الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٥٥ – معانى الصّلاة ج١٢

صور

فيديو

 

 

يوتيوب

 

 
 

اوديو

 

 

مطبوع

 

 

ملخـّص الحلقة

تاريخ البث : يوم السبت 20 جمادى الأول 1438هـ الموافق 18 / 2 / 2017م

  • خُلاصة ما تقدّم في الحلقة الماضية:

  • هو أنّ اشتراط النيّة بالنحو الذي ربّتنا وعلّمتنا عليه المؤسسة الدينية عِبْر الرسائل العمليّة، أو عِبر وسائل الإعلام، أو عِبر وكلاء المرجعيّة، أو عِبْر خُطباء المِنبر الحسيني، أو عِبر الفضائيات، أو عِبر مكاتب المراجع، أو عِبر آبائنا وأُمّهاتنا الذين تعلّمنا منهم بدايات أحكام ديننا ليس من أهل البيت “عليهم السلام”.. فنحنُ قد ثُقّفنا بثقافة سيّئة جدّاً وبعيدة جدّاً عن ثقافة آل محمّد فيما يرتبط بنيّة الوضوء وبنية الصلاة (والحديث هنا عن الصلاة).
  • كُلّ ذلك جاءنا من “منهج الشافعي” الذي تأثّر به علماؤنا ومراجعنا! وقد تصفّحت لكم كُتب الشيعة وكُتب الشافعي في الحلقة المُتقدّمة (حلقة 154) فراجعوا.

