يا عليّ – الحلقة ١٩ – منازل القرآن العلويّة ج٥ Show Press Release (10 More Words) يا عليّ – الحلقة 19 – منازل القرآن العلويّة ج5 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (6٬711 More Words) يازهراء وهل هُناكَ أجملُ مِن هَذا الاسم أبتدئُ بهِ حَديثي … قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلهِ وسلَّم: لَوْ كَانَ الحُسنُ صُورَةً، لَو كَانَ الحُسنُ هَيئَةً لَكَانَت فَاطِمَة صَلوات اللهِ وسَلامه عليها بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعلِهَاِ وَبَنِيهَا وَالسرِّ المُستودَعِ فِيهَا … يَا عَلِيّ … الْحَلَقَةُ التَاسِعَةُ عَشَرْ: مَنَازِلْ القُرْآنْ العَلَوِيَّة ج5 الحَلَقَةُ التَاسِعَةُ عَشَرْ مَنَازِلْ القُرْآنْ العَلَوِيّة ج5 عَلِيٌّ جِلْدَةُ مَا بَينَ عَينَي، قَالَهَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسَلَّم، عَليٌّ جِلْدَةُ مَا بَينَ عَينَي، عَليٌّ بِمَنْزِلَةِ رَأسِي مِنْ جَسَدِيْ عَلِيٌّ رُوحِيْ الَّتِي بَينَ جَنْبِي، عَلِيٌّ كَاشِفُ الكُرَبِ عَن وَجْهِي، عَليٌّ مِّنِّي وَأَنَا مِن عَلِي، أَنَا عَلِيٌّ وَعَلِيٌّ أَنَا، عَلِيٌّ، عَلِيٌّ، عَلِيٌّ، وَلَنْ يَنْتَهِي كَلَامُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه وَسَلّم فَلَا فَيْضُهُ الأَعْظَمُ بِمُنْتَهٍ وَلَا فَضْلُ عَلَيٍّ بِمُنْتَهٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِمَا وَآلِهِمَا الأَطْيَبِينَ الأَطْهَرِين … الحَلَقَةُ التَاسِعَةُ بَعْد العَاشِرَة مِنْ بَرْنَامَجِنَا: (يَا عَلِيّ) أَشْيَاعَ أَمِيرَ الْمُؤمِنِين أَنَّى كُنْتُم فِيْ مَشْرِقِ الأَرضِ أَو مَغْرِبِهَا إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ جَمِيْعَاً. لا زالَ حديثي في منازلِ القُرآن العلويَّة، كما أَمرنا سيّدُ الأوصياء أَنْ نُنْزلَهُم، أنْ نُنزلَهُ صلواتُ الله عليه بأحسنِ منازلِ القُرآن ولا زال الحديثُ في هذه الأحناءِ والأنحاء. خُلَاصةٌ وجيزةٌ سريعةٌ لأهمِّ المطالب الَّتي أشرتُ إلى عناوينها بشكلٍ مجمل، لا زال الحديثُ يتواصلُ حولها، منذُ البدايةِ قلتُ: بأنَّ هذا البرنامج سيُسَلِّط الضوء على جَوانِبَ مِن المعرفة العَلَويَّة، وَمَعرِفَةُ عَلِيٍّ هي مَعرِفَةُ الحُجَّة ابن الحسن صلواتُ الله عليهما وآلهما الأطهار، مَعرِفةُ الإِمامةِ، معرفةُ الإمام، مراتبُ الإمامةِ مراتبٌ في الأُفق الأعلى ومراتبٌ في الأُفق الأدنى. أمَّا في الأفق الأعلى: فالبدايةُ من المظاهر العُليَا، العرشُ والكرسيُّ والمظاهرُ الأخرى، وبعدها حيث يتجلَّى الاسْمُ الأعظمُ في أسمائهِ الحسنى وفوق ذلك مقام اللا إشارةِ، الاسمُ المكنون المخزون السِّرُّ المصون، هذه مراتبُ الإمامةِ في الأُفق الأعلى، فلنُسَمِّها الإمامةَ الكبرى، إِنَّها الإمامةُ الإِلَهية. أمَّا مراتبُ الإمامةِ في الأُفق الأدنى: وهي مجالٍ وتجليات وظهورات لتلكُم الإِمامة الكُبرى، فلنُسَمِّها الإمامة الصُغرى وأعلى مراتبها الإمامةُ العَالِيةُ الخَالِدة، ثُمَّ التَقَلُّبُ في الصور، التجليات، الظهورات، التقلُّبُ في الصور وسنأتي على شرحها وبيانها، ثُمَّ الإمامةُ الأرضية. هذه هي مراتبُ الإمامةِ الَّتي يمكن من خلال معرفتها أنْ نعرفَ شيئاً مِمَّا يكونُ قَريباً مِن فِناءِ المعرفَةِ العَلَويَّة، مِن فناءِ معرفةِ إمام زماننا الحُجَّة ابن الحسَن صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه. كان الحديثُ في الحلقة المتقدِّمة وبنحوٍ مُجْمَل عن العرشِ وعن شيءٍ من سُرَادِقات الأسرار وحُجُبُ النُّور وكلُّ ذلك ما هو إلَّا أمثلة ونماذج اقتطفتها من كلمَاتِهِم وأحاديثهم وبقي الكثيرُ الكَثيرُ الكَثير ممَّا لا أجد وقتاً لذكرهِ ولتناوله، كلُّ ذلك كان في أُفق الإمامةِ الكبرى وهي أدونُ مراتب الإمامة في أفقها الأعلى، تلكم المظاهرُ العليا، المظاهرُ القادسة. بعد المظاهر العُليَا تَأتينا مَرتِبةُ الاسْمِ الأعْظَّمِ وهو يتجلَّى في أسمائهِ الحسنى وفوق تلكم المرتبة مرتبةُ الاسْم المكنون. حديثٌ في كتاب الكافي الشريف تلوتهُ على مسامعكم في الحلقات السابقة أُعِيدُ قراءةَ هذا الحديث وأَقِفُ شيئاً مَا لِبَيَانِ مَضمُونِهِ وإنْ كانَ هذا الحديث في مَضمُونِهِ وَفَحواه يتجاوز قُدرتي على الشَّرح بل يتجاوز قدرة كلِّ شارحٍ، لأنَّ مضامينهُ تقتربُ كثيراً من فِناءِ مَعرِفَةِ عَلِيٍّ في أبعاد أسرارها العميقة. الحديثُ عن إمامنا الصَّادق صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه:- إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ اسْمَاً بِالحُرُوفِ غَيرَ مُتَصَوَّتْ – أقرأُ الحديث عليكم ثمَّ أحاولُ بيان ما أستطيع بيانه بحسب المقام – إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ اسْمَاً بِالحُرُوفِ غَير مُتَصَوَّتْ وَبِالَّلفْظِ غَيرَ مُنْطَقْ وَبِالشَّخْصِ غَيرَ مُجَسَّد وَبِالتَشبِيِه غَيرَ مُوصُوف وَبِالَّلونِ غَيرَ مَصْبُوغ مَنْفِيٌّ عَنْهُ الأَقْطَار مُبَعَّدٌ عَنهُ الحُدُود مَحْجُوبٌ عَنْهُ حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّم مُسْتَتِرٌ غَيرُ مَسْتُور فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاء مَعَاً لَيْسَ مِّنْهَا وَاحِدٌ قَبلَ الآخَر فَأَظْهَرَ مِّنْهَا ثَلاثَةَ أَسْمَاءٍ لِفَاقَةِ الخَلْقِ إِلَيهَا وَحَجَبَ مِّنْهَا وَاحِدَاً وَهُوَ الاسْمُ المَكْنُونُ المَخْزُون فَهَذِهِ الأَسْمَاءُ الَّتِي ظَهَرَتْ فَالظَّاهِرُ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِن هَذِهِ الأَسْمَاء أَرْبَعَةَ أَرْكَان فَذَلِكَ اِثنَا عَشَرَ رُكْنَاً ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكنٍ مِّنْهَا ثَلَاثِينَ اِسْمَاً فِعْلَاً مَنْسُوبَاً إِلَيهَا فَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيْمُ المَلِكُ القُدُّوسُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأخُذُهُ سِّنَةٌ ولَا نَومْ العَلِيمُ الخَبِيرُ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ الحَكِيْمُ العَزِيْزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ العَلِيُّ العَظِيمُ المُقْتَدِرُ القَادِرُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيِمِنُ البَارِئُ المُنْشِئُ البَدِيْعُ الرَّفِيعُ الجَلَيْلُ الكَرِيمُ الرَّازِقُ المُحِيِي المُمِيْتُ البَاعِثُ الوَارِثُ فَهَذِهِ الأَسْمَاءُ وَمَا كَانَ مِنَ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى حَتَّى تَتِمَّ ثَلَاثَمِئَةٍ وَسِتِّينَ اِسْمَاً فَهِيَ نِسْبَةٌ لِهَذِهِ الأَسْمَاء الثَّلَاثَة وَهَذِهِ الأَسْمَاءُ الثَّلَاثَة أَرْكَانٌ وَحُجِبَ الاسْمِ الوَاحِدُ المَكْنُون المَخْزُون بِهَذِهِ الأَسْمَاء الثَّلَاثَة وَذَلِكَ قَولهُ تَعَالَى: {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}. حديثٌ في غايَّة العُمق، حَديثٌ يَصعبُ فَهمُه ويصعبُ شرَحُه ويصعبُ بَيَانهُ وتوضيحهُ ويصعبُ سياقُ الأمثلةِ لأجلِ تقريب معانيه ومضامينه، لكنَّني أحاولُ أنْ أُسَلِّطَ الضَّوء على جوانب من هذا الحديث الشريف، الحديثُ مضمونهُ الأساس عن اسمٍ مخلوق؟! إمامنا الصَّادق يقول:- إِنَّ الله تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ اسْمَاً – الحديث عن اسمٍ مخلوق، هنا مسألة لابدَّ أنْ أشيرَ إليها: معهود في الثقافة الشيعيَّة أنَّ المراد من أسماء الله الحُسنى، المراد من هذه الأسماء هي هذه الألفاظ: البَاعِثُ، الوارثُ، الْمُحِيِي، الْمُمِيت، السَّمِيع، البَصِير، الله لفظ الجلالة، هذا هو المعهود في الثقافة الشيعية. لو أردنا أنْ نبحثَ بشكلٍ دقيق من أينَ نشأت هذه الفكرة؟ هذه الفكرة نشأت وجاءتنا من المخالفين، لو ذهبنا إلى أحاديثِ أهل البيت واعتمدنا على أهل البيت، وأنا لا أتحدَّث عن كتبٍ ليست معروفة أنا أتحدَّث عن الكافي لو رجعنا إلى الكافي، لو رجعنا إلى التوحيد للشّيخ الصدوق، لو رجعنا إلى الكتب الَّتي اشتملت على أحاديث أهل البيت، لو رجعنا إلى نهج البلاغة الشريف، لو رجعنا إلى خُطَبِ أمير المؤمنين في التوحيد لوجدنا أنَّ هذا الفهم ليس صحيحاً، سَيُرفَض كلامي، كل إنسانٍ محجوج بما اقتنَعَ بهِ، قد تكون هذه القناعة ناشئة من شُبهة، قَد تكون قناعاتي نشأت عن شبهة، وقد تكون نشأت عن علمٍ واضح، وقد تكون قناعاتُ الآخرين أيضاً ربُّما نشأت من شبهة ومن جهلٍ وعدم التفات ومن تقليدٍ للآخرين، أو قد تكون نشأت عن علمٍ هي أيضاً. الأسماءُ الحسنى: حينما يُطلَق هذا المصطلح في ثقافتنا الشيعيَّة يُتبادر إلى الأذهان هذه الألفاظ، وحين يُقَال اسمُ الله يتبادر اللفظ؛ الله؟! في ثقافة أهل البيت هذه الألفاظ هي إِشارات، سَمِّها أسماء بِحَسب التسميَّة اللغوية، بحسب التسمية اللفظيَّة، أمَّا الأسماء في ثقافة أهل البيت فهي حقائق لا عَلاقة لها بهذِهِ الألفاظ، علاقتها بهذه الألفاظ مجرَّد إشارات، هذه الإشارات تُستَعمل كوسيلة من وسائل التفهيم الاعتباري فيما بين النَّاس، وإلَّا فأسماءُ الباري حقائق وليست ألفاظ، ولذا الاسمُ الأكبر هو هذا، الاسمُ الإلهيُّ الأكبر هو هذا، لا توجد إليه إشارة ولا حتَّى توجد إشارات للأسماء الَّتي تجلَّت منهُ وظَهَرَت للخَلق، فكيف الكلام عَنهُ جَلَّ شأنهُ وتقدَّس الَّذي خلق هذا الاسم؟ ماذا تقول الرّواية؟ إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ اسْمَاً بِالحُرُوفِ غَيرَ مُتَصَوَّتْ – يعني لا توجد هناك حروف سواء كانت هذه الحروف كلمات أو مجرَّد أصوات، قد تقول كيف مجرَّد أصوات؟ مثل (الم) مثل (حمعسق) مثلاً، مثل (ص)، هذه حروف تُتَصوَّت لها صوت، فهذا الاسم الَّذي خلقهُ بالحروفِ غير مُتَصوَّت لا توجد حروف لا توجد أصوات تشير إليهِ، ماذا يعني ذلك؟ يعني أنَّ القوى الإدراكية الَّتي يمتلكها البَشَر الَّتي يمتلكها الجان الَّتي تمتلكها الملائكة الَّتي تمتلكها سائرُ المخلوقات العاقلة، المخلوقات العاقلة الَّتي لها قدرة عالية على الإدراك وإلَّا كلّ المخلوقات حتَّى الجمادت عندها درجة من الإدراك والدَّليل أنَّها مُسَبِّحة، حين تُسَبِّح التسبيحُ فرعُ الإدراك لابدَّ أنْ تكون مُدركة، لكن حينَ نقول الكائنات العاقلة هي الَّتي تمتلك قُدرة عالية في الإدراك، الإنسان، الجان، الملائكة، وسائر المخلوقات، كسكان جابرسا وجابلقا الرّوايات خبَّرتنا عن بِقاع وعن أماكن في هذا العالم فيها الكثير من المخلوقات العاقلة والَّتي ليس لنا اتصال بها – إِنَّ الله تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ اسْمَاً بِالحُرُوفِ غَير مُتَصَوَّتْ – لا توجد حتَّى إشارات صوتية، إذا انعدمت الإشارات الصوتية ماذا يدلُ ذلك؟ يدل على انعدام الإشارات الذهنية، لأنَّ الإشارات الصوتية هي انعكاس للإشارات الذهنية، على سبيل المثال: الآن حِينَمَا تأتي دائرةُ المرور وَتنظيمُ الطرق فتضع إشارات للسير على الطرق، هذه الإشارات قبل أنْ تتحوَّل إلى إشارات خطيَّة أو إلى إشارات رسميَّة مرسومة هي كانت في الأذهان، في أذهان هذه الدائرة، في ذهن الذي قنَّنَ هذه الإشارات وصمَّمَها، الإشارات الصوتية لابدَّ أنْ تكون مسبوقةً بإشارات ذهنية، انتفاء الإشارات الصوتية هو يشير إلى انتفاء الإشارات الذهنية وتنتفي الإشارات الذهنية حينَ يقف الإدراك عند حدٍّ معين لا يستطيع أنْ يتجاوز هذا الحد فبالتالي كيف سيشير إلى ما وراء ذلك الحد الَّذي وقف عنده!! إِنَّ الله تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقَ اسْمَاً بِالحُرُوفِ غَيرَ مُتَصَوَّتْ – قد يقول قائل والألفاظ؟ – وَبِالَّلفْظِ غَيرَ مُنْطَقْ – هو من باب أولى إذا لم يكن بالحروف متصوَّتاً فمن باب أولى سوف لا يكون باللفظ مُنطقاً ولكن الإمام يريد أنْ يؤكد هذه الحقيقة حتَّى لا يترك احتمالاً من الاحتمالات حتَّى لا يُتصوَّر بأنَّ هذه الأسماء الَّلفظيَّة الَّتي يُقَال بأنَّها الأسماءُ الحُسنى حتَّى يُعرف بأنَّ أهل البيت صلواتُ الله عليهم لا يعتبرونها كذلك وإنَّما هي إشارات لفظية في سياق تجلِّيات لفظية للأسماء الحسنى سيأتي بيانها شيئاً فشيئاً – خَلَقَ اسْمَاً بِالحُرُوفِ غَيرَ مُتَصَوَّتْ وَبِالَّلفْظِ غَيرَ مُنْطَقْ – لا توجد ألفاظ، اللفظ هو مجموعة حروف، بينما الحروف هي أصوات، لذلك قال – خَلَقَ اسْمَاً بِالحُرُوفِ غَير مُتَصَوَّتْ وَبِالَّلفْظِ غَيرَ مُنْطَقْ وَبِالشَّخْصِ غَيرَ مُجَسَّد – إنَّما يتَشخَّص الشيء إذا عُرِفَت حدودهُ، التشخيص يعني التحديد، تشخيصُ الأشياء إنَّما يكون بمعرفة حدودها، إذا لم نكن نعرف الحدود لا نستطيع أنْ نشخِّص، على سبيل المثال: لو أنَّ شخصاً غطَّى وجههُ حدود الوجه الجبهة العينان الأنف الذِّقن الشَّعر، الحدود يعني العلامات النهايات، المشخِّصَات، إذا ما غُطِّيت هذه المشخِّصات لنْ نستطيع أنْ نشخِّص صاحب الوجه، وهكذا كلُّ شيءٍ لهُ سمات لهُ علامات لهُ حدود، إذا لم نستطع أنْ نشخِّص هذه السِّمات وهذه الحدود سوف يكون ذلك الشيء ليس مشخَّصَاً وهذه أمثلة تقريبية. وَبِالشَّخْصِ غَيرَ مُجَسَّد – يعني هذا الاسم الَّذي خلقه الله سبحانه وتعالى وهو ليس متصوَّتاً بالحروف لا توجد حروف أصوات، أصوات تشير إليه ولا ألفاظ، ولا توجد علامات وحدود تُشَخِّصُهُ – وَبِالشَّخْصِ غَيرَ مُجَسَّد وَبِالتَشبِيِه غَيرَ مُوصُوف – لا يمكن أنْ نقول بأنَّ شيئاً يشبههُ لأنَّنا أساساً لا رأيناه ولا عرفناه ولا استطاع إدراكنا أنْ يصل إليه فكيف نُشَبِّهُهُ نحن لا ندركهُ وثانياً لا يوجد مُشَابِه لهُ – وَبِالتَشبِيِه غَيرَ مُوصُوف – لا نستطيع أنْ نَصِفَهُ فنقول بأنَّهُ يشبهُ كذا وكذا، أوَّلاً لعدم معرفتنا بوصفهِ، وثانياً لعدم وجود الشبيه الذي يشابههُ – وَبِالَّلونِ غَيرَ مَصْبُوغ – اللون المراد ليس اللون، اللون المرئي الحسي اللون يعني الميزة الصفة العامة حين يُقال مثلاً هذا الثوب لونهُ أبيض الميزة العامة الصفة الظاهرة هو هذا البياض، لكنْ لا يعني حين أقول بأنَّ هذا الثوب أبيض أنَّني قد عَرَفتُ حقيقة الثوب، مثلاً قد عرفتُ قيمة القماش، قد عرفتُ نوع القماش، قد عرفتُ المعمل أو المصنع الَّذي نسجهُ قد عرفتُ الخياط الَّذي خاطه قد عرفتُ على أيِّ تصميمٍ صمَّمَ هذا الثوب، اللون هو الصفة الظاهرة حتَّى هذه الصفة الظاهرة نحن لا نعرفها، أساساً هو ليس محدداً – وَبِالَّلونِ غَيرَ مَصْبُوغ مَنْفِيٌّ عَنهُ الأَقْطَار – الأقطار التقسيمات الداخلية، أَلَا يُقَال مثلاً القُطر