يا عليّ – الحلقة ٢٥ – مشكلة الثقافة العقائديّة الشيعيّة ج١ Show Press Release (11 More Words) يا عليّ – الحلقة 25 – مشكلة الثقافة العقائديّة الشيعيّة ج1 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (6٬329 More Words) يازهراء وهل هُناكَ أجملُ مِن هَذا الاسم أبتدئُ بهِ حَديثي … قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وَآلهِ وسلَّم: لَوْ كَانَ الحُسنُ صُورَةً، لَو كَانَ الحُسنُ هَيئَةً لَكَانَت فَاطِمَة صَلوات اللهِ وسَلامه عليها بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى فَاطِمَة وَأَبِيهَا وَبَعلِهَاِ وَبَنِيهَا وَالسرِّ المُستودَعِ فِيهَا … يَا عَلِيّ… الحَلَقَةُ الخَامِسَةُ وَالعُشْرُون: مُشكلَة الثَّقَافَة العَقَائِديَّة الشِّيْعِيَّة ج1 الحَلَقَةُ الخَامِسَةُ وَالعُشْرُون مُشكلَة الثَّقَافَة العَقَائِديَّة الشِّيْعِيَّة ج1 الحَلَقَةُ الخَامِسَةُ وَالعُشْرُونْ مِن بَرْنَامَجِنَا: (يَا عَلِيَّ) أَشْيَاعَ أَمِيرَ الْمُؤمِنِين أَنَّى كُنْتُمْ فِي مَشْرِق الأَرْضِ أَو مَغْرِبِهَا إِخْوَتِيْ أَخَوَاتِيْ أَبْنَائِيْ بَنَاتِيْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ جَمِيْعَاً. الحديثُ يتواصلُ في جوانبَ مِن المعرفَة العلويَّة وإلى حَلقةِ يَوم أمس كانَ الحديثُ في أجواءِ منازلِ القُرآن العلويَّة بقيَّةُ الحلَقات هِي في نَفسِ هَذه الأَجواء لكنَّنا نُقاربُ عَلى الانتهاء مِن حَلقاتِ هَذا البَرنامج لِذا الحلَقات الأَخيرة أُحاول أَنْ أُسلِّط الضَوءَ فِيها عَلى مَطالبَ للتوضيحِ وللتلخيص حتَّى إِذا وَصلنَا إلى الحلَقة الأخيرة نكون قَد استخرجنَا زُبدة المخض مِن كُلِّ هَذا الحديث. في هذه الحلَقة بِشكلٍ مُجمل سَأتحدَّث، التَفصيل مَوجودٌ في بَرامجي الَّتي هِي سِلسلةُ الملَفات عَلى مَوقع زَهرائيون يُمكنكم أَن تُراجعوها، وفي الفَترة الزَّمانية القَادمة سَيكون هنَاك الجزء الثَالث من مَلفّ الكِتاب والعِترة وَالَّذي عنوانهُ: (الكتابُ الناطق) في هذا الملفّ وهو برنامجٌ سيكون طَويلاً إلى حدٍّ ما في هذا البرنامج سأفصِّلُ القولَ في مثلِ هذه المطالب الَّتي سأجملها لغرض التوضيحِ وتلخيصِ ما مرَّ من كلام. في هَذه الحلَقة سَأتحدَّث عَن جانبٍ مِن المشكِلةِ الثَّقافية الشِّيعية، هُناك مشكلةٌ واضحة في سَاحة الثَّقافة الشِّيعية هَذه المشكلة خلاصتها: مَا بأيدينا مِن ثَقافةٍ شِيعية، ما بَأيدينا من ثَقافة عُنونت بهذا العنوان: عنوان الثقافةِ الشيعية، هي في الحقيقةِ عبارة عن كوكتيل، شيءٌ أُخذ من أهل البيت وأضَاف العلماء علماءُ الشيعة إلى هذا الشَيء الَّذي أُخذ من أَهل البيت، وطبعَاً أُختير هذا الشيء على أسس وقواعد لو بحثنا عن جذورها لوجدنا هذه الأُسس وهذه الجذور تشربُ ماءً من مخالفي أهل البيت، وأُضيفَ إلى ما اُختير من حديث أهل البيت الشيءُ الكثير من الفِكر المخالف بمستوى القواعد والقوانين والأُصول وأُضيف إلى ذلك ما جادَت بهِ قَرائحُ العلماء من آرائهم الشَّخصيَّة ومَشاربهم الخاصَّة وأذواقِهم، خُبطت جميعاً وخُلطت في خلاط وقُدِّمت في سَاحةِ الثَّقافة الشِّيعية عَلى أنَّها ثقافةٌ شيعية هي ثقافةُ أهل بيت العصمة، هذه هي الحقيقة مُقشَّرة، من دون مجاملات، من دون خوف من التصريح، من دون ريبة، يرفضني من يرفض هو حرّ، هو حرٌّ برأيهِ وأَنا حرٌّ برأيي، هَذا ما وصلتُ إليهِ من نتيجةٍ ملموسةٍ ومحسوسة، لا أتحدَّث عن قَضايا حَدسية أو عَن اِحتمالات، إنَّما أتحدَّث عن قضايا ملموسة ومحسوسة وقد برهنتُ على هذه القضيَّة في برامجي الموجودة على موقع زهرائيون، برهنتُ عليها بشواهد وأدلة تَفوق العَشرات والعَشرات عِبر سِنين طَويلة، وأَنا هُنا لا أُريد أَنْ أتحدَّث في هذه القضيَّة، لكنَّني فقط أُريد وبشكلٍ مُجمل أتحدَّث عن هذه المشكلة مِن أَين نشأت؟ ما هي أسبابها؟ أسبابُ هذه المشكلة وهي مشكلة الثقافة الشيعية الَّتي هي في غاية البُعد عن أهل بيت العصمة، مشكلة الثقافة الشيعية نشأت من عوامل عديدة: من هذه العوامل الظلم الَّذي وقع على العترة الطاهرة وعلى شيعتهم، الظلم لهُ آثار، آثار قد يطول الحديث لو أردتُ أنْ أعطفَ كلامي باتجاهِ هذا العنوان، الظلمُ الَّذي وقع على العترة الطاهرة وعلى شيعتهم عِبر العصور كَان لهُ الأثر الكَبير في وجُود هَذا الخلل في الثّقافة الشّيعية، ومن اتجاهات عديدة لا أريد أن أقف عندها وينتهي الوقت وما وصلتُ إلى مقصودي، هذا سَببٌ من الأَسباب الرئِيسة. السببُ الآخر: السببُ الآخر هو ضعفُ النّاس، وحين أتحدَّث عن النّاس عن الشيعة، هو ضعفُ الكثيرين أو ضعف الأكثر أو ربَّما ضعفنا جميعاً، هو ضعف الشيعة وعدم رَغبتهم اِختياراً، لا أتحدَّث عن المسأَلة الاضطراريَّة، الإنسان حين يكون مضطراً لدفع ضريبةٍ ما هَذه قضيَّة لا تعدُّ فخراً، وإنَّما الفخرُ يكونُ للإنسان إذا دَفع الضَريبةَ اِختياراً، يعني الآن إذا تَقع مُصيبة على إنسان ويصبر إنَّهُ يصبر اضطراراً ماذا يصنع! مُصيبة وقَعت عَليه، عَليه أنْ يتحمَّل ويمشي، الصابرون الَّذين مُدحوا في الكتاب الكَريم وفي كَلمات المعصومين هم الَّذين بإمكانهم أنْ يختاروا طريقاً آخر يكون سَهلاً ولكنَّهم اختاروا طَريقاً فيه الصعوبات اِختياراً برغبتهم لأنَّهم يجدون الحقَّ في هذا الطريق فدفعوا الضريبة اِختياراً، أمَّا الَّذي يكون مُضطراً هو شيءٌ حسن ولكنَّهُ ليس فخراً، أنا لا أتحدَّث عن دفع الضريبة الاضطراري، وإنَّما أتحدَّث عن دفع الضريبة الاختياري، أنَّ الإنسان أمَامهُ طريقان طريق ينصر فيه الحقّ لابُدَّ من دفع ضريبة، وطريق آخر هو يقاربُ الحقّ، لكن يبدو هكذا أنَّهُ يقاربُ الحقّ لكن لا تُدفع فيه الضريبة، النَّاس تَذهب في الطريق السَهل، حفاظاً على مصالحهم الشخصيَّة، حفاظاً على حياتهم، حفاظاً على عوائلهم، حفاظاً على سمعتهم والسمعةُ تكاد أنْ تكون إلهاً يُعبد من دونِ الله، حفاظ على ما يُحصِّلونه من الأموال، حفاظ حِفاظ على شؤونات الدُنيا، فهم لا يملكون اِستعداداً لدفع الضَريبةِ مِن كلِّ هَذا في أنْ يقفوا معَ الحقّ. هذه مشكلة كبيرة وهي أحدُ المشاكل الموجودة في الواقع الشيعي، هناك الكثيرون ممَّن يستشعرون هذه المشكلة الَّتي أَتحدَّثُ عنها، وربَّما يتفقون معي إلى حدٍّ كبير في البيَانات الَّتي أطرحها، والبعضُ منهم يتفقُ معي بالكامل، ولكنَّهم ليسوا على اِستعدادٍ أنْ يُصرِّحوا حتَّى بنسبة واحد مِن تِريليون من هَذه الحقيقة بل يُصرِّحون ويقفون وتصدُر منهم المواقف العملية والفعلية بشكلٍ متناقض متعارض مع هَذه الحقيقة، خُصوصاً أسماء مشهور، زعامات دينية داخل المؤسسة الدينية، حفاظاً