  • النيّة في ثقافة آل محمّد “صلوات الله عليهم” يُبيّنها إمامنا الرضا “عليه السلام” في حديثهِ في [الفقه الرضوي]
  • (وانوِ عند افتتاح الصلاة ذِكْر الله وذِكر رسول الله، واجعل واحداً من الأئمة نُصب عينيك ولا تُجاوز بأطراف أصابعك شحمة أُذنيك)
  • ● قول الإمام (وانوِ) أي استحضر.. فالمُراد مِن النيّة هو حُضور القلب، والعالَم هو مُحضر الله، العالَم هو محضر إمام زماننا.
  • فالنيّة هو أن يكون قلبك حاضراً بين يدي إمام زمانك، أن يكون قلبُك مُشبعاً، مُتوّجاً، مُنوّراً، ومُزيّناً بذكر إمام زماننا، وهو نفس المضمون في قول أمير المؤمنين “عليه السلام”: (أنا صلاة المؤمنين وصيامهم).. وإلّا ما الفرق بين صلاتنا وبين صلاة غيرنا التي لا معنى لها..؟!
  • ● قول الإمام (واجعل واحداً من الأئمة نُصب عينيك) الحديث هنا عن إمام الزمن، عن الإمام الرضا في زمانه، وعن الحُجّة بن الحسن العسكري في زماننا هذا.
  • ● وقفة عند مقطع من حديث إمامنا الصادق “عليه السلام” مع هشام بن الحكم في [علل الشرائع: ج2] – باب العلّة التي مِن أجلها فرض الله الصلاة، حين سأل هشام بن الحكم الإمام عليه السلام عن علّة الصلاة.. فقال له الإمام “عليه السلام”:
  • (وأراد الله تبارك وتعالى أن لا يُنسيهم – أي لا يُنسي الناس – أمر محمّد صلّى الله عليه وآله، ففرض عليهم الصلاة يذكرونه في كلّ يومٍ خمس مرّات يُنادون باسمه وتعبّدوا بالصلاة وذكْر الله لكيلا يغفلوا عنه وينسوه فيندرس ذكره).
  • فالصلاة فُرضت كي نذكر مُحمّداً صلّى الله عليه وآله.
  • جوهر الصلاة ذِكْر مُحمّد “صلّى الله عليه وآله”، بعبارة أخرى: جوهر الصلاة التي نُصلّيها هو ذِكْرُ إمام زماننا “عليه السلام”.
  • وهذا المضمون يتوافق 100 مع ما جاء في الفقه الرضوي (وانوِ عند افتتاح الصلاة ذِكْر الله وذِكر رسول الله، واجعل واحداً من الأئمة نُصب عينيك)
  • ● سؤال: هل نحن هنا نجعل مع الله شريكاً في العبادة..؟
  • الجواب: قطعاً لا.. فهذا المعنى للنيّة في حديث أهل البيت هو التوحيد الحقيقي.
  • ● في ثقافة العترة: وُجوهنا تتجّه إلى وجه الله تعالى، ووجه الله المُشرق في هذا الوجود هو الحقيقة المُحمّدية، ووجه الحقيقة المُحمّدية المُشرق فيما بين أظهرنا هو إمام زماننا.. فنحنُ حين نتّجه إلى إمام زماننا إنّنا نتّجه إلى الحقيقة المُحمّدية.. وحين نتّجه إلى الحقيقة المُحمّدية إنّنا نتوجّه إلى الله.
  • ● الحقيقة المُحمّدية ليستْ هي الله.. الحقيقة المُحمّدية مخلوقة وليست هي شريكاً لله.. الحقيقة المُحمّدية لا نستطيع أن نفصلها عن الله، فوجودها قائمٌ بقُدرته، بحكمتهِ، بعلمهِ، بمشيئته، بإرادتهِ.
  • ● الحقيقة المُحمّدية حقيقة مخلوقة حادثةٌ وليست قديمة – بحسب اصطلاح الفلاسفة والمُتكّلمين – .. نعم هي قديمة بالقياس إلينا نحنُ.. أمّا بالقياس له تعالى فهم حقيقة مخلوقة حادثة.
  • ● الحقيقة المُحمّدية هي وجه الله الذي إليه نتوجّه.. إذا كُنّا نتوجّه إلى القِبلة والقِبلة جوهرها الكعبة، والكعبة صورة عن البيت المعمور، والبيت المعمور صورة عن العرش، والعرش صورة موجزة مُختصرة عن الحقيقة المُحمّدية.. فكُلّ الكائنات بكعبتها بقِبلتها ببيتها المعمور بعرشها كلّها تتجّه إلى وجه الله وهو الحقيقة المُحمّدية (الكلمة الأولى).. هذه هي الكعبة الحقيقية والقِبلة الحقيقية كما نقرأ في دُعاء المبعث (وباسمكَ الأعظم الأعظم الأعظم، الأعزّ الأجل الأكرم الذي خلقتهُ فاستقرّ في ظِلّك فلا يخرج مِنك إلى غيرك)
  • إمام زماننا هو وجه الحقيقة المُحمّدية، والحقيقة المُحمّدية هي وجه الله سُبحانه وتعالى.
  • العبادة لله.. فلا الحقيقة المُحمّدية هي الله، ولا الحقيقة المُحمّدية شريكٌ لله، ولا أنّ الله سُبحانه وتعالى صار معزولاً وصار الأمر بيد الحقيقة المُحمّدية.. هذا فهْم ساذجٌ وسخيفٌ إلى أبعد ما يُمكن.
  • ●الحقيقة المُحمّدية مشيئتُها مشيئةُ الله، إرادتُها إرادة الله، فِعلُها فِعل الله، قولُها قول الله (ومَن قصده توجّه إليكم) كما في النصّ الصحيح الوارد عن أهل البيت “عليهم السلام” وهو موجود في عيون أخبار الرضا “عليه السلام”.
  • كُلّ هذه المضامين تلتقي عند نفس المضمون الذي تحدّث عنه إمامنا الرضا “عليه السلام” في [الفقه الرضوي].