الفلاني، يقال مثلاً الوطنُ العربي، الوطنُ العربي يشتملُ على عدَّة أقطار، ألا يُقَال قُطر الدائرة، قُطر المربع، قُطر المستطيل، الأقطار هي الخطوط، التقسيمات، التقسيمات الداخلية، منفيٌّ عنهُ الأقطار، يعني ليس مُركَّباً يعني هو في غاية البساطة، البساطة لا بمعنى البساطة الَّتي تعني الضَّعف، البساطة الَّتي تعني القوَّة، لأنَّ البساطة الَّتي تعني القوَّة هو عدمُ احتياجهِ، إذا كان مُركَّباً فإنَّهُ يحتاجُ إلى أجزاءهِ، يعني إذا غاب جزءٌ لنْ يكتملَ إلَّا بوجود ذلك الجزء، لكن إذا كان بسيطاً البسيط الَّذي هو في مقابل المركَّب، أي أنَّهُ ليس بحاجةٍ إلى أيِّ جزء، هو مستغنٍ بنفسهِ وهذا الغِنى جاءه من خالقه، خَالقهُ الَّذي أغناه، فجعله غنياً مغنياً بالقياس لِمَا دُونَه. مَنْفِيٌ عَنهُ الأَقْطَار مُبَعَّدٌ عَنهُ الحُدُود – بكلِّ أشكالها، كلّ أشكال الحدود حتَّى الحدود الَّتي تُرسَمُ في عالم الخيال، لأنَّهُ قد يكون هناك شيء ليس مُشَخَّصاً لكنَّني بخيالي أتخيل تشخيصاً لذلك الشيء، مثلاً، المثال الَّذي ضربته قبل قليل هذا الَّذي غطَّى وجههُ يمكنني أنْ أتخيل لهُ وجهاً وربَّما ليس حقيقياً لكنَّني أستطيع أن افترض بأنَّ وجهه يحمل المواصفات الكذائية – مُبَعَّدٌ عَنهُ الحُدُود – جميع أنواع الحدود حتَّى الحدود في عالم الخيال في عالم الاحتمال ثُمَّ – مَحْجُوبٌ عَنْهُ حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّم – حتَّى الأوهام لأنَّه مُبَعَّدٌ عنه الحدود لا توجد في الأوهام حدود، في الخيال توجد حدود، وهذا يدلك على دِقَّةِ الكلام، هذا هو كلامهم صلواتُ الله عليهم، أحاديث أهل البيت لا تحتاج إلى أسانيد تحملُ قوَّتها في نفسها، كلماتُ أهل البيت واضحة جليَّة – مُبَعَّدٌ عَنهُ الحُدُود مَحْجُوبٌ عَنْهُ حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّم – حتَّى في طبقة الأوهام لا يوجد أيُّ احتمال لأنْ تقترب الأوهام من هذا الاسم – مُسْتَتِرٌ غَيرُ مَسْتُور – مستترٌ غيرُ مستور؛ هو ليس مستوراً عن الخلق وإنَّما الخَلق سُتِروا عَنه. كمَا جَاء في تعريفِ فاطمة، فاطمة فُطِمَت العُقُول فُطِمَت الخَلائِق عن معرفتها، الخلائق مفطومة وليست فاطمة بذاتها هي مفطومة أنْ تُعرف، فَاطِمَة لَيسَت مَفطُومة لَيسَت مقطوعة عن أنْ تعرف، فاطمة معروفة، معروفةٌ لله ولآلِ الله ولنفسها، فلَيسَت فاطمةُ قد فُطِمَت عن أنْ تُعرَف وإنَّما فُطِمَت عَنِّي وعنك وعن سائر المخلوقات، نحنُ الَّذين فُطِمنا، الخلائق فُطِمَت عن معرفتِهَا، وإلَّا فنُوريَّتها ساطعة، معرفتها جليَّة، لكن جليَّة لمن؟ لمن يعرفها، جليَّةٌ لله، جليَّةٌ لها ولآلها، ولكن نحنُ الخلائق هي الَّتي فُطِمَت وقُطِعَت عن معرفتها، الكلام هُوَ هُو – مُسْتَتِرٌ غَيرُ مَسْتُور – هذا الاسم لا يُستر كما أنَّ الله لا يُحجب، ظاهرٌ في بُطُونهِ وباطِنٌ في ظهُورهِ، قريبٌ في بعدهِ وبعيدٌ في قربه، أليس هكذا يُحدِّثنا أميرُ الأمراء وسّيدُ الأوصياء عليٌّ صلواتُ الله وسلامهُ عليه في كلماتهِ التوحيدية – مُسْتَتِرٌ غَيرُ مَسْتُور – هذا الاسم بذاته ليس مستوراً، ليس مستوراً عن الَّذي جعلهُ في ظِلِّه واستقرَّ في ظِلِّه فلا يخرجُ مِّنهُ إلى غيرهِ، وليس مستوراً عن نفسهِ وإنَّما الكائنات هي الَّتي سُتِرَت عنه فهي لا تحتملهُ لذلك الحديث ماذا يقول؟ – مُسْتَتِرٌ غَيرُ مَسْتُور – هو بذاته ليس مستوراً الكائنات هي الَّتي استَتَرت، قِوَى الإدراك الموجودة في الكائنات العاقلة على اختلاف أصنافها وأجناسها هي الَّتي وقفت عِندَ حدٍّ معيَّن فكان هذا الاسم لا حروف وأصوات تشير إليه ولا ألفاظ، بالله عليكم إذا كان هذا الاسم هكذا فكيف الَّذي خلقه؟! أين هذا التقديس والتنزيه من هذا التوحيد العلويّ إلى التوحيد الَّذي يُذكر في كتب علم الكلام الَّتي أَخَذَت عن مخالفي أهل البيت وفهمت التوحيد فهماً بدوياً، تعاملت مع الله كما تعاملت مع الأصنام، كما كان العربُ يتعاملون مع الأصنام مع تلك الأحجار الَّتي ما كانوا يُحسنون نحتها، العرب ما كانوا يُحسنون النحت وإلَّا قارنوا بين التماثيل الَّتي نحتها العرب في الجزيرة العربية وبين التماثيل الَّتي نحتها الرومان والإغريق، لاحظوا الذوق الفني والذوق الهندسي كيف الرومان والإغريق نحتوا أصنامهم وكيف العرب نحتوا أصنامهم، ما كانوا حتَّى يعرفون أنْ ينحتوا أصنامهم والآثار شاهدة إلى يومك هذا. العرب صنعوا لهم تماثيل وأصنام ووضعوا لها أسماءً كما يضعون أسماء للحيوانات، كما يضعون أسماء لأبنائهم، لعبيدهم وضعوا أسماء لهذه الأصنام، فحين تعاملوا في موضوع التوحيد أيضاً صوَّروا الباري سبحانه وتعالى أنَّهُ ينزلُ في صورةِ غُلام ووضعوا لهُ أسماء وتعاملوا مع هذه الأسماء كما يتعاملون مع أسماء البشر، بينَمَا أهلُ البيت يتحدَّثون في أُفقٍ آخر، قد يكون في زمن النّبي في عصر التنزيل النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلَّم بحُكمِ التَدريج في البيان قَرَّبَ المعاني إلى أذهانهم بالنحو الَّذي يتناسب والثقافة الموجودة في ذلك الوقت، لكن بعد عصر التأويل يعني بعد بيعة الغدير تحوَّل الدين من مرحلة التنزيل إلى التأويل، فحين تحوَّل إلى مرحلة التأويل هم الَّذين خالفوا عليَّاً ما دخلوا في هذا الدين، بقوا على مرحلة التنزيل وحرَّفوها، فحين تحوَّل الدين إلى التأويل أيضاً نحن في الثقافة الشيعية قُلنَا: بِأنَّ التَنزيل هو الْمُقدَّم على التأويل وما مشينا مع مرحلة التأويل، ومن أراد أنْ يفهم هذه الإشكالية الكبيرة يمكن أنْ يرجع إلى برنامجٍ مُفصَّل قد يربوا على السبعين ساعة موجود في موقع زهرائيون عنوانه: (ملفُّ التنزيل والتأويل)، من أراد أنْ يراجع يفهم هذه الإشكالية الكبيرة، لأنَّ النَّبي حين قال لسيّد الأوصياء: ستقاتلهم على التأويل، ليس المراد من التأويل هو أسلوب لتفسير القُرآن، التأويل الدين بكاملهِ المنظومة الدينية بكاملها، التنزيل المنظومة الدينية في زمان النَّبي، النَّبي منذر مرحلة التنزيل مرحلة الإنذار {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ} أمَّا الهداية تكون في مرحلة التأويل {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} الآية واضحة أنت منذر في مرحلة التنزيل ولكلِّ قَومٍ هاد، الهادي هو الَّذي يكون متى؟ في مرحلة التأويل – وَلَولا أَنْتَ يَا عَلِيّ لَمْ يُعْرَف المُؤْمِنُونَ بَعْدِي وَكَانَ بَعْدَهُ هُدَىً مِنَ الضَّلَال وَنُورَاً مِنَ العَمَى وَحَبْلَ اللهِ المَتِين وَصِّرَاطَهُ الْمُسْتَقِيم – هكذا نقرأ في دعاء النُدبة الشريف وهذه المضامين تتكرَّر في زيارات أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، وعدلين ميتين يمَّك يا عليّ. مُبَعَّدٌ عَنهُ الحُدُود مَحْجُوبٌ عَنْهُ – عن هذا الاسم الَّذي خلقه سبحانه وتعالى – مَحْجُوبٌ عَنْهُ حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّم مُسْتَتِرٌ غَيرُ مَسْتُور فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً – لا نقص فيها، فجعلهُ كلمةً تامَّة – اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كَلِمَاتِكَ بِأَتَمِّهَا وَكُلُّ كَلِمَاتِكَ تَامَّة ؛ فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاء – الكلام تقريبي تصوُّر هذا المعنى لنْ يكون دقيقاً بالنسبة إلينا، ولكنَّهُ تقريبي تقريبي إلى أبعد الحدود – فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاء مَعَاً لَيسَ مِّنْهَا وَاحِدٌ قَبلَ الآخَر – أربعة أجزاء معاً ليس منها واحدٌ قبل الآخر؛ الحديث هنا ليس عن تركيب وإنَّما هذه تجلِّيات، لأنَّ العبارات السابقة نَفَت التركيبَ عن هذا الاسم، لذلك حتَّى حين تحدَّث عن هذه الأجزاء ما تحدَّث عن أجزاء يسبقُ بعضُها بعضاً لأنَّهُ حينَ قَال – مَنْفِيٌّ عَنهُ الأَقْطَار مُبَعَّدٌ عَنهُ الحُدُود – هو نفى التركيب عن هذا الاسم – فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاء مَعَاً لَيسَ مِّنْهَا وَاحِدٌ قَبلَ الآخَر – إنَّما قال هذا الكلام لأيِّ شيءٍ؟ لأنَّ التفصيل الَّذي سيأتي لنْ يُفهم إلَّا بهذا التصوير وإلَّا هذه الأجزاء ما هي بأجزاء، أربعة أجزاء معاً ليس منها واحدٌ قبل الآخر، هذا المعنى لا يُتصوَّر، يُتصوَّر في أربعة أجزء تُكَوِّنُ شيئاً واحداً لا يكون أحدها قبل الآخر؟! والمراد لا يكون أحدها قبل الآخر ليس الحديث عن الزَّمان هنا، نحن نتحدَّث في أفقٍ يَعلو يعلو على الزَّمان وإنَّما الحديث عن المراتب، لكنَّهُ وضع هذه الصورة، لماذا؟ لأنَّهُ سَيُبَيِّن لنا بأنَّ هذه الأجزاء الأربعة ثلاثة منها سيظهرها الباري لخلقِهِ والرابع هو الاسمُ المكنون المخزون، والاسمُ المكنون المخزون هو في الحقيقة هو الَّذي تجلَّى في هذه الأسماء الثلاثة الَّتي ستظهر، فالعبارة هنا عبارة تشير إلى مُقدِّمة لأجلِ تقريب المضمون إلى الأذهان الَّذي سيأتي ذكره. فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاء مَعَاً لَيسَ مِّنْهَا وَاحِدٌ قَبلَ الآخَر فَأَظْهَرَ مِّنْهَا ثَلاثَةَ أَسْمَاء – ما هي هذه الأسماء؟ لم تشر الرواية إليها لأنَّهُ أساساً هذا الاسم ليس لهُ لفظ هذه تجلِّيات، الرّواية ما ذكرت هذه الأسماء الثلاثة من بدايتها إلى نهايتها – فَأَظْهَرَ مِّنْهَا ثَلاثَةَ أَسْمَاء – أسماء جمع اسم والاسم سمة علامة علامات، حين نقرأ في أدعيةِ شهرِ رجب وهذا هو مفاتيح الجنان نقرأ في أدعيةِ شهر رجب الدعاء المروي عن إمام زماننا صلواتُ الله وسلامهُ عليه – اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَانِي جَمِيعِ مَا يَدْعُوكَ بِهِ وِلَاةُ أَمْرِك الْمَأمُونُونَ عَلَى سِرِّك الْمُسْتَبْشِرُونَ بِأَمْرِك الوَاصِفُونَ لِقُدْرَتِك الْمُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِك أَسْأَلُكَ بِمَا نَطَقَ فِيهِم مِنْ مَشِيَّتِكَ فَجَعَلْتَهُم مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِك وَأَرْكَانَاً لِتَوحِيدِكَ وَآيَاتِكَ وَمَقَامَاتِكَ الَّتِي لَا تَعْطِيلَ لَهَا فِي كُلِّ مَكَان يَعْرِفُكَ بِهَا مَن عَرَفَك لَا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا إِلَّا أَنَّهُم عِبَادُكَ وَخَلْقُك – ويستمر الدعاء – فَبِذَلِكَ أَسْأَلُك وَبِمَوَاقِعِ العِزِّ مِنْ رَحْمَتِك وَبِمَقَامَاتِكَ وَعَلَامَاتِك – العلامات الَّتي وردت في هذا الدعاء وفي غيرهِ والمقامات تُشِير إلى هذه الأَسماء هذه العلامات، لكن هذه علامات في الأُفق الإلهي ليست علامات لي ولك، لا توجد أصوات، لا توجد ألفاظ، لا توجد حدود، لا توجد خيالات، لا توجد أوهام، إنَّها مُستترة، مُستترة بسبب استتار عقولنا ليست في ذاتها مستترة كما مرَّ الوصف – فَأَظْهَرَ مِّنْهَا ثَلاثَةَ أَسْمَاء – ما هي هذه الأسماء؟ نحنُ لا ندري، لا ندري لا توجد أصوات ولا ألفاظ كما مرَّ الكلام، أليس كانت تلك أوصاف هذا الاسم الَّذي خلقهُ، هذه الأسماء الثلاثة هي تجلياتٌ لذلك الاسم الَّذي حقيقتهُ مكنونةٌ مخزونةٌ عند الباري سبحانهُ وتعالى. إذا نذهب إلى أدعيةِ شهر رجب وشهرُ رجب شهرُ التوحيد كلُّ أدعية شهرِ رجب تتحدَّث عن التوحيد، التوحيد ليس المذكور في كتب علم الكلام ولا التوحيد المذكور عند المخالفين، التوحيد المذكور عند أهل البيت صلواتُ الله وسلامهُ عليهم أجمعين، في أدعيةِ شهرِ رجب في الدعاء في ليلة المبعث ليلة السابع والعشرين:- وَبِاسْمِكَ الأَعْظمِ الأَعْظمِ الأَعْظم الأَجَلِّ الأَكْرَم الَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّك – خلقته هو هذا – وَبِاسْمِكَ الأَعْظمِ الأَعْظمِ الأَعْظَّم – ما هو؟ لا يوجد لفظ، لا يوجد لفظ، هذه ألفاظ لغوية تصفه بالإكرام بالإعظام بالتبجيل – وَبِاسْمِكَ الأَعْظمِ الأَعْظمِ الأَعْظم – وهذا التكرار يريد أنْ يقول: بأنَّ كل التعظيم في ألسنتكم لا يكفي لذلك هذا التكرار، ليس من المعقول أنْ يبقى يقول الأعظم الأعظم إلى نهاية الدنيا!! – فَأسْأَلُكَ بِهِ وَبِاسْمِكَ الأَعْظمِ الأَعْظمِ الأَعْظم الأَجَلِّ الأَكْرَم الَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّك فَلَا يَخْرُجُ مِّنْكَ إلَى غَيرِك – لا يخرج مِّنك إلى غيرك يعني لا توجد حروف تدل عليه، لا توجد ألفاظ، هو مخزون مكنون لا توجد إشارات، يعني هُوَ هُوَ ونحنُ نحنُ، لا توجد هناك وسائل للتواصل الإدراكي، على مستوى الإثبات نُثبِتُه، نُثْبِتُ وجوده من خلالهم صلواتُ الله عليهم، لكن ما حقيقته؟ لا ندري – وَبِاسْمِكَ الأَعْظمِ الأَعْظمِ الأَعْظم الأَجَلِّ الأَكْرَم الَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّك فَلَا يَخْرُجُ مِّنْكَ إلَى غَيرِك – في دعاء ليلة المبعث وهذا هو مفاتيح الجنان في دعاء يوم المبعث نفسُ الشيء يتكرَّر:- وَبِاسْمِكَ الأَعْظمِ الأَعْظمِ الأَعْظم الأَجَلِّ الأَكْرَم الَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّك فَلَا يَخْرُجُ مِّنْكَ إلَى غَيرِك. وكثير من الأدعية تشتمل على هذا المضمون: الاسم الأعظم الأعظم الأعظم، ما نعرفهُ، ما هو هذا الاسم؟ لا توجد حروف، لا توجد ألفاظ، أسماءُ الله ليست حروفاً، ليست ألفاظاً، هذا هو توحيد أهل البيت، أسماء الله حقائق، أمَّا هذه الألفاظ: البَاعِثُ، الوَارِثُ، الخَالِقُ، البَارئُ، المُصَوِّرُ، هذه إشارات مظاهر لفظية، لا يمكن أنْ يكون اسمي حروف وأصوات ويكون اسم الله حروفاً وأصوات، اسمُ الله حقائق، أسماؤه حقائق. فَأَظْهَرَ مِّنْهَا ثَلاثَةَ أَسْمَاءٍ لِفَاقَةِ الخَلْقِ – الفاقة؛ يعني الحاجة – لِفَاقَةِ الخَلْقِ إِلَيهَا وَحَجَبَ مِّنْهَا وَاحِدَاً – وهو حقيقةُ الاسم – وَهُو الاسْمُ المَكْنُون المَخْزُون – وهذه أعلى مراتب الإمامة الكبرى، الاسمُ المكنون المخزون فقط نحنُ نعرف وجوده، ما هو؟ لا نعرف شيئاً عن ذلك، لذلك لنْ أتحدَّث عن الاسم المكنون المخزون، من باب الأولى لنْ أتحدَّث عن الَّذي خَلَقَه، لأنَّني لا أملكُ شيئاً عن ذلك، من أين آتي لا في القُرآنِ ولا في حديثهم شيءٌ عن ذلك، من أين نأتي؟ من أين نأتي بالكلام!! إذا بلغ الكلام إلى الله فاسكتوا، لا نملك كلاماً – فَأَظْهَرَ مِّنْهَا ثَلاثَةَ أَسْمَاءٍ لِفَاقَةِ الخَلْقِ إِلَيهَا وَحَجَبَ مِّنْهَا وَاحِدَاً وَهُو الاسْمُ المَكْنُون المَخْزُون ؛ خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّك فَلَا يَخْرُجُ مِّنْكَ إلَى غَيرِك – مخزونٌ عند الله فكيف أعرفهُ؟ تلك هي الحقيقة العلويَّة فكيف تريدني أنْ أُحَدِّثَكَ عن عليٍّ؟ – وَهُو الاسْمُ المَكْنُون المَخْزُون – تلك هي الحقيقةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ العَلَويَّةُ الفَاطِمِيَّةُ الحَسَنِيَّةُ الحُسَينِيَّةُ، تلك هي حقيقتهم فكيف تريدني أنْ أُحَدِّثَكَ عَنْهَا وهي مخزونةٌ عندهُ سبحانه وتعالى – خَلَقْتَهُ فَاسْتَقَرَّ فِي ظِلِّك فَلَا يَخْرُجُ مِّنْكَ إلَى غَيرِك – لأنَّني لو ادَّعيتُ معرفتها فإنَّني في نفس الوقت أكونُ قد ادَّعيت بأنّي شريكٌ لهُ سبحانه وتعالى، لأنَّه هو الَّذي خَزَنَها، خَزَنَ هذه الحقيقة عندهُ فَهل أنا شاركتهُ في خزن هذه الحقيقة؟ فَأَظْهَرَ مِّنْهَا ثَلاثَةَ أَسْمَاءٍ لِفَاقَةِ الخَلْقِ إِلَيهَا وَحَجَبَ مِّنْهَا وَاحِدَاً وَهُو الاسْمُ المَكْنُون المَخْزُون فَهَذِهِ الأَسْمَاءُ الَّتِي ظَهَرَتْ – يعني الأسماء الَّتي ظهرت من ذلك الاسم الَّذي خلقه من الاسم الَّذي عبَّرت عنه الأدعية بالأعظم الأعظم الأعظم الَّذي خلقته فاستقرَّ في ظلك فلا يخرج مِّنك إلى غيرك، ما برز منهُ إلى الخلق ثلاثةُ أسماء، ما هي؟ لا نعرفها، لا يوجد، فهذه الأسماءُ الَّتي ظهرت، أيُّ أسماء؟ الأسماءُ الثلاثة، ما هي؟ لا نعرفها. هذه الأسماء الَّتي ظهرت أين تجلَّت؟ تجلَّت في هذا الاسم: (الله). فَالظَّاهِرُ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى – في هذا الاسم اللفظي، هذه الأسماء تجلَّت وظهرت في هذا التركيب اللفظي – فَالظَّاهِرُ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى – كلُّ شيءٍ مردُّهُ إليه ولكنْ الأمور تجري بأسبابها هكذا اقتضت حكمتهُ، ما مِن شيءٍ إلَّا وهو راجعٌ إليه، مثل ما نظَّم جسم الإنسان فأعطاه القُدرة على النَّظر، الله سبحانه وتعالى يستطيع أنْ يجعلنا نَنظر من خلال أيدينا لكنَّ حِكمَته اقتضت أنْ يجعل عينين في رؤوسنا حتَّى نُبِصر بهما الأشياء، عينان في الرأس، أوَّلاً: يحددان علائم الشخص، أنتَ يُمكنك أنْ تُمَيِّز الشَّخص حتَّى لو كان مُلثَّمَاً من خلال عينيه، بصمةُ العين الموجودة الآن ولا تدري ماذا سيكتشفُ الإنسان بعد ذلك، العينان يمثلان جانباً جمالياً راقياً في المخلوق البشري، الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمتهُ أنْ يضع العينين في الرأس، كانَ قادراً على أنْ يضع العينين في أرجلنا أو في أيدينا وكذلك بقيَّة الأعضاء، هكذا اقتضت الحكمة أنْ يُخلَق الإنسان بهذا الشكل وهكذا اقتضت الحكمة أنَّ الإنسان لا يستطيع أنْ يدخل يده إلى جوفه لكنَّهُ يستطيع أنْ يصل بيدهِ إلى جميع أجزاء بدنهِ الظاهرة، اقتضت الحكمة أنَّ شعرَ الرأس وشعرَ اللحية يطول ولكن الشعر الَّذي في أمآق العين لا يطول، الشعر في الحاجب يطول شيئاً قليلاً، هناك شعر يَطول شيئاً قليلاً، هناك شعر أصلاً لا يطول الَّذي هو في أمآق العين، هناك شعر يطول بشكل سريع شعرُ الرأس واللحية، هناك شعر يبقى ثابتاً وشعرٌ يتساقط وشعرٌ طوله يستمر وشعرٌ طوله يقف، الشعر الموجود على الصدر وعلى البدن عند الرجل لا يطول كما يطول شعر الرأس، الحكمةُ هكذا اقتضت، حكمةُ الباري، حكمةُ الباري اقتضت أنْ يكونَ نِظامُ الوجود بهذا النظام، أنْ يَخلق اسْماً بالحروف غير مُتَصوَّت إلى آخر الأوصاف الأخرى وأنْ يُخفي الاسْم المكنون عِندَه والأسماء الثلاثة الَّتي لَيسَت لَها أَلفاظ تتجلَّى في هذا الاسم: (الله) ومن هذا الاسم تتجلَّى الأسماءُ الحسنى عبر هذه الأسماء الثلاثة. فَالظَّاهِرُ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِن هَذِهِ الأَسْمَاء – من الأسماء الثلاثة الَّتي لا نعرفها – أَرْبَعَةَ أَرْكَان – ثلاثة أسماء لكل اِسم أربعة أركان – فَذَلِكَ اثنَا عَشَرَ رُكْنَاً – ثلاثة في أربعة اثنا عشر ركناً – ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكنٍ مِّنْهَا ثَلَاثِينَ اِسْمَاً فِعْلَاً مَنْسُوبَاً إِلَيهَا – ثلاثون في اثني عشر، كم يكون العدد؟ ثلاثمائة وستون، وهذه الأسماء الحسنى الأصول أصول الأسماء، الأسماء الحسنى لا تقف عند هذا العدد، مرَّ علينا دعاء الجوشن الكبير فيه ألف اسْم من أسمائه سبحانه وتعالى، الأسماء الحسنى لا حصر ولا عدد لها ولكن من خلال أحاديث أهل البيت الأسماء الحسنى الأصول ثلاثمائة وستون اسم، المشهور تسعة وتسعون اسْم، هذا الأُفق الأوَّل من الأسماء الحسنى، هذا الأُفق الأوَّل وإلَّا الأسماء الحسنى الأصول في روايات وأحاديث أهل البيت ثلاثمائة وستون اسْم والَّتي مردُّها إلى هذه الأسماء الثلاثة وكلّ اسْم من هذه الأسماء الثلاثة لهُ أربعة أركان وكل ركن لهُ ثلاثون اسم، ثلاثون اسْم في اثني عشر ركن يساوي ثلاثمائة وستين اسْم. وَسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِن هَذِهِ الأَسْمَاء أَرْبَعَةَ أَرْكَان فَذَلِكَ اثنَا عَشَرَ رُكْنَاً ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكنٍ مِّنْهَا ثَلَاثِينَ اِسْمَاً – هذه الأسماء أسماء أفعال، يعني أسماء فاعلة، يعني الأفاعيل المقصود من الأفاعيل كلّ هذه الحركات، كلّ هذه السكنات، كلّ هذه التفاصيل، كلّ هذه المخلوقات، صَدَرَت مِن هذه الأسماء – ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكنٍ مِّنْهَا ثَلَاثِينَ اِسْمَاً – ما هو مضمون هذه الأسماء؟ – فِعْلَاً مَنْسُوبَاً إِلَيهَا – يعني هذه الأسماء هي أسماءُ أفعال، هذه الأسماء هي الَّتي تَصدُرُ منها الأفاعيل، يَصدرُ منها الفعل – فَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ المَلِكُ القُدُّوس الخَالِقُ البَارِئ المُصَوِّرُ الحَيّ القَيُّوم لَا تَأخُذُهُ سِّنَةٌ ولَا نَومْ العَلِيمُ الخَبِيرُ السَّمِيعُ البَصِيرُ الحَكِيمُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ العَلِيُّ العَظِيمُ المُقْتَدِرُ القَادِرُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيِمِنُ البَارِئُ المُنْشِئُ البَدِيعُ الرَّفِيعُ الجَلَيلُ الكَرِيمُ الرَّازِقُ المُحِيِي المُمِيتُ البَاعِثُ الوَارِثُ – هذه ليس كلّ الأسماء، هذه الأسماء جاء بها مثالاً على بقيَّةِ الأسماء الثلاثمئة والستين اسْم من الأسماء الحُسنى نذهب إلى فاصل وعليّ مولى وأعود معكم لإتمام الحديث – الرَّازِقُ المُحِيِي المُمِيتُ البَاعِثُ الوَارِثُ فَهَذِهِ الأَسْمَاءُ وَمَا كَانَ مِنَ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى – يعني إلى بقيتها – حَتَّى تَتِمَّ ثَلَاثَة مِئَةٍ وَسِتِّينَ اِسْمَاً فَهِيَ نِسْبَةٌ لِهَذِهِ الأَسْمَاء الثَّلَاثَة – أي أَسْمَاء ثلاثة؟ الأسماء الَّتي لا نعرفها، الَّتي أخرجها الباري سبحانهُ وتعالى من أجزاء ذلك الاسم الَّذي هو بالحروف غير مُتَصوَّت – فَهِيَ نِسْبَةٌ لِهَذِهِ الأَسْمَاء الثَّلَاثَة وَهَذِهِ الأَسْمَاءُ الثَّلَاثة أَرْكَانٌ – أركانٌ يعني أركاناً للتوحيد يعني أركاناً للحقيقة – وَحُجِبَ الاسْمُ الوَاحِدُ المَكْنُون المَخْزُون بِهَذِهِ الأَسْمَاء الثَّلَاثَة – يعني هذه الأسماء تجلِّيات صارت حِجاباً لأنَّها تجلِّيات، تجلَّت عن ذلك الاسم، كَمَا أنَّ الحقيقة الْمُحَمَّديَّة صارت حِجَاباً لأنَّها تجلَّت عن الله سبحانه و تعالى وهي هذه هي هذه الحقيقةُ الْمُحَمَّديَّة – وَحُجِبَ الاسْمِ الوَاحِد المَكْنُون المَخْزُون بِهَذِهِ الأَسْمَاء الثَّلَاثَة وَذَلِكَ قَوُلُه تَعَالَى: {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}. في نفس الكافي الشريف وبعد هذه الصفحة بصفحات قليلة ماذا يقول إمامنا الصادق صلواتُ الله وسلامهُ عليه؟ – عَنْ مُعَاويَة ابن عَمَّار عَنْ أَبِي عَبدِ الله فِي قَولِ اللهِ عَزَّ وَجَلّ: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} قَالَ: نَحْنُ واللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى الَّتِي لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنَ العِبَادِ عَمَلاً إِلَّا بِمَعْرِفَتِنَا. قد تقول كيفَ نتصوَّر هذا المعنى؟! الحقيقةُ الْمُحَمَّديَّةُ هي الاسمُ الأعظمُ لله، الحقيقةُ المُحَمَّديَّةُ في أفقها الَّذي عُبِّر عَنه بِالاسْمِ المكْنُون المخزون لا توجد إشارة إليها، وفي الأُفق الَّذي تجلَّت في الأسماء الحسنى في هذا الأُفق هي الَّتي يُعبَّر عنها في الأدعية بالاسْم الأعظم الَّتي يُعبَّرُ عنها في الرّوايات وفي الأحاديث بالمشيَّة، أوَّل ما خلق الله خَلَقَ المشيَّة أو المشيئة بنفسها ثُمَّ خلق الأشياء بالمشيئة، وإنَّما كان ذلك من تجلٍّ لهذه الحقيقةِ في الأسماء الحسنى الَّتي صدرت منها كلُّ الأشياء، كلُّ الأشياءِ مَردُّهَا إلى الأسماء الحسنى. أمَّا هم في العالم الأرضي: فهم أسماءٌ لتلك الحقيقة، هم الاسمُ الأعظمُ على الأرضِ لتلك الحقيقة المُحَمَّديَّة، أمَّا هذه الألفاظ فهذه الألفاظ مجرَّد إشارات، إشارات اعتبارية لأنَّها وسيلة من وسائل التَفَاهُم، مثل ما الآن إذا كانَ شخص مثلاً عندهُ بضائع كثيرة فيُرَقِّم هذه البضائع ويضع لكل بضاعة رقم، يستعمل هذه الأرقام لتمييز البضائع ولا علاقةَ للأرقام بالبضائع، قد تكون هناك علاقة من جهةٍ من الجهات، مثلاً هذه البضاعة الغالية يعطيها رقم واحد لغلاء أسعارها أعطاها الرقم الأوَّل مثلاً، هذه الألفاظ صحيح الألفاظ بالنتيجة لها مَعَانٍ والأصوات لها دِلالات والحروف لها دِلالات وَمَضَامين ولا أريد الخوض في هذه القضية، لَها رابطة بوجهٍ من الوجوه مع معانيها ومضامينها لكنْ لا توجد علاقة حقيقيَّة من جهة الرتبة، ما قيمة الألفاظ وأين قيمةُ الحقيقة؟ وإذا كان للألفاظ من قيمة فقيمتها لأنَّها تشير إلى تلكم الحقيقة. رواية مهمَّة جداً أيضاً في الكافي الشريف عن إمامنا الصَّادق، ماذا تقول هذه الرّواية؟ هذه الرّواية سأقرؤها عليكم وقد لا أجدُ وقتاً لشرحها وقتُ البرنامج يجري سريعاً وكان في بالي أنْ أتناول مطالب أخرى، لأنَّهُ قَد بقيت عناوين كثيرة ما تعرَّضتُ لها لحدِّ الآن وما بقيَ من شهرِ رمضان الكثير، عن إمامنا الصَّادق، ماذا يقول؟ – اسْمُ اللهِ غَيرُهُ – الله شَيء واسْمُه شيء – اسْمُ اللهِ غَيرُهُ – هو هذا المخلوق الَّذي خلقهُ والَّذي لا توجد إشارات فما بالك بالله هل توجد إليهِ إشارات؟ إشارات حقيقية؟! هل تدلُ عليه الألفاظ؟ هو منزهٌ حتى عن الألفاظ – اسْمُ اللهِ غَيرُهُ – غيرُ الله – وَكُلُّ شَيء وَقَعَ عَلَيهِ اسْمُ شَيءٍ فَهُوَ مَخْلُوق مَا خَلَا الله – هذه قاعدة قاعدة مُهمَّة جداً أنا أقرأُ لكم من الكافي الشريف، هذا هو حديثُ أهل البيت، هذا هو توحيدُ أهل البيت، هذا التوحيد الموجود في كتب علم الكلام هذا توحيد رسمي، هذا توحيد مؤسسات رسمية أُخِذَ عن المخالفين، التوحيدُ الحقيقي هو هذا توحيدُ أهل البيت هذا حديثهم، إمامنا الصَّادق يقول – اسْمُ اللهِ غَيرُهُ وَكُلُّ شَيء وَقَعَ عَلَيهِ اسْمُ شَيءٍ فَهُوَ مَخْلُوق مَا خَلَا الله فَأَمَّا مَا عَبَّرَتهُ الأَلْسُنْ – ما عبَّرتهُ الألسن من ألفاظ من أسماء من أصوات أي شيء – فَأَمَّا مَا عَبَّرَتهُ الأَلْسُنْ أو عَمِلَت الأَيْدِي – أو الأيدي عملتهُ صنعتهُ جعلتهُ رموزاً فعلت ما فعلت ركَّبت ما ركَّبت – فَأَمَّا مَا عَبَّرَتهُ الأَلْسُنْ أو عَمِلَت الأَيْدِي – والمراد من الأيدي هنا ليس فقط أيدي البشر، أيدي البشر أيدي الجان أيدي الملائكة أيدي كلِّ مخلوق – فَأَمَّا مَا عَبَّرَتهُ الأَلْسُنْ أو عَمِلَت الأَيْدِي فَهُوَ مَخْلُوق واللهُ غَايَةٌ مِن غَايَاتِهِ – لأنَّ غاية الغايات هو الأوَّل الَّذي لا أوَّليةَ قبل أوَّليته ولا آخرية بعد آخريته غايةُ الغايات – اسْمُ اللهِ غَيرُهُ – غير الله – وَكُلُّ شَيء وَقَعَ عَلَيهِ اسْمُ شَيءٍ فَهُوَ مَخْلُوق مَا خَلَا الله فَأَمَّا مَا عَبَّرَتهُ الأَلْسُنْ أو عَمِلَت الأَيْدِي فَهُوَ مَخْلُوق واللهُ غَايَةٌ مِن غَايَاتِهِ وَالْمُغَيَّا غَيرُ الغَايَة وَالغَايَةُ مَوُصُوفَة وَكُلُّ مَوُصُوفٍ مَصْنُوع وَصَانِعُ الأَشْيَاء غَيرُ مَوُصُوفٍ بِحَدٍّ مُسَمَّى لَمْ يَتَكَوَّن فَتُعْرَفُ كَينُونِيَّتَهُ بِصُنعِ غَيرِه وَلَمْ يَتَنَاهَى إِلَى غَايِةً إِلَّا كَانَت غَيرَه لَا يَزِلُّ مَن فَهِمَ هَذَا الحُكمُ أَبَدَاً وَهُو التَّوحِيدُ الخَالِص فَارْعَوه وَصَدِّقُوه وَتَفَهَّمُوه بِأذِنِ الله مَن زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ الله بِحِجَابٍ أَو بِصُورَةٍ أَو بِمِثَالٍ فَهُو مُشْرِك لأَنَّ حِجَابهُ وَمِثَالَهُ وَصُورَتهُ غَيرُه – الحجاب يعني التجلِّي – لأَنَّ حِجَابهُ وَمِثَالهُ وَصُورَتهُ غَيرُه وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مُوحَّدْ فَكَيفَ يُوحِّدُهُ مَن زَعَم أَنَّهُ عَرَفَه بِغَيرِه وَإِنَّمَا عَرَفَ الله مَن عَرَفَهُ بِالله. نقرأ في هذه الليالي في دعاء أبي حمزة الثمالي – بِكَ عَرَفْتُكَ وَأَنْتَ دَلَلْتَنِي عَلَيك وَلَولَا أَنْتَ لَمْ أَدْرِي مَا أَنْت ؛ وَإِنَّمَا عَرَفَ الله مَن عَرَفَهُ بِالله فَمَنْ لَمْ يَعْرِفهُ بِه فَلَيسَ يِعْرِفُه إِنَّمَا يَعْرِفُ غَيرَه لَيسَ بَينَ الخَالِقِ وَالمَخْلُوقِ شَيء واللهُ خَالِقُ الأَشْيَاء لَا مِن شَيءٍ كَانَ وَاللهُ يُسَمَّى بِأَسْمَائِهِ وَهُو غَيرُ أَسْمَائِهِ والأَسْمَاءُ غَيرُه – الرواية بحاجة إلى شرح لكنَّني لا أريدُ أنْ أتحدَّث عن كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، الشَّاهِد الَّذي أريدهُ هو ما قالته الرواية – وَاللهُ يُسَمَّى بِأَسْمَائِهِ وَهُو غَيرُ أَسْمَائِهِ والأَسْمَاءُ غَيرُه – أسماؤهُ ما هي هذه الألفاظ، أسماؤهُ هذه الحقائق الَّتي مرَّت الإشارةُ إليها، أمَّا هذه الألفاظ هي أسماءٌ لهُ من جهةِ أنَّها تشير إشارة اعتبارية لأجلِ التفاهم، لأجلِ الفهم، لأنَّ الذهن البشري يحتاج إلى ألفاظ، يحتاج إلى إشارات لأجلِ التعلُّم، لأجلِ التفكُّر، لأجلِ التفهُّم، لأجلِ التدبُّر، نحنُ بحاجة إلى هذه التراكيب اللفظية لأجلنا وإنَّما هي في الحقيقة ليست بأسمائهِ، أسماؤه حقائق، واللهُ يسمَّى بأسمائهِ وهو غيرُ أسمائهِ والأسماءُ غيره. رواية عن هشام ابن الحكم تشير إلى نفس المضمون الَّذي أشرت إليه قبل قليل – عَنْ هِشَام اِبْن الْحَكَم أَنَّهُ سَأَل أَبَا عَبْد الله – والسؤال هنا عن التراكيب اللَّفظية – سَأَل أَبَا عِبْد الله عَلَيه السَّلام عَنْ أَسْمَاءِ الله وَاشْتِقَاقِهَا؟ اللهُ مِمّا هُوَ مُشتَق – الرّواية أيضاً في الكافي اشتقاق لفظي – فَقَالَ: يَا هِشَام الله مُشْتَقٌ مِن إِلَه وَإِلَه يَقْتَضي مَأْلُوهَاً – الله مشتق من إله؛ مراد الإمام صلواتُ الله عليه كما يبدو يعني أصل هذه اللفظة لغوياً: الله، أصلُ اللفظة إله، وإله في أصلها مِن ألَه ومِن وَلَهَ لأنَّهُ هُناك مِمَّن يقول: بأنَّ أصل الهمزة الواو أله وله، لا أريد أن أطيل الوقوف. الإله: الذَّات الَّتي تتحيَّرُ فِيها العقول، الإله: الذات الَّتي تُعبد هذا هو المعنى لكلمة إله، حين تُعرَّف كيف تُعرَّف؟ تُعرَّف الإله بالألف واللام، العرب يحذفون في بعض الأحيان حروفاً من الكلمة لأجلِ استسهال لفظها، إذا حذفنا الهمزة تتحوَّل اللفظة من الإله إلى الله، الإله، اِحذف الهمزة، ماذا سيكون؟ الله، لكثرة استعمال هذا الاسم حُذفت الهمزة، الله في أصلها الإله وهذا هو الذي يقوله إمامنا الصادق – فَقَالَ: يَا هِشَام الله مُشْتَقٌ مِن إِلَه وَإِلَه يَقْتَضي مَأْلُوهَاً – إله يقتضي مألوهاً، لابدَّ أنْ يكون هناك من يؤلِّههُ، المألوه: أنا وأنت نحنُ الَّذين تحيَّرنا فيه ونحنُ الذين نعبدهُ – يَا هِشَام الله مُشْتَقٌ مِن إِلَه وَإِلَه يَقْتَضي مَأْلُوهَاً والاسمُ غيرُ المُسَمَّى فَمَنْ عَبَدَ الاِسْم دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ كَفَر – لأنَّ الاسْم لا عَلَاقة لَهُ بِالْمُسَمَّى هذه ألفاظ هذه مجرَّد إشارات – والاسمُ غيرُ المُسَمَّى فَمَنْ عَبَدَ الاِسْم دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ كَفَر وَلَمْ يَعْبُد شَيئَاً وَمَن عَبَدَ الاِسْم وَالمَعْنَى فَقَدْ أَشْرَك وَعَبَدَ اثْنِين – عَبَدَ إلهً ثانياً هو صنعهُ من هذه الألفاظ – وَمَنْ عَبدَ المَعْنَى دُونَ الاِسْم فَذَاكَ التَّوحِيد – بوابة التوحيد أنْ تعرف الاسم، فإذا عرفت الاسم، الاسم الَّذي مرَّ الحديث عنه فإذا عرفت الاسم لأنَّهُ لا توجد حروف لا توجد أصوات لا توجد ألفاظ، إذا عرفت هذا الاسم عرفت ما يدلُّ عليهِ من معنىً، عرفت الله من خِلالِ هذا الاسم لا من خِلالِ هَذِهِ الألفاظ – فَمَنْ عَبَدَ الاِسْم دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ كَفَر وَلَمْ يَعْبُد شَيئَاً وَمَن عَبَدَ الاِسْم وَالمَعْنَى فَقَدْ أَشْرَك وَعَبَدَ اثْنِين وَمَنْ عَبدَ المَعْنَى دُونَ الاِسْم فَذَاكَ التَّوحِيد – أنت كيف تعرف المعنى؟ تعرف المعنى من خلال هذا الاسم، لأنَّكَ حين تعرف بأنَّ هذا الاسم ذاتٌ خلقها الله، لا بالحروف متصوَّتَة ولا بالألفاظ مُنْطَقة وَليسَ لها لون وليس لها شبيه فتوصف، منزَّهة عن الأخطار وعن الحدود وعن الأوهام وعن الخيالات والعقول سُترت عنها، مستترٌ غير مستور، حين تعرف هذا الاسم تعرف المعنى، تعرف المعنى الَّذي تعبدهُ، الكلام ليس عن الألفاظ هذه الألفاظ مجرَّد إشارات. وَمَنْ عَبدَ المَعْنَى دُونَ الاِسْم فَذَاكَ التَّوحِيد أَفَهِمتَ يَا هِشَام؟ قَالَ: قُلتُ زِدْنِي، قَال: لله تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمَاً – أسماء لفظية الَّتي قلت عنها قبل قليل بأنَّها هذي هي الطبقة الأولى الأفقُ الأوَّل من الأسماء الثلاثمئة والستين اسم – قَالَ: قُلتُ زِدْنِي، قَال: لله تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمَاً لَفْظِيَّاً فَلَو كَانَ الاسْم هُو المُسَمَّى لَكَانَ كُلُّ اسْمٍ مِّنْهَا إِلَهَاً وَلَكِنَّ الله مَعْنَىً يَدلُّ عَلَيهِ بِهَذِهِ الأَسْمَاء وَكُلُّها غَيرُهُ – هذه الأسماء أساساً تُشير إلى ذلك الاسم الواحد، والاسمُ الواحد بحقيقتهِ هو الَّذي يدلنا على المعنى، المعنى الأوَّل الَّذي لا أوليَّة لأوليته ولا آخرية لآخريتهِ – وَلَكِنَّ الله مَعْنَىً يُدلُّ عَلَيهِ بِهَذِهِ الأَسْمَاء وَكُلُّها – وكلّ هذه الأسماء – غَيرُهُ، يَا هِشَام الخُبْزُ اِسْمٌ لِلْمَأْكُول وَالمَاءُ اسْمٌ لِلْمَشْرُوب – كما مرَّ علينا قبل قليل مثل ما تحدَّث الإمام صلواتُ الله وسلامهُ عليه عن أنَّ اللَّفظ (الله) مُشْتَقّ من (إله) الكلام في دائرة الألفاظ، لذلك الأمثلة هنا أيضاً في دائرة الألفاظ – يَا هِشَام الخُبْزُ اِسْمٌ لِلْمَأْكُول وَالمَاءُ اسْمٌ لِلْمَشْرُوب والثَّوبُ اِسْمٌ لِلْمَلْبُوسْ وَالنَّارُ اِسْمٌ لِلْمُحْرِق أَفَهِمْتَ يَا هِشَام فَهْمَاً تَدْفَعُ بِهِ وَتُنَاضِلُ بِهِ أَعْدَائنَا المُتَّخِذِينَ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ غَيرُه – يعني الَّذين جعلوا الألفاظ آلهةً وهذا هو توحيدُ المخالفين، الَّذي تسرَّب إلى السَّاحة الشيعيَّة، الإمام يقول: الخبز اسْمٌ للمأكول والماء اسْمٌ للمشروب ولا علاقةَ بين لفظة الخبز وبين طعام الخبز، إذا كان هناك توجد من علاقة فليس علاقة لها ارتباط بحقيقة الخبز، يعني هذا الخبز لو لم نُطلق عليه لفظة: الخبز، هل ينقص منهُ شيء؟ يبقى الخبز كما هو خبز، والماء يبقى كما هو ماء لو لم نطلق عليه هذه اللفظة، هذه اللفظة هي وسيلة للتفاهم، العلاقة بين اللفظ والمعنى ذلك شيءٌ آخر. هل هناك ارتباط بين الألفاظ والمعاني؟ ذلك موضوع ثاني، لكن هذه الألفاظ هل لها مدخلية في تركيب في وجود في حقيقة المعنى؟ ليس لها مدخلية، لا تسمِّي الخبز خبزاً وسيبقى الخبز خبزاً، لا تسمِّي الماء ماءً وسيبقى الماءُ ماءً، لكن ستكون هناك صعوبة في التفاهم فيما بين النَّاس حول الخبز والماء إذا لم تكن هذه الألفاظ موجودة، الحاجة لها للتفاهم وإلَّا لا الخبز ينقص ولا الماء ينقص إذا لم نطلق عليه هذه الألفاظ، الله سبحانه وتعالى لا ينقص ولا يزيد إذا لم نُطلق عليه هذه الألفاظ، هذه الألفاظ لحاجة الخلق، الله لهُ اسم، ذلك الاسم الَّذي يكون قبل الأشياء وبعد الأشياء ومع الأشياء والَّذي يبتدئُ به كتابهُ التدويني: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِم. هذا الابتداء بالكتاب التدويني هو صورةٌ عن الابتداء بالكتاب التكويني، لأنَّ الكون بدأ باسم الله والكون صدرَ من أسماءِ الله، فجاء القُرآنُ صورةً لعالم التكوين الَّذي ابتدأ بأسماء الله، فابتدأ القُرآنُ بأسماء الله. أمَّا هذه الألفاظ هذه الألفاظ هي للتفاهم، المخالفون يعتقدون بخصوصياتها، ويبنون توحيدهم على أساسها، قطعاً تغيَّر الفكر التوحيدي أيضاً عند المخالفين ولكن هذا اللون من التفكير في زمان الأئمَّة كان عند المخالفين، أنا لا أقول الآن المدارس السُنيَّة في التوحيد كالمدارس السُنيَّة القديمة، تغيَّرت المدارس السُنيَّة في التوحيد، لا شأن لي بها كيف تغيَّرت إلى الأفضل إلى الأسوأ هذا أمر يخصهم، لكن أنا أتحدَّث عن التوحيد الَّذي هو في ساحة الثقافة الشيعيَّة، التوحيد الَّذي هو في ساحة الثقافة الشيعية يتعارض مع التوحيد الموجود في رواياتنا وفي أحاديثنا، قد يكون في خطوطهِ العامة لا يتعارض، لكن في التفاصيل وفي حقيقة التوحيد هناك تعارض كبير، قد يكون في الصورة العامة للتوحيد لا يوجد تعارض بين التوحيد الرسمي وأعني بالتوحيد الرسمي التوحيد المذكور في كتب علم الكلام، باعتبار أنَّ المؤسسة الدينية تجعل العقائد الرسمية مأخوذة من كتب الكلام، حتَّى حين يشترطون في صفات الفقيه أو ما يُصطلح عليه في حوزاتنا المجتهد والحقيقة لا أحب أنْ أستعمل هذه الكلمة لأن هذه الكلمة يبغضها أهل البيت، كلمة تسرَّبت إلينا من الفكر المخالف، حتَّى حين يشترطون في شرائط الفقيه أو في شرائط المجتهد، الكثير منهم يشترطون أنْ يكون مطلعَّاً على علم الكلام حتَّى تكون عقائده صحيحة، أن يكون قد أخذ عقائدهُ من علم الكلام وهذا مُفصَّل مذكور في الكتب المتخصِّصة. يَا هِشَام الخُبْزُ اِسْمٌ لِلْمَأْكُول وَالمَاءُ اسْمٌ لِلْمَشْرُوب والثَّوبُ اِسْمٌ لِلْمَلْبُوسْ وَالنَّارُ اِسْمٌ لِلْمُحْرِق أَفَهِمْتَ يَا هِشَام فَهْمَاً تَدْفَعُ بِهِ وَتُنَاضِلُ بِهِ أَعْدَائنَا المُتَّخِذِينَ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ غَيرُه – اتخذوا غيره يعني هذه الأسماء وليس أصنام صنعوا أصناماً من هذه الألفاظ – قُلتُ نَعَم، فَقَالَ: نَفَعَكَ اللهُ بِه وثَبَّتك يا هِشَام، قَالَ هِشَام: فَواللهِ مَا قَهَرَنِي أَحَدٌ فِي التَّوحِيد حَتَّى قُمْتُ مَقَامِي هَذَا – حتَّى قمتُ مقامي هذا يعني إلى هذه اللحظة الَّتي أنا أحدِّثُكم بهذا الحديث. المضامين هذه ليست سهلة ولذا نصيحة مِّني للذين يتابعون هذا البرنامج أنْ يستمعوا للإعادة وأنْ يستمعوا أكثر من مرَّة، مَطَالِب عَميقة ودقيقة جداً والوقت ضيّق، أنا ما استوفيت ما أردتُ أنْ أشرحه وأنْ أبيَّنه وربَّما إذا سنحت فرصة في وقتٍ آخر سأشرح المطلب بشكلٍ أكثر. نحن مستمرون في هذه الحلقات والمطالب الآتية ستوضِّح هذا المطلب أكثر، لكنَّني أقصد أنْ أقفَ عند هذه الأحاديث بشكل خاص، وإلَّا الحلقات القادمة حلقة يوم غد والَّتي بعدها وبعدها وبَعدها إلى آخر شهر رمضان كل هذه الحلقات هي مترابطة مع هذا الموضوع وستتَّضح الصورة، بقدرِ ما أتمكن من بيان الموضوع بحسب الوقت وبحسب الأمثلة واللُّغة المتاحة، وإلَّا هذه المطالب مطالب عميقة لكنَّني أعتقد بأنَّ هذه المطالب وهذه المعارف من دون تَوفِيقٍ من إمام زماننا نحنُ لا نستطيع أنْ نتعامل معها أو أنْ ندرك أبعادها، الشيعي، الشيعي الشيعي لابدَّ أنْ يمدَّ يد التوسل دائماً إلى إمام زمانه كي يُرشده كي يُبَصِّرَه، الشيعي الَّذي لا يمدُّ يده إلى إمام زمانه أعتقد بأنَّهُ يَحكُم على نفسهِ بأنْ يسير في مَتَاهَةٍ ومضلَّة، هذه المعارف بحاجة إلى توفيق هذا هو حديثُ أهل البيت نحنُ بحاجة إلى توفيقٍ منهم لأنْ نعرفهم. في الشعر الصوفي في الشعر الرمزي يأخذون من المرأة الفاتنة الجميلة رمزاً للحقيقة الجميلة فماذا يقولون في الشعر الصوفي الرمزي؟ أعارتهُ طَرْفَاً رَأَهَا بِهِ فَصَارَ البَصِيْرَ بَها طَرْفُهَا أقرِّب لكم الصور، فاتنةٌ حسناء فارعةٌ جميلة، النَّاظِرُ إليها لشدَّة جَمَالها وحُسنِها يجد أنَّ عَينيْه لا تَتمكنان من إدراك جمالها فيستعيرُ منها عينيها الجميلتين ليرى جمالها. أعارتهُ طرفاً: يعني أعطتهُ عيناً، إعارة مؤقتة، يعني هو ما نظر إليها بعينيه حين نظر إليها بعينيه كان أعمشاً، كان أعشم لا يرى، أعارتهُ طرفاً أعطته عينها الجميلة فنظر إلى جمالها بعيونها الجميلة فأدرك شيئاً من جمالها، أعارتهُ طرفاً لأيِّ شيءٍ؟ كي يُبصِر بها، النتيجة ماذا؟ فصار البَصيرَ بها طَرفُها: الَّذي نظر إليها ليس هو، الَّذي نَظَرَ إليها عينُها، مرَّ علينا هذا الكلام في الكافي الشَّريف وفي أكثر من موطن في أكثر من رواية مرَّ علينا هذا الكلام ومرَّت علينا هذه المضامين ومن أنَّ نُورَ الإمام في قُلُوب المؤمنين أَنور من هذه الشَّمس المضيئة في النهار، نوره بنوره نحنُ بنورهِ نُبْصِر النُّور، لنور الإمام يا أبا خالد إمامنا الباقر يقول – لَنُوُرُ الإِمَام يَا أَبَا خَالِد فِي قُلُوبِ المُؤْمِنين أَنّْوَر أَضْوَأ مِن هَذِهِ الشَّمْسِ المُضِيْئَة فِي رَائِعَة النَّهَار – فنحنُ نُبصرُ نورهُ بنورهِ؛ {نُوْرٌ عَلَى نُور} {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } الميت هو هذا الَّذي أظلم قلبه، وهذا النُّور الَّذي يمشي به في الناس معرفةُ إمام زمانهِ صلواتُ الله وسلامهُ عليه. الحديث مُتَشَعِّبٌ وطويل ولا أدري أينَ أقف وأينَ أنتهي ولكن وقت البرنامج قَاربَ على الانتهاء تَتِمَّةُ الحديث تأتينا إنْ شَاءَ الله تعالى في يوم غد، ولا تنسوا أنْ تستمعوا إلى الإعادة والبرنامج أيضاً سيكون على موقع زهرائيون هذه المطالب بحاجة إلى مراجعة بحاجة إلى تدقيق في الفهم. أسألكم الدعاء جميعاً ويَا عَلِيّ ولقاؤنا يتجدَّد في برنامجنا يا عليّ يوم غد وفي أمانِ الله. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الثلاثاء 19 شهر رمضان 1436هـ الموافق 7 / 7 / 2015م حديث إمامنا الصادق صلوات الله وسلامه عليه في الجزء الاول من كتاب (الكافي) الشريف (إنّ الله تبارك وتعالى خلقَ إسماً بالحروفِ غير مُتصَوَّت، وباللفظ غير مُنطَق، وبالشخص غير مُجسّد، وباللون غير مصبوغ) وهو حديث في غاية العُمق يصعب بيانه وشرحُه … معهود في الثقافة الشيعية انّ المراد من اسماء الله الحسنى هي هذه الالفاظ (الباعث، الوارث، المُحيي، المُميت، الله لفظ الجلالة) لو اردنا ان نبحث بشَكل دقيق نجد انّ هذه الفكرة جاءتنا من المخالفين، بينما اسماء الباري هي حقائق وليست الفاظ … القوى الإدراكية التي يمتلكها البشر والجان والملائكة وسائر المخلوقات العاقلة كَسُكّان جابُلقا وجابُرسا، عاجزة عن ادراك حدود هذا الإسم … انعدام وانتفاء الإشارات الصوتية يُشير الى انعدام وانتفاء الإشارات الذهنية … معنى (مُستتر غير مستور) هذا الاسم بِذاته ليس مَستوراً عن الذي جَعَلَهُ في ظلّه وليس مستوراً عن نفسه وإنّما الكائنات هي التي سُتِرَتْ ولذلك لا تحتملهُ … أين التوحيد العَلَوي من التوحيد المأخوذ من المخالفين الموجود في علم الكلام وهو الفَهم البَدَوي للتوحيد الذي هو كَعبادة الاصنام … حديثٌ عن (الإسم الاعظم الاعظم الاعظم) الوارد في دعاء ليلة المبعث الشريف ويومها … الحقيقة المُحمّدية العَلَوية الفاطمية الحَسَنية الحُسَينية، والظاهر من هذه الاسماء هو الله تعالى .. الاسماء 360 هي نسبة لهذه الاسماء الثلاثة التي هي اركان التوحيد واركان الحقيقة … الحقيقةُ المُحمّدية هي الاسم الاعظم لله تعالى … لا توجد علاقة حقيقية من جهة الرُتبة بين الفاظ الاسماء وبين حقائق هذه الاسماء … معنى قول إمامنا الصادق صلوات الله عليه (إسمُ الله غَيرُهُ، وكُل شيء وَقعَ عليه إسمُ شيءٍ فهو مخلوق ما خلا الله) (والله يُسَمّى بأسمائه وهو غير اسمائه، واسماءُهُ غيره) ونحن بحاجة الى هذه التراكيب اللفظية وهي ليست اسماءَهُ لأنّ اسماءَهُ حقائق… حديث إمامنا الصادق عليه السلام عن اصل كلمة (الله).. المخالفون جعلوا الالفاظَ آلهة وهذا هو توحيد المخالفين الذي تَسرّب الى الساحة الشيعية … جاء القرآن صورة تدوينية للعالم التكويني الذي ابتدأَ بأسماء الله فابتدَأَ القرآن بأسماء الله ايضاً … التوحيد الموجود في ساحة الثقافة الشيعية يتعارض مع التوحيد الموجود عند اهل البيت عليهم السلام نصيحة منّي للذين يتابعون هذا البرنامج ان يستمعوا للإعادة وان يستمعوا اكثر من مرّة … هذه المطالب والمعارف العميقة لا نستطيع ان نتعامل معها او نُدرك ابعادها من دون توفيق إمام زماننا صلوات الله وسلامه عليه الشيعي الذي لا يَمُد يَدَهُ الى إمام زمانهِ فإنّه يَحكُم على نفسه بأن يسير في متاهة ومَضَلّة … حديث إمامنا الباقر صلوات الله عليه مع ابي خالد الكابلي (لَنورُ الإمام في قلوب المؤمنين أنوَر من هذه الشمس) فَنحنُ نُبصر نور الإمام بِنورِ الإمام وهذا النور هو معرفة إمام زماننا صلوات الله وسلامه عليه .