الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة ١٦٢ – معانى الصّلاة ج١٩ Show Press Release (12 More Words) الجزء الثالث … الكتاب الناطق – الحلقة 162 – معانى الصّلاة ج19 صور OverlaysPreviousNext فيديو يوتيوب اوديو مطبوع Show Press Release (2 More Words) يا زهراء ملخـّص الحلقة تاريخ البث : يوم الأحد 13 جمادى الأخرى 1438هـ الموافق 12 / 3 / 2017م تقدّم الكلام في جملة مِن المطالب والمُعطيات، وربّما يجد المُتابع لِما بيّنته في الحلقات الماضية الكثير من المعاني والصور فيجد صعوبة في استحضارها في الصلاة، ولكنّي بيّنت أكثر مِن مرّة أنّه ليس من الضروري أنّ المُصلّي يستحضر كلّ هذه المعاني، فاستحضارها كلّها أولاً هو أمر في غاية الصعوبة، وثانياً أنّ المُصلّي سيقع في الإرباك، وثالثاً أنّ المعاني ليستْ بمُستوى واحد، فالمعاني التي ذكرتُها على مُستويات عدّة.. وكلّ مستوى من هذه المستويات يتناسب مع مزاج نفسي وإقبال روحي مُعيّن إذ لا يُمكن في بعض الحالات أن نجمع بين كلّ المعاني مثلاً التي مرّ ذكرها في حالة الركوع (فالمدّة الزمنيّة للركوع قصيرة حتّى لو أراد المُصلّي أن يُطيل في ركوعه، والمعاني مُتباينة من جهة اختلاف مراتبها الفكرية والعلمية والعقائدية) مُلخّص سريع لأهمّ ما تقدّم: ● حين يتوجّه المُتوضّئ للوضوء عليه أن يستحضر هذين المعنيين: 1- أنّ الطهارة لا تتحقّق حينما نستعمل هذا الماء الطاهر في نفسه إلّا بولاية عليّ. 2- أن نذكر إمام زماننا فولايته هي الطهور الأعظم، وذِكْر إمام زماننا عند الوضوء والسلام عليه يجعل الجسد يطهر كلّه وليس فقط أعضاء الوضوء المغسولة. ● أنّ الأذان والإقامة هي شعار وإعلان وحقيقة هذا الشعار هي : ولاية علي. ● أنّنا نُصلّي كي نُديم ذكر محمّد وآل محمّد، وبعبارة أدق: نحن نُصلّي كي نُديم ذِكْر إمام زماننا صلوات الله عليه . (فلو كان هذا المعنى وحده فقط يتجلّى عند المُصلّي على طول الصلاة من أوّلها إلى آخرها فيستحضر في ذهنه أنّه يُصلّي كي يُديم ذِكر إمام زمانه فهذا يكفي.. فهذه هي الصلاة) وهذه هي علّة تشريع الصلاة، كما يقول إمامنا الصادق عليه السلام في [علل الشرائع: ج2]: (..وأراد الله تبارك وتعالى أن لا يُنسيهم أمر محمّد، ففرض عليهم الصلاة يذكرونه في كلّ يومٍ خمس مرّات، يُنادون باسمه، وتعبّدوا بالصلاة وذكْر الله لكيلا يغفلوا عنه – عن محمّد – وينسوه فيندرس ذكره). وذكر محمّد يتجلّى في ذِكْر إمام زماننا، فهذه الصلوات هي مواعيد كي نُذكّر أنفُسنا بإمام زماننا.. وليس المُراد من تذكير أنفُسنا بإمام زماننا هو أن نذكر اسمه فقط.. بل المراد هو أن نعيش عقيدته ونعيش معرفته وأن نتقرّب منه شيئاً فشيئاً ● أن نستحضر العناوين الرمزية لصلواتنا في حديث العترة.. فصلاة الصبح – مثلاً – التي عنوانها الرمزي في حديث العترة هو الحسين، هذه الصلاة وبقيّة الصلوات كذلك هي موعد لقاء لنا مع إمام زماننا، كما يقول إمامنا الرضا “عليه السلام”: (واجعل واحداً مِن الأئمة نُصب عينيك) فهو صلوات الله عليه باب الله ووجه الله الذي نتّجه إليه. ● في خاتمة الصلاة نُسلّم على إمام زماننا ونُكبّر ثلاثاً.. هذه التكبيرات الثلاث هي شعارٌ وإشعار بأنّنا في حال انتظار ليوم ظهورك يا بقيّة الله. هذه تكبيرات الانتصار المحدودة (تكبيراتُ فتح مكّة التي كبّرها رسول الله، وفتح مكّة هو نصرٌ محدود) أمّ الفتح الحقيقي الكامل فهو على يد إمام زماننا. ● حين يركع المُصلّي، فإنّ مضمون ركوعه هو التسليم لمحمّد وآل محمّد، التسليم لإمام زماننا عليه السلام، هذا مضمون.. وهناك مضمون آخر (صورة لرسول الله في صلاته المعراجيّة) حين نستحضر صورة رسول الله في صلاته المعراجية وهو يُشرف مِن الأعلى على العرش في ركوعه وتتجلّى له العَظَمة، ومن هنا جاء التسبيح: (سُبحان ربّي العظيم وبحمده). أمّا الصلوات على محمّد وآل محمّد فإنّنا نحتاجها على طول الصلاة مِن