زهرائيّون – الحلقة ١ Show Press Release (4 More Words) زهرائيّون – الحلقة 1 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (5٬003 More Words) يازهراء بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ سَلامٌ عَلَى فَاطِمة سَيَّدةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَة، سَلَامٌ عَلَى الزّهْرَاءِ الزَّاهِرَة وَأَبِيْهَا وَعَلِيِّهَا العَالِي وَعِتْرَتِها الطَّاهِرَة، سَلَامٌ عَلَى بَقِيَّتهَا العُظمَى وَآيَتها الظَّاهِرَة … زَهرائيُّون … الحَلَقَةُ الأُولى زَهْرَائيُّونَ نَحْنُ يَا بَقيَّة الله وَالهَوَى زَهْرَائِي … زَهْرَائِيُّونَ نَحْنُ يَا أُمَّ الحُسَينِ والعُقُولُ بَيعَةٌ وَتَسْلِيمٌ وَانْتِظَارُ … زَهْرَائِيُّونَ نَحْنُ يَا أُمَّ الحُسَينِ وَالقُلُوبُ مَوَدَّةٌ وَدُمُوعٌ وَثَارُ … زَهْرَائِيُّون نَحْنُ وَالعِشْقُ كَرْبَلَائِي … زَهْرَائيُّونَ نَحْنُ وَالهَوى والهَوى زَهْرَائِي … زَهْرَائيِّون الحَلَقَة الأُولَى زهرائيُّون هذا برنامجٌ هو نقطةٌ تواصلٍ إعلاميٍ وثَقافيٍ ووجدانيٍ مَعكم أيُّها الزَّهرائيُّون … حَقيقةٌ تُلمَسُ بوضوحٍ في سَاحةِ الثَّقافة الشيعيّة، جَفاءٌ واضحٌ لإمام زمانِنا الحُجَّةِ ابن الحسَن صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليه! هذا البرنامجُ مُحاولةٌ لأنْ نشغِلَ جَانباً مِن جَوانبِ السَّاحة الإعلامية بشيءٍ من الثَّقافةِ الزَّهرائيَّةِ المهدويَّة، في كُلِّ اسبوع نتواصل معكم في كُلِّ جُمعة في حلقةٍ مِن زهرائيُّون عِبرَ شَاشةِ قناةِ القَمر الفَضائية، ولعلَّ سائلاً يسألني عن القمر الفضائية؟ كيفَ أُعرِّفها؟ القَمَرُ الفَضَائِيَة: عَلَويَّة المَذَاق … زَهْرَائيَّةُ الهَوَى … قَمَرِيَّةُ العُنْوَانْ … تَاجُ رَأسهَا حَسَنيٌّ … وجَعُهَا المُحَبَّبُ المُسْتَدِيمُ حُسَينيٌّ … مَاؤُهَا، خُبْزُهَا، مِلحُهَا زَينَبيٌ … ثَقَافَتُهَا مَهْدَويَّةٌ مَوسُومَةٌ بِالشَّوقِ وَالإنْتِظَار … أمَّا هَويتُهَا شِيعِيَّةٌ حَتَّى النُخَاع … تِلكَ هِي قَنَاةُ القَمَر … البرنامجُ هذا شِعارُنا فيهِ: زَهْرَائيُّونَ نَحنُ والهَوَى زَهْرَائِي. ومنهجنا فيه: طَلَبُ المَعَارِفِ مِن غَيرِ طَرِيقنَا أَهْلِ البَيت مُسَاوِقٌ لِإنْكَارِنَا – إمامُ زمانكم يقول – وَقَدْ أَقَامَنِي اللَّهُ وَأَنَا الحُجَّةُ ابنُ الحَسَن – صَلَواتُ اللهِ وسلامُه عليه. في هذا البرنامج ستتنوعُ العناوين وتتلوّنُ الموضوعات، ولكنَّنا في نفسِ المنهج، منهجُ الكتابِ والعترةِ فقط فقط وفقط؟! وطلبُ المعارفِ من غيرِ طريقهم صلواتُ اللهِ عليهم مُساوقٌ لإنكارهم، مُساوقٌ مُساوٍ لإنكارهم صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين. نبدأ الحديث ولكن نذهب إلى فاصل غايب ما نلومك. إمامُنا بابُ الحوائج إمامنا الكاظم صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه في وصيّتهِ لهشام ابن الحَكَم وصيَّةٌ مَبسوطةٌ طويلة، مِن أروعِ ما يُمكن أنْ أتنَاولهَا في هذا البَرنامج، أتلُو عَلى مَسامعكُم في كُلِّ حَلقةٍ مِن حَلقاتِ هَذا البَرنامج مَقطعَاً مِنها. ماذا يقول إمامُنا الكاظمُ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه؟ إِنَّ الله تَبَارَكَ وتَعالى بَشَّرَ أَهلَ العَقْلِ والفَهْم فِي كِتِابِهِ فَقَال: {فَبَشِّرْ عِبَادِ} – من هُم؟ – {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُم} – من هُم؟ – {أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} – الكلامُ مع أهلِ العقلِ والفَهم، كلامُ اللهِ معهم، كلامُ الأنبياءِ معهم، كلامُ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد صلواتُ اللهِ عليهم مَعهُم، وبرنامجُنا هذا وحديثنا هذا معهم أيضاً. إنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى بَشَّرَ أهلَ العَقْلِ والفَهْمْ، {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} – المعنى الشّائع صحيح أنَّ الآيةَ تتحدَّثُ عن صِنفين من القَول، صِنفٌ أحسن وصنفٌ ربَّما يكون حَسناً، وأصناف تكون سيّئة – {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} – هذا المعنى التّنزيلي، والمراد من المعنى التّنزيلي؛ ما يظهر من الّلغة، وما هو بالمعنى الحقيقي للآية، هو وجهٌ من وجوه الآياتِ حينما نعودُ إلى الّلغةِ وقواعدِها وألفاظِها، المعنى الحقيقي لآيات الكتابِ هو في تأويلها، والتّأويلُ بابهُ ومِفتَاحهُ وخزائنهُ عندهُم صَلواتُ اللهِ عليهم. في أحاديثهم الشَّريفة المراد من أحسن القول:- {فيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَه} – أحسنُ القولِ وَلايةُ عليٍّ، هو القول الثابت:- { يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} – بأيِّ شيءٍ يُثبِّتُهم؟ – {بِالقَولِ الثَّابِتِ} – والَّذي فُسِّر في أحاديثهم بوَلايةِ عليٍّ، القولُ الثّابتُ هو أحسنُ الأقوال. {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَولَ} القول؛ هو الكلام المقصود الواعي الَّذي يقولهُ القائل بوعيٍ بإدراكٍ وبقصدٍ وبنيّةٍ، لا يُقال للنّائم وهو يتكلَّم أو يهذي في نومهِ بأنَّ النّائمَ قد قال كذا وكذا في نومه، لو استُعمل هذا الاستعمال ما هو بدقيق، القولُ هو ما يصدرُ عن الحيّ الواعي القاصد العاقل، لا يُقال لكلامِ المجنونِ قول، لو قُلنا بأنَّ المجنون قال كذا وكذا فهو استعمالٌ ليس دقيقاً، المجنون يتكلَّم، أمَّا العاقلُ يقول، إذا كان في مقام الجدِّ والوعي والقصد. {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَولَ} الَّذين يستمعونَ إلى الأفكار، العقائد، الأطروحات المختلفة، المشاريع الفكريّة، النّظريات، المدارس، عبِّر ما شئت مِن العبارات، هذهِ كلُّها أقوال، لأنَّ أصحابها حينما يطرحونها، يطرحونها بقصدٍ وبوعيٍ منْهم وبإدراكٍ منْهم وبعزمٍ. إنَّهم يطرحونها يقولونها لأنّهم يُؤمنون بها يعتقدون بها، يُؤيّدونها، يُريدون نشْرها، أحسنُ القولِ هي عقيدةُ عليٍّ، يعني وَلاية عليٍّ … {فَبَشِّرْ عِبَادِ} – هذهِ البشرى لمن؟ مَن هم هؤلاء العباد؟ – {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} – وأحسنُ القولِ: وَلايةُ عليٍّ وَلايةُ إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه أحسنُ القولِ قولهم:- طَلَبُ المَعَارِفِ مِن غَيرِ طَريقنَا أَهْلِ البَيت مُسَاوِقٌ لِإنْكَارِنَا – لم يكن من قصدي أن أشرحَ الوصيّة بالتّفصيل، إنّما أقرأُ منها ما يحتاجُ إلى بيانٍ موجزٍ أشيرُ إليه؟! يا هِشامَ ابنَ الحَكَم: إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أكْمَلَ للِنَّاسِ الحُجَجَ بِالعُقُول – هذه وصيَّةٌ كُلُّها تتحدَّثُ عن العقلِ وعن العُقلاء، وبالعقلِ نستطيع أنْ نتواصلَ معَ إمام زمانِنا صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليه، إمامُ زمانِنا يحتاجُ عقولاً لا يحتاجُ أجساداً، الحاجةُ للأجسادِ تأتي بدرجاتٍ مُتأخرةٍ جداً عن الحاجةِ إلى العُقُول، المشروع المهدويُّ الكبير مشروعٌ عِمادُهُ العُقول، إمام زمانِنا بحاجةٍ إلى عقول، ليس هو بحاجةٍ إلى أجساد، إمامُ زمانِنا بحاجةٍ إلى فِكر، ليس هو بحاجةٍ إلى كلام في كلام ولقلقة، إمامُ زَمانِنا بحاجةٍ إلى مضمون، وحين أقول: إمامُ زمانِنا بحاجةٍ، بحاجةٍ لأجلنا … هو بذاتهِ ليس مُحتاجاً، لكنَّهُ يُريد أنْ ينفعنا، ومشروعهُ لنفعنا يحتاجُ إلى عقولٍ نملكها، إلى نظرٍ ثاقبٍ نستطيع أن نتعامل بهِ معهُ صلواتُ اللهِ عليه، نحنُ بحاجةٍ إلى عقلٍ وإلى فهم كي نفهم مرادهُ صَلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. لذا إمامنا بابُ الحوائج أوّلُ شيءٍ قاله في وصيّتهِ:- إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَشَّرَ أَهْلَ العَقْلِ والفَهْم – نحنُ بحاجةٍ إلى عقلٍ وإلى فهم. حينَ يقول إمامُنا الصَّادقُ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه:- إِنّا لَا نَعدُّ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقِيهَاً حَتّى يَكُونَ مُحدَّثَاً، فَقِيلَ لَهُ: أَويَكُون المُؤمِنُ؟! – من عامّتنا من أمثالنا – أَويَكُونْ الْمُؤْمِنُ مُحَدَّثَاً؟! – ماذا قال الإمام؟ – قالَ: مُفَهّماً – مُحدّثاً هنا يعني مُفهّماً – والْمُفَهّمُ مُحدَّثْ – فهمٌ بتسديدٍ منهم صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين. يا هِشامَ اِبنِ الحَكَم إِنَّ الله عَزَّ وَجلَّ أكْمَلَ للِنَّاسِ الحُجَجَ بِالعُقُول وأَفْضَى إِلَيهِم بِالبَيَان وَدَلَّهُم عَلَى رُبُوبيَّتِه بِالأدِلَّاء فَقَالَ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اْلرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاْخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالْنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} – هذهِ الآيات من سورة البقرة، ثُمَّ بعدَ ذلك الإمامُ صلواتُ اللهِ وسلامُه عَليه يتنقّلُ بينَ آياتٍ مختلفاتٍ من سورٍ مختلفة من سور القُرآن الكريم، الإمام يُوجّه أنظارنا أنَّ الكتابَ الكريم يُخاطِبُ أساساً وبالدرجة الأولى هؤلاء القوم الَّذين هم يعقلون – {لآيَاتٍ لِّقَومٍ يَعْقِلُونَ} يَا هِشَام قَدْ جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِك دَلِيلاً عَلَى مَعرِفَتِه بأنَّ لَهُم مُدَبِّرَاً فَقَالَ: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَومٍ يَعْقِلُونَ} وقالَ: {حَم، وَالكِتَابِ المُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} – لأيِّ شيءٍ؟ – {لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، وقالَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَومٍ يَعْقِلُونَ}، يَا هِشَام ثُمَّ وَعَظَ أَهلَ العَقْل وَرَغَّبَهُم فِي الآَخِرَة فَقالَ: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، وقالَ: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، يَا هِشَام ثُمَّ خَوَّفَ الَّذِينَ لا يَعْقِلُون عَذَابَهُ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ، وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ، وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، يَا هِشَام ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ العَقلَ مَعَ العِلْم فَقَال: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}، يَا هِشَام ثُمَّ ذَمَّ الَّذِينَ لا يَعقِلُون فَقَال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}، وقَالَ: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهَ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ}، وقَالَ: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْضِ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، ثُمَّ ذَمَّ الكَثْرَة فَقَال: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} – العقلُ معَ القِلَّة وليس مع الكَثرة، هذا هو مراد إمامنا باب الحوائج!! – ثُمَّ ذَمَّ الكَثْرَة فَقَال: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ} – لماذا؟ لأنَّهم على ضلال – {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} – وسبيل الله في كلماتِهم الشَّريفة: عليٌّ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. في دعاءِ النُّدبة الشّريف ونحنُ نُناجي أئمّتنا فماذا نقول؟