  • وقفة عند هذه الآيات من سورة ص {فسجد الملائكة كلّهم أجمعون * إلّا إبليس استكبر وكان مِن الكافرين * قال يا إبليسُ ما منعكَ أن تسجد لِما خلقتُ بيديَّ أستكبرتَ أم كُنتَ مِن العالين}. الملائكة جمعٌ مُحلّى بالألف والّلام ومِن دون أيّة استثناءات، وهذا يُشير إلى أنّ الملائكة بكلّ أصنافهم وبكلّ قبائلهم وبكلّ مراتبهم وبكلّ درجاتهم ومقاماتهم يدخلون تحت هذا العنوان.. فكلّهم سجدوا.. وجاءتْ مؤكّدات أُخرى في الآية تعبير: {كُلّهم} و {أجمعون} إلّا إبليس وقصّته معروفة.

  • ● وقفة عند هذا المقطع من حديث الإمام العسكري “صلوات الله عليه في تفسيره” تحت عنوان:
  • باب فضل العلم: (ولم يكن سجودهم – أي الملائكة- لآدم، إنّما كان آدم قِبلة..)
  • فآدم كان قِبلة.. والعالون هم الذين يسجدون لله فقط لا يسجدون لمخلوق.. المخلوقات تسجد لنفحاتهم التي ظهرت في آدم، فآدم كان قِبلة، ومعنى القِبلة في الّلغة: هي الجهة التي تُقابل وجهك، فكلّ جهة تجعل وجهك في قِبالها تُسمّى قِبلة. (هذا في الّلغة.. وصارت الّلغة بعد ذلك مُصطلحاً دينياً له خُصوصياته).
  • فآدم كان قِبلة ومضمون هذهِ القِبلة هم “صلوات الله عليهم”، فنفحةٌ من نفحات الحقيقة المُحمّدية تجلّت في آدم، وهذا المعنى تُبيّنه أحاديثهم الشريفة “صلوات الله عليهم”.
  • ● وقفة عند حديث رسول الله في [تفسير البرهان: ج6]
  • (كنّا جلوساً عند رسول الله، إذ أقبل إليه رجل، فقال: يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ لإبليس: {أَستكبرتَ أم كنتَ مِن العٰالين} مَن هم يا رسول الله – العالين – الذين هم أعلى مِن الملائكة المُقرّبين – ولم يُؤمروا بالسجود لآدم؟
  • فقال رسول الله: أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين، كنّا في سُرادق العرش نُسبّح الله، فسبّحتْ الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام. فلمّا خلق الله عزّ وجل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له، ولم يُؤمروا بالسجود إلّا لأجلنا، فسجدتْ الملائكة كلّهم أجمعون إلّا إبليس فإنّه أبى أن يسجد. فقال الله تبارك و تعالى: {يا إبليس مٰا منعك أن تسجد لِما خلقتُ بيدي أَستكبرتَ أم كنت مِن العٰالين} قال: مِن هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سُرادق العرش، ثُمّ قال رسول الله: فنحن باب الله الذي يؤتى منه، بنا يهتدي المهتدون، فمن أحبنا أحبّه الله وأسكنه جنّته، ومَن أبغضنا أبغضه الله و أسكنه ناره ولا يُحبّنا إلّا مَن طاب مولده)
  • ● قول الرواية (فسبّحتْ الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام) هذا المعنى أعمق بكثير من معنى السجود لآدم.. فالسجود لآدم جاء في حاشية العبادة في الملأ الأعلى.
  • تاجُ الملائكة في الملأ الأعلى: أن سبّحوا بتسبيحهم “صلوات الله عليهم” (فسبّحتْ الملائكة بتسبيحنا) والباء هنا في كلمة (بتسبيحنا) هي باب السببية وباب الوساطة الكونية والشرعية.. وهذه العبارة تشتمل على معانٍ عميقة، تشتمل على أنّ العلم والمعرفة أخذتها الملائكة منهم، وتشتمل على أنّ جهة العبادة التي يتّجهون إليها هم “صلوات الله عليهم”.. وتشتمل على أنّ كُلّ فيض تكويني هو صادرٌ منهم إلى الملائكة وإلى غيرهم كما في زيارة النُدبة (فما شيءٌ منّا إلّا وأنتم له السبب وإليه السبيل)
  • ● قول الرواية (و لم يُؤمروا بالسجود إلّا لأجلنا) هذا هو مضمون القِبلة.. السجود هو أعلى درجات العبادة بالنسبة لنا.. فقمّة العبادة في الصلاة السجود،
  • (قمّة العبادة حينما نكون في أنزل المنازل بالنسبة لنا.. وأدون المنازل الجسديّة بالنسبة لنا حين ننزل على الأرض)