على الزّعامات، حفاظاً على الأموال، حفاظاً وحفاظاً على المصالح الشَخصيَّة، هذه القضيَّة موجودة على طُول الخطّ. الظلم وضعف الشيعة خصوصاً الَّذين بإمكانهم أن يفعلوا، ضعف هؤلاء وعدم استعدادهم لدفع الضريبة لبيان الحقائق هذه مشكلة كبيرة جداً. النقطة الثالثة: مشاكل المؤسسة العلمية الشّيعية، ليس في هذا العصر على طول العصر، بعبارة أخرى ما يدور في جوِّ العلماء، ما يدور في جوِّ العلماء إنْ كان من صِراع فيما بينهم، توجد صراعات منها علنية ومنها خفية فيما بين العلماء، منها ما يرتبط بالأمور المالية، منها ما يرتبط بالزّعامة والرئاسَة، منها ما يرتبط بالتعصب للآراء، ومنها ما يرتبط بالجهل المركَّب، ومنها ما يرتبط كذلك بالمجموعات، الاتجاهات، المدارس، العوائل، الأسر العلمية لكلّ أسرة شؤوناتها وأهدافها، المدارس الشيعية الأصولية، الإخبارية، الشيخية، العرفانية، كلّ مدرسة لها اهتمامتها ولها رموزها ورسومها وإلى غير ذلك ولها مصالحها الدنيوية والأرضية، ولا يوجد إنسان الجميع نحن لنا مصالحنا الدنيوية، منها ما هو مادي، منها ما هو معنوي، منها ما هو شخصي، مُرادي من شخصي يرتبط بشخص الإنسان وبمن يتعلَّقُ به، ومنها ما هو نفسي على المستوى النفسي الداخلي على مستوى الخلجات. هذه العوامل هِي العَوامل الرَئيسة والَّتي كَانت سَبباً أَنْ فُتحت الأَبواب أَمام الفِكر المخَالف، فَدخلت علينا أمواج الفكر المخالف، وهذا الأمر ابتدأ بشكلٍ واضح مُنذ بِدايات عَصر الغيبة الكبرى، في شَهر شعبان سنة 329 للهجرة تُوفي النَائبُ الرّابع عَليُّ ابن مُحمَّدٍ السَّمري تُوفي شَهر شَعبان سَنة 329، مُنذ اللحظة الأولى بعد وَفاتهِ بَدأ الفكرُ المخالفُ يتسرَّبُ وبشكلٍ قَوي، فَدخل إلينا أوَّل ما دخل فِكر أبي حنيفة، ثُمَّ غُزينا بالفكر الكلامي الأشعري والمعتزلي، ثُمَّ دخل إلينا فِكر الشّافعي ومِن أوسع الأَبواب، ولا زالت تَأثيرات الفكر الشّافعي إلى يومنا هذا، ثُمَّ جاءنا فِكر ابن عربي وفي الأَثناء مفسّرونا مراجعنا المفسِّرون جاءونا بالتفسير المخالف فَنقلوا لنا تَفسير الطَبري ومَن هُو عَلى مَنهج الطَبري وبقي مفسِّرونا ومراجعنا يعبُّون من كُتب المخالفين في تَفسير القُرآن الكَريم وإلى هَذه اللَّحظة. والكَلامُ يطول الكَلام لا يَقف عند هذا الحدّ وجَاءنا علمُ الرِّجال وعلمُ الأصول وعلمُ الأخلاق وعلمُ العرفان كلُّ هذه العلوم إذا أردنا أنْ نبحثَ في كتبنا الشّيعية فإنَّ الأصل فيها يعود إلى المخَالفين، مَن أَراد أَنْ يطَّلعَ بِشكل أَوسع وبِشكل مُوثَّق ليُراجع بَرامجي الملفات سَيجد وبالوثائق وبالحقائق وبالدقائق كُلَّ هذه المطالب مَبسوطة ومَشروحة معَ المصادر الأصليَة. وأنا لا أريد أنْ أدخلَ في هذا الاتجاه، أنْ آتيَكُم بالكُتب والمصَادر إِذْ المقَام لا يَسنحُ بِذلك، سَأتركه لقادم الأيَّام للبرامج الَّتي سَتكون فيها فُسحة طويلة للحديثِ بشكلٍ مفصَّل إن شَاء اللهُ تَعالى. إذاً هذه هي الأسباب الرئيسة: • الظُلم وبكلِّ ما جاءنا في جميع اتجاهاتهِ على جميع المستويات. • والضَعف عندَ الَّذين عِندهم الإِمكَانية للتغيير الضعف وحتَّى عند عامَة الشّيعة، الضَعف والخوف من دَفع الضريبة، من دفع ضريبة الحقّ، من دفع ضريبة قول الحقّ أو من دفع ضريبة الوقوف مع الحقّ أو من دفع ضريبة محاولة التغيير باتجاه الحقّ، لأنَّ قولَ الحقّ يحتاج إلى ضَريبة، الوقوف مع الحقّ يحتاج إلى ضريبة، محاولَة التغيير باتجاه الحقّ أيضاً يحتاج إلى ضريبة وإلى ضريبةٍ أكبر، يَحتاج إلى تضحية. • النقطة الثالثة: مشاكلُ المؤسسة العلمية الصراع بين العلماء والَّذي جذره الحسد، القضايا الَّتي تخص الجانب المالي والمادي في المؤسسة الدينية والمؤسسة العلمية، الزّعامة، الزّعَامة الدينية، الزّعامة السياسية داخل المؤسسة الدينية، المجموعات الخطوط الاتجاهات المرجعيات الأُسر العلمية وإلى غير ذلك. أعتقد الصورة باتت واضحة ولو بشكلٍ مُجمل لأنَّ كُلَّ عنوان من هذه العناوين بحاجة إلى تفصيلٍ في القول وإلى حديثٍ مبسوط، سيأتي إن شاء الله تعالى في الوقت المناسب، نذهب إلى فاصل نطلب المدد من عليٍّ ويا عليُّ مدد. في كِتابِ بَصائر الدَرجات لِشيخِنَا أَبي جَعفر مُحمد ابن الحسَن الصَّفار المتوفى سنة:290 للهجرَة الشَّريفة، وهُو مِن أَصحابِ إِمامنا الحسَن العَسكري صَلواتُ اللهِ وسَلامهُ عَليه، رواية ينقلها عن المفضَّل عن إمامنا الباقر:- قَالَ المُفَضَّل: قَالَ أَبُو جَعفرٍ عَلَيهِ السَّلام: إنَّ حَدِيْثَنا صَعِبٌ مُسْتَصعَبٌ ذَكْوانُ أَجْرَد لا يَحتَمِلهُ مَلَكٌ مُقرَّبْ ولا نَبِيٌّ مُرْسَل وَلَا عَبْدٌ اِمتَحَنَ اللهُ قَلبَهُ للإيْمَان – أمرٌ لا يحتمله لا الأنبياء المرسلون ولا الملائكة المقرَّبون ولا العباد الَّذين امتحن الله قلوبهم، من يحتمله؟ بينت ذلكَ الأحاديث الشَّريفة عن إمامنا الصَّادق في طَبقةٍ من هَذا الأَمر حين سُئل – فَمَن يَحتَمِلُه؟ قَالَ: مَنْ شَئْنَا – هذه طبقة، وفي طبقةٍ ثانية – قَالَ: نَحنُ نَحتَمِلُهُ – نحنُ والحديث – إنَّ حَدِيثَنا صَعِبٌ مُسْتَصعَبٌ ذَكْوانُ أَجْرَد لا يَحتَمِلهُ مَلَكٌ مُقرَّب ولا نَبِيٌّ مُرْسَل ولا عَبدٌ امتَحنَ الله قَلبَهُ للإيْمَان أمَّا الصَّعِبُ – الآن الإمام يشرح معنى صَعب مستصعب – أَمَّا الصَّعِبُ فَهُوَ الَّذِيْ لَمْ يُرْكَب بَعد – يعني الإمام هنا يُشبِّه درجات أسرارهم، هناك حديثٌ صَعِب. الصَّعب هو وصفٌ للحصان الَّذي لم يُركب بعد، لأنْ هَذه الخيول في الأصل كَانت حيوانات في الصَحراء لم تَكن حيوانات أليفة بحسَب ما عندنا من الرّوايات أوَّل من روَّض الخيول نبيُّ الله إبراهيم هكذا في رواياتنا، أوَّل من روَّض الخيول وإلَّا كانت الخيول حيوانات بَريّة – أمَّا الصَّعِبُ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يُرْكَب – يؤتى بحصانٍ لم يُركب يصعب ركوبهُ ولو أراد شخص أن يصعد عليه في أهونِ الأحوال وفي أسهل الأمور أنَّهُ يَسقط عَلى الأرض لا يقاوم لا يستطيع أنْ يبقى ثابتاً على ظهرهِ، مَا لم يَضربُ بهِ حَجراً أو مَدراً فيؤدي إلى هلاكهِ أو ما لم يرمحه برجليه ربَّما يؤدي إلى مقتله، أمَّا الصعب فهو الَّذي لم يُركب – أمَّا الصَّعِبُ فَهُوَ الَّذِيْ لَمْ يُرْكَب بَعد وأمَّا المُسْتَصْعَبُ فَهُو الَّذِيْ يَهْربُ مِنْهُ إِذَا رَآه – يعني أمَّا المستصعب فهوَ أكثر الصعب يقف الحصان ولكنَّهُ لا يعطي ظهره، أمَّا المُستصعب الَّذي إذا ما رأى أحداً اقترب منه هرب لا يمكن الوصول إليه – وأمَّا الذَّكْوان فَهُو ذَكَاءُ المؤمِنين – وأمَّا الذّكوان فهو ذكاءُ المؤمنين، هذا تعبيرٌ بالكناية ذكر اللازم وإرادة الملزوم، أو هو ذكر الملزوم وإرادة اللازم، يعني أنَّ الذكوان هو الَّذي لا يُوصل إليه إلَّا بذكاء المؤمِنين ليس بمطلق الذكاء، بذكاء المؤمنين، ذكاء يُنسب إلى المؤمنين، يعني البصيرة الواضحة – وأمَّا الأَجْرَد فَهُو الَّذِي لا يتعَلَّقُ بِهِ شَيءٌ مِن بَين يَديه وَلا مِنْ خَلفِهِ – وهو وصفٌ للجبل، الجبل الأجرد الجبلُ الصخريُّ الأملس الَّذي لا يستطيع أحد أن يصعده، لا توجد فيه نتوءات، لا توجد فيه أخاديد، لا توجد فيه بروزات أحجار بارزة، لا توجد فيه أشجار عروق حتَّى يستطيع الَّذي يريد أن يصعد الجبل أنْ يتمسَّك بها – وأمَّا الأَجْرَد فَهُو الَّذِيْ لا يتعَلَّقُ بِهِ أو لا يُتَعلَّقُ بهِ، لا يتعَلَّقُ بِهِ مِن بَين يَديه ولا من خلفِهِ وَهُوَ قَولُ الله – وهو قولُ الله عن أيِّ شيءٍ؟ عن حديثهم {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} – فَأحْسَنُ الحَدِيث حَدَيْثُنَا لا يَحتَملُ أَحَدٌ مِنْ الخَلائِقِ أَمرَهُ بِكَمَالِه – كلمة في غاية الأهميَّة – فَأحْسَنُ الحَديث حديثُنا لا يَحتَملُ أحدٌ من الخلائِق أمرَهُ بِكَمَالِه – أيُّ أحدٍ لا يستطيع أنْ يعيّ حديثَهم على الوجه الأكمل، لماذا؟ سيبين الإمام، يعني كلُّ هذا الكلام الَّذي مرّ لم يكن على الوجهِ الأكمل – فَأحْسَنُ الحَديث حَدِيْثُنَا لا يَحتَملُ أَحَدٌ مِنْ الخَلائِقِ أمرَهُ بِكَمَالِه حَتَّى يَحُدَّهُ – لماذا؟ – لأنَّهُ مَن حَدَّ شَيِئَاً فَهُو أَكْبَرُ مِنْه – إذا تتذكرون تحدَّثتُ في برامج شهر شعبان عن أمرٍ مهمّ لهُ مدخلية في تعيين بوصلة الرأي العلمي عند العالِم عند المُفكِّر، ما قُلتُ أو ما عَنونتُ: بالعامل الذاتي، العاملُ الذاتي، الحالة الذاتية للإنسان لها مدخلية في تشخيص الآراء، الإمام يشير إلى هذه الحقيقة – فَأحْسَنُ الحَديثِ حَدِيْثُنَا لا يَحتَملُ أحدٌ من الخلائِق أمرَهُ بِكَمَالِهِ حَتَّى يَحُدَّهُ لأنَّهُ مَن حَدَّ شَيِئَاً فَهُو أَكْبَرُ مِنْه – كيف نستطيع أن نفهم هذه الأحاديث العميقة الَّتي مرَّت علينا في الحلقات السَابقة؟ أنا أستعين بِقدرتي اللغوية المحدودة واستعين بتجربتي العلميَّة المحدودة وأستعين بأمثلة مَحدودة هي الأُخرى أيضاً، الناتج ما هو؟ ما بينَ خُزانةٍ لغويَة محدودة وقُدرةٍ وتَجربةٍ عِلميةٍ مَحدودة وأمثلةٍ محدودة لا تَرقى إلى تَقريب الحقيقة إلَّا بِوجهٍ من الوجوه، النتيجة ما هي؟ النتيجة محدودة، يعني نَحنُ نَمشي بِجانب الطَريق – فَأحْسَنُ الحَديث حَدِيْثُنَا لا يَحتَملُ أَحَدٌ مِن الخَلَائِق أمرَهُ بِكَمَالِه حَتَّى يَحُدَّهُ لأنَّهُ مَن حَدَّ شَيْئَاً فَهُو أَكْبَرُ مِنْه وَالحَمْدُ للهِ عَلَى التَّوفِيق – الإمام يريد أنْ يقول؛ بأنَّ مدار الإدراك هو التوفيق، وليس مدار الإدراك يعود إلى جهودنا الشخصيَّة إلى نبوغنا إلى ذكائنا إلى قدراتنا الَّتي لا تماثلها قدرة – وَالْحَمدُ لِلَّهِ عَلَى التَّوفِيق – والتوفيق كما يقولون صلواتُ الله عليهم التوفيق في الطريق خيرُ رفيق، وخيرُ رفيقٍ في الطريق هو التوفيق، بالتوفيقِ يمكننا أنْ نُدركَ شيئاً من معرفتهم. والْحَمدُ لِلَّهِ على التَّوفِيق وَالإِنْكَارُ هُوَ الكُفر – إنكارُ حديثنا، إنكارُ مَقاماتنا، إنكارُ حَقائقنا، إنكارُ مظاهرنا، إنكارُ منازلنا القُرآنية، إنكارُ ما نَزل فينا ومَا صرَّح القُرآن باللفظ الظَاهر أو با المُضمر بكلِّ أساليب القُرآن المتعدِّدة والإنكارُ هو الكُفر، إنكارُ ذلك هُو الكُفر. إذاً القانون هو هذا: حَدِيْثُنَا لَا يَحتَملُ أحدٌ من الخلائِق أمرَهُ بِكَمَالِه حَتَّى يَحُدَّهُ لأنَّهُ مَن حَدَّ شَيْئَاً فَهُو أَكْبَرُ مِنْه وَالحَمْدُ للهِ عَلَى التَّوفِيق. رواية أخرى أيضاً من بصائر الدرجات:- عَن أَبِي بَصِير قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله عَلَيْه السَّلَام فَقُلْتُ لَهُ: إِنّي أَسْأَلُكَ جُعِلْتُ فِدَاك عَنْ مَسْأَلَة لَيْسَ هَاهُنَا أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلَامِي – هنا أبو بصير يسألُ الإمام الصَّادق يقول؛ عندي مسألة لكنَّني لا أدري هل هناك أحد يسمعُ كلامي، وكأنَّهُ يريد أن يسأل سؤالاً خاصاً – دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله فَقُلْتُ لَهُ: إِنّي أَسْأَلُكَ جُعِلْتُ فِدَاك عَن مَسْأَلَة لَيْسَ هَاهُنا أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلَامِي؟ فَرَفَع أَبُو عَبْدِ الله عَلَيْه السَّلَام سِتْرَاً بَيْنِي وَبَيْنَ بَيْتٍ آَخَر – بيت يعني حجرة – فَاطَّلَعَ فِيه ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد سَلْ عَمَّا بَدَا لَك. فَرَفَع أَبُو عَبْدِ الله عَلَيْه السَّلَام سِتْرَاً بَيْنِي وَبَيْنَ بَيْتٍ آَخَر – يبدو أنَّ أبا بصير رأى سِتراً، رأى سِتارة فظنَّ أنَّ أحداً خلفها الإمام رفع الستارة لأبي بصير قال لهُ لا يوجد أحد – فَرَفَع أَبُو عَبْدِ الله عَلَيْه السَّلَام سِتْرَاً بَيْنِي وَبَيْنَ بَيْتٍ آَخَر فَاطَّلَعَ فِيه ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد – وهي كُنيةُ أبي بصير أبو بصير كُنيتهُ الأصل أبو مُحمَّد ولكنَّهُ لأنَّهُ كان ضريراً كانَ فاقد البصر فَكُنِّيَ بأبي بصير – ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد سَلْ عَمَّا بَدَا لَك، قَالَ: قُلتُ جُعِلْتُ فِدَاك إِنَّ الشِّيعَةَ يَتَحَدَّثُون أَنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه عَلَّم عَلِيَّاً عَلَيهِ السَّلام بَابَاً يُفتَحُ مِنْهُ أَلْفُ بَاب؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَبدِ الله: يَا أبَا مُحمَّد عَلَّم وَاللهِ رَسُولُ الله علَيَّاً أَلفَ بَابٍ يُفْتَحُ لَهُ مِن كُلِّ بَاب أَلْفُ بَاب، قَالَ: قُلتُ لَهُ: واللهِ هَذَا لَعِلْم – أنَّ رسول الله يُعلِّمُ عَلِيَّاً ألفَ بابٍ من العِلم يُفتح لهُ من كلّ باب ألفُ باب – قُلتُ لَهُ: واللهِ هَذَا لَعِلْم فَنَكَتَ سَاعَةً فِي الأرض – نكتَ ساعةً في الأرض؛ إمَّا أنْ يكون بيدهِ مَثلاً شيئاً أن يكون بيدهِ قلماً، أن يكون بيدهِ خيزرانة، أنْ يكون بيدهِ شيئاً من الأشياء فيضرب بهِ الأرض هكذا يُطرق إلى الأرض هذا هو النَّكت على الأرض، أو ربَّما في بعض الأحيان يُراد من النَّكت على الأرض بإصبعهِ بيدهِ – فَنَكَتَ سَاعَةً فِي الأرض – ساعة؛ ليس المراد من الساعة أنَّ المراد ستون دقيقة، وإنَّما هُنيئة من الوقت فيُعبَّر عنه بلسان العرب ساعة – فَنَكَتَ سَاعَةً فِي الأرض ثُمَّ قالَ: إنَّهُ لَعِلَم – كما تقول أنت – وَمَا هُو بِذَلِك – إنَّه لَعلْم؛ حقيقةً هو علم ولكن ما هو بذلك إذا أردت أنْ تقيسهُ إلى فضلنا وإلى علمنا وإلى حقيقتنا الكاملة – إنَّهُ لَعِلَم وَمَا هُو بِذَلِك، ثُمَّ قَال: يَا أَبَا مُحَمَّد وَإِنَّ عِنْدَنَا الجَامِعَة وَمَا يُدْرِيِهِم مَا الجَامِعَة، قَالَ: قُلتُ: جُعِلْتُ فِدَاك وَمَا الجاَمعَة؟ قَالَ: صَحِيْفَةٌ طُولُها سَبْعُون ذِرَاعَاً بِذِرَاعِ رَسُولِ الله وَإِمْلَاء مِنْ فَلَقِ فِيه – بشكل مباشر – وخَطِّ عَلِيٍّ بِيَمِينِه فِيهَا كُلُّ حَلَالٍ وَحَرَام وكُلُّ شيءٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيه حَتَّى الأَرْش فِي الخَدَش – الخَدَش أو الخَدْش الجراحة الصغيرة الَّتي تكون في اليد، والأرش؛ يعني التعويض الدية، الدية لهذه الجراحة، طبعاً الخَدَش أو الخَدْش لا يخرج منه الدم، مثل ما تُحرِّك ظفر اصبعك على جلدك فتترك خطاً هو هذا الخَدَش أو الخَدْش، والإمام يشير إلى هذه القضيَّة وكأنَّها شيءٌ مهم بالنسبة إليهم. هذه قضيَّةُ الحلال والحرام شيءٌ يَشتغل به النَّاس ويتصوَّرون أنَّ العلم هو هذا العلم – وضَرَبَ بِيَدِهِ إليَّ فقَالَ: تَأْذَنُ لِي يَا أَبَا مُحَمَّد؟ قَالَ: قُلتُ: جُعِلْتُ فِدَاك إِنَّما أَنَا لَكْ اصْنَع مَا شِئْت، قَالَ: فَغَمَزَني بِيَدِهِ، فَقَال: حَتَّى اِرْش هَذَا – حتَّى فقط غمزه بيدهِ – وضَرَبَ بِيَدهِ إليَّ فقَالَ: تأَذَنُ لِي يَا أَبَا مُحَمَّد؟ قُلتُ: جُعِلْتُ فِدَاك إِنَّما أَنَا لَك – أنا مُلكك – اصْنَع مَا شِئْت، قَالَ: فَغَمَزَني بيدهِ فَقَال: حَتَّى ارْشُ هَذَا، كَأنَّهُ مُغضِب، قَالَ: قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك هَذَا واللهِ العِلْم، قَالَ: إِنَّهُ لَعِلم وَلَيْسَ بِذَلِك – هذا أنتم تتصوَّرونه علم – قَالَ: إِنَّهُ لَعِلم وَلَيْسَ بِذَلِك، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَة، ثُمَّ قَالَ: إنَّ عِنْدَنَا الجَفر وَمَا يُدْرِيْهم مَا الجَفْر مِسْكُ شاَة – مسك يعني جلد – مِسْكُ شَاة أَو جِلْدُ بَعِير، قَالَ: قُلتُ جُعِلتُ فِدَاك مَا الجَفْر؟ قَالَ: وِعَاءٌ أَحْمَر أَو أَدَم أَحْمَر – الأدم يعني جلد – فِيه عِلمُ النَّبِيِّين والوَصِيِّين، قُلتُ: هَذَا واللهِ هُو العِلْم، قَالَ: إنَّهُ لَعِلم وَمَا هُو بِذَلِك، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَة، ثُمَّ قَال: وَإِنَّ عِنْدَنا لمُصْحَف فَاطِمَة عَلَيْهَا السَّلَام وَمَا يُدْرِيْهُم مَا مُصْحَفُ فَاطِمَة، قَالَ: مُصْحَفٌ فِيهِ مِثلُ قُرْآنِكُم هَذَا ثَلَاث مَرَّات واللهِ مَا فِيه مِن قُرْآنِكُم حَرْفٌ وَاحِد إِنَّما هُو شَيْءٌ أَمْلَاهَا الله وَأَوْحَى إِلَيْهَا – شيءٌ أملاه الله على فاطمة – إِنَّمَا هُو شَيءٌ أَمْلَاهَا الله وَأَوحَى إِلَيْهَا – هذا هو مصحف فاطمة إملاءٌ من الله على فاطمة – إِنَّمَا هُو شَيءٌ أَمْلَاهُا الله وَأَوحَى إِلَيْهَا، قَالَ: قُلْتُ: هَذَا وَاللهِ هُو العِلْم، قَالَ: إِنَّه لَعِلم ولَيْسَ بِذَاك، قَالَ: ثُمَّ سَكَت سَاعَة، ثُمَّ قَال: إِنَّ عِنْدَنَا لَعِلْم مَا كَانَ وَمَا هُو كَائِن إِلَى أنْ تَقُوم السَّاعَة، قَالَ: قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك هَذَا واللهِ هُو العِلْم، قَالَ: إِنَّهُ لَعِلم وَمَا هُو بِذَاك، قَالَ: قُلتُ: جُعلتُ فِدَاك فَأْيُّ شَيْءٍ هُو العِلْم؟ قَالَ: مَا يَحْدُثُ بِالَّليلِ وَالنَّهَار الأَمْرُ بَعْدَ الأَمْر وَالشَيْءُ بَعْدَ الشَيْء إِلَى يَوم القِيَامَة – العلم الحضوري، وليس الإخباري وإلَّا قبل قليل الإمام أشار إلى العلم الإخباري، حين قال إنَّ عندنا لَعلم ما كانَ وما هو كائن إلى أنْ تقوم السّاعة، هذا علمٌ إخباري العلم الحقيقي هو العلم الحضوري أنَّ المعلومات حاضرة بنفسها، لِذَلك حين قَال أبو بصير واللهِ هو العلم قال الإمام – إِنَّهُ لَعِلم وَمَا هُو بِذَاك، قَالَ: قُلتُ: جُعلتُ فِدَاك فَأْيُّ شَيْءٍ هُو العِلْم؟ قَالَ: مَا يَحْدُثُ بِالَّليلِ وَالنَّهَار الأَمْرُ بَعْدَ الأَمْر وَالشَيْءُ بَعْدَ الشَيْء – هو العلم الحضوري العلم الإحاطي {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} الإحاطة، الأشياء حاضرة بنفسها عندهم صَلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم أجمعين. نذهب إلى فاصل ونستمع إلى نزار القطري عليّ مولى. عَن صَالح اِبْن سَعيد أَيضَاً فِي بَصائر الدَرجَات:- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الحَسَن – يُشير إلى الإمَام الهَادِي صَلواتُ اللهِ وسَلامهُ عليه – دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الحَسَن فَقُلتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاك – مَتى دَخل عَليه؟ دَخل عَليه حِين جَلب العبَاسيون إِمامَنا الهَادِي مِن المدينَة إلى سَامراء وتَركوه في خَان الصَعَاليك، فَلمَّا دخل عليه ورآه في ذلك المكَان، هم يريدون إهانة الإمام – فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاك فِي كُلِّ الأُمُور أَرَادُوا إِطْفَاءَ نُورِك وَالتَقْصِيرَ بِك حَتَّى أَنْزَلُوكَ هَذَا الخَان الأَشْنَع خَانَ الصَّعَالِيك، فَقَالَ: هَاهُنَا أَنْتَ يَا ابْنَ سَعِيد ثُمَّ أَومَأ بِيَدِه فَقَال: انْظُر فَإِذَا أَنَا بِرَوضَاتٍ نَاظِرَات فِيْهِنَّ خَيْرَاتٌ عَطِرَات وَوِلدَاْن كأنَّهُنَّ اللؤلُؤ وأَطبَاق رَطِبَات فَحَارَ بَصَرِي، فَقَالَ: حَيثُ كُنَّا فَهَذَا لَنَا عَتِيد وَلَسْنَا فِي خَانِ الصَّعَالِيك – وهو مصداقٌ من مصاديق التقلُّب في الصور، مصداق من مصاديق التجلِّيات والإحاطة، الإحاطة حضور المعلومات وكون هذه الحقائق تحت ولايته، تحت سُلطته، فهي خفيةٌ عن حواسِّنا، وهي من عوالم أخرى لكنَّها حاضرةٌ بين يديه. الجهةُ الخفيةُ الَّتي تخفى علينا والرّواياتُ في هذا الاتجاه، أنا قَد عيَّنت مَجموعة من الرّوايات لكنَّها طويلة أرى الوقت يجري سريعاً لِذا طَويت كَشحاً عَنها وأعرضتُ عن ذكرها وإلَّا هُناك روايات عديدة وما كان في نيتي أقرأ هذه الرّواية، لكن لأنَّ هذه الرواية مختصرة وقصيرة تلوتها على مسامعكم على سبيل المثال والأنموذج، الرّوايات الَّتي كُنت قد عيَّنتها عيَّنت رواياتٍ طويلة لكنَّ الوقت يجري سراعاً لِذا أعرضتُ عن ذكر تِلكم الرّوايات وأوردت لكُم هذه الرّواية القصيرة. في الكافي الشَّريف الرّواية:- عَن سَدِير الصَيْرَفِي: قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِير وَيَحْيَى البَزَّاز وَدَاوود ابْنُ كَثِير فِي مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ الله عَلَيْه السَّلَام إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا وَهُو مُغْضَب فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ: يَا عَجَبَاً لِأَقْوَامٍ يَزْعُمُون أَنَّا نَعْلَمُ الغَيْب، مَا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا الله عزَّ وَجَلّ لَقَد هَمَمْتُ بِضَرْبِ جَارِيَتِي فُلَانَة فَهَرَبَت مِنِّي فَمَا عَلِمْتُ فِي أَيِّ بُيُوت الدَّار هِي – أنا رأيت العديد من العُلماء حين يستدلون على موضوع أنَّ الأئمَّة لا يعلمون الغيب، يأتون بهذه الحادثة، وحتَّى على المنابر حين يتحدَّثون يأتون بهذه الحادثة، اقرأ الكلام مرَّة ثانية عليكم – عَن سَدِير: قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِير وَيَحْيَى البَزَّاز وَدَاوود ابْنُ كَثِير فِي مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ الله – مجلس؛ يعني صالة الاستقبال، المكان الَّذي يستقبل فيهِ عُموم الزائرين، هذا هو الَّذي يُقال له مجلس ويكون بعيداً عن مكان العائلة ما يُصطلح عليه البراني، قديماً كانوا يُقسِّمون البيوت إلى قسمين: البراني والجواني، الجواني الَّذي يرتبط بالعائلة والبراني الَّذي يرتبط بالضيوف – كُنْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِير وَيَحْيَى البَزَّاز وَدَاوود ابْنُ كَثِير فِي مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ الله إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا وَهُو مُغْضَب – يعني كأنَّ شيئاً أغضَبَهُ – فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ: يَا عَجَبَاً لِأَقْوامٍ يَزْعُمُون أَنَّا نَعْلَمُ الغَيْب – هذا مكان مفتوح يجلس فيه كثيرون – مَا يَعْلَم الغَيْب إِلَّا الله عزَّ وَجَلّ لَقَد هَمَمْتُ بِضَرْبِ جَارِيَتِي فُلَانَة فَهَرَبَت مِنِّي فَمَا عَلِمْتُ فِي أَيِّ بُيُوت الدَّار هِي – لو أنَّ كلام الإمام الصّادق إلى هنا ينتهي ربَّما نُعطي حقَّاً للذين يستدلون بهذه السطور على قضيَّة عدم علم الأئمَّة بالغيب ربَّما وإن كانت الرّوايات الأخرى الكثيرة جداً لسانُها غير هذا اللسان بحسب قانون المداراة المطلب الواحد الإمام يتكلَّم فيه في أكثر من أُفق، قطعاً هو يريد منَّا أن نؤمن وأن نعتقد بالأُفق الأعمق وإلَّا لماذا ذكرهُ؟! فتوجد روايات في هذا الجانب أعمق من هذه الرّواية، ولكن القضيَّة أنَّ هذه الرّواية لا تقف عند هذا الحدّ، الرّواية طويلة، سأقرأ لكم تتمَّة الرّواية الَّتي لا يذكرها بعض العلماء حين يستدلون على عدم علم الأئمَّة بالغيب ولا يذكرها كذلك الخطباء حينَ يتحدَّثون عن هذه القضيَّة، بينما القسم الأكبر من الرّواية هو الَّذي لا يُذكر ويُذكر القسمُ القليل – قالَ سَدير: فَلَمَّا أَنْ قَامَ مِن مَجلِسِهِ – يعني من البراني – وَصَارَ فِي مَنْزِلِه – دخلَ إلى الداخل، المجلس ذلك للعموم – قَالَ سَدِير: فَلَمَّا أَنْ قَامَ مِن مَجلِسِهِ وَصَارَ فِي مَنزِلِه – في القسمِ الداخلي – دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَصِير وَمَيْسِر وَقُلْنَا لَهُ: جُعِلْنَا فِدَاك سَمِعْنَاك وَأَنْتَ تَقُول كَذَا وَكَذَا فِي أَمْرِ جَارِيَتَك وَنَحْنُ نَعْلَم أنَّك تَعْلَمُ عِلْمَاً كَثِيراً وَلَا نَنْسِبُكَ إِلَى عِلْم الغَيْب، قَالَ: فقَالَ: يَا سَدير أَلَم تَقْرَأ القُرْآن؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَهَل وَجَدَت فِيْمَا قَرَأْتَ مِن كِتَابِ الله عزَّ وجلَّ: {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاك قَد قَرَأْتُهُ، قَالَ: فَهَل عَرَفْتَ الرَّجُل وَهَل عَلِمْتَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِن عِلْم الكِتَاب؟ قَالَ: قُلْتَ: أَخْبِرْنِي بِه؟ قَالَ: قَدرُ قَطْرَةٍ مِن المَاء فِي البَحْر الأَخْضَر – يعني في المحيط – قَالَ: قَدرُ قَطْرَةٍ مِنَ المَاء فِي البَحْر الأَخْضَر فَمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِن عِلْمِ الكِتَاب؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاك مَا أَقَلَّ هَذَا – باعتبار هذا عندهُ علمٌ من الكتاب، قال الإمام ما أقل هذا – قَالَ سَدِير: جُعِلْتُ فِدَاك مَا أَقَلَّ هَذَا؟ فَقَال: يَا سَدِير مَا أَكْثَرَ هَذَا أَنْ يَنْسِبَهُ اللهُ عزَّ وَجَلَّ إِلَى العِلْم الَّذِي أُخبِرُكَ بِه، يَا سَدِير فَهَل وَجَدَتَ فِيْمَا قَرَأَتَ مِن كِتَابِ الله عزَّ وَجَلّ أَيْضَاً: {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} قَالَ، قُلْتُ: قَدْ قَرَأْتُهُ جُعِلْتُ فِدَاك، قَالَ: أَفَمَن عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ كُلُّه أَفْهَمُ أَمْ مَن عِنْدَه عِلْمُ الكِتَابِ بَعْضُه؟ قُلْتُ: لَا، بَلْ مَن عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ كُلُّه، قَالَ: فَأَومَأ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: عِلْمُ الكِتَابِ واللهِ كُلُّهُ عِنْدَنَا عِلْمُ الكِتَابِ واللهِ كُلُّهُ عِنْدَنَا – كرَّر ذلك مرتين صلواتُ الله وسلامهُ عليه. وأعتقد أنَّ الرّواية واضحة، الرواية تتحدَّث بشكلٍ صريحٍ وجليٍّ عن أنَّ علم الكتاب كلُّه لديهم، وعلمُ الكتاب هو علمٌ محيطٌ بكلِّ شيء، حين أقول علم الكتاب ليس مراد المصحف، المصحف صورة لفظية لحقيقة القُرآن، القُرآن هو تجلٍّ من الاسْم الأعظم الأعظم الأعظم، علمُ الكتابِ كَما عُبِّر عنه في كلماتهم وفي رواياتهم عِلمُ الكتابِ هو عِلمُ الاسم الأعظم الأعظم الأعظم، هكذا وَرَد في أحاديثهم وفي رواياتهم الشريفة ولا أريد أنْ أُطيل كثيراً عند هذا المطلب لكنَّني أتجوَّلُ بين كلماتهم وبين أحاديثهم ونذهب إلى فاصل عدلين ميتين يمَّك يا عليّ. في حَديثِ أَهل البَيت في رِواياتهم الشّريفة، عَن مَالكٍ الجُهني يَنقل لنَا عَن إمامَنا الصّادق الرّواية موجُودة في كَشف الغُمَّة للأربلِّي ومَوجودة في دَلائل الإمامة للحِميَري، الإمام يقول لمالك الجُهني:- يَا مَالِك قُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم واجْعَلُونَا مَخْلُوقِين – هذه هي القاعدة، مَا مرَّ من كلامٍ، ما مرَّ من حديثٍ هو خاضع لهذه القاعدة فأين الغلو في ذلك؟! لمن اشتبه عليه الأمر وتصوَّر أنَّ هذا من الغلو – يَا مَالِك قُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم – ما تقدَّم من قولٍ ما هو بقولي في الحلقات السابقة هو قولهم، أنتم لاحظتم أنا ما نقلت لا عن أحد ولا عن مُخالف ولا عن شِيعي ولا نقلتُ كَلامي ولا قلتُ هذا رأيي وإنَّما هو قُرآنهم وأحاديثهم تُفسِّرُ قرآنهم، فحين قلنا عنهم قلنا بقولهم، الإمام هنا يقول – يَا مَالِك قُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم – يعني الإمام فتح الأبواب للحديثِ عن منازلهم، حتَّى خارج ما جاء عنهم، ومَع ذلك نحنُ ما خرجنا عن حديثهم ما أضفنا شيئاً على حديثهم التزمنا بحديثهم – يَا مَالِك قُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم – قطعاً قولوا فينا ما شئتم أنْ يكون الكلام منضبطاً لحديثهم – واجْعَلُونَا مَخْلُوقِين. مِيثَم التمَّار، المشهور النّاس تردِّد مَيثَم، اللفظ الصحيح هو مِيثَم، مِيثَم التمَّار، مِيثَمُ التمَّار يُحدِّثنا عن أمير المؤمنين، أمير المؤمنين يقول لِمِيثَم – حَدِّثُوا عَن فَضْلِنَا وَلَا حَرَج وَعَن عَظِيمِ أَمْرِنَا وَلَا إِثْم – في نوادر الحكمة من كتب الحديث المعروفة – حَدِّثُوا عَن فَضْلِنا وَلَا حَرَج وَعَن عَظِيمِ أَمْرِنَا وَلَا إِثْم. وفي كتاب البصائر لشيخنا أبي جعفرٍ الصفَّار من أصحابِ إمامنا العسكري، الإمامُ الصّادق يُخاطب إسماعيل ابن عبد العزيز:- يَا إِسْمَاعِيل لَا تَرْفَع البِنَاء فَوقَ طَاقَتِهِ فَيِنْهَدِم – البناء العلمي العقائدي – اِجْعَلُونا مَخلُوقِين وقُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم فَلَن تَبلُغُوا – ولاحظتم الأحاديث السَابقة في الحلقات الماضية كُلّ الأحاديث محكومة بهذه القاعدة – يَا إِسْمَاعِيل لَا تَرْفَع البِنَاء فَوقَ طَاقَتِهِ فَيِنْهَدِم، اِجْعَلُونَا مَخلُوقِين – خلق اسماً بالحروفِ غير متصوَّت وباللفظ غير مُنطق مرَّ علينا، خلقه فاستقرَّ في ظلِّه فلا يخرجُ منهُ إلى غيره – اِجْعَلُونا مَخلُوقِين وقُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم فَلَن تَبْلُغُوا. كاملُ التمَّار والرّواية في بصار الدرجات عن إمامنا الصّادق:- يَا كَامِل اِجْعَلُوا لَنَا رَبَّاً نَؤُوبُ إِلَيْه – اجعلونا مخلوقين – اِجْعَلُوا لَنَا رَبَّاً نَؤُوبُ إِلَيْه وقُولوا فِيْنَا مَا شِئْتُم، ثُمَّ قَال – ماذا يقول إمامنا الصّادق؟ – وَمَا عَسَى أَنْ تَقُولَوا – ماذا تريدون أنْ تقولوا؟ هذه الرّواية في غاية الأهميَّة – يَا كَامِل اِجْعَلُوا لَنَا رَبَّاً نَؤُوبُ إِلَيْه وقُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم، ثُمَّ قَال لَهُ إِمَامُنَا الصَّادِق: وَمَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا – ما تراكم قائلين؟ ماذا تريدون أنْ تقولوا؟ عقولكم محدودة ألفاظكم محدودة تصوراتكم محدودة – وَمَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا – بل أكثر من ذلك الإمام ماذا قال؟ – وَعَسَى أَنْ نَقُول – وحتَّى نحنُ ما عسى أن نقول لكم؟ اللغة محدودة وأنتم محدودون – يا كَامِل اِجْعَلُوا لَنَا رَبَّاً نَؤُوبُ إِلَيْه وقُولَوا فِيْنَا مَا شِئْتُم وَمَا عَسَى أَنْ تَقُولُوا وَعَسَى أَنْ نَقُول مَا خَرَجَ إِلَيكُم مِن عِلْمِنَا – ما خرج من العلم – إلَّا أَلِفٌ غَيرُ مَعْطُوفَة – هذا الّذي خرجَ إليكم من علمنا، كلُّ ما حدَّثناكم بهِ إلَّا كألفٍ غير معطوفة، ما عسى أنْ تقولوا وما عسانا أنْ نقول، الألف في الخطّ الكوفي حين تُكتب في الخط الكوفي زمان الأئمَّة حين تُكتب كانت تُكتب بشكلٍ معقوف، يعني لا تُكتب الألف بشكل خطٍّ مُستقيم وإنَّما تُكتب بشكل خطٍّ مُستقيم ثُمَّ تُعقف هكذا يؤتى بها ثُمَّ تُعقف تُعطف، الإمام يقول: ما أظهرناهُ لكم من العلم حتَّى لا يُمثِّل نصف حرف، هو الحرف بكاملهِ لا يُمثِّلُ كلمةً، يعني الآن حين نكتب الألف بالخطّ الكوفي هل يدل على شيء؟ لا يدلُ على شيء، في عالم الألفاظ واللغة هل يدلُ على شيء؟ حرف منفرد، هذا يُقال لهُ في اللغة حرفٌ مُهمل هو حرف ولكن مهمل لماذا مهمل؟ لأنَّهُ لا معنى لهُ يعني الَّذي كتبهُ الَّذي وضعهُ هكذا كتبهُ وأهملهُ لا يوجد قصد من ورائه، فإذا كان الحرف الكامل هو مُهمل فما بالك بنصف الحرف، يا كامل ما خرج إليكم من علمنا إلَّا كهذه الألف، الألف غير المعطوفة، يعني ولا شي، يعني ما خرج إلينا ما هو بشيء، كلُّ تلكم الأحاديث كلُّ تلكم البيانات إنَّها بجانب الحقيقة، الحقيقةُ أبعد وأعمق. المثال الَّذي ضربهُ الإمام لهذا السائل الّذي سألهُ حين دخل عليهِ في خان الصعاليك ابنُ أبي سعيد حين دخل على الإمام والإمام كشف لهُ عَن تِلكم الرِّياض النَظرة، ابنُ ابي سعيد رأى خانَ الصَعاليك والإمام صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه أراد أنْ يُنبِّهه إلى أنَّ وراء هذا الخان شيء آخر، فأراه شيئاً هو بحسبهِ يراه عظيماً، نحنُ ما رأينا إلَّا خان الصعاليك هي هذه الحقيقة، ما رأينا ما وراء خان الصعاليك، ما خرج إلينا بمثابة ألفِ غير معطوفة. فأينَ سيذهبُ عِلْمُنا وعقلنا وفهمنا ومداركنا وثقافتنا ومعلوماتنا أين سيذهب بجانب حقيقة علمٍ ما خرج منه إلينا إلَّا كألفٍ غير معطوفة!! العجزُ عن المعرفةِ هو عينُ المعرفة وهذه التفاصيل بِكُلِّها الَّتي تقدَّمت والَّتي تأتي ما بلغنا عنهم وما لم يبلغنا ما أسرُّوا ما أعلنوا ما اقتربت عقولنا من فهمهِ ما استعصى علينا فهمهُ كلُّ هذا لا يُعدُّ بشيءٍ إلى جنابِ فضلهم وإلى سَاحة عِلمهم ونَبقى مَهما قُلنا فإنَّنا لَن نَبلغ شَيئاً ولا مِعشَار العُشر كما قال سيّد الأوصياء في حديث المعرفة بالنَّورانيَّة. نذهب إلى فاصل ومفروض عالنَّاس حُبَّك يا عليّ. الكلمة الَّتي قالها إمَامنا السَّجاد صَلواتُ اللهِ وسَلامهُ عليه لِجابِر ابن يَزيد الجُعفي ومرَّت عَلينا تَلوتها عَلى مَسامعكم أكثَر مِن مرَّة، لكنَّ هَذه الكَلمة في غاية الأهميَّة تُجملُ كلَّ الحديث – وَأَمَّا المَعَانِي – المعاني الإلهية – وَأَمَّا المَعَانِي فَنَحْنُ مَعَانِيه – نحنُ معاني الله سبحانه وتعالى هم المعنى، كما قال أمير المؤمنين صلواتُ الله وسلامهُ عليه في خُطبِهِ وأحاديثه الافتخارية، مَاذا قال؟ قال – وأَنَا الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَقَعُ عَلَيهِ اِسْمٌ وَلَا شَبَه – وَأَمَّا المَعَانِي – إمامُنا السَّجاد يقول:- فَنَحْنُ مَعَانِيه وَمَظَاهِرُهُ فِيكُم اِخْترَعَنَا مِن نُورِ ذَاتِه وَفَوَّضَ إِلَيْنَا أُمُورَ عِبَادِه فَنَحنُ نَفْعَلُ بِإذْنِهِ مَا نَشَاء وَنَحْنُ إِذَا شِئْنَا شَاءَ الله وَإِذَا أَرَدْنَا أَرَادَ الله وَنَحْنُ أَحَلَّنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا المَحَلَّ وَاصْطَفَانا مِن بَينِ عِبَادِه وَجَعَلَنا حُجَّتَهُ في بِلَادِه. هذا السَّطر القَصير يُجمِلُ لنا تمامَ الكلام – فَنَحْنُ مَعَانِيه ومَظَاهِرُهُ فِيكُم اِخْترَعنَا مِن نُورِ ذَاتِه – هذه هي الخلاصة – فَنَحْنُ مَعَانِيه ومَظَاهِرُهُ فِيكُم اِخْترَعنَا مِن نُورِ ذَاتِه – بقيَّة الكلام تفاصيل – وَفوَّضَ إِلَيْنَا أُمُورَ عِبَادِه فَنَحْنُ نَفْعَلُ بِإذْنِهِ مَا نَشَاء ونَحْنُ إِذَا شِئْنَا شَاءَ الله وَإِذَا أَرَدْنَا أَرَادَ الله – إلى آخر الكلام هذه تفاصيل، هذه آثار هذه انعكاسات هذه تجلِّيات هذه صور سمّي ما شئت. زُبدة الكَلام هُنا: فَنَحْنُ مَعَانِيه ومَظَاهِرُهُ فِيكُم اِخْترَعنَا مِن نُورِ ذَاتِه. ولكِن هذه المطَالب تبقى محكومةً بالقواعد الَّتي مرَّت الإشارةُ إليها، أن لا نرفع البِناء فوق طاقته فينهدم، يا إسماعيل لا ترفع البناء، الإمام الصَّادق يُخاطب إسماعيل ابن عبد العزيز:- يَا إِسْمَاعِيل لَا تَرْفَع البِنَاء فوقَ طاقتهِ فينهَدِم، اِجَعَلُونَا مَخْلُوقِين وَقُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم لَنْ تَبْلُغُوا، لَنْ تَبْلُغُوا فَضْلَنَا قُولُوا فِيْنَا مَا شِئْتُم وَمَا خَرَجَ إليكم من عِلم إنَّهُ ألفٌ غَيرُ معطوفة، ما خرج إلينا شيء، كلُّ الَّذي خرج بالقياس إلى الحقيقةِ لا شيء، نحنُ نمشي بجانب الحقيقة، فيما بيننا وبين الحقيقة جدار، لكن لجمالِ الحقيقة نشمُّ عطرها، كالَّذي يمشي بجانبِ جدارٍ عالٍ وراء هذا الجدار قصرُ المَلِك وقصرُ المَلِك تُحِيطُ بِه الحدائق الملآى بالأزهار والورود والرياحين فكُلَّما هبَّ النَّسيم حملَ معهُ عِطر تِلكم الرّياحين، الَّذي يسير بجانب الحائط بجانب هذا الجدار العالي لا يرى شيئاً لكن إذا صادف وأنَّ النَسيم هبّ ومرَّ على خياشيمه فإنَّهُ سيشمُّ العطر، نحنُ نمشي بجانب الحقيقة، بالتوفيقِ يمكننا أنْ نَشُمُّ ذلك العطر كما مرَّ علينا في رواية إمامنا الصَّادق في البصائر قبل قليل قرأتها عليكم – وَالْحَمْدُ للَّهِ عَلَى التُّوفِيق – نحنُ نمشي بجانب الحقيقة وبالتوفيقِ نشمُّ العطر بالتوفيقِ تهبُ علينا نسائمهم فنشمُّ ذلك العطر العاطر وتلك هي نفحاتٌ قدسيةٌ من آفاق معرفتهم صلواتُ الله وسلامهُ عليهم أجمعين ونمدُّ أيدينا بالتوسلِ وبالاستجداء وبالوقوف وبالعكوف الطويل على أعتاب أعتابِ أبوابهم. إذا كان الشاعر يقول: أَطوفُ بِبَابِكُم فِي كُلِّ حِينٍ كَأنَّ بِبَابِكُمْ جُعِلَ الطَّوَافُ نحنُ حتَّى هذا المعنى لا نستحقُّهُ ولَو وُفقنا لهُ فبتوفيقٍ منهم، لو فعلاً نحنُ نطوف بأبوابهم في كلِّ حِينٍ، لكن لا كما يقول الشاعر كأنَّ بأبوابكم جُعِلَ الطواف هو الطوافُ بأبوابهم، الطوافُ بأبوابهم وجُعِلَ في مكَّة لأنَّ مكَّةَ ولأنَّ الكَعبة شُرِّفت بأنوارهم، فالطوافُ هُناك في مكَّة كأنَّهُ بأبوابهم، مَكَّةُ شُرِّفت وطُهِّرت بنورِ فاطمِةَ بِنت أسَد حِينَ حلَّت فاطمةُ بِنتُ أسَد في الكعبةِ شرَّفت الكَعبة لأنَّها تحملُ عليَّاً، أمَّا عليٌّ فشأنهُ شأنٌ آخر، إنَّما نُوِّرت الكعبةُ وطُهِّرت بمجيء فاطمة بنت أسد، لأنَّها تُنسبُ إلى عليٍّ هي أمُّ عليٍّ فحلَّت أمُّ عليٍّ في الكعبةِ فطهَّرتها ونوَّرتها وشرَّفتها، أمَّا عليٌّ فشأنهُ شأنٌ آخر؟! كما قال إمامُنا الصَّادقُ صَلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه لِذاك الَّذي سألهُ عن سلمان فقال: كان سلمانُ مُحدَّثاً، فقال وصاحبه؟ قال: أقبل على شأنك، فأقولُ لنفسي: أقبل على شأنك، وأقول لكم أيضاً: أقبلوا على شأنكم، فالحديثُ عن عليٍّ عليٌّ عليٌّ عليٌّ والعليُّ بعيدٌ العليُّ هو أعلى من العالي حتَّى في اللغة، العليّ هو أعلى من العالي والَّذي يكون أعلى من العالي بعيد بعيدُ المنال. في ما بقيَ من وقتِ هذه الحلقة أُشير وبشكلٍ سريع، كان في بالي أن أتحدَّث بنحوٍ أوسع ولكن بشكلٍ سريع فإنَّني قد ذكرتُ في بداية الحديث من الأسباب الَّتي أدَّت إلى هذه الإشكالية الواضحة في ساحة الثقافة الشيعية، المؤسسة العلمية، العلماء، المشاكل الَّتي تطوف حول العلماء، لا أريد أنْ أتحدَّث عن المعاصرين ولا عن الَّذين سبقوهم ولا عن علماء عصر الغيبة سأشير إلى أمثلة، مرادي عصر الغيبة الكبرى. سأشير إلى أمثلة لأشخاص هم قريبون من الأئمَّة أخذ مثالين: المثالُ الأوَّل: وكلاء نوَّاب قوَّام كما تسميهم كتب الأخبار والسيِّر والأحاديث، قُوَّام الإمام الكَاظم صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه، عليّ ابنُ أبي حمزة البطائني، زياد ابن مروان القَندي، عثمان ابن عيسى الرؤاسي، ابن مهران، وغيرهم، ابن أبي سعيد، وأسماء أخرى، هؤلاء كانوا مراجع الشيعةِ في تلكم الفترة العَصيبة، أيُّ فترة؟ من الفترات العصيبة الَّتي مرَّت على شيعة أهل البيت الفترة الهارونية، إمَامُنا الكَاظِم هو الَّذي يقول: إنَّ الله خيَّرني نفسي والشيعة، الله خيَّر إمَامنا الكَاظم البلاء ينزل على الشيعة أو هو يتحمَّلُ البَلاء، فهو اختار البَلاء وكان البَلاء يجري على إمامنا موسى ابن جعفر، فَترة عَصيبة جداً، مرَّت على الشيعة وعلى أولياء أهل البيت، في تلكم الفترة كانت هذه الأسماء اللامعة مراجع للشيعة، لأنَّ الإمام يُنقل من زنزانةٍ إلى زنزانة ومن طامورةٍ إلى طامورة، ألا نخاطبهُ في زيارتهِ:- السَّلَامُ عَلَى الْمُعَذَّبِ فِي قَعْرِ السُّجُون وَظُلَمِ المَطَامِير – سُجون ومطامير ليس سجن واحد ولا طامورة واحدة سجون ومطامير، يُنقل من سجنٍ إلى سجن، من محبس إلى محبس، ومن طامورة إلى طامورة، في تلكم الظروف العصيبة هذه الأسماء اللامعة أمثال البطائني والقندي والآخرون كانوا مراجع للشيعة وكانَت الشِّيعة تحملُ الأموال الكثيرة إليهم، هي أموالُ الإمام الكَاظم وحين استُشهد إمامُنا الكَاظم قالوا: بأنَّهُ لم يُستشهد وبأنَّ الإمامة انتهت عند الإمام الكاظم وبأنَّهُ غاب وسيعود ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً طمعاً في الأموال الكثيرة وفي الزّعامة. البطائني هذا عليّ ابن أبي حمزة البطائني هذا فتح عينيه، فتح عينيه أين؟ فتح عينيه على الإمامُ الصَّادق، أبو بصير الَّذي يكثر اسمهُ في الرّوايات يحيى ابن القاسم أبو بصير يحيى ابن القاسم كان ضَريراً مَن الَّذي كان يقودهُ؟ الَّذي كان يقودهُ هو هذا عليّ ابن أبي حمزة البطائني بحيث يدخل إلى مجلس الإمام الصّادق إلى المجالس الخاصة الَّتي ما كان يدخل فيها إلَّا الخواص وكان يسمع الحديث ونقل الكثير من الحديث عن أبي بصير، عليّ ابن أبي حَمزة البطائني من كبار المحدِّثين وإلى اليوم نَحنُ ننقل أحاديثه فقد روى الكثير عن الإمام الصَّادق وعن الإمام الكاظم ولكنَّها الزَّعامة والأموال دفعتهُ إلى أنْ يُؤسس عقيدةً جديدة وأنْ يُنكر إمامة الإمام الرّضا صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه وفي رواياتنا، والنتيجَة أنَّهُ ما بقي طَويلاً بعد الإمام الكاظم، فترة زمنية ثُمَّ مات، الإمامُ الرّضا يقول: حين مات البطائني وجاءتهُ الملائكة تسأله عن أئمَّتهِ فعدَّد الأئمَّة فحين وصل إلى اِسمي وقف، هم يُسمُّونهم الواقفة، الواقفةُ حَمير الشيعة، الكلابُ الممطورة هكذا سمَّتهم الرّوايات، إنَّما أنتَ وأصحابك حَمير. الإمام الرضا صلواتُ الله عليه يقول: حين سألوه عن اِسمي وقف فضربوه ضربةً على رأسهِ امتلأ قبرهُ ناراً، هذا هو البطائني والبقيَّة على نفس الجادّة، هؤلاء مراجع، هؤلاء كبار، زُعماء، هؤلاء علماء فقهاء، وفي زمان الأئمَّة وأسَّسوا النهج الواقفي، والوقف على نحوين: • هناك وقف على الأئمَّة عند إمام معيّن دون الاستمرار في السلسلة الطاهرة. • وهناك وقف في مقامات الأئمَّة، هناك من يقف ويتحيَّر في مقامات الأئمَّة. أميرُ المؤمنين صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه في حديث المعرفة بالنَّورانيَّة ماذا يقول؟ – يَا سَلْمَان وَيَا جُنْدَب، قَالَاً: لَبَّيْكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِين صَلَواتُ اللهِ عَلَيْك، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: مَن آمَنَ بِمَا قُلْتُ وَصَدَّقَ بِمَا بَيَّنْتُ وَفَسَّرْتُ وَشَرَحْتُ وَأَوضَحْتُ وَنَوَّرْتُ وَبَرْهَنْتُ فَهُو مُؤْمِنٌ مُمْتَحَنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلإِيْمَان وَشَرَحَ صَدْرَهُ لِلإِسْلَام وَهُو عَارِفٌ مُسْتَبْصِرٌ قَد انْتَهَى وبَلَغ وكَمُل وَمَن شَكَّ وعَنَدَ وجَحَد ووقَف – الواقفة ليس فقط الَّذين يقفونَ على إمام ولا يستمرون مع بقيَّة السلسلة الطاهرة، وإنَّما حتَّى الَّذين يعتقدون بكلِّهم ولكنَّهم يقفون عند مقاماتهم وعند منازلهم، هؤلاء واقفة ونفس هذه التسميات تنطبق عليهم، هؤلاء واقفة – ومَن شَكَّ وعَنَدَ وجَحَدَ وَوَقَفَ وَتَحَيَّرَ وَارْتَابَ فَهُو مُقَصِّرٌ ونَاصِب – واقف ومُقَصِّر وناصب هو يجمعُ الكمالات، إذاً حتَّى هذه التسميات: حمير، كلاب ممطورة، ستكون يعني في غاية المجاملة – ومَن شَكَّ وعَنَدَ وجَحَد ووقَفَ وَتَحَيَّرَ وَارْتَابَ فَهُو مُقَصِّرٌ ونَاصِب. قصَّةُ هؤلاء: البطائني، القندي، الرؤاسي وأمثالهم، هذه القصَّة على الشيعي أنْ يقف عندها طويلاً، أنْ يعتبرَ منها وأنْ يعتبرَ بها، هؤلاء مراجعُ الشِّيعة، ما الَّذي دفعهم لإنكارِ إمامةِ الإمام الرضا؟ الأموال والزّعامة وكثرةُ الأتباع هو هذا الَّذي دفعهم، وحينَ طرحوا هذا الفكر طرحوا الفكر الواقفي وقفوا عند إمام من الأئمَّة، أكثرُ الشيعة تبعتهم بالمناسبة أكثرُ الشيعة تبعتهم، هذه المشكلة يمكن أن تتكرَّر في كلِّ عصر من العصور، في عصر الغيبةِ يمكن أنْ يأتي من يُنكر وجود الإمام الحُجَّة أو أنَّهُ لو ظَهر الإمام يمكن أنْ يُشكِّكَ فيه، ويُمكن أن يكون هُناك من لا يُنكر ولا يُشكِّك لكنَّهُ يقف عندَ مقاماتهِ يقف عند منازلهِ يقف عند ولايتهِ فلا يرسم لهُ صورةً إلَّا أنَّهُ قائد سياسي. عندنا من مراجعنا الأحياء الآن من مراجع التقليد ممَّن كتب عن الإمام الحُجَّة صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه من الأحياء ومن الأموات أيضاً، كتبوا بأنَّ الإمام الحُجَّة عليهِ السَّلام طولُ غيبتهِ السَّببُ في ذلك: هُو قلَّة تجربتهِ لابُدَّ أنْ تَتكامل تَجربتهُ حتَّى يَستطيع أنْ يُؤسس الدولة العَالمية، هَذا مِن مَراجعنا الأموات. من مراجعنا الأحياء مراجع التقليد كتب في كتبهِ بأنَّ الإمام الحُجَّة بحاجة على إعداد نفسي، بحاجة إلى إعداد فكري حتَّى يستطيع أنْ يؤسِّس الدولة العالمية، أليس هذا وقف؟ هذا وقف، يعني وضع الإمام عنده مكان وأوقفهُ، الأئمَّة لا توجد حدود توقفهم، حينما نضع حدوداً لهم فإنَّنا نكونُ قد وقفنا بهم عند تلك الحدود، الوَقفُ لَيس مَحصوراً بالواقفةِ في الأزمنةِ المتقدِّمة، الوقفُ لا زال موجوداً بيننا. المشكلةُ في ساحة الثقافة الشِّيعية مشكلةٌ كبيرةٌ جداً، تجربة البطائِني والقَندِّي وأضرابِهما وتجربةُ آخرين أيضاً، الوقتُ يجري سريعاً كان في بالي أتحدَّثُ شيئاً ما عن الشَلمغَاني، سأترك الحديث عن الشَلمغاني وهو أيضاً من مراجع الشيعةِ في عصرهِ، أتعلمون بأنَّهُ في زمان الغيبة الصغرى الرّسالة العملية الَّتي كانت تعمل بها الشيعة ما هي؟ في زمان الغيبة الصغرى كان هناك كتاب متواجد في كلّ بيوت الشيعة، خصوصاً في بغداد، لأنَّ بغداد كانت هي المركز الَّذي يستقطبُ الشِّيعة، كان هناك كتاب متوفر في كلِّ البيوتات الشِّيعية، الرسالة العملية، أيُّ كتابٍ هذا؟ كتابُ التَكليف، مَن المؤلف؟ مُحمَّد ابنُ عليّ الشَلمغاني، هذا الشَلمغاني كان مرجع الشِّيعةِ وبتأييدٍ من النَائب الثَّالث الحُسين ابن روح النَوبَختي، ولكن بعد ذلك خرجَ اللعنُ والبراءة، خَرجت البراءة من الإمام الحُجَّة في توقيعٍ عَلى يَد الحُسين ابن روح وأمرَ الشِّيعة بِالبراءةِ من الشَلمغاني ابن أبي العَزاقر، كتابهُ التكليف كانَ الرسالة العملية المتوفرة في كلِّ البيوت الشّيعية آنذاك، نأتي على ابن أبي العزاقر إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة. أستودعكم عليَّاً صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه لقاؤنا يتجدَّدُ غداً في يا عليِّ أسألكم الدعاء جميعاً في أمانِ الله. ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الإثنين 25 شهر رمضان 1436هـ الموافق 13 / 7 / 2015م في هذه الحلقة سأتحدث عن جانب من المشكلة الثقافية الشيعية. وخلاصتها: ما بأيدينا من ثقافة شيعية هي في الحقيقة عبارة عن كوكتيل، شيء أخذ من أهل البيت، وأضاف إليه علماء الشيعة الشيء الكثير من الفكر المخالف، كما أضافوا آراءهم الشخصية ومشاربهم الخاصة وأذواقهم. وقد برهنت على هذه المشكلة في برامجي الموجودة على موقع زهرائيون. من أين نشأت مشكلة الثقافة الشيعية التي هي في غاية البعد عن أهل بيت العصمة وما هي أسبابها؟ عوامل عديدة، منها: 1- الظلم الذي وقع على العترة الطاهرة وعلى شيعتهم. 2- ضعف الشيعة وعدم استعدادهم لدفع الضريبة في نصرة الحق وبيان الحقائق. 3- مشاكل المؤسسة العلمية الشيعية وما يدور في جو العلماء. إن كان من صراعات فيما بينهم، أو ما يرتبط بالأمور المالية وبالزعامة، أو ما يرتبط بالتعصب للآراء، وما يرتبط بالجهل المركب، أو ما يرتبط بالمدارس الشيعية. ورد في كشف الغمة ودلائل الإمامة، عن إمامنا الصادق عليه السلام: “قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين”. ورد في بصائر الدرجات عن إمامنا الصادق عليه السلام: “إجعلوا لنا ربّاً نأوب إليه وقولوا فينا ما شئتم، وما عسى أن تقولوا وعسى أن نقول؟! ما خرج إليكم من علمنا إلا ألفٌ غير معطوفة” أي نصف حرف. العجز عن المعرفة هو عين المعرفة.