يا عليّ – الحلقة ١٢ – وقفة عند الزّيارة الجامعّة الكبيرة ج١ Show Press Release (12 More Words) يا عليّ – الحلقة 12 – وقفة عند الزّيارة الجامعّة الكبيرة ج1 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (7٬054 More Words) يازهراء وهل هُناكَ أجملُ مِن هَذا الاسم أبتدئُ بهِ حَديثي … قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلهِ وسلَّم: لَوْ كَانَ الحُسنُ صُورَةً، لَو كَانَ الحُسنُ هَيئَةً لَكَانَت فَاطِمَة صَلوات اللهِ وسَلامه عليها بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعلِهَاِ وَبَنِيهَا وَالسرِّ المُستودَعِ فِيهَا … يَا عَلِيّ … الْحَلَقَة الثَّانِيَة عَشَر: وَقْفَة عِنْد الزِّيَارَة الجَامِعَة ج1 الْحَلَقَة الثَّانِيَة عَشَر: وَقْفَة عِنْد الزِّيَارَة الجَامِعَة ج1 الْحَلَقَةُ الثَّانِيةُ بَعْدُ العَاشِرَة مِنْ بَرْنَامَجنَا: (يَا عَلِيّ) أَشْيَاعَ أَميرَ الْمُؤمِنِين أَنَّى كُنْتُم إِخْوَتِي أَخَوَاتِي أَبْنَائِي بَنَاتِي سَلَامٌ عَلَيكُم جَمِيْعَاً. في الحلقةِ الماضيةِ كانَ الحديثُ حولَ حديثِ المعرفةِ بالنَّورانيَّة، بيَّنتُ فِيمَا سَلَف بِأنَّ مَصدرَنا الأوَّلُ والأخير في المعرفةِ العلويَّة هو قُرآنُنَا الكَريم، ومَنهجُ أمير المؤمنين الَّذي ذكرتهُ أيضاً في كلامهِ أنْ نُنزِلَهُ بأحسنِ مَنازِلِ القُرآن. كيف نَستَكشِفُ أحسنَ منازل القُرآن؟ نعودُ إلى العترة الطاهرة. عيَّنتُ نماذج أستعينُ بها في البحث: • الزِّيارةُ الغديريَّة. • حديثُ المعرفةِ بالنَّوارنية، ومرَّ الكلامُ عن هذين العنوانين. • العنوانُ الثالث: الزِّيارةُ الجامِعَةُ الكبيرة، وهي مرويةٌ كما الزِّيارة الغديريَّة عن إمامنا العاشر صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. في هذه الحلقة سوفَ أتحدَّثُ بِشكلٍ مُجمَل في شؤون الزِّيارةِ الجامِعَة الكَبيرة، كُلُّ هذهِ البيانات في هذه الحلقة وفي الحلقات السَّابِقَة لأجلِ أنْ يكون هناك تمهيد للدخولِ في تفاصيل المعرفةِ العلويَّة، وفي الحقيقة في جوانب من المعرفةِ العلوية وإلَّا فالوقتُ لا يكفي لأنْ نتوغَّل كثيراً وعميقاً في المعرفةِ العلوية ولكن بحسبِ ما يسنحُ به الوقت. الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة هي معطىً من المعطيات المهمَّة بل ربَّما هي أهمُّ المعطيات الَّتي بين أيدينا تقودنا إلى معرفةِ عليِّناً إلى معرفةِ إمام زماننا إلى معرفةِ أئمَّتِنا صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم أجمعين، لِذا في هذهِ الحلقَة سأتحدَّثُ في شؤون الزِّيارةِ الجامِعَةِ الكبيرة. هناكَ عدَّةُ مطالب: المطلبُ الأوَّل: المطلبُ الأوَّل أقفُ وقفةً لبيانِ مضمون ومعنى الزِّيارةِ بنحوٍ عام والزِّيارة الجامعة الكبيرة بنحوٍ خاص. أساساً لماذا هذا الاهتمام الكبير من الأئمَّة صلواتُ اللهِ عليهم في موضوع الزِّيارات؟ هناك حثٌّ أكيد، حثٌّ أكيد إلى درجةٍ أنَّ في زيارةِ الحُسَين حتَّى لو كان الإنسان يُقتل ويُعذَّب وينال ما ينال من الأذى مع ذلك الأئمَّة يحثُّونَهُ ويدفعونهُ لهذه الزيارة. وثانياً: هذا الكمُّ الهائل من النُّصوص الَّتي وردت عن الأئمَّة في زياراتهم الشَّريفة فضلاً عن الأحاديث الكثيرة الَّتي تُفَصِّلُ أهميَّة الزِّيارة أهميَّة الزِّيارة بنحوٍ عام، أهميَّة الزِّيارة عندهم صلواتُ الله عليهم أجمعين، وأهميَّة الزِّيارة من خلال عظيم الثوابِ والأجرِ المُترتب على الإتيان بها. ثُمَّ هذه الأنواع الكثيرة من الزِّيارات، الزِّياراتُ المطلقة، الزِّياراتُ المخصوصة، الزِّياراتُ الليلة، الزِّياراتُ النهارية، الزِّياراتُ من قريبٍ، الزِّياراتُ من بعيدٍ، زياراتُ الأيام، هذا التفصيل الموجود الكبير كلُّهُ يشير إلى أهميَّة هذا العنوان. إذاً ما المراد من الزِّيارة وبسؤالٍ مختصرٍ لماذا نزور؟ لماذا نزور سؤالٌ في غاية الأهميَّةِ في الحياة العقائدية الشيعية، لأنَّ هذه المفردة هذا العنوان هذا المصطلح سمِّي ما شئت، مصطلح الزِّيارة الزِّيارات مصطلحٌ في غاية الضرورة وفي غاية الأهميَّة في ثقافتنا الشيعية وفي معتقداتنا الشيعية، قد نستمعُ إلى قائلٍ يقول على المنابر الشِّيعية وهناك من كَتَبَ هذه المضامين، قد يقول قائل، بغضِّ النَّظَرِ عن الأسماء، ومن الأسماء اللَّامِعة البارزة في الوسط الشيعي، قد يقول قائل: بأنَّنِي حِينَ أزورُ الحُسينَ فإنَّني لا أزورُ عِظاماً نخرة ولا أزورُ عِظَامَاً بالية إنَّما أزورُ موقفاً بطولياً، أزورُ موقفاً في مواجهة الظُلم في مواجهة الطُغيان، إنَّني لا أزورُ عظاماً نخرة ولا عظاماً بالية إنَّما أزورُ مواقف، مواقف تتجلَّى فيها الرّجولة والشَّجاعة والحزم والإخلاص والتصميم والإرادة وعبِّر ما شئت من التعابير. هذا الكلام منافي لمنهجِ أهل البيت مئة في المئة، لكن هذا الكلام يطرحهُ أكبرُ خُطبائِنَا، وعِبرَ عشرات السنين على المنابر الشِّيعية، وهذا المنهج يُؤَيَّدُ من قبلِ مراجعنا الكِرام، وحين أنتقدُ هذا المنهج أكون مشبوهاً، أكون عميلاً للموساد، أكون خارجاً عن الملَّة، أكون أحمل بيدي مِعولاً لهدم التشيُّع، هذا المنهج الخاطئ الَّذي يُخَالِفُ ذَوقَ أهل البيت هو المنهج المُتفشِّي في الثقافةِ المنبرية الشِّيعية، وهو المنهج المتفشي على فضائياتنا، مراجعنا يؤيِّدون هؤلاء الخطباء، يحثُّون الناس على الاستماع إليهم، يوصون الفضائيات بنشر أحاديثهم، فتنشر الأحاديث ليل نهار وهي تستند إلى ثقافةٍ من هذا النوع، وهناك ممَّن كتب هذا الكلام، أيضاً مَن منهم مِن مراجع يقلِّدهم النَّاس كتبوا هذا الكلام في كتبهم وفي منشوراتهم. هذه الثقافة ثقافة تتنافى مع منهج أهل البيت مئة بالمئة، الكلام بأنَّنَا لا نَزورُ عِظَاماً نَخِرة ولا نَزورُ عظاماً بالية مع ما فيه من سوء الأدب ومع ما فيه من ضحالة التفكير هو يتعارض مئة بالمئة مع منهج أهل البيت ومع ذوق أهل البيت، حتَّى في المستوى الأوَّل من مستويات التشيُّع. إذا ما ذهبنا إلى ما ورد عنهم ما ورد في آداب الاستئذان، مفاتيحُ الجنان موجودٌ في بيوتكم افتحوا مفاتيح الجنان هذا الَّذي بين يدي هو مفاتيحُ الجنان، الاستئذان لدخول المشاهد الشريفة ماذا نقرأُ في الاستئذان؟ اللَّهُمَّ إِنِّي وَقَفتُ عَلَى بَابٍ مِن أَبوَابِ بُيُوتِ نَبِيِّك – عند زيارة أيِّ إمامٍ من أئمَّتنا – اللَّهُمَّ إِنِّي وَقَفتُ عَلَى بَابٍ مِن أَبوَابِ بُيُوتِ نَبِيِّكْ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَآلِه وَقَد مَنعْتَ النَّاسَ أَنْ يَدخُلُوا إِلَّا بِإذْنِه فَقُلْتَ؛ يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِي إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُم، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ صَاحِبِ هَذَا المَشْهَدِ الشَّرِيف فِي غَيبَتِهِ كَمَا أَعْتَقِدُهَا فِي حَضْرَتِهِ وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَك وَخُلَفَاءَك عَلَيهُم السَّلَام أَحيَاءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُون يَرَونَ مَقَامِي وَيَسْمَعُونَ كَلَامِي وَيَردُّونَ سَلَامِي – أنتَ هنا تتكلَّم مع عِظام نخرة؟ مع عظام بالية؟ أم تتكلَّم مع موقف؟! زيارةُ الموقف كلامٌ يتناسب مع الذوق الوهابي مئة بالمئة، ويتنافى مع الذوق العلوي مئة بالمئة مع الذوق الصَّادقي البَّاقري مئة بالمئة – وَأَعْلَمُ أنَّ رَسُولَك وَخُلَفَاءَك عَلَيهِم السَّلَام أَحيَاءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُون يَرَونَ مَقَامِي وَيَسْمَعُونَ كَلَامِي وَيَردُّونَ سَلَامِي – فعلاً يردُّون سلامي – وَأنَّكَ حَجَبَت عَن سَمعِي كَلَامهُم – أنا لا أسمع، وإلَّا هم يردُّون السَّلام – وَأنَّكَ حَجَبَت عَن سَمعِي كَلَامهُم وَفَتَحتَ بَابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُنَاجَاتِهِم – إلى آخر الاستئذان. هذا الكلام حين يقوله قائل فهل هو يتحدَّث مع عظام نخرة مع عظام بالية أم يتحدَّث مع مواقف نستلهم منها البطولة وأمثال هذا التسطير والخبن؟! كلام واضح صريح نحن نتكلَّم مع كائنات موجودة قائمة حيَّة – يَرَونَ مَقَامِي وَيَسْمَعُونَ كَلَامِي وَيَردُّونَ سَلَامِي – نحنُ نتحدَّث مع أئمَّةٍ هذه هي شؤوناتهم – وَأنَّكَ حَجَبَت عَن سَمعِي كَلَامهُم – في الاستئذان الَّذي يُقرأ عند كل الأضرحة الشَّريفة ولكن لهُ خصوصية عند السرداب الشَّريف عند سرداب الغيبة، ماذا نقول؟ وَفِّقْنَا لِلسَّعِي إِلَى أَبْوَابِهِم العَامِرة إِلَى يَومِ الدِّين وَاجْعَل أَرْوَاحَنَا تَحِنُّ إلَى مَوطِئ أَقْدَامِهِم وَنُفُوسَنَا تَهَوى النَّظَرَ إلَى مَجَالِسِهِم وَعَرصَاتِهِم حَتَّى كَأنَّنَا نُخَاطِبُهُم فِي حُضُورِ أَشْخَاصِهِم – إلى آخرِ ما جاء في الاستئذان الشريف. وهكذا بقيَّةُ الاستئذانات الَّتي نستأذنُ بها حينما نَقِف على أبواب أئمّتنا، وكما قلتُ قبل قليل هذا هو المستوى الأوَّل من التشيع، لأنَّ هذه الزِّيارات وهذه الاستئذانات مبذولة للجميع، هذه لجميع أفراد الأُمَّة، هذه ثقافة شيعية شعبيَّة، لِكُلِّ أبناء الأُمَّة الشيعيَّة، الأئمَّة حينما نسجوا لنا هذه الزِّيارات ما جُعلت هذه الزِّيارات لطبقة من الطبقات لمجموعة من المجموعات، ربُّما يقول قائل هذه من أحاديث الأسرار وهذه لا تطرح لعامة النَّاس قد يقول قائل هذا الكلام لكن بالنسبةِ للزِّيارات الزِّيارات مباحة للجميع، الزِّيارات منسوجة للجميع، الجميع يقرؤون هذه الزِّيارات، هذه أدبياتُ التشيُّع لجميع الشيعة، هذا المستوى الأوَّل من التشيع هكذا يتجلَّى مضمون الزِّيارة. مرَّ علينا في الحلقات السابقة ما قالهُ أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، نفس الكلام الَّذي على أساسهِ وضعنا منهج البحث في المعرفةِ العلوية:- فَأَنْزِلُوهُم بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ القُرآن وَرِدُوهُم وُرُودَ الهِيمِ العِطَاش، أيُّها النَّاس خُذُوهَا عَن خَاتَمِ النَّبِيِّين صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلهِ وَسَلَّم إِنَّه يَموتُ مَن مَاتَ مِنَّا وَلَيسَ بِمَيِّت – الموت حالة طارئة عارضة على ذات مُتقوِّمة بالأصالة، هذه قضيَّة عارضة – إِنَّهُ يَموتُ مَن مَاتَ مِنَّا وَلَيسَ بِمَيِّت وَيَبلَى مَن بَلِيَ مِنَّا وَلَيسَ بِبَالٍ – هكذا الناس تتصوَّر أنَّهُ يبلى، لأنَّ النَّاس تُفكِّر تعتقد في ثقافتها إذا وضعوا الميت في التراب فإنَّهُ يَبلى ولذلك هذا الخطيب الكبير حين يقول: إنَّني لا أزورُ عظاماً نخرة ولا أزورُ عظاماً بالية على نفس هذا المنهج، على نفس هذا الذّوق السطحي البعيد عن العمق والبعيد عن ذوق أهل البيت صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين – إِنَّهُ يَموتُ مَن مَاتَ مِنَّا وَلَيسَ بِمَيِّت – هذا الموت بالحكم العرفي – وَيَبلَى مَن بَلِيَ مِنَّا وَلَيسَ بِبَالٍ – هذه المعاني بالحكم العرفي لا بالحكم الحقيقي، المضمون نفسهُ قرأتهُ على مسامعكم من حديث المعرفة بالنَّورانيَّة:- يَا سَلَمانُ وَيَا جُندَب، قَالا: لَبَّيكَ يَا أمِيرَ المُؤمِنِين، قَالَ: إِنَّ مَيَّتَنَا لَم يَمُت وَغَائِبَنا لَم يَغِب – الإمام الحُجَّة ليس غائباً هو غائبٌ شاهد أبصارنا غابت عن رؤيتهِ – إِنَّ مَيَّتَنَا لَم يَمُت وَغَائِبَنا لَم يَغِب وإِنَّ قَتْلانَا لَنْ يُقْتَلُوا – وهذا المضمون يتكرَّر في كلمات أمير المؤمنين في كلماتهم صلواتُ الله وسلامهُ عليهم أجمعين، نحنُ حين نزور نَزور أئمَّةً بهذه الأوصاف وهذه الأوصاف الأئمَّة بيَّنوها لنا أيضاً وفقاً لقانون المداراة، هذه الأوصاف بُيِّنت وفقاً لقانون المداراة. نحنُ نقرأُ في الكتاب الكريم إذا ذهبنا إلى سورة آلِ عمران إلى الآية التّاسعة والستين بعد المئة وما بعدها {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً} وهؤلاء الَّذين يُقتلون في سبيل الله، وسبيلُ الله عليٌّ، كلماتُ أهل البيت واضحة في هذا {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً} الَّذين يُقتلون في سبيل الله فيهم العُصاة، فيهم أصحابُ الجرائم، فيهم وفيهم ولكن في لحظةٍ يكون لهم التوفيق فيقتلون في سبيل الله، وفيهم الجاهل وفيهم الأحمق وفيهم عديمُ الحكمة وفيهم وفيهم النَّاس على اختلاف أشكالها، لأمرٍ ما، لموقفٍ ما، لتوفيقٍ ما يوفَّقون فيقتلون في سبيل الله {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً} أنت تتصوَّر أنَّهم أموات رأيت عملية الموت وعملية القتل قد جرت عليهم {بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} أحياء وما سكتت الآية، ربَّما يُقال أحياء بشكل مجازي {بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ} الجهة الَّتي هم عندها أحياء، شُخِّصت، أحياء عند ربِّهِم، ليس كما مثلاً يُقال: بأنَّ هذا الَّذي ضحَّى في سبيل مبادئه سيبقى حيَّاً خالداً في سبيل الوطن في سبيل المبادئ الحزبية في سبيل أيِّ شيءٍ آخر، هذا كلام مجازي يُقال، ولكن الحديث هنا عن أحياء، أحياء ودرجة الحياة عندهم أعلى من درجة حياتنا {بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ} هذه الحياة من الدرجة جعلتهم في مكانٍ أعلى من كلِّ مكان عند ربِّهم {بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الرزق لا ينزلُ إلى الميت {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ} هذه أوصاف لموتى أم أوصاف لأحياء في قمَّةِ الحياة وفي قمَّةِ الرّخاء وفي قمَّةِ السّعادة وفي قمَّةِ الرُّقي {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ} تأكيدات تأكيدات على حياتهم الفعلية {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} إذا كان من عامَّة الشيعة من عامَّة النّاس من عامَّة المؤمنين على رغمِ كلِّ نقائِصِهم لِنيَّةٍ خَالِصة قُتلوا في سبيل الله لهم هذه الحياة والقُرآن يقول: بأنَّكم أنتم تتصوَّرونهم، أنتم تحسبونهم موتى، ما هم بموتى، هؤلاء أحياء ودرجةُ حياتهم أرقى بكثير من حياتكم، هؤلاء أحياء عند ربِّهم، ويرزقون عند ربِّهم. يُرزقون عند ربِّهم يعني الَّذي يذهب إلى قصر السلطان ويُدعى إلى قصر السلطان على مائدة على وليمة في حفلةٍ للتكريم ماذا سيجد؟ إذا كان ذلك السلطان، ذلك الملك، ذلك الرئيس، قد وجَّه لهُ دعوةً خاصَّة لتكريمهِ، هؤلاء أحياء عند ربِّهم يرزقون، إذا كان هذا الحديث يمكن أنْ يَنالَ عامَّة البَشر، فأين سيكون الحديث عن مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد؟ ما معنى الموت حينئذٍ؟ لا معنى له، إنَّ ميِّتنا لم يمت، كلامُ الأمير يشير إلى هذه الحقيقة، حقيقة واضحة جليَّة جداً، نحن حين نزورهم إنَّنا نزورهم حقيقةً وليس مجازاً، حين نقفُ على أبوابهم إنَّنا نقفُ على أبوابهم حقيقةً وليس مجازاً، هذا هو معنى الزِّيارة الَّذي يريدهُ أهل البيت وليس ذلك التسطير الَّذي مرَّت الإشارة إليه، ذلك التسطير هو ذوقٌ وهابي وجهلٌ بمعارف أهل البيت وأبعد ما يكون عن منهج الكتاب والعترة. لكنَّني أعود وأتعجّب لماذا يُؤيَّد هذا المنهج من قِبَلِ مراجعنا، من قِبَلِ علمائنا، من قِبَلِ حوزتنا العلمية، من قِبَلِ مؤسستنا الدينية، لماذا تُصرِّ الفضائيات الشيعية على نشرِ هذا المنهج؟! لماذا يحذو أكثر خطباء المنبر الحُسيني يحذون بهذا الاتجاه وبهذا الطريق ويعتبرون هذا المنهج هو المنهج الأفضل وهو المنهج الأُسوة وهو المنهج العُمدة في طريقةِ التبليغ والخطابةِ والحديثِ ونشر الفكر الشيعي؟! هذه النقطة الأوّلى، إذاً نحنُ نزور نزورهم حقيقةً لماذا نزور؟ نزورُ أئمَّةً نخاطبهم فيسمعوننا، نتحدَّث معهم فيُنَاجُوننا، نُسَلِّم عليهم فيردُّون علينا سلامنا، نطلبُ منهم حوائجنا فيقضون لنا حوائجنا، نستعينُ بهم على صلاح نفوسنا وصلاح عقولنا فيُعينونا على ذلك، إنَّنا نزورُ أئمّتنا زيارةً حقيقية، هذا هو المعنى الحقيقي للزيارة، لماذا نزور؟ نزورُ لأجل ذلك. هناك تفريعاتٌ أخرى على هذا المطلب يمكن أنْ تتَّضح تتجلَّى حين نعرف معنى السّلام؟! لأنَّ عنوان السَّلام في الزِّيارات هو من أهمِّ العناوين، أنتَ كيف تزور؟ تُسلِّم تُقَدِّم التحيَّة تؤدِّي السَّلام، والسَّلامُ أدبٌ والسَّلامُ دُعاءٌ والسَّلامُ تحيَّةٌ والسَّلامُ عهدٌ والسَّلامُ بيعةٌ والسَّلامُ توسُّلٌ، كلُّ هذه المضامين يمكننا أنْ نجدها في معنى السَّلامِ على أئمَّتنا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، حين نُسَلِّمُ عليهم فَإنَّ للسَّلامِ دِلَالات ودِلَالاتٌ كثيرة، هنا سأتناولُ نماذجَ مِمَّا جاء في حديث أهل البيت في معنى السَّلامِ عَلِيهِم: عن إمامنا الصَّادق صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه – وَالسَّلَامُ اِسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ تَعالَى – مِن مَعَاني السَّلامُ عليكم أن ينزلَ فيضَ هذا الاسم على الَّذي نُسلِّمُ عليه، فيضُ اِسْمِ السَّلام، كلُّ فيضٍ في هذا الوجود مردُّه إلى أسماء اللهِ الحسنى والسَّلَامُ من أسمائِه، الصَّادق يقول صلواتُ اللهِ عليه – وَالسَّلَامُ اِسْمٌ مِن أَسْمَاءِ اللهِ تَعالَى أَوْدَعَهُ فِي خَلْقِه لِيَسْتَعْمِلُوا مَعْنَاه فِي المُعُامَلَات وَالأَمَانَات وَالإِلْصَاقَات وَتَصدِيقِ مُصَاحَبَتِهِم وَمُجَالَسَتِهِم فِيمَا بَينَهُمْ وَصِحَّةِ مُعَاشَرَتِهِمْ فَإنْ أَردَتَ أَنْ تَضَعَ السَّلامَ مَوضِعَه وَتُؤدِّي مَعْنَاه فَاتَّقِي الله تَعَالَى وَلْيَسْلَم دِينُك وَقَلْبُك وَعَقْلُك – كيف يَسْلم الدِّينُ والقلبُ والعقل – لَا تُدَنِّسْهَا بِظُلْمِ الْمَعَاصِي وَلْتَسْلَم مِنْكَ حَفَظَتُك – الحفظة يعني الملائكة – لَا تُبَرِّمْهُم ولَا تُمِلُّهُم – من الملل – وَتُوحِشُهُم مِّنْك – كيف يُصِيبُهم الملل والوحشة، كيف يتبرَّمون منَّا؟ حين نرتكب المعاصي، حتَّى حينَ ننوي النيَّةَ السيئةَ، حين يسألون الإمام الصَّادق صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه أنَّ الملك كيف يعلم بأنَّ الإنسان قد نوى نيَّةً سيئة؟ الإمام يقول: إذا نوى الإنسان نيَّةً سيئة خرجت منهُ رائحةٌ كريهة جداً يشمُّها الملك، فما بالك بهذا الَّذي روائحهُ الكريهة تشتغل من الصَّبَاح إلى المساء، ومن المساء إلى الصباح، ألا يتبرَّمُ منهُ الملائِكةُ الحافظون الكاتبون؟! وَلْتَسْلَم مِنْكَ حَفَظَتُك لَا تُبَرِّمْهُم ولَا تُمِلُّهُم وَتُوحِشُهُم مِّنْك بِسُوءِ مُعُامَلَتِكَ مَعَهُم، ثُمَّ مَعَ صَدِيقَك، ثُمَّ مَعَ عَدُوُّك، فَإِنَّ مَن لَمْ يَسْلَم مِّنهُ مَنْ هُوَ أَقربُ إِلَيه فَالأبعَدُ أوَلى وَمَنْ لا يَضَع السَّلامَ مَواضِعَهُ هَذِهِ فَلا سَلام ولا تَسْلِيم وَكَانَ كَاذِبَاً فِي سَلَامِهِ وَإِنْ أَفْشَاهُ في الخَلْق – يعني حتَّى لو كان يردِّد السَّلام بين النَّاس باعتبار أنَّ إفشاء السَّلام من الأمور المندوبة، من الأمور المستحبة، من الأمور المحبَّبة إلى رسول الله وإلى آل رسول الله، حتَّى لو أفشى السَّلام فإنَّهُ في الحقيقة يردِّدُ ألفاظ السَّلام، أمَّا ما هو حَظُّهُ من حقيقة السَّلام؟ الإمام يقول فلا سلام و تسليم، لأنَّ معنى السَّلام أنْ يسلم هو كما قال الإمامُ الصَّادِقُ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه – وَلْيَسْلَم دِينُك وَقَلْبُك وَعَقْلُك لَا تُدَنِّسْهَا بِظُلْمِ المَعَاصِي وَلْتَسْلَم مِنْكَ حَفَظَتُك – الملائكة – لَا تُبَرِّمْهُم ولَا تُمِلُّهُم وَتُوحِشُهُم. السَّلامُ بهذا المعنى الإمامُ يُبَيِّنه مع عامَّة النَّاس مع عامَّة الخلق، إذا نقلنا الكلام، أنا هنا لستُ بصدد بحثٍّ أخلاقي ولا أُريد أن أشرح الحديث وأفصَّل مضامينهُ الأخلاقية والَّتي هي بعيدة عن واقعنا بعيدة عن واقع المتكلِّم والمستمع جميعاً، هذه مضامين مثالية ليست متحقِّقة في حياتنا العملية، لا عند المتكلِّم ولا عند السامع، لكن الحديث يُبَيِّن لنا معنى السَّلام مع عامَّة النَّاس، إذا نَقلنا السَّلام مع أهل البيت سيكون المعنى أعمق وأعمق وأدق؟! نحنُ حتَّى هذا المستوى من السَّلام الّذي يُفْترض أن يكون مع عامة النَّاس نحن لا نمتلكُهُ مع أهل البيت، هذا المستوى من السَّلام أنَّكَ حين تُسلِّم أنْ يسلم دينك وقلبك وعقلك وأنْ لا تتدنس هذه المعاني بالمعاصي، هذه القضيَّة غير موجودة في حياتنا، هذا المضمون نحنُ لم نُوفِّرهُ لأهلِ البيت، مع أنَّ الإمام يقول: أنَّ هذا المضمون لابدَّ أن يوفرَّ لعامَّة النَّاس، لعامَّة الشيعة، هذا المضمون نحنُ لا نستطيع أن نوفِّرهُ لأئمَّتنا، فكم من سوءِ أدبٍ في تعاملنا مع الأئمَّة، وكم من تقصيرٍ وكم من نقصٍ، على ضوء هذا الحديث يمكن أن نستشفَّ معنى السَّلامِ وعمق السَّلام مع أهل البيت صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. هناك أفقٌ آخر، هذا هو الكافي، الحديث السّابق كان من كتاب مصباح الشريعة، هذا هو الكافي، هذا الجزء الأوَّل من كتاب الكافي والرّوايةُ عن محمَّد ابن سنان، مُغَالِي محمد ابن سنان يعني من جماعتنا:- عَنْ مُحمَّد اِبْنِ سِنَان، عَنْ دَاوود ابن كَثيرٍ الرَّقِي قَالَ، قُلْتُ لأَبِي عَبد الله عَلَيهِ السَّلام: مَا مَعنَى السَّلَام عَلَى رَسُولِ الله؟ – حين نسلِّم على رسول الله والسَّلامُ على رسول الله هو سلامٌ على عليٍّ وآل عليّ هو هو – مَا مَعنَى السَّلَام عَلَى رَسُولِ الله؟ فَقَالَ: إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَق نَبِيَّهُ وَوَصِيَّهُ وابنَتَهُ – الزهراء – وَجَمِيعَ الأئمَّة وَخَلَقَ شِيعَتَهم أَخَذَ عَلَيهِم المِيثَاق – السَّلام مرتبط بهذا الميثاق، حين نُسلِّم عليهم هذا السَّلام مرتبط بهذا الميثاق، وهذا الميثاق الوفاء به يحتاج إلى أيِّ شيء؟ يحتاج إلى سلامةٍ في الدّينِ والقلبِ والعقل الَّتي مرَّ الحديثُ عنها في كلامِ الصَّادقِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه – إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَق نَبِيَّهُ وَوَصِيَّهُ وابنَتَهُ وابْنَيه وَجَمِيعَ الأئمَّة وَخَلَقَ شِيعَتَهم أَخَذَ عَلَيهِم المِيثَاق وأَنْ يَصْبِروا وَ يُصَابِرُوا وَ يُرَابِطُوا وَأنْ يَتَّقُوا الله وَوَعَدَهُم أَنْ يُسَلِّم لَهُم الأرضَ – إذا هم التزموا بالميثاق، إذا هم قد سَلَمَت قلوبهم وعقولهم ودينهم مقابل هذا السَّلام، مقابل هذا السَّلام هناك سلام، مقابل هذه التحيَّة هناك ردّ لهذه التحيَّة فإذا هم سَلَموا – أنْ يُسَلِّمَ لَهُم الأرضَ المُباركَة والحَرمَ الآمِن – هذا الحديث عن العصر المهدوي، هذا الحديث عن عصرِ إمام زماننا في ظهورهِ وكذلك حين يستمرُّ العصرُ المهدوي في زمن الرجعة والأوبة، هذه المضامين؛ الأرضُ المباركة والحرمُ الآمن، إنَّهُ الحديث عن الكوفة وعن كربلاء – وأنْ يَنَزِّلَ لَهُم البَيتَ المَعْمُور وَيُظهِرَ لَهُم السَّقفَ المَرْفُوع – حين يتواصلُ عالم الشهادةِ والطبيعةِ مع عالم الغيب وقد تحدَّثتُ عن هذا الموضوع وأوردت الرّوايات في برامج شهرِ شعبان وبالذّات في برنامج أهلاً بقيَّة الله نحنُ بالانتظار، والبرامج موجودة على موقع زهرائيون يمكنكم أن تراجعوها، ولو حدثت فرصة سيُعاد بثُّها إنْ شاء الله تعالى. وَوَعَدَهُم أنْ يُسَلِّم لَهُم الأرضَ المُباركَة