بدايتها إلى نهايتها، فهي طِيب الصلاة وعِطرها، وهي زينة الصلاة وعين قلادتها؛ ولِذا من دون الصلاة على محمّد وآل محمّد فالصلاة لا معنى لها على المُستوى الطقوسي.. أمّا على المستوى الحقيقي فمعرفة إمام زماننا هي كلّ شيء والأساس ولاية عليّ كما مرّ الحديث في منظومة الصلاة بكلّ أبعادها. ● فالركوع يأتي بمعنى التسليم لإمام زماننا، ومرّت الإشارة إلى ذلك في حديث سيّد الأوصياء عن علّة مدّ العُنُق في الركوع. الركوع هو عنوان التسليم لله تعالى و الإنقياد لطاعته وهذا لا يتحقّق إلّا بالتسليم لإمام زماننا عليه السلام.. مضمون الركوع هو التسليم، ولِذا جاء التسبيح في الركوع مقروناً بالعَظَمة، فأمام العَظَمة يأتي الصِغَر والصَغاَر (أي المذلّة) كما نقرأ في أدعية أهل البيت (مولاي يا مولاي أنت العزيز وأنا الذليل ، وهل يرحم الذليل إلّا العزيز.. مولاي يا مولاي أنت العظيم وأنا الحقير ، وهل يرحم الحقير إلّا العظيم) ● التسبيح عند الركوع تسبيح مصحوب بذكر العَظَمة (سُبحان ربّي العظيم وبحمده) وأمام العَظَمة يستسلم الصغير، فأين يُعطي الصغير وجهه أمام العَظَمة؟ وهذا معنى قوله تعالى {ففِرّوا إلى الله} الفرار إلى الله هو الفِرار إلى بابه (أين باب الله الذي منه يُؤتى)؟ ● مثلما جرى على أرض الواقع أنّ النبي الأعظم أغلق الأبواب جميعاً التي فُتحتْ على المسجد ولم يُبقِ إلّا باب واحد.. هذا هو الباب المفتوح على بيت الله فقط.. هذا الباب الذي أبقاه رسول الله مفتوحاً هو الباب الوحيد الذي مَن يدخل منه يدخل إلى بيت الله والذي يخرج منه يخرج من بيت الله.. إنّه عليّ. هذا هو الباب الحقيقي لله، فأنا لا أتحدّث عن الباب الخشبي الرمزي هنا. فالفِرار إلى الله لا يكون إلّا بالفرار إلى هذا الباب.. مِن هنا نُقبِل على الله ومن هنا يُقبِل الله علينا (لكَ من صلاتك ما أقبلتَ عليه) وصلاتُنا عليٌ. فتسبيح الركوع مصحوبٌ بالعظمة، وأمام العَظَمة يتهاوى الصغير مُستسلماً ومُسلّماً، وهذا هو مُرادي مِن أنّ الركوع مضمونه التسليم. ● في السجود يأتي التسبيح مقروناً بالعلو، وهنا تأتي السالمية جليّة جدّاً.. فحتّى في الحركة الفيزيائية للجسد أثناء السجود نجد الجسد قد هوى على التراب ساجداً، وكذلك الجبهة التي مُسحتْ بتُراب كربلاء (في تحنيك المولود) سجدت على تربة كربلاء، وكذلك المساجد السبعة التي هي لله مُسحتْ ودُهنتْ بتُراب كربلاء (في تحنيك المولود) وهنا يتسامى معنى التسليم إلى معنى السالمية. ● أيضاً مرّ علينا أنّ مِن مضامين السجود هو رمزية العلاقة بالأرض بأن نتذكّر أنّنا مِنها خُلِقنا وإليها نعود.. و هذا المعنى قد ينسجم مع مزاج نفسي وإقبال معنوي عند هذا المُصلّي أو ذاك. ● هناك مضمون آخر للسجود يتجلّى لنا حين تعود بنا الذاكرة لسجود الملائكة وعصيان إبليس (إنّها قصّة الخلافة) ويتفرّع على هذا المضمون أنّنا نتّجه إلى الباري تعالى وهذه الأعضاء تحمل في طيّاتها رمزيّة لِمعصية أبينا آدم (معصية الإنسان) حين توجّه للشجرة التي نُهي عنها كلّ هذه المضامين تتحدّث عن السالمية.. حتّى في الصلاة الأحمديّة المعراجيّة وما كان مِن غَشيّ وبعد ذلك جاءت إفاقة وبعدها غشيٌ آخر – كما مرّ في الحلقات السابقة – فحتى هذه الصورة في الصلاة المعراجية فيها إشارة واضحة للسالمية التي هي أعلى درجات التسليم. وقفة عند الآية 29 من سورة الزمر قوله تعالى: {ضرب الله مثلاً رجُلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سَلَماً لرجل هل يستويان مثلا..