  • وقفة عند هذه الآية من سورة يونس {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوَّءا لقومكما بمِصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قِبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين}. بحسب أحاديث أهل البيت عن إمامنا الرضا أنّه جعل هذه الآية في أمير المؤمنين “صلوات الله عليه”.. وتحدّث عن موسى وهارون. فبيت موسى وهارون كان قِبلة، ومضمون هذه القِبلة عليٌ “صلوات الله عليه”. (ما نُبّئ نبيٌ من الأنبياء إلّا بنبوّة محمّد وولاية عليّ والأئمة من ولده).

  • وستأتينا الرواية حين أُمروا أن يدخلوا مِن باب حطّة نصب لهم مثالين لِمحمّدٍ وعليّ وأمر بني اسرائيل أن يسجدوا لهذين المِثالين.

  • آدم قِبلة ومضمونه نفحة مُحمّدية، وبيت موسى وهارون قِبلة ومضمونه نفحةٌ مُحمّدية، وبيت المقدس قِبلة ومضمونه (إبراهيم والأنبياء من سلالته – أي أنبياء بني إسرائيل-) وهؤلاء ما هم إلّا قطرات قُدسية فاضت مِن بحر الحقيقة المُحمّدية.

  • فمضمون بيت المقدس عَلَويٌ.. مضمونه مضمون أنبياء بني إسرائيل (آل اسحاق وآل يعقوب) وهؤلاء مضمونهم عَلَويٌ (كما تُخبرنا الروايات بذلك.. كقول سيّد الأوصياء: كُنت مع الأنبياء باطناً)

  • والكعبة قِبلةٌ ومضمونها علويٌ.. فزينةُ الكعبة وعِطر الكعبة عِطرٌ علويٌ.

  • ونحن في صلاتنا نتوجّه بنحو مُباشر ومحسوس إلى قِبلة أُخرى وهي (تُربة الحسين) فهذه قِبلةٌ حقيقية في صلاتنا من أوّلها إلى آخرها.. والروايات تقول يُستحبّ لنا إذا وقفنا للصلاة النظر إلى موضع السجود، وكذلك يُستحب للمُصلّي أن يُرغم أنفه عند تربة الحسين.. والجبهة هي التي تُحدّد موضع القِبلة. (فالقِبلة هي التي تكون في قِبال جِباهنا) ونحن نضعُ جباهنا بنحوٍ حسّي مُباشر ملاصق على تُربة الحسين.

  • والسماء قِبلة أيضاً.. فحين نتوجّه بالدُعاء نتوجّه إلى السماء إلى الجهة التي فوق رؤوسنا.. وحِين نفتحُ أيدينا بالابتهال بالدُعاء بالالتماس، فإنّنا نفتح أيدينا كي نستلم العطاء مِن السماء.. فالسماء قِبلة أيضاً وكلماتهم الشريفة تُشير إلى ذلك