والحَرمَ الآمِن وأنْ يَنَزِّلَ لَهُم البَيتَ المَعْمُور وَيُظهِرَ لَهُم السَّقفَ المَرْفُوع ويُرِيحَهُم مِن عَدُوِّهِم وَالأرَضَ الّتِي يُبَدِّلُها الله مِنَ السَّلام وَيُسَلِّم مَا فِيهَا لَهُم لَاشِيَّة فِيها – لا عيب فيها – قَال: لا خُصُومَةَ فِيهَا لِعَدوِّهِم، وأنْ يَكُونَ لَهُم فِيهَا مَا يُحِبُّون وأخَذَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلهِ عَلى جَميعِ الأئمَّةِ وَشِيعَتِهِم المِيثَاقَ بِذَلِك، وإِنَّمَا السَّلامُ عَلَيه – على رسول الله – تَذكِرَةُ نَفسِ المِيثَاق وَتَجدِيدٌ لَهُ عَلَى الله لَعَلَّهُ أَنْ يُعَجِّلَه جَلَّ وعَزّ ويُعَجِّلَ السَّلام لَكُم بِجَمِيعِ ما فِيه – القضيَّة مرتبطة بإمام زماننا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، موضوع السَّلام على الأئمة هو تَجديدُ عهدٍ وميثاق مع إمام زماننا، يعني حين نزورُ الحسين كل كلمة سَلَام نُسَلِّمُ بها على الحسين هو تجديدُ عهدٍ وميثاق مع الحُجَّة ابن الحسن، حين نقرأُ الزِّيارة الجامعة سواء نزور المعصومين جميعاً بها أو نزور أحداً منهم، مع كلِّ سلامٍ، مع كلِّ تحيَّةٍ في هذه الزيارة، مع كلِّ كلمةٍ، مع كلِّ حرفٍ هو تجديدُ عهدٍ وتجديدُ ميثاقٍ مع الحجَّة ابن الحسن صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. والأمرُ يذهبُ إلى جهةٍ أعمق، إلى جهةٍ أبعد، رواية جميلة وجميلة جداً قرأتُ لكم منها مقطعاً فيما تقدَّم من البرنامج أقرأ الآن أيضاً منها مقطعاً وهذا هو الجزء الخامس عشر من بحار الأنوار لشيخنا المجلسيّ، الرّواية عن أمير المؤمنين صلواتُ الله وسلامهُ عليه:- ثُمَّ خَلَقَ مِن نُورِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وآلِه جَوهَرة – جوهرة لا بالمعنى اللغوي والعرفي ولكن اللغة قاصرة فتُستعمل هذه المصطلحات على سبيل الإشارة – ثُمَّ خَلَقَ مِن نُورِ مُحَمَّدٍ جَوهَرَة وَقَسَمَهَا قِسمَين فَنَظَرَ إلَى القِسمِ الأَوَّل بِعَينِ الهَيبَةِ فَصَار مَاءَاً عَذْبَاً – هذا هو ماءُ الطُهرِ في الوجود، الماءُ العذب هو الماءُ الّذي تجلَّت منه خَرَجت منه معاني الجمال ومعاني الحياة – فَنَظَرَ إلَى القِسمِ الأَوَّل بِعَينِ الهَيبَةِ فَصَار مَاءَاً عَذْبَاً وَنَظَرَ إلَى القِسْمِ الثَّانِي بِعَينِ الشَّفَقَةِ فَخَلَقَ مِنهَا العَرش – من تلك الجوهرة الَّتي هي من تجليَّاتِ نور مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وآله – فَخَلَقَ مِنهَا العَرش فَاسْتَوى عَلَى وَجهِ المَاء – فاستوى على وجه الماء العَذب، لأنَّ الماء العذب كما قلتُ قبل قليل هو أصلُ كلِّ جمال والعرشُ استوى على الماء لأنَّ العرشَ قائمٌ بذلك الماء العذب وما الماءُ العذب إلَّا ولايةُ عليٍّ في مظهرها العُلويّ، ولذا في الكتاب الكريم {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} الطريقة هنا ولايةُ عليٍّ {لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقا} والماءُ الغَدقُ هو صورةٌ من ذلك الماء العذب، مظاهرُ الولايةِ العلويةِ. كانَ الحديثُ في الحلقات الأوّلى من هذا البرنامج عن ولادةٍ علويةٍ في الأفق الأرضي وعن ولادةٍ علويةٍ في الأفق الأعلى ولكلِّ أفق هناك تجليَّاتٌ علويةٌ تتناسبُ مع ذلك الأفق. فَخَلَقَ مِنهَا العَرش فَاسْتَوى عَلَى وَجهِ المَاء فَخَلَقَ الكُرسِيَّ مِن نُورِ العَرش وَخَلَقَ مِن نُورِ الكُرسِيّ اللَّوح وَخَلَق مِن نُورِ اللَّوح القَلَم وقَالَ لَهُ أُكْتُب تَوحِيدِي فَبَقِيَ القَلَمُ أَلفَ عَامٍ سَكْرَانَ مِن كَلَامِ الله تَعَالَى ؛ وَقَال لَهُ اكتُب تَوحِيدِي – قَالَ للقَلَم – فَبَقِيَ القَلَمُ أَلفَ عَامٍ سَكْرَانَ مِن كَلَامِ الله تَعَالَى فَلمَّا أَفَاق قَال أُكْتُب، قَالَ يَا رَبِّي وَمَا أَكْتُب؟ قَالَ: أُكْتُب لَا إِلَه إلَّا الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله فَلمَّا سَمِعَ القَلَمُ اِسْمَ مُحَمَّد – كلُّها رموز هذه، هذه ليست حكاية شعبية رموز عميقة والرّواية بحاجة إلى شرح، ربَّما سأشرحُها في طوايا الحلقات القَادمة لكنَّنِي أريد أنْ أصل إلى موطن الشاهد الَّذي يتعلَّق بمعنى السَّلام – فَلمَّا سَمِعَ القَلَمُ اِسْمَ مُحَمَّد خَرَّ سَاجِدَاً وَقَال سُبْحَانَ الوَاحِدِ القَهَّار سُبْحَانَ العَظَّيمِ الأَعّظم، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ مِن السُّجُود وكَتَبَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله مُحَمَّدٌ رسول الله – هذه الكتابة ليست كتابة ككتابةِ أقلامِنا المراد هذه كتابةُ الحقيقةِ في كل الوجود – ثُمَّ قَالَ: يَا رَبَّ وَمَن مُحَمَّدٌ الَّذِي قَرَنتَ اِسْمَهُ بِاسْمَك وَ ذِكرَهُ بِذْكرِك؟ قَالَ الله تَعالَى لَه: يَا قَلَم فَلَولَاهُ مَا خَلَقْتُك وَلا خَلَقْتُ خَلْقِي إِلَّا لِأَجْلِه فَهُو بَشِيرٌ نَذِير وَسِرَاجٌ مُنِير وَشَفِيعٌ وَحَبِيب فَعِندَ ذَلِك انْشَقَّ القَلَمُ مِن حَلَاوةِ ذِكْرِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه، ثُمَّ قَالَ القَلَم: السَّلَامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ الله، فَقَالَ الله تَعَالَى: وَعَلَيكَ السَّلامُ مِّنِي وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُه – تنتبهون للرواية ماذا تقول؟ – فَعِندَ ذَلِك انْشَقَّ القَلَمُ مِن حَلَاوةِ ذِكرِ مُحَمَّد، ثُمَّ قَالَ القَلَمُ: السَّلَامُ عَلَيكَ يَا رَسُولَ الله – من الَّذي أجاب؟ – فَقَالَ الله تَعَالَى: وَعَلَيكَ السَّلامُ مِّنِي وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُه – السَّلامُ على رسول الله الَّذي أجاب هو الله – فَلِأَجلِ هَذَا صَارَ السَّلامُ سُنَّة – لأنَّ السَّلام كان من القلم – فَلِأَجلِ هَذَا صَارَ السَّلامُ سُنَّة وَالرَّد فَرِيضَة – لأنَّ الردّ كان من الله، السَّلامُ على رسول الله والردُّ من الله، نكتة دقيقة جداً، أنا هنا لا أريد أنْ أقف عند كلِّ صغيرةٍ وكبيرة ولكن هذه المعاني ستَّتضح في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى. إذاً هناك عُمقٌ في هذه الزِّيارات، هناك عُمقٌ في هذا السَّلام، لا كما يقولون بتلك السطحية الَّتي مرَّت الإشارة إليها. هذا هو ذوقُ أهل البيت هذا هو منهجُ أهل البيت هذا هو حديثُ أهل البيت، وهناك من المضامين ما هو أعمق من ذلك، وما هو أدقّ من ذلك، لكن المقام لا يسع للتفصيلِ في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، وإنَّما بحسبِ ما يسنح به الوقت، وإلَّا هذه الرّواية إذا أردتُ أنْ أشرحها بالتفصيل بحاجة إلى عدَّة حلقات لشرحها، لكنَّني أكتفي بالَّذي يمكنني أنْ أشير إليه لضيق الوقت، وبالنتيجة أنا مُقيَّدٌ ببرنامجٍ تلفزيوني لهُ شروطهُ لهُ خصائصهُ لهُ حدوده. الزِّيارةُ الجامِعَةُ الكبيرة، في النقطتين المتقدمتين توضَّحت لدينا صورة إجمالية عن معنى الزّيارة وعن معنى السَّلام وإنْ كان كُلّ نقطة من هذه بحاجة إلى حديثٍ طويل جداً، لكنَّني أكتفي بهذا المختصر وإذا سنحت فُرصة سأُبيِّن الكلام بشكلٍ أوسع، بشكلٍ أكثر تفصيل. الزيارةُ الجامعةُ الكبيرة تعرَّضت إلى تحريف وتعرَّضت إلى تحريفٍ جوهري؟! أوَّلاً: الزّيارة بحسبِ قواعد علم الرجال، هذه قواعد جيء بها من المخالفين، بحسب قواعد علم الرِّجال الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة ضعيفة، سيقولون بأنَّ الكثير من علمائنا يقبلونها وهذا صحيح ويزورون بها من جهةِ شهرتها في الوسط الشِّيعي ومن جهةِ ورودها في مصادر حديثية مُهمَّة ومن جهةِ بلاغةِ سَبْكها وقوَّةِ متنها فهي تثبت لديهم بلحاظٍ آخر، أنا هنا لا أريد أن أقف عند هذه القضيَّة، لأنَّ هذه الظاهرة موجودة، أكثر المعطيات الشِّيعية المهمَّة لا تثبت عن طريق علم الرجال ولكن العلماء يقبلونها من طرقٍ أخرى، أَلا يدل هذا على أنَّ هذا العلم عِلم لا قيمةَ لهُ، على أنَّ هذا العلم هو جهل وليس علماً، إذا كانت الحقائق الَّتي تثبت عند العلماء من طريقٍ آخر لا تثبت من طريق هذا العلم، إذاً ما قيمة هذا العلم؟! قيمتهُ فقط هو تضعيِّف أحاديث أهل البيت!! وتكاد أنْ تكون القضيَّة مزاجية، في الوقت الَّذي يريد العالِم أنْ يُطبِّقَ عِلمَ الرجال على رواية هو مزاجهُ لا يقبلها فيستعمل علم الرّجال، وفي الوقت الَّذي يقبل رواية علم الرّجال يرفضها فيجد لها طريقاً آخر لتقويتها مع أنَّ علم الرّجال يُضَعِّفُها، وهذه القضيَّة هي القضيَّة المنتشرة في وسطنا العلمي والمنتشرة بين علمائنا والمنهج العلمي سائر بهذه الطريقة. قد يرفضون كلامي ولكن من أراد منكم أنْ يبحث عن الحقائق، الحقائق كما أقول! لو أراد إنسان أنْ يبحث وأنْ يُدقّق، أمَّا إذا أراد أن يحكم هكذا متسرعاً من دون دقَّة ذلك شأنٌ آخر وتلك هي الحماقة والحمق لا علاج لهُ، إذا كان الإنسان مصاب بالحَمَق الحَمَق لا علاج لهُ، عيسى المسيح يقول: إنَّني أحييتُ الموتى وجعلتُ الأعمى يعود بصيراً وعالجتُ كلَّ مرض إلَّا الحَمَق فإنّي عجزتُ عن علاجه، الحمق لا علاج لهُ، إذا كان عيسى المسيح يعجزُ عن علاجهِ فمن ذا الَّذي يعالجُ الحَمَق؟! الزّيارةُ الجامِعَةُ الكبيرة تعرَّضت لتحريف وتحريف من داخل الوسط الشيعي، نحنُ كُلَّما وجدنا مشكلةً داخل الوسط الشيعي نلقيها على المخالفين، بينما الكثير من مشاكلنا، القسم الأكبر من مشاكلنا هو من داخل الوسط الشّيعي، الزّيارة الجامعة الكبيرة مصادرها الأصلية ثلاثة: أقدم مصدر يروي لنا الزّيارة الجامعة الكبيرة عن إمامنا الهادي، أقدم مصدر بين أيدينا كتابان للشّيخ الصدوق، الصدوق متوفى سنة: 380 للهجرة، 380، 381، وفاة الشَّيخ الصدوق رحمة الله عليه: المصدر الأول: كتاب (الفقيه) الكتاب المعروف. والمصدر الثاني: (عيون أخبار الرضا). هذا المقطع في الزّيارة الجامعة الكبيرة:- بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي، مَنْ أَرادَ الله بَدَأَ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ – ومن قصده توجَّهَ بكم هذه العبارة – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ – هذه جاءت في كتاب الفقيه الموجود الآن بين أيدينا، الموجود بين أيدينا جاءت الزِّيارة بهذا التعبير – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ. أمَّا في كتابِ العيون وهذا هو كتابُ العيون عيون أخبار الرضا، هذا هو الجزء الثَّاني للشَّيخ الصَّدوق نفس المؤلف، مؤلِّف كتاب الفقيه هو مؤلِّف كتاب العيون في الجزء الثَّاني جاءت الزِّيارة الجامعة ولكن وَرَد التعبير:- وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – هناك فارق كبير! – مَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ – يعني جَعَلكم وسيلة، هذا بحسب ما جاء في كتاب الفقيه. في كتاب العيون: وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم. يعين أنتم لستم وسيلة أنتم الجهة الَّتي نتوجَّهُ إليها إذا قصدنا الله، فارق كبير بين العبارتين. في كتاب الفقيه: وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ. أي من قصد الله جعلكم وسيلة أنتم وسيلة. أمَّا في النّص الموجود في عيون أخبار الرضا: وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم. توجَّهَ إليكم أي من قصد الله الجهة الَّتي يتجه إليها هو أنتم!! حين سلَّم القلم على رسول الله من الَّذي أجاب؟ الله أجاب كما في الرّواية الَّتي مرَّت علينا قبلَ قليل، التوجّه إلى رسول الله هو توجّه إلى الله، التوجّه إلى إمام زماننا هو توجّه إلى الله، لِذَا نحنُ في دعاء الندبة ماذا نقرأ نخاطب الإمام الحجَّة:- أَينَ وَجهُ اللهِ الَّذِي إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَولِيَاء – ليس به ولا توجد نسخة ثانية لدعاء الندبة – أين وجهُ الله الذي بهِ ؛ أَينَ وَجهُ اللهِ الَّذِي إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَولِيَاء – هم وجهُ الله حين تتَّجه إلى حقيقة لها وجه إلى أين تتَّجه؟ تتَّجه إلى وجه تلك الحقيقة. نحنُ نقرأ في الكافي الشّريف رواية جميلة جداً وأيَّةُ رواية من رواياتهم ليست جميلة كلُّ رواياتهم جميلة بسنده – عَن مُقَرِّن قَالَ؛ سَمِعتَ أَبَا عَبْدِ الله صَلَواتُ اللهِ عَلَيه يَقول: جَاءَ اِبْن الْكَوَّاءْ – ومعروف ابن الكوَّاء من طبقة الخوارج – جَاءَ اِبْن الْكَوَّاءْ إِلى أَمِيرَ الْمُؤمِنِين فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِين {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} – هو هذا ابن الكوَّاء دائماً يبحث في الآيات يريد أنْ يجد زلَّة يريد أنْ يُحرج أمير المؤمنين بالسؤال – فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِين {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} – ما المقصود من ذلك؟ ماذا قال الأمير؟ – فَقَال: نَحْنُ عَلَى الأَعْرَاف نَعْرِفُ أَنْصَارَنَا بِسِيمَاهُمْ – ثمَّ ماذا قال؟ – وَنَحنُ الأَعْرَاف – هذا هو تعدُّد المظاهر الَّذي مرَّت الإشارة إليه – نَحْنُ عَلَى الأَعرَاف – هذا مظهر من مظاهرهم – نَعرِفُ أنْصَارَنَا بِسِيمَاهُم ونَحْنُ الأَعْرَاف الَّذِيْنَ لَا يُعْرَفُ اللهُ عَزَّ وَجَلّ إِلَّا بِسَبِيلِ مَعْرِفَتِنَا وَنَحْنُ الأَعْرَاف يُعرِّفُنَا الله عَزَّ وَجَلّ يَوم القِيَامَة عَلَى الصِّرَاط – هذا مظهر آخر – فَلا يَدْخُلُ الجَنَّة إِلَّا مَنْ عَرَفَنَا وَعَرَفْنَاه وَلَا يَدْخُلُ النَّار إِلَّا مَنْ أَنْكَرَنَا وَأَنْكَرنَاه إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَوْ شَاءَ لَعرَّفَ العِبَادَ نَفْسَه وَلَكِن جَعَلَنَا أَبْوَابَهُ وَصِّرَاطَهُ وَسَبِيلَهُ – قبل قليل في سبيل الله، هم سبيلُ الله عليٌّ وآلُ عليّ – إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَوْ شَاءَ لَعرَّفَ العِبَادَ نَفْسَه وَلَكِنْ جَعَلَنَا أَبْوَابَهُ وَصِّرَاطَهُ وَسَبِيلَهُ وَالوَجْه الَّذِيْ يُؤْتَى مِنه – هم وجه الله، إذا أردت أن تتوجَّه إلى الله توجَّه إليهم – أَينَ وَجهُ اللهِ الَّذِي إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَولِيَاء – لذلك هذا تحريف في الزّيارة، هناك من حرَّفَ الزّيارة؟! النُسخ القديمة، قديمة لا أقصد يعني قديمة قبل قرون، مفاتيحُ الجنان الطبعات القديمة من مفاتيح الجنان يعني الطبعات في السبعينات في الثمانينات كان يُكتب هنا – ومن قَصَدَهُ توجَّهَ إِلَيكُم / وبكم – تُكتب النُسختان هذه الطبعة حديثة من الطبعات الحديثة، الطبعات الحديثة حُذفت كلمة: (إِلَيكُم)، بينما الأصل في الزِّيارة إليكم، لكن هناك من حرَّفَ كتاب الفقيه وكتاب التهذيب للشَّيخ الطوسي أيضاً وردت فيه الزِّيارة، الشَّيخ الطوسي متوفى: 461، 460، 61 للهجرة، يعني الصدوق أقدم. في كتاب التهذيب للشيخ الطوسي أيضاً وردت: وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُم. لكن في العيون للشيخ الصدوق: تَوَجَّهَ إِلَيكُم. وهذه هي النسخة الصحيحة الموجودة في العيون لأنَّها تنسجم مع حديث أهل البيت تنسجم مع دعاء الندبة، تنسجم مع روايات وخُطب كثيرة جداً الآن لستُ بصدد إيرادها، هذا المضمون واضح. إنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى لَوْ شَاءَ لَعَرَّفَ العِبَادَ نَفْسَه وَلَكِنْ جَعَلَنا أَبوَابَه وَصِّرَاطَهُ وَسَبِيلَهُ وَالوَجه الَّذِيْ يُؤتَى مِّنه فَمَنَ عَدَلَ عَن وِلايَتِنَا أو فَضَّلَ عَلَينَا غَيرنَا