يا عليّ – الحلقة ١٣ – وقفة عند الزّيارة الجامعّة الكبيرة ج٢ Show Press Release (12 More Words) يا عليّ – الحلقة 13 – وقفة عند الزّيارة الجامعّة الكبيرة ج2 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (6٬481 More Words) يازهراء وهل هُناكَ أجملُ مِن هَذا الاسم أبتدئُ بهِ حَديثي … قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلهِ وسلَّم: لَوْ كَانَ الحُسنُ صُورَةً، لَو كَانَ الحُسنُ هَيئَةً لَكَانَت فَاطِمَة صَلوات اللهِ وسَلامه عليها بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعلِهَاِ وَبَنِيهَا وَالسرِّ المُستودَعِ فِيهَا … يَا عَلِيّ … الْحَلَقَةُ الثَّالِثَةَ عَشَرْ: وَقْفَة عِنْد الزِّيَارَة الجَامِعَة ج2 الْحَلَقَةُ الثَّالِثَةَ عَشَرْ وَقْفَة عِنْد الزِّيَارَة الجَامِعَة ج2 الْحَلَقَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدُ العَاشِرَة مِنْ بَرْنَامَجنَا: (يَا عَلِيّ) أَشْيَاعَ أَمِيرَ الْمُؤمِنِين أَنّى كُنْتُم إِخْوَتِي أَخَوَاتِي أَبْنَائِي بَنَاتِي سَلَامٌ عَلَيكُم جَمِيْعَاً. كانَ الكلامُ في الحلقةِ الماضية في أجواءِ الزِّيارة الجامِعَةِ الكبيرة، تحدَّثتُ بنحوٍ مُجملٍ في مطالبَ ترتبطُ بأهميَّةِ الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة وبَقِيَت للحديثِ بقيَّة. في هذه الحلقة وبشكلٍ مُوجَز سَأُشِير إلى أهمّ المفَاصِل المعرفيَّة العقائديَّة الَّتي ذُكرتْ في الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة، الزِّيارةُ المرويَّةُ عن إمامنا الهادي صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَليه. سَأتحدَّث عن أهمّ الخطوط والاتجاهات الَّتي تَحدَّثَت عنها الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة وبنحوٍ مُجمَل، التفصيل يحتاج إلى وقتٍ أطول، ذكرتُ في الحلقة الماضية أنَّ برنامجاً لِي على موقع زهرائيُّون عنوانهُ: (الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة) هو في أكثر من ستين ساعة ومع ذلك كان حديثاً مختصراً، فكيف أستطيع أنْ أتحدَّث في دقائق في وقتٍ موجز جدّاً عن مضامين الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة، لكنَّني أردتُ أنْ أَعْرضَ بين يدي المشاهدين الخطوط العامَّة، إذ أنّي أعتَقِد الكثيرون سوف لنْ يرجعوا إلى ذلك البرنامج، قضيَّةُ أهلِ البيت قضيَّة مُسْتسهلة في الواقع الشيعي! لا يبذل شيعةُ أهل البيت الشيءَ، لا أقول الكثير، الشيءَ القليل لتحصيل معرفةِ أئمَّتهم، لا يبذلون جهداً قليلاً وإنَّما يريدون الأمور جاهزة مُجهَّزة وبشكلٍ سريع، يعني إذا كان يقولون سابقاً في مصطلحات الإعلام: أنَّ الثقافة صارت ثقافة الtakeaway ، يعني السفري بمصطلحاتنا، إذا صارت الثقافة ثقافة الtakeaway، السفري السريع، الأطعمة الجاهزة السريعة، ثُمَّ تحوَّلت بعد ذلك إلى ثقافة ما يُسمَّى بثقافة الساندوﭺ، ثُمَّ تحوَّلت إلى ثقافة اللُّقمة، في الواقع الشيعي حتَّى ثقافة اللُّقمة يجد الشيعةُ أنَّهم يبذلون جهداً كبيراً لو سعوا بهذا الاتجاه، فما بالكم بالسَّاعات الطويلة، هناك استسهال في عملية التثقيف العقائدي والفكري الشيعي، هناك استسهال، وهذا الاستسهال متأتي من فوق، لو كان هناك تربية للأُمَّة الشيعيَّة على أهميَّة العقيدة بقدر ما تُربَّى على أهميَّة التقليد ودفع الأخماس لتغيَّرت الثقافة الشيعيَّة في الواقع الشيعي بشكلٍ أكبر، لكن التثقيف في الوسط الديني هو على مسألة التقليد، الأعلم، الخُمُس، ضمن هذه الدائرة، تحوَّلَ الدين إلى هذه المصطلحات، بينما هذه المصطلحات ومضامين هذه المصطلحات تقع في حَاشية حَاشِيَة حواشي دين أهل البيت الَّذي هو العقيدة أساساً والمعرفة أساساً، على أيِّ حال، لذلك سأحاول أنْ ألخِّص أهمّ المضامين الموجودة في الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة على منهجِ ثقافة اللُّقمة! من المفاصل المهمَّة الَّتي تحدَّثت عنها الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة هو قولُ الزائر، قولُ الشيعي، يُخاطبُ أئمَّتهُ، يُخاطبُ سيّد الأوصياء، يخاطبُ إمام زمانهِ:- مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ مُسْتَشْفِعٌ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكُمْ وَمُتَقَرَّبٌ بِكُمْ إِلَيْه وَمُقَدِّمُكُمْ أَمَامَ طَلِبَتِي وَحَوائِجِي وَإِرادَتِي فِي كُلِّ أحْوَالِي وَأُمُورِي – هل بقيَّ شيءٌ من كيان الإنسان؟ هل بقيَّ شيءٌ من ظاهر الإنسان أو من باطن الإنسان؟ هل بقيَّ شيءٌ من عواطف الإنسان من مكنونات ضمير الإنسان؟ هل بقيَّ شيءٌ من كُلِّ خلجاتهِ النفسيَّة، من كلِّ اهتماماتهِ ومن كلِّ ما يثيرهُ في الحياة ومن كلِّ شئونات حياتهِ الدينية والدنيوية؟ هل بقيَّ شيءٌ لم يدخُل تحت هذه العناوين، لم يدخُل في هذه العبارات؟! – مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ – إنَّما يستجيرُ الإنسان بجهةٍ يتوقَّع منها الحماية، متى؟ حينما يشتدّ الضغطُ عليه، حينما تشتدُّ الكُروب عليه، حينما يشتدُّ الخوف في داخلهِ، فيتوجَّه إلى الاستجارة، يستجير بجهةٍ تُعطيه الأمان! – مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ – إنَّما يَلوذُ الإنسان بشيء لنقصٍ عنده، هناك نقص، لأجل هذا النقص يلوذ بجهة تُكمِل لهُ هذا النقص! – لائِذٌ عائِذٌ – أمَّا العائذ: فهو الَّذي تَحفُّهُ الأخطار، الأخطار المعنوية الأخطار المادية، الأخطار تدفعهُ إلى أنْ يعوذ بجهةٍ من الجهات، يتوقَّع أنَّ هذه الجهة ستدفعُ عنهُ ضرر الخطر! – مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ – لائذٌ عائذٌ بقبوركم. حين يستجيرُ الإنسان، حين يلوذ، حين يعوذ بقبورهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين، تتذكَّرون ما أشرتُ إليه في الحلقة الماضية: أنَّ رموزنا الشيعية هكذا يقولون؛ بأنَّهم حينَ يزورون، يزورون المواقف، فهل هذا ينسجم مع هذا المنطق في الزِّيارة الجامعة الكبيرة؟ – مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ – بكلِّي جئتُ إليكم، لأنَّني أعتقد أنَّكم جهة: أوَّلاً: حيَّة، ثانياً: موجودة، ثالثاً: فاعلة، رابعاً: قادرة على أنْ تفعل كلَّ شيء، لذلك استجرت بهم – مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ مُسْتَشْفِعٌ إِلى الله عَزَّ وَجَلَّ بِكُمْ – شفاعة دنيوية، وشفاعة اخروية، الشَّفاعة ليست منحصرة بعالم الآخرة كما يتوقَّعُ البعض، الشَّفاعة موجودة في العالم الدنيوي وفي العالم الأخروي – مُسْتَشْفِعٌ إِلى الله عَزَّ وَجَلَّ بِكُمْ وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ إِلَيْهِ وَمُقَدِّمُكُمْ أمامَ طَلِبَتِي وَحَوائِجِي – هذا الاستشفاع هو لتحقيقِ طلبتي وحوائجي الَّتي هي في الدنيا، قد يكون البعض منها للآخرة، ولكن الحوائج والمطالب الضاغِطة على الإنسان الَّتي تدفعهُ للجوء إلى أئمَّتهِ في الغالب ترتبط بالواقع الدنيوي، ربَّما يكون لها مساس بحياته الدينية، ولكنَّها أوَّلاً آخراً مرتبطة بالحياة الدنيوية. وَمُقَدِّمُكُمْ أمامَ طَلِبَتِي وَحَوائِجِي وَإِرادَتِي فِي كُلِّ أحْوَالِي وَأُمُورِي – في كلِّ أحوالي وأموري؛ الظاهر منها والباطن منها، المادي منها والمعنوي منها، المعقول منها والمحسوس منها، ما هو يرتبط بي بشكلٍ مباشر أو بشكلٍ غير مباشر، ما يرتبطُ بي شخصيَّاً أو ما يرتبطُ بأشخاص أنا أهتمُّ لأمرهم، ما يرتبطُ بشأن الحياة الدنيوية أو بشأن الحياة الاخروية، ما يرتبطُ بصحَّةٍ أو مرض، بغنىً أو فقر، بهدايةٍ أو ضلالة، بحسنةٍ أو سيئة، بتوبةٍ أو دعاءٍ أو توسلٍ، كلُّ هذا يقع تحت هذا العنوان – وَإِرادَتِي فِي كُلِّ أحْوَالِي وَأُمُورِي – إنّي أرجعها إليكم. الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة الَّتي هي القولُ البليغُ الكامل هكذا تؤدِّبُ الشيعيَّ، هذا هو الشيعي في الحالة المثالية، وإلَّا نحنُ لا نتعاملُ مع أهل البيت لا المتكلِّم ولا السامع بهذه الطريقة، نحنُ نتعامل مع أهل البيت نتعامل معهم كالتعاملِ مع الصيدلية!! نحن لا نذهب إلى الصيدلية إلَّا حين نحتاجُ الدواء، ومتى نحتاج الدواء حين نمرض أو حينَ يمرض شخصٌ عزيزٌ علينا نذهب إلى الصيدلية، أمَّا إذا لم نكن بحاجةٍ للدواء فلا نذهب إلى الصيدلية ولا نفكر أنْ ندخل إلى الصيدلية، ماذا نصنع هناك، لا حاجة لنا بها، نحنُ هكذا نتعامل مع أهل البيت هذا هو الواقع، هذه هي الحقائق المقشَّرة، تعامُلُنا مع أهل البيت كالتعامل مع الصيدلية حينما نحتاجهم نلجأُ إليهم، حينما لا نحتاجهم نذهب إلى أيِّ اتجاهٍ آخر. الزِّيارةُ الشَّريفة تَصف لنا الحالة الوجدانيَّة والنفسيَّة والمعنويَّة المثالية للشِّيعي وإلَّا هذا المعنى إذا أراد أنْ ينطبق علينا فإنَّهُ ينطبق بشكلٍ جزئي وبشكلٍ جزئي يسير جدّاً، وإلَّا من منَّا يتَّصِف بهذه الأوصاف – مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ – الاستجارة الَّذي يستجير بأحد لأنَّهُ لا يجدُ أماناً إلَّا عند هذه الجهة الَّتي يستجير بها، هذه الحقيقة ليست موجودةً في حياتنا!! – مُسْتَجِيرٌ بِكُمْ زائِرٌ لَكُمْ – وحتَّى هذا المصطلح زائرٌ لكم الأئمَّة يُريدون زائراً عَارِفاً بحقِّهم، من زار الحسين عارفاً بحقِّه، هذا الثواب وهذا الأجر في زيارة الحُسين على سبيل المثال بهذا الشرط عارفاً بحقِّهِ – زائِرٌ لَكُمْ لائِذٌ عائِذٌ بِقُبُورِكُمْ مُسْتَشْفِعٌ إِلى الله عَزَّ وَجَلَّ بِكُمْ وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ إِلَيْهِ – كيف أتقرَّبُ بهم إلى الله وأنا أجهلُ معرفتهم؟ كيف أتقرَّبُ بهم إلى الله، أنت هل تستطيع أن تستعملَ وسيلةً من وسائل النقل، سيارة، قطار، طائرة، باخرة، أي وسيلة من وسائل النقل، دراجة، أي وسيلة من وسائل النقل الَّتي توصلك إلى مرادك إلى الجهة الَّتي تُريد أنْ تصل إليها، إذا لم تكن تعرف استعمالها وتعرف تفاصيلَ ما يرتبط بهذه الوسيلة هل تستطيع أنْ تستعملها وأنْ تَصِلَ من خلال هذه الوسيلة إلى هدفك؟ لا يمكن!! – يَا كُمَيل – كما يقول سيّد الأوصياء – مَا مِن حَرَكَةٍ إلَّا وَأَنتَ تَحتَاجُ فِيهَا إِلَى مَعْرِفَة – ما من حركة – وَمُقَدِّمُكُمْ أمامَ طَلِبَتِي وَحَوائِجِي وَإِرادَتِي فِي كُلِّ أحْوَالِي وَأُمُورِي – لا أريد أنْ أقفَ كثيراً عند كلِّ عبارة وعند كلِّ فقرة فإنَّ ذَلِك يحتاجُ إلى وقتٍ طويل. العِبارة الأخرى الَّتي أقتطفها وهي في نفس الجوّ في نفسِ جوِّ الاستجارة والاستشفاع والتوسل، ماذا تقول الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة؟ – وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ – حين نُصَلِّي عليكم حين نُسلِّم عليكم وأحد معاني السَّلام هو الصَّلاة وأحد معاني الصَّلاة هو السَّلام أيضاً، أحدهما يكونُ معنىً للآخر بحسب مرتبةٍ من مراتب معاني السَّلام وكذلك الصَّلاة – وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنا وَطَهارَةً لأَنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً لَنا – تزكية تطهير نماء تطور – وَتَزْكِيَةً لَنا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنا – صلاتُنا وسلامنا وزيارتنا وتوسُّلنا واستجارتنا هذه هي الآثار الَّتي تظهر منه، يعني ما مرَّ في العبارات السَّابقة من الزِّيارة الجامعة الكبيرة آثارهُ هنا أيضاً موجودة ومبيَّنة – وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنا وَطَهارَةً لأَنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً لَنا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنا – هذه الثقافة بالضبط عكس الثقافة الَّتي تُطرح على الكثير من المنابر الشيعيَّة وعلى الفضائيات الشيعيَّة وعلى منابر الدرس بأُذُني هذه سَمعت وعلى الفضائيات يُنشر وعلى مواقعِ مراجعنا الكِرام حينما تتوجَّه الأسئلة ويُجاب على الأسئلة وراجعوا ما الَّذي يتردَّد في الوسط الشيعي؟ أنَّنا حين نصلِّي عليهم وحين نُسَلِّم عليهم هم يَحتاجون إلى ذلك!! لأنَّ صَلاتَنا ولأنَّ سَلامنا عليهم يؤدي إلى علوٍ في درجاتهم وفي مراتبهم، أيُّ منطقٍ هذا؟! أيُّ هَزَالٍ هذا؟! أيُّ سُخفٍ هذا؟! هذا هو منطقُ الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة القولُ البليغُ الكامل، الزيارةُ هنا هي في هذا الأفق في أفق القول البليغ الكامل – عَلِّمنِي يَا ابنَ رَسُولِ الله قَولاً أَقُولُه بَلِيغَاً كَامِلاً إذَا ُزرتُ وَاحِدَاً مِّنْكُم – فهذا هو القولُ البليغُ لكامل. هذه العبارات هل تشير إلى أيِّ شيءٍ من هذه المضامين الهزيلة الَّتي أشرتُ إليها؟ عبارات واضح وصريحة – وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ وَما خَصَّنا بِهِ مِنْ وِلايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنا – نحنُ المحتاجون، نحنُ الَّذين نَتَكَامَل – طِيباً لِخَلْقِنا وَطَهارَةً لأَنْفُسِنا وَتَزْكِيَةً لَنا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنا – أيُّ حاجة وأيُّ فضلٍ يصدر منَّا لآل مُحَمَّد، ما بالكم كيف تتكلَّمون؟! أيُّ فضل يمكن أنْ يصدر منَّا لأجلِ آل مُحَمَّد!! أيضاً لا أريد أنْ أطيلَ الوقوف عند كلِّ عبارة لأنَّ الكلام يفتح أبواباً على كلامٍ آخر وسيجرني الحديث إلى جهاتٍ تخرجني عن ضيق الوقت وعن المقصود من هذه الحلقة. أنتقل إلى جهة أخرى من جهات الزِّيارة الجامعة الكبيرة، كما قُلت: أنا هنا أتحدَّث عن المفاصل الأهم وأبدأ بالتدريج يعني من الأدنى إلى الأعلى هكذا أبدأ، نقرأ في الزِّيارة الجامعة الكبيرة ونحن نخاطبهم:- وَإِيابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ – إليكم آل مُحَمَّد، إليكَ سيّدي بقيَّة الله – وَإِيابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ – الحديث هنا ليس عن يوم القيامة، هذا التصوّر تصوّر خاطئ، هذا التصوّر ناشئ من ثقافة مغلوطة، الحديث هنا عن الخلق ليس عن البشر – وَإِيابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ – الخلق وليس البشر، البشر جزءٌ يسيرٌ لا قيمةَ لهُ لو قِيسَ بسعة الخلق – وَإِيابُ الخَلْقِ – الخَلْق كلُّنا نحنُ الآدميون لا نُشَكِّلُ شيئاً في العالم المخلوق الواسع – وَإِيابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ – والمراد من الحساب ليس الحساب في يوم القيامة، الحساب في يوم القيامة هو جزءٌ من هذا الحساب، وإنَّما المراد من إيابِ الخلق أمورُ الخلق ومقاديرُها صغيرُها وكبيرُها، سابقُها ولاحقها، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، في العوالم العلوية والعوالم السفليَّة، في عوالم الشَّهادةِ وعوالم الغيب، ما نعرفه وما نتخيَّله وما نظنهُ وما هو وراء ذلك، العرشُ وما دونَ العرش وما بعد العرش، هذا هو الخلق كلُّ ذلك يؤوبُ إليهم – وَإِيابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ – أعتقد أنَّ العبارة لا تحتاج إلى شرحٍ أكثر من هذا – وَإِيابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ – لو نستمر في قراءة الفقرات الّتي بعدها – وَفَصْلُ الخِطابِ عِنْدَكُمْ وَآياتُ اللهِ لَدَيْكُمْ وَعَزائِمُهُ فِيكُمْ وَنُورُهُ وَبُرْهانُهُ عِنْدَكُمْ – ثم ماذا تقول الزيارة؟ – وَأَمْرُهُ إِلَيْكُمْ – هو الَّذي أوكل إليكم الأمور، وأمرهُ، وأمرُ الله إليكم، أوكل الأمر إليكم. إذا نذهب إلى سورة الأعراف، إلى الآية الرابعة والخمسين من سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} خَلْق، الحديث عن خَلْق، في ستَّة أيام إشارة إلى التقدير، الحساب، التنظيم {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} والقُرآن يستعمل هذا العنوان دائماً: السَّماوات والأرض، لأنَّ الإنسان لا يتصوَّر من الوجود إلَّا هذا العنوان: السَّماوات والأرض، هذا هو تصوّر الإنسان، فجُعِل هذا المصطلح عنواناً للوجود وإلَّا فالوجود أوسعُ من ذلك بكثير {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ألا له الخلقُ والأمر {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أَلا لَهُ الخَلق والأَمر؛ الأمرُ هو ما بعدَ الخَلق، الأمرُ هو عالَمٌ أوسع وأوسع، الأمرُ ما وراء الخلق، الأمرُ حقيقةُ الحقائق، حقيقةُ ما وراء الخلق. الزِّيارةُ هُنا تتحدَّثُ عن الخلقِ وعن الأَمْر، عن الخَلق – وَإِيابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ وَحِسابُهُمْ عَلَيْكُمْ – عن الأمر وأمرهُ إليكم، ألَا لَه الخَلق والأمر، نفس المضمون القُرآني لكن يتجلَّى هنا في الزِّيارة بنحوٍ من التفصيل. فإيابُ الخلقِ إليهم وحسابهم عليهم، لماذا؟ لأنَّ أمرهُ سُبحانَه وتَعَالى إليهم، لأنَّهُ هو الَّذي أوكَلَ إليهم الأمر، لذا عُبِّر عنهم: بأولي الأمر في الكتاب الكريم، عُبِّر عنهم بأولي الأمر والتعبير هنا بأولي الأمر يرتبط بالأفق الأرضي وهم أولوا الأمر أيضاً في الأفق الأعلى، حين جاءت الآية تأمر بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر في الكتاب الكريم، أولوا الأمر هنا في الأفق الأرضي، وهم أولوا الأمر أيضاً في الأفق الأعلى، إيابُ الخلق إليكم وحسابهم عليكم وأمرهُ إليكم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليكم. أذهبُ إلى اتجاهٍ آخر تحدَّثت عنه الزيارةُ الجامعةُ الكبيرة:- طَأْطَأَ كُلُّ شَرِيفٍ لِشَرَفِكُمْ وَبَخَعَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ لِطاعَتِكُمْ وَخَضَعَ كُلُّ جَبَّارٍ لِفَضْلِكُمْ – هنا، هنا تتَّضح الفكرةُ جليَّةً في هذه العبارة – وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ – وذلَّ كلُّ شيءٍ لكم، في دعاءِ السَّحر نحنُ نَدعو – اللَّهُمَّ إِنَّي أَسْأَلُكَ مِن عِزَّتِكَ بِأَعزِّهَا – أعزّ العزَّة هي هذه، وذلَّ كل شيء لها، أعزُّ العزَّةِ هم، فكلُّ ما جاء في دعاء السحر هم صلواتُ اللهِ عليهم، أجملُ الجمال أجلُ الجلال إلى أنْ نصل إلى هذه العبارة – اللَّهُمَّ إِنَّي أَسْأَلُكَ مِن عِزَّتِكَ بِأَعزِّهَا – أعزُّ العزَّة هي المرتبةُ الَّتي ذلَّ لها كلُّ شيء، الزِّيارة واضحة تُخاطبهم – وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ – هو المضمون نفسهُ الَّذي نقرؤهُ في دعاء كميل حين نقرأ في دعاء كميل – اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَت كُلَّ شَيء – هي نفس هذه الجهة، أنتَ تُكمل – وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهرتَ بِهَا كُلَّ شَيء وخَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيء وَ ذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيء – هيَ هي، كلامُ أهل البيت بعضهُ يشرحُ بعضاً، هذه الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة صريحة – وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ وَأَشْرَقَت الاَرْضُ بِنُورِكُمْ وَفازَ الفائِزُونَ بِوِلايَتِكُمْ ؛ وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ – هنا ماذا تقرأ في دعاء كميل؟ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَت كُلَّ شَيء وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهرتَ بِهَا كُلَّ شَيءٍ وخَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيء وَذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيء – ذَلَّ لها كُلُّ شيء، هي أعزُّ العِزَّة الّتي ذُكرت في دعاء البهاء أو في دعاء السَّحر – اللَّهُمَّ إِنَّي أَسْأَلُكَ مِن عِزَّتِكَ بِأَعزِّهَا – الَّتي ذلَّ لها كلُّ شيء، ويستمر دعاء كميل – وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبتَ بِهَا كُلَّ شَيء وَبِعزَّتِكَ الَّتِي لَا يَقُومُ لَهَا شَيء – بعزَّتك الَّتي لا يقوم لها شيء، بعزَّتك الَّتي لنْ يكونَ في مُقابلها شيءٌ عزيزٌ مُطلقاً – وَبِعزَّتِكَ الَّتِي لَا يَقُومُ لَهَا شَيء – يعني بعزَّتِكَ الَّتي ذلَّ لها كلُّ شيء، المضمون هوَ هو، وهكذا بقيَّةُ العبائر في دعاء كميل بل في سائر الأدعية الشريفة – وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ – لذا الزيارة تعطينا هذا العنوان وهذا القانون – وَمَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِاللهِ – الَّذي يعتصمُ بكم الاعتصام ما هو؟ الاعتصام: هو اللجوء الكامل، مع الشعور بالأمان والاطمئنان بثقةٍ عالية جدَّاً لا حدود لها هو هذا الاعتصام، إنَّما يكون الاعتصام بهم هكذا لأنَّ المعتصم هنا لن يرتَهِبَ من شيءٍ، فكلُّ شيءٍ هو يذلُّ عند تلك الجهة الَّتي يعتصم بها – وَذَلَّ كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ ؛ وَمَنْ اعْتَصَمَ بِكُمْ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِاللهِ – لذا يتجلَّى جوهرُ الزيارةِ الجامعةِ الكبيرة في قلبها في قلب الزِّيارة الَّذي حُرِّف – مَنْ أَرادَ الله بَدَأَ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – وليس توجَّه بكم كما هو المطبوع في كتب الزِّيارات وكما هو المقروء في الزِّيارات المسجَّلة والَّتي تخرج على شاشات الفضائيات ومنها فضائيتنا أيضاً – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – هذا هو جوهرُ الزِّيارة، إذا كنتَ قاصداً لله فتوجَّه إلى وجههِ إلى ذلك الوجه الباقي، إلى الوجه الباقي الَّذي تحدَّثَ عنهُ دعاء كميل – وَبِعزَّتِكَ الَّتِي لَا يَقُومُ لَهَا شَيء وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلَأَت أَركَانَ كُلِّ شَيء – هذه العظمة هي نفسها المذكورة في دعاء السَّحر – اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِن عَظَمَتِكَ بِأَعْظَمِهَا – أعظمُ العظمة هي الَّتي ملأت كلَّ شيء – وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلَأَت أَركَانَ كُلِّ شَيء وَبِسُلْطَانِكَ الَّذِي عَلَا كُلَّ شَيء وَبِوجْهِكَ البَاقِي بَعدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيء ؛ أَينَ وَجهُ الله الَّذي إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَولِيَاء ؛ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – هو هذا الوجهُ الباقي – وَبِوجْهِكَ البَاقِي بَعدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيء وَبِأَسْمَائِكَ – نحنُ الأسماء الحسنى كما قال الصَّادقُ والروايةُ في الكافي الشريف – وَبِأَسْمَائِكَ الَّتِي مَلَأت أَركَانَ كُلَّ شَيء وَبِعلمِكَ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيء وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلَّ شَيء – يتجلَّى هذا النورُ من وجههِ فيقول الدعاء – يَا نُوُرُ يَا قُدُّوس – يا نورُ يا قدوس هو عنوانٌ لذلك الوجه الَّذي أضاء له كلُّ شيء – وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلَّ شَيء – هذا هو جوهرُ الزِّيارة الجامعة الكبيرة، بل هو جوهرُ كلِّ زيارة لكنَّ الحديث هنا عن الزيارةِ الجامعةِ الكبيرة بشكلٍ خَاص، وإلَّا هذا المضمون هو مضمونُ كلِّ زيارات الأئمَّة صلواتُ الله وسلامهُ عليهم أجمعين، هم الجهة الَّتي نتوجَّهُ إليها – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – نحنُ حينَ نقصدُ الله في صلاتنا ألَا نتوجَّه إلى جهة؟ نتوجَّه إلى الكعبة، وهل أنَّنا فِعلاً في مساجدنا وفي بيوتنا وفي أيِّ مكانٍ من الأرض حين نتوجَّه إلى الكعبة فعلاً نتوجَّه إلى الكعبة؟ الكعبة وجود فيزيائي محدود حينما أبتعد عنها آلاف الكيلومترات كيف يمكنني أن أتوجَّهَ إليها؟ وفعلاً لو رُسِمَ خَطٌّ مستقيم من المكان الذي أتوجَّهُ فيه إلى الكعبة لو رُسم هذا الخط باتجاه الكعبة سوف لنْ يصل لأنّ المساحات الأرضية واسعة كبيرة والكعبة جسمٌ فيزيائيٌ محدود له مساحة له حجم معين، كلَّما ابتعدت كلَّما لا أستطيع أنْ أتوجَّه إلى الكعبة توجُّهاً دقيقاً، لذلك ماذا يقول الفقهاء؟ الفقهاء يقولون: بأنَّهُ في التوجُّه إلى الكعبة لا يجب التوجُّه إلى عين الكعبة لأنَّ هذا لا يمكن، وإنَّما نحنُ نتوجَّه في الأماكن البعيدة إلى سَمتِ الكعبة، إلى سَمتِ الكعبة يعني إلى جهة الكعبة يعني نتوجَّه إلى الحجاز، حتَّى إلى مكَّة يكون من الصعب أيضاً إذا كانت المسافات بعيدة أنْ يكون التوجُّه دقيقاً إلى مدينة مكَّة، وإنَّما التوجُّه إلى سَمْتِ الكعبة إلى جهة الحجاز إلى جهة الجزيرة العربية، هذا المعنى لا يعترضُ عليه أحد لأنَّنا نتوجَّه إلى حجارة لا بأس به، لكن حين نتوجَّه إلى الحقائق القادسة، إلى حقائق مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد تكون الإشكالات، أليس هو هذا الفكر الوهابي عينهُ؟! هذا هو الفكر الوهابي بعينهِ وبنفسهِ، لكنَّهُ يسير بطرقٍ مُلتوية وسط الفكر الشيعي، وسط الثقافة الشيعية – وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ إِلَيكُم – التوجُّه إلى إمام زماننا، التوجُّه إلى أمير المؤمنين، التوجُّه إلى مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّد، التوجُّه إلى الزَّهراء الطَّاهرة، التوجُّه إلى إمامنا المجتبى إلى سيّد الشُهداء، ولكن بالنسبة لنا قبلتنا وكعبتنا ومقصدنا هو الَّذي نخاطبهُ في دعاء الندبة – أَينَ وَجهُ اللهِ الَّذِي إِلَيهِ يَتَوجَّهُ الأَوْلِيَاء – قبلتنا هنا الحجَّةُ ابن الحسن ولا شيء وراء ذلك؟! – وَمَنْ قَصَدَهُ – من قصَدَ الله – تَوَجَّهَ إِلَيكُم. إذا ذهبنا إلى فقرةٍ أخرى من الزيارة الجامعة الكبيرة:- خَلَقَكُمُ الله أَنْواراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحَدِقِينَ حَتَّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ – حتَّى منَّ علينا بكم؛ هذا الأفق الأرضي، إذا تتذكَّرون من البداية أنَا تحدَّثت عن ولادةٍ عَلَويَّة في الأفق الأرضي وعن ولادةٍ عَلَويَّة في الأفق الأعلى، ليكون هذا المطلب أساساً!! – خَلَقَكُمُ الله أَنْواراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحَدِقِينَ حَتَّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ – خلقكم الله أنواراً؛ تلك الولادةُ العَلَويَّةُ في الأفق الأعلى، فجعلكم بعرشهِ محدقين حتَّى منَّ علينا بِكُم، حتَّى منَّ علينا بكم وتستمرّ الزِّيارة – فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ – إلى آخر الزِّيارة الشريفة، هذه الولادةُ العلويَّةُ في الأفق الأرضي لكنَّني لا أريد أن أقف إلَّا عند هذه العبارة – فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحَدِّقِينَ – أحدقَ بالشيء أحاط بهِ، يعني هم الدائرة الأوسع، العرش داخل في دائرتهم. السَّمَاء الدُّنيا في رواياتنا في أحاديثنا وحتَّى في الكتاب الكريم القُرآن يتحدَّث {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} بهذه النجوم يعني هذه المجرَّات الهائلة الَّتي يقفُ الإنسانُ أمامها مدهوشاً، أمام عظمتها واتساعِها كلُّ هذه المجرَّات الهائلة هي زينة للسَّماء الدنيا، والزّينةُ تكون أصغر من الشيء الَّذي يُزيَّنُ بها، هل رأيت زينةً لشيءٍ تكون أكبر من الشيء الّذي زُيِّنَت به!! حين تُزيّن البيت بزينة فهل أنَّ الزينة تكون أكبر من البيت، حين أنت تتزيَّن فهل أنَّ الزينة الَّتي تتزين بها تكون أكبر منك، حين تتزيَّنُ المرأة بالجواهر مثلاً فهل أنَّ الجواهر في حجمها ووزنها أكبر من المرأة؟! الزّينة تكون أصغر من الجهة الَّتي زُيّنت بها، القُرآن صريح يتحدَّث أن هذه النجوم وهذه الأجرام السماوية هي زينة للسّماء الدنيا. الروايات تقول السَّماء الدنيا، نحنُ لا نعرف سعة الزّينة حتَّى نستطيع أنْ نعرف السَّماء الدنيا ولكنَّهُ في ظلِّ التخيل لا أكثر، في ظلِّ التوهم لا أكثر، السَّماء الدنيا إذا ما قيست بالسماء الَّتي فوقها فهي كحلقةٍ في فلاة، يعني صحراء كبيرة واسعة ممتدَّة الأطراف وتُلقي فيها هذه الحلقة، السَّماءُ الدنيا إلى الثَّانية كحلقةٍ في فلاة والثَّانية إلى الثَّالثة كذلك كحلقةٍ في فلاة والثَّالثة إلى الرابعة كذلك وهكذا كلُّ سماءٍ إلى الَّتي بعدها كحلقةٍ في فلاة، فكم هو حجمُ السَّماء السابعة حينئذٍ؟ إذا كانت السَّماء الأولى إذا قيست بالثانية تكون كحلقة في فلاة والسَّماء الأولى زينتها هذه المجرَّات الَّتي نحنُ لا نستطيع أنْ نتصوَّر أبعادها وهي في حال توسُّع وتمدُّد، إذاً كم هو حجم، كم هي سعة السَّماء السَّابعة؟ وكلُّ هذه السّماوات هي كحلقةٍ في فلاة إذا قيست بالكرسي {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ} ماذا وسع هذا الكرسي؟ وسع السّماوات والأرض، كُلُّ هذه السَّماوات إذا قيست بالكرسي كانت كحلقةٍ في فلاة، إذاً كم هو هذا الكرسي؟! والكرسي لو قيسَ بالعرش بكلِّ هذه السِّعة فهو كحلقةٍ في فلاة، وهم مُحدِقُون محيطون، المُحدق هو المحيط الواسع، كلمة الحديقة تقال للبستان الكبير الَّذي يحيط بالبيت، البيت موجود وحوله بستان كبير يحيط بهِ ومساحته أكبر من مساحة البيت هي هذه الحديقة، قيل لها حديقة لأنَّها تُحدِقُ بالبيت تُحيطُ بهِ من جميع الجهات، قِيلَ لها حديقة لأنَّها مُحيطة، كلمةُ الحديقة في أصلها ليست مرتبطة باللون الأخضر أو بالأشجار، مرتبطة بكيفية إحاطتها بالبيت. فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحَدِّقِينَ – والعرشُ حتَّى لا أقول كحلقةٍ في فلاة إلى هذه الحقائق الّتي أحدقت بهِ، العرشُ لا شيء، العرشُ إلى هذه الحقائق الَّتي أحدقت به العرشُ لا شيء، من اطَّلع على أحاديث أهل البيت سيجد أنَّ كلامي هذا هو لا شيء أيضاً، هناك من المضامين في أحاديثهم ما هو أعمق وأدقّ وأوسع وأعلى رُتَبَاً من كلِّ هذا الكلام الَّذي قلته – فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحَدِّقِينَ – حين يسألون الأئمَّة، لماذا الكعبة بهذا الشكل المكعب؟ هم يقولون: لماذا الكعبة مربَّعة؟ مربَّعة يقصدون بها مكعَّبة، يعني الشكل التكعيبي الهندسي، مربَّعة يعني لها جهات لها أربعُ جهات، الكعبةُ بهذه الجهات هي صورة رمزيَّة عن البيت المعمور، البيت المعمور أيضاً لهُ أربع جهات، ولكن الحديث عن البيت المعمور ليس بيتاً بُنِيَ من الطين والآجُر، وليس بيتاً بني بالمحسوس، البيت المعمور حقيقة كليَّة كبيرة جداً، ومرَّت علينا كلمات أمير المؤمنين – أَنَا البَيتُ الْمُعْمُور أَنَا السَّقْفُ الْمَرفُوع – البيتُ المعمور هو أيضاً تجلٍّ عن العرش، العرش أيضاً لهُ أربع جهات، العرش هو في جهاتهِ هذه هو تجلٍّ لهذه الحقائق الَّتي عُنونَت: سُبْحَان الله ؛ الْحَمْدُ لله ؛ لَا إِلَه إِلَّا الله ؛ اللهُ أَكْبَر. هذه الألفاظ عناوين لحقائق، حين تجلَّت هذه الحقائق، حقائق أربعة بحسب الترتيب اللّفظي، تجلَّت في العرش، فنحنُ نتوجَّهُ إلى الكعبة والكعبةُ تتَّجهُ إلى البيت المعمور، الكعبة تجلٍّ من البيت المعمور، يعني هي متوجهة إلى البيت المعمور، والبيتُ المعمور يتوجَّه إلى العرش، والعرش يتوجَّه إلى هذه العناوين إلى هذه الحقائق: سُبْحَان الله ؛ الْحَمْدُ لله ؛ لَا إِلَه إِلَّا الله ؛ اللهُ أَكْبَر؛ التسبيحُ؛ تنزيه! التَّحميدُ؛ وصفٌ بالجمال! لا إله إلَّا الله؛ نفيٌ للأغيار! اللهُ أكبر؛ إعلانٌ عن العجز عن المعرفة! كما قال هذا القائل عند إمامنا الصّادق حين سَمِعَ المؤذِّن يؤذِّن؛ الله أكبر، فقال هذا الرجل: الله أكبر من كُلِّ شيء، الإمام قال لهُ: ومتى كان مع الله شيء حتَّى يكون الله أكبر منه، كيف تقيس الباري بخلقهِ؟! الباري لا يُقاس بخلقه، متى كان مع الله شيء حتَّى يكون الله أكبر من ذلك الشيء، قال: فما أقول يا ابن رسول الله؟ قال: قُل الله أكبر من أن يوصف، العجز عن المعرفة، العجز عن المعرفة يتجلَّى أين هذا المعنى؟ يتجلَّى في الحقيقة المُحَمَّديَّة، مجلى هذا المضمون (سُبْحَان الله، الْحَمْدُ لله، لَا إِلَه إِلَّا الله، اللهُ أَكْبَر) هذه المضامين تتجلَّى في الحقيقة المُحَمَّديَّة الَّتي هي وجهُ الله سبحانه وتعالى. لذا نحنُ نخاطبهم في الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة هم في الأفق الأرضي، هم الاسمُ الأعظم للحقيقة المُحَمَّديَّة، والحقيقةُ المُحَمَّديَّةُ هي الاسمُ الأعظم، هي الاسمُ المكنون المخزون، هي ذلك الاسمُ الَّذي خلقه فاستقرَّ في ظله فلا يخرج منهُ إلى غيره، الَّذي يتردَّد في أدعية أهل البيت وفي كلماتهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. لذا نحنُ نخاطبهم في الزيارةِ الجامعةِ الكبيرة – مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ – ومن أنا حتَّى أُحصِي ثنائكم، من أنا؟! – مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ – أتعرفون ما معنى لا أحصي ثنائكم؟ أحصي؛ الإحصاء هو العدّ، يعني بإمكاني أنْ أحصرَ الشيء فإنَّنِي أُحصِيه، يُقال هذا الشيء لا يُحصى؟ {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} لأنَّها لا تُعدّ لا تُحصى، وهم نعمةُ الله الأكبر ونعمةُ الله الأعظم – مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ – لا أحصي ثنائكم الثناء ما هو؟ الثناء هو المدح، الثناء هو ذكرُ الفضل، متى يُذكرُ الفضل لصاحب الفضل؟ حين يكون ذلك الفضلُ واضحاً ساطعاً جليَّاً بيّناً، الثناء هو شكرٌ هو مدحٌ هو حَمدٌ هو ذكرٌ لجميلٍ يتجلَّى في صاحب الجمال في صاحب الفضل – مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ – لست قادراً، لستُ قادراً على إحصاءِ مدحكم الَّذي هو من آثارِ جمالكم، وليس بالضرورة أنَّ المدح يكون متطابقاً مع الجمال لأنَّ الجمال حين يكون واسِعاً وعظيماً وكبيراً فإنَّ المدحَ سيكون قليلاً، فإنَّ المدحَ سيكون مقتضباً سيكون مختصراً، هذا المدحُ المقتضب المختصر إنَّني لا أستطيع أن أُحصيه فكيف بجمالكم؟ فكيف بعظمتكم؟! – مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ وَلا أَبْلُغُ مِنَ المَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الوَصْفِ قَدْرَكُمْ. ومرَّ علينا كلامُ الإمام الرضا صلواتُ الله وسلامهُ عليه من أنَّ جميع تلك القدرات – ضَلَّت العُقُول وَتَاهَت الحُلُوم وَحَارَت الألبَاب وَخَسِئَت العُيُون وَتَصَاغَرَت العُظَمَاء – الحديث الَّذي مرَّ علينا، عن أيِّ شيءٍ؟ – عَنْ وَصْفِ شَأنٍ مِن شَأنِه أو فَضِيلَةٍ مِن فَضَائِلِه. مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ وَلا أَبْلُغُ مِنَ المَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الوَصْفِ قَدْرَكُمْ – ويتكرَّرُ هذا المضمون في الزيارةِ الجامعةِ الكبيرة – بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي، كَيْفَ أَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ – العبارة هنا أدقّ، العبارة السابقة قالت – مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ – مرادي أدقّ أعمق وإلَّا الزِّيارة كلُّها دقيقة لكن هنا – كَيْفَ أَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ؟! – هنا في العبارة الأولى – لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ – أنا لا أحصي ثنائكم فكيف بي أنْ أصفَ حسن ثنائكم، أصلاً أنا لا أستطيع أنْ أحصيه، فهل أستطيع أنْ أصف حُسنهُ؟ إِنِّي عَاجِزٌ عن إحصائهِ، فبالضرورة إنِّي سأكون عاجزاً عن وصف حُسنِهِ، لأنَّني لا أستطيع أنْ أصِفَ حُسنَهُ حتَّى أكون مستطيعاً لإحصائه، أولاً؛ لابُدَّ أنْ أُحصيَه لذلك العبارة الأولى ماذا قالت؟قالت – مَوالِيَّ لا أُحْصِي ثَنائَكُمْ – من البديهي إنّني لا أستطيع أنْ أَصِفَ حُسنَ ثَنَائِكم – بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي – يا أمير المؤمنين يا بقيَّة الله – بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي كَيْفَ أَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ وَأُحْصِي جَمِيلَ بَلائِكُمْ – الزِّيارة بيَّنت أنَّ كلَّ هذه المعاني وأنَّ كلَّ هذا العُمق مَردُّه إلى حقيقة، حقيقة جليَّة واضحة، ماذا قالت الزيارة؟ – آتاكُمُ الله – يا آل مُحَمَّد – آتاكُمُ الله مالَمْ يُؤْتِ أحَداً مِنَ العالَمِينَ – وانتهى الكلام، هي هذه الحقيقة الواضحة – آتاكُمُ الله مالَمْ يُؤْتِ أحَداً مِنَ العالَمِينَ – لا توجد مقايسة فيما بينكم وبين غيركم، ما جاءكم من الله سبحانه وتعالى وما وصل إليكم ما وصل إلى مخلوقٍ آخر، لماذا؟ لأنَّ كلَّ ما وصل إلى المخلوقات وصل من خلالكم، أنتم وهبتم المخلوقات، أمَّا الَّذي وهبكم هو الله – آتاكُمُ الله مالَمْ يُؤْتِ أحَداً مِنَ العالَمِينَ – كلُّ ما عند الخلائق منكم، ولكن الَّذي عندكم هو من الله، أعتقد أنَّ الصورة تتجلَّى واضحةً جليَّةً في هذه الخطوط العريضة أو الوجيزة وليست العريضة. بحسب تصوري هذه أهمُّ المفاصل المجملة الموجزة المختصرة في الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة، نحنُ سنتحدَّث إن شاء الله في الحلقات القادمة في بيانِ جوانب من المعرفة العلوية وسنعود سنعود، سنعود إلى حديث المعرفة بالنَّورانيَّة، وسنعود إلى الزِّيارةِ الجامعةِ الكبيرة ونعود إلى كلمات الأمير الَّتي مرَّت الإشارة إليها فيما سلفَ من الحلقات، لكنَّني أردتُ أنْ أعطيكم صورةً مُجملة عن هذه النُّصوص الَّتي نُريد أنْ نتحرَّك في أجواءِها، حديثُ المعرفة بالنَّورانيَّة، الزِّيارةُ الجامعةُ الكبيرة، وبقيَّةُ النُّصوص الأخرى الَّتي أشرت إليها بشكلٍ مُجمل، بشكلٍ مُفصَّل أو ما يأتي من نصوص ومعطيات أخرى سوف أتناولها في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى. نقطةٌ مهمَّة أُريد أنْ أشيرَ إليها في هذه الحلقة، وسؤالٌ في غاية الأهميَّة؟! كلُّ هذا الحديث الَّذي مرَّ في الحلقات السابقة والَّذي سيأتي في الحلقات الآتية مدارهُ المعرفة، صحيحٌ أنَّ البرنامج عنوانهُ: يا علي! والكلامُ بشكلٍ خاصّ في أجواء المعرفةِ العَلَويَّة، لكن هو حديثٌ يقع تحت عنوان كبير: (المعرفة)، معرفةُ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد، معرفةُ عليٍّ وآلِ عليّ. السؤالُ الَّذي أريدُ أن أطرحهُ أو النقطة الَّتي أريد أنْ أثيرها؟! ما هي الحواجز الَّتي تحول فيما بيننا فيما بين شيعة أهل البيت وبينَ تحصيل معرفتهم؟ لماذا الثقافة الشيعية ثقافة تفتقر إلى معرفة أهل البيت؟ الثقافة الشيعية بشكلٍ عام ثقافة مُفتَقِرة إلى معرفة أهل البيت بهذا المستوى الَّذي طُرِحَ في هذا البرنامج، وللعلم هذا ليس المستوى الأعلى في معرفة أهل البيت، هذا المستوى مستوى متوسط، هذا المستوى المتوسط في معارف أهل البيت، ليس المستوى الأعلى!! لماذا ثقافتنا الشيعية تفتقر إلى هذا النحو من المعرفة؟ ما هي هذه الحواجز الَّتي تحول فيما الشيعة وبين الوصول إلى فناء هذه المعرفة؟ المشكلةُ والحاجزُ الأكبر يمكنني أن ألخِّصهُ بهذه الكلمة، بهذا العنوان: عدمُ الوضوح العقائدي!! عدمُ الوضوح العقائدي المشكلةُ الأكبر والحاجزُ الأكبر الذي يَحول فيما بين شيعةِ أهل البيت فيما بين مُحبِّي أهل البيت وبين الوصول إلى معارفهم، الوصول إلى معرفتهم، الولوج في فِنَائِهم الشريف، عدمُ الوضوح العقائدي، عدمُ الوضوح العقائدي جوهرهُ هو: (الجهل المركب)!! ربَّما البعض لا يعرف معنى هذا المصطلح، الجهل المركب: هو أنَّ الإنسان يجهل ويجهل أنَّهُ يجهل، يتصوَّر أنَّهُ يعلم، هناك جهلٌ بسيط؛ أنَّ الإنسان يَجهل ويعلم بأنَّهُ يَجهل، هذا يقال له: الجهل البسيط، الإنسان يجهل بأمرٍ من الأمور ويعلم بأنَّهُ هو جاهل بهذا الأمر، مثلاً نحنُ نجهلُ بأسرار الطب ونعلم بأنَّنا نجهلُ بأسرار الطب لذلك جَهلُنا يدفعنا إلى الطبيب حينما نحتاجُ إلى أسرار الطب، حينما نحتاجُ إلى المعلومات الطبية، حينما نحتاجُ إلى العلاج، لأنَّنا نَجهل ولأنَّنا نعلم بأنَّنا نجهل فنذهب إلى المختصّ، وهكذا في أيِّ قضيةٍ أخرى، حين نجهل تلك القضيَّة ونعلم بأنَّنا نجهلُ فيها فإنَّنا نذهب إلى المختص، لكن الطّامة الكبرى حينما نجهل ونجهل بأنَّنا نجهل، نتصوَّر بأنَّنا نعلم وهذا الأمر في الغالب يحدث في العقائد الدينية، في الفكر الديني، في الغالب البليَّةُ هي الكبرى في الجانب الديني بهذه القضيَّة، أنَّ الإنسان يجهل ويجهل أنَّهُ يجهل، شَحَنَ رأسهُ بِجهَالات وهو يعتقد بأنَّهُ صَاحِبُ علم، وشُحِنَ رأسُ الشيعي بأمور جيء بها من مخالفي أهل البيت قيل لهُ بأنَّها من أهل البيت وهو يُصِر ويعاند ويُدافع ويحتجّ ويعتقد ويعتبر أنَّ هذا من أهل البيت، وحين يستمع إلى فكر أهل البيت يعتقد بأنَّ هذا الفكر لا يرتضيه أهل البيت، الجهلُ المركَّب؟! إذاً الحاجز الكبير الَّذي يحول فيما بين الشيعة وبين الوصول إلى معارف أهل البيت، إلى معرفة أهل البيت: هو عدم الوضوح العقائدي ومرادي من عدم الوضوح العقائدي: هو حالةُ الجهل المركَّب!! الجهل المركَّب أنَّك تجهل وتجهل أنَّك تجهل، والمصيبةُ تكون كبيرةً على الشّيعة حينما يكون عالِمُهُم ومرجعهم قد وقع في هذه القضيَّة، مرادي من المرجع هنا أعمّ من مرجع التقليد، يعني الجهة الَّتي يتعلَّمون منها إنْ كان مرجعاً للتقليد أو كان غير ذلك، حين تكون الجهة الَّتي يتعلَّمُ منها الشيعة وقعت في الجهل المركَّب فهي تجهل وتجهل أنَّها تجهل، وتعطي للشّيعةِ جهلها والشِّيعةُ تأخذُ هذا الجهل على أساسِ: (ذبها برقبة عالِم واطلع منها سالم)؟! يكون الجهل حينئذٍ أُس أربعة، إذا كان العالم وقع في الجهل المركَّب، الجهلُ المركَّب أُس أثنين، يجهل ويجهل أنَّهُ يجهل، أخذ الشِّيعي هذا الجهل الَّذي هو أُس اثنين أخذهُ وصبَّهُ في قالَب الصنميَّةِ الَّتي يعيشُ فيها في هذه القوقعة في قوقعة الصنميَّة فَصَارَ الجهل مُربعاً أُس أربعة؟! فجئني بمن يستطيع حينئذٍ أن يعالج هذه الطامَّة، هذا هو الحَمَق الَّذي تحدَّث عنهُ عيسى عليه السَّلام حين قال: إنَّني أُحيي الموتى وأجعل الأعمى المكفوف يرتدّ بصيراً وأُعالج الجُذام أُعالج البرص أُعالج الأمراض المستحيلة المستعصية لكنَّني عجزتُ عن علاج الأحمق لأنَّهُ جهلٌ مربَّع! يأخذُ عن عالِمٍ مبتلىً بجهلٍ مركَّب فيأخذ هذا الجهل فيصبُّه في قالب الصنميَّة الَّتي لا صلة لها بدين أهل