:- أَينَ السَّبِيلُ بَعدَ السَّبِيل – نحنُ نُناجي إمام زمانِنا – أَينَ الحَسَنُ أَينَ الحُسَين أَينَ أَبنَاءُ الحُسَين – إلى أنْ يقول الدّعاء – أَينَ السَّبِيلُ بَعدَ السَّبِيل. وقَالَ: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} – سيّدُ الأوصياء يقول:- وأَكْثَرُ الحَقِّ فِيمَا تُنْكِرُون – {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، لا يَشْعرُونَ، يَا هِشَام ثُمَّ مَدَحَ القِلَّة فَقَال: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، وقَالَ: {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}. {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} – هذه الآية مأخُوذة من قصّةِ داوود النَّبي على نبيّنا وآلهِ وعليهِ أفضلُ الصّلاةِ والسّلام في قصّة هذا الَّذي جاء يشتكي إلى النَّبي داوود في مسألة النِّعاج – {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} – القِلّة واضحة على طولِ الكتابِ الكريم – {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}. {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} – في آلِ داوود – {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} – خطابٌ مع النّبيّين وآلِ النّبيّين – {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} – الَّذين آمنوا وعملوا الصّالحات قليلٌ ما هُم، والشّاكرون قليلٌ ما هُم، وقليلٌ من عبادي الشكور. وفي سورة هودٍ في قصّة نوحٍ النَّبي – {حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوجَينِ اثْنَينِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلَ}. إمامنا بابُ الحوائج يشير إلى هذه الآيات وإلى هذهِ المضامين – يا هِشَام ثُمَّ مَدَحَ القِلَّة فَقَالَ: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، وقَالَ: {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}، وقَالَ: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلَ}، يَا هِشَام ثُمَّ ذَكرَ أُولِي الأَلْبَاب بِأَحْسَنِ الذِّكْر وحَلَّاهُم بِأَحْسَنِ الحِلْيَة – بأحسنِ الحِلية بأحسنِ الوصف – فَقَالَ: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} – في كلمات أهل البيت في الكافي الشَّريف وفي غيرهِ الحكمةُ هنا؛ معرفةُ الإمام، هكذا هم قالوا، هكذا فسّروا قرآنهم، هذا القُرآنُ قُرآنُهم وهم يفسّرون قُرآنهم، الحكمةُ في هذهِ الآية: معرفةُ الإمام. {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}، يَا هِشَام إنَّ الله يَقُول: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ}، يَعنِي العَقْل، وقالَ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}، قَالَ: الفَهْمُ والعَقْل – القُرآنُ يتحدَّثُ مع أهل العقلِ والفَهم، ومُحَمَّدٌ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه والأئمَّةُ كُلُّهم يتحدَّثونَ معَ أهلِ العقلِ والفَهم وهذا الحديثُ مع أهلِ العقلِ والفَهم – يَا هِشَام إنَّ لُقْمَانَ قَالَ لابْنِهِ: تَواضَع لِلحَقّ – تواضع للحقّ؛ أيّ لا تَكُن مُعانداً أمامَ الحَقَائِق، تواضع للحقّ؛ يعني إذا ما واجهتَ الحقّ فاقْبَل بهِ وإنْ كانَ ذلك يؤذيك، إذا ما واجهت الحقّ فأذعن لهُ وإنْ كُنت ستدفعُ ضريبةً لذلك، أليس هذهِ الرّواية وهذهِ الكلمة تتردَّد على الألسنة كثيراً، أميرُ المؤمنين ماذا يقول؟ ماذا يقول؟:- ما تَرَكَ لِيَ الحقُّ مِن صَدِيق – وكلمةٌ ثانية دائماً تتردَّد على الألسنة:- لا تَسْتَوحِشُوا مِن طَريقِ الحَقِّ لِقلَّةِ سَالِكِيه – لماذا؟ لأنَّ الحقَّ مُرّ! الحقيقةُ مُرَّة، والحقيقةُ دائماً في جانب العقل، والعقلُ دائماً في جانب الحقيقة، إنّي أتحدَّثُ عن العقل عن الجوهرة الإلهية الَّتي أُودِعت في الإنسان لتُميِّز بين الحقِّ والباطل، لا أتحدَّثُ عن العقل المُكتسب من التّجارب، العقل المكتسب من التّجارب قد يكونُ نافعاً وقد يكونُ مُضراً، قد يكونُ مُصيباً وقد يكونُ مخطئاً، إنّي أتحدَّثُ عن العقل المُحصَّن بالتّأيّيدِ وبالتّسديد بالّلجوءِ إليهم صلواتُ اللهِ عليهم؟! يَا هِشَام إنَّ لُقْمَانَ قَالَ لابْنِهِ: تَواضَع لِلحَقّ تَكُن أَعقلَ النَّاس، يَا بُنَيّ إنَّ الدُّنْيَا بَحرٌ عَمِيق قَدْ غَرِقَ فِيهَ عَالَمٌ كَثِير – هذا البحر غرق فيه الكثير والكثير – فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيها تَقْوَى الله وحَشْوُها الإيْمَان – حَشوُها؛ يعني مادّة بنائِها، وما يُوجدُ فيها من أثاثٍ وأجهزةٍ وحاجات هذا المراد من الحشو – وحَشْوُها الإيْمَان وَشِراعُهَا التُوكُّل وقَيّمُهَا العَقْل – القيّم هنا العقل – وقيّمُهَا العَقْل ودَلِيلُها العِلْم وسُكّانُها – آلةُ حركتها وتوجيهها – الصَّبر، يَا هِشَام لِكُلِّ شَيءٍ دَلِيل ودَلِيلُ العَاقِلِ التّفَكُّر وَدَلِيلُ التّفَكُّرِ الصَّمْت، وَلِكُلِّ شَيءٍ مَطِيَّة – مطيّة يعني وسيلة – ومطيَّةُ العَاقِل التّواضُع وَكَفَى بِكَ جَهْلَاً أنْ تَركَبَ مَا نُهِيتَ عَنْه، يَا هِشَام لَو كَانَ فِي يَدِكَ جَوزَة – جوزة؛ واحدةُ الجوز، الثّمرةُ الَّتي تؤكل – يَا هِشَام لَو كَانَ فِي يَدِكَ جَوزَة وقَالَ النَّاس فِي يَدِكَ لُؤْلُؤَة مَا كَانَ يَنْفَعُكَ وأَنْتَ تَعْلَمُ أنَّها جَوزَة – هل ستنقلب هذه الجوزة إلى لؤلؤة مُجرّد أنْ قال النَّاس عنها؟! كلام النَّاس لا قيمة له – وَلَو كَانَ فِي يَدِكَ لُؤلُؤة وقَالَ النَّاس إنَّها جَوزَة مَا ضَرّكَ وأنتَ تَعلمُ أنّها لُؤلُؤَة – منطقُ العقلِ والفهمِ والحكمة، هذا هو المنطقُ الَّذي نحتاجهُ في التّعاملِ مع إمام زمانِنا صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليه. في كُلِّ حلقةٍ من حلقاتِ هذا البرنامج الأسبوعي سأتلو عليكم مقطعاً من وصيّة باب الحوائج لهشام ابن الحَكَم من دون أنْ أتوسّع في شرحها، فقط توضيحات موجزة مختصرة للمَواطن والمواضع في هذهِ الوصيّة الَّتي هي بحاجة إلى توضيحٍ سريعٍ مختصر. لا زِلنا في أجواءِ حديثهم وهذا هو الكافي الشّريف بين يديّ:- عَنْ مُقرَّن قَال: سَمِعتُ أَبَا عَبدِ الله عَلَيهِ السَّلام يَقُول: جَاءَ اِبنُ الكَوّاءَ إِلى أَمِير الْمُؤْمِنِين – وابنُ الكوّاءِ هذا من الْمُشكّكينَ ومِنَ الْمُعانِدينَ لِسيِّد الأوصياء ودائماً يسأل ويبحث عن مسائلَ يُحاولُ فيها أنْ يُحرج سيَّد الأوصياء جَاءَ إِلى أمِيرِ المُؤمِنِين – فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنين {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} – يسأل عن معنى هذا العنوان؟ عن معنى هذا المضمون في الكتابِ الكريم – {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} فَقَالَ: نَحنُ عَلَى الأَعْرَاف – الرِّجالُ الَّذين هُم على الأعراف نَحنُ – نَعْرِفُ أَنْصَارَنا بِسيمَاهُم – سِيمَاهُم؛ علائمُهم علاماتهم – ونَحنُ الأَعْرَاف – نحنُ الرّجالُ على الأعراف ونحنُ الأعراف أيضاً، المصطلحات لها دِلالات وهكذا تكلَّم الأئِمَّةُ. كما ذكرتُ قبلَ قليل: بأنَّ الّلغةَ نقفُ عندها في حدود المعاني التّنزيلية، ما وراء التّنزيل وهو حقيقة القُرآن وحقيقةُ العلم وحقيقةُ حديثهم يتجاوز الّلغة – ونَحنُ الأَعْرَافُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا بِسَبِيلِ مَعرِفَتِنَا – فَهُم سَبيلُ الله – ونَحْنُ الأَعْرَافُ – معنىً ثالث – يُعَرِّفُنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى الصِّرَاط فَلَا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَنَا وَعَرَفْنَاه، ولا يَدخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَنَا وأَنْكَرنَاه، إِنَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى لَو شَاءْ لَعَرَّفَ العَبَادَ نَفْسَه ولَكِنْ جَعَلَنَا أَبْوابَهُ وَصِرَاطَهُ وَسَبِيلَهُ والوَجْهَ الَّذِي يُؤتَى مِّنْه – من هنا تعالوا إلى الله، لا تذهبوا يميناً وشمال، من هُنا من هُنا، توجَّهوا إلى وجهِ عليٍّ إلى عليٍّ، من هُنا من هُنا، من هُنا الطّريق – فَمَنْ عَدَلَ عَنْ وِلَايَتِنَا أو وَلَايَتِنَا، فَمَن عَدَلَ عَنْ وَلَايَتِنَا أَو فَضَّلَ عَلَينَا غَيرَنا فَإنَّهُم عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُون فَلَا سَوَاء – لا سَواء؛ يعني لا مُساواة لا مشابهة – فَلَا سَواء مَن اِعْتَصَمَ النَّاسُ بِه وَلَا سَواء حَيثُ ذَهَبَ النَّاسُ إلى عُيونٍ كَدِرَة يَفْرُغُ بَعضُهَا فِي بَعض – عيون كدرة، قذرة وسخة. كما قُلت: منهجنا في هذا البرنامج: طلبُ المعارفِ من غيرِ طريقتنا أهل البيت مساوقٌ لإنكارنا. أولئِك الَّذين يكرعونَ في الفِكر المخالفِ لآلِ مُحَمَّدٍ صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم أجمعين … هُنا الإمام يتحدَّث عنهم – وَلَا سَواء حَيثُ ذَهَبَ النَّاسُ إلى عُيونٍ كَدِرَة يَفْرُغُ بَعضُهَا فِي بَعض وَذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلَينَا إلى عُيونٍ صَافِية تَجرِي بِأَمْرِ رَبِّها لَا نَفَاذَ لَهَا وَلَا اِنْقِطَاع. إمامُنا الباقر يقولُ لأبي حمزة الثُمالي: يَا أَبَا حَمْزَة يَخْرُجُ أَحَدُكُم فَرَاسِخ فَيَطلُبُ لِنَفسِهِ دَلِيلاً. فراسخ، يعني عشرات من الكيلومترات، الآن النَّاس هنا في الدول الأوربية حتَّى داخل المدن لا تتحرّك في سياراتها إلَّا وهي مصحوبة بالجهاز الدّليل:navigator ، السّيارات هكذا تتحرَّك الآن في الدول الأوربية وحتَّى في باقي دول العالم الأخرى الَّتي ترتبط بخرائط القمر الصّناعي، لا يتحرّكون لا يسافرون وإلَّا سوف يضلّون الطّرق، لأنَّ الطّرق معقّدة ومتشابكة، لابُدَّ من ال navigator، من هذا الجهاز الدليل المُرشِد. حينما تذهبون إلى مكاتب السّياحة ماذا ستجدون؟ في مجموعة الإعلانات البروشورات الّليفلت، ماذا ستجدون في مكاتب السّياحة؟ دليلُ السّائح، لن يذهب أحدٌ في سياحةٍ إلى مكانٍ ما إلَّا وبصحبته الخرائط وبصحبتهِ دليل. هذا الدّليل قد يكون خارطة على الورق، قد يكون navigator، قد يكون برنامج موضوع على الآيفون، وقد يكون، وقد يكون، وقد يكون دليلاً بشرياً، وربّما استعان بالمكالمات التّلفونية يسألُ أشخاصاً يعرفون الطّريق، لابُدَّ من الدليل. يَا أَبَا حَمْزَة يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ فَرَاسِخ فَيَطلُبُ لِنَفسِهِ دَلِيلاً وأَنتَ بِطُرقِ السَّمَاء – ليس الحديث هنا عن طرق السَّماء، عن الطّرق الفلكية عن الكَواكب، الحديث عن طرق السَّماء عن المعرفة الدّينية، عن الغَيب – وأنتَ بِطُرقِ السَّمَاء أَجْهَلُ مِّنْكَ بِطُرقِ الأَرْض فَاطْلُب لِنَفْسِكَ دَلِيلاً – الدّليل هو الحُجَّةُ ابنُ الحسن ولا شيء وراء ذلك، من يتصوَّر أنَّ عالِماً من العُلماء أنَّ فقيهاً من الفقهاء أنَّ مرجعاً من المراجع أنَّ زعيماً سياسياً أنَّ زعيماً دينياً أنَّ عالِماً في أيِّ تخصصٍ من التّخصصات يكون دليلاً، إنَّه قد أوقعَ نفسهُ في حُفرةٍ عميقةٍ مُظلمة مَلْئَ بالعقاربِ والحيّات!! الدّليلُ هو: الحُجَّةُ ابن الحسن. عَنْ أَبي بَصيرٍ عَنْ أَبي عَبدِ الله فِي قَولِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} – ماذا قال إمامنا الصَّادقُ؟ – فَقَالَ: طَاعَةُ اللهِ ومَعْرِفَةُ الإِمَام – وطاعةُ اللهِ لنْ تتحقَّقَ إلَّا بعد معرفة الإمام؛ لأنَّ الطَّاعة لا يمكن أنْ تتحقَّق من دونِ معرفة، المعرفة أوّلاً، ومن أطاعكم أطاع الله. عَنْ أَبي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ لِي أبُو جَعْفَرٍ عَلَيهِ السَّلَام: هَلْ عَرَفْتَ إِمَامَك؟ قَالَ، قُلْتُ: إِيْ وَالله قَبلَ أَنْ أَخْرُجَ مِن الكُوفَة، فَقَالَ: حَسْبُكَ إِذَاً – لا أجدُ تعليقاً أُعلِّقُ بهِ على هذهِ الرّواية، حَسْبُك إذاً، لا أقول إلّا أنْ أردِّد نفس العبارة فأقولُ: حَسبيِ إذاً، حَسبي إذاً؟! عَن بُرَيد قَالَ: سَمِعتُ أَبَا جَعفَرٍ عَلَيهِ السَّلام يَقُول فِي قَولِ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} فَقَالَ: مَيْتٌ لَا يَعْرِفُ شَيئَاً – لا يعرفُ شيئاً عن إمامهِ – ونُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس: إِمَامَاً يُؤْتَمُّ بِهِ، {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُلُمَاتِ لَيسَ بَخَارِجٍ مِّنْهَا}، قَالَ: الَّذِي لا يَعرِفُ الإِمَام. عَن عَبدِ الرَّحْمَن اِبنِ كَثِير عَنْ أَبي عَبدِ الله عَلَيهِ السَّلام قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَر: – إمامُنا البَاقر – دَخَلَ أبُو عَبدِ الله الجَدَلِي عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنين فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنين – يُخَاطِبُ أبا عَبدِ الله الجَدَلِي – يَا أبَا عَبدِ الله ألَا أُخْبِرُك بِقَولِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} – مَن جاء بالحسنة؛ الآية تتحدَّث عن حسنة معهودة ما قالت: مَن جاء بحسنةٍ أو بحسنات، مَن جاء بالحسنة، الألف والّلام هنا لشيءٍ معهود، لشيء معروف معهود في الذّهن – {وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} قَالَ: بَلَى يَا أَمِيرَ المُؤْمِنين جُعِلْتُ فِدَاك، فَقَالَ: الحَسَنَةُ مَعْرِفَةُ الوَلَايَة وَحُبُّنَا أَهْلِ البَيت – هذهِ هي الحسنة – والسَّيِّئَةُ إِنْكَارُ الوَلاَيَة وبُغْضُنَا أَهْل البَيت – ثُمَّ قَرَأ عَلَيهِ هذه الآيَة، الآية الَّتي تقدَّم ذكرها، لذا وصيَّتُهم الذّهبية وصيَّةُ عليٍّ وآلِ عليّ، ماذا تقول؟! الوصيَّة الذهبية:- الله الله فِي دِينِكُم – دِينُنَا هُو إِمَامُنا، الدّينُ هو الإمام صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه – الله الله فِي دِينِكُم فَإنَّ السَّيِّئَةَ فِيه خَيرٌ مِن الحَسَنَةِ فِي غَيرِه – لماذا؟ لأنَّ السَّيِّئَة فيه تُغفر تُمحى – حُبُّ عليٍّ حَسَنَةٌ لَا تَضرُّ مَعَهَا سَيّئَة؛ لأنَّ السَّيِّئَة فِيه خيرٌ مِن الحَسَنةِ فِي غَيره. فقرةٌ مهمَّةٌ في هذا البرنَامج سَتكونُ تَحتَ هَذا العُنوان: الجُغرافيا المهدويَّة، أو سمِّها إنْ شئت: الخارطةُ المهدويّة. سأتناولُ في هَذه الفقرة البُلدان الَّتي وردَ ذُكرها في أحاديثِ الغيبةِ والملاحمِ والعلائِم وأحداث الظهور. هُناكَ مجموعة من البُلدان تكرَّر ذكرها في أحاديثِ الغيبةِ وفي الشئونات المهدويّة: على سبيلِ المثال: العراق. على سبيل المثال: الحجاز. على سبيل المثال: اليمن. سأتتبَّع مَعكُم هذهِ البلدان وأحاول أنْ ندرس مَا يَجري فيها وما لهُ مِن عُلقةٍ بظهور إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسَلامُه عليه، ربَّما في هَذه الحلقة بحسبِ الوقت المتبقي عندي لا أجدُ مجالاً للشّروعِ في هذا الموضوع، ولكنَّني سأبدأُ بمقدّمة الحديث: أوّلُ بلدٍ من البلدان سأتناوله العراق. العراق هو مركزٌ لأحاديث الغَيبةِ ولأحاديث الملاحمِ والفتنِ والعلائِم ولأحاديثِ الظهور، فالعراقُ عاصمة المشروع المهدويّ، سأبدأُ من العراق ثُمَّ انتقل إلى البُلدان الأخرى، قطعاً لنْ أتناولَ كُلَّ شيءٍ وردَ في الأحاديث، قد تقول لماذا؟ الجوابُ: أنَّ الأحاديثَ كثيرةٌ جداً، وهذهِ الأحاديث جاءت على هيئةِ مجموعات متنوعة: • هناك من الأحاديثِ ما تدور مضامينها حولَ أحداث قد تحقَّقت ومرّت في الماضي، فما الفائدة من تناولها ونحنُ نتحدَّث عن المستقبل؟ هذا لا يعني أنَّ هذهِ الأحاديث لا فائدة فيها، ولكن أقول لا فائدة كبيرة فيها بالنسبة لموضوعنا؛ لأنَّنا نتحدَّث عن المستقبل، نستشرفُ المستقبلَ من خلال الحاضر، الَّذي يهمّنا هو الحاضرُ الآني الَّذي نحنُ فيه، وما يُمكن أنْ يقود إلى مستقبلٍ قريب، لا نتحدَّث عن مستقبلٍ بعيد إنَّنا نتحدَّثُ عن مستقبلٍ قريب وعن حاضرٍ آني لأنَّ هذا هو الَّذي يهمُّنا. كم هي مدّةُ أعمارنا؟ كم يستطيع الإنسان أن يعيش؟ إنَّنا نتحدَّث ضمن هذا الإطار، نتحدَّثُ عن حاضرٍ آني، وعن مستقبلٍ قريب، فلا نتحدَّثُ عن ماضٍ مضى ولا نتحدَّثُ عن مستقبلٍ بعيدٍ بعيدٍ جداً، فكما قُلتُ: هناك من الأحاديث تدور مضامينها حول الماضي، سوف أطوي كشحاً عنها. • وهناك من الأحاديث ما هو ليسَ واضحاً ليس مفهوماً، فهذهِ الأحاديث الَّتي ما هي واضحة، لربَّما حدثَ تحريفٌ فيها، حدثَ سَقطٌ فيها، سقطت عبارات منها، أو هناك أحاديث أخرى تشرحها وما وصلت إلينا، عندنا مجموعة وليست قليلة من الأحاديث الَّتي هي ليست واضحة، فيها مقادير زمانيّة، فيها أماكن، فيها أسماء شخصيات، فيها مطالب وقرائن أخرى لكنَّها ليست واضحة، إذا أوردتها وبدأتُ أتحدَّث عنها فإنَّ حديثي ليس صواباً، سيكونُ تخبّطاً، وهذه القضيَّة وقع فيها العديدون مِمَّن كتبوا ومّمن تحدَّثوا عن الإمام الحُجَّة، أقحموا أنفُسهم في مثل هذه الأحاديث وحاولوا شرحها وتطبيقها وهي غير واضحة، غير بيِّنة للأسباب الَّتي أشرت إليها، ربَّما حدث فيها تحريف، نسي الراوي قسماً من الحديث، النُسَّاخ اشتبهوا في نقلهِ وهكذا، وهناك وهناك. لذا سأتتبع الأحاديث الَّتي أراها في غاية الأهمية والَّتي فيها درجة عالية من الوضوح ومن البيان فأعرضها بين أيديكم. الجغرافيا المهدويّة أو الخارطة المهدويّة. والخارطةُ المهدويّةُ فعلاً بشكل فعلي لو أردتُ أنْ أرسمها دائماً اصطلح في أحاديثي هذا المصطلح منطقة الظّهور. منطقة الظّهور تعني: العراق، إيران، الشّام الدّول الأربعة؛ سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، زائداً تركيا، زائداً مصر، زائداً الجزيرة العربية، دول الخليج بما فيها اليمن، اليمن، دول الخليج وإيران والعراق وتركيا وبلاد الشّام، الدّول الأربعة، زائداً مصر، هذه خارطة منطقة الظهور. أكثر الأحداث وأكثر الأحاديث تدور حول هذه البلدان لا يعني أنَّ الأحاديث ما أشارت أو ما ذكرت بلداناً أخرى، ولكن التّركيز في كلماتِ المعصومين حولَ هذهِ البلدان حول هذه المناطق الَّتي أشرت إليها، هذهِ الخارطةُ لمنطقة الظهور. على أساسِ هذه الخارطة سيكون الحديث في هذه الفقرة، فقرة الجغرافيا المهدويّة لكن لابُدَّ من مُقدِّمة: مَن أرادَ أن يدرس أحاديث الغيبة والأخبار الَّتي وردت في دائرة الشّؤونات المهدويّة في دائرة شؤونات إمام زمانِنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه لابُدَّ أنْ يأخذ في نظر الاعتبار أموراً عدَّة: الأمرُ الأول: المشروع المهدويّ هذا المشروع الكبير، بل هو أكبر من الكبير، هذا المشروع العملاق، بل هو أكثر تعملُقاً من هذا الوصف من وصف العملاق. المشروع المهدويّ هو مشروعُ الوجود، هو مشروعُ الله، هذا المشروع الكبير يعتمدُ على الغَيب وعلى السِّر، فليس من المنطقي أنْ تُكشفَ أسرارهُ بهذهِ السهولة، بحيث أنَّ الأئمَّة يُخبرونَنا عن تفاصيلهِ السّريَّة! الرَّوايات الشَّريفة تُحدّثنا: بأنَّ علَّة الغَيبَة، العلَّة من الغَيبة، بأنَّ عِلَّة الغَيْبَة لَا تَتّضِح إِلَّا بَعْدَ ظُهورِهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُه عَلَيه، والغَيبة وقعتْ ومرّتْ قرون ومعَ ذلك لا