فَإِنَّهُم عَنِ الصِّراطِ لَنَاكِبُون فَلَا سَواءٌ – هنا كلمة مهمَّة لأمير المؤمنين يا شيعة أهل البيت، استمعوا لهذه الكلمة المهمَّة؟! – فَلَا سَواءٌ – لا توجد مساواة يا شيعة أهل البيت – فَلَا سَواءٌ مَن اعْتَصَم بِهِ وَلَا سَواءٌ حَيثُ ذَهَبَ النَّاس إِلَى عُيُونٍ كَدِرَة – عُيُون كدرة؛ يعني عيون قَذِرة، يعني عيون فيها المياه الثقيلة عيون فيها مياهُ المراحيض – وَلَا سَواءٌ حَيثُ ذَهَبَ النَّاس إِلَى عُيُونٍ كَدِرَة يَفْرُغُ بَعضُهَا فِي بَعض وذَهَبَ مَن ذَهَبَ إِلَينَا إِلى عُيُونٍ صَافِيَة تَجرِي بِأمرِ رَبَّها لَا نَفَاذَ لَهَا وَلَا انْقِطَاع – العيون الصافية هي هذه الأحاديث، العيون الصافية الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة، العيون الصافية حديثُ المعرفة بالنَّورانيَّة، العيون الصافية هذا هو الكافي، العيون الصافية كاملُ الزّيارات، العيون الصافية تفسيرُ البرهان تفسيرُ القُمّي، العيون الصافية تفسيرُ إمامنا العسكري، هذه هي العيون الصافية؟! الغريب أنَّ الوسط الشيعي والثقافة الشيعية والمؤسسة العلمية الشيعية والمؤسسة الدينية تترك هذه العيون الصافية وتذهب تعبّ من الطبري ومن الفخر الرّازي واللهِ منابرنا الشيعية النسبة الكبيرة منها مأخوذة عن الفخر الرّازي أهم المنابر الشيعية. الزِّيارة الجامعة هي العُيُون الصافية، هذا الحديث حديثُ أهل البيت هو العيون الصافية، اكرعوا من هذه العيون ولا تكرعوا من العيون الكدرة؟! الأغرب من هذا أنَّ مُحدِّث سُنِّي ينقل الزِّيارة الجامعة الكبيرة بالنسخة الصحيحة وكُتُب الزِّيارات الشيعية وكتب الحديث الشيعية محرَّفة بين أيدينا، ىهذا كتاب: (فرائدُ السمطين)، للمحدِّث ابراهيم الجويني الخراساني وهذا هو الجزء الثَّاني المطبعة دار الحبيب الجزاء الثاني صفحة: 183، ينقل الزِّيارة الجامعة الكبيرة وينقل هذه العبارة: بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي، مَنْ أَرادَ الله بَدَأَ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم. هذا المصدر السني يُثبِّت النسخة الصحيحة، بينما مفاتيح الجنان الَّذي بين أيديكم فيه النسخة ليست الصحيحة، حتَّى نحنُ على قناة القمر نبثّ الزِّيارة الجامعة الكبيرة لأنَّ القُرَّاء يقرؤونها بالنسخة المحرَّفة، فنبثها بالنسخة المحرَّفة، لكن في الكتابة نكتب (إِلَيكُم) بينما القارئ يقرأ بكم، انتبهوا للزِّيارة الجامعة الكبيرة الَّتي تبثها قناة القمر، في الكتابة نكتب: (إِلَيكُم) ونضع كلمة: (بِكُم) بين قوسين، لكن القارئ الَّذي يقرأ الزِّيارة ما وجدنا قارئاً يقرأ الزِّيارة بعبارة إليكم، مع أنَّ عبارة إليكم هي العبارة الصحيحة وهذا المضمون هو جوهرُ الزِّيارة، هذا هو جوهرُ الزِّيارة؟! أنت حين تزورهم فإنَّكَ تقصد الله – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – هذا المضمون الأساسي في الزِّيارة، أهم عبارة في الزِّيارة هي هذه العبارة، ومن قصدهُ، روح الزِّيارة الجامعة الكبيرة حُرِّفَت، أنت إذا حَرَّفت القلب ماذا أبقيت؟! هذه ضربة شيطانية مُحكَمَة هذه ضربة معلِّم هذه، ضربة شيطانيَّة مُحكَمة، ضربة أُسطة هذه، جوهر الزِّيارة الجامعة الكبيرة يُضرب. أنا حتَّى في برنامج الزِّيارة الجامعة الكبيرة الَّتي شرحتها وموجود البرنامج مفصَّل من أراد أنْ يطِّلع على الكثير من مضامين الزِّيارة الجامعة الكبيرة هذا البرنامج بُثَّ بشكل مباشر على قناة المودَّة الفضائية في السنوات السابقة وهو موجود على موقع زهرائيون، حين شرحتها شرحتها وفقاً للنَّص المتداول: (بكم) وإلَّا النَّص الصحيح هو: (إليكم)، لا يعني أنَّنا لا نتوجَّه بأهل البيت إلى الله هذا في مقام من المقامات، لكن أتحدَّث هنا عن الزِّيارة الجامعة الكبيرة، الزِّيارة الجامعة الكبيرة حين تقرأ: (بِكُم) هذا النَّص محرَّف، النَّص الحقيقي: (إِلَيكُم)، أمَّا لو سألتني نحنُ نتوجَّه إلى الله بأهل البيت؟ أقول هذا الكلام صحيح، نحنُ نتوجَّه إلى الله بأهل البيت صحيح ونتوجَّه إليهم حين نريد أنْ نتوجَّه إلى الله صحيح، لكن الزِّيارة تتحدَّث عن المعنى الثاني، مرَّةً نتوجَّه إلى الله بأهل البيت هذا صحيح وهذا لهُ ناسه ولهُ أهله وهذه مرتبة من مراتب الولاية والمعرفة بأهل البيت، ولكن الزّيارة ما تتحدَّث عن هذا المضمون تتحدَّث عن المضمون الأعمق وهو حينما نتوجَّه إلى الله نتوجَّه إليهم، نفس المضمون الموجود في دعاء النُدبة: أَينَ وَجهُ الله الَّذِي إِلَيهِ يَتوجَّهُ الأَولِيَاء. في التوقيع الصادر من الناحية المقدَّسة المعروف بزيارة آل ياسين المشهورة، لأنَّهُ عندنا زيارة أخرى تعرف في كتب المزارات بزيارة آل ياسين غير المشهورة، زيارة آل ياسين المشهورة من التوقيعات الَّتي صدرت من الناحية المقدَّسة، ماذا جاء في مقدمتها؟ إذا أردتم التَوجُّه بِنَا إلى الله تَعَالَى – واحد – وَإِلينَا – اثنين – يعني الأمران صحيحان، أنْ نتوجَّه إلى الله بهم فهذا صحيح ولكنَّني أنا أتحدَّث عن الزِّيارة الجامعة الكبيرة، الزِّيارة الجامعة الكبيرة العبارة الَّتي وردت فيها وهي الصحيحة – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – لأنْ هذا المعنى ينسجم مع مضامين الزيارة من أوّلها إلى آخرها، كما قلت: من أراد أن يطَّلع على مضامين هذه الزِّيارة يمكن أنْ يُراجع برنامج الزِّيارة الجامعة الكبيرة على موقع زهرائيون، وإنْ شاء الله تعالى في الفترة القادمة إذا جرت الأمور بأسبابها ووُفقنا وبقينا أحياء سيكون هناك برنامج عنوانهُ: (لُبابُ الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة)، سأتحدَّث في هذا البرنامج عن دقائق الزِّيارة، عن المعاني العميقة في الزِّيارة الجامعة الكبيرة، الَّتي أسمِّيها بدستور الشيعة، الدستور العقائدي الشيعي المروي عن إمامنا العاشر صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، في هذا التوقيع:- إذا أردتم التَوجُّه بِنَا إلى الله تَعَالَى وإلينا – يعني يمكن أنْ نَتوجَّه إلى الله بهم ويمكن أنْ نتوجَّه إليهم – فَقُولُوا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِين، سَلامٌ عَلَيكَ يَا دَاعِيَ الله وَ رَبَّانِيَّ آيَاتِه – إلى آخر الزيارة الشريفة، والزِّيارة معروفة وموجودة في مفاتيح الجنان وهذا الكلام موجود في مُقدِّمة الزِّيارة، أنا قرأتهُ من كتاب بحار الأنوار وهو نقل النَّص عن كتاب الاحتجاج لشيخنا الطبرسي رحمةُ الله عليه. إذاً المضمون صار واضحاً، الزِّيارة في جوهرها هي تَوجُّهٌ إليهم، وحين نتوجَّه إليهم فإنَّنا نقصدُ الله سبحانه وتعالى بذلك. نحنُ نقرأُ في الأحاديث:- مَن اسْتَمَعَ إلَى نَاطِقٍ فَقَد عَبَدَه – سواء أنا أو أنت أو أيّ متحدِّث آخر – مَن اسْتَمَعَ إلَى نَاطِقٍ فَقَد عَبَدَه فَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَنِ الله فَقَدَ عَبَدَ الله وَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَن الشَّيطَان فَقَد عَبَدَ الشَّيطَان – هؤلاء الناطقون ما أكثر الفضائيات ما أكثر المنابر ما أكثر المتحدّثين – مَن اسْتَمَعَ إلَى نَاطِقٍ – من استمع أصغى – فَقَد عَبَدَه فَإِن كَانَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَنِ الله – طبعاً الرواية في معناها الأصلي والحقيقي تتحدَّث عن المعصوم صلواتُ الله عليه لأنَّ الله الَّذي ينطق عن الله حقيقةً هو المعصوم لا نحن، ولكن في حاشية الرواية يأتي الحديث عن الناطقين الَّذين ينطقون باسم الدين باسم الحقِّ باسم الضلالِ باسم أهل البيت باسم أعداءِ أهل البيت عَبِّر ما شئت – مَن اسْتَمَعَ إلَى نَاطِقٍ فَقَد عَبَدَه فَإِن كَانَ النَّاطِقُ يَنْطِقُ عَنِ الله فَقَدَ عَبَدَ الله – نحنُ نستمعُ إلى ناطقٍ من هو؟ نحن نستمع إلى عليٍّ وآل عليّ هكذا نقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة: كَلَامُكُم نُور. نحن نستمع إلى هذا الكلام النّوري. في حديث المعرفةِ بالنَّورانيَّة وتلوتهُ على مسامعكم:- قَدْ أَعْطَانَا رَبُّنا عَزَّ وَجَلّ عِلمَنَا لِلاسْمِ الأَعْظَّم الَّذِيْ لَوْ شِئْنَا خَرَقْنَا السَّمَاوَات وَالأرَض وَالجَنَّةَ وَالنَّار وَنَعرُجُ بِهِ إِلَى السَّمَاء وَنَهبِطُ بِهِ الأَرْض وَنُغَرِّبُ وَنُشَرِّقُ وَنَنتَهِي بِهِ إِلَى العَرْش فَنَجْلِسُ عَلَيه بَينَ يَديَّ الله عَزَّ وَجَلّ ويُطِيعُنَا كُلُّ شَيء ؛ وَنَنتَهِي بِهِ إِلَى العرش – هذا مضمون، مضمون آخر، هذا المضمون مقطع اقتطفتهُ من حديثِ المعرفةِ بالنَّورانيَّة وتلوته على مسامعكم في الحلقة السابقة. هذه رواية ينقلها السيَّد هاشِم البَحراني عن الشَّيخ الطوسي الرّواية منقولَة عن إمامنا البّاقِر، حديث المعرفة بالنَّورانيَّة، ماذا قال؟ نشرِّق نغرَّب حتَّى ننتهي ونجلس على العَرش، هم يجلسون على العرش في الأفق الأعلى – عَنْ عَبْدِ الله اِبْن عَجْلَانْ السَّكُونِي قَال: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُول: بَيْتُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَة حُجْرَةُ رَسُولِ الله وَسَقْفُ بَيْتِهِمْ عَرْشُ رَبِّ العَالَمِين – الحديث ليس عن قضيَّة فيزيائية، القضيَّة تتجاوز هذه المضامين – بَيْتُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَة حُجْرَةُ رَسُولِ الله وَسَقْفُ بَيْتِهِم عَرْشُ رَبِّ العَالَمِين وَفِيْ قَعْرِ بُيُوتِهِم فُرْجَةٌ مَكْشُوطَةٌ إِلى العَرْش مِعرَاجُ الوَحِي وَالمَلَائِكَة، وَالمَلائِكَةُ تَنَزَّلُ عَلَيهِمِ بِالوَحي صَبَاحَاً وَمَسَاء وكُلَّ سَاعَة وَطَرفَة عَينْ والمَلائِكَةُ لا يَنْقَطِعُ فَوجُهُم فَوجٌ يَنزِل وَفَوجٌ يَصْعَد – هذا هو الشيء المخفي عن أنظارنا – وَأَنَّ الله تَبارَكَ وتَعَالى كَشَفَ لِإبرَاهِيم عَن السَّمَاواتِ حَتَّى أبْصَرَ العَرْش وزَادَ الله في قُوَّة نَاظِرهِ – هنا الإمام يأتي بإبراهيم لتقريب الفكرة للسائل وإلَّا فإبراهيم كما مرّ هو من شيعتهم من خُلَّص شيعتهم – وإنَّ الله زَادَ في قُوَّة نَاظِرِ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ وفَاطِمَة والحَسَنِ وَالحُسَين صَلَواتُ الله عَلَيهِم وَكَانُوا يُبْصِرُونَ العَرْش وَلا يَجِدُونَ لِبُيُوتِهِم سقفَاً غَيْرَ العَرْش فَبُيُوتُهُم مُسَقَّفَةٌ بِعَرشِ الرَّحْمَن وَمَعَارِجُ المَلائِكَة وَالرُّوح فَوجٌ بَعدَ فَوج لا انْقِطَاعَ لَهُم وَمَا مِن بَيتٍ مِن بُيُوتِ الأَئِمَّة مِنّا إِلَّا وَفيِه مِعْرَاجُ المَلائِكَة – بيوتهم مسقَّفة بعرش الرحمن، وهم يشرِّقون ويغرِّبون حتَّى ينتهوا إلى عرش الرَّحمن فيجلسون عليه، وما عرشُ الرَّحمن إلَّا تجلٍّ من جوهرةٍ اشتُقَّت من نور مُحَمَّدٍ، وما استوى هذا العرش إلَّا على الماء العذب الَّذِي هو الولايةُ العلوية، مرَّ علينا كلُّ ذلك، تعدُّد المظاهر، تجليَّات الأسماء الحسنى وهم الأسماء الحسنى صلواتُ الله وسلامهُ عليهم أجمعين. وكامل الزِّيارات يعلنها صريحةً عن إمامنا الرضا:- مَنْ زَارَ قَبرَ أَبي عَبدِ الله عَلَيهَ السَّلَام بِشَطِّ الفُرَات كَانَ كَمَن زَارَ الله فَوقَ عَرشِه ؛ مَنْ زَارَ قَبرَ أَبي عَبدِ الله – القبر، هناك فارق هناك أحاديث تقول من زار قبر الحسين، وهناك أحاديث تقول من زار الحسين، فارق، في البُعد الفيزيائي قد لا يكون هناك فارق، لكن في البُعد الحقيقي هناك فارق، من زار قبر الحسين شيء ومن زار الحُسين شيء. من زار قبر أبي عبد الله عليه السلام بِشَطِّ الفرات، نتحدَّث عن هذا الموضوع موضوعات كثيرة عن أيِّ موضوع أتحدَّث!! السبب قد تكون هذه المعاني مستغربة لأنَّ الثقافةَ الشيعية في غاية البُعد عن حديثِ أهل البيت عن فكرِ أهل البيت، الثقافة الشيعية هي كوكتيل فيه شيءٌ قليل من حديث أهل البيت، فيه آراء نفس علماء وكُتَّاب وخطباء ومؤلفي الشيعة من جيوبهم أرائهم الشخصيَّة، وفيه الكثير من الفكر المخالف لأهل البيت، الثقافة الشيعية هي هكذا، حديثُ أهل البيت هذا. إمامنا الرضا يقول:- مَنْ زَارَ قَبرَ أَبي عَبدِ الله عَلَيهَ السَّلَام بِشَطِّ الفُرَات كَانَ كَمَن زَارَ الله فَوقَ عَرشِه. وهو أيضاً الرضا من آل مُحَمَّد يقول:- مَنْ زَارَ قَبرَ أَبي عَبدِ الله عَلَيهَ السَّلَام بِشَطِّ الفُرَات كَانَ كَمَن زَارَ الله فَوقَ كُرسِيِّه. والأحاديث كثيرة ووفيرة بهذا المضمون عن أهل بيت العصمة. إذاً نحن مع من؟ نحنُ في مواجهةِ أيِّ حقيقة؟ يجلسون على العرش في الأفق الأعلى!! بيوتهم مُسقَّفة بعرش الرحمن في الأفق الأرضي!! شيعتهم حين يزورونهم فأنَّهم يزرون الله فوق عرشه!! نحنُ في أيِّ جوٍّ؟! لكن ماذا أقول؟! أقول عدلين ميتين يمَّك يا عليّ. بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي، مَنْ أَرادَ الله بَدَأَ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – ليس توجَّه بكم، ومن قَصَده من قصد الله توجَّه إليكم؟! • أنتم وجه الله!! • أنتم وجه الله الباقي!! • أنتم وجه الله الَّذي لا يفنى!! • أنتم وجه الله الَّذي إليه نتوجَّه!! وهذه المضامين الَّتي مرَّت؛ أنَّهم يجلسون على العرش، وأنَّ العرش سقفٌ لبيوتهم، وأنَّ زائرهم يزورُ الله فوق عرشه، هذه المضامين أتعتقدون بأنَّها هي أعلى المضامين في مراتبهم؟! أبداً والله، هذه من تجليَّاتهم، المضامين الأعلى والأعلى والأعلى سيأتي الحديث عنها في كلماتهم الشريفة، وكلُّ ذلك إنَّما هو بحسب مداركنا، لأنَّ الحديث والكلام جاء عنهم وفقاً لقانون المداراة. أعتقد أنَّ الفكرة اتضحت جواباً للسؤال الَّذي سألتهُ في أوَّل الحلقة: لماذا نزور؟ لماذا نزور، لكلِّ هذه الحقائق ولغيرها، إنَّنا نزور لكلِّ لهذه الحقائق، لكلِّ هذه البيانات، وهذا المضمون الَّذي شرحتهُ في معنى الزِّيارة واللهِ والله لا يُمَثِّلُ إلَّا شيئاً يسيراً مِمَّا جاء في حديثهم، لكن ماذا أصنعُ للوقت، الوقت محدود ولا أُريد أن أمسك بموضوع وأبقى أتحدَّث عن موضوع واحد، إذاً سينتفي موضوع البرنامج، نحن إلى الآن ما دخلنا في موضوع البرنامج، القرار أنَّ هذا البرنامج يتناول جوانب من المعرفةِ العلويَّة، وكلُّ ما تقدَّم وإلى الآن إنَّما هو بمثابة التمهيد للحديثِ عن جوانب في المعرفة العلوية. نقطة مهمَّة أُشير إليها بخصوص الزِّيارة الجامعَة الكبيرة؟! الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة هي القولُ البليغُ الكامل، يعني هي حُجَّة، حُجَّة كاملة علينا على شيعة أهل البيت وهذه الحُجَّة أُهمِلت تركت، قد تجد من العلماء من يقول: بأنَّ هذه الزيارة مُهمَّة ومعتبرة، ولكن لو ذهبت إليه ونقلت لهُ مضامين الزِّيارة العَقَائِد الموجودة فيها سوف يرفضها، يقرؤون الزِّيارات والشيعة بشكل عام يقرؤون الزِّيارة من دون أن يعرفوا معانيها لو وقفوا على معانيها لرفضوها. السائل يسأل الإمام الهادي؟ موسى ابن عبد الله النخعي:- عَلِّمني يَا اِبْنَ رَسُول الله قَوْلاً أَقُولهُ بَلِيغَاً كَامِلاً – اقرؤوا هذا الكلام موجود في مفاتيح الجنان في مقدمة الزيارة، موسى ابن عبد الله النُخعي يسأل الإمام الهادي – عَلِّمني يَا اِبْنَ رَسُول الله قَوْلاً أَقُولهُ بَلِيغَاً كَامِلاً إِذَا زُرتُ وَاحِدَاً مِنْكُم، فَقَال: إِذَا صِرْت إِلى البَاب فَقِفْ وَاشْهَد – إلى آخر الكلام، فعلَّمه الزِّيارة، والجوابُ على قدر السؤال، السائل يريد من الإمام أن يعطيهُ قولاً بليغاً كاملاً، وهذا هو القولُ البليغُ الكامل. ماذا نفهم من ذلك؟ الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة هي قولٌ بليغٌ كامل، يعني هي دستور، يعني هي قاعدة معلومات على أساسها نستطيع أنْ نتعامل مع أهل البيت، يعني هذا النَّص هو أنموذج متكامل في معرفة أهل البيت، يعني أيّ شيء يتعلَّق بأهل البيت إذا أردنا أنْ نَعرِف صِحته من عدم صحته نعرضهُ على الزِّيارة، وبالتالي نحنُ بحاجة إلى معرفة مضامين هذه الزِّيارة، لأنَّ هذا هو القول البليغ الكامل، هذا هو كلامُ إمامنا المعصوم العاشر إمامنا الهادي صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. لذلك هذه الزيارة فيها خصوصيات أنتَ لن تجدها أيُّها الشيعي في زيارة أخرى!! أوّلاً: هذه الزِّيارة من الجهة اللغوية تتميَّز ببلاغةٍ راقيةٍ جداً، وبسبكٍ فني قد تتميز به عن بقيَّة الزِّيارات جميعاً، حتَّى عن الزِّيارات الجامعة الأخرى، تتميز ببلاغة راقية جداً وبسبكٍ فني وبألفاظ في غاية الفخامة وبأدبٍ متسامي ويجمعُ ذلك الجزالة في التعبير!! الوضوح، العرض البيِّن، الفصاحَة النّاطقة بنفسها عن نفسها، الجمال في الأسلوب، السلاسة في التعبير!! وفوق كل ذلك العُمق والدقَّة وكثرة المعلومات والمعارف الَّتي اختُزِنت في هذا النَّص، قد تكون طويلةً بعض الشيء، لكن المعلومات الَّتي اختُزِنَت فيها لا تَتَناسَب مع طول العبارات ومع عدد الكلمات والألفاظ، مضامين عالية جدّاً وُضِعت في مساحة لغوية محدودة وضيقة، نسبياً الزِّيارة الجامعة الكبيرة طويلة أطول من سائر الزيارات الأخرى وهذا لا يعني أنَّهُ لا توجد عندنا زيارات بطولها وأطول منها، عندنا زيارات، الزِّيارات كثيرة جداً، ولا تتوقَّع أيُّها الشيعي أنَّ الزِّيارات الَّتي وردت عن أهل البيت هي مذكورة بكلُّها في مفاتيح الجنان أو في كتب المزارات الأخرى الموجودة عندك، أبداً، الزِّيارات الَّتي وردت عن أهل البيت أكثر بكثير من هذه المذكورة في مفاتيح الجنان وهناك ما هو أهم من هذه الزِّيارات لم يُذكر في مفاتيح الجنان أو في بقيَّة كتاب الأدعية والمزارات، هناك عدد كثير من الزِّيارات لم يُذكر ولم يُشهر ولم يُعرف في الوسط الشيعي، لكنَّها موجودة في مجاميع الأدعية ومجاميع الزِّيارات ومجاميع كتب الحديث، لا يُقلِّبُها أحد ولا يرجع إليها أحد إلَّا ربَّما المشبوهون من أمثالي يرجعون إليها فيُقلِّبونها ويدرسونها ويُتابعون عباراتها!! الزِّيارة الجامعة الكبيرة: فيها البُعد المعنوي، من أدمن على هذه الزِّيارة ويقرأ الزِّيارة بشرائط عالية أنْ يحافظ على توجُّهِهِ، أنْ يستعد لقراءة هذه الزِّيارة حتَّى ولو في الأسبوع مرَّة أنْ يستعد لها نفسياً معنوياً أنْ يزور بها حينما يزور الأئمَّة على الأقل، ولكنَّهُ يقف عند عبائرها، يتدبر في هذه الزِّيارة، سينَالُ منها حظاً معنوياً ربَّما لن ينالهُ من أيِّ زيارةٍ أخرى!! الزيارة الجامعة الكبيرة: نزور بها من بعيد ونزور بها من قريب، فهي زيارةٌ للبعد وزيارةٌ للقرب!! الزيارةُ الجامعةُ الكبيرة: نزور بها في الزِّيارات المخصوصة وهي أفضل من نصوص الزِّيارات المخصوصة ونزورُ بها في الزِّيارة المطلقة في سائر الليالي والأيام من قريبٍ ومن بعيد في المخصوصةِ وفي المطلقة!! نزورُ بها جميع الأئمَّة جميع المعصومين في وقتٍ واحد ونزورُ بها الأئمَّة واحداً واحداً!! نزورُ بها أئمَّتنا الَّذين سبقوا إمام زماننا ونستطيع أنْ نزور بها إمامَ زماننا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. هذه الزِّيارة فيها من الخصوصيات فيها من الخصائص فيها من المميزات الَّتي لا تتوفَّر في سائر الزِّيارات الأخرى ولكن جوهر هذه الزِّيارة كما قُلت – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوجَّه إِلَيكُم صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيكُم. سادتي آل مُحَمَّد هكذا تعزفُ الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرةُ موسيقيها، هكذا تعزفُ لحنها وموسيقاها – مَنْ أَتاكُمْ نَجا وَمَنْ لَمْ يَأْتِكُمْ هَلَكَ إِلى الله تَدْعُونَ وَعَلَيْهِ تَدُلُّونَ – إلى أن تقول الزيارة – سَعَدَ مَنْ وَالاكُمْ وَهَلَكَ مَنْ عاداكُمْ وَخابَ مَنْ جَحَدَكُمْ وَضَلَّ مَنْ فارَقَكُمْ وَفازَ مَنْ تَمَسَّكَ بِكُمْ وَأمِنَ مَنْ لَجَأَ إِلَيْكُمْ وَسَلَّمَ مَنْ صَدَّقَكُمْ وَهُدِيَ مَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ مَنِ اتَّبَعَكُمْ فَالجَنَّةُ مَأْواهُ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامهُ عَلَيكُم أَجْمَعِينْ. وللحديث صلة وللكلام بقيَّة ألتقيكم يوم غد في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجنا يا عليّ في أمانِ الله. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الثلاثاء 12 شهر رمضان 1436هـ الموافق 30 / 6 / 2015م الزيارة الجامعة الكبيرة هي اهم المعطيات لمعرفة أمير المؤمنين ولمعرفة إمام زماننا صلوات الله وسلامه عليهما لماذا حثَّ ائمتنا واهتموا اهتماماً كبيراً بالزيارات الشريفة ؟ اكبر خطباء الشيعة يقول بانّه حين يزور الحسين فانه لا يزور عظاماً بالية وعظاماً نخرة !!! ولكنه يزور الموقف، وهذا المنهج يؤيّده مراجعنا وانا حين انتقده اصير عميلا للموساد!!! واصير انساناً مشبوهاً مع انّ هذا الكلام مع ما فيه من سوء الادب وضحالة التفكير فهو ايضاً يتعارض مع منهج اهل البيت حتى في المستوى الاول من مستويات التشيّع … (زيارة الموقف) يتناسب مع الذوق الوهابي مئة بالمئة، ويتنافى مع الذوق العَلَوي والذوق الصادقي مائة بالمائة، لكن السؤال هو لماذا يؤيّد مراجعنا وتؤيّد حوزتنا العلمية هذا المنهج ؟ ولماذا تُصِر فضائياتنا الشيعية على نشر هذا المنهج ؟؟؟ حين نُسلّم على ائمتنا فإنّ للسلام دلالات ومعانٍ عميقة . من معاني (السلام عليكم) هو ان ينزل فيضُ صاحب هذا الإسم على الذي نُسلّم عليه . حديث الإمام الصادق صلوات الله عليه عن شروط السلام، من كتاب (مصباح الشريعة). معنى السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله . الارض المباركة والحرَم الآمِن، في عصر إمام زماننا صلوات الله وسلامه عليه، والمقصود بذلك هو الكوفة وكربلاء مع كل كلمة نزور بها الحسين عليه السلام فهذا تجديدُ عهدٍ وتجديد ميثاق مع الحُجّة بن الحسن صلوات الله وسلامه عليه . ما هو السبب في كون السلام سُنّة ورَدُّ السلام فريضة ؟ الزيارة الجامعة الكبيرة تعرّضت الى تحريف جوهري من داخل الوسط الشيعي . اكثر المعطيات الشيعية المعروفة لا تثبت من طريق علم الرجال ولكن العلماء يقبلونها !!! اذن ما قيمة علم الرجال ؟ قيمَتهُ فقط تضعيف احاديث اهل البيت . تم ضرب قلب وجوهر الزيارة الجامعة الكبيرة باسلوب شيطاني وذلك بتحريف عبارة ((ومَن قصده توجّه اليكم)) الى (توجّه بكم) . رواية عبد الله بن عجلان السكوني عن إمامنا الباقر صلوات الله وسلامه عليه الواردة في كتاب (الامالي) للشيخ الطوسي … بيوت اهل البيت مُسقفة بعرش الرحمن … هذا في الأُفُق الارضي . حديث إمامنا الرضا صلوات الله عليه (مَن زار قبر ابي عبد الله عليه السلام بشط الفرات كان كَمَن زار الله فوق عرشه، ومَن زار قبر ابي عبد الله عليه السلام بشط الفرات كان كَمَنْ زار الله فوق كُرسيّه) امثال هذه المعاني مُستغرَبَة لأن الثقافة الشيعية في غاية البُعد عن اهل البيت . الزيارة الجامعة الكبيرة هي القول البليغ الكامل وهي حُجّة مُطلقة على الشيعة ولكن هذه الحُجّة أُهمِلت الشيعة بشكل عام يقرأون الزيارة من دون ان يعرفوا معانيها، ولو وقوفا على معانيها لرفضوها … خزين معرفي هائل موجود في الزيارة الجامعة الكبيرة وهي تحتوي على بُعد معنوي عميق، وهي زيارة فيها من الخصوصيات والميّزات التي لا تتوفر في الزيارات الاخرى . جوهر الزيارة الجامعة الكبيرة هي هذه العبارة (ومَنْ قَصَدَهُ توَجّهَ اليكُم) .