  • ● وقفة عند حديث أمير المؤمنين في [علل الشرائع] – باب العلة التي من أجلها نرفع اليدين في الدعاء إلى السماء
  • (عن أبي بصير عن أبي عبد الله عن آبائه، أن أمير المؤمنين: قال إذا فرغ أحدكم مِن الصلاة فليرفع يديه إلى السماء لينصبْ في الدعاء، فقال ابن سبأ -مؤسس الغلو- : يا أمير المؤمنين أليس الله في كلّ مكان؟ قال: بلى، قال: فلِمَ يرفع يديه إلى السماء؟ فقال: أ وما تقرأ {وفي السماء رزقكم وما توعدون}؟ فمِن أين يُطلب الرزق إلّا مِن موضع الرزق.. وموضع الرزق وما وعد الله السماء)
  • فنحن نتوجّه إلى جهة الرزق بكلّ معانيه وأبوابه (وليس الرزق المحصور في المال أو المطعم أو المشرب) نتوجّه في طلب الرزق وما وعد الله إلى السماء.. والرزق وما وعد الله يتأتّى مِن محمّد وآل محمّد (فما شيءٌ منّا إلّا وأنتم له السبب وإليه السبيل) وهو نفس العنوان الذي نُخاطبهم به في الزيارة الجامعة الكبيرة (وأولياء النِعم).
  • ● فآدم قِبلة مضمونها محمّد وآل محمّد.. وبيتُ موسى وهارون قِبلة مضمونها محمّد وآل محمّد.. وبيت المقدس قِبلة ومضمونها محمّد وآل محمّد.. والكعبة قِبلة، ومضمونها محمّد وآل محمّد.. والبيت المعمور قِبلة الملائكة ومضمونها محمّد وآل محمّد.. والعرش قِبلة الأشياء ومضمونها محمّد وآل محمّد كما في الروايات (خُلِق العرش مِن نُوري ونوري أفضلُ مِن العرش لأنّ العرش نوره مِن نوري ونوري من نور الله).. وتُربة الحسين قِبلة ومضمونها مُحمّد وآل محمّد.. والسماء قِبلة نتوجّه إليها بالدعاء ومضمونها مُحمّد وآل محمّد.. فهناك قِبلة، وهناك مضمون.
  • ● فحين يأمرنا الإمام الرضا “عليه السلام” بالتوجّه في الصلاة إلى إمام زماننا فلأنّه مضمون القِبلة وحقيقتها. (هو مضمون الكعبة، هو مضمون البيت المعمور، هو مضمون العرش، هو مضمون الحقيقة المُحمّدية..) الحقيقة المُحمّدية تجلّت في هذا العالم بمحمّدٍ وآل محمّد، والله تعالى تجلّى في الحقيقة المُحمّدية.. فحين نتوجّه إلى إمام زماننا إنّنا نتوجّه إلى الله.. فالعبادة إلى الله سُبحانه وتعالى.
  • ● قد يستعظم البعض هذا المعنى ولكنّه لا يستعظم أن يتوجّه إلى الكعبة، بل يتوجّه إلى جهة غير معروفة (فالكعبة محدودة المساحة.. ونحنُ نتوجّه إلى جهة الكعبة وليس للكعبة بشكل مُباشر، لاسيّما البعيدون عن البيت الحرام وعن مكّة المكرّمة).
  • فهولاء يتوجّهون إلى شيءٍ من دون مضمون لا يُشكلون على ذلك.. ولكن حين تقول أنّ مضمون الكعبة هم مُحمّد وآل محمّد يُشكلون على ذلك.. فأيّ خذلانٍ أسوأ من هذا الخذلان..؟! وأيّ غباء أسوأ من هذا الغباء..؟!

  • وقفة عند مقاطع من الخُطبة الإفتخارية لسيّد الأوصياء في [مشارق أنوار اليقين] يقول “عليه السلام”:

  • (أنا إمام الأبرار، أنا البيت المعمور..) إلى أن يقول: (أنا باطنُ الحرم) أي أنا حقيقةُ الحرم.
  • فهم “صلواتُ الله عليهم” صريحاً يقولون: (نحنُ الكعبةُ، نحنُ القِبلةُ، نحنُ البيت المعمور، نحن العرش..) فحقيقةُ كُلّ قِبلة إلهية هم “صلوات الله عليهم”

  • وقفة عند مُقتطفات من الزيارة السادسة لسيّد الأوصياء في [مفاتيح الجنان] نحن نُخاطب سيّد الأوصياء بهذه العبارات:

  • (السلام عليك يا باب الله، السلام عليك يا عين الله الناظرة، ويده الباسطة، و أُذنه الواعية..)
  • كُلّ هذه المضامين تُشير إلى أنّ مضمون الكعبة، ومضمون القِبلة، ومضمون الجهة التي نتوجّه إليها بالعبادة هم عليٌ وآل عليّ.
  • ● قول الزيارة (السلام عليك يا باب الله) الباب هو الجهة التي نتوجّه إليها وندخل مِن خلالها.. فالباب أكثر من القِبلة؛ لأنّ القِبلة هي جهة نُقابلها.. أمّا الباب فهو وجودٌ ندخل مِن خلاله إلى صاحب الباب.
  • ● قول الزيارة (ويده الباسطة) هذه اليد الباسطة والمبسوطة على كُلّ شيء .. ونحنُ نُقدّم عبادتنا كي نُوصلها إلى هذه اليد.. هذه اليد إذا لم تأخذ عبادتنا وصلاتنا فإنّ هذه العبادة وهذه الصلاة ستعود إلينا وتصفعُنا على وجوهنا.
  • ● إلى أن تقول الزيارة: (السلام على الأصل القديم، والفرع الكريم.. السلام على‌ شجرة طوبى‌، وسدرة المنتهى‌..)
  • هم الأصول والفروع .. أصول الدين هم، وفروع الدين هم “صلوات الله عليهم” كما يقول الإمام الرضا “عليه السلام”: (الإمامة أُسّ الإسلام النامي وفرعه السامي) فنحنُ بأصولنا وفروعنا نتوجّه إليهم “صلوات الله عليهم”.

  • وقفة عند بعض الآيات في سورة النجم لمعرفة أين هي سدرة المنتهى..؟

  • {ثمّ دنا فتدلى* فكان قاب قوسين أو أدنى* فأوحى إلى عبده ما أوحى* ما كَذَبَ الفؤاد ما رأى* أفتمارونه على ما يرى* ولقد رآهُ نزلة أخرى* عند سدرةُ المنتهى* عندها جنّة المأوى* إذ يغشى السدرة ما يغشى* ما زاغ البصر وما طغى* لقد رأى مِن آيات ربه الكبرى}
  • سدرة المُنتهى عند النهايات.. تِلك هي قِبلةُ كُلّ قِبلة، وكعبةُ كُلّ كعبة.
  • ● قول الآية {لقد رأى مِن آيات ربه الكبرى} عليٌ هناك تجلّى.. وهو الذي يقول “صلوات الله عليه”: ( ما لله مِن آيةٍ أكبرُ منّي) عليٌ هو الآية الكُبرى.

  • وقفة عند معنى هذه الآية في سورة المُدّثّر في قولهِ تعالى {إنّها لإحدى الكُبَر* نذيراً للبشر}

  • (عن أبي جعفر “عليه السلام”، في قوله تعالى: {إنّها لإحدى الكُبَر* نذيراً للبشر} قال: يعني فاطمة “عليها السلام”).
  • ● ونذيراً للبشر: يعني (إماماً) وهو المعنى الذي مرّ : أنّها “صلوات الله عليها” إمامُ الأئمة.. فالنذير هو وصفٌ للنبي الإمام.
  • ● إلى أن تقول الزيارة: (السلامُ على حبل الله المتين وجنبه المكين) هذا هو الحبل الذي نرتبط به، ومِن خلاله تصلُ عباداتُنا وأعمالُنا.. ومن دون هذا الحبل تكون عباداتُنا مُهلهلة – في أحسن أحوالها – وليستْ متينة.. تكون عباداتُنا متينة إذا ما شُدّت ورُبطتْ بهذا الحبل المتين.
  • ● إلى أن تقول الزيارة (السلامُ على وجه الله الرضي، ووجههِ المُضي وجنبه العليّ ورحمة الله وبركاته)
  • هذا هو اسمُ الله الذي خلقه فاستقرّ في ظِلّه فلا يخرجُ منه إلى غيره.. إنّه القِبلة التي تتوجّه إليها كُلّ الموجودات.
  • ووجه الله المُضي في زماننا هذا هو إمام زماننا “عليه السلام”.
  • كُلّ هذه المضامين الواردة في هذه الزيارة وفي سائر الزيارات الأُخرى وفي كل الأدعية تُشير إلى هذه الحقيقة: أنّ الجهة التي نتوجّه إليها بعباداتنا هم محمّد وآل محمّد، هو إمام زماننا “عليه السلام”.. فحين نتوجّه إلى إمام زماننا الذي هو مضمون الحقيقة المُحمّدية فإنّنا نتوجّه إلى الله.. وهذا هو معنى (إمامٌ منصوبٌ مِن الله) وهذا هو معنى (السبب المُتّصل بين الأرض والسماء).. فنحنُ بهِ نتّصل، ومعه نتواصل، وإليه نؤوب (إيابُ الخلق إليكم..) وهذا هو معنى الكعبة ومعنى القِبلة ومعنى العبادة.. كُلّ شيء مِن شؤوننا يؤوب إليهم والحسابُ عليهم “صلوات الله عليهم”.

  • وقفة عند مُقتطفات من خُطبة سيّد الأوصياء الافتخارية في [مشارق أنوار اليقين] يقول:

  • (أنا البيت المعمور، أنا السقف المرفوع، أنا البحر المسجور، أنا باطن الحرم) إلى أن يقول (أنا شهر رمضان، أنا ليلة القدر، أنا أمّ الكتاب، أنا فصْل الخطاب، أنا سورة الحمد، أنا صاحب الصلاة في الحضر والسفر، بل نحن الصلاة والصيام والّليالي والأيام والشهور والأعوام)
  • ● أيضاً في [مشارق أنوار اليقين] يقول سيّد الأوصياء عليه السلام: (أنا صلاة المؤمنين وصيامهم ، أنا مولاهم وإمامهم)

  • وقفة عند حديث الإمام الصادق مع داوود بن كثير في [تفسير البرهان: ج1].

  • (عن داود بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله أنتم الصلاة في كتاب الله عزَّ وجل؟ وأنتم الزكاة؟ وأنتم الحج؟ فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عزّ وجل ونحن الزكاة ونحن الصيام ونحن الحجّ ونحن الشهر الحرام ونحن البلد الحرام ونحن كعبة الله ونحن قبلة الله ونحن وجه الله، قال الله تعالى: {فَأينما تُولّوا فثمَّ وجْه الله}..)

  • رواية أخرى للإمام الصادق: (نحنُ أصل كلّ بر، ومِن فروعنا كلّ برّ، ومِن البرّ التوحيد، والصلاة، والصيام..)

  • — كل ما ذكرته مِن تفاصيل، مِن نُصوص، مِن كلمات، مِن إلماعات، مِن إشارات، كلّه يشرح ما جاء في كلام إمامنا الرضا “عليه السلام” في نية الصلاة (وانوِ عند افتتاح الصلاة ذِكْر الله وذِكر رسول الله، واجعل واحداً من الأئمة نُصب عينيك)

  • وقفة عند حديث الإمام الصادق “عليه السلام” في [علل الشرائع] – العلّة التي من أجعها صار الحجّ أفضل مِن الصلاة والصيام.

  • (عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: سمعت أبا عبد الله يذكر الحج فقال: قال رسول الله: هو أحد الجهادين هو جهاد الضُعفاء ونحن الضعفاء، أما إنّه ليس شيء أفضل من الحج إلّا الصلاة في الحج، هاهنا صلاة و ليس في الصلاة حج لا تدع الحج وأنت تقدر عليه، أ ما ترى أنّه يشعث فيه رأسك ويقشف فيه جلدك و تمتنع فيه من النظر إلى النساء، وإنّا نحن هاهنا – أي أهل المدينة – ونحنُ قريب ولنا مياه متّصلة، ما نبلغُ الحج حتّى يشقَّ علينا، فكيف أنت في بُعد البلاد، وما مِن ملك و لا سُوقة – أي الرعيّة – يصل إلى الحج إلّا بمشقّة في تغيّر مطْعَم ومشْرب أو ريح أو شمْس لا يستطيع ردّها و ذلك لقوله تعالى {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤف رحيم})
  • العبادات – بحسب أحاديث أهل البيت – بنحو عام يُمكن أن يكون تفاضلٌ فيما بينها من جهات وحيثيات مُختلفة.. ومن هنا تحدّث الإمام عن فضيلة الحجّ التي يتميّز بها عن عبادة الصلاة وعبادة الصيام.
  • علماً أنّي جئتُ بالحديث عن الحجّ هنا مِن جهتين:
  • ● الجهة 1: لأنّ الرواية صرّحت بأنّ الحجّ أفضل مِن الصلاة والصيام.
  • ● الجهة 2: لأنّ الحجّ مُرتبط بالكعبة التي هي القِبلة، ومناسك الحج ترتبط بالكعبة والقِبلة في تفاصيل كثيرة أكثر ممّا عليه في الصلاة، والمُصلّي قد يكون بعيداً عن القِبلة (التي هي الكعبة) وقد يكون قريباً.. بينما الحجّ لابدّ أن يكون قريباً.. لذا أخذتُ الحجّ مثالاً لِما فيه مِن بُعْد حسّي بالكعبة وبالقِبلة
  • والأمر بالنتيجة سيعود في بيان المضمون على الصلاة وعلى الحجّ وعلى سائر العبادات.
  • ● وقفة عند حديث الإمام الباقر “عليه السلام” مع الفضيل بن يسار
  • (عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام، قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنّما أُمروا أن يطوفوا ثمّ ينفروا إلينا فيُعلمونا ولايتهم، ويَعرضون علينا نُصرتهم ثمَّ قرأ هذه الآية {فاجعل أفئدة مِن الناس تهوى إليهم}فقال: آل محمّد آل محمّد، ثمّ قال: إلينا الينا) هذا هو مضمون الحجّ: إلينا إلينا.. أمّا الحجّ الذي يحجّه الناس فهو حجّ الجاهلية.
  • الإمام عدّ طوافهم الحسيّ والتصاقهم المادي القريب، واهتمامهم وتقديسهم للكعبة كحال أهل الجاهليّة الذين كانوا يطوفون بالبيت – برغم أنّ هؤلاء كانوا يُظهرون الإسلام، ويُؤدّون عبادة مهمّة وهي الحجّ -! وهذا يُذكّرني بحديث الإمام الصادق (مَن بات ليلةً لا يعرف فيها إمام زمانه ماتَ ميتة جاهلية) سواء كان يُصلّي، يطوف حول البيت.. يفعل ما يشاء
  • ● رواية أخرى لإمامنا الباقر “عليه السلام”:
  • (عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام – ورأي الناس بمكّة وما يعملون – قال فقال: فِعال كفعال الجاهلية، أما والله ما أُمروا بهذا وما أمروا إلّا أن يقضوا تفثهم وليوفوا نُذورهم فيمرّوا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم). التوجّه إلى جهة الكعبة مِن دون فهم ومن دون معنى هو كتوجّه إليهود إلى قِبلتهم.
  • هذا هو منطق آل محمّد في التعامل مع الكعبة مع القِبلة مع العبادات، مع الطقوس، مع المناسك، والحال هو هو في قِبلة الصلاة.. فإنّنا حين نتوجّه إلى الكعبة إلى القِبلة فإنّنا نتوجّه إلى مضمون.. هذا المضمون هو (إمامُ زماننا “عليه السلام).

  • وقفة عند جُملة مُختارة مِن الأحاديث الشريفة التي تنقلكم إلى ثقافة أهل البيت “عليهم السلام” في العبادات بنحو عام والحجّ بنحو خاص، والأمر هو هو في صلاتنا وصيامنا وسائر عباداتنا.

تحقَق أيضاً

الحلقة ٤٤٤ – صولةُ القمر ج٦٤ – الشيخ الغِزّي يفضح جهل وتدليس أحمد الجعفري بخصوص الخُمس

يازهراء …