تتضحُ حكمتها وغايتها إلَّا بعد ظهورهِ. فكيف نتوقَّع أنَّ الأئِمَّة صَلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين يحدّثوننا عَن الظّهور بتفاصيله السِّرية؟! إذا كانتْ الغَيبة الَّتي هي غَيبة نحنُ لا نُدرك أبعادها إلّا بعد ظهورهِ! فليس من المنطقي أنَّ نتوقع بأنّنا سنستكشفُ أسرار الظّهور وأسرار المشروع المهدويّ في هذهِ الأحاديث والرّوايات، الأحاديث والرّوايات بيّنت لنا الموضوع بشكلهِ المُجمَل بخطوطهِ الإجمالية، لذا على المُتحدِّث حين يتحدَّث أن يأخذ هذهِ القضيّة البالغة الأهميَّة حينما يتحدَّث، فهو إنّما يتحدَّث في ساحةٍ علميةٍ معطياتها إجمالية. المعطى الإجمالي لا يُعطينا نتيجةً تفصيليّة، المعطى الإجمالي درجة الوضوح فيهِ ليست عالية جداً، فيهِ وضوح بنسبةٍ ما، فَهذه الأحاديث أحاديث جَاءتنا بأسلوبٍ مُجمل حتَّى لو وجدت تفاصيل في بيان صِفات الشَّخص البدنيَّة أو تفاصيل لأحداث جُزئية، أنا لا أتحدَّث عن هذه الجزئيات، أنا أتحدَّث عن الموضوع بكليّتهِ، المشروع المهدويِّ بكليّتهِ، ما بُيّنَ في أحاديثهم بُيّن بنحوٍ مُجمل. فهذهِ القضية لابُدَّ أنْ تُؤخذ بنظر الاعتبار. الأمرُ الثاني: لم تصل إلينا كُلُّ الأحاديث، هناك كتبٌ ضَاعت، بقصدٍ من دونِ قصد. لم تَصل إلينا كُلُّ الأحاديث، وحتَّى الأحاديث الَّتي وصلت إلينا تعرضت للعبث وللتّحريف وللحذف وللتّصحيف، بقصدٍ أو من دون قصد وهذه قضية في غاية الأهميَّة، الأحاديث لم تصل إلينا كاملةً وما وصل منها لم يصل إلينا سالماً مئة في المئة، هذا أمرٌ خطير لمن يريد أنْ يستنتج نتائج علميّة وبين يديه معطيات بهذا الوصف أو بهذا الحال عليهِ أن يكون دقيقاً جداً. القضية الأخرى وهي مهمّة أيضاً، سَمِّه بالأمر الثالث بالأمر الرابع؛ الأمر الثالث: الأمرُ الثالث هو ما يتعلَّق بتشابه الأحداث عبر مسيرة التّأريخ البشريّة. هناك أحداث تتكرَّر وبشكلٍ مُتشابه، فلربَّما نقرأُ في مجموعةٍ مِن الأحاديث عن واقعةٍ معيَّنة، إذا ما تتبّعنا أحداث التّأريخ نجد أنَّ هذهِ الواقعة تتكرَّر، هذهِ المقولة الَّتي ربَّما يرفضها البعض ويقبلُها البعض، المقولة الَّتي تتحدَّث عن تكرار التّأريخ، أنَّ التّأريخ يُعيد نفسه، هذا المضمون ورد في كلماتِهم، في كلمات النَّبي وفي كلماتِهم صلواتُ اللهِ عليهم: مَا جَرى فِي الأُمم الماضِيَة يَجرِي فِي هَذهِ الأُمَّة حَذو القُذَّةِ بالقُذَّة وحَذو النَّعلِ بالنَّعل بَاعاً بِبَاع، وَذِرَاعَاً بِذرَاع، حَتَّى لَو أَنَّهم دَخَلُوا جُحرَ ضَبٍّ لَدَخْلتُم فِيه – هو نفسُ المضمون. التّأريخ يتكرَّر، التّأريخ يُعيد نفسه. لا أريد أنْ أقف عندَ هذه القولة وما المراد منها بالضّبط، ومَن يوافق عليها ومَن لا يوافق، ولكن نظرية عند فلاسفة التّأريخ ما تسمّى بنظريّة دورة الحضارات، هذهِ النّظرية الَّتي يوافق عليها كثيرون من علماء الدّراسات المستقبلية، من عُلماء فلسفة التّأريخ من المعاصرين، إنّها تلتقي في كثيرٍ من جهاتها مع مضامين هذهِ الأحاديث. على أيِّ حالٍ، هُناك أحداث تتكرّر بشكلٍ متشابه، هذهِ القضيّة أيضاً لابُدّ أن تؤخذ بنظر الاعتبار. هناك أمرٌ آخر: قانون البداء، ولا أُريد أَن أَقفَ طَويلاً عند هذا الموضوع ربَّما أتحدَّثُ عنه في سياق الحلقات القادمة من هَذا البرنامج، كما قُلت في أوّل حديثي: بأنَّ هذا البرنامج هو نقطةُ تواصلٍ إعلامي وثقافي ووجداني، نتواصل في فناء الثّقافة الزَّهرائيَّةِ المهدويَّة. سأتعرّض لكثيرٍ من هذه العناوين، وبالحقيقةِ إنّي أقصد في خطابي بالدّرجة الأولى: أبنائي وبناتي من شبابنا الشِّيعيّ! أنا لا أوجّهُ خطابي هنا لكبارٍ عصفت الصّنميَّة برؤوسهم فأكلتْ عقولهم، إنّي أخاطبُ أبنائي وبناتي من أجيالِ شبابنا وأقول: إنَّ عيونَ إمام زمانِنا يا شباب الشِّيعة تتوجَّه إليكم لا تتوجَّه إلى تلك العقول الَّتي أكلتها الصنميَّةُ، ولا تتوجَّه إلى تلك القلوب والصّدور الَّتي شُحنتْ من الفِكر المخالف الموسوم بأنَّهُ فكرُ أهل البيت. من الخمسينات في الجوّ الشيعيّ العربي وإلى يومنا هذا، وهناك شحنٌ واضحٌ للفكر المخالف عِبر المنابر الحُسينيّة، وعبر وسائل التّثقيف، وعبر المدارس الدّينية، وعِبر الكتب، وعِبر الفضائيات الآن في وقتنا المعاصر، وعبر وسائل الإعلام والتّعليم الَّتي تنوّعت وتشكلَّت. ولا أُريد أنْ أُطيل الكلام كثيراً عند هذه النقطة، لكنَّني أقول: هذا البرنامج مقصودي الأوّل منه أنتم يا شباب الشِّيعة، أنتم الأجيال المثقّفة الأجيال الواعدة، الجامعيون، الأكاديميّون، المثقّفون، طلبة المدارس، حديثي مع هؤلاء. فإمامنا الصَّادقُ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه قالَ لأصحابه حين شكو إليه التّحجُّر في عقول الكبار قال: فَأين أَنْتُم عَنْ الأَحدَاث – أينَ أنتم عن الشّباب – فَإنَّ قُلُوب الأَحْدَاث إِلى حَدِيثِنَا أَمْيَل – هذا هو برنامجي، ومن هنا وضعتُ لمسات هذا البرنامج. أنا أُخاطب القلوبَ الَّتي هي إلى حديثهم أميل، لا شأن لي بالَّذين عصفتْ الصنميَّةُ والثّقافةُ المخالفةُ عشعَشَت في صدروهم لا شأن لي بهم. سأتحدَّث عن البَداء، ليس في هذه الحلقة سأتحدَّثُ عن البداء وعن بقية الموضوعات الَّتي ترتبط بشئوناتِ الثقافةِ الزَّهرائيَّةِ المهدويّةِ. وصَل الحديثُ بِنا إلى البَداء، قُلتُ: بِأنَّ هَذهِ الأمور لابُدَّ مِن أن يأخذها الدّارس المحقِّق والمتحدِّث والباحث في دراستهِ لشُئونات الغَيبة، لشُئونات الظّهور. المشروع سريٌّ لم تُكشف أبعادهُ السريَّة، الأحاديثُ ما وصلت بكاملها، ما وصل إلينا لم يكن سالماً مئة في المئة، أحداثُ التّأريخ متشابهة، فالتّأريخُ يُعيدُ نفسه، فلربَّما جاءت الرّوايات لو بحثنا في التّأريخ وجدنا أكثرَ من حالةٍ! خرابُ البصرة مثلاً كم مرّة خَرِبت البصرة، وغير ذلك. قانون البداء، لأنَّ الأمور ثلاثة: ميعادٌ؛ لا يخضع لقانون البداء، ولا نملك ميعاداً في المشروع المهدويّ إِلَّا الإمام فقط، الله لا يخلف الميعاد. الإمام لابُدَّ أن يظهر، وقت ظهورهِ خاضعٌ للبَداء، حتَّى مكان ظهورهِ خاضع للبَداء، الرّوايات تقول هكذا. سنتحدَث عن مكان الظّهور، كلُّ شيءٍ خاضعٌ للبَداء إلَّا هُو صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه. لماذا ليسَ خاضعاً للبداء؟ هو الحاكِمُ على قانون البَداء فلن يكون محكوماً بهِ. أمّا موعد ظهورهِ فمرتبطٌ بشئون النَّاس، أليس الرّوايات تحدّثنا بأنَّ هذا الوقت يتقدَّم يتأخر بسبب الأُمَّة! لو كان الأمر راجعاً إليهِ لَمَا خضع للبداء، لأنَّ البَداء محكومٌ بوَلايتهِ، البَداء هو جزءٌ من حاكميتهِ، البداء جزءٌ من وَلايتهِ، قانون من قوانينه، فهو الميعاد الَّذي لا يختلف ولا يتخلَّف. إنَّهُ هُوَ الحُجَّةُ ابن الحَسَن. ولكن هناك أمور محتومة وأمور غير محتومة، البداء يقع في الاثنين، الفارق بين الاثنين أنَّ احتمال وقوع البَداء في الأمور غير المحتومة يكون أقوى بكثير من احتمال وقوع البَداء في الأمور المحتومة، لذلك حتَّى العلامات الحتميّة يمكن أن يقع فيها البَداء فلا تقع، تتقدَّم تتأخّر تتغيّر أوصافها وخصائصها إلى غير ذلك، هذا ما سنأتي عليه حينما نتحدَّث عن البَداء. أمرٌ آخر في غاية الأهمية، بل ربَّما هو الأهمّ وهو الأكبر في هذهِ المسألة؟ الطّريقة الَّتي نظَمَ بِها أئمَّتنا صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين الأحاديث الَّتي تدور في شؤونات الغَيبة والظّهور: قانون التّربيةِ بالأمنيات. فإنَّ الشّيعةَ تُربى بالأماني، نُسجت الأحاديث وفقاً لهذا لقانون مع ملاحظة أنَّ جميع أحاديثهم الشّريفة الَّتي ترتبط بالشؤونات المهدويَّة أو بقيَّة الموضوعات هي خاضعة لقانون المُداراة. هناك القانون الأكبر: قانون المداراة، وهناك قوانين فرعية: ما يرتبط بأحاديث الشّؤونات المهدويَّة. هناك قانون: إِنَّ الشيعةَ تُربى بالأماني، لذلك نجد أنَّ الشِّيعةَ في كلِّ مقطعٍ زماني عِبر هَذه القرون يجدون فُسحةً في الرّوايات بحيث يجدون مجالاً لتطبيقها على كُلِّ مقطعٍ زماني؛ لشدِّ القلوبِ إلى إمام زمانهم، وإلَّا سيطول الأمد، وإذا طال الأمد ستقسو القُلوب. القُرآن هكذا حدَّثنا: إذا طالَ الأمد، ماذا يترتب على ذلك؟ ستقسو القلوب، وسأتحدَّث عن كلِّ هذه النقاط إنْ شاءَ اللهُ تعالى في طوايا الحلقات القادمة. فكما قلت: هذا البرنامج اسبوعي في كلّ جمعة، يعني أمامنا حديث طويل حلقات كثيرة ما دُمنا نتواصل معكم عبر هذه الشّاشة. هذه المطالب الَّتي أشرتُ إليها مطالب في غاية الأهميَّة لمن أراد أنْ يتحدَّث، أنْ يبحث، أنْ يُحقِّق، أنْ يؤلّف، أنْ يرسم لنفسهِ تصوّراً عن شؤونات الغَيبةِ وعن شُؤونات الظّهور الشَّريف. لابُدَّ مِن النّظرِ إلى هذهِ المطالب الَّتي أشرتُ إليها. قضيةٌ في غاية الأهميّةِ أشير إليها ومن الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، سنبدأُ بالحديثِ في الجغرافيا المهدويَّة: قانون التَمحيص. المطالب الَّتي أُشير إليها في هذهِ الحلقة هي بمثابة مفاتيح وأُسس تبتني عَليها الموضوعات الَّتي سيأتي ذكرها في الحلقات القادمة إنْ شاء الله تعالى. قانونُ التَمحِيص: عن أبي بصيرٍ، والرّوايةُ في غيبة شيخنا النُعماني، الكتابُ الَّذي بين يدي:- عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَال سَمِعتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّد ابنَ عَلِيّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِمَا يَقُول: وَاللهِ لتُميَّزُنَّ وَالله لتُمَحَّصُنَّ وَاللهِ لَتُغَربَلُنَّ كَمَا يُغَربَلُ الزُّؤَانُ مِن القَمْح – بقيَّة الحديث تأتينا إنْ شاء الله تعالى في الحلقة القادمة، ولكنَّني بشكلٍ موجز أقف عند هذهِ الرَّواية الشَّريفة – وَاللهِ لتُميَّزُنَّ – تمييز – وَالله لتُمَحَّصُنَّ – تمحيص – واللهِ لَتُغَربَلُنَّ كَمَا يُغَربَلُ الزُّؤَانُ مِن القَمْح – القمح واضح، الزّؤان ما هو؟ الزّؤان: نبات طُفيلي ينمو بين سنابل الحِنطة بين سنابل القمح، وهَذا النّبات الطُفيلي أيضاً ينمو بشكل سنابل تشبه سنابل القمح، ويصعب فرزها. فحينما يأتي الحاصد فيحصُد يصعب عليه أنْ يفرز سنابل الزّؤان عن سنابل القمح، وفي بعض الأحيان أصلاً لا يلتفت إليها إذا كانت السّنابل مُزدحمة! الخُداع البصري لا يجعله يُميِّز بين سنابل الزّؤان وسنابل القمح فيُحصد، وبعد أنْ يُحصد بعد أنْ يُصفّى ويُحوَّل إلى حبّ تأتي عملية تصفية الحبّ. فهناك زُؤان، وهناك قمح، الزّؤان؛ حبوبه تكون صَفراء وهي أصغر من القمح، وإذا بقيت مع القَمح ستفسدُ طعمَ الطّحين وبالتّالي ستفسد طعم الخَبز طعم العجين، فطعم الخُبز، لذلك يعزلون الزّؤان عن القمح، هذا هو مقصود الرّواية الشريفة – واللهِ لَتُغَربَلُنَّ كَمَا يُغَربَلُ الزُّؤَانُ مِن القَمْح – هذا هو القانون الَّذي قصدتهُ: قانون التميّيز، قانون التمحيص، قانون الغَربلة، سنلاحظه بوضوح في البُلدان الَّتي نتحدَّثُ عنها في الجغرافيا المهدويَّة في الخارطة المهدويَّة. لهذا القانون تطبيق ليس في زمانِنا فقط، فيما مرَّ من الأيام في زمانِنا وفيما يأتي، بل حتَّى في مرحلة الظهور! في فترة نشوء الدّولة المهدويَّة سيبقى هذا التّمحيص وتبقى هذهِ الغربلة! وهذا هو القانون الإلهي، هكذا اقتضت الحكمةُ الإلهية. نحنُ نُقاربُ على النّهاية، محطّتنا الأخيرة إلى أين سنذهب؟ سنذهبُ إلى كربلاء إلى كربلاء. سَلَامٌ عَلَى سَيّدَةِ الهَاشِمِيِّين وَجَوْهَرَةِ الطَالِبِيِّين … سَلامٌ عَلَى زِينَةِ أَبِيهَا عَلِيٍّ حَقِيقَةِ حَقَائِقِ الاسْمِ الأَعْظَمِ والكِتَابِ المُبِين … سَلَامٌ عَلَى دُرَّةِ العَلَوِيِّين ولُؤْلُؤَةِ الفَاطِمِيِّين … سَلامٌ عَلَى تَاجِ مَفَارِقِ الأَنْبِيَاءِ المُرْسَلَين والمَلَائِكَةِ المُقَرَّبِين … سَلَامٌ عَلى لَبْوةِ الحُسَينِ الَّتِي خَلَّفَها فِي كَرْبَلاء، فَهَدَرَ زَئِيرُهَا يَهْزَأُ بِالقَوَارِعِ والنَّازِلاَت، يُزَلْزِلُ العُرُوشَ والتِّيجَان، مِن عِراصِ الطفُوفِ إِلَى قُصُورِ الشَّام وأَكْوَاخِهَا … سَلامٌ عَلَى زَينَب … وَعَلى نَقِيَّاتِ الجُيُوب، المُنَزَّهَاتِ عَنِ العُيُوب، مِن آلِ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمَا وآلِهِمَا ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُه … في أمانِ الله … ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الجمعة 14 شوال 1436هـ الموافق 31 / 7 / 2015م وصيّة الإمام الكاظم صلواتُ الله وسلامهُ عليه لهشام بن الحكم، وهي وصيّة بكاملها ● تتحدّث عن العقل: (يا هشام إنَّ الله تبارك وتعالى بشَّر أهْل العَقْل والفَهْم في كتابهِ فقال : فبشّر عبادِ الَّذينَ يستمعُونَ القولَ فيتَّبعُونَ أحسنهُ أولئكَ الَّذين هداهُمُ اللهُ وأُولئكَ هُم أُولو الألباب) من هم أهل العقل والفهم ..؟ وبماذا بشّرهم الله ..؟ ● (يا هشام إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى أكملَ للنَّاس الحُجَجَ بالعُقول، ونصَرَ النَّبيين بالبيان، ودلَّهم على رُبوبيته بالأدلّة…) بالعقل نستطيعُ أن نتواصلَ مع إمام زماننا صلواتُ اللهِ عليه، إمامُ زماننا يحتاجُ إلى عقول، لا يحتاجُ إلى أجساد.. والمشروع المهدوي مشروع عِمادهُ العقول وليسَ الأجساد، إمامُ زماننا يحتاجُ إلى فِكْر، وإلى نظر ثاقب نستطيع أن نتعامل به معه “صلواتُ الله عليه” وهذه الحاجة هي لنفعنا نحنُ، وليس للإمام ● الإمام في وصيّتهِ يُريدُ أن يُوجّه أنظارنا إلى أنَّ الكتاب الكريم يُخاطب أساساً وبالدّرجة الأولى هؤلاء القوم الذين (يعقلون).. ● (يا هشام ثُمَّ خوَّف الَّذين لا يَعقلون عقابه فقال تعالى: ” ثم دمرنا الآخرين …) ● ثُمَّ بيّن أنَّ العقل مع العِلْم فقال: (يا هشام إنَّ العقل معَ العلم .. فقال تعالى: وتلكَ الأمثالُ نضربُها للنَّاس وما يعْقِلُها إلَّا العالمُون) ● ذم الَّذينَ لا يعقلون: (يا هشام ثُمَّ ذمَّ الَّذين لا يعقلون فقال: ” وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباء نا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) ● ذم الكَثْرة في وصية الإمام الكاظم: (يا هِشام.. ثُمَّ ذمَّ اللهُ الكثْرة فقال: “وإنْ تُطِعْ أكثرَ مَن في الأرض يُضلّوكَ عن سبيلِ الله…) وبيان معنى سبيل الله في حديث العِترة.. ● مدْح القِلّة في وصيّة الإمام الكاظم : (يا هشام .. ثُمَّ مدَحَ القِلّة فقال: وقليلٌ مِن عباديَ الشَّكور..) ● (يا هِشام ثُمَّ ذكَرَ أُولي الألباب بأحسن الذّكر، وحلَّاهم بأحسنِ الحلية فقال: ” يُؤتى الحِكْمةَ مَن يشاء، ومَن يُؤتَ الحِكْمةَ فقد أوتي خيراً كثيراً) معنى الحكمة في حديث العترة.. ● (يا هشام إنَّ لُقمان قال لابنه: تواضعْ للحقّ تكنْ أعقلَ النَّاس) ● الحديث عن (العقل) هو حديث عن الجوهرة الإلهيّة الَّتي أُودعتْ في الإنسان للتّمييز بين الحقّ والباطل، حديثٌ عن العقل المُحصّن بالتَّأييد وبالتَّسديد بالّلجوء إليهم “صلواتُ اللهِ عليهم” وليسَ الحديث عن عقل التَّجارب.. ● في كُلّ حلقة سأتلو عليكم مقطعاً مِ مقاطع وصيّة الإمام الكاظم “صلوات الله عليه”.. ● حديثُ سيّد الأوصياء مع ابن الكوّاء .. بشأن قولهِ تعالى: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم..) منهجنا في برنامج زهرائيون هو: (طَلَبُ المعارف مِن غيرِ طريقنا أهل البيت مُساوقٌ لإنكارنا) حديث الإمام الباقر “صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه” مع أبي حمزة الثَّمالي .. (اطلب لنفسكَ دليلاً) ● حديثُ الإمام الصَّادق في بيان معنى (الحكمة).. الطَّاعةُ للهِ لا يُمكن أن تتحقق مِن دُون معرفةِ الإمام المعصوم.. حديث الإمام الباقر مع أبي بصير (هل عرفتَ إمامكَ..؟) ● حديث الإمام الباقر مع بُريد (أ فمن كانَ ميتاً فأحييناه…) ● حديث أبي عبد الله الجدلي مع أمير المُؤمنين “عليه السَّلام” (مَن جاء بالحسنة فلهُ خيرٌ مِنها) ((الجغرافيا المهدويّة)) حديثٌ في البُلدان الَّتي وردَ ذِكرها في أحاديث الغَيبة، والملاحم، والعلائم، وأحداث الظّهور.. سأتتبع معكم هذهِ البُلدان ونحاول أن ندرس ما يجري فيها، وما لهُ عُلقة بظُهور إمام زماننا “عليه السَّلام”.. ● مقدمة (في الجغرافيا المهدويّة).. سيكون العراق أوّل بلد نتناوله في الجغرافية المهدويّة (العراق مركز لأحاديث الغَيبة، وأحاديث الملاحم) ● الأحاديث في شُؤون الغَيبة وأحاديث الملاحم وعلائم الظّهور كثيرة جدّاً .. وهذه الأحاديث جاءتْ على هيئة مجموعات مُتنوّعة: ● هُناك مِن الأحاديث ما تدور مضامينُها حولَ أحداث تحقَّقت ومرّت في الماضي (لن نتناولها هنا).. ● هُناك أحاديث ليستْ واضحة (لربّما حدَثَ فيها تحريف، أو سقطت مِنها عِبارات.. أو هُناك أحاديث أُخرى شرَحتها ولكن ما وصلتْ إلينا) ● سأتناول في (الجغرافيا المهدويّة) الأحاديث التَّي أراها في غاية الأهميّة، والَّتي فيها درجة عالية مِن الوضوح ومن البيان.. ● إذا أردنا أن نرسم خارطة لما نصطلح عليه (منطقة الظّهور) فأي البلاد تشمل هذه الخارطة..؟ ● مَن أراد أن يدرسَ أحاديثَ الغَيبة في دائرة شُؤونات إمام زماننا، لابُدَّ أن يأخذ في نظر الاعتبار أُمور عِدّة: ● الأوّل : المشروع المهدوي هو مشروع الوجود، مشروع الله، وهذا المشروع يعتمد على الغيب والسّر…. والأحاديث والمعطيات المرتبطة به جاءتنا بأسلوب مجمل لا يعطي نتيجة تفصيلية.. ● الثَّاني : الأحاديث لم تصل إلينا سالمة وكاملة.. ● هناك أحداث تتكرّر بشكل مُتشابه .. (التَّأريخ يُعيد نفسه) وهذه المسألة لابُدَّ أن تُؤخذ بعين الاعتبار.. (علماً أنَّ الحديث في هذا البرنامج هو مع شباب الشيعة، الأجيال الواعدة من الأكادميين والمُثقّفين ” إنَّ قلوب الأحداث إلى حديثنا أميل”) ● سنقف عند قانون البداء (فهو قانون إمام زماننا، وجزء من حاكميّته) .. أين يجري هذا القانون ..؟ ولماذا لا يجري على الإمام الحجة..؟ ● أمر في غاية الأهميّة (لعلّه الأهم والأكبر) وهو: الطَّريقة الَّتي نَظَم بها أئمتنا الأحاديث الَّتي تدور في أحداث وشؤون الغَيبة والظُّهور.. وهو أنّ الأحاديث نُسجت (بقانون الأماني) .. ما المُراد من قانون الأماني..؟ ● المطالب في هذه الحلقة هي مفاتيح وأُسس يبتني عليها ما يُطرح في الحلقات القادمة.. وسنبدأ من الحلقة القادمة بالحديث في (الجغرافية المهدوية). ● قانون (التَّمحيص) [حديث الإمام الصَّادق مع أبي بصير]