} المَثل المضروب في الآية هو عن رجل (عبد) مملوك لأكثر من مالك.. ولكن يُمكن أن تنطبق الآية على الحرّ أيضاً الذي يُجري عدّة عقود عمل في شركات عديدة مثلاً في وقت واحد (عقد عمل في الشركة س، عقد مع الشركة ص، عقد مع شركة ج) وأوقات العمل واحدة وهو يُحاول أن يوفّق في أداء وظائفه في الشركات الثلاث.. فمثل هذا الرجل لن يستطيع أن ينفع طرفاً مِن الأطراف. ● الكلام في الآية هو الكلام حين نتحدّث أيضاً عن مؤمن مُنتظر ينتظر إمام زمانه وقد فرّغ قلبه لِمعرفته وخدمته، كما يقول صادق العترة عن إمام زماننا: (لو أدركته لَخدمته أيّام حياتي). وعن رجل آخر يعيش في ظِلّ رغبات مُختلفة وفي ظِلّ ارتباطات مُتنوّعة.. فهو يعمل لذلك الحزب ويشتغل لذلك المسؤول ويركض وراء حاجات جعلها مطمحاً عالياً له لن ينالها إلّا بالتقرّب لذلك السلطان أو لذلك المرجع أو لأي جهة أخرى.. فلا يُمكن أن يستوي مثل هذين الرجلين. ● القضيّة هي هي إذا أردنا أن نُطبّقها على عقولنا.. حين تكون عقولنا مُشبعة بثقافة واحدة هي ثقافة الكتاب والعترة فلا يُمكن أن تكون عقولنا حينها مُشابهة لعقول تقاذفتها أمواج الفكر الأشعري والمُعتزلي والشافعي والقُطبي والصوفي وغير ذلك.. تلك عقول قد تقسّمتْ، لن تصل إلى الحقيقة. العالم الذي تقسّم عقله بين كلّ هذه الأجزاء لن يصل إلى الحقيقة.. والعالم الذي جمع فكره على منهج الكتاب والعترة يُمكن أن يصل إلى الحقيقة. وقفة عند ما يقوله أهل البيت في معنى الآية 29 من سورة الزمر في [تفسير البرهان: ج6] ● (عن محمّد بن الحنفية، عن أبيه سيّد الأوصياء في قول الله عزّ وجل {ورجلاً سَلَماً لرجل} قال: أنا ذلك الرجل السالم لرسول الله) ● (عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر – الباقر “عليه السلام” قال: سألته عن قول الله عزّ وجل {ورجلاً سَلَماً لرجل} قال: الرجل السالم لرجل عليٌ وشيعته) وقطعاً قول الإمام هنا (عليٌ وشيعته) هذا العطف ليس المراد منه العطف بمستوى التساوي، وإنّما الشيعة يُمكنهم أن يعيشوا في أجواء هذا المعنى وهذا المضمون: السالمية لرسول الله التي هي سالمية لإمام زماننا ● هذا المعنى هو الذي يتكرّر في الزيارات (معكم معكم لا مع غيركم) في أجلى وأوضح مراتبه يتحقّق معنى السالمية لإمام زماننا، ورمزية هذه السالمية تتجلّى في السجود فإنّنا في السجود نلتصق بهذا التراب بكلّ ما عندنا ونُرغم آنافنا على تراب الحسين عليه السلام، ولذا قال صادق العترة عليه السلام إنّ السجود على تراب الحسين يخرق الحُجُب السبع. (فمِن تكبيرة الإحرام التي تُشير إلى الحُجب السبع وهي تكبيرة حسينية، إلى السجود على تربة الحسين وهذه التربة هي معراجنا في أن نخرق الحُجُب السبع، وهي تخرق الحُجُب السبع في الأرضين السبع أيضاً، فأيّ تراب هذا؟! السرّ في تراب الحسين هو انتسابه لمجمع الأسرار، انتسابه للحسين.. هذا التراب اكتسب صفة الطهارة لأنّه ينتسب إلى حسين (أشهد أنّك طهر طاهرٌ مُطهّر – يا حسين – من طهر طاهر مطهّر، طهرتَ وطهرتْ بك البلاد وطهُر حرمك وطهُرت أرضٌ أنت فيها) هذه الطهارة في هذه التربة هي التي تخرق الحُجب السبع وتخرق الأرض إلى طبقتها السابعة.. إنّه خرقٌ وعروجٌ في جميع الاتّجاهات. ● وقفة عند هذا المقطع من دعاء الجوشن الصغير المروي عن إمامنا الكاظم في [مفاتيح الجنان] في آخر هذا الدعاء نقرأ في السجود: (سجد وجهي الذليل لوجهك العزيز الجليل، سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم الباقي، سجد وجهي الفقير لوجهك الغني الكبير، سجد وجهي و سمعي و بصري و لحمي و دمي و جلدي و عظمي و ما أقلّت الأرض منّي لله ربّ العالمين) هذا هو معنى السجود والسجود لوجه الله هو سجود لله. ● وقفة عند ما يقوله سيّد الأوصياء في كتاب [الاحتجاج] تحت عنوان: احتجاجه في آيٍ مُتشابهة.. يقول وهو يتحدّث عن آل محمّد: (وهم وجه الله الذي قال: {فأينما تولّوا فثمّ وجه الله}..) ويستمرّ سيّد الأوصياء ويقول: (هم بقيّة الله يعني المهدي..) بقيّة يعني خلاصة، فخلاصة وعصارة محمّد وآل محمّد هو الحجّة بن الحسن. ● أيضاً في نفس كتاب [الاحتجاج] يقول صادق العترة “عليه السلام” حين سُئل عن السجود لغير الله: (من الزنادقة مَن يسأل الإمام الصادق فيقول: أ يصلح السجود لغير الله؟ قال: لا. قال: فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم؟ قال: إنّ مَن سجد بأمر الله فقد سجد لله، فكان سُجوده لله إذا كان عن أمر الله). هذه المضامين المذكورة في حديث سيّد الأوصياء وحديث صادق العترة تشرح هذه العبارات الواردة في دعاء الجوشن الصغير.. فوجه الله تبيّن معناه مِن كلام عليّ.. إنّه إمام زماننا، والسجود لوجه الله بأمر الله إنّه سجود لله.. وكلّ هذه المضامين تتجلّى في معنى السالمية لعليّ وآل علي.. وبعبارة أدق: السالمية لإمام زماننا عليه السلام. ● نحن في الركوع والسجود نُسبّح.. وقد شرحتُ معنى التسبيح في الحلقات المُتقدّمة وقُلت أنّه اتصال ببحار النور.. فالتسبيح سِباحة التسبيح اتصالٌ ببحار النور، وهو المعنى الذي تجلّى في تسبيح الملائكة في معراج خاتم الأنبياء حين نفرت الملائكة إلى أطراف السماء وقالت: (سبّوحٌ قدّوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا) وفي طبقة أخرى نفرت الملائكة إلى أطراف السماء وقالت: (إلهين!! إلههٌ في الأرض وإله في السماء!!) فالملائكة حين أشرق لها نور محمّد – بحسبهم – خرّت الملائكة ساجدة مُسبّحة.. أمّا في الصلاة المعراجية فالتسبيح هو ارتباط بمعنى العظمة وبمعنى العلو الذي لا نُدركه ولكنّه يتجلّى في وجهه تعالى كما في دعاء البهاء (الّلهم إنّي أسألك من عظمتك بأعظمها، وكلّ عظمتك عظيمة، الّلهم إنّي أسألك بعظمتك كلّها…الّلهم إنّي أسألك مِن علوّك بأعلاه، وكلّ علوّك عالٍ، الّلهم إنّي أسألك بعلوّك كلّه). ● وقفة عند هذا المقطع من حديث الإمام الصادق عن الصلاة المعراجية لرسول الله في [علل الشرائع: ج2] (فقلت: لأيّ شيء صار التسبيح في الأخيرتين أفضل من القراءة؟- يُشير إلى السُبحانيات – قال: لأنّه لمّا كان في الأخيرتين ذَكَر ما يظهر من عظمة الله عزّ وجل، فدُهش و قال: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فلذلك العلّة صار التسبيح أفضل من القراءة) فالتسبيح في كلّ جهاته هو ارتباط بمعاني العَظَمة والعلو، ومعاني العَظَمة والعلو ترتبط بعرش ربّ العالمين. ومرّ علينا في حديث الصلاة المعراجية أنّ رسول الله جاءه الأمر من الله: أن طأطئ.. فطأطأ صلّى الله عليه وآله وأشرف على العرش، وتجلّت له عَظَمة من عظمة الله تعالى.. فالسبحانيات فيها رمزية ودلالة ترتبط بالعرش. ● وقفة عند حديث صادق العترة في [علل الشرائع: ج2] (سئل الإمام الصادق عليه السلام: لم سُمّيت الكعبة كعبة؟ قال: لأنّها مربعة. فقيل له: و لِمَ صارت مربعة؟ قال: لأنّها بحذاء البيت المعمور و هو مربع، فقيل له: و لِمَ صار البيت المعمور مُربّعاً؟ قال: لأنّه بحذاء العرش و هو مربع. فقيل ل: و لِمَ صار العرش مربعاً؟ قال: لأنّ الكلمات التي بُني عليها الإسلام أربع و هي: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر) فالكعبة مُربّعة لأنّها صورة عن البيت المعمور والبيت المعمور مربّع لأنّه صورة عن العرش والعرش مربّع لأنّ حقيقة الإسلام وحقيقة الدين مربّعة أيضاً (وهي الإشارة إلى هذه السبحانيات) مضمون العرش هو هذا. هذه الكلمات (السُبحانيات) رموز وعناوين ومفاتيح تُشير إلى مضمون هذا العرش المربّع بكلّ تكوينه وليس الحديث عن المربّع هنا في البُعد الفيزيائي. ● في الزيارة الجامعة الكبيرة نقرأ: (خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه مُحدقين) أحدقوا بالعرش أي أحاطوا به.. فهم الحقيقة الأوسع.. حقيقتهم مُحيطة بكلّ هذه المضامين، وهذا معنى قوله تعالى: {أينما تولّوا فثمّ وجه الله} هذه هي الإحاطة، في كلّ عالم من العوالم وفي كلّ طبقة من طبقات الوجود. ● وقفة عند حديث باقر العلوم في [وسائل الشيعة: ج4] (عن بكر بن حبيب قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام أي شيءٍ أقول في التّشهد والقنوت؟ فقال قل بأحسن ما علمت، فإنّه لو كان موقتاً لهلك النّاس). ومن هنا لا توجد عندنا صيغة واحدة للتشهّد.. الصيغة التي تعارف عليها الشيعة في التشهّد هذه صيغة اختارها الشيخ الطوسي وهي صيغة موافقة لصيغة تشهّد الشافعي.. هناك صيغ عديدة للتشهّد وردت عن الأئمة ولكن الشيعة لا تتعامل معها. هذه الرواية للإمام الباقر تُشير إلى حقيقة وهي: أنّنا نستطيع أن نصوغَ صيغة تشهّد نعكس فيها أحسن ما عُلّمنا منهم صلوات الله عليهم. ● صيغ التشهّد عديدة.. من جملة هذه الصيغ وجود صيغة خليّة من الشهادة الثالثة، ولكن هذه الصيغة وردتْ في أجواء التقيّة.. وهناك صيغ للتشّهد ورد فيها الشهادتين مع الصلاة على محمّد وآل محمّد، وهذه الصيغة اختارها الشيخ الطوسي وفاقاً للشافعي. هناك نصوص أُخرى يُمكن للمُصلّي أن يختارها، ويُمكن للمُصلّي أن يُنشئ صيغة تشهّد من خلال روايات أهل البيت ومن خلال أدعيتهم بحيث يعرض فيها أحسن ما يعتقد. على سبيل المثال – وليس بالضرورة أن يكون هذا المثال هو الأكمل والأتم: أن يقول المُصلّي في تشهّده بعد التحميد: (أشهدُ أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وأشهد أنّ علياً أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين وفاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين وأبناءَهما الأئمة المعصومين أولياء الله وحُجَجه، وأشهد أنّ قائمهم بالحقّ الحجّة بن الحسن العسكري إمام زماننا وجه الله الذي إليه أتوجّه، وعروته الوثقى التي بها أتمسّك وحبله المتين وصراطه المُستقيم وبابه الذي لا يُؤتى إلّا منه، وسببه المُتّصل بين الأرض والسماء، وسبيله الذي مَن سَلَك غيره هلك، الّلهم صلّ على محمّد وآل محمّد) هذه صيغة مُستقاة من نصوص أهل البيت تُلخّص عقيدتنا في آل محمّد.. علماً أنّه لا يُشترط أن تكون صيغة التشهّد هكذا ،وإنّما هو مثال ضربته لكم تطبيقاً لما قاله إمامنا الباقر (قل بأحسن ما علمت..) ● أقلّ قدر من التشهّد الواجب والذي تكون الصلاة من دونه ليستْ صحيحة هو أن يشتمل التشهّد على الشهادة الثالثة.. هذا أقل ما يُمكن في التشهّد (أشهدُ أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله وأشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين وليّ الله حقّاً حقّاً..) فيجب إضافة الشهادة الثالثة في التشهّد ولكن لا بعنوان الاستحباب.. فإضافتها فعنوان الاستحباب إساءة لأمير المؤمنين وانتقاص من سيّد الأوصياء وخيانة لبيعة الغدير. لابُدّ من ذكر عليّ في التشهّد على نحو (الوجوب) استناداً لفتوى المرجع الأعلى والأعلم الذي لا نظير له أبداً وهو: إمامنا جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام حين قال: (فإذا قال أحدكم لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله، فليقل: عليّ أمير المؤمنين) ● فقول الإمام الباقر (قل بأحسن ما علمت، فإنّه لو كان موقتاً لهلك النّاس) هذا قانون يضعه باقر العلوم بين أيدينا.. فالتشهّد مساحة مفتوحة للمُصلّي أن يقول فيها بأحسن ما علِم من فقه محمّد وآل محمّد (بحسب الزمان، بحسب المكان، بحسب أحكام التقيّة..) أقلّ ما يُمكن في التشهّد أن يُذكر عليّ، ومِن دون ذِكْر عليّ في التشهّد الوسطي والأخير فابصق على صلاتك وارميها في المزبلة، لعلّ هذا الفعل يكون سبباً لرحمتك يوم القيامة. ● هناك صيغ مُختلفة للتشّهد يُمكنكم مراجعتها في كتب الحديث وتختاروا منها صيغة من الصيغ، وكذلك الأمر مع القنوت، هناك أدعية مختلفة وردتْ عن الأئمة عليهم السلام ● من أفضل الأدعية في القنوت: (الدعاء لإمام زماننا، والصلاة على محمّد وآل محمّد والّلعن على أعدائهم، والدعاء بتعجيل الفرج) وبشكل مُختصر إذا أردتَ أن تختصر القنوت في قنوت جامع لهذه المعاني فقل: (الّلهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن عدوّهم) الدعاء بتعجيل الفرج أفضل القنوت لأنّ إمام زماننا أمرنا بالإكثار من الدعاء بتعجيل الفرج. ● الّلعن على أعداء محمّد آل محمّد العنوان الأوّل فيه هو الّلعن على أعداء فاطمة الزهراء (الّلهم العن ظالمي فاطمة وآل