدائه . جانب من محنة امير المؤمنين عليه السلام بالاول والثاني . سبب تسمية الخوارج في كتب التاريخ بالشُراة . تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام هو من اشرف تفاسير اهل البيت، لا كما يقول علماءنا اشتباهاً واعتماداً على قواعد جاءوا بها من اعداء اهل البيت . المضامين العميقة موجودة في حديث اهل البيت ولكنها محجوبة عن ساحة الثقافة الشيعية العامة . جميع الانبياء عبارة عن قطرات من ذلك المثال النوري الذي تَجلّى من اصل تلك البحار النوريّة . قراءة القسم الاول من حديث المعرفة بالنَورانية .