البيت، لأنَّ الشيعة يتعاملون مع علمائهم على أنَّهم جهة لا تخطئ، وهذا المنطق وهذا الكلام خلاف منطق أهل البيت، العالِم يخطئ يُصيب، العالم بشرٌ يجري عليه ما يجري على كلِّ البشرِ في مختلف الاختصاصات، مثل ما تتوقَّع من الطبيب أنْ يخطئ وربَّما يُخطئ الطبيب ويقتل المريض، وكمّ من المرضى قتلوا بسبب أخطاء الأطباء، وكم من العمليات الجراحية نسيَ الأطباء بعض أدواتهم الخطيرة في جوف المريض وخاطوا العمليَّة، البعض ماتوا والبعض تسبَّبت لهم مشاكل وهذه قضايا معروفة. مثل ما يُخطئ الطبيب ويُخطئ المهندس ويُخطئ أيّ صاحب اختصاص يُخطئ العالم أيضاً، عالِمُ الدين يُخطئ، يُخطئ وخطأهُ أكثر خطورةً من خطأ الطبيب، لأنَّ الطبيب يقتلُ مريضاً واحداً، أمَّا العالِم إذا أخطأ، يقتلُ أُمَّةً بكاملها يقتلُ دينها وعقيدتها!! لذا كلمات أهل البيت: زلَّةُ العالم كخرق السفينة، مثل الثقب والخرق والعطل الَّذي يحدث في السفينة، فخرق السفينة يُغرقُ السفينة ويُغرِقُ من عليها، وزلَّةُ العالم أيضاً تُغرِقُ العالِم وتُغرِقُ من يعود إليه. إذاً مشكلتنا هنا، مشكلتنا في الجهل المركَّب، وخصوصاً إذا كان هذا الجهل في المُعَلِّم، إذا كان الْمُعَلِّمُ ابتلي بجهلٍ مركَّب فإنَّ التلاميذ سيكون جهلهم مُركَّب بشكلٍ تربيعي، يعني مركَّب، هو المركَّب أساساً أُس أثنين، يكون حينئذٍ التلميذ أُس أربعة، جهلهُ مُربَّع، فمِن الصعوبة بمكان أنْ يحدُثَ تغيير في منظومةٍ ثقافية تتحرَّك بهذه الطريقة، بحيث العالِم ثقافتهُ مركَّبة ومبنية على جهلٍ مركَّب، الثقافة الشيعية الآن الموجودة الَّتي تُعرَض على المنابر والَّتي تُكتب في الكتب والَّتي تُعرض على الفضائيات ثقافة مركَّبة، من شيء أُخذ من أهل البيت وهذا يُوضع في الصبغة الخارجية إذا أزلنا هذه الصبغة بقيَّة معطيات الثقافة الشيعية هي نتاج أفكار لأشخاص عاديين، ماذا تريد أنْ تسمِّيهم؟ المراجع، الفقهاء، الفلاسفة، المفكرون، الشعراء، الأدباء، المجتهدون، الكُتَّاب، المؤلِّفون، الخطباء، الْمُنَظِّرُون، العُرفاء، السَّالكون، عبِّر ما شئتَ بكلِّ هذه التعابير! شيء من أهل البيت وشيء كثير من نتاج الأشخاص نتاج عادي، لكنَّهُ يُصبغ بصبغة أهل البيت، وشيء كثير من مخالفي بل من أشدّ أعداء أهل البيت نَصبَاً وحقداً على أهل البيت؟! يؤخذ منهم ويُجمَع مع النِّتاج الشخصي للرموز الشيعية ويُصبغ بحديثِ أهل البيت، ويُقدَّم على أنَّهُ هو من فكر أهل البيت وهو يتعارضُ ويتناقض مع مضامين أحاديث أهل البيت، هو يَشبه حديث أهل البيت، إذا رجعت إلى الكتب تجد هناك شباهة، لكن في الحقيقة لا؟! قِيلَ لأمير المؤمنين: لِمَا قِيل لها شبهة؟ قال: لأنَّها تشبهُ الحقّ، قيل لها شُبهة لأنَّها في الحقيقة هي باطل، لكنَّها تشبه الحقّ ولكنَّ هذا الباطل يتجلَّى لأصحاب البصائر، الشبهة إنَّما تَستحكم في العقول الَّتي أكلتها الصنميَّة، حينما يأكل مرضُ الصنميَّة العقل تأتي الشُبهات فتستحكم في تلك العقول، الصنميَّة هو نفس المضمون الَّذي قالهُ إمامنا الصَّادق: بأنَّك تنصب رجلاً فيما بينك وبين الله دون الحُجَّة الَّذي نَصبَهُ الله، تنصب ذلك الرجل وبعد ذلك ماذا تفعل؟ تصدِّقُهُ في كلِّ ما قال، وما هو بالحُجَّة المنصوب من الله، نحن ملزمون أنْ نصدَّقَ الحجَّة المنصوب من قبل الله، الحُجَّة المطلقة، لا يخفى عليكم فتقولون بأنَّ رِوَاة الأحاديث هم حُجَّة منصوبة من قِبَل الإمام الحُجَّة – وَأَمَّا فِي الحَوادِث الواقِعَة فَارجعُوا إلَى رِوَاة أحَادِيثنا فَإنَّهُم حُجَّتِي عَلَيكُم – ثُمَّ ماذا قال الإمام؟ – وَأنَا حُجَّة الله ، الحجَّة المطلقة هو، أمَّا هؤلاء حُجَج بشكلٍ عرضي، رواة الحديث حجج بشكلٍ عرضي، راوي الحديث يمكن أنْ يكذب، إذا كان يكذب هل هو حُجَّة؟ ليس بحُجَّة، راوي الحديث يمكن أنْ ينسى، إذا كان ينسى هل هو بِحُجَّة؟ ليس بِحُجَّة، راوي الحديث يمكن أنْ يصيبهُ الخَرَف، وهناك من المراجع ومن العلماء أصابهم الخَرَف، صحيح لم يصل هذا الخبر إلى النَّاس، لكن هناك علماء ومراجع أصابهم الخَرَف، هناك من العلماء من يفقد الذاكرة، من تضعف ذاكرته، من يقل ضبطهُ للأمور عن الحالة الطبيعية للنَّاس، إمَّا بسبب المرض بسبب الشيخوخة بسبب عوامل وعوارض نفسية أو أشياء أخرى، راوي الحديث يمكن أن يتعرَّض إلى السكتة إلى الجلطة والسكتة والجلطة قد تمسح المعلومات، راوي الحديث يمكن أنْ يتعرَّض إلى حادث دهس بسيارة أو حادث في سيارة ويفقد ذاكرتهُ وينسى معلوماته، فهل هو حُجَّة؟! راوي الحديث حُجَّة ما زال مُلتزماً بحديث أهل البيت، ما زَال عارفاً وعالِمَاً بحديث أهل البيت لهُ هذه الحُجيَّة نعم، هذه ليست حُجيَّة مطلقة، هذه حُجيَّة محدودة، يعني هو في نصف ساعة في اليوم يروي مثلاً حديث أهل البيت وثلاثة عشرين ساعة ونصف يقضيها في الترَّهات، هل هو حُجَّة في هذه الترَّهات؟! هو يروي شيئاً من حديث أهل البيت ويضيف إليه أضعاف أضعافهِ من فكر المخالفين، هل هو حُجَّة؟ هذا الكلام غير منطقي، الكلام المنطقي: أنَّ رواة الحديث الَّذين وُصفوا بالحُجيَّة هم الَّذين لا يخرجون عن جوِّ حديث أهل البيت هؤلاء هم الَّذين لهم الحُجِيَّة، قد يشمل هذا الوصف الفقهاء بالمصطلح المعاصر، قد لا يشملهم، هذا موضع آخر للبحث، أنا هنا لا أريد الدخول في هذه القضيَّة، لكن الحُجيَّة المطلقة الذاتية الثابتة هي للإمام الحُجَّة، فَأنْ ننصب شخصاً آخر دونَهُ، لا بأس أنْ نقبل منه ما هو مرتبط بإمام زماننا الَّذي يأتي من طريقهِ صلواتُ اللهِ عليه، حديثهم، لكن أنْ نُصدِّقَهُ في كل ما قال حتَّى لو خالف أهل البيت هذه هي الصنميَّة الَّتي أكلت عقول الشيعة، هذه هي المشكلة الَّتي وقع فيها إنْ لم أقل كُلُّ الشيعة وقعوا في هذه القضيَة إنْ لم أقل الكُلّ وقعوا في الصنميَّة فالغالبية العُظمى أَكَلت الصنميَّةُ عقولهم. قطعاً ربَّما الآن الكثير من المشاهدين لا يقبلون بكلامي، هذه قراءتي وأنتم لكم قراءتكم أيضاً، مثل ما تجدون لأنفسكم الحقّ في أنْ ترفضوا كلامي وأنْ تطرحوا رؤيتكم وأنْ تحملوا فكرةً في دواخلكم، أيضاً ليَّ الحقّ أنْ تكون لي قراءة وأنْ تكون لي رؤية، لكن قراءتي لم تنشأ من لحظةٍ أو من يوم، قراءتي نشأت من مدَّةٍ تقارب الأربعين سنة، قراءتي يختلطُ فيها الجانب العلمي، يختلطُ فيها الجانبُ الموسوعي مع الجانب العملي مع الاطِّلاع على ما وراء الكواليس، مع التجربة الدينية، مع اطِّلاعي على ما يجري في مواقع القرار في الجو الديني، من هنا نشأت هذه القراءة، لم تنشأ من فراغ، قد أكون مخطئاً لأنَّني لستُ معصوماً، أيُّ فكرةٍ تصدرُ من إنسانٍ غير معصوم قد تكون هذه الفكرة خاطئة، أنا أعتقدُ بصحَّتها ولكن حينَ تسألني ألا يحتمل أنْ تكون هذه الفكرة خاطئة؟ أقول: نعم، تقول: لماذا؟ أقول: لأنَّني لستُ معصوماً، أيُّ كائنٍ بشري ليس معصوماً حين يصل إلى فكرة حتَّى لو تيقن من صحَّتها هو، احتمال الخطأ واردٌ فيها لعدم عصمتهِ، ما زال ليس معصوماً احتمالُ الخطأ ورادٌ جداً جداً جداً. نعم أنا أعتقد بصحَّة قراءتي ولكن أنا لا أمتلك ضماناً على صحتَّها، لأنَّني لستُ معصوماً وهذا الكلام يجري على الجميع لا يُستثنى منهُ أحد. عدمُ الوضوح العقائدي جوهرهُ الجهلُ المركَّب، وطامتهُ الكبرى حين يكون الْمُعَلِّمُ مصاباً بالجهل المركَّب فينقلُ بالعدوى هذا المرض إلى أتباعهِ إلى الّذين يتعلَّمون منه، فيكون الْمُتعلِّم حينئذٍ قد كسبَ جهلاً أُس أربعة وهنيئاً لهُ بذلك، لأنَّهُ لا يريد أنْ يُغيَّر جهلهُ لو أردتَ أنْ تُغَيَّرَ جَهلَه، فهنيئاً لهُ بذلك، هنيئاً مريئاً وسبعين ألف عافية!! والجهلُ المركَّب يستوثق في عقول المتعلِّمين حين تكون تلك العقول قد أكلتها الصنميَّة، والصنميَّةُ بعبارةٍ مختصرة: (أنْ تنصب رجلاً دون الحجَّةِ ابن الحسن فتُصَدِّق ذلك الرجل في كلِّ ما قال)، هذه هي الصنميَّة أن تنصب رجلاً دون إمامك الحُجَّة أيَّاً كان وتعتقد بأنَّ كلَّ ما يقوله هو صدق وصحيح مئة في المئة، هذه هي الصنميَّة، فحين يتفشَّى هذا المرض في عقول الأُمَّة، في عقل الأُمَّة، اغسل ايدك من هذه الأُمَّة، لا رجاء لصلاحها، ولا رجاء لأنْ تتغيَّر، هذه هي الحقيقة، أخطرُ مرض هو مرضُ الصنميَّة وهو أيضاً من تفاريع الجهل المركَّب. الصنميَّةُ إنَّما تنشأ في أيّ بيئة؟ في البيئة الَّتي يتسيَّدُ فيها الجهل المركَّب، حين يشيع الجهلُ المركَّب، صنو الجهل المركَّب الصنميَّة، الجهلُ المركَّب والصنميَّة إذا ما أضفنا إليهما الكسل أو التكسيل، بعبارة أخرى هناك من يُكَسِّل الآخرين، دينكم صلُّوا صوموا ادفعوا الأخماس هذا هو دينكم، اقرءوا قُرآن، اقرءوا قُرآن من دون فهم، ولو سألتم عن تفسيرهِ يُرجعونكم إلى تفاسير مشحونة بالفكر المخالف لأهل البيت أو يرجعونكم إلى خُطباء لا ينقلون إلَّا عن المخالفين حصراً، هذا هو التكسيل، هذا الَّذي يجري في الأُمَّة. لا شأن لكم بهذا، لا تستمع إلى هذا، لا تقرأ هذا الكتاب، لا تتابع تلك الفضائية، لا تستمع إلى ذلك المتحدِّث، صلُّوا صوموا ادفعوا الأخماس اذهبوا إلى الحجّ، حيثُ يعبث بكم المبلِّغون هناك بالحجّ، خُلاصة الحجّ بالنتيجة بعد عبث المبلِّغين بسبب اختلاف الفتاوى والمناسك بين الفقهاء النتيجة في النهاية ادفعوا أموال للكفارات وأموال الكفارات، على أيِّ حال، لا أُريد الحديث في كلِّ صغيرة وكبيرة، هذا هو الدين، اذهبوا إلى حجٍّ لا يوجد فيه أيّ مضمون من مضامين الحجّ وفقاً لفكر أهل البيت، كلّ ما فيه، كلّ النقاش يدور حول خلاف الفتاوى وهذا تقدَّم خطوة وذاك تأخَّر خطوة ونتيجةُ الحجّ هي هذه، وبالنهاية دفعُ كفارات، وصلُّوا وصوموا، ولابدَّ أنْ تُصلّي الجماعة خلف الوكيل الفلاني، خلف الجهة الفلانية في المكان الفلاني، كلُّ ذلك ضمن محسوبيات ومنسوبيات، هذا هو التكسيل، التكسيل عن معرفة أهل البيت. أخطر مرض يصيب الإنسان في الحياة الكَسَل، أحاديثُ أهل البيت تَقول: الكسل يمنعُ الإنسان عن الانتفاع وعن الفائدة الدنيوية والأخروية، لأنَّ الكَسَل يَحول فيما بين الإنسان وبين أنْ يُحصِّل المنافع الدنيوية، المنافع الدنيوية تحتاج إلى عمل وجدّ ونشاط، والمنافع الأخروية أيضاً تحتاج إلى عمل وجد ونشاط. الحديث قد يطول أكتفي بهذا القدر تتمَّةُ الكلام تأتينا في حلقةِ يوم غد. يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّد اِكْفِيَانَا فَإنَّكُما كَافِيان وانْصُرانَا فَإِنَّكُما نَاصِرَان يَا أبَا الغَيث أَغِثنِي يَا عَلِيُّ أَدْرِكنِي طلب بالمباشرة وليس كما يقولون بالواسطة بالوسيلة نحن نطلب بشكلٍ مباشر: يَا أبَا الغَيث أَغِثنِي يَا عَلِيُّ أَدْرِكنِي يا عليّ … أسألكم الدعاء في أمان الله. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الأربعاء 13 شهر رمضان 1436هـ الموافق 1 / 7 / 2015م حديث مجمل عن اهم الخطوط والاتجاهات التي تحدثت عنها الزيارة الجامعة الكبيرة … قضية اهل البيت قضية مُستَسهَلة في الواقع الشيعي، اذ لا يبذل الشيعة حتى الجهد القليل في معرفة ائمتهم وانّما يريدون الاشياء الجاهزة السهلة . لو كان هناك تربية من فوق!!! للأُمّة الشيعية على اهمية العقيدة كالتربية على التقليد ودفع الاخماس لكانَ وضع الشيعة بشكل آخر. الشفاعة ليست مُنحصرة بالآخرة بل هي موجودة في العالم الدنيوي والعالم الأُخرَوي . في واقعنا الشيعي نتعامل مع اهل البيت كالتعامُل مع الصيدلية، نذهب اليهم حينما نحتاجهم . يتردد في الوسط الشيعي انّنا حينما نُسلّم على الائمة ونُصلّي عليهم فَهُم يحتاجون الى سلامنا عليهم وزيارتنا لهم كي يرتفعوا في المنزلة، وهذا المنطق الهزيل موجود في الكثير من اجوبة المرجعيات . (إياب الخلق اليكم وحسابهم عليكم) هذا المعنى ليس في يوم القيامة فقط، والمراد من الحساب ليس الحساب في يوم القيامة وإنّما المراد من إياب الخلق هو امور الخلق ومقاديرها في العوالم العُلوية والعوالم السُفلية، في عوالم الشهادة وعوالم الغيب، وما البشر إلّا جزء صغير جداً لا يُعَد بشيء من الخلق . (ألا له الامر) الامر هو ما بعد الخلق وهو حقيقة الحقائق . (ومَن قَصَده توَجّه اليكم) وليس (توَجّه بكم) وهو التحريف المطبوع في كتب الزيارات والنص المقروء على شاشات الفضائيات الشيعية . حين نتوجّه الى بناء الكعبة لا احد يعترض، ولكن حين نتوَجّه الى الحقائق القادِسَة اهل البيت صلوات الله عليهم تبدأ الاعتراضات، وهذا هو الفكر الوهابي بعَينه والذي يسير بِطُرُق مُلتوية داخل الوسط الشيعي . قِبلَتُنا هو الحُجّة بن الحسن ولا شيء وراء ذلك . معنى قول الزيارة (فَجَعلَكُم بعَرشه مُحدِقين) اي مُحيطين بالعرش . الحقيقة المحمّدية هي الاسم الاعظم وهي الاسم المكنون المخزون ما هي الحواجز التي تحول في ما بين شيعة اهل البيت وبين تحصيل معرفتهم عليهم السلام ؟ لماذا تفتقر الثقافة الشيعية الى معرفة اهل البيت ؟ عدم الوضوح العقائدي هو المشكلة الاكبر والحاجز الاكبر الذي يحول بين الشيعة وبين معرفة اهل البيت، وعدم الوضوح العقائدي جوهره هو الجهل المركّب وهو البَليّة الكبرى في الجانب الديني، انّ الانسان يجهل ويجهل انّه يجهل . المصيبة تكون اكبر على الشيعة حين يكون عالمهم و مرجعهم قد وقع في الجهل المركّب، فَيأخذ الانسان الشيعي هذا الجهل ويصبّه بقالب الصنمية فينتج من ذلك، الحَمَق، وهذا لانّ الشيعة يتعاملون مع مراجعهم على اساس انّهم لا يُخطئون . الطبيب اذا اخطأ فإنّه يقتل شخصاً واحداً، أمّا خطأ العالم فإنّه يقتل أُمّة باكملها، يقتل دينها وعقيدتها . (فارجعوا الى رواة حديثنا فإنّهم حُجّتي عليكم) هم رواة الحديث الذين لا يخرجون عن رواية حديث اهل البيت، فالذي يخرج عن هذا الإطار فهو ليس بحُجّة . مرض الصَنمية هو الذي فَتَك بعقل الانسان الشيعي، الصَنمية هي ان تنصب رجلاً دون إمامك الحُجّة بن الحسن وتُصدّقه في كل ما يقول، وحين يتفشّى هذا المرض في عقل الأُمّة فلا رجاء لهذه الأُمّة بأن يتغير وضعها . الجهل المركّب والصَنمية صنوان يفتكان بالأُمّة الشيعية، ويُضاف اليهما التكسيل عن معرفة اهل البيت عليهم السلام .