فاطمة، اللّهم العن قاتلي فاطمة وآل فاطمة) والّلعن مهم في منظومة الصلاة، فالصلاة مِن دون لعن قبيحة إلى أبعد الحدود وناقصة. بالنسبة للتسليم: التسليم حاله حال التشهّد وأفضل صِيَغه أن نُسلّم على النبي وعلى أهل بيته.. أمّا هذه الصيغة الشائعة التي نُسلّم بها فهي قريبة من الذوق الشافعي. ● من الأشياء الواضحة عند أهل البيت هو أن نذكر أسماءهم (قد يكون هذا في القنوت، أو التشهّد أو في تعقيب الصلاة..) ● مرّة أُصلّي عليهم. ● ومرّة نذكر أسماءهم ونلعن أعداءهم. ● ومرّة أخرى أقسم بهم على الله. ● ومرّة فقط أذكر أسماءهم. ذكرهم هذا هو أشرف الأذكار.. كلّ هذه المضامين موجودة في حديث أهل البيت.. فسلوا العلماء والمراجع لماذا لم يُعلّمونا هذه الأحاديث وهذه المضامين؟ أمثلة سريعة: ● قراءة إحدى صِيَغ التشهّد والتسليم من كتاب [الفقه الرضوي] (فإذا صلّيت الركعة الرابعة فقل في تشهّدك: بسم الله وبالله، والحمد لله، والأسماء الحسنى كلّها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، التحيّات لله، والصلوات الطيبات الزاكيات، الغاديات الرائحات، التامّات الناعمات، المباركات الصالحات لله، ما طاب وزكا، وطهر ونما، وخلُص فلله، وما خبُث فلغير الله. أشهد أنّك نعم الرب، وأنّ محمّداً نعم الرسول، وأنّ عليّاً نعم المولى، وأنّ الجنّة حق، والنار حق، والموت حق، والبعث حق، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الّلهم صلّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد، وارحم محمّداً وآل محمّد، أفضل ما صلّيتَ وباركت وترحّمتَ وسلّمتَ على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد. الّلهم صلّ على محمّد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن و الحسين، وعلى الأئمة الراشدين مِن آل طه وياسين. الّلهم صلّ على نورك الأنور، وعلى حبلك الأطول، وعلى عروتك الأوثق، وعلى وجهك الأكرم، وعلى جنبك الأوجب، و على بابك الأدنى، وعلى مسلك الصراط، الّلهم صلّ على الهادين المهديّين، الراشدين الفاضلين، الطيبين الطاهرين، الأخيار الأبرار. الّلهم صلّ على جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، وعلى ملائكتك المقرّبين، وأنبيائك المرسلين، ورُسُلك أجمعين، من أهل السماوات والأرضين، وأهل طاعتك أكتعين – أي أجمعين -، واخصص محمّداً صلّى الله عليه وآله بأفضل الصلاة والتسليم، السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيّبين، السلام علينا – وفي نسخة “السلام عليكَ” – وعلى عباد الله الصالحين..). هذه الصيغة وردت عن إمامنا الرضا وصِيَغ أخرى عديدة.. ولكن كما بيّن إمامنا الباقر في قانون التشهّد: (قل بأحسن ما علمت). علماً أنّ حتّى هذه الصيغ ليستْ على ذوق أهل البيت “عليهم السلام” فقد ورد فيها ذِكْر العقائد العامّة (من الجنّة والنار والبعث والملائكة والأنبياء إلى غير ذلك) بينما الذوق الأعلى لِمحمّد وآل محمّد التركيز يكون فقط عليهم “صلوات الله عليهم” كما في الزيارة الجامعة الكبيرة التي هي القول البليغ الكامل.. وسيّد الأوصياء عليه السلام يقول في كتاب [الاختصاص]: (أنا الأوّل أنا الآخر أنا الظاهر أنا الباطن أنا المُحيي أنا المُميت). ● فكمال التسبيح في آخر الصلاة التسليم على رسول الله وعلى أهل بيته الأطهار، والعنوان الأوضح في هذا التسليم: إمام زماننا “عليه السلام”. (سواء ذكرنا ذلك بالإسم أو بالعبارة التي وردت في آخر السلام: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”). صيغة التسليم على أهل البيت وردت في عبائر مُختلفة.. ويُمكننا أن نُسلّم عليهم بما نختاره من زياراتهم، أو بما نُوجزه بما علمناه من نصوص أحاديثهم على سبيل المثال وليس التشريع، أن نقول: (السلام عليكَ أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام عليك وعلى أهل بيتكَ الطيّبين الطاهرين، السلام على أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والحسن والحُسين والتسعة المعصومين من ولد الحسين، السلام عليك يا بقية الله يا حجّة الله يا صاحب الأمر والزمان ورحمة الله وبركاته، السلام عليك وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته). ونعني بالتسليمة الأخيرة إمام زماننا عليه السلام ● من أفضل كما أشرت: (تسبيح الزهراء، والدعاء بتعجيل الفرج، والصلاة على محمّد وآل محمّد، والّلعن على أعدائهم وقد يكون واجباً فبعض أحاديث الأئمة تُشعر بذلك) وأيضاً من أفضل أنواع التعقيبات في كلمات العترة هو أن نذكر أسماء الأئمة (أسماء محمّد وآل محمّد) صلوات الله عليهم. ● وقفة عند هذا المقطع من حديث إمامنا الباقر مع سعد الخفّاف في [الكافي الشريف: ج2] (فقال: {إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} فالنهي كلام والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر الله ونحن أكبر). أهمّ عنوان للفحشاء والمُنكر هو عداء علي وآل عليّ، والصلاة تنهى عن هذا المعنى.. ويتجلّى نهي الصلاة عن هذا المعنى للفحشاء والمُنكر بالّلعن.. حين يكون الّلعن جزء من الصلاة، وبالفعل الّلعن جزء من الصلاة لأنّ مضمون الّلعن موجود في سورة الفاتحة. ● وقفة عند حديث صادق العترة في [وسائل الشيعة: ج4] (عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السرّاج قالا: سمعنا أبا عبد الله وهو يلعن في دُبر كلّ مكتوبة – أي صلاة واجبة – أربعة من الرجال وأربعاً من النساء، فلان وفلان وفلان ويسمّيهم ومعاوية، وفلانة وفلانة وهنداً وأُمّ الحكم أخت معاوية). علماً أنّ هذه الرواية جاءتْ بالكناية وإلّا فالرواية ذكرت أنّ الإمام يُسمّيهم بأسماءهم. ● رواية أخرى عن جابر الجعفي: (عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إذا انحرفتَ عن صلاة مكتوبة – أي انتهيت من الصلاة وخرجت منها – فلا تنحرف إلاّ بانصراف لعن بني أُميّة) هذا الّلحن الذي يتحدّث به الإمام يكشف عن وجوب أو يكشف عن شيء قريب من الوجوب.. فالإمام بهذا الّلحن وبهذا التعبير يؤكّد تأكيد قاطع على مسألة الّلعن في خاتمة الصلاة. علماً أنّ مَن يعرف ذوق أهل البيت فإنّ الأئمة لا يعبؤون ببني أميّة.. (بنو أميّة في الروايات عنوان للسقيفة). بنو أميّة لا قيمة لهم.. هم نتيجة من نتائج السقيفة، بل هم حسنة من حسنات السقيفة – إذا أردنا أن نضعهم في الميزان الصحيح فالحديث عن بني أميّة لا يُريده أهل البيت.. هذه القضيّة تلقّفها علماؤنا – بقصد أو من دون قصد – وصبّوا جام غضبهم على بني أميّة! ● سيّد الشهداء يوم عاشوراء لم يقل قتلني يزيد.. وإنّما قال: قتلني فلان وفلان. الحسين لم يُقتل يوم عاشوراء، ولم يُقتل يوم السقيفة.. بحسب ثقافة الكتاب والعترة الحسين قُتل يوم كُتب الكتاب كما في حديث صادق العترة في [الكافي الشريف: ج8] ● الاتّجاه بأن نصبّ جام غضبنا على بني أميّة اتّجاه شيطاني ركّزه مراجعنا وعلماؤنا وأحزابنا السياسية (وإن كانت الأحزاب السياسية لا تريد حتّى هذا المقدار: وهو لعن بني أميّة)! الشجرة الملعونة في ثقافة العترة هي السقيفة وليس بنو أميّة، ولذا كان أهل البيت يلعنون في دُبر كلّ صلاة مكتوبة أقطاب السقيفة. هناك قضيّة مهمّة لابدّ من الإشارة إليها، وهي: أنّني هنا لا أتحدّث عن الّلعن الذي يُراد منه التهريج في الإعلام.. إنّني أتحدّث أولاً عن صلاة بحسب ثقافة أهل البيت، وعن ساحة ثقافية شيعية مُخترقة بالفكر الناصبي.. علينا أولاً أن نُنظف بيتنا من هذه القذارة، وأن نُنشئ أجيالنا كي تعرف صلاة محمّد وآل محمّد بعيداً عن المناهج الناصبية وأن ينشؤوا وفقاً لهذه الطقوس.. جزء أساسي من طقوس الصلاة هو الّلعن على أعداء فاطمة وآل فاطمة (في أي جزء من أجزاء الصلاة: سواء في القنوت أو الركوع أو السجود.. أو على الأقل في التعقيب). ● وقفة عند قنوت سيّد الأوصياء الذي أورده الشيخ المجلسي في [بحار الأنوار: ج82] في باب القنوتات الطويلة فقد ذكر الشيخ المجلسي في هذا الباب جملة من القنوتات الطويلة التي وردت عن المعصومين، وكان قنوت سيّد الأوصياء في الصلاة هو القنوت الوحيد من بين هذه القنوتات الذي ورد فيه هذا الوصف: (أنّ الداعي به كالرامي مع النبي في بدر وأُحد وحُنين بألف سهم). وهو القنوت المعروف بدعاء صنمي قُريش.. كان يقنت به سيّد الأوصياء في صلاته. ● قنوت سيّد الأوصياء طويل وقد لا نجد وقتاً لقراءته.. على الأقل أن نقرأ منه العبارة الأخيرة فنقول مثلاً: (الّلهم العن ظالمي فاطمة وآل فاطمة، اللّهم قاتلي فاطمة وآل فاطمة الّلهم عذّبهم عذاباً يستغيث منه أهل النار). علماً أنّني هنا لا أدعو إلى المُجاهرة بهذه الصِيَغ التي تُثير الفِتن هنا وهناك.. وإنّما أُبيّن أدب آل محمّد.. اللّعن واجب من واجباتنا وهو جزء من الصلاة، فعلينا أن نُنشئ أجيالنا وهي تؤدّي صلاتها بحسب ما رسمه لنا أهل البيت.. فمن جملة رسوم هذه الصلاة التي نُصلّيها كي نذكر محمّداً وآل محمّداً فهي ما بين الولاية والبراءة فلا بدّ من الّلعن إمّا في القنوت أو في الركوع أو السجود أو على الأقل في تعقيب الصلاة وقفة عند مثال على (مسألة الّلعن) في هذه الآيات من سورة الأحزاب: {إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما* إنّ الذين يُؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مُهينا} الذوق الذي عليه الشيعة في إلحاق الّلعن بالصلاة على محمّد وآل محمّد موافق للذوق القرآني والسياق القرآني. الّلعن بمثابة تطعيم.. نحن لا نريد أن نصطدم بالآخرين، ولا نريد أن نلعن كي نُثير الآخرين، وإنّما نُريد أن نلعن لنُعطي لأنفسنا مُضادات تُعطينا مناعة في مواجهة هذا الفكر القذر الناصبي الذي اخترقنا. ● وقفة عند حديث لإمامنا العسكري في تفسيره الشريف قال رجلٌ للمام الصادق “عليه السلام”: (يا بن رسول الله إنّي عاجز ببدني عن نصرتكم، ولستُ أملك إلّا البراءة من أعدائكم والّلعن، فكيف حالي؟ فقال الصادق “عليه السلام”: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه عن رسول الله، أنّه قال: مَن ضعُف عن نُصرتنا أهل البيت فلعن في خلواته أعداءنا، بلغ الله صوته جميع الأملاك من الثرى إلى العرش، فكلّما لعن هذا الرجل أعداءنا لعناً ساعدوه – أي الملائكة – فلعنوا مَن يلعنه، ثمّ ثنّوا فقالوا: الّلهم صلّ على عبدك هذا، الذي قد بذل ما في وسعه، ولو قدر على أكثر منه لفعل. فإذا النداء من قبل الله تعالى: قد أجبتُ دعاءكم، وسمعتُ نداءكم، وصلّيت على روحه في الأرواح، وجعلته عندي من المصطفين الأخيار). ● رواية أخرى أيضاً في [تأويل الآيات] عن سيّد الأوصياء (سُئل سيّد الأوصياء: و كيف يحاسب الرجل نفسه؟ قال: إذا أصبح ثمّ أمسى رجع إلى نفسه، فقال: يا نفس، إنّ هذا يوم مضى عليكِ لا يعود إليك أبدا، و اللّه تعالى يسألكِ عنه بما أفنيته، وما الذي عملتِ فيه؟ أذكرتِ اللّه أ حمدتيه؟ أقضيتِ حق أخ مؤمن؟ أ نفّستِ عنه كربة؟ أ حفظتيه بظهر الغيب في أهله و ولده؟ أ حفظتيه بعد الموت في مُخلّفيه؟ أ كففت عن غِيبة أخ مُؤمن بفضل جاهكِ؟ أ أعنتِ مسلماً؟ ما الذي صنعتِ فيه؟ فيذكر ما كان منه، فإن ذكر أنّه جرى منه خير حمد اللّه تعالى و شكره على توفيقه، و إن ذكر معصية أو تقصيرًا استغفر اللّه تعالى، و عزم على ترك معاودته، و محا ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمّد و آله الطيّبين، و عرض بيعة أمير المؤمنين “عليه السلام “على نفسه و قبوله لها، و إعادة لعن أعدائه و شانئيه و دافعيه عن حقوقه. فإذا فعل ذلك قال اللّه عزّ و جلّ: لست أناقشك في شيء من الذنوب مع موالاتك أوليائي و معاداتك أعدائي) ● رواية أخرى: (عن أبي الحسن الرضا عن أبيه، عن جده “عليهم السلام” قال: (لا تأكلوا القنبرة ولا تسبّوها، ولا تُعطوها الصبيان يلعبون بها، فإنّها كثيرة التسبيح لله تعالى وتسبيحها لعْنُ الله مبغضي آل محمّد